1
التعريف بابن فارس
لم تعين كتب التراجم تاريخاً لولادة أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا بن حبيب الرازي، على حين نجد الرواة يختلفون في نسبه وموطنه.
أما اختلافهم في اسمه فقد زعم ابن الجوزي- على ما رواه ياقوت، وهو ما رأيته في كتابه المنتظم نسخة دار الكتب المصرية- أن اسمه أحمد بن زكريا بن فارس(1).
ولكنَّ ياقوتاً لا يعبأ بهذا القول الشاذ، ويذهب إلى أنه قول "لا يعاج به".
وأما موطنه فندع القفطي(2) يقول فيه: "واختلفوا في وطنه، فقيل كان من قزوين. ولا يصح ذلك، وإنما قالوه لأنه كان يتكلم بكلام القزاونة(3). وقيل: كان من رستاق الزهراء، من القرية المدعوة كرسف جياناباذ".
التعريف بابن فارس
__________
(1) تجد هذه التسمية أيضاً فيما سيأتي من نقل عن ياقوت في ص5 عن يحيى بن منده الأصبهاني. لكن ابن فارس نفسه يسمي والده في مقدمة المقاييس ص5 وكذلك في خاتمة الصاحبي 232: "فارس بن زكريا". وهو نص قاطع.
(2) إنباه الرواة (1: 94).مصورة دار الكتب المصرية.
(3) ممن ذكره بنسبته "القزويني" أيضاً، السيوطي في بغية الوعاة. وقال ياقوت: "وذكره الحافظ السلفي في شرح مقدمة معالم السنن للخطابي، فقال: أصله من قزوين".(1/1)
وقال ياقوت: "وجدت على نسخة قديمة لكتاب المجمل من تصنيف ابن فارس ما صورته: تأليف الشيخ أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا الزهراوي الأستاذ خرزي. واختلفوا في وطنه، فقيل كان من رستاق الزهراء من القرية المعروفة بكرسفة وجياناباذ. وقد حضرت القريتين مراراً، ولا خلاف في أنه قروي. حدثني والدي محمد بن أحمد، وكان من جملة حاضري مجالسه، وقال: أتاه آت فسأله عن وطنه، فقال: كرسف. قال: فتمثل الشيخ: [الطويل].
بلاد بها شُدَّت عليَّ تمائمي
وأولُ أرض مس جلدي ترابها(1)
وكتبه مجمع بن محمد بن أحمد بخطه، في شهر ربيع الأول سنة ست وأربعين وأربعمائة". قال ياقوت: "وكان في آخر هذا الكتاب ما صورته أيضاً: قضى الشيخ أبو الحسين أحمد بن فارس رحمه الله في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة بالري، ودفن بها مقابل مشهد قاضي القضاة أبي الحسن علي بن عبد العزيز. يعني الجرجاني".
فهذا النص الذي أورده ياقوت يكسب أبا الحسين بن فارس نسبتين أخريين: هما "الزهراوي" و"الأستاذ خرزي"، غير نسبته المشهورة "الرازي" إلى مدينة "الريّ" قصبة بلاد الجبل.
ولعل في كثرة اضطراب أبي الحسين في بلاد شتى، ما يدعو إلى هذا الخلاف في معرفة وطنه الأول.
ويروي القفطي أيضاً أن "أصله من همذان، ورحل إلى قزوين إلى أبي الحسين إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن سلمة بن فخر،… فأقام هناك مدة، ورحل إلى زنجان إلى أبي بكر أحمد بن الحسن بن الخطيب راوية ثعلب، ورحل إلى ميانج".
مقدمة الناشر
__________
(1) انظر زهر الآداب (3: 100).(1/2)
ويروي ياقوت عن يحيى بن مَنْدَه الأصبهاني، قال: "سمعت عمي عبد الرحمن بن محمد العبدي يقول: سمعت أبا الحسين أحمد بن زكريا بن فارس النحوي يقول: دخلت بغداد(1) طالباً للحديث؛ فحضرت مجلس بعض أصحاب الحديث وليست معي قارورة، فرأيت شابّاً عليه سِمَة من جمال فاستأذنته في كَتْب الحديث من قارورته فقال: من انبسط إلى الإخوان بالاستئذان، فقد استحق الحرمان".
فهو كما ترى قد تنقل في جملة من البلاد ساعياً للعلم، شأنَ طلاب العلم في ذلك الزمان، فاكتسب بذلك جماعة من الأنساب.
إقامته بهمذان:
ولكن المقام استقر به في معظم الأمر بمدينة همذان. قال ابن خلكان: "وكان مقيماً بهمذان". ويقول الثعالبي(2) في ترجمته: "أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، المقيم كان بهمذان. من أعيان العلم وأفذاذ الدَّهر، يجمع إتقان العلماء، وظرف الكتاب والشعراء. وهو بالجبل كابن لنكك بالعراق، وابن خالويه بالشام، وابن العلاف بفارس، وأبي بكر الخوارزمي بخراسان".
وقد تَلْمَذ له في أثناء إقامته الطويلة بهمذان أديبها المعروف "بديع الزمان الهمذاني" الذي يرجع الفضل كل الفضل في تكوينه وتأديبه إلى أبي الحسين أحمد بن فارس. قال الثعالبي في ترجمته بديعَ الزمان: "وقد درس على أبي الحسين بن فارس، وأخذ عنه جميع ما عنده، واستنفد علمه، واستنزف بحره".
التعريف بابن فارس
انتقاله إلى الرّيّ:
__________
(1) من العجب أن الخطيب البغدادي لم يترجم له في كتابه تاريخ بغداد، مع أنه من شرط كتابه.
(2) يتيمة الدهر (3: 214).(1/3)
ولما اشتهر أمره بهمذان وذاع صوته، استدعي منها إلى بلاط آل بويه بمدينة الري، ليقرأ عليه أبو طالب بن فخر الدَّولة علي بن ركن الدَّولة الحسن بن بويه الدَّيلمي. وهناك التقى برجل خطير كان يبغي من قبل أن يعقد صلة بينه وبينه، حتى لقد أنفذ إليه من همذان كتاباً من تأليفه، هو "كتاب الحجر(1)". ذلك الرجل الخطير هو الصاحب إسماعيل بن عباد(2). وفي هذه الآونة زال ما كان بين أبي الحسين وبين الصاحب من انحراف، كانت علته انتساب ابن فارس إلى خدمة آل العميد(3)
__________
(1) في إرشاد الأريب: "كان الصاحب منحرفاً عن أبي الحسين بن فارس، لانتسابه إلى خدمة آل العميد وتعصبه لهم، فأنفذ إليه من همذان كتاب الحجر من تأليفه، فقال الصاحب: ردّ الحجر من حيث جاءك. ثم لم تطب نفسه بتركه فنظر فيه وأمر له بصلة".
(2) هو أبو القاسم إسماعيل بن عباد بن العباس بن عباد. وهو أول من لقب بالصاحب من الوزراء، لأنه كان يصحب أبا الفضل بن العميد، فقيل له "صاحب ابن العميد" ثم أطلق عليه هذا اللقب لما تولى الوزارة، وبقي علماً عليه. وقيل إنما سمي الصاحب لأنه صحب مؤيد الدولة أبا منصور بويه بن ركن الدولة بن بويه الديلمي، وتولى وزارته بعد أبي الفتح علي بن أبي الفضل بن العميد، فلما توفي مؤيد الدولة في سنة 373 بجرجان استولى على مملكته أخوه فخر الدين أبو الحسن علي، فأقر الصاحب على وزارته. توفي سنة 385 بالري.
(3) كان من أشهر آل العميد أبو الفضل محمد بن الحسين. والعميد لقب والده الحسين، لقبوه بذلك على عادة أهل خراسان في إجرائه مجرى التعظيم. وكان أبو الفضل عماد آل بويه، وصدر وزرائهم، وهو الذي قيل فيه: "بدئت الكتابة بعبد الحميد، وختمت بابن العميد". قال الثعالبي في اليتيمة
(3: 8) في ترجمته ابن العميد: "وكان كل من أبي العلاء السروي، وأبي الحسن العلوي العباسي، وابن خلاد القاضي، وابن سمكة القمي، وأبي الحسين بن فارس، وأبي محمد مندو يختص به ويداخله وينادمه حاضراً، ويكاتبه ويجاوبه ويهاديه نثراً ونظماً" وكان أبو الفضل وزير ركن الدولة أبي الحسن علي بن بويه، والد عضد الدولة، تولى وزارته عقب موت وزيره أبي علي بن القمي سنة 328. وللصاحب فيه مدائح كثيرة. ولما توفي أبو الفضل ولي الوزارة بعده لركن الدولة ولده أبو الفتح علي. ولما توفي ركن الدولة وولي بعده ولده "مؤيد الدولة" استوزره أيضاً. وكان بين أبي الفتح والصاحب منافرة، ويقال إن الصاحب أوغر قلب مؤيد الدولة عليه، فقبض عليه واعتقله وسامه سوء العذاب، وولّى مكانه الصاحب بن عباد. وقد روى ابن فارس في هذا الجزء من المقاييس ص206 عن أبي الفضل بن العميد.(1/4)
وتعصبه لهم. واصطفاه الصاحب حينئذ، وأخذ عنه الأدب،
مقدمة الناشر
واعترف له بالأستاذية والفضل، وكان يقول فيه: "شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف، وأمن فيه من التصحيف(1)".
شيوخ ابن فارس وتلاميذه:
كان والد أبي الحسين فقيهاً شافعياً لغوياً، وقد أخذ عنه أبو الحسين فقه الشافعي، وروى عنه في كتبه(2). قال ابن فارس: "سمعت أبي يقول: سمعت محمد بن عبد الواحد يقول: إذا نُتِج ولدُ الناقة في الربيع ومضت عليه أيام فهو رُبَع، فإذا نُتج في الصيف فهو هُبَع، فإذا نتج بين الصيفِ والربيع فهو بُعَّة(3)".
وأنت تجد في مقدمة ابن فارس لكتاب المقاييس نصاً على أنه روى كتاب المنطق لابن السكيت عن أبيه فارس بن زكريا.
وكان أبوه أيضاً رجلاً أديباً راوية للشعر. قال ياقوت: "وحدث ابن فارس: سمعت أبي يقول: حججت فلقيت ناساً من هذيل، فجاريتهم ذكر شعرائهم فما عرفوا أحداً منهم، ولكني رأيت أمثل الجماعة رجلاً فصيحاً، وأنشدني:
إذا لم تَحظَ في أرضٍ فدعْها
وحُثَّ اليَعمَلاتِ على وَجاها
ولا يَغْرُرْكَ حَظُّ أخيك فيها
إذا صَفِرَتْ يمينُك مِن حَداها
التعريف بابن فارس
ونفسَك فُزْ بها إن خفت ضيماً
وخَلِّ الدَّارَ تنعَى مَن بكاها
فإنك واجدٌ أرضاً بأرض
ولستَ بواجدٍ نفساً سواها
__________
(1) ابن الأنباري، وياقوت، والسيوطي في البغية.
(2) مما هو جدير بالذكر أن ابن فارس ظل دهراً شافعي المذهب، ولكنه في آخر أمره حين استقر به المقام في مدينة الري، تحول إلى مذهب المالكية، ولما سئل في ذلك قال: "أخذتني الحمية لهذا الإمام أن يخلو مثل هذا البلد عن مذهبه، فعمرت مشهد الانتساب إليه حتى يكمل لهذا البلد فخره، فإن الري أجمع البلاد للمقالات والاختلافات في المذاهب، على تضادها وكثرتها".
... انظر نزهة الألباء 393.
(3) نزهة الألباء 393-394.(1/5)
ومن شيوخه أيضاً أبو بكر أحمد بن الحسن الخطيب راوية ثعلب، وهذه الأستاذية تفسر لنا السر في أن ابن فارس كان نحوياً على طريقة الكوفيين.
ومن شيوخه كذلك أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان. وقد أكثر ابن فارس من الرواية عنه في كتابه "الصاحبي" ونص في مقدمة المقاييس أنه قرأ عليه كتاب العين المنسوب إلى الخليل.
وفي عداد شيوخه أبو الحسن علي بن عبد العزيز صاحب أبي عبيد القاسم ابن سلام، وقد روى عنه ابن فارس كتابَيْ أبي عبيد: غريب الحديث، ومصنف الغريب، كما نص في المقدّمة.
ومنهم أبو بكر محمد بن أحمد الأصفهاني، وعلي بن أحمد الساوي، وأبو القاسم سلمان بن أحمد الطبراني.
والشيخ الذي كان يسترعي انتباه ابن فارس وإعجابه الشديد، هو أبو عبد الله أحمد بن طاهر المنجم. وفيه يقول ابن فارس(1): "ما رأيت مثل أبي عبد الله ابن طاهر، ولا رأى هو مثل نفسه".
وأما تلاميذ ابن فارس فكثيرون، وكان من أشهرهم بديع الزمان الهمذاني، وأبو طالب بن فخر الدَّولة البويهي، والصاحب إسماعيل بن عباد، كما أسلفنا القول.
وقال ابن الأنباري: "وكان له صاحب يقال له أبو العباس أحمد بن محمد الرازي المعروف بالغضبان، وسبب تسميته بذلك أنه كان يخدمه ويتصرف في
مقدمة الناشر
بعض أموره. قال: فكنت ربما دخلت فأجد فرش البيت أو بعضه قد وهبه، فأعاتبه على ذلك وأضجر منه، فيضحك من ذلك ولا يزول عن عادته. فكنت متى دخلت عليه ووجدت شيئاً من البيت قد ذهب علمت أنه قد وهبه، فأعبس وتظهر الكآبة في وجهي، فيبسطني ويقول: ما شأن الغضبان! حتى لحق بي هذا اللقب منه، وإنما كان يمازحني به".
ومن تلاميذه أيضاً علي بن القاسم المقري، وقد قرأ عليه كتابه (أوجز السير لخير البشر) المطبوع في الجزائر وبمباي، ويفهم من هذا الكتاب أن ابن فارس أقام في مدينة الموصل زماناً وقرأ عليه المقري فيها هذا الكتاب.
وفاته:
__________
(1) نزهة الألباء، وإرشاد الأريب.(1/6)
لم يختلف المؤرخون في أن ابن فارس قد قضى نحبه في مدينة الري، أو المحمدية(1)، وأنه دُفن بها مقابل مشهد قاضي القضاة أبي الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني.
ولكنهم يختلفون في تاريخ وفاته على أقوال خمسة:
فقيل توفي سنة (360) كما نقل ياقوت عن الحميدي، وعقب على ذلك بأنه قول لا اعتبار به. وقيل كانت وفاته سنة (369) ذكر ذلك ابن الجوزي في المنتظم، ونقله عنه ياقوت. وعَدَّه ابن الأثير أيضاً في وفيات سنة 369.
وذكر ابن خلِّكان أنه توفي سنة (375) بالمحمدية.
وقيل إنه توفي سنة (390) ذكر ذلك ابن خلكان أيضاً، وابن كثير في
التعريف بابن فارس
أحد قوليه في كتابه البداية والنهاية، وكذا اليافعي في مرآة الجنان، وصاحب شذرات الذهب.
وأصح الأقوال وأولاها بالصواب أن وفاته كانت سنة (395) كما ذكر القفطي في إنباه الرواة، وكما نقل السيوطي عن الذهبي في بغية الوعاة، قال: "وهو أصح ما قيل في وفاته". وذكره أيضاً في هذه السنة ابن تَغْرِي بِرْدِي في النجوم الزاهرة، وابن كثير في البداية والنهاية. وهو الذي استظهره ياقوت، إذ وجد هذا التاريخ على نسخة قديمة من كتاب المجمل(2).
وذكر في معجم البلدان (7: 339) أنه وجد كتاب تمام الفصيح بخط ابن فارس، كتبه سنة 390.
وفي إرشاد الأريب أنه وجد خطه على كتاب [تمام] الفصيح تصنيفه وقد كتبه سنة 391.
فهذا كله يؤيد القول أنه توفي سنة 395.
وروى أكثر من ترجم له أنه قال قبل وفاته بيومين:
يا ربّ إنَّ ذنوبي قد أحطتَ بها
علماً وبي وبإعلاني وإسراري
أنا الموحِّد لكني المقرُّ بها
فهب ذنوبي لتوحيدي وإقراري
مقدمة الناشر
2
ابن فارس الأديب
__________
(1) المحمدية هذه محلة بالري، كما حقق ياقوت في معجم البلدان.
(2) انظر ص4 من هذه المقدمة. وكذا ما سيأتي من الكلام على "تمام فصيح الكلام" في مؤلفات
ابن فارس، إذ تجد نسخة منه قد كتبت في سنة 393.(1/7)
لم يكن ابن فارس من العلماء الذين ينْزَوُون على أنفسهم ويكتفون بمجالس العلم والتعليم، بل كان متصلاً بالحياة أكمل اتصال، مادّاً بسببه إلى نواحٍ شتى منها.
شعره:
فهو شاعر يقول الشعر ويرقّ فيه، حتى لَينمّ شعره عن ظَرفه وحسن تأتِّيهِ في الصنعة على طريقة شعراء دهره. وهو ملحٌّ في التهكم والسخرية، لا ينسى السخرية في الغزل فيقول(1):
مرت بنا هيفاءُ مقدودةٌ
تُركيَّةٌ تُنمَى لتركيِّ
ترنو بطرف فاتنٍ فاتر
كأنه حُجّة نحويِّ
فيجعل من حجة النحوي في ضعفها على ما يراه، شبهاً لطرف صاحبته الفاتن الفاتر. وهو يستعملها في تصوير حظوظ العلماء والأدباء إذ يقول:
وصاحب لي أتاني يستشير وقد
أرادَ في جَنَبات الأرض مُضطرَبَا(2)
قلتُ اطَّلِبْ أيَّ شيء شئتَ واسْعَ ورِدْ
منه المَواردَ إلاَّ العلمَ والأدبا
ابن فارس الأديب
وهو يتبرم بهمذان والعيشِ فيها فيرسم حياته فيها على هذا النحو الساخر البديع:
سقى همذانَ الغيثُ لستُ بقائلٍ
سوى ذا وفي الحشاء نار تَضرَّمُ(3)
وما ليَ لا أُصْفِي الدُّعاءَ لبلدةٍ
أفدتُ بها نسيانَ ما كنتُ أعلم
نَسِيت الذي أحسنتُه غيرَ أنني
مَدِينٌ وما في جوف بيتيَ درهم
وهو صاحب حملة ماجنة على من يزهدون في الدّينار والدّرهم، ويطلبون المجد في العلم والعقل، أنشد البِيروني له(4):
قد قال فيما مضى حكيم
ما المرء إلا بأصغريه
فقلت قول امرئ لبيبٍ
ما المرء إلا بدرهميه
من لم يكن مَعْهُ درهماه
لم تلتفت عِرسُه إليه
وكان من ذُلّهِ حقيرا
تبول سِنَّورُه عليه
__________
(1) ياقوت، والثعالبي، وابن خلكان، واليافعي، وابن العماد في شذرات الذهب.
(2) ياقوت والثعالبي.
(3) ياقوت، والثعالبي، وابن خلكان،وابن العماد
(4) الآثار الباقية ص338 وياقوت(1/8)
ولابن فارس التفات عجيب إلى السنور، وقد سجل في غير هذا الموضع من شعره أنه كان يصطفي لنفسه هرة تلازمه، وتنفي عنه هموم قلبه ووساوس النفس:
وقالوا كيف أنت فقلت خيرٌ
تُقَضَّى حاجةٌ وتفوت حاجُ
إذا ازدحمت همومُ القلب قلنا
عَسى يوماً يكون لها انفراجُ
نديمي هِرّتي وسرور قلبي
دفاترُ لي ومعشوقي السراج(1)
مقدمة الناشر
وهو بصير ذو خبرة بطبائع الناس، واستئسارهم للمال، وخضوعهم له:
إذا كنت في حاجة مرسِلا
وأنت بها كَلِفٌ مغرمُ
فأَرسِلْ حكيماً ولا توصِهِ
وذاك الحكيم هو الدرهم(2)
ويقول:
عتبتُ عليه حين ساء صنيعه
وآليت لا أمسيتُ طَوع يديهِ
فلما خَبَرت الناس خُبر مجرِّب
ولم أر خيراً منه عدت إليه(3)
ويقول أيضاً:
يا ليت لي ألف دينارٍ موجَّهةً
وأن حظيَ منها حظُّ فَلاّسِ(4)
قالوا فما لَكَ منها، قلت تخدمُني
لها ومنَ اجلها الحمقى من الناس(5)
ويستعمل التهكم في أمور أخرى إذ يقول لمن يتكاسل في طِلابِ العلم:
إذا كان يؤذيك حر المصيف
ويُبْس الخريف وبردُ الشتا
ويلهيك حُسنُ زمان الربيع
فأخذك للعلم قل لي متى(6)
ولمن يقدّر لأمر الدُّنيا، ويَجْري القضاءُ بخلاف ما قدَّر:
تَلَبَّسْ لباسَ الرضا بالقضا
وخلِّ الأمورَ لمن يَملِكُ
ابن فارس الأديب
تقدِّرُ أنت وجارِي القضا
ءِ مما تقدِّرُه يَضحكُ(7)
وروى له الثعالبي في خاص الخاص ص153:
اسمع مقالة ناصح
جَمَعَ النصيحة والمقهْ
إياك واحذر أن تكو
ن من الثقات على ثقهْ
__________
(1) يتيمة الدهر، ودمية القصر، ونزعة الألباء، والمنتظم، وياقوت، وابن خلكان، واليافعي، وابن العماد.
(2) الثعالبي، وياقوت، وابن خلكان، واليافعي، وابن العماد
(3) الثعالبي، وياقوت.
(4) الفلاس: بائع الفلوس.
(5) الثعالبي، وياقوت.
(6) الثعالبي، وياقوت، والقفطي.
(7) الثعالبي، وياقوت.(1/9)
استعمال الشعر في تقييد مسائل اللغة:
ولعلّ ابن فارس من أقدم من استعمل أسلوب الشعر في تقييد مسائل اللغة والعربية. قال ياقوت: "قرأت بخط الشيخ أبي الحسن عليّ بن عبد الرحيم السُّلَمي: وجدت بخط ابن فارس على وجه المجمل، والأبياتُ له. ثم قرأتها على سعد الخير الأنصاري، وأخبرني أنه سمعها من ابن شيخه أبي زكريا، عن سليمان ابن أيوب، عن ابن فارِس:
يا دارَ سُعدى بذات الضال من إضَمٍ
سقاكِ صوبُ حياً من واكف العَيْنِ
العين: سحاب ينشأ من قَبِل القِبْلَة.
تُدْنى معَشَّقةٌ مِنّا معتَّقةٌ
في كل إصباح يومٍ قرةَُ العَيْنِ
العين هاهنا: عين الإنسان وغيره.
إذا تمزَّزَها شيخٌ به طَرَقٌ
سَرَتْ بقوَّتها في الساق والعينِ
العين هاهنا: عين الركبة. والطرق: ضعف الركبتين.
والزقُّ ملآنُ من ماء السرور فلا
تخشى تولُّهَ ما فيه من العين
العين هاهنا: ثقب يكون في المزادة. وتوله الماء: أن يتسرب.
وغاب عُذَّالُنا عنَّا فلا كدرٌ
في عيشنا من رقيب السَّوْءِ والعينِ
مقدمة الناشر
العين هاهنا: الرقيب.
يقسِّم الودَّ فيما بيننا قِسَما
ميزانُ صدقٍ بلا بَخْسٍ ولا عينِ
العين هاهنا: العين في الميزان(1).
وفائض المال يغنينا بحاضره
فنكتفي من ثقيل الدَّين بالعَيْن(2)
العين ها هنا: المال الناضّ.
رأيه في النقد:
__________
(1) هوالميل فيه.
(2) كتاب العين هو المنسوب إلى الخليل، كما أن كتاب الجيم لأبي عمرو الشيباني، رووا أنه أودعه تفسير القرآن وغريب الحديث، وكان ضنيناً به لم ينسخ في حياته ففقد بعد موته. وقال أبو الطيب اللغوي: "وقفت على نسخة منه فلم نجده بدأ من الجيم". انظر كشف الظنون. وروى السيوطي في المزهر (1: 91) عن ابن مكتوم القيسي قوله: "وقفنا على نسخة من كتاب الجيم فلم نجده مبدوءاً بالجيم". وانظر قصيدة تشبه هذه، في معنى "الحال" رواها صاحب اللسان (13: 246-247).(1/10)
وابن فارس يلم أيضاً بالحياة الأدبية في عصره، ولا يتزمّت كما يتزّمت كثير من اللغويين الذين ينصرفون عن إنتاج معاصريهم ولا يقيمون له وزناً فهو يصغي إلى نشيدهم، ويروي لكثير منهم، وينتصر للمحسن وينتصف له من المتعصبين الجامدين، الذين يزيفون شعر المحدثين ويستسقطونه.
وإليك فصلاً من رسالة له كتبها لأبي عمرو محمد بن سعيد الكاتب(1)، لتستبينَ مذهبه ذلك، وتلمس أسلوبه الفني الأدبي:
"ألهمك الله الرشاد، وأصحبك السداد، وجنّبك الخلاف، وحبب إليك الإنصاف. وسبب دعائي بهذا لك إنكارك على أبي الحسن محمد بن علي العجلي تأليفه كتاباً في الحماسة وإعظامك ذلك. ولعله لو فعل حتى يُصيبَ
ابن فارس الأديب
الغرض الذي يريده، ويرد المنهل الذي يؤمُّه، لاستدركَ من جيّد الشعر ونقيِّه، ومختاره ورضيّه، كثيراً مما فات المؤلّف الأول. فماذا الإنكار، ولمَه هذا الاعتراضُ، ومن ذا حَظَر على المتأخّر مضادَّة المتقدِّم، ولمَه تأخذ بقوله من قال: ما ترك الأول للآخر شيئا، وتدع قول الآخر(2):
* كم ترك الأوّل للآخِر *
__________
(1) يتيمة الدهر (2: 214-218).
(2) هو أبو تمام. ديوانه 143 وصدره: "يقول من تفرع أسماعه".(1/11)
وهل الدّنيا إلا أزمان، ولكل زمان منها رجال. وهل العلوم بعد الأصول المحفوظة إلا خطرات الأوهام ونتائج العقول. ومن قصر الآداب على زمانٍ معلوم، ووقفها على وقت محدود؟! ولمَه لا ينظر الآخر مثلما نظر الأوّل حتى يؤلف مثل تأليفه، ويجمع مثل جمعه، ويرى في كل مثل رأيه. وما تقول لفقهاء زماننا إذا نزلت بهم من نوادر الأحكام نازلة لم تخطر على بال من كان قبلهم. أوما علمت أن لكل قلب خاطراً، ولكل خاطر نتيجة. ولمه جاز أن يقال بعد أبي تمام مثل شعره ولم يجز أن يؤلف مثلُ تأليفه. ولمه حجرت واسعاً وحظرت مباحاً، وحرّمت حلالاً وسددتَ طريقا مسلوكاً. وهل حبيبٌ إلا واحد من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم. ولمه جاز أن يُعارض الفقهاءُ في مؤلفاتهم، وأهل النحو في مصنفاتهم، والنظّار في موضوعاتهم، وأرباب الصناعات في جميع صناعاتهم، ولم يجز معارضة أبي تمام في كتاب شذ عنه في الأبواب التي شرعها فيه أمرٌ لا يدرك ولا يدرى قدره.
ولو اقتصر الناس على كتب القدماء لضاع علم كثير، ولذهب أدب غزير، ولضلت أفهام ثاقبة، ولكلَّت ألسن لسِنة، ولما توشّى أحد بالخطابة، ولا سلك شعباً من شعاب البلاغة، ولمجت الأسماع كل مردود مكرر، وللفظت القلوب كل مرجّع ممضَّغ، وحَتَّامَ لا يسأم:
* لو كنتُ من مازن لم تستبح إبلي *
مقدمة الناشر
وإلى متى ... ... * صَفحْنا عن بني ذهل *(1/12)
ولمه أنكرت على العجليّ معروفاً، واعترفت لحمزة بن الحسين ما أنكره على أبي تمام، في زعمه أن في كتابه تكريراً وتصحيفاً، وإيطاءً وإقواءً، ونقلاً لأبياتٍ عن أبوابها إلى أبوابٍ لا تليق بها ولاتصلح لها، إلى ما سوى ذلك من روايات مدخولة، وأمور عليلة. ولمه رضيت لنا بغير الرضى، وهلا حثثت على إثارة ما غيبته الدهور، وتجديد ما أخلقته الأيام، وتدوين ما نُتِجته خواطر هذا الدّهر، وأفكار هذا العصر. على أن ذلك لو رامه رائم لأتعبه، ولو فعله لقرأتَ ما لم ينحط عن درجة من قبله، مِن جدٍّ يروعك، وهزل يروقك، واستنباط يعجبك، ومزاح يلهيك.
وكان بقزوين رجل معروف بأبي حامد الضرير القزويني، حضر طعاماً وإلى جنبه رجل أكول، فأحسَّ أبو حامد بجودة أكله فقال:
وصاحب لي بطنه كالهاويه
كأن في أمعائه معاويه(1)
فانظر إلى وجازة هذا اللفظ، وجودة وقوع الأمعاء إلى جنبِ معاوية. وهل ضر ذلك أن لم يقله حماد عجرد وأبو الشمقمق. وهل في إثبات ذلك عار على مثبته، أو في تدوينه وصمة على مدوِّنه.
وبقزوين رجل يعرف بابن الرياشي القزويني، نظر إلى حاكم من حكامها من أهل طبرستان مقبلاً، عليه عمامة سوداء وطيلسان أزرق، وقميص شديد البياض، وخُفٌّ أحمر، وهو مع ذلك كله قصير، على برذون أبلقَ هزيل الخلق، طويل الحلق، فقال حين نظر إليه:
وحاكمٍ جاء على أبلقِ
كعَقْعَقٍ جاء على لقلقِ
فلو شهدت هذا الحاكم على فرسه لشهدت للشاعر بصحّة التشبيه وجودة التمثيل، ولعلمت أنه لم يقصر عن قول بشار:
ابن فارس الأديب
كأن مثار النقع فوق رؤوسهم
وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
__________
(1) المعاوية: الكلبة التي تعاوي الكلاب وتنابحها، وبها سمي الرجل.(1/13)
فما تقول لهذا. وهل يَحسن ظلمه، في إنكار إحسانه، وجحود تجويده. وأنشدني الأستاذ أبو علي محمد بن أحمد بن الفضل، لرجل بشيراز يعرف بالهمذاني وهو اليوم حي يرزق، وقد عاتبَ(1) بعض كتابها على حضوره طعاماً مرض منه:
وُقيتَ الردى وصروفَ العلل
ولا عَرَفت قدماك العللْ
شكا المرضَ المجدُ لما مرضـ
ـتَ فلما نهضت سليماً أبلّ
لك الذنب لا عتب إلا عليك
لماذا أكلت طعام السِّفَلْ
وأنشدني له في شاعر هو اليوم هناك يعرف بابن عمرو الأسدي، وقد رأيته فرأيت صفة وافقت الموصوف:
وأصفر اللون أزرق الحدقه
في كل ما يدعيه غير ثقه
كأنه مالك الحزين إذا
همّ بزَرْقٍ وقد لوى عنقَه
إن قمتُ في هجوه بقافيةٍ
فكل شعرٍ أقوله صدقَه
وأنشدني عبد الله بن شاذان القاري، ليوسف بن حمويه من أهل قزوين؛ ويعرفُ بابن المنادي:
إذا ما جئتَ أحمد مستميحاً
فلا يغرركَ منظرُه الأنيقُ
له لطف وليس لديه عرفُ
كبارقةٍ تروق ولا تريق
فما يخشى العدو له وعيداً
كما بالوعد لا يثق الصديق
وليوسفَ محاسن كثيرة، وهو القائل – ولعلك سمعت به-:
مقدمة الناشر
حجُّ مثلي زيارةُ الخمارِ
واقتنائي العَقارَ شُربُ العُقارِ
ووقاري إذا توقر ذو الشَّيْـ
بةِ وَسْطَ النديِّ تركُ الوقارِ
ما أبالي إذا المدامةُ دامتْ
عَذْلَ ناهٍ ولا شناعةَ جارِ
رُبّ ليلٍ كأنه فرعُ ليلى
ما به كوكبٌ يلوح لساري
قد طويناه فوق خِشفٍ كحيلٍ
أحورِ الطرفِ فاترٍ سَحّارِ
وعكفنا على المُدامة فيه
فرأينا النهار في الظهر جاري
وهي مليحةٌ كما ترى. وفي ذكرها كلها تطويل، والإيجاز أمثل. وما أحسبك ترى بتدوين هذا وما أشبهه بأساً.
ومدح رجلٌ بعض أمراء البصرة، ثم قال بعد ذلك وقد رأى توانياً في أمره، قصيدةً يقول فيها كأنه يجيب سائلاً:
جوّدتَ شعرَك في الأميـ
__________
(1) في الأصل: (عاب).(1/14)
رِ فكيف أمرُك قلتُ فاترْ
فكيف تقول لهذا، ومن أي وجه تأتي فتظلمه، وبأي شيء تعانده فتدفعه عن الإيجاز، والدلالة على المراد بأقصر لفظٍ وأوجز كلام. وأنت الذي أنشدتني:
سَدَّ الطريقَ على الزما
نِ وقام في وجه القطوب
كما أنشدتَني لبعض شعراء الموصل:
فدَيتك ما شبت عن كُبرةٍ
وهذي سِنِيَّ وهذا الحسابُ
ولكن هُجِرتُ فحَلَّ المشيبُ
ولو قد وُصِلتُ لعاد الشبابُ
فلِمَ لم تخاصم هذين الرجلين في مزاحمتها فحولة الشعراء وشياطين الإنس، ومَرَدة العالَم في الشعر. وأنشدني أبو عبد الله المغلسي المراغي لنفسه:
ابن فارس الأديب
غداةَ تولت عِيسُهم فترحلوا
بكيت على ترحالهم فعميتُ
فلا مقلتي أدّت حقوقَ وِدادهم
ولا أنا عن عيني بذاك رضيتُ
وأنشدني أحمد بن بندار لهذا الذي قدمت ذكره، وهو اليوم حي يرزق:
زارني في الدُّجى فنمَّ عليه
طيبُ أردانِه لدى الرقباءِ
والثريا كأنها كفُّ خَودٍ
أُبرِزَت من غِلالةٍ زرقاءِ
وسمعت أبا الحسين السروجي يقول: كان عندنا طبيب يسمى النعمان، ويكنى أبا المنذر، فقال فيه صديقٌ لي:
أقول لنعمانٍ وقد ساق طبُّه
نفوساً نفيساتٍ إلى باطن الأرضِ
أبا منذر أفنيتَ فاستبقِ بعضَنا
حنانيك بعضُ الشرِّ أهون من بعض(1)
وهذا الفصل الذي أورده الثعالبي من رسالة ابن فارس، إلى ما رواه ياقوت في إرشاد الأريب(2) من مساجلة أدبية بين ابن فارس وعبد الصمد بن بابك الشاعر المعروف، يظهرنا على مدى اتصال أبي الحسين بالحركة الأدبية في عصره.
مقدمة الناشر
3
ابن فارس اللغوي
عرف ابن فارس بمعرفته الواسعة باللغة، وكتابه "المجمل" في اللغة لا يقل كثيراً في الشهرة عن كتاب العين، والجمهرة، والصِّحاح.
توثيقه:
__________
(1) البيت لطرفة في ديوانه 48.
(2) انظر نهاية ترجمة ابن فارس في إرشاد الأريب.(1/15)
وقد عرف ابن فارس بالتزامه إيراد الصحيح من اللغات. قال السيوطي بعد أن سرد طائفة من كتب اللغة المشهورة(1): "وغالب هذه الكتب لم يلتزم فيها مؤلفوها الصحيح، بل جمعوا فيها ما صح وغَيْرَه، وينبهون على ما لم يثبت غالباً. وأول من التزم الصحيحَ مقتصراً عليه، الإمامُ أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، ولهذا سمى كتابه "بالصِّحاح". ثم قال: "وكان في عصر صاحب الصحاح ابنُ فارس، فالتزم أن يذكر في مجمله الصَّحيح، قال في أوله: قد ذكرنا الواضح من كلام العرب والصَّحيحَ منه، دون الوحشي والمستنكر… وقال في آخر المجمل: قد توخيت فيه الاختصار، وآثرت فيه الإيجاز، واقتصرت على ما صح عندي سماعاً، ومن كتاب صحيح النسب مشهور، ولولا تَوَخِّي ما لم أشكُك فيه من كلام العرب لوجدْت مقالاً".
ابن فارس اللغوي
والناظر في كتاب المقاييس، يلمس من ابن فارس حرصَه على إيراد الصَّحيح من اللغات، ويَرَى أيضاً صدق تحرّيه، وتحرُّجَه من إثبات ما لم يصحّ. وهو مع كثرة اعتماده على ابن دريد، ينقد بعض ما أورده في كتابه "الجمهرة" من اللغات، ويضعه على محكّ امتحانه وتوثيقه، فإذا فيه الزيف والرَّيب(2).
ولوعه باللغة:
وقد بلغ من حبه للغة وعشقه لها، أن ألَّف فيها ضروباً من التأليف، وكان يستحث عزيمة معاصريه من الفقهاء أن ينهضوا بتعرُّف اللغة والتبحر فيها، وألف لهم فناً من الإلغاز سماه "فتيا فقيه العرب"، يضع لهم مسائل الفقه ونحوَها في معرض اللغة. ولعل الإمام الشافعي أول من عرف بهذا الضرب من المعاياة اللغوية الفقهية(3).
__________
(1) المزهر (1: 97).
(2) انظر المقاييس (جعم 461 س10-11، 462 س1-2) و(جفز س 1-2) وص 464 س5-6.
(3) انظر نماذج شتى من فتياه في نهاية الجزء الأول من مزهر السيوطي، على أن من أقدم من ألف في فن الإلغاز اللغوي، ابن دريد، وكتابه "الملاحن" قد طبع في القاهرة 1347 بالمطبعة السلفية.(1/16)
قال السيوطي، عند الكلام على فتيا فقيه العرب: "وقد ألف فيه ابن فارس تأليفاً لطيفاً في كراسة، سماه بهذا الاسم. رأيته قديماً وليس هو عندي الآن". وقد أجمع المترجمون لابن فارس على أن الحريري في المقامة الثانية والثلاثين (الطَّيْبيَّة) قد اقتبس من ابن فارس ذلك الأسلوب، في وضع المسائل الفقهية بمعرض اللغة.
ويصوِّر لنا القفطي في إنباه الرواة صدق دعوته للغة بقوله: "وإذا وجد فقيهاً، أو متكلماً، أو نحوياً، كان يأمر أصحابه بسؤالهم إياه، ويناظره في مسائل
مقدمة الناشر
من جنس العلم الذي يتعاطاه، فإن وجده بارعاً جَدِلاً جَرَّه في المجادلة إلى اللغة فيغلبه بها. وكان يحثُّ الفقهاء دائماً على معرفة اللغة، ويلقي عليهم مسائل ذكرها في كتاب سماه فتيا فقيه العرب، ويخجلهم بذلك، ليكون خجلهم داعياً إلى حفظ اللغة. ويقول: من قصر علمه في اللغة وغولط غلط".
حذقه باللغة وتأليفه كتاب المقاييس:(1/17)
على أن ابن فارس في كتابه هذا "المقاييس"، قد بلغ الغاية في الحذق باللغة، وتكنُّه أسرارها، وفهم أصولها؛ إذ يردُّ مفرداتِ كل مادة من مواد اللغة إلى أصولها المعنوية المشتركة فلا يكاد يخطئه التوفيق. وقد انفرد من بين اللغويين بهذا التأليف، لم يسبقه أحدٌ ولم يخلُفْه أحد. وأرى أن صاحبَ الفضل في الإيحاء إليه بهذه الفكرة العبقرية هو الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد(1)؛ إذ حاول في كتاب "الاشتقاق" أن يرد أسماء قبائل العرب وعمائرها، وأفخاذها وبطونها، وأسماء ساداتها وثُنيانها، وشعرائها وفرسانها وحكامها، إلى أصول لغوية اشتُقَّت منها هذه الأسماء. ويقول ابن دريد في مقدّمة الاشتقاق: "ولم نَتعدَّ ذلك إلى اشتقاق أسماء صنوف النامي من نبات الأرض نجمِها وشجرِها وأعشابها ولا إلى الجماد من صخرها ومَدَرها وحَزْنها وسهلها؛ لأنا إن رُمْنا ذلك احتجنا إلى اشتقاق الأصول التي تشتق منها، وهذا ما لا نهاية له".
ومما هو بالذكر جدير، أن ابن فارس كان يتأسّى بابن دريد في حياته العلمية والأدبية والتأليفية، وهو بلا ريب قد اطَّلع على هذه الإشارة من ابن
ابن فارس اللغوي
دريد، فحاول أن يقوم بما عجز عنه ابن دريد أو نكص عنه، فألَّف كتابه هذا المقاييسَ، يطْرُد فيه قاعدة الاشتقاق فيما صحَّ لديه من كلام العرب.
الاشتقاق:
__________
(1) ولد ابن دريد بالبصرة سنة 223 وتوفي بعمان سنة 321.(1/18)
والكلام في الاشتقاق قديم، يرجع العهد به إلى زمان الأصمعي وقطرب وأبي الحسن الأخفش، وكلهم قد ألَّف في هذا الفن(1). ولكن ابن دريد بدأ النجاح الكبير لهذه الفكرة بتأليف كتاب الاشتقاق، وثنَّاه ابن فارس بتأليف المقاييس، وحاول معاصراه أبو علي الفارسي(2)، وتلميذه أبو الفتح بن جِنِّيّ(3) أن يصعدا درجةً فوق هذا، بإذاعة قاعدة الاشتقاق الأكبر، التي تجعل للمادة الواحدة وجميع تقاليبها أصلاً أو أصولاً ترجع إليها(4)، فأخفقا في ذلك، ولم يستطيعا أن يشيعا هذا المذهب في سائر مواد اللغة.
مقدمة الناشر
4
مؤلفات ابن فارس
وابن فارس يعدُّ في طليعة العلماء الذين أخذوا من كل فن بسهم وافر، ولم يقف بنفسه عند حدِّ المعرفة والتعليم، بل اقتحم بها ميدان التأليف الموفق، فهو يذهب فيه إلى مدى متطاول. ويحتفظ التاريخ له بهذه المؤلفات العديدة القيمة:
1 ـ الإتباع والمزاوجة
وهو ضرب من التأليف اللغوي. قال السيوطي في المزهر(5): "وقد ألَّف ابن فارس المذكور تأليفاً مستقلاًّ في هذا النوع، وقد رأيته مرتباً على حروف المعجم، وفاته أكثر مما ذكره. وقد اختصرت تأليفه وزدت عليه ما فاته، في تأليف لطيف سمَّيتهُ: الإلماع في الإتباع".
__________
(1) المزهر 1: 351.
(2) كانت وفاته سنة 377.
(3) وفاة ابن جني سنة 392.
(4) مثال ذلك ما أورده ابن جني في صدر الخصائص، من أن معنى (ق و ل) أين وجدت وكيف وقعت من تقدم بعض حروفها على بعض وتأخره عنه، إنما هو للخفوف والحركة. يعني (ق و ل) و(ق ل و) و(و ق ل) و(و ل ق) و(ل ق و) و(ل و ق).
(5) المزهر (1: 414) وجاء في (1: 420): "كتاب إلماع الإتباع لابن فارس". وهو تحريف، صوابه "الإتباع" فقط.(1/19)
ذكر هذا الكتاب السيوطي في بغية الوعاة والمزهر. ومنه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 55 ش لغة، وهي نسخة قديمة جيدة كتبت سنة 711 بخط عمر بن أحمد بن الأزرق الشاذلي، وقد نشره المستشرق رودلف برونو، بمدينة غيسن 1906، ويقع في 24 صفحة.
مؤلفات ابن فارس
2 ـ اختلاف النحويين
ذكره السيوطي في البغية وحاجي خليفة في كشف الظنون باسم "اختلاف النحاة"، وقد ذكره ياقوت باسم "كفاية المتعلمين، في اختلاف النحويين".
3 ـ أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم
ذكره ياقوت في إرشاد الأريب.
4 ـ أصول الفقه
ذكره ياقوت في إرشاد الأريب.
5 ـ الإفراد
ذكره السيوطي في الإتقان 1: 143.
6 ـ الأمالي
ذكره ياقوت في معجم البلدان (أوطاس) ونقل عنه.
7 ـ أمثلة الأسجاع
وجدته يذكر هذا الكتاب في نهاية كتاب "الإتباع والمزاوجة". قال: "وسترى ما جاء من كلامهم في الأمثال وما أشبه الأمثال من حكمهم على السجع، في كتاب أمثلة الأسجاع إن شاء الله تعالى".
8 ـ الانتصار لثعلب
أورده السيوطي في بغية الوعاة، وحاجي خليفة. وقد سرد حاجي خليفة طائفة من الكتب التي تحمل عنوان "الانتصار" ينتصر فيها عالم لآخر. وثعلب من أئمة الكوفيين، وكان ابن فارس يميل إلى الجانب الكوفي ويتأثر مذاهبه.
… ـ أوجز السير
انظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
مقدمة الناشر
9 ـ التاج
ذكره ابن خير الأندلسي في فِهْرِسْتِه ص 374 طبع سرقسطة.
10 ـ تفسير أسماء النبي عليه الصلاة والسلام
وهو ضرب من التأليف الاشتقاقي. عدَّه ابن الأنباري في نزهة الألباء، وياقوت في إرشاد الأريب، والسيوطي في بغية الوعاة.
11 ـ تمام فصيح الكلام(1/20)
منه نسخة بالمكتبة التيمورية برقم 523 لغة. ويقع هذا الكتاب في 27 صفحة صغيرة. قرأت في أواخره: "قال أحمد بن فارس: هذا آخر ما أردت إثباته في هذا الباب. ولم أعنِ أن أبا العباس(1) قصَّر عنه، لكن المشيخة آثروا الاختصار. وحقَّاً أقول إن ما ذكرته من علم أبي العباس جزاه الله عنا خيراً". فهو قد جعل هذا الكتاب ذيلاً لفصيح ثعلب. وجاء في نهاية تمام الفصيح: "وكتب أحمد بن فارس بن زكريا بخطه في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة بالمحمدية. وفرغ من نسخ هذه النسخة عن خط مؤلفها، ياقوت بكرة الأحد سنة 616 بِمَرْوِ الشاهجان. وكتب عن هذه النسخة غرة ربيع الثاني سنة 1345".
وذكره بروكلمان في ملحق الجزء الأول ص 198 وذكر أن منه نسخة بالنجف كتبها ياقوت في مرو الروذ في 7 ربيع الثاني سنة 616 عن نسخة المؤلف التي يرجع تاريخها إلى سنة 393. قلت: ذكر ياقوت في معجم البلدان (رسم المحمدية) أنه وجد بمرو نسخة من هذا الكتاب بخط ابن فارس كتبها في شهر رمضان سنة 390 بالمحمدية. وهذا التاريخ يغاير التاريخ الذي سبق. ويبدو أن ابن فارس قد كتب هذا الكتاب عدة مرات(2).
مؤلفات ابن فارس
12 ـ الثلاثة
ذكره بروكلمان في الجزء الأول ص 130، وأن منه نسخة بمكتبة الإسكوريال (فهرس ديرنبورج 363).
13 ـ جامع التأويل
في تفسير القرآن، أربع مجلدات، كما يذكر ياقوت في إرشاد الأريب.
14 ـ الحجر
وقد سبقت الإشارة إلى هذا الكتاب في ص 6 من هذه المقدمة. وهو من الكتب التي سردها ياقوت، وقد أشار ابن فارس إلى هذا الكتاب في الصاحبي 15-16.
15 ـ حلية الفقهاء
جاء في سرد ياقوت، وابن خلكان، والسيوطي في بغية الوعاة، واليافعي في مرآة الجنان وابن العماد في شذرات الذهب (في وفيات 390) وحاجي خليفة.
16 ـ الحماسة المحدَثة
__________
(1) يعني أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلب.
(2) انظر ما سبق في المقدمة ص10.(1/21)
هو في عداد الكتب التي ذكرها ياقوت له(1)، وذكره ابن النديم في الفهرست 119.
17 ـ خُضارة(2)
ذكره ابن فارس نفسه في نهاية كتابه "فقه اللغة" المعروف بالصاحبي
ص 232؛ قال: "وما سوى هذا مما ذكرت الرواةُ أن الشعراء غلطوا فيه فقد ذكرتهُ في كتاب خُضارة، وهو كتاب نعت الشعر(3)".
مقدمة الناشر
18 ـ خَلق الإنسان
في أسماء أعضائه وصفاته. وقد ألَّف في هذا الضرب كثير من اللغويين، ومنهم ابن فارس، كما في كشف الظنون، وذكر هذا الكتاب أيضاً ياقوت في إرشاد الأريب، والسيوطي في بغية الوعاة. وقد أثبته بروكلمان في ملحق الجزء الأول ص198 باسم "مقالة في أسماء أعضاء الإنسان"، وهو في مخطوطات الموصل ص 33 بالمجموعة 152 رقم5. ونشره داود الجلبي في مجلة المشرق السنة التاسعة 110-116.
19 ـ دارات العرب
ذكره ابن الأنباري في نزهة الألباء، وياقوت في إرشاد الأريب. وذكره مرة أخرى في معجم البلدان (4: 14)، قال: "ولم أر أحداً من الأئمة القدماء زاد على العشرين دارة، إلا ما كان من أبي الحسين بن فارس؛ فإنه أفرد له كتاباً فذكر نحو الأربعين، فزدت أنا عليه بحول الله وقوته نحوها(4)".
20 ـ ذخائر الكلمات
عدَّه ياقوت في إرشاد الأريب.
21 ـ ذم الخطأ في الشعر
ذكره السيوطي في بغية الوعاة، وحاجي خليفة في كشف الظنون. وقد طبع هذا الكتاب مع "الكشف عن مساوئ شعر المتنبي للصاحب بن عباد" بمطبعة المعاهد بالقاهرة 1349، نشره القدسي. وهذا الكتاب لا يتجاوز أربع
مؤلفات ابن فارس
__________
(1) إن الرسالة التي رواها الثعالبي – وتجد نصها في ص15-20 من هذه المقدمة – توضح نظرة ابن فارس إلى الحماسات المحدثة.
(2) خضارة، بضم الخاء: علم جنس للبحر. يقال للبحر خضارة، وخضير كزبير، والأخضر.
(3) نقل هذا النص السيوطي في المزهر (2: 498) بلفظ "نقد الشعر".
(4) هذه مبالغة منه، وإلا فإن مجموع ما ذكره هو سبعون دارة.(1/22)
صفحات، يبتدئ من صفحة 29 وينتهي إلى ص 32. ومنه نسخة مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 181 صرف، وبمكتبة برلين رقم 7181. واستظهر بروكلمان في ملحق الجزء الأول أنه الذي يسمى نقد الشعر، وليس كذلك.
22 ـ ذم الغيبة
قال حاجي خليفة: "ذم الغيبة لأبي الحسين أحمد بن فارس المار ذكره، ذكره ابن حجر في المجمع(1)".
… ـ رائع الدرر، ورائق الزهر، في أخبار خير البشر.
انظر: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
23 ـ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
وصفه ياقوت بأنه كتاب صغير الحجم. وقد نبه بروكلمان على كتاب "مختصر سير رسول الله"، منه نسخة بالإسكوريال (ديرنبورج 1615) ونسختان بالقاهرة إحداهما برقم 460 تاريخ والثانية برقم 494 مجاميع. وعنوانها "سيرة ابن فارس اللغوي المختصرة". وقال بروكلمان: لعله الموجود ببرلين برقم 9570 باسم "مختصر في نسب النبي ومولده ومنشئه ومبعثه"، ولعله الموجود في الفاتيكان (فهرس بورج ص 144)، باسم "رائع الدرر، ورائق الزهر، في أخبار خير البشر(2)"، ولعله أيضاً كتاب "أخلاق النبي"، الذي كَتب فيه "كاسان" في مجلة (إسلام) 17: 194.
مقدمة الناشر
وأقول: هذا الاحتمال الأخير ضعيف، فإن ياقوتاً ذكرهما كتابين، كما أن العنوانين يحملان معنيين متغايرين عند مؤلفي الإسلام؛ وقد اطلعتُ على كتاب السيرة، فإذا هو موضوعٌ وضعَ السير لا وضع كتاب الشمائل النبوية. ويقع في ثماني صفحات، أوله: "هذا ذكر ما يحق على المرء المسلم حفظه، ويجب على ذي الدين معرفته، من نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولده ومنشئه ومبعثه وذكر أحواله في مغازيه، ومعرفة أسماء ولده وعمومته وأزواجه".
__________
(1) المجمع المؤسس، للمعجم المفهرس، للحافظ ابن حجر العسقلاني، منه نسخة بدار الكتب برقم 75 مصطلح.
(2) منه نسخة مصورة بالمكتبة التيمورية 354 مجاميع.(1/23)
وأقول أيضاً: قد طبع الكتاب مرتين باسم "أوجز السير لخير البشر"، إحداهما في الجزائر سنة 1301 والأخرى في بمباي سنة 1311.
24 ـ شرح رسالة الزهري إلى عبد الملك بن مروان
ذكره ياقوت. والزهري هذا هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري، أحد أعلام التابعين، وكان الزهري مع عبد الملك، ثم هشام بن عبد الملك، وكان يزيد بن عبد الملك قد استقضاه(1).
25 ـ الشِّيات والحِلَى
وقد جاء محرفاً في الطبعة الحديثة من إرشاد الأريب باسم "الثياب والحلي".
26 ـ الصاحبي
وهو الاسم الذي شهر به كتابه "فقه اللغة". وقد عرف هذا الكتاب ابن الأنباري والسيوطي باسم "فقه اللغة"، وأما ياقوت فقد أخطأ في السرد، إذ
مؤلفات ابن فارس
جعل "الصاحبي" كتاباً آخر غير "فقه اللغة"، وإنما الكتاب "فقه اللغة" صنفه للصاحب بن عباد فسمي بالصاحبي. وأنت تجد أول كتاب "فقه اللغة": "هذا الكتاب الصاحبي في فقه اللغة العربية وسنن العرب في كلامها، وإنما عنونته بهذا الاسم لأني لما ألفته أودعته خزانة الصاحب".
وقد عنيَ بنشر هذا الكتاب في القاهرة الأخ الجليل الأستاذ السيد محب الدين الخطيب، نشره بمطبعة المؤيد سنة 1328 عن نسخة الشنقيطي المودعة بدار الكتب المصرية تحت رقم 7 ش لغة، وهي بخط الشنقيطي. وذكر بروكلمان من مخطوطاته نسخة بمكتبة أيا صوفيا برقم 4715، وأخرى بمكتبة بايزيد برقم 3129.
وقد اقتبس الثعالبي اسم هذا الكتاب "فقه اللغة"، كما اقتبس كثيراً من فصوله الأخيرة في "سر العربية" وإن كان الثعالبي قد أربى على ابن فارس، وكما ألَّف ابن فارس كتابه للصاحب، ألَّف الثعالبي كتابه للأمير أبي الفضل الميكالي.
… ـ العرق
ذكره، ياقوت، ويبدو أنه تصحيف "الفرق" الذي سيأتي.
27 ـ العم والخال
ذكره ياقوت.
28 ـ غريب إعراب القرآن
ذكره ابن الأنباري وياقوت.
مقدمة الناشر
__________
(1) انظر وفيات الأعيان.(1/24)
29 ـ فتيا فقيه العرب(1)
ذكره ابن الأنباري، والقفطي في إنباه الرواة. وقال السيوطي في المزهر، عند الكلام على (فتيا فقيه العرب): "وذلك أيضاً ضرب من الإلغاز. وقد ألَّفَ فيه ابن فارس تأليفاً لطيفاً في كراسة، سماه بهذا الاسم. رأيته قديماً وليس هو عندي الآن. فنذكر ما وقع من ذلك في مقامات الحريري، ثم إن ظفرت بكتاب ابن فارس ألحقت ما فيه". ولكن السيوطي لم يلحق بالمزهر شيئاً من كتاب ابن فارس. وقد ذكَر هذا الكتاب في البغية باسم "فتاوى فقيه العرب". وذكر ابن خلكان هذا الكتاب باسم: "مسائل في اللغة وتعانى بها الفقهاء". والسيوطي في بغية الوعاة بلفظ: "مسائل في اللغة يغالي بها الفقهاء"، واليافعي في مرآة الجنان برسم:"مسائل في اللغة يتعانى الفقهاء"، وصواب هذا كله: "مسائل في اللغة يُعايا بها الفقهاء". والمعاياة: أن تأتي بكلامٍ لا يُهتدَى إليه. وقد نبه بروكلمان أنه في مكتبة مشهد بفهرسها (15: 29، 84).
30 ـ الفَرْق
ذكره ابن فارس في نهاية تمام الفصيح، قال: "فأما الفرق فقد كنت ألفت على اختصاري له كتاباً جامعاً، وقد شهر، وبالله التّوفيق".
31 ـ الفريدة والخرِيدة
ذكره في طبقات الشافعية 4: 2.
… ـ الفصيح
ذكره ياقوت، قال: "وجدت خط كفه على كتاب الفصيح تصنيفه، وقد كتبه سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة. قلت: صوابه "تمام الفصيح" وقد سبق.
مؤلفات ابن فارس
... ـ فقه اللغة
سبق الكلام عليه في رسم "الصاحبي".
32 ـ قصص النهار وسمر الليل
أورده بروكلمان في ملحق الجزء الأول. ومنه نسخة في مكتبة ليبسك برقم 870.
33 ـ كفاية المتعلمين في اختلاف النحويين
ذكره ياقوت. وأراه كتاب "اختلاف النحويين". وقد مضى.
34 ـ اللامات
__________
(1) انظر ما سبق في هذه المقدمة ص22. وقد طبع بتحقيق حسين محفوظ في دمشق سنة 1377.(1/25)
نبه بروكلمان أن منه نسخة بالمكتبة الظاهرية. وقد نشره برجستراسر في مجلة (Islamica) الألمانية ص (77-99). ووجدت العلامة عبد العزيز الميمني الراجكوتي في مقدّمة "مقالة كلا" يقول: "وبين يدي نسخةٌ مسخها ناسخها". وأقول : قد عقد ابن فارس في الصَّاحبي (83-87) باباً كبيراً لِلاّمات. وقد أورد حاجي خليفة "كتاب اللامات" لابن الأنباري.
35 ـ الليل والنهار
ذكره ياقوت والسيوطي في بغية الوعاة، وحاجي خليفة. ولعله "قصَص النهار وسمر الليل".
36 ـ مأخذ العلم
ذكره ابن حجر في المجمع المؤسس ص 208 من مخطوطة دار الكتب المصرية، وذكره أيضاً حاجي خليفة في كشف الظنون.
مقدمة الناشر
37 ـ مُتَخَيَّر الألفاظ
ذكره ابن الأنباري وياقوت، وذكره الجرجاني في الكنايات 145 باسم "مختار الألفاظ".
38 ـ المُجْمَل
وهو أشهر كُتب ابن فارس، وقد سبق الكلام عليه في ص21 من هذه المقدمة. ومنه ثلاث نسخ مخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 238، 382، 18 ش. وقد طبع الجزء الأول منه بالقاهرة في مطبعة السعادة سنة 1331 عن نسخة بخط مصرف بن شبيب بن الحسين سنة 591، قرأها الإمام الشنقيطي. وقد سرد بروكلمان منه نحو عشرين مخطوطة في مكتبات برلين، وجوته، وليدن، وباريس، والمتحف البريطاني، والمكتب الهندي، وبودليان، وامبروزيانا، ويني جامع، وكوبريلي، ودمشق، ونور عثمانية، ولالالي، والموصل، ومشهد.
… ـ مختصر سير رسول الله
انظر: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
39 ـ مختصر في المؤنث والمذكر
منه نسخة بالمكتبة التيمورية بالقاهرة برقم 265 لغة، تقع في 15 صفحة. قرأت في أوله: "هذا مختصر في معرفة المذكر والمؤنث لا غنى بأهل العلم عنه، لأن تأنيث المذكر وتذكير المؤنث قبيح جداً".
… ـ مختصر في نسب النبي ومولده ومنشئه ومبعثه
انظر: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم.
مؤلفات ابن فارس
… ـ مسائل في اللغة
انظر: فتيا فقيه العرب.
… ـ مقالة في أسماء أعضاء الإنسان(1/26)
انظر: خلق الإنسان.
40 ـ مقالة كَلاّ وما جاء منها في كتاب الله
نشرها العلامة عبد العزيز الميمني الراجكوتي في القاهرة سنة 1344 بالمطبعة السلفية، عن نسخة في مجموعة بمكتبة المرحوم عبد الحي اللكنوي، وتقع في نحو 12 صفحة. وهي مطبوعة في أول مجموعة تشمل أيضاً كتابَ ما تلحن فيه العوام للكسائي، ورسالة محيي الدين بن عربي إلى الإمام الفخر الرازي. وقد ذكرها ابن فارس في الصاحبي ص 134، وقال: "وقد ذكرنا وجوه كلا، في كتاب أفردناه".
41 ـ المقاييس
وسأفرد له قولاً خاصاً.
42 ـ مقدمة الفرائض
ذكره ياقوت في إرشاد الأريب.
43 .مقدمة في النحو
ذكره ابن الأنباري، والسيوطي في بغية الوعاة، وحاجي خليفة في كشف الظنون.
مقدمة الناشر
… .نعت الشعر، أو نقد الشعر
انظر: خضارة.
44 .النيروز
منه نسخة بمكتبة تيمور باشا برقم 402 لغة، تقع في ثماني صفحات. وهذه النسخة مستنسخة من المكتبة الظاهرية بدمشق، كتبت في سنة 1339.
45 .اليشكريات
منها جزء بالمكتبة الظاهرية (فهرسها 29 : 11) كما ذكر بروكلمان.
(صورة لقطعة من الصفحة الأخيرة للكتاب)
مقدمة الناشر
5
كتاب المقاييس
يبدو من قول ياقوت في أثناء سرده لكتب ابن فارس: "كتاب مقاييس اللغة، وهو كتاب جليل لم يصنف مثله"، أنه اطلع على هذا الكتاب ونظر فيه. ولم أجدْ أحداً غير ياقوت يذكر هذا الكتاب لابن فارس، ولعله من أواخر الكتب التي ألَّفها، فلذلك لم يظفر بالشهرة التي ظفر بها غيره.
معنى المقاييس:(1/27)
وهو يعني بكلمة المقاييس ما يسميه بعض اللغويين "الاشتقاق الكبير"، الذي يرجع مفردات كل مادة إلى معنى أو معانٍ تشترك فيها هذه المفردات. قال في الصاحبي ص 33: "أجمع أهل اللغة إلا من شذ منهم، أن للغة العرب قياساً، وأن العرب تشتق بعض الكلام من بعض، وأن اسم الجن مشتق من الاجتنان". وابن فارس لا يعتمد اطراد القياس في جميع مواد اللغة، بل هو ينبه على كثير من المواد التي لا يطرد فيها القياس(1)، كما أنّه يذهب إلى أن الكلمات الدالة على الأصوات وكثيراً من أسماء البلدَان ليس مما يجري عليه القياس. ويفطن إلى الإبدال فطنة عجيبة، فلا يجعل للمواد ذات الإبدال معنى قياساً جديداً، بل يردها إلى ما أبدلت منه(2).
كتاب المقاييس
نسخ المقاييس:
وهذا الكتاب لم يسترعِ انتباه العُلماء إلا منذ عهد قريب، وكانت وزارة المعارف المصرية قد اعَتَزَمتْ نشره منذُ بضع سنوات، ولكن لم يحقق ما اعتزمته حينئذٍ. وقد أشار بروكلمان إلى أن كتاب المقاييس قد وضع في البرنامج الذي وَضَعَته دائرة معارف حيدر أباد الدكن سنة 1354 للكتب الّتي انتَوت نشرها، وهذا العَزم لم يحقق أيضاً.
ولقدَ دَفَعتُ بنفسي إلى تحرِيرِ هذا الكتاب دَفْعَاً، بَعد ما آذنَتْ بارتِداد، فإني لم أجِد أمامي منه إلا نُسخة واحِدة مودعة بِدار الكتب المصرية.
وهذا الكتاب لم ينل حظوة المجمل في كثرة نُسخه وتعَدُّد أصوله، فإن منه نُسخة بالمدرسةِ المَرْويةِ بالبلاد الفارسية، وعن هذه النسخة أخذت صورتان لدار الكُتب المِصرية، وصورة للمكَتَبةِ التَّيمورية، وأخرَى لمكتَبَةِ مجمع فؤاد الأول للغةِ العربية، ورابعَة لأنِستاس ماري الكرملي، فيما أخبرني عن النسخة الأخيرة بعض الثقات.
__________
(1) انظر للمثال مادة (تبن) و(جعل) من هذا الجزء.
(2) انظر للمثال مادة (شجر، حجم، جر، جمخ، جهف).(1/28)
وصورتا دار الكتب المصرية إحداهما مُوجبَة والأخرَى سالبَة، كما اصطلح أصحاب التَّصوير: فالموجبَة برقم 652 لغة والسالبة برقم 651 لغة. وقد نشَرْت إزاء صدر هذَا الفَصْلِ مِنَ المقدَّمة صورة لبَعْضِ المواضع مِنَ النسخة الموجبَة. والنسخةُ في 779 صفحة، يضاف إليها صفحتان كُرر الترقيم فيهما سهواً، وهما صفحتا 497، 498 وكل صفحتَين منها في لوحٍ واحد مِنْ ألواح التَّصوير الشمسي، عدد أسطُره سبعة وعشرون، وحجم الصفحة (12×24).
مقدمة الناشر
وهذه النسخة يشيع فيها التحريف والاضطراب، كما أن بها بعْضاً مِنَ الفجواتِ والأسقاطِ، وبعضاً مِنَ الإقحامِ والتزيُّد.
وقد أشارَ بروكلمان إلى نسخةٍ بالنجف، وزعم أن أصل نسخة القاهرة في "مَرَاكُش"، وهو سهو منه.
المجمل والمقاييس:
لا يساورني الريب أن "المقاييس" مِنْ أواخِر مؤلفاتِ ابن فارس، فإن هذَا النضج اللغوي الذي يَتَجلّى فيه، مِنْ دلائل ذلك، كما أن خمول ذكْرِ هذَا الكتَاب بين العُلماء والمؤلفين، مِنْ أدلةِ ذلك. ولو أنه أتيح له أن يحيا طويلاً في زمان مُؤلفهِ لاستَولى على بعْضِ الشهرة الَّتي نالها صنوهُ "المجمل".
وأستطيع أن أذهب أيضاً إلى أنه ألَّف "المقاييس" بعدَ تأليفه "المجمل"، فإنَّ الناظرَ في الكِتابين يلمس القوة في الأول، ويجِد أن ابن فارس في المجمل إذا حاول الكلام في الاشتِقاق فإنما يحاوله في ضعف والتواء، فهو في مادة (جن) مِنَ المجمل يقول: "وسميت الجن لأنها تتَّقى ولا تُرَى. وهذا حَسَنٌ". فهو يعجبه أن يهتدي إلى اشتقاق كلمة واحدة من مادة واحدة، وليس يكون هذا شأنَ رجلٍ يكون قد وضع من قبلُ كتاباً فيه آلاف من ضروب الاشتقاق، بل هو كلام رجل لم يكن قد أوغل في هذا الفن.
وهو في المجمل يترك بعض مسائل اللغة على علاتها، على حين ينقدها في المقاييس نقداً شديداً. ففي المجمل: ويقال: الأترور الغلام الصغير، في قوله:
* مِنْ عامِلِ الشُّرْطَةِ والأُترورِ *(1/29)
كتاب المقاييس
وفي المقاييس: "وكذلك قولهم إن الأترور الغلام الصغير. ولولا وجداننا ذلك في كتبهم لكان الإعراض عنه أصوب. وكيف يصح شيء يكون شاهده مثل هذا الشعر:
أعوذ باللهِ وبالأمير
من عامل الشرطة والأترورِ"
على أنه لو أمعنت في الموازنة بين المجمل والمقاييس لأعضد هذا الرأي، لاقتضاني ذلك أن أكتب كثيراً. ولكن يستطيع القارئ بالنظر في الكتابين أن يذهب معي هذا المذهب.
نظام المعجم والمقاييس:
جرى ابن فارس على طريقة فاذَّةٍ بين مؤلفي المعجم، في وضع معجميه: المجمل والمقاييس. فهو لم يرتّب موادهما على أوائل الحروف وتقليباتها كما صنع ابن دريد في الجمهرة، ولم يطردها على أبواب أواخر الكلمات كما ابتدع الجوهري في الصحاح، وكما فعل ابن منظور والفيروز اباديّ في معجميهما، ولم يَنْسُقْها على أوائل الحروف فقط كما صنع الزمخشري في أساس البلاغة، والفيومي في المصباح المنير. ولكنه سلك طريقاً خاصَّاً به، لم يفطن إليه أحد من العلماء ولا نَبَّه عليه. وكنت قد ظننت أنه لم يلتزم نظاماً في إيراد المواد على أوائل الحروفِ، وأنه ساقها في أبوابها هملاً على غير نظام. ولكنه بتتبُّع المجمل والمقاييس ألفَيْته يلتزم النظام الدقيق التالي:
1 ـ فهو قد قسم مواد اللغة أوَّلاً إلى كتب، تبدأ بكتاب الهمزة وتنتهي بكتاب الياء.
مقدمة الناشر
2 ـ ثم قسم كل كتاب إلى أبواب ثلاثة أولها باب الثنائي المضاعف والمطابق، وثانيها أبواب الثلاثي الأصول من المواد، وثالثها بابُ ما جاء على أكثر من ثلاثة أحرفٍ أصلية.
3 ـ والأمر الدقيق في هذا التقسيم أن كل قسم من القسمين الأوَّلين قد التُزم فيه ترتيب خاص، هو ألا يبدأ بعد الحرفِ الأوَّل إلا بالذي يليه، ولذا جاء بابُ المضاعف في كتاب الهمزة، وباب الثلاثي مما أوله همزة وباء مرتباً ترتيباً طبيعياً على نسق حروفِ الهجاءِ.(1/30)
ولكن في "باب الهمزة والتاء مايثلثهما"، يتوقع القارئ أن يأتي المؤلف بالمواد على هذا الترتيب: (أتب، أتل، أتم، أتن، أته، أتو، أتي)، ولكن الباء في (أتب) لا تلي التاء بل تسبقها، ولذلك أخرها في الترتيب إلى آخر الباب فجعلها بعد مادة (أتي).
وفي باب التاء من المضاعف يذكر أوَّلاً (تخ) ثم (تر) إلى أن تنتهي الحروف، ثم يرجع إلى التاء والباء (تب)، لأن أقرب ما يلي التاء من الحروفِ في المواد المستعملة هو الخاء.
وفي أبواب الثلاثي من التاء لا يذكر أولاً التاء والهمزة وما يثلثهما، بل يؤخر هذا إلى أواخر الأبواب، ويبدأ بباب التاء والجيم وما يثلثهما، ثم باب التاء والحاء وما يثلثهما، وهكذا إلى أن ينتهي من الحروف، ثم يرجع أدراجه ويستأنف الترتيب من باب التاء والهمزة وما يثلثهما؛ وذلك لأن أقرب ما يلي التاء من الحروفِ في المواد المستعملة هو الجيم. وتجد أيضاً أن الحرفَ الثالث
كتاب المقاييس
يراعى فيه هذا الترتيب، ففي باب التاء والواو وما يثلثهما يبدأ بـ(توي) ثم (توب) ثم (توت) إلى آخره، وذلك لأن أقرب الحروفِ التي تلي الواو هو الياء.
وفي باب الثاء من المضاعف لا يبدأ بالثَّاء والهمزة ثم بالثَّاء والباء، بل يُرْجئ ذلك إلى أواخر الأبواب، ويبدأ بالثَّاء والجيم (ثج) ثم بالثَّاء والراء (ثر) إلى أن تنتهي الحروف، ثم يستَأنف الترتيب بالثَّاء الهمزة (ثأ) ثم بالثَّاء والبَاء (ثب).
وفي أبواب الثلاثي من الثَّاء لا يبدأ بالثَّاء والهمزة وما يثلثهما ثم يعقّب بالثَّاء والباء وما يثلثهما، بل يدع ذلك إلى أواخر الأبواب؛ فيبدأ بالثَّاء والجيم وما يثلثهما إلى أن تنتهي الحروف، ثم يرجع إلى الأبواب التي تركها. وتجد أيضاً أن الحرف الثَّالث يراعى فيه الترتيب، ففي باب الثَّاء واللام وما يثلثهما يكون هذا الترتيب (ثلم، ثلب، ثلث، ثلج)… الخ.(1/31)
وفي باب الجيم من المضاعف يبدأ بالجيم والحاء (جح) إلى أن تنتهي الحروف (جو) ثم ينسقُ بعد ذلك؛ (جأ، جب).
وفي أبوب الثلاثي من الجيم يبدأ بباب الجيم والحاء وما يثلثهما إلى أن تنتهي الحروف، ثم يذكر باب الجيم والهمزة وما يثلثهما، ثم باب الجيم والباء، ثم الجيم والثاء، مع مراعاة الترتيب في الحرف الثالث، ففي الجيم والنون وما يثلثهما يبدأ أوّلاً بـ (جنه) ثم (جني) ويعود بعد ذلك إلى (جنأ، جنب، جنث) الخ.
هذا هو الترتيب الذي التزمه ابن فارس في كتابيه "المجمل" و"المقاييس". وهو بِدْع كما ترى.
مقدمة الناشر
تحقيق المقاييس:
حينما طلب إليّ متفضلاً السيد /مدير دار إحياء الكتب العربية، في أواخر العام الماضي، أن أتولى تحقيق هذا الكتاب لم أكن درسته بعد أو أحطت به خُبراً، فلما نظرت فيه ألفيتُني إزاء مجدٍ لا ينبغي أن يضاع، أعني هذا المجد الثقافي العربي، فإن كتابنا هذا لا يختلف اثنان بعد النظر فيه، أنّه فذ في بابه، وأنه مفخرة من مفاخر التأليف العربي، ولا إخال لغةً في العالم ظفرت بمثل هذا الضرب من التأليف. ولقد أضفى ابن فارس عليه من جمال العبارة وحسن الذوق، ورُوحِ الأديب، ما يبعد به عن جفوة المؤلفات اللغوية وعنف ممارستها. فأنت تستطيع أن تتخذ من هذا الكتاب متاعاً لك إذ تبغي المتاع، وسنداً حين تطلب التحقّق والوثوق. والكتاب بعد كل أولئك، يضم في أعطافه وثناياه ما يَهَبُ القارئَ ملكة التفهم لهذه اللغة الكريمة، والظهور على أسرارها.
وأذِن الله فشرعت في تحقيقه مستمدّاً العون منه، وجعلت من الكتب التي اعتمد عليها ابن فارس في صدر كتابه، ومن كتب أخرى يتطلبها التحقيق والضبط مرجعاً لي في تحرير هذا الكتاب.(1/32)
وعنيت بضبط الكتاب معتمداً على نصوص اللغويين الثقات. وقد أضبط الكلمة الواحدة بضبطين أو ثلاثة حسب ما تنص المعاجمُ عليه. وعُنيت أيضاً بنسبة الأشعار والأرجاز المهملة إلى قائليها وبنصّ الأشعار والأرجاز المنسوبة، إلى دواوينها المخطوطة والمطبوعة، مع التزام معارضة النصوص والنّسب بنظيراتها في المجمل وجمهرة ابن دريد ولسان العرب وغيرها من الكتب.
كتاب المقاييس
وأحياناً يعوز النسخة بعض كلمات تتطلبها العبارات، فأزيدها من هذه المصادر مع التنبيه عليها، أو أتمها بدون تنبيه إلا بوضعها بين معكفي الزيادة إن لم أجد لها سنداً إلا ضرورة الكلام.
وكنت ارتأيت أن ألتزم تفسير غوامض هذا الكتاب وتأويل شواهده ونصوصه، ولكني وجدت أدب النشر يردُّني عن ذلك، ولو قد فعلت لاستطال الكتاب واقتضى بعثه دهراً طويلاً، على ما يكون في ذلك من عنت وإرهاق. لذلك اكتفيت بهذا القدر الضئيل من التفسير الذي يتطلبه التحقيق.
فهارس الكتاب:
وسيخرج هذا الكتاب بعون الله في ستة مجلدات، يلحق بها سابع يتضمن الفهارس التالية:
1- فهرس ترتيب المواد.
2- فهرس الألفاظ التي وردت في غير موردها
3- فهرس الأشعار.
4- فهرس الأرجاز.
5- فهرس الأمثال.
6- فهرس الأعلام.
7- فهرس البلدان.
8- فهرس الكتب.
... هذا عدا ما قد يستدعيه الكتاب من ضروب أُخَر.
مقدمة الناشر
وأما بعد فإني إذ أقدم هذا الجهد، وأرجو أن أكون قد أصبت من النجح في خدمة لغة الكتاب ما يرضي الله، ومن البر بهذه اللغة ما ينفع أبناء العروبة، ومن التوفيق ولِزام الصواب ما تَرَاحُ له النفسُ ويغتبط الضمير.
الإسكندرية في 10 شعبان سنة 1366
عبد السلام محمد هارون
كتاب المقاييس
مقدمة الطبعة الثانية
هذه هي الطبعة الثانية من "مقاييس اللغة" أقدمها لجمهرة الباحثين بعد أن مضى على نفاذ نسخ الطبعة الأولى نحو ست سنوات حالت بعض الظروف دون المبادرة بإعادة طبعه في حينه المناسب.(1/33)
وقد لقي الكتاب منذ ظهوره اهتماماً خاصاً من أئمة العلماء والباحثين والهيئات العلمية، التي حرصت على أن يكون في مكتباتها أكثر من نسخة منه، وعملت على الإفادة منه في أكثر من مجال علمي.
وقد اقتضى نفاد الأعداد الضخمة التي طبعت منه أن يعاد طبعه في ثوب آخر، فاستخرت الله في ذلك، وأردت بعونه سبحانه أن تمتاز هذه الطبعة من سابقتها بزيادة في التحقيق والتعليق، وإضافات في تخريج الشواهد واستكمال نسبة ما كان مجهول النسب منها، مع الإفادة من تحقيقاتي فيما أصدرته بعد الطبعة الأولى من مختلف كتب التراث العربي. فكان حظ هذه الطبعة الثانية أسعد من سابقتها.
ولست أنسى هنا أن أنوه بفضل إخواني الفضلاء أصحاب (مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده) الذين لم يألوا جهداً في العمل على تبني طبع هذه الموسوعة اللغوية الممتازة، وإخراجها في المعرض اللائق بها، متابعة لما قام به أسلافهم الكرام من تفانٍ في نشر التراث العربي وتوسيع نطاق إذاعته. فلهم من الله ومن العلم خير الجزاء.
ومن الله أستمد العون، وهو ولي التوفيق.
عبد السلام محمد هارون
تقديم
حرص اتحاد الكتاب العرب على تقديم هذه الطبعة الجديدة من كتاب "مقاييس اللغة" لـ"أحمد بن فارس بن زكريا" المتوفى (عام 395هـ) نظراً لأهمية هذا الكتاب، ودقته، وكفايته في بابه، وبغية وضع حواشيه ولبابه بين يدي الأدباء والكتاب على الخصوص والقراء بصورة عامة، استنهاضاً للهمم، وخدمة للعربية فصاحة وبلاغة وبياناً، وتصدياً بالعلم لجهات خارجية تلمّح إلى أن العربية بين اللغات المرشحة للانقراض، مما يدخل في باب حملات الاستعمار على الأمة العربية ولغتها وثقافتها ومكانتها التاريخية، تلك الحملات التي تتجدد منذ القرن التاسع عشر بأشكال وصيغ متعددة، مما يوجب التصدي لها بالمعرفة والعلم والعمل.(1/34)
وقد اعتمدنا في هذه الطبعة تحقيق وشرح الأستاذ عبد السلام هارون مع تنقيح، وتصحيح، وإضافة فهرس إلى الفهارس. ونأمل أن تساهم في خدمة الكتاب، وأن يجد فيها المتخصص والمهتم والقارئ ما يسوّغ تقديمها.
وسوف يتابع اتحاد الكتاب العرب إصدار كتب من التراث العربي منشورة سابقاً، أو تحقيق ونشر مخطوطات عربية تنفيذاً منه لخطة معتمدة في هذا المجال ترمي إلى تعزيز مكانة التراث في الثقافة العربية المعاصرة، وتسهيل مهمة الراغبين في التواصل البنّاء معه والإفادة منه.
والله من وراء القصد
رئيس اتحاد الكتاب العرب
د.علي عقلة عرسان.
***
معجم
مقاييسُ اللّغة
لأبي الحسين أحمد بن فارِس بن زكَرِيّا
... ــ 395
بتحقيق وضبط
عبد السَّلام محمد هَارُون
طبعة اتحاد الكتاب العرب
1423 هـ = 2002م.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب المقاييس في اللغة
مقدمة ابن فارس
الحمد لله وبه نستعين، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله أجمعين
قال أحمد: أقول وبالله التوفيق: إنَّ لِلُغةِ العرب مقاييسَ صحيحةً، وأصولاً تتفرّع منها فروع. وقد ألَّف النَّاسُ في جوامع اللغة ما ألَّفوا، ولم يُعربوا في شيءٍ من ذلك عن مقياس من تلك المقاييس، ولا أصل من الأصول. والذي أوْمَأْنا إليه بابٌ من العلم جليلٌ، وله خطرٌ عظيمٌ. وقد صدَّرْنا كلَّ فصل بأصله الذي يتفرّع منه مسائلُه، حتى تكونَ الجملةُ الموجَزةُ شاملةً للتَّفصيل، ويكونَ المجيبُ عما يُسألُ عنه مجيباً عن الباب المبسوطِ بأوجزِ لفظٍ وأقربِه.
وبناءُ الأمرِ في سائر ما ذكرناه على كتبٍ مشتهرة عالية، تحوي أكثرَ اللُّغة.(1/35)
فأعلاها وأشرفُها كتابُ أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد، المسمَّى (كتابَ العين) أخبرَنا به عليُّ بن إبراهيم القَطَّان(1)، فيما قرأت عليه، أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم المَعْدَانيّ (2)، عن أبيه إبراهيم بن إسحاق(3)عن بُنْدَار بن لِزَّة
الأصفهاني(4)، ومعروف بن حسان(5) عن الليثِ، عن الخليل.
__________
(1) هو علي بن إبراهيم بن سلمة القطان. ذكره ياقوت في معجم الأدباء (4 : 82) وكذا السيوطي في بغية الوعاة 153 في شيوخ أحمد بن فارس. وقد أكثر ابن فارس من الرواية عنه في كتابه "الصاحبي".
(2) لم أجد له ولا لأبيه ترجمة فيما لدي من المصادر، لكن يؤيد صحة هذا السند ما ورد في كتاب الصاحبي ص30 من قول ابن فارس: "حدثنا علي بن إبراهيم المعداني، عن أبيه، عن معروف بن حسان، عن الليث، عن الخليل".
(3) انظر التنبيه السابق.
(4) هو بندار بن عبد الحميد الكرخي الأصبهاني، ويعرف بابن لزة، ذكره ابن النديم في الفهرست 123 وقال: أخذ عن أبي عبيد القاسم بن سلام، وأخذ عنه ابن كيسان، وكان له كل أسبوع دخلة على المتوكل يجمع فيها بينه وبين النحويين. وبندار، بضم الباء. ولزة بلام بعدها زاي، وفي الأصل: "لوة" محرفة. انظر معجم الأدباء (7: 128-134) وبغية الوعاة 208.
(5) معروف بن حسان، ممن أخذ عن الليث، انظر الحاشية رقم 3 ص5.(1/36)
ومنها كتابا أبي عُبيدٍ(1) في (غريب الحديث)، و(مصنَّف الغريب)(2) حدَّثنا بهما علي بن عبد العزيز(3) عن أبي عُبيدٍ.
__________
(1) هو أبو عبيد القاسم بن سلام، كان أبوه عبداً رومياً لرجل من أهل هراة. وكان أبو عبيد قد أقام ببغداد مدة، ثم ولي القضاء بطرسوس وخرج بعد ذلك إلى مكة فسكنها حتى مات بها. ومن شيوخه إسماعيل بن جعفر. وسفيان بن عيينة، وأبو معاوية الضرير، وأبو بكر بن عياش. وسمع منه أبو بكر بن أبي الدنيا، ومحمد بن يحيى المروزي، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وكان من العلماء المحدثين النحويين على مذهب الكوفيين، وكان إذا ألف كتاباً أهداه إلى عبد الله بن طاهر فيحمل إليه مالاً خطيراً. ومات سنة 224. انظر تاريخ بغداد (12: 403-416) وإرشاد الأريب (16: 254-261)
(2) ويقال له أيضا "الغريب المصنف" كما في فهرست ابن خير 327. ومنه مخطوطتان بهذا العنوان في دار الكتب المصرية برقم 121 لغة و2 ش لغة.
(3) هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور البغوي نزيل مكة، صاحب أبي عبيد القاسم بن سلام، روى عنه غريب الحديث، وكتاب الحيض، وكتاب الطهور وغير ذلك. وحدث عن أبي نعيم، وحجاج بن المنهال، ومحمد بن كبير العبدي، وروى عنه ابن أخيه عبد الله ابن أخيه عبد الله ابن محمد البغوي، وسليمان بن أحمد الطبري. توفي سنة 287. انظر إرشاد الأريب (14: 11-14) وتذكرة الحفاظ (20: 178).(1/37)
ومنها (كتاب المنطق) وأخبرني به فارس بن زكريا(1) عن أبي نصر ابن أختِ الليثِ بن إدريس(2)، عن الليثِ(3)، عن ابن السكِّيتِ.
مقدمة ابن فارس
ومنها كتاب أبي بكر بن دريد المسمّى (الجمهرة)؛ وأخبرنا به أبو بكر محمد بن أحمد الأصفهاني(4)، وعلي بن أحمد الساويّ عن أبي بكر.
فهذه الكتبُ الخمسةُ معتمَدُنا فيما استنبَطناه من مقاييس اللغة، وما بعدَ هذِه الكتبِ فمحمولٌ عليها، وراجعٌ إليها؛ حتى إذا وقع الشيءُ النادر نَصَصْناه إلى قائله إن شاء الله. فأوَّلُ ذلك:
أب
كتاب الهمزة
(باب الهمزة في الذي يقال له المضاعف)
(أبّ) اعلم أن للهمزة والباء في المضاعف أصلين: أحدهما المرعَى، والآخر القَصْدَ والتهيُّؤ. أما الأول فقول الله عزّ وجلّ: { وفَاكِهَةً وَأَبّاً } [عبس 31]، قال أبو زيد الأنصاريّ: لم أسمع للأبِّ ذكراً إلاّ في القرآن. قال الخليل وأبو زيد: الأبُّ: المرعى، بوزن فَعْل. وأنشدَ ابنُ دريد:
جِذْمُنا قيسٌ ونجدٌ دارُنا
ولنا الأبُّ به والمَكْرَعُ
وأنشدَ شُبيل بن عَزْرَة لأبي دُواد:
يَرعى بروْضِ الحَزْنِ من أبِّهِ
__________
(1) هو فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب، والد المصنف. وقد أخذ عنه كما ورد في أثناء ترجمة أحمد بن فارس في بغية الوعاة 153. وقد أورد ياقوت في ترجمة ابن فارس نصوصاً كثيرة من سماع ابن فارس من والده.
(2) الليث هذا، غير الليث بن المظفر اللغوي المشهور. ولم أجد له ترجمة فيما لدي من المراجع.
(3) هو الليث بن المظفر، وقيل الليث بن رافع بن نصر بن سيار. كان بارعاً في الأدب بصيراً بالشعر والغريب والنحو. وكان كاتباً للبرامكة، وقيل إنه الذي صنع كتاب العين ونحله الخليل لينفق كتابه باسمه ويرغب فيه. انظر معجم الأدباء (17: 43-52) وبغية الوعاة 383.
(4) في تاريخ بغداد: (1: 310) محمد بن أحمد بن طالب، يحدث فيمن يحدث عن محمد بن الحسن بن دريد. وقال توفي سنة 370. فلعله هو.(1/38)
قُريانه في عانةٍ تصحبُ(1)
أي تحفظ. يقال: صَحِبَكَ الله أي حفِظك. قال أبو إسحاق الزجَّاج: الأبّ جميع الكلأ الذي تعتلفه الماشية، كذا رُوِيَ عن ابن عبّاس رضي الله عنه. فهذا أصلٌ وأما الثاني فقال الخليل وابن دُريد: الأبّ مصدر أبَّ فلانٌ إلى سيفه إذا ردَّ يدَه إليه ليستلّه. الأبّ في قول ابن دريد: النزاع إلى الوطن، والأبّ في روايتهما التهيّؤ للمسير. وقال الخليل وحدَه: أبّ هذا الشيءُ، إذا تهيّأ واستقامت
أت
طريقته إبابةً(2). وأنشد للأعشى:
صَرَمْتُ ولم أصرمْكُمُ وكصارمٍ
أخٌ قَدْ طوى كشحاً وأبّ ليذْهَبا(3)
وقال هشام بن عقُبة(4)* في الإبابة:
وأبّ ذُو المحضَرِ البَادِي إبابَتَهُ
وقوّضَتْ نِيّةٌ أطنَابَ تَخْييمِ
وذكر ناسٌ أنّ الظِّبَاء لا ترِدُ ولا يُعرَف لها وِرد. قالوا: ولذلك قالت العَرَب في الظِّبَاء: "إن وَجَدَتْ فلا عَبَاب، وإن عَدِمت فلا أَباب"، معناه إنْ وجدَتْ ماءً لم تعُبَّ فيه، وإن لم تجِدْه لم تأبُبْ لطلبهِ(5). والله أعلم بصحّة ذلك. والأبّ: القصدُ، يقال أببت أبّه، وأممت أمَّهُ، وحَمَمت حمَّهُ، وحرَدْتُ حردهُ، وصمَدتُ صَمْده. قال الراجز يصفُ ذئباً:
مَرَّ مُدِلٍّ كرِشاء الغَرْبِ
فأبَّ أَبَّ غنَمِي وأبِّي
أي قصدَ قصْدَها وقصدِي.
__________
(1) في اللسان (صحب): "قربانه في عابه يصحب"، ونسب البيت إلى أحد الهذليين.
(2) إبابة، بالفتح والكسر. وفي اللسان: "والمعروف عن ابن دريد الكسر".
(3) فسره في اللسان بقوله: "أي صرمتكم في تهيئ لمفارقتكم". وفي الجمهرة: يذكر قوما ًنزل فيهم فخانوه". وسيرد البيت في (كشح).
(4) هو أخو ذي الرمة غيلان بن عقبة. انظر الأغاني (16: 107).
(5) يقال أب يؤب ويئب، إذا تهيأ وتجهز. وفي اللسان (أبب، عبب): "لم تأتب لطلبه"، والوجهان صحيحان.(1/39)
(أتّ) قال ابن دريد: أتّه يؤتُّه، إذا غلبه بالكلام، أو بكته بالحجة، ولم يأت في الباب غيرُ هذا، وأحسب الهمزة منقلبة عن عين.
أث - أجّ
(أثّ) هذا بابٌ يتفرع من الاجتماع واللين، وهو أصلٌ واحد. قال ابن دريد: أثّ النبتُ أثّاً إذا كثُر. ونبتٌ أثيث، وكلُّ شيء موطّأٍ أثيثٌ، وقد أُثِّثَ تأثيثاً. وأثاث البيت من هذا، يقال إنّ واحده أثاثة، ويقال لا واحدَ له من لفظه. وقال الرّاجز في الأثيث:
يَخْبِطنَ منه نبتَه الأثيثا
حَتّى ترى قائِمَه جثيثا
أي مجثوثاً مقلوعاً. ويقال نساءٌ أثائث، وثيرات اللحم. وأنشد:
ومِنْ هَوَايَ الرُّجُحُ الأثائثُ
تُمِيلُهَا أعجازُها الأواعِثُ(1)
وفي الأثاث يقول الثقفي:
أشاقَتْكَ الظَّعائنُ يومَ بانُوا
بذي الزّيِّ الجميلِ من الأثاثِ(2)
(أجّ) وأما الهمزة والجيم فلها أصلان: الحَفيف، والشدّة إمّا حرّاً وإمّا ملوحة. وبيان ذلك قولهم أجَّ الظليمُ إذا عدا أجيجاً وأجّاً، وذلك إذا سمعت حَفيفه في عَدْوه. والأجيج: أجيج الكير من حفيف النّار. قال الشاعرُ يصف ناقة:
فراحتْ وأطرافُ الصُّوَى مُحزئلّةٌ
__________
(1) الرجز لرؤبة، انظر ديوانه 29 واللسان (أثث، وعث، رجح) والأواعث: اللينات، جمع وعثة على غير قياس، أو يكون قد جمع وعثاء على أوعث ثم جمع أوعثا على أواعث.
(2) ذي، زائدة، ومعناه بالزي. والثقفي هو محمد بن عبد الله بن نمير، كما في الجمهرة (1: 14). وانظر الأبيات في الكامل 376-377 وزهر الآداب (1: 158) وانظر للبيت أيضاً اللسان (رأى) ومعجم البلدان (نقب). وكذا جاءت رواية البيت في معجم البلدان (8: 307) لكن في اللسان
(8:19): "بذي الرئي. والرئي: ما رأته العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة". وقد نبه المبرد في الكامل 377 أن "بذي الرئي" هي الرواية الصحيحة.(1/40)
تئجُّ كما أجّ الظّليمُ المفَزَّعُ(1)
أحّ
وقال آخر يصف فرساً:
كأنَّ تردُّدَ أنفاسِه
أجيجُ ضِرامٍ زَفَتْهُ الشَّمالُ
وأجَّةُ القومِ: حفيفُ مشيِهم واختلاطُ كلامِهم، كلُّ ذلك عن ابن دريد. والماء الأُجاج : الملح. وقال قومٌ: الأجاج: الحارّ المشتعل المتوَهِّج، وهو من تأجّجَت النار. والأجَّة: شدّة الحرّ، يقال منه ائتج النّهار ائتجاجاً. قال حُميد:
* ولهَبُ الفِتنةِ ذو ائتجاجِ *
وقال ذو الرُّمّة في الأجّة:
حتَّى إذا مَعْمعانُ الصَّيف هبَّ له
بأجَّةٍ نشَّ عنها الماءُ والرُّطُبُ(2)
وقال عُبيد بن أيوب العنبريّ يرثي ابنَ عمٍّ له:
وغبتُ فلم أشْهَدْ ولو كنتُ شاهداً
لخفّفَ عَنّي من أجيجِ فؤادِيَا
(أَحّ) وللهمزة والحاء أصلٌ واحد، وهو حكاية السُّعال وما أشبهه من عطَشٍ وغيظٍ، وكلُّه قريبٌ بعضه من بعض. قال الكسائيّ: في قلبي عليه أُحاح أي إحنةٌ وعَداوة. قال الفرّاء: الأُحاح العطش. قال ابن دريد: سمعتُ لفلان أُحاحا وأحيحاً، إذا توجَّعَ من غيظٍ أو حُزن. وأنشد:
* يطوي الحيازيمَ على أُحاحِ *
وأحيحة اسم رجلٍ، مشتقٌّ من ذلك. ويقال في حكاية السُّعال أحّ أحّاً. قال:
أخّ
يَكادُ مِنْ تنحنُحٍ وأَحِّ
يَحكي سُعالَ الشَّرِق الأبَحِّ(3)
وذكر بعضهم أنّه ممدودٌ: آح. وأنشد:
كأنّ صوتَ شَخْبِها المُمتاحِ
سُعالُ شيخٍ من بني الجُلاحِ
يقولُ مِن بَعْدِ السُّعالِ آحِ
__________
(1) في الأصل: "فأجت" صوابه في الجمهرة (1: 14) واللسان (3: 28)، وفي (13: 159): "فمرت".
(2) سيأتي في (مع).
(3) نسب إلى رؤبة في اللسان، والصحاح (أحح).(1/41)
(أخّ) وأما الهمزة والخاء فأصلان: [أحدهما] تأوُّه أو تكرُّه، والأصل الآخَر طعامٌ بعينه. قال ابن دُريد: أَخِّ(1) كلمة تقال عند التأوُّه، وأحسبُها مُحدَثة. ويقال إنّ أخِّ كلمة تقال عند التكرُّه للشيء. وأنشد:
* وكانَ وصْلُ الغانيات أخَّا(2) *
وكانت دَخْتَنُوس بنتُ لَقيطٍ، عند عمرو بن عمرو بن عُدُس، وهو شيخٌ كبير، فوضع رأسَه في حجرها فنفخ كما ينفخ النائم، فقال أخِّ! فقالت أخِّ واللهِ منك! وذلك بسَمْعه، ففتح عينيه وطلّقها، فتزوّجها عمرو بن معبد بن زُرارة، وأغارت عليهم خيلٌ لبكر بن وائل فأخذوها* فيمن أُخذ، فركب الحيُّ ولحق عمرُو بنُ عمروٍ فطاعَنَ دونَها حتى أخَذَها، وقال وهو راجعٌ بها:
أدّ
أيَّ زَوْجَيكِ رأيتِ خَيْراً
أألعظيمُ فَيْشةً وأيرَا
أم الذي يأتِي الكُماةَ سَيْرَا
فقالت: ذاك في ذاك، وهذا في هذا. والأَخيخة: دقيقٌ يصبُّ عليه ماء فيُبرَق بزيتٍ أو سمن ويُشْرَب(3). قال:
* تجَشُّؤ الشيخِ عن الأخِيخهْ *
(أدّ) وأمّا الهمزة والدال في المضاعف فأصلان: أحدهما عِظَم الشيء وشدّته وتكرُّره، والآخر النُّدود. فأمّا الأوّل فالإِدُّ، وهو الأمر العظيم. قال الله تعالى:
{ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إدّاً } [مريم 89]، أي عظيماً من الكفر. وأنشد ابنُ دريد:
يا أُمّتَا رَكبتُ أمراً إدّا
رأيتُ مَشْبوحَ اليدينِ نَهْدَا
أبيض وضاحَ الجَبين نَجْدَا
فَنِلتُ منه رشَفاً وبَرْدَا(4)
وأنشد الخليل:
ونتّقِي الفحشاءَ والنَّآطِلا
__________
(1) ضبطت في اللسان بضم الخاء، وفي الجمهرة بفتحها، وفي القاموس بالسكون.
(2) في اللسان:
وانثنت الرجل فصارت فخا
وصار وصل الغانيات أخا
(3) برق الأدم بالزيت والدسم يبرقه برقاً وبروقاً، جعل فيه شيئاً يسيراً.
(4) في الأصل: "قتلت" مع إسقاط الكلمة بعدها، والتصحيح والتكملة من الجمهرة واللسان. والرشف بالتحريك وبالفتح: تناول الماء بالشفتين.(1/42)
والإدَدَ الإداد والعَضائلا(1)
ويقال أدّتِ الناقة، إذا رجّعت حَنينَها. والأَدُّ: القُوّة، قاله ابن دريد
وأنشد:
أذّ - أرّ
نَضَوْنَ عَنّى شِرَّةً وأَدَّا(2)
من بَعدِ ما كنتُ صُمُلاًّ نَهْدَا
فهذا الأصل الأوَّل. وأمَّا الثاني فقال ابن دريد: أدَّتِ الإبل، إذا نَدّت. وأما أُدُّ بن طابخة بن إلياس بن مضر فقال ابن دريد: الهمزة في أدّ واوٌ، لأنه من الوُدّ وقد ذكر في بابه.
(أذّ) وأما الهمزة والذال فليس بأصلٍ، وذلك أنّ الهمزة فيه محوَّلة من هاء، وقد ذكر في الهاء. قال ابن دريد: أذَّ يَؤُذُّ أذّا: قطع، مثل هَذَّ. وشَفْرةٌ أذُوذٌ: قَطّاعة. أنشد المفضّل:
يَؤُذُّ بالشَّفْرَةِ أيَّ أذِّ
مِنْ قَمَعٍ ومَأْنَةٍ وفَلْذِ
(أرّ) أصلُ هذا البابِ واحد، وهو هَيْج الشيء بتَذكيةٍ وحَمْيٍ، فالأرُّ: الجِماع ، يقال أرَّها يؤُرُّها أرّاً، والمِئَرُّ: الكثير الجماع. قال الأغلب:
بَلَّتْ به عُلابِطاً مِئَرَّا(3)
ضَخْمَ الكراديس وَأَىً زِبرَّا
والأرُّ: إيقاد النار، يقال أرَّ الرجلُ النَّارَ إذا أوقدها. أنشدنا أبو الحسن علي ابن إبراهيم القطّان، قال أملى علينا ثعلبٌ:
قد هاج سار لسارِي ليلةٍ طربا
وقد تصَرَّم أو قد كاد أو ذَهباً
أزّ
كأنَّ حِيريّةً غَيْرَى مُلاَحِيَةً
باتَتْ تَؤُرُّ به من تَحتِه لَهَبَا(4)
__________
(1) الرجز لرؤبة كما في ديوانه 123 واللسان. وفي الأصل: "والأد والأداد"
(2) الشرة: النشاط. وفي اللسان: "شدة"
(3) العلابط: الضخم العظيم، وفي الأصل: "علائطا" تحريف. ونسب الرجز في اللسان والجمهرة إلى بنت الحمارس أيضاً.
(4) ملاحية من الملاحاة، والشعر ليزيد بن الطثرية، كما في اللسان (7: 172)، وقد رواه: "تؤز" بالزاي، بمعنى تؤر.(1/43)
والأرُّ أن تُعالج الناقة إذا انقطع وِلادها، وهو أنْ يُؤخذَ غصنٌ من شوك قَتَادٍ فيُبلَّ ثم يذرَّ عليه مِلح فيُؤَرّ به حياؤُها حتّى يَدْمى، يقال ناقة مأرورة، وذلك الذي تعالج به هو الإرَار.
(أزّ) والهمزة والزاء يدلّ على التحرّك والتحريك والإزعاج. قال الخليل: الأزُّ: حمل الإنسانِ الإنسانَ على الأمرِ برفقٍ واحتيال. الشيطان يؤزّ الإنسانَ على المعصية أزّاً. قال الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ أنَّا أرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزّاً } [مريم 83]. قال أهل التفسير: تُزعجهم إزعاجاً. وأنشد ابن دريد:
لا يأخُذُ التَّأفِيكُ والتّحَزّي
فينا ولا طَيْخُ العِدَى ذو الأزِّ(1)
قال ابنُ الأعرابيّ: الأزّ حلْب النّاقة بشدة. وأنشد:
شديدة أزِّ الآخِرَينِ كأنّهَا
إذا ابتَدَّها العِلجانِ زجْلَةُ قافِلِ(2)
قال أبو عبيد: الأزّ ضم الشّيء إلى الشيء. قال الخليل: الأزّ غلَيان القِدر،
أسّ - أشّ
وهو الأزيز أيضاً، وفي الحديث: "كان يصلّي ولِجَوفه أزيزٌ كأزيز المِرجَل من البكاء". قال أبو زيد: الأزّ صوتُ الرعد، يقال أزّ يئزُّ أزَّاً وأزيزاً. قال أبو حاتم: والأزيز القُرّ الشّديد، يقال ليلةٌ ذات أزيزٍ ولا يقال يومٌ ذو أزيز. قال: والأزيز شدّة السير، يقال أزَّتْنا الرِّيح أي ساقتنا. قال ابن دريد: بيت أَزَزٌ، إذا امتلأ ناساً.
__________
(1) الرجز لرؤبة كما في الجمهرة واللسان. وفي الأصل: "ولا طيخ والعدى والأز". وانظر ديوانه ص64.
(2) في اللسان: "قال الآخرين ولم يقل القادمين لأن بعض الحيوان يختار آخري أمه على قادميها.. والزجلة صوت الناس. شبه حفيف شخبها بحفيف الزجلة".(1/44)
(أسّ) الهمزة والسين يدلّ على الأصل والشيء الوطيد الثابت، فالأُسّ أصل البناء، وجمعه آساس، ويقال للواحد أساس بقصر الألف، والجمع أُسُسٌ. قالوا: الأُسُّ أصل الرجل، والأسُّ وجْه الدهر، ويقولون كان ذلك على أُسّ الدّهر. قال الكذّاب الحِرْمازيّ(1):
وأسُّ مَجْدٍ ثابتٌ وطيدُ
*نال السماءَ فرعُه المديدُ
فأمّا الآس فليس هذا بابه، وقد ذكر في موضعه.
(أشّ) الهمزة والشين يدل على الحركةِ للِّقاء. قال ابن دريد: أشَّ القوم يَؤشُّون أشَّاً، إذا قام بعضهم إلى بعضٍ للشرّ لا للخير. وقال غيره: الأشاش
مثل الهَشَاش(2). وفي الحديث: "كان إذا رأى من أصحابه بعضَ الأشاش وعَظَهُم".
أصّ - أضّ
(أصّ) وأما الهمزة والصاد فله معنيان، أحدهما أصل الشيء ومجتمعه، والأصل الآخر الرِّعدة. قال أهل اللغة: الإصّ(3) الأصل. ويقال للناقة المجتمعة الخلق أَصُوصٌ. وجمع الإصِّ الذي هو الأصل آصاص. قال:
قِلالُ مَجْدٍ فَرّعَت آصاصا
وعزةٌ قعساءُ لا تُناصى(4)
والأصيص: أصل الدنّ يجعل فيه شراب. قال عديّ:
* مَتَى أرى شَرْباً حَوَالَيْ أصيصْ(5) *
فهذا أصل. وأما الآخر فقالوا: أفْلَتَ فلان وله أصِيص، أي رِعدةٌ.
(أضّ) وللهمزة والضاد معنيان: الاضطرار والكسر، وهما متقاربان. قال ابن دريد: أضَّني إلى كذا [وكذا] يؤُضُّني أضّاً، إذا اضطرّني إليه. قال رؤبة:
* وهي تَرَى ذا حاجةٍ مؤْتَضّا *
أي مضطرّا. قال: والأضّ أيضاً الكسر، يقال أضه مثل هَضّه سواء. وحكى أبو زيد الأَضاضة: الاضطرار. قال:
__________
(1) في الجمهرة: "قال الراجز في أس البناء، وأحسبه كذاب بني الحرماز".
(2) الهشاش، بالفتح: النشاط والارتياح والطلاقة.
(3) ضبطت في الأصل بكسر الهمزة، وفي الجمهرة بكسرها وفتحها، وفي اللسان بالتثليث.
(4) وكذا ضبط في الجمهرة وأمالي القالي (2: 16)، لكن في اللسان: "وعزة" بالرفع.
(5) صدره كما في اللسان: * يا ليت شعري وأنا ذو غنى *(1/45)
زمانَ لم أخالِفِ الأضاضَهْ
أكحلُ ما في عينهِ بيَاضَهْ
أطّ - أفّ
(أطّ) وللهمزة والطاء معنىً واحد، وهو صوت الشيء إذا حنّ وأَنْقَض، يقال أطَّ الرَّحْل يئط أطيطا، وذلك إذا كان جديداً فسمعتَ له صريراً. وكلُّ صوتٍ أشبَهَ ذلك فهو أطيط. قال الرّاجز:
يَطحَِرْنَ(1) ساعاتِ إنَى الغَبُوقِ
من كِظَّةِ الأَطَّاطة السَّنُوقِ(2)
يصف إبلاً امتلأَتْ بطونُها. يَطحَرْن: يتنفَّسْنَ تنفُّساً شديداً كالأنين. والإنَى: وقت الشُّرب عشيّاً. والأطّاطة: التي تسمع لها صوتاً. وفي الحديث: "حتى يُسمعَ أطيطُه من الزِّحام"، يعني باب الجّنة ويقال أطّتِ الشجرة: إذا حنَّت. قال الراجز(3):
قد عَرَفَتْني سِدرتي وأطَّتِ(4)
وَقد شَمِطْتُ بَعدَها واشمَطَّتِ
(أفّ) وأما الهمزة والفاء في المضاعف فمعنيان، أحدهما تكرُّهُ الشيء، والآخَر الوقت الحاضر. قال ابن دريد: أفَّ يؤفُّ أفّاً، إذا تأفَّف من كرب أو ضَجَر، وَرجلٌ أفّافٌ كثير التأفّف. قال الفراء: أُفِّ خفضاً بغير نون، وأُفٍّ خفضاً مع النون، وذلك أنه صوت، كما تخفض الأصوات فيقال طاقِ طاقِ.
أك
__________
(1) السنوق، وصف من السنق، وهو البشم والكظة. وفي اللسان والجمهرة: "السبوق" ووجهه ما هنا.
(2) ضبطت "يطحرن" في اللسان (أطط) بكسر الحاء، وهو تقييد الجوهري كما في مادة (طحر) وضبطت في الأصل والجمهرة بفتح الحاء.
(3) هو الأغلب، أو الراهب واسمه زهرة بن سرحان، كان يأتي عكاظ فيقوم إلى سدرة فيرجز عندها ببني سليم قائماً، فلا يزال ذلك دأبه حتى يصدر الناس عن عكاظ.
(4) بهذه الرواية روى للأغلب، وروى للراهب: "سرحتي".(1/46)
ومن العرب من يقول أفُّ له (1). قال: وقد قال بعضُ العرب: لا تقولن له أُفّاً ولا تُفّاً، يجعله كالاسم. قال: والعرب تقول: جعل يتأفّف من ريحٍ وجَدَها ويتأفّف من الشدّة تُلِمّ به. وقال متمّم بن نُويرة، حين سأله عُمرُ عن أخيه مالكٍ، فقال: "كان يركَبُ الجَمَل الثَّفَال(2)، ويقتاد الفرسَ البطيء، ويكتفل الرُّمْح الخطِل، ويلبس الشَّملة الفَلوت، بين سَطِيحتين نَضُوحين(3)، في الليل البليل، ويُصَبِّحُ الحيَّ ضاحكاً لا يتأنَّنُ ولا يتأفَّف". قال الخليل: الأُفُّ والتُّفُّ، أحدهما وسخ الأظفار، والآخر وسخ الأُذن. قال:
* عليهم اللّعنةُ والتأفيفُ *
قال ابنُ الأعرابي: يقال أفّاً له وتُفّاً وأُفّةً لَهُ وتُفَّةً. قال ابن الأعرابيّ:
الأفَف الضّجر. ومن هذا القياس اليأفوف : الحديدُ القلب(4).
والمعنى الآخر قولهم: جاء على تَئِفّة ذاك وأفَفِه وإفّانِهِ، أي حينه. قال:
* على إفِّ هِجرانٍ وساعةِ خَلْوةٍ(5) *
(أكّ) وأمّا الهمزة والكاف فمعنى الشدَّة من حرٍّ وغيره. قال ابن السِّكّيت: الأَكّة الحرّ المحتدم، يقال أصابتنا أكّةٌ من حرٍّ، وهذا يومٌ أكٌّ ويوم ذو أكٍّ. قال
ألّ
ابن الأعرابيّ: الأَكّة سوء خُلُق وضِيق نَفْس. وأنشدَ:
إذا الشَّريبُ أخذتْه أكّهْ(6)
فَخَلِّهِ حَتّى يَبكّ بَكَّهْ
__________
(1) انظر لغاته العشر في اللسان.
(2) بعير ثفال، بفتح الثاء المثلثة والفاء: بطيء.
(3) السطيحة: المزادة تكون من جلدين.
(4) وفي اللسان: الخفيف السريع، وقيل الضعيف الأحمق. وأنشد:
* هوجا يآفيف صغارا زعرا *
(5) أنشد في كتاب ما اختلفت ألفاظه واتفقت معانيه للأصمعي، لابن الطثرية:
بإفان هجران وساعة خلوة
من الناس تخشى أعينا أن تطلعا
(6) الرجز لعامان بن كعب التميمي. والشريب: الذي يسقي إبله مع إبلك. وفي الأصل: "الشرير" صوابه في الجمهرة واللسان ونوادر أبي زيد 128. وترجمة (عامان) في نوادر أبي زيد 16.(1/47)
قال ابنُ الأعرابيّ: ائتكّ الرجل، إذا اصطكّتْ رجلاه. قال:
* في رِجْلِه من نَعْظِهِ ائتكاكُ *
قال الخليل: الأكّة الشديدة من شدَائدِ الدهر، وقد ائتكّ فلانٌ من أمرٍ أرمَضَه ائتكاكا. قال ابن دريد: يومٌ عكٌّ أكٌّ، وعكيكٌ أكيكٌ، وذلك من شدّة الحر.
(ألّ) والهمزة واللام في المضاعف ثلاثة أصول: اللّمعان في اهتزاز، والصّوت، والسّبَب يحافَظ عليه. قال الخليل وابن دريد: ألّ* الشيءُ، إذا لمع. قال ابن دريد: وسمِّيت الحربة ألّة للمعانها. وألَّ الفرسُ يئل ألاّ، إذا اضطرب في مشيه. وألّت فرائصُه إذَا لمَعتْ في عَدْوه. قال:
حتّى رَمَيتُ بها يئِلُّ فريصُها
وكأنَّ صَهْوَتَهَا مَدَاكُ رُخامِ(1)
وألّ الرّجلُ في مِشْيته اهتزّ. قال الخليل: الأَلّة الحربة، والجمع إلالٌ.
قال:
ألّ
يُضيءُ رَبابُه في المُزْن حُبْشاً
قياماً بالحِراب وبالإلالِ
ويقال للحربة الأليلة أيضاً والأَليل. قال:
يُحامِي عن ذِمار بني أبيكم
ويطعن بالأَليلة والأليلِ
قال: وسمّيت الألّةَ لأنها دقيقة الرأس. وألّ الرجل بالألّة أي طعن. وقيل لامرأةٍ من العرب قد أُهْترَت(2): إنّ فلاناً أرسل يخطُبك. فقالت: أَمُعْجِلي أَنْ أَدَّرِيَ وأَدَّهِن(3)، ما لَه غُلَّ وأُلَّ! قال: والتأليل تحريفك الشيء، كرأس القلم. والمؤلَّل أيضاً المُحدَّد. يقال أذُنٌ مؤلّلة أي محدّدة، قال طرفة:
مؤلّلتان تَعْرِفُ العِتْق فيهما
كسامعتَيْ شاةٍ بحومَلَ مُفْرَدِ
وأذن مألولةٌ وفرَسٌ مألول. قال:
* مألولة الأُذْنَين كَحْلاَء العَيْن *
__________
(1) الفريص: جمع فريصة، وهي اللحمة التي بين الجنب والكتف التي لا تزال ترعد من الدابة. وفي الأصل: "صريفها"، صوابه في الجمرة واللسان.
(2) أهترت، بالبناء للمفعول وللفاعل: فقدت عقلها من الكبر. وفي الأصل: "اهتزت". والمرأة هي أم خارجة كما في أمثال الميداني (1: 317).
(3) تدري: تسرح شعرها بالمدرى.(1/48)
ويقال يومٌ أليلٌ لليومِ الشديد. قال الأفوهُ:
بكلِّ فتىً رَحيبِ الباعِ يسمُو
إلى الغاراتِ في اليوم الأليلِ
قال الخليل: والأَلَلُ والألَلاَنِ: وجها السكين ووجها كلِّ عريض. قال الفرّاء: ومنه يقال لِلَّحمتين المطابقتين بينهما فجوة يكونان في الكتف إذا قشرت إحداهما عن الأخرى سال من بينهما ماء: ألَلاَنِ. وقالت امرأةٌ لجارتها: لا تُهْدِي لضَرّتِكِ الكَتِفَ، فإن الماءَ يجري بين أَلَليْها. أي أَهْدِي شرّاً منها.
ألّ
وأمّا الصوت فقالوا في قوله:
وطعَن تُكثِر الألَلَيْنِ مِنهُ
فَتاةُ الحيّ تُتْبِعُهُ الرّنينا(1)
إنّه حكاية صوت المولول. قال: والأليل الأنين في قوله:
* إمَّا ترَيْني تُكثِري الأَليلا(2) *
وقال ابن ميّادة:
وقُولا لها ما تأمُرِينَ بوامقٍ
لَهُ بعدَ نَوْمات العُيونِ أَلِيلُ(3)
قال ابن الأعرابيّ: في جوفِه أليلٌ وصليل. وسمعت أليل الماء أي صوته. وقيل الأليلةُ الثُّكْل. وأنشد:
وليَ الأَليلةُ إن قتلت خُؤُولتي
ولِيَ الأليلةُ إن همُ لم يُقْتَلوا
قالوا: ورجل مِئَلّ، أي كَثير الكلام وَقّاعٌ في الناس. قال الفرَّاءُ: الألُّ رفع الصوت بالدُّعاء والبكاء، يقال منه ألّ يئِلُّ أليلا. وفي الحديث: "عجِبَ ربُّكم من أَلِّكم وقُنوطكم وسرعةِ إجابته إيّاكم". وأنشدوا للكميت:
وأنتَ ما أنتَ في غبراءَ مُظلمَةٍ
إذا دَعَت ألَلَيْهَا الكاعبُ الفُضُلُ
والمعنى الثالث الإلُّ الرُّبوبية. وقال أبو بكرٍ لمّا ذُكِرَ له كلامُ مسيلمة:
أم
__________
(1) البيت للكميت كما في اللسان. والرواية فيه:
بضرب يتبع الأللي منه
فتاة الحي وسطهم الرنينا
... وهو تحريف. وانظر للأللين ما سيأتي في بيت الكميت: "وأنت ما أنت".
(2) في الأصل: "تكثر" وفي اللسان: "إما تراني أشتكي".
(3) انظر أمالي القالي (1: 98/3: 58).(1/49)
"ما خرج هذا من إلٍّ" وقال الله تعالى: { لا يَرْقُبُونَ في مُؤْمِنٍ إلاًّ ولاَ ذِمَّةً } [التوبة 10]. قال المفسرون: الإلُّ الله جلّ ثناؤه. وقال قوم: هي قُرْبى الرّحِم. قال:
هم قطَعُوا منْ إلِّ ما كانَ بيننا
عُقوقاً ولم يُوفُوا بعهدٍ ولا ذِمَمْ
قال ابنُ الأعرابيّ: الإلُّ كلُّ سبب بين اثنين. وأنشد:
لعمرك إنّ إِلّكَ في قرَيش
كإلِّ السَّقبِ مِنْ رَألِ النَّعامِ(1)
والإلّ: العهد. ومما شذَّ عن هذه الأصول قولهم ألِلَ السّقاءُ تغيّرت رائحته. ويمكن أن يكون من أحد الثلاثة؛ لأنّ ابْنَ الأعرابيّ ذكرَ أنه الذي فَسَدَ ألَلاَهُ، وهو أن يدخل الماءُ بين الأديم والبشَرة، قال ابن دريد: قد خفّفت العَرَبُ الإلَّ. قال الأعشى:
أبيض لا يرهبُ الهُزَالَ ولا
يَقْطَعُ رِحْماً وَلا يخُونُ إلاَ(2)
(أمّ) وأمّا الهمزة والميم فأصلٌ واحدٌ، يتفرّع منه أربع أبواب، وهي الأصل، والمرجِع، والجماعة، والدِّين، وهذه الأربعة متقاربة، وبعد ذلك أصولٌ ثلاثة، وهي القامة، والحين، والقَصْد، قال الخليل: الأُمّ الواحدُ والجمع أمّهات، وربما قالوا أمٌّ وأمَّات. قال شاعرٌ وجَمَع بين اللّغَتين:
أم
إذا الأُمَّهات قَبَحْنَ الوجوهُ
فرَجْتَ الظّلامَ بأُمّاتِكا
وقال الرَّاعي:
* أمّاتهُنّ وطَرْقُهُنّ فَحِيلا(3) *
وتقول العَرَب: "لا أمَّ له" في المدح والذمّ جميعاً. قال أبو عبيدة: ما كنتِ أمّاً ولقد أمَمْتِ أُمُومةً. وفلانةُ تؤمُّ فلاناً أي تغذوه، أي تكون لهُ أمّاً* تغذوه وتربيّه. قال:
__________
(1) البيت لحسان بن ثابت يهجو أبا سفيان بن الحارث. انظر اللسان وحواشي الحيوان (4: 360).
(2) في الأصل: "الأخت"، تحريف. وأنشده في اللسان وقال: "قال أبو سعيد السيرافي: في هذا البيت وجه آخر وهو أن يكون إلا في معنى نعمة، وهو واحد آلاء الله".
(3) صدره كما في اللسان (فحل) وجمهرة أشعار العرب 173:
* كانت نجائب منذر ومحرق *(1/50)
نؤمُّهُمُ ونأْبُوهُمْ جميعاً
كما قُدَّ السُّيورُ من الأديمِ
أي نكون لهم أمهاتٍ وآباءٍ. وأنشد:
اطلُبْ أبا نَخْلةَ من يأبوكا
فكلهم ينْفِيك عن أبيكا(1)
وتقول أمٌّ وأمّةٌ بالهاء. قال:
تَقَبّلتَها من أُمَّةٍ لَكَ طالما
تُنُوزِعَ في الأسواقِ عنها خِمارُها(2)
قال الخليل: كلُّ شيءٍ يُضّمُّ إليه ما سواه مما يليه فإنّ العربَ تسمّي ذلك الشيءَ أُمّاً. ومن ذلك أُمُّ الرأس وهو الدّماغ. تقول أممْت فلاناً بالسيّف والعَصا أمّاً، إذا ضربته ضربةً تصل إلى الدماغ. والأميم: المأموم، وهي أيضاً الحجارة التي تُشْدَخ بها الرؤوس؛ قال:
* بالمنْجَنيقاتِ وبالأمائِمِ(3) *
أمّ
والشّجةُ الآمّة: التي تبلغ أُمَّ الدماغ، وهي المأمومة أيضاً. قال:
يحُجُّ مأمُومةً في قَعْرِها لَجَفٌ
فاستُ الطّبِيبِ قَذَاها كالمغَاريدِ(4)
قال أبو حاتم: بعيرٌ مأموم، إذا أُخرِجت من ظهره عظامٌ فذهبَت قَمعَتُه. قال:
* ليس بمأمومٍ ولا أَجَبِّ(5) *
قال الخليل: أمّ التّنائف أشدُّها وأبعدها. وأُمُّ القرى: مكّة؛ وكلُّ مدينةٍ هي أمُّ ما حولها من القُرى، وكذلك أمُّ رُحْمٍ(6). وأمُّ القُرآن: فاتحة الكتاب. وأمُّ الكتاب: ما في اللّوح المحفوظ. وأمّ الرّمح: لواؤه وما لُفَّ عليه. قال:
وسلبنَ الرُّمْحَ فيه أُمُّهُ
مِنْ يدِ العاصي وما طال الطِّوَلْ(7)
__________
(1) الرجز لشريك بن حيان العنبري يهجو أبا نخيلة. انظر اللسان (18: 8)
(2) في اللسان: "تقبلها من أمة ولطالما".
(3) قبله كما في اللسان: ... * ويوم جلينا عن الأهاتم *
(4) البيت لعذار بن درة الطائي" كما في اللسان (11: 225): وانظر منه مادة (غرد) وحواشي الحيوان
(3: 425) والمخصص (13: 182).
(5) انظر إنشاده في اللسان (14: 299).
(6) أم رحم، بضم الراء، من أسماء مكة، كما في معجم البلدان. وانظر للأمهات والأبناء كنايات الجرجاني 85-95.
(7) في اللسان: "وسلبنا".(1/51)
وتقول العَرَبُ للمَرأَة التي يُنْزَل عليها: أمُّ مَثْوىً، وللرّجُل أبو مَثْوىً. قال ابن الأعرابيّ: أمَّ مِرزَم الشَّمال، قال:
إذا هو أمسى بالحَِلاءَة شاتياً
تُقَشِّرُ أَعْلى أَنفِهِ أُمُّ مِرزَمِ(1)
أمّ
وأم كلْبَةٍ الحمَّى. ففيه قول النبي صلى الله عليه وسلم لزيد الخليل: "أَبْرَحَ فتىً إنْ نجا مِنْ أُمِّ كَلْبة". وكذلك أمُّ مِلْدَم(2). وأمُّ النُّجوم: السّماء. قال تأبّط شرّاً:
يرى الوَحْشَةَ الأُنس الأَنيسَ ويهتدي
بحيث اهتدت أُمُّ النُّجومِ الشّوَابِكِ
أخبرنا أبو بكرٍ بن السُّنِّى(3)، أخبرنا الحسين بن مسبّح، عن أبي حنيفة قال: أُمُّ النجوم المجرّة، لأنّه ليس مِنْ السماء بقعَةٌ أكثرَ عددَ كواكبَ منها، قال تأبَّطَ شرّاً، وقد ذكرنا البيت. وقال ذو الرُّمّة:
بشعثٍ يَشُجُّون الفَلا في رؤوسهِ
إذا حَوَّلَت أُمُّ النُّجومِ الشَّوابِكِ
حوَّلت يريدُ أنّها تنحرِف. وأمُّ كفاتٍ: الأرض. وأمُّ القُراد، في مؤخّر الرُّسغ فوق الخُفِّ، وهي التي تجتمع فيها القِرْدان كالسّكُرُّجة. قال أبو النجم:
__________
(1) الحلاءة، بالفتح والكسر: موضع شديد البرد، كما في معجم البلدان. والبيت لصخر الغي الهذلي يهجو أبا المثلم. انظر المعجم واللسان (16: 132) وسيأتي في (رزم).
(2) في الأصل: "أم مدرم" تحريف. وفي اللسان: "أم ملدم كنية الحمى. والعرب تقول: قالت الحمى: أنا أم ملدم، آكل اللحم، وأمص الدم". وفي ثمار القلوب 206: "قال أصحاب الاشتقاق: هي مأخوذة من الدم، وهو ضرب الوجه حتى يحمر" ويقال أيضاً "أم ملذم" بالذال المعجمة. انظر المزهر (1: 515-516) والمخصص (13: 188).
(3) هو أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن أسباط السني الحافظ الدينوري يروي عن ابن أبي عروبة والنسائي، وروى عنه أبو بكر بن شاذان، انظر أنساب السمعاني 315. وحفيده روح بن محمد بن أحمد يروي عن ابن فارس، كما في الأنساب.(1/52)
* للأرض مِنْ أُمِّ القُرادِ الأَطحلِ(1) *
أمّ
وأمُّ الصّدى هي أُمُّ الدِّماغ. وأم عُوَيفٍ: دويْبّةٌ منَقّطة إذا رأت الإنسان قامت على ذنَبها ونشرت أجنحتها، يُضرَبُ بها المثلُ في الجبن. قال:
يا أُمَّ عَوفٍ نَشِّري بُردَيْكْ
إنّ الأميرَ واقفٌ عليكْ
ويقال هي الجرَادة(2). وأمُّ حُمارِسٍ(3) دويْبّة سوداء كثيرة القوائم. وأم صَبُّور: الأمرُ الملتبِس، ويقال هي الهضَبَة التي ليس لها منفذ(4). وأمّ غيْلان: شجرةٌ كثيرة الشوك(5). وَأُمُّ اللُّهيم: المنِيّة. وأمُّ حُبَيْنٍ: دابّة. وأمُّ الطّريق: مُعظَمه. وأمُّ وَحْشٍ: المفازة، وكذلك أُمُّ الظِّباء. قال:
وهانت على أمِّ الظباء بحاجتي
إذا أرسلت ترباً عليه سَحُوق(6)
وأُمُّ صَبَّار: الحَرَّة(7) قال النّابغة:
تُدافِعُ النّاسَ عَنَّا حينَ نَرْكَبُها
من المَظالم تُدعَى أُمَّ صَبّارِ
وأمُّ عامرٍ، وأم الطريق: الضَّبع. قال يعقوب: أمُّ أوعالٍ: هضبة بعينها. قال:
* وأمَّ أوعالٍ كَهَا أَو أَقْرَبا(8) *
أمّ
وأُمُّ الكفّ: اليدِ. قال:
* ليس له في أُمِّ كفٍّ إصبَعُ *
وأمُّ البَيض: النّعامة. قال أبو دُؤاد:
__________
(1) انظر الحيوان (5: 444) حيث أنشد البيت؛ وفسر أم القراد بأنه يقال للواحدة الكبيرة من
القردان.
(2) انظر الحيوان (5: 556-558)
(3) وقعت في المخصص (13: 189) بالشين المعجمة. وانظر المزهر.
(4) في المخصص: "هي هضبة لا منفذ فيها".
(5) في اللسان (14: 27): "شجر السمر".
(6) في المخصص (13: 185): "وهان .. يوماً عليك سحوق".
(7) في الأصل: "الحسرة" تحريف. وانظر المخصص (13: 185).
(8) انظر الخزانة (4: 277) والمخصص (13: 185) واللسان (14: 285) وهو من أرجوزة للعجاج في ديوانه 74. وقبله : * خلى الذنابات شمالاً كثبا *(1/53)
وأتانَا يَسْعَى تفرُّشَ أمِّ الـ بيض… (1)
وأمُّ عامرٍ: المفازة(2). وأمّ كليبٍ(3): شجيرة لها نَوْر أصفر. وأمُّ عِرْيَط: العقربُ. وأمُّ النّدامة: العَجَلة. وأمّ قَشْعَمٍ، وأمُّ خَشّاف، وأمّ الرَّقوبِ، وأمُّ الرَّقِم(4)، وأمُّ أرَيق، وأمّ رُبَيْق، وأمُّ جُنْدَبٍ، وأمّ البَليل، وأمَ الرُّبيس(5)، وأم حَبَوْكرَى، وأمّ أدرصٍ، وأمّ نآدٍ، كلها كُنَى الدّاهية. *وأمّ فَرْوة: النَّعجة. وأمُّ سُوَيد وأمّ عِزْم: سافلة الإنسان. وأمُّ جابر: إيادٌ(6). وأمُّ شَمْلَة: الشَّمال الباردة. وأُمُّ غِرْس: الرَّكية(7).
أمّ
وأمُّ خُرْمانَ: طريق(8). وأم الهشيمة: شجرةٌ عظيمة مِنْ يابس الشّجَر. قال الفرزدق يصفُ قِدْراً:
إذا أطْعِمَتْ أمَّ الهشيمة أرْزَمَتْ
كما أرزَمَتْ أمُّ الحُِوَارِ المجلَّدِ(9)
وأمُّ الطعّام: البَطْن. قال:
ربيَّتُه وهو مثلُ الفرخ أعْظَمُهُ
__________
(1) البيت لأبي دواد الإيادي كما في اللسان (7: 221) والحيوان (4: 365). وتمامه: "شداً وقد تعالى النهار". والتفرش: أن يفتح الطائر جناحيه حين العدو.
(2) الذي في اللسان (14: 298) أن أم عامر "المقبرة".
(3) في اللسان (2: 220) والمخصص (13: 191): "أم كلب".
(4) بفتح فكسر كما في اللسان (رقم)، وضبطت في المخصص بالتحريك، وبفتح فكسر وبالفتح ضبط قلم فيهما.
(5) كذا في اللسان بضبط القلم. وفي المخصص (13: 187) بفتح الراء وكسر الباء.
(6) في المخصص (13: 189) : "أم جابر إياد، وقيل بنو أسد. وقيل إنما سموا بذلك لأنهم زراعون". وفي اللسان (14: 298) أن أم جابر كنية للخبز وللسنبلة أيضاً.
(7) في المزهر (1: 517): "وأم غرس ركية". وفي المرصع لابن الأثير أنها ركية لعبد الله بن قرة.
(8) في المخصص: "ملتقى طريق حاج البصرة وحاج الكوفة".
(9) انظر ديوانه ص167.(1/54)
أمُّ الطعَامِ ترَى في جِلْدِهِ زَغَبَا(1)
قال الخليل: الأمَّة: الدِّين، قال الله تعالى: { إنّا وَجَدْنا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ } [الزخرف 22]. وحكى أبو زيدٍ: لا أمَّة له، أي لا دينَ له. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زيد بن عمرو بن نُفَيْل: "يُبْعَثُ أمَّةً وحْدَهُ".
وكذلك كلُّ مَنْ كان على دينٍ حقٍّ مخالفٍ لسائر الأديان فهو أمَّة. وكلُّ قوم نُسبوا إلى شيءٍ وأُضيفوا إليه فهم أمَّة، وكلُّ جيل من النّاس أمّةٌ على حِدَة. وفي الحديث: "لولا أنّ هذه الكلابَ أمّةٌ من الأمم لأمرْتُ بقتلها، ولكن اقتُلُوا منها كلّ أسوَدَ بَهيم". فأمّا قوله تعالى: { كانَ النّاسُ أمّةً واحِدَةً } [البقرة
213]، فقيل كانوا كفّاراً فبعثَ اللهُ النبيّين مبشّرين ومنذرين. وقيل: بل كان جميعُ مَنْ مع نوحٍ عليه السلام في السفينة مؤمناً ثمّ تفرقوا. وقيل: { إنَّ إبراهيمَ
كانَ أُمَّةً } [النحل 120]، أي إماماً يُهتدَى به، وهو سبب الاجتماع. وقد
تكون الأمَّة جماعة العلماء، كقوله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ
أمّ
يَدْعُونَ إلى الخَيرِ } [آل عمران 104]، وقال الخليل: الأمّة القامَة، تقول العَرَب إنّ فلاناً لَطويل الأُمّة، وهم طِوال الأمَم، قال الأعشى:
وإنَّ مُعاويَة الأكرَمِينَ
حِسانُ الوُجوهِ طِوالُ الأمَمْ
__________
(1) البيت لامرأة من بني هزان يقال لها أم ثواب: انظر الحماسة (1: 316) والكامل 136-137 ليبسك.(1/55)
قال الكسائيّ: أمَّة الرجل بَدَنه ووجْهه. قال ابن الأعرابيّ: الأمّة الطاعة، والرّجلُ العالم. قال أبو زيد: يقال إنّه لحسَنُ أمّة الوجْه، يغْزُون السّنّة(1). ولا أمّة لبني فلانٍ، أي ليس لهم وجه يقصِدون إليه لكنهم يخبِطُون خَبْط عَشْواءَ. قال اللِّحيانيّ: ما أحسن أمّته أي خَلْقه. قال أبو عُبيد: الأمّيّ في اللغة المنسوبُ إلى ما عليه جبلة الناس لا يكتُب، فهو [في] أنّه لا يكتُبُ على ما وُلِدَ عليه. قال: وأمّا قول النّابغة:
* وهلْ يأْثَمَنْ ذو أمَّةٍ وهو طائِعُ(2) *
فمن رفَعه أراد سنّة ملكه، ومن جعَله مكسوراً جعَله دِيناً من
الائتمام، كقولك ائتم بفلان إمّةً. والأمة في قوله تعالى: { وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } [يوسف 45]، أي بعد حين. والإمام: كلُّ من اقتُدِي به وقُدِّم في الأمور. والنبيُّ صلى الله عليه وسلم إمام الأئمة، والخليفة إمام الرّعية، والقرآن إمام المسلمين. قال الخليل: الإمّة النّعمة. قال الأعشى:
أمّ
* وأصاب غزوُكَ إمّةً فأزالها(3) *
قال ويقال للخَيطِ الذي يقوّمُ عليه البِناءُ إمام. قال الخليل: الأمامُ القدّام، يقول صدرُك أمامُك، رَفَعَ لأنّه جعَله اسماً، ويقول أَخوك أمامَك نصب لأنه في حال الصفة، يعني به ما بين يديه، وأمّا قول لبيد:
فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنّه
مَوْلَى المخافةِ خَلْفُها وَأَمامُها
فإنه ردَّ الخلف والأمام على الفرجين، كقولك كلا جانبيك مولى المخافة يمينك وشِمالُك، أي صاحبها ووليّها، قال أبو زيد: امض يَمامِي في معنى امض أمامي. ويقال: يمامي وَيمامتي(4). قال:
__________
(1) يغزون، أي يقصدون. وسنة الوجه: صورته.
(2) صدره كما في خمسة دواوين العرب 53:
* حلفت ولم أترك لنفسك ريبة *
(3) صدره كما في الديوان 27 واللسان (14: 289):
* ولقد جررت إلى الغنى ذا فاقة *
(4) في الأصل: "في معنى امض أمامتي وأمامي ويمامتي"، ووجهته بناء على ما في اللسان (يمم).(1/56)
* فقُلْ جابَتي لَبيّكَ وَاسمَعْ يمامتي(1) *
وقال الأصمعيُّ: "أمامَها لقِيتْ أَمَةٌ عَملَهَا" أي حيثما توجّهَتْ وجدَتْ عملاً. ويقولون: "أمامك ترى أثَرَك" أي ترى ما قدّمْت. قال أبو عبيدة: ومن أمثالهم:
* رُوَيْدَ تَبَيَّنْ مَا أمَامَةُ مِنْ هندِ(2) *
أمّ
يقول: تثبّتْ في الأمر ولا تَعْجَل يتبيَّنْ لك. قال الخليل: الأَمَم الشيء اليسير الحقير، تقول: فعلت شيئاً ما هو بأمَمٍ ولا دُونٍ. والأمم: الشيء القريب المتناوَل. قال:
كوفِيّةٌ نازحٌ مَحَلَّتُهَا
لا أَمَمٌ دارُها ولا صَقَبُ(3)
قال أبو حاتم: قال أبو زيد: يقال أمَمٌ أي [صغيرٌ، و(4)] عظيم، من الأضداد. وقال ابن قميئة في الصغير:
يا لَهْفَ نفسِي على الشّباب ولم
أَفقِدْ به إذْ فَقَدْتُه أمَمَا(5)
قال الخليل: الأمَم: القصد. قال يونس: هذا أمْرٌ مأمُومٌ يأخذ* به الناس. قال أبو عمرو: رجل مِئَمٌّ أي يؤمُّ البلادَ بغير دليل. قال:
* احذَرْنَ جوّاب الفلا مِئمَّا *
__________
(1) الجابة: الجواب. وفي الأصل: "جانبي" صوابه في اللسان. وعجزه:
* وألين فراشي إن كبرت ومطعمي *
(2) هو عجز لبيت لعارق الطائي كما في الحماسة (2: 198) واللسان (14: 30) ومعجم البلدان
(1: 105) وصدره: ... * أيوعدني والرمل بيني وبينه * ...
... وقد فسرت الأمامة بأنها الثلاثمائة من الإبل، والهند بأنها المائة.
(3) البيت لابن قيس الرقيات في ديوانه 76.
(4) تكملة يقتضيها السياق.
(5) أي لم أفقد به شيئاً صغيراً، انظر الأضداد لابن الأنباري 106.(1/57)
وقال الله تعالى: { ولاَ آمِّينَ البَيْتَ الحَرَامَ } [المائدة 2]، جمع آمٍّ يؤمُّون بيتَ الله أي يقصدونه. قال الخليل: التيمُّم يجري مجرى التوخّي، يقال له تيمّمْ أمراً حسَناً وتيمّموا أطيب ما عندكم تَصدّقُوا به(1). والتيمُّم بالصَّعيد من هذا المعنى، أي توخَّوْا أَطيبَه وأَنظَفَه وتعمّدوه. فصار التيمُّم في أفواه العامة فعلاً للتمسُّح بالصعيد، حتى يقولوا قد تَيمَّم فلان بالتُّراب. وقال الله تعالى: { فَتيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً } [النساء 43، المائدة 6]، أي تعمَّدوا. قال:
أنّ
إن تكُ خيلي قد أُصيب صميمُها
فعمداً على عَيْنٍ تيمّمْتُ مالِكا(2)
وتقول: يمّمتُ فلاناً بسهمي ورُمحي، أي توخّيته دونَ مَن سِواه، قال:
يمّمتُه الرُّمحَ شزْراً ثم قلتُ له
هذه المرُوَّةُ لا لِعْبُ الزَّحاليقِ(3)
ومن قال في هذا المعنى أمّمته فقد أخطأ لأنه قال "شزْراً" ولا يكون الشّزر إلاّ من ناحية، وهو لم يقصد به أمامه. قال الكسائي: الأمامة الثمانون من الإبل(4). قال:
فمَنَّ وأعطانِي الجزيلَ وزادَني
أُمَامَةَ يحدُوها إليَّ حداتُها(5)
والأمّ: الرئيس، يقال هو أُمُّهم. قال الشّنْفَرى:
وأمّ عِيالٍ قد شَهدتُ تَقُوتُهم
إذا أطعمَتْهم أَحْترَتْ وأقلَّتِ(6)
أراد بأمّ العيال رئيسَهم الذي كان يقوم بأمرهم، ويقال إنّه كان تأبّط شراً.
__________
(1) في الأصل: "وتيمم أطيب ما عندكم فصدقوا به"، تحريف.
(2) على عين، أي بجد ويقين. والبيت لخفاف بن ندبة، كما في اللسان (عين) والأغاني (16: 134).
(3) البيت لعامر بن مالك ملاعب الأسنة، كما في اللسان (12: 3/14: 288).
(4) الذي في اللسان (14: 300) أن الأمامة الثلاثمائة من الإبل.
(5) يشبه هذا البيت ما ورد في المخصص (7: 131):
أنار له من جانب البرك غدوة
هنيدة يحدوها إليه حداتها
(6) انظر المفضليات (المفضلية 20: 19).(1/58)
(أنّ) وأما الهمزة والنون مضاعفة فأصلٌ واحد، وهو صوتٌ بتوجّع. قال الخليل: تقول: أنّ الرجل يئِنّ أنيناً وأنّةً وأنّاً، وذلك صوتُه بتوجُّع. قال
ذو الرّمّة:
أو - أيّ
تشكو الخِشاشَ ومَجْرَى النِّسْعَتَيْنِ كما
أنَّ المريضُ إلى عوّادِهِ الوَصِبُ
ويقال رجل أنّانٌ، أي كثير الأنين. اللِّحيانيّ: يقال القوس تئنّ أنيناً، إذا لأن صوتها وامتدّ، قال الشّاعر:
تَئنُّ حين تجذب المخْطُوما(1)
أنينَ عَبْرَى أَسلَمَتْ حَميما
قال يعقوب: الأنّانة من النّساء: التي يموت عنها زوجُها وتتزوج ثانياً(2)، فكلما رَأته رَنّتْ وقالت: رحم الله فُلاناً.
وأما (الهمزة والهاء) فليس بأصلٍ واحد، لأنّ حكايات الأصوات ليست أصولاً يقاس عليها، لكنهم يقولون: أهّ أهّةً وآهة. قال مثقِّب:
إذا ما قمت أرحُلُها بِليلٍ
تأوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الحزينِ
(أو) كلمة شكٍّ وإباحة.
(أيّ) كلمة تعجُّب واستفهام، يقال تأيّيتُ، على تفعّلت، أي تمكّثت(3). وهو قول القائل:
* وعلمت أنْ ليست بدارِ تَئِيّة *
وأمّا تأيّيت والآيَة فقد ذكر في بابه. وآء ممدود شجرٌ، وهو قوله:
أبت - أبث
أصَكَّ مُصَلَّمِ الأذُنينِ أَجْنَى
له بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ(4)
قال الخليل: يقال لحكاية الأصوات في العساكر ونحوها: آء. قال:
في جحفَلٍ لَجِبٍ جَمٍّ صَوَاهِلُه
بالليل تُسمَعُ في حافاتِهِ آءُ(5)
وقد قلنا إنّ الأصوات في الحكايات ليست أصولاً يقاس عليها.
(باب الثلاثي الذي أوّله الهمزة)
__________
(1) الرجز لرؤبة، كما في اللسان (16: 169). وفي الأصل: "تئن حتى".
(2) في الأصل "ثانية".
(3) في الأصل وكذا في الغريب المصنف 276: "تمكنت" صوابه بالثاء.
(4) البيت لزهير. انظر ديوانه 68 والحيوان (4: 395 ، 398) والمجمل (1: 10).
(5) قبله كما في اللسان (1: 16):
إن تلق عمراً فقد لاقيت مدرعاً
وليس من همه إبل ولا شاء(1/59)
(أبت) الهمزة والباء والتاء أصلٌ واحد، وهو الحرّ وشدّته. قال ابنُ السكّيت وغيره: أبَتَ يومنا يأبُِتُ(1) إذا اشتد حرُّه، فهو أَبِتٌ. وأنشد:
بَرْك هجُود بفَلاةٍ قَفْرِ(2)
أحْمَى عليها الشمسَُ أبْتَُ الحَرِّ
ويقال يومٌ أبْتٌ وليلة أبْتَةٌ. ورجل مأبُوتٌ أصابه الحرّ. قال أبو علي الأصفهانيّ: الأَبْتة كالوَغْرة من القَيظ.
(أبث) وهذا الباب مهملٌ عند الخليل. قال الشّيبانيّ: الأبِثُ الأشِرُ النّشيط. قال:
أبد
أصبَحَ عمَّارٌ نشيطاً أبِثا
يأكُلُ لحماً بائتا قد كَبِثَا(3)
وهذا الباب مهمل عند الخليل، وليست الكلمة عند ابن دريد(4).
والكَبِث: المتغيِّر المُرْوِح. وليس الكَبِث عند الخليل ولا ابن دريد. ويقال للذي لا يَقَِرّ من المرَح إنه لأبِثٌ. قال الشّيباني: أصبت إبلاً أبَاثَى(5) يعني بُروكاً شَباعَى. وناقة أبِثَة.
(أبد) الهمزة والباء والدال يدلّ بناؤها على طول المدّة، وعلى التوحّش. قالوا: الأبد الدهر، وجمعه آباد*. والعرب تقول: أبدٌ أبيدٌ، كما يقولون دهرٌ دَهير. والأَبْدَةٌ الفَعْلة تبقى على الأبَد. وتأبّد البعير توحّشَ. وفي الحديث: "إنّ هذه البهائم لها أوابدُ كأوابد الوحْشِ". وتأبّد المنزلُ خَلا. قال لبيد:
عفَتِ الدِّيارُ مَحلُّها فمُقامها
بمنىً تأبّدَ غَوْلُها فرِجامُها(6)
__________
(1) يقال أبت يأبت، كيضرب ويدخل، وأبت بكسر الباء.
(2) البرك: الإبل الكثيرة. وفي الأصل: "بزل"، وأراه تحريفاً. قال طرفة:
وبرك هجود قد أثارت مخافتي
نواديها أمشي بغضب مجرد
(3) الرجز لأبي زرارة النصري كما في اللسان (2: 415).
(4) وذكر في الجمهرة (3: 199) من هذه المادة "أبث الرجل بالرجل، إذا سبه عنه السلطان خاصة".
(5) في الأصل: "أباي"
(6) الغول والرجام: موضعان. والبيت مطلع معلقة لبيد.(1/60)
وقال ابنُ الأعرابي: الإبِد ذات النتاج من المال، كالأمَة والفرس والأتان، لأنهن يَضْنأن في كلّ عامٍ، أي يلدْن ويقال تأبّد وجهُه كَلِفَ.
أبر
(أبر) الهمزة والباء والراء يدلُّ بناؤها على نخس الشيء بشيءٍ محدَّد. قال الخليل: الإبرة معروفة، وبائعها أبّار. والأَبْرُ ضرب العقرب بإبرتها، وهي تأبُِرُ، والأَبْرُ إلقاح النخل، يقال أبَرَهُ أبْراً، وأبَّرَه تأبيرا. قال الخليل: والأَبْر علاج الزرع بما يُصلحه من السّقي والتعهُّد. قال طَرَفة:
ولِيَ الأصلُ الذي في مثله
يُصلح الآبرُ زرعَ المُؤتَبِرْ(1)
المؤتبر الذي يَطلُبُ أن يقام بزرعه. قال الخليل: المآبر النّمائم، واحدها مِئبر. [قال النابغة](2):
وذلك من قولٍ أتاك أقولُه
ومِنْ دَسِّ أعداءٍ إليك المآبرا(3)
ويقال إنه لذو مِئبر، إذا كان نَمَّاما. قال:
ومَن يكُ ذا مِئْبرٍ باللسا
ن يَسْنَحْ به القولُ أو يَبْرَحِ
قال الخليل: الإبرة عُظَيْمٌ مستوٍ مع طرف الزَّند من الذراع إلى طرف الإصبع. قال:
* حيث تلاقي الإبرةُ القبيحا(4) *
ويقال إن إبرة اللسان طرفه.
أبز - أبس
(أبز) الهمزة والباء والزاء يدلّ على القلق والسرعة وقلّة الاستقرار. قال الخليل: الإنسان يَأبِزُ في عَدْوه ويستريح ساعةً ويمضي أحياناً(5).
قال الفرّاء: الأبَزَى والقَفَزَى اسمان من أبز الفرسُ وقَفَزَ. والأبْزُ الوثْب. قال أبو عمرو: نجِيبَة أبُوز، أي تصبر صبراً عجيباً، وقد أبَزَت تَأْبِز أبْزاً. قال:
لقد صَبَحْتُ حَملَ بنَ كُوزِ
عُلالةً مِنْ وَكَرَى أَبُوزِ(6)
__________
(1) في الأصل: "في الذي مثله"، صوابه في الديوان 67.
(2) التكملة من اللسان (5: 59).
(3) في اللسان والديوان 40: "ومن دس أعدائي".
(4) لأبي النجم كما في اللسان (3: 387). والقبيح: طرف عظم المرفق.
(5) في الأصل "إحسانا".
(6) لجران العود، كما في اللسان (أبز) وديوان جران العود 52.(1/61)
أبزقال الشيباني: الآبز الذي يأبِز بصاحبه، أي يبغي عليه ويعرِّض به. يقال: أراك تأبِز به.
(أبس) الهمزة والباء والسين تدلّ على القهر، يقال منه أبَسَ الرجُلُ الرجُلَ، إذا قَهَره. قال:
* أُسُود هيْجا لَمْ تُرَمْ بأَبْسِ(1) *
والأبس: كلّ مكانٍ خشنٍ. ويقال أبَسْت بمعنى حَبَسْت(2) وتأبّس الشيءُ تغيّر. قال المتلمس:
ألم تر أنَّ الجَونَ أَصْبَحَ راسياً
تُطيف به الأيام لا يتأبَّسُ
ويقال هي بالياء: "لا يتأيّس"، وقد ذكر في بابه.
أبش - أبض - أبط
(أبش) الهمزة والباء والشين ليس بأصل، لأنّ الهمزة فيه مبدلة من هاء. قال ابن دريد: أبَشْتُ الشيء وهَبَشْتُه إذا جمعته.
(أبض) الهمزة والباء والضاد تدلّ على الدهر، وعلى شيء من أرفاغ البطن. الأُبْضُ(3) الدهر وجمعه آباضٌ. قال رؤبة:
* في حِقْبةٍ عِشْنا بذاك أُبْضا *
والإباض حبلٌ يُشدّ به رسغ البعير إلى عضده، تقول أبَضْته. ويقال لباطن ركبة البعير المأبِض. وتصغير الإباض أُبَيِّض. قال:
أقول لصاحِبي والليلُ داجٍ
أُبَيِّضَك الأسَيِّدَ لا يَضيعُ
يقول: احفظ إباضك الأسود كي لا يضيع. وقال لبيد:
كأنّ هجانَها متأبِّضاتٍ
وفي الأقران، أصورةُ الرَّغامِ(4)
متأبِّضات: معتقَلات(5) بالأُبُض. يقول كأنّها في هذه الحال وفي الحبال أصورة الرَّغام.
(أبط) الهمزة والباء والطاء أصل واحد، وهو إبط الإنسان أو استعارة في غيره. الإبط معروف. وتأبّطْت الشيء تحت إبطي.
أبق
__________
(1) للعجاج. وأنشده في الجمهرة (3: 205). وفي اللسان: * وليث غاب لم يرم بأبس *
(2) هذا المعنى لم يرد في اللسان.
(3) ضبط في الأصل ضبط قلم بالفتح. وقيده في اللسان "بالضم".
(4) الأصورة: جمع صوار، وهو القطيع من بقر الوحش. والرغام، بالفتح: رملة بعينها.
(5) في الأصل: "متعقلات" تحريف. وفي اللسان "معقولات".
(1/62)
قال ابن دريد: تأبّط سيفه إذا تقلّده، لأنه يصير تحت إبطه. وكلُّ شيء تقلّدته في موضع السيف فقد تأبّطته. قال الهذلي(1):
شرِبتُ بجَمِّه وصدَرْتُ عنه
وأبيض صارم ذَكَرٌ إباطي
قال قوم: قوله إباطي، أي هو ناحيةَ إبطي. وقال آخرون: هو إباطيٌّ نسَبَهُ إلى إبطه ثم خفّفه. والإستعارة: الإبط من الرمل، وهو أن ينقطع معظمُه ويبقى منه شيءٌ رقيقٌ منبسط متصل بالجَدَد، فمنقطع معظمه الإبط، والجمع الآباط. قال ذو الرمّة:
وحَوْمانةٍ ورقاءَ يجري سَرابُها
بمنسحَّةِ الآباط حُدْبٍ ظهورُها(2)
(أبق) الهمزة والباء والقاف يدلُّ على إباق العبد، والتشدُّد في الأمر. أبق العبد يأبِق أَبْقاً وأَبَقاً(3) قال الرّاجز:
أَمسِكْ بنيكَ عمرُو إنّي آبقُ
بَرقٌ على أرضِ السّعالي آلقُ(4)
ويقال عبدٌ أبُوقٌ وأَبَّاق. قال أبو زيد: تأبّقَ الرجل استتر. قال الأعشى:
أبك - أبل
* ولكن أتاه الموتُ لا يتأبَّقُ(5) *
وقال آخر:
ألاَ قالتْ بَهَانِ ولم تأَبّق
نَعِمْت ولا يليقُ بك النّعيمُ(6)
__________
(1) هو المتنخل الهذلي، كما في الجمهرة (3: 207) واللسان (9: 121/ 11: 29) والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين ص89.
(2) الورقاء: الغبراء تضرب إلى السواد، كما في شرح ديوان ذي الرمة ص309. وفي الأصل: "زرقاء" تحريف. والمنسحة: التي تنسح آباطها وتعرق.
(3) في اللسان: "أبقا وإباقا" وضبط ضبط قلم بضم الباء وكسرها مع فتح باء الماضي. وفي الجمهرة والمجمل: أبق يأبق، وأبق يأبق من بابي ضرب وتعب.
(4) ينسب إلى "السعلاة" الخرافية زوج عمرو بن يربوع. انظر نوادر أبي زيد 147 والفصول والغايات 210 والحيوان (6: 197).
(5) صدره كما في الديوان ص146 واللسان (11: 283):
* فذاك ولم يعجز من الموت ربه *
(6) البيت في نوادر أبي زيد 16 منسوباً إلى غامان بن كعب. ورواية اللسان (11: 283) "كبرت ولا يليق". وبهان: اسم امرأة مثل حذام. وسيأتي في (بهن).(1/63)
قال بعضهم: يقال للرّجل إنّ فيك كذا، فيقول: "أمَا والله ما أتأبّق"، أي ما أنكِر. ويقال له يا ابنَ فلانة، فيقول: "ما أتأبّقُ منها" أي ما أنكِرُها. قال الخليل: الأبَق قِشْر القِنَّب. قال أبو زياد: الأبَق نبات تُدَقُّ سوقُه حتى يَخلُص لحاؤه، فيكون قِنَّبا. قال رؤبة:
* قُودٌ ثمانٍ مثلُ أمْراسِ الأَبَقْ(1) *
وقال زهير:
* قد أحكِمتْ حَكَمَاتِ القِدِّ والأبَقا(2) *
(أبك) الهمزة والباء والكاف أصل واحد، وهو السِّمَن، يقال أبِكَ الرجل، إذا سَمِنَ.
(أبل) الهمزة والباء واللام بناء على أصول ثلاثة: [على] الإبل، وعلى الاجتزاء، وعلى الثِّقل، و[على] الغلبة. قال الخليل: الإبل معروفة.
أبل
وإبل مؤبّلة جُعلت قطيعاً قطيعا، وذلك نعتٌ في الإبل خاصّة. ويقال للرجل ذي الإبل: آبل. قال أبو حاتم: الإبل يقال لمَسانِّها وصغارها، وليس لها واحدٌ من اللفظ، والجمع آبال. قال:
قد شَرِبت آبالهم بالنّارِ
والنّار قد تَشْفِي من الأُوارِ(3)
__________
(1) قود: جمع أقود وقوداء. والبيت في ديوان رؤبة 104.
(2) صدره كما في الديوان ص49:
* القائد الخيل منكوباً دوابرها *
(3) في اللسان (7: 102) "أي سقوا إبلهم بالسمة، إذا نظروا في سمة صاحبه عرف صاحبه فسقى وقدم على غيره لشرف أرباب تلك السمة، وخلوا لها الماء".(1/64)
قال ابنُ الأعرابي: رجل آبلٌ، إذا كان صاحب إبل، وأَبِلٌ بوزن فَعِل إذا كان حاذقاً برعيها، وقد أَبِل يأْبَل. وهو من آبَلِ النّاس، أي أحذقِهم بالإبل، ويقولون: "هو آبَلُ من حُنَيفِ الحَنَاتِم(1)". والإبِلات الإبل. وأَبَّل الرّجلُ كثرت إبله فهو مؤبَّل، ومالٌ مؤبَّل في الإبل خاصّة، وهو كثرتها وركوبُ بعضِها بعضاً. وفلان لا يأتَبل، أي لا يثبت على الإبل. وروى أبو عليٍّ الأصفهاني عن العامري قال: الأَبَلة(2) كالتَّكرِمة للإبل، وهو أن تُحسِن القيام عليها، وكان أبو نخيلة يقول: "إنّ أَحقَّ الأموالِ بالأَبَلة والكِنِّ، أموالٌ تَرْقَأ الدِّماء(3)، ويُمْهَر منها النّساء، ويُعبد عليها الإله في السماء، ألبانُها شفاء، وأبوالها دواء، ومَلَكتها سناء"، قال أبو حاتم: يُقال لفلانٍ إبل، أي له مائة من الإبل، جُعل ذلك اسماً للإبل المائة، كهُنَيدة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النّاس كإبلٍ مائةٍ ليست
أبل
فيها راحلة". قال الفرّاء: يقال فلان يُؤبِّل على فلان، إذا كان يُكثِّر عليه. وتأويله التفخيم والتعظيم. قال:
جَزى الله خيراً صاحباً كلما أتى
أقرّ ولم ينظُرْ لقول المؤبِّلِ
قال: ومن ذلك سمّيت الإبل لعظم خَلْقها. قال الخليل: بعير آبِلٌ في موضع لا يبرح يجتزئ عن الماء. وتأبّل الرجل عن المرأة كما يجتزئ الوحش عن الماء، ومنه الحديث: "تأَبَّل آدمُ عليه السلام على ابنه المقتول أيّاماً لا يُصيب حَوّاء". قال لبيد:
وإذا حرّكتُ غَرزِي أجْمَرَتْ
__________
(1) حنيف الحناتم. رجل من بني تيم اللات بن ثعلبة. انظر الميداني.
(2) كذا ضبطت في اللسان. وفي الأصل "الآبلة" في هذا الموضع فقط.
(3) ترقأ الدماء: أي تحقنها وتسكنها. وهو نظير الحديث: "لا تسبوا الإبل فإن فيها رقوء الدم ومهر الكريمة"، أي إنها تعطى في الديات بدلاً من القود. وفي الأصل "ترقاء للدماء".(1/65)
أو قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قد أَبَلْ(1)
يعني حماراً اجتزأ عن الماء. ويقال منه أبَلَ يأْبِل ويَأْبلُ أبُولا. قال العجاج
* كأنّ جَلْداتِ المَخاض الأُبّالْ(2) *
قال ابن الأعرابيّ: أبَلَت تأبِلُ أَبْلاً، إذا رعَتْ في الكلأ- والكلأ [الرُّطْب و(3)] اليابسُ – فإذا أكَلت الرُّطْب فهو الجَزْء. وقال أبو عبيد: إبِلٌ أوابِلُ، وأُبَّلٌ، وأبَّال، أي جوازئ. قال:
أبل
* به أَبَلَتْ شهرَيْ ربيعٍ كِلَيْهما(4) *
قال الأصمعي: إبلٌ مُؤَبَّلةٌ كثيرة، كقولهم غنم مُغَنَّمة، وبَقَرٌ مُبَقَّرَة. ويقال هي المقْتناة. قال ابنُ الأعرابيّ: ناقة أَبِلَة، أي شديدة. ويقولون "ما له هابِلٌ ولا آبلٌ"، الهابل: المحتال المُغنى عنه، والآبل: الراعي(5). قال الخليل في قول الله تعالى: { طَيْراً أَبابِيلَ } [الفيل 3]: أي يتبع بعضُها بعضاً، واحِدها إبّالَةٌ وإبَّوْل. قال الخليل: الأبِيل من رؤوس النصارى، وهو الأَبِيليّ. قال الأعشى:
وما أيْبُلِيٌّ على هيكلٍ
بَنَاهُ وصَلَّبَ فيه وصارا(6)
قال: يريد أَبِيليّ، فلمّا اضطُرّ قدَّم* الياء، كما يقال أينق والأصل أَنْوُق.
__________
(1) أجمرت، بالراء المهملة: أسرعت وعدت. وفي الأصل "أجمزت" وهو خطأ. وقد أنشد البيت في اللسان (5: 218) وقال: "ولا تقل أجمز بالزاي".
(2) أنشده في اللسان (جلد) وقال: "وناقة جلدة لا تبالي البرد" وبعده كما في ملحق ديوان العجاج 86: * ينضحن من حمأته بالأبوال *
(3) تكملة بها يستقيم الكلام. وفي اللسان: "والكلأ مهموز مقصور: ما يرعى. وقيل الكلأ العشب رطبه ويابسه".
(4) البيت لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 23) واللسان (13: 23). وتمامه :
* فقد مار فيها نسؤها واقترارها *
(5) انظر اللسان (هبل) ص211.
(6) الديوان واللسان (صلب، صور، أبل). صلب: اتخذ صليباً. وصار: صور، عن أبي علي الفارسي. قال ابن سيده: "ولم أرها لغيره". وفي شرح ديوان الأعشى ص40: "وصارا: سكن".(1/66)
قال عديّ:
إنّني واللهِ فاقْبَلْ حَلْفَتِي
بأَبِيلٍ كلما صَلّى جَأَرْ
وقال بعضهم: تأبّل على الميت حَزِن عليه. وأبّلت الميت مثل أَبَّنْت. فأمّا قول القائل:
قَبِيلانِ، منهم خاذلٌ ما يُجيبُني
ومُستأبَلٌ منهم يُعَقُّ ويُظْلَمُ
أبن
فيقال إنه أراد بالمستأبَل الرجل المظلوم. قال الفرّاء: الأَبَلات الأحقاد، الواحدة أَبَلة. قال العامريّ: قضى أبَلَته من كذا أي حاجته. قال: وهي خصلةُ شرٍّ ليست بخير. قال أبو زيد: يقال ما لي إليك أَبِلة بفتح الألف وكسر الباء، أي حاجة. ويقال أنا أطلبه بأَبِلة أي تِرَة. قال يعقوب: أُبْلَى موضع. قال الشماخ:
فبانَتْ بأُبْلَى ليلةً ثم ليلةً
بحاذَةَ واجتابتْ نوىً عَنْ نواهُما(1)
ويقال أبَل الرجل يَأبِل أَبْلاً إذا غَلَب وامتنع. والأبَلَة: الثّقل. وفي الحديث: "كلُّ مالٍ أدِّيت زكاتُه فقد ذهبت أبَلتُه". والإبَّالة: الحُزْمة من الحطب(2).
(أبن) الهمزة والباء والنون يدلّ على الذِّكْرِ، وعلى العُقَد، وقَفْوِ الشّيء. الأُبَن: العُقَد في الخشبة. قال:
* قضيبَ سَراءٍ قليلَ الأُبَنْ(3) *
والأُبَنُ: العَدَاوات. وفلان يُؤْبَن بكذا أي يُذَمّ. وجاء في ذكر مجلس رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا تُؤْبَن فيه الحُرَمُ" أي لا تُذْكَرُ(4). والتأبين: مَدْحُ
أبه - أبو
الرجل بعد موته. قال:
لعمري وما دَهري بتأبينِ هالكٍ
ولا جَزِعاً مِمّا أصابَ فأوجَعا(5)
__________
(1) ديوان الشماخ 89. وحاذة: موضع.
(2) وقد تبدل الباء الأولى ياء فيقال في المثل:" ضغث على إيبالة" أي بلية على أخرى كانت قبلها.
(3) السراء: شجر تتخذ منه القسي، والبيت للأعشى. وصدره كما في الديوان ص21 واللسان
(16: 140):
* سلاجم كالنخل أنحى لها *
(4) في اللسان: "أي لا ترمى بسوء ولا تعاب ولا يذكر منها القبيح وما لا ينبغي مما يستحى منه".
(5) من قصيدة لمتمم بن نويرة في المفضليات (2: 65).(1/67)
وهذا إبّانُ ذلك أي حِينُه. وتقول: أَبّنْتُ أثَرَه، إذا قفوتَه، وأبّنْت الشيءَ رقَبْته. قال أوس(1):
يقولُ له الراؤون هَذاكَ راكبٌ
يُؤبِّنُ شخصاً فوقَ علياءَ واقفُ
(أبه) الهمزة والباء والهاء يدلّ على النباهة والسموّ. ما أَبَهْتُ به أي لم أعلم مكانه ولا أَنِسْت به والأُبَّهَة: الجلال.
(أبو) الهمزة والباء والواو يدلّ على التربية والغَذْو. أبَوْتُ الشيء آبُوه أَبْواً إذا غذوته. وبذلك سمّي الأب أباً. ويقال في النسبة إلى أبٍ أبَوِيّ. وعنزٌ أبواءُ، إذا أصابها وجعٌ عن شمِّ أبوال الأرْوَى. قال الخليل: الأبُ معروف، والجمع آباء وأبُوّةٌ. قال:
أحاشِي نزارَ الشّامِ إنّ نِزَارَها
أبُوَّةُ آبائي وَمِنِّى عميدُها
قال: وتقول: تأبّيْتُ أباً، كما تقول تَبَنَّيْتُ ابْناً وتَأَمّهْتُ أمّاً. قال:
ويجوز في الشِّعر "هذان أباك" وأنت تريد أبَوَاك، و"رأيت أبيك" يريد أبويك. قال:
أبي
* وهْوَ يُفَدَّى بالأبِينَ والخالْ(2) *
ويجوز في الجمع أبُونَ. وهؤلاء أبوكم أي آباؤكم. أبو عبيد: ما كنتَ أباً ولقد أَبَيْتَ أبوّة. وأَبَوْتُ القوم أي كنتُ لهم أباً. قال:
نؤمُّهمُ ونأْبُوهُمْ جميعاً
كما قُدَّ السُّيُورُ من الأديمِ
قال الخليل: فلانٌ يَأْبُو اليتيمَ، أي يغذو كما يغذو الوالد ولده.
(أبي) الهمزة والباء والياء يدلّ على الامتناع. أبيت الشيء آباهُ، وقوم أَبيُّونَ وأباةٌ. قال:
* أبيّ الضّيْمِ من نَفَرٍ أباة *
__________
(1) يصف حماراً كما في اللسان (16: 141) والديوان ص16.
(2) صدره كما في اللسان (18: 7) :
* أقبل يهوي من دوين الطربال *(1/68)
والإباء: أن تعرض على الرجل الشيءَ فيأبَى قبولَه، فتقول ما هذا الإباءُ، بالضم والكسر. العرب ما كان من نحو فَعَل يَفْعَل(1). والأبِيّة من الإبل: الصّعبة. قال اللِّحيانيُّ: رجلٌ أبَيَانٌ إذا كان يأبَى الأشياء(2)، وماءٌ مأباةٌ على مثال مَعْباةٍ، أي تأباه الإبل. قال ابنُ السكِّيت: أَخذَهُ أباءٌ إذا كأن يأبى الطّعامَ.
أبي
قال أبو عمرو: الأوابي من الإبل الحِقاق والجِذَاع والثُِّناء(3) إذا ضربها الفحل فلم تلقح، فهي تسمّى الأوابي حتّى تلقح مرّة، ولا تسمّى بعد ذلك أوابي، واحدتها آبيَةٌ. ولا يبعد أن يكون الأُباء من هذا القياس، وهو وجعٌ يأخذ المِعْزَى عن شمّ أبوَال الأرْوَى. قال:
فقلتُ لكَنّازٍ تركَّلْ فإنَّهُ
أُباً لا إخالُ الضَّأْنَ منه نواجِيا(4)
الأَباء: أطراف القصب، الواحدة أَباءَة، ثم قيل للأَجَمَة أبَاءَةٌ، كما قالوا للغَيضَة أَرَاكةٌ. قال:
وأَخُو الإباءةِ إذْ رأى خُلاّنَهُ
تَلَّى شِفاعاً حولَه كالإذْخِرِ(5)
ويجوز أن يكون أراد بالأباءَة الرِّماح، شبَّهها بالقَصب كثرةً(6). قال :
مَنْ سَرَّهُ ضَرْبٌ يُرعْبِلُ بَعْضُه
__________
(1) كذا وردت العبارة. وفي اللسان: "قال الفراء: لم يجئ عن العرب حرف على فعل يفعل مفتوح العين في الماضي والغابر إلا وثانيه أو ثالثه أحد حروف الحلق، غير أبى يأبى فإنه جاء نادراً".
(2) أبيان، بالتحريك. قال المجشر الباهلي:
وقبلك ما هاب الرجل ظلامتي
وفقأت عين الأشوس الأبيان
(3) تقرأ بضم الثاء وكسرها مع المد. ورسمت في الأصل: "الثنى".
(4) البيت لابن أحمر كما في اللسان (دكل، أبي) وتركل، بالراء. وفي الأصل: "توكل" تحريف. ويروى: "تدكل" بالدال، وهما بمعنى.
(5) البيت لأبي كبير الهذلي، كما في اللسان (10: 49) وديوان الهذليين 63 نسخة الشنقيطي. قال في اللسان: "شبههم بالإذخر لأنه لا يكاد ينبت إلا زوجاً زوجا".
(6) في الأصل "كره".(1/69)
بعضاً كمعمعةِ* الأَباءِ المُحْرَقِ(1)
أتل - أتم
(باب الهمزة والتاء وما يثلثهما)
(أتل) الهمزة والتاء واللام يدلّ على أصل واحد، وهو البطءُ والتّثاقل. قال أبو عبيد: الأَتَلانُ تقارب الخَطْو في غَضَبٍ، يقال: أَتَلَ يَأْتِلُ، وأَتَنَ يَأْتِنُ:
وأنشد:
أرانِيَ لا آتيكَ إلاّ كأنّما
أَسَأْتُ وإلاّ أنتَ غضبانُ تَأتِلُ(2)
وهو أيضاً مشيٌ بتثاقل. وأنشد:
مَالكِ يا ناقة تَأْتِلِينا
عليَّ بالدَّهناءِ تَأْرَخِينا(3)
قال أبو علي الأصفهانيّ: أَتَلَ الرجل يَأتِل أُتُولاً، إذا تأخر وتخلّفَ. قال:
* وقد ملأت بطنَه حَتى أَتَلْ(4) *
(أتم) الهمزة والتاء والميم يدلُّ على انضمام الشيء بعضِه إلى بعض، الأتَم في الخُرَزِ أن تتفتق خُرْزتان فتصيرا واحدةً. ومنه المرأَة الأَتُوم وهي المُفْضاةُ التي صار مَسْلكاها واحداً، قال أبو عمرو: الأُتُم لغة في العُتُم، وهو شجر الزّيتون. ويقال: أَتَم بالمكان، إذا ثوى، ويقال الأتَم الثواءُ(5)، والمأْتَم: النِّساءُ يجتمعن في الخير والشرّ، كذا قال القُتَبيّ، وأنشد:
أتن
رَمَتْهُ أَنَاةٌ مِنْ رَبيعةِ عَامِرٍ
نَؤُومُ الضُّحَى في مأتَم أيِّ مَأْتَمِ(6)
يريد في نساءٍ أيّ نساءٍ. وقال رؤبةُ:
إذا تَدَاعَى في الصِّمادِ مأتمُهْ
__________
(1) البيت لكعب بن مالك الأنصاري، كما في اللسان (18: 5).
(2) البيث لثروان العكلي، كما في اللسان (أتل).
(3) أرخ إلى مكانة يأرخ أروخا: حن إليه، وفي الأصل: "تادخينا" محرف.
(4) الرجز في نوادر أبي زيد 49 واللسان (أتل).
(5) في الأصل "التوى" بالتاء المثناة.
(6) انظر أدب الكاتب 22. والبيت لأبي حية النميري كما في الاقتضاب 293 واللسان (أتم).(1/70)
أَحَنَّ غِيراناً تنادى زُجَّمُه(1)
شبّه البُوم بنساءٍ يَنُحْنَ. وقوله: أحنَّ غيراناً، يريدُ أن البُوم إذا صوّتَتْ أحنّتْ الغِيرانَ بمجاوَبَة الصدى، وهو الصَّوت الذي تسمعه من الجبل أو الغارِ بَعْدَ صوتِك.
(أتن) الهمزة والتاء والنون أصل واحد، وهو الأنثى من الحُمُر، أو شيءٌ استعير له هذا الاسم. قال الخليل: الأتان معروفة، والجمع الأتُن. قال ابن السكّيت: هذه أتانٌ وثلاثُ آتُنٍ، والجمع أُتُن وأُتْن بالتخفيف ولا يجوز أتانة، لأنّه اسم خصّ به المؤنّث. قال أبو عبيد: استأتن فلانٌ أتاناً أي اتّخذها. واستأتن الحمارُ: صار أتاناً بعد أن كان حماراً. والمأتُوناء: الأُتُن. وأَتَانُ الضَّحْلِ: صخرةٌ كبيرةٌ تكون في الماء القليلِ يَركبُها الطُّحْلُبُ. قال أوس:
بِجَسْرَةٍ كَأَتانِ الضَّحْلِ صَلَّبَها
أكْلُ السّوَادِيِّ رَضُّوهُ بمِرْضاحِ(2)
أته - أتو
قال يونس: الأتان مَقامُ المستَقِي على فم الرّكيّة. قال النَّضْر: الأتان: قاعدة الهودج(3)، والجمع الأتُن، قال أبو عُبيد: الأَتَنَانُ تقارُب الخطو في غَضَب، يقال أَتَنَ يَأْتِن. وهذا ليس من الباب، لأنّ النون مبدلةٌ من اللام، والأصل الأتَلان. وقد مضى ذِكره(4).
(أته) الهمزة والتاء والهاء، يقال إنّ التأتُّه الكِبْر والخيَلاء.
(أتو) الهمزة والتاء والواو والألف والياء يدلُّ على مجيء الشيء وإصحابِه وطاعَتِه. الأَتْو الاستقامة في السّير، يقال أتَا البعيرُ يأْتُو. قال:
توكَّلْنَ واستَدْبَرْنَه كيف أَتْوُه
__________
(1) الصماد: جمع صمد، وهو ما غلظ من الأرض. والغيران: جمع غار. وزجم: جمع زاجم، وهو الذي يصوت صوتاً لا تفهمه. وفي الأصل: "تنازجمه" صوابه من الديوان ص151.
(2) البيت مع نظائره في اللسان (16: 144).
(3) الذي في اللسان: "قاعدة الفودج" بالفاء. والفودج: الهودج، وقيل أصغر من الهودج.
(4) انظر ما مضى ص47 س3.(1/71)
بها رَبِذاً سَهْوَ الأراجيح مِرْجَما(1)
ويقال ما أحسن أَتْوَ يدَيْها في السير. وقال مزاحم:
فلا سَدْوَ إلا سَدْوُهُ وهو مدبرٌ
ولا أَتْوَ إلا أَتْوُهُ وهو مقبلُ
وتقول العرب: أتَوْتُ فلانا بمعنى أتيته. قال(2):
يا قَوم مَالِي وأبَا ذُؤيبِ
كُنْتُ إذَا أتَوْتُهُ مِنْ غَيْبِ
أتي
قال الضّبيّ: يقال للسِّقاء إذا تمخّض قد جاء أتْوُهُ. الخليل: الإتاوة الخَراج، والرِّشوة، والجَعالة، وكلُّ قسمةٍ تقسم على قوم فُتجْبَى كذلك. قال:
* يُؤَدُّون الإتاوةَ صاغرينا *
وأنشد:
وفي كلِّ أسْواقِ العِراقِ إتاوَةٌ
وفي كل ما باع امرؤٌ مَكْسُ درْهَمِ(3)
قال الأصمعيّ: يقال أتوْته أتْواً: أعطيتُه الإتاوة.
(أتي) تقول: أتاني فلانٌ إتْياناً وأَتْياً وأَتْيَةً وأَتْوَةً واحدة، ولا يقال إتيانةً واحدة إلا في اضطرارِ شاعر، وهو قبيح لأنّ المصادر كلها إذا جعلت واحدةً رُدّت إلى بناءِ فعلِها، وذلك إذا كان الفِعْل على فعل، فإذا دخلت في الفعل زياداتٌ فوقَ ذلك أُدخِلت فيها زياداتُها في الواحدة، كقولنا إقبالةً واحدة. قال شاعرٌ في الأتْيِ:
إنّي وأَتْيَ ابنِ غَلاَّقٍ ليَقْريَنِي
كغابِطِ الكَلْبِ يَرْجُو الطِّرْقَ في الذَّنَبِ(4)
وحكى اللِّحيانيّ إتْيَانَة. قال أبو زيد: يقال تِني بفلان: أئتني، وللاثنين تِياني
أتي
__________
(1) السهو: اللين. والأراجيح: اهتزاز الإبل في رتكانها. وفي الأصل: "المراجيح" صوابه في اللسان
(3: 271). ورواية عجزه فيه:
* على ربذ سهو الأراجيح مرجم *
(2) هو خالد بن زهير الهذلي، كما في اللسان (18: 18) يقوله لأبي ذؤيب الهذلي، كما في ديوان الهذليين ص(1: 165) من القسم الأول طبع دار الكتب.
(3) هو البيت 17 من المفضلية 42.
(4) البيت لرجل من بني عمرو بن عامر يهجو قوماً من بني سليم، كما في اللسان (غبط) وانظر الحيوان
(2: 169) والميداني (2: 20)(1/72)
به، وللجمع تُوني به، وللمرأة تيني به، وللجمع تِينَني. وأتيت الأمرَ منْ مأتاهُ ومأْتاتهِ. قال:
وحاجةٍ بتُّ على صِماتِها(1)
أتيتُها وَحْدِيَ مِنْ مأتاتها(2)
قال الخليل: آتَيت فلاناً* على أمره مؤاتاةً، وهو حُسْن المطاوعة. ولا يقال واتَيْتَهُ إلا في لغة قبيحةٍ في اليمن. وما جاء من نحو آسيت وآكلت وآمرت وآخيت، إنما يجعلونها واواً على تخفيف الهمزة في يُوَاكل ويُوَامر ونحو ذلك. قال اللِّحيانيّ: ما أتيتَنا حَتّى استأتيناك، أي استبْطَأناك وسألناكَ الإتيان. ويقال تأتَّ لهذا الأمر، أي ترفَّقْ له. والإيتاء الإعطاء، تقول آتى يؤتي إيتاء. وتقول هاتِ بمعنى آتِ أي فاعِلْ، فدخلت الهاء على الألف. وتقول تأتىّ لفلانٍ أمرُه، وقد أتّاه الله تأْتيةً. ومنه قوله:
* وتأتى له الدَّهْرُ حَتّى جَبَرْ *
وهو مخفف من تأتّى. قال لَبيد:
* بمؤتَّرٍ تَأْتَى لَهُ إبهامُها(3) *
قال الخليل: الأتيّ ما وقع في النّهر من خشبٍ أوْ وَرَق ممّا يَحبِس الماء. تقول أَتِّ لهذا الماء أي سهّل جَرْيَهُ. والأتِيّ عند العامة: النهر الذي يجري فيه الماء إلى
أتي
الحوض، والجمع الأُتِيُّ والآتاءُ. والأَتِيُّ أيضاً: السَّيل الذي يأتي من بلدٍ غيرِ بلدك. قال النابغة:
خَلَّتْ سَبيلَ أتِيٍّ كانَ يحبِسُه
وَرَفّعَته إلى السَّجْفَينِ فالنَّضَدِ
__________
(1) في الأصل: "مؤتاتها" صوابه ما أثبت من اللسان (18: 15).
(2) على صماتها، بالكسر: أي على شرف قضائها. والبيت في اللسان (2: 361/18: 15).
(3) ويروى: "تأتاله" من قولك ألت الأمر أصلحته. وصدره في المعلقة:
* بصبوح صافية وجذب كرينة *(1/73)
قال بعضهم: أراد أتِيّ النُّؤى، وهو مَجراهُ، ويقال عَنَى به ما يحبِس المجرى من ورقٍ أو حشيش. وأتْيت للماء تأتيةً إذا وجَّهت له مَجْرىً. اللِّحيانيّ: رجل أَتِيٌّ إذا كان نافذاً. قال الخليل: رجلٌ أتيٌّ، أي غريبٌ في قومٍ ليس منهم. وأَتاوِيٌّ كذلك. وأنشد الأصمعي:
لا تَعدِلَنَّ أتاويِّينَ تضرِبُهُمْ
نكْباءُ صِرٌّ بأصحَاب المُحِلاّتِ(1)
وفي حديث ثابت بن الدّحْدَاح(2): "إنما هو أتِيٌّ فينا". والإتاء: نَماء الزّرع والنخل. يقال نخلٌ ذو إتاءٍ أي نماء. قال الفرّاء: أتَتِ الأرضُ والنخلُ أتْواً، وأتى الماءُ إتاءً، أي كثُر. قال:
وبعضُ القول ليس له عِناجٌ
كسَيْل الماء ليس له إتاءُ(3)
وقال آخر:
هنالك لا أبالي نَخْلَ سَقْيٍ
ولا بَعْلٍ وإنْ عظُمَ الإتاءُ(4)
أتب - أثر
(أتب) الهمزة والتاء والباء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يشتمل به الإبط، قميصٌ غير مَخِيط الجانبين. قال امرؤ القيس:
مِنَ القاصِرات الطّرف لو دَبَّ مُحْوِلٌ
من الذَّرِّ فوقَ الإتْبِ منها لأَثّرَا
__________
(1) روايات البيت وتخريجاته في حواشي الحيوان (5: 97) وسيأتي في (نكب).
(2) في اللسان: "وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل عاصم بن عدي عن ثابت بن الدحداح وتُوُفِّي: هل تعلمون له نسباً فيكم؟ فقال: لا، إنما هو أتيّ فينا. قال: فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بميراثه لابن أخته".
(3) رواية اللسان: (عنج، أني) "كمخض الماء".
(4) السقي: ما شرب بماء الأنهار والعيون الجارية. والبعل، ما رسخت عروقه في الماء فاستغنى عن أن يسقي. والبيت لعبد الله بن رواحة الأنصاري كما في اللسان (بعل، أتى، سقى). قال ابن منظور: "عنى بهنالك موضع الجهاد. أي أستشهد فأرزق عند الله فلا أبالي نخلاً ولا زرعا".(1/74)
قال الأصمعيّ: هو البقيرة، وهو أنْ يُؤخَذ بُردٌ فيشقّ، ثم تُلقيه المرأةُ في عُنُقها من غير كُمَّينِ ولا جَيْب. قال أبو زيد: أتَّبْت المرأةُ أُؤَتِّبُها إذا ألبستَها الإتْب. قال الشيبانيّ: التأتُّبُ أن يجعل الرّجلُ حِمالةَ القَوس في صدره ويُخرِجَ مَنكِبيه منها فتصيرَ القوسُ على كَتفيه. قال النُّميريّ: المِئْتَبُ المِشْمَل وقد تأتّبَه إذا ألقاه تحت إبطه ثم اشتمل. ورجل مُؤَتَّب الظهر، ويقال مُؤْتَبٌ، أي أجنَؤُهُ. قال:
* على حَجَليٍّ راضعٍ مُؤْتَبِ الظَّهْرِ *
(باب الهمزة والثاء وما يثلثهما)
(أثر) الهمزة والثاء والراء، له ثلاثة أصول: تقديم الشيء، وذكر الشيء، ورسم الشيء الباقي. قال الخليل: لقد أثِرْتُ بأن أفعل كذا، وهو همٌّ في عَزْم. وتقولُ افعل يا فلان هذا آثِراً ما، وآثِرَ [ذي] أثير، أي إنْ اخترتَ(1) ذلك الفعل فافعلْ هذا إمّا لا. قال ابنُ الأعرابيّ: معناه افعلْه أوّلَ كلِّ شيء. قال عُروة بن الورد:
أثر
وقالوا ما تَشاءُ فقلتُ ألهُو
إلى الإصباح آثِرَ ذي أثيرِ
والآثِر بوزن فاعل. وأمّا حديث عمر: "ما حَلَفتُ بعدها آثِراً ولا ذاكراً" فإنه يعني بقوله آثِراً مُخْبِراً عن غيري أنه حَلَف به. يقول لم أقل إنّ فلاناً قال وأبي لأفعلنّ. من قولك أثَرْتُ الحديثَ، وحديثٌ مأثور. وقوله: "ولا ذاكرا" أي لم أذكُرْ ذلك عن نفسي. قال الخليل: والآثِر الذي يؤثِّرُ خُفّ البعير(2). والأثير من الدوابّ: العظيم الأثر في الأرض بخُفّهِ أو حافِرِه.
__________
(1) في الأصل: "أخرت" صوابه من اللسان.
(2) في اللسان: "وأثر خف البعير يأثر أثراً وأثره: حزه" يجعلون له في باطن خفه سمة ليعرف أثره في الأرض إذا مشى.(1/75)
قال الخليل: والأثَر بقيّة ما يُرَى من كلّ شيء وما لا يرى بعد أن تبقى فيه علقة . والأَثَار الأثَر، كالفلاح والفَلَح، والسَّداد والسَّدَد. قال الخليل: أثَر السَّيف ضَرْبته. وتقول: "من يشتري سَيْفي وهذا أَثَرُه" يضرب للمُجرَّب المخْتَبَر. قال الخليل: المئثرة مهموز: سكين يؤثَّر بها في باطن فِرْسِنِ البَعير(1)، فحيثما ذهَب عُرِف بها* أثَرُه، والجمع المآثر. قال الخليل: والأثَر الاستقفاء والاتّباع، وفيه لغتان أثَر وإثْر. ولا يشتقّ من حروفه فعلٌ في هذا المعنى، ولكن يقال ذهبت في إثرِه. ويقولون: "تَدَعُ العَيْنَ وتَطْلُبُ الأثَر" يضرب لمن يترك السُّهولة إلى الصُّعوبة. والأثير: الكريم عليك الذي تُؤْثِره بفَضْلك
وصِلَتك. والمرأة الأثيرة، والمصدر الأثَرَة، تقول عندنا أَثَرَةٌ. قال أبو زَيد:
رجل أثيرٌ على فَعيل، وجماعة أَثِيرُونَ، وهو بيّن الأثَرة، وجمع الأثير
أثر
أُثَراءُ(2). قال الخليل: استأثر الله بفلانٍ، إذا مات وهو يُرجى له الجنّة(3) وفي الحديث : "إذا استأثر اللهُ بشيءٍ فَالْهَ عنه" أي إذا نهى عن شيءٍ فاتركْه. أبو عمرو بن العلاء: أخذت ذلك بلا أثَرَهٍ عليك، أي لم أستأثِر عليك. ورجلٌ أثُرٌ على فَعُلٍ(4)، يستأثر على أصحابه. قال اللِّحيانيّ: أخذتُه بِلاَ أُثْرَى عليك. وأنشد:
فقلت له يا ذئبُ هل لَكَ في أخٍ
يُواسي بلا أُثْرَى عَليك ولا بُخْلِ(5)
__________
(1) فرسن البعير: خفه. وفي الأصل: "فرس"، تحريف.
(2) في الأصل: "رجل أثر على فعل وجماعة أثرون… وجمع الأثر أثراء"، والوجه ما أثبت. انظر اللسان
(5: 62 س14-15).
(3) في الحيوان (1: 335): "وجاء عن عمر ومجاهد وغيرهما النهي عن قول القائل: استأثر الله بفلان".
(4) كذا ضبط بالأصل. ويقال أيضاً "أثر" بكسر الثاء وإسكانها، كما في اللسان.
(5) البيت في اللسان (5: 63).(1/76)
وفي الحديث: "سترون بعدي أَثَرَةً" أي [مَنْ] يستأثرون بالفَيء. قال
ابنُ الأعرابيّ: آثرتُه بالشيء إيثاراً، وهي الأَثَرَة والإثْرَة، والجمع الإثَر.
قال:
لم يُؤْثروكَ بها إذ قدَّمُوكَ لها
لا بَلْ لأنفُسهم كانت بك الإثَرُ(1)
والأَثَارة: البقية من الشيء، والجمع أثارات، ومنه قوله تعالى: { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ } [الأحقاف 4]. قال الأصمعيّ: الإِبلُ على أَثارةٍ، أي على شحمٍ قديم. قال:
أثر
وذاتِ أَثَارةٍ أكلَتْ عليها
نَباتاً في أَكِمَّتِهِ تُؤَامَا(2)
قال الخليل: الأَثْرُ في السيف شبه الذي يقال له الفِرنْد، ويسمّى السيفُ مأثوراً لذلك. يقال منه أَثَرْتُ السيف آثُرُهُ أَثْراً إذا جلَوْتَه حتى يبدُوَ فِرِنْدُه. الفرّاء: الأثر مقصور(3) بالفتح أيضاً. وأنشد:
جلاها الصّيْقلونَ فأبْرَزُوها
فجاءت كلُّها يَتَقِي بأَثْرِ(4)
قال: وكان الفرّاء يقول: أَثَرُ السيف محرّكة، وينشد:
كأنّهُمْ أسْيُفٌ بِيضٌ يمانِيَةٌ
صَافٍ مضاربُها باقٍ بها الأَثَرُ(5)
قال النَّضر: المأثورة من الآبار التي اخْتُفِيت قَبلَك(6) ثم اندفَنتْ ثم سَقَطْتَ أنت عليها، فرأيْتَ آثار الأرْشيةِ والحِبال، فتلك المأثورةُ. حكى الكلبيّ أثِرْت بهذا المكان أي ثبتُّ فيه. وأنشد:
فإنْ شئتَ كانَتْ ذِمَّةُ الله بيننا
وأعْظَمُ مِيثاقٍ وعَهْدُ جِوارِ
مُوادعةً ثم انصرفْتُ ولم أدَعْ
قَلُوصِي ولم تَأْثَرْ بسُوءِ قَرَارِ
__________
(1) البيت للحطيئة من شعر يمدح به عمر، انظر ديوانه 81 واللسان (5: 62) ونوادر أبي زيد 87.
(2) روي البيت في اللسان (أثر 62) للشماخ وقافيته فيه "ففارا" والبيت بروايته ليس في ديوان الشماخ.
(3) أي مقصور الهمزة لا ممدودها.
(4) البيت لخفاف بن ندبة كما في اللسان. يتقي، مخفف يتّقي.
(5) ويروى : "غضب مضاربها" و"بيض مضاربها" كما في اللسان.
(6) اختفيت بالبناء للمفعول: استخرجت وأظهرت.(1/77)
قال أبو عمرو: طريق مأثورٌ، أي حديث الأثَر. قال أبو عُبيد:
أثف
إذا تخلَّص اللبَن من الزُّبد(1) وخَلَص فهو الأُثْر. قال الأصمعيّ: هو الأُثْر بالضم. وكسَرَها يعقوبُ. والجمع الأُثُور. قال:
وتصدُرُ وهي راضيةٌ جميعاً
عَنَ امري حين آمُرُ أو أُشِيرُ
وأنت مؤخَّرٌ في كلِّ أمرٍ
تُوَارِبُكَ الجَوازِمُ والأُثُورُ
تواربك أي تَهُمُّك، من الأَرَب وهي الحاجة. والجوازم: وِطابُ اللبن المملوّة.
(أثف) الهمزة والثاء والفاء يدلّ على التجمُّع والثَّبات. قال الخليل: تقول تأَثَّفت بالمكان تأثُّفاً، أي أقمتُ به، وأَثَفَ القومُ يَأْثِفون أَثْفاً، إذا استأخروا وتخلَّفوا. وتأثَّف القوم اجتمعوا. قال النابغة:
* ولو تأثَّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ(2) *
أي تكنَّفُوك فصاروا كالأثافيّ. والأثفيّة هي الحجارة تُنصَب عليها القِدْر، وهي أفْعُولة من ثَفّيت، يقال قِدْرٌ مُثَفّاة. ويقولون مؤثَّفة، والمُثَفّاة أعرف وَأعمّ. ومَن العرب من يقول مُؤَثْفَاةٌ بوزن مُفَعْلاة في اللفظ، وَإنما هي مُؤَفْعَلة، لأنّ أَثْفَى يُثْفَى على تقدير أفعل يُفعَل، ولكنّهم ربما تركوا ألف أفعل يُؤَفْعَل، لأنّ أفعل أخرِجت من حدّ الثلاثي بوزن الرباعي.
أثل
وقد جاء: كِساءٌ مُؤَرْنَبٌ، أثبتوا الألفَ التي كانت في أرنب، وهي أفعل، فتركوا في مُؤفعل همزة. ورجل مُؤَنْمَل للغليظ الأنامل. قال:
* وصالياتٍ كَكَما يُؤَثْفيْن(3) *
__________
(1) في الغريب المصنف 87: "من الثفل". وفي اللسان (5: 64): "وقيل هو اللبن إذا فارقه السمن".
(2) الرفد: جمع رفدة. وصدر البيت:
* لا تقذفني بركن لا كفاء له *
(3) من رجز للخطام المجاشعي. انظر الخزانة (1: 367/ 2: 353/ 4: 173) واللسان (ثفى).(1/78)
قال أبو عبيد: يقال الإثفيّة أيضاً بالكسرة. قال أبو حاتم: الأثافيّ كواكبُ بحيال رأس القِدْر(1)، كأثافي القِدْر. والقِدْر أيضاً كواكبُ مستديرة. قال الفرّاء: المثفّاة سِمَةٌ على هيئة الأثافيّ*. ويقال الأثافيّ أيضاً. قال: ويقال امرأةٌ مُثَفّاة أي مات عنها ثلاثة أزواج، ورجل مثَفّىً تزوج ثلاثَ نسوة. أبو عمرو: أثَفَه يأثِفُه طلَبَه. قال:والأثِف الذي يتبع القوم، يقال مرّ يَأثِفُهم ويُثَفِّيهم، أي يتبعهم. قال أبو زيد: أثَفَه يأثِفُهُ طردَه. قال ابنُ الأعرابي: بَقِيَتْ من بني فُلانٍ أُثْفِيّةٌ خَشْناء، إذا بقي منهم عددٌ كثير وجماعة عزيزة. قال أبو عمرو: المؤثَّفُ من الرِّجال القصير العريض الكثير اللحم. وأنشد:
ليس من القُرّ بمُسْتَكِينِ
مؤَثَّفٍ بلَحْمه سَمِينِ
(أثل) الهمزة والثاء واللام يدلُّ على أصْلِ الشيءِ وتجَمُّعِه.قال الخليل: الأَثْل شجرٌ يُشبه الطَّرْفاء إلا أنه أعظمُ منه وأجود عُوداً منه، تُصنَع منه
الأقداحُ الجِياد. قال أبو زياد: الأثْل من العِضاهِ طُوَالٌ في السماء، له
أثل
هدَب طُوالٌ دُقَاقٌ لا شوكَ له. والعرب تقول: "هو مُولَعٌ بنحْتِ أَثْلَتِه" أي مُولَعٌ بثَلْبِهِ وشَتْمه. قال الأعشى:
ألَسْتَ مَنْتَهِياً عن نحتِ أثلتِنا
وَلَسْتَ ضائِرَها ما أطَّتِ الإبلُ(2)
قال الخليل: تقول أَثَّلَ فلانٌ تأثيلاً، إذا كثر مالُه وحسُنَتْ حالُه. والمتأثِّل: الذي يجمع مالاً إلى مال. وتقول أثَّل الله مُلْكَك أي عظَّمه وكثّره. قال:
* أثَّلَ مُلْكاً خِنْدِفيّاً فَدْغَما(3) *
__________
(1) انظر الأزمنة والأمكنة (1: 189س 1-2 و 316) وهي التي تسمى الهقعة.
(2) في الأصل: "أثلته" صوابه في اللسان. وانظر ديوانه 46 والمعلقات 248.
(3) خندفي: منسوب إلى خندف. والفدغم: الضخم.(1/79)
قال أبو عمرو: الأثال المَجْد أو المال. وحكاها الأصمعيّ بكسر الهمزة وضمّها وأثَلَة كلِّ شيءٍ أصلُه. وتأثّلَ فلانٌ اتخّذ أصلَ مالٍ. والمتأثِّل من فروع الشجر الأثيث. وأنشد:
والأصلُ ينبُتُ فَرْعُهُ متأثِّلاً
والكفُّ ليسَ بَنَانُها بسَواءِ
قال الأصمعيّ: أثّلْتُ عليه الدُّيونَ تأثيلاً أي جمعتها عليه، وأثّلتْهُ برجال أي كثَّرْتُه بهم. قال الأخطل:
أَتَشْتُمُ قوماً أثّلوكَ بنَهْشَلٍ
ولولا همُ كنتمْ كعُكْلٍ مَوالِيَا(1)
ويقال تأثَّلْتُ للشّتاء أي تأهَّبت له. قال أبو عبيدة: أُثال اسم جبل. قال ابنُ الأعرابيّ في قوله:
أثم
تُؤَثِّلُ كَعبٌ عليّ القضاءَ
فرَبّي يُغَيِّرُ أعمالَها(2)
قال: تؤثِّلُ، أي تلزمنيه. قال ابنُ الأعرابيّ والأصمعيّ: تأثلت البئر حفرتها. قال أبو ذؤيب:
وقد أرْسَلُوا فُرَّاطَهُمْ فتأثَّلُوا
قَلِيباً سَفَاهَا كالإماءِ القَواعِدِ(3)
وهذا قياسُ الباب، لأنّ ذلك إخراج ما قد كان فيها مؤثَّلا.
(أثم) الهمزة والثاء والميم تدلُّ على أصلٍ واحد، وهو البطء والتأخُّر. يقال ناقة آثِمةٌ أي متأخِّرة. قال الأعشى:
* إذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرا(4) *
__________
(1) ديوان الأخطل 66 يخاطب بالشعر جريراً.
(2) اللسان (13: 9).
(3) عني بالقليب ها هنا القبر. سقاها: ترابها. وفي الأصل: "أسقاها" صوابه في الديوان 122 واللسان
(13: 9).
(4) أنشده في اللسان (أثم) وكذا في (كذب) وقال: "وكذب البعير في سيره، إذا ساء سيره". وصدره كما في اللسان والديوان ص70:
* جمالية تغتلي بالرداف *(1/80)
والإثم مشتقٌّ من ذلك، لأنَّ ذا الإثمِ بطيءٌ عن الخير متأخّر عنه. قال الخليل: أثِمَ فلانٌ وقع في الإثم، فإذا تَحَرَّج وكَفّ قيل تأثّم كما يقال، حَرِجَ(1) وقع في الحَرج، وتحرّج تباعد عن الحَرَج. وقال أبو زيد: رجل أثيمٌ أثُومٌ. وذكر ناسٌ عن الأخفش- ولا أعلم كيف صحّتُه- أنّ الإثم الخمر، وعلى ذلك فسّر
أثن - أثو/ي
قوله تعالى: { قُلْ إنّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثْمَ } [الأعراف 33]. وأنشد:
شَرِبْتُ الإثْمَ حتّى ضَلَّ عَقْلِي
كذاك الإثْمُ تفْعَلُ بالعُقولِ(2)
فإنْ كان هذا صحيحاً فهو القياس لأنّها تُوقِع صاحبها في الإثم.
(أثن) الهمزة والثاء والنون ليس بأصلٍ، وإنما جاءت فيه كلمةٌ من الإبدال، يقولون الأُثُن لغة في الوُثُن(3). ويقولون الأُثْنَة حَرَجة الطَّلْح. وقد شَرَطْنا في أوّلِ كتابنا هذا ألاّ نقيس إلاّ الكلامَ الصحيح.
(أثو/ي) الهمزة والثاء والواو والياء أصلٌ واحدٌ، تختلط الواو فيه بالياء، ويقولون أثَى عليه يَأثي إثَاوَةً وإثَايَةً وأثْوًا وأثْياً، إذا نَمَّ عليه. وينشدون:
* ولا أكون لكم ذا نَيْرَبٍ آثِ *
والنيرب: النميمة. وقال:
وإنّ امرأً يأثُو بسادةِ قَومِهِ
حَرِيٌّ لَعَمرِي أن يُذَمَّ ويُشتَما
أجح - أجد - أجر
(باب الهمزة والجيم وما يثلثهما)
(أجح) الهمزة والجيم والحاء فرعٌ ليس بأصل، وذلك أنّ الهمزة فيه مبدلةٌ من واو، فالأَُِجاح: *السّتر، وأصله وَُِجَاح. وقد ذُكر في الواو.
__________
(1) في الأصل: "تحرج"، صوابه من المجمل لابن فارس.
(2) رواية اللسان (أثل): "تذهب بالعقول"
(3) في اللسان (وثن): "وقد قرئ: إن يدعون من دونه إلا أثنا، حكاه سيبويه" قلت: هي قراءة ابن المسيب، ومسلم بن جندب، ورويت عن ابن عباس، وابن عمر، وعطاء. انظر تفسير أبي حيان
(3: 352) وفيه باقي القراءات الثماني في الآية.(1/81)
(أجد) الهمزة والجيم والدال أصل واحد، وهو الشيء المعقود، وذلك أن الإجَاد الطّاقُ الذي يُعقَد في البِناء، ولذلك قيل ناقةٌ أُجُدٌ. قال النابغة:
فَعَدِّ عَمّا تَرَى إذْ لا ارتِجاعَ له
وانْمِ القُتُودَ على عَيرانةٍ أُجُدِ
ويقال هي مُؤْجَدة القَرَى. قال طَرَفة:
صُهَابِيَّةُ العُثْنُونِ مُؤْجَدَةُ القَرَى
بَعِيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوّارَةُ اليَدِ
وقيل هي التي تكون فَقارُها عظماً واحداً بلا مَفْصِل، وهذا ممّا أجمع عليه أهل اللغة، أعني القياسَ الذي ذكرتُه.
(أجر) الهمزة والجيم والراء أصلان يمكن الجمعُ بينهما بالمعنى، فالأول الكِراء على العمل، والثاني جَبْر العظم الكَسِير. فأمّا الكِراء فالأجر والأُجْرة. وكان الخليل يقول: الأجْر جزاء العمل، والفعل أجَرَ يَأجُرُ أَجْرا، والمفعول
أجر(1/82)
مأجور. والأجير: المستأجَر. والأَُِجَارة ما أعطيتَ مِنْ أجرٍ في عمل وقال غيره: ومن ذلك مَهر المرأة، قال الله تعالى: { فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } [النساء 24،
الطلاق 6]. وأمَّا جَبْر العظم فيقال منه أُجِرَتْ يدُه. وناسٌ يقولون أَجَرَتْ يَدُه(1). فهذان الأصلان والمعنى الجامع بينهما أنّ أُجْرَة العامِل كأنَّها شيءٌ يُجْبر به حالُه فيما لحِقه من كَدٍّ فيما عمله. فأمّا الإجّار فلغةٌ شاميّة، وربّما تكلّم بها الحجازيُّون. فيروى أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَن باتَ على إجّارٍ ليس عليه ما يردُّ قدمَيْهِ فقد برِئَتْ منه الذِّمَّة". وإنّما لم نذكُرْها في قياسِ الباب لِمَا قلْناه أنّها ليست من كلام البادية. وناسٌ يقولون إنجْار(2)، وذلك مما يُضعِف أمْرَها. فإنْ قال قائلٌ: فكيف هذا، وقد تكلّم بها رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قيل له ذلك كقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "قومُوا فقد صَنَع جابرٌ لكم سُوراً" وسُورٌ فارسيّة، وهو العُرْس(3). فإن رأيتَها في شِعرٍ فسبيلُها ما قد ذكرناه. وقد أنشد أبو بكر بن دريد:
* كالحبَشِ الصَّفِّ على الإجّارِ(4) *
شبّه أعناق الخيلِ بحبَشٍ صَفٍّ على إجّارٍ يُشْرِفُون.
أجص - أجل
(أجص) الهمزة والجيم والصاد ليست أصلاً، لأنَّه لم يجئْ عليها إلاّ الإجّاص. ويقال إنّه ليس عربيّاً، وذلك أن الجيم تقلّ مع الصاد.
__________
(1) الجوهري : "أجر العظم يأجر ويأجر أجرا وأجوراً: بَرِئ على عثم".
(2) إنجار، بالنون.
(3) العرس، بضم العين، وبضمتين: طعام الإملاك والبناء. وفي الأصل: "الفرس" تحريف وانظر اللسان (سور) والمعرب 192.
(4) أراد كصف الحبش. وقبله كما في الجمهرة (3: 222):
* بدو هواديها من الغبار *(1/83)
(أجل) اعلم أنّ الهمزة والجيم واللام يدلُّ على خمس كلماتٍ متباينة، لا يكادُ يمكنُ حْملُ واحدةٍ على واحدة من جهة القياس، فكلُّ واحدةٍ أصلٌ في نفسها. ورَبُّكَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ. فالأَجَل غاية الوقت في مَحَلِّ الدَّين وغيره. وقد صرّفه الخليلُ فقال أَجِل هذا الشّيءُ وهو يَأْجَلُ، والاسم الآجِل نقيض العاجل والأجيل المُرْجأ، أي المؤخَّر إلى وقتٍ. قال:
* وغايةُ الأَجِيلِ مَهْوَاةُ الرّدَى(1) *
وقولهم "أجَلْ" في الجواب، هو من هذا الباب، كأنّه يريد انتهى وبلغ الغاية. والإجْلُ: القطيع من بقر الوحش، والجمع آجال. وقد تأجّل الصُِّوار: صار قَطِيعاً. والأجْلُ مصدر أجَلَ عليهم شَرّاً، أي جناه وبَحَثَه(2). قال خوّات بن جُبَير(3):
وأهلِ خِباءٍ صَالحٍ ذاتُ بَيْنِهم
قد احتَرَبُوا في عَاجلٍ أنا آجلُه
أي جانيه. والإجْل: وَجَع في العنق، وحكي عن أبي الجرَّاح: "بي إجْلٌ فأجِّلُوني" أي داووني منه. والمأْجَلُ: شبه حوضٍ واسع يؤجَّل فيه ماءُ البئر
أجم
أو القناة أيّاماً ثم يُفَجَّر في الزّرع، والجمع مآجلِ. ويقولون: أجِّلْ لنخلتك، أي اجعل لها مثلَ الحوض. فهذه هي الأصول. وبقيت كلمتان إحداهما من باب الإبدال، وهو قولهم: أجَلُوا مالَهُم يأجِلونه أجْلاً أي حبَسوه، والأصل في ذلك الزاء "أزَلُوه". ويمكن أن يكون اشتقاقُ هذا ومأجَِل الماء واحداً، لأن الماء يُحبَس فيه. والأُخرى قولهم: من أجْلِ ذلك فعلتُ كذا، وهو محمول على أجَلْت الشيء أي جنيته، فمعناه [من] أَنْ أُجِلَ كذا فَعلتُ، أي من أن جُني. فأما
أَجَلَى على فَعَلَى فمكان. والأماكن أكثرها موضوعة الأسماء، غير مَقِيسة.
قال:
__________
(1) في الأصل، "يهواه الردى"، صوابه من اللسان (13: 10).
(2) في اللسان: "جناه وهيجه".
(3) وفي اللسان أنه يروى أيضاً للخنوت، ولزهير من قصيدته التي مطلعها:
صحا القلب عن ليلى وأقصر باطله
وعرى أفراس الصبا ورواحله(1/84)
*حَلَّتْ سُليمى جانبَ الجَريبِ(1)
بِأَجَلَى مَحَلَّةِ الغَرِيبِ
(أجم) الهمزة والجيم والميم لا يخلو من التجمُّع والشدَّة. فأما التجمُّع فالأَجَمَة، وهي مَنْبِت الشجر المتجمِّع كالغيضة(2)، والجمع الآجام. وكذلك الأُجُم وهو الحِصْن. ومثلهُ أُطُم وآطام. وفي الحديث: "حتى توارَتْ بآجامِ المدينة". وقال امرؤ القيس:
وتَيْماءَ لم يَتْرُكْ بها جِذْعَ نخلةٍ
ولا أُجُماً إلا مَشِيداً بجَنْدَلِ(3)
أجن - أجأ
وذلك متجمّع البُنيان والأهل.
وأما الشدّة فقولهم: تأجّم الحَرُّ، اشتدّ. ومنه أجَمْت الطعام مَلِلْته. ذلك أمرٌ يشتدُّ على الإنسان.
(أجن) الهمزة والجيم والنون كلمةٌ واحدة. وأجَنَ الماءُ يَأْجُنُ ويَأجِنُ إذا تغيّر، وهي الفصيحة. وربما قالوا أجِنَ يَأْجَنُ، وهو أَجُونٌ(4). قال:
* كضِفْدِعِ ماءٍ أَجونٍ يَنِقّ *
فأما المِئجنة خشبة القَصَّار فقد ذكرت في الواو. والإجّانُ كلامٌ لا يكاد أهل اللّغة يحقُّونه(5).
(أجأ) جبل لِطَيّ. وقد قلنا إنّ الأماكنَ لا تكاد تنقاس أسماؤُها(6). وقال شاعرٌ في أجأ:
ومن أَجَأٍ حَوْلي رِعانٌ كأنَّها
قنابِلُ خيلٍ من كُميتٍ ومن وَرْدِ(7)
أحد - أحن
(باب الهمزة والحاء وما معهما في الثلاثي)
(أحد) الهمزة والحاء والدال فرع والأصل الواو وَحَد، وقد ذكر في الواو. وقال الدريديّ: ما استأحدت بهذا الأمر أي ما انفردت به.
__________
(1) في الأصل: "الحريب" صوابه بالجيم، كما في الصحاح ومعجم البلدان (أجلى).
(2) في الأصل: "كالفضة"، صوابه من اللسان.
(3) الرواية السائرة: "ولا أطما". ورواية (المجمل) كالمقاييس، وقبلها: "وقد يروى".
(4) ضبطت في الأصل بضم الهمزة هنا وفي الشاهد.
(5) إذ يذهب بعضهم إلى أنه معرب "إكانه" كما في اللسان.
(6) انظر ص65 س7.
(7) البيت لعارق الطائي كما في معجم البلدان (1: 105). وفي الأصل: "قبائل" تحريف.(1/85)
(أحن) الهمزة والحاء والنون كلمةٌ واحدة. قال الخليل: الإحنَة الحِقْد في الصّدر. وأنشد غيرُه:
مَتَى تكُ في صدرِ ابنِ عَمِّكَ إحْنَةٌ
فلا تَسْتَثِرْها سوف يبدُو دفِينُها(1)
وقال آخر في جمع إحْنة:
ما كنتم غيرَ قوم بينكم إحَنٌ
تُطالبونَ بها لو يَنتهي الطَّلَبُ
ويقال أحِنَ عليه يأْحَنُ إحْنة. قال أبو زيد: آحَنْتُهُ مُؤَاحَنَةً، أي عاديته. وربما قالوا: أحِنَ إذا غَضِب.
واعلم أن الهمزة لا تُجامِعُ الحاء إلا فيما ذكرناه، وذلك لقرب هذه من تلك.
أخذ
(باب الهمزة والخاء وما معهما في الثلاثي)
(أخذ) الهمزة والخاء والذال أصل واحد تتفرّع منه فروعٌ متقاربة في المعنى. [أمّا] أخذ فالأصل حَوْز الشيء وجبْيُه(2) وجمعه. تقول أخذت الشيء آخُذه أخذاً. قال الخليل: هو خلاف العطاء، وهو التناول. قال: والأُخْذَةُ رُقْيَةٌ تَأْخُذُ العينَ ونحوَها. والمؤَخَّذ: الرجل الذي تؤخِّذه المرأة عن رأْيه وتُؤَخّذُه عن النّساء، كأنه حُبِس عنهن. والإخَاذة – وأبو عبيد يقول الإخاذ بغير هاء -: مجمع الماء شبيه بالغدير. قال الخليل: لأنّ الإنسان يأخذه لنفسه. وجائزٌ أن يسمّى إخاذاً، لأخْذِه من ماء. وأنشد أبو عُبيدٍ وغيره لعديّ بن زيد يصف مطراً:
فآضَ فيه مثلُ العُهُون من
الرَّوضِ وما ضَنَّ بالإخَاذِ غُدُرْ(3)
وجمع الإخاذ أُخُذ. قال الأخطل:
فظل مرتبِئاً والأُخْذ قد حَمِيَتْ
وظَنَّ أنَََّ سَبِِيلَ الأُخْذِ مَثْمُودُ(4)
__________
(1) البيت للأقيبل القيني، كما في اللسان (16: 146).
(2) في الأصل: "وحيه" والجبي هو أصل قولهم "الإخاذ" التالية.
(3) أنشده في اللسان (5:5)
(4) حميت، من الشمس. والمثمود: الذي فيه بقية من ماء. والبيت محرف في اللسان (5: 5) صوابه ما هنا، وما هنا يطابق الديوان ص149.(1/86)
وقال مسروق بن الأجدع: "ما شبَّهت بأصحاب محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم إلا الإخاذَ، تكفي الإخاذةُ الرّاكبَ وتكفي الإخاذةُ الراكبَينِ وتكفي
أخذ
الإخاذة الفِئَامَ من الناس". ويستعمل هذا القياس في أدواءٍ تأخذ في الأشياء، وفي غير الأدواء، إلا أنّ قياسها واحد. قال الخليل: الآخِذُ من الإبل الذي أخَذَ فيه السمن، وهُنّ الأواخذ. قال: وأخِذَ البعيرُ يَأخَذُ أخَذاً فهو أَخِذٌ، خفيف، وهو كهيئة الجنون يأخذه، ويكون ذلك في الشّاءِ(1) أيضاً. فإنْ قال قائل: فقد مضى القياسُ في هذا النقاء صحيحاً إلى هذا المكان فما قولك في الرَّمَد، فقد قيل: إنّ الأُخُذَ الرَّمدُ والأَخِذُ الرَّمِدُ؟ قيل له: قد قُلْنَا إنّ الأدواء تسمَّى بهذا لأخْذها الإنسان وفيه. وقد قال مفسِّرُو شعرِ هذيلٍ في قول أبي ذؤيب:
يَرْمي الغُيوب بعينَيهِ ومَطْرِفُه
مُغْضٍ كما كَسَفَ المستأخَذُ الرَّمِدُ(2)
يريد أنّ الحمار يرمي بعينيه كلَّ ما غاب عنه ولم يره، وطرفُه مُغْضٍ،
*كما كَسف المستأخَذ الذي قد اشتدّ رمدُه أي اشتدّ أَخْذُه له، واستأخذ الرَّمد فيه فكسَفَ نكّس رأسه، ويقال غَمّض. فقد صحّ بهذا ما قلناه أنه سمّي أُخُذاً لأنه يستأخِذ فيه. وهذه لفظةٌ معروفة، أعني استأخذ، قال ابن أبي ربيعة:
إليْهم متى يَسْتأخِذُ النَّوْمُ فيهمُ
ولي مجلسٌ لولا اللُّبَانَةُ أَوْعَرُ
فأمّا نجوم الأخْذ فهي منازل القمر، وقياسها ما قد ذكرناه، لأنّ القمر يأخُذ كلَّ ليلةٍ في منزلٍ منها. قال شاعر:
أخر - أخو
وأَخْوَتْ نُجومُ الأَخْذِ إلا أَنِضَّةً
__________
(1) في الأصل: "الشتاء" صوابه في اللسان (5: 6).
(2) ديوان أبي ذؤيب 125 واللسان (أخذ، كسف). وفي الجمهرة (3: 237): "ويروى المستأخذ الرمد. وهو الجيد"، يعني بفتح الخاء.(1/87)
أَنِضَّةَ مَحْلٍ ليس قاطرها يُثْرِي(1)
(أخر) الهمزة والخاء والراءُ أصل واحدٌ إليه ترجع فروعُه، وهو خلاف التقدُّم. وهذا قياسٌ أخذْناه عن الخليل فإنّه قال: الآخِر نقيض المتقدّم. والأُخُر نقيض القُدُم، تقول مضى قُدُما وتأخَّرَ أُخُراً. وقال: وآخِرَة الرحل وقادمته ومُؤَخّر الرّحْل ومقَدّمه. قال: ولم يجئْ مُؤْخِر مخفّفة في شيء من كلامهم إلا في مُؤْخِر العين ومُقْدم العين فقط. ومن هذا القياس بِعتُك بيعاً بِأَخِرَةٍ أي نَظِرَة، وما عرفته إلا بأَخَرَة. قال الخليل: فعل الله بالأَخِرِ أي بالأَبْعد. وجئت في أُخْرَياتهم وأُخْرَى القوم. قال:
* أنا الذي وُلِدْتُ في أُخرَى الإبِلْ(2) *
وابن دريد يقول: الآخِر تَالٍ للأوَّل. وهو قريبٌ ممّا مضى ذكره، إلاّ أنّ قولنا قال آخِر الرّجُلين وقال الآخِر، هو لقول ابن دريد أشد مُلاءمةً وأحسَنُ مطابقة. وأُخَرُ: جماعة أُخْرَى.
(أخو) الهمزة والخاء والواو ليس بأصلٍ، لأنّ الهمزة عندنا مبدلة من واو، وقد ذكرت في كتاب الواو بشرحها، وكذلك الآخِيَّة.
أدر - أدل - أدم
(باب الهمزة والدال وما معهما في الثلاثي)
(أدر) الهمزة والدال والراء كلمةٌ واحدة، فهي الأَدْرَةُ والأَدَرَةُ، يقال أَدِرَ يَأْدَرُ، وهو آدَرُ. قال:
نُبِّئتُ عتْبةَ خَضّافَاً تَوَعَّدَنِي
يا رُبَّ آدَرَ من مَيْثاءَ مَأْفُونِ
__________
(1) اللسان(أخذ، نضض، خوى) والأزمنة والأمكنة للمرزوقي (1: 185). ويثرى: يبل الثرى. وفي الأصل: "نترى" تحريف. وسيأتي في (خوي) .
(2) اللسان (5: 69).(1/88)
(أدل) الهمزة والدال واللام أصلٌ واحدٌ يتفرّع منه كلمتان متقاربتان في المعنى، متباعدتان في الظَّاهر. فالإدْلُ اللّبَنُ الحامض. والعرب تقول: جاء بِإدْلَةٍ ما تُطاقُ [حَمَضاً (1)]، أي من حموضتها. قال ابن السكّيت: قال الفرّاء: الإدْلُ وجَع العنق. فالمعنى في الكراهة واحد، وفيه على رواية أبي عبيد قياسٌ أجود ممّا ذكرناه، بل هو الأصل. قال أبو عبيد: إذا تلبّد اللبن بعضُه على بعضٍ فلم ينقطع فهو إدْلٌ(2). وهذا أشبهُ بما قاله الفرّاء، لأنّ الوجع في العنق قد يكون من تضامِّ العروق وتلَوِّيها.
(أدم) الهمزة والدال والميم أصلٌ واحد، وهو الموافقة والملاءمة، وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمُغيرةِ بن شُعْبة- وخَطَب المَرْأَةَ-: "لو نظَرْتَ إليها، فإنّه أحْرَى أن يُؤْدَمَ بينكما". قال الكسائيّ: يُؤدَم يعني أن يكون بينهما
أدم
المحبّة والاتفاق، يقال أَدَمَ يَأدِمُ أَدْماً. وقال أبو الجرّاح العُقَيليّ مِثْلَه. قال أبو عُبيد: ولا أرى هذا إلاّ من أَدْمِ الطّعام، لأنّ صلاحَه وطِيبه إنّما يكون بالإدام، وكذلك(3) يقال طعام مَأْدوم. وقال ابن سيرِينَ في طعام كفّارة اليمين: "أَكْلَةٌ مأْدُومَةٌ حَتّى يَصُدُّوا". قال: وحدّثني بعضُ أهل العلم أنّ دُريدَ بنَ الصِّمّة أراد أن يطلق امرأته فقالت: "أبا فلان، أتُطَلِّقُني، فوالله لقد أطعمتك مأدُومي وأبْثَثْتُك مكتومي، وأتيتُك بَاهِلاً غيرَ ذاتِ صرار(4)". قال أبو عبيد: ويقال آدَم اللهُ بينهما يُؤْدِم إيداماً فهو مُؤْدَمٌ بينهما. قال الشاعر:
* والبيضُ لا يُؤْدِمْنَ إلاّ مُؤْدَمَا(5) *
__________
(1) التكملة من اللسان (أول) والغريب المصنف 84.
(2) النص في الغريب المصنف 84.
(3) في اللسان (14: 273): "ولذلك".
(4) القصة في اللسان (14: 274)، وستأتي في (بهل).
(5) البيت وتفسيره في اللسان (14: 273).(1/89)
أي لا يُحبِبْنَ إلا مُحَبَّباً موضعاً لذلك. ومن هذا الباب قولهم جعلت فلاناً أدمَةَ أهلي أي أُسْوتهم، وهو صحيح لأنُه إذا فعل ذلك فقد وفّق بينهم. والأدَمَةُ الوسيلة إلى الشيء، وذلك أنّ المخالِف لا يُتوسَّل به. فإن قال قائلٌ: فعلى أيِّ شيء تحمل الأدَمة وهي باطن الجلد؟ قيل له: الأدَمة أحسن ملاءمة للَّحْم من البشرة، ولذلك سُمّي آدم عليه* السلام؛ لأنّه أخذ من أدَمة الأرض.
ويقال هي الطبقة الرابعة. والعرب تقول مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، أي قد جمع لِينَ الأدَمة وخشونة البشَرة. فأما اللّون الآدَم فلأنّه الأغلبُ على بني آدم. وناس تقول: أديم الأرض وأَدَمَتُها وجهها.
أدو
(أدو) الهمزة والدال والواو كلمةٌ واحدة. الأدْوُ كالخَتْل والمراوَغَة. يقال أدا يأدُوا أدْواً. وقال:
أدَوْتُ له لآخذه
فهيهات الفتى حَذِرا(1)
وهذا شيءٌ مشتقٌّ من الأداة، لأنّها تعمل أعمالاً حتّى يُوصَل بها إلى ما يراد. وكذلك الخَتْل والخَدْع يَعْملانِ أعمالاً. قال الخليل: الألف التي في الأداة لا شك أنّها واو، لأنّ الجِماع أدواتٌ. ويقال رجلٌ مُؤْدٍ عَامِلٌ. وأداةُ [الحرب(2)]: السِّلاحُ. وقال:
أمُرُّ مُشِيحاً مَعِي فِتْيَةٌ
فمِن بينِ مُؤْدٍ و[مِنْ] حاسرِ
ومن هذا الباب: استأديت على فلانٍ بمعنى استعديت، كأنّك طلبت به أداةً تمكِّنُك من خَصْمك. وآدَيْتُ فلاناً أي أعَنْتُه. قال:
__________
(1) في اللسان (17: 25): "حذراً" وقال: "نصب حذراً بفعل مضمر، أي لا يزال حذراً". وورد البيت في الأصل: "لتأخذه فهيهات الفتى حذر"، وصواب روايته من اللسان والجمهرة (3: 276).
(2) تكملة بها يلتئم الكلام. وفي اللسان: "وأداة الحرب سلاحها".(1/90)
* إنِّي سأُوديك بسَيْرٍ وكْزِ(1) *
أدي - أدب
(أدي) الهمزة والدّال والياء أصلٌ واحد، وهو إيصال الشيء إلى الشيء أو وصوله إليه من تلقاء نفسه. قال أبو عبيد: تقول العرب للَّبَن إذا وصل إلى حال الرُّؤوبِ، وذلك إذا خَثُر: قد أدى يَأْدي أُدِيّاً. قال الخليل: أدّى فلان يؤدّي ما عليه أداءً وتَأْدِيَةً. وتقول فلانٌ آدَى للأمانة منك(2). وأنشد غيره:
أدّى إلى هِنْدٍ تَحيَّاتِها
وقال هذا من وَدَاعي بِكِرْ(3)
(أدب) الهمزة والدال والباء أصل واحد تتفرع مسائله وترجع إليه: فالأدْب أن تجمع النّاس إلى طعامك. وهي المَأْدَبَة والمأدُبَة. والآدِب الداعي. قال طرفة:
نحنُ في المَشْتاةِ ندْعُو الجَفَلَى
لا تَرَى الآدبَ فينا ينتقِرْ
والمآدِب: جمع المأدَُبَة، قال شاعر:
كأنَّ قُلوبَ الطَّيرِ في قعر عُشِّها
نَوَى القَسْبِ مُلْقىً عند بَعْضِ المآدبِ(4)
أذن
__________
(1) البيت في اللسان (17: 345/ 18: 26) برواية: "بسير وكن". وفسره في (وكن) بأنه سير شديد. لكن رواية الأصل والمجمل أيضاً: "وكز" بالزاي. وهو من قولهم وكر وكزا في عدوه من فزع أو نحوه. ويقال أيضاً وكز يوكز توكيزاً. روى الأخيرة ابن دريد في الجمهرة (3: 17) وقال: "وليس بثبت". ورواية اللسان عن الجمهرة محرفة.
(2) في اللسان: "قال أبو منصور: وما علمت أحداً من النحويين أجاز آدى"
(3) البيت من أبيات لابن أحمر، رواها ابن منظور في اللسان (19: 57) والرواية فيه: "من دواعي دبر"، محرفة. وبكر، أراد بكر، بالكسر، فأتبع الكاف الباء في الكسر.
(4) البيت لصخر الغي، يصف عقاباً. اللسان (1: 200).(1/91)
ومن هذا القياس الأدَبُ أيضاً، لأنّه مُجمَعٌ على استحسانه. فأمَّا حديث عبد الله ابن مسعود: "إنَّ هذا القرآنَ مَأْدُبَةُ الله تعالى فتعلموا(1) مِن مأدُبته" فقال أبو عبيد: من قال مأدبة فإنّه أراد الصّنيع يصنعه الإنسان يدعو إليه النّاس. يقال منه أَدَبْتُ على القوم آدِبُ أَدْباً، وذكر بيت طرفة، ثمّ ذكر بيت عدي:
زجِلٌ وَبْلُه يُجَاوِبُهُ دُ
فٌّ لِخُونٍ مَأْدُوبةٍ وزَميرُ(2)
قال: ومن قال مَأْدَبَة فإنّه يذهب إلى الأدَب. يجعله مَفْعَلة من ذلك. ويقال إن الإدْبَ العَجَبُ(3). فإنْ كان كذا فلتجمُّع الناس له.
(باب الهمزة والذال وما معهما في الثلاثي)
(أذن) الهمزة والذال والنون أصلان متقارِبان في المعنى، متباعدان في اللفظ، أحدهما أُذُنُ كلِّ ذي أُذُن، والآخَر العِلْم؛ وعنهما يتفرّع البابُ كلُّه. فأمّا التقارب فبالأُذُن يقع علم كلِّ مسموعٍ. وأمّا تفرُّع الباب فالأذُن معروفة مؤنثة. ويقال لذي الأُذُنِ(4) آذَنُ، ولذات الأُذُن أَذْنَاء. أنشد سلمة عن الفرّاء:
أذن
مثل النّعامة كانت وهي سالمةٌ
أذْنَاءَ حتّى زهاها الحَيْنُ والجُنُنُ(5)
أراد الجنون:
جاءت لتَشرِيَ قَرْناً أو تعوِّضَه
والدَّهرُ فيه رَبَاحُ البيع والغَبنُ(6)
فقيل أُذْناكِ ظُلْمٌ ثمت اصْطُلمت
إلى الصِّماخِ فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ
__________
(1) في الأصل: "فقلموا"، صوابه في اللسان (1: 201).
(2) البيت محرف في اللسان (أدب) وعجزه في (16: 304). وأنشده الجواليقي في المعرب 130 برواية "زجل عجزه" وقال: "يعني أنه يجاوبه صوت رعد آخر من بعض نواحيه كأنه قرع دف يقرعه أهل عرس دعوا الناس إليها". وانظر شعراء النصرانية 454-456.
(3) في اللسان: "الأصمعي: جاء فلان بأمر أدب، مجزوم الدال، أي بأمر عجيب".
(4) أي الأذن الطويلة العظيمة.
(5) الأبيات الثلاثة في اللسان (16: 249).
(6) في الأصل: "رباح العين" صوابه من اللسان.(1/92)
ويقال للرجل السامع من كلِّ أحدٍ أذُنٌ. قال الله تعالى: { وَمِنْهُمُ الّذِينَ يُؤْذُونَ النّبيَّ ويَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ } [التوبة 61]. والأذُن عُروة الكوز، وهذا مستعار. والأَذَنُ الاستماع، وقيل أَذَنٌ لأنه بالأُذُن يكون. وممّا جاء مجازاً واستعارةً الحديث: "ما أذِنَ الله تعالى لشيءٍ كأَذَنِهِ لنبيٍّ يتغنَّى بالقُرآن" وقال عديُّ بنُ زيدٍ:
أيُّها القَلْبُ تَعَلَّلْ بِدَدَنْ
إنَّ هَمِّي في سمَاع و*أَذَنْ
وقال أيضاً:
وسماعٍ يأذَنُ الشَّيخُ لهُ
وحديثٍ مِثْلِ مَاذِيٍّ مُشارِ(1)
أذن
والأصل الآخر العِلْم والإعلام. تقول العرب قد أذِنْتُ بهذا الأمر أي عَلِمْت. وآذَنَني فُلانٌ أعلَمَني. والمصدر الأَذْن والإيذان. وفَعَلَه بإذْني أي بِعِلمي، ويجوز بأمري، وهو قريبٌ من ذلك. قال الخليل: ومن ذلك أذِن لي في كذا. وفي الباب الأذان، وهو اسم التّأذين، كما أنّ العذاب اسمُ التعذيب، وربما حوّلوه إلى فَعِيل فقالوا أذِينٌ. قال:
*حتّى إذا نُودِيَ بالأَذينِ*
والوجه في هذا أنّ الأذين [الأذان(2)]، وحجته ما قد ذكرناه. والأذين أيضاً: المكان يأتيه الأذانُ من كلِّ ناحيةٍ. وقال:
طَهُور الحصى كانَتْ أذيناً ولم تكن
بها رِيبةٌ مما يُخافُ تَرِيبُ
والأذين أيضاً: المؤذِّن. قال الراجز:
فانكشحَتْ له عليها زَمْجَرَهْ
سَحْقاً وما نادَى أَذِينُ المدَرَهْ(3)
__________
(1) الماذي: العسل الأبيض. والمشار: المجتنى. والبيت في اللسان (6: 103/ 16: 148) برواية: "في سماع". وقبله:
وملاه قد تلهيت بها
وقصرت اليوم في بيت عذاري
(2) تكملة يلتئم بها الكلام.
(3) الرجز للحصين بن بكير الربعي، يصف حمار وحش. وبدل الأول في اللسان (16: 150) :
* شد على أمر الورود مئزره *(1/93)
أراد مؤذِّن البيوت التي تبنَى بالطِّين واللّبِن والحجارة. فأما قوله تعالى:
{ وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ } [إبراهيم 7]، فقال الخليل: التّأذُّن من قولك لأفعلنَّ كذا، تريد به إيجاب الفعل، أي سأفعله لا محالة. وهذا قولٌ. وأوضَحُ منه قولُ الفرّاء تأَذَّن رَبُّكم: أَعلَمَ رَبُّكم. وربما قالت العرب في معنى أفعَلْتُ: تفَعَّلْتُ. ومثله أَوْعَدَني وتَوَعَّدني؛ وهو كثير. وآذِنُ الرّجُلِ حاجبُه، وهو من الباب.
أذي - أرز
(أذي) الهمزة والذال والياء أصل واحد، وهو الشيء تتكرّهُه ولا تَقَِرُّ عليه. تقول: آذَيْتُ فلاناً أُوذِيهِ. ويقال بعير أَذٍ وناقةٌ أَذِيَةٌ إذا كان لا يَقَِرّ في مكانٍ من غير وجع، وكأنه يَأْذَى بمكانه.
(باب الهمزة والراء وما معهما في الثلاثي)
(أرز) الهمزة والراء والزاء أصل واحد لا يُخْلف قياسُه بتّةً، وهو التجمّع والتّضامّ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الإسلام ليَأْرِزُ إلى المدينة كما تَأْرِزُ الحيّة إلى جُحرها". ويقولون: أرَزَ فلانٌ، إذا تَقَبَّض من بُخْله. وكان بعضهم(1) يقول: "إنّ فلاناً إذا سئل أَرَزَ، وإذا دُعِي انتَهَزَ". ورجلٌ أَرُوزٌ إذا لم ينبسط للمعروف. قال شاعر(2):
* فذاك بَخَّالٌ أرُوزُ الأَرْزِ *
يعني أنّه لا ينبسط لكنّه ينضمّ بعضُه إلى بعض. قال الخليل: يقال ما بلغ فلانٌ أعلى الجبل إلاّ آرِزاً، أي منقبضاً عن الانبساط في مَشْيه، من شدّة إعيائه. وقد أَعْيا وأرَزَ. ويقال ناقةٌ آرِزَةُ الفَقارَةِ، إذا كانت شديدةً متداخلاً بعضُها في بعض(3). وقال زهير:
أرس - أرش - أرض
__________
(1) هو أبو الأسود الدؤلي، كما في اللسان (أرز). يقول: إذا سئل المعروف تضام وتقبض من بخله ولم ينبسط له، وإذا دعي إلى طعام أسرع إليه.
(2) هو رؤبة. انظر ديوانه 65 واللسان (7: 168) وما سيأتي في (بخل).
(3) في الأصل: "إذا خلا بعضها في بعض"، تحريف.(1/94)
بآرِزَةِ الفَقَارَةِ لم يَخُنْها
قِطَافٌ في الرِّكابِ ولا خِلاء
فأمّا قولُهم لليلة الباردة آرِزَة فمن هذا، لأنّ الخَصِر يتضامّ.
(أرس) الهمزة والراء والسين ليست عربيّة. ويقال إنّ الأراريس الزرّاعون(1)، وهي شاميّة.
(أرش) الهمزة والراء والشين يمكن أن يكون أصلا، وقد جعلها بعضُ أهل العلم فرعاً، وزعَمَ أنّ الأصل الهرشُ، وأنّ الهمزة عوضٌ من الهاء. وهذا عندي متقارب، لأنّ هذين الحرفين -أعني الهمزة والهاء- متقاربان، يقولون إياك وهِيَّاك، وأرقْتُ وهَرَقت. وأيّاً كان فالكلام من باب التحريش، يقال أرَّشْت الحربَ والنارَ إذا أوقدتَهما. قال:
وما كنتُ مِمَّنْ أرَّشَ الحربَ بينهم
ولكنَّ مَسْعوداً جناها وَجُنْدُبا(2)
وأَرْشُ الجِنايَة: دِيَتُها، وهو أيضاً ممّا يدعو إلى خلافٍ وتحريش، فالباب واحد.
(أرض) الهمزة والراء والضاد ثلاثة أصول، أصل يتفرع وتكثر مسائله، وأصلان لا ينقاسانِ بل كلُّ واحدٍ موضوعٌ حيثُ وضعَتْه العرب. فأمّا هذان
أرض
الأصلان فالأرض الزُّكْمَةُ(3)، رجل مأروضٌ أي مزكوم. وهو أحدهما، وفيه يقول الهذلي(4):
جَهِلْتَ سَعُوطَكَ حتّى تخا
ل أَنْ قد أُرِضْتَ ولم تُؤْرَضِ
والآخر الرِّعدة، يقال بفلانٍ أرْضٌ أي رِعْدَةٌ، قال ذو الرُّمّة:
إذا توجَّسَ رِكْزاً مِن سَنابِكِها
أو كان صاحبَ أَرْضٍ *أو به مُومُ(5)
وأمّا الأصل الأوّل فكلُّ شيءٍ يسفُل ويقابل السّماءَ، يُقال لأعلى الفرس سماءٌ، ولقوائمه أرض. قال:
وأحمرَ كالدِّيباجِ أمّا سَماؤُه
__________
(1) واحدهم إريس، كسكيت.
(2) في الأصل: "ولكن ما سعوداً".
(3) يقال: زكمة وزكام.
(4) هو أبو المثلم الخناعي الهذلي، يخاطب عامر بن العجلان الهذلي. انظر الشعر وقصته في شرح أشعار الهذليين للسكري 51-53.
(5) في الأصل: "أم به"، صوابه من الديوان 587 واللسان (وجس، أرض، موم).(1/95)
فرَيّا وأما أرْضُه فَمَُحُول(1)
سماؤه: أعاليه، وأرضه: قوائمه. والأرضُ: التي نحنُ عليها، وتجمع أَرَْضين(2)، ولم تجئْ في كتاب الله مجموعةً. فهذا هو الأصل ثم يتفرع منه قولهم أرْضٌ أَرِيضَةٌ، وذلك إذا كانت ليّنة طيِّبة. قال امرؤ القيس:
بلادٌ عَرِيضَةٌ وأرْضٌ أرِيضَةٌ
مدافعُ غَيْثٍ في فَضاءٍ عَرِيضِ(3)
ومنه رجل أرِيضٌ للخَيْر أي خليقٌ له، شُبِّه بالأرض الأريضة. ومنه تَأَرَّضَ النَّبْتُ إذا أمكَن أن يُجَزّ، وجَدْيٌ أريضٌ(4) إذا أمكنه أنْ يتَأَرّضَ النَّبْت.
أرط
والإراض: بِساطٌ ضخم من وبَرٍ أو صُوف. ويقال فلانٌ ابنُ أرضٍ، أي غريب. قال:
* أتانا ابْنُ أَرْضٍ يَبْتغي الزَّاد بعدما(5) *
ويقال: تأرّض فلانٌ إذا لزِم الأرضَ. قال رجلٌ من بني سعد:
وصاحبٍ نبّهتُه ليَنْهضَا
فقام ما التاثَ ولا تَأَرَّضَا
(أرط) الهمزة والراء والطاء كلمة واحدة لا اشتقاق لها، وهي الأَرْطَى الشجرة، الواحدة منها أرْطاة، وأرْطاتان وأرْطَيَاتٌ. وأَرْطَىً منوَّن، قال أبو عمرو: أرْطاةٌ وأرْطىً، لم تُلحَق الألف للتأنيث. قال العجّاج:
* في مَعْدِنِ الضَّالِ وأرطىً مُعْبِلِ(6)
__________
(1) البيت ينسب لطفيل الغنوي. انظر الاقتضاب ص335 واللسان (19: 124). وليس في ديوان طفيل انظر الملحقات ص62.
(2) يقال أرضون بفتح الراء وسكونها، وأرضات بفتح الراء، وأروض بالضم.
(3) الديوان 108 واللسان (أرض).
(4) في الأصل: "عريض"، صوابه في اللسان (8: 382).
(5) ابن أرض هنا، الوجه فيه الوجه فيه أنه شخص معين. ففي معجم البلدان (3: 309): "قال أبو محمد الأعرابي: ونزل باللعين المنقري ابن أرض المري، فذبح له كلباً فقال:
دعاني ابن أرض يبتغي الزاد بعدما
ترامى حلامات به وأجارد"
وأنشد بعده ستة أبيات أخرى. والذي في اللسان (18: 100) وثمار القلوب 212 أن ابن أرض: نبت معين. والبيت في المجمل كما رواه ياقوت.
(6) روايته في الديوان 52:
* في هيكل الضال وأرطى هيكل *(1/96)
*
وهو يُجرَى ولا يُجْرَى.ويقال هذا أرْطىً كثير وهذه أرْطَى كثيرة. ويقال أَرْطَتِ الأرض: أنبتت الأَرْطى، فهي مُرْطِئةٌ(1). وذكر الخليل كلمةً إنْ صحّت فهي من الإبدال، أُقيمت الهمزةُ فيها مُقام الهاء. قال الخليل: الأرِيط: العاقِرُ من الرِّجال. وأنشد:
أرف - أرق
* ماذا ترجِّينَ من الأَريطِ(2) *
والأصل فيها الهَرَط يقال نعجة هَرِطَةٌ، وهي المهزولة التي لا تُنْتَفع بلحمها غُثُوثة. والإنسان يَهْرِطُ في كلامه، إذا خلط. وقد ذكر هذا في بابه.
(أرف) الهمزة والراء والفاء أصل واحد، لا يقاس عليه ولا يتفرَّع منه. يقال أُرِّفَ على الأرضِ إذا جُعِلَتْ لها حدودٌ. وفي الحديث: "كلُّ مالٍ قُسِم وَأرِّفَ عليه فلا شُفْعَة فيه"، و"الأُرَفُ تَقْطع كلَّ شُفْعَة".
(أرق) الهمزة والراء والقاف أصلان، أحدهما نِفار النّوم ليلاً، والآخر لون من الألوان. فالأوّل قولهم أرِقْتُ أَرَقاً، وأرَّقَنِي الهَمُّ يُؤَرِّقُني. قال الأعشى:
أَرِقْتُ ومَا هذا السُّهادُ المُؤَرِّقُ
وما بيَ مِنْ سُقْمٍ وما بي مَعْشَقُ
ويقال آرَقني أيضاً. قال تأبّط شرّاً:
يا عِيدُ مالَكَ مِنْ شوقٍ وإيراقِ
ومَرِّ طَيفٍ على الأَهوالِ طَرّاقِ(3)
ورجل أرِقٌ وآرِق، على وزن فَعِلٍ وفاعل. قال:
* فبتُّ بليلِ الآرِقِ المتململِ(4) *
أرك
والأصل الآخر قولُ القائل:
ويتركُ القِرْنَ مُصْفرّاً أناملُه
كأنَّ في رَيطتَيْهِ نَضْحَ أَرْقانِ(5)
__________
(1) كذا. وفي اللسان: "قال أبو الهيثم: أرطت لحن، وإنما هو آرطت بألفين، لأن ألف أرطى أصلية".
(2) بعده كما في المجمل:
حزنبل يأتيك بالبطيط
ليس بذي حزم ولا سفيط
(3) هو أول بيت في المفضليات. وانظر اللسان (3: 314).
(4) عجز بيت لذي الرمة في ديوانه 905. وهو في اللسان (11: 284) وبرواية "المتملل". والمتململ والمتملل سيان. وصدر البيت:
* أتاني بلا شخص وقد نام صحبتي *
(5) البيت في اللسان (أرق).(1/97)
فيقال إنّ الأرْقان شجرٌ أحمر. قال أبو حنيفة: ومن هذا أيضاً الأرَقان(1) الذي يصيب الزَّرع، وهو اصفرارٌ يعتريه، يقال زَرْعٌ مأرُوقٌ وقد أُرِق. ورواه اللّحيانيُّ الإراق والأرْق.
(أرك) الهمزة والراء والكاف أصلان عنهما يتفرّع المسائل، أحدهما شجر، والآخر الإقامة. فالأول الأراك وهو شجرٌ معروف.
*حدثنا ابن السُّنّيّ عن ابن مسبّح، عن أبي حنيفة أحمد بن داود قال: الواحد من الأرَاك أرَاكَة، وبها سمّيت المرأة أراكة. قال: ويقال ائترك الأرَاكُ إذا استحكم. قال رؤبة:
* من العِضاهِ والأراك المُؤْتَرِكْ(2) *
قال أبو عمرو: ويقال للإبل التي تأكل الأراك أرَاكِيّةٌ وأوَارك. وفي الحديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بعرَفَةَ بلبَنِ إبلٍ أَوَارِكَ". وأرضٌ أرِكَةٌ كثيرة الأرك. ويقال للإبل التي ترعى الأرَاك أرِكَةٌ أيضاً، كقولك حامض من الحمْضِ. وقال أبو ذُؤيب:
أرك
تَخَيَّرُ مِنْ لبن الآركا
ت بالصَّيفِ(3)..........
والأصل الثاني الإقامة. حدّثني ابن السُّنّيّ عن ابن مُسَبِّح عن أبي حنيفة قال: جَعَل الكسائيُّ الإبل الأَرَاكِيّةَ من الأُرُوك وهو الإقامة. قال أبو حنيفة: وليس هذا مأخوذاً من لفظ الأرَاكِ، ولا دالاًّ على أنها مُقيمةٌ في الأراك خاصّة، بل هذا لكلِّ شيءٍ، حتى في مُقام الرّجُل في بيته، يقال منه أرَكَ يأْرِكُ ويَأرُكُ أُرُوكاً. وقال كُثيِّر في وصف الظّعُن:
وفوقَ جِمال الحيِّ بِيضٌ كأنّها
على الرّقْم أَرْآمُ الأثيل الأواركُ
__________
(1) يقال أرقان بالفتح، وبالكسر، وبالتحريك، وبكسرتين، وبفتح فضم.
(2) ديوان رؤبة 118.
(3) تخير: تتخير. والبيت في ديوان الهذليين ص146 طبع دار الكتب وهو بتمامه:
تخير من لبن الآركا
ت بالصيف بادية والحضر
وقبله:
أقامت به وابتنت خيمة
على قصب وفرات النهر(1/98)
والدليل على صحَّة ما قاله أبو حنيفة تسميتهم السَّرير في الحجَلة أرِيكةً، والجمع أرائك. فإن قال قائلٌ: فإنّ أبا عُبيدٍ زعَمَ أنه يقال للجرح إذا صَلَحَ وتماثل أرك يَأرُِك أروكا؛ قيل له: هذا من الثاني، لأنه إذا اندمَلَ سكن بَغْيُه(1) وارتفاعُه عن جِلْدة الجريح.
ومن هذا الباب اشتقاق اسم أَرِيك، وهو موضع. قال شاعر:
فمرَّتْ على كُشُبٍٍ غُدْوَةً
وحاذَتْ بجَنْبِِِ أَرِيكٍٍ أَصِِِيلاً(2)
أرم
وأما (الهمزة والراء واللام) فليس بأصل ولا فرع، على أنهم قالوا: أرُلُ جبل، وإنما هو بالكاف(3).
(أرم) الهمزة والراء والميم أصلٌ واحد، وهو نَضْد الشيء إلى الشيء في ارتفاعٍ ثم يكون القياس في أعلاه وأسفله واحدا. ويتفرّع منه فرعٌ واحد، هو أخْذُ الشيء كلِّه، أكلاً وغيره. وتفسير ذلك أنّ الأَرْمَ(4) ملتقى قبائل الرأس، والرأس الضخم مؤرَّم. وبيضة مُؤَرّمَةٌ واسعةُ الأعلى. والإرَم العَلَم، وهي حجارةٌ مجتمعة كأنَّها رجلٌ قائم. ويقال إرَمِيٌّ وأَرَمِيٌّ، وهذه أسنِمةٌ كالأيارِم. قال:
* عَنْدَلَة سَنَامَها كالأيرمِ *
قال أبو حاتم: الأُرُومُ حروف هامة البعير المسِنّ . والأَرُومَة أصل كلِّ شجرة. وأصل الحَسَب أَرومة، وكذلك أصلُ كلّ شيء ومجتَمَعُه. والأُرَّم الحجارة في قول الخليل، وأنشد:
* يَلُوكُ مِنْ حَرْدٍ عَلَيْنا الأُرَّما *
__________
(1) في اللسان (18: 84) : "بغي الجرح يبغي بغيا: فسد وأمد وورم وترامى إلى فساد". وانظر المخصص (5: 93).
(2) كشب وأريك: جبلان بالبادية بينهما نأي من الأرض، وصف سرعتها وأنها سارت في يوم ما يسار في أيام. والبيت لبشامة بن عمرو في المفضليات (1: 55).
(3) روي باللام في قول النابغة الذبياني، وروى اللسان ومعجم البلدان:
وهبت الريح من تلقاء ذي أرل
تزجى مع الصبح من صرادها صرما
(4) في اللسان: "الأرام".(1/99)
ويقال الأُرَّم الأضراس، يقال هو يَحْرُق عليه الأُرّمَ. فإن كان كذا فلأنها تَأْرِمُ ما عَضَّت. قال:
أرن
نُبّئْتُ أَحْمَاءَ سُلَيْمى إنّمَا(1)
باتُوا غِضاباً يَحْرُقُون الأُرَّما
وأَرَمَتْهم السّنَةُ استأصَلَتْهُم، وهي سنونَ أوَارِم. وسكّينٌ آرِمٌ قاطع. وأَرَمَ ما على الخِوان أكلَه كلَّه.وقولهم أَرَمَ حَبْلَهُ من ذلك، لأنّ القوى تُجمَع وتُحكَمُ فَتْلاً. وفلانة حَسَنَةُ الأَرْم أي حَسَنَةُ فَتْلِ اللّحْمِ. قال أبو حاتم: ما في فلان إرْمٌ، بكسر الألف وسكون الراء، لأن السِّن يأرِمُ. وأرضٌ مَأْرُومةٌ أُكِل ما فيها فلم يُوجَد بها أصلٌ ولا فرع. قال:
* ونَأْرِمُ كلَّ نابتةٍ رِعَاءً(2) *
(أرن) الهمزة والراء والنون أصلان، أحدهما النّشاط. والآخر مأْوىً يأوِي إليه وحْشِيٌّ أو غيرهُ. فأمّا الأول فقال الخليل: الأَرَنُ النّشاط، أرِنَ يأْرَنُ أرَناً. قال الأعشى:
تراه إذا ما غدا صَحْبُه
به جانبَيْهِ كشَاةِ الأَرَنْ(3)
والأصل الثاني قولُ القائل:
وكم من إرَانٍٍ قد سَلَبْتُ مَقِِيلَهُ
إذا ضَنَّ بالوَحْشِِ العِِتَاق معَاقِِلُه
أرو - أري
أراد المَكْنَس(4)
__________
(1) انظر الكلام على فتح همزة "أنما" في اللسان (14: 279) والبيت وتاليه في اللسان (حرق)، وهما مع ثالث فيه مادة (أرم).
(2) صدر بيت للكميت في اللسان (أرم). والبيت وسابقه:
تضيق بنا الفجاج وهن فيح
ونجهر ماءها السدم الدفينا
ونأرم كل نابتة رعاء
وحشاشا لهن وحاطبينا
(3) في الديوان ص18:
تراه إذا ما عدا صحبه
بجانبه مثل شاة الأرن
... وقال: "روى أبو عبيدة: له جانبيه كشاة الأرن". والشاة: الثور الوحشي.
(4) الحق أن الإران هاهنا الثور الوحشي، كما في اللسان، قال: "لأنه يؤارن البقرة أي يطلبها". وأما الشاهد النص في المعنى الذي أراده فهو قول القائل:
* كأنه تيس إران منبتل *(1/100)
، أي كم مَكنَسٍ قد سلبْتُ أن يُقالَ فيه، من القيلولة. قال ابن الأعرابي: المئرانُ مأوى البَقَر من الشّجر. ويقال للموضع الذي يأوي إليه الحِرباء أُرْنَةٌ. قال ابنُ أحمر:
وتَعَلَّلَ الحِرْبَاء أُرْنَتَهُ
متشاوِساً لِوَريدهِ نَقْرُ(1)
(أرو) وأما الهمزة والراء والواو فليس إلاّ الأَرْوَى، وليس هو أصلاً يُشْتَقُّ منه ولا يُقاس عليه. قال الأصمعيّ: الأرْوِيَّة الأنثى من الوُعُول وثلاثُ أرَاوِيّ إلى العشر، فإذا كثرت فهي الأَرْوَى. قال أبو زيد: يقال للذكر والأنثى أُرْوِية.
(أري) أما الهمزة والراء والياء فأصل يدلّ على التثبُّت والملازمة. قال الخليل: أرْيُ القِدر ما التزق بجوانبها من مَرَقٍ، وكذلك العسل الملتزِق بجوانب العَسّالة. قال الهُذَلي:
أرْيُ الجَوارِسِ في ذُؤَابَةِ مُشْرِفٍ
فيه النُّسُورُ كما تحبَّى الموكبُ(2)
أري
يقول: نزلت النُّسور فيه لوعورته فكأنّها مَوكِبٌ. قعدوا مُحْتَبِينَ مطمئنّين(3). وقال آخر:
* ممَّا تَأْتَرِي وتَتِيعُ(4) *
أي مَا تُلْزِقُ وتُسِيل. والتزاقه ائتِراؤُه(5). قال زهير:
*يَشِمْنَ بُرُوقَهُ ويُرِشُّ أرْيَ الـ
جَنوبِ على حَواجِبِها العَماءُ(6)
__________
(1) كلمة "متشاوسا" ساقطة من الأصل. وإثباتها من المجمل 25 واللسان.
(2) البيت لساعدة بن جؤية الهذلي من قصيدة في ديوان الهذليين 177 دار الكتب واللسان
(18: 174). وفي الأصل: "تجنى المواكب"، تحريف. وقبل البيت:
خصر كأن رضابه إذ ذقته
بعد الهدو وقد تعالى الكوكب
(3) جعل للنسور ضمير العاقلين.
(4) قطعة من بيت للطرماح، وهو بتمامه كما في الديوان واللسان (18: 29) :
إذا ما تأرت بالخلى بنت به
شريجين مما تأتري وتتبع
(5) في اللسان (18: 30): "والتزاق الأري بالعسالة: ائتراؤه".
(6) انظر ديوان زهير 57 واللسان (18: 30).(1/101)
فهذا أريُ السحاب، وهو مستعارٌ من الذي تقدَّم ذكره. ومن هذا الباب التّأرِّي التوقُّع. قال:
لا يَتَأَرَّى لِما في القِدْرِ يَرْقُبُهُ
ولا يَعَضُّ على شَرسُوفِهِ الصَّفَرُ(1)
يقول: يأكل الخبز القَفَارَ ولا ينتظر غِذاءَ القوم ولا ما في قُدورهم. ابنُ الأعرابيّ: تَأَرَّى بالمكان أقام، وتَأَرَّى عن أصحابه تخلّف. ويقال بينهم أرْيُ عداوةٍ، أي عداوةٌ لازِمة، وأرْيُ النَّدَى: ما وقع من النّدَى على الشَّجَر والصَّخر والعُشب فلم يزَلْ يلتزِقُ بعضُه ببعض. قال الخليل: آرِيُّ الدَّابّةِ معروف، وتقديره فاعول. قال:
* يعتَادُ أرْباضاً لَها آرِيُّ *
أرب
قال أبو علي الأصفهانيّ: عن العامريّ التَّأرية أن تعتَمد على خشبةٍ فيها ثِنْيُ حبلٍ شديد فتُودِعَها حُفرةً ثم تحثُوَ الترابَ فوقَها ثمّ يشدَّ البعيرُ لِيَلِينَ وتنكسر نفسه. يقال أَرِّ لبعيرِكَ وأَوْكِد له. والإيكاد والتأرية واحد، وقد يكون للظباء أيضاً. قال:
وكانَ الظِّباءُ العُفْرُ يَعْلَمْنَ أنَّه
شَديدُ عُرَى الآرِيِّ في العُشَراتِ
__________
(1) البيت لأعشى باهلة من قصيدة له في جمهرة أشعار العرب.(1/102)
(أرب) الهمزة والراء والباء لها أربعةُ أصولٍ إليها ترجِع الفروع: وهي الحاجة، والعقل، والنَّصيب، والعَقْد. فأمّا الحاجة فقال الخليل: الأرَب الحاجة، وما أَرَبُك إلى هذا، أي ما حاجتك. والمأْرَبة والمَأْرُبَة والإرْبة، كل ذلك الحاجة. قال الله تعالى: { غَيْرِ أُوْلِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ } [النور 31]. وفي المثل: "أرَبٌ لا حَفَاوَةٌ(1)" أي حاجةٌ جاءت بك ولا وُدٌّ ولا حُبّ. والإرْب: العقل. قال ابن الأعرابيّ: يقال للعقل أيضاً إربٌ وإرْبة كما يقال للحاجة إرْبَةٌ وإرْبٌ. والنعت من الإرْبِ أرِيبٌ، والفعل أَرُب بضم الراء. وقال ابن الأعرابيّ: أرُبَ الرجل يَأْرُبُ إرَباً(2). ومن هذا الباب الفَوز والمهارة بالشّيء، يقال أرِبْتُ بالشيء أي صِرتُ به ماهراً. قال قيس:
أرِبْتُ بدَفْعِ الحَرْبِ لمّا رأيتُها
على الدَّفْعِ لا تزدَادُ غير تقارُبِ(3)
أرب
ويقال آرَبْتُ عليهم فُزْتُ. قال لَبيد:
* ونَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بقَمْرةِ مُؤْرِبِ(4) *
ومن هذا الباب المُؤَارَبة وهي المُدَاهاة، كذا قال الخليل. وكذلك الذي جاء في الحديث: "مُؤَارَبَةُ الأرِيبِ جَهْل". وأما النَّصيب فهو والعُضْو من بابٍ واحد، لأنَّهما جزء الشّيء. قال الخليل وغيرُه: الأُرْبَة نَصيب اليَسَرِ من الجَزُور. وقال ابن مُقْبِل:
لا يفرحون إذا ما فاز فائزهم
ولا تُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ(5)
__________
(1) المعروف في الأمثال: "مأربة لا حفاوة".
(2) في اللسان: "مثال صغر يصغر صغراً".
(3) ديوان قيس بن الخطيم 11 واللسان (2: 203).
(4) أي نفس الفتى رهن بقمرة غالب يسلبها. وصدره كما في الديوان 32 برواية الطوسي واللسان (1: 206) والمجمل 26:
* قضيت لبانات وسليت حاجة *
(5) اللسان (1: 206) والميسر والقداح 148، وسيأتي برواية أخرى في ص92.(1/103)
ومن هذا ما في الحديث: "كانَ أملَكَكُم لإرْبِه(1)" أي لعُضوه. ويقال عضو مُؤَرَّب أي موَفّر اللحم تامُّهُ. قال الكُميت:
ولاَنْتَشَلَتْ عُضْوينِ منها يُحَابِرٌ
وكانَ لعبْدِ القَيْسِ عُضوٌ مُؤَرَّبُ(2)
أي صار لهم نصيبٌ وافر. ويقال أَرِبَ أي تساقطت آرَابُه. وقال عمر بن الخطاب لرجلٍ: "أرِبْتَ من يَدَيْك، أتسألُني عن شيء سألتُ عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم". يقال منه أَرِبَ. وأما العَقْد والتشديد فقال أبو زيد: أرِبَ الرجل يَأْرَبُ إذا تشدَّد وضَنَّ وتَحَكَّر. ومن هذا الباب التأريب، وهو
أرب
التحريش، يقال أرَّبت عليهم. وتَأَرَّب فلانٌ علينا إذا التوى وتَعَسَّر وخالَف. قال الأصمعيّ: تَأَرَّبْتُ في حاجتي تشدّدت، وأَرّبْت العقدة أي شدّدتها. وهي التي لا تَنْحلُّ حتى تُحَلّ حَلاًّ. وإنما سمّيت قِلادة الفرَس والكلب أُرْبَةً لأنّها عُقِدَتْ في عُنُقهما. قال المتلمّس:
لو كنتَ كَلْبَ قنيصٍ كنت ذا جُدَدٍ
تكون أُرْبَتُه في آخر المَرَسِ(3)
قال ابنُ الأعرابيّ: الأُرْبة خِلاف الأُنشُوطة. وأنشد:
وأُرْبَةٍ قد علا كَيدِي معاقِمَها
ليست بفَوْرَةِ مَأْفونٍ ولا بَرَمِ(4)
قال الخليل: المستأرِب من الأوتار الشديد الجيّد. قال:
__________
(1) الحديث لعائشة. تعني أنه كان صلى الله عليه وسلم أغلبهم لهواه وحاجته. اللسان (1: 202).
(2) يحابر وعبد القيس: قبيلتان. والبيت في ديوان الكميت 45 ليدن. وفي الأصل: "كأن بعبد القيس"، تحريف.
(3) البيت ليس في ديوان المتلمس. وقد رواه أبو الفرج في (21: 125) منسوباً إليه. وانظر أمالي ثعلب
ص200. وقد نسبه في اللسان (مرس) إلى طرفة. ولم أجده في ديوانه أيضاً. ونسب إلى المتلمس أو عبد عمرو بن عمار في شرح القصائد السبع الطوال 131.
(4) في الأصل: "كبدي" وأراد بالمعاقم العقد، والمعاقم: فقر في مؤخر الصلب. ولم أجد للبيت مرجعاً.(1/104)
* من نَزْعِ أحْصَدَ مستأربِ(1) *
وأما* قول ابن مُقْبلٍ:
شُمُّ العَرانينِ يُنْسِيهِمْ مَعَاطِفَهُمْ
ضَرْبُ القِداحِ وتأريبٌ على الخَطَر(2)
فقيل يتمِّمون النَّصيب، وقيل يتشدّدون في الخطر. وقال:
أرب
لا يَفْرَحُون إذا ما فازَ فائزُهم
ولا تُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ العَسِرِ(3)
أي هم سمحاء لا يَدْخُل عليهم عَسِرٌ يفسد أمورَهم. قال ابنُ الأعرابي: رجل أرِبٌ إذا كان مُحكَم الأمر. ومن هذا الباب أرِبْتُ بكذا أي استعنتُ. قال أوس:
ولقد أرِبْتُ على الهُمومِ بجَسْرة
عَيْرَانَةٍ بالرِّدفِ غيرِ لَجُونِ(4)
واللّجون: الثقيلة. ومن هذا الباب الأُرَبَى، وهي الدّاهية المستنكَرة. وقالوا: سمّيت لتأريب عَقْدِها كأنَّه لا يُقدَر على حَلّها قال ابنُ أحمر:
فلما غَسا ليلي وأَيقنْتُ أنّها
هي الأُرَبَى جاءَتْ بأُمِّ حَبَوْكَرَى
فهذه أصولُ هذا البناء. ومن أحدها إرَابٌ، وهو موضع وبه سمِّي [يوم] إراب(5)، وهو اليوم الذي غَزَا فيه الهُذَيل بن حسّان التغلبي بني يربوع، فأغار عليهم. وفيه يقول الفرزدق:
وكأنَّ راياتِ الهُذَيْلِ إذا بدَتْ
فَوقَ الخَميسِ كَواسِرُ العِقْبانِ
ورَدُوا إرَابَ بجحفل من وائل
لِجب العَشِيِّ ضُبَارِكِ الأَقْرانِ(6)
__________
(1) شطر من بيت للنابغة الجعدي، كما في اللسان (4: 129 س18)
(2) الرواية في الميسر والقداح 147 واللسان (1: 206): "بيض مهاضيم". ويروى: "شم مخاميص ينسيهم مراديهم" والمرادي: الأردية، واحدها مرادة.
(3) سبق البيت في ص90 برواية أخرى.
(4) في الأصل: "بالدف"، صوابه في الديوان 29 واللسان (1: 206).
(5) انظر خبر اليوم في معجم البلدان والعقد (3: 362) والميداني (2: 365) والخزانة (2: 191-193).
(6) الضبارك: الضخم الثقيل. وفي الأصل: "صبارك"، صوابه في الديوان 882 واللسان (12: 345).(1/105)
ثم أغار جَزْء بن سعدٍ الرِّياحيُّ ببني يربوعٍ على بكر بن وائلٍ وهم خُلوفٌ، فأصاب سَبْيَهم وأموالَهم، فالتقيا على إرَاب، فاصطلحا على أن خَلَّى جَزْءٌ
أرث
ما في يديه من سَبْي يربوعٍ وأموالهم، وخلَّوْا بين الهُذيل وبين الماء يَسْقِي خيلَه وإبلهُ. وفي هذا اليومِ يقول جرير:
ونحن تداركنا ابنَ حِصْنِ وَرَهْطَهُ
ونحن مَنَعْنَا السَّبْيَ يومَ الأَرَاقِمِ
(أرث) الهمزة والراء والثاء تدل على قدْح نارٍ أو شَبِّ عداوة. قال الخليل: أرّثْتُ النّارَ أي قدحتُها. قال عَدِيّ:
ولها ظَبْيٌ يُوَرِّثُها
عاقدٌ في الجِيدِ تِقصارا
والاسم الأُرْثَة. وفي المثل: "النّمِيمَةُ أُرْثَةُ العَداوة". قال الشّيبانيّ: الإرَاثُ ما ثَقَبْتَ به النّارَ. قال والتّأَرُّث الالتهاب. قال شاعر:
فإنّ بِأَعْلَى ذي المجَازَةِ سَرْحَةً
طَويلاً على أهل المَجَازَةِ عَارُها
ولو ضربُوها بالفُؤُوس وحَرَّقُوا
على أصلها حَتَّى تَأَرَّثَ نَارُها
ويقال أَرِّثْ نَارَكَ تَأْرِيثاً. فأما الأُرْثة فالحدُّ(1). و[أما الإرث فـ (2)] ليس من الباب لأنّ الألفَ مبدلةٌ عن واو، وقد ذُكر في بابه. وأما قولهم نَعْجَةٌ أَرْثَاءُ فهي التي اشتعل بياضُها في سوادِها، وهو من الباب. ويقال لذلك الأُرْثَةُ، وكَبْشٌ آرَثُ.
أرج - أرخ - أزف
(أرج) الهمزة والراء والجيم كلمةٌ واحدة وهي الأَرَج، وهو والأَرِيجُ رائحة الطِّيب. قال الهُذَليّ(3):
كَأَنَّ عليها بالَةً لَطَمِيّةً
لها من خِلال الدّأْيَتَيْنِ أَريجُ
(أرخ) الهمزة والراء والخاء كلمةٌ واحدة عربيّة، وهي الإرَاخُ لبقر الوحش. قالت الخنساء:
وَنَوْحٍ بَعَثْتَ كَمِثْلِ الإرَاِ
__________
(1) أي الحد بين الأرضين، يقال أرثة وأرفة، بالضم.
(2) تكملة يستقيم بها الكلام.
(3) هو أبو ذؤيب: انظر ديوان الهذليين (1: 59) طبع دار الكتب، واللسان (13: 79/ 16: 18).(1/106)
خِ آنَسَتِ العِينُ أَشْبَالَها(1)
وأما تأريخ الكتاب فقد سُمِع، وليس عربيّا ولا سُمِعَ من فَصِيحٍ(2).
(باب الهمزة والزاء وما بعدهما في الثلاثي)
(أزف) الهمزة والزاء والفاء يدلّ على الدّنُوّ والمقارَبة، يقال أزِفَ الرّحيلُ(3) إذا اقترب ودنا. قال الله تعالى: { أَزِفَتِ الآزِفَةُ } [النجم 57]، يعني القيامة. فأما المتَآزِف فمن هذا القياس، يقال رجل مُتآزف أي قصير متقارب الخَلْق. قالت أمُّ يزيد بن الطَّثْرِيّة(4):
أزق
فَتىً قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لا مُتَآزِفٌ
وَلا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبآدِلُه
قال الشّيبانيّ: الضّيّقُ الخُلُق. وأنشد:
كبير مُشَاشِ الزَّوْر لا مُتَآزِف
أَرَحّ وَلا جَادِي اليدين مُجَذَّر
المُجَذَّر: القصير. والجاذي: اليابس. وهذا البيت لا يدلُّ على شيء في الخُلُق وإنما هو في الخَلْق وإنما أراد الشاعرُ القصيرَ. ويقال تآزَفَ القوم إذا تَدَانَى بعضُهم من بَعْض. قال الشّيبانيّ: أزَفَنِي فلانٌ أي أعجلني يُؤزِفُ إيزَافاً. والمآزِف: المواضع القذِرة، واحدتها* مأزَفَةٌ. وقال:
كأَنَّ رداءَيهِ إذا ما ارتداهما
على جُعَلٍ يَغْشَى المآزِفَ بالنُّخَرْ(5)
وذلك لا يكاد يكون إلا في مَضِيق.
__________
(1) من مرثية لصخر. وقبل البيت كما في ديوان الخنساء 77:
وتمنح خيلك أرض العدى
وتنبذ بالغزو أطفالها
(2) في الجمهرة (2: 216): "ذكر عن يونس وأبي مالك أنهما سمعاه من العرب". وفي المجمل: "وتأريخ الكتاب كلمة معربة معروفة".
(3) في الأصل: "الرجل".
(4) نسب في الحماسة (1: 381) واللسان (أزف) إلى العجير السلولي.
(5) البيت للهيثم بن حسان التغلبي كما في اللسان.(1/107)
(أزق) الهمزة والزاء والقاف قياسٌ واحد وأصلٌ واحد، وهو الضّيق. قال الخليل وغيره: الأَزْقُ الضِّيق في الحرب، وكذلك يدعى مكان الوَغَى المأزِق. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال استُؤْزِق على فلانٍ إذا ضاق عليه المكان فلم يُطِقْ أن يَبْرُز. وهو في شعر العجّاج:
* [مَلاَلةً يَمَلُّها] وَأَزْقَا(1) *
أزل
(أزل) وأما الهمزة والزاء واللام فأصلان: الضِّيق، والكَذِب. قال الخليل: الأزْل الشدّة، تقول هم في أَزْلٍ من العَيْشِ إذا كانوا في سَنَةٍ أو بَلْوَى. قال:
ابنا نِزَارٍ فَرَّجا الزّلازِلا
عن المُصَلِّينَ وأَزْلاً آزِلا(2)
قال الشّيبانيّ: أزَلْتُ الماشية والقومَ أَزْلاً أي ضيّقْت عليهم. وأُزِلَتِ الإبلُ: حُبِست عن المرعَى. وأنشد ابن دُرَيد:
حَلَفَ خَشَّافٌ فأَوْفَى قِيلَهْ
ليُرْعِيَنَّ رِعْيَةً مأزُولَهْ
ويقال أُزِلَ القوم يُؤْزَلُونَ إذا أجْدَبُوا. قال:
فَلْيُؤْزَلَنَّ وتبكُؤَنَّ لقاحُهُ
ويُعَلَّلَنَّ صَبِيُّه بِسَمارِ(3)
السَّمارُ: المَذيِق الذي يكثر ماؤُه. والآزِل: الرجل المُجْدِب. قال شاعر:
من المُرْبِعِينَ وَمِنْ آزِلٍ
إذا جَنَّهُ اللّيلُ كالنّاحِطِ(4)
قال الخليل: يقال أَزَلْتُ الفرسَ إذا قَصَّرْتَ حبْلَه ثم أرسلتَه في مَرْعىً. قال أبو النّجم:
* لم يَرْعَ مَأزُولاً ولَمّا يُعْقَلِ(5) *
أزم
__________
(1) وردت هذه الكلمة الأخيرة فقط في الأصل. وإكمال البيت من الديوان 40. وقبله:
* أصبح مسحول يؤازي شقا *
(2) أزل آزل: شديد. والبيتان في اللسان (أزل).
(3) الشعر لأبي مكعت الأسدي كما في الجمهرة (3: 255) والبيت في اللسان (أزل).
(4) البيت لأسامة بن الحارث الهذلي، كما في الجمهرة (1: 264) والجزء الثاني من مجموعة أشعار الهذليين ص103.
(5) البيت في اللسان (13: 13).(1/108)
وأما الكَذِب فالإزْل، قال ابن دارة(1):
يقولونَ إزْلٌ حُبُّ لَيْلَى وَوُدُّها
وقد كَذَبُوا ما في مَوَدَّتِها إزْلُ(2)
وأَما الأزَل الذي هو القِدَم فالأصل ليس بقياس، ولكنّه كلامٌ مُوجَزٌ مُبدَل، إنّما كان "لم يَزَلْ" فأرادوا النّسبة إليه فلم يستقم، فنسَبُوا إلى يَزَل، ثم قلبوا الياء همزة فقالوا أَزَلِيٌّ، كما قالوا في ذي يَزَن(3) حين نسبوا الرُّمْحَ إليه: أَزَنيٌّ.
(أزم) وأما الهمزة والزاء والميم فأصلٌ واحد، وهو الضِّيق وتَداني الشيء من الشيء بشدّةٍ والتِفَافٍ. قال الخليل: أَزَمْتُ وأنا آزِمٌ. والأزْم شدّة العَضّ. والفرسُ يأزِم على فأس اللِّجام. قال طرَفَة:
هَيْكَلاَتٌ وَفُحُولٌٍ حُصُنٌٍ
أَعْوَجِيّاتٌٍ على الشّأْوِ أُزُمْ(4)
قال العامريّ: يقأل أزَمَ عليه إذا عَضَّ ولم يفتح فَمَه. قال أبو عُبيد: أزَمَ عليه إذا قبض بفمه، وبَزَم إذا كان بمقدَّم فيه. والحِمْيَةُ تسمّى أزْماً من هذا، كأنّ الإنسان يُمسِكُ على فمه. ويقال أزَم الرّجل على صاحبه أي لزِمه، و آزَمَني كذا أي ألزَمَنِيه. والسّنة أَزمَةٌ للشِّدَّة التي فيها. قال:
أزي
* إذا أزَمَتْ أَوَازِمُ كلِّ عامِ *
وأنشد أبو عمرو:
أبقَى مُلِمّاتُ الزَّمانِ العارِمِ
منها ومَرُّ الغيَرِ الأَوَازِمِ
قال الأصمعي: سنَةٌ أَزُومٌ وأَزامِ مخفوضة، قال:
أهَانَ لهَا الطَّعَامَ فلمَ تُضِعْهُ
__________
(1) هو عبد الرحمن بن مسافع بن دارة، شاعر إسلامي، ترجم له أبو الفرج في (21: 49-57).
(2) وكذا جاءت رواية البيت في اللسان (13: 14)، وصواب الرواية: "حب جمل" و"جمل" اسم صاحبته، وقد تكرر ذكرها في الأغاني (21: 50) في أبيات القصيدة.
(3) قال ابن جني: ذو يزن غير مصروف، وأصله يزأن، بدليل قولهم رمح يزأني وأزأني. انظر اللسان (17: 348).
(4) البيت في ديوان طرفة 59.(1/109)
غَدَاةَ الرَّوْعِ إذْ أَزَمَتْ أَزَامِ(1)
والأمْر الأَزُوم المُنكَر. قال الخليل: أَزَمْت العِنَانَ والحَبْل فأنا آزِمُ وهو مأْزُومٌ، إذا أحكَمْتَ ضَفْرَهُ. والمَأْزِم: مضيق الوادي ذِي الحُزُونة. والمأْزِمان: مَضيقَان بالحَرَم.
(أزي) الهمزة والزاء وما بعدهما من المعتلّ أصلان، إليهما ترجع فروعُ الباب كلِّه بإعمالِ دقيقِ النَّظر: أحدهما انضمام الشيءِ بعضهِ إلى بعضٍ، والآخر المحاذاة. قال الخليل أزَى الشيءُ يأزِي إذا اكتنَز بعضُهُ إلى بعض وانضمّ. قال:
* فهو آزٍ لحمُه زِيَم *
قال الشّيبانيّ: أَزَتِ الشمس للمغيب أزْياً. وأَزَى الظل يَأْزِي أزْياً وأُزِيّاً إذا قلَصَ. وأنشد غيره:
أزي
بادِر بشَيْخَيْكَ أُزِيَّ الظِّلِّ(2)
إنَّ الشَّبابَ عنهما مُوَلِّ
وإذا نقَصَ الماء قيل أَزَى، والقياس واحد. وكذلك أزَى المالُ. قال:
* حتى أَزَى ديوانُهُ المَحْسُوبُ *
ومن الباب قول الفرّاء: أَزَأْتُ عن الشيء إذا كَعَعْت عنه، لأنه إذا كَعّ تَقَبَّضَ وانضمّ. فهذا أحد الأصلين، والآخر الإزاء وهو الحِذاء، يقال آزيت فلاناً أي حاذيتهُ. *فأما القيّم الذي يقال له الإزاء فمن هذا أيضاً، لأنّ القيِّم بالشيء يكون أبداً إزَاءَه يَرقُبُه. وكذلك إزاء الحوض، لأنه محاذٍ ما يقابلُه. قال شاعر(3) في الإزاء الذي هو القيّم:
إزاءُ مَعاشٍ لا يزال نِطاقُها
شديداً وفيها سَوْرةٌ وهي قاعدُ(4)
قال أبو العَميثَل: سألني الأصمعيّ عن قول الراجز في وصف حوض:
* إزاؤُه كالظَّرِبَانِ المُوفي *
__________
(1) ويروى: "أزوم" كما في اللسان (14: 282).
(2) في الأصل: "بشيخك"، تحريف.
(3) هو حميد بن ثور الهلالي، كما في اللسان (18: 34).
(4) في الأصل: "قاعدة"، وصواب الرواية ما أثبت من اللسان، وما سيأتي في (عيش) حيث نسبه إلى حميد. ورواه في المحكم:
إزاء معاش ما تحل إزارها
من الكيس فيها سورة وهي قاعد(1/110)
فقلت، الإزاء مصَبّ الدّلو في الحوض. فقال لي: كيف يشبّه مصبّ الدّلو بالظَّرِبان؟! فقلت: ما عندك فيه؟ قال لي: إنما أراد المستَقِيَ، من قولك فلان إزاءُ مالٍ إذا قام به [ووَلِيَه(1)]. وشبَّهه بالظَّرِبان لِذَفَرِ(2) رائحته. وإمّا إزاء الحوض
أزب
فمصبّ الماء فيه، يقال آزيتُ الحوض إيزاء. قال الهذلي(3):
لَعَمْرُ أبي لَيْلَى لقد ساقه المَنَى
إلى جَدَثٍ يُوزَى له بالأَهاضِبِ(4)
وتقول آزيتُ، إذا صَبَبْتَ على الإزاءِ. قال رؤبة:
* نَغْرِفُ من ذِي غَيِّثٍ ونُؤْزِي(5) *
وبعضهم يقول: إنما هو من قولك أَزَيتُ على صَنيع فلانٍ أي أضْعَفْتُ فإن كان كذا فلأن الضِّعفين كلُّ واحدٍ منهما إزاءَ الآخر. ويقال ناقة أَزِيَةٌ(6) إذا كانت لا تشرب إلا من إزاءِ الحوض.
(أزب) الهمزة والزاء والباء أصلان: القِصَر والدقّة ونحوهما، والأصل الآخر النَّشاط والصَّخَب في بَغْي. قال ابن الأعرابي: الإزْب القصير. وأنشد:
وأُبْغِضُ من هُذَيْلٍ كلَّ إزْبٍ
قَصيرِ الشّخص تحسَِبُه ولِيدا(7)
أزب
__________
(1) التكملة من اللسان.
(2) في اللسان: "لدفر" بالدال المهملة، وهما بمعنى.
(3) هو صخر الغي الهذلي، كما في اللسان (20: 161). ورواه في (2: 283) بنسبة الهذلي فقط، وهو مطلع قصيدة له في شرح أشعار الهذليين ص6.
(4) المنى، بالفتح والقصر: القدر والمنية. ورسمت في الأصل بالألف، والوجه الياء. والأهاضب، أراد الأهاضيب فحذف الياء اضطراراً. وهو جمع أهضوبة، وهي الهضبة. وروي في اللسان (2: 283): "لعمر أبي عمرو"، وهي رواية الهذليين. وأبو عمرو هو أخو صخر الغي.
(5) في الأصل: "تغرف" و"توزي"، صوابهما من اللسان (2: 481/ 19 : 35). وفي الديوان ص 64: "أغرف من ذي حدب وأوزي". وقبل البيت كما في الديوان واللسان (19: 35):
لا توعدني حية بالنكز
أنا ابن أنضاد إليها أرزي
(6) يقال أزية وآزية.
(7) البيت مع قرين له في اللسان (أزب).(1/111)
وقال الخليل: الإزْب الدقيق المفاصل، والأصل واحد. ويقال هو البخيل. من هذا القياس الميزاب والجمع المآزيب، وسمّي لدقته وضيق مجرى الماء فيه. الأصل الثاني، قال الأصمعي: الأُزْبيّ(1) السّرعة والنشاط. قال الراجز(2):
* حَتى أَتى أُزْبِيُّها بالإدْبِ(3) *
قال الكسائيّ: أُزْبيٌّ وأزابيُّ الصَّخَب. وقوسٌ ذاتُ أُزْبيّ، وهو الصوت العالي. قال(4):
كأَنَّ أُزْبِيَّها إذا رَدَمَتْ
هَزْمُ بُغَاةٍ في إثْرِ ما وَجَدُوا(5)
قال أبو عمرو: الأَزَابيُّ البغي(6). قال:
ذات أزَابيَّ وذات دَهْرَسِ(7)
مما عليها دحمس(8)
أزح - أزد - أزر
(أزح) الهمزة والزاء والحاء. يقال أزَح إذا تخلَّف عن الشيء يَأْزِحُ. وأزح إذا تقبّض ودنا بعضُه من بعض(9).
(أزد) قبيلة، والأصل السين، وقد ذكر في بابه.
(أزر) الهمزة والزاء والراء أصل واحد، وهو القوّة والشدّة، يقال
تأزّر النّبت، إذا قوي واشتدّ. أنشدنا عليُّ بن إبراهيم القطّان قال: أملى علينا ثعلب:
__________
(1) الوجه فيه أن يكون في مادة (زبي) كما في اللسان (19: 72)، ووزنه أفعول.
(2) هو منظور بن حبة، كما في اللسان (1: 201/ 19: 72) والجمهرة (3: 365-366) وقبل البيت:
بشمجى المشي عجول الوثب
أرأمتها الأنساع قبل السقب
(3) الإدب، بالكسر: العجب، كما نقل في اللسان عن ابن فارس.
(4) هو صخر الغي، كما في اللسان (15: 128/19: 73).
(5) ردمت: صوتت بالإنباض. والهزم: الصوت. والباغي: الذي يطلب الشيء الضال. ورواية اللسان: "في إثر ما فقدوا"، والمعنى يتوجه بكلا الروايتين، فهم يصيحون عند الطلب، وهم يضجون عند حصولهم على ما فقدوا.
(6) كذا، وفي اللسان أنه ضروب مختلفة من السير.
(7) ذات دهرس: ذات خفة ونشاط. وهذا البيت في اللسان (دهرس).
(8) كذا ورد البيت على ما به من نقص.
(9) لم يصرح بالأصل المعنوي للمادة وذلك لقلة مفرداتها، فاكتفى بالشرح عن النص على المعنى السائر فيها.(1/112)
تأَزّر فيه النَّبْتُ حتّى تخَايَلَتْ
رُبَاهُ وحتى ما تَُرى الشَّاءُ َ نُوَّما(1)
يصف كثرةَ النّبات وأنّ الشاءَ تنام فيه فلا تُرى. والأزْرُ: القوّة، قال البَعِيث:
شدَدْتُ له أَزْرِي بمِرَّةِ حازِمٍ
على مَوْقِعٍ مِنْ أمْرِهِ مُتَفاقِمِ(2)
أسف - أسك
(باب الهمزة والسين وما يثلثهما)
(أسف) الهمزة والسين والفاء أصلٌ واحد يدلّ على الفَوت والتلهُّف وما أشبه ذلك. يقال أسِفَ على الشيء يَأْسَفُ أسَفاً مثل تلهف. والأَسِفُ الغضْبان، قال الله تعالى: { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إلى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً } [الأعراف 150]، وقال الأعشى:
أرَى رَجُلاً منهُمْ أسيفاً كأنَّما
يضُمُّ إلى كشْحَيْهِ كَفّاً مُخَضَّبا
فيُقال هو الغَضبان. ويقال إنّ الأَُسَافة(3) الأرض التي لا تنبت شيئاً؛ وهذا هو القياس، لأنّ النّبات(4) قد فاتَها. وكذلك الجمل الأسيف، وهو الذي لا يكاد يَسْمَنُ. وأمّا التابع وتسميتهم إيّاه أسيفاً فليس من الباب، لأنّ الهمزة منقلبةٌ من عين، وقد ذكر في بابه.
(أسك) الهمزة والسين والكاف بناؤه في الكتابين(5). وقال أهل اللغة: المأسوكة التي أخطأت خافِضتُها فأصابت غيرَ موضع الخَفْض.
أسل - أسم - أسن
__________
(1) وكذا روايته في اللسان (5: 76) لكن في (13: 243): "حتى تخيلت" وهما صحيحتان؛ يقال وجدت أرضا متخيلة ومتخايلة، إذا بلغ نبتها المدى وخرج زهرها.
(2) روايته في اللسان (5: 75): "من أمره ما يعاجله"؛ ولعلهما من قصيدتين له.
(3) تقال بفتح الهمزة وضمها.
(4) في الأصل: "النباس"
(5) لم يتضح ما يريد بهذه الكلمة. ولعلها: "لم يرد بناؤه في الكتابين".(1/113)
(أسل) الهمزة والسين واللام تدلُّ على حِدّة الشيء وطولهِ في دقّة. وقال الخليل: الأسَل الرِّماح. قال: وسمّيت بذلك* تشبيهاً لها بأسَل النبات. وكلُّ نبتٍ له شوكٌ طويل فشوكه أسَلٌ. والأَسَلةُ مستدَقُّ الذِّراع. والأسَلة: مستدقُّ اللِّسان. قالوا: وكلُّ شيءٍ محدّد فهو مؤسَّل. قال مزاحم:
يُباري سدِيساها إذا تلمَّجتْ
شَباً مثلَ إبزيم السِّلاح المؤَسَّلِ(1)
يباري: يعارض. سديساها: ضرسان في أقصى الفم، طالا حتّى صارا يعارضان النّابين، وهما الشبا الذي ذَكَر. والإبزيم: الحديدة التي تراها في المِنْطقة دقيقةً تُمسِك المِنْطقَة إذا شُدّت.
(أسم) الهمزة والسين والميم كلمة واحدة، وهو أُسامةُ، اسمٌ من أسماء الأسد.
(أسن) الهمزة والسين والنون أصلان، أحدهما تغيّر الشيء، والآخر السَّبب. فأ[مّا ا] لأوّل فيقال أسَنَ الماء يأسِنُ ويأسُنُ. إذا تغير. هذا هو المشهور، وقد يقال أَسِنَ. قال الله تعالى: { مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ } [محمد 15]. وأسِنَ الرّجُل إذا غُشِيَ عليه مِن ريح البئر. وهاهنا كلمتان مَعْلولتان ليستا بأصل، إحداهما الأُسُن وهو بقيّة الشَّحم، وهذه همزةٌ مبدلة من عَين، إنما هو عُسُنٌ، والأخرى قولهم تأسَّنَ تأسُّناً إذا اعتلّ وأبطأ. وعلّة هذه أنّ أبا زيد قال:
أسو
إنّما هي تأَسَّرَ تأسُّراً، فهذه علّتها. والأصل الآخر قولهم الآسانُ: الحبال قال(2):
وقد كنت أهوَى النّاقِمِيَّةَ حِقْبةً
فقد جَعَلَت آسَانُ بينٍ تَقَطَّعُ(3)
واستعير هذا في قولهم: هو على آسانٍ من أبيه، أي طرائق.
__________
(1) تلمجت: تلمظت. وفي الأصل: "تلجمت"، صوابه من اللسان (13: 15).
(2) نسب في اللسان (16: 71، 156) إلى سعد بن زيد مناة.
(3) في اللسان: "الناقمية هي رقاش بنت عامر. وبنو الناقمية بطن من عبد القيس.. وناقم: حي من اليمن". والبيت في (16: 71) مطابق ما هنا. وفي (16: 156): "آسان وصل"، وهذه واضحة لا تحتاج إلى تكلف.(1/114)
(أسو) الهمزة والسين والواو أصل واحد يدلّ على المداواة والإصلاح، يقال أسَوْت الجُرْحَ إذا داويتَه، ولذلك يسمَّى الطبيب الآسِي. قال الحطيئة:
هم الآسُونَ أُمَّ الرّأسِ لَمّا
تَوَاكَلَها الأطِبَّةُ والإساءُ(1)
أي المُعالجُون. كذا قال الأمويّ(2). ويقال أسوت الجرح أسْواً وأساً، إذا داويتَه. قال الأعشى:
عندَهُ البِرُّ والتُّقى وأسا الشّـ ـــقّ وحَمْلٌ لمُضْلِعِ الأثْقالِ
ويقال أسَوتُ بين القوم، إذا أصلحتَ بينهم. ومن هذا الباب: لي في فُلانٍ إسْوَةٌ أي قَُِدوة، أي إنّي أقتدي به. وأسَّيتُ فلاناً إذا عَزّيتَهُ، من هذا، أي
أسي - أسد
قلت له: ليكنْ لك بفلان أسوة فقد أصيب بمثل ما أُصِبتَ به فرضِي وسَلَّم. ومن هذا الباب: آسَيْتُهُ بنفسي.
(أسي) الهمزة والسين والياء كلمة واحدة، وهو الحزن؛ يقال أَسِيتُ على الشيء آسَى أسىً، أي حزنتُ عليه.
(أسد) الهمزة والسين والدال، يدلّ على قوّة الشَّيء، ولذلك سُمِّي الأسدُ أسداً لقوّته، ومنه اشتقاق كلِّ ما أشبهه، يقال استأسَدَ النَّبت قَوِيَ. قال الحطيئة:
بِمُستأسِدِ القُرْيانِ حُوٍّ تِلاعُهُ
فنُوّارُهُ مِيلٌ إلى الشّمسِ زاهِرُه
__________
(1) ديوان الحطيئة 27 واللسان (18: 36).
(2) جعله جمعاً لآس، كما تقول راع ورعاء. والإساء بالكسر أيضاً: الدواء؛ ويقال كذلك في جمع آس أساة. قال كراع: ليس في الكلام ما يعتقب عليه فعلة وفعال إلا هذا وقولهم رعاة ورعاء في جمع راع.(1/115)
ويقال استَأْسَدَ عليه اجْتَرَأ. قال ابن الأعرابي: أَسَدْتُ الرَّجُل(1) مثل سَبَعْتُه. وأَسْدٌ بسكون السين، الذين يقال لهم الأَزْد، ولعلّه من الباب. وأمّا الإسادَةُ فليست من الباب، لأنّ الهمزة منقلبة عن واو. و[كذا(2)] الأُسْدِي في قول الحطيئة:
مستهلك الورْدِ كالأُسْدِيِّ قد جَعَلَتْ
أيْدِي المَطِيِّ به عَادِيَّةً رُغُبا
أسر - أشف - أشا
(أسر) الهمزة والسين والراء أصل واحد، وقياسٌ مطرّد، وهو الحبس، وهو الإمساك. من ذلك الأسير، وكانوا يشدُّونه بالقِدِّ وهو الإسار، فسمي كلُّ أخيذٍ وإنْ لم يُؤْسرْ أسيراً. قال الأعشى:
وَقيّدَني الشِّعْرُ في بيته
كما قَيّد الآسِراتُ الحِمارَا(3)
أي أنا في بيته، يريد بذلك بلوغه النّهاية فيه. والعرب تقول أسرَ قَتَبَهُ(4)، أي شدّه. وقال الله تعالى: { وشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ } [الإنسان 28]، يقال أراد الخَلْق، ويقال بل أراد مَجرى ما يخرج من السَّبيلَين. وأُسْرَةُ الرّجُل رَهْطه، لأنّه يتقوَّى بهم. وتقول أسيرٌ وأَسْرَى في الجمع وأسارى بالفتح(5). والأُسْرُ احتباس البَوْل.
__________
(1) لم أجد هذه الكلمة فيما لدي من المعاجم.
(2) بمثلها يتم الكلام، وقد أنشد البيت في اللسان (4: 39). والأسدي: ضرب من الثياب. قال ابن بري: "ووهم من جعله في فصل أسد، وصوابه أن يذكر في فصل سدى. قال أبو علي: يقال أسدى وأستى، وهو جمع سدى وستى للثوب المسدى، كأمعوز جمع معز". والبيت في ديوان الحطيئة 4.
(3) البيت في ديوان الأعشى 410 ورواه في اللسان (5: 292) وذكر أن الآسرات النساء اللواتي يؤكدن الرحائل بالقد ويوثقنها. والحمار، هاهنا: خشبة في مقدم الرحل تقبض عليها المرأة. وفي الأصل "الآسران"، صوابه من الديوان واللسان والمجمل.
(4) القتب للجمل كالإكاف لغيره. وفي الأصل: "قبة" وانظر اللسان (5: 76).
(5) يقال أسارى، بفتح الهمزة وضمها، ويقال أيضاً أسراء.(1/116)
(باب الهمزة والشين وما بعدهما في الثلاثي)
(أشف) الهمزة* والشين والفاء كلمةٌ ليست بالأصلية فلذلك لم نذكرها. والذي سمع فيه الإشْفَى.
(أشا) الهمزة والشين والألف. والأَشاء صغار النَّخلِ، الواحدة
أَشاءَةٌ.
أشب - أشر
(أشب) الهمزة والشين والباء يدلّ على اختلاطٍ والتفاف، يقال عِيصٌ أشبٌ أي ملتفّ، وجاء فلانٌ في عددٍ أشِبٍ. وتأشَّب القَومُ اختلطوا. ويقال أَشَبْتُ فلاناً آشِبُهُ(1)، إذا لُمْتَه، كأنّك لفّقْتَ عليه قبيحاً فلُمْتَه فيه(2). قال أبو ذؤيب:
ويأشِبني فيها الذين يَلُونَها
ولو عَلِمُوا لَم يأشِبُوني بطَائِلِ(3)
والأُشابة الأخلاط من النّاس في قوله(4):
وثِقْتُ له بالنَّصر إذ قيل قد غَزَتْ
قبائلُ من غَسَّانَ غير أشائِبِ
(أشر) الهمزة والشين والراء، أصلٌ واحدٌ يدلّ على الحِدّة. من ذلك قولهم: هو أشِرٌ، أي بَطِرٌ مُتَسرِّعٌ ذو حِدّة. ويقال منه أَشِر يَأْشَر. ومنه قولهم ناقةٌ مِئْشِيرٌ، مِفعيل من الأَشَر. قال أوس:
حَرْفٌ أخوها أبوها من مُهَجَّنَةٍٍ
وعَمُّها خالُها وَجْنَاءُ مِئْشِِيرُ(5)
__________
(1) يقال أشبه يأشبه ويأشبه أشبا، من باب ضرب ونصر.
(2) في الأصل: "فلمه فيه". وقد تكون: "فلففته فيه".
(3) في الأصل: "ويأشبني فيه"، والصواب من اللسان (1: 209) والديوان ص144. ورواية الديوان: "الأولاء يلونها".
(4) هو النابغة الذبياني، من صقيدة له في ديوانه 2-9. ويروى: "كتائب من غسان".
(5) البيت في ديوانه ص8 طبع جاير. ونظيره بيت كعب بن زهير:
حرف أخوها أبوها من مهجنة
وعمها خالها قوداء شمليل
... انظر شرح ابن هشام لبانت سعاد 55-56. وفي الأصل : "أبوها أخوها" وصواب الرواية من الديوان. وقد عنى بذلك أن أخاها يشبه أباها في الكرم، كما عمها يشبه خالها في ذلك. وزعم بعضهم أنّه يريد التحقيق وأنها من إبل كرام، فبعضها يحمل على بعض حفظاً للنوع. ولهذا النسب صور، منها أن فحلاً ضرب بنته فأتت ببعيرين فضربها أحدهما فأتت بهذه الناقة. وقال الفارسي في تذكرته: صورة قوله أخوها أبوها أن أمها أتت بفحل فألقي عليها فأتت بهذه الناقة. وأما عمها خالها فيتجه على النكاح الشرعي، تزوج أبو أبيك بأم أمك فولد لهما غلام فهو عمك وخالك إلا أنه عم لأب وخال لأم. صورة أخرى: تزوجت أختك من أمك أخاك من أبيك فولد لهما ولد، فأنت عم هذا الغلام أخو أبيه، وخاله لأنك أخو أمه من أمها. اهـ. قال ابن هشام: "ولا ينطبق تفسير أبي علي رحمه الله على ما ذكرت في البيت؛ لأن الشاعر لم يصف الناقة بأحد النسبين، بل بهما معاً".(1/117)
أصل
ورجل أَشِرٌ وأَشُرٌ. والأُشُر رقّة وحِدّةٌ في أطراف الأسنان: قال طرفة:
بَدّلَتْهُ الشَّمْسُ من مَنْبِتِهِ
برَداً أبْيَضَ مَصقُولَ الأُشُرْ(1)
وأشَرت الخشبَة بالمئشار من هذا.
(باب الهمزة والصاد وما بعدهما في الثلاثي)
(أصل) الهمزة والصاد واللام، ثلاثة أصولٍ متباعدٍ بعضُها من بعض، أحدها: أساس الشيء، والثاني: الحيّة، والثالث: ما كان من النّهار بعد العشيّ. فأما الأوّل فالأصل أصل الشيء، قال الكِسائيّ في قولهم: "لا أصْلَ له ولا فَصل له(2)": إنّ الأصل الحسب، والفَصْل اللسان. ويقال مَجْدٌ أصيلٌ. وأمّا الأصَلة فالحيّة العظيمة. وفي الحديث في ذكر الدجّال: "كأَنّ رأسَهُ أصَلَةٌ". وأمّا الزمان
أصد - أصر
فالأصيل بعد العَشِيّ وجمعه أصُلٌ وآصالٌ. و[يقال] أصيلٌ وأصيلَةٌ، والجمع أصائل. قال(3):
لعَمْري لأَنْت البيتُ أُكرِمُ أهْلَهُ
وأقْعُدُ في أفيَائِهِ (4) بالأصائلِ
(أصد) الهمزة والصاد والدال، شيء يشتمل على الشيء. يقولون للحظيرة أصيدةٌ، سمّيت بذلك لاشتمالها على ما فيها. ومن ذلك الأُصْدة، وهو قميصٌ صغير يلبسه الصبايا، ويقال صَبِيّةٌ ذات مُؤَصَّد. قال:
تعلّقت ليلَى وهي ذات مؤَصَّدٍ
__________
(1) كان الغلام من العرب إذا سقطت له سن أخذها بين السبابة والإبهام واستقبل الشمس إذا طلعت، وقذف بها وقال: يا شمس أبدليني بسن أحسن منها ولتجر في ظلمها إياتك. انظر شرح ديوان طرفة 22، 65.
(2) لا يزال هذا التعبير معروفاً إلى زماننا هذا، ولكن بمعنى الكذب، يقولون: هذا الكلام لا أصل له ولا فصل، وأحياناً يعبر به عن ضعة النسب فيقال: فلان لا أصل له ولا فصل. وفي الأصل: "ولا وصل له".
(3) هو أبو ذؤيب الهذلي. انظر ديوانه ص110 والخزانة (2: 489-497) واللسان (13: 16) والإنصاف 428.
(4) في الأصل: "في أفنائه"، صوابه من المراجع السابقة.(1/118)
ولم يَبْدُ [للأتراب] من ثديها حَجْم(1)
(أصر) الهمزة والصاد والراء، أصلٌ واحدٌ يتفرع منه أشياء متقاربة. فالأصر الحبسُ والعَطف وما في معناهما. وتفسيرُ ذلك أنَّ العهد يقال له إصْرٌ، والقرابة تسمى آصِرَةٌ، وكل عقدٍ وقرابةٍ وَعهدٍ إصرٌ. والبابُ كلُّه واحد. والعرب تقول: "ما تأصِرُني على فلان آصِرَةٌ"، أي ما تعطفني عليه قرابة. قال
الحطيئة:
أضم
عفوا عليّ بغير آ
صرَةٍ فقد عظُم الأَواصِرْ(2)
أي عطفوا عليّ بغير عهدٍ ولا قرابة. والمأْصَِرُ(3) من هذا، لأنه شيء يُحْبَس [به]. فأما قولهم إنّ [العهد(4)] الثّقيل إصْرٌ فهو [من] هذا، لأنّ العهدَ والقرابةَ لهما إصْرٌ ينبغي أن يُتَحمَّل. ويقال أصَرْتُه إذا حبستَه. ومن هذا الباب الإصار، وهو الطُّنُب، وجمعه أُصُرٌ. ويقال هو وتد الطُّنُب. فأمّا قول الأعشى:
فهذا يُعِدُّ لَهنَّ الخلا
ويَجْعلُ ذا بينهنَّ الإصَارا(5)
(باب الهمزة والضاد وما بعدهما في الثلاثي)
(أضم) الهمزة والضاد والميم أصلٌ واحدٌ وكلمة واحدة، وهو الحقد، يقال أضِمَ عليه، إذا حقَد واغتاظ. قال الجعديّ:
وَأَزْجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ إذا اغْـ
__________
(1) التكملة من أمالي ثعلب 60 وأمالي القالي (1: 216). وصدره في أمالي القالي:
* وعلقت ليلى وهي غر صغيرة *
... والبيت للمجنون. ويروى شبهه لكثير عزة في الجمهرة (3: 275) واللسان (أصد):
وعلقت ليلى وهي ذات مؤصد
مجوب ولما تلبس الدرع ريدها
... وفي الجمهرة: "صبياً ولما تلبس الإتب".
(2) ديوان الحطيئة ص19.
(3) ضبطه في القاموس كمجلس ومرقد، وهو المحبس. وفي اللسان أنه ما يمد على طريق أو نهر تؤصر به السفن والسابلة، لتؤخذ منهم العشور.
(4) التكملة من اللسان (5: 80).
(5) رواية الديوان 36:
* ويجمع ذا بينهن الخضارا *
... وفي الكلام نقص بعد البيت، وقد أنشد هذا البيت في اللسان (5: 82) مستشهداً به على أن "الإصار" ما حواه المحش من الحشيش.(1/119)
تابَكَ زَجْراً مِنِّي على أَضَمِ(1)
أضا - أطل - أطم
(أضا) الهمزة والضاد مع اعتلال ما بعدهما كلمةٌ واحدة، وهي الأضاة، مكان يَستَنقِع فيه الماء كالغدير. قال أبو عُبيد: الأضاة الماء المستنقِع، من سيلٍ أو غيره، وجمعه أضاً، وجمع الأضا إضاءٌ ممدود، وهو نادر(2).
(باب الهمزة والطاء وما بعدهما في الثلاثي)
(أطل) الهمزة والطاء واللام، أصلٌ واحد وكلمة واحدة، وهو الإطِلُ والإطْلُ، وهي الخاصرة؛ وجمعه آطال. وكذلك الأَيْطَل. قال امرؤ القيس:
له أيْطَلا ظبيٍ وساقا نَعامةٍ
وإرْخاءُ سِرْحانٍ وتقريبُ تَتْفُلِ
وذا لا يُقاس عليه.
(أطم) الهمزة والطاء والميم، يدلّ على الحبس والإحاطة بالشيء، يقال للحصْنِ الأُطُم وجمعُهُ آطامٌ، قال امرؤ القيس:
وَتيْماءَ لم يَتْركْ بِها جِذعَ نَخلةٍ
ولا أُطُماً إلاّ مَشِيداً بجَنْدلِ
أطر
ومن هذا الباب الأُطامُ(3): احتباسُ البطن. والأطيمة: موقد النّار والجمع الأطائم. قال الأسْعر(4):
في موقِفٍ ذَرِبِ الشّبَا وكأنّما
فيه الرجال على الأطائِمِ واللّظَى
__________
(1) البيت في الكامل 326 ليبسك، وبعده:
زجر أبي عروة السباع إذا
أشفق أن يختلطن بالغنم
(2) قال ابن سيده: "وهذا غير قوي، لأنه إنما يقضي على الشيء أنه جمع جمع إذا لم يوجد من ذلك بد. فأما إذا وجدنا منه بداً فلا. ونحن نجد الآن مندوحة من جمع الجمع، فإن نظير أضاة وإضاء ما قدمناه من رقبة ورقاب، ورحبة ورحاب، فلا ضرورة بنا إلى جمع الجمع".
(3) في الأصل "أطام".
(4) البيت روي في اللسان (14: 285) منسوباً إلى الأفوه الأودي، وليس في ديوانه كما أنه ليس في قصيدة الأسعر التي على هذا الروي في الأصمعيات ص3.(1/120)
(أطر) الهمزة والطاء والراء أصل واحد، وهو عطف الشيء على الشيء أو إحاطتُه به. قال أهلُ اللُّغة: كلُّ شيءٍ أحاط بشيءٍ فهو إطارٌ. ويقال لما حول الشَّفَة من حَرْفها إطار(1). ويقال بنو فلانٍ إطارٌ لبني فلان، إذا حَلُّوا حَولَهم. قال بشر:
وحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بني سُبَيعٍ
قُرَاضِبَةً ونحن لهمْ إطارُ(2)
ويقال أطَرْتُ العودَ، إذا عطفتَه، فهو مَأْطُورٌ. ومنه حديث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "حتّى تأخذوا على يَدَيِ الظالم وتَأطِرُوه على الحقِّ أطْراً(3)، أي تعطفوه. ويقال أطَرْتُ القوسَ، إذا عطفتَها، قال طَرَفة:
كَأَنَّ كِناسَيْ ضالَةٍ يكُنفانها
وأَطْرَ قِسِيٍّ تحتَ صُلْبٍ مؤيّدِ
ويقال للعَقَبة التي تجمع [الفُوق](4) أُطْرَةٌ، يقال منه أطَرْتُ السَّهم أَطْراً.
أفق
وسمعت عليّ بن إبراهيم القطان يقول: سمعت ثعلباً يقول: التأطُّر التمكُّث. وقد شذّت من الباب كلمة واحدة، وهي الأَطِيرُ، وهو الذّنْب. يقال أخذني بأَطيرِ غيري، أي بذنْبه. وكذلك فسَّرُوا قول عبد الله بن سلمة:
وإنْ أكْبَرْ فلاَ بأطِيرِ إصْرٍ
يُفَارِقُ عاتِقي ذَكَرٌ خَشِيبُ(5)
(باب الهمزة والعين وما بعدهما في الثلاثي)
مهمل.
(باب الهمزة والفاء وما بعدهما في الثلاثي)
__________
(1) وهو ما بين مقص الشارب والشفة.
(2) يروى "قراضبة" بالفتح، جمع قرضوب وقرضاب وهو المحتاج، موقعه حال. وبالضم: بلد. انظر المفضليات (2: 141) طبع المعارف.
(3) في الأصل: "على بيتي الظالم" صوابه من اللسان (5: 83).
(4) التكملة من اللسان (5: 84). والفوق من السهم : مشق رأسه حيث يقع الوتر.
(5) بأطير إصر، قسم بعهد وميثاق يحيط به ولا يخرج عنه، وهو قسم معترض بين النافي والمنفي. انظر المفضليات (1: 101).(1/121)
(أفق) الهمزة والفاء والقاف أصل واحد، يدلّ على تباعُد ما بين أطراف الشيء واتساعِه، وعلى بلوغ النهاية. ومن ذلك الآفاق: النواحي والأطراف ، وآفاق البيت من بيوت الأعراب: نواحيه دون سَمْكِهِ. وأنشد يصف الخِلال:
وأقصَمَ سَيَّارٍ مع الناس لم يَدَعْ
تراوُحُ آفاقِ السّماء له صدرَا(1)
ولذلك يقال أَفَق الرَّجُل، إذا ذهب في الأرض. وأخبرني أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق الدِّينوريُّ قراءةً عليه، قال: حدَّثني أبو عبد الله الحسين بن مسبِّح قال: سمعت أبا حنيفة يقول: للسّماء آفاقٌ وللأرض آفاق، فأمّا آفاق
أفق
السماء فما انتهى إليه البصر منها مع وجه الأرض من جميع نواحيها، وهو الحدُّ بين ما بَطَن من الفَلَك وبين ما ظَهَر من الأرض، قال الراجز:
* قبلَ دُنُّوِّ الأُفْقِ من جَوْزائِه *
يريد: قبل طلوع الجوزاء؛ لأنّ الطلوع والغُروب هما على الأفق. وقال يصف الشمس:
* فهي على الأُفْقِ كَعْينِ الأحولِ(2) *
وقال آخر:
حتى إذا منظر الغربيِّ حارَ دَماً
من حُمرة الشّمسِ لمّا اغتالَها الأُفُقُ(3)
واغتيالُهُ إيّاها تغييبه لها. قال: وأما آفاق الأرض فأطرافها من حيث أحاطت بك. قال الراجز(4):
تكفيك من بعض ازديارِ الآفاقْ(5)
__________
(1) البيت لذي الرمة في ديوانه 181 والأزمنة والأمكنة (2: 4).
(2) البيت من أرجوزة لأبن النجم، يقال إنها أجود أرجوزة للعرب، قالها يمدح بها هشام بن عبد الملك. انظر الشعراء لابن قتيبة في ترجمة أبي النجم. وفي الأصل: "فهو" تحريف.
(3) في الأزمنة والأمكنة (2: 8): "حتى إذا المنظر الغربي".
(4) هو ابن ميادة، كما في اللسان (6: 42/ 7: 382). وانظر الرجز في الأزمنة والأمكنة (2: 8).
(5) الازديار: الزيارة. ويروى بدله: *هلا اشتريت حنطة بالرستاق *.(1/122)
سَمْراءُ ممّا دَرَس ابنُ مِخْرَاقْ(1)
ويقال للرّجُل إذا كان من أُفُقٍ من الآفاق أفُقِيٌّ وأَفَقِيٌّ، وكذلك الكوكب إذا كان قريباً مجراه من الأفق لا يكبِّد السماء(2)، فهو أُفُقِيٌّ وَأَفَقِيٌّ. إلى هاهنا
أفق
كلام أبي حنيفة. ويقال الرّجُل الأفق الذي بلغ النهاية* في الكرم. وامرأة آفِقَةٌ. قال الأعشى:
آفِقاً يُجْبَي إليه خَرْجُهُ
كلُّ ما بين عُمَانٍِ فَمَلَحْ(3)
أبو عمرو: الآفق: مثل الفائق، يقال أفَقَ يأفِق أَفْقاً إذا غَلَب، والأفق الغَلَبة. ويقال فرس أُفُقٌ على فُعُل، أي رائعة. فأمّا قول الأعشى:
ولا الملك النُّعمانُ يومَ لقيتُه
[بغبطته] يُعْطِي القُطُوطَ ويأفِقُ(4)
فقال الخليل: معناه أنّه يأخذ من الآفاق. قال: واحد الآفاق أُفُق، وهي الناحية من نواحي الأرض. قال ابن السّكّيت: رجل أَفَقِيٌّ من أهل الآفاق، جاء على غير قياس. وقد قيل أُفقيٌّ. قال ابنُ الأعرابيّ: أفَقُ الطّريقِ مِنهاجُه، يقال قعدت على أَفَق الطّريق ونَهْجه. ومن هذا الباب قول ابن الأعرابي: الأَفَقَةُ الخاصرة، والجماعة الأفَق. قال:
* يَشْقَى به صَفْحُ الفَريصِ والأَفَقْ(5) *
__________
(1) السمراء، يعني بها الحنطة. وقيل السمراء هنا ناقة أدماء، فتكون "درس" معها بمعنى راض. والصواب في تفسيره الوجه الأول ليلتئم مع الرواية التي أشرت إليها.
(2) يقال كبد النجم السماء تكبيدا: توسطها.
(3) في شرح الديوان ص160: "والملح من بلاد بني جعدة باليمامة".
(4) القطوط: كتب الجوائز ، كما فسر بذلك البيت في اللسان (11: 286). وانظر ديوان الأعشى
ص146. والتكملة من اللسان وما سيأتي في (قط). وفي الديوان: "بإمته". وقبل البيت:
فذاك ولم يعجز من الموت ربه
ولكن أتاه الموت لا يتأبق
(5) البيت لرؤبة كما في ديوانه 108 واللسان (11: 287). والفريص: جمع فريصة. وفي الأصل: "الفريض" تحريف.(1/123)
ويقال شَرِبْت حتى مَلأت أفَقَتَيَّ(1). وقال أبو عمرو وغيره: دلوٌ أفِيقٌ، إذا كانت فاضلة على الدِّلاء. قال:
أفق
* ليستْ بِدَلْوٍ بل هِيَ الأَفِيقُ *
ولذلك سمِّي الجِلْد بعد الدَّبغ الأَفيق، وجمعه أَفَقٌ(2)، ويجوز أُفُقٌ(3). فهذا ما في اللغة واشتقاقها. وأمّا يوم الأُفاقة فمن أيام العرب، وهو يوم العَُظَالى، ويوم أَعْشاشٍ، ويوم مُلَيْحة- وأُفَاقَة موضع- وكان من حديثه أنّ بسطّامَ بنَ قيسٍ أقْبَل في ثلاثمائةِ فارسٍ يتوكّفُ انحدارَ بني يربوعٍ في الحَزْن، فأَوّلُ مَن طَلَع منهم بنو زُبَيْد حَتى حَلُّوا الحديقةَ بالأُفاقة، وأقبل بِسطامٌ يَرْتَبئ، فرأى السَّوادَ بحديقة الأُفاقة، ورأى منهم غلاماً فقال له: من هؤلاء؟ فقال: بنو زُبيد. قال: فأين بنو عُبيدٍ وبنو أَزْنَمَ؟ قال: بروضة الثَّمَد. قال بسطامٌ لقومه: أطيعُوني واقبِضوا على هذا الحيّ الحريدِ من زُبيد، فإنّ السّلامة إحدى الغنيمتين. قالوا: انتفَخَ سَحْرك، بل نَتَلَقَّطُ بني زُبيدٍ ثمّ نتلقَّط سائرَهم كما تُتَلقَّط الكَمأَة. قال: إني أخشَى أن يتلقّاكُم غداً طعْنٌ يُنسيكم الغنيمةَ! وأحسَّتْ فرسٌ لأُسيد بن حِنَّاءَة بالخيل، فبحثت بيدها، فركب أُسَيد وتوجّه نحوَ بني يربوعٍ، ونادى: يا صباحاه، يا آل يربوع! فلم يرتفع الضَّحاءُ حتّى تلاحَقُوا بالغَبِيط، وجاء الأُحَيْمِر بنُ عبد الله فرمى بِسطاماً بفرسه الشَّقراء- ويزعمون أنّ الأحيمر لم يطعن برمح قطّ إلا انكسر، فكان يقال له "مكسِّر الرِّماح"- فلما أَهْوَى ليطعُنَ بِسطاماً انهزم بسطامٌ ومَن معه بعد قتْل مَن قُتِل منهم، ففي ذلك يقول شاعر(4)
__________
(1) في الأصل: (أفقي) والوجه ما أثبت.
(2) مثل أديم وأدم، فهو اسم جمع وليس بجمع، لأن فعيلا لا يكسر على فعل.
(3) مثل رغيف ورغف. لكن قال اللحياني: "لا يقال في جمعه أفق البتة".
(4) هو العوّام بن شوذب الشيباني. انظر معجم المرزباني 300 وحواشي الحيوان (5: 240).(1/124)
:
أفك
فإنْ يَك في جَيش الغَبِيطِ ملامةٌ
فجيشُ العَُظَالَى كان أخْزَى وأَلْوَما
وفَرَّ أبو الصَّهباءِ إذ حَمِسَ الوَغى
وألقى بأبدان السّلاح وسَلّما(1)
فلو أنَّها عُصفورةٌ لحسبتَها
مُسوَّمَةً تدعُو عُبَيْداً وأَزْنَما
وهذا اليوم هو يوم الإيادِ، الذي يقول فيه جرير:
وما شهدَتْ يوم الإيادِ مُجَاشِعٌ
وذا نَجَبٍ يومَ الأسنّةُ تَرْعَُفُ(2)
(أفك) الهمزة والفاء والكاف أصل واحد، يدلُّ على قلب الشيء وصرْفِه عن جِهَته(3). يقال أُفِكَ الشَّيءُ. وأَفِكَ الرّجُلُ، إذا كذَب(4). والإفك الكذِب. وأفكتُ الرّجُلَ عن الشيء، إذا صرفتَه عنه. قال الله تعالى: { قالُوا أَجِئْتَنا لِتأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا } [الأحقاف 22]. وقال شاعر(5):
إن تكُ عن أفضل الخليفةِ مَأْ
فُوكاً ففي آخَرِينَ قد أُفِكُوا(6)
والمؤتفكات: الرياح التي تختلف مَهابُّها. يقولون:"إذا كثُرت المؤتفكات زَكَتِ الأرض(7)".
أفل - أفن
(أفل) الهمزة والفاء واللام أصلان: أحدهما الغيبة، والثاني الصِّغار من الإبل. فأمّا الغَيبة فيقال أفَلت الشّمس غابت، ونجوم أُفَّلٌ. وكلُّ شيءٍ غابَ فهو آفلٌ. قال:
فدعْ عنك سُعدَى إنّما تُسعِفُ النَّوى
قِرانَ الثرَيّا مرّةً ثم تَأْفِلُ(8)
__________
(1) أبو الصهباء: كنية بسطام، كما في معجم المرزباني. والأبدان: الدروع.
(2) انظر ديوانه ص375. وانظر يوم العظالى في كامل ابن الأثير والعقد.
(3) في الأصل: "جبهته".
(4) يقال أفك من بابي ضرب وعلم.
(5) هو عروة بن أذينة، كما في الصحاح وتاج العروس. وفي اللسان (12: 270): "عمرو بن أذينة"، تحريف.
(6) في الصحاح: "عن أحسن الصنيعة"، وفي اللسان والمجمل: "عن أحسن المروءة".
(7) زكت الأرض، أي زكا نباتها، كما في اللسان (12: 271). وفي الأصل: "ركت"، تحريف صوابه في اللسان والمجمل.
(8) نسب في (عدد) إلى كثير عزة.(1/125)
قال الخليل: وإذا استقرّ اللِّقاح في قَرار الرّحمِ فقد أفَل.
والأصل الثاني الأفيل، وهو الفصيل، والجمع الإفَال، قال الفرزدق:
وجاء قرِيعُ الشَّولِ قبلَ إفالِها
يَزِفُّ* وجاءتْ خَلْفَه وهي زُفَّفُ(1)
قال الأصمعي: الأفيل ابنُ المخاض وابن اللبون، الأنثى أفيلة، فإذا ارتفع عن ذلك فليس بأفيل. قال إهاب بن عمير:
ظَلَّتْ بمندَحِّ الرَّجا مُثُولُها
ثامنةً ومُعْوِلاً أفيلُها
ثامنة، أي واردة ثمانية أيّام(2). مُثُولها: قيامها ماثلة. وفي المثل: "إنّما القَرْمُ من الأَفيل(3)"، أي إنّ بدءَ الكبير من الصَّغير.
(أفن) الهمزة والفاء والنون يدلّ على خلوّ الشيء وتفريغه. قالوا: الأفَن قلّة العقل، ورجل مأفونٌ. قال:
أفد - أفر
نُبِّئْتُ عُتبةَ خَضَّافاً تَوَعَّدَنِي
يا رُبَّ آدَرَ مِنْ مَيثاءَ مأفُونِ(4)
ويقال إنّ الجَوز المأفُونَ هُو الذي لا شيء في جوفه. وأصل ذلك كلّه من قولهم: أَفَنَ الفَصيلُ ما في ضرع أُمّه، إذا شربَه كلَّه. وأفَنَ الحالبُ النّاقَةَ، إذا لم يَدَع في ضَرْعِها شيئاً. قال:
إذا أُفِنَتْ أَرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها
وإنْ حُيِّنَتْ أَرْبَى على الوَطْبِ حِينُها(5)
وقال بعضهم: أَفَنت النّاقةُ قلّ لبنها فهي أَفِنَةٌ، مقصورة.
__________
(1) في ديوان الفرزدق 589: "وراحت خلفه".
(2) كذا في الأصل، والوجه: "واردة ثمناً". والثمن، بالكسر: ظمء من أظماء الإبل، وهي أن ترد يوماً ثم تحبس عن الماء ستة أيام وترد في الثامن.
(3) ومنه قول الراجز- وأنشده في الحيوان (1: 8)-:
قد يلحق الصغير بالجليل
وإنما القرم من الأفيل
وسحق النخل من الفسيل
(4) سبق البيت في مادة (أدر) ص71.
(5) البيت للمخبل، كما في اللسان (16: 158-292) وفي اللسان أن الأفن أن تحلبها أنّى شئت من غير وقت معلوم. والتحيين: أن تحلب كل يوم وليلة مرة واحدة. وسيأتي في (حين).(1/126)
(أفد) الهمزة والفاء والدال تدلُّ على دنو الشيء وقُرْبه، يقال أفِدَ الرّحيل: قَرُب. والأَفِدُ المستَعْجِل: قال النّابغة:
أَفِدَ الترحُّلُ غير أنَّ رِكابَنا
لَمّا تَزُلْ برِحَالِنا وكَأَنْ قَدِ
وبعثَت أعرابيّةٌ بنتاً لها إلى جارتها فقالت: "تقول لكِ أُمِّي: أعطِيني نَفَساً أو نَفَسين أَمْعَسُ به مَنيئَتِي فإنِّي أَفِدَةٌ(1)".
(أفر) الهمزة والفاء والراء يدلُّ على خفّةٍ واختلاط. يقال أفَرَ الرّجُل، إذا خفّ في الخدمة. والمِئْفَرُ: الخادم. والأُفْرة: الاختلاط.
أقر - أقط
(باب الهمزة والقاف وما بعدهما في الثلاثي)
(أقر) أُقُر: موضِعٌ. قال النابغة:
لقد نَهَيْتُ بَنِي ذُبْيان عن أُقُرٍ
وعن تربُّعِهِمْ في كلِّ أصْفارِ(2)
وليس هذا أصلاً.
(أقط) الهمزة والقاف والطاء تدلُّ على الخلط والاختلاط. قالوا: الأَقِطُ من اللّبن مَخِيضٌ يُطْبَخُ ثمّ يُترَك حتىّ يمْصُل، والقطعة أَقِطَةٌ. وأَقَطْتُ القومَ أَقِْطاً(3) أي أطعمتهم ذلك. وطعام مَأقُوطٌ خُلِط بالأَقِط. قال:
أتتكُمُ الجوفاء جَوْعَى تَطَّفِحْ(4)
طُفَاحَةَ القِدْرِ وحيناً تَصْطَبِحْ(5)
* مأقوطة عادت ذباح المُدَّبِحْ(6) *
والمأقِط: موضع الحرب، وهو المَضِيق، لأنهم يختلطون فيه.
__________
(1) الخبر في اللسان (منأ، معس، نفس)، والنفس: قدر دبغة من القرظ الذي يدبغ به. وقد ضبطت في اللسان بسكون الفاء، ولكن ابن فارس ضبطها بالفتح في (نفس). والمعس: تليين الأديم في الدباغ. والمنيئة: الجلد ما كان في الدباغ. وفي الأصل: "منيتي" بالتسهيل.
(2) انظر خبر هذا الشعر في معجم البلدان (أقر).
(3) في الأصل: "أقطاء"، ولا وجه له. ومما يجدر ذكره أن الأقط إنما يجمع على "أقطان" كرغفان.
(4) تطفح، على وزن تفتعل: تأخذ الطفاحة؛ والطفاحة، بالضم: زبد القدر. والبيت مع تاليه في اللسان (طفح).
(5) في اللسان:
* طفاحة الأثر وحينا تجتدح *
(6) كذا ورد البيت في الأصل.(1/127)
أقن - أكل
(أقن) الهمزة والقاف والنون كلمة واحدة لا يقاس عليها. الأُقْنة: حفرةٌ تكون في ظهورِ القِفافِ ضيّقة الرأس، وربّما كانت مَهْوَاةً بين نِيقينِ(1) أو شُنْخُوبَيْن. قال الطّرِمّاح:
في شَنَاظِي أُقَنٍ بينها
عُرَّةُ الطَّيْرِ كصَوْم النَّعامْ(2)
(باب الهمزة والكاف وما يثلثهما)
(أكل) الهمزة والكاف واللام بابٌ تكثر فُروعه، والأصل كلمة واحدة، ومعناها التنقُّص. قال الخليل: الأكل معروف والأَكْلَة مَرّة، والأُكلة اسمٌ كاللُّقمة. ويقال رجل أكُولٌ كثير الأكل. قال أبو عُبيد: الأَكَلة جمع آكل، يقال: "ما هم إلاّ أَكَلَة رأسٍ(3)". والأكيل: الذي يُؤَاكلك. والمَأْكَل ما يُؤْكَل، كالمَطْعَم. والمُؤْكِل المُطعِم. وفي الحديث: "لعَنَ الله آكِلَ الرِّبا ومُؤْكِلَه". والمأكَلَة الطُّعمة. وما ذُقْتَ أَكالاً، أي ما يُؤْكل. والأُكْل- فيما ذكر ابن الأعرابي: -طُعمة كانت الملوك تُعطيها الأشراف كالقُرَى، والجمع آكالٌ(4). قال:
جُندُك التالد الطَّرِيفُ من السا
دات أهْلِ القِبابِ والآكالِ(5)
أكل
__________
(1) في الأصل: "مهودة بين نيفين".
(2) ديوان الطرماح 97. وانظر (عر).
(3) أي هم قليل، قدر ما يشبعهم رأس واحد.
(4) في شرح ديوان الأعشى: "الآكال قطائع وطعم كانت الملوك تطعمها الأشراف".
(5) رواية الديوان 11 واللسان (13: 22): "جندك التالد العتيق". وفي شرح الديوان: "ويروى: الطارف التليد".(1/128)
قال أبو عبيد: يقال "أَكَّلْتني ما لم آكُلْ"(1)، أي ادّعيته عليّ. والأَكولة: الشاة تُرعَى للأكل لا للبيع والنّسل، يقولون: "مَرْعىً ولا أَكُولَة"، أي مال مجتمع لا مُنْفِق له. وأكيل الذِّئب: الشاة وغيرها إذا أردتَ معنى المأكول، وسواءٌ الذّكر والأنثى، وإذا أردتَ به اسماً جعلتَها أكيلة ذئب. قال أبو زيد: الأكيلة فريسة الأسد. وأكائِل النّخل: المحبوسة للأكل. والآكِلَة على فاعلة: الراعية(2)، ويقال هي الإكْلة(3). والأَكِلة، على فَعِلة: الناقة ينبت وبرُ ولدِها في بطنها يُؤْذيها ويأكلها. ويقال ائتكلت* النار، إذا اشتد التهابها؛ وائتكل الرّجُل، إذا اشتدّ غضَبُه. والجمرة تتأكّل، أي تتوهّج؛ والسيف يتأكّل إثْرُهُ. قال أوس:
إذا سُلّ مِنْ جفْنٍ تأكَّلَ إثْرُهُ
على مِثْلِ مِصْحاةِ اللُّجَين تأكُّلاَ(4)
ويقال في الطِّيب إذا توهَّجَتْ رائحتُه تأَكَّلَ. ويقال أكَلَتِ النّارُ الحَطَبَ، وآكَلْتُها أطعمتُها إياه. وآكَلْت بين القوم أْفسَدت(5). ولا تُؤْكِلْ فلاناً عرضَك، أي لا تُسابَّه فتدَعَه يأكلُ عِرْضَك. والمُؤْكِل النّمام.
أكل
وفلان ذو أُكْلَةٍ في النّاس، إذا كان يغتابهم. والأُكْل: حظّ الرجل وما يُعطاه من الدُّنيا. وهو ذو أُكْلٍ، وقومٌ ذَوُو آكالٍ. وقال الأعشى:
حَوْلِي ذَوُو الآكالِ من وائِلٍ
__________
(1) يقال فيه: أكلتني، بالتشديد، وآكلتني بالهمز. انظر اللسان (13: 19).
(2) في الأصل: "والأكلة على فعلة الراعية" صوابه من اللسان والقاموس. يقال كثرت الآكلة في بلاد بني فلان، أي الراعية.
(3) الإكلة بالكسر، والأكال بالضم: الحكة والجرب.
(4) المصحاة، بالصاد المهملة: الكأس أو القدح من الفضة. وقد روي في اللسان (13: 23): "مسحاة" بالسين، صوابه ما هنا. وهو المطابق لما في الديوان 20 واللسان (19: 185).
(5) يقال فيه آكلت بالمد وبالتضعيف كذلك.(1/129)
كاللّيلِ مِن بادٍ ومن حاضرِ(1)
ويقال ثوب ذو أُكْلٍ، أي كثير الغَزْل. ورجل ذو أُكْلٍ: ذو رأي وعقلٍ. ونخلةٌ ذاتُ أُكْلٍ. وزرعٌ ذو أُكْلٍ. والأُكَال: الحُكَاك؛ يقال أصابه في رأسه أُكالٌ. والأَكَل في الأديم: مكانٌ رقيقٌ ظاهِرُهُ تراه صحيحاً، فإذا عُمِل بدا عُوارُه. وبأَسنانه أَكَلٌ، أي متأَكِّلة، وقد أُكِلَتْ أسنانُه تَأكَلُ أكَلاً. قال الفرّاء: يقال للسكّين آكِلَةُ اللحْم، ومنه الحديث أنّ عمرَ قال: "يضرب أحدُكم أخاه بمثل آكِلة اللحم ثم يَرى أن لا أُقِيدَه(2)". قال أبو زياد: المِئْكلة قِدْرٌ دون الجِمَاع(3)، وهي القدر التي يستخف الحيّ أن يطبخوا فيها. وأُكُل الشجرة: ثمرها، قال الله تعالى: { تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِِذْنِ رَبِّهَا } [إبراهيم 25](4).
أكم - أكن - أكد
(أكم) الهمزة والكاف والميم أصل واحد، وهي تجمُّعُ الشيء وارتفاعُه قليلاً. قال الخليل: الأكمة تلٌّ من القُفِّ، والجمع آكام وأَكَمٌ. واستأكم المكانُ، أي صار كالأكمة. وتجمع على الآكام أيضاً، قال أبو خراش:
ولا أمْغَر السّاقَيْنِ ظَلَّ كأنّه
على مُحْزئلاّتِ الإكام نَصِيلُ(5)
يعني صَقْراً. احزألّ: انتصَبَ. نصيل: حَجَر قدْر ذِراع. ومن هذا القياس المَأْكَمتان(6): لحمتان وصَلَتَا بين العجز والمتْنَينِ، قال:
إذا ضربتها الرّيح في المِرْطِ أشرفَتْ
مآكِمُها والزُّلُّ في الرِّيح تُفْضَحُ(7)
__________
(1) انظر ديوان الأعشى ص107.
(2) تمامه في اللسان (13: 22): "والله لأقيدنه منه".
(3) قدر جماع، بكسر الجيم: جامعة عظيمة، وقيل هي التي تجمع الجزور.
(4) قرأ بسكون الكاف نافع وابن كثير وأبو عمرو، وسائر القراء بضمها. إتحاف فضلاء البشر 272.
(5) البيت في اللسان (14: 188) وفي الأصل: "مجزئلات" صوابه بالحاء المهملة.
(6) يقال مأكمان ومأكمتان.
(7) البيت بدون نسبة في اللسان (14: 286).(1/130)
(أكن) الهمزة والكاف والنون ليست أصلاً، وذلك أنّ الهمزة فيه مبدلةٌ من واو. والأصل وُكْنة، وهو عشّ الطائر. وقد ذكر في كتاب الواو.
(أكد) الهمزة والكاف والدال ليست أصلاً، لأنّ الهمزة مبدلة من واو، يقال وَكَّدت العَقْدَ. وقد ذكر في بابه.
أكر - أكف - ألم
(أكر) الهمزة والكاف والراء أصل واحد، وهو الحَفْر، قال الخليل: الأُكْرَة حُفرة تحفر إلى جنب الغدير والحوض، ليصفوَ فيها الماء؛ يقال تأكَّرْتُ أُكْرَة. وبذلك سُمّي الأَكّارُ. قال الأخطل:
* عَبْداً لِعِلْجٍ من الحِصْنَين(1) أَكّارِ *
قال العامريّ: وجدت ماءً في أُكْرَةٍ في الجبل، وهي نُقرةٌ في الصَّفا قدر القَصْعة.
(أكف) الهمزة والكاف والفاء ليس أصلاً، لأنّ الهمزة مبدلة من واو، يقال وِكافٌ وإكافٌ.
(باب الهمزة واللام وما يثلثهما)
(ألم) الهمزة واللام والميم أصل واحد، وهو الوجع. قال الخليل: الألم: الوجع، يقال وجَع ألِيمٌ، والفعل من الألم ألِمَ. وهو ألِمٌ، والمجاوز ألِيمٌ، فهو على هذا القياس فَعِيل بمعنى مُفْعِل. وكذلك وجِيعٌ بمعنى مُوجِع. قال(2):
أله – ألو/ي
* أمِنْ رَيحانة الدّاعي السميعُ *
__________
(1) الحصنان: موضع بعينه، ذكره ياقوت. والبيت في تكملة شعر الأخطل من نسخة طهران الخطية ص 43 طبع بيروت سنة 1938، من أبيات تسعة يهجو بها زيد بن منذر النمري. وصدره:
* لكن إلى جرثم المقاء إذ ولدت *
... وفي الأصل: "أكارا". والقصيدة مكسورة الروي.
(2) هو عمرو بن معد يكرب من قصيدة له في الأصمعيات ص43. وعجز البيت كما في الأصمعيات واللسان (10: 28): ... * يؤرقني وأصحابي هجوع *
... ومما يستشهد به من هذه القصيدة لفعيل بمعنى مفعل ، بكسر العين، قوله:
وخيل قد دلفت لها بخيل
تحية بينهم ضرب وجيع
... انظر الخزانة (3: 56).(1/131)
فوضع السميع موضع مُسْمِع. قال ابن الأعرابي عذاب أليم أي مؤلم ورجل ألِيمٌ ومُؤْلَمٌ أي موجَعٌ. قال أبو عبيد: يقال ألِمْتَ نَفْسَك، كما تقول سفِهْتَ نَفْسَك. والعرب تقول: "الحُرُّ يُعْطي والعبد يألم قَلْبَه".
(أله) الهمزة واللام والهاء أصل واحد، وهو التعبُّد. فالإله الله تعالى، وسمّيَ بذلك لأنّه معبود. ويقال تألّه الرجُل، إذا تعبّد. قال رؤبة:
للهِ دَرُّ الغانِياتِ المُدَّهِ(1)
سَبَّحْنَ واستَرْجَعْنَ مِن تَأَلُّهِي
والإلاهة: الشَّمْس(2)، سمّيت بذلك لأنّ قوما كانوا يعبدونها. قال الشاعر(3):
* فبادَرْنا الإلاهَة أنْ تؤوبا *
فأما قولهم في التحيُّر ألِهَ يَأْلَهُ فليس من الباب، لأنّ الهمزة واو. وقد ذكر في بابه.
(ألو/ي) الهمزة واللام وما بعدهما في المعتلّ أصلان متباعدان: أحدهما الاجتهاد* والمبالغة [والآخر التقصير(4)] والثاني(5) خلاف ذلك الأوّل. قولهم آلَى يُولِي إذا حلَف ألِيَّةً وإِلْوَةً(6)، قال شاعر:
ألو/ي
أتاني عن النُّعمان جَوْرُ أَلِيَّةٍ
يجُورُ بها من مُتْهِمٍ بعد مُنْجِدِ
وقال في الألْوَة:
* يُكذِّبُ أقوالي ويُحْنِثُ ألْوتي(7) *
والأَلِيّةُ محمولة على فَعولة، وأَلْوَة على فعْلَة نحو القَدْمَة. ويقال يُؤْلي وَيَأْتَلِي، ويتأَلَّى في المبالغة. قال الفرّاء: يقال ائتلى الرّجُل إذا حلف، وفي كتاب الله تعالى: { ولا يَأْتَلِ أُوْلُوا الفَضْلِ مِنْكُمْ } [النور 22]. ورُبّما جمعوا أَلْوَةً أُلىً. وأنشد:
__________
(1) المده، من المده، وهو المدح. والبيتان في اللسان (مده، أله) وديوان رؤبة ص165.
(2) في الأصل: "الشيء" تحريف.
(3) هي مية أم عتيبة بن الحارث، أو أم البنين بنت عتيبة بن الحارث، ترثي عتيبة، وقيل هي بنت الحارث اليربوعي. انظر اللسان (17: 360) .
(4) ليست في الأصل، وبمثلها يتم الكلام.
(5) في الأصل: "والأول".
(6) الألوة، مثلثة ساكنة اللام.
(7) في الأصل: "ألوى".(1/132)
قليلاً كتحليل الأُلَى ثم قلّصت
به شِيمَةٌ رَوْعَاءُ تقليصَ طائِر(1)
قال: ويقال لليمين أَلْوَةٌ وأُلْوَةٌ وإلْوَة وأَلِيّة. قال الخليل: يقال ما أَلَوْتُ عن الجُهْدِ في حاجتك، وما ألَوْتُك نُصْحاً، قال:
* نحنُ فَضَلْنا جُهْدَنَا لَمْ نَأْتَلِه *
أي لم نَدَعْ جُهْدا. قال أبو زيد: يقال ألَوْتُ في الشيء آلو، إذا قصرت فيه. ويقول في المثل: "إلاّ حَظِيّةٌ فلا أَلِيّةٌ"، يقول: إن أَخْطأَتْك الحُظوة فلا تَتَأَلَّ أن تتودَّد إلى النّاس. الشيباني: آليت توانيت وأبطأت. قال(2):
* فما آلى بَنِيَّ وما أساؤُوا *
وأَلّى الكلب عن صيده، إذا قصّر، وكذلك البازِي ونحوُه. قال بعض الأعراب:
ألب
وإني إذ تُسَابِقُني نَوَاها
مُؤَلٍّ في زيارتها مُلِيمُ(3)
فأمّا قول الهذلي(4):
جهراءُ لا تألو إذا هي أَظْهَرَتْ
بَصَراً ولا من عَيْلَةٍ تُغْنيني(5)
وأما قول الأعشى:
..............................ولا
يقطع رِحْماً ولا يَخُون إلاَ(6)
__________
(1) في الأصل: "شمة روعاء"، وإنما هي الشيمة بمعنى السجية والطبيعة.
(2) هو الربيع بن ضبع الفزاري. انظر المعمرين 7 والخزانة (3: 306). وصدر البيت كما فيهما وكما في اللسان (18: 41):
* وإن كنائني لنساء صدق *
(3) عجزه في اللسان (18: 41).
(4) هو أبو العيال الهذلي، يصف منيحة منحه إياها بدر بن عمار الهذلي. انظر شرح أشعار الهذليين للسكري ص130 واللسان (5: 223).
(5) في الأصل: "بطرا ولا من عليه يغنيني"، صوابه من شرح أشعار الهذليين واللسان. وأظهرت: دخلت في وقت الظهر.
(6) البيت بتمامه، كما في ديوان الأعشى 157 والمجمل واللسان (18: 46):
أبيض لا يرهب الهزال ولا
يقطع رحما ولا يخون إلا
... وقد نفص كلام بعد البيت، وبالرجوع إلى اللسان يمكن تقدير هذا النقص. وقد جاء به في المجمل شاهداً لواحد الآلاء بمعنى النعم.(1/133)
(ألب) الهمزة واللام والباء يكون من التجمُّع والعطف والرّجوع وما أشبه ذلك. قال الخليل: الإلْبُ الصَِّغْوُ(1)، يقال إلْبُه معه، وصاروا عليه إلْباً واحداً في العداوة والشرّ. قال:
والناس إلْبٌ علينا فيك ليس لنا
إلا السيوفَ وأطرافَ القنا وزَرُ(2)
الشّيباني: تَأَلَّبُوا عليه اجتمعوا، وَأَلَبُوا يَأْلِبُونَ أَلْباً. ويقال إنَّ الأَلْبَةَ المجاعة، سمِّيت بذلك لتألُّبِ الناس فيها. وقال ابن الأعرابيّ: أَلَبَ: رجع. قال: وحدّثني رجلٌ من بني ضَبّة بحديث ثم أخذ في غيره، فسألته عن الأوّل فقال:
ألت
"السّاعةَ يَأْلِبُ إليك" أي يرجع إليك. وأنشد ابن الأعرابي:
ألم تعلمي أن الأحاديث في غَدٍ
وبعد غَدٍ يَأْلِبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ(3)
أي ينضمّ بعضُها إلى بعض. ومن هذا القياس قولهم: فلان يألُِبُ إبلَه أي يطردُها. ومنه أيضاً قول ابن الأعرابي: رجل إلْبُ حَرْبٍ، إذا كان يُؤَلِّبُ فيها ويجمِّع. ومنه قولهم: ألَبَ الجُرْحُ يأْلُبُ أَلْباً، إذا بدأ [برؤه](4) ثم عاوَدَه في أسفله نَغَل. وأمّا قولهم لما بين الأصابع إلْبٌ(5) فمن هذا أيضاً، لأنه مَجمع الأصابع. قال:
* حَتّى كأنّ الفرْسَخينِ إلْبُ *
والذي حكاه ابن السّكّيت من قولهم ليلة أَلُوبٌ، أي باردة، ممكنٌ أن يكون من هذا الباب، لأن واجد(6) البرد يتجمّع ويتضامّ، وممكنٌ أن يكون هذا من باب الإبدال، ويكون الهمزة بدلاً من الهاء، وقد ذُكر في بابه. وقول الراجز:
__________
(1) الإلب بفتح الهمزة وكسرها، وكذا الصغو، بالفتح والكسر، أي الميل. وفي الأصل: "الضعو" تحريف.
(2) في الأصل: "ليس علينا".
(3) البيت في اللسان (1: 209) بدون نسبة.
(4) التكملة من اللسان (1: 210) ونصه: "والألب ابتداء برء الدمل".
(5) في اللسان عن ابن جني: "مابين الإبهام والسبابة". وفي القاموس: "الإلب بالكسر: الفتر".
(6) في الأصل: "واحد" بالحاء المهملة، صوابه بالجيم.(1/134)
* تَبَشّرِي بماتِحٍ أَلُوبِ(1) *
فقيل هو الذي يُتابع الدِّلاء يستقي ببعضها في إثر بعض، كما يتألَّب القومُ بعضُهم إلى بعض.
(ألت) الهمزة واللام والتاء كلمةٌ واحدة، تدلُّ على النُّقصان، يقال ألَتَهُ يَأْلِتُهُ أي نقصه. قال الله تعالى: { لا يَأْلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً(2) } [الحجرات 14] أي لا ينقصكم.
ألس - ألف
(ألس) الهمزة واللام والسين كلمةٌ واحدة، وهي الخيانة. العرب تسمّي الخيانة ألْساً، يقولون: "لا يُدالِسُ ولا يُؤَالِس".
(ألف) الهمزة واللام والفاء أصل واحد، يدلُّ على انضمام الشيء إلى الشيء، والأشياء الكثيرة أيضاً. قال الخليل: الأَلْفُ معروفٌ، والجمع الآلاف. وقد آلَفتِ الإبلُ، ممدودة، أي صارت ألفاً. قال ابنُ الأعرابي: آلَفْتُ القومَ: صيَّرتهم أَلْفاً، وآلَفْتهم، صيَّرتهم ألفاً بغيري، وآلفوا: صارُوا ألفاً. ومثله أخْمَسُوا، وأماؤوا. وهذا قياس صحيح، لأنّ الألف اجتماع المِئين. قال الخليل: ألِفْتُ الشيءَ آلَفُه. والأُلْفَة مصدر الائتلاف . وإلْفُكَ وأليفك: الذي تألفه. [و] كلُّ شيءٍ ضممتَ* بعضَه إلى بعضٍ فقد ألّفته تأليفاً. الأصمعيّ: يقال ألِفْتُ الشيء آلَفُه إلْفاً وأنا آلِفٌ، وآلَفْتُه وأنا مُؤْلفٌ. قال ذو الرمّة:
من المؤْلِفَات الرَّمْلِ أدْماءُ حُرَّةٌ
شُعاعُ الضُّحَى في لَوْنها يتوضَّحُ(3)
__________
(1) البيت في اللسان (1: 210).
(2) هي قراءة الحسن والأعرج وأبي عمرو، كما في تفسير أبي حيان (8: 117). وفي الأصل:
{ لا يَلِتْكُمْ } بقراءة جمهور القراء، وإيرادها هنا خطأ، وموضعها مادة (ليت).
(3) البيت في ديوانه 80 واللسان (10: 352) ويروى: "من الآفات" و"من الموطنات" كما في شرح الديوان.(1/135)
قال أبو زيد: أهل الحجاز يقولون آلَفْتُ المكانَ والقومَ. وآلَفْتُ غيري أيضاً حملته على أن يألَفَ. قال الخليل: وأوالِفُ الطّير: التي بمكة وغيرِها. قال(1):
* أوَالِفاً مَكّة مِنْ وُرْقِ الحَمِي(2) *
ويقال آلَفَت هذه الطَّيرُ موضعَ كذا، وهن مُؤْلِفاتٌ، لأنّها لا تبرح
ألق - الك
فأما قوله تعالى: { لإيلاَفِ قُرَيْشٍ(3) } [قريش 1]. قال أبو زيد: المألف: الشجر المُودِق الذي يدنو إليه الصّيد لإلْفِه إيّاهُ، فيَدِقُ إليه(4).
(ألق) الهمزة واللام والقاف أصلٌ يدلُّ على الخفّة والطيش، واللَّمعانِ بسُرعة. قال الخليل: الإلْقَة: السِّعلاة، والذِّئبة، والمرأة الجريئة، لخبثهنَّ. قال ابنُ السِّكِّيت: والجمع إلَقٌ. قال شاعر(5):
* جَدَّ وَجَدَّتْ إلَقَةًٌ من الإلَقْ *
قال: ويقال امرأةٌ ألَقَى سريعة الوَثْب. قال بعضُهم: رجل ألاَّقٌ أي كذّاب. وقد ألَق بالكذب يَأْلِقُ أَلْقاً. قال أبو عليّ الأصفهاني، عن القريعيّ: تألَّقَت المرأة، إذا شمّرت للخصومة واستعدّت للشرّ ورفعت رأسَها. قال ابن الأعرابيّ: معناه صارت مثل الإلْقة. وذكر ابن السكّيت: امرأة إلْقَةٌ ورجل إلْقٌ. ومن هذا القياس: ائتلق البرق ائتلاقاً إذا برق، وتألَّق تأَلُّقاً. قال:
__________
(1) هوالعجاج من أرجوزة في ديوانه ص58-62. وانظر سيبويه (1: 8، 56) واللسان (15: 48).
(2) هذه رواية سيبويه في (1: 56) واللسان (10: 354) وفي غيرهما: "قواطنا مكة" و"الحمى" أراد: الحمام، فحذف الميم وقلب الألف ياء. وقبل هذا البيت:
ورب هذا البلد المحرم
والقاطنات البيت غير الريم
(3) كذا جاء الكلام هاهنا ناقصا. وفي اللسان: "يقول تعالى: أهلكت أصحاب الفيل لأولف قريشاً مكة، ولتؤلف قريش رحلة الشتاء والصيف، أي تجمع بينهما، إذا فرغوا من ذه أخذوا في ذه".
(4) ودق الصيد يدق ودقا، إذا دنا منك.
(5) هو الراجز رؤبة بن العجاج، انظر ديوانه 107 والحيوان (2: 285/ 6: 314).(1/136)
يُصِيخُ طَوْراً وطَوْراً يقْترِي دَهِساً
كأنّه كوكَبٌ بالرَّمْلِ يأتلِقُ
(ألك) الهمزة واللام والكاف أصلٌ واحد، وهو تَحمُّلُ الرِّسالة. قال الخليل: الأَلُوكُ الرسالة، وهي المألُكَةُ على مَفْعَُلَة. قال النابغة(1):
أمن
ألِكْني يا عُييْنَُ إليك قولاً
ستحمِلُه الرُّواة إليكَ عَنِّي(2)
قال: وإنما سمِّيت الرسالة أَلُوكاً لأنها تؤلَكُ(3) في الفم، مشتقٌّ من قول العرب: الفرس يَألَكُ باللّجام ويعلُكه، إذا مضغ الحديدة. قال: ويجوز للشاعر تذكير المَأْلَكَة(4). قال عديّ:
أبْلِغِ النُّعمان عنّي مألُكاً
أنَّه قد طال حَبْسي وانتظاري
وقول العرب: "أَلِكْني إلى فلانٍ"، المعنى تَحَمَّلْ رسالتي إليه. قال:
ألِكْني إليها عَمْرَك اللهَ يا فَتَى
بآيةِ ما جاءت إلينا تهادِيا(5)
قال أبو زيد: أَلَكْته أُلِيكُهُ(6) إلاكةً، إذا أرسلته. قال يونس بن حبيب: استلأك فلانٌ لِفلان(7) أي ذهب برسالته، والقياس استألك.
(باب الهمزة والميم وما بعدهما في الثلاثي)
__________
(1) من قصيدة له في ديوانه ص78 من خمسة دواوين العرب. قالها حين قتلت بنو عيسى نضلة الأسدي وقتلت بنو أسد منهم رجلين، فأراد عبيد بن حصن عون بني عبس، وأن يخرج بني أسد من حلف بني ذبيان.
(2) في اللسان (12: 273). "ياعتيق" محرف. وعجزه في اللسان: "ستهديه الرواة إليك عني"، وفي الديوان: "سأهديه إليك إليك عني".
(3) في الأصل: "توالك".
(4) في أصل: "تنكير المألكة"، والوجه ما أثبت. على أنه قد روي في اللسان عن محمد بن يزيد أنه قال: "مألك جمع مألكة".
(5) البيت لسحيم: كما في المجمل. وفي الأصل: "جاءت إليها" صوابه من المجمل.
(6) في الأصل: "ألكة" صوابه من المجمل. وهو في وزن أقمته أقيمه إقامة، وأصبته أصيبه إصابة.
(7) في الأصل: "بفلان".(1/137)
(أمن) الهمزة والميم والنون أصلان متقاربان: أحدهما الأمانة التي هي ضدّ الخيانة، ومعناها سُكون القلب، والآخر التصديق. والمعنيان كما قلنا متدانيان. قال الخليل: الأَمَنَةُ مِن الأمْن. والأمان إعطاء الأَمَنَة. والأمانة ضدُّ الخيانة.
أمن
يقال أمِنْتُ الرّجُلَ أَمْناً وأَمَنَةً وأَماناً، وآمنني يُؤْمنني إيماناً. والعرب تقول: رجل أُمَّانٌ، إذا كان أميناً. قال الأعشى(1):
ولقد شَهِدْتُ التّاجِر الـ
أُمّانَ موْرُوداً شرابُه
وما كان أميناً ولقد أَمُنَ. قال أبو حاتم: الأمين المؤتَمِن. قال النابغة:
وكنتَ أمينَهُ لو لم تخُنْه
ولكن لا أمانَةَ لليماني(2)
وقال حسّان:
وَأمينٍ حَفَّظْتُه سِرَّ نفسي
فوَعاهُ حِفْظَ الأمينِ الأمِينا(3)
الأوّل مفعول والثاني فاعل، كأنّه قال: حفْظ المؤتَمَن المؤتَمِن. وبيْتٌ آمِنٌ ذو أَمْن. قال الله تعالى: { رَبِّ اجْعَلْ هذا البَلَدَ آمِناً } [إبراهيم 35]. وأنشد اللِّحيانيّ:
ألم تعلَمي يا أَسْمَ وَيْحَكِ أَنَّني
حَلَفْتُ يميناً لا أَخُون أمِيني(4)
أي آمِني. وقال اللّحياني وغيره: رجلٌ أُمَنَة إذا كان يأمَنه الناسُ ولا يخافون غَائِلَتَهُ؛ وأَمَنَةٌ بالفتح يصدّق ما سَمِع ولا يكذِّب بشيءٍ، يثق بالناس. فأما قولهم: أعطيتُ فلاناً من آمَنِ مالي فقالوا: معناهُ مِن أعَزِّه عليّ. وهذا وإن كان كذا فالمعنى معنى الباب كلِّه، لأنّه إذا كان من أعزّه عليه فهو الذي تسكن نفسهُ. وأنشدوا قولَ القائل:
ونِقِي بآمَن مالِنا أحسابَنَا
__________
(1) انظر ديوانه ص54 واللسان (أمن 162).
(2) ديوان النابغة 78.
(3) ديوان حسان 414 بلفظ: "حدثته سر نفسي فرعاه".
(4) ويروى: "لا أخون يميني" أي الذي يأتمنني. وقيل إن الأمين في هذا البيت بمعنى المأمون. انظر اللسان (أمن 160-161).(1/138)
و*نُجِِرُّ في الهَيْجَا الرّمَاحَ ونَدّعِي(1)
أمن
وفي المثل: "مِن مَأمَنِه يُؤْتَى الحَذِر" ويقولون: "البَلَوِيُّ أخُوك ولا تأمَنْه(2)"، يُراد به التَّحذير.
وأمّا التّصديق فقول الله تعالى: { وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا } [يوسف 17] أي مصدِّقٍ لنا. وقال بعض أهل العلم: إن "المؤمن" في صفات الله تعالى هو أن يَصْدُق ما وَعَدَ عبدَه من الثّواب. وقال آخرون: هو مؤمنٌ لأوليائه يؤْمِنُهم عذابَه ولا يظلمُهم. فهذا قد عاد إلى المعنى الأوّل. ومنه قول النّابغة:
والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرِ يمسحُها
رُكْبانُ مَكة بين الغِيلِ والسَّعَدِ(3)
ومن الباب الثاني- والله أَعلمُ- قولنا في الدعاء: "آمين"، قالوا: تفسيره: اللهم افْعَل، ويقال هو اسمٌ من أسماء الله تعالى. قال:
تباعَدَ مِنِّي فُطْحُلٌ وابنُ أُمِّهِ
أَمِينَ فزادَ اللهُ ما بيننا بُعْدا(4)
وربما مَدُّوا، وحُجّتُه قولُه(5)
يا رَبِّ لا تسلِبَنّي حُبَّها أبداً
ويَرْحَمُ اللهُ عَبْداً قالَ آمِينَا
أمه – أمو/ي
__________
(1) البيت للحادرة الذبياني في المفضليات (1: 43) ويروى: "بآمن" بكسر الميم.
(2) البلوى: منسوب إلى بلى، وهم بنو عمرو بن الحاف بن قضاعة، انظر الإنباه على قبائل الرواة ص132.
(3) والمؤمن، بالجر على القسم، أو هو عطف على "الذي" في البيت قبله. وهو كما في الديوان 24:
فلا لعمر الذي مسحت كعبته
وما هريق على الأنصاب من جسد
... وفي الأصل"والسند"، صوابه من الديوان. والسعد: أجمة بين مكة ومنى.
(4) أنشده في اللسان (16: 167) برواية: "فطحل إذ سألته" وعلق عليه بقوله: "أراد: زاد الله ما بيننا بعداً. أمين".
(5) البيت لعمر بن أبي ربيعة، كما في اللسان.(1/139)
(أمه) وأما الهمزة والميم والهاء. فقد ذكروا في قول الله: { وادّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ } [يوسف 45] على قراءة من قرأها كذلك(1)، أنّه النّسيان، يقال أمِهْتُ إذَا نسِيتَ. وذا حرفٌ واحد لا يقاسُ عليه.
(أمو/ي) وأما الهمزة والميم [وما] بعدهما من المعتلّ فأصلٌ واحد. وهو عُبوديّة المملوكة. قال الخليل: الأمَة المرأة ذات عُبوديّة. تقول أقرّتْ بالأمُوَّة. قال:
* كما تَهْدِي إلى العُرُساتِ آمِ(2) *
وتقول: تأمَّيْتُ فُلانةَ جعلتُها أَمَةً. وكذلك استَأْمَيْتُ. قال:
* يرضَوْنَ بالتّعْبيدِ والتّأَمّي(3) *
ولو قيل: تَأَمّتْ، أي صارت أمةً، لكان صواباً. وقال في الأُمِيّ(4):
إذا تبارَين معاً كالأُمِيِّ
في سَبْسَبٍ مطَّرِد القَتَامْ
ولقد أَمِيتِ وتَأَمّيْتِ أُمُوّةً. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال استَأْمَتْ إذا أَشْبَهَت الإماءَ، وليست بمستأميةٍ إذا لم تشبِهْهن وكذلك عبدٌ مستعبِدٌ.
أمت - أمد - أمر
(أمت) الهمزة والميم والتاء أصلٌ واحد لا يقاس عليه، وهو الأَمْتُ، قال الله تعالى: { لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً ولاَ أَمْتاً } [طه 107]. قال الخليل: العِوَج والأمْتُ بمعنىً واحد. وقال آخرون – وهو ذلك المعنى – إنّ الأمْتَ أن يغلُظ مكانٌ ويَرِقّ مكان.
__________
(1) هي قراءة ابن عباس، وزيد بن علي، والضحاك، وقتادة، وأبي رجاء، وشبيل بن عزرة، وربيعة بن عمرو، وكذلك قرأها ابن عمر، ومجاهد، وعكرمة، باختلاف عنهم. وقرئ أيضاً { إِمّة } بكسر الهمزة وتشديد الميم. وقرأها الجمهور بضم الهمزة وتشديد الميم. انظر تفسير أبي حيان (5: 314) واللسان (أمه).
(2) تهدي: تتقدم. ورواية اللسان (18: 47): "تردي" وصدره:
* تركت الطير حاجلة عليه *
(3) البيت لرؤبة في ديوانه 143 واللسان (18: 48). وقبله:
*ما الناس إلا كالثمام الثم *
(4) يقال "أُمي" و"أَمي" بضم الهمزة وفتحها، كما في أمالي ثعلب 643.(1/140)
(أمد) الهمزة والميم والدال، الأمد: الغاية. كلمةٌ واحدة لا يقاس عليها.
(أمر) الهمزة والميم والراء أصولٌ خمسةٌ: الأمر من الأمور، والأمر ضدّ النهي، والأَمَر النَّماء والبَرَكة بفتح الميم، والمَعْلَم، والعَجَب.
فأمّا الواحد من الأمور فقولهم هذا أمرٌ رَضِيُتُه، وأمرٌ لا أَرضاه. وفي المثل: "أمْرٌ] ما أتَى بك". ومن ذلك في المثل: "لأمْرٍ ما يُسوَّد من يَسُوُد(1)". والأمر الذي هو نقيض النَّهْي قولك افعَلْ كذا. قال الأصمعيّ: يقال: لي عليك أمْرَةٌ مطاعَةٌ، أي لي عليك أنْ آمُرَكَ مرّةً واحدةً فتُطِيعَني. قال الكسائي: فلان يُؤامِرُ نفسَيْه، أي نفسٌ تأمره بشيءٍ ونفسٌ تأمره بآخَر. وقال: إنّه لأَمُورٌ بالمعروف ونَهِيٌّ عن المنكر(2)، من قوم أُمُرٍ. ومن هذا الباب الإمْرَة والإمارة، وصاحبها أميرٌ ومؤمَّر. قال ابن الأعرابيّ: أمَّرتُ فلاناً أي جعلتُه أميراً. وأَمَرْتُه وآمرتُه كلُّهن بمعنىً واحد(3). قال ابنُ الأعرابيّ: أمر فلانٌ على قومه، إذا صار
أمر
أميراً(4). ومن هذا الباب الإمَّرُ الذي لا يزال يستأمِر النّاسَ وينتهي إلى أمرهم. قال الأصمعي: الإمّرُ الرّجل الضعيف الرأي الأحمق. الذي يَسمعُ كلامَ هذا [وكلام هذا(5)] فلا يدري بأيِّ شيءٍ يأخُذ. قال:
ولستُ بِذِي رَثْيَةٍ إمَّرٍ
__________
(1) لعل أقدم من استعمل هذا المثل في شعره أنس بن مدركة الخثعمي، قال:
عزمت على إقامة ذي صباح
لأمر ما يسود من يسود
... انظر الحيوان (3: 81) وسيبويه (1: 116) والخزانة (1: 476). وأمثال الميداني (2: 130).
(2) نقل في اللسان كلام ابن بري على "نهى" فروى العبارة: "نهو عن المنكر" وقال: كان قياسه أن يقال نهيّ، لأن الواو والياء إذا اجتمعتا وسبق الأول بالسكون قلبت الواو ياء.
(3) المعروف في هذا المعنى صيغة التشديد فقط.
(4) يقال أَمَر وأَمُر وأَمِر، بفتح الهمزة وتثليث الميم.
(5) زدتها مطاوعة للسياق.(1/141)
إذا قِيدَ مُستكْرَهاً أَصْحَبَا(1)
وتقول العرب: "إذا طلعت الشِّعرَى سَحَراً، ولم تَرَ فيها مَطراً، فلا تُلْحِقَنَّ فيها إمَّرَةً ولا إمَّراً"(2)، يقول: لا تُرسِل في إبلك رجلاً لا عقل له.
وأمّا النّماء فقال الخليل: الأمَرُ النّماء والبَرَكة وامْرَأَةٌ أَمِرَةٌ أي مباركةٌ على زوجها. وقد أمِرَ الشّيء أَي كثُر. ويقول العرب: "من قَلَّ ذَلَّ، ومن أَمِر فَلّ"(3) أَي من كثُرَ غَلَبَ. وتقول: أمِرَ بنو فلان أمَرَةً(4) أي كثُروا وولدَتْ نَعَمُهُم. قال لبيد:
إنْ يُغْبَطُوا يَهْبِطُوا وإنْ أَمِرُوا
يَوْماً يصيروا للهُلْكِ والنَّفَدِ(5)
قال الأصمعيّ: يقول العرب: "خيرُ المالِ سِكّةٌ مَأْبُورَة، أو* مُهْرَةٌ مأمورة" وهي الكثيرةُ الولدِ المبارَكة. ويقال: أَمرَ الله ماله وآمَرَه. ومنه "مُهرةٌ مأمورة"
أمع
ومن الأوّل: { أَمَرْنا مُتْرَفِيها } [الإسراء 16]. ومن قرأ (أَمَّرْنا) فتأويله وَلَّيْنا(6).
وأمّا المَعْلَمُ والمَوْعِد فقال الخليل: الأَمارة المَوْعِد. قال العجاج(7):
* إلى أمَارٍ وأمَارِ مُدَّتي(8) *
__________
(1) البيت لامرئ القيس في ديوانه 156 واللسان (أمر 92): والرثية: الضعف، والحمق. وفي الأصل واللسان: "ريثة" صواب روايته من الديوان وأمالي ثعلب 45 واللسان (2: 9).
(2) انظر أمالي ثعلب ص558.
(3) بالفاء، والتي قبلها بالقاف من القلة. وفي اللسان (14: 46) بالفاء في الموضعين، محرف.
(4) في الأصل: "أمارة" صوابه من القاموس، يقال: أمر أمراً وأمرة.
(5) البيت في ديوان لبيد ص19 طبع فينا 1880. وقد أنشده في اللسان (هبط 300) برواية: "يوماً فهم للفناء". وفي (أمر 88): "يوماً يصيروا للهلك والنكد". وهذه الأخيرة هي رواية الديوان.
(6) انظر: أمالي ثعلب ص609.
(7) في الأصل: "الحجاج"، تحريف. انظر ديوان العجاج ص6 واللسان (5: 93).
(8) في الأصل: "مدى"، محرف. وقبل البيت:
* إذ ردها بكيده فارتدت *(1/142)
قال الأصمعيّ: الأمارة العلامة، تقول اجْعَلْ بيني وبينك أمَارة وأمَاراً. قال:
إذا الشّمسُ ذرّتْ في البلادِ فإنّها
أَمَارةُ تسليمي عليكِ فسلِّمي(1)
والأمارُ أمارُ الطّريق: مَعالِمُه، الواحدة أَمارة. قال حُمَيد بن ثَور:
بِسواءِ مَجْمَعَةٍ كأنَّ أمَارةً
فيها إذا برزَتْ فَنيقٌ يَخْطِر(2)
والأمَرُ واليَأْمُور(3) العَلَم أَيضاً، يقال: جعلتُ بيني وبينه أمَاراً ووَقْتا ومَوْعِداً وأَجَلاً، كل ذلك أَمارٌ.
وأمّا العَجَبُ فقول الله تعالى: { لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إمْراً } [الكهف 71].
(أمع) الهمزة والميم والعين، ليس بأصل، والذي جاء فيه رجلٌ إمَّعَةٌ، وهو الضعيف الرّأْي، القائلُ لكلِّ أحدٍ أنا معَك. قال ابنُ مسعود: "لا يكونَنَّ أَحَدُكم إمَّعَةً"، والأصل "مع" والألف زائدة.
أمل
(أمل) الهمزة والميم واللام أصلان: الأول التثبُّت والانتظار، والثاني الحَبْل من الرَّمل. فأمّا الأول فقال الخليل: الأمل الرَّجاء، فتقول أمَّلتُه أُؤَمِّله تأميلاً، وأَمَلْتُه آمُلُهُ أَمْلاً وإمْلَةً على بناء جِلْسَة. وهذا فيه بعضُ الانتظار. وقال أيضاً: التأمُّل التثبّت في النَّظر. قال(4):
تَأَمَّلْ خَليلي هَلْ تَرَى مِن ظعائنٍ
تَحَمَّلْنَ بالعَلياءِ من فوق جُرْثُمِ
وقال المرار:
تَأَمَّلْ ما تَقُولُ وكُنْتَ قِدْماً
قُطامِيَّاً تأمُّلُهُ قليلُ(5)
القُطاميَّ: الصَّقْر، وهو مُكتَفٍ بنظرةٍ واحدة.
__________
(1) رواية اللسان (5: 93): "إذا طلعت شمس النهار".
(2) في اللسان: "كأن أمارة منها.
(3) لم يذكرها في اللسان. وبدلها في القاموس: "التؤمور" قال: "التآمير الأعلام في المفاوز، الواحد تؤمور".
(4) هو زهير، في معلقته.
(5) البيت وتفسيره في اللسان (قطم) بدون نسبه.(1/143)
والأصل الثاني قال الخليل: والأمِيلُ حبْلٌ من الرمل معتزِلٌ معْظَمَ الرّمل، وهو على تقدير فَعِيل، وجمْعُه أُمُل. أَنشد ابنُ الأعرابيّ:
* وقد تجشّمت أمِيلَ الأمْلِ(1) *
تجشّمت: تعسَّفت. وأمِيل الأُمُلِ: أعظَمُها. وقال:
فانصاعَ مذْعُوراً وما تَصَدَّفاً
كالبَرْقِ يجتازُ أَمِيلاً أَعْرَفَا(2)
قال الأصمعيّ: في المثل: "قد كان بينَ الأَميلَين مَحَلٌّ" يُراد قد كان في الأرض متّسَعٌ.
أني
(باب الهمزة والنون وما بعدهما في الثلاثي)
(أني) الهمزة والنون وما بعدهما من المعتل، له أصول أربعة: البُطء وما أشبهه مِن الحِلم وغيره(3)، وساعةٌ من الزمان، وإدراك الشيء، وظَرف من الظروف. فأ[مّا ا]لأوّل فقال الخليل: الأناةُ(4) الحِلم، والفعل منه تأنَّى وتأَيَّا. وينشد قول الكُمَيت:
قِفْ بالدِّيارِ وُقُوفَ زَائِرْ
وتَأَنَّ إنّك غَيرُ صَاغِرْ(5)
ويروى: "وتأَيَّ" ويقال للتمكُّث في الأمور التأنِّي . وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للذي تَخَطَّى رقابَ النّاس يوم الجمعة: "رأيتك آذَيْتَ وآنَيْتَ" يعني أخّرتَ المجيءَ وأبطأْت(6)، وقال الحطيئة:
وآنَيْتُ العِشاء إلى سُهَيلٍ
أو الشِّعْرَى فطال بيَ الأَنَاءُ(7)
ويقال من الأنَاة رُجُلٌ أَنِيٌّ ذو أَنَاةٍ. قال:
* واحْلُمْ فذُو الرّأْيِ الأِنيُّ الأحْلَمُ *
وقيل لابنة الخُسّ: هل يُلْقِحُ الثَّنِيّ. قالت: نعم وإلقاحُه أَنِيٌّ. أي بطيّ.
أني
__________
(1) سكن ميم "الأمل" للشعر.
(2) البيت في اللسان (أمل).
(3) في الأصل: "والحلم وغيره".
(4) في الأصل: "الأناءة".
(5) في الأصل: "صاعر" صوابه من اللسان (18: 67) حيث أنشده برواية: "وتأي" وانظر بعض أبيات القصيدة في الأغاني (15: 111، 113، 114) في ترجمة الكميت ابن زيد.
(6) و"آذيت" أي آذيت الناس بتخطيك.
(7) ديوانه ص25 واللسان (18: 51). وفيه (18: 52): "ورواه أبو سعيد: وأنيت، بتشديد النون".(1/144)
ويقال: فلان خَيْرُهُ أنِيٌّ، أي بطيّ. والأنَا، من الأناة والتُّؤَدة. قال:
* طالَ الأَنَا وزَايَلَ الحَقَّ الأَشَرْ(1) *
وقالَ:
أَنَاةً وَحِلماً وانتظاراً بهم غداً
فما أنا بالواني ولا الضّرَع الغُمْرِ(2)
وتقول للرّجل: إنّه لذو أناةٍ، أي لا يَعجَل في الأمور، وهو آنٍ وقورٌ. قال النابغة:
الرِّفْق يُمْنٌ والأَناةُ سَعَادَةٌ
فاستأْنِ في رفق تلاق نجاحا(3)
واستأنيت فلاناً، أي لم أُعْجِلْه. ويقال للمرأة الحليمة المباركة أناةٌ، والجمع أنَوَاتٌ. قال أبو عُبيد: الأَناة: المرأة التي فيها فُتورٌ عند القيام.
وأما الزَّمان فالإنَى والأَنَى، ساعةٌ من ساعات الليل، والجمع آناءٌ، وكلُّ إنىً ساعةٌ. وابنُ الأعرابيّ: يقال أُنيٌّ في الجميع(4). قال:
يا ليتَ لي مثلَ شَريبي من غَنِي(5)
وهو شَرِيبُ الصِّدْقِ ضَحّاكُ الأُنِيّ
إذ الدّلاء حَملتْهُنّ الدُّلِي
يقول: في أيِّ ساعةٍ جِئتَه وجدتَه يَضحك.
أنب - أنت
__________
(1) البيت للعجاج في ديوانه ص16 واللسان (18: 52).
(2) البيت لابن الذئبة الثقفي، كما في أمالي ثعلب ص173، وشرح شواهد المغني للسيوطي 264 وتنبيه البكري على القالي 24. ونسب إلى عامر بن مجنون الجرمي في حماسة البحتري 104 وإلى وعلة بن الحارث الجرمي في المؤتلف 196 وإلى الأجرد الثقفي في الشعراء 172. وانظر الكامل 155 ليبسك، ويروى: "فما أنا بالواني".
(3) البيت لم يرد في ديوان النابغة، وصدره بدون نسبة في اللسان (18: 51).
(4) أي في الجمع، ويقال في جمعه "آناء" أيضاً، كما سبق.
(5) هم غني بن أعصر بن سعد بن قيس بن عيلان. انظر المعارف 36 والاشتقاق 164. وفي اللسان
(18: 52): "من نمي"، ولم أجده في قبائلهم.(1/145)
وأمَّا إدراك الشيء*فالإنى، تقول: انتظرنا إنَى اللَّحم، إي إدراكَه. وتقول: ما أنَى لك ولم يَأْنِ لك، أي لم يَحِنْ. قال الله تعالى: { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا } [الحديد 16] أي لم يَحِنْ. وآنَ يَئينُ. واستأنَيت الطعامَ، أي انتظرتُ إدراكه. وَ { حَمِيمٍ آنٍ } [الرحمن 44] قد انتهى حَرُّه. والفعل أنَى الماءُ المسخَّنُ يأْنِي. و"عَيْنٌ آنِيَةٌ"(1) قال عباس:
عَلانِيَةً والخيلُ يَغْشَى مُتُونَها
حَمِيمٌ وآنٍ من دَمِ الجوف ناقِعُ
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال آن يَئين أَيْناً وأنَى لك يأني أَنْياً، أي حان. ويقال: أَتَيْتُ فلانا آيِنَةً بعد آيِنَةٍ، أي أَحياناً بعد أحيان، ويقال تارةً بعد تَارة. وقال الله تعالى: { غَيْرَ نَاظِرِينَ إنَاهُ } [الأحزاب 53].
وأمَّا الظَّرف فالإناء ممدود، من الآنيةِ. والأواني جمع جمعٍ، يُجمَعُ فِعال على أفعِلة.
(أنب) الهمزة والنون والباء، حرفٌ واحد، أنّبْته تأنيباً أي وبَّخته ولمُته. والأُنبوب ما بين كلِّ عُقْدتين. ويزعمون أن الأنَابَ المِسْك(2)، واللهُ أعلمُ بصحّته. وينشدون قولَ الفرزدق:
كأنَّ تريكةً من ماء مُزْنٍ
ودَارِيَّ الأنَابِ مع المُدامِ(3)
(أنت) الهمزة والنون والتاء، شذَّ عن كتاب الخليل في هذا النّسق،
أنث- أنح
وكذلك عن ابن دريد(4). وقال غيرهما: وهو يأنِت أي يَزْحَرُ(5). وقالوا أيضاً: المأنُوتُ المعيون. هذا عن أبي حاتم. ويقال المأنوت المُقَدَّر. قال:
* هيهات منها ماؤُها المَأنُوتُ *
__________
(1) هي في قوله تعالى: { تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ } [الغاشية 5].
(2) في اللسان أنه ضرب من العطر يضاهي المسك.
(3) روايته في الديوان 836:
* وداري الذكي مع المدام *
(4) كذا، ولعله ساقط من نسخته. انظر الجمهرة (3: 269).
(5) ذكر في اللسان أن الأنيت الأنين. وفي الجمهرة: "وهو أشد من الأنين".(1/146)
(أنث) وأما الهمزة والنون والثاء فقال الخليل وغيره: الأُنثى خلاف الذكر. ويقال سيف [أَنِيثُ(1)] الحديدِ، إذا كانت حديدته أُنثى(2). والأُنثَيانِ: الخُصيتان. والأُنْثَيانِ أيضاً: الأذُنانِ. قال:
وكنَّا إذا الجَبَّار صَعَّر خدَّه ضربناه تحْتَ الأنْثَيينِ على الكَرْدِ(3)
وأرضٌ أنِيثَةٌ: حسنَة النَّبات.
(أنح) الهمزة والنون والحاء أصلٌ واحدٌ، وهو صوتُ تنحنُح وزَحِير، يقال أنَحَ يأَنَحُ أَنْحاً، إذا تنحنح من مَرضٍ أو بُهْرٍ ولم يَئِنَّ. قال:
ترى الفِئامَ قياماً يأنِحونَ لها
دَأْبَ المُعضِّلُ إذْ ضاقَتْ مَلاَقِيها
قال أبو عُبيد: وهو صوتٌ مع تنحنُحٍ ومصدره الأُنُوح. والفِئام: الجماعة يَأْنحِون لها، يريد للمنجنيق. قال أبو عمرو: الآنِح على مثل فاعل: الذي إذا سُئِل شيئاً تنحنح مِن بُخْلِه، وهو يأنَح ويأنِح مثل يزْحَِر سواء. والأَنَّاح فَعّال منه. قال:
ليسَ بأنَّاحٍ طويلٍ غُمَرُهْ
جافٍ عن المولَى بِطِيءٍ نَظَرُه
أنس - أنض
قال النَّضر: الأَنوح من الرّجال الذي إذا حَمَل حِمْلاً قال: أح أح. قال:
لِهَمُّونَ لا يستطيعُ أَحمالَ مِثْلِهم
أَنُوحٌ ولا جاذٍ قصيرُ القوائمِ
الجاذي: القصير.
__________
(1) تكملة يقتضيها السياق.
(2) أي لينة. ويقابله السيف الذكير، وهو الصلب الحديدة.
(3) الكرد: العنق. والبيت للفرزدق في ديوانه 210 واللسان (2: 417). ونحوه قول ذي الرمة:
وكنا إذا القيسي نب عتوده
ضربناه فوق الأنثيين على الكرد
... ويختلف الرواة في بيت الفرزدق فيروونه أيضاً: " إذا القيسي نب عتوده".(1/147)
(أنس) الهمزة والنون والسين أصلٌ واحد، وهو ظهورُ الشيء، وكلُّ شيءٍ خالَفَ طريقة التوحُّش. قالوا: الإنْس خلاف الجِنّ، وسُمُّوا لظهورهم. يقال آنسْتُ الشيء إذا رأيتَه. قال الله تعالى: { فَإنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً } [النساء 6]. ويقال: آنَسْتُ الشيءَ إذا سمعتَه. وهذا مستعارٌ من الأوّل. قال الحارث(1):
آنََستْ نَبأةً وأفزعَها القُـ
ـنَّاصُ عَصْراً وقد دَنَا الإمساء
والأَنْس: أنْسُ الإنسانِ بالشيء إذا لم يسْتَوْحِشْ(2) منه. والعرب تقول: كيف ابن إنْسِك؟ إذا سأله عن نفسه.
ويقال إنسان وإنسانان وأناسيُّ. وإنسان العين: صَبِيّها الذي في السّواد(3).
(أنض) الهمزة والنون والضاد كلمةٌ واحدة لا يقاس عليها، يقال لحم أَنِيضٌ، إذا بقي فيه نُهُوءَةٌ، أي لم يَنْضَج. وقال زهير:
يُلَجْلِِجُ مُضْغَةً فيها أَنيضٌ
أَصَلَّتْ فهي تحتَ الكشحِِ داءُ(4)
تقول: آنَضْتُه إيناضاً، وأَنُضَ أناضَةً.
أنف
(أنف) الهمزة والنون والفاء أصلان منهما يتفرَّع مسائلُ الباب كلّها: أحدهما أخْذ الشيءِ من أوّلِه، والثاني أَنْف كلِّ ذي أنْف. وقياسه التحديد. فأمّا الأصل الأوّل فقال الخليل: استأنفت كذا، أي رجعتُ إلى أوّله، وائتنفت ائتنافاً. ومؤْتَنَف الأَمْر: ما يُبْتَدَأُ فيه. ومن هذا الباب قولهم: فعل كذا آنِفاً، كأنّه ابتداؤه. وقال الله تعالى: * { قَالُوا لِلَّذينَ أُوتُوا العِلْمَ ماذا قَالَ آنِفاً } [محمد 16].
__________
(1) هو الحارث بن حلزة اليشكري. والبيت في معلقته. وفي الأصل: "الحراث" محرف.
(2) في الأصل: "يتوحش".
(3) في اللسان (19: 183-184): "والصبي ناظر العين، وعزاه كراع إلى العامة". "ابن إنسك" ضبط في المخصص (13: 200): "ابن إنسك وابن أنسك".
(4) وكذا ورد إنشاده في اللسان (لجج، أنض)، وصواب الرواية: "تلجلج" بالخطاب. انظر ديوان زهير 82. وبعد البيت:
غصصت بنيئها فبشمت عنها
وعندك لو أردت لها دواء(1/148)
والأصل الثاني الأنف، معروف، والعدد آنُفٌ(1)، والجَمْع أُنُوفٌ. وبعيرٌ مأنوفٌ يساق بأنفه، لأنه إذا عَقَره الخِشاشُ انقاد. وبعير أَنِفٌ وآنِفٌ مقصور ممدود. ومنه الحديث: "المسلمون هَيِّنُون لَيِّنون، كالجمل الأَنِف، إنْ قِيدَ انْقَاد، وإن أُنِيخ اسْتَنَاخ"(2). ورجل أُنافِيٌّ عظيم الأنف. وأَنَفْتُ الرَّجلَ: ضربْتُ أنْفَه. وامرأةٌ أَنوفٌ طيّبة ريح الأنْف. فأما قولهم: أَنِفَ مِن كذا، فهو من الأنْف أيضاً، وهو كقولهم للمتكبِّر: "ورِمَ أنفُهُ". ذكر الأَنْف دون سائر الجسد لأنه يقال شمَخ بأَنْفه، يريد رفع رأسه كِبْرا، وهذا يكون من الغَضَب. قال:
* ولا يُهاجُ إذا ما أَنْفُه وَرِما *
أي لا يُكلَّم عند الغضَب. ويقال: "وجَعُهُ حيثُ لا يضَعُ الرّاقي(3) أَنْفَه". يضرَب لما لا دواءَ له. قال أبو عبيدة: بنو أنف النَّاقة بنو جعفر بن قُريع بن عَوف بن كعب بن سعد، يقال إنهم نَحَروا جَزُوراً كانوا غنِموها في بعض
أنف
غَزَواتهم، وقد تخلف جعفر بن قُريع، فجاءَ ولم يبقَ من النّاقة إلا الأنف فذهب به، فسمّوه به. هذا قول أبي عُبيدة. وقال الكَلْبيّ: سُمُّوا بذلك لأن قُريع بنَ عوفٍ نَحَر جزوراً وكان له أربعُ نسوة، فبعث إليهنّ بلحمٍ خلا أمَّ جعفرٍ، فقالتْ أمُّ جعفر: اذهَبْ واطلُبْ من أبيك لحما. فجاء ولم يبق إلا الأنف فأخذهُ فلزِمَه وهُجِيَ به. ولم يزالوا يُسَبُّون بذلك، إلى أن قال الحطيئة:
قومٌ هم الأنفُ والأذنابُ غيرهمُ
ومن يُسَوِّي بأَنفِ النّاقةِ الذّنَبا
__________
(1) يراد بهذا التعبير أقل الجمع، وهو ما يسمونه "جمع القلة". وصيغته أفعلة وأفعل وفعلة وأفعال. وهو يطلق على الثلاثة إلى العشرة، وسائر الصيغ للعشرة فما فوقها. انظر اللسان (أهن س2) وما سيأتي هنا في مادة (أهن) ص151.
(2) في اللسان (10: 355): "وإن أنيخ على صخرة استناخ".
(3) في الأصل: "الرامي" محرفة.(1/149)
فصار بذلك مدحاً لهم. وتقول العرب: فلان أَنْفِي، أي عِزِّي ومَفْخَرِي. قال شاعر:
* وأَنْفِي في المَقامَة وافتخارِي *
قال الخليل: أنْف اللِّحية طرَفُها، وأنف كلّ شيءٍ أوّله. قال:
* وقد أخَذَتْ مِن أَنْفِ لحيتَك اليدُ(1) *
وأنف الجبَل: أوّلُه وما بدا لك منه. قال :
خذا أنْفَ هَرْشَى أَوْ قَفَاها فإنّه
كِلا جانِبَيْ هَرْشَى لهنَّ طريقُ(2)
قال يعقوب: أنف البرد: أشدُّه. وجاء يعدُو أَنْفَ الشدّ، أي أشدّه. وأنف الأرض: ما استقبل الأرضَ من الجَلَد والضّواحي. ورجل مِئنافٌ: يسير في أنْف النهار. وخَمْرَةٌ أُنُفٌ أَوّلُ ما يَخرج منها. قال:
أنق
أُنُفٍ كَلَوْنِ دمِ الغَزالِ مُعَتَّقٍ
من خَمْرِ عانَةَ أو كُرُوم شِبَامِ(3)
وجارية أُنُفٌ مُؤتَنِفَة(4) الشّباب. قال ابنُ الأعرابي: أَنَّفت السِّراج إذا أحْدَدتَ طرفَه وسوَّيته، ومنه يقال في مدح الفَرس: "أُنِّفَ تأنيف السَّيْر" أي قُدَّ وسُوِّي كما يسوَّى السَّيْر. قال الأصمعيّ: سنانٌ مؤنَّف أي محدَّد. قال:
بكُلِّ هَتُوفٍ عَجْسُها رَضَوِيّةٍ
وسهمٍ كسَيْف الحميريِّ المؤنَّفِ
والتأنيف في العُرقوب: التَّحديد، ويُستَحبُّ ذلك من الفرس.
(أنق) الهمزة والنون والقاف يدلّ على أصلٍ واحد، وهو المُعْجِبُ والإعجاب. قال الخليل: الأَنَق الإعجاب بالشَّيء، تقول أَنِقْت به، وأنا آنَقُ به أَنَقَاً، [وأنا به أَنِقٌ(5)] أي مُعْجَبٌ. وآنَقَني يُونِقُني إيناقاً. قال:
__________
(1) هو لأبي خراش الهذلي. انظر اللسان (10: 356). وصدره .
* تخاصم قوماً لا تلقى جوابهم *
(2) هرشى: ثنية في طريق مكة. ويروى: "خذي أنف هرشى". ويروى: "خذا جنب هرشى". انظر المقاييس واللسان (هرش). ولم أجد للبيت نسبة.
(3) البيت لامرئ القيس في ديوانه 162. وعانة وشبام: موضعان.
(4) في الأصل: "مؤتنف".
(5) تكملة يقتضيها السياق. انظر أول المادة في اللسان.(1/150)
إذا بَرزَتْ مِنْ بَيتها راق عَيْنَها
مُعَوَِّذُهُ وآنَقَتْها العَقائِقُ(1)
وشيءٌ أنيقٌ ونباتٌ أَنيق. وقال في الأَنِقِ:
* لا أَمِنٌ جَليسُهُ ولا أَنِقْ(2) *
أبو عمرو: أَنِقْتُ الشيءَ آنَقُه أي أَحبَبْتُه، وتأَنّقْتُ المكانَ أَحبَبْته. عن
أنك - أهب
الفَرّاء. وقال الشّيبانيّ: هو يتأنَّق في الأَنَق، والأَنَقُ من الكلأ وغيرهِ، وذلك أن ينتقي أفضلَه. قال:
* جاء بنُو عَمِّك رُوَّادُ الأَنَقْ(3) *
وقد شذّت عن هذا الأصل كلمةٌ واحدة: الأَنُوقُ، وهي الرّخَمَة. وفي المثل: "طلَبَ بَيْضَ الأَنوق". ويقال إنّها لا تبيض ويقال بَلْ لا يُقدَر لها على بيض. وقال:
طلبَ الأبلقَ العقوقَ فلمّا
لمْ ينَلْهُ أرادَ بيضَ الأَنُوقِ(4)
(أنك) الهمزة والنون والكاف ليس فيه أصلٌ، غير أنّه قد ذُكِر الآنُك. ويقال هو خالص الرصاص، ويقال بل جنسٌ منه.
(باب الهمزة والهاء وما بعدهما في الثلاثي)
__________
(1) البيت لكثير عزة، كما في اللسان (5: 34/12: 127). وما سيأتي في (عوذ) ومعوذ النبت، بتشديد الواو المكسورة أو المفتوحة، وهو ما ينبت في أصل شجرة أو حجر يستره. وفي الأصل: "معوذها" صوابه من اللسان. يقول: إذا خرجت من بينها راقها معوذ النبت حول بيتها. ورواية اللسان في الموضعين: "وأعجبتها" موضع "وآنقتها".
(2) من رجز للقلاخ بن حزن المنقري يهجو به الجليد الكلابي. انظر اللسان (12: 11) وقد صحف في
(12: 264) بالشماخ. ويقال أمن وآمن وأمين بمعنى.
(3) الرجز في اللسان (11: 29).
(4) انظر حواشي الحيوان (3: 522) والشريشي (2: 204) والإصابة 1098 من قسم النساء.(1/151)
(أهب) الهمزة والهاء والباء كلمتان متباينتا الأصل، فالأولى الإهاب. قال ابنُ دُريد: الإهاب*: الجِلْد قبل أن يُدْبَغ، والجمع أَهَبٌ، وهو أحَدُ ما جُمع على فَعَلٍ وواحدُه فعيلٌ [وفعولٌ وفِعال(1)] : أديمٌ وأَدَمٌ، وأفِيقٌ وأَفَقٌ، وعمُود وعَمَدٌ، وإهاب وأَهَبٌ. وقال الخليل: كلُّ جلدٍ إهابٌ، والجمع أَهَبُ(2).
أهر - أهل
والكلمة الثانية التّأهُّب. قال الخليل: تأَهّبُوا للسّير. وأخذ فلانٌ أهْبَتَهُ، وتطرح الألف فيقال: هُبَتَه.
(أهر) الهمزة والهاء والراء كلمةٌ واحدة، ليست عند الخليل ولا ابنِ دُرَيد(3). وقال غيرهما: الأهَرَةُ متاعُ البيت.
(أهل) الهمزة والهاء واللام أصلان متباعدان، أحدهما الأَهْل. قال الخليل: أهل الرجل زَوْجُه. والتأهُّل التّزَوّج. وأهْل الرّجُل أخصُّ النّاسِ به. وأهل البيت: سُكّانه. وأهل الإسلام: مَن يَدِينُ به. وجميع الأهل أَهْلُون. والأهالي جماعةُ الجماعة. قال النابغة(4):
ثلاثَةَ أهْلِينَ أفْنَيْتُهُمْ
وكان الإلهُ هو المُسْتآسا
وتقول: أهّلْتُه لهذا الأمر تأهيلاً. ومكان آهِلٌ مَأْهول. قال:
وقِدْماً كانَ مَأْهولاً
فأَمْسَى مرتَعَ العُفْرِ(5)
وقال الراجز(6):
عرَفْتُ بالنَّصرية المنازلا(7)
__________
(1) تكملة يقتضيها السياق. أثبتها مستضيئاً بما في الجمهرة (3: 213).
(2) ويقال أيضاً "أهب" بضمتين على القياس.
(3) الحق أن ابن دريد قد ذكرها في الجمهرة (1: 29/2: 376). وعذر ابن فارس أن ابن دريد ذكرها عرضاً في تركيب (ب ز ز ، رزم) ولم يرسم لها. ويبدو بوضوح هنا فائدة الفهارس الحديثة في إظهار خبايا المصنفات.
(4) هو النابغة الجعدي، كما في كتاب المعمرين 65، واللسان (أوس)، والأغاني (4: 129). وانظر ما سيأتي في مادة (أوس).
(5) البيت في اللسان (13: 30).
(6) هو رؤبة. انظر ديوانه 121 واللسان (13: 30).
(7) في الأصل: "بالضربة"، صوابه من الديوان واللسان.(1/152)
قفراً وكانت مِنْهُمُ مآهِلاَ
وكلُّ شيءٍ من الدوابّ وغيرها إذا ألف مكاناً فهو آهِلٌ وأهْلِيٌّ. وفي الحديث:
أهن - أوي
"نهى عن لُحوم الحُمُر(1) الأهليّة" وقال بعضهم: تقولُ العرب: "آهَلَكَ الله في الجنَّة إيهالاً"، أي زَوّجَك فيها.
والأصل الآخر: الإهالة، قال الخليل: الإهالة الأَلْيَة ونحوُها، يُؤخَذ فيُقَطّع ويذاب. فتلك الإهالة، والجميل(2) ، والجُمَالة.
(أهن) الهمزة والهاء والنون كلمة واحدة لا يقاس عليها. قال الخليل: الإهان: العُرْجون، وهو ما فوقَ شماريخ عِذْق التّمر، أي النخلة. وقال:
إنّ لها يداً كمثل الإهان
مَلْساً وَبَطَْناً بات خُمْصانا(3)
والعَدَد (4) آهِنَة، والجميع أُهُنٌ.
(باب الهمزة والواو وما بعدهما في الثلاثي)
(أوي) الهمزة والواو والياء أصلان: أحدهما التجمُّع، والثاني الإشفاق. قال الخليل: يقال أوَى الرّجلُ إلى منزله وآوَى غَيرَه أُوِيّاً وإيواءً. ويقال أوَى إواءً أيضاً. والأُوِيُّ أحسن. قال الله تعالى: { إذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إلى الكَهْفِ } [الكهف 10]، وقال: { وَآوَيْنَاهُمَا إلى رَبْوَةٍ } [المؤمنون 50]. والمأوَى: مكانُ كلِّ شيءٍ يُأوى إليه ليلاً أو نهاراً. وأوَت الإبلُ إلى أهلها تأوِي أُوِيّاً فهي آوِيةٌ. قال
أوب
الخليل: التأوِّي التجمُّع، يقال تأوَّت الطّيرُ إذا انضمَّ بعضُها إلى بعضٍ، وهنَّ أُوِيٌّ ومُتَأَوِّيات. قال:
__________
(1) في الأصل: "حمر"، محرفة.
(2) في الأصل: "الجميلة". وإنما "هي الجميل" الشحم المذاب.
(3) ملسا: مقصور ملساء، وفي الأصل: "إن لها ليدا ملساء مثل الإهان وبطنا" الخ، وبذلك يختل الوزن. والبيت من السريع.
(4) نحو هذا التعبير في اللسان (أهن) قال: "والعدد ثلاثة آهنة"، يقصد به أقل الجمع، وهو ما يسمونه جمع القلة. وانظر ما سبق في مادة (أنف) ص 146.(1/153)
* كما تَدَانَى الحِدَأُ الأوِيُّ(1) *
شبَّه كلَّ أُثفِيَّةٍ بحِدَأة. والأصل الآخر قولهم: أوَيْتُ لفلانٍ آوِي له مَأْوِيَةً، وهو أنْ يرِقّ له ويَرْحمه. ويقال في المصدر أيَّة أيضاً(2). قال أبو عُبيد: يقال استَأوَيْتُ فلاناً، أي سألته أن يَأوِيَ لي. قال:
* ولو أنَّني استأوَيْتُه ما أَوَى لِيا(3) *
(أوب) الهمزة والواو والباء أصلٌ واحد، وهو الرجوع، ثم يشتق منه ما يبعد في السَّمْع قليلاً، والأصل واحد. قال الخليل: آبَ فلانٌ إلى سيفه أي ردّ يدَه ليستلَّه. والأَوب: ترجِيع الأيدي والقوائم في السَّيْر. قال كعبُ بنُ زُهير:
كأَنَّ أَوْبَ ذراعَيْها وقد عَرِقَتْ
وقد تلَفَّعَ بالقُورِ العساقيلُ
أَوْبُ يدَيْ فاقدٍ شَمْطاءَ مُعْولَةٍ
باتَتْ وجَاوَبَها نُكْدٌ مثاكِيلُ(4)
والفعل منه التأوِيب، ولذلك يسمُّون سيرَ [النَّهارِ تَأويباً، وسَيرَ(5)] اللّيل إسآداً. وقال :
أوب
يومانِ يومُ مَقاماتٍ وأندِيَةٍ
ويومُ سَيرٍ إلى الأعداءِ تأويبِ(6)
__________
(1) البيت للعجاج. انظر ديوانه 67 واللسان (18: 55). وفي الأصل: "الجداء" وإنما هو جمع حدأة.
(2) يقال في المصدر أية، وأوية، ومأوية، ومأواة.
(3) هو لذي الرمة، وصدره كما في ديوانه 651 واللسان (18: 56):
* على أمر من لم يشوني ضر أمره *
(4) وكذا أنشدهما في اللسان (1: 214) متتاليين. والحق أن بينهما بيتين معترضين، هما كما في شرح البردة لابن هشام 64-66:
يوماً يظل به الحرباء مصطخدا
كأن ضاحية بالشمس مملول
وقال للقوم حاديهم وقد جعلت
ورق الجنادب يركضن الحصى قيلوا
... ورواية صدر الثاني في البردة: "شد النهار ذراعاً عيطل نصف* قامت..". والفاقد: التي فقدت ولدها. وفي اللسان: "ناقة" محرفة. وانظر اللسان (فقد) حيث أنشد البيت مضطرباً.
(5) تكملة يقتضيها السياق.
(6) البيت لسلامة بن جندل في المفضليات (1: 188). واللسان (1: 213).(1/154)
قال: والفَعْلة الواحدة تأويبة. والتأويب: التّسبيح في قوله تعالى: { يا جِبَالُ أَوِّبي مَعَهُ والطَّيْرَ } [سبأ 10]. قال الأصمعيّ: أوّبْتُ الإبلَ إذا روَّحتَها إلى مَباءتِها. ويقال تأوَّبَنِي أي أتانِي ليلاً. قال:
تأَوَّبَني دائِي القَديمُ فَغَلّسا
أُحاذِر أن يرتدَّ دائِي فأُنْكَسَا(1)
قال أبو حاتم: وكان الأصمعيّ يفسر الشِّعر* الذي فيه ذِكْر "الإيابِ" أنّه مع الليل، ويحتج بقوله:
* تأَوَّبني داءٌ مع اللّيلِ مُنصِبُ(2) *
وكذلك يفسِّر جميع ما في الأشعار. فقلتُ له: إنما الإياب الرُّجوع، أيَّ وقْتٍ رجَعَ، تقول: قد آبَ المسافرُ. فكأنه أراد أن أُوضِّح له، فقلت: قولُ عَبيدٍ(3):
وكلُّ ذي غَيْبَةٍ يَؤُوبُ
وغائِبُ الموتِ لا يَؤُوبُ
أهذا بالعشِيّ؟ فذَهَبَ يكلِّمُني فيه، فقلت: فقولُ الله تعالى: { إنَّ إلَيْنا
إيَابَهُمْ } [الغاشية 25]، أهذا بالعشيّ؟ فسكت. قال أبو حاتم: ولكنّ أكثرَ ما يجيءُ على ما قال رحِمَنا الله وإيّاه.
والمآب: المرجِع. قال أبو زياد: أُبْتُ القوم، أي إلى القوم. قال :
أود
* أَنَّى وَمِنْ أَيْنَ آبَكَ الطَّرَبُ *
قال أبو عُبَيد(4): يسمَّى مَخْرَجُ الدَّقيقِ من الرَّحَى المآبَ، لأنّه يَؤوب إليه ما كان تحتَ الرَّحَى. قال الخليل: وتقول آبت الشمسُ إياباً، إذا غابت في مآبِها، أي مَغِيبها. قال أُمية:
* فرأى مغِيبَ الشَّمس عند إيابها(5)
__________
(1) البيت لامرئ القيس في ديوانه 140 وأساس البلاغة (أوب). وكلمة: "دائي" ساقطة من الأصل، وإثباتها من الديوان والأساس.
(2) نظيره في اللسان (2: 255) قول أبي طالب:
* ألا من لهم آخر الليل منصب *
(3) في الأصل: "أبي عبيد"، وإنما هو عبيد بن الأبرص، من قصيدته البائية التي عدها التبريزي في المعلقات العشر. وانظر اللسان (1: 213).
(4) في الأصل: "أبو عبيدة".
(5) صدر بيت له في ديوانه ص26. وتمامه:
* في عين ذي خلب وثأط حرمد *
... وقد اضطرب اللسان في نسبته، فنسبه في (1: 213) إلى تبع، وفي (1: 352) إلى تبع أو غيره. وفي (4: 125/ 9: 135) إلى أمية.(1/155)
*
قال النَّضْر(1): المؤَوِّبة(2) الشمس، وتأويبها ما بينَ المشرِق والمغرب، تدأبُ يومَها وتؤُوب المغرِب. ويقال: "جاؤوا من كل أوبٍ" أي ناحيةٍ ووَجْهٍ؛ وهو من ذلك أيضاً. والأوْبُ: النّحل. قال الأصمعيّ: سمِّيت لانتِيابها المباءة، وذلك أنّها تَؤُوب من مسارِحها. وكأنّ واحد الأَوْبِ آيب، كما يقال [آبَكَ اللهُ(3)]: أبعدك الله. قال:
فآبَكَ هَلاّ واللّيالي بِغِرَّةٍ
تَزُورُ وفي الأيّامِ عنك شُغُولُ(4)
(أود) الهمزة والواو والدال أصلٌ واحد، وهو العطف والانثناء. أُدْتُ الشيءَ عطفتُه. وتأَوّدَ النّبْتُ مثلُ تعطَّفَ وتعوَّج. قال شاعر(5):
أور
فلو أنّ ما أبقيتِ مِنِّي معلَّقٌ
بعُود ثُمامٍ ما تأوّدَ عُودُها
وإلى هذا يرجع آدَنِي الشيءُ يؤُودُني، كأَنّه ثقُل عليك حتى ثَنّاك وعَطَفَك. وأَوْدٌ: قَبيلة، ويمكن أن يكون اشتقاقها من هذا. وأُُود موضع. قال:
أهَوىً أرَاكَ برامَتَيْنِ وَقُودا
أم بالجُنَيْنَةِ من مَدَافعِ أُودَا(6)
__________
(1) هو النضر بن شميل تلميذ الخليل، المتوفى سنة 203. وفي الأصل: "النظر" محرفة.
(2) في الأصل: "الماوية".
(3) تكملة يقتضيها السياق. وانظر اللسان (1: 214) حيث أنشد البيت.
(4) في اللسان وأساس البلاغة (أوب): "غفول" وهما صحيحتان. وقد نسبه الزمخشري إلى رجل من بني عقيل، وأنشد قبله:
وأخبرتني يا قلب إنك ذو عرى
بليلي فذق ما كنت قبل تقول
(5) هو الأعشى، كما في العمدة (2: 49) في باب الغلو. وقد روي في ملحقات ديوانه ص240.
(6) البيت لجرير في ديوانه 169 وأمالي القالي (3: 7). يقول: أخيل إليك الهوى أنك ترى هذا الوقود للحبيبة في تلك المواضع. والجنينة، بلفظ تصغير الجنة. وفي الأمالي: "بالجنيبة"، محرفة.(1/156)
(أور) الهمزة والواو والراء أصلٌ واحد، وهو الحرّ. قال الخليل: الأُوار: حَرّ الشّمس، وحَرّ التَّنُّور. ويقال أرضٌ أَوِرَةٌ. قال: وربما جمعوا الأُوَارَ على الأُورِ. وأُوَارَةُ: مكان. ويوم أُوارةَ كان أنّ عمرَو بنَ المنذر اللخميّ بَنَّى(1) زُرارةَ بن عُدس ابناً له يقال له أسعد، فلما تَرَعرَع الغُلامُ مرّتْ به ناقةٌ كَوماءُ فرمى ضَرعَها، فشَدَّ عليه ربُّها سُوَيْدٌ أحدُ بني عبد الله بن دارم فقتله، ثمّ هرب سُوَيدٌ فلحق مكّة، وزُرارة يومئذٍ عند عمرو بن المنذر، فكتَمَ قتْلَ ابنه أسعد، وجاء عمرو بن مِلْقط الطائيُّ –وكانت في نفسه حَسيكةٌ على زُرارة- فقال:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً فإنَّ
المرءَ لم يُخْلَقْ صُبَارَهْ
ها إنّ عِجْزَةَ أُمِّه
بالسَّفح [أسْفَلَ] من أُوَارهْ(2)
وحوادث الأيّام لا
يَبقَى لها إلاّ الحجارَه(3)
أوس
__________
(1) كذا في الأصل، أراد جعله يتبناه. ولم أجد لهما سنداً. وانظر يوم أوارة في كامل ابن الأثير، والخزانة
(3: 140-142)، وكامل المبرد 97 ليبسك، والعمدة (2: 168) .
(2) العجزة، بالكسر: آخر ولد الرجل. وقد عني به أسعد أخا عمرو بن المنذر، وبعد البيت كما في الخزانة:
تسفى الرياح خلال كشـ
حيه وقد سلبوا إزاره
(3) بعده في كامل المبرد والخزانة:
فاقتل زرارة لا أرى
في القوم أوفى من زراره(1/157)
فقال عمرو بن المنذر: يا زُرارةُ [ما تقول؟(1)]. قال: كذب، وقد علمتَ عداوته لي. قال: صدقْتَ: فلما جَنَّ عليه اللّيلُ اجلَوَّذَ(2) زُرارة ولحق بقومه، ثم لم يلبث أن مرِض ومات، فلمّا بلغ عَمراً موتُه غزا بني دارم، وكان حَلَفَ ليقتُلنَّ منهم مائةً، فجاء حتَّى أناخ على أُوارة وقد نَذِرُوا وفرّوا(3)، فقتل منهم تسعةً وتسعين، فجاءه رجلٌ من البراجم شاعرٌ ليمدحَه، فأخذَهُ فقتله ليُوَفِّيَ به المائَةَ، وقال: "إنّ الشقيّ وافِدُ البَرَاجم". وقال الأعشى في ذلك:
ونَكُونُ في السَّلفِ الموا
زِي مِنقراً وبني زرارهْ(4)
أبناءَ قَومٍ قُتِّلُوا
يومَ القُصَيبةِ من أُوَارَهْ
والأُوَار: المكانُ(5). قال:
مِن اللائِي غُذِينَ بغير بُؤْسٍ
مَنَازِلُها القَصِيمةُ فالأُوَارُ(6)
(أوس) الهمزة والواو والسين كلمة واحدة، وهي العطيّة. وقالوا: أُسْتُ الرّجُلَ أَؤُوسُه أَوساً أعطيته. ويقال الأَوْس العِوَض. قال الجعديّ:
ثلاثةَ أهْلين أفْنَيْتُهُمْ
وكان الإله هو المستآسا(7)
أوق
أي المُسْتَعاض. وأوسٌ: الذئب، ويكون اشتقاقه مما ذكرناه، وتصغيره أُوَيْس، قال:
__________
(1) التكملة من كامل ابن الأثير.
(2) اجلوذ اجلواذاً: أسرع.
(3) يقال أنذره إنذاراً أعلمه، فنذر هو كعلم وزناً ومعنى.
(4) في الأصل: "ويكون في الثلف" صوابه من ديوان الأعشى 115 ومعجم البلدان (7: 115): وفي معجم البلدان: "وتكون" وكذا في كامل المبرد 97: "وتكون في الشرف" وقبل هذا البيت بيتين:
* لسنا نقاتل بالعصى ولا نرامي بالحجارة *
(5) الوجه: "مكان".
(6) البيت لبشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 139). وفي الأصل: "القصيبة" صوابه من المفضليات ومعجم البلدان (الأوار، قصيبة). وعلة التحريف التباسه بما مضى في شعر الأعشى .
(7) سبق الكلام على البيت في مادة (أهل).(1/158)
* ما فَعَلَ اليومَ أُوَيْسٌ في الغَنَمْ(1) *
(أوق) الهمزة والواو والقاف أصلان: الأول الثِّقل، *والثاني مكان منْهبط. فأمّا الأول فالأَوْق الثِّقَل. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال آقَ عليهم، أي ثقُل. قال:
سوائح آقَ عليهنَّ القَدَرْ
يَهْوِينَ من خَشْيَةِ مَا لاقَى الأُخَرْ(2)
يقول: أثقلهنَّ ما أَنْزَلَ(3) بالأوَّل القَدَرُ، فهن يَخَفْنَ مثلَه. قال يعقوب: يقال أوَّقْت الإنسانَ، إذا حَمَّلْتَه ما لا يُطيقه. وأما التّأويق في الطّعام فهو من ذلك أيضاً، لأنّ على النفس منه ثِقَلاً، وذلك تأخيره وتقليله. قال :
لقد كان حُتْرُوشُ بن عَزّة راضياً
سِوَى عَيْشِه هذا بعيشٍ مُؤَوَّقِ(4)
وقال الراجز(5):
عَزّ عَلَى عَمِّكِ أن تُؤَوَّقي
أو أنْ تَبِيِتي ليلةً لم تُغْبَقي
* أو أن تُرَيْ كَأْباءَ لمْ تَبْرَنْشِقِي *
أول
وأمّا الثّاني فالأُوقة، وهي هَبْطَةٌ يجتمع فيها الماء، والجمْع الأُوَق قال رؤبة:
* وانغَمَس الرّامِي لها بَيْنَ الأُوَقْ *
ويقال الأُوقة القَلِيب(6).
__________
(1) الرجز يروى لعمرو ذي الكلب، أو لأبي خراش الهذلي، كما في شرح أشعار الهذليين للسكري 239. ونسب في اللسان (عمم، مرخ، جول، لجب، حشك، رخم، شوى، شرم) إلى عمرو ذي الكلب. وانظر أمالي ثعلب ص240 من المخطوطة.
(2) في الأصل: "بالاقي الأخر".
(3) في الأصل: "نزل".
(4) في الأصل: "خروه شر بن غرة" وأثبت ما في اللسان (11: 293). وصدره فيه: "لو كان".
(5) هو جندل بن المثنى الطهوي، كما في اللسان (كأب، أوق، برشق).
(6) القليب: البئر التي لم تطو. وفي الأصل: "القلب".(1/159)
(أول) الهمزة والواو واللام أصلان: ابتداء الأمر وانتهاؤه. أما الأوَّل فالأوّل، وهو مبتدأُ الشيء، والمؤنَّثة الأولى، مثل أفعل وفُعْلى، وجمع الأُولى أولَيات مثل الأخْرى. فأمَّا الأوائل فمنهم من يقول: تأسيس بناء "أوّل" من همزة وواو ولام، وهو القولُ. ومنهم مَن يقول: تأسيسُه من وَاوَينِ بعدهما لام. وقد قالت العربُ للمؤنَّثة أَوَّلَةٌ. وجمعوها أَوَّلاَت وأنشد في صفة جَمَلٍ:
آدَم معروف بأَوَّلاتِهِ
خالُ أبِيهِ لِبَنِي بَنَاتِهِ(1)
أي خُيَلاءُ أبيه ظاهرٌ في أولاده. أبو زَيد: ناقَةٌ أوَّلةٌ وجمل أوّل، إذا تقدَّما الإبل. والقياس في جمعه أواوِل، إلاّ أنَّ كلَّ واوٍ وقَعتْ طرفاً أو قريبةً منه بعد ألفٍ ساكنة قُلِبَتْ همزة. الخليل: رأيتهُ عاماً أوَّلَ يا فتى، لأنّ أوّلَ على بناء أفْعل، ومن نوّن حَمَله على النكرة. قال أبو النَّجْم:
* ما ذَاقَ ثُفْلاً مُنْذُ عَامٍ أوَّلِ *
ابنُ الأعرابيّ: خُذْ هذا أوّلَ ذاتِ يَدَينِ، وأوَّلَ ذِي أوّل، وأوّلَ أوّل، أي قَبْلَ كلِّ شيء. ويقولون: "أما أوَّل ذاتِ يَدَيْن فإنِّي أحمَدُ الله". والصّلاة الأولى
أول
سمِّيت بذلك لأنّها أوّل ما صُلِّي. قال أبو زيد: كان الجاهليَّة يسمُّون يومَ الأحد الأوّل. وأنشدوا فيه:
أؤَمّل أن أعِيشَ وأنَّ يَوْمِي
بأوَّلَ أوْ بأَهْوَنَ أو جُبَارِ(2)
__________
(1) البيت بدون نسبة في اللسان (13: 89) . وقبله:
* يحلف بالله وإن لم يسأل *
يصف ضيفاً. والثفل بالضم: كل ما يؤكل من لحم أو خبز أو تمر.
(2) البيت في اللسان (هون، جبر، دبر، أنس، عرب، شير) وانظر الأزمنة والأمكنة (1: 268-271). وبعد البيت:
أو التالي دبار فإن يفتني
فمؤنس أو عروبة أو شيار
... ويسجل هذان البيتان أسماء أيام الأسبوع في الجاهلية مرتبة من الأحد إلى السبت.(1/160)
والأصل الثّاني قال الخليل: الأَيِّل الذكر من الوُعول، والجمع أيائِل. وإنّما سمّي أَيِّلاً لأنّه يَؤُول إلى الجبل يتحصَّن. قال أبو النجم:
كأنّ في أذنابِهِنّ الشُّوَّلِ
مِنْ عَبَسِ الصّيفِ قُرُونَ الأَيِّلِ(1)
شبّه ما التزَقَ بأذنابهنّ من أبعارِهنّ فيَبِس، بقرون الأوعال. وقولهم آل اللّبنُ أي خَثُر من هذا الباب، وذلك لأنه لا يخثر [إلاّ] آخِر أمْرِه. قال الخليل أو غيرُه: الإيال على فِعالٍ: وعاءٌ يُجمع فيه الشَّرابُ أيّاماً حتّى يَجُود. قال:
يفُضّ الخِتامَ وقد أَزْمَنَتْ
وأَحْدَثَ بعدَ إيالٍ إيالاَ(2)
وآلَ يَؤُول أَي رجع. قال يعقوب: يقال "أَوَّلَ الحُكْمَ إلى أَهْلِه" أي أرجَعه ورَدّه إليهم. قال الأعشى:
* أُؤَوِّلُ الحُكْمَ إلى أَهلِهِ(3) *
أول
قال الخليل: آلَ اللّبنُ يَؤُولُ أَوْلاً وأُوُولاً(4): خَثُرَ. وكذلك النبات. قال أبو حاتم: آلَ اللّبَنُ على الإصبع، وذلك أَن يَرُوب فإذا جعلت فيه الإصبعَ قيل آلَ عليها. وآلَ القَطِران، إذا خَثُرَ. وآلَ جِسمُ الرّجل إذا نَحُفَ. وهو من الباب، لأنّه يَحُورُ ويَحْرِي، أي يرجعُ إلى تلك الحال. والإيالة السِّياسةُ من هذا الباب، لأن مرجعَ الرّعيةِ إلى راعيها. قال الأصمعي: آلَ الرَّجلُ رعِيّتَه يَؤُولُها إذا أَحْسَنَ سياستَها. قال الراجز:
* يَؤُولُها أَوَّلُ ذي سِياس *
__________
(1) البيتان في اللسان (13: 34، 397-398/8: 2) وروي في (13: 11): "قرون الأجل" على إبدال الياء جيما.
(2) رواية اللسان (13: 36): "ففت الختام" .
(3) في الأصل: "وأول الحكم"، صوابه من الديوان 106، وإنشاده فيه:
أؤول الحكم على وجهه
ليس قضائي بالهوى الجائر
... وفي هذه القصيدة:
إن ترجع الحكم إلى أهله
فلست بالمستي ولا النائر
(4) في الأصل: "وأولا"، صوابه من اللسان (11: 37 س19-20).(1/161)
وتقول العرب في أمثالها: "أُلْنَا وإيلَ عَلَيْنا" أَي سُسْنا وساسَنا غيرُنا. وقالوا في قول لبيد:
* بِمُؤَتَّرٍ تأتالُه إبْهَامُهَا(1) *
هو تفتعل من ألْتُهُ أَي أَصلحته. ورجل آيل مالٍ، مثال خائل مال، أي سائسه. قال الأصمعيّ: يقال رددته إلى آيلَتهِ أَي طبَعْه وسُوسه. وآلُ الرَّجُلِ أَهلُ بيتِه من هذا أَيضاً* لأنه إليه مآلُهم وإليهم مآلُه. وهذا معنَى قولهم يالَ فلان. وقال طرَفة:
تحسَِبُ الطَّرْفَ عليها نَجْدَةً
يالَ قَوْمِي للشَّبابِ المُسْبَكِرّ(2)
أول
والدليل على أنّ ذلك من الأوّل(3) وهو مخَفَّفٌ منه، قول شاعر(4):
قد كان حقُّكَ أنْ تَقولَ لبارقٍ
يا آل يارِقَ فيم سُبَّ جريرُ
وآلُ الرّجلِ شخصهُ من هذا أيضاً. وكذلك آلُ كلِّ شيء. وذلك أنَّهم يعبِّرون عنه بآلِه، وهم عشيرته، يقولون آل أبي بكر، وهم يريدون أبا بكر. وفي هذا غموض قليل. قال الخليل: آلُ الجَبَلِ أطرافُه ونَواحِيه. قال:
كأَنّ رَعْن الآلِ منه في الآلْ(5)
إذَا بدا دُهَانِجٌ ذو أَعْدَالْ
وآل البعير: ألواحه(6) وما أشْرَفَ من أقطارِ جسمه. قال:
مِن اللّواتي إذا لانَتْ عريكتُها
يبقى لها بعدها آلٌ ومَجْلودُ(7)
وقال آخر:
* ترى له آلاً وجِسْماً شَرْجَعا *
__________
(1) من معلقته. وصدره:
* بصبوح صافية وجذب كرينة *
... وانظر ما سبق من كلام ابن فارس على البيت في (أتي ص51).
(2) ديوان طرفة 64.
(3) أي من الأهل.
(4) هو جرير يخاطب بشر بن مروان في شأن تفضيل سراقة البارقي شعر الفرزدق على شعر جرير. انظر القصة في الأغاني (7: 63-64). والقصيدة في ديوانه 300.
(5) الرجز للعجاج في ملحقات ديوانه ص86 واللسان (دهنج)، وفي الأصل: "كان الرعن منه في الآل"، صوابه في الديوان واللسان.
(6) في الأصل: "الواحد". وألواح البعير: عظامه.
(7) المجلود: الجلادة، أو بقية الجلد. والبيت في اللسان (4: 100) والتاج (جلد).(1/162)
وآلُ الخَيْمة: العَُمَُد. قال:
فلم يَبْقَ إلاّ آلُ خَيْمٍ مُنَضَّدٌ
وسُفْعٌ على آس ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ(1)
والآلة: الحالة. قال :
أون - أوه
سأَحْمِلُ نفسي على آلةٍ
فإمَّا عليها وإمَّا لها
ومن هذا الباب تأويل الكلام، وهو عاقبتُهُ وما يؤُولُ إليه، وذلك قوله تعالى: { هَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ تَأْوِيلَهُ } [الأعراف 53]. يقول: ما يَؤُول إليه في وقت بعثهم ونشورهم. وقال الأعشى:
على أنَّها كانَتْ تأَوّلُ حُبّها
تأَوُّلُ رِبِعِيِّ السِّقابِ فأصحبا(2)
يريد مرجعَه وعاقبتَه. وذلك مِنْ آل يَؤُولُ.
(أون) الهمزة والواو والنون كلمةٌ واحدة تدلُّ على الرفق(3). يقال آن يَؤُون أَوْناً، إذا رَفَق. قال شاعر:
* وسَفَرٌ كانَ قلِيلَ الأَوْنِ(4) *
ويقال للمسافر: أُنْ على نفسك، أي اتَّدِعْ. وأُنْتُ أَؤُون أَوْناً؛ ورجل آئِنٌ.
(أوه) الهمزة والواو والهاء كلمةٌ ليست أصلاً يقاس عليها. يقال تأَوّه إذا قال أَوَّهْ وأَوْهِ(5) والعرب تقول ذلك. قال:
إذا ما قمتُ أَرْحُلُها بِلَيلٍ
تأَوَّهُ آهَة الرَّجُلِ الحَزِينِ(6)
أيد - أير
__________
(1) البيت للنابغة، كما في اللسان (عثلب، نأي). وقد أنشده أيضاً في (أوس) بدون نسبة. وليس في ديوانه والآس: الرماد. والمعثلب: المهدوم. وفي الأصل: "المثعلب" محرف.
(2) أصحب: انقاد. وفي الأصل: "أصبحا"، صوابه من ديوان الأعشى ص 88 واللسان (أول، صحب، ربع).
(3) في الأصل: "على أن الرفق".
(4) البيت في أمالي ثعلب 143 من المخطوطة، واللسان (أون، جون). وقبله:
غير يا بنت الحليس لوني
مر الليالي واختلاف الجون
(5) انظر باقي لغاته الثلاث عشرة في القاموس.
(6) البيت للمثقب العبدي في المفضليات (2: 91). وفي الأصل: "إذا ما قلت"، صوابه من المفضليات واللسان (13: 293).(1/163)
وقوله تعالى: { إنَّ إبْراهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ(1) } [التوبة 114]، هو الدَّعَّاء. أَوَّهْ فيه لغاتٌ: مدُّ الألف وتشديد الواو، وقصر الألف وتشديد الواو، ومدّ الألف وتخفيف الواو. وأَوْه بسكون الواو وكسر الهاء، وأَوِّهْ بتشديد الواو وكسرها وسكون الهاء، وآهِ وآوِ، وأَوّتَاه.
(باب الهمزة والياء وما يثلثهما في الثلاثي)
(أيد) الهمزة والياء والدال أصلٌ واحد، يدلّ على القوة والحِفْظ. يقال أيّدَه الله أي قوّاه الله. قال تعالى: { والسَّماءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } [الذاريات 47]. فهذا معنى القوّة. وأمّا الحفظ فالإياد كلُّ حاجزٍ الشيءَ يَحفَظُه. قال ذو الرمّة:
دفَعْناهُ عن بَيْضٍ حِسَانٍ بأجْرَعٍ
حَوَى حَوْلَها مِنْ تُربِهِ بإيادِ(2)
(أير) الهمزة والياء والراء كلمةٌ واحدة وهي الرِّيح. واختُلِف فيها، قال قوم: هي حارّة ذات أُوارٍ. فإن كانَ كذا فالياء في الأصل واوٌ. وقد مضى تفسير ذلك في الهمزة والواو والراء. وقال الآخرون: هي الشَّمال الباردة بلغة هُذَيل. قال:
وإنَّا مَسامِيحٌ إذا هَبّت الصَّبا
وإنّا مَراجِيحٌ إذا الإِيرُ هَبَّتِ(3)
أيس - أيض
__________
(1) من الآية 114 في سورة التوبة. وفي سورة هود الآية 75: { إن إبراهيم لحليم أوّاه منيب } .
(2) البيت في ديوان ذي الرمة 141 واللسان (4: 43). وهو في صفة ظليم. ورواية الديوان: "ذعرناه عن بيض".
(3) لحذيفة بن أنس الهذلي من قصيدة في أشعار الهذليين بشرح السكري ص223 على هذا الروي وليس فيها البيت. وفي اللسان:
* وإنا لأيسار إذا الإير هبت *
... والأير للريح يقال بفتح الهمزة وكسرها، ويقال أيضاً بفتح الهمزة وتشديد الياء المكسورة.(1/164)
(أيس) الهمزة والياء والسين ليس أصلاً يقاس عليه، ولم يأتِ فيه إلا كلمتان ما أحسَِبهما من كلام العرب، وقد ذكرناهما لذكر الخليل إيّاهما. قال الخليل: أَيْسَ كلمةٌ قد أُمِيتَتْ (1)، غير أن العرب تقول: "ائت به من حيثُ أَيْسَ وليس" لم يُستعمل أَيْسَ إلا في هذه فقط، وإنما معناها كمعنى [حيث(2)] هو في حال الكينونة والوُجْد والجِدَة. وقال: إنّ "ليس" معناها لا أيْسَ، أي لا وُجْدَ.
والكلمة الأخرى قول الخليل إنّ التأييس الاستقلال؛ يقال ما أيّسْنَا فلاناً(3) أي ما استقلَلْنا منه خيراً.
وكلمةٌ أخرى في قول المتلمِّس:
* تُطيف به الأيَّامُ ما يتَأَيَّسُ(4) *
قال أبو عبيدة: لا يتأيَّس لا يؤثِّر فيه شيء. وأنشد:
* إنْ كنت جُلْمودَ صَخْرٍ لا يُؤَيّسُهُ(5) *
أي لا يؤثّر فيه.
(أيض) الهمزة والياء والضاد كلمة واحدةٌ تدلُّ على* الرّجوع والعَوْد، يقال آض يَئيضُ، إذا رجع. ومنه قولهم قال ذاك أيضاً، وفعَله أيضاً.
أيق - أيك - أيم
(أيق) الهمزة والياء والقاف كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاس عليها. قال الخليل: الأَيق الوَظيف، وهو موضع القَيد من الفَرَس. قال الطرماح:
وقامَ المَهَا يُقْفِلْنَ كلَّ مُكَبَّلٍ
__________
(1) نسب في اللسان هذا الكلام إلى الليث. وقال بعده: "إلا أن الخليل ذكر أن العرب تقول.." الخ.
(2) التكملة من اللسان.
(3) في الأصل: "فلاناً" وفي اللسان: "ما أيسنا فلاناً خيراً".
(4) صدره كما في ديوانه ص6 من نسخة الشنقيطي واللسان (أيس):
* ألم تر أن الجون أصبح راسياً *
(5) في المخصص (10: 95) واللسان (5: 133) مع نسبته في اللسان إلى العباس بن مرداس
* إن تك جلمود بصر لا أؤيسه *
وتمامه فيهما: ... ... * أوقد عليه فأحميه فينصدع *(1/165)
كما رُصَّ أَيْقَا مُذْهبِ اللّونِ صَافِنِ(1)
قال الأصمعي وأبو عمرو: الأَيق القَيْن، وهو موضع القَيْد من الوظيف.
(أيك) الهمزة والياء والكاف أصلٌ واحد، وهي اجتماعُ شجر. قال الخليل: الأيكة غَيضةٌ تُنْبِتُ(2) السِّدرَ والأراك. ويقال [أَيكةٌ(3)] أَيِّكَةٌ، وتكون من ناعم الشّجر. وقال أصحاب التفسير: كانوا أصحابَ شجرٍ ملْتَفّ. يعني قوله تعالى: { كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ } [الشعراء 176]، قال أبو زياد: الأيْكة جماعة الأرَاك. قال الأخطل(4) من النّخيل(5) في قوله:
يكادُ يَحَارُ المجتَني وَسْطَ أَيْكِهَا
إذا ما تنادَى بالعَشِيِّ هديلُها
(أيم) الهمزة والياء والميم ثلاثة أصول متباينة: الدُّخَان، والحيّة، والمرأة لا زوج لها. أما الأوّل فقال الخليل: الإيَام الدُّخَان. قال أبو ذؤيب:
أيم
فلمّا جَلاهَا بالإيام تحيَّزَتْ
ثُباتٍ عَليها ذُلُّها واكتئابُها(6)
يعني أنّ العاسِل جَلاَ النّحلَ بالدُّخان. قال الأصمعيّ: آمَ الرجل يؤوم إياماً، دَخَّنَ على الخليّة ليخرج نَحلُها فيشتار عسلَها، فهو آيم، والنَّحلة مَؤُومةٌ، وإن شئتَ مَؤُومٌ عليها. وأما الثّاني فالأيمْ من الحيّات الأبيض، قال شاعر:
كأن زِمَامَها أَيْمٌ شُجَاعٌ
__________
(1) الكلمة الأولى من البيت ساقطة في الأصل، وإثباتها من ديوان الطرماح 164 واللسان (أيق، صفن). والمها: البقر، يعني بها النساء. يقفلن: يسددن، ورواية اللسان: "يعقلن". والمكبل، أراد به الهودج، كما في شرح الديوان. ورص، بالصاد المهملة، أي قيد وأزلق. وفي الأصل: "رص"، صوابه من الديوان.
(2) في الأصل: "تنته" صوابه في اللسان.
(3) تكملة ليست في الأصل. وفي اللسان: "وأيك أيك مثمر، وقيل هو على المبالغة".
(4) في الأصل: "قال أبو ذوب الأخطل". والبيت التالي في ديوان الأخطل 243.
(5) لعلهما: "يعني النخيل".
(6) البيت في ديوان أبي ذؤيب ص79 برواية: "فلما اجتلاها".(1/166)
ترأَّدَ في غُضُونٍ مُغْضَئِلَّه(1)
وقال رؤبة(2):
وبَطْنَ أيْمٍ وقَواماً عُسْلُجَا
وكفلاً وَعْثاً إذا تَرَجْرَجا(3)
قال يونس: هو الجانّ من الحيات. وبنو تميم تقول أيْنٌ. قال الأصمعيّ: أصله التشديد، يقال أَيِّمٌ وَأَيْمٌ، كَهَيِّن وَهَيْن. قال:
إلاّ عواسِرُ كالمِراط مُعِيدَةٌ
باللَّيلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ(4)
والثالث الأيِّم: المرأة لا بَعْلَ لها والرجل لا مَرأةَ له. وقال تعالى: { وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ } [النور 32]. وآمت المرأة تئِيمُ أَيْمَةً وأُيُوماً. قال:
أفاطِمُ إنِّي هالِكٌ فتأيَّمي
ولا تَجزَعِي كلُّ النساء تَئِيمُ(5)
أين - أيه - أيي
(أين) الهمزة والياء والنون يدلّ على الإعياء، وقُرب الشَّيء. أما الأوَّل فالأيْن الإعياء. ويقال لا يُبْنَى منه فِعلٌ. وقد قالوا آنَ يَئين أَيْناً. وأما القُرب فقالوا: آن لَكَ يَئِينُ أيْنا.
وأما الحيّة التي تُدْعَى (الأين) فذلك إبدالٌ والأصل الميم. قال شاعر:
يَسْرِي على الأَيْنِ والحيَّاتِ محْتفِياً
نَفِسي فِداؤُك مِن سارٍ على ساقِ(6)
__________
(1) أنشده في اللسان (رأد، غضل). وفي الأصل: "معضله" صوابه في اللسان (غضل) .
(2) كذا، وصوابه "العجاج". والرجز في ديوان العجاج ص8. وبهذه النسبة الصحيحة ورد في اللسان
(14: 306).
(3) في الأصل: "وكفا" صوابه من الديوان.
(4) البيت لأبي كبير الهذلي، كما في ديوان الهذليين (2: 105) وأمالي القالي (2: 89) واللسان (صيف، غضف) وانظر الحيوان (4: 254). وقبل البيت :
ولقد وردت الماء لم تشرب به
زمن الربيع إلى شهور الصيف
(5) كان المفضل ينشده: "كل النساء يتيم" انظر اللسان (يتم). والرواية في اللسان "فتثبتي".
(6) لتأبط شراً من القصيدة الأولى في المفضليات. محتفياً:حافياً. وفي الأصل: "مخفياً" محرف.(1/167)
(أيه) وأما الهمزة والياء والهاء فهو حرفٌ واحد، يقال أيّهَ تأيِيهاً إذا صوَّت. وقد قلنا إنّ الأصواتَ لا يُقاس عليها.
(أيي) الهمزة والياء والياء أصلٌ واحد، وهو النَّظَر(1). يقال تأيَّا يتأيَّا تَأَيِّياً، أي تمكَّث. قال:
قِفْ بالدِّيار وقوفَ زائرْ
وتأَيَّ إنّك غيرُ صاغرْ(2)
قال لبيد:
وتأَيَّيْتُ عليه قَافِلاً
وعلى الأرض غَيَايَاتُ الطَّفَلْ(3)
أي انصرفتُ على تُؤَدة. ابن الأعرابيّ: تأيّيْت [الأمرَ(4)]: انتظرت إمكانَه. قال عديّ:
أي
تَأَيَّيْتُ منهن المصير فلم أزَلْ
أُكَفْكِفُ عنِّي واتِناً ومُنَازِعا(5)
ويقال: ليست هذه بدار تَئِيّة(6)، أي مُقام.
وأصلٌ آخر، وهو التعمُّد، يقال تآيَيْتُ، على تفاعلت، وأصله تعمَّدت آيَتَه وشخصَه. قال:
* به أتآيا كُلَّ شأنٍِ ومَفْرِقِ(7) *
وقالوا: الآية العلامة، وهذه آيةٌ مَأَيَاةٌ، كقولك عَلامَة مَعْلَمَة. وقد أيَّيْت(8). قال:
ألا أبلغ لَدَيْكَ بني تميم
بآيةِ ما تُحِبُّونَ الطَّعاما(9)
__________
(1) النظر، بمعنى الانتظار، يقال نظره وانتظره وتنظره.
(2) البيت للكميت كما سبق في 141، وكما في الأغاني (15: 111) واللسان (18: 67).
(3) البيت في ديوان لبيد 15 طبع فينا سنة 1881 واللسان (19: 381) وعجزه في اللسان (13: 428). والغياية، بياءين: ظل الشمس بالغداة والعشي، أو ضوء شعاع الشمس. في الأصل: "غيابات" محرف. وكلمة "الطفل" وردت ساقطة في الأصل مثبتة قبل بيت الكميت السابق.
(4) بمثلها يلتئم الكلام.
(5) الواتن: الدائم الذي لا ينقطع. وفي الأصل: "وأنا منازعا".
(6) في الأصل: "تأية" تحريف. وفي شعر الحادرة:
ومناخ غير تئية عرسته
قمن من الحدثان نابي المضجع
(7) في الأصل: "به تيا أيا".
(8) في اللسان: "وأيا آية: وضع علامة".
(9) انظر صحة إنشاد هذا البيت في الخزانة (3: 139) حيث نسب إلى يزيد بن عمرو بن الصعق.(1/168)
قالوا: وأصل آية أَأْيَة بوزن أعْية، مهموز همزتين، فخفّفت الأخيرة فامتدّت. قال سيبويه: موضع العين من الآية واو؛ لأنّ ما كان* موضع العين [منه(1)] واواً، واللام ياءً، أكثرُ ممّا موضِع العينِ واللامِ منه ياءان، مثل شوَيتُ، هو أكثر في الكلام حَيِيتُ. قال الأصمعيّ: آيةُ الرَّجُل شخْصُه. قال الخليل:
أي
خَرَجَ القوم بآيتهم أي بجماعتهم. قال بُرْج بن مُسْهِر:
خَرَجْنا من النَّقْبَينِ لا حَيَّ مِثْلنا
بآيَتِنا نُزْجِي المَطِيَّ المَطَافِلاَ(2)
ومنه آية القرآن، لأنَّها جماعةُ حروفٍ، والجمعُ آيٌ، وإياة الشمس ضوءُها، وهو من ذاك، لأنّه كالعلامة لها. قال:
سَقَتْه إياة الشَّمسِ إلاّ لِثَاتِهِ
أَسِفَّ ولم يُكْدَمْ عليه بإثمِدِ(3)
ـــــــــــ
ــــ
تم كتاب الهمزة ويتلوه كتاب الباء
بت
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الباء
(باب الباء وما بعدها في الذي يقال له المضاعف)
(بتّ) الباء والتاء له وجهان وأصلان: أحدهما القطع، والآخر ضربٌ من اللباس. فأما الأوّل فقالوا: البتّ القطع المستأصِل، يقال بَتَتُّ الحبلَ وأَبْتَتُّ. ويقال أعطيتُه هذه القَطيعةَ بَتّاً بَتْلاً. "والبتَّةَ" اشتقاقُه من القَطْع، غير أنّه مستعملٌ في كل أمرٍ يُمضَى ولا يُرجَع فيه. ويقال انقطع فلانٌ عن فلان فانبتَّ وانقبض. قال:
فَحَلَّ في جُشَمٍ وانبتَّ مُنْقَبِضاً
بحبلهِ مِنْ ذُرَى الغُرِّ الغَطَاريفِ(4)
__________
(1) التكملة من اللسان (18: 67) حيث نقل عن سيبويه.
(2) البيت في اللسان (18: 66) برواية "نزجي اللقاح".
(3) البيت لطرفة في معلقته. ويروى: "ولم تكدم".
(4) في اللسان (2: 312): "من ذوي الغر".(1/169)
قال الخليل: أبَتَّ فلانٌ طلاقَ فُلانةَ، أي طلاقاً باتّا. قال الكسائي: كلام العرب أبْتَتُّ عليه القضاء بالألف، وأهل الحجاز يقولون: بَتَتُّ، وأنا أَبُتُّ. وضَرَبَ يَدَه فأبَتَّها وَبتَّها، أي قطعها. وكلُّ شيءٍ أنفَذْتَه وأمْضَيتَه فقد بتَتَّهُ. قال الخليل وغيره: رجل أحمقُ باتٌّ شديد الحُمْق، وسكرانُ باتٌّ أي منقطعٌ عن العمل، وسكران ما يَبُتُّ، أي ما يقطَعُ أمْراً(1). قال أبو حاتم: البعير [الباتّ]
بت
الذي لا يتحرّك من الإعياء فيموت. وفي الحديث: "إنّ المُنْبَتَّ لا أرضاً قَطَعَ ولا ظَهْراً أَبْقَى" هو الذي أتعَبَ دابّتَه حتّى عطِب ظَهرُه فبقي مُنقَطعاً به. قال التميمي: "هذا بَعيرٌ مُبْدَعٌ وأَخاف أنْ أحمِلَ عليه فأبُتَّه" أي أقطعه. ومُبْدَعٌ: مُثْقَلٌ، ومنه قوله(2): "إنّي أُبْدِعَ بي". قال النّضر: البعير الباتّ المهزول الذي لا يقدر على التحرُّك. والزاد يقال له بَتاتٌ، من هذا؛ لأنه أمارة الفِراق. قال الخليل: يقال بَتَّتَهُ أهلُه أي زوَّدُوه. قال:
أبُو خَمْسٍ يُطِفْنَ به جميعاً
غدا مِنهنَّ ليس بذِي بَتَاتِ
قال أبو عُبيد: وفي الحديث: "لا يُؤخذ عُشْر البَتات" يريد المتاع، أي ليس عليه زكاةٌ. قال العامِريّ: البَتات الجِهاز من الطّعام والشَّراب، وقد تَبَتَّتَ الرّجلُ للخُروج، أي تجهَّز.
قال العامريّ: يقال حجَّ فلانٌ حجّاً بَتّاً أي فَرْداً، وكذلك الفردُ من كلِّ شيء. قال: ورجلٌ بتٌّ، أي فرد؛ وقميص بَتٌّ أَي فَرْد ليس على صاحبه غيرُه. قال:
* يا رُبَّ بَيضاءَ عليها بَتُّ *
قال ابن الأعرابيّ: أعطيته كذا فبَتّتَ به، أيْ انفرد به.
__________
(1) في الأصل: "المرا" صوابه في اللسان (2: 311).
(2) في الأصل: "من قوله". وفي اللسان: "وفي الحديث أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يا رسول الله إني أبدع بي فاحملني".(1/170)
ومما شذّ عن الباب قوُلهم: طَحَن بالرَّحَى بَتّاً إذا ذهب بيده عن يساره، وشَزْراً إذا ذهب به عن يمينه.
بثّ
(بثّ) الباء والثاء أصلٌ واحد، وهو تفريق الشيء وإظهاره؛ يقال بثُّوا الخيلَ في الغارة. وبثّ الصيّاد كلابَه على الصّيد. قال النابغة:
فبَثَّهُنَّ عليه واسْتَمَرّ بِهِ
صُمْعُ الكُعُوبِ بريئاتٌ من الحَرَدِ(1)
والله تعالى خَلقَ الخلْقَ وبثَّهمْ في الأرض لمعاشهم. وإذا بُسِط المتاعُ بنَواحِي البيت والدّار فهو مَبثُوث. وفي القرآن: { وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ } [الغاشية 16] أي كثيرة متفرّقة. قال ابن الأعرابيّ: تَمْرٌ بَثٌّ، أي متفرِّق لم يجمعه كَنْزٌ(2). قال: وبثَثْتُ الطَّعامَ والتمرَ إذا قَلّبْتهُ* وألقيتَ بعضَه على بعض، وبثثْتُ الحديثَ أي نشَرْتُه. وأما البثُّ من الحزْن فمِنْ ذلك أيضاً، لأنه شيءٌ يُشتَكَى ويُبَثّ ويُظهَر. قال الله تعالى في قصّة مَن قال: { إنَّما أَشْكُو بَثِّي وَحُزْني إلى اللهِ }
[يوسف 86]. قال أبو زيد: يقال أبَثَّ فلانٌ شُقُورَهُ وفُقُورَه إلى فلانٍ يُبِثّ إبثاثاً. والإبثاث أن يشكو إليه فقره(3) وضَيعته. قال:
وأبكِيهِ حَتَّى كاد مِمَّا أُبِثُّهُ
تُكَلِّمُني أَحْجَارُهُ ومَلاعِبُهْ(4)
وقالت امرأةٌ(5) لزوجها: "والله لقد أطعَمْتُك مأدُومِي، وأبْثَثْتُكَ مكتُومي، باهلاً غيرَ ذاتِ صِرار".
بج
(بجّ) الباء والجيم يدلّ على أصلٍ واحد وهو التفتُّح. من ذلك قولُهم للطعن بجّ. قال رؤبة:
__________
(1) البيت للنابغة في ديوانه ص19.
(2) في المجمل: "وتمر بث، إذا لم يجد كنزه في وعائه". وفي اللسان: "وتمر بث إذا لم يجود كنزه فتفرق".
(3) في الأصل: "فقرته". وليس لها وجه.
(4) البيت لذي الرمة في ديوانه 28 برواية :"وأسقيه".
(5) هي امرأة دريد بن الصمة. انظر الخبر في اللسان (13: 75).(1/171)
* قَفْخاً على الهامِ وبَجّاً وَخْضَا(1) *
قال أبو عُبيدٍ: هو طعنٌ يصل إلى الجوف فلا ينفُذ؛ يقال منه بَجَجْتُه أَبُجُّه بَجَّاً. ويقال رجلٌ أَبَجُّ، إذا كان واسعَ مَشَقِّ العينِ(2). قال ابنُ الأعرابيّ: البجُّ القطع، وشقُّ الجلدِ واللّحمِ عن الدَّم. وأَنشد الأصمعي:
فَجاءتْ كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها
عَسَالِيجُهُ والثَّامِرُ المتناوحُ(3)
يصف شاةً يقول: هي غزيرةٌ، فلو لم ترْعَ لجاءَتْ من غُزْرِها ممتلئةً ضُروعُها حتى كأنّها قد رعَتْ هذه الضروبَ من النّبات، وكأنّها قد بُجّتْ ضروعها ونُفِجتْ(4). ويقال ما زال يَبُجُّ إبلَه أي يسقيها. وبَجَجْتُ الإبلَ بالماء بَجّاً إذا أرْوَيتَها. وقد بَجَّها العُشْبُ إذا ملأَها شحماً. والبجباج: البَدَنُ الممتلئ. قال:
* بعد انتفاخِ البَدَن البَجْبَاجِ *
بح
وجمعه بَجابِج. ويقال عينٌ بَجّاءُ، وهي مثل النّجلاء. ورجلٌ بجيج العَين. وأنشد:
يكونُ خَِمارُ القَزِّ فوقَ مُقَسَّمٍ
أغَرَّ بَجيجِ المُقْلتينِ صَبِيحِ
فأما البجباج الأحمق فيحتملُ أن يكون من الباب، لأنّ عَقْله ليس ينام، فهو يتفتّح في أبواب الجهل، ويحتمل أن يقال إنه شاذٌّ.
ومما شذّ عن الباب البَجَّة وهي اسم إلهٍ كان يُعبَد في الجاهلية(5).
__________
(1) في الأصل: "قفجا"، صوابه في ديوان رؤبة 81 والمجمل واللسان (قفخ، بجج، وخض).
(2) ومنه قول ذي الرمة:
ومختلق للملك أبيض فدغم
أشم أبج العين كالقمر البدر
(3) البيت لجبيهاه الأشجعي في المفضليات (1: 166). واللسان (6: 402/ 3: 31) وقبله:
ولو أنها طافت بظنب معجم
نفى الرق عنه جدبه فهو كالح
... و"فجاءت" كذا وردت في الأصل وصحاح الجوهري. وصواب روايتها: "لجاءت" وقد نبه ابن بري على خطأ رواية الفاء. انظر اللسان (بجج).
(4) يقال نفج السقاء نفجاً: ملأه.
(5) وبه فسر حديث: "إن الله قد أراحكم من الشجة والبجة" في أحد تأويليه.(1/172)
(بح) الباء والحاء أصلان: أحدهما أن لا يصفُوَ صوتُ ذِي الصّوت، والآخَر سعَة الشيء وانفساحُه. فالأوّل البحَحُ، وهو مصدر الأبَحّ. تقول منه بَحَّ يَبَُحُّ بَحَحاً وبُحوحا(1)؛ وإذا كان من داءٍ فهو البُحاح. قال:
ولقد بَحَِحْتُ من النِّدا
ءِ بجمعكُمْ هَل مِن مُبارِزْ(2)
وعُودٌ أبَحُّ إذا كان في صوته غِلَظ. قال الكِسائيّ: ما كنتَ أَبَحَّ ولقد بَحِحْتَ بالكسر تَبَحُّ بَحَحاً وبُحوحة. والبُحَّة الاسم، يقال به بُحَّةٌ شديدة. أبو عبيدة: بَحَحْت بالفتح لغة. قال شاعر(3):
إذا الحسناءُ لم تَرْحَضْ يَدَيْها
ولم يُقْصَرْ لها بَصَرٌ بسِتْرِ
قَرَوْا أضيافَهم رَبَحاً بِبُجٍّ
يَعيشُ بفَضْلِهِنَّ الحَيُّ سُمْرِ
الرَّبَح:الفصال. والبُحُّ: قِداحٌ يُقامَرُ بها (4). كذا قال الشيبانيّ. وقال الأصمعي في قول القائل:
بخ
وَعاذلةٍ هَبّتْ بليلٍ تلومُنِي
وفي كفّها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ(5)
الرَّذُوم: السّائل دَسَما. يقول: إنّها لامَتْه على نحر مالِهِ لأضيافه، وفي كفِّها كِسرٌ، وقالت: أَمِثْلُ هذا يُنْحَر؟ ونُرى أنّ السَّمينَ وذا اللَّحمِ إنما سمِّيَ أبَحَّ مقابلةً لقولهم في المهزول: هو عِظامٌ تُقَعْقِع.
والأصل الآخر البُحْبُوحة وَسَط الدار، ووَسط مَحَلّة القوم. قال جرير:
قومي تميمٌ همُ القومُ الذين هُمُ
ينْفُون تَغلِبَ عن بُحبُوحَة الدَّارِ(6)
__________
(1) من بابي تعب، ودخل.
(2) البيت لعمرو بن عبد ود، من أبيات في زهر الآداب (1: 42) قالها في يوم الأحزاب.
(3) هو خفاف بن ندبة. انظر اللسان (بحح، ربح). والأغاني (13: 134).
(4) في اللسان: "سميت بحا لرزانتها".
(5) البيت في اللسان (كسر، بحح، رذم) .
(6) البيت في ديوانه 311 واللسان (بحح).(1/173)
والتَّبَحْبُح(1): التمكُّن في الحُلول والمُقام. قال الفراء: يقال نحن في باحَّة الدّارِ بالتشديد، وهي أوسعُها. ولذلك قيل فلانٌ يتبحبح في المجْد أي يتّسِع. وقال أعرابيٌّ في امرأَةٍ ضَرَبها الطَّلْق: "تركتها تَتَبَحْبَحُ على أيدي القَوابل".
(بخ) الباء والخاء. وقد روي فيه كلامٌ ليس أصلاً يقاسُ عليه، وما أراه عربياً، وهو قولهم عند مَدْح الشيء: بَخْ، وبخبَخَ فلانٌ إذا قال ذلك مكرِّراً له. قال:
بين الأشَجِّ وبينَ* قيس باذخٌ
بَخْ بَخْ لوالدهِ وللمولُودِ(2)
وربما قالوا: بَخٍ. قال:
روافدهُ أكرَمُ الرَّافداتِ
بَخٍ لك بَخٍّ لبَحرٍ خِضَمّ(3)
فأمّا قولهم: "بخبخُوا عنكم من الظهيرة" أي أبردوا، فهو ليس أصلاً؛ لأنه مقلوب خَبَّ. وقد ذكر في بابه.
بد
(بد) الباء والدال في المضاعف أصلٌ واحد، وهوالتفرُّق وتباعُدُ ما بينَ الشّيئين. يقال فرسٌ أَبدُّ، وهو البعيد ما بين الرِّجلين.وبدّدْتُ الشيءَ إذا فرّقته. ومن ذلك حديثُ أمّ سلمة: "يا جارية أَبِدِّيهِمْ تَمْرةً تَمرة"، أي فرِّقيها فيهم تَمرة تَمْرة. ومنه قول الهذلي(4):
فأَبَدَّهُنَّ حُتُوفَهُنَّ فهاربٌ
بِذَمائِهِ أو باركٌ مُتَجَعْجِعُ
أي فرَّق فيهنّ الحُتوفَ. ويقال فرّقْناهم بَدَادِ(5). قال:
* فشلوا بالرِّماح بَدَادِ(6)
__________
(1) في الأصل: "والتبحح" محرفة.
(2) البيت لأعشى همدان، كما في المجمل واللسان والصحاح (بخخ). والأساس أنه يقوله في عبد الرحمن بن الأشعث.
(3) استشهد به في اللسان (3: 483) على جمعه بين لغتي التخفيف والتشديد مع التنوين.
(4) هو أبو ذؤيب الهذلي، وقصيدته في ديوانه ص1 والمفضليات (2: 121).
(5) بداد، بفتح أوله والبناء على الكسر. وفي الأصل: "بدادا" محرف.
(6) قطعة من بيت لحسان، وهو وسابقه في ديوانه 108 واللسان (بدد):
هل سر أولاد اللقيطة أننا
سلم غداة فوارس المقداد
كنا ثمانية وكانوا جحفلا
لجبا فشلوا بالرماح بداد(1/174)
*
وتقول بادَدْتُه في البَيع، أي بِعتُه مُعاوَضة. فإن سأل سائلٌ عن قولهم: لابدَّ من كذا، فهو من هذا الباب أيضاً، كأنه أراد لا فِراق منه، لا بُعد عنه. فالقياس صحيحٌ. وكذلك قولهم للمفازة الواسعة "بَدْبَدٌ(1)" سمِّيت لتباعُدِ ما بين أقطارها وأطرافها. و البادّان: باطنا الفَخِذين من ذلك، سمِّيا بذلك للانفراج الذي بينهما. وقد شذّ عن هذا الأصل كلمتان: قولهم للرجل العظيم الخَلْق "أَبَدّ". قال:
* أَلَدَّ يَمْشي مِشْيَةَ الأَبَدِّ (2) *
وقولهم: ما لك به بَدَدٌ(3)، أي ما لك به طاقةٌ.
بذ - بر
(بذّ) الباء والذال أصلٌ واحد، وهو الغَلَبة والقَهْر والإذلال. يقال بذّ فلانٌ أقرانَه إذا غلَبَهم، فهو باذٌّ يَبُذُّهم. وإلى هذا يرجع قولهم: هو بَاذّ الهيئة، وبَذُّ الهيئة بيِّن البَذَاذة، أي إن الأيَّام أتَتْ عليه فأَخلقَتْها فهي مقْهورة، ويكون فاعلٌ في معنى مفعولٍ.
(برّ) الباء والراء في المضاعف أربعة أصول: الصدق، وحكايةُ صَوتٍ، وخلاف البَحْرِ، ونبتٌ. فأمّا الصِّدق فقولهم: صدَق فلانٌ وبَرَّ، وبَرَّتْ يمينُه صدَقت، وأَبَرَّها أمضاها على الصِّدق.
وتقول: بَرَّ الله حَجَّك وأَبَرَّهُ، وحِجَّةٌ مَبْرُورة، أي قُبِلَتْ قَبولَ العملِ الصَّادق. ومن ذلك قولهم يَبَرُّ ربَّه أي يُطيِعه. وهو من الصِّدق. قال:
لاهُمَّ لولا أنَّ بَكراً دُونَكا
يَبَرُّكَ النّاسُ ويَفْجُرُونَكا(4)
__________
(1) كذا وردت مضبوطة في الأصل وفي المجمل. وفي اللسان: "البديدة" وفي القاموس: "البديد".
(2) وكذا ورد إنشاده في المجمل. وقد نبه صاحب القاموس على خطأ هذه الرواية، وأن صوابها:
* بداء تمشي مشية الأبد *
... وعلى هذا الوجه جاء إنشاده في اللسان ( 4: 46) منسوباً إلى أبي نخيلة السعدي.
(3) ويقال أيضاً مالك بِدة وبَدة، بكسر الباء وفتحها.
(4) هذا البيت في اللسان (5: 116).(1/175)
ومنه قول الله تعالى: { لَيْسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ } [البقرة 177]. و[أَمّا] قولُ النابغة:
* عليهنَّ شُعْثٌ عَامِدُون لِبرِّهِمْ(1) *
فقالوا: أراد الطاعة، وقيل أَراد الحج. وقولهم للسّابقِ الجواد "المُبّر" هو من هذا؛ لأنه إذا جرى صدق، وإذا حمل صدق.
بر
قال ابنُ الأعرابيّ: سألتُ أعرابيّاً(2): هل تعرفُ الجوادَ المُبِرّ من البطيء المقْرِف؟ قال: نعم. قلت: صفهُما لي. قال: "أمّا الجواد فهو الذي لُهِزَ لَهْزَ العَيْر(3)، وأُنِّف تَأنيفَ السَّير(4)، الذي إذا عَدَا اسْلَهَبّ(5)، وإذا انتصِبَ اتلأَبّ(6). وأما البطيء المقْرِف فالمدلوك الحجَبَة، الضّخمُ الأرنبة، الغليظ الرَّقَبة، الكثير الجَلَبَة، الذي إذا أمسَكْته قال أرسِلْني، وإذا أرسَلْتَهُ قال أمسِكْني".
وأصل الإبرار ما ذكرناه في القهر والغَلَبة، ومرجعُه إلى الصِّدق. قال طرَفة:
يَكشفون الضُّرَّ عن ذِي ضُرِّهِمْ
ويُبِرُّونَ على الآبِي المُبِرّ(7)
__________
(1) في الديوان 54: "لحجهم". وعجزه:
* فهن كأطراف الجنى خواضع *
(2) في اللسان (5: 119): "سئل رجل من بني أسد".
(3) أي ضبر تضبير العير. وفي الأصل: "البعير"، صوابه من اللسان (5: 119/ 6: 275 / 10: 356).
(4) أي قد حتى استوى كما يستوي السير المقدود.
(5) اسلهب: مضى في عدوه. وفي الأصل: "إذا علا اسلهف"، صوابه في اللسان (5: 119/1-457).
(6) اتلأب: امتد واستوى . وفي الأصل:" إذا انتصف"، صوابه في اللسان (1: 226/ 5: 119). وزاد في اللسان بين هذا وسابقه: "وإذا قيد اجلعب" أي مضى في سيره.
(7) ديوان طرفة 70 واللسان (5: 119).(1/176)
ومن هذا الباب قولهم: هو يَبَرُّ ذا قرَابته، وأصله الصِّدق في المحبّة. يقال رجل بَرٌّ وبارٌّ. وبرَِرْت والدي وبرَِرْتُ في يميني. وأبَرَّ الرّجُلُ ولَدَ أولاداً أبْرَاراً. قال أبو عبيدة: وَبَرَّةُ: اسمٌ للبِرّ معرفةٌ لا تنصرف. قال النابغة:
يومَ اخْتَلَفْنا خُطَّتَيْنا بينَنا
فحملتُ بَرَّةَ واحتَملْتَ فَجارِ(1)
وأمّا حكاية الصّوتِ فالعرب تقول: "لا يَعْرِفُ هِرّا من برّ" فالهِرّ دُعاء
بر
الغنم، والبِرّ الصَّوتُ بها إذا سِيقَتْ. [و] يقال لا يعرف مَن يكرهُه ممّن يَبرّه. والبربرة: كثرة الكلامِ والجَلَبَةُ باللِّسان. قال:
* بالعَضْرِ كلّ عَذَوَّرٍ بَرْبارِ *
ورجل بَرْبارٌ وبَربارةٌ. ولعلّ* اشتقاق البَربَرِ من هذا. فأما قولُ طرَفَة:
ولكن دعا من قيس عَيلان عصبةً
يسوقون في أعلى الحجازِ البَرابِرا(2)
فيقال إنه جمع بُرْبُر(3)، وهي صِغارُ أولاد الغنم. قالوا: وذلك من الصّوت أيضا، وذلك أنّ البَربرة صوتُ المَعْز.
والأصل الثالث خلاف البحر. وأَبَرَّ الرّجلُ صار في البَرّ، وأَبْحَرَ صار في البحر. والبرّيّة الصحراء. والبَرّ نقيص الكِنّ. والعرب تستعمل ذلك نَكِرةً، يقولون خرجتُ بَرّا وخرجتُ بحراً. قال الله تعالى: { ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ والبَحْرِ }
[الروم 41].
__________
(1) في الديوان 34: "أنا قسمنا خطتينا"، وفي اللسان: "أنا اقتسمنا". وقبله:
أرأيت يوم عكاظ حين لقيتني
تحت العجاج فما شققت غباري
(2) كذا ورد إنشاده: "يسوقون" بالقاف، والشرح يؤيد هذه الرواية، لكن في ديوان طرفة 2: "يسوفون" بالفاء، وقافية البيت في الديوان "البرائرا"، قال ابن السكيت: "البرائر: جمع برير، وهو ثمر الأراك، ويسوفون: يشمون".
(3) انفرد ابن فارس من بين أصحاب المعاجم بهذه الكلمة.(1/177)
وأَما النَّبْت فمنه البُرّ، وهي الحنطة، الواحدة بُرّة. قال الأصمعي: أبَرَّت الأرضُ إذا كثر بُرُّها، كما يقال أَبْهَمَت إذا كثر بُهْمَاها. والبُرْبُور(1) الجَشيش من البُرّ. يقال للخُبز ابن بُرَّةَ، وابنُ حَبّةَ، غير مصروفَين. قال الشيباني: "هو أقصر من بُرَّة" يعني(2) واحدة البُرّ. أي إن البُرّةَ غايةٌ في القِصَر. قال الخليل: البَرير حمْل الأَراك. قال النابغة:
بز
* تَسَفُّ بَرِيرَهُ وتَرودُ فِيهِ(3) *
قال أبو زيادٍ الكِلابِيّ: البَرِير أصغر حَبّاً من المَرْد والكَبَاث، كأنّه خَرَزٌ صِغار. قال الأصمعي: البَرِير: اسمٌ لما أدْرَك مِنْ ثَمَر العِضاهِ، فإذا انتهى يَنْعُهُ اشتدَّ سوادُه. قال بشر:
رأى دُرَّةً بيضاءَ يحفِلُ لَوْنَهَا
سُخامٌ كغِرْبَانِ البَرِيرِ مُقَصَّبُ(4)
يصِفُ شَعَرَها.
(بز) الباء والزاء [أصل واحدٌ]، وهو الهيئة من لباسٍ أو سِلاح. يقال هو بَزّازٌ يبيع البَزّ. وفلانٌ حسَنُ البِزّة. والبَزّ: السلاح. قال شاعر:
كأنّي إذْ غدَوْا ضَمّنْتُ بَزِّي
مِنَ العِقْبَانِ خَائتَةً طَلُوبَا(5)
__________
(1) الجشيش: المجشوش، أي المدقوق. وفي الأصل: "الحشيش" محرف، صوابه في اللسان (5: 120
س17)
(2) في الأصل: "بقي"، تحريف.
(3) صدر بيت له في ديوانه 75 وعجزه:
* إلى دبر النهار من البشام *
(4) يحفل لونها: يجلوه. والمقصب: المجعد. والبيت في اللسان (قصب، حفل). وسيأتي في (حفل).
(5) البيت لأبي خراش الهذلي، كما في أشعار الهذليين (2: 57) واللسان (2: 16) وانظر الحيوان
(6: 337) واللسان (7: 176). وفي أشعار الهذليين: "إذ عدوا بالمهملة. وفي الأصل: "خاتية" في البيت وتفسيره، وإنما هي "خائتة".(1/178)
يقول: كأن ثيابي وسلاحي حين غدوتُ على عقابٍ، من سرعتي. وقوله: خائتة، تسمع لجناحها صوتاً إذا انقَضَّتْ. وقولهم بزَزْتُ الرّجُل، أي سلبته، من هذا، لأنّه فِعلٌ وقَعَ ببَزِّه، كما يقال رأسْتُه: ضربتُ رأسَه.
ممّا شَذّ عن هذا الباب البَزْبَزَة: سُرْعَة السَّير.
بسّ
(بسّ) الباء والسين أصلان: أحدهما السَّوْق، والآخر فَتُّ الشّيء وخلطه. فالأوّل قوله تعالى: { وبُسَّتِ الجِبَالُ بَسّاً } [الواقعة 5]، يقال سيقَت سَوْقا. وجاء في الحديث: "يجيء قومٌ من المدينة يبسُّون(1)، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانُوا يَعْلَمُون". ومنه قول أبي النجم:
* وانبَسَّ حَيَّاتُ الكَثيب الأهْيَلِ(2) *
أي انْسَاقَ. والأصل الآخر قولهم بُسّت الحنطة وغيرها أي فُتّتْ. وفُسِّر قوله تعالى: { وبُسَّتْ الجِبَالُ بَسّاً } [الواقعة 5]، على هذا الوجهِ أيضاً. ويقال لتلك البَسِيسة، وقال شاعر:
* لا تخبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّا(3) *
يقول: لا تخبزا فتُبطِئا(4) بل بُسَّا السَّويقَ بالماء وكُلا. فأمّا قولهم: بَسَّ بالنّاقة وأبسّ بها إذا دعاها للحَلَْب، فهو من الأوَّل. وفي أمثال العرب: "لا أفْعَلُ ذَلِكَ ما أبَسَّ عبْدٌ بناقة"، أي ما دعاها للحَلَْب. قال شاعر:
فَلَحَا اللهُ طالبَ الصُّلحِ مِنّا
__________
(1) لفظه في اللسان (7: 325): "من المدينة إلى الشام واليمن والعراق يبسون". ويقال بسست الدابة وأبسستها، إذا سقتها وزجرتها وقلت لها بس بس. وفي الأصل "يبيتون" محرفة.
(2) أنشده الجاحظ في الحيوان (4: 256) وقال: "انبست الحيات، إذا تفرقت وكثرت". وأنشده في اللسان (7: 327) بدون نسبة، وفسره بمعنى انسابت على وجه الأرض.
(3) الرجز للهفوان العقيلي أحد لصوص العرب. انظر معجم المرزباني 492 ونوادر أبي زيد 12، 70 والحيوان (4: 490) والمخصص (7: 127) وتهذيب الألفاظ 636.
(4) في الأصل: "قبطيا"، صوابه ما أثبت مطابقاً ما في معجم المرزباني.(1/179)
ما أطافَ المُبِسُّ بالدَّهْماءِ(1)
بشّ - بصّ
(بشّ) الباء والشين أصلٌ واحد، وهو اللّقاء الجميل. والضّحك إلى الإنسان سروراً به. أنشد ابنُ دريد:
لا يَعدَمُ السّائلُ مِنهُ وَفْرا(2)
وقَبْلهُ بشاشةً وبِشْرا
يقال بَشّ به بشّاً وبَشاشة.
(بصّ) الباء والصاد أصلٌ واحدٌ وهو بَريق الشيء وَلَمعانُه في حركَتِه. يقال بَصَّ إذا لَمَعَ يَبصُّ بصيصاً وبَصّاً إذا لَمَعَ. قال:
يَبِصُّ منها لِيطُها الدُّلامِصُ
كدُرَّةِ البَحْرِ زَهاها الغائِصُ(3)
الدُّلامِص: البَرّاق. زهَاها: رَفَعها وأخْرَجها. والبَصَّاصة: العين. وبصبَصَ الكلبُ: إذا حرّك ذنَبَه، وكذلك الفَحْلُ. قال:
* بَصْبَصْنَ إذْ حُدِينا(4) *
وقال رؤبة:
* بصبصْنَ بالأذْنابِ من لُوحٍ وبَقّ(5) *
وبصبَصَ جَرْوُ الكلْبِ إذا لَمَعَ ببصره قبل أن تتفَتّح عينُه. وخِمْسٌ بَصْبَاصٌ: بعيدٌ. وقال أبو دُوَاد:
بضّ
ولقد ذَعَرْتُ بناتِ عَـ
ـمّ المُرْشِقَاتِ لَهَا بَصابصْ(6)
قالوا: أراد أن يقول: ذعرت البقر، *فلم يستقم له الشِّعر فقال: بنات عَمّ المُرْشِقات، وهي الظّباء. وأراد بالبصابص تحريكَها أذنابَها. والبَصِيصُ الرِّعدة من هذا القياس.
__________
(1) البيت لأبي زبيد الطائي، كما في أمالي القالي (1: 132).
(2) الوفر: المال والمتاع الكثير الواسع. وفي اللسان (8: 153): "وقرا" والوقر، بالكسر: الحمل من أحمال الدواب. وما في الأصل يطابق رواية ابن دريد في الجمهرة (1: 32).
(3) البيتان في اللسان (بصص).
(4) لعله جزء من بيت، أو صحة إنشاده كما في اللسان (8: 272):
* بصبصن إذ حدين بالأذناب *
(5) رواية الديوان 108 واللسان (10: 412/ 11: 304): "يمصعن بالأذناب" وستأتي هذه الرواية في نهاية (بقق). وقبله:
* بصبصن واقشعررن من خوف الرهق *
(6) البيت في اللسان (بصص) محرفاً، وفي (رشق) على الصواب.(1/180)
(بضّ) الباء والضاد أصلٌ واحدٌ، وهو تندّي الشيء كأنّه يعرق. يقال بَضّ الماءُ يَبِضّ بَضّاً وبُضوضاً إذا رَشَح من صَخرةٍ أو أرض. ومن أمثال العرب قولهم: "ولا يَبِضّ حَجَرُه"، أي لا يُنال منه خَير. ورَكِيٌّ بَضُوض(1): قليلة الماء، ولا يقال بَضَّ السِّقاءُ ولا القِربة. إنّما ذلك الرَّشْح أو النَّتْح، فإذا كان من دُهنٍ أو سمن فهو النَثُّ والمَثُّ. فأمّا قولهم للبدن الممتلئ بَضٌّ فهو من هذا أيضاً، لأنّه مِنْ سِمَنِه وامتلائِه كأنّه يرشَح فيبرُقُ لونُه. قالوا: والبدن البَضُّ الممتلئ، ولا يكون ذلك من البياض وحدَه، قد يُقال ذلك للأبيض والآدَم. قال ابنُ دريد: رجلٌ بَضٌّ بَيِّنُ البضاضة والبُضوضة: إذا كان ناصِعَ البياض في سِمَنٍ. قال شاعر(2) يصف قتيلاً:
وأبيَضُ بَضٌّ عليه النُّسورُ
وفي ضِبْنِهِ ثَعْلَبٌ مُنْكَسِرْ(3)
بط - بظ - بعّ
وقال أبو زُبيدٍ الطائيّ:
يا عُثمَُ أَدْرِكْني فإنَّ ركِيَّتي
صَلَدَتْ فأعيَتْ أنْ تَبِضَّ بمائِها(4)
(بطّ) الباء والطاء أصلٌ واحد، وهو البَطُّ والشّقّ. يقال بَطّ الجُرْحَ يبُطُّه بَطّاً، أي شقه. فأمّا البطيط الذي هو العَجَب فمِنْ هذا أيضاً؛ لأنّه أمرٌ بُطَّ عَنْهُ فأُظْهِرَ حتى أعْجَبَ. وقال الكميت:
ألَمَّا تَعْجَبي وترَيْ بَطيطاً
من اللاّئِينَ في الحِجَجِ الخَوالي(5)
__________
(1) وكذا في اللسان (8: 386). والركي: جمع ركية.
(2) هو أوس بن حجر. انظر ديوانه 6 والحيوان (5: 582)، والأضداد لابن الأنباري (303) .
(3) وكذا جاءت روايته في اللسان (8: 387)، وصواب روايته كما في المصادر السابقة: "وأحمر جعدا". وقبله:
بكل مكان ترى شطبة
مولية ربها مسيطر
(4) البيت في اللسان (8: 386).
(5) البيت في اللسان (بطط) بدون نسبة، وبرواية: "في الحقب الخوالي". واللائين: الذين، كما سمع اللاءات في قوله:
أولئك أخداني الذين ألفتهم
وأخدانك اللاءات زين بالكتم
... وفي اللسان: "وحكي عنهم اللاؤو فعلوا ذلك. يريد اللاؤون فحذف النون تخفيفاً".(1/181)
وما سوى ذلك من الباء والطاء ففارسيٌّ كلُّه.
(بظّ) الباء والظاء يقال إنّهم يقولون بَظّ أوتارَه للضَّرْب، إذا هيّأها. ومثلُ هذا لا يعوّل عليه.
(بعّ) الباء والعين أصلٌ واحد، على ما ذكره الخليل، وهو الثِّقَل [و] الإلحاح. قال الخليل: البَعَاع ثِقَل السَّحاب من المطر. قال امرؤ القيس:
وألقى بصَحراءِ الغَبيط بَعَاعَهُ
نُزولَ اليَمَاني ذي العِيَابِ المحمَّلِ
قال: ويقال للرّجُل إذا ألقى بنفسه: ألقى علينا بَعَاعَه. ويقال للسَّحاب إذا ألقَى كلّ ما فيه من المطر: ألقى بَعاعه. يقال بَعَّ السَحابُ والمطرُ بعَّاً وبَعَاعَاً، إذا
بغ - بق
ألحَّ بمكان. وأمّا ابنُ دريد فلم يذكر من هذا شيئاً(1)، وذكر في التكرير البَعْبَعَة: تكرير الكلام في عجلةٍ. وقد قلنا إنّ الأصواتَ لا يُقاسُ عليها.
(بغّ) الباء والغين في المضاعف أصلان متباينان عند الخليل وابن دريد. فالأول البغبغة، وهي حكايةُ ضربٍ من الهدير، وأنشد الخليل:
* بِرَجْسِ بَغْبَاغِ الهديرِ البَهْبَهِ(2) *
والأصل الثاني ذكره ابنُ دريد قال: البَغْبَغ وتصغيرها بُغَيْبِغ وهي الرّكِيّة القريبة المَنْزَع. قال:
يا رُبَّ ماءٍ لكَ بالأجْبالِ(3)
بُغَيْبِغٍ يُنْزَعُ بالعِقَالِ(4)
__________
(1) الحق أن ابن دريد عقد لها رسماً في الجمهرة (3: 185) وأما المكرر، أي (بعبع) فقد عقد له رسماً في
(1: 127).
(2) البيت لرؤبة في ديوانه 166 واللسان (بهبه) وروي في الديوان واللسان: "بخباخ". ونبه أيضاً على رواية: "بهباه الهدير". وفي الأصل: "البهبهة" محرف.
(3) في اللسان: "يعني أنه ينزع بالعقال لقصر الماء؛ لأن العقال قصير".
(4) في الأصل: "بالأحبال" صوابه في المجمل والجمهرة (1: 127) واللسان (10: 301) وبعده في اللسان:
* أجبال سلمى الشمخ الطوال *(1/182)
(بق) الباء والقاف في قول الخليل وابن دُريدٍ أصلان: أحدهما التفتُّح في الشيء، قولاً وفِعلاً، والثاني الشَّيء الطَّفيف اليسير. فأمّا الأول فقولهم بَقَّ يَبُقُّ بَقَّاً؛ إذا أوسع من العطيّة. وكذلك بَقَّتِ السماء بَقّاً، إذا جاءت بمطرٍ شديد. قال الراجز:
وبَسَطَ الخيرَ لنا وبَقَّهُ
فالخلْقُ طُرّاً يَأْكلُونَ رِزْقَهُ(1)
بكّ
وبَقَّ فلانٌ علينا كلامَه إذا كَثّرَه. والبقبقة: كثْرة الكلام، يقال رجلٌ بَقَاق وبَقْباق. قال الرّاجز:
وقد أقود بالدَّوَى المزَمَّلِ
أَخْرَسَ في الرَّكْبِ بَقَاقَ المَنْزِلِ(2)
ومن ذلكَ بقبَقةُ الماءِ في حرَكَتِه، والقِدْرِ في غليانها.
والأصل الآخر البَقُّ من البَعوض، الواحدة بَقّة. قال الراجز:
* يَمْصَعْنَ بالأذناب من لُوحٍ وبَقّ(3) *
ومن هذا الباب البَقاق: أسْقاطُ مَتاعِ البيت.
(بكّ) الباء والكاف في المضاعف أصلٌ يجمع التزاحُمَ والمغالبة. قال الخليل: البَكّ دقُّ العُنق. ويقال سمِّيت بكّة لأنّها كانت تَبُكُّ أعناق الجبابرة إذا أَلحَدْوا فيها بظُلْمٍٍ لم يُنْظَروا. ويقال بل سُمّيتْ بكّةَ لأنّ النّاسَ بعضُهم يبكُّ بعضاً في الطَّواف، أي يدفع. وقال الحسن: أي يتباكُّون فيها من* كُلّ وجهٍ. وقيل أيضاً: بَكَّةُ فَعْلَة من بكَكْتُ الرّجلَ إذا ردَدْتَه ووضعتَ منه. قال:
إذَا الشَّرِيبُ أخَذَتْهُ أَكَّهْ
فَخَلِّهِ حَتّى يَبُكَّ بَكَّهْ(4)
وقال آخر:
__________
(1) البيتان في اللسان (بقق)، وهما في الجمهرة (1: 36) منسوبان إلى عويف القوافي.
(2) البيتان في اللسان (بقق، دوا). وسيأتي في (دوي) وتقديره: أقود البعير بالدوي المزمل، أي الأحمق المدثر. وهما في الجمهرة (1: 36) منسوبان إلى أبي النجم العجلي.
(3) البيت لرؤبة، كما سبق في ص182.
(4) الرجز لعامان بن كعب التميمي، كما في الجمهرة (1: 19). وانظر نوادر أبي زيد 128 واللسان (أكك، بكك).(1/183)
يَبُكُّ الحَوْضَ عَلاّهَا ونَهْلَى
ودُونَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ(1)
بل
تبكّ: تزدحم عليه. قال ابنُ الأعرابيّ: تبَاكَّت الإبل، إذا ازدحمتْ على الماء فشرِبَتْ ورجل أبَكُّ شديدٌ غَلاَّب، وجمعه بُكٌّ، ويقال بكّهُ إذا غلبَه.
قال الفرّاء: يقال للرِّشاء الغليظ الأبكّ. والأبكّ في قول الأصمعي الشّجَر المجتمع. يريد قول القائل:
صَلاَمَةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ(2)
لا جَذَعٌ فيها ولا مُذَكِّ(3)
(بل) الباء واللام في المضاعف له أصولٌ خمسة هي معظم الباب. فالأول النَّدى، يقال بلَلْتُ الشيء أَبُلُّهُ. والبِلَّةُ البَلَل، وقد تضمّ الباء فيقال بُلَّة. وربما ذكَروا ذلك في بقيّة الثَّمِيلة في الكَرِش. قال الراجز(4):
* وفارقَتْها بُلَّة الأوابِلِ(5) *
ويقال: ذهبت أبْلاَلُ الإبِل، أي نِطافُها التي في بطونها. قال الضَّبّيُّ: ليس من النوق ناقةٌ تَرِدُ الماءَ فيها بُلَّةٌ إلاّ الصّهباء. أي إنّها تصبر على العطش. ومن ذلك التي هي العطيّة. قال الخليل: يقال للإنسان إذا حسُنَتْ حالُه بعد الهزال: قد ابتلّ وتبلَّل. ويقولون: "لا أَفعَلُ كذا ما بلَّ بَحْرٌ صُوفَة" ويقال للبخيل: ما تَبُلُّ إحدى يَدَيْهِ الأُخْرَى. ومنه "بُلُّوا أرحامَكم ولو بالسَّلام". ويقال لا تبلّك عندي بالَّةٌ ولا بِلاَلٌ ولا بَلاَلِ على وزن حَذَامِ. قال:
فلا والله يا ابنَ أبي عَقِيلٍ
تبلُّك بعدَها فينا بَلاَلِ(6)
__________
(1) البيت لعامان بن كعب، كما في اللسان (12: 495) ونوادر أبي زيد ص16.
(2) في اللسان (جرب): "لا جذع فينا". والرجز لقطية بنت بشر في الأغاني (1: 129) .
(3) وكذا رويت في اللسان (صلم)، وروي في (جرب، بكك): "جربة كحمر الأبك".
(4) هو إهاب بن عمير، كما في اللسان (13: 69/1: 177).
(5) في الأصل: "الأوائل" صوابه في اللسان في الموضعين.
(6) البيت لليلى الأخيلية، كما في الجمهرة (3: 210) واللسان (13: 71). وبعده في اللسان:
فلو آسيته لخلاك ذم
وفارقك ابن عمك غير قالي(1/184)
بل
وفي أمثال العرب(1): "اضربوا أميالاً تَجِدُوا بَلاَلاً". قال الخليل: بِلّة اللِّسان(2) وقوعُه على مواضع الحروف واستمراره على النُّطق، يقال ما أحسنِ بِلّة لسانه. وقال أبو حاتم: البَِلّة عَسَل السَّمُرِ(3). ويقال أبلَّ العُود إذا جرى فيه نَدَى الغيث. قال الكسائي:انصرفَ القوم بِبَلَّتهم(4)، أي انصرفوا وبهم بقيّة. ويقال اطوِ الثّوب على بَُلَّته(5) أي على بقية بللٍ فيه لئلا يتكسّر. وأصله في السقاء يتَشَنَّن، فإذا أريد استعمالهُ نُدِّيَ. ومنه قولهم: طويتُ فلاناً على بِلاله(6)، أي احتملتُه على إساءته، ويقال على بُلَّته وبُلُلَته. وأنشَدُوا:
ولقد طويتكُمُ على بُلُلاتِكمْ
وعلمتُ ما فيكم من الأَذْرابِ(7)
قال أبو زيد: يقال ما أحسَن بَلَلَ الرَّجُل، أي ما أحسن تحمُّله، بفتح اللامين جميعاً. وأمّا قولهم للرِّيح الباردة بَلِيلٌ، فقال الأصمعيّ: هي ريحٌ باردة
بل
__________
(1) هو من كلام طليحة بن خويلد الأسدي المتنبي، قاله في سجعه وقد عطش أصحابه، قال: "اركبوا
إلالا، واضربوا أميالا، تجدوا بلالا". وقد وجدوا الماء في المكان الذي أشار إليه، ففتنوا به. وإلال: فرس طليحة. انظر الجمهرة (3: 210).
(2) ضبطت في الأصل بضم الباء، وفي القاموس واللسان بالكسر.
(3) في القاموس أن "البلة" بالفتح، نور العرفط والسمر أو عسله. قال: "ويكسر". وفي المجمل: "والبلة عسل السمر، وربما كسروا الباء، ويقال هو نور العضاه، أو الزغب الذي يكون عليه بعد النور". وفي الأصل: "عسل السم" محرف.
(4) في اللسان والقاموس: "انصرف القوم ببللتهم، محركة وبضمتين، وبلولتهم بالضم، أي وفيهم بقية".
(5) فيه لغات كثيرة، سردها صاحب القاموس.
(6) شاهده في اللسان (بلل 70):
وصاحب موامق داجيته
على بلال نفسه طويته
(7) البيت لحضرمي بن عامر كما في اللسان (ذرب، بلل). ويروى للقتال الكلابي كما في الجمهرة
(1: 37).(1/185)
تجيء في الشتاء ويكون معها نَدىً. قال الهذلي(1):
* وسَاقَتْهُ بَلِيلٌ زَعْزَعُ *
والأصل الثاني: الإبلال من المرض، يقال بلّ وأبَلّ واستبلَّ، إذا بَرَأَ. قال:
إذا بَلَّ من داءٍ به ظَنَّ أنه
نَجَا وبه الدّاءُ الذي هُو قاتلُه(2)
والأصل الثالث: أخذ الشّيءِ والذّهابُ به. يقال بَلَّ فلانٌ بكذا، إذا وَقَعَ في يده. قال ذو الرّمّة:
* بَلّتْ بِهِ غير طَيّاشٍ ولا رَعِشٍ(3) *
ويقولون: "لئن بَلَّ به لَيَبَلَّنَّ بما يودّه(4). ومنه قوله:
إنّ عليكِ فاعلِمنَّ سائِقا
بَلا بأعْجازٍ المَطِيِّ لاحقَا
أي ملازماً لأعجازها. ويقال : إنّه لَبَلٌّ بالقرينة. وأنشد:
وإنّي لَبَلٌّ بالقَرِينَةِ ما ارعَوَتْ
وإنّي إذا صارَمْتُها لَصَرُومُ(5)
وقال آخر:
بَلّتْ عُرَيْنَةُ في اللِّقاء بفارسٍ
لا طائشٍ رَعِشٍ ولا وَقَّافِ
ويقولون: إنّه ليَبَلُّ بهِ الخَيْرُ، أي يوافِقُه.
بل
والأصل الرابع: البَلَل، وهو مصدر الأبلِّ من الرّجال، وهو الجرِيء المُقْدِم الذي لا يستحيي ولا يُبالي. قال شاعر:
ألاَ تَتّقُونَ الله يا آلَ عامِرٍ
وهَلْ يَتّقي اللهَ الأبَلُّ المصَمِّمُ(6)
ويقال هو الفاجر الشَّديد الخُصُومة، ويقال هو الحَذِر الأريب. ويقال أبَلَّ الرّجلُ يُبِلّ إبلالاً، إذا غَلَب وأعْيَا. قال أبو عُبيدٍ: رجلٌ أبَلُّ وامرأةٌ بَلاّءُ، وهو الذي لا يُدرَك* ما عِندَه.
__________
(1) هو أبو ذؤيب في ديوانه 11 والمفضليات (2: 226) والبيت التالي بتمامه :
ويعوذ بالأرطى إذا ما شفه
قطر وراحته بليل زعزع
(2) يعني الهرم والشيخوخة، كما في اللسان (بلل 68-69). والبيت كذلك في الجمهرة (1: 37).
(3) صدر بيت في ديوانه 25. وعجزه:
* إذ جلن في معرك يخشى به العطب *
(4) لعلها: "بما يوده".
(5) البيت في اللسان (13: 70).
(6) البيت في اللسان (13: 71). ونسب في حواشي الجمهرة (1: 38) إلى المسيب بن علس.(1/186)
وما بعد ذلك فهي حكايةُ أصواتٍ وأشياءَ ليست أصولاً تنقاس. قال أبو عمرو. البَلِيل: صوتٌ كالأنين. قال المرّار:
صوادِيَ كُلُّهُنَّ كأُمِّ بَوٍّ
إذا حَنّتْ سمِعتَ لها بليلا
قال اللحْيانيّ: بَليلُ الماء: صَوتُه. والحمام المبَلِّل هو الدائم الهدير. قال :
ينفّرْن بالحَيْحاءِ شَاءَ صُعَائِدٍ
ومن جانب الوادي الحمامَ المبَلِّلاَ(1)
وبابِل: بلد. والبُلْبُل طائر. والبَلْبَلَةُ وَسْواس الهموم في الصّدر، وهو البَلبال. وبَلبَلةُ الألسُنِ اختلاطُها في الكلام. ويقال بَلْبَلَ القومُ، وتلك ضَجَّتُهم. والبُلبُلُ من الرِّجال الخفيف، وهو المشبَّه بالطائر الذي يسمَّى البُلْبل والأصل فيه الصّوت، والجمع بلابل. قال:
بن
ستُدْرِك ما يَحمي عُمارَةُ وابنُهُ
قَلاَئصُ رَسْلاتٌ وشُعثٌ بَلابِلُ(2)
(بن) الباء والنون في المضاعف أصلٌ واحد، هو اللزوم والإقامة، وإليه ترجع مسائلُ البابِ كلُّها. قال الخليل: الإبنان اللُّزوم، يقال: أبَنَّتِ السّحابةُ إذا لزِمَتْ، وأَبَنَّ القومُ بمحلَّةٍ أقاموا. قال:
* يا أيُّها الرَّكْبُ بالنَّعْفِ المُبِنُّونا *
ومن هذا الباب قولهُم: بَنَّنَ الرّجلُ فهو مُبَنّنٌ، وذلك أن يرتبط الشّاة ليسمِّنها. وأنشد:
يُعَيِّرُني قومي بأنّي مُبَنِّنٌ
__________
(1) الحيحاء بفتح الحاء وكسرها: مصدر حاحيت بالمعز دعوتها. فالفتح بإجراء الفعل مجرى دعدعت، والكسر بتقديره في وزن فاعلت. وفي الأصل واللسان (13: 68): "بالحيجاء" صوابه ما أثبت. انظر اللسان (20: 333). وصعائد بضم أوله: موضع.
(2) البيت لكثير بن مزرد، كما في اللسان (13: 73). وروي صدره في اللسان والجمهرة (1: 129):
* ستدرك ما تحمي الحمارة وابنها *
... قال ابن منظور: "والحمارة: اسم حرّة، وابنها الجبل الذي يجاورها، أي ستدرك هذه القلائص ما منعته هذه الحرة وابنها".(1/187)
وهل بَنَّنَ الأشراطَ غيرُ الأكارِم(1)
قال الخليل: البَنَانُ أطرافُ الأصابع في اليدَين. والبَنَان في قوله تعالى:
{ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } [الأنفال 12]، يعني الشّوَى، وهي الأيدي والأرْجُل. قال: وقد يجيء في الشّعر البَنانَة بالهاء للإصبع الواحدة. وقال:
لا همّ كَرَّمْتَ بَنِي كِنانَهْ(2)
ليس لِحَيٍّ فوقَهُمْ بَنَانَهْ
أي لأحدٍ [عليهم(3)] فضلٌ قِيسَ إصبع. وقال في البَنَان:
بن
لمَّا رأتْ صَدَأ الحديدِ بِجِلْدِهِ
فاللّونُ أَوْرَقُ والبَنانُ قِصارُ
وقال أبو إسحاق إبراهيم بن السّريّ الزجاج: واحد البَنانِ بَنَانةٌ. ومعناه في قوله تعالى: { وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ } [الأنفال 12]، الأصابعُ وغيرها من جميع الأعضاء. وإنما اشتقاق البَنَان من قولهم أبَنَّ بالمكان إذا قام؛ فالبنان به يُعْتَمَدُ كلُّ ما يكون للإقامة والحياة. قال الخليل: والبَنَّة الرِّيح من أرْبَاضِ(4) البقَر والغَنم والظِّباء، وقد يُستعمل في الطِّيب، فيقال: أجِدُ في هذا الثوب بَنَّة طيِّبةً من عرْف تُفّاح أو سفَرجَل. وأنشد:
* بَلَّ الذُّنابَى عَبَساً مُبِنَّا(5) *
وهذا أيضاً من الأوّل، لأنّ الرائحة تلزم. وقال الرّاجز في الإبنان وهو الإقامة:
قلائصاً لا يَشْتَكِين المَنَّا
لا يَنْتَظِرْنَ الرّجُل المُبِنَّا
__________
(1) الأشراط: حواشي المال وصغاره. وفي اللسان: "الغنم أشراط المال". وفي الأصل: "الأشواط"، محرفة.
(2) في اللسان (16: 206): "أكرمت".
(3) التكملة من اللسان .
(4) أرباض: جمع ربض، وهو الموضع الذي تربض فيه الدابة، كالمربض. وفي الأصل: "أرض" محرفة. وفي اللسان: "والبنة ريح مرابض الغنم والظباء والبقر".
(5) من رجز لمدرك بن حصن الأسدي، كما في اللسان (17، 109، 117، 233). وانظر الرجز أيضاً في نوادر أبي زيد 50 واللسان (خفض). والبيت في اللسان (بنن) بدون نسبة.(1/188)
قال أبو عمرو: البَنِينُ من الرّجال العاقلُ المتثبِّت. قال: وهو مشتقٌّ من البَنَّة. والبُنَانة الرَّوضة المعشِبَة الحَالية. ومنه ثابت البُنانيّ، وهو من ولد سَعْد بن لُؤيّ ابن غالب، كانت له حاضِنةٌ تسمّى بُنانَة(1). وهذا من ذاك الأوّل، لأن الرَّوضة المعْشِبةَ لا تَعْدم الرائحةَ الطيِّبة.
به - ببّ
(به) الباء والهاء في المضاعف ليس بأصلٍ، وذلك أنه حكاية صوتٍ، أو حمْلُ لفظٍ على لفظ. فالبهبهة هدير الفحل. قال شاعر(2):
* بِرَجْسٍ بَغْباغِ الهديرِ البَهْبَهِ *
قال أبو زيد: البَهْبَهةُ: الأصوات الكثيرة. والبهبهة: الخَلْق الكثير. فأما قولهم للجسيم الجريء البَهْبَهِيّ، فهو من هذا، لأنّه يُبَهبِه في صوته. قال:
لا تَرَاهُ في حادث الدهر إلاّ
وهو يغدو بِبَهْبَهِيٍّ جَريمِ(3)
وقولهم تَبَهْبَهَ القومُ إذا تشرّفوا، هو من حَمْل لفظٍ على لفظ، لأنّ أصله بخبخوا، من قولهم في التعظُّم والتعظيم: بَخٍْ بَخٍْ. وقال الشاعر:
ألم تر أنّي من زُبَيْدٍ بذِرْوَةٍ
تَفَرَّع فيها مَعْشَرِي وتَبهْبَهُوا
(ببّ) الباء والباء في المضاعف ليس أصلاً، لأنه حكايةُ صوتٍ. قال الخليل: البَبّةُ: هدير الفَحْل في ترجيعه. قال رؤبة:
يسوقُها أعْيَسُ هَدّارٌ يَبِبّْ
إذا دَعَاها أقْبَلَتْ لا تَتّئِبْ(4)
وقد قالوا رجل بَبٌّ أي سمين، وكان بعضهم* يُلقّب "بَبَّة(5)
__________
(1) الذي في اللسان (16: 206) والمعارف 209 أن "بنانة" كانت تحت سعد بن لؤي، لا أنها كانت حاضنته.
(2) هو رؤبة، كما سبق في حواشي مادة (بغ).
(3) الجريم: العظيم الجرم. والبيت في اللسان (17: 372).
(4) البيتان رويا في ملحقات ديوانه ص169، بلفظ "هدار ببب".
(5) منهم عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطلب والي البصرة، لقبته به أمه هند بنت أبي سفيان، كانت ترقصه وتقول:
لأنكحن ببه ... ... جارية خدبه
... وفيه يقول الفرزدق:
وبايعت أقواماً وفيت بعهدهم
وببة قد بايعته غير نادم(1/189)
".
بوّ - بيّ - بأ - بتر
(بوّ) البَوُّ كلمةٌ واحدة وهو جلد حُِوارٍ يُحشى وتُعطف عليه النّاقةُ إذا مات ولدُها. قال الكميت:
* مُدْرَجَة كالبَوِّ بين الظِّئرَيْن(1) *
والرّماد بَوُّ الأثافيّ على التشبيه .
(بيّ - بأ) الباء والياء والباء والهمزة، ليست أصولاً تقاس، لأنها كلمات مفردة. يقولون "هَيّ بنُ بَيٍّ" لمن لا يُعرَف. ويقولون بأبات الصّبيّ قلت له بابا. قال الأحمر: بأْبأَ الرّجُلُ أسرع. وقد تبأْبأْنا إذا أسرعنا. والبؤبؤ: السيِّد الظريف. والبؤبؤ: الأصل. قال:
* في بؤبؤ المجد وبُحبُوحِ الكَرمْ(2) *
والله أعلم .
(باب الباء والتاء وما بعدهما في الثلاثي)
(بتر) الباء والتاء والراء أصلٌ واحد، وهو القطع قبل أن تتمَّه. والسيفُ الباتر القَطَّاع. ويقال للرجُل الذي لا عقِب له أَبتَر. وكلُّ من انقطع من الخَيْر أثرُه فهو أَبْتَر. وخطب زيادٌ خطبتَه البتراء لأنّه لم يفتتِحْها بحمدِ الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. ورجلٌ أُباتِرٌ: يقطع رَحِمَه يبترها.
قال :
بتع - بتك - بتل
* على قَطْعِ ذِي القُرْبَى أَحَذُّ أُباتِرُ(3) *
(بتع) الباء والتاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القوّة والشدّة. فالبَتَع طولُ العُنُق مع شِدّة مَغْرِزه. ويقال لِكلِّ شديدِ المفاصل بَتِع. فأمّا البِتْعُ فيقولون إنه نَبيذ العَسَلِ. ويمكن أن يكون سمّيَ بذلك لعلّةٍ أن تكون فيه.
__________
(1) البيت في اللسان (18: 108).
(2) البيت لجرير، كما في أمالي القالي (2: 16) واللسان (1: 17).
(3) من بيت لأبي الربيس الثعلبي، واسمه عباد بن طهفة. وقد وقع تحريف في كنيته واسمه في اللسان
(5: 100) والقاموس (ربس). وانظر الخزانة (2: 534). وصدره :
* لئيم نزت في أنفه خنزوانة *
... وقال ابن بري: صدره:
* شديد وكاء البطن ضب ضغينة *(1/190)
(بتك) الباء والتاء والكاف أصلٌ واحد، وهو القطع. قالوا: بَتَكْتُ الشيء قَطعته أبْتُِكه بَتْكاً. قال الخليل: البَتْك قطع الأذُن. وفي القرآن: { فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ } [النساء 119]. قال: والباتك السَّيف القاطع. قال: والبَتْك أن تقبض على شَعَرٍ أو ريشٍ أو نحوِ ذلك ثم تجذبَه إليك فينْبتِكَ من أصله، أي ينقطع ويَنْتَتِفُ(1)، وكل طائفةٍ من ذلك بِتْكَةٌ، والجمع بِتَك. قال زُهير:
حتى إذا ما هَوَتْ كفُّ الغلامِ لها
طارت وفي كَفِّهِ مِنْ ريشِها بِتَكُ(2)
(بتل) الباء والتاء واللام أصلٌ واحد، يدلُّ على إبانةِ الشيء من غيره. يقال بتَلْتُ الشيءَ، إذا أبَنْتَهُ من غيره. ويقال طلّقها بَتَّةً بَتْلَةً. ومنه يقال لمريمَ العذراء "البَتُول" لأنها انفردت فلم يكن لها زوج. ويقال نخلةٌ مُبْتِلٌ، إذا انفردت عنها الصغيرة النابتةُ معها. قال الهذليُّ(3):
بثر
ذلك ما دِينُك إذْ قُرِّبَتْ
أجمالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ(4)
__________
(1) في الأصل: "فيبتك من أصله أي ينقطع وينتف"، وإنما المراد التعبير بالمطاوع، كما ورد بذلك في اللسان، والمجمل (بتل).
(2) ديوان زهير 175 واللسان (بتك) والجمهرة (1: 196).
(3) هو المتنخل الهذلي، كما في ديوان الهذليين نسخة الشنقيطي ص45، واللسان (بكر، بتل).
(4) في اللسان "أراد جمع مبتلة، كتمرة وتمر. وقولك ذلك ما دينك، أي ذلك البكاء دينك وعادتك. والبكر: جمع بكور، وهي التي تدرك أول النخل". وروايته في ديوان الهذليين: "إذا جنيت". وسيأتي في (بكر).(1/191)
والبَتِيلة: كلُّ عضوٍ بلحمه مُكْتَنِزِ اللّحم، الجمع بتائِل، كأنه بكثْرةِ(1) لحمه بائنٌ عن العضو الآخر. ومنه قولهم: امرأةٌ مبَتَّلَةُ الخلق. والتَّبَتُّل: إخلاص النية لله تعالى والانقطاعُ إليه. قال الله تعالى: { وتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلاً } [المزمل 8]، أي انقطِع إليه انقطاعاً.
(باب الباء والثاء مع الذي بعدهما في الثلاثي)
(بثر) الباء والثاء والراء أصلٌ واحد، وهو انقطاع الشيء مع دوام وسهولةٍ وكثْرة. قال الخليل: بَثَر جلدُه تنفَّطَ(2). قال الخليل: البَثْر خُرَّاجٌ صِغار، الواحدة بَثْرة. قال أبو عليّ الأصفهانيّ: بَثَرَ جلدُهُ بُثوراً فهو باثِر، وبُثِر فهو مبثور. قال: والماء البَثْر الذي يَنِشُّ ويبقَى منه على وجه الأرض كالعِرْمِض، وهو مرتفع عن وَجْه الأرض. يقولون: صار الغَدير بَثْرا. قال أبو حاتم: ماءٌ بَثْرٌ كثير. قال الهذليّ(3):
فافتَنَّهُنَّ مِنَ السَّواءِ وماؤه
بَثْر وعارَضَهُ طريقٌ مَهْيَعُ
ويقال باثرٌ وباثع إذا بدا ونتأ.
بثع - بثق - بثن - بثا - بجح
(بثع) الباء والثاء والعين كلمةٌ واحدة تدلّ على مثل الأصل الذي قبلها. يقال شفة باثعة، أي ممتلئة.
(بثق) الباء والثاء والقاف يدلُّ على التفتُّح في الماء وغيره. البَثْق بَثْق الماء، وربما كُسِرَت فقيل بِثْق*، والفتحُ أفصح.
__________
(1) في الأصل: "بكنزة"، والوجه ما أثبت.
(2) في الأصل: "تنعظ" تحريف.
(3) هو أبو ذؤيب الهذلي، من مرثيته المشهورة. انظر ديوانه ص1 والمفضليات (12: 221).(1/192)
(بثن) الباء والثاء والنون أصلٌ واحد يدلّ على السهولة واللين. يقال أرضٌ بَِثْنةٌ أي سهلة، وتصغيرها بُثَينة. وبها سمِّيت المرأة بُثَينة. والبَثَنِيَّةُ حنطة منسوبة. ومن ذلك حديثُ خالد بن الوليد: "إنّ عمرَ استعملني على الشام، فلما ألقى بَوانِيَهُ(1)وصارَ بَثَنِيّةً وعَسَلاً عَزَلني واستعملَ غيري".
(بثا) الباء والثاء والألف كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها ولا يشتقّ منها، وهي البَثَاء: أرضٌ سهلة. وهي أرضٌ بعينها(2). قال:
رفعت لها طَرْفي وقد حالَ دُونها
جُموعٌ وخيلٌ بالبَثَاءِ تُغِيرُ(3)
(باب الباء والجيم وما بعدهما)
(بجح) والباء والجيم والحاء كلمةٌ واحدة. يقال بَجَحَ بالشيء إذا فرِح به. ويُبَجَّح بكذا. وفي حديث أمّ زَرْع: "بجّحني فَبجَحْتُ" أي فرَّحني ففرِحت. قال الراعي:
بجد - بحر
فما الفَقْرُ من أرضِ العَشيرة ساقَنَا
إليكَ ولكِنّا بقُرْباكَ نَبْجَحُ(4)
(بجد) الباء والجيم والدال أصلان: أحدهما دُِخْلَةُ الأمر وباطنُه، والآخر جِنْسٌ من اللِّباس. فأمّا الأول فقولهم: هو عالمٌ ببَجْدة أمرِك وبُجْدَتِه، أي دُِخْلَتِهِ وباطنه. ويقولون للدّليل الحاذق: "هو ابنُ بَجْدَتِها"، كأنّه نشأ بتلك
الأرض.
والأصل الآخَر البِجاد، وهو كساءٌ مخطَّطٌ، وجمعه بُجْدٌ. قال الشاعر(5):
__________
(1) البواني: الأكتاف والقوائم، الواحدة بانية. وفي اللسان (بثن، بون، بنى): "فلما ألقى الشام بوانيه".
(2) في بلاد بني سليم، كما في المجمل واللسان ومعجم البلدان (2: 59).
(3) البيت لأبي ذؤيب الهذلي. ديوانه 137 واللسان ومعجم البلدان والمجمل.
(4) اللسان (بجج) والمجمل.
(5) هو يزيد بن الصعق الكلابي، كما في معجم المرزباني 494 وكنايات الجرجاني 73 والاقتضاب
288. أو أبو مهوش الفقعسي، كما في حواشي الكامل 98. وانظر العقد (2: 10) والميداني
(1: 171) وأدب الكاتب 12 والخزانة (3: 142) وأخبار الظراف 24 والحيوان (3: 66).(1/193)
بخبزٍ أو بتمرٍ أو بسمنٍ
أو الشيءِ الملفَّفِ في البِجادِ
ومنه قولهم: بَجَدَ بالمكان أقام به.
(بجر) الباء والجيم والراء أصلٌ واحد، وهو تعقُّد الشّيء وتجمُّعُه. يقال للرّجل الذي تخرج سُرّته وتتجمّع عندها العُروق: الأَبْجَرُ؛ وتلك البُجْرَة. والعرب تقول: "أفضَيْتُ إليه بِعُجَري وبُجَرِي" أي أطلعْتُه على أمري كلّه. ومن هذا الباب البَجَارَِي، وهي الدّواهي؛ لأنّها أمورٌ متعقِّدة مشْتبهة؛ والواحد منها بُجْرِيٌّ.
بجس - بجل
(بجس) الباء والجيم والسين: تفتُّح الشيءِ بالماء خاصّة. قال الخليل: البَجْس انشقاقٌ في قِربةٍ أو حَجَرٍ أو أرض يَنْبع منها ماء؛ فإنْ لم ينْبع فليسَ بانبِجاس. قال العجاج:
* وَكِيفَ غَرْبَيْ دالجٍ تَبَجَّسا(1) *
قال: والانبجاس عامٌّ، والنُّبُوع للعين خاصّة. قال الله تعالى: { فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } [الأعراف 160]. ويقول العرب: تَبَجَّس الغَرْبُ. وهذه أرضٌ تَبَجَّسُ عُيوناً، والسَّحاب يتبجَّسُ مطراً. قال يعقوب: جاءنا بثَريدةٍ تَتَبَجَّس. وذلك من كثرة الدَّسَم. وذكر عن رَجُلٍ يقال له أبو تُراب، ولا نعرِفُه نحنُ: بجَسْتُ الجرح مثل بطَطْتُه.
(بجل) الباء والجيم واللام أصولٌ ثلاثة: أحدها الكفاف والاحتساب، والآخر الشيء العظيم، والثالث عِرْقٌ.
فالأوّل قولهم بَجَلْ بمعنى حَسْب. يقول منه: أبْجَلَني كذا كما يقول كَفَاني وأحْسَبَنِي. قال الكميت(2):
إليه موارِدُ أهلِ الخَصَاصِ
ومِنْ عِنْدِهِ الصَّدَرُ المُبْجِلُ
قال ثعلب: بَجَلْ بمعنى حَسْب. قال: ولم أسمَعْهُ مضافاً إلاّ في بيتٍ واحد وهو قول لبيد:
بجم
__________
(1) ديوان العجاج 31. وهو في اللسان (بجس) بدون نسبة. وقبله في الديوان:
* وانحلبت عيناه من فرط الأسى *
(2) يمدح عبد الرحيم بن عنبسة بن سعيد بن العاص، كما في اللسان (13: 48). وقبل البيت:
وعبد الرحيم جماع الأمور
إليه انتهى اللقم المعمل(1/194)
* بَجَلي الآنَ مِنَ العيشِ بَجَلْ(1) *
كذا قال ثعلب. وقد قال طرفة:
ألاَ إنّني سُقِّيتُ أسودَ حالِكاً
ألا بَجَلي من الشراب ألاَ بَجَلْ(2)
وبَجيلة قبيلة، يجوز أن تكون مشتقّة من هذا أو ما بعده.
والأصل الثاني قولهم للرجل العظيم: َبجَالٌ وبَجِيلٌ. والبُجْل البُهْتان العظيم. وحجّتُه قولُ أبي دُواد:
* قلتَ بُجْلاً قُلتَ قولاً كاذباً(3) *
والأصل الثالث وهو عِرْقٌ في باطن الذراع. قال شاعر(4):
* سارت إليهمْ سُؤورَ الأَبْجَلِ الضّاري(5) *
(بجم) الباء والجيم والميم أصل واحد، وهو من الجمع. يقال للجمع الكثير بَجْم. ومن ذلك بَجَّمَ في نظره. وذلك إذا جَمَّع أجفانَه ونَظَرَ.
بحر
(باب الباء والحاء وما معهما في الثلاثي)
(بحر) الباء والحاء والراء. قال الخليل سمِّي البَحر بحراً لاستبحارِه وهو انبساطُه وسَعَتُه. واستبحر* فلانٌ في العلم، وتبَحَّر الرّاعي في رِعْيٍ كثير. قال أميّة(6):
انعِقْ بِضَانِكَ في بَقْلٍ تَبَحَّرُهُ
بَيْنَ الأباطِح واحبِسْها بِجِلْدَانِ(7)
__________
(1) صدره كما في ديوان لبيد 17 طبع فينا 1881، واللسان (بجل) والخزانة (3: 34):
* فمتى أهلك فلا أحفله*
(2) في ديوان طرفة 20 وشرح شواهد المغني 119 : "إلا إنني شربت".
(3) عجزه في اللسان (13: 47) والمجمل:
* إنما يمنعني سيفي ويد *
... ونسب في المجمل إلى أبي ذؤيب، صوابه أبو دواد.
(4) هو الأخطل. ديوانه 118 واللسان (سور، ضرى). وفي الأصل: "شارع".
(5) صدره كما في المصادر المتقدمة:
* لما أتوها بمصباح ومبزلهم *
(6) هو أمية بن الأسكر، كما في معجم البلدان (3: 122).
(7) جلدان، بالكسر، وبعد اللام دال مهملة أو ذال: موضع. وفي الأصل: "في الأباطح" تحريف. وفي معجم البلدان:
وانعق بضأنك في أرض تطيف بها
بين الأصافر وانتجها بجلذان(1/195)
وتبحَّر فلانٌ في المال. ورجلٌ بَحْرٌ، إذا كان سخيّاً، سمَّوْه لفَيضِ كفِّه بالعطاءِ كما يَفيض البحر. قال العامريّ: أبحرَ القومُ إذا ركبوا البحر، وأبَرُّوا أخَذُوا في البَرّ. قال أبو زيد: بَحِرَتِ الإبلُ أكلَتْ شَجَر البَحر. وبحِرَ الرّجُلُ سبَح في البَحرِ فانقطعت سِبَاحَتُه. ويقال للماء إذا غلُظ بعد عُذُوبةٍ استبحَرَ وماءٌ بَحْرٌ أي مِلْح. قال:
وقد عادَ ماءُ الأرضِ بَحْراً فزادني
على مَرَضي أنْ أبْحَرَ المشرَبُ العذبُ(1)
قال: والأنهار كلُّها بِحارٌ. قال الفرّاء: البَحْرة الرَّوضة. وقال الأمويّ: البَحرة البلدة. ويقال هذه بَحْرَتُنا قال بعضهم: البَحْرة الفَجْوة من الأرض تتسع. قال النمْرُ بنُ تَولَب:
بحر
وكأنّها دَقَرَى تَخَيَّلُ، نَبْتُها
أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحَارِها(2)
والأصل الثاني داءٌ، يقال بَحِرَتِ الغَنَمُ وأبحروها إذا أكلَتْ عُشْبَاً عليه نَدىً فبَحِرَتْ عنه، وذلك أن تخمص بُطونُها وتُهْلَسَ أجسامُها(3). قال الشيباني: بَحِرَت الإبلُ إذا أكلت النَّشْر(4)، فتخرج من بطونها (5) دَوَابٌّ كأنَّها حَيّات. قال الضّبّيُّ: البَحَر في الغَنَم بمنزلة السُّهامِ في الإبل، ولا يكون في الإبل بَحَرٌ ولا في الغنم سُهام.
قال ابنُ الأعرابيّ: رجل بَحِرٌ إذا أصابه سُلالٌ. قال:
* وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ(6) *
__________
(1) البيت لنصيب، كما في المجمل، واللسان (5: 103).
(2) البيت في اللسان (بحر، دقر). والدقرى: الروضة الخضراء الناعمة. تخيل: تتلون بالنور.
(3) يقال هلسه المرض يهلسه: هزله. وفي الأصل: "تلهس"، محرفة.
(4) النشر: الكلأ يهيج أعلاه وأسفله ندى أخضر.
(5) في الأصل: "في بطونها" .
(6) البيت للعجاج كما في اللسان (سحر، هجر) وليس في ديوانه ولا ملحقات ديوانه. وبعده في اللسان (بحر، سحر، هجر):
* وآبق من جذب دلويها هجر *(1/196)
قال الزياديّ: البحر اصفرارُ اللَّوْن. والسَّحِير الذي يشتكي سَحْرَه.
فإن قال قائل: فأين هذا من الأصل الذي ذكرتموه في الاتّساع والانبساط؟ قيل له: كلُّه محمولٌ على البحر؛ لأنّ ماء البحر لا يُشْرَبُ، فإن شُرِبَ أوْرَثَ داءً. كذلك كل ماءٍ ملحٍ وإن لم يكن ماءَ بَحْرٍ.
ومن هذا الباب الرّجل الباحِر، وهو الأحمق، وذلك أنّه يتّسع بجهله فيما لا يتسع فيه العاقل. ومن هذا الباب بَحَرْتُ الناقَةَ بَحْراً، وهو شقُّ أُذُنها، وهي
بحن - بحت
البَحِيرة، وكانت العرب تفعل ذلك بها إذا نُتِجَتْ عشرةَ أبطُنٍ، فلا تُركب ولا يُنْتفَعُ بظهرها، فنهاهم الله تعالى عن ذلك، وقال: { مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ } [المائدة 103]. وأمّا الدّمُ الباحر والبَحْرانيُّ فقال قوم: هو الشّديد الحُمْرَةِ. والأصحُّ في ذلك قولُ عبد الله بن مسلم(1): أنّ الدّمَ البَحْرانيَّ منسوبٌ إلى البَحْر. قال: والبَحْرُ عُمْق الرَّحِم، فقد عاد الأمر إلى الباب الأوّل. وقال الخليل: رجُل بَحْرَانيّ منسوبٌ إلى البَحْرَيْن، وقالوا بحرانيٌّ فرقاً بينه وبين المنسوب إلى البحر. ومن هذا الباب قولهم: "لَقِيتُهُ صحْرَةَ بحْرَةَ(2)" أي مُشَافَهَةً. وأما قولُ ذي الرُّمّة:
بأرضٍ هِجانِ التُّرْبِ وَسْمِيّة الثَّرَى
عَذَاةٍ نأَتْ عنْها الملوحةُ والبَحْرُ(3)
فإنه يعني كلَّ ماءٍ مِلْحٍ. والبَحْر هو الريف.
__________
(1) هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، صاحب أدب الكاتب.
(2) في اللسان (6: 114): "قيل لم يجريا لأنهما اسمان جعلا اسماً واحداً". يريد لم يصرفا للتركيب.
(3) هجان الترب: بيضاء التراب. وفي الأصل: "هيجان". والعذاة، بفتح العين: الطيبة التربة. وفي الأصل "غداة". والبيت في ديوان ذي الرمة 211.(1/197)
(بحن) الباء والحاء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الضِّخَم، يقال جُلةٌ بَحْوَنةٌ، أي ضَخْمة. وقال الأصمعي: يقول العربُ للغَرْبِ إذا كان عظيماً كثير الأَخْذِ: إنّه لَبَحْوَن، على مثال جَدْوَل.
(بحت) الباء والحاء والتاء، يدلُّ على خُلوص الشيء وألاّ يخلِطَه غيرُه. قال الخليل: البَحْت الشيء الخالص، ومِسْك بَحْت. ولا يصغّر ولا يثنّى. قال العامريّ: باحَتَني الأمرَ، أي جاهَرَني به وبيَّنَهُ ولم يُخْفِهِ عليّ. قال الأصمعيّ:
بحث
باحَتَ فلانٌ دابّتَه بالضَّرِيعِ وغيره من النَّبت، أي أطعمَها إيّاه بَحْتاً. وقال مالك بن عوف:
ألا مَنَعَتْ ثُمَالَةُ بطنَ وَجٍّ
بجُرْدٍ لم تُبَاحَتْ بالضَّريعِ(1)
أي لم تُطعم الضّريعَ بَحْتاً لا يخلِطه [غيره(2)]. ويقال ظُلْمٌ بَحْتٌ أي لا يشُوبُه شيءٌ. وبردٌ بَحْتٌ ومَحْتٌ أي صادق، وحُبٌّ بَحْتٌ مثله. وعربيٌّ بحتٌ ومَحْضٌ وقَلْبٌ. وكذلك الجَمْعُ على لفظ الواحد.
(بحث) الباء والحاء والثاء أصلٌ واحد، يدلُّ على إثارة الشيء. قال الخليل: البحث طلبك شيئاً في التُّراب. والبحث أن تسأل عن شيء وتستخبر. تقول استَبْحِثْ عن هذا الأمر، وأنا أستَبْحِثُ عنه. وبحثْتُ عن فلانٍ بحثاً، وأنا أبحث عنه. والعرب تقول:"كالباحثِ* عَنْ مُدْية"، يُضْرَبُ لمن يكون حَتْفُه بيده. وأصله في الثَّوْر تُدْفَن له المُدْيةُ في التُّرابِ فيستثيرُها وهو لا يعلَم فتذبحه، قال:
ولا تَكُ كالثَّوْرِ الذي دُفِنَتْ له
حديدةُ حَتْفٍ ثمَّ ظلَّ يُثِيرُها(3)
__________
(1) ثمالة: القبيلة المعروفة. وفي الأصل: "ثماكة".
(2) تكملة يقتضيها القول.
(3) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 158 وحماسة البحتري 286 حيث أورد ثمانية أشعار في هذا المعنى. وانظر الحيوان (5: 470) .(1/198)
قال: والبحث لا يكون إلاّ باليد. وهو بالرِّجْل الفَحْص(1). قال الشَّيبانيّ: البَحُوث من الإبل: [التي] إذا سارت بحثت التُّرابَ بيدها أُخُراً أُخُراً، ترمي به وراءَها. قال:
بخد - بخر - بخس
* يَبْحَثْنَ بَحْثاً كمُضِلاَّتِ الخَدَمْ *
ويقال بَحثَ عن الخبر، أي طلب عِلْمَه. الدُّرَيديّ: يقال: "تركتُه بمَبَاحِثِ البقَر" أي بحيث لا يُدْرَى أين هُو(2). قال أبو زيد: الباحِثاء، على وزن القاصعاء ترابٌ يجمعه اليربوع، ويُجْمَعُ باحِثَاوَاتٍ.
( باب الباء والخاء وما يثلثهما)
(بخد) باب الباء والخاء والدال. ليس في هذا الباب إلاّ كلمةٌ واحدة بدخيل(3) ولا يقاس عليها. قالوا: امرأةٌ بخَنْدَاة، أي ثقيلة الأوراك.
(بخر) الباء والخاء والراء أصلٌ واحد، وهي رائحةٌ أو ريحٌ تثُور. من ذلك البُخار، ومنه البَخُور بفتح الباء، وكان ثعلبٌ يقول: على وزن فَعُول مثل البَرُود والوَجُور. فأمّا قولهم للسحائب التي تأتي قُبُلَ الصّيف بناتُ بَخْر فليس من الباب، وذلك أنّ هذه الباء مبدَلة من ميم، والأصل مَخْرٌ. وقد ذُكِرَ قياسُه في بابه بشواهِدِه.
(بخس) الباء والخاء والسين أصلٌ واحد، وهو النَّقْصُ. قال الله تعالى:
{ وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } [يوسف 20]، أي نَقْص. ومن هذا الباب قولهم في المُخّ: بَخَّسَ تَبخيساً، إذا صار في السُّلامى والعَين، وذلك حتى نُقصانه وذهابه
بخص - بخع
من سائر البدن. وقال شاعر(4):
لا يَشْتَكِين عَمَلاً ما أنْقَيْن
ما دام مُخٌّ في سُلامَى أوْ عَيْنْ
__________
(1) في الأصل: "وهو بالرجل الرجل".
(2) الجمهرة (1: 200) واللسان (2: 419).
(3) كذا وردت هذه الكلمة، ولعلها مقحمة.
(4) هو الراجز أبو ميمون النضر بن سلمة، كما في اللسان (نقا). والرجز في صفة خيل، وقبله:
* بنات وطاء على خد الليل *
... وهذا ما يسمى في علم العروض بالإجازة في تسمية الخليل، وبالإكفاء في قول أبي زيد. انظر اللسان (7: 195).(1/199)
(بخص) الباء والخاء والصاد كلمةٌ واحدةٌ، وهي لحمةٌ خاصة(1): يقال لِلَحمة العين بَخَصَة. وبخصت الرّجُل إذا ضربتَ منْهُ [ذلك(2)]. والبَخَصَة لحمُ باطن خُفِّ البعير. وبَخَصُ اليدِ لحمُ أصول الأصابع ممَّا يلي الراحة.
(بخع) الباء والخاء والعين أصلٌ واحد، وهو القتل وما داناه من إذلالٍ وقهر.
قال الخليل: بخَع الرّجلُ نفسَه إذا قتلَها غَيْظاً من شدّة الوَجْد. قال ذُو الرّمّة(3):
ألاَ أَيُّهَذَا الباخِعُ الوجْدُ نفسَه
لشيءٍ نَحَتْهُ عن يَدَيْهِ المقَادِرُ(4)
ومنه قوله تعالى: { فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ على آثَارِهِمْ } [الكهف 6]. قال أبو علي الأصفهانيّ فيما حدثنا به أبو الفضل محمد بن العميد، عن أبي بكر
بخق - بخل
__________
(1) في الأصل: "خالصة".
(2) هذه التكملة من المجمل لابن فارس.
(3) ديوانه ص251 واللسان (بخع).
(4) كلمة "الوجد" ساقطة من الأصل، وإثباتها من اللسان والديوان. وفي اللسان: "عن يديك" على الخطاب.(1/200)
الخيّاط عنه قال: قال الضبّيّ: بَخَعْتُ الذَّبيحةَ إذا قطعتَ عظْمَ رقَبتها، فهي مبخوعة، ونَخَعتُها دون ذلك، لأنَّ النخاعَ الخيطُ الأبيضُ الذي يجري في الرقبة وفَقَارِ الظهر، والبِخاع(1)، بالباء: العِرْق الذي في الصُّلب. قال أبو عُبيدٍ: بخعْتُ له نفسي ونُصْحي، أي جَهَدْتُ(2). وأرضٌ مَبْخُوعة(3)، إذا بُلِغَ مجهودُها بالزَّرع. وبَخَعَ لي بحقِّي إذا أقرَّ.
(بخق) الباء والخاء والقاف أصلٌ واحد وكلمة واحدة، يقال بَخَقْتُ عينَه إذ ضربتَها حتى تَعُورَها(4). قال رؤبة:
* ومَا بعَينَيْه عَوَاوِيرُ البَخَقْ(5) *
(بخل) الباء والخاء واللام كلمة واحدة، وهي : البُخْل والبَخَلُ. ورجلٌ بخيلٌ وباخلٌ. فإذا كان ذلك شأنَه فهو بخَّالٌ. قال رؤبة:
* فَذاكَ بَخَّالٌ أَرُوزُ الأَرْزِ(6) *
بخو - بخت - بدر
(بخو) الباء والخاء والواو، كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاسُ عليها. قال ابنُ دريد: البَخْو الرُّطَب الردِيّ، يقال رُطَبَةٌ بَخْوَةٌ.
(بخت) الباء والخاء والتاء كلمةٌ ذكرها ابنُ دريدٍ، زعم أنّ البُخْت من الجمال عربيّة صحيحة، [وأنشد]:
__________
(1) في اللسان (بخع): "قال ابن الأثير: هكذا ذكره في الكشاف، وفي كتاب الفائق في غريب الحديث. ولم أجده لغيره. قال: وطالما بحثت عنه في كتب اللغة والطب والتشريح فلم أجد البخاع بالباء مذكوراً في شيء منها". قلت: وما هنا يؤيد مارواه الزمخشري المتوفى سنة 538. ووفاة ابن فارس 395. وقد ضبط البخاع في الأصل واللسان والفائق بكسر الباء ضبط قلم.
(2) في اللسان: "أي جهدتها".
(3) في الأصل: "بخوغة". وفي اللسان: "يقال بخعت الأرض بالزراعة أبخعها، إذا نهكتها".
(4) يقال عار عينه يعورها، وعورها يعورها تعويرا.
(5) ديوان رؤبة 107 واللسان (بخق). وقبله:
* كسر من عينيه تقويم الفوق *
(6) ديوان رؤبة 65 واللسان (أرز، بخل) وقد سبق في مادة (أرز 78) بدون نسبة .(1/201)
* لبنَ البُخْتِ في قِصاع الخَلَنْجِ(1) *
(باب الباء والدال وما بعدهما في الثلاثي)
(بدر) الباء والدار والراء، أصلان: أحدهما كمال الشيء وامتلاؤه، والآخر الإسراع إلى الشيء.
[أمّا] الأوّل فهو قولهم لكلّ شيء تَمَّ بَدْرٌ، وسمِّي البدرُ بدراً لتمامه وامتلائه. وقيل لعشرة آلاف درهمٍ بَدْرةٌ، لأنَّها تمام العدد ومنتهاه. وعينٌ بَدْرَةٌ أي ممتلئةٌ*. قال شاعر:
وعين لها حَدْرةٌ بدرةٌ
إلى حاجبٍ غُلَّ فيه الشُّفُر(2)
ويقال لمَسْكِ السَّخْلة بَدْرَة. وهذا محمولٌ على العَدَدِ، كأنّه سُمِّي بذلك
بدع
لأنّه يسع هذا العدد. ويقولون غُلامٌ بدرٌ، إذا امتلأَ شباباً. فأمّا "بدرٌ" المكانُ فهو ماءٌ معروف، نُسِب إلى رجلٍ اسمه بدر(3). وأمّا البوادر من الإنسان وغيره فجمع بادرة، وهي اللّحمة التي بَيْنَ المنكب والعُنُق(4)، وهي من الباب لأنها ممتلئة. قال شاعر:
* وجاءت الخيل محمَرّاً بوادرُها(5) *
والأصل الآخر: قولُهم بَدَرت إلى الشيء وبادَرْت. وإنما سمِّي الخطاءُ بادرةً لأنّها تبدُر من الإنسان عند حِدّةٍ وغضب. يُقالُ كانت منه بَوَادِرُ، أي سَقَطاتٌ. ويقال بَدَرَتْ دَمْعتُه وبادرَتْ، إذا سبقَت، فهي بادرة، والجمعُ بوادر. قال كثيِّر:
إذا قِيلَ هَذِي دارُ عَزَّةَ قادني
إليها الهوى واستعجلتْنِي البوادِرُ
__________
(1) في الأصل: "الخلخ"، صوابه من اللسان (خلنج): والبيت لابن قيس الرقيات كما في ملحقات ديوانه 283 واللسان (خلنج). وصدره:
* ملك يطعم الطعام ويسقي *
... والبيت في الجمهرة(1: 193) بدون نسبة في الأصل.
(2) في الأصل "الشفرة". وقد استشهد في المجمل بصدره. وانظر ما سيأتي في (4: 376).
(3) انظر معجم البلدان (بدر) حيث الخلاف في نسبته.
(4) في الأصل: "من المنكب والعنق"، صوابه من المجمل واللسان (5: 113).
(5) لخراشة بن عمرو العبسي، كما في اللسان (بدر). وعجزه:
* زورا وزلت يد الرامي عن الفوق *(1/202)
(بدع) الباء والدال والعين أصلان: أحدهما ابتداء الشيء وصنعُه لا عَنْ مِثال، والآخر الانقطاع والكَلال.
فالأول قولهم: أبْدعْتُ الشيءَ قولاً أو فِعلاً، إذا ابتدأتَه لا عن سابق مثال. والله بديعُ السّمواتِ والأرض. والعرب تقول: ابتدَعَ فلان الرَّكِيَّ إذا استنبَطَه. وفلانٌ بِدعٌ في هذا الأمر. قال الله تعالى: { قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ } [الأحقاف 9]، أي ما كنتُ أوّل.
بدغ - بدل
والأصل الآخر قولهم: أُبْدِعَتِ الراحلةُ، إذا كَلّت وعَطِبت، وأُبدِع بالرَّجُل، إذا كَلَّتْ رِكابُه أو عَطِبت وبقي مُنْقَطَعاً به. وفي الحديث: "أنّ رجلاً أتاه فقال يا رسول الله، إني أُبْدِعَ بي فاحمِلْني (1)". ويقال الإبداع لا يكون إلا بظَلْعٍ. ومن بعض ذلك اشتُقّت البِدْعة(2).
(بدغ) الباء والدال والغين، ليست فيه كلمةٌ أصلية، لأن الدال في أحد أصولها مبدَلة من طاءٍ، وهو قولهم بَدِغَ الرَّجُل إذا تلطّخ بالشَّرّ، وهو بَدِغٌ من الرِّجال. وهذا إنما هو في الأصل طاء، وقد ذكر في بابه (بطغ). وبقيت كلمتان مشكوكٌ فيهما: إحداهما قولهم البَدَغ التزحُّف على الأرض. والأخرى قولهم: إنّ بني فُلانٍ لبَدِغُونَ، إذا كانوا سِماناً حسنةً أحوالُهم. والله أعلمُ بصحّة ذلك.
(بدل) الباء والدال واللام أصلٌ واحد، وهو قيام الشيءِ مَقامَ الشيءِ الذاهب. يقال هذا بدَلُ الشيءِ وبَدِيلُه. ويقولون بدّلْتُ الشيءَ إذا غيّرتَه وإنْ لم تأتِ له ببَدَلٍ(3). قال الله تعالى: { قُلْ مَا يَكوُنُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي } [يونس 15]. وأبْدَلْتُه إذا أتيتَ له ببدلٍ. قال الشاعر(4):
* عَزْلَ الأمِيرِ للأميرِ المُبْدَلِ *
بدن
__________
(1) في الأصل: "فاحملني به".
(2) في المجمل: "لأن قائلها ابتدعها من غير مقال إمام".
(3) في الأصل: "وإن لما تأت"، صوابه في المجمل.
(4) هو أبو النجم العجلي الراجز، كما في اللسان (13: 50).(1/203)
(بدن) الباء والدال والنون أصلٌ واحد، وهو شخص الشيء دون شَوَاه، وشَواهُ أطرافُه. يقال هذا بَدَنُ الإنسان، والجمع الأبدان. وسمي الوَعِل المُسِنُّ بَدَناً مِن هذا. قال الشاعر:
قد ضَمّها والبَدَنَ الحِقَابُ(1)
جِدِّي لِكُلِّ عاملٍ ثَوابُ
الرأسُ والأكْرُعُ والإهابُ
وإنما سمّي بذلك لأنهم إذا بالَغُوا في نَعْت الشيء(2) سمَّوهُ باسمِ الجِنْس، كما يقولون للرّجُل المبالَغِ في نعته: هو رجُل، فكذلك الوَعِل الشَّخيص(3)، سُمّي بَدَنا. وكذلك البَدَنَة التي تُهدى للبيت، قالوا: سمّيت بذلك لأنّهم كانوا يستسمنونها. ورجلٌ بَدَنٌ أي مُسِنٌّ. قال الشاعر(4):
هل لِشبابٍ فَاتَ مِنْ مَطْلَب
أمْ ما بُكاءُ البَدَنِ الأشْيَبِ
ورجل بادِنٌ وبَدِينٌ، أي عظيم الشَّخصِ والجِسم، يقال منه بَدُن. وفي الحديث: "إني قد بَدُنْتُ(5)". والنّاس قد يروُونه: "بَدَّنتُ". ويقولون: بَدَّنَ إذا أسَنَّ. قال الشاعر(6):
بده - بدو - بدأ
وكنتُ خِلتُ الشَّيبَ والتَّبدِينا
والهَمَّ مما يُذْهِلُ القَرِينا
وتسمَّى الدِّرعُ البَدَنَ لأنها تَضُمّ البَدَن.
__________
(1) يصف كلبة اسمها "العقاب" طلبت وعلا مسنا في جبل يدعى "الحقاب". انظر اللسان (حقب، بدن) ومعجم البلدان (الحقاب). وقال ابن بري: "الصواب: وضمها". وقبله:
* قد قلت لما جدت العقاب *
... وفي المجمل:
أقول لما خاتت العقاب
وضمها والبدن الحقاب
(2) في الأصل: "الشمس".
(3) الشخيص: العظيم الشخص. وفي الأصل: "الواعل الشخص سمي الشخت بدنا"، وهي عبارة محرفة.
(4) هو الأسود بن يعفر، كما في اللسان (بدن).
(5) انظر الحدث بتمامه في اللسان (16: 192).
(6) هو حميد الأرقط،كما في اللسان (بدن).(1/204)
(بده) الباء والدال والهاء أصلٌ واحد* يدلُّ على أوّل الشيءِ والذي يفاجِئُ منه. يقال بادَهْتُ فُلاناً بالأمر، إذا فاجأتَه. وفلانٌ ذو بَديهة إذا فجِئَهُ الأمْرُ لم يتحيَّر. والبُدَاهة أوّل جَرْي الفرس، قال الأعشى:
إلاّ بُداهَةَ أو عُلا
لَةَ سابحٍ نَهْدِ الجُزَارَهْ(1)
(بدو) الباء والدال والواو أصلٌ واحد، وهو ظُهور الشيء. يقال بدا الشيءُ يَبدُو، إذا ظَهَر، فهو بادٍ. وسُمِّي خلافُ الحَضَر بَدْواً من هذا، لأنّهم في بَرَازٍ من الأرض، وليسوا في قُرىً تستُرُهم أبنِيتُها. والبادية خِلاف الحاضرة. قال الشاعر(2):
فمن تكن الحَِضارةُ أعجبَتْهُ
فأيَّ رِجالِ بادِيةٍ تَرَانا
وتقول: بدا لي في هذا الأَمر بَدَاءٌ(3)، أي تغيَّر رأْيي عما كان عليه.
(بدأ) الباء والدال والهمزة من افتتاح الشيء، يقال بدأت بالأمر وابتدأت، من الابتداء. والله تعالى المبْدِئُ والبادئُ. قال الله عزّ وجلّ: { إنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ ويُعِيدُ } [البروج 13]، وقال تعالى: { كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ } [العنكبوت 20]. ويقال للأمر العَجَبِ بَدِيٌّ، كأنَّه من عَجَبِه يُبْدَأُ به. قال عَبيد:
بدأ
* فلا بديٌّ ولا عجيبُ(4) *
ويقال للسَّيّد البَدْءُ، لأَنّه يُبدَأُ بذكره. قال:
تَرَى ثِنانا إذا ما جاء بَدْأَهُمُ
وبدؤُهم إنْ أتانا كان ثُنيانا(5)
__________
(1) ديوان الأعشى 114، واللسان (بده، علل، جزر).
(2) هو القطامي. انظر ديوانه 58 واللسان (5: 272) وحماسة أبي تمام (1: 129).
(3) بداء، كسماء. وفي الأصل: "بدء"، تحريف.
(4) صدره كما في ديوان عبيد بن الأبرص 6 والمعلقات 305:
* إن يك حول منها أهلها *
... ويروى: ... ... * إن تك حالت وحول أهلها *
(5) البيت لأوس بن مغراء السعدي، كما في اللسان (بدأ، ثني). ويروى :
* ثنياننا إن أتاهم كان بدأهم *
... وانظر حواشي الحيوان (6: 487).(1/205)
وتقول: أبدأْت من أرضٍ إلى أُخرى أُبدِئُ إبداءً، إذا خرجتَ منها إلى غيرها. والبُدْأَة النَّصيب، وهو من هذا أيضاً، لأنَّ كلَّ ذي نصيبٍ فهو يُبْدأ بذِكْره دونَ غيره، وهو أهمُّها إليه. قال الشاعر(1):
فمَنحْتُ بُدْأَتَها رَقِيباً جانحِاً
والنارُ تَلفحُ وَجْهَهُ بأُوارِها(2)
والبُدُوءُ مفاصل الأصابع،واحدها بَدْءٌ، مثل بَدْع. وأظنّه مما هُمِز وليس أصله الهمز. وإنّما سمّيت بُدُوءاً لبُروزها وظُهورِها، فهي إذاً من الباب الأوّل.
وممّا شذَّ عن هذا الأصل ولا أدري ممّ اشتقاقُه قولهم بُدِئَ فهو مبدوءٌ، إذا جُدِرَ أو حُصِبَ. قال الشاعر(3):
وكأَنّما بُدِئَتْ ظَواهِرُ جِلدِه
ممّا يُصافِحُ من لهيبِ سِهامِها
بدح
(بدح) الباء والدال والحاء أصلٌ واحدٌ تُرَدُّ إليه فُروعٌ متشابهة، وما بعد ذلك فكلُّه محمولٌ على غيره أو مُبْدَلٌ منه. فأمّا الأصل فاللِّين والرَّخاوَة والسُّهولة. قال الهُذَليّ(4):
كأنَّ أتِيَّ السَّيْلِ مَدَّ عليهمُ
إذا دفَعَتْهُ في البَدَاحِ الجَراشِعُ(5)
ثم اشتُقّ من هذا قولُهم للمرأة البَادِن الضَّخْمة بَيْدَح(6). قال الطرمّاح:
أغَارُ على نَفْسِي لسَلْمةَ خالِياً
ولو عرَضَتْ لي كلُّ بَيضاءَ بَيْدَحِ(7)
__________
(1) هو النمر بن تولب، كما في المجمل واللسان (1: 21).
(2) ضبطت "بدأتها" في الأصل بضم الباء. ويؤيده تعقيب اللسان على البيت. وانظر أيضاً اللسان
(4: 47). ويقال أيضاً "بدأتها" بفتح الباء.
(3) هو الكميت كما في المجمل واللسان (1: 21).
(4) هو أسامة بن الحارث الهذلي من قصيدة في ديوان الهذليين نسخة الشنقيطي ص85.
(5) في الأصل: "الخراشع" تحريف. والجراشع، كما في اللسان (9: 397): أودية عظام.وأنشد البيت.
(6) لم يذكرها في اللسان،وجاءت في المجمل والقاموس. وفي القاموس واللسان (بذخ): "امرأة بيذخ أي بادن".
(7) البيت لم يرو في ديوان الطرماح.(1/206)
قال أبو سعيد: البَدْحاء من النِّساء الواسعة الرُّفْغ. قال:
* بَدْحَاء لا يَسْتُرُهُ فَخْذَاها *
يقال بَدَحَتِ المرأةُ [و] تبدَّحَتْ، إذا حسُنَتْ مِشْيتها. قال الشاعر:
يَبْدَحْنَ في أَسْوُقٍ خُرْسٍ خَلاخِلها
مَشْيَ المِهارِ بماءٍ تَتَّقي الوَحَلا(1)
وقال آخر:
يَتْبَعْنَ سَدْوَ رَسْلَةٍ تَبدَّحُ(2)
يقودُها هادٍ وعينٌ تَلْمَحُ
تَبَدّح: تَبَسَّط. ومن هذا الباب قول الخليل: [البَدْح] ضربُك بشيءٍ فيه
بدح
رَخاوة، كما تأخذ بِطِّيخة فَتَبْدَح بها إنساناً. وتقول: رأيتهم يَتبادَحُون بالكُرِينَ والرُّمانِ ونحوِ ذلك عبثاً. فهذا الأصل الذي هو عمدة الباب.
وأمّا الكلماتُ الأُخَر فقولهم: بدحَه الأمرُ، وإنما هي حاءٌ مبدلة من هاء، والأصل بدَهَهُ. وكذلك قولهم ابتدحت الشيءَ، إذا ابتدأتَ به من تِلقاءِ نفسك، إنما هو في الأصل ابتدَعْت واختلقْت. قال الشاعر:
يا أيُّها السّائلُ بالجَحْجاحِ
لَفِي مُرَادٍ غَيْرَ ذِي ابتداحِ
وكذلك البَدْح، وهو العَجْز عن الحَمَالة إذا احتمَلها الإنسان، وكذلك عَجْزُ البعير عن حَمْل حِمْله. قال الشاعر:
وكاين بالمَعن مِن أغَرَّ سَمَيْدَعٍ
إذا حُمِّل الأثْقالَ ليسَ ببادِح(3)
فهذا من العين، وهو الإبداع الذي مضَى ذكره، إذا كلَّ وأعيا. فأمّا قول القائل(4):
بالهَجر من شعثاءَ والـ
ـحَبْلِ الذي قَطَعَتْهُ بَدْحَا
فهو من الهاء، كأنها فاجأَتْ به من البديهة، وقد مضى ذكره. وأما الذي حكاه أبو عُبيدٍ مِن قولهم بَدَحْتُه بالعصا، أي ضربتُه بها، فمحمول* على قولهم: بدحْتُه بالرُّمّان وشبهِها، والأصل ذاك.
__________
(1) صدر هذا البيت في اللسان (3: 231).
(2) هذه الكلمة ساقطة من الأصل، وإثباتها من اللسان (3: 231).
(3) كذا وردت كلمة "بالمعن".
(4) هو أبو دواد الإيادي، كما في اللسان (بدح) برواية: "بالصرم". وقبله:
فزجرت أولها وقد
أبقيت حين خرجن جنحا(1/207)
بذر - بذع - بذل
(باب الباء والذال وما يثلثهما في الثلاثي)
(بذر) الباء والذال والراء أصلٌ واحد، وهو نَثْرُ الشيءِ وتفريقُه. يقال بذرْتُ البَذْرَ أبْذُرُهُ بَذْراً، وبذَّرت المالَ أبَذِّرُه تبذيراً. قال الله تعالى: { وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً. إنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّياطِينِ } .[الإسراء 26- 27]. والبُذُر القومُ لا يكتمُون حديثاً ولا يحفَظُون ألسِنتَهم. قال عليٌّ عليه السلام: "أُولئك مَصابيحُ الدُّجَى، ليسوا بالمَسَاييح ولا المَذَايِيع البُذُر" فالمذاييع الذين يُذيعون، والبُذُر الذين ذكرناهم(1). وبَذَّرُ مكانٌ، ولعلّه أن يكون مشتقّاً من الأصل الذي تقدَّم. قال الشاعر:(2)
سَقى اللهُ أمواهاً عَرَفْتُ مَكَانَها
جُرَاباً ومَلكوماً وبَذَّرَ والغَمْرَا(3)
(بذع) الباء والذال والعين، كلمةٌ واحدة فيها نظرٌ ولا يقاسُ عليها، يقولون بَذَعْتُه وأبْذَعْتُه إذا أفزَعْتَه.
(بذل) الباء والذال واللام كلمة واحدة، وهو تركُ صِيانةِ الشيء، يقال بذَلْتُ الشيءَ بَذْلاً، فأنا باذلٌ وهو مبذول، وابتذلْتُه ابْتِذالاً. وجاء فلانٌ في مَباذِلهِ، وهي ثيابه التي يَبْتذِلُها. ويقال لها مَعَاوِزُ، وقد ذُكِرَتْ في بابها.
بذأ - بذج - بذح
(بذأ) الباء والذال والهمزة أصلٌ واحد، وهو خروج الشيء عن طريقةِ الإحْماد، تقول: هو بذِيءُ اللِّسان، وقد بَذَأْتُ على فلانٍ أبْذَأُ بُذاءً. ويقال بَذَأت المكانَ أبذَؤُه، إذا أتيتَه فلم تُحْمِدْه.
__________
(1) وأما المساييح فجمع مسياح، وهو الذي يسيح في الأرض بالنميمة والشر. والبذر: جمع بذور وبذير، كصبور وصبر ونذير ونذر.
(2) هوكثير عزة، كما في اللسان (بذر). وأنشده ياقوت في (بذر، جراب، ملكوم) ولم ينسبه.
(3) هذه كلها آبار بمكة. وفي الأصل: "ملكوكا"، تحريف.(1/208)
(بذج) الباء والذال والجيم أصلٌ واحد ليس من كلام العرب، بل هي كلمةٌ مُعَرَّبة، وهي البَذَجُ من وُلْدِ الضَّأن، والجمع بِذْجانٌ(1). قال الشاعر(2):
قد هلكَتْ جارتُنا من الهَمَج
وإنْ تَجُعْ تأكُلْ عَتُوداً أوْ بَذَجْ
(بذح) الباء والذال والحاء أصلٌ واحد، وهو الشّقّ والتّشْريح وما قارَبَ ذلك. قال أبو عليّ الأصفهانيّ: قال العامريّ: بَذَحْتُ اللَّحْمَ إذا شَرَّحْتَه. قال: والبَذْح الشقُّ ويقال: أصابه بَذْحٌ في رِجْلهِ، أي شُقاقٌ. وأنشد:
لأَعْلِطَنَّ حَرْزَماً بِعَلْطِ(3)
ثلاثةً عندَ بُذُوحِ الشَّرْط(4)
قال أبو عُبيدٍ: بَذَحْتُ لِسَانَ الفَصيلِ بَذْحاً، وذلك عند التفليك(5) والإجرار. وما يقاربُ هذا البابَ قولُهم لسَحَج الفَخِذَين مَذحٌ.
بذخ - برز
(بذخ) الباء والذال والخاء أصلٌ واحد، وهو العلُوّ والتعظُّم. يقال بَذَخَ إذا تَعَظَّمَ، وفلانٌ [في] باذخٍ من الشَّرف أي عالٍ.
(باب الباء والراء وما معهما في الثلاثي)
__________
(1) لم أجد من نص على تعريبه إلا ابن دريد في الجمهرة (1: 207) والجواليقي في المعرب 58. والبذجان بكسر الباء، كما نص عليه في القاموس، وكما ضبط في اللسان، ونبه على الكسر أيضاً ابن دريد في الجمهرة (3: 512). وضبط في الأصل هنا وفي نسخة من المعرب بضم الباء، ولا سند له.
(2) هو أبو محرز عبيد المحاربي، كما في اللسان (بذج) وأنشده الجواليقي والجاحظ في الحيوان (5: 501) وثعلب في مجالسه 585 والميداني (1: 261) بدون نسبة.
(3) حرزم، بتقديم الراء: جمل معروف. وفي الأصل: "حزرما" صوابه في اللسان (حرزم، يذج) حيث أنشد البيتين.
(4) رواية اللسان في الموضعين: "بليته". والليت، بالكسر: صفحة العنق.
(5) التفليك: أن يجعل الراعي من الشعر مثل فلكة المغزل، ثم يثقب لسان الفصيل فيجعله فيه لئلا يرضع أمه. ومثله الإجرار. وفي الأصل: "التقليل"، محرف.(1/209)
(برز) الباء والراء والزاء أصلٌ واحد، وهو ظهور الشيء وبُدُوُّه، قياسٌ لا يُخْلِفُ. يقال بَرَزَ الشيءُ فهو بارزٌ. وكذلك انفرادُ الشيءِ من أمثاله، نحو: تبارُزِ الفارِسَيْن، وذلك أنَّ كلَّ واحدٍ منهما ينفرد عن جماعته إلى صاحبه. والبَرَاز المتَّسع من الأرض؛ لأنه بادٍ ليس بغائِطٍ ولا دَحْلٍ ولا هُوَّة. ويقال امرأةٌ بَرْزَةٌ أي جليلةٌ تبرُزُ وتجلِسُ بفِنَاء بيتها. قال بعضُهم: رجل بَرْزٌ وامرأةٌ بَرزَةٌ، يوصَفانِ بالجَهارَةِ والعَقْل. وفي كتاب الخليل: رجل بَرْزٌ طاهرٌ عفيف. وهذا هو قياسُ سائِرِ الباب، لأنَّ المُرِيبَ يدُسُّ نفسَه ويُخْفيها. ويقال بَرَّزَ الرّجُلُ والفَرَسُ إذا سَبَقَا، وهو [من] الباب. ويقال أبرزْتُ الشّيءَ أُبرِزُهُ إبرازاً. وقد جاء المبروزُ. قال لَبيد:
أوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على ألواحه
النّاطقُ المبروزُ والمخْتُومُ(1)
المبروز: الظاهر. والمختوم: غير الظاهر. وقال قوم: المبروز المنشور. وهو وجهٌ حَسَنٌ.
برس - برش - برص
(برس) الباء والراء والسين أصلٌ واحدٌ، يدلّ على السهولة واللين. قال أبو زيد(2): بَرَّسْت المكانَ إذا سَهَّلْتَه وليّنْتَه. قال: ومنه اشتقاقُ بُرْسان قبيلة من الأزد. والبُِرْس القُطْن. والقياسُ واحد. ومما شذَّ عن هذا الأصل قولهم: ما أدري أيُّ البَرَاساءِ والبَرْنَساءِ هو، أي أيُّ الخلقِ هو.
(برش) الباء والراء* والشين كلمةٌ واحدةٌ، وهو أن يكون الشيءُ ذا نُقَطٍ متفرّقةٍ بِيضٍ. وكان جَذِيمَةُ أبرَصَ، فكُنِّيَ بالأبرش.
__________
(1) ديوان لبيد 91 طبع فينا سنة 1880، واللسان (برز).
(2) في الأصل: "ابن دريد" تحريف، صوابه في المجمل. ولم تذكر الكلمة في جمهرة ابن دريد ولم تذكر في اللسان أيضاً. لكن جاء في القاموس: "والتبريس تسهيل الأرض وتليينها".(1/210)
(برص) الباء والراء والصاد أصلٌ واحدٌ، وهو أن يكون في الشيء لُمْعَةٌ تخالف سائرَ لونه، من ذلك البرصُ. وربما سمَّوا القمرَ أبرص. والبَرِيص مثل البصيص، وهو ذلك القياس. قال:
* لهنّ بخدِّهِ أبداً بريصُ(1) *
والبِرَاصُ بِقَاعٌ في الرّمل لا تُنْبِتُ(2). وسامُّ أبْرَصَ معروفٌ. قال القُتيبيّ: ويجمع على الأبارِصِ. وأنشد:
واللهِ لو كنتُ لهذا خالصا(3)
لكُنتُ عبداً يأكل الأبارِصَا(4)
برض
وقال ثعلب في كتاب الفصيح: وهو سامُّ أبْرَص، وسامّا أبرصَ، وسَوامُّ أبرصَ.
(برض) الباء والراء والضاد أصل واحد، وهو يدلُّ على قلّةِ الشيء وأخذِهِ قليلاً قليلاً. قال الخليل: التبرُّض التبلُّغ بالبُلْغَة من العيش والتطلُّب له هاهنا وهاهنا قليلاً بعد قليل. وكذلك تبرَّض الماءَ من الحوض، إذ قلَّ صبّ في القربة من هنا وهنا. قال:
وقد كنتُ بَرَّاضاً لها قبلَ وَصْلِها
فكيفَ وَلَزَّتْ حَبْلَها بحِبالها(5)
يقول: قد كنتُ أطلبُها في الفَيْنَةِ بعدَ الفينة، أي أحياناً، فكيف وقد عُلِّق بعضُنا بعضاً. والابتراضُ منه. وتقول: قد بَرَضَ فلانٌ لي من ماله، وهو يَبْرُضُ بَرْضاً، إذا أعطاكَ منه القليلَ. قال:
لَعَمْرُكَ إنّني وطِلابَ سَلْمَى
لكالمتبرِّضِ الثَّمَدَ الظَّنُونا(6)
وثَمَدٌ أي قليل، يقول رؤبة:
__________
(1) في الأصل: "لهن بخدا"، صوابه في المجمل.
(2) واحدها "برصة" بالضم.
(3) في الأصل: "لها خالصاً"، صوابه في اللسان (برص).
(4) الرواية في أدب الكاتب 152 والاقتضاب 355 والحيوان (4: 300)، واللسان: "لكنت عبداً آكل الأبارصا". وفي الأصل: "تأكل الأبارصا"، صوابه من الجمهرة (1: 258) حيث عقب بقوله "خاطب أباه فقال: لو كنت أصلح لهذا العمل الذي تأخذني به لكنت عبداً يأكل الأبارصا".
(5) البيت في اللسان (برض).
(6) في الأصل: "لكا المبرض"، صوابه في اللسان (ثمد).(1/211)
* في العِدِّ لم تقدَحْ ثِمادا بَرْضا(1) *
ومن هنا الباب: بَرَض النّبات يَبْرُِض بُرُوضاً، وهو أوّلُ ما يتناول النَّعَمُ والبارِض: أوّلُ ما يبدو من البُهْمَى. قال:
برع - برق
رَعَى بارِضَ البُهْمَى جَميماً وبُسْرَةً
وصَمْعَاءَ حَتّى آنفَتْهُ نِصَالُها(2)
(برع) الباء والراء والعين أصلان: أحدهما التطوُّع بالشيء من غير وجوبٍ. والآخر التبريز والفَضْل. قال الخليل: تقول بَرَعَ يَبْرَعُ بُرُوعاً(3) وبَراعةً، وهو يتبرَّع من قِبَلِ نَفْسِه بالعَطاء. وقالت الخنساء:
جلدٌ جميلٌ أصيل بارِعٌ وَرِعٌ
مأوى الأراملِ والأيتامِ والجارِ
قال: والبارع: الأصيل الجيّد الرأي. وتقول: وهبت للإنسان نتياء (4) تبرُّعا إذا لم يَطْلُب.
(برق) الباء والراء والقاف أصلانِ تتفرع الفروع منهما: أحدهما لمعانُ الشيء؛ والآخر اجتماع السَّوادِ والبياضِ في الشيء. وما بَعْدَ ذلك فكلُّه مجازٌ ومحمولٌ على هذين الأصلين.
أمّا الأول فقال الخليل: البرق وَمِيضُ السَّحاب، يقال بَرَقَ السَّحَابُ بَرْقاً وبَريقاً. قال: وأبْرَقَ أيضاً لغة. قال بعضهم: يقال بَرْقَة للمرّة الواحدة، إذا بَرَقَ، وبُرْقَة بالضم، إذا أردْتَ المقدار من البرق. ويقال: "لا أفعلُهُ ما بَرَقَ في السَّماءِ نجم"، أي ما طَلَعَ. وأتانا عند مَبْرَقِ الصُّبح، أي حين برَق. اللِّحْياني:
برق
__________
(1) آخر بيت من أرجوزته الضادية في ديوانه ص18. وقبله:
* أولاك يحمون المصاص المحضا *
(2) البيت لذي الرمة كما في اللسان (بسر، أنف). وهو في (صمع) بدون نسبة. وسيأتي هنا في
(جم ص 420). وانظر ديوانه ص529. وصواب إنشاده: "رعت" و"حتى آنفتها". وقبله:
طوال الهوادي والحوادي كأنها
سماحيج قب طار عنها نسالها
(3) في الأصل: "برعا"، تحريف.
(4) كذا في الأصل .(1/212)
وأَبْرَقَ(1) الرّجل إذا أمَّ البَرْقَ حينَ يراه. قال الخليل: البارقة السَّحابة ذاتُ البرق. وكلُّ شيءٍ يتلألأ لونُه فهو بارقٌ يبرُق بَريقاً. ويقال للسُّيوف بَوَارق. الأصمعيُّ: يقال أبرَقَ فلان بسيفه إبراقاً، إذا لمع به. ويقال رأيت البارقةَ، ضوءَ بَرْق السُّيوف. ويقال مرّت بنا اللّيلةَ بارقةٌ، أي سحابةٌ فيها برق، فما أدري أينَ أصابَتْ. والعرب تقول: "هو أَعْذَبُ من ماء البارقة".
ويقال للسيف ولكلِّ ما له بَريقٌ إبْريق، حتى إنّهم يقولون للمرأة الحسناءِ البَرّاقة(2) إبريق. قال:
* ديار إبريقِ العَشِيّ خَوْزَلِ *
الخوزَل المرأة المتثنِّية في مِشْيتها. وأنشد:
أشْلَى عليه قانصٌ لمّا غَفَلْ(3)
مُقلَّدَاتِ القِدِّ يَقْرُونَ الدَّغَلْ
فزَلّ كالإبريقِ عن مَتْنِ القَبَل(4)
قال أبو عليّ الأصفهانيّ: يقال أبْرَقَتِ السّماءُ على بلادِ كذا. وتقول أبرَقْتُ إذا أصابتكَ السّماء. وأبرَقْتُ ببلدِ كذَا، أي أُمطرْتُ. قال الخليل: [إذا] شَدَّدَ مُوعِدٌ بالوَعيد، قيل أَبْرق وأَرْعَد. قال:
أَبْرِقْ وأَرْعِدْ يا يَزيـ
دُ فما وَعِيدُك لي بِضائرْ(5)
يقال بَرَقَ ورَعَدَ أيضاً. قال:
برق
فإذا جعلتُ... فارسَ دونُكُمْ
فارْعَُدْ هُنالِكَ ما بدا لَكَ وابرُقِ(6)
أبو حاتم عن* الأصمعيّ: بَرَقت السّماءُ، إذا جاءتْ ببرقٍ. وكذلك رعدت، وبَرَق الرّجُل ورَعَد. ولم يعرف الأصمعيّ أَبْرَقَ وأَرْعَدَ. وأنشد:
يا جَلَّ ما بَعدَتْ عليك بلادُنا
__________
(1) في الأصل: "أو برق"، صوابه ما أثبت.
(2) في الأصل: "الخنساء الراقة"، تحريف.
(3) في الأصل: "شد عليه قابض".
(4) متن القبل، أي ظهر الجبل. وفي الأصل: "كالإبريق المتن القبل".
(5) البيت للكميت، كما في اللسان (برق، رعد). وسيأتي في (رعد).
(6) كذا ورد البيت بنقص كلمة قبل "فارس" ولعله "ديار فارس" أو "بلاد فارس".(1/213)
فابرُق بأرضِكَ ما بَدَا لك وارْعَُدِ(1)
ولم يلتفت إلى قول الكُميت:
أبرق وأرْعِدْ يا يزيـ د...........
قال أبو حاتم: وقد أخبرنا بها أبو زيدٍ عن العرب. ثم إنّ أعرابيّاً أتانا من بني كلاب وهو محرِم. فأردنا أن نسأله فقال أبو زيد: دَعُوني أتولَّى مسألتَه فأنا أرفَقُ به. فقال له: كيف تقول إنّك لتُبْرق وتُرْعِد؟ فقال: في الخجيف؟ يعني التهدُّد. قال: نعم (2). قال: أقول إنّك لتُبرِق وتُرْعِد. فأخبرتُ به الأصمعيّ فقال: لا أعرِف إلاّ بَرَق ورَعَد.
ومن هذا الأصل (3) قال الخليل: أبرَقت الناقةُ، إذا ضربَتْ ذَنبها مرّةً على فرْجها، ومرّة على عجُزِها، فهي بَرُوقٌ ومُبْرِق. قال اللِّحياني: يقال للنّاقة إذا شالت ذنبها كاذبةً وتلقّحت وليست بلاقِح: أبرقت النّاقة فهي مُبْرِقٌ وبروقٌ. وضدُّها المِكْتَام.
برق
قال ابن الأعرابيّ: بَرَقَت فهي بارق إذا تشذَّرَت بذَنبها من غير لَقْحٍ. قال بعضهم: بَرَّقَ الرجلُ: إذا أتى بشيءٍ لا مِصداق له.
وحكى ابنُ الأعرابيّ، أنّ رجلاً عمل عملاً فقال له بعض أصحابه: "بَرَّقْتَ وعَرّقْت(4)" أيْ لوّحت بشيء ليس له حقيقة. وعرّقت أقْلَلْتَ، من قولهم:
لا تمَلأِ الدَّلْوَ وعَرِّقْ فيها
ألا تَرى حَبَار مَنْ يسقِيها(5)
قال الخليل: الإنسان البَرُوقُ هو الفَرِقُ لا يزال. قال:
* يُرَوِّعُ كلَّ خَوَّارٍ بَرُوقِ *
__________
(1) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (جلل، برق، رعد). وجل ما بعدت، أي ما أجل ما بعدت.
(2) كلمة "فأخبرت" وردت في الأصل قبل "فقال في الخجيف" وهنا موضعها. وانظر الاشتقاق 265. والمخصص (14: 228) حيث ساق القصة في وضوح وتفصيل.
(3) في الأصل: "وعن على هذا الأصل".
(4) الخبر في اللسان (برق 296).
(5) البيتان في أمالي ثعلب 238، واللسان (6: 231/ 12: 114).(1/214)
والإنسانُ إذا بَقِيَ كالمتحيِّر قيل بَرِق بَصَرُه بَرَقاً، فهو بَرِقٌ فَزِعٌ مبهوت. وكذلك تفسيرُ مَنْ قرَأها: { فإذا بَرِقَ البَصَرُ } [القيامة 7]، فأمّا مَن قرأ: { بَرَقَ البَصَرُ } فإنّه يقول: تراه يَلْمع مِن شدَّة شُخوصه تراه لا يطيق. قال:
لَمّا أتاني ابنُ عُمْيرٍ راغباً
أعطيته عَيْسَاءَ منها فَبَرَقْ(1)
أي لعَجَبِه بذلِكَ. وبَرَّقَ بعينه إذا لأْلأَ من شدة النظر. قال:
فعَلِقَتْ بكفِّها تَصْفِيقَا
وطَفِقَتْ بِعَينها تبريقا
* نحوَ الأميرِ تَبْتَغي التّطْليقا(2) *
برق
قال ابنُ الأعرابيّ: بَرِق الرّجُل ذهبَتْ عَيناهُ في رأسه، ذَهَب عقلُه. قال اليزيديّ: بَرَق وجهَهُ بالدُّهن يَبْرُقُ بَرْقاً، وله بَرِيقٌ، وكذلك بَرَقْتُ الأَديمَ أبرُقُه بَرْقاً، وبرّقته تبرِيقاً.
قال أبو زيد: بَرَق طعامَهُ بالزَّيت أو السّمن أو ذَوْب الإهالة، إذا جعَلَه في الطّعام وقلَّلَ مِنه.
قال اللِّحيانيّ: بَرِق السّقاءُ يبْرَقُ(3) بَرَقاً وبُرُوقاً، إذا أصابَهُ حَرٌّ فذاب زُبْدُهُ. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال زُبْدَةٌ بَرِقة وسقاءٌ بَرِقٌ، إذا انقطعا من الحرّ. وربما قالوا زُبْدٌ مُبْرِقٌ. والإبريق معروفٌ، وهو من الباب. قال أبو زيد: البَرْوقُ شجرةٌ ضعيفة. وتقول العرب: "هو أشْكَرُ مِنْ بَرْوَقَةٍ"، وذلك أنّها إذا غابت السماء اخضرَّت ويقال إنّه إذا أصابَها المطرُ الغزير هَلَكتْ. قال الشاعر يذكُرُ حَرْباً(4):
تَطِيحُ أَكُفُّ القَوم فيها كأنما
يَطِيحُ بها في الرَّوْعِ عيدانُ بَرْوَقِ
وقال الأسود يذكر امرأةً:
ونالَتْ عَشاءً من هَبِيدٍ وبَرْوَقٍ
__________
(1) إصلاح المنطق 58. ونسبه التبريزي إلى الأعور بن براء الكلابي.
(2) البيت وسابقه في اللسان (11: 296).
(3) كذا ضبط في الأصل. وفي اللسان ضبط قلم: "برق يبرق" كدخل يدخل، وجعله في القاموس من بابي فرح ونصر.
(4) في الأصل: "يذكر حزناً".(1/215)
ونالت طعاماً مِن ثلاثةِ أَلْحُمِ
وإنما قال ثلاثة ألحُمٍ، لأنَّ الذي أطعمها قانِصٌ.
قال يعقوب: بَرِقَتِ الإبل تَبْرَقُ بَرَقاً، إذا اشتكت بطونُها مِنه .
برق
وأما الأصل الآخرُ فقال الخليل وغيرهُ: تسمَّى العَين بَرقَاءَ لسوادِها وبياضِها. وأنشد:
ومنحدرٍ مِنْ رأسِ بَرْقَاءَ حطَّهُ
مَخافةُ بَيْنٍ من حبيبٍ مزايِلِ(1)
المنحدر: الدمع. قالوا: والبَرَق مصدر الأبرق من الحِبال والجِبال، وهو الحَبْل أُبْرِم بقُوّةِ سَوْداءَ وقوّةٍ بيضاء. ومن الجبال ما كان منه جُدَدٌ بيضٌ وجُدَدٌ سود. والبَرْقاء من الأرض طرائق، بقعة فيها حجارةٌ سودٌ تخالطها رَملةٌ بيضاء. وكلُّ قطعةٍ على حِيالِها بُرقَة. وإذا اتّسَعَ فهو الأبْرَق والأبارق والبراق. قال:
لَنَا المصانِعُ* من بُصْرَى إلى هَجَرٍ
إلى اليمامةِ فالأجْرَاعِ فالبُرَقِ
والبُرْقَةُ ما ابيضَّ من فَتْل الحَبْلِ الأسوَد.
قال أبو عمرو الشّيبانيّ: البُرَق ما دَفَع في السَّيل من قَبَل الجَبل. قال:
* كأنَّها بالبُرَقِ الدّوافِعِ *
قال قُطْرُب: الأبْرَق الجبلُ يعارضُك يوماً وليلةً أمْلس لا يُرْتَقَى. قال أبو زيادٍ الكلابيّ: الأبْرَقُ في الأرض أَعالٍ فيها حجارةٌ، وأسافلُها رملٌ يحلُّ بها الناس. وهي تُنْسَب إلى الجِبال. ولمّا كانت صفةً غالبةً جُمعَتْ جَمْعَ الأسماء، فقالوا الأبارِق، كما قالوا الأباطح والأَداهِم في جمع الأدهم الذي هو القيد، والأساوِد في جمع الأسود الذي هو الحيّة. قال الرّاعي:
وأفَضْنَ بعد كُظُومِهِنَّ بحَرَّةٍ
مِنْ ذِي الأبارِقِ إذْ رَعَيْنَ حقيلا(2)
برك
__________
(1) روايته في اللسان (11: 298) وأمالي ثعلب 179: "بمنحدر".
(2) حقيل: نبت، أو جبل من ذي الأبارق. والبيت في اللسان (13: 172)، وقصيدته في جمهرة أشعار العرب 172-176. وسيأتي في (حقل، فيض).(1/216)
قال قُطرُب: بنو بارقٍ حَيٌّ من اليمن من الأشعَرِينَ. واسم بارقٍ سعدُ بنُ عدِيّ، نَزَل جبَلاً كان يقال له بارق، فنُسِب إليه. ويقال لولده بنو بارقٍ، يُعرَفون به.
قال بعضُ الأعراب: الأبْرَق والأبارِق من مكارم النّبات، وهي أرضٌ نصفٌ حجارةٌ ونصفٌ ترابٌ أبيضُ يَضرِبُ إلى الحمرة، وبها رَفَضُ حجارةٍ حُمْرٍ. وإذا كان رملٌ وحجارةٌ فهو أيضاً أبرق. وإذا عَنَيْتَ الأرضَ قلتَ بَرْقاءَ. والأبرقُ يكونُ علماً سامِقاً مِن حجارةٍ على لونين، أو من طينٍ وحجارة. والأبرقُ والبُرْقَةُ، والجميع البُرق والبِراق والبَرْقَاوات.
قال الأصمعيّ البُرْقَانُ ما اصفرّ مِن الجراد وتلوَّنت فيه [خطوطٌ واسودّ(1)]. ويقال رأيت دَباً بُرْقاناً كثيراً في الأرض، الواحدة بُرْقانة، كما يقال ظَبْيةٌ أُدْمَانَةٌ وظباءٌ أُدْمَانٌ. قال أبو زياد: البُرْقان فيه سوادٌ وبياضٌ كمثل بُرْقَةِ الشّاةِ. قال الأصمعيّ: وبَرْقاءُ أيضاً. قال أبو زياد: يمكث أوّلَ ما يخرُجُ أبيضَ سبعاً، ثم يسودُّ سبْعاً، ثم يصير بُرقاناً.
والبرقاء من الغَنم كالبَلْقاء من الخيل.
(برك) الباء والراء والكاف أصلٌ واحدٌ، وهو ثَباتُ الشيءِ، ثم يتفرع فروعاً يقاربُ بعضُها بعضاً. يقال بَرَك البَعيرُ يَبْرُكُ بُرُوكاً. قال الخليل البَرْك يَقَعُ على ما بَرَك مِن الجِمال والنُّوق على الماء أو بالفلاة، من حرِّ الشمس أو الشِّبع، الواحد باركٌ، والأنثى باركة. وأنشد في البَرْك أيضاً:
برك
بَرْك هُجُود بفَلاةٍ قَفْرِ
أَحمْى عليها الشمسَ أبْتُ الحَرِّ(2)
__________
(1) التكملة من الحيوان (5: 551) حيث روي عن الأصمعي.
(2) سبق البيتان في مادة (أبت).(1/217)
الأبْتُ: شِدّة الحرّ بلا ريح. قال أبو الخطَّاب: البَرْك الإبلُ الكثيرةُ تَشربُ ثم تَبْرُك في العَطَن، لا تكونُ بَرْكاً إلا كذا. قال الخليل: أبركْتُ الناقةَ فبرَكَتْ. قال: والبَرْك أيضاً كَلْكَل البعير وصدرُه الذي يدكُّ(1) به الشيءَ تحتَه. تقول: حَكَّه ودَكَّهُ بِبرْكِهِ. قال الشاعر:
فأقعَصَتْهُمْ وحَكَّتْ بَرْكَها بهمُ
وأعْطَتِ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بَيَّانِ(2)
والبِرْكَة: ما وَلِيَ الأرضَ من جِلد البَطْن وما يليه من الصَّدر، مِنْ كلِّ دابة. واشتقاقُه مِن مَبرَكِ الإبل، وهو الموضع الذي تَبرُكُ فيه، والجمع مبارك. قال يعقوب: البِرْكَة من الفَرَس حيثُ انتصبَتْ فَهْدَتَاه من أسفل، إلى العِرْقين اللذين دون العَضُدين إلى غُضُون الذّّراعين من باطن.
قال أبو حاتم: البَرْك بفتح الباء: الصدر، فإذا أدخلت الهاء كسرت الباء. قال بعضُهم: البَرْكُ القَصُّ. قال الأصمعيّ: كان أهلُ الكوفة يسمُّون زياداً أشْعر بَرْكاً. قال يعقوب: يقول العرب: "هذا أَمْرٌ لا يَبْرُك عليه إبلي" أي لا أقرَبُه ولا أقْبَله. ويقولون أيضاً: "هذا أمْرٌ لا يَبْرُك عليه الصُّهْبُ المحزَّمَة" يقال ذلك للأمر إذا تفاقَمَ واشتدّ. وذلك أنّ الإبلَ إذا أنكرت الشَّيءَ نَفَرتْ منه.
برك
__________
(1) في الأصل: "يذل"، محرف.
(2) يصف حرباً. وفي الأصل: "فأقصعتهم" و: "النهت" صوابهما من إنشاده في اللسان
(12: 278/ 19: 109/ 20: 252).(1/218)
قال أبو عليّ: خصّ الإبلَ لأنّها لا تكاد تبرك في مَبْرَكٍ حَزْنٍ، إنّما تطلبُ السهولة، تذوقُ الأرضَ بأخفافها، فإن كانَتْ سهلةً بَرَكَتْ فيها. قال أبو زيد: وفي أنواءِ الجَوْزاء نَوْءٌ يقال له "البُرُوك"*، وذلك أنّ الجوزاء لا تسقُط أنواؤُها حتى يكون فيها يومٌ وليلةٌ تَبرك الإبلُ من شِدّة بَردِه ومَطَره. قال: والبُرَكُ عوفُ بن مالك بن ضُبَيعة، سُمِّي به(1) يوم قِضَّة؛ لأنه عقر جَمَله على ثَنِيَّة وأقام، وقال: "أنا البُرَك أبْرُك حيثُ أُدْرَك(2)".
قال الخليل: يقال ابتَرَك الرّجلُ في آخر يَتَنَقَّصه ويشتمُهُ. وقد ابتركوا في الحرب إذا جَثَوا على الرُّكَبِ ثمّ اقتتلوا ابتِراكاً. والبَرَاكاءُ اسمٌ من ذلك، قال بِشْرٌ فيه:
ولا يُنْجِي مِن الغَمَراتِ إلاّ
بَرَاكاءُ القِتالِ أو الفِرارُ(3)
قال أبو عبيدة: يقولون بَرَاكِ بَرَاكِ، بمعنى ابرُكوا. قال يعقوب: يقال بَرَك فلانٌ على الأمور وبَارَك جميعاً، إذا َواظبَ عليه. وابتَرَك الفَرَسُ في عَدْوه، أي اجتهَد. قال:
* وهنَّ يَعْدُونَ بنا بُروكَا(4) *
قال الخليل: يقال أبْرَكَ السّحابُ، إذا ألحّ بالمطر على المكان. قال غيره: بل يقال ابترك. وهو الصحيح: وأنشد:
برك
ينْزع عنها الحَصَى أجَشُّ مُبْتَرِكٌ
كأنَّهُ فاحصٌ أو لاعِبٌ دَاحِ(5)
فأمّا قول الكميت:
ذو برْكةٍ لم تَغِض قَيداً تشيع به
__________
(1) في الأصل: "سميه".
(2) انظر الاشتقاق لابن دريد 214-215. والبرك هذا غير البرك الصريمي، الذي ضرب معاوية على أليته. انظر الاشتقاق 151.
(3) البيت في اللسان (12: 278) وهو آخر بيت من قصيدته في المفضليات (2: 138) .
(4) البيت في اللسان (12: 278).
(5) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 4. وصدره فيه :
* ينفي الحصى عن جديد الأرض مبتركا *
... وروي صدره في اللسان (دحا) مع نسبته إلى أوس أو عبيد:
* ينْزع جلد الحصى أجش مبترك *(1/219)
من الأفاويق في أحيانها الوُظُبِ
الدّائمة. فإنّ البِركة فيما يقال أن تُحلَب قبل أن تخرج.
قال الأصفهاني عن العامريّ: يقال حَلبتُ النّاقة بِركتَها، وحلبْتُ الإبل بِركتها، إذا حَلَبْتَ لبنَها الذي اجتمع في ضرعها في مَبْرَكها. ولا يقال ذلك إلاّ بالغُدُوات. ولا يسمَّى بِركةً إلاّ ما اجتمع في ضرعها باللّيل وحُلِب بالغُدْوة. يقال احلُبْ لنا مِنْ بِرَك إبلك.
قال الكسائيّ: البِركة أن يدرّ لبنُ الناقة باركة فيقيمَها فيحلُبها. قال الكُميت:
* لَبون جودِك غير ماضِرْ(1) *
قال الخليل: البرْكة شبه حوضٍ يُحفَر في الأرض، ولا تُجعَل له أعضادٌ فوقَ صعيدِ الأرض. قال الكلابيُّون: البركة المَصْنَعة، وجميعها بِرَكٌ، إلا أنّ المَصْنعةَ لا تُطوَى، وهذه تُطوَى بالآجُرّ.
قال الخليل: البَرَكة من الزيادة والنماء. والتّبريك: أن تَدعُوَ بالبَرَكة.
برم
و { تَبَارَكَ اللهُ } [الأعرف 54] تمجيدٌ وتجليل. وفُسِّر على "تعالى الله". والله أعلم بما أراد. قال أبو حاتم: طعامٌ بَريكٌ أي ذو بَرَكة.
(برم) الباء والراء والميم يدلُّ على أربعة أصولٍ: إحكام الشَّيء، والغَرَض به، واختلاف اللَّونين، وجنسٌ من النَّبات.
فأمّا الأوّل فقال الخليل: أبْرَمْتُ الأمرَ أحكمتُه. قال أبو زياد المَبَارم مغازلُ ضِخامٌ تُبْرِم عليها المرأةُ غَزْلَها، وهي من السَّمُر. ويقال أبرمْتُ الحبْلَ، إذا فتَلْتَه متيناً. والمُبْرَم الغزْل، وهو ضد السَّحِيل، وذلك أنّ المُبْرَم على طاقَينِ مفتولين، والسَّحِيل على طاقٍ واحد.
وأمّا الغَرَض فيقولون: بَرِمْتُ بالأمرِ عَيِيتُ به، وأبرمَني أعياني. قال: ويقولون أرجُو أنْ لا أَبْرَمَ بالسُّؤالِ عن كذا، أي لا أَعْيَا. قال:
* فلا تعْذُليني قد بَرِمْتُ بحيلتي *
قال الخليل: بَرِمْتُ بكذا، أي ضَجِرتُ به بَرَماً. وأنشد غيرهُ:
__________
(1) هو بتمامه كما في اللسان (12: 277):
وحلبت بركتها اللبو
ن لبون جودك غير ماضر(1/220)
ما تأمُرِين بنَفْسٍ قد بَرِمْتُ بها
كأنّما عُروةُ العُذْريُّ أَعْدَاها
مشعوفةٍ بالتي تُرْبانُ مَحْضَرُها
ثم الهِدَمْلَةُ أَنْفَ البَرْدِ مَبْدَاها(1)
ويقال أبرمَني إبراماً. وقال [ابن] الطّثْرِيّة:
فلمّا جِئْتُ قالت لي كلاماً
برِمْتُ فما وجَدْتُ له جَوَابا
وأمّا اختلاف اللّونَين فيقال إنّ البريمَينِ النوعانِ من كلِّ ذي خِلْطَيْنِ، مثل سوادِ الليل مختلطاً ببياض النهار، وكذلك الدَّمع مع الإثْمِد بَريمٌ. قال علقمة:
برم
بعيْنَيْ مَهَاةٍ تَحدُرُ الدَّمْعَ مِنْهُما
بَرِيمَيْنِ شَتَّى من دُموعٍ وإثمِدِ(2)
قال أبو زيد: ولذلك سُمِّي الصُّبحُ أوّلَ ما يبدُو بَريِماً، لاختلاط بياضِه بسواد اللّيل. قال:
على عَجَلٍ والصُّبْحُ بادٍ كأَنّهُ
بأَدْعَجَ من ليل التِّمامِ بَريمُ(3)
قال الخليل: *يقول العرب: هؤلاء بَرِيمُ قومٍ، أي لفِيفُهم من كلِّ لونٍ. قالت ليلى:
يأيُّها السَّدِمُ المُلَوِّي رأسَه
ليَقُودَ مِنْ أهلِ الحِجازِ بَريما(4)
قال أبو عُبيدٍ: تقول اشْوِ لَنَا من بَريمَيْها، أي من الكَبِدِ والسَّنام. والبَريم: القَطِيعُ من الظّباء. قال: والبريم شيءٌ تشدُّ به المرأة وسَطَها منظَّم بخَرَزٍ. قال الفرزدق:
محضَّرَةٌ لا يُجْعَلُ السِّتْرُ دُونَها
__________
(1) تربان، بالضم: قرية على ليلة من المدينة. والهدملة: موضع.
(2) في ديوانه 135: "يحدر الدمع منهما". وقبله:
تراءت وأستار من البيت دونها
إلينا وحانت غفلة المتفقد
(3) البيت لجامع بن مرخية، كما في اللسان (14: 130).
(4) البيت في اللسان (14: 311) والجمهرة (1: 277) وأمالي القالي (1: 248). قال: "كان الأصمعي يرويها لحميد بن ثور الهلالي" ثم قال: "وجدته بخط ابن زكريا وراق الجاحظ في شعر حميد". وانظر حماسة أبي تمام (2: 279).(1/221)
إذا المُرْضِعُ العَوْجَاءُ جال بَرِيمُهَا(1)
والأصل الرابع: البرَم، [وأطيبُها ريحاً(2)] بَرَمُ السَّلَم، وأَخْبَثُها ريحاً بَرَمَةُ
برو/ي
العُرْفُط، وهي بيضاءُ كبرَمَةِ الآس. قال الشيبانيّ: أبْرَمَ الطَّلْحُ، وذلك أوّلَ ما يُخْرِجُ ثمرتَه. قال أبو زياد: البرَمَةُ الزّهرةُ التي تخرج فيها الحُبْلة.
أبو الخطاب: البَرَم أيضاً حُبوبُ العِنَب إذا زادَتْ على الزَّمَعِ، أمثال رُؤوس الذّرّ.
وشذّ عن هذه الأصول البُرَام، وهو القُرَادُ الكبير. يقول العرب: "هو أَلْزَقُ مِنْ بُرام(3)". وكذلك البُرْمَة، وهي القِدْر.
(برو/ي) الباء والراء والحرف المعتلّ بعدهما وهو الواو والياء أصلان: أحدهما تسويةُ الشّيءِ نحتاً، والثاني التعرُّض والمحاكاة. فالأصل الأوّلُ قولهم بَرَى العُود يَبرِيه بَرْياً، وكذلك القلم. وناسٌ يقولون يَبْرو، وهم الذين يقولون للبُرّ يَقْلُو، وهو بالياء أصوب. قال الأصمعيّ: يقال بَرَيْتُ القَوْسَ بَرْياً وبُرَايةً، واسمُ ما يسقط منه البُرَايَة، ويتوسّعُون في هذا حتى يقولوا مَطَرٌ ذو بُرَاية أي يَبري الأرضَ ويقْشُرُها.
قال الخليل: البَرِيُّ السّهْمُ الذي قد أُتِِمَّ بَرْيُه ولم يُرَشْ ولم يُنَصَّلْ. قال أبو زيد: يقول العربُ: "أَعْطِ القَوْسَ بَاريَها" أي كِلِ الأمْرَ إلى صاحبِه.
__________
(1) انظر الحماسة (2: 328). والمحضرة: التي لا يمنع منها أحد، كما في شرح التبريزي. وفي الأصل: "مخصرة" صوابه من الحماسة واللسان (14: 130). والعوجاء: التي اعوجت هزالاً. وفي اللسان: "العرجاء" تحريف. ويروى للكروس بن حصن:
وقائلة نعم الفتى أنت من فتى
إذا المرضع العوجاء جال بريمها.
(2) تكملة يقتضيها السياق. وفي اللسان: "وبرمة السلم أطيب البرم ريحاً".
(3) انظر الحيوان (5: 437-438).(1/222)
فأمّا قولُهم للبعير إنّه لذُو بُرَايةٍ فمن هذا أيضاً، أي إنّهُ بُرِيَ برياً مُحْكماً. قال الأصمعيّ: يُقال للبعير إذا كان باقياً على السير: إنّه لَذُو بُرايةٍ. قال الأعلم:
على حَتِّ البُرَاية زَمْخَرِِيّ الـ
سَّوَاعِِدِِ ظَلَّ في شَرْيٍٍ طُِِوَالِ(1)
برو/ي
وهو أنْ ينحتَّ من لحمه ثم ينحَتَّ، لا ينْهَمُّ في أوّل سفَرِه(2)، ولكنَّه يذهبُ منه ثمّ تبقى بُرايَةٌ، ثم تذهب وتبقى بُراية. وفلانٌ ذو بُرايةٍ أيضاً.
ومن هذا الباب أيضاً البُرَةُ، وهي حلْقَةٌ تُجعل في أنف البعير، يقال ناقة مُبْرَاةٌ وجملٌ مُبْرىً، قال الشاعر(3):
فقَرّبْتُ مُبْراةً يُخالُ ضُلوعُها
مِنَ الماسِخِيَّاتِ القِسِيَّ الموتَّرا
وهذه بُرَةٌ مَبْرُوَّةٌ، أي معمولة. ويقال: أبْرَيْتُ النّاقةَ أُبريها إبراءً، إذا جعَلْتَ في أنفها بُرَة. والبُرَةُ أيضاً حَلْقَةٌ مِن ذهب أو فِضّة إذا كانتْ دقيقةً معطوفَةَ الطَّرَفين، والجمع البُرَى والبُرُون والبِرُون(4). وكلُّ حلقةٍ بُرَةٌ.
__________
(1) في الأصل: "وعلى حب"، صوابه في اللسان (حتت، زمخر، بري) وشرح السكري للهذليين. وقد استشهد به ابن فارس على البعير، والصواب أنه في صفة ظليم شبه به فرسه أو بعيره. وقبل البيت، كما في شرح السكري لأشعار الهذليين ص61:
كأن ملاءتي على هزف
يعين مع العشية للرئال
(2) ينهم: يذهب سمنه. وفي الأصل: "يتهم"، محرفة.
(3) هو الشماخ، ديوانه 27 واللسان (4: 24). وقد وهم في اللسان (18: 76) في نسبته إلى النابغة الجعدي، وذلك لأن للجعدي قصيدة على هذا الروي. وسيأتي في (مسخ).
(4) في اللسان والقاموس أن جمعه "برين وبرين" بضم فكسر وبكسرتين. وما في المقاييس أظهر لأنه يصور حالة الجمع المرفوع، وأما اللسان والقاموس فيصور حالة الجمع المنصوب والمجرور مع أن مقام التعبير فيها يقتضي إثبات حالة الرفع فقط. وهو مثل عضون في الرفع وعضين في النصب والجر جمعاً لعضة.(1/223)
قال أبو عُبيدٍ: ذُو البُرَةِ الذي ذكره عَمرو بن كلثومٍ:
وذُو البُرَةِ الذي حُدِّثْتَ عنه
به نُحْمَى ونَحمي المُلْجَئِينا
رجلٌ تَغْلِبيّ كان جعَلَ في أنفِه بُرَةً لنَذْرٍ كان عليه. وقيل البُرَة سيفٌ، كان له سيف يسمَّى البُرَة. والبُرَاءُ النُّحَاتة، وهو من الباب. قال الهُذَليّ(1):
* حَرِق المفارِق كالبُرَاءِ الأعفَرِ(2) *
برو/ي
ومن الباب البَرَى الخَلْق، والبَرَى التُّرَابُ. يقال "بِفِيهِ البَرَى"، لأنَّ الخَلْق منه.
والأصل الآخَر المحاكاة في الصّنيع والتعرُّضُ. قال الخليل: تقول: بارَيْتُ فلاناً أي حاكيتهُ. والمباراة أن يبارِيَ الرّجلُ آخَرَ فيصنعَ كما يصنَعُ. ومنه قولهم: فلانٌ يُبارِي جيرانَه، ويُبارِي الرّيحَ، أي يُعطي ما هبّتِ الرّيح، وقال الرّاجز:
* يَبْرِي لها في العومان عائم(3) *
أي يعارِضها. قال الأصمعيّ: يقال انْبَرَى له وبَرَى له أي تَعَرَّضَ، وقال:
* هِقْلَة شَدٍّ تَنْبرِي لِهِقْلِ *
وقال ذو الرمّة:
* تَبْرِي لَهُ صَعْلَةٌ خَرْجاء خَاضِعَةٌ(4) *
قال ابن السكّيت: تبرَّيتُ مَعروفَ فلانٍ وتَبَرَّيْتُ لمعروفه، أي تعرَّضْتُ.
قال:
وَأَهْلَةِ وُدٍّ قَدْ تَبَرَّيْتُ وُدَّهُمْ
وأبْلَيْتُهُمْ في الوُدِّ جُهْدِي ونَائِلِي(5)
برأ
يقال أهْلٌ وأهْلَةٌ. وقال الراجز:
وَهْوَ إذا ما للصِّبَا تَبَرّى
ولَبِسَ القَميصَ لم يُزَرَّا
وَجَرَّ أَطْرَافَ الرِّدَاءِ جَرَّا
__________
(1) هو أبو كبير الهذلي، كما في ديوان الهذليين 64 نسخة الشنقيطي والمجمل واللسان (18: 85).
(2) وسيأتي في (حرق). وصدره كما في اللسان وديوان الهذليين:
* ذهبت بشاشته وأصبح واضحاً *
(3) كذا ورد البيت.
(4) عجزه كما في ديوان ذي الرمة 32:
* فالخرق دون بنات البيض منتهب *
(5) البيت لأبي الطمحان القيني، كما في اللسان (أهل، بري). ونسب في (بري) إلى خوات ابن جبير أيضاً. ورواية اللسان: "في الحمد".(1/224)
([برأ]) فأما الباء والراء والهمزة فأصلان إليهما ترجع فُروع الباب: أحدهما الخَلْق، يقال بَرَأَ الله الخلقَ يَبْرَؤُهم بَرْءَاً. والبارئ الله جَلَّ ثناؤه. قال الله تعالى: { فَتُوبُوا إلى بَارِئِكُمْ } [البقرة 54]، وقال أميّة:
* الخالق البارئ المصَوِّرُ *
والأصل الآخَر: التباعُد مِن الشيء ومُزايَلَتُه، من ذلك البُرْءُ وهو السَّلامة من السُّقم، يقال بَرِئْت وبرَأْتُ. قال اللحيانيّ: يقول أهل الحجاز: بَرَأت من المرض أبرُؤُ بُرُوءَاً. وأهل العالِيَة يقولون: [بَرَأْتُ أَبْرَأ(1)] بَرْءاً. ومن ذلك قولهم برئْتُ إليك من حقّكَ. وأهلُ الحجاز يقولون: أنا بَرَاءٌ منك، وغيرهم يقول أنا بريءٌ منك. قال الله تعالى في لغة أهل الحجاز: { إنَّني بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ } [الزخرف 26] وفي غير موضعٍ من القرآن { إنّي بَريءٌ } ، فمن قال أنا بَرَاءٌ لم يُثَنِّ ولم يؤنث، ويقولون: نحن البَرَاءُ والخَلاَء من هذا. ومَنْ قال بريء قال بريئان وبريئون، وبُرَآء على وزن بُرَعاء، وبُراء بلا إجراء(2)نحو بُراع، وبِراءٌ مثل بِراعٍ. ومن ذلك البَراءة من العَيبِ والمكروه، ولا يقال منه إلا بَرِئَ يَبْرَأُ. وبارَأْت الرّجُلَ، أي برئْتُ إليه وبَرِئَ إليَّ. وبارَأَتِ المرأةُ صاحِبَها على المفارقة، وكذلك
برت - برث
بارأْتُ شرِيكي وأبرأْتُ من الدَّين والضَّمان. ويقال إنّ البَراءَ آخِرُ ليلةٍ من الشّهْر، سُمّي بذلك لتبرُّؤ القمر من الشهر. قال:
* يوماً إذا كانَ البَراءُ نَحْسَا(3) *
__________
(1) التكملة من اللسان.
(2) في الأصل "بلا أجر"، صوابه ما أثبت. والإجراء: الصرف. وانظر اللسان (برأ: 24).
(3) في اللسان (1: 24):
يا عين بكى مالكا وعبسا
يوماً إذا كان البراء نحسا
... وفي (1: 25):
إن عبيدا لا يكون غسا
كما البراء لا يكون نحسا(1/225)
قال ابنُ الأعرابي: اليوم البَراءُ السَّعْدُ، أي إنه بريءٌ مما يُكْرَه. قال الخليل: الاستبراء أنْ يشترِيَ الرّجُلُ جاريةً فلا يَطَأَها حتى تحيض. وهذا من الباب لأنها قد بُرّئَتْ من الرِّيبة التي تمنَع المشتريَ من مُبَاشَرَتِها. وبُرْأَةُ الصّائدِ ناموسُه وهي قُتْرَتُه والجمع بُرَأٌ؛ وهو من الباب، لأنه قد زايَلَ(1) إليها كل أحد. قال:
* بها بُرَأٌ مثل الفَسِيل المُكَمَّمِ(2) *
(برت) الباء والراء والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو أنْ يَغِلَ الشّيءُ وُغولاً. من ذلك البَُرت، وهي الفأس، وبها شُبّه الرّجُل الدّليلُ، لأنّه يَغِلُ في الأرض ويهتدي في الظُّلَم.
(برث) الباء والراء والثاء أصلٌ واحد، وهي الأرض السّهلة، يقال للأرض السهلة بَرْثٌ، والجمع بِراثٌ. وجعلها رُؤبة البَرارِث(3)، ويقال إنّه خطأ.
برج - برح
(برج) الباء والراء والجيم أصلان: أحدهما البُروز والظُّهور،والآخر الوَزَرُ والملجأ. فمن الأوّل البَرَج وهو سَعَة العين في شدّةِ سوادِ سَوادِها وشدّة [بياض] بياضها، ومنه التّبرُّج، وهو إظهار المرأةِ مَحاسِنَها.
والأصل الثاني البُرْجُ واحِدُ بُروجِ السّماء. وأصل البرُوج الحُصونُ والقُصور قال الله تعالى: { وَلَوْ كُنْتُمْ في بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ } [النساء 78]. ويقال ثوبٌ مُبَرَّجٌ إذا كان عليه صور البُرُوج.
(برح) الباء والراء والحاء أصلان يتفرّع عنهما فروعٌ كثيرة. فالأول: الزَّوال والبروزُ والانكِشاف. والثاني: الشِّدَّة والعِظَم وما أشبههُما.
__________
(1) في الأصل: "زيل".
(2) في الأصل: "به"، تحريف. والبيت للأعشى في ديوانه 93 واللسان. وصدره:
* فأوردها عينا من السيف رية *
(3) وذلك في قوله:
أقفرت الوعساء فالعثاعت
من أهلها فالبرق البرارث(1/226)
أمّا الأول فقال الخليل: بَرَحَ يَبْرَحُ بَرَاحا إذا رَامَ مِن موضِعِه، وأبرحته أنا. قال العامريّ: يقول الرّجُل لراحلتهِ إذا كانت بطيئةً: لا تَبْرَحُ بَرَاحاً يُنْتَفَعُ به. ويقول: ما برِحْتُ أفْعَلُ ذلك، في معنى مازِلْت. قال الله تعالى حكايةً عمَّن قال: { لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِِينَ } [طه 91] أي لن نَزَالَ. وأنشد:
فأبْرَحُ مَا أَدَامَ اللهُ قَوْمي
بِحَمْدِ اللهِ مُنْتَطِقاً مُجِيداً(1)
أي لا أزال. ومُجيدٌ: صاحبُ فرسٍ جَواد، ومُنْتطقٌ: قد شَدّ عليه النِّطاق. ويقول العرب: "بَرَِحَ الخَفَاء" أي انكشَفَ الأمر. وقال:
*بَرِحَ(2) الخفاءُ فما لَدَيَّ تجلُّد *
قال الفرّاء: وبرَح بالفتح أيضاً، أي مضى، ومنه سُمِّيت البارحة. قالوا:
برح
البارحة الليلة التي قبلَ لَيْلَتِك، صفةٌ غالبةٌ لها. حتّى صار كالاسم. وأصلها من بَرح، أي زال عَنْ موضعه.
قال أبو عبيدة في* المثل:"ما أشْبَهَ اللّيْلَةَ بالبارِحة" للشيء ينتظرُه خيراً من شيءٍ، فيَجيءُ مِثْلَه.
قال أبو عُبيد: البِرَاح المكاشَفة، يقال بَارَحَ بِراحاً كاشَفَ. وأحسبُ أنّ البارحَ الذي هو خلافُ السّانح مِن هذا؛ لأنّه شيءٌ يبرُزُ ويَظْهر. قال الخليل: البُرُوح(3) مصدر البَارح وهو خلافُ السَّانح، وذلك من الظِّباء والطير يُتشاءم به أو يُتَيَمَّن، قال:
وهنَّ يَبْرُحْنَ لَهُ بُرُوحا
وتَارَةً يأتِينَهُ سُنُوحَا(4)
__________
(1) البيت لخداش بن زهير كما في اللسان (12: 232)، ورواية عجزه في (نطق) واللسان أيضاً:
* على الأعداء منتطقاً مجيدا *
(2) يقال فيه برح، بفتح الراء وكسرها. وهذا الشطر في اللسان (3: 232).
(3) في الأصل: "البرح".
(4) البيتان في اللسان (3: 234).(1/227)
ويقول العرب في أمثالها: "هو كبارِحِ الأَرْوَى، قليلاً ما يُرَى". يُضْرَبُ لمن لا يكادُ يُرَى، أو لا يكونُ الشيءُ منه إلاّ في الزّمان مرّةً. وأصلُهُ أنّ الأرْوَى مساكِنُها الجِبالُ وقِنانُها، فلا يكاد الناسُ يَرَوْنها سانحةً ولا بارحةً إلاّ في الدّهرِ مرّةً. وقد ذَكَرْنا اختلافَ الناسِ في ذلك في كتاب السّين، عند ذكرنا للسّانح. ويقال في قولهم: "هو كبارحِ الأرْوَى" إنّه مشؤوم من وجهين: وذلك أنّ الأروى يُتشاءَم بها حيث أتَتْ، فإذا بَرَحَتْ كانَ أعظَمَ لشُؤْمِها.
والأصل الآخرُ قال أبو عُبيدٍ: يقال ما أبْرَحَ هذا الأمرَ، أي أعجَبَه. وأنشد للأعشى:
برح
* فأَبْرَحْتِ رَبّاً وأَبْرَحْتِ جَارَا(1) *
وقالوا: معناه أعظَمْتِ، والمعنى واحدٌ. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال أبْرَحْتُ بفلانٍ، أي حَمَلْتَه على ما لا يُطيق فَتَبَرَّحَ به وغَمَّه. وأنشد:
* أبْرَحْتَ مَغْرُوساً وأنْعَمْتَ غَارِسا *
ابن الأعرابيّ: البَرِيح التَّعب. قال أبو وَجْزة:
على قَعُودٍ قد وَنَى وقد لَغِبْ
به مَسِيحٌ وَبرِيحٌ وصَخَبْ
المسيح: العَرَق. أبو عمرو: ويقال أبْرَحْتَ لُؤْماً وأبرَحْتَ كَرماً. ويقال بَرْحَى له إذا تعجَّبتَ له. ويقال: البعيرُ بُرْحَةٌ من البُرَح، أي خِيار. وأعطِني مِنْ بُرَحِ إبلك، أي من خِيارها.
قال الخليل: يقال بَرّح فلانٌ تَبْرِيحاً فهو مُبَرِّحٌ إذا أذى بالإلحاح؛ والاسم البَرْح. قال ذو الرُّمّة:
* والهوى بَرْحٌ على من يُطالِبُهْ(2) *
__________
(1) كذا ورد بالفاء في أوله. وروايته في الديوان 37 واللسان (برح) :
أقول لها حين جد الرحيـ
ل أبرحت ربا وأبرحت جارا
... وانظر الكلام على البيت في الخزانة (1: 575-578).
(2) البيت في ديوان ذي الرمة 43:
متى تظعني يا مي عن دار جيرة
لنا والهوى برح على من يغالبه
... وبعده:
أكن مثل ذي الألاف لزت كراعه
إلى أختها الأخرى وولى صواحبه(1/228)
والتّباريح: الكُلْفة والمَشَقّة. وضربَهُ ضَرْباً مُبَرِّحاً. وهذا الأمر أبْرَحُ عليَّ مِن ذَاكَ، أي أشق. قال ذو الرُّمة:
برخ - برد
أنيناً وشَكْوَى بالنّهارِ كَثيرةً
عَلَيَّ وما يأتي به الليلُ أَبْرَحُ(1)
أي أشَقّ. ويقال لقيتُ منه البُرَحِين والبَرَحَين(2) وبناتِ بَرْحٍ(3) وبَرْحاً بارحاً. ومن هذا الباب البَوارح من الرّياح، لأنّها تحمل التراب لشدّة هبوبها. قال ذو الرّمّة:
لا بلْ هو الشَّوْقُ مِنْ دَارٍ تَخَوَّنُها
مَرّاً سحابٌ ومرّاً بارِحٌ تَرِبُ(4)
فأمّا قول القائلِ عند الرّامي إذا أخطأ: بَرْحَى، على وزن فَعْلى، فقال ابنُ دريد وغيرُه: إنه من الباب، كأنه قال خُطّة بَرْحَى، أي شديدة.
(برخ) الباء والراء والخاء أصل واحدٌ، إن كانَ عربيّاً فهو النَّماء والزيادة، ويقال إنها من البَرَكة وهي لغة نَبَطيّة.
(برد) الباء والراء والدال أصول أربعة: أحدها خلاف الحَرّ، والآخَر السُّكون والثبوت، والثالث الملبوس، والرابع الاضطراب والحركة. وإليها تَرجِع الفُروع.
فأمّا الأوّل فالبَرْد خلافُ الحَرِّ. يقال بَرَدَ فهو بارِد، وبَرَد الماءُ حرارةَ جَوْفِي يَبْرُدُها. قال:
برد
وعَطِّلْ قَلُوصِي في الرِّكاب فإنَّها
سَتَبْرُدُ أكْباداً وتُبكي بَواكيا(5)
__________
(1) البيت في اللسان (2: 233) وليس في ديوان ذي الرمة، بل ورد في ملحقاته ص 663 عن اللسان وتاج العروس.
(2) ويقال أيضاً البرحين، بالتحريك.
(3) وبني برح أيضاً.
(4) البيت في ديوان ذي الرمة ص2 واللسان (3: 234).
(5) البيت لمالك بن الريب من قصيدة له في أمالي القالي (3: 135) والخزانة (1: 318) وجمهرة أشعار العرب 143 وقد انفردت بالرواية المطابقة لما هنا. وفي الأمالي والخزانة "ستفلق أكباداً". وانظر الأغاني (11: 142) واللسان (4: 49).(1/229)
ومنه قول الآخر(1):
لئن كان بَرْدُ الماءِ حَرّانَ صَادِياً
إليَّ عجيبا إنّها لعَجِيبُ
وبَرَدْتُ عينَه بالبَرُودِ(2). والبرَدَةُ: التُّخَمةُ. وسَحاب بَرِدٌ، إذا كانَ ذا بَرَد. والأبردان: طرَفَا النّهار. قال:
إذا الأرْطَى تَوَسَّدَ أبردَيْهِ
خُدودُ جَوازِئٍ بالرّملِ عِينِ(3)
ويقال البَرْدَانِ. ويقال للسُّيوف البَوارِد، قال قوم: هي القواتلُ، وقال آخرون: مَسُّ الحديد باردٌ. وأنشد:
وأنَّ أميرَ المؤمِنينَ أَغصَّني
مُغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البوارِدِ(4)
ويقال جاؤوا مُبْرِدين، أي جاؤوا وقد باخَ الحرُّ.
برد
وأما الأصل الآخر فالبرد النَّوم. قال الله تعالى: { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً ولا شَرَاباً } [النبأ 24]. وقال الشاعر(5):
فإنْ شِئْتِ حَرّمْتُ النِّساءَ عليكمُ
وإن شِئْتِ لم أطْعم نُقاخاً ولا بردَا(6)
ويقال بَرَد الشيءُ إذا دامَ. وأنشد أبو عبيدة:
اليوم يومٌ بارِدٌ سَمُومُه
__________
(1) هو عروة بن حزام من قصيدة له في ديوانه 10 مخطوطة الشنقيطي، والخزانة (1: 534) برواية:
* إليَّ حبيبا إنها لحبيب *
(2) هو بفتح الباء: الكحل تبرد به العين من الحر. وفي الحديث "أنه كان يكتحل بالبرود وهو محرم".
(3) البيت للشماخ في الديوان 94 واللسان (4: 50).
(4) البيت لكلثوم بن عمرو العتابي، كما في الحيوان (4: 265) وعيون الأخبار (1: 231) والعقد (2: 135) والبيان (3: 199) وزهر الآداب (3: 39) وحماسة ابن الشجري 140 واللسان (برد). ويروى: "أغضى معضهما"، وفي الأصل: "أغضني مغضهما" تحريف أثبت صوابه مطابقاً ما في المجمل.
(5) هو العرجي، كما في اللسان والصحاح (نقخ، برد) وأضداد ابن الأنباري 53.
(6) الرواية المعروفة: "حرمت النساء سواكم".(1/230)
مَن جَزِع اليومَ فلا تَلومُه(1)
بارد بمعنى دائم. وبرَدَ لي على فلانٍ من المال كذا، أي ثَبَتَ. وبَرَدَ في يدي كذا، أي حَصَل. ويقولون بَرَدَ الرّجُلُ إذا ماتَ. فيحتمل أن يكون من هذا، وأن يكون مِن الذي قَبْلَه.
وأما الثالث فالبُرْد، معروفٌ. قال:
وإني لأَرْجُو أنْ تُلَفَّ عَجَاجَتي
على ذِي كِساءٍ من سَلامانَ أو بُرْدِ
وبُرْدَا الجرادة: جناحاها(2).
والأصل الرابع بَريد العَسَاكر؛ لأنه يَجيء ويذْهَب. قال:
خَيَالٌ لأُمِّ السَّلسَبِيل ودُونها
مَسيرةُ شَهْر للبريد المذَبذَبِ(3)
ومحتمل أن يكون المِبْرَدُ من هذا، لأن اليَدَ تَضْطَرِبُ به إذا أُعمِلَ.
بزع - بزغ - بزق - بزل
(باب الباء والزاء وما يثلثهما)
(بزع) الباء والزاء والعين أصل واحد وهو الظَّرْف، يقال للظَّريف بَزيع، وتَبَزَّع الغُلامُ ظَرُف، ولا يكونُ ذلك إلا مِن صِفَة الأحداث. وربما قالوا تَبزعَ الشّرُّ إذا تفاقَمَ، فإن كان صحيحاً فهو أصلٌ ثان.
(بزغ) الباء والزاء والغين أصلٌ واحد، وهو طُلوع الشّيءِ وظُهُوره. يقال بَزَغَتِ الشمسُ وبَزَغ نابُ البَعيرِ إذا طلع. ويقولون للبَيْطار إذا أوْدَجَ الدّابةَ قد بَزَغه، وهو قياسُ الباب.
(بزق) الباء والزاء والقاف أصلٌ واحد، وهو إلقاء الشيء، يقال بَزَق الإنسانُ، مثل بَصَقَ. وأهل اليَمَن يقولون: بَزَق الأرضَ إذا بَذَرَها(4).
__________
(1) البيتان في اللسان (4: 52) وأضداد ابن الأنباري 53. ويروى "من عجز" كما عند ابن الأنباري وفي إحدى روايتي اللسان. وقد روي في المجمل والأضداد: "فلا نلومه" بالنون.
(2) في الأصل: "جناحان". وانظر الحيوان (5: 556).
(3) البيت للبعيث بن حريث، كما في حماسة أبي تمام (1: 141). وفي الأصل: "لأم السليل"، تحريف.
(4) في الأصل: "ندرها"، صوابه من اللسان (بزق).(1/231)
(بزل) الباء والزاء واللام أصلان: تفتُّح الشيء،والثاني الشدّةُ والقُوّة. فأمّا الأوّل فيقال بَزَلْتُ الشَّرابَ بالمِبْزَل أَبْزُلُه بَزْلاً. ومن هذا قولهم بَزَل البعيرُ إذا فَطَر نابُه، أي انشقَّ، ويكون ذلك لحِجّتِه التّاسعة. وشَجّةٌ بازِلة إذا سَالَ دَمُها. وانبَزَل الطّلْع إذا تَفَتَّق. ومن الباب البأْزَلَة وهي المِشْيَةُ السريعة؛ لأن المُسْرِع مُفتِّح في مِشْيته. قال:
* فأدْبَرَتْ غَضْبَى تَمَشَّى البازَلَهْ(1) *
بزم - بزو
والأصل الثاني قولهم أمر ذو بَزْل أي شِدَّة. قال عمرو بن شأسٍ:
يفلِّقْنَ رَأْسَ الكَوكَبِ الفَخْمِ بعدما
تَدُور رَحَى المَلْحاءِ في الأمْرِ ذِي البَزْلِ(2)
ومن هذا قولهم: فلان نَهّاضٌ ببزْلاءَ، إذا كان محتملاً للأمور العِظام. وقال قوم، وهو هذا الأصل: ذو بزْلاء، أي ذو رأي. أنشد أبو عُبيد(3):
إني إذا شغلَتْ قوماً فُروجهُم
رَحْبُ المسالِكِ نهَّاضٌ ببَزْلاءِ
(بزم) الباء والزاء والميم أصلٌ واحد: الإمساك والقَبْض. يقال بَزَم على الشيءِ إذا قَبَض عليه بمُقَدَّم فيه. والإبزيم عربيٌّ فصيح، وهو مشتق من هذا. والبَزيم فَضْلَة الزّادِ، سُمِّيت بذلك لأنه أُمْسِكَ عن إنفاقها.
(بزو) الباء والزاء والواو أصلٌ واحد، وهو هيئةٌ من هيئات الجسم في خروجِ صدرٍ، أو تَطَاوُلٍ، أو ما أشبه ذلك. يقال للرّجُل الذي دَخلَ ظهْرُهُ وخرَجَ صَدْرُه: هو أَبْزَى. قال كثَيِّر:
* من القَومِ أَبْزَى مُنْحنٍ مُتَباطِنُ(4) *
__________
(1) البيت لأبي الأسود العجلي، كما في اللسان (بأزل، شهل) والهمزة فيه مسهلة. وقبل البيت:
* قد كان فيما بيننا مشاهله *
(2) البيت في اللسان (13: 65) والمجمل. في الأصل: "يقلقلن"، وصوابه في اللسان والمجمل.
(3) في الأصل: "قال أبو عبيد".
(4) صدره كما في اللسان (18: 78):
* رأتني كأشلاء اللجام وبعلها *(1/232)
وقال قومٌ: تبازَى إذا حرَّكَ عَجُزَه في مِشْيَته. قال أبو عُبيد: الإبْزَاء أن يرفع الإنسان مُؤَخَّره، يقال منه أَبْزَى يُبْزِي. والبَازِي يَبْزُو في تطاوله، أو إيناسه، وقد يقال له البازُ بلا ياءٍ في ضرورة الشِّعر: قال عنترةُ يذكر فَرَساً:
بزخ - بزر
كأنَّهُ بازُ دَجْنٍ فَوقَ مَرْقَبَةٍ
جَلاَ القَطَا فهو ضاري سَمْلَقٍ سَنِقُ(1)
البازي في الدَّجْن أشدُّ طَلبَاً للصّيد، ضَاري سَمْلق، أي مُعتادٌ للصَّيد في السَّملق، وهي الصحراء. سَنِق: بَشِمٌ(2). وأظنُّ أنا أنّ وصْفَه إيّاه بالبَشَمِ ليس بجيِّد. ويقولون: أخَذْتُ من فُلانٍ بَزْوَ* كذَا، أي المبلغ الذي يبلغه ويرتَفع إليه. وربما قالوا أبزَيْتُ بفُلانٍ إذا بَطَشْتَ به؛ وهو من هذا لأنّه يَعلُوه ويَقْهَرُه.
(بزخ) الباء والزاء والخاء أصلٌ يقْرُب من الذي قبلَه. والبَزَخ خروج الصّدْرِ ودُخولُ الظَّهر؛ يقال رجلٌ أبزَخُ وامرأةٌ بَزْخاء. وتبازَخَتْ له المرأةُ، إذا حَرّكَتْ عَجُزَها في مِشْيَتِها.
(بزر) الباء والزاء والراء أصلان: أحدهما شيءٌ من الحبوب، والأصل الثاني من الآلات التي تستعمل عند دقِّ الشيء.
فأمّا الأوّل فمعروف. قال الدُّرَيديُّ: وقول العامّة بَزْرُ البَقْلِ خطأ، إنما هو بَذْر. وفي الكتاب الذي للخليل: البَزْر كلُّ حبٍّ يُبذَر، يقال بَذَرتُهُ وبَزَرْتُ القِدْرَ بأَبزارِها.
والأصل الثاني: البَيْزَرَة خشَبة القَصّار التي يدُقّ بها، ولذا قال أوس:
* بأيديهم بيازيرُ(3) *
ويقال بَزَرْته بالعَصَا إذا ضربْتَهُ بها.
بسط - بسق
(باب الباء والسين وما يثلثهما)
__________
(1) هذا ما يقتضيه تفسيره بعده. ورواية اللسان (7: 18): "سملق سلق" باللام وبكسر الروي. والسلق، بالتحريك: القاع الصفصف، كالسملق.
(2) في الأصل: "بشر".
(3) البيت بتمامه كما في ديوان أوس ص8:
نكبتها ماءهم لما رأيتهم
صهب السبال بأيديهم بيازير(1/233)
(بسط) الباء والسين والطاء أصلٌ واحدٌ، وهو امتِدادُ الشَّيء، في عِرَض أو غير عِرَض. فالبِساط ما يُبْسط. والبَسَاط الأرض، وهي البسيطة. يقال مكان بَسِيطٌ وبَساط. قال:
ودونَ يَدِ الحَجّاج مِن أنْ تنالَني
بَسَاطٌ لأيْدي النّاعِجاتِ عريضُ(1)
ويَدُ فلانٍ بِسْطٌ، إذا كان مِنْفَاقا، والبَسْطة في كلّ شيء السَّعَة وهو بسيط الجسْم والباعِ والعِلْم. قال الله تعالى: { وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ والجِسْم } [البقرة 247]. ومن هذا الأصل وإليه يرجع، قولُهم للنّاقة التي خُلِّيت هي ووَلَدَها لا تُمنَع منه: بُِسْط.
(بسق) الباء والسين والقاف أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء وعُلُوُّه. قال الخليل: يقال بَسَقَتِ النّخلةُ بُسُوقاً إذا طالَتْ وكَمُلَتْ. وفي القرآن: { والنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ } [ق 10]، أي طويلات.
قال يعقوب: نخلةٌ باسقة ونَخيلٌ بواسِقُ، المَصْدر البُسُوق. قال: ويقال بَسَق الرّجل طَالَ، وبَسَق في عِلْمه عَلا.
أبو زَيْدٍ عن المنْتَجِع بن نَبْهان: غَمَامَةٌ باسِقَةٌ أي بيضاءُ عالية. وبواسِق السَّحاب أعالِيه.
فإن قال قائل: فقد جاء بَسق، وليس من هذا القياس. قيل له: هذا ليس أصلاً: لأنّه من باب الإبدال، وذلك أنّ السين فيه مَقام الصّاد والأصل بَصَق
بسل
ثمّ حُمِل على هذا شيءٌ آخر، وهو قولهم أبْسَقَت الشّاةُ فهي مُبْسِقٌ إذا أنْزلَتْ لبناً مِنْ قَبْلِ الولادةِ بشَهْرٍ وأكثرَ من ذلك فيُحْلَب. وهذا إذا صَحَّ فكأنّها جاءت ببُساقٍ، تشبيهاً له ببُساق الإنسان. والدّليل على ذلك أنهم يقولون: الجارية وهي بِكْرٌ، يصير في ثدْيها لبَنٌ، فهل ذلك إلاّ كالبُساق.
قال أبو عُبيدة: المِبْساق التي تَدِرُّ قبل نِتاجها. وأنشَدَ- وأكثَرُ ظَنِّي أنّ هذا شعرٌ صنَعَه أبو عبيدة- :
ومُبْسِق تُحْلَبُ نِصْفَ الحَمْلِ
__________
(1) البيت للعديل بن الفرخ كما في حماسة ابن الشجري 199 واللسان (بسط).(1/234)
تدُرُّ من قبل نِتاجِ السَّخْلِ
(بسل) الباء والسين واللام أصلٌ واحد تتقارب فُروعُه، وهو المنْع والحبس، وذلك قولُ العرب للحرام: بَسْلٌ. وكلُّ شيءٍ امتَنَع. فهو بَسْلٌ. قال زُهير:
* فإن تُقْوِيا مِنْهُمْ فإنهُمُ بَسْلُ(1) *
والبَسالة الشّجاعة من هذا؛ لأنّها الامتناع على القِرْن. ومن هذا الباب قولهم: أَبْسَلْتُ الشّيءَ أسلمتُهُ للهَلَكَةِ. ومنه أَبْسَلْتُ وَلَدِي رهنْتُه. قال الله تعالى: { أُولئِكَ الّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا } [الأنعام 70]. ثُمّ قالَ عوفُ بنُ الأحوص(2):
وإبسالي بَنِيَّ بِغَيْرِ جُرْمٍ
بَعَوْنَاهُ ولا بِدَمٍ مُرَاقِ(3)
بسم - بسأ - بسر
وأما البُسْلَةُ فأُجرة الرّاقِي، وقد يُرَدُّ بدقيقٍ من النّظر إلى هذا(4). والأحسنُ عندي أن يقال هو شاذٌ عن معظم الباب. وكان ابنُ الأعرابي يقول: البَسَل الكرِيه الوَجْه(5)؛ وهو قياسٌ صَحيحٌ مطّرِدٌ على ما أصَّلْناه.
(بسم) الباء والسين والميم أصلٌ واحد، وهو إبداء مُقَدَّم الفَم لمسَرّة؛ وهو دون الضَّحِك يقال بَسَم يَبْسِم وتَبَسَّم وابْتَسَم.
__________
(1) صدره كما في ديوانه 101:
* بلاد بها نادمتهم وعرفتهم *
(2) وكذا وردت العبارة في المجمل (بل).
(3) أنشده في اللسان (13: 57) برواية: "بدم قراض". ثم قال: "وفي الصحاح: بدم مراق". وأنشده في اللسان (18: 80) برواية: "بغير بعو – جرمناه ولا بدم مراق" وفي الجمهرة (1: 317): "يصف أنه رهن بنيه في حرب كانت بينه وبين قوم آخرين". يقال بعى الذنب يبعاه ويبعوه بعواً اجترمه واكتسبه. وقال ابن بري: "البيت لعبد الرحمن بن الأحوس". وسيأتي البيت في مادة (بعو).
(4) في الأصل: "وقد يرد بدقيق من النظر أن يرد إلى هذا".
(5) البسل، بالتحريك، كما ضبط في الأصل، وكما نبه عليه في تاج العروس. ويقال أيضاً في معناه باسل وبسيل.(1/235)
(بسأ) الباء والسين* والهمزة أصلٌ واحدٌ، وهو الأُنْس بالشّيء، يقال بَسَأْتُ به وبَسِئْتُ أيضاً. وناقة بَسُوءٌ لا تَمْنَع الحالِب.
(بسر) الباء والسين والراء أصلان: أحدُهما الطَّراءة وأن يكون الشّيءُ قَبْل إناه. والأصل الآخر وُقوف الشّيءِ وقِلَّةُ حَرَكته.
فالأوّل قولهم لِكلِّ شيءٍ غَضٍّ بُسْرٌ؛ ونباتٌ بُسْرٌ إذا كان طَرِيّاً. وماءٌ بُسْرٌ قريبُ عَهْدٍ بالسَّحاب. وابتَسَرَ الفَحْلُ النّاقةَ إذا ضَرَبَها على غيرِ ضَبَعَة. ويقال للشّمس في أوّل طُلوعِها بُسْرة. ومن هذا قولُهمْ بَسَر الرّجُل الحاجةَ إذا طَلَبها مِن غير مَوْضِع الطَّلَب. وقياسُه صحيح، لأنّه كأنّه طلبَها قبل إناها(1). والبَسْر ظَلْمُ السِّقَاء، وذلك شُرْبُه قبل رَوْبه.
بشع - بشك
(باب الباء والشين وما يثلثهما)
(بشع) الباء والشين والعين أصلٌ واحد وهو كرَاهَةُ الشّيء وقلَّةُ نُفوذه.
قال الخليل: البَشَع طَعْمٌ كَرِيهٌ فيه جُفوفٌ ومَرارةٌ كطعم الهَلِيلَج البشعة. قال: ويقال رجل بَشِعٌ وامرأةٌ بشِعة، وهو الكريهُ ريحِ الفمِ مِن أنّه لا يتخلَّلُ ولا يَسْتَاك. والمصدَر البَشَع والبشَاعة. وقد بَشِعَ يَبْشَعُ بَشَعاً. والطعام البَشِع الذي لا يَسُوغ في الحَلْق.
قال ابنُ دُريد: البَشَع تَضَايُق الحَلْق بالطّعام الخَشِن. قال ابنُ الأعرابيّ: البَشِع الذي لا يَجُوز. يقال بَشِعَ الوَادِي بالناس، إذا كَثُروا فيه حَتّى يَضِيقَ بهم. وأنشد:
إذا لقِيَ الغُصُونَ انْسَلَّ منها
فلا بَشِعٌ ولا جافٍ جَفُوفُ
قال الدُّريديّ: بَشِعت بهذا الأمر، أي ضِقْتَ به ذَرْعاً. قال النّضْر: نَحَتُّ مَتْنَ العُودِ حتى ذهب بَشَعُه، أي أُبَنُه. قال الضّبّيّ: الطعام البَشِع الغليظ الذي ليس بمنخولٍ، فلا يَسُوغ في الحَلْق خُشونةً.
__________
(1) في الأصل: "إناه".(1/236)
(بشك) الباء والشين والكاف أصلٌ واحد، ومنه يتفرَّع ما يقرُبُ من الخِفّة. يقال ناقةٌ بَشَكَى، أي سريعة. ويقال امرأةٌ بَشَكَى عَمُولٌ. وابتشَكَ فُلانٌ الكَذِبَ إذا اخْتَلَقَهُ. وبَشَكْتُ الثوب قَطَعْتُه. وكلُّ ذلك من البَشْكِ في السَّير وخفّة نَقْل القوائم.
بشم - بشر
(بشم) الباء والشين والميم أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من السّآمةِ لمأكولٍ ما، ثم يُحْمَل عليه غيرُه. يقال بَشِمْتُ من الطّعام، كأنّك سَئِمْتَه. قال الخليل: البَشَم يُخَصُّ به الدَّسَم. قال: ويقال في الفَصِيل(1): بَشِم مِن كَثْرَة شُرْبِ اللَّبن.
وممّا شذّ عن الأصل البَشَامُ، وهو شجَرٌ.
(بشر) الباء والشين والراء أصلٌ واحد: ظهور الشّيء مع حُسْنٍ وجمال. فالبَشَرة ظاهِرُ جِلْد الإنسان، ومنه باشَرَ الرّجُلُ المرأةَ، وذلك إفضاؤه بِبَشَرتِه إلى بَشَرتها. وسُمِّيَ البَشَرُ بَشَراً لظُهورِهم. والبَشِير الحَسَنُ الوَجْه. والبَشَارة، الجَمَال. قال الأعشى:
ورَأتْ بأنَّ الشَّيْبَ جا
نَبَهُ البَشَاشَةُ والبَشارَهْ(2)
__________
(1) الفصيل: ولد الناقة. وفي الأصل: "الفصل".
(2) البيت في ديوان الأعشى 113 واللسان (5: 128).(1/237)
ويقال بَشَّرْتُ فُلاَناً أُبَشِّرُهُ تَبشيراً، وذلك يكون بالخَيْر، وربما حُمِل عليه غيره من الشّرّ، وأظن ذلك جنساً من التَّبكيت. فأمّا إذا أُطلِقَ الكلامُ إطلاقاً فالبِشارة بالخير والنِّذارةُ بغَيرِه يقال أبْشَرَتِ الأرضُ إذا أخرَجَت نباتها. ويقال ما أحسنَ بَشَرَةَ الأرض. ويقال بَشَرْتُ الأديمَ إذا قَشَرْتَ وجْهَه. وفلانٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ، إذا كان كاملاً من الرّجال، كأنّه جَمَع لِينَ الأَدَمَةِ وخُشونَةَ البَشَرة. ويقال إن بحنة (1) بن ربيعة، زوّج ابنته فقال لامرأته: "جَهِّزِيها فإنّها المؤْدَمَة المُبْشَرَة"(2).
بصط - بصع
وحكى بعضُهم أبْشَرْتُ الأدِيمَ، مثل بَشَرْتُ. وتَبَاشِير الصُّبحِ أَوَائلُه؛ وكذلك أوائِلُ كلِّ شيءٍ. ولا يكونُ منه فِعْل. والمُبَشِّرَاتُ الرّياح التي تُبَشِّرُ بالغَيْثِ.
(باب الباء والصاد وما يثلثهما)
(بصط) الباء والصاد والطاء ليس بأصلٍ، لأنّ الصاد فيه سين في الأصل. يقال بَصَط* بمعنى بسط، وفي جسم فلان بَصْطة مثل بَسْطة.
(بصع) الباء والصاد والعين أصلٌ واحد، وهو خُروج الشّيء بشدّةٍ وضِيق. قال الخليل: البَصْع الخَرْق الضيِّق الذي لا يكاد الماءُ ينفُذُ منه، يقال بَصَعَ يَبْصَعُ بَصاعةً. قال الخليل: ويقال تَبَصَّعَ العَرَقُ من الجَسَدِ إذا نبَعَ من أُصول الشَّعَر قليلاً.
قال الدُّرَيديّ: بَصَعَ العَرَقُ إذا رَشَحَ. وذكرَ أنّ الخليل كان يُنشِد:
تأبى بِدِرَّتها إذا ما اسْتُكْرِهَتْ
إلاّ الحَمِيمَ فإنّه يتبَصَّعُ(3)
__________
(1) في الأصل: "بحبة" وأثبت ما في اللسان (5: 126).
(2) في الأصل: "فإنك المؤدمة". وفي اللسان: "ابنتك المؤدمة".
(3) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين 17 واللسان (بصع)، والجمهرة (1: 296).(1/238)
بالصاد، يذهب إلى ما ذكرناه. والذي عليه الناس الضّاد، وهو السَّيَلان. وقال الدُّرَيديّ: البَصِيع العَرَق بعَيْنه. ومما شَذَّ عن هذا الأصل [بصعٌ، أي] شيءٌ. يُحكى عن قُطْرُب: مضى بِصْعٌ من اللَّيل، أي شيء منه.
بصق - بصل - بصر
(بصق) الباء والصاد والقاف أصلٌ واحدٌ يشارك الباء والسين والقاف، والأمرُ بينهما قريبٌ. يقال بَصَقَ بمعنى بَزَقَ وبَسَقَ. قال الخليل: وهو بالصّاد أحْسَن. والاسم البُصاق.
قال أبو زياد: يقال أبصَقَتِ الشّاةُ، وإبصاقُها أن تُنزل اللّبنَ قبلَ الوِلادِ فيكونَ في قرارِ ضَرْعِها شيء من لَبَن وما فَوْقَه خالٍ. قال: وذلك من الشّاةِ على قِلَّةِ اللّبن إذا وَلَدَتْ. قال: ومَبَاصِيق الغَنَم تُنْتَجُ بعد إنزال اللّبن بأيّامٍ كثيرة، ولا يكونُ لبنُها إلاّ في قَرارِ الضَّرْع وطَرَفه.
قال بعضُهم: بصَقْتُ الشّاةَ حلبتُها وفي بطنها وَلَدٌ. قال: والبَصُوق أَبْكأُ الغَنم وأقلُّها لبناً. قال الدّرَيْدِيّ: بُصاقُ الإبل خِيارُها، الواحد والجميعُ سَواء. فأما قولُهم للحَجَر الأبيض الذي يتلألأُ: بُصاقَةُ القمر، وبَصْقَة القمر، فمُشَبّهٌ بِبُصاقِ الإنسان. والبُصاق: جِنسٌ من النَّخلِ، وكأنّه مِن قِياس البُساق. وهو في بسق(1).
(بصل) الباء والصاد واللام أصلٌ واحدٌ. والبصل معروف، وبه شَبَّهَ لَبيدٌ البَيضَ فقال:
فَخْمَةٌ ذَفْرَاءَ تُرْتَى بالعُرَى
قُرْدُمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ(2)
(بصر) الباء والصاد والراء أصلان: احدهما العِلْمُ بالشيء؛ يقال هو بَصِيرٌ به. ومن هذه البَصيرةُ، والقِطعةُ من الدّمِ إذا وقعت بالأرض استدارت. قال الأشعر:
بضع
راحُوا بَصَائرُهُمْ على أكتافِهِمْ
__________
(1) في الأصل: "بسقت".
(2) البيت في ديوانه 15 طبع فينا 1881، واللسان (ذفر، رتى، قردم، ترك، بصل). وسيأتي في
(ترك، عرو).(1/239)
وبَصيرتي يَعْدُو بها عَتَدٌ وَأَى(1)
والبَصيرة التُّرْس فيما يُقال. والبَصيرةُ: البُرْهان. وأصل ذلك كلِّه وُضُوحُ الشيء. ويقال رَأَيْتُه لَمْحاً باصراً، أي ناظراً بتحديقٍ شديد. ويقال بَصُرْتُ بالشيءِ إذا صِرْتَ به بصيراً عالماً، وأبْصَرتُه إذا رأيتَه.
وأمّا الأصل الآخَر فبُصْر الشَّيْءِ غلَظُه. ومنه البَصْرُ، هو أن يضمَّ أدِيمٌ إلى أديم، يخاطانِ(2) كما تُخاطُ حاشِيَةُ الثّوبِ. والبَصيرةُ: ما بينَ شُقتي البيت، وهو إلى الأصل الأول أقرب. فأمّا البَصْرَةُ فالحجارة الرِّخوة، فإذا سقطت الهاء قلت بِصْر بكسر الباء، وهو من هذا الأصل الثاني.
(باب الباء والضاد وما يثلثهما)
(بضع) الباء والضاد والعين أصولٌ ثلاثة: الأوّل الطائفة من الشّيء عضواً أو غيره، والثاني بُقْعة، والثالث أن يشفى شيء بكلامٍ أو غيره.
فأمّا الأول فقال الخليل: بَضَعَ الإنسانُ اللّحْمَ يبْضعُهُ بضْعاً و[بضّعَه] يبضّعُه تبْضيعاً، إذا جَعَلَه قِطَعاً. والبَضْعة القِطْعة وهي الهَبْرَة. ويقولون: إنّ فلاناً لَشَديدُ البَضِيع والبَضْعة، إذا كانَ ذا جسمٍ ولحمٍ سمينٍ. قال:
بضع
* خَاظي البَضيعِ لحمُهُ خَظَا بَظَا(3) *
__________
(1) البيت من قصيدة للأسعر، هي في أول الأصمعيات. وانظر اللسان (بصر، عتد، وأي).
(2) في الأصل: "يخلطان".
(3) البيت للأغلب، كما في اللسان (18: 79). وقد أنشده في (بضع) بدون نسبة. وروي البيت الألف لا الظاء، فإن بعده كما في الجمهرة (1: 301/ 3: 208).
* يمشي على قوائم له زكا *(1/240)
قال: خَاظي البَضِيع شَدِيدُ اللّحم. وقال يعقوب: البَضِيع من اللحم جمع بَضْع، كقولك عَبد وعَبيد. فأمّا الباضِعة فهي(1) القِطعة من الغنَم، يقال فِرْقٌ بَواضِعٌ. قال الأصمعيّ: البَضْعةُ قطعةٌ من اللّحم مجتمعة، وجمعها بِضَع، كما تقول بَدْرَة وبِدَر، وتجمع على بَضْعٍ أيضاً(2). قال زُهير:
دماً عِنْدَ شِلْوٍ تَحْجُِلُ الطَّيْرُ حَوْلَهُ
وبَضْعَ لِحَامٍ في إهابٍ مقَدَّدِ(3)
ومن هذا قولهم: بضَعْتُ الغُصنَ أبْضَعُه، أي قطعْتُه. قال أوس:
ومبضوعةً مِنْ رَأْسِ فَرْعٍ شَظِيَّةً
بِطَوْدٍ تَرَاهُ بالسَّحَابِ مُكَلَّلا(4)
فأمّا المُباضَعَة التي هي المباشَرَة فإنّها من ذلك، لأنّها مُفاعَلةٌ من البُضْعِ، وهو من حَسَن الكِنايات.
قال الأصمعيّ: باضَعَ الرّجُلُ امرأتَه، إذا جامَعَها، بِضَاعاً. وفي المثل: "كمعَلّمةٍ أُمَّها البِضَاعَ" يُضْرَبُ للرّجل يعلّمُ من هو أعْلَمُ منه. قال: ويقال فلانٌ مالِكُ بُضْعِها، أي تزْوِيجها. قال الشاعر:
يا ليتَ ناكِحَها ومَالِكَ بُضْعِها
وبَني أبِيهم كلَّهُمْ لم يُخْلَقُوا
بضع
قال ابن الأعرابيّ: البُضْع النِّكاح، والبِضاع الجِماع.
وممّا هو محمولٌ على القياس الأوّلِ بضاعةُ التّاجر مِن ماله طائفةٌ منه. قال الأصمعيّ: أبضَعَ الرّجلُ بِضاعة. قال: ومنه قولهم: "كمُسْتَبضِع التّمر إلى هَجَر" يُضرَب مثلاً لمن يَنْقُل الشيءَ إلى مَن هو أعْرَفُ به وأقدر عليه. وجمع البِضاعة بضاعات وبضائع.
__________
(1) في الأصل: "وهي".
(2) وبضعات أيضاً، كما يقال تمرة وتمر وتمرات.
(3) البيت في ديوانه 227 واللسان (بضع). وقبله:
أضاعت فلم تغفر لها غفلاتها
فلاقت بياناً عند آخر معهد
(4) البيت في ديوان أوس 21، وصدره في اللسان (بضع 360).(1/241)
قال أبو عمرو: الباضع الذي يَجْلِب بَضائِعَ الحيِّ. قال الأصمعي: يقال اتّخَذَ عِرضَه بِضاعةً، أي جعله كالشيءِ يُشتَرى ويُباع، وقد أفصَحَ الأصمعيُّ بما قُلناه، فإنّ في نصِّ قوله: إنما سمِّيت البضاعةُ بضاعةً لأنها قطعة من المال تُجْعَل في التِّجارة.
قال ابنُ الأعرابيّ: البضائع كالعلائق، وهي الجَنائب تُجنَب مع الإبل. وأنشد:
احمِلْ عليها إنها بَضائِعُ
وما أضاعَ اللهُ فَهْوَ ضائِعُ
ومثله:
أرْسَلَها عَلِيقَةً وما عَلِمْ
أنَّ العَلِيقاتِ يُلاقِينَ الرَّقَمْ(1)
ومن باب الأعضاء التي هي طوائفُ من البَدَن قولُهم الشَّجَّة الباضِعة، وهي التي تشُقُّ اللَّحم ولا تُوضِح عن العَظْم. قال الأصمعيّ: هي التي تشقّ اللحم شقّاً خفيفاً. ومنه حديث عمر "أنه ضرب الذي أقْسَمَ على أُمِّ سلَمةَ أنْ تُعْطِيَه، فضَرَبَهُ أدباً له ثلاثين سوطاً كلها تَبْضَعُ وتحدُرُ"، أي تشقُّ الجِلْد وتَحْدُرُ الدّمَ.
بضع
ومن هذا الباب البِضْعُ من العَدَد، وهو ما بين الثلاثةِ إلى العشرة. ويقال البِضْع سَبعة. قالوا: وذلك تفسير قوله تعالى: { بِضْعَ سِنِينَ } [يوسف 42]. ومن أمثالهم: "تُشْرِط البِضاعَةُ"، يقول: إذا احتاج بَذَلَ بِضاعَتَه وما عنده.
وأما البُقعة فالبُضَيْع بلدٌ، قال فيه حسَّان:
أسألْتَ رَسْمَ الدّارِ أم لم تَسألِ
بَيْنَ الجَوابي فالبُضَيْعِ فحَوْمَلِ(2)
وباضع: موضع. وبَضِيع: جَبَل. وهو في شعر لبيد. والبَضيع البحر. قال الهذلي(3):
فَظَلَّ يُرَاعي الشَّمْسَ حَتى كأنّها
__________
(1) الشطران في اللسان (12: 136/ 15: 141) وكذا فيما سيأتي في (علق) برواية: "وقد علم".
(2) البيت في ديوان حسان 207 واللسان (بضع).
(3) هو أبو خراش الهذلي كما في اللسان (بضع، خمل) وديوان الهذليين ص67 مخطوطة الشنقيطي.(1/242)
فُوَيقَ البَضِيعِ في الشُّعاعِ خَمِيلُ(1)
وقال الدّرَيدي: البَضِيع جزيرةٌ تقطع من الأرض في البحر(2). فإنْ كان ما قاله ابنُ دريدٍ صحيحاً فقد عاد إلى القياس الأوّل.
وأما الأصل الثالث فقولهم: بَضَعْتُ من الماء: رَوِيتَ منه. وماءٌ بَضِيعٌ أي نَمِير.
قال الأصمعيّ: شربَ فلانٌ فما بَضَعَ، أي مارويَ. والبَضْع الرِّيّ. قال الشيبانيّ: بَضَعَ بُضُوعاً، كما يقال نَقَع.
بطغ - بطل
(باب الباء والطاء وما يثلثهما)
(بطغ) الباء والطاء والغين (3) أصلٌ واحد، وهو التلطُّخ بالشيء. قال الراجز(4):
* لَولا دَبُوقاءُ استِهِ لم يَبْطَغِ *
__________
(1) في الأصل: "جميل" صوابه بالخاء، كما في ديوان الهذليين واللسان. وإنشاده في الديوان وفي اللسان (بضع): "فلما رأين الشمس صارت". وفي اللسان (خمل): "وظلت تراعي الشمس".
(2) انظر الجمهرة (1: 301) وأنشد ابن دريد في ذلك لأبي خراش الهذلي:
سئد تجرم في البضيع ثمانيا
يلوي بغيقات البحور ويجنب
(3) في الأصل: "بطع، الباء والطاء والعين"، صوابهما بالغين.
(4) هو رؤبة بن العجاج. انظر ديوانه 98 واللسان (بطغ، دبق). وروايته في الديوان واللسان (بدغ): "لم يبدغ".(1/243)
(بطل) الباء والطاء واللام أصلٌ واحد، وهو ذَهاب الشيء وقِلَّة مُكثه ولُبْثه. يقال بَطَلَ الشيءُ يَبطُل بُطْلاً وبُطُولاً. وسُمِّي الشيطانُ الباطلَ لأنه لا حقيقةَ لأفعاله، وكلُّ شيءٍ منه فلا مَرْجُوعَ له ولا مُعَوَّلَ عليه. والبَطَل الشُّجاع. قال اصحب هذا القياس (1) سُمّي بذلك لأنه يُعرِّض نَفْسَه للمتالف. وهو صحيحٌ، يقال: *بَطَلٌ بيِّنُ البُطولة والبَطالة. وقد قالوا: امرأةٌ بَطَلَةٌ. فأمّا قولهم في المَثَل: "مُكرَهٌ أخوكَ لا بَطَل" فقد اختُلِفَ فيه. قال قوم: المثل لجَرْول ابن نَهْشلِ بن دارم، وكان جباناً ذا خَلْقٍ كامل، وأنَّ حَيّاً من العرب غَزَا بني دارم فاقتَتَلُوا هم وبنُو دارمٍ قتالاً شديداً، حتى كثُرتِ القَتْلى، وجاء جَرْوَلٌ فرأى رجلاً يَسُوقُ ظعِينةً فلما رآه الرّجل خَشِيهُ لكمالِ خَلْقِه، وهو لا يعرفه، فقال جَرول: "أنا جَرْوَل بنُ نَهشَل، في الحَسَب المُرَفَّل(2)"، فعطَفَ عليه الرّجلُ وأخذَهُ وكَتفَه وهو يقول:
إذا ما رأيت امرأً في الوغى
فذكِّرْ بنفسك يا جرولُ
بطن
حتى انتهى به إلى قائِد الجيش، وقد كان عَرفَ جُبْنَ جرول، فقال: يا جَرْولُ، ما عَهدْناك تُقاتل الأبطال، وتُحبُّ النِّزال! فقال جرول: "مُكرَهٌ أخُوكَ لا بَطَلٌ".
وقال قوم: بل المَثل لِبَيْهَس، وقد ذكر حديثُه في غير هذا الباب بطُوله.
ويقال رجل بطَّالٌ بيِّن البَطالة.وذَهَبَ دمُه بُطْلاً، أي هَدَرا.
(بطن) الباء والطاء والنون أصلٌ واحدٌ لا يكاد يُخْلِف، وهو إنْسِيُّ الشيءِ والمقُبْلِ مِنه. فالبطن خِلافُ الظهر. تقول بَطَنْتُ الرّجلَ إذا ضربْتَ بَطنَه. قال بعضهم:
* إذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابْطُنْ لَهُ(3)
__________
(1) كذا وردت هذه العبارة.
(2) الترفيل: التسويد والتعظيم. وفي الأصل: "المرقل" بالقاف، تحريف.
(3) بعده كما في اللسان (16: 199):
تحت قصيراه ودون الجله
فإن أن تبطنه خير له
... يقول: إذا ضربت بعيرا موقرا بحمله فاضربه في موضع لا يضره، مثل بطنه.(1/244)
*
وباطِنُ الأمْرِ دَُِخْلَته، خلافُ ظاهِرِه. والله تعالى هو الباطنُ؛ لأنه بَطَن الأشياءَ خُبْراً. تقول: بطَنْتُ هذا الأمْرَ، إذا عرفْتَ باطنَه. والبَطِين: الرّجُل العظيم البَطْن. والمَبْطُون العَليل البَطْن. والمِبْطان: الكثيرُ الأكْل. والمُبْطِن الخَميصُ البَطْن. والبُطْنانُ بُطْنانُ القُذَذ. والبَطنُ من العرب دونَ القَبيلة. والبُطَيْنُ نجْمٌ، يقال إنه بطْنُ
الحَمَل(1).والبِطان بِطان الرَّحْل، وهو حِزامهُ، وذلك أنه يلي البَطنَ.
ومن هذا الباب قولُهم لِدُخَلاء الرّجُل الذين يَبْطُنُون أمْرَه: هم بِطانَتُه. قال الله تعالى: { لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ } [آل عمران 118]. ويقال تبطَّنْتُ الكَلأَ، إذا جَوَّلْتَ فيه. قال:
بطأ - بطح
قَدْ تَبَطَّنْتُ وتَحْتي جَسْرَةٌ
حَرَجٌ في مِرْفَقَيْها كالفَتَلْ(2)
(بطأ) الباء والطاء والهمزة أصلٌ واحد وهو البُطْء في الأمر. أبطأ إبطاءً وبُطْأً(3)، ورجلٌ بَطِيءٌ وقومٌ بِطَاءٌ. قال:
ومبثوثةٍ بَثَّ الدّبا مُسَبْطرة
رددت على بِطَائها من سِراعِها
(بطح) الباء والطاء والحاء أصلٌ واحد، وهو تبسُّطُ الشيءِ وامتدادُه. قال الخليل: البَطْحُ من قولك بَطَحَه على وَجْهه بَطْحاً. والبطحاء: مَسِيلٌ فيه دُقاق الحَصَى، فإذا اتَّسع وعَرُض سُمّي أبطَح. قال ذو الرُّمَّة:
كأنَّ البُرَى والعَاجَ عِيجَتْ مُتُونها
على عُشَرٍ نَهَّى به السَّيْلَ أَبطَحُ(4)
وقال في التبطح:
إذا تَبَطَّحْنَ على المَحامِلِ
__________
(1) الحمل: نجوم على صورة الحمل. وفي الأصل: "الجمل"، تحريف.
(2) البيت للبيد في ديوانه 11 طبع فينا سنة 1881. وعجزه في اللسان (فتل). والكلمة الأولى من البيت ساقطة في الأصل.
(3) في الجمهرة: "أبطأ يبطئ إبطاء، والاسم البطء يا هذا".
(4) البيت في ديوان ذي الرمة 81.(1/245)
تَبَطُّحَ البَطِّ بجَنْبِ السَّاحلِ(1)
وتبطَّح السَّيْلُ إذا سالَ سَيْلاً عريضاً. قال ذو الرُّمّة:
ولا زَالَ مِنْ نَوْءِ السِّماكِ عليكُما
ونوء الزُّبانَى وابِلٌ متبطِّحُ(2)
بطخ
قال ابنُ الأعرابي: الأبطح أَثرُ السَّيل واسعاً كان أو ضيِّقاً، والجمع أباطح.
قال أهلُ العربيّة: [جُمِعَ] جَمْعَ الأسماء التي جاءت على أفعل، نحو الأحامد والأساود، وذلك لغلبته على المعنى، حتى صار كالاسم. قال الخليل: البَطيحة ما بين واسط والبَصْرة ماءٌ مستَنْقِعٌ لا يُرى طَرَفاه من سَعَتِه، وهو مَغِيض دِجلَة والفُرات(3). وبَطْحاءُ مَكَّة مِنْ هذا. قال الدّرَيديّ: قُريش البِطاح الذين يَنزِلُون بَطحاءَ مكَّة، وقُريشُ الظَّواهِرِ الذين يَنْزِلون ما حَوْلَ مَكَّة. قال:
فلو شَهِدَتْني مِن قُريشٍ عِصابةٌ
قُريشِ البِطاحِ لا قُريشِ الظَّواهِرِ(4)
قال: فيُسمَّى التُّراب البَطْحاء، يُقال دَعَا ببَطحا قشرها(5). وأنشدَ:
شَرَّابَة لِلَبَنِ اللِّقاحِ
حَلاَّلة بجَرَعِ البِطاحِ
__________
(1) البيتان في اللسان (بطح).
(2) البيت في الديوان 77 واللسان (بطح). والزبانى: واحد زبانيا العقرب، وهما كوكبان مفترقان يسقطان في زمان الصيف. وفي اللسان والديوان "ونوء الثريا". وانظر الأزمنة والأمكنة
(1: 193-311). وقبل البيت وهو مطلع القصيدة:
أمنزلتي مي سلام عليكما
على النأي والنائي يود وينصح
(3) مثله في اللسان. وزاد "وكذلك مغايض ما بين بصرة والأهواز".
(4) البيت في اللسان (بطح) والجمهرة (1: 225)، وقد نسب في معجم البلدان (2: 213) إلى ذكوان مولى مالك الدار.
(5) كذا وردت هذه العبارة.(1/246)
قال الفرّاء: ما بيني وبينَه إلاّ بَطْحَة، يريد قامة الرّجُل، فما كان بينَك وبينَه في الأرض قيل بَطْحة، وما كان بينَك وبينه في شيءٍ مرتفع فهو قامة. والبُطاح مَرَضٌ شَبيهٌ(1) بالبِرْسام وليس* به؛ يقال هو مَبْطُوحٌ.
(بطخ) الباء والطاء والخاء كلمةٌ واحدة، وهو البِطِّيخ وما أُرَاها أصلاً، لأنّها مقلوبة من الطِّبِّيخ(2)، وهذا أَقْيَس وأحْسَن اطراداً. وقد كتب في بابه.
بطر - بطش - بظي - بظر
(بطر) الباء والطاء والراء أصلٌ واحد وهو الشَّقُّ. وسُمّي البيطار لذلك. ويقال له أيضاً المُبَيْطِر. قال النَّابغة:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأنْفَذَها
شَكَّ المُبَيْطرِ إذْ يَشْفِي من العَضَدِ(3)
فالعضَدُ داءٌ يأخُذُ في العَضُد.
ويُحمَل عليها البَطَر، وهو تجاوُزُ الحَدِّ في المَرَح.
وأما قولهم: ذهب دَمُه بَِطْراً، فقد يجوز أن يكون شاذّاً عن الأصل، ويمكن أن يقال إنّه شقَّ مَجْراه شقّاً فذهب، وذلك إذا أُهْدِر.
(بطش) الباء والطاء والشين أصلٌ واحد، وهو أخذ الشيء بقَهْر وغَلبةٍ وقُوّة. قال الله تعالى: { إنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ } [البروج 12]. ويَدٌ باطشة.
(باب الباء والظاء وما يثلثهما)
(بظي) الباء والظاء والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو تمكُّن الشيء مع لينٍ ونَعْمَةٍ فيه. يقال بَظِيَ لَحْمُه اكتَنَزَ، ولَحْمه خَظا بَظا. ورُبّما قالوا خَظِيت المرأةُ وبَظِيت، وهو من ذلك الأصل، لكنّها فيما يقال دَخيل.
__________
(1) في الأصل: "تنبيه".
(2) في اللسان: "والطبيخ بلغة أهل الحجاز البطيخ، وقيده أبو بكر بفتح الطاء".
(3) في الأصل: "الفريسة"، صوابه في الديوان 20 واللسان (عضد، بطر) وما سيأتي في (عضد).(1/247)
(بظر) الباء والظاء والراء أصلٌ واحدٌ لا يُقاس عليه. فالبُظَارة اللّحمة المتدلِّية من ضَرْع الشّاة، وهي الحَلَمَة. والبُظارة هَنَةٌ ناتئة من الشّفَةِ العُلْيا، لا تكونُ بكلِّ أحَدٍ. قال عليٌّ رضي الله عنه لشُريحٍ في فُتْيا: "ما تقولُ أنتَ أيُّها العَبْدُ الأبْظَر". والله أعلم.
بعق
(باب الباء والعين وما يثلثهما)
(بعق) الباء والعين والقاف أصلٌ واحد، وهو شقُّ الشّيء وفَتْحُه. ثمّ يُتَّسَع فيه فيُحمَل عليه ما يقاربُه. قال الخليل: البُعَاقُ شدّة الصوت. والمطر البُعاق، بَعَق الوابلُ إذا انفتح فَجْأَةً. قال أبو زياد: البُعاق من الأمطار أشَدُّها، وقال أرضٌ مبعوقةٌ. قال: والانبعاقُ أن ينبَعِقَ عليك الشّيءُ فجأةً. وأنشد:
بينَمَا المرء آمِنٌ راعَه رَا
ئِعُ حَتْفٍ لم يَخْشَ منه انبعاقَهْ(1)
ويقال: بعَقْتُ الإبلَ، أي نَحَرْتُها. وفي الحديث: "مَنْ هؤلاء الّذِين يَبْعَقُون لِقاحَنا" أي ينحرونها(2). أصله من سَيلان الدّم.
قال أبو عليّ: البَعْق الشَّقُّ الذي يكون في أَلْيَة الحافر(3). حكى بعضُ الأعراب: بَعَقْتُ فُلاناً عن الأمر بَعْقاً، أي مَزَّقْته وكَشَفْته.ومُنْبَعَق المَفَازةِ مُتَّسَعُها. وقال جَنْدَلُ الطُّهَويّ:
للرِّيحِ في مَبْعَقِها المَجْهُولِ
مَسَاحِبٌ مَيَّاسَةُ الذُّيُولِ
قال الضّبيّ في كَلامٍ: "كانت قِبَلَنَا ذِئْبةٌ مُجْرِيَةٌ، فأقْبَلَتْ هي وعِرْسُها(4) ليلاً، فبَعَقا غَنَمَنا"، أي شقّقا بطونَها.
بعك - بعل
() الباء والعين والكاف أصلٌ واحد، يجمع التجمُّعَ والازدحامَ والاختِلاط. قال الدُّرَيديّ: البَعَك الغِلَظ في الجِسْم والكَزَازَة، ومنه اشتقاق بَعْكَكٍ، وهو رجلٌ من قُرَيش.
__________
(1) البيت في اللسان (بعق 304).
(2) في الأصل: "يحجرونها". وانظر اللسان (11: 304).
(3) كذا في الأصل.
(4) عرسها، أي ذكرها. يقال للذكر والأنثى عرسان. وفي الأصل: "غرسها".(1/248)
بعكقال غيره: تركتُهُ في بَعْكُوكةِ القوم، أي مجتمع منازلهم، ونرى أنّه فتح الباء فقال فَعلولة، لأنّه أخرجه مُخْرَجَ المصادر، مثل سار سَيرورةً، وحادَ حَيدُودَةً، وقال قَيْلُولة. وأنشد:
يخرُجْنَ من بَعْكوكة الخِلاطِ
وهُنَّ أَمْثَالُ السُِّرى الأَمْرَاطِ(1)
وأمَّا البَصريُّون فإنّهم يأبَوْنَ هذا البناءَ في المصادِر إلاّ للمعتَلاَّت. قال بعضُ العلماء: بُعْكوكة الشيء وَسَطه. قال عُبَيْدُ بنُ أيّوب:
ويا ربِّ إلاّ تَعْفُ عَنِّيَ تُلْقِني
مِنَ النَّار في بُعْكوكها المُتَدَاني
ويقال وقع في بَعْكوكاءَ أي شرّ وجَلَبَة. قال الفَرَّاء: البَعْكُوكة ازدِحام الإبل في اجتماعِها، وقيل هي الجماعةُ منها، والجمع بَعَاكيك.
قال أبو زيد: الباعِكُ مِن الرّجال الهالِكُ حُمْقاً، وهو من ذلك الأصل لأنّهُ مُخْتَلِط.
(بعل) الباء والعين واللام أصولٌ ثلاثةٌ: فالأوّل الصاحب، *يقال للزَّوج بَعْل، وكانُوا يُسَمُّون بعضَ الأصنام بَعْلاً. ومن ذلك البِعالُ، وهو مُلاعَبَة الرّجلِ أهْلَه. وفي الحديث في أيام التشريق: "إنّها أيّامُ التّشْريق، إنّها أيّامُ أَكْلٍ وشُرْبٍ وبِعال". قال الحطيئة:
بعو/ي
وكم مِن حَصَانٍ ذاتِ بَعْلٍ تَرَكْتَهَا
إذا اللّيْلُ أَدْجَى لَمْ تَجِدْ مَنْ تُبَاعلُهْ(2)
والأصل الثاني جِنْسٌ من الحَيْرة والدَّهَش، يقال بَعِلَ الرجُلَ إذا دَهِشَ. ولعلّ من هذا قولَهم امرأةٌ بَعِلةٌ، إذا كانت لا تُحسِنُ لُبْسَ الثِّياب.
والأصل الثالث البَعْل من الأرض، المرتَفِعة التي لا يُصِيبُها المطر في السنّةِ إلا مرّة واحدةً. قال الشَّاعر:
إذا ما عَلَوْنا ظَهْرَ بَعْلٍ عَريضةٍ
__________
(1) البيت الأول في اللسان (بعك) والثاني فيه (مرط، سرا).
(2) البيت من قصيدة له في ديوانه 36-39 يمدح بها الوليد بن عقبة بن أبي معيط. وأنشده في اللسان
(13: 62).
(1/249)
تَخَالُ عَلَينا قَيْضَ بَيضٍ مُفَلّق(1)
ومما يُحمَل على هذا الباب الثّالث البَعْل، وهو ما شَرِب بعُرُوقه من الأرض من غير سَقْي سَماءٍ، وهو في قوله صلى الله عليه وآله وسلم في صدقة النَّخْل: "ما شَرِبَ مِنْهُ بَعْلاً ففيه العُشْر". وقال ابنُ رَوَاحة:
هنالِكَ لا أبالي نَخْل سَقْيٍ
ولا بَعْلٍ وإنْ عَظُمَ الإناءُ(2)
(بعو/ي) الباء والعين والواو والياء أصلان: الجناية وأخْذُ الشيء عارِيَّةً أو قَمْراً.
فالأصل الأوّل قولهم بَعَوْتُ أبْعُو وأَبْعَى، إذا اجْترَمْتَ. قال عوفُ ابنُ الأحوص:
بعث - بعج
وإبسالي بَنِيَّ بغَيْرِ جُرْمٍ
بَعَونَاهُ ولا بِدَمٍ مُرَاقِ(3)
قالوا: ومِنه بَعَوْتُه بعَيني أي أَصبتُه.
والأصل الثّاني البَعْو. قال الخليل: هو العاريّة، يقال استَبْعَيْتُ منه، أي استعرت. وقال أيضاً البَعْوُ القَمْر، يقال بَعوْتُه بَعْواً أي أصبتُ مِنْه وقَمَرتُه. قال:
صَحَا القَلْبُ بعد الإلْفِ وارتَدَّ شَأْوُهُ
وَرَدَّتْ عَلَيْهِ ما بَعَتْهُ تُمَاضِرُ(4)
قال الأصمعيّ: يقال أَبْعَيْتُ فلاناً فَرَساً، في معنى أخْبَلْتُه(5)
__________
(1) البيت لسلامة بن جندل السعدي من قصيدة له في ديوانه 15-19 وهي من الأصمعيات. ورواية الديوان: "إذا ما علونا ظهر نشزٍ كأنما"،والأصمعيات: "إذا ما علونا ظهر بعل كأنما". والقيض: قشرة البيضة العليا، وفي الأصل: "فيض" تحريف. وأنشده في اللسان برواية: "عليها" وقال: "أنثها –يعني البعل- على معنى الأرض".
(2) البيت لعبد الله بن رواحة. وقد سبق الكلام عليه في حواشي ص52.
(3) سبق الكلام على البيت في حواشي مادة (بسل).
(4) أنشده في اللسان (بعا).
(5) الإخبال: أن يعطي الرجل الرجل البعير أو الناقة لينتفع بها ثم يردها إليه. قال زهير:
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا
وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا(1/250)
، وذلك إذا أَعَرْتَه إيّاه ليغْزُوَ عليه. والاستبعاءُ أن يَستعِير الرَّجلُ فَرَساً من آخَرَ يسابِق عليه. يقال استبعَيتُه فأبْعَاني؛ وهو البَعْو. قال الكميت:
ليستَبْعِيا كَلْباً بَهِيماً مُخَزَّماً
وَمَنْ يَكُ أَفْيالاً أُبُوَّتُهُ يَفِلْ
(بعث) الباء والعين والثاء أصلٌ واحد، وهو الإثارة. ويقال بعثْتُ النّاقةَ إذا أثَرْتَها. وقال ابنُ أحمر(1):
فبعثْتُها تَقِصُ المقَاصِرُ بَعْدَما
كَرَبَتْ حَياةُ النَّارِ للمُتَنَوِّرِ(2)
(بعج) الباء والعين والجيم أصل واحدٌ، وهو الشَّقّ والفَتْح. هذا والبابُ الذي ذكرناهُ في الباء والعين والقاف من وادٍ واحد، لا يكادانِ يَتَزَيَّلان.
بعج
قال الخليل: بَعَجَ بطنَه بالسّكّين، أي شجّه وشقّه وخَضْخَضَهُ. قال: وقد تَبَعَّجَ السَّحابُ تبعُّجاً، وهو انفراجُه عن الوَدْق. قال:
* حيثُ استهلَّ المُزْنُ أو تبعَّجَا(3) *
وبَعّجَ المطرُ الأرضَ تبعيجاً(4) وذلك من شدّة فَحْصِه الحجارةَ. ورجُلٌ بَعِجٌ كأنَّه منفَرِج البَطْن من ضعف مَشيْه. قال:
ليلةَ أَمْشِي على مُخاطَرَةٍ
مَشْياً رُوَيداً كَمِشْيَةِ البَعِجِ(5)
وحكى أبو عَمرو: بَعَجْتُ إليه بَطني، أي أخرجْتُ إليه سِرّي(6) ويقال: بَعَجَهُ حُزْنٌ. وبطنٌ بَعِيجٌ في معنى مبعُوج. قال أبو ذؤيب:
وذَلِكِ أعلى مِنْكِ فَقْداً لأنَّهُ
__________
(1) نسب البيت التالي في اللسان (6: 409/ 7: 375) إلى ابن مقبل يصف ناقة.
(2) انظر اللسان (18: 233).
(3) البيت للعجاج في ديوانه 9 واللسان (3: 36). وقبله:
* رعى بها مرج ربيع ممرجا *
(4) الأصل: "تبعجاً" تحريف. وفي اللسان: "وبعج المطر تبعيجاً في الأرض، فحص الحجارة لشدة وقعه".
(5) البيت في اللسان (3: 36).
(6) شاهده قول الشماخ:
بعجت إليه البطن حتى انتصحته
وما كل من يفشي إليه بناصح(1/251)
كريمٌ وبَطْنِي بالكرامِ بَعيجُ(1)
قال اللِّحيانيّ: رجلٌ بعيجٌ وامرأةٌ بعيج، ونِسْوةٌ بَعْجى. وكذلك الرّجال. ويقال هو تَخَرُّقُ الصِّفاقِ وانديالُ ما فيه. والانديال: الزَّوال(2). قال الخليل: باعِجَةَ الوادي حيثُ ينبعِج ويتَّسع. قال:
بعد
* ونَصِيُّ باعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ(3) *
قال أبو زياد: [و] أبو فقعس: الباعجة الرُّحَيْبَة الصغيرة بَعَجَتِ الوادِي من أحَدِ جانبَيْه؛ وهي مِن مَنابت النّصيّ. ويقال الباعِجة آخرُ الرَّمل، مكانٌ بين السّهل والحَزْن، رُبما كان مرتفِعاً وربما كان مُنْحَدِراً. قال النَّضر: الباعجة مكان مطمئنٌّ من الرِّمال كهيئة الغائط، أرض مَدْكوكة لا أسناد لها، تُنبت الرِّمْث والحَمْضَ* وأطايب العُشْب.
وكلُّ ما تَرَكْنَاهُ من هذا الجِنْس كنَحو ما ذَكرناه(4). وباعِجة القِرْدان مَوضِعٌ في قول أوس:
* فباعِجةِ القِرْدان فالمُتَثَلِّمِ(5) *
(بعد) الباء والعين والدال أصلان: خِلاَفُ القُرْبِ، ومُقابِلُ قَبْل. قالوا: البُعْد خلاف القُرْب، والبُعْد والبَعَد الهلاك. وقالوا في قوله تعالى: { كما بَعِدَتْ
ثَمُودُ } [هود 95]، أي هَلَكَت. وقياسُ ذلك واحدٌ. والأباعد خلاف الأقارب. قال:
إذا أنْتَ لم تَعْرُكْ بِجَنْبِكَ بَعْضَ ما
يُريب مِن الأدْنَى رَمَاكَ الأباعدُ
__________
(1) البيت في القسم الأول من ديوان الهذليين ص61 طبع دار الكتب. وإنشاده في الديوان واللسان (بعج): "فذلك".
(2) في اللسان: "واندال ما في بطنه من معي أو صفاق طعن فخرج ذلك منه".
(3) هو في صفة فرس. والنصي: نبت سبط أبيض ناعم من أفضل المرعى. وفي الأصل: "نضى" تحريف. وصدر البيت كما في اللسان (3: 36):
* فأنى له بالصيف ظل بارد *
(4) في الأصل: "ما ذكرناه وهو".
(5) صدره كما في ديوان أوس بن حجر 26 واللسان (3: 36):
* وبعد ليالينا بنعف سويقة *(1/252)
وتقول: تَنَحَّ غير باعِدٍ، أي غيرَ صاغر. وتَنَحَّ غير بَعيدٍ، أي كُن قريباً.
وأمّا الآخرُ فقولك جاء مِنْ بَعْدُ، كما تقولُ في خلافِهِ: مِن قَبْلُ.
بعر - بعص - بعض
(بعر) الباء والعين والراء أصلان: الجمال، والبَعَْر. يقال بعير وأبعِرةٌ وأباعِرُ وبُعْرَانُ. قال بعضُ اللصوص(1):
وإنّي لأسْتَحْيي مِنَ الله أَنْ أُرَى
أُجَرِّرُ حَبْلاً ليس فيه بَعِيرُ
وأَن أسأَلَ المرءَ اللّئيمَ بَعِيرَهُ
وَبُعْرَانُ رَبِّي في البلادِ كثيرُ(2)
والبَعَْر معروف.
(بعص) الباء والعين والصاد أصلٌ واحد، وهو الاضطراب. قال أبو مَهْدِيّ: تبَعْصَصَ الشيءُ ارتَكَضَ في اليَدِ واضطرَبَ، وكذلك تَبَعْصَصَ في النَّار، إذا أُلقِيَ فيها فأَخَذَ يعدو ولا عَدْوَ به. والأرْنَب تتبعصَص في يَدِ الإنسان. ويقال للحيّة إذا ضُرِبَتْ ولَوَتْ بذَنبها قد تَبَعْصَصَتْ.
(بعض) الباء والعين والضاد أصلٌ واحدٌ، وهو تجزئة للشيءِ. وكلُّ طائفةٍ منه بعضٌ. قال الخليل: بعضُ كلِّ شيءٍ طائفةٌ منه. تقول: جاريةٌ يُشْبِهُ بعضُها بعْضاً. وبَعْضٌ مذكَّر. تقول هذه الدّارُ متَّصِلٌ بعضُها ببعْض. وبعّضْتُ الشيءَ تبعيضاً إذا فَرّقْتَه أجزاءً. ويقال: إنّ العَرَبَ تَصِلُ ببعض كما تصل بما، كقوله تعالى { فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ } [آل عمران 159]، و { مِمّا خَطِيئاتِهْم } [نوح 25]. قال: وكذلك بعضُ في قوله تعالى: { وإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الّذي يَعِدُكُمْ } (3)[غافر28]. وقال أعرابيّ: "رأيتُ غِرْباناً يَتَبَعْضَضْنَ" كأنّه أراد يتناوَلُ بعضُها بعضاً.
بعط
وممّا شذّ عن هذا الأصل البَعُوضة، وهي معروفة، والجمع بَعُوض. قال:
__________
(1) هو الأحيمر السعدي، كما في ترجمته من الشعراء لابن قتيبة.
(2) وكذا ورد إنشاده في المجمل. وفي الشعراء: "وأن أسأل العبد".
(3) الآية 28 من سورة غافر. وفي الأصل: "يعدكم به" تحريف.(1/253)
* وَصِرْتُ عَبْداً للْبَعُوضِ أَخْضَعَا *
وهذه ليلة بَعِضَة، أي كثيرة البَعُوض، ومَبْعُوضةٌ أيضاً، كقولهم: مكان سَبِع ومَسْبُوع، وذَئِب ومذْؤوب. وفي المثل: "كلَّفتَني مُخَّ البَعوض"، لما لا يكُون. قال ابنُ أَحمَر:
ما كنت من قومي بِدالهةٍ
لو أنَّ مَعْصِيّاً لَهُ أَمْرُ(1)
كلَّفتَني مخ البعوض فقد
أقْصَرْتُ لا نُجْحٌ ولا عُذْرُ(2)
وأصحابُ البَعُوضةِ قومٌ قَتَلَهُمْ خالدُ بنُ الوليد في الرِّدَّة، وفيهم يقول الشاعر(3):
* على مِثْلِ أصحاب البَعُوضَةِ فاخمِشي(4) *
(بعط) الباء والعين والطاء ليس بأصل، وذلك أنّ الطاءَ في أبْعَطَ مُبْدَلةٌ من دال. يقال أبْعَطَ في السَّوْمِ، مثل أبعَدَ.
بغل - بغم - بغو - بغي
(باب الباء والغين وما يثلثهما)
(بغل) الباء والغين واللام يدلُّ على قُوَّةٍ في الجِسم. من ذلك البَغْل، قال قومٌ: سُمِّيَ بذلك لقُوَّةِ خَلْقِه. وقد قالوا: سُمّيَ بَغْلاً من التّبْغيل، وهو ضربٌ من السَّيْرِ. والذي نَذْهَبُ إليه أنَّ التَّبغيلَ مشتقٌّ من سَيْر البَغْل.
(بغم) الباء والغين والميم أصلٌ يسير، وهو صوتٌ وشبيهٌ به لا يتَحَصّل. فالبُغام صَوت النّاقة تردِّدُه، وصوتُ الظَّبيةِ بُغامٌ أيضاً. وظَبْيَةٌ بَغُوم. قال الشاعر(5) في النَّاقة:
حَسِبْتَ بُغَامَ راحِلتي عَنَاقاً
وما هِيَ وَيْبَ غَيرِكَ بالعَنَاقِ
ومما يُحمَلْ عليه قولُهُم بَغَمْتُ للرّجل بالحديث إذا لم تفسِّرْه له.
__________
(1) الدالهة: الضعيف النفس، كما في اللسان (دله). وفي الحيوان (3: 318): "بمهتضم" وفي بعض نسخه "بذاهلة".
(2) البيت في الحيوان وثمار القلوب 399.
(3) هو متمم بن نويرة كما في اللسان (8: 389)، ومعجم البلدان (البعوضة).
(4) من أبيات على روي الألف، رواها ياقوت في معجمه. وعجز البيت:
* لك الويل حر الوجه أو يبك من بكى *
(5) هو ذو الخرق الطهوي، كما في اللسان (ويب، بغم).(1/254)
(بغو) الباء والغين والواو ليس فيه إلا البَغْو. وذكر ابن دُرَيْدٍ أنه التمرُ قبلَ أن يستحكِمَ يُبْسُه(1).
(بغي) الباء والغين والياء أصلان: أحدهما طَلَب الشيء، والثاني جنسٌ من الفَساد. فمن الأوّل بَغَيْتُ الشيء أبْغِيه إذا طلبتَه. ويقال بَغَيْتُك* الشيءَ إذا طلبته لك، وأبغَيْتُك الشّيءَ إذا أَعَنْتُكَ على طَلَبه. والبُغْية والبِغْية الحاجة. وتقول: ما ينبغي لك أن تفعل كذا. وهذا مِن أفعال المطاوَعَة، تقول بَغيْتُ فانبغَى، كما تقول كسرتُه فانكَسَر.
بغت - بغث
والأصل الثاني: قولهم بَغَى الجرح، إذا تَرامَى إلى فساد، ثم يشتقّ من هذا ما بَعْدَهُ(2). فالبغيّ الفاجِرةُ، تقول بَغَتْ تَبْغي بِغاءً، وهي بَغِيّ(3). ومنه أن يبغي الإنسانُ على آخَرَ. ومنه بَغْيُ المَطَر، وهو شِدّتُه ومُعْظَمُه. وإذا كان ذا بَغْيٍ
فلا بدّ أنْ يقَعَ منه فسادٌ.
قال الأصمعي: دَفَعْنا بَغْيَ السّماءِ خَلْفَنا(4)، أي مُعْظَم مَطَرِها.
والبَغْي: الظْلم. قال:
ولكنَّ الفَتَى حَمَلَ بنَ بَدْرٍ
بَغَى، والبَغْيُ مَرْتَعُهُ وَخِيمُ(5)
وربما قالوا لاختيال الفرس ومَرَحِهِ بَغْيٌ.
قال الخليل: ولا يُقال فَرَسٌ باغٍ.
(بغت) الباء والغين والتاء أصلٌ واحدٌ لا يُقاس عليه، منه البغْت، وهو أَنْ يفجَأَ الشيءُ. قال:
* وأعْظَمُ شيءٍ حِينَ يَفْجَؤُك البَغْتُ (6) *
(بغث) الباء والغين والثاء أصل واحد، يدلُّ على ذُلّ الشيءِ وضَعفِه. من ذلك بَُِغاث الطَّير، وهي التي لا تَصِيد ولا تَمتَنِع. ثم يقال لأَخْلاطِ الناس
بغر - بغز - بغش - بغض
__________
(1) انظر الجمهرة (1: 319).
(2) في الأصل: "من بعده".
(3) وتقول أيضاً: باغت تباغي بغاء.
(4) وروى اللحياني: "دفعنا بغي السماء عنا". انظر اللسان (18: 84).
(5) البيت لقيس بن زهير، كما في حماسة أبي تمام (1: 163).
(6) ليزيد بن ضبة الثقفي. وصدره كما في اللسان (بغت):
* ولكنهم ماتوا ولم أدر بغتة *(1/255)
وخُشارَتهم البَغْثَاء. والأبْغَثُ: مكان ذُو رملٍ. وهو من ذاك(1) لأنه ليّنٌ غيرُ صُلْب.
(بغر) الباء والغين والراء أصلٌ واحد، وفيه كلماتٌ متقاربة في الشُّرْب ومَعْناه. فالبَغَر أنْ يَشْربَ الإنسانُ ولا يَرْوَى، وهو يصيبُ الإبلَ أيضاً. وعُيِّر رَجلٌ فقيل: "ماتَ أبُوهُ بَشَماً وماتَتْ أمُّهُ بَغَراً". ويقولون: بَغَر النَّوءُ، إذا هاج بالمطر. وحكى بعضهم: بُغِرَتِ الأرضُ، إذا ليَّنَها المطر.
(بغز) الباء والغين والزاء أصلٌ، وهو كالنّشاط والجَرَاءةِ في الكلام. قال ابن مُقْبِل:
* تَخالُ باغِزَها بالليل مَجْنُونا(2) *
وقالوا: الباغز الرّجُلُ الفاحش. وذلك كلُّه يَرجِعُ إلى الجُرْأَة.
(بغش) الباء والغين والشين أصلٌ واحد، وهو المطر الضّعيف(3)، ويقال له البَغْش. وأرضٌ مَبْغُوشة. وجاء في الشِّعر: مطر باغشٌ(4).
(بغض) الباء والغين والضاد أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على خلاف الحبّ. يقال أبغَضْتُه أُبْغِضُه. فأمّا قوله:
بقل
ومِنَ العَوادِي أن تَقَتْكَ بِبِغْضةٍ
وتَقَاذُفٍ منها وَأنَّكَ تُرْقَبُ(5)
فقيل البِغْضَةُ الأعداء، وقيل أراد ذَوِي بِغْضةٍ. وربما قالوا بَغُض جَدُّه، كقولهم عثَرَ. والله أعلم.
(باب الباء والقاف وما يثلثهما في الثلاثي)
(بقل) الباء والقاف واللام أصلٌ واحد، وهو مِن النّباتِ، وإليه ترجعُ فُروعُ الباب كلِّه.
__________
(1) في الأصل: "في ذاك".
(2) صدره كما في اللسان (بغز):
* واستحمل السير مني عرمسا أجدا *
(3) بعده في الأصل: "ويقال له الضعيف"، وهي عبارة مقحمة.
(4) مثل هذا في الجمهرة (1: 292). ولم ينصا على شاهد.
(5) البيت لساعدة بن جؤية، كما في القسم الأول من ديوان الهذليين 168 واللسان (بغض) وفي شرح الديوان: "تقتك، يقول أن اتقتك"، وفيه: "ترقب: ترصد وتحرس".(1/256)
قال الخليل: البَقْل من النّبات ما ليس بشَجرٍ دِقٍّ ولا جِلٍّ. وفَرَقَ ما بين البَقْلِ ودِقِّ الشَّجر بغِلَظ العُود وجِلَّتِه، فإنَّ الأمطارَ والرِّياحَ لا تكسِرُ عِيدانَها، تراها قائمةً أُكلَ ما أُكِلَ وبَقِيَ ما بَقِيَ. قال الخليل: ابتَقَل القَومُ إذا رَعَوا البقْلَ، والإبِلُ تَبْتقِل وتَتَبقَّل تأكل البَقْل. قال أبو النَّجْم:
* تَبَقَّلَتْ في أوَّلِ التَّبَقُّلِ(1) *
قال الخليل: أَبقَلَتِ الأرضُ وبَقَلت، إذا أنبتت البَقْل، فهي مُبْقِلة. والمَبْقَلَةُ والبَقَّالة ذاتُ البَقْل.
قال أبو الطَّمَحان في مكانٍ باقلٍ:
تَرَبَّعَ أعْلَى عَرْعَرٍ فَنِهاءَهُ
فأسرابَ مَوْلِيِّ الأسِرَّةِ باقِلِ(2)
بقم
قال الفَرّاء: أرضٌ بَقِلَةٌ وبَقِيلةٌ(3)، أي كثيرة البَقْل.
قال الشيباني: بَقَلَ الحِمارُ إذا أكل البَقْل يَبْقُل. قال بعضهم: أبقَلَ المكانُ ذو الرِّمْث. ثم يقولون باقِلٌ، ولا نعلمهم [يقولون] بَقَل المكانُ، يُجرُونَها مُجْرَى أَعْشَبَ البلدُ فهو عاشِب، وأوْرَسَ الرِّمْثُ فهو وَارِس. قال أبو زياد: البَقْل اسمٌ لكلِّ ما ينبت أوّلاً. ومنه قيل لوجه الغُلام أَوّلَ ما ينبُت: قد بَقَل يَبْقُل بُقُولاً وبَقْلاً. وبَقَلَ نابُ البَعير، أي طَلَع.
__________
(1) البيت في اللسان (بقل 65).
(2) النهاء: جمع نهى، بالكسر، وهو الغدير. وفي الأصل: "فنهاه" صوابه من المخصص (10: 174) حيث أنشد البيت وذكر أنه في صفة ثور.
(3) في الأصل: "بقيلة وبقيلة"، وانظر اللسان (بقل 64)(1/257)
قال الشيبانيّ: ولا يسمَّى الخَلاَ بَقْلاً إلا إذا كان رَطْباً. قال الخليل: الباقل ما يخرُج في أعراض الشجر، إذا دنَتْ* أيّامُ الربيع وجَرَى فيها الماء رأيت في أعراضِها شِبْه أعيُن الجَرَاد قبل أن يَستبِينَ وَرقُه، فذلك الباقِل. وقد أبقَل الشّجَر. ويقال عِند ذلك: صار الشّجَرُ بَقْلةً واحدةً. قال أبو زيد: يقال للرِّمْثِ أوّل ما ينبُتُ باقِل، وذلك إذا ضربَهُ المطرُ حتى ترى في أفنانِهِ مثلَ رؤوس النَّمْل، وهو خير ما يكون، ثم يكون حانِطاً، ثم وارِساً، فإذا جازَ ذلك فَسَدَ وانتهتْ عنه الإبِل.
فأما باقلٌ فرَجُلٌ ضُرِبَ به المَثَلُ في العِيِّ.
([بقم) الباء والقاف والميم]..............(1)
وقد ذكر أن البُقامة الرّجُل الضعيف. قال: والبُقامة ما يَسقُطُ من الصُّوف إذا طرق. وذكر الآخر أنّ البِقَمّ الأكُول الرّغيب. وما هذا عندي بشيء فإنّ صحّ فعله أنْ يكون إتباعاً للهقمّ، يقال للأكولِ هِقَمٌّ بِقَمٌّ والذي ذكره الكسائيُّ
بقي
مِن قولهم أراد أن يتكلَّمَ فتَبَقَّم إذا أُرتِجَ عليه، فإنْ كان صحيحاً فإنما هو تبكّم، ثم أُقِيمت القافُ مُقام الكاف. وأمّا البَقَّمُ فإنّ النّحوييّن يُنكِرونه ويأبَوْن أن يكونَ عربيّاً. وقال الكسائيّ: البَقَّمُ صِبْغٌ أحمر. قال:
* كمِرْجَلِ الصَّبَّاغِ جَاشَ بَقَّمُهْ(2) *
وأنشد آخر:
* نَفِيّ قَطْرٍ مثل لَونِ البَقّمِ *
ومعنى الباب ما ذكرتُه أوّلاً.
__________
(1) عنوان هذه المادة ساقط من الأصل، كما سقط من أولها. ولم يشر إلى هذا السقط ببياض في الأصل، بل الكلام متصل فيه.
(2) البيت للعجاج في ديوانه 64 واللسان (بقم) والجمهرة (1: 322). وقبله:
* يجيش من بين تراقيه دمه *(1/258)
(بقي) الباء والقاف والياء أصلٌ واحد، وهو الدّوام. قال الخليل: يقال بقِيَ الشيءُ يبقى بَقاءً، وهو ضدّ الفناء. قال: ولغةُ طيٍّ بَقَى يَبْقَى، وكذلك لغَتُهم في كلِّ مكسورٍ ما قبلَها، يجعلونها ألِفاً، نحو بَقَى ورَضا(1). وإنما فعَلُوا ذلك لأنّهم يكرهونَ اجتماعَ الكسرةِ والياءِ، فيفتحون ما قَبْلَ الياء، فتنقلِبُ الياءُ ألِفاً، ويقولون في جارية جَارَاة، وفي بانِية باناة، وفي ناصية ناصاة. قال:
وما صَدَّ عَنِّي خالدٌ من بَقِيَّةٍ
ولكنْ أَتَتْ دُوني الأُسودُ الهَواصِرُ
يريد بالبَقِيّة هاهنا البُقْيا عليه. ويقول العرب: نشَدْتُكَ اللهَ والبُقيَا. وربما قالوا البَقْوَى. قال الخليل: استبقَيْتُ فلاناً، وذلك أن تعفُوَ عن زَلَلِهِ فَتسْتَبْقِيَ مودَّتَه. قال النابغة:
بقر
فَلَسْتَ بمُسْتَبْق أخاً لا تَلُمُّهُ
على شَعَثٍ أَيُّ الرِّجالِ المُهذَّبُ(2)
ويقول العرب: هو يَبْقِي الشيءَ بِبصَرِه إذا كان ينظُر إليه ويرصُدُه. قال الكميت:
ظَلَّتْ وظَلَّ عَذُوباً فوقَ رابِيَةٍ
تَبْقِيهِ بالأَعيُنِ المَحْرُومةِ العُذُبِ(3)
يصف الحمار أنّه أرادَ أنْ يَرِدَ بأُتُنِهِ فوق رابيةٍ، وانتظَرَ غُروبَ الشمس. وكذلك بات فلان يَبْقِي البَرْقَ إذا صار ينظُرُ إليه أيْنَ يَلْمَع. قال الفزاريّ:
قد هاجَني الليلةَ بَرْقٌ لامِعُ
فبِتُّ أَبقِيهِ وطَرْفِي هامِعُ
قال ابن السّكّيت: بَقَيْتُ فلاناً أَبْقِيه، إذا رعَيْتَه وانتظرته. ويقال ابْقِ لي الأذَانَ، أي ارقُبْه لي. وأنشد:
فما زلتُ أَبقِي الظُّعْنَ حتى كأنها
أَوَاقِي سَدىً تغتالُهنَّ الحَوائِكُ(4)
__________
(1) في الأصل: "وبضا"، تحريف.
(2) الرواية في الديوان 14 واللسان (18: 87): "ولست".
(3) العذب: جمع عذوب، بالفتح، وهو الذي لا يأكل ولا يشرب. وفي الأصل: "وظل عذوناً" تحريف.
(4) هو للكميت، أو لكثير، كما في اللسان (18: 87).(1/259)
ومن ذلك حديثُ مُعاذٍ رضي الله عنه: بَقَيْنا رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم"، يريد انتَظَرْناه. وهذا يرجِعُ إلى الأصل الأول؛ لأنّ الانتظارَ بعضُ الثَّبات والدَّوام.
([بقر) الباء والقاف والراء](1) أصلانِ، وربما جمع ناسٌ بينهما وزعموا أنه أصلٌ واحد، وذلك البقر. والأصلُ الثاني التوسُّع في الشيء وفَتْح الشيء.
بقر
فأمّا البقر فجماعة البقَرة(2)، وجمعُها أيضاً البَقير والباقر، كقولك حَمِير وضَئِين. قال:
* يكسَعْنَ أذنابَ البَقِير الكُنَّسِ *
وقال في الباقر:
وما ذَنْبُه أنْ عافت الماءَ باقِرٌ
وما إنْ تَعَافُ الماءَ إلاّ ليُضرَبا(3)
والباقر مثل الجامل في الجمال. قال أبو عبيدة: يقال للذّكر أيضاً بقَرةٌ، كما يقال للدّيك دَجاجة.
قال الأصمعيُّ: يقال رأيتُ لبني فُلانٍ بَقَراً وبَقيراً وباقراً وباقُورة. قال: وأُبْقُور مثل أُمْعوز. قال: وأنشَدَني ابنُ [أبي(4)] طرفة:
فسكَّنْتُهُمْ بالقَولِ حَتّى كأنّهُمْ
بَوَاقِرُ جُلْحٌ أسْكَنَتْها المرَاتِعُ(5)
قال: والبواقِر جمعٌ* لا واحِدَ لها، ويجوز أن يكون جمعَ باقرة. قال: والبقير لا واحِدَ له، وهو جمعٌ مثل الضَّئِين والشَّوِيِّ(6).
ويقال بَقِرَ الرَّجُلُ إذا نَظَرَ إلى بقرٍ كثير مفاجأةً فذهَبَ عَقْلُه.
بقر
__________
(1) ليست في الأصل، وأثبتها اعتماداً على أسلوب ابن فارس.
(2) في الأصل: "كجماعة البقرة".
(3) البيت للأعشى في ديوانه: 9 والحيوان (1: 19).
(4) التكملة من اللسان (3: 248/ 5: 139) حيث أنشد البيت. والبيت لقيس بن عيزارة الهذلي، كما في اللسان (3: 248) وشرح السكري لأشعار الهذليين 148 ومخطوطة الشنقيطي من الهذليين 116. وقبل البيت كما في الديوان:
وقالوا عدو مسرف في دمائكم
وهاج لأعراض العشيرة قاطع
(5) في الأصل: "الموانع" صوابه في اللسان. وأنشده في (3: 248) برواية: "فسكنتهم بالمال".
(6) الشوي جمع شاة. انظر اللسان (19: 180).(1/260)
وممّا حُمِل على هذا الباب قولُهم في العِيال البقَرةُ، يقال جاءَ فلانٌ يَسُوقُ بَقَرةً، أي عيالاً كثيراً. وقال يونس: البقَرة المرأة.
وأمّا الأصل الثّاني فالتبقُّر التوسُّع والتفتُّح، من بَقَرْتُ البَطْنَ. قال الأصمعيّ: تبقّر فلان في ماله أي أفْسَدَه. وإليه يُذْهَب في حديثه صلى الله عليه وسلم: "أنّه نَهَى عن التَّبقُّر في الأهل والمال(1)".
قال الأصمعي: يقال ناقةٌ بَقِيرٌ، للتي يُبقَر بَطْنُها عن ولدِها. وفتنة باقِرةٌ كداء البطن(2). والمُهْرُ البَقِير الذي تَموتُ أُمُّه قبل النِّتاج فيُبقَر بطنُها فيُستَخْرَج.
قال أبو حاتم للمُهْرِ إذا خرج مِنْ بَطْن أُمّه وهو في السَّلا والماسكة، فيقع بالأرض جسدُه: هو بَقيرٌ، وضدّه السَّليل.
ومن هذا الباب قولهم: بقّروا ما حَوْلَهم، أي حَفَروا؛ يقال: كم بقّرْتُمْ لفَسيلِكم. والبُقَّيْرَى لُعبةٌ لهم، يُدَقْدِقون داراتٍ مثلَ مَواقع الحوافر. وقال طفيل:
ومِلْنَ فما تَنْفَكُّ حَوْلَ مُتالعٍ
لها مِثْلَ آثارِ المبقِّرِ مَلْعَبُ(3)
ومنه قول الخُضْريّ:
نِيطَ بِحِقْوَيْها جَمِيشٌ أَقْمَرُ
جَهْمٌ كَبقَّارِ الْوَليدِ أَشْعَرُ(4)
بقر
فهذا الأصل الثاني. ومَن جَمع بينهما ذهب إلى أنّ البقَر سُمِّيت لأنّها تَبْقُر الأرضَ، وليس ذلك بشيء.
__________
(1) ويذهب أيضاً إلى أن التبقر في هذا الحديث بمعنى الكثرة والسعة.
(2) في اللسان: "قال أبو عبيد: ومن هذا حديث أبي موسى، حين أقبلت الفتنة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه فقال: إن هذه الفتنة باقرة كداء البطن، لا يدرى أنى يؤتى له. إنما أراد أنها مفسدة للدين، ومفرقة بين الناس، ومشتتة أمورهم".
(3) البيت في ديوانه 22 واللسان (5: 142) برواية: "أبنت فما تنفك".
(4) البيتان في اللسان (5: 142). والجميش: المحلوق.(1/261)
ومما شذَّ عن الباب قولهم بَيْقَر، إذا هاجَرَ من أرضٍ إلى أرض. ويقال بَيْقَرَ إذا تعرّض للهَلَكة. ويُنْشَد قولُ امرئ القيس:
ألا هل أتاها والحوادثُ جَمّةٌ
بأنَّ امرأَ القيسِ بنَ تَمْلِكَ بَيْقَرَا(1)
ويقال بيقَرَ، أي أتى أرضَ العِراق. ويقال أيضاً بيقَرَ، إذا عَدَا مُنَكِّساً رأسَه ضَعْفاً. قال:
* كما بيقَرَ مَنْ يَمْشِي إلى الجَلْسَدِ(2) *
وقال ابنُ الأعرابيّ: بَيْقَر سَاقَ نَفْسَهُ(3). وإلى بعض ما مَضَى يرجع البقَّار، وهو موضع. قال النابغة:
سَهِكِينَ مِنْ صَدَأ الحديدِ كأنَّهمْ
تَحْتَ السَّنَوَّرِ جِنّةُ البَقّارِ(4)
وبقر: اسم كثيب. قال:
بقع
تَنْفِي الطوارفَ عنه دِعْصَتا بَقَرٍ
ويَافِعٌ من فِرِنْدادَينِ مَلْمُومُ(5)
__________
(1) اللسان (5: 141).
(2) البيت للمثقب العبدي، أو عدي بن الرقاع، كما في اللسان (جلسد). ونسب إلى المثقب أو عدي بن وداع كما في اللسان (بقر). وعدي بن وداع ذكره المرزباني في معجمه 252. والجلسد: صنم. والبيت بتمامه:
فبات يجتاب شقارى كما
بيقر من يمشي إلى الجلسد
(3) ساق نفسه، أي صار في حال الموت والنزاع. وفي الأصل: "شان نفسه" تحريف. وانظر اللسان (سوق). وفي اللسان (بقر) أي يبقر بمعنى هلك، وبمعنى مات.
(4) ديوان النابغة 35. ورواه في معجم البلدان (بقار): "قنة البقار". "وقال قنة البقار جبل لبني أسد". وانظر الحيوان (6: 189) واللسان (6: 47/ 12: 330) والكامل 212-316 ليبسك. وسيأتي في (سهك).
(5) البيت لذي الرمة في ديوانه 571 ومعجم البلدان (369) واللسان (يفع). وعجزه في اللسان (فرند). والطوارف: العيون. وفي الأصل: "الطوارق" محرف. والفرندادان جبلان بناحية الدهناء، يقال بدالين، وبدال ثم ذال معجمة، وقد دفن ذو الرمة في أحدهما تنفيذاً لوصيته. انظر لذلك معجم البلدان واللسان (فرند). وذكر ابن منظور أن ذا الرمة ثنى الفرنداد ضرورة.(1/262)
(بقع) الباء والقاف والعين أصلٌ واحدٌ ترجع إليه فروعُها كلُّها، وإنْ كان في بعضِها بُعْدٌ فالجنسُ واحد، وهو مخالَفةُ الألوانِ بعضِها بعضاً، وذلك مثلُ الغُرابِ الأبقع، وهو الأسودُ في صَدْرِهِ بياضٌ. يُقال غرابٌ أبقَعُ، وكلبٌ أبقع وقال بعضُهم للحجَّاج في خيلِ ابنِ الأشْعَث: رأيتُ قوماً بُقْعاً. قال: ما البقع؟ قال: رقَّعوا ثيابَهم من سوء الحال.
وفي الحديث(1): "يُوشِكُ أن يُسْتَعْمَلَ عليكم بُقعْانُ أهل الشَّام".
قال أبو عُبيدٍ: الرُّوم والصَّقالبة، وقَصَد باللَّفظ البَيَاض. قال الخليل: البُقْعة قِطعةٌ من الأرضِ على غير هيئةِ التي إلى جَنْبها، وجمعها بِقاعٌ وبُقَعٌ. أبو زَيد: هي البَقْعةُ أيضاً بفتح الباء(2). أبو عُبَيدةَ: الأبقع من الخيل الذي يكون في جَسَده بُقَعٌ متفرِّقة مخالفةٌ للونه. قال أبو حنيفة: البَقْعاء من الأرَضِينَ التي يُصيبُ بعضَها المطرُ ولم يُصب البَعْضَ. وكذلك مُبَقَّعَةٌ، يقال أرضٌ بَقِعَةٌ إذا كان فيها بُقَعٌ من نبتٍ، وقيل هي الجَرِدَة(3) التي لا شَيء فيها، والأوّلُ أصحّ.
ابنُ الأعرابيّ: البَقْعاء من الأرض المَعْزَاءُ ذاتُ الحَصَى والحِجارة. قال الخليل:
بقع
البَقيع من الأرض مَوضع فيه أَرُومُ شَجرٍ من ضُروبٍ شتَّى. وبه سُمِّي بَقيع الغَرقَد بالمدينة. أبو زَيد: كلُّ جوٍّ من الأرضِ وناحيةٍ بقيع. قال:
ورُبَّ بقيعٍ لو هَتَفْتُ بجَوِّهِ
أتاني كريمٌ يُنْغِض الرأس مُغْضِياً(4)
وفي المثل: "نَجّى حِماراً بالبَقيع سِمَنُه". والباقعة: الداهية. يقال بقعتهم باقعةٌ، أي داهية، وذلك أنّه أَمْرٌ يَلْصَق حتّى [يذهب] أثره. قال ابنُ الأعرابيّ*: سنةٌ بقعاءُ، أي مُجدِبَة.
__________
(1) هو من كلام أبي هريرة، وفي اللسان (بقع).
(2) في اللسان: "والضم أعلى".
(3) الجردة: التي لا نبات بها. وفي الأصل: "الجرادة" تحريف.
(4) أنغض رأسه: حركه. وفي الأصل: "ينفض الرأس".(1/263)
قال أبو عبيدة: بنو البَقْعاءِ بنو هاربةَ بن ذُبيان، وأمُّهم البَقْعاء بنتُ سلامان ابنِ ذُبيان(1). ولهم يقول بشر(2):
ولم نَهْلِكْ لمُرَّة إذْ تَوَلّوا
فسارُوا سَيْرَ هاربةٍ فغَارُوا
قال أبو المنذر(3): يقال لهاربةَ "البَقْعاء"، وهم قليلٌ. قال: "ولم أرَ هاربِيّاً قطّ". وفيهم يقول الحُصين بن حُمَام:
وهاربةُ البَقْعاءِ أصبَحَ جَمْعُها
أمامَ جُموعِ الناسِ جمعاً مقدّما(4)
وقال بعضهم: بقعاء قريةٌ من قرى اليمامة. قال:
ولكن قَدْ أتَاني أنَّ يحيَى
يقال عليه في بَقْعاءَ شَرُّ(5)
فقلتُ له تجنَّبْ كلَّ شيءٍٍ
يُعابُ عليكَ إنَّ الحُرَّ حُرُّ
بكل
قال ابن السّكّيت: يقال بُقِعَ فُلانٌ بكلام سَوْءٍ، أي رُمِيَ. وهو في الأصل الذي ذكرناه. فأما قولهم: ابْتُقِع لَونُه، فيجوز أن يكونَ من هذا، ويجوز أن يكونَ من باب الإبدال؛ لأنّهم يقولون امتُقِعَ لونُه. قال الكسائي: إذا تغيَّر اللّونُ من حُزْنٍ يصيبُ صاحبَه أو فزَعٍ قيل ابتُقِع.
__________
(1) انظر لهاربة البقعاء المفضليات (1: 65/ 2: 142) ومعجم البلدان (الهاربية).
(2) بشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 142).
(3) هو أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي النسابة المتوفى سنة 204. وانظر معجم البلدان (الهاربية).
(4) انظر المفضليات (1: 65).
(5) البيتان لمخيس بن أرطاة الأعرجي، من أبيات في معجم البلدان (2: 251) يقولها لرجل من بني حنيفة يقال له يحيى . والبيت الأول بدون نسبة في اللسان (9: 366).(1/264)
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال لا أدري أين سَقَع وبَقَع، أي أين ذهب. قال غيره: يقال بَقَع في الأرض بُقُوعاً، إذا خَفِي فذَهَبَ أثَرُه. قال بعضُ الأعراب: البقعة(1) من الرجال ذُو الكلامِ الكثير الذاهبِ في غيرِ مَذْهبه، وهو الذي يَرْمِي بالكلام لم يُعلَمْ له أَوّلٌ ولا آخِرٌ. قال بعضهم: بقَعَ الرّجُلَ إذا حلَف له حَلِفاً. وعامٌ أبقَعُ وأربَدُ، إذا لم يكن فيه مَطَرٌ.
(باب الباء والكاف وما يثلثهما)
(بكل) الباء والكاف واللام أصلان: أحدهما الاختلاط وما أشبَهه، والآخَر إفادةُ الشّيءِ وتَغَنُّمُه.
فالأوّل البَكِيلة، وهو أن تُؤخَذَ الحِنطةُ فتُطحَنَ مع الأَقِطِ فتُبْكَلَ بالماءِ، أي تُخْلط، ثم تُؤْكَل. وأنشد:
* غَضْبانُ لم تُؤْدَمْ له البَكِيلهْ(2) *
بكم
قال أبو زياد: البَكلة والبَكَالة الدّقيق يُخلَط بالسَّويق، ويُبلُّ بالزّيت أو السّمْن. قال أبو زيد: وكذلك المَعْز إذا خالطَتْها الضَّأن. قال ابنُ الأعرابي عن امرأةٍ كانت تُحمَّقُ فقالت:
لَسْتُ إذاً لزَعْبَلهْ إنْ لم أُغَيِّرْ
بِكْلَتِي إنْ لم أُسَاو بالطُّوَلْ(3)
تقول: إنْ لم أُغيّر ما أُخلِّطُ فيه من كلامٍ ولم أطلُب الخِصالَ الشريفة، فلست لِزَعبَلَة. وزَعْبَلةُ أبُوها.
زعم اللّحيانيّ أنّ البِكْلة الهيئة والزِّيّ، وفسَّرَ ما ذكرناه من قول المرأةِ. قال أبو عُبيدٍ: المتبكِّل المُخَلِّط في كلامه. ومن هذا الباب قولُ أبي زيد: يقال تبكَّلَ القوم على الرّجُل تبكُّلاً، إذا عَلَوْهُ بالضَّربِ والشَّتْمِ والقهر؛ لأنّ ذلك من الجماعة اختلاط.
__________
(1) لم أجد لهذه الكلمة ضبطا ولا ذكرا فيما لدي من المعاجم، وظني أنها بضم الباء وفتح القاف.
(2) قبله كما في اللسان (بكل):
* هذا غلام شرث النقيله *
(3) البيت من مسدس الرجز جاء على التمام، كما ذكر ابن بري. انظر اللسان (13: 67). وجعله ثعلب في أماليه 541 صدر بيت وبيتا.(1/265)
وأمّا الأصل الثّاني فقالوا: التبكّل التَّغَنُّم والتَّكسُّب. قال أوس:
على خَيْرِ ما أبْصَرْتُهَا مِنْ بِضاعةٍ
لمُلْتَمِسٍ بَيْعاً بها أو تَبَكُّلا(1)
قال الخليل: الإنسان يتبكّل، أي يحتال.
(بكم) الباء والكاف والميم أصلٌ واحدٌ قليل، وهو الخَرَس. قال الخليل: الأبكَمُ: الأخرس لا يتكلَّم، وإذا امتَنَعَ مِن الكلامِ جَهْلاً أو تعمّداً يُقال بَكِمَ عن الكلام. وقد يقال للذي لا يُفْصِح: إنّه لأَبْكَمُ. والأبْكَم في التّفْسير للذي وُلِدَ
بكو/ء
أَخْرَسَ(2). قال الدُّرَيْدِيّ: يقال بَكِيمٌ في معنى أبكم(3)، وجَمَعُوهُ على أبكامٍ، كشَرِيفٍ وأشراف.
(بكو/ء) الباء والكاف والواو والهمزة أصلان: أحدهما البُكاء، والآخر نقصانُ الشيء وقِلّتُه.
فالأوّل بَكى يَبْكي [بُكاءً]. قال الخليل: هو مقصور وممدود. وتقول: باكَيْتُ فلاناً فبَكَيْتُه، أي كنتُ أَبْكَى منه.
قال النحويُّون: مَنْ قَصَرَهُ أجراه مُجْرَى الأدواءِ والأمراض، ومَن مَدَّه أجراه مُجْرَى الأَصواتِ كالثُّغاءِ والرُّغاء والدُّعاءِ. وأنشدَ في قصره ومَدِّه:
بكَتْ عَيْني وَحُقَّ لها بُكاهَا
وما يُغني البُكاءُ ولا العَويلُ(4)
__________
(1) ديوان أوس 21 واللسان (بكل). وهو في صفة قوس.
(2) في قوله تعالى: { أحدهما أبكم } من الآية 76 في سورة النحل.
(3) شاهده قوله:
فليت لساني كان نصفين منهما
بكيم ونصف عند مجرى الكواكب
(4) من أبيات تنسب إلى حسان بن ثابت، وعبد الله بن رواحة. قال ابن بري: والصحيح أنها لكعب بن مالك. انظر اللسان (بكا) وسيرة ابن هشام 632 جوتنجن.(1/266)
قال الأصمعيّ: بَكَيْتُ الرجل وبَكّيْتُه، كلاهما إذا بكَيْتَ عليه؛ وأبكَيْتُه صنعت به ما يُبْكِيه*. قال يعقوب: البَكّاءُ في العرب الذي يُنْسَبُ إليه فيقال بنو البَكّاء، هو عوف (1) بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، سُمِّيَهُ لأنَّ أُمَّه تَزَوّجَتْ بعد موت أبيه فدخل عوفٌ المنزلَ وزَوجُها معها، فظَنّهُ يُريد قَتْلَها، فبكى أشَدَّ البُكاء .
بكو/ء
والأصل الآخَر قولُهم للناقة القليلة اللّبن هي بَكِيئَةٌ، وبَكُؤَتْ تَبْكُؤُ بكاءةً ممدودة. وأنشد:
يُقالُ مَحْبِسُها أدْنَى لِمَرْتَعها
ولو تَعَادَى بِبَكْءٍ كلُّ مَحْلُوبِ(2)
يقول: محبسها في دار الحفاظ أقْرَبُ إلى أنْ تَجِدَ مرتعاً مُخْصِبا. قال أبو عُبيدٍ: فأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّا مَعْشَرَ الأنبياء بِكاءٌ" فإنّهُمْ قليلةٌ دُمُوعُهم. وقال زَيدُ الخيل:
وقالوا عامِرٌ سارَتْ إليكم
بألفٍ أوْ بُكاً مِنْهُ قليلِ
فقوله بُكاً نَقْص، وأصله الهمْز، من بكأت الناقةُ تَبْكَأُ(3)، إذا قَلَّ لبنُها، وبَكُؤت تبكُؤ أيضاً. وقال:
إنما لِقْحَتُنَا خابيةٌ
جَوْنَةٌ يتبعها بِرْزِينُها(4)
وإذا ما بَكَأتْ أو حارَدَتْ
فُضَّ عن جانِبِ أخْرَى طينُها
وقال الأسْعرُ الجُعْفِيّ(5):
بَلْ رُبَّ عَرْجَلَةٍ أصَابُوا خَلّةً
__________
(1) في الاشتقاق 179 أن اسمه "عمرو".
(2) البيت لسلامة بن جندل السعدي، من قصيدة في المفضليات (1: 122).
(3) والمصدر البكء والبكوء، والبكاءة بالفتح وآخره هاء، والبكاء بالضم وآخره الهمزة.
(4) البيتان لعدي بن زيد، كما في اللسان (برزن). وأنشدهما في (حرد) غير منسوبين. وفي الأصل: "خائبة جونها" محرف. ويروى: "باطية" بدل "خابية".
(5) الأسعر لقب مرثد بن أبي حمران الجعفي الشاعر. وفي الأصل: "الأشعري" تحريف. وقصيدة البيت هي أول الأصمعيات.(1/267)
دَأَبُوا وحارَدَ لَيْلُهُمْ حتى بكا(1)
بكت - بكر
قال: حارَدَ قَلَّ فيه المطَر؛ وبَكَا، مثلُه، فترك الهمْز.
(بكت) الباء والكاف والتاء كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاس عليها، وهو التّبْكيت والغَلَبَة بالحُجّة.
(بكر) الباء والكاف والراء أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فرعان هما منه. فالأوّل أوّلُ الشيء وبَدْؤُه. والثاني مشتقٌّ منه، والثالث تشبيه. فالأول البُكرة وهي الغَداة، والجمع البُكَر. والتبكير والبُكور والابتكار المُضِيُّ في ذلك الوقت. والإبكار: البُكْرَة(2)، كما أنّ الإصباح اسمُ الصُّبح. وباكَرْتُ الشيء إذا بكَرْتَ عليه.
قال أبو زيد: أبكرتُ الوِرْدَ إبكاراً، وأبكرتُ الغَدَاءَ، وبكَرْتُ على الحاجة وأبكَرْتُ غيري، بَكَرْتُ وأبكرْتُ. ويقال رجلٌ بَُِكْرٌ صاحب بُكورٍ. كما يقال حَذُِر(3). قال الخليل: غيثٌ(4) باكُورٌ وهو المبكّر في أول الوَسمِيّ، وهو أيضاً السّاري في أول اللّيْل وأول النهار. قال:
جَرَّتِ الرِّيحُ بها عُثْنُونَها
وتَهادَتْها مَدَاليجُ بُكُرْ(5)
يقال: سحابةٌ مِدْلاجٌ بَكُورٌ. ويقال بكّرَتِ الأمطارُ تبكيراً وبَكَرَتْ بُكُوراً، إذا تقدَّمَت.
بكر
الفرّاء: أبْكَرَ السّحاب وبَكَر، وبَكَّرَ، وبكَرَتِ الشجرة وأبكرَت وبكّرَت(6) تبكِّرُ تبكيراً وبَكَرَتْ بُكُوراً، وهي بَكورٌ، إذا عَجَّلَتْ بالإثمار واليَنْع، وإذا كانت عادتُها ذاك فهي مِبْكار، وجمع بَكُور بُكُر، قال الهُذَليّ(7):
ذلكَ ما دِينُكَ إذْ جُنِّبَتْ
__________
(1) روايته في الأصمعيات: "يا رب عرجلة".
(2) في الأصل: "والبكرة".
(3) ضبطت في الأصل بضم الذال فقط، ولم تضبط "بكر" في الأصل. والضبطان فيهما من اللسان (بكر).
(4) في الأصل "غب".
(5) البيت لمراد بن منقذ العدوي في المفضليات (1: 77)، والرواية فيها:
جرر السيل بها عثنونه
وتعفتها مداليج بكر
(6) في الأصل: "وابتكرت".
(7) هو المتنخل الهذلي، كما أسلفت في حواشي ص195.(1/268)
في الصُّبْحِ مِثْلَ البُكُرِ المُبْتِلِ(1)
والتَّمَرَةُ باكورةٌ، ويقال هي البَكيرةُ والبَكائِرُ. ويقال أرضٌ مِبْكَارٌ، إذا كانت تنْبِتُ في أوّل نبات الأرض. قال الأخطل:
* غَيْثٌ تَظاهَرَ في مَيْثَاءَ مِبكارِ(2) *
فهذا الأصلُ الأوّل، وما بعده مشتقٌّ منه. فمنه البَكْر من الإبل، ما لم يَبْزُلْ بَعْدُ. وذلك لأنَّه في فَتَاءِ سِنِّهِ وأوّلِ عُمْرِه، فهذا المعنى الذي يجمَعُ بينه وبين الذي قبلهَ، فإذا بَزَلَ فهو جَمَلٌ. والبَكْرَةُ الأنثى، فإذا بَزَلَتْ فهي ناقة.
قال أبو عبيدة: وجمعه بِكَار، وأدنى العدد ثلاثة أَبْكُر. ومنه المثل: "صدَقَنِي سِنُّ بَكْرِه(3)" وأَصلُه أنَّ رجلاً ساوَمَ آخر بِبَكْرٍ أراد شِرَاءَه وسأل البائع عن سِنِّه، فأخْبَرَه بغير الصِّدق فقال: بَكْرٌ -وكان هَرِماً- فَفَرَّهُ المشتري، فقال: "صدَقَني سِنُّ بَكْرِهِ".
قال التميميّ: يسمَّى البَعير بَكْراً من لَدُنْ يُرْكَب إلى أن يُرْبِع، والأنثى بَكرَةٌ. والقَعُود البَكْر. قال: ويقول العَرَب: "أرْوَى مِنْ بَكْرِ هَبَنّقَةَ" وهو الذي كان
بكر
يُحَمّقُ؛ وكان بَكْرُه يَصْدُر عن الماء مع الصّادِرِ وقد رَوِيَ، ثم يَرِدُ مع الوَارِدِ قبل أنْ يصل إلى الكلأ.
__________
(1) انظر رواية البيت فيما سبق ص196. وفي الأصل: "المبتلي"، تحريف.
(2) صدره كما في الديوان 114:
* أو مقفر خاضب الأظلاف جاد له *
(3) يروى بنصب "سن" بتضمين صدق معنى عرفني تعريفاً، ويكون المثل تهكمياً، ويروى برفع "سن" على أنه فاعل، انظر أول باب الصاد في أمثال الميداني، واللسان (صدق).(1/269)
قال الخليل: والبِكْرُ من النّساء التي لم تُمْسَسْ* قَطُّ. قال أبو عبيدٍ: إذا وَلَدَتِ المرأَةُ واحداً فهي بِكْرٌ أيضاً. قال الخليل: يسمَّى(1) بِكْراً أو غُلاماً أو جارية. ويقال أشدُّ الناس بِكْرٌ ابنُ بِكْرَين(2). قال: وبقرةٌ بِكْرٌ(3) فَتِيّةٌ لم تَحْمِلْ. والبِكْرُ من كلِّ أَمرٍ أَولُه. ويقول: ما هذا الأمْرُ بِبَكيرٍ ولا ثَنِيٍّ، على معنى ما هو بأوّلٍ ولا ثانٍ. قال:
وقوفٌ لَدَى الأبوابِ طُلاَّبُ حَاجَةٍ
عَواناً من الحاجاتِ أو حاجةً بكرا(4)
والبِكْرُ: الكَرْم الذي حَمَلَ أوّل مرّة. قال الأعشى:
تَنَخَّلَها مِنْ بِكار القطاف
أُزَيْرِقُ آمِنُ إكْسادِها(5)
قال الخليل: عَسَلٌ أبْكارٌ تُعَسِّلُه أبكار النَّحْل، أي أفْتاؤُها، ويقال بل الأَبكارُ من الجَواري يَلِينَهُ. فهذا الأَصلُ الثاني، وليس بالبعيد من قياس الأوّل.
بكع
وأما الثالث فالبَكَْرَةُ التي يُسْتَقَى عليها(6). ولو قال قائل إنها أُعِيرَتْ اسمَ البَكْرَة من النُّوق كان مذهباً، والبَكرة معروفة. قال امرؤُ القيس:
كأنَّ هادِيَها إذْ قَامَ مُلْجِمُها
__________
(1) أي يسمى ولدها.
(2) انظر الحيوان (3: 174/ 5: 331) وثمار القلوب 533-534. واللسان (بكر 145).
(3) في الأصل: "بكرة"، تحريف.
(4) البيت للفرزدق في ديوانه 227 برواية: "قعود لدى". وقبله:
وعند زياد لو يريد عطاءهم
رجال كثير قد يرى بهم فقرا
... ونسب في اللسان (5: 145) إلى ذي الرمة، وليس في ديوانه.
(5) بكار: جمع باكر، كصاحب وصحاب، وهو أول ما يدرك. وفي الأصل: "بحار" صوابه في الديوان 51 واللسان (5: 144).
(6) يقال بسكون الكاف وفتحها.(1/270)
قَعْوٌ على بَكْرَةٍ زَوْرَاءَ مَنْصُوبُ(1)
وَثَمَّ حَلَقات في حِلْية السّيف تسمّى بَكَراتٍ. وكلُّ ذلك أصلهُ واحد.
(بكع) الباء والكاف والعين أصلٌ واحد، وهو ضربٌ متتابع، أو عَطَاءٌ مُتَتابع، أو ما أشْبَهَ ذلك. قال الخليل: البَكْعُ شِدّة الضّرْبِ المتتابع، تقول: بَكَعْنَاهُ بالسّيف والعصا بَكْعاً.
ومما هو محمولٌ عليه قياساً قول أبي عُبيد: البكع أن يستقبل الرّجلَ بما يكره.
قال التميمي: أعطاهُ المالَ بَكْعا ولم يُعطِهِ نُجُوماً، وذلك أنْ يُعطِيَه جُملة وهو من الأوّل؛ لأنه يتابِعُه جُمْلةً ولا يُواتِرُه.
ويقال بَكَعْتُه بالأَمر: بكَّتُّه. قال العُكْلي: بَكَعَه بالسيف: قَطَعه.
بلم - بله
(باب الباء واللام وما يثلثهما في الثلاثي)
(بلم) الباء واللام والميم أصلان: أحدهما ورمٌ أو ما يشبهه، والثاني نَبْتٌ.
فالأوّل بَلَمٌ، وهو داءٌ يأخُذُ الناقةَ في حَلْقَة رَحِمِها. يقال أَبْلَمَتِ الناقةُ إذا أخَذَها ذلك. الفَرَّاء: أَبْلَمَتْ وبَلِمَتْ إذا ورِمَ حَياؤُها.
قال أبو عُبيدٍ: ومنه قولهم لا تُبَلِّمْ عليه أي لا تُقَبِّحْ. قال أبو حاتم: أَبلَمَتِ البَكْرَة إذا لم تَحْمِلْ قَطُّ؛ وهي مُبْلِمٌ، والاسم البَلَمَة.
قال يعقوب: أَبْلَمَ الرّجُل إذا وَرِمَتْ شفتاه، ورأَيت شفَتَيْه مُبْلَمَتينِ(2). والإبلام أيضاً: السُّكوت، يقال أَبْلَمَ إذا سَكَتَ.
__________
(1) كذا وردت نسبته إلى أمرئ القيس، وليس في ديوانه. وهو في كتاب الخيل لأبي عبيدة 71 منسوب إلى رجل من الأنصار. ولعل هذا الأنصاري الذي يعنيه، هو إبراهيم بن عمران الأنصاري، انظر اللسان (2: 170).
(2) في الأصل: "وأيت شفتيه مبلمتيه" صوابه من اللسان (14: 320).(1/271)
والأصل الثاني: الأبلم ضربٌ من الخُوصِ(1). قال أبو عمرو: يقال إبلِم وأَبلَمٌ وأُبُلمٌ. ومنه المثَل: "المال بَيني وبينك شِقَّ الأُبْلُمَة" وقد تكسر وتفتح، أي نصفين؛ لأنّ الأبلمة إذا شقت طولاً انشقت نصفين من أولها إلى آخرها، ويرفع بعضهم فيقول: "المالُ بيني وبينك شِقُّ الأبلمة"، أي هو كذا.
(بله) الباء واللام والهاء أصلٌ واحد، وهو شبه الغَرَارة والغَفْلة. قال الخليل وغيره(2): البَلَه ضَعْف العقل. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أكثَرُ أهلِ الجنَّة البُلْه" يريد الأَكياسَ في أمر الآخرة البُلْهَ في أمر الدنيا.
بلو/ي
وقال الزّبرقانُ [بن] بَدْرٍ: "خيرُ أَولادِنا الأَبلَهُ العقُول" يُراد أنه لشدّة حيائهِ كالأَبله، وهو عَقُولٌ. ويقال شَبابٌ أبْلَهُ، لما فيه من الغَرَارة. وعَيْشُ الأبلهِ قليلُ الهُموم. قال رؤبة(3):
* بَعْدَ غُدانِيِّ الشّبَابِ الأَبْلَهِ *
فأمّا قولهم: "بَلْهَ" فقد يجوز أن يكون شاذّاً، ومحتَمِلٌ على بُعْدٍ أنْ يردَّ إلى قياس الباب، بمعنى دَعْ. وهو الذي جاء في الحديث: "يقول الله تعالى: أَعدَدْتُ لعِبادِي الصّالحينَ مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ، بَلْهَ ما أَطْلَعْتُهُمْ عليه" ، أي دَعْ ما أطْلَعْتُهُم عليه، اُغفُلْ عنه.
(بلو/ي) الباء واللام والواو والياء، أصلان: أحدهما إخلاق(4) الشيء، *والثاني نوعٌ من الاختبار، ويحمل عليه الإخبار أيضاً.
فأمّا الأوّل فقال الخليل: بَلِيَ يَبْلى فهو بالٍ. والبِلَى مَصْدَرُه. وإذا فتح فهو البَلاَء، وقال قوم هو لُغةٌ. وأنشد:
وَالمرء يُبْليه بَلاَءَ السَّرْبالْ
__________
(1) هو خوص المقل.
(2) في الأصل: "أو غيره".
(3) ديوان رؤبة 165 والمجمل واللسان (بله). وقبله:
إما تريني خلق المموه
براق أصلاد الجبين الأجله
(4) في الأصل:" إخلاف"، تحريف.(1/272)
مَرُّ الليالي واختلافُ الأحوالْ(1)
والبَلِيَّةُ: الدابّة التي كانت في الجاهلية تُشَدُّ عند قَبْرِ صاحبِها، وتشَدّ على رأسها وَلِيَّةٌ، فلا تُعْلَفُ ولا تُسْقى حتى تموت. قال أبو زُبيد:
بلو/ي
كالبَلاَيا رُؤوسُها في الوَلايَا
مانِحاتِ السَّمومِ حُرَّ الخُدُودِ(2)
ومنها ما يُعقر عند القبر حتى تَمُوت. قال:
تَكُوسُ به العَقْرَى على قِصَدِ القَنَا
كَكَوْسِ البَلاَيَا عُقِّرَتْ عِنْدَ مَقْبَرِ
ويقال منه بَلَّيْتُ البَلِيَّةُ. قال اليزيديّ: كانت العرب تَسْلَخُ راحلةَ الرّجُل بعد مَوته، ثم تحشوها ثُماماً ثم تتركُها على طَريقِه إلى النّادي. وكانوا يزعمون أنّها تُبْعَث معه، وأنَّ مَنْ لم يُفعل به ذلك حُشِر راجلاً.
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال بَلَّى عليه السَّفَرُ وبَلاَّه. وأنشد:
قَلُوصان عَوْجَاوَانِ بَلَّى عليهما
دُؤُوبُ السُّرى ثمَّ اقتحامُ الهواجرِ(3)
يريد بَلاَّهُما.
قال الخليل: تقول ناقةٌ بِلْوُ سفرٍ، مثل نِضْو سفَر، أي قد أبْلاَها السَّفر. وبِلْيُ سَفَر، عن الكسائيّ.
وأمّا الأصل الآخَر فقولهم بُلِيَ الإنسانُ وابْتُلِيَ، وهذا من الامتحان، وهو الاختبار. وقال:
بُلِيتُ وفُِقدانُ الحبيبِ بَلِيَّةٌ
وكم مِن كريمٍ يُبْتَلى ثم يَصبرُ
ويكونُ البَلاءُ في الخير والشرّ. والله تعالى يُبْلِي العَبْدَ بلاءً حسناً وبلاءً سيئاً، وهو يرجع إلى هذا؛ لأن بذلكَ يُختبَر في صَبْرِه وشُكْرِه.
بلو/ي
وقال الجعديّ في البلاء أنّهُ الاختبار:
كَفَاني البَلاَءُ وإِنّي امرُؤٌ
__________
(1) البيتان للعجاج في اللسان (18: 91). وقد نسبا إليه أيضاً في المجمل، وليسا في ديوانه.
(2) البيت في اللسان (18: 92).
(3) البيت لذي الرمة في ديوانه 298. وورد في اللسان (18: 92) بدون نسبة. وصواب روايته: "قلوصين عوجاوين" لأن قبله:
ستستبدلين العام إن عشت سالما
إلى ذاك من إلف المخاض البهازر(1/273)
إذا ما تَبَيَّنْتُ لمَ أَرْتَبِ
قال ابنُ الأعرابيّ: هي البِلْوَة والبَلِيَّة والبَلْوَى. وقالوا في قول زهير:
* فأبلاَهُما خَيْرَ البلاءِ الذي يَبلُو(1) *
معناه أعطاهُما خَيْرَ العطاءِ الذي يَبْلُو به عِبادَه.
قال الأحمر: يقول العرب: نَزَلَتْ بَلاءِ، على وزن حَذَامِ.
ومما يُحمَل على هذا الباب قولهم: أبليتُ فُلاناً عُذْراً، أي أعلمته وَبيَّنْتُه(2) فيما بيني وبينه، فلا لَومَ عليَّ بَعْد.
قال أبو عُبيد: أَبلَيْتُه يميناً أي طيَّبْت نفسَه بها. قال أوس:
كأنَّ جديدَ الدار يُبْلِيكَ عنهُم
نَقِيُّ اليَمِينِ بَعْدَ عَهدِكَ حَالفُ(3)
قال ابن الأعرابيّ: يُبْليك يُخْبِرك. يقول العرب: أَبْلِني كذا، أي أخبِرْني؛ فيقول الآخر: لا أُبْلِيْك. ومنه حديث أمِّ سَلَمة، حين ذَكَرَتْ قولَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ مِن أصحابي مَنْ لا يَرَاني بعد أَنْ أُفارِقَه" فسألها عُمَرُ: أَمِنْهُمْ أنا؟ فقالت: لا، ولن أُبْلِيَ أحداً بَعْدَك. أي لن أُخْبِرَ.
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال ابتليْتُه فأبلاني، أي استَخْبَرْتُه فأخبَرَني.
بلت
__________
(1) صدره كما في الديوان 109 واللسان (بلا):
* جزى الله بالإحسان ما فعلا بكم *
(2) أي بينت العذر. وفي اللسان: "أي بينت وجه العذر لأزيل عني اللوم".
(3) كذا، وله وجه. وفي الديوان 14 واللسان (18: 93): "تقي اليمين" بالتاء. يقول: طمست معالم الدار واستوى وجه أرضها، فكأن ذلك الجديد يخبرك إخبار الحالف أنه ما حل بهذه الدار من قبل.(1/274)
ذِكْر ما شذَّ عن هذين الأصلين: قال الخليل: تقول: الناس بذي بَلِيٍّ وذي بِلِيّ(1)، أي هم متفرّقون. قال أبو زيد: هم بذي بليانٍَ أيضاً(2)، وذلك إذا بَعُدَ بعضُهم [عن بعض] وكانوا طوائفَ مع غير إمامٍ يجمعُهم. ومنه حديث خالد لمّا عزَلَه عُمرُ عن الشام: "ذاك إذا كانَ النّاس بذي بَليّ، وذي بَلّى"(3). وأنشد الكسائيّ في رجل يطيل النّوم:
يَنامُ ويذهب [الأَقوامُ] حتّى
يُقَالَ [أَتَوْا] عَلَى ذي بِلِّيَانِ(4)
وأمّا بَلَى فليست من الباب بوجهٍ، والأصل فيها بَلْ.
وَبَلِيّ ابنُ عمرو بن الحاف بن قُضاعة، والنّسبة إليه بَلَوِيٌّ. والأَبْلاء: اسمُ بئر. قال الحارث:
فرياضُ القَطا فأودِيةُ الشُّر
بُبِ فالشُّعبتانِ فالأَبْلاءُ(5)
(بلت) الباء واللام والتاءُ أصلٌ واحد، وهو الانقطاع. وكأنّه من المقلوب عن بَتَل. يقول العرب: تكَلَّم حَتّى بَلِتَ(6). قال الشّنفرَى:
* عَلَى أُمِّها وَإنْ تُخاطِبْكَ تَبْلَِتِ(7) *
بلج
__________
(1) وفي لغتان أخريان، وهما: بلى، كحتى؛ وبلى، كإلا.
(2) يقال بليان، بالتحريك، وبليان بكسرتين مع تشديد الياء. ويرى ابن جني أنه علم للبعد فهو غير مصروف. انظر اللسان (18: 94).
(3) ليس يدرى التكرار، أهو من كلام خالد، أم من كلام الرواة لبيان اختلاف الرواية. والظاهر من مخالفة صاحب اللسان بين ضبط الكلمتين أنهما بيان للرواية.
(4) ورد البيت في الأصل منقوصاً منه الكلمتان اللتان أثبتهما من اللسان (18: 94)، وروايته في اللسان: "تنام ويذهب" على الخطاب.
(5) البيت من معلقته. انظر التبريزي 241.
(6) يقال بلت من بابي نصر وتعب، وأبلت أيضاً.
(7) صدره كما في المفضليات (1: 107) واللسان (2: 315):
* كأن لها في الأرض نسياً تقصه *(1/275)
فأمّا قولهم: مَهْرٌ مَضمونٌ مبلَّت، فهو في هذا* أيضاً؛ لأنّه مقطوعٌ قد فُرِغ منه. على أنّ في الكلمة شكّاً(1). وأنشَدُوا:
* وما زُوِّجَتْ إلاّ بِمَهْرٍ مُبَلَّتِ(2) *
ويقال إنّ البَليتَ كَلأ عامَين، وهو في هذا؛ لأنه يتقطّع ويتكَسَّر. قال:
رَعَيْنَ بَليتاً ساعةً ثم إنّنا
قطَعْنا عليهنَّ الفِجاج الطوامِسَا(3)
(بلج) الباء واللام والجيم أصلٌ واحدٌ منقاس، وهو وضوحُ الشّيء وإشراقُه. البَلَجُ الإشراق، ومنه انبلاج الصُّبح. قال:
* حتّى بدَتْ أعناقُ صُبْحٍ أبْلَجا(4) *
ويقول العرب: "الحقُّ أُبْلَجُ والباطلُ لَجْلَجٌ". وقال:
ألم تَرَ أنَّ الحقَّ تلقاهُ أَبْلَجاً
وأنَّك تلقَى باطِلَ القومِ لجْلَجا(5)
ويقال للذي ليس بمقْرُونِ الحاجبين أبلج، وذلك الإشراقُ الذي بينهما بُلْجة. قال:
أبلَجُ بينَ حاجِبَيه نُورُه
إذا تعدى رُفعَت مبتوره(6)
بلح
(بلح) الباء واللام والحاء أصلٌ واحد، وهو فُتورٌ في الشيء وإعياءٌ وقِلَّةُ إحكام، وإليه ترجع فُروعُ الباب كلّه، فالبَلَح الخَلاَلُ، واحدته بَلَحة، وهو حَمْل النَّخل ما دام أخضَرَ صِغاراً كحِصْرِم العِنَب. قال أبو خيرة: ثَمَرَةُ السَّلَم تسمّى البَلَح ما دامت(7) لم تَنْفتق، فإذا انفتَقَتْ فهي البَرَمَة. أبو عبيدة: أبْلَحَت النّخلة إذا أخرجَتْ بَلَحَها. قال أبو حاتم: يقال للثَّرى إذا يَبِس -وهو التّراب النّدِيّ– قد بَلَحَ بلُوحاً. وأنشد:
حَتّى إذا العودُ اشتهى الصَّبُوحا
وبَلَحَ التُّرْبُ له بُلُوحا
__________
(1) ذكر في المجمل أنها لغة حمير، وكذا كتب ابن منظور.
(2) أنشد هذا العجز في اللسان (2: 316).
(3) في الأصل: "عليها الفجاح الطوامسا"، صوابه من المجمل.
(4) البيت للعجاج في ديوانه 9 واللسان (بلج).
(5) أنشده في الجمهرة (1: 212).
(6) كذا ورد هذا البيت.
(7) في الأصل: "ما دام".(1/276)
ومن هذا البابِ بَلَحَ الرّجُلُ إذا انقَطَعَ من الإعياءِ فلم يَقْدِرْ على التحرُّك. قال الأعشى:
وإذا حُمّل ثِقْلاً بعضُهُمْ
واشتَكَى الأوْصَالَ مِنه وبَلَحْ(1)
وقال آخر(2):
ألا بَلَحَتْ خَفَارَةُ آلِ لَأْيٍِ
فلا شَاةً تَرُدُّ ولا بَعِيرا
قال الشيباني: يقال بَلَحَ إذا جَحَدَ. قال قُطرب: بَلَحَ الماءُ قلّ، وبَلَحَت الركيّة. قال:
مالَكَ لا تَجُمُّ يا مُضَبَّحُ
قد كنتَ تَنْمِي والرَّكِيُّ بُلَّحُ
ويقال بَلَحَ الزَّنْدُ إذا لم يُورِ. قال العامريّ: يقال بَلَحَتْ عَلَيَّ راحلتي، إذا كَلَّتْ ولم تشايِعْني. ويقال بَلَحَ البَعيرُ وبَلَحَ الرّجلُ إذا لم يكن عنده شيء. قال:
بلخ - بلد
مُعْترِفٌ للرُّزْءِ في مالِهِ
إذا أكَبَّ البَرَمُ البالحُ
ومما شَذَّ عن الباب البُلَح، طائر، والبَلَحْلحة: القصعة لا قعر لها(3).
(بلخ) الباء واللام والخاء أصلٌ واحد، وهو التكبُّر، يقال رجل أبْلَخُ. وتبلّخ: تكَبَّر.
(بلد) الباء واللام والدال أصلٌ واحد يتقارب فُروعُه عند(4) النَّظر في قياسه، والأصل الصدْر. ويقال وضَعَت النّاقةُ بَلْدَتَها بالأرض، إذا بَرَكت. قال ذو الرُّمّة:
أنيخت فألْقَتْ بَلْدَةً فوقَ بَلْدَةٍ
قَليلٍ بها الأصواتُ إلاّ بُغامُها(5)
__________
(1) البيت في ديوانه 160. وعجزه في اللسان (3: 228). ورواية الديوان:
وإذا حمل عبئاً بعضهم
فاشتكى الأوصال منه وأنح
(2) هو بشر بن أبي خازم، كما في اللسان (3: 238).
(3) ليست في اللسان ولا في المخصص في باب (القصاع). وفي القاموس: "والبلحلح القصعة لا قعر لها". وأورد اللسان في (زلح) والمخصص (5: 58): "الزلحلحة" بمعناها. وأنشد فيهما:
ثمت جاؤوا بقصاع ملس
زلحلحات ظاهرات اليبس
(4) في الأصل: "عن".
(5) البيت في ديوان ذي الرمة 638 واللسان (4: 63).(1/277)
ويقال تبلَّد الرّجلُ، إذا وضَعَ يَدَهُ على صَدْره عند تَحيُّرِه في الأمر. والأبْلد الذي ليس بمقْرُونِ الحاجبَيْن، يقال لما بين حاجبيه بَُلْدَة. وهو من هذا الأصل؛ لأنّ ذلك يشبه الأرض البلدة. والبلدة: النَّجم، يقولون هو بَلْدة الأسد، أي صدره(1). والبلد صدْرُ القُرى. فأمّا قول ابن الرِّقاع:
بلز - بلس
* مِنْ بَعْدِ ما شمِلَ البِلَى أبلادَها(2) *
فهو من هذا. وقالوا: بَلِ البلدُ الأَثَر، وجمعه أبلاد. والقولُ الأولُ أقيَس. ويقال بَلّد الرّجُل بالأرض، إذا لَزِق بها. قال:
إذا لم يُنازِعْ جاهِل القومِ ذُو النُّهى
وبَلّدَتِ الأعلامُ باللّيلِ كالأَكَمْ(3)
يقول: كأنّها لزِقَتْ بالأرض. وقال رجلٌ من تميمٍ يصفُ حَوضاً:
وَمُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْماةٍ بَمَهْلَكَةٍ
جاورْتُه بِعَلاةِ الخَلْقِ عِلْيانِ(4)
يذكر حوضاً لاصقاً بالأرض. ويقال أبْلَدَ الرَّجُلُ إبلاداً، مثل تبلّد سواء. والمبالدة بالسُّيوف مثل المُبَالطة. وقال بعضهم: اشتقّ من الأوّل، كأنهم لزِموا الأرضَ فقاتلوا عليها. والبالد قياساً للمقيم بالبَلَد.
(بلز) الباء واللام والزّاء* ليس بأصل، وفيه كُلَيمات، فالبِلِزُ المرأة القصيرة. ويقولون البَلأَز: القصير من الرِّجال(5) والبَلأَزَةُ: الأكْل. وفي جميعِ ذلك نظرٌ.
(بلس) الباء واللام والسين أصلٌ واحد، وما بَعْدَه فلا معوَّلَ عليه.
بلص - بلط
__________
(1) في اللسان والأزمنة والأمكنة (1: 194، 313) أنها موضع لا نجوم فيه. وذكر الجوهري أنها ستة أنجم من القوس.
(2) صدره كما في اللسان (4: 64) والأغاني (1: 115، 118/8: 176، 177):
* عرف الديار توهماً فاعتادها *
(3) البيت في اللسان (4: 65) بدون نسبة كما هنا.
(4) وكذا جاءت روايته في اللسان (4: 63)، لكن في (19: 235): "ومتلف بين موماة" .
(5) الذي في اللسان أن "البلز الرجل القصير". وأما "البلأز" فقد ذكره اسماً من أسماء الشيطان.(1/278)
فالأصلُ اليَأْسُ، يقال أبْلَسَ إذا يَئِسَ. قال الله تعالى: { إذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ(1) } [المؤمنون 77]، قالوا: ومن ذلك اشتُقّ اسم إبْليس، كأنَّهُ يَئِسَ مِنْ رحمة الله.
ومن هذا الباب أبْلَسَ الرجُلُ سَكَت، ومنه أبْلَسَتِ النّاقة، وهي مِبْلاَسٌ، إذا لم تَرْغُ(2) مِنْ شِدَّةِ الضَّبَعَة. فأما قولُ ابنِ أحمر:
عُوجي ابنَةَ البَلَسِ الظَّنُونِ فقد
يَرْبُو الصَّغِيرُ ويُجْبَرُ الكسْرُ
فيقال إنَّ البَلَسَ الواجم.
(بلص) الباء واللام والصاد، فيه كلماتٌ أكثرُ ظَنِّي أن لا مُعوَّلَ على مثلها، وهي مع ذلك تتقارب. يقولون بلَّصتِ الغنم إذا قلّت ألبانها، وتبلَّصت الغَنَمُ الأرضَ إذا لم تدَعْ فيها شيئاً إلاّ رَعَتْه.
وتبلّصتُ الشيءَ، إذا طلبْتَه في خَفاءٍ(3). وفي ذلك عندي نَظَر.
(بلط) الباء واللام والطاء أصلٌ واحد، والأمر فيه قريبٌ من الذي قبلَه. قالوا: البَلاط كلُّ شيءٍ فرشْتَ به الدار مِن حَجَر وغيره. قال ابن مُقْبِل:
في مُشرِفٍ لِيطَ لَيّاقُ البلاط به
كانت لِسَاسَتِه تُهْدَى قَرَابِينا
يقول: هي مَصْنَعَةٌ لنَصارَى يتعبَّدُون فيها، في مُشْرِفٍ ألْصِق. لَيَّاق أي لصَّاق يقال ما يَلِيق بك كذا، أي لا يَلْصَق. يذكر حُسْنَ المكانِ وأُنسَه بالقُرْبان
بلع - بلغ
__________
(1) من الآية 77 في سورة المؤمنين. وفي الأصل: "فإذا" تحريف. أما التي فيها الفاء فهي الآية 44 من سورة الأنعام: { فإذا هم مبلسون } بدون ذكر "فيه". وفي الآية 75 من الزخرف: { وهم فيه مبلسون } .
(2) لم ترغ، من الرغاء، وهو صوتها. وفي الأصل: "لم ترع" مع ضبط العين المهملة بالفتح، والصواب من المجمل واللسان والقاموس ، وهو ما يقتضيه الكلام.
(3) لم يذكر اللسان في المادة شيئاً من هذه المعاني، وذكرت جميعها في القاموس.(1/279)
والمصابيح. فإنْ كان هذا صحيحاً - على أنّ البلاط عندي دخيل – فمنه المُبالَطَة، وذلك أنْ يتضارب الرّجلانِ وهما بالبَلاط، ويكونا في تقارُبهما كالمتلاصِقَين.
وأَبْلَطَ الرّجُل افتَقَرَ فهو مُبْلِطٌ، وذلك من الأوّل، كأنّه افتقرَ حتى لَصِقَ بالبَلاط، مثل تَرِبَ إذا افتقَرَ حتى لَصِقَ بالتراب. فأمّا قولُ امرئ القيس:
* نزلتُ على عمرِو بن دَرْماءَ بُلْطَةً(1) *
فيقال هي هَضْبَةٌ معروفة، ويقال بُلْطةً مفاجأةً. والأوّل أصحُّ.
(بلع) الباء واللام والعين أصلٌ واحد، وهو ازدراد الشيء. تقول: بلِعْتُ الشيءَ أبْلَعُه. والبالوع(2) من هذا لأنه يَبْلَعُ الماء. وسَعْدُ بُلَعَ نجمٌ. والبُلَعُ السَّمّ في قامَة البَكْرَه(3). والقياس واحدٌ، لأنّه يَبْلَعُ الخشبة التي تسلكه. فأمّا قولهم بَلَّعَ الشّيبُ في رأسه فقريبُ القياسِ من هذا؛ لأنّه إذا شَمِل رأسَه فكأنَّه قد بَلِعَه.
(بلغ) الباء واللام والغين أصلٌ واحد وهو الوُصول إلى الشيء. تقول بَلَغْتُ المكانَ، إذا وَصَلْتَ إليه. وقد تُسَمّى المُشارَفَةُ بُلوغاً بحقّ المقاربة. قال الله تعالى:
{ فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } [الطلاق 2]. ومن هذا الباب قولهم
بلق - بني
__________
(1) ليس في ديوانه. وأنشده في اللسان (بلط) منسوباً إليه، وكذا في معجم البلدان (2: 271). وورد بدون نسبة في الجمهرة (1: 308). وفي "بلطة" تأويلات كثيرة ذكرها في اللسان. وعجز البيت كما في الجمهرة:
* فيا كرم ما جار ويا حسن ما محل *
... وفي اللسان: "فيا كرم ويا كرم"، وفي البلدان: "فيا حسن ويا كرم".
(2) المذكور في المعاجم "البالوعة" و"البلوعة" و"البلاعة".
(3) وكذا عبارة المجمل. وفي اللسان: " والبلعة سم البكرة وثقبها الذي في قامتها وجمعها بلع".(1/280)
هو أَحْمَقُ بِلْغٌ وبَلْغٌ، أي إنّه مع حماقته يبلغ ما يريده. والبُلْغَة ما يُتَبَلَّغُ به من عَيْشٍ، كأنّه يُرادُ أنّه يبلُغُ رُتْبَةَ المُكْثِرِ إذا رَضِيَ وقَنَع، وكذلك البَلاغَة التي يُمْدَحُ بها الفَصِيحُ اللّسان، لأنّه يبلُغُ بها ما يريده، ولي في هذا بلاغٌ أي كِفاية. وقولهم بلَّغَ الفارسُ، يُرَادُ به أنّه يمدّ يدَه بعِنانِ فرَسِهِ، لِيَزيد في عَدْوِهِ. وقولهم تبلَّغَتِ القِلَّة بفلانٍ، إذا اشتدَّتْ، فلأنه تناهِيها به، وبلوغها الغاية.
(بلق) الباء واللام والقاف أصلٌ واحدٌ منقاسٌ مطّرد، وهو الفتح. يقال أبلَقَ البابَ وبلَقَهُ، إذا فتحه كلّه. قال:
* والحِصْنُ مُنْثَلِمٌ وَالبابُ مُنْبَلقُ(1) *
والبَلَقُ الفُسْطاط، وهو من الباب. وقد يُسْتَبْعَدُ البَلَقُ في الألوان، وهو قريبٌ، وذلك أنّ البَهيم مشتَقٌّ من البابِ المُبْهَم، فإذا ابيضّ بعضُه فهو كالشيء يُفْتَحُ.
(باب الباء والنون وما يثلثهما في الثلاثي)
(بني) الباء والنون والياء* أصلٌ واحد، وهو بناءُ الشيء بِضَمِّ بعضِه إلى بعضٍ. تقول بَنَيْتُ البناءَ أبنيه. وتسمَّى مكةُ البَنِيّة. ويقال قوس بَانِيةٌ، وهي التي بَنَتْ على وَترِها، وذلك أن ْيكاد وتَرُها ينقطع للُصُوقه بها. وطيّئ تقول مكانَ بانيةٍ: بَانَاةٌ؛ وهو قول امرئ القيس:
* غَيْرِ بَانَاةٍ عَلَى وَتَرِهْ(2) *
بنو
ويقال بُنْيَةٌ وَبُنىً، وبِنْيَة وبِنىً بكسر الباء كما يقالَ: جِزية وجِزىً، ومِشيَةٌ ومِشىً.
__________
(1) في اللسان (بلق) والمجمل: "فالحصن منثلم".
(2) صدره كما في الديوان 151 واللسان (18: 104) :
* عارض زوراء من نشم *(1/281)
(بنو) الباء والنون والواو كلمةٌ واحدة، وهو الشيء يتولَّد عن الشيء، كابنِ الإنسان وغيره. وأصل بنائه بنو، والنّسْبة إليه بَنَويٌّ، وكذلك النسبة إلى بِنْت وإلى بُنَيَّات الطّريق. فأصل الكلمة ما ذكرناه، ثم تفرِّع العرب. فتسمّي أشياءَ كثيرةً بابن كذا، وأشياءُ غيرها بُنّيتْ كذا، فيقولون ابن ذُكاء الصُّبح، وذُكاءُ الشّمس، لأنّها تذكُو كما تذكو النّار. قال:
* وابنُ ذُكاءَ كامِنٌ في كَفْرِ(1) *
وابن تُرْنا: اللّئيم. قال أبو ذؤيب:
فإنَّ ابن تُرْنا إذا جئتكم
يُدَافعُ عَنِّي قَوْلاً بَريحا(2)
شديداً من بَرَّحَ به. وابن ثَأْداءَ(3): ابن الأَمَة. وابن الماء: طائر. قال:
وردتُ اعتِسَافاً والثُّريَّا كأنّها
على قِمّةِ الرّأس ابنُ ماءٍ مُحَلِّقُ(4)
وابن جَلاَ: الصُّبح، قال:
أنا ابنُ جَلاَ وطلاََّّعُ الثَّّنَايا
متى أَضَعِ العِِمامةََ يَعْرِِفُُوني(5)
بنو
__________
(1) الرجز لحميد الأرقط، كما في اللسان (كفر) وأنشده في (بني) بدون نسبة.
(2) كذا يرى اللغويون في تفسير البيت. انظر اللسان (ترن) والمخصص (13: 198) والمزهر (1:
520). وأرى أن (ابن ترنى) هذا شخص بعينه من شعراء الهذليين، أثبت له السكري مناقضة لعمرو ذي الكلب في شرح أشعار الهذليين 238. وروى السكري لعمرو ذي الكلب في 235 يخاطب ابن ترنى هذا:
على أن قد تمناني ابن ترنى
فغيري ما تمن من الرجال
(3) ثأداء، بسكون الهمزة وفتحها. وفي الأصل: "ثأد" صوابه في اللسان (ثاد) والمخصص.
(4) البيت لذي الرمة في ديوانه 401 واللسان (عسف).
(5) وكذا روي في (جلو) ويروى: "تعرفوني". والبيت لسحيم بن وثيل الرياحي. انظر الأصمعيات 73 واللسان (جلا) والخزانة (1: 123).(1/282)
ويقال للذي تَنْزِلُ به الملمّة (1) فيكشفها: ابن مُلمّة، وللحَذِر: ابن أحْذَار. ومنه قول النابغة(2):
بلِّغ زياداً وَحَيْنُ المَرْءِ يدركُه
فلو تَكَيَّسْتَ أو كنتَ ابنَ أَحْذار(3)
ويقال لِلَّجَّاج: ابن أَقْوال(4)، وللذي يتعسَّف المفاوز: ابنُ الفَلاةِ، وللفقير الذي لا مأوى له غيرُ الأرض وتُرَابِها: ابن غَبْراء. قال طَرَفَة:
رأيت بني غَبْرَاءَ لا يُنكِرونَنِي
ولا أهلُ هَذَاكَ الطِّرَافِ الممدَّدِ(5)
وللمسافر: ابن السّبيل. وابنُ ليل: صاحبُ السُّرى. وابنُ عَمَلٍ: صاحب العملِ الجادُّ فيه. قال الراجز:
* يا سعد يابنَ عَمَلٍ يا سَعْدُ(6) *
ويقولون: هو ابن مدينةٍ إذا كان عالماً بها(7)، وابن بجدَتِها(8) أي عالِمٌ بها
بنو
__________
(1) في الأصل: "الملم".
(2) كذا. والصواب أنه لبدر بن حوار الفزاري يرد به على النابغة ويوبخه. والذي جلب هذا الخطأ أن البيت مروي في ديوان النابغة، وكثيراً ما يرد شعر شاعر في ديوان غيره لخبر أو لمناقضة. انظر النابغة 44 من مجموع خمسة دواوين.
(3) البيت بدون نسبة في المخصص (13: 204) برواية "وإن تكيس أو كان". كما في الديوان. وفي الأصل هنا. "فلو تكسبت"، تحريف. وزياد: اسم النابغة.
(4) في اللسان: "وابن أقوال الرجل الكثير الكلام". وفي المخصص: "وإنه لابن أقوال إذا كان جيد القول". وانظر المزهر (1: 520).
(5) البيت من معلقته.
(6) روايته في المخصص (13: 203): "يا ابن عملي"، وفسره يقوله: "أي يا من يعمل عملي".
(7) ويقال ابن المدينة، أي ابن الأمة، وبكلا الوجهين فسر قول الأخطل:
ربت وربا في حجرها ابن مدينة
يظل على مسحاته يتركل
... انظر اللسان ( مدن) والمخصص (13: 199) والمزهر (1: 520).
(8) ضبطت في اللسان والقاموس بالفتح، وبالضم، وبضمتين. وفي المخصص بتثليث الباء ضبط قلم.(1/283)
وبجدَة الأمر: دِخْلتُه. ويقولون للكريمِ الآباءِ والأمَّهاتِ هو ابنُ إحداها(1). ويقال للبَرِئ من الأَمر هو ابن خَلاَوةَ، وللخبز ابن حَبَّةَ، وللطريق ابن نعامة(2). وذلك أنّهم يسمّون الرِّجْل نَعامة. قال:
* وابنُ النَّعامةِ يوم ذلكَ مَرْ كَبي *
وفي المثل: "ابنُكَ ابنُ بُوحِكَ" أي ابنُ نَفْسِك الذي وَلدْتَه. ويقال لليّلة التي يطلُع فيها القمر: فَحْمَةُ ابنِ جَمِير. وقال:
نهارُهُمُ ليْلٌ بَهيمٌ وليلُهمْ
وإن كان بَدْراً فحمةُ ابنِ جمِيرِ(3)
يصِفُ قوماً لُصوصاً. وابن طَابٍ: عِذْقٌ بالمدينة (4). وسائر ما تركنا ذكره من هذا الباب فهو مفرَّقٌ في الكتاب، فتركنا كراهة التطويل.
ومما شذّ عن هذا الأصل المِبناة النِّطْع. قال الشاعر (5):
على ظَهْرِ مَبْنَاةٍ جَديدٍ سُيورُها
يَطَُوف بها وَسْطَ اللَّطيمةِ بائِعُ
بنج - بند - بنس - بنق - بنك
(بنج) الباء والنون والجيم كلمة واحدةٌ ليست عندي أصلاً، وما أدري كيف هي في قياس اللغة، لكنّها قد ذُكِرَتْ. قالوا: البِنْجُ الأصْل، يقال رجَع إلى بِنْجِه.
__________
(1) في المخصص (13: 199): "ابن السكيت: إنه لابن إحداها، إذا كان قوياً على الأمر عالما به. وقال الأحول: لا يقوم بهذا الأمر إلا ابن أجداها، بالجيم، يريد كريم الآباء والأجداد. وقول ابن السكيت أعرف". وانظر المزهر (1: 520).
(2) فسر النعامة بالرجل. والصحيح أن ابن النعامة اسم فرس الشاعر، وهو خزز بن لوذان السدوسي. انظر اللسان (نعم 64) والخيل لابن الأعرابي 92. وصدر البيت:
* ويكون مركبك القعود وحدجه *
... ويروى : "القلوص ورحله".
(3) لابن أحمر، كما في اللسان (جمر). ويروى: "نهارهم ظمان ضاح".
(4) في الصحاح: "وتمر بالمدينة يقال عذق ابن طاب ورطب ابن طاب".
(5) هو النابغة، ديوانه 50، واللسان (18: 104).(1/284)
(بند) الباء والنون والدال أصلٌ فارسيُّ لا وجْهَ لذِكْره(1).
(بنس) الباء والنون والسين كلمةٌ واحدة، يقال بنَّسَ عن الشيءِ (2) تبنيسا، إذا تأخَّر عنه.
(بنق) الباء والنون والقاف كلمةٌ واحدة، وأراها من الحواشي غير واسطة. وهي البَنيقة، وهو جُِرُِبّان القَميص. ويقال: البَنِيقة كلُّ رُقْعةٍ في الثّوب كاللَّبِنَةِ ونحوها. على أنّها قد جاءَتْ في الشِّعر. قال:
يضمّ إليَّ الليلُ أطفالَ حُبِّها
كما ضَمَّ أزْرارَ القَميصِ البنائقُ(3)
(بنك) الباء والنون والكاف* كلمة واحدة، وهو قولهم تَبَنَّكَ بالمكان أقام به، وهي شِبْه التي قَبْلَها.
بهو - بهي - بهأ - بهت
(باب الباء والهاء وما بعدهما في الثلاثي)
(بهو) الباء والهاء والواو أصلٌ واحد، وهو البيتُ وما أشبَهَهُ. فالبَهْو البيتُ المقدَّم أمامَ البيوت. والبَهْو كِنَاس الثَّور. ويقال البَهْو مَقِيل(4) الولد بين الورِكَين من الحَامِلِ. ويقال لجَوْف الإنسان وغيره البَهْو.
__________
(1) البند: العلم الكبير. وهذا ما عربته العرب من المادة. على أنهم قالوا من غير تعريب: البند الذي يسكر من الماء. ويسكر بالبناء للمفعول، أي يحبس أو يسكن هو. وقالوا أيضاً: فلان كثير البنود، أي كثير الحيل. وذكر في القاموس "البنودة" كسفودة: الدبر.
(2) في الأصل : "على الشيء"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) البيت للمجنون، كما في اللسان (بنق).
(4) في اللسان والمحكم، كما ذكر مصحح اللسان: "مقبل" وهو الموضع الذي تقبل منه القابلة الولد عند الولادة؛ وأراها الصواب، لكن كذا جاءت في الأصل والمجمل والقاموس والتهذيب والتكملة.(1/285)
(بهي) الباء والهاء والياء أصلٌ واحد، وهو خُلُوّ الشيءِ وتعطُّله. يقال بيتٌ باهٍ إذا كان خالياً لا شيء فيه. ويقولون: "المِعْزَى تُبْهِي ولا تُبْنِي" وذلك أنّه لا يُتَّخَذ من شُعورها بيوتٌ، وهي تَصْعَدُ الخِيَمَ فتمزِّقُها. وفي بعض الحديث: "أَبْهُوا الخَيْل" أي عطِّلوها.وربما قالوا بَهِيَ البَيْتُ بَهَاءً، إذا تَخَرَّقَ.
(بهأ) الباء والهاء والهمزة أصلٌ واحد، وهو الأُنْس. تقول العرب: بَهأْتُ بالرَّجُلِ إذا أنِسْتَ به. قال الأصمعيُّ في كتاب الإبل: ناقةٌ بَهَاءٌ ممدود، إذا كانت قد أَنِسَتْ بالحالب. قال: وهو من بهأتُ إذا أنست به. والبَهاء الحُسْن والجمال؛ وهو من الباب، لأنّ الناظر إليه يأْنَس.
(بهت) الباء والهاء والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو كالدَّهَش والحَيْرة. يقال بُهِتَ الرجل يُبْهَتُ بَهْتاً. والبَهْتَةُ الحيرة. فأمّا البُهْتان فالكذب. يقول العرب:
يا لَلبَهيتة، أي يا لَلكذِب.
بهث - بهج - بهر
(بهث) الباء والهاء والثاء ليس بأصل، وقد (1) سُمِّي الرجل بُهثَة.
(بهج) الباء والهاء والجيم أصلٌ واحد، وهو السرور والنَّضْرة، يقال نباتٌ بهيجٌ، أي ناضِرٌ حَسَن. قال الله تعالى: { وَأَنْبَتْنَا فيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ }
[ق 7]. والابتهاج السُّرورُ من ذلك أيضاً.
(بهر) الباء والهاء والراء أصلان: أحدهما الغَلَبة والعُلوّ، والآخر وَسَط الشيء.
فأمّا الأوّل [فقال] أهلُ اللغة: البَهْر الغَلَبة. يقال ضوءٌ باهر. ومن ذلك قولهم في الشتم: بَهْراً، أي غَلَبَةً (2). قال :
وَجَدّاً لقَومِي إذْ يَبيعُون مُهْجتي
__________
(1) في الأصل: "فقد". وقد ذكر في المجمل: "وفلان لبهثة، أي لزنية". وللمادة معان أخرى في اللسان.
(2) في الأصل: "غلب". وفي اللسان: "بهرا له، أي تعسا وغلبة".(1/286)
بجاريةٍ بَهْراً لَهُمْ بَعْدَها بَهْرَا(1)
يدعُو عليهم. وقال ابنُ أبي ربيعة:
ثم قالوا تُحِبُّها قلت بَهْراً
عَدَدَ الرَّمْلِ والحصَى والتُّرابِ(2)
فقال قومٌ: معناها بهراً لكم. وقال آخرون: معناها حُبّاً قد غَلَبَ وبَهَر. وقال آخرون: معناه قلت ذلك مُعْلِناً غير كاتم له. قال: ومنه ابتُهر فلان بفلانة أي شُهِر بها. ويقال ابتُهر بالشيء شُهِرَ به وغَلَبَ عليه. ومنه القَمر الباهر، أي الظاهر. والعربُ تقول: "الأزواج ثلاثة: زوجُ بَهْرٍ، وزوجُ دَهْرٍ، وزوجُ مَهر".
بهز - بهس - بهش
البَهْر يقال للذي يَبْهَر العُيونَ بحُسْنه، ومنه من يُجعَل عُدَّة للدّهر ونَوائبه، ومنهم مَن ليس فيه إلا أنْ يُؤخَذَ منه المَهْر.
وإلى هذا الباب يرجع قولُهم: ابتُهِرَ فلانٌ بفلانة. وقد يكون ما يُدَّعى من ذلك كَذِباً. قال تميم:
... حين تختلف العَوالي
وما بي إنْ مَدَحْتُهُمُ ابتِهارُ(3)
أي لا يغلِب في ذلك دعوةُ كَذِبٍ. وقال الكميت:
قَبِيحٌ بمثْلِيَ نَعْتُ الفَتا
ةِ إمّا ابتهاراً وإمّا ابتيارا(4)
و[أما] الأصل الآخَر فقولهم لوسَط الوادي ووَسَطِ كلِّ شيءٍ بُهْرَةٌ. ويقال ابهَارَّ الليلُ، إذا انَتصَفَ. ومنه الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سارَ ليلةً حَتّى ابهَارَّ الليل". والأباهر في ريش الطائر. ومن بعض ذلك اشتقاقُ اسم بَهْرَاء(5).
فأمّا البُهار الذي يُوزَن به فليس أصله عندي بَدَوِيّاً.
__________
(1) البيت لابن ميادة، كما في اللسان (5: 148). جدا، أي قطعاً، دعاء عليهم. ورواية اللسان: "تفاقد قومي"، أي فقد بعضهم بعضاً.
(2) ديوان عمر 117 واللسان (5: 148). وفي الديوان: "عدد النجم".
(3) كذا ورد منقوص الأول. وفي الأصل" ابتهارا"، صوابه ما أثبت من اللسان (بهر)، ولم يرو صدره في اللسان.
(4) البيت في اللسان (5: 152-154).
(5) هم بنو عمرو بن الحاف. انظر المعارف 51 والاشتقاق 321.(1/287)
(بهز) الباء والهاء والزاء أصلٌ واحد، وهو الغَلَبَة والدَّفْعُ بعُنْفٍ.
(بهس) الباء والهاء والسين كلمةٌ واحدٌةٌ، يقال إنّ الأسَدَ يسمَّى بَيْهساً.
(بهش) الباء والهاء والشين. شيئان: أحدهما شِبْه الفَرَح، والآخر جِنْسٌ من الشَّجَر.
بهظ - بهق - بهل
فالأول قولهم بَهَش إليه إذا رآه فسُرَّ به وضَحِك إليه. ومنه حديث* الحسن: "أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يُدْلِعُ له لسانَه فَيَبْهَش الصبيّ له(1)". ومنه قوله:
* وإذا رأيتَ الباهِشِين إلى العُلَى(2) *
والثاني البَهْش، وهو المُقْل ما كانَ رطباً، فإذا يَبِس فهو خَشْل. وقال عُمَرُ، وبَلَغَه أنّ أبا موسى قَرأ حَرفاً بلغةِ قومِه، فقال: "إنّ أبا موسى لم يكُنْ مِنْ أَهْل البَهْش". يقول: إنه ليس من أهل الحجاز، والمقْلُ ينبُتُ، يقول: فالقرآنُ نازِلٌ بلُغة الحجازِ لا اليَمَن.
(بهظ) الباء والهاء والظاء كلمةٌ واحدةٌ، وهو قولهم بَهَظه الأمرُ، إذا ثَقُل عليه. وذا أَمْرٌ باهظ.
(بهق) الباء والهاء والقاف كلمةٌ واحدة، وهو سوادٌ يعترِي الجلدَ، أو لونٌ يخالِفُ لونَه. قال رؤبة:
* كأنَّه في الجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ(3) *
(بهل) الباء والهاء واللام. أصول ثلاثة: أحدها التّخلية، والثاني جِنْسٌ من الدُّعَاء، والثالث قِلَّةٌ في الماء.
بهم
__________
(1) في اللسان: "وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدلع لسانه للحسن بن علي"، فإذا رأى حمرة لسانه بهش إليه".
(2) لعبد القيس بن خفاف البرجمي من قصيدة في المفضليات (2: 184-185) واللسان (1: 206-207) وعجزه:
* غبراً أكفهم بقاع ممحل *
(3) ديوان رؤبة 104 واللسان (بهق، ولع). ورواية الديوان واللسان: "كأنها في الجلد".(1/288)
فأمّا الأوّل فيقولون: بَهَلْتُه إذا خَلَّيْتَه وإرادَتَه. ومن ذلك النّاقة الباهِلُ، وهي التي لا سِمَة عليها. ويقال [التي] لاصِرَارَ عليها. ومنه حديث المرأة(1) لِبعلها: "أبثَثْتُكَ مكتومي، وأطعمتُك مأْدومي، وأَتَيْتُك باهلاً غَيْرَ ذاتِ صِرَارٍ"، وقد أراد تطليقها.
وأمّا الآخَر فالابتهال والتضرُّع في الدُّعاء. والمباهلةُ يرجع إلى هذا، فإنَّ المُتَبَاهِلَين يدعُو كلُّ واحدٍ منهما على صاحِبِه. قال الله تعالى: { ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبِينَ } [آل عمران 61].
والثالث البَهْل وهو الماء القَلِيل.
(بهم) الباء والهاء والميم: أن يبقى الشّيءُ لا يُعْرَفُ المأْتَى إليه. يقال هذا أمرٌ مُبْهَم. ومنه البُهْمةُ: الصخرة التي لا خَرْق فيها، وبها شُبِّه الرّجُل الشُّجَاعُ الذي لا يُقدَرُ عليه من أيِّ ناحيةٍ طُلِب. وقال قوم: البُهْمةُ جماعةُ الفرسان. ومنه البَهيمُ: اللَّونُ الذي لا يخَالِطُه غيرُه، سواداً كانَ أو غيرَه. وأبْهَمْتُ البابَ: أغلقْتُه.
ومما شَذَّ عن هذا الباب: الإبهام من الأصابع. والبَهْم صِغارُ الغَنم. والبُهْمَى نبْتٌ، وقد أبْهَمَتِ الأرضُ كثُرَتْ بُهْمَاهَا. قال:
لها مُوفِدٌ وَفاهُ وَاصٍ كأنّه
زَرَابيُّ قَيْلٍ قَدْ تُحُومِيَ مُبْهمُ(2)
بهن - بوأ
(بهن) الباء والهاء والنون كلمةٌ واحدة، وفيها أيضاً ردّة(3) يقال البَهْنانة المرأة الضَّحّاكة، ويقال الطّيِّبة الرِّيح. وقوله:
ألاَ قالَتْ بَهَانِ ولم تأبَّقْ
__________
(1) هي امرأة دريد بن الصمة، كما سبق في مادة (أدم 72).
(2) أنشده في اللسان (20: 285). والموفد، هنا: السنام. والواصي: النبت المتصل. والقيل: الملك. والمبهم: ذو البهمى الكثيرة.
(3) كذا في الأصل.(1/289)
بَلِيتَ ولا يَليقُ بك النَّعيمُ(1)
فإنّه أراد الاسمَ الذي ذكرناه، فأخرجه على فَعَالِ.
(باب الباء والواو وما معهما في الثلاثي)
(بوأ) الباء والواو والهمزة أصلان: أحدُهما الرُّجوع إلى الشيءِ، والآخر تساوِي الشّيئين.
فالأوّل الباءَة والمباءَة، وهي مَنزلة القوم، حيثُ يتبوّؤُون في قُبُلِ وادٍ [أ]و سَنَدِ جبل. ويقال قد تبوَّؤوا، وبوّأهم اللهُ تعالى مَنْزِلَ صِدْق. قال طرفة:
طيّبُو البَاءةِ سهلٌ ولَهُمْ
سُبُلٌ إنْ شِئْتَ في وَحْشٍ وَعِرْ(2)
وقال ابن هَرْمَة:
وبُوِّئَتْ في صَمِيم مَعْشَرِها
فتَمَّ في قومِها مُبَوَّؤُها(3)
والمَبَاءة أيضاً: منْزِل الإبل حيثُ تُناخُ في الموارد. يقال أبَأْنَا الإبِلَ نُبِيئُهَا إباءةً -ممدودة- إذا أنختَ بعضها إلى بعض. قال:
بوأ
خليطان بينهما مِئْرَةٌ
يُبِيئانِ في مَعْطِنٍ ضَيِّقِ(4)
وقال:
* لهم منْزلٌ رحبُ المباءةِ آهِل *
قال الأصمعيّ: يقال قد أباءَها الرَّاعِي إلى مَبَائِها فتبوَّأَتْه، وبوَّأَها إيَّاهُ تَبْوِيئاً. أبو عُبيد: يقال فلانٌ حسن البِيئَةِ على فِعْلة، من قولك تبوَّأْتُ منْزِلاً. وبات فلانٌ ببيئة سَوء (5). قال:
ظَلِلْتُ بذي الأرْطَى فَويْقَ مُثَقَّبٍ
ببيئَةِ سوءٍ هالكاً أو كهَالِكِ(6)
__________
(1) البيت في نوادر أبي زيد 16 واللسان (11: 283) منسوب إلى غامان بن كعب. وسماه في
(16: 207): "عاهان بن كعب". وكلمة "لم" ساقطة من الأصل. وقد سبق البيت في (أبق 39).
(2) ديوان طرفة 67 واللسان (1: 31).
(3) البيت بدون نسبة في اللسان (1: 31).
(4) البيت في اللسان (1: 31) برواية "حليفان" و"في عطن".
(5) في الأصل: "وباءت فلان بيئة سوء" تحريف، صوابه من المجمل حيث قال: "وبات ببيئة سوء أي بحالة سوء".
(6) البيت لطرفة في ديوانه 55 والأصمعيات 55. وفي الديوان: "بكينة سوء".(1/290)
ويقال هو ببيئة سَوْءٍ بمعناه(1). *قال أبو مهديّ: يقال باءَتْ على القومِ بائِيَتُهم إذا راحَتْ عليهم إبِلُهم. ومن هذا الباب قولهم أَبِئْ عليه حَقَّه، مثل أرِحْ عليه حَقّه. وقد أباءَه عليه إذا ردَّه عليه. ومن هذا الباب قولُهم باءَ فلان بذَنْبِه، كأنّه عاد إلى مَبَاءته محتملاً لذنْبه. وقد بُؤْت بالذَّنْبِ، وباءَت اليهودُ بغَضَب الله تعالى.
والأصل الآخَر قولُ العرب: إنّ فلاناً لَبَوَاءٌ بفلانٍ، أي إنْ قُتِل به كان كُفْواً. ويقال أَبَأْتُ بفلانٍ قاتِلَه، أي قتَلْتُه. واستَبَأْتُهُمْ قاتِلَ أخِي، أي طلبْتُ إليهم أنْ يُقِيدُوه(2). واستبَأْتُ به مثلُ استقَدْت. قال:
بوب
فإنْ تقتُلوا مِنّا الولِيدَ فإنّنا
أبَأْنَا به قَتْلَى تُذِلُّ المَعَاطِسا(3)
وقال زُهير:
فلم أر معشراً أَسَرُوا هَدِيّاً
ولم أرَ جارَ بيتٍ يُسْتَباءُ(4)
وتقول: باءَ فلانٌ بفُلانٍ، إذا قُتِل به. قال:
ألاَ تَنْتَهِي عَنّا ملُوكٌ وتَتَّقِي
مَحارِمَنا لا يَبْوُءِ الدَّمُ بالدَّمِ(5)
أي مِنْ قَبْل أَنْ يَبُوءَ الدِّماء؛ إذا استوَتْ في القَتْل(6) فقد باءتْ.
ومن هذا الباب قولُ العرب: كلَّمْناهُمْ فأجابُونا عن بَوَاءٍ واحدٍ: [أجابوا] كلُّهُمْ جواباً واحدا. وهم في هذا الأمْرِ بَوَاءٌ أي سواءٌ ونُظَراءُ. وفي الحديث: "أنّه أمَرَهُمْ أَنْ يَتَبَاءَوْا"، أي يتباءَوْن في القِصاص. ومنه قول مُهلهلٍ لبُجَير بن الحارث: "بُؤْ بِشِسْعِ كُلَيْبٍ". وأنشد:
__________
(1) كذا وهو تكرار لما سبق. وفي المجمل: "كما يقال بحيبة سوء "وبكينة سوء".
(2) في الأصل: "أن يقيدونه".
(3) للعباس بن مرداس من قصيدة له في الأصمعيات 35 برواية: "فإن يقتلوا منا كريما".
(4) ديوان زهير 79 واللسان (1: 30/20: 235).
(5) البيت لجابر بن حني التغلبي في المفضليات (2: 11).
(6) في الأصل: "إذا استوت الدماء في القتل".(1/291)
فقلت له بُؤْ بامْرِئٍ لَسْتَ مِثلَه
وإنْ كُنْت قُنْعاناً لمن يَطْلُبُ الدَّمَا(1)
(بوب) الباء والواو والباء أصلٌ واحد، وهو قولك تَبَوَّبْتُ بَوَّاباً، أي اتَّخَذْتَ بَوَّاباً والباب أصلُ ألفهِ واوٌ، فانقلبت ألفاً. فأمَّا البَوْبَاةُ فمكانٌ، وهو أوّلُ ما يَبدُو من قَرْنٍ إلى الطَّائف. قال المتلمّس:
بوث - بوج - بوح
لن تسلكي سْبُلَ البَوْباةِ مُنجِدةً
ما عِشْت عَمْرُو وَما عُمِّرْتَ قابوسُ(2)
(بوث) الباء والواو والثاء أصلٌ [ليس] بالقويّ، لكنّهم يقولون باث عن الأمر بَوْثاً، إذا بَحَثَ عنه.
(بوج) الباء والواو والجيم أصلٌ حسن، وهو من اللّمَعان. يقول العرب: تبَوَّج البَرْقُ تَبَوُّجاً، إذا لَمَع.
(بوح) الباء والواو والحاء أصلٌ واحد، وهو سَعَة الشيء وبروزُه وظهورُهُ، فالبُوحُ جمع باحَةٍ، وهي عَرْصَة الدار. وفي الحديث: "نظِّفوا أفنِيَتَكمْ ولا تَدَعُوها كبَاحَةِ اليَهود". ويقولون في أمثالهم: "ابنُكَ ابنُ بُوحِكَ" أي الذي ولَدْتَه(3) في باحةِ دارِك.
ومن هذا الباب إباحةُ الشيء، وذلك أنّه ليس بمحظُورٍ عليه، فأمرُهُ واسعٌ غيرُ مُضَيَّق. و[من] القياسِ استباحُوه، أي انتَهَبُوه. وقال:
حَتّى استَباحُوا آلَ عوفٍ عَنْوَةً
بالمَشْرَفِيِّ وبالوشيجِ الذُّبَّل(4)
__________
(1) هو لرجل قتل قاتل أخيه، كما في اللسان (1: 30). والبيت أيضاً أو نظيره في اللسان (10: 171).
(2) في الأصل: "أن تسبقي سبل البوباة منجية"، صوابه من ديوان المتلمس ص5 مخطوطة الشنقيطي، ومعجم البلدان (البوباة).
(3) في الأصل: "ولدتك" تحريف. وقد سبق المثل في ص305.
(4) البيت لعنترة في ديوانه 178 واللسان (3: 239).(1/292)
وزعم ابن الأعرابيِّ أنّ البَهْدليّ(1) قال له: إنّ البَاحَة جماعةُ النّخل. وأنشد:
أعطَى فأعطانِي يَداً ودَارَا
وبَاحةً خَوَّلهَا عَقَارا(2)
واليدُ جماعةُ قومِهِ ونُصَّارِهِ.
بوخ - بور
(بوخ) الباء والواو والخاء كلمةٌ فصيحة، وهو السُّكون. يقال باخَت النار بَوْخاً سَكنَتْ، وكذلك الحَرُّ. ويقال باخَ، إذا أعيا؛ وذلك أنّ حركاتِهِ تَبُوخ وتَفْتُر.
(بور) الباء والواو والراء أصلان: أحدهما هَلاك الشّيء وما يشبِهُه من تعطُّلِهِ وخُلُوِّه. والآخَر ابتلاءُ الشّيء وامتحانُه.
فأمّا الأوّل فقال الخليل: البَوَار الهلاك، تقول: بارُوا، وهم بُورٌ، أي ضالُّونَ هَلْكَى. وأبارَهُم فُلان، وقد يقال للواحد والجميع والنِّساء والذّكور بُورٌ. قال الله تعالى: { وكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً } [الفتح 12]. قال الكسائيّ: ومنه الحديث: "أنّهُ كان يتعوَّذُ من بَوَار الأَيِّم"، وذلك أن تَكْسُدَ فلا تجِدَ زَوْجاً.
قال يعقوب: البُورُ: الرّجُل الفاسد الذي لا خَيْرَ فيه. قال عبد الله بن الزِّبَعْرِي:
يا رسولَ المليكِ إنَّ لِسَاني
راتقٌ ما فَتَقْتُ إذْ أنا بُورُ(3)
قال* [أبو] زيد: يقال إنّه لفي حُور وبُور، أي ضَيْعة. والبائر الكاسِد، وقد بارَتِ البِياعاتُ أي كَسَدَتْ. ومنه { دَارَ البَوَارِ } [إبراهيم 28]، وأرضٌ بَوَارٌ ليس فيها زَرع.
__________
(1) البهدلي، هذا، هو أبو صارم البهدلي، من بني بهدلة، كما في اللسان (3: 239). وفي الأصل: "الهذلي" تحريف، صوابه في اللسان وأمالي ثعلب 244.
(2) البيتان في أمالي ثعلب واللسان (3: 239/ 20: 309).
(3) البيت في اللسان (بور).(1/293)
قال أبو زياد: البَُور من الأرض الَمَوَْتان(1)، التي لا تصلح أن تُستَخْرَج. وهي أرَضُونَ أَبْوار. ومنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأُكَيْدِرَ: "إنّ لنا البَُورَ والمعامِيَ(2)".
بوش - بوص
قال اليزيديّ: البور الأرضُ التي تُجَمُّ سنةً لِتُزْرَع من قَابِل، وكذلك البَوَار. قال أبو عبيدٍ: عن الأحمر نزلَتْ بَوَارِ على النّاس، أي بلاءٌ. وأنشد:
قُتِلَتْ فكانَ تَظالُماً وَتَباغِياً
إنَّ التَّظالُم في الصَّديقِ بَوَارُ(3)
والأصل الثاني التّجربة والاختبار. تقول بُرْتُ فلاناً وبُرْتُ ما عندَه، أي جَرَّبتُهُ. وبُرْتُ الناقةَ فأنا أَبُورها، إذا أدنَيْتَها مِن الفَحْلِ لِتُنْظَرَ أحاملٌ هي أم حائل (4). وكذلك الفحل مِبْوَرٌ، إذا كان عارفاً بالحالين. قال:
بِطَعْنٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولُه
وطَعْنٍ كإيزاغِ المَخَاضِ تَبُورُها(5)
ويقال بَارَ النّاقَةَ بالفَحْلِ. فأمّا قولُه:
مُذكَّرَةُ الثُّنْيَا مُسَانَدَةُ القَرَى
تُبَارُ إليها المحْصَنَاتُ النَّجائِبُ(6)
يقول: يُشتَرَى المحصناتُ النَّجائب على صِفَتها، من قولك بُرْتُ الناقة.
__________
(1) يقال بالفتح والتحريك.
(2) البور، بالفتح: مصدر سمي به، وبالضم: جمع بوار بالفتح. وبهما روي الحديث: انظر اللسان
(5: 154).
(3) البيت لأبي مكعت الأسدي، واسمه منقذ بن خنيس، أو اسمه الحارث بن عمرو. انظر اللسان
(5: 153). وضمير "قتلت" لجارية اسمها أنيسة.
(4) زاد فى اللسان: "لأنها إذا كانت لاقحا بالت في وجه الفحل إذا تشممها" وبه يفسر البيت التالي.
(5) البيت لمالك بن زغبة الباهلي كما في اللسان (1: 116/ 5: 154/ 10: 343). وصواب رواية صدره: "بضرب" كما سيأتي في (فري). وانظر الحيوان (3: 256) والكامل 181 ليبسك، وديوان المعاني (2: 73).
(6) أنشد نظيره في اللسان (سند، ثنى):
مذكرة الثنيا مساندة القرى
جمالية تختب ثم تنيب(1/294)
(بوش) الباء والواو والشين أصلٌ واحد، وهو التجمُّع من أصنافٍ مختلِفين. يقال: بَوْشٌ بائشٌ، وليس هو عندنا من صميم كلام العرب.
(بوص) الباء والواو والصاد أصلان: أحدهما شيءٌ من الآراب، والآخر من السَّبْق.
بوع
فالأوَّل البَُوص، وهي عجيزة المرأة. قال:
عَريضَةِ بَُوصٍ إذا أدبَرَتْ
هَضِيمِ الحَشَا شَخْتَةِ المُحْتَضَنْ(1)
والبُوصُ اللَّوْن أيضاً.
فأمّا الأصل الآخر فالبَوْص الفَوْت والسَّبْق، يقال باصَني، ومنه قولهم: خِمْس بائِصٌ(2)، أي جادٌّ مستَعْجِلٌ.
(بوع) الباء والواو والعين أصل واحدٌ، وهو امتداد الشيء. فالبَوْعُ من قولك بُعْتُ الحبل بَوْعاً إذا مدَدْتَ باعَك به. قال الخليل: البَوْع والباع لغتان، ولكنّهُمْ يسمّون البَوْع في الخِلْقة. فأمّا بَسْط الباعِ في الكَرَم ونحوه فلا يقولون إلاّ كريم البَاع. قال:
* له في المجدِ سابِقةٌ وبَاع *
والباع أيضاً مصدر بَاعَ يَبُوع، وهو بَسْط الباعِ. والإبلُ تَبُوع في سَيرها. قال النابغة:
* ببوع القَدْرِ إن قلِقَ الوَضين(3) *
والرَّجُل يَبُوع بماله، إذا بَسَطَ به باعَه. قال:
بوع
لقد خِفْتُ أنْ ألقَى المَنَايا ولم أَنَلْ
من المال ما أَسْمُو به وأَبُوعُ(4)
وأنشد ابنُ الأعرابيّ:
ومُسْتَامَة تُستامُ وهي رخيصةٌ
__________
(1) في (حضن): "عبلة المحتضن". وهو للأعشى في ديوانه 15 واللسان (8: 274) وقبله في الديوان:
من كل بيضاء ممكورة
لها بشر ناصع كاللبن
(2) الخمس: أحد أظماء الإبل، ويقال فلاة خمس، إذا انتاط وردها حتى يكون ورد النعم اليوم الرابع سوى اليوم الذي شربت وصدرت فيه. وفي الأصل: "خمص بائص"، تحريف. وأنشد للراعي:
حتى وردن لتم خمس بائص
جدا تعاوره الرياح وبيلا
(3) ليس في ديوانه، ولم ينشد في (بوع) من اللسان.
(4) البيت للطرماح في ديوانه 155 واللسان (9: 369).(1/295)
تبُاعُ بِراحاتِ الأيادِي وتُمْسَحُ(1)
يصف فلاةً تسومُ فيها الإبلُ. رخيصةٌ: لا تَمْتَنِع. تُباع: تمُدّ الإبلُ بها أبواعها. وتُمسَح: تُقْطَع.
قال أبو عبيد: بُعتُ الحِبْلَ أبوعُه بَوْعاً، إذا مدَدْتَ إحدى يديك حتى يصيرَ باعاً. اللِّحيانيّ: إنه لَطَويلُ الباعِ والبَُوع. وقد باعَ في مِشْيته يَبُوع بَوْعاً وتَبوَّع تبوُّعاً، وانْباعَ، إذا طَوَّلَ خُطاه. قال:
يَجْمَعُ حِلْماً وأناةً مَعاً
ثُمَّتَ يَنْبَاعُ انبِيَاعَ الشُّجاعْ(2)
وتقول العرب في أمثالها: "مُخْرَنْبِقٌ لِيَنْباعَ"، المخْرَنْبِق المطْرِق السّاكت. وقوله: لينباع، أي لِيَثِبَ. يُضرَب مَثَلاً للرجل يُطرِقُ لداهيةٍ يريدها.
قال أبو حاتم: بَوْع الظَّبيِ سَعْيه، دون النَّفْزِ، والنَّفزُ بلوغُه أشَدَّ الإحْضار.
اللِّحيانيّ: يقال والله لا يَبُوعُونَ بَوعَه أبداً، أي لا يبلُغُون ما بَلَغَ. قال أبو زيد: جَمَلٌ بُوَاعٌ(3)، أي جَسِيمٌ. ويقال انباع الزّيت إذا سال(4). [قال] :
ومُطَّرِِدٌ لَدْنُ الكُعُوبِِ كأنما
تَغَشَّاهُ مُنْبَاعٌ من الزَّيتِِ سَائِِلُ(5)
بوغ - بوق - بوك
ويقال فَرَسٌ بَيِّعٌ(6) أي بعيدُ الخُطوة؛ وهو من البَوْع. قال العبّاس بن مِرداس:
على مَتْنِ جَرْدَاءِ السّرَاةِ نَبيلةٍ
كعَالِيَةِ المُرَّانِ بَيِّعَة القَدْرِ
__________
(1) البيت لذي الرمة في ملحقات ديوانه واللسان والتاج (سوم، بوع، مسح).
(2) للسفاح بن بكير اليربوعي من قصيدة في المفضليات (2: 122).
(3) كذا ضبط في الأصل بضم الباء وفتح الواو، وهو نظير طوال بالضم بمعنى الطويل. وضبط في اللسان بفتح الباء وتشديد الواو ضبط قلم. ولم ترد الكلمة في القاموس.
(4) في الصل: "سئل".
(5) البيت لمزرد بن ضرار أخي الشماخ، من قصيدة في المفضليات (1: 97).
(6) في الأصل: "بتيع".(1/296)
(بوغ) الباء والواو والغين أصلٌ واحد، وهو ثَوَرَان الشّيء. يقال: تبوَّغ إذا ثار(1)، مثل تبيَّغ. والبَوْغاء: التراب يثور عنه غُبَارُه.
(بوق) الباء والواو والقاف ليس بأصل معوَّلٍ عليه، ولا فيه عندي كلمةٌ صحيحةٌ. وقد ذكروا أنّ البُوقَ الكذِب والباطِل. وذَكرُوا بيتاً لحسّان:
* إلاّ الذي نَطَقُوا بُوقاً ولم يَكُنِ(2) *
وهذا إنْ صَحَّ فكانَّه حكايةُ صوتٍ.
فأمّا قولهم: باقَتْهُمْ بائقةٌ وهي الدّاهِيَةَ تَنْزلُ، فليست أصلاً، وأُرَاها مبدلةً من جيم، والبائجة كالفَتْقِ والخَلَلِ(3). وقد ذكر فيما مضى (4).
(بوك) الباء والواو والكاف ليس أصلاً، وهو كنايةٌ عن الفعل. يقال باكَ الحمارُ الأتانَ.
بول
(بول) الباء والواو واللام أصلان: أحدهما ماءٌ يتحلَّب والثاني الرُّوع.
فالأوّل البَوْل، وهو معروف وفلانٌ حسن البِيلَة، وهي الفِعْلة من البَوْل. وأخَذَه بُوالٌ إذا كانَ يُكْثِر البَوْل. وربما عبَّروا عن النّسل بالبَوْل. قال الفرزدق:
أبي هُوَ ذُو البَوْلِ الكثيرِ مُجاشِعٌ
بكلِّ بِلادٍ لا يَبوُل بها فَحْلُ(5)
قال الأصمعيُّ: يقال لنُطَفِ البِغال أبوالُ البِغال، ومنه قيل للسَّراب "أبوالُ البغال" على التشبيه. وإنما شُبّه بأبْوالِ البِغال لأنّ بَوْلَ البِغال كاذبٌ لا يُلْقِح، والسّرابُ كذلك. قال ابن مقبل:
بِسَرْوِ حِمْيَرَ أَبْوالُ البِغالِ به
__________
(1) في الأصل: "إذا كان". وفي المجمل: "وتبوغ الدم مثل تبيغ".
(2) من أبيات له في ديوانه 411 يرثي بها عثمان بن عفان. وصدره كما في الديوان واللسان (بوق):
* ما قتلوه على ذنب ألم به *
(3) في اللسان: "وانباجت بائجة، أي انفتق فتق منكر".
(4) لم يذكر في مادة (بوج) فهو سهو منه، أو سقط مما مضى.
(5) رواية ديوانه 693: "ونحن بنو الفحل الذي سال بوله".(1/297)
أنَّى تَسدَّيتَ وَهْناً ذلك البِينا(1)
قال ابن الأعرابيّ: شَحْمةٌ بَوّالَة، إذا أَسْرَع ذَوْبُها. [قال]:
إذْ قالت النَّثُولُ للجَمُولِ
يا ابنةَ شَحْمٍ في المَرِيءِِ بُولِي(2)
الجَمُول: شَحمة تُطبَخ. والنَّثول: المرأة التي تُخْرجُها من القِدْر. ويقال زِقٌّ بَوَّالٌ إذا كان يتفجَّر بالشَّراب، وهو في شعر عَدِيّ.
وأما الأصل الثاني فالبَال: بالُ النفس. ويقال ما خَطَر بِبالي، أي ما أُلْقِيَ في رُوعي. فإنْ قال قائل: فإنَّ الخليلَ ذكَرَ أنّ بال النَّفْس هو الاكتراث، ومنه اشتقَّ
بوم - بون
ما باليتُ، ولم يخْطُِر ببالي. قيل له: هو المعنى الذي ذكرناه، ومعنى الاكتراث أن يَكْرُثَه ما وقعَ في نفسه، فهو راجعٌ إلى ما قلناه. والمصدر البَاَلةُ والمبالاةُ. ومنه قول ابن عباس وسُئِل عن الوُضوء باللَّبَن(3): "ما أُباليهِ بالةً، اسمحْ يُسْمَح لك(4)". ويقولون: لم أُبَال ولم أُبَلْ، على القصر.
وممّا حُمِل على هذا: البال، وهو رَخَاء العَيْش؛ يقال إنه لَرَاخي البال(5)، وناعِمُ البال.
(بوم) الباء والواو والميم كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاسُ عليها. فالبُوم ذكَرُ الهَامِ، وهو جمعُ بُومَة. قال:
قد أعْسِفُ النّازِحَ المجهولَ مَعْسِفُه
__________
(1) سرو حمير: من منازل حمير بأرض اليمن، تسديت، يخاطب الطيف. ويجوز أن يقرأ "تسديت" بكسر التاء مخاطبة للحبيبة. انظر اللسان (16: 218). والبين، بالكسر: واحد البيون، وهي التخوم والنواحي.
(2) انظر اضطراب اللغويين ضد تفسير هذين البيتين في اللسان (13: 135/ 14: 169).
(3) كذا. وفي اللسان (سمح): "وفي الحديث أن ابن عباس سئل عن رجل يشرب لبنا محضاً، أيتوضأ؟".
(4) أبو عبيدة: "اسمح يسمح لك بالقطع والوصل جميعاً".
(5) الراخي، وردت هنا بالألف، وهي صحيحة، وفي اللسان: "... فهو راخ ورخي، أي ناعم".(1/298)
في ظِلِّ أَخْضَرَ يدعُو هَامَهُ البُومُ(1)
قالوا: وجمعُ البُوم أبوام. قال:
فَلاَةٍ لِصَوْتِ الجِنِّ في مُنْكَرَاتِها
هَريرٌ وللأبْوامِ فيها نوائحُ(2)
(بون) الباء والواو والنون أصلٌ واحدٌ، وهو البُعْد. قال الخليل: يقال بينهما بَوْنٌ بعيد وبُونٌ -على وزن حَوْر وحُور- وبَيْنٌ بعيدٌ أيضاً، أي فَرْقٌ.
بون
قال ابنُ الأعرابيّ: بانَني فلان يَبُونُني، إذا تَباعَدَ مِنك أو قَطَعَك. قال وبَانَني يَبينُني مثله.
فإن قيل: فكيف ينقاس البُِوَان على هذا؟ قيل له: لا يبعُد؛ وذلك أنّ البُِوَانَ العمودُ من أعمدة الخِباء، وهو يُسْمَك به البيت ويَسمُو به(3)، وتلك الفُرْجة هي البَوْن.
قال أبو مهديّ: البُِوَانَ عَمودٌ يُسمَك به في الطُّنُب المقدَّم في وَسَط الشُّقَّة المروَّقِ بها البيتُ. قال: فذلك هو المعروف بالبُِوان. قال: ثم تسمَّى سائِرُ العَُمَُد بُونا وبُواناتٍ. وأنشد:
* ومَجْلِسه تحتَ البُِوَانِ المقدّمِ *
وقال آخر:
* يمشي إلى بُِوانها مَشْيَ الكَسِلْ(4) *
ومن الباب: البانةُ، وهي شجرةٌ.* فأمّا ذو البَانِ فكان مِن بلاد بَني البَكَّاء. قال فيه الشاعر:
ووجْدِي بها أيّام ذِي البانِ دَلَّها
أميرٌ له قلبٌ عَلَيَّ سليمُ
وبُوانَةُ: وادٍ لبَنِي جُشَمَ(5).
بوه - بيت
__________
(1) البيت لذي الرمة في ديوانه 574 واللسان (عسف، ظلل). وسيأتي في (ظل، عسف).
(2) البيت لذي الرمة في ديوانه 101. وقبله:
وتيه خبطنا غولها فارتمى بها
أبو البعد من أرجائها المتطاوح
(3) في الأصل: "وهو يسمك بالشيء ويسمو به". وفي اللسان أن المسماك عمود من أعمدة الخباء يسمك به البيت.
(4) في الأصل: "أبوانها".
(5) في الأصل: "لبني حيثم"، صوابه من معجم البلدان، ونصه: "ماء بنجد لبني جشم".(1/299)
(بوه) الباء والواو والهاء ليس بأصلٍ عندي، وهو كلامٌ كالتهكُّم والهُزْء. يقولون للرّجُل الذي لا خَيْر فيه ولا غَنَاءَ عِنده: بُوهَة. قال:
يا هِنْدُ لا تَنْكحِي بُوهَةً
عليهِ عَقِيقتُه أحسَبَا(1)
ومثله قولهم إنّ البُوهَ طائرٌ مثلُ البُومة. قال:
* كالبُوهِ تَحْتَ الظُّلَّةِ المرشُوشِ(2) *
قال: يقول: كأني طائرٌ قد تَمَرَّطَ ريشُهُ من الكِبرَ، فرُشَّ عليه الماءُ ليكون أسرَع لنَبَات ريشِه. قال: هو يُفعل هذا بالصُّقُورةِ خَاصَّةً. قالوا: وإيّاه أرادَ امرؤُ القيس، فشبَّه به الرّجُلَ، وهذا يدلُّ على ما قُلْناه. وكذلك البُوهَة، وهو ما طارَتْ به الرِّيح من التُّراب. يقال: "أَهْوَنُ مِن صَوفَةٍ في بُوهَةٍ".
(باب الباء والياء وما يثلثهما)
(بيت) الباء والياء والتاء أصلٌ واحد، وهو المأْوَى والمآب ومَجْمَع الشّمْل. يقال بيتٌ وبُيوتٌ وأبياتٌ. ومنه يقال لبيت الشِّعر بيتٌ على التشبيه لأنه مَجْمَع الألفاظِ والحروفِ والمعاني، على شرطٍ مخصوصٍ وهو الوَزْن. وإيَّاهُ أراد القائل:
وبَيتٍ على ظَهْرِ المَطِيّ بَنَيْتُه
بأسمَرَ مَشْقُوق الخياشِيم يَرْعُفُ(3)
بيح - بيد
__________
(1) البيت لامرئ القيس في ديوانه 154 والمجمل واللسان (بوه، عقق، حسب).
(2) البيت لرؤبة في ديوانه 79 واللسان (بوه). وقبله:
لما رأتني نزق التحفيش
ذا رثيات دهش التدهيش
(3) البيت في اللسان (2: 319).(1/300)
أراد بالأسمر القلم. والبيت: عِيالُ الرّجُل والذين يَبيت عِندهم. ويقال:
ما لِفُلانٍ بِيتةُ ليلَةٍ، أي ما يَبيت عليه من طَعامٍ وغيرِه. وبيّتَ الأمْرَ إذا دَبّرَه ليلاً. قال الله تعالى: { إذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ القَوْلِ } [النساء 108]، أي حينَ يجتمعون في بُيوتهم. غير أنّ ذلك يُخَصّ بالليل. النهار يظَلُّ كذا. والبَيُّوتُ: الماءُ الذي يبيت ليلاً. والبَيُّوتُ: الأمر يُبَيِّتُ عليه صاحبُه مهتَمّاً به. قال أُمَيّة(1):
وأَجْعَلُ فُقْرَتَها عُدَّةً
إذا خِفْتُ بيُّوتَ أَمْرٍ عُضالِ(2)
والبَيَات والتَّبْييت: أن تأتي العَدُوَّ ليلاً، كأنّك أَخَذْتَه في بَيْتِهِ. وقد روي عن [أبي] عبيدة أُنه قال: بُيِّتَ الشيءُ إذا قُدِّر، ويُشَبَّه ذلك بتقدير بيوت الشَّعر. وهذا ليس ببعيدٍ من الأصل الذي أصّلناه وقِسْنا عليه.
(بيح) الباء والياء والحاء ليس بأصلٍ ولا فَرْعٍ، وليس فيه إلا البِياح، وهو سَمَكٌ.
(بيد) الباء والياء والدال أصلٌ [واحدٌ]، وهو أن يُودِيَ الشيءُ. يقال بادَ الشيءُ بَيْداً وبُيُوداً، إذا أَوْدَى(3). والبَيْداءُ المفازة من هذا أيضاً. والجمعُ بينهما في المعنى ظاهرٌ. ويقال إنّ البَيْدَانَةَ الأتَانُ تَسكُن البيداءُ(4). فأمّا قولهم بَيْدَ، فكذا جاءَ بمعنى غيْرَ، يقال فُعِلَ كذا بَيْدَ أنّه كان كذا. وقد جاء في حديث
بيص - بيض
النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "نحن الآخِرُون السّابِقون يومَ القيامة، بَيْد أنَّهمْ أُوتُوا الكتابَ مِنْ قَبْلِنا وأُوتينا مِن بَعْدِهم". وقال:
__________
(1) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. انظر شرح السكري للهذليين 197 ومخطوطة الشنقيطي من الهذليين 83 واللسان (2: 231).
(2) في مخطوطة الشنقيطي: "أو اجعل".
(3) ويقال أيضاً بواداً وبياداً وبيدودة.
(4) شاهدها في اللسان (4: 67):
ويوماً على صلت الجبين مسحج
ويوماً على بيدانة أم تولب(1/301)
عمداً فَعَلْتُ ذاكِ بَيْدَ أني
إخَالُ لَوْ هَلَكْتُ لم تُرِنِّي(1)
وهذا يُباينُ القياسَ الأوّل. ولو قيل إنه أصلٌ برأْسِهِ لم يَبْعُد.
(بيص) الباء والياء والصاد ليس بأصلٍ. لأنّ بَيْصَ إتْباعٌ لحَيْص. يقال: وقع القوم في حَيْصَ بَيْصَ (2)، أي اختلاطٍ. قال:
* لم تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ(3) *
(بيض) الباء والياء والضاد أصلٌ، ومشتقٌّ منه، ومشبَّه بالمشتقّ.
فالأصل البَيَاض من الألوان. يقال ابيضَّ الشّيءُ. وأمّا المشتقُّ منه فالبَيْضَة للدّجاجةِ وغيْرِها، والجمع البَيْض، والمشبَّه بذلك بَيْضَة الحديد.
ومن الاستعارة قولهم للعزيز في مكانِه: هو بَيضَة البلَد، أي يُحفَظ ويُحصَّن كما تُحفَظ البيَضة. يقالَ حَمى بَيْضَة الإسلام والدِّين. فإذا عَبَّرُوا عن الذّليل المستضعف(4) بأنّه بَيْضَة البَلد، يريدون أنّه مَتروكٌ مُفرَدٌ كالبيضة المتْروكة بالعَراء. ولذلك تُسمَّى البَيْضَة التريِكة. وقد فُسِّرَتْ في موضِعِها.
بيظ - بيع - بيغ - بين
ويقال* باضَتِ البُهْمَى إذا سقَطَتْ نِصالُها. وباضَ الحَرُّ اشتدّ؛ ويراد بذلك أنّه تمكَّنَ كأنَّه باضَ وفَرَّخ وتَوَطّنَ.
(بيظ) الباء والياء والظاء كلمةٌ ما أَعرِفها في صحيحِ كلام العرب، ولو أنّهم ذَكرُوها ما كان لإثباتها وجهٌ. قالوا: البَيْظُ ماءُ الفَحْل.
__________
(1) البيتان في اللسان (4: 67/ 17: 47). وفي الموضع الأخير: "أخاف".
(2) بفتح أولهما وآخرهما، وبكسرهما، وبفتح أولهما وكسر آخرهما، بدون تنوين في جميعها، وبكسرهما أيضاً مع التنوين. فهن خمس لغات.
(3) البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي في شرح السكري لأشعار الهذليين 179 ومخطوطة الشنقيطي 83 واللسان (حيص، لحص). وضبط في مخطوطة الشنقيطي: "حيص بيص" بكسر أولهما وفتح الصاد. وصدره:
* قد كنت خراجاً ولوجاً صيرفا *
(4) في الأصل: "في المستضعف".(1/302)
(بيع) الباء والياء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو بَيْع الشّيءِ، ورُبّما سمّيَ الشِّرَى بيعاً(1). والمعنى واحدٌ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يَبِعْ أحدُكُمْ على بَيْع أخيهِ" قالوا: معناه لا يَشْتَرِ على شِرَى أَخِيهِ. ويقال بِعْتُ الشّيءَ بَيعاً، فإنْ عَرَضْتَه للبَيْع قلتَ أبَعْتُه. قال:
فَرضِيتُ آلاءَ الكُمَيْتِ فمَنْ يُبِعْ
فَرَساً فليسَ جَوادُنَا بِمُباعِ(2)
(بيغ) الباء والياء والغين ليس بأصلٍ. والذي جاءَ فيه تَبَيُّغُ الدَّمِ، وهو هَيْجه. قالوا: أصله تبغَّى، فقدّمت الياء وأخّرت الغين، كقولك جذب وجبذ، وما أطْيَبَه وأيْطَبَهُ.
(بين) الباء والياء والنون أصلٌ واحد، وهو بُعْدُ الشّيء وانكشافُه. فالبَيْن الفِراق؛ يقال بَان يَبِينُ بَيْنا وبَيْنُونة. والبَيُون(3) البئر البعيدة القَعْر. والبِينُ: قطعةٌ من الأرضِ قدْرُ مَدِّ البَصَر. قال:
بأس - بأو
بِسَرْوِ حِمْيَرَ أبوالُ البغَالِ به
أَنَّى تَسَدّيتَ وَهْناً ذلك البِينَا(4)
وبانَ الشَّيءُ وأبَانَ إذا اتّضَحَ وانْكشَفَ. وفلانٌ أبْيَنُ مِنْ فلانٍ؛ أي أوضَحُ كلاماً منه. فأمّا البائن في الحَلْب(5)....
(باب الباء والهمزة وما يثلثهما)
__________
(1) يقال شرى وشراء بالقصر والمد.
(2) البيت للأجدع بن مالك الهمداني من أبيات له في الأصمعيات 40. وانظر الاقتضاب 405 واللسان (9: 373). ورواية الأصمعيات: "نقفو الجياد من البيوت ومن يبع".
(3) في الأصل: "البينون" محرف. وأنشد في اللسان:
إنك لو دعوتني ودوني
زوراء ذات منزع بيون
(4) البيت لابن مقبل. وقد سبق الكلام عليه في حواشي (بول).
(5) كذا وردت العبارة ناقصة. وفي اللسان: "وللناقة حالبان، أحدهما يمسك العلبة من الجانب الأيمن والآخر يحلب من الجانب الأيسر، والذي يحلب يسمى المستعلى والمعلى، والذي يمسك يسمى البائن".(1/303)
(بأس) الباء والهمزة والسين أصلٌ واحد، والشِّدّةُ و[ما] ضارَعَها. فالبَأْس الشدّة في الحَرْب. ورجلٌ ذُو بَأْسٍ وبَئيسٌ أي شجاع. وقد بأس بأساً(1) فإنْ نَعَتَّه بالبُؤْس قلت بَؤُسَ. والبُؤْس: الشّدّة في العَيش. والمبتئس المفتعل من الكَراهة والحُزْن. قال:
ما يَقْسِم اللهُ أَقْبَلْ غير مُبْتَئِسٍ
مِنْه وأَقْعُدْ كريماً ناعِمَ البالِ(2)
(بأو) الباء والهمزة والواو كلمةٌ واحدة، وهو البَأْوُ، وهو العُجْب.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء)
اعلم أَنّ للرُّباعيّ والخُماسيّ مذهباً في القياس، يَستَنْبِطه النَّظرُ الدَّقيق. وذلك أنّ أكثر ما تراه منه منحوتٌ. ومعنى النَّحت أن تُؤخَذَ كلمتان وتُنْحَتَ منهما
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء)
كلمةٌ تكون آخذةً منهما جميعاً بخَطِّ. والأصل في ذلك ما ذكره الخليل من قولهم حَيْعَل الرّجُل، إذا قالَ حَيَّ عَلَى.
ومن الشيء الذي كأنّه متَّفَقٌ عليه قولهم(3): عَبْشَميّ. وقوله:(4)
* تَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ(5) *
فعلى هذا الأصل بَنَينا ما ذكرناه من مقاييس الرّباعي، فنقول: إنّ ذلك على ضربين: أحدهما المنحوت الذي ذكرناه، والضّرب الآخر [الموضوع] وضعاً لا مجالَ له في طُرق القياس. وسنبين ذلك بِعَون الله.
فممّا جاءَ منحوتاً من كلام العرب في الرُّباعي أوله باء.
__________
(1) كذا في الأصل. والمعروف في الشجاعة بؤس وبئس.
(2) البيت لحسان في ديوانه 326 والمجمل واللسان (بأس). وفي الأصل: "غير مستبين" صوابه في جميع المصادر.
(3) في الأصل: "من قولهم".
(4) في الأصل: "وقولهم".
(5) صدر بيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي في المفضليات (1: 153). وهو بتمامه:
وتضحك مني شيخة عبشمية
كأن لم تر قبلي أسيراً يمانيا(1/304)
(البلعُوم) مَجْرَى الطّعامِ في الحَلْق. وقد يحذف فيقال بُلْعُم. وغير مُشْكلٍ أنَّ هذا مأخوذٌ من بَلِعَ، إلاّ أنّه زِيدَ عليه ما زيِدَ لجنسٍ من المبالغة في معناه. وهذا وما أشبهه توطِئةٌ لما بعده.
ومن ذلك (بُحْتُرٌ) وهو القصير المجتمِع الخَلْق. فهذا منحوتٌ من كلمتين، من الباء والتاء والراء، وهو من بترتُه فبُتِر، كأنّه حُرِم الطُّولَ فَبُتِرَ خَلْقه. والكلمة الثانية الحاء والتاء والراء، هو من حَتَرتُ وأَحْتَرت، وذلك أنْ لا تُفْضِلَ على أحدٍ. يقال أَحْتَرَ على نَفْسِه [وعِياله] أي ضيَّق عليهم. فقد صار هذا المعنى في القصير لأنّه لم يُعْطَ ما أُعْطِيَه الطّويلُ.
ومن ذلك (بَحْثَرْتُ) الشيءَ، إذا بَدّدته. والبَحْثَرة: الكَدَر في الماء. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من بحثْتُ الشّيء في التراب -وقد فُسِّر في الثلاثي- ومن
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء)
البَثْر الذي يَظْهَر على البَدَن، *وهو عربيٌّ صحيحٌ معروف. وذلك أنّه يَظْهَرُ متفرِّقاً على الجِلْد.
ومن ذلك (البَعْثَقَةُ) وتفسيره خُروج الماءِ من الحَوْض. يقال تَبَعْثَق الماءُ من الحوض إذا انكسرتْ منه ناحيةٌ فخرجَ منها. وذلك منحوتٌ من كلمتين: بَعَقَ وبثق، يقال انبعق الماء تَفتّح -وقد فُسِّر في الثلاثيّ- وبثَقْتُ الماءَ، وهو البثق، وقد مضى ذِكرُه.
وَمن ذلك (البُرْجُد) وهو كِساءٌ مخطَّط. وقد نحت من كلمتين: من البِجاد وهو الكِساءُ -وقد فُسّر – ومن البُرْد. والشَّبَه(1) بينهما قريب.
ومن ذلك (ابْلَنْدَحَ) وتفسيره اتَّسع. وهو منحوتٌ من كلمتين: من البَدَاح وهي الأرض الواسعة، ومن البَلَد وهو الفَضاء البَرَاز. وقد مضى تفسيرُهما.
وَمن ذلك قولهم ضَرَبه فـ (بَخْذَعَهُ) وهو من قولك خُذِّع إذا حُزِّزَ وقُطِّع. ومنه:
__________
(1) في الأصل: "والتنبه"، صوابه ما أثبت.(1/305)
* فكلاهُما بَطَلُ اللِّقاءِ مُخَذَّعُ(1) *
وقد فُسِّر- ومن بُذِعَ، يقال بُذِعُوا فَابْذَعَرُّوا، إذا تَفَرَّقوا.
ومن ذلك قولهم (بَلْطَحَ) الرَّجُل، إذا ضَرَب بنَفْسِه الأرضَ. فهي منحوتةٌ
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله باء)
من بُطِح وَأُبْلِط(2)، إذا لَصِق بِبَلاط الأرض.
ومن ذلك قولهم (بَزْمَخَ) الرّجل إذا تكبَّر. وهي منحوتةٌ من قولهم زَمَخ إذا شَمَخ بأنفه، وهو زَامِخٌ، ومن قولهم بَزَخ إذا تَقاعَسَ، ومَشَى مُتَبازِخاً إذا تكلفَ إقامَةَ صُلْبِه. وقد فُسِّرَ.
ومن ذلك قولهم (تَبَلْخَصَ(3)) لحمُه، إذا غَلُظ. وذلك من الكلمتين، من اللَّخَصِ وهو كثْرة اللَّحم، يقال ضَرْعٌ لَخِيصٌ، ومن البَخَص، وهي لحمة الذِّراع والعين وأصولِ الأصابع.
وَمن ذلك (تَبَزْعَرَ(4)) أي ساءَ خُلقُه. وهذا من الزَّعَر والزَّعَارَة، والتبَزُّع. وقد فُسِّرا في مواضِعِهما من الثلاثي.
ومن ذلك (البِرْقِش) وهو طائرٌ. وهو من كلمتين: من رَقَشْتُ الشّيءَ
-وهو كالنَّقش- ومن البَرَش وهو اختلافُ اللونين، وهو معروفٌ.
ومن ذلك (البَهْنَسَة) التَّبَخْتُر، فهو من البَهْس صِفَةِ الأسد، ومن بَنَسَ(5) إذا تَأَخَّر. معناه أنّه يمشي مُقارِباً في تعظُّم وَكِبْرٍ.
ومما يقارب هذا قولهم (بَلْهَسَ) إذا أسرع. فهو من بَهَسَ ومن بَلِهَ، وهو صِفَة الأبْلَهِ.
باب من الرباعي آخر
__________
(1) من بيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 18 والمفضليات (2: 228). وصدره فيهما:
* فتناديا وتواقفت خيلاهما *
... والرواية المشهورة: "مخدع" بمعنى المجرب. ويروى: "مجدع" كما في شرح الديوان. ورواية "مخذع" في اللسان (خذع) وكذا في المقاييس (خذع).
(2) في الأصل: "بلط" وليست صحيحة.
(3) يقال تبلخس وتبخلص أيضاً.
(4) لم تذكر هذه المادة في اللسان، وذكرها في القاموس.
(5) في الأصل: "نبس"، صوابه بتقديم الباء.(1/306)
(بَلأَصَ)(1) غير أصلٍ، لأنّ الهمزة مبدلة [من هاء(2)] والصَّاد مبدلَةٌ من سين.
(باب من الرباعي آخر)
ومن هذا الباب ما يجيءُ على الرّباعي وهو من الثلاثي على ما ذكرناه، لكنّهم يزيدون فيه حرفاً لمعنىً يريدونه مِنْ مبالغةٍ، كما يفعلون ذلك في زُرْقُمٍ(3) وَخَلْبَنٍ(4). لكن هذه الزيادَة تقع أوّلاً وغيرَ أوّلٍ.
وَمن ذلك (البَحْظَلَة) قالوا: أَنْ يَقْفِزَ الرَّجُل قَفَزَانَ اليَربوع. فالباءُ زائدةٌ(5) قال الخليل: الحاظل الذي يمشي في شِقِّه. يقال مَرَّ بنا يَحْظَلُ ظالِعاً.
ومن ذلك (البِرْشاع) الذي لا فُؤاد له. فالرّاء زائدة، وإنما هو من الباء والشين والعين، وقد فُسِّرَ.
ومن ذلك (البَرْغَثَة)(6) فالراءُ فيه زائدة وإنما الأصل الباء والغين والثاء. والأبغث من طير الماء كلون الرَّماد. فالبَرْغَثَةُ لونٌ شبيهٌ بالطُّحْلة ومنه البُرْغُوث.
باب من الرباعي آخر
ومن ذلك (البَرْجَمَةُ) غِلَظُ الكلام: فالراء زائدةٌ، وإنَّما الأصل البَجْم. قال ابنُ دريد: بَجَم الرّجُل يَبْجَم بُجُوماً، إذا سكَتَ من عِيٍّ أو هيْبَةٍ، فهو باجِمٌ.
__________
(1) بلأص، بمعنى هرب.
(2) ساقطة من الأصل، وأثبتها مطاوعة لما يريد أن يقوله من أن هذه الكلمة هي الكلمة السابقة (بلهس) مع الإبدال في حرفين. ومما يؤيد قوله أن هناك (بلهص) بمعنى أسرع أيضاً مع الإبدال في حرف واحد. وأنشد ابن الأعرابي:
* ولو رأى فاكرش لبلهصا *
(3) الزرقم، بضم الزاي والقاف: الشديد الزرقة، كما في مادة (زرق) من المعاجم.
(4) الخلبن، بفتح الخاء والباء: الخرقاء، كما في مادة (خلب) من المعاجم. يقال خلباء وخلبن بمعنى.
(5) جعلت المعاجم الباء أصلية، فذكرت الكلمة في (بحظل) ولم تذكرها في (حظل). وكذلك سائر ما سيذكره جعلت المعاجم حروفه أصولاً.
(6) في الأصل: "البرغث"، تحريف.(1/307)
(فأما النّبَهْرَجُ) فليست عربيّةٌ صحيحة، فلذلك لم يُطْلَبْ لها قياس. والبَهْرَج الرَّدِيّ. ويقال أرضٌ بَهْرَجٌ، إذا لم يكن لها مَن يحميها. وبَهْرَجَ الشّيءَ إذا أخَذَ به على غير الطريق. وإن كان فيه شاهدُ شعر(1) فهو كما يقولون "السّمَرَّج"(2). وليس بشَيْء.
ومما فيه حرف زائد (البَرْزَخ) الحائل بين الشيئين، كأنّ بينهما بَرَازاً * أي متَّسَعاً من الأرض، ثم صار كلُّ حائلٍ بَرْزَحاً. فالخاء زائدة لما قد ذكرنا.
ومن هذا الباب (البِرْدِس(3)) الرّجُل الخبيث. والباءُ زائدة، وإنما هو من الرَّدْسِ، وذاك أن تقتحم الأمور، مثل المِرْداس، وهي الصخرة. وقد فُسِّر في بابه.
ومن ذلك (بلذَمَ(4)) إذا فَرِقَ فسَكَتَ. والباءُ زائدة، وإنّما هو من لَذِمَ، إذا لَزِمَ بمكانه فَرَِقاً لا يتحرَّك.
باب من الرباعي آخر
ومن ذلك (بِرْقِعُ) اسم سَمَاءِ(5) الدّنيا. فالباءُ زائدة والأصل الرّاء والقاف والعين؛ لأنَّ كلَّ سماءٍ رقيعٌ، والسّماواتُ أرقِعَةٌ.
__________
(1) من شواهده قول العجاج في ديوانه 10 واللسان (بهرج):
* وكان ما اهتض الجحاف بهرجا *
(2) يريد أن الشاهد لا يدل على أن الكلمة أصل في العربية، بل هي معربة، كما أن "السمرج" معربة، ومعناها استخراج الخراج في ثلاث مرات. وقد جاء فيها قول العجاج في ديوانه 8 واللسان (سمرج):
* يوم خراج يخرج السمرجا *
(3) يقال بردس، كزبرج، وبرديس بزيادة ياء.
(4) يقال بالدال والذال جميعاً، كما في المجمل.
(5) في الأصل: "أسماء"، وللصواب الذي أثبت في المجمل.(1/308)
ومن ذلك (بَرْعَمَ) النَّبْتُ إذا استدارَتْ رُؤوسُه. الأصل بَرَع إذا طال. ومن ذلك (البَرْكَلَةُ(1)) وهو مشْيُ الإنسان في الماء والطين، فالباءُ زائدةٌ، وإنما هو من تَرَكَّلَ إذا ضَرَبَ بإحدى رجليه فأدخلها في الأرض عند الحفْر. قال الأخطل:
ربَتْ وَرَبَا في حَجْرِها ابن مَدِينةٍ
يَظَلُّ على مِسحاتِهِ يترَكَّلُ(2)
ومن ذلك قولهم (بَلْسَمَ) الرّجُل كَرَّه وجهَه. فالميم فيه زائدة، وإنما هو من المُبْلِس، وهو الكئيب الحزين المتندِّم. قال
* وفي الوُجوهِ صُفْرَةٌ وإبْلاَسْ(3) *
ومن ذلك الناقة (البَلْعَكُ) وهي المسترخيَة اللَّحم. واللام زائدةٌ، وهو البَعْك وهو التجمُّع. وقد ذُكِر.
ومن ذلك (البَلْقَع) الذي لا شيءَ به. فاللام زائدة، وهو من باب الباء والقاف والعين.
باب من الرباعي الذي وضع وضعا
ومن ذلك (تَبَعثرَتْ نَفْسِي(4)) فالعين (5) زائدة، وإنما هو في الباء والثّاء والراء. وقد مرّ تفسيره.
(الباب الثالث من الرباعي الذي وضع وضعاً)
__________
(1) لم تذكر في اللسان والقاموس، وذكرها ابن دريد في الجمهرة (3: 309) ومعها "الكربلة" بمعناها. وهذه الأخيرة وردت في اللسان والقاموس.
(2) البيت في ديوانه 5 واللسان (دين، مدن، ركل)، وفي الأصل: "على مسحابة"، صوابه في (دين) والمراجع السابقة.
(3) قبله، كما في اللسان (بلس):
* وحضرت يوم خميس الأخماس *
(4) يقال بالعين وبالغين أيضاً.
(5) في الأصل: "فالباء"، وسائر الكلام يقتضي ما أثبت. وفي المجمل: "وتبغثرت نفسي غثت".(1/309)
البَُهْصَُلَة: المرأة القصيرة، وحمار بُهْصُلٌ(1) قصير. والبُخْنُق: البُرْقُع القصير، وقال الفرّاء: البُخْنُق(2) خِرْقَةٌ تَلْبَسُها المرأة تَقِي بها الخِمارَ الدُّهْنَ. البَلْعَثُ: السَّيِّئ الخُلُق(3). البَهْكَثَة(4): السُّرعة. البَحْزَج: وَلَدُ البَقَرة. وكذلك البَُرْغَُز. بَرْذَنَ الرّجُل: ثَقُل. البرازِق: الجماعات. البُرْزُلُ(5): الضخم. ناقة بِرْعِس(6): غزيرة. بَرْشَط اللّحْمَ: شَرْشَرَهُ(7). بَرْشَمَ(8) الرّجُلُ إذا وَجَمَ وأظهْرَ الحُزْن. وبَرْهَمَ، إذا أدامَ النظرَ. قال:
باب من الرباعي الذي وضع وضعا
* ونَظَراً هَوْنَ الهُوَيْنَى بَرْهَما(9) *
البَرْقَطَةُ: خَطْوٌ متقارب. والله أعلَمُ بالصّواب.
ـــــ
(تمّ كتاب الباء)
تخ - تر
كتاب التاء
(باب ما جاء من كلام العرب مُضاعَفاً أو مطابقاً(10) وأوله تاء)
__________
(1) هذه بضم الياء والصاد، والتي لحقتها الهاء تقال بضمهما وفتحهما.
(2) بوزن جندب وعصفر.
(3) لم يرد لها رسم في اللسان. وفي القاموس: "البلعثة الرخاوة في غلظ جسم وسمن، والغليظة المسترخية، وهي بلعث".
(4) في الأصل: "البهكنة" بالنون في آخرها، والصواب بالثاء.
(5) في الأصل: "البرزك" صوابه باللام، كما في اللسان والقاموس والجمهرة (3: 305). قال ابن دريد: "وليس بثبت"، وكذا في اللسان.
(6) بكسر الباء والعين، ويقال برعيس، بزيادة ياء.
(7) لم تذكر في اللسان، وذكرت في القاموس. والشرشرة: التقطيع. وفي الأصل: "شرشر".
(8) في الأصل: "برسم"، صوابه بالشين المعجمة.
(9) البيت للعجاج في اللسان (14: 314) وليس في أرجوزته التي على هذا الروي. ويروى: "دون الهوينا".
(10) يعني بالمطابق المكرر التضعيف، نحو تعتع وتهته. وفي الأصل: "أوله مطابقاً"، وكلمة "له" مقحمة. وفي المجمل: "ما جاء من كلام العرب أوله تاء في الذي تسميه المضاعف والمطابق".(1/310)
(تخ) التاء والخاء في المضاعف ليس أصلاً يُقاسُ عليه أو يفرَّع منه، والذي ذُكر منه فليس بذلك المعوَّل عليه. قالوا: والتّختخة حكايةُ صوتٍ. والتَّخُّ العجين الحامِض، تَخَّ تُخوخَة، وأَتَخَّهُ صاحبُه إتخاخاً.
(تر) التاء والراء قريبٌ من الذي قبلَه. وفيه من اللغة الأصلية كلمةٌ واحدة، وهو قولهم بَدَنٌ ذو تَرَارةٍ، إذا كانَ ذا سِمَن وبَضَاضة. وقد تَرَّ. قال الشاعر:
ونُصْبِح بالغَداةِ أَتَرَّ شيءٍ
ونُمْسي بالعَشِيِّ طَلَنْفَحِينا(1)
وأمّا التَّراتِرُ فالأمورُ العِظام، وليست [أصلاً]؛ لأنّ الرّاء مبدلةٌ من لامٍ(2). وقولهم تَرَّتِ النَّواةُ مِن مِرْضاحِها(3) تَتِرُّ، فهذا قريبٌ مما قبلَه. وكذلك الخيط
تع - تغ - تف
الذي يُسمَّى "التُّرّ" وهو الذي يمدُّه الباني، فلا يكاد مِثْلُه يصحّ. وكذلك قولهم إن الأُتْرُور: الغلامُ الصغير. ولولا وِجْداننا ذلك في كُتُبهم لكان الإعراضُ عنه أصوبَ. وكيف يصحُّ شيءٌ يكونُ شاهدُه مثلَ هذا الشِّعر:
أعوذ باللهِ وبالأمير
من عَامِلِ الشُّرْطةِ والأتْرُورِ(4)
ومثلُه ما حُكي عن الكسائيّ: تَرّ الرّجلُ عن بِلادِهِ: تَباعَدَ. وأَتَرَّهُ القَضاءُ: أبعَدَه.
__________
(1) البيت لرجل من بني الحرماز كما في اللسان (طلفح). وأنشده أيضاً في (ترر).
(2) يعني أن أصلها: "التلاتل" وهي الشدائد. قال:
* وأن تشكى الأين والتلاتلا *
(3) المرضاح، بالحاء المهملة: الحجر يدق به النوى. وفي اللسان: "والخاء لغة ضعيفة". وقد ورد في المجمل بالحاء.
(4) البيت في اللسان: (5: 158).(1/311)
(تع) التاء والعين من الكلام الأصيل الصَّحيح، وقياسُه القَلَقُ والإكراه. يقال تَعْتَعَ الرَّجُلُ إذا تَبَلَّدَ في كلامه. وكلُّ من أُكرِهَ في شيءٍ حتى يَقْلَقَ [فقد(1)] تُعْتِعَ. وفي الحديث: "حتى يُؤخَذَ للضَّعيف حقُّه من القوِيّ غيْرَ مُتَعْتَعٍ". ويقال تَعْتَعَ الفَرَسُ إذا ارْتَطَمَ. قال:
يُتَعْتِعُ في الخَبَارِ إذا علاهُ
ويعثُر في الطريقِ المستقيمِ(2)
ويقال: وقع القوم في تَعاتِعَ، أي أراجِيفَ وتَخْليطٍ.
(تغ) التاء والغين ليس أصلاً. ويقولون: التغتغة حكايةُ صوت أو ضَحِك.
(تف) التاء والفاء كالذي قبله. على أنّهم (3) يقولون: التُّفُّ وسَخ
الظُّفُرِ.
تق - تك - تل - تم
(تق) التاء والقاف كالذي قبله. يقولون تَتَقْتَقَ من الجَبَلِ إذا وَقَع.
(تك) التاء والكاف ليس أصلاً. ويُضْعِف أمرَه قِلّةُ ائتلافِ التاء والكاف في صَدْر الكلام، وقد جاءَ التِّكَّة، وتَكَكْتُ الشيءَ: وطِئْته. والتّاك: الأحْمَق. وما شاءَ الله جلَّ جلالُه أنْ يصِحَّ فهو صحيح.
(تل) التاء واللام في المضاعف أصلٌ صحيح، وهو دليل الانتصاب وضِدِّ الانتصاب.
فأمَّا الانتصاب فالتلّ، معروف. والتَّليل العُنُق. وتَلَلْتُ الشيءَ في يَدِه. والتَّلْتَلة الإقلاق، وهو ذلك القياس.
وأمّا ضِدُّه فَتَلَّه أي صَرَعَه. وهذا جنسٌ من المقابلة. والمِتَلُّ: الرُّمح الذي يُصْرَع به. قال الله تعالى: { وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ } [الصافات 103]. ثم قال لبيد:
رابِطُ الجأشِ على فَرْجِهِمُ
أَعْطِفُ الجَوْنَ بمربُوعٍ مِتَلّ(4)
يقول: أعطفه ومَعِي رُمْحٌ مِتلٌّ.
(تم) التاء والميم أصلٌ واحدٌ منقاس، وهو دليلُ الكمال. يقال تمَّ الشيءُ، إذا كَمَل، وأتممْتُه أنا.
__________
(1) هذه التكملة في المجمل.
(2) البيت في المجمل واللسان (9: 384).
(3) في الأصل: "على النهم".
(4) ديوان لبيد 14 طبع فينا 1881 واللسان (تلل).(1/312)
ومن هذا الباب التَّميمة: كأنَّهم يريدون أنّها تَمام الدَّواءِ والشِّفاءِ المطلوب. وفي الحديث: "مَنْ عَلَّقَ تميمةً فلا أتمَّ الله لَه" والتّميم أيضاً: الشيءُ الصُّلب. ويقال امرأةٌ حُبْلَى متِمٌّ، ووَلَدَتْ لتَمامٍ، وليلُ التِّمام لا غير. وتتميم الأيْسارِ أن
تن
تُطْعِمَهم فَوْزَ قِدْحِك، فلا تَنْتقِص منه شيئاً. قال النابغة:
أَنِّي أتمِّمُ أيسارِي وأمنَحُهُمْ
مَثْنَى الأَيادِي وأكْسُوَ الجَفْنَةَ الأُدُمَا(1)
والمستَتمّ: الذي يطلُب شيئاً من صوف أو وَبَر يُتمُّ به نَسْج كِسائِهِ. قال أبو دُوَاد:
فهي كالبَيْضِ في الأداحِيِّ لا يو
هَبُ منها لمُسْتَتمٍّ عِصامُ(2)
والموهوب تِمَّةٌ وتُمّة.
وأما قوله المتَتَمِّم المتكَسِّر، فقد يكون من هذا، لأنه يتنَاهَى حتى يتكسَّر. ويجوز أنْ يكون التَّاء بدلاً من ثاءٍ كأنه مُتَثمِّم، وهو الوجه. ويُنشَد فيه:
* كانهياضِ المتعَبِ المتَتَمِّمِ(3) *
__________
(1) في ديوانه 67 واللسان (تمم). وقبله في الديوان:
ينبئك ذو عرضهم عني وعالمهم
وليس جاهل شيء مثل من علما
(2) يصف إبلا، يقول: قد سمنت وألقت أوبارها، فليس يوجد فيها ما يوهب للمستتم. والبيت في اللسان (تمم).
(3) أنشد هذا الجزء في اللسان (تمم) برواية "المعنت المتتمم". والبيت لذي الرمة في ديوانه 629. وهو بتمامه كما في الديوان واللسان (تعب):
إذا نال منها نظرة هيض قلبه
بها كانهياض المتعب المتتمم
... وجاء في المجمل: ... * أو كانهياض المتعب المتمم *
... تحريف. وانظر ما سيأتي في روايته في مادة (تعب).(1/313)
(تن) التاء والنون كلمتانِ ما أدري ما أصْلُهما، إلا أنّهم يُسَمُّون التِّرْب: التِّن(1). ويقولون: أَتَنَّهُ المرضُ، إذا قَصَعَهُ وهو لا يكاد يَشِبُّ(2).
ته - تو - تب - تجر
(ته) التاء والهاء ليس بأصلٍ، ولم يجئْ فيه كلمةٌ تتفرّع. إنما يقولون التَّهاتهُ الباطل. قال القُطاميّ:
ولم يكُنْ ما ابتَلَيْنا مِن مَواعِدِها
إلا التَّهاتِهَ والأمْنِيَّةَ السَّقَما(3)
قالوا: والتَّهتَهَةُ: اللُّكُنْة في اللّسان.
(تو) التاء والواو كلمة واحدة وهي التَّوُّ، وهو الفَرْد. وفي الحديث: "الطَّوَافُ تَوٌّ". ويقال سافَرَ سَفَراً تَوّاً، وذلك أن لا يُعَرِّج، فإن عَرَّجَ بمكانٍ وأنشأ سَفَراً آخَرَ فليس بتَوٍّ.
(تب) التاء والباء كلمةٌ واحدة، وهي التّباب، وهو الخُسْران. وتبّاً للكافر، أي هلاكاً له. وقال الله تعالى: { وَمَا زَادُوهُمْ غيْرَ تَتْبِيبٍ } [هود 101]، أي تخسير. وقد جاءَت في مقابلتهما كلمةٌ، يقولون استَتَبَّ الأمر إذا تهيّأَ. فإن كانت صحيحةً فللباب إذاً وجهان: الخُسْران، والاستِقامة.
(باب التاء والجيم وما يثلثهما)
(تجر) التاء والجيم والراء، التِّجارة معروفة. ويقال تاجر وتَجْرٌ، كما يقال صاحبٌ وصحبٌ. ولا تكاد تُرى تاءٌ بعدها جيم(4).
تحم - تحت - تخذ - تخم
(باب التاء والحاء وما يثلثهما)
(تحم) الأتْحميُّ: ضربٌ من البُرودِ(5):
(تحت) التاء والحاء والتاء كلمةٌ واحدةٌ، تحت الشّيء. والتُّحُوت: الدُّونُ من النّاس وفي الحديث: "تَهْلِكُ الوُعولُ وتَظْهَر التُّحوتُ". والوُعُول: الكِبار والعِلْية.
__________
(1) في حديث عمار: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تِنِّي وتِرْبي".
(2) في اللسان: "إذا قصعه فلم يلحق بأتنانه، أي بأقرانه، فهو لا يشب".
(3) ديوان القطامي 68 واللسان (17: 375).
(4) أورد في المجمل بعض الشبهات في هذه القضية وردها إلى نصابها. فانظره.
(5) في الأصل: "السرود".(1/314)
(باب التاء والخاء وما يثلثهما)
(تخذ) التاء والخاء والذال كلمة واحدة، تَخِذْتُ الشّيءَ واتَّخَذْته.
(تخم) التاء والخاء والميم كلمةٌ واحدة لا تتفرَّع. التُّخوم: أعلامُ الأرضِ وحُدودُها. وفي الحديث: "ملْعونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُوم الأرض". قال قوم: أرادَ حُدودَ الحَرَم. وقال آخرون: هو أن يدخُلَ الرّجلُ في حُدود غَيرهِ فيحُوزَها(1) ظُلْماً. قال:
يا بَنِيَّ التُّخُومَ لا تَظْلِمُوها
إنّ ظُلْمَ التُّخُوم ذُو عُقّالِ(2)
وأمّا التُّخَمَة ففي بابها من كتاب الواو.
ترز - ترس - ترش
(باب التاء والراء وما يثلثهما)
(ترز) التاء والراء والزاء كلمةٌ واحدة صحيحة. تَرِزَ الشّيءُ صَلُبَ. وكلُّ مستحكِمٍ تارز. والميِّت تارزٌ؛ لأنَّه قد يَبِسَ. قال:
* كأنَّ الذي يُرمَى من الوحشِ تارِزُ(3) *
وقال امرؤ القيس –ويدلّ على أنّ التارز الصُّلب -:
بعَِجْلَِزَةٍ قد أتْرَزَ الجَرْيُ لَحْمَها
كميتٍ كأنّها هِراوةُ مِنوالِ(4)
ويقال أتْرَزَتِ المرأةُ حَبْلَها: فتلَتْه(5) فتلاً شديداً. وأترزَتْ عجينَها إذا مَلَكَتْه.
(ترس) التاء والراء والسين كلمةٌ واحدة، وهي التُّرْسُ، وهو معروف، والجمع تِرَسَةٌ وتِراسٌ وَتُرُوس. قال:
كأنَّ شَمْساً نَزَلَتْ شُمُوسا
__________
(1) يحوزها: يملكها. وفي الأصل: "فيجوزها" تحريف، صوابه في المجمل. ويدله في اللسان: "فيقتطعها".
(2) البيت لأحيحة بن الجلاح، كما في اللسان (13: 490) والاقتضاب 386. وأنشد صدره في اللسان (تخم). ونبه في المجمل على أن أصحاب العربية يقولون "التخوم" بالفتح، يجعلونها مفردة.
(3) للشماخ. ديوانه 46 واللسان (ترز) وصدره كما في الديوان والجمهرة (2: 10):
* قليل التلاد غير قوس وأسهم *
(4) ديوانه 67 واللسان (ترز) والعجلزة، بكسر العين واللام لغة قيس، وبفتحهما لغة تميم.
(5) في الأصل" قتلها".(1/315)
دُروعَنا والبَيْضَ والتُّرُوسا(1)
(ترش) التاء والراء والشين ليس أصلاً ولا فَرْعاً، سوى أنَّ ابن دريد(2) ذكَر أنّ التَّرَشَ خِفَّةٌ ونَزَقٌ، يقال تَرِشَ يَتْرَشُ تَرَشاً. وما أدرِي ما هُوَ.
ترص - ترع
(ترص) التاء والراء والصاد أصلٌ واحد، وهو الإحكام. يقال تَرُصَ الشّيءُ، وأَتْرَصْتُه أحكمْتُه فهو مُتْرَصٌ. وكلُّ ما أحكَمْتَ صَنْعتَهُ فقد أتْرَصْتَه. وأنشد الخليل:
* وشُدَّ يَدَيْكَ بالعَقْدِ التَّريصِ(3) *
(ترع) التاء والراء والعين أصلٌ مطّردٌ قياسُه، وهو تفتُّح الشَّيءِ. فالتُّرْعة البابُ، والتَّرَّاع البَوّابُ. قال:
إنِّي عَدَاني أن أزُورَكِ مُحكَمٌ
مَتَى ما أُحَرِّكْ فيه ساقَيَّ يصخَبِ(4)
حديدٌ ومَرصوص بِشِيدٍ وجنْدَلٍ
لَهُ شُرُفاتٌ مرقبٌ فَوْقَ مَرْقَبِ
يُخيِّرُني تَرَّاعُه بين حَلْقَةٍ
أَزُومٍ إذا عَضَّتْ وكِبْلٍ مُضَبَّبِ(5)
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ مِنبري هذا تُرْعَةٌ من تُرَع الجنة". والتَّرَع: الإسراع إلى الشرّ. ورجلٌ تَرِعٌ. وهو من ذاك، لأنّ فيه تفتُّحاً إلى ما لا ينبغي. ولا يكاد يُقالُ هذا في الخير.
ومن هذا الباب أترعْتُ الإناءَ مَلأتُه. وجَفْنَةٌ مُتْرَعة. قال:
* لو كان حَيّاً لَغَاداهُمْ بِمُتْرَعةٍ(6) *
__________
(1) هذه الرواية تطابق رواية الجمهرة (2: 10). وفي اللسان: "نازعت شموساً". وقد نصب الجزأين بعد "كأن"، كما جاء في قول أبي نخيلة:
كأن أذنيه إذا تشوفا
قادمة أو قلما محرفا
(2) الجمهرة (2: 10).
(3) اللسان (ترص).
(4) يصخب: يحدث جلبة. وفي الأصل: "يصحب" محرف، صوابه في المجمل. والأبيات لهدبة بن الخشرم، كما في اللسان (ترع).
(5) قال ابن بري: "والذي في شعره: يخبرني حداده".
(6) في المجمل: "لفاداهم"، محرفة.(1/316)
والتَّرَع: الامتلاء. وقد تَرِعَ الإناءُ. وكان بعضُ أهل اللغة يقول: لا أقول تَرِع، ولكن أُتْرِع. وهذا من الباب، لأنه إذا أُتْرِع بادَرَ إلى السَّيَلان.
ترف - ترق - ترك
والتُّرْعة والجمعُ تُرَع: أفواه الجداول. ويقال سَيْرٌ أَتْرَعُ. قال:
* فافترشَ الأرضَ بسَيْرٍ أتْرَعا(1) *
والقياس كلّه واحد.
(ترف) التاء والراء والفاء كلمة واحدة، وهي التُّرْفَة. يقال رجلٌ مُترفٌ مُنَعَّمٌ، وتَرَّفَهُ أهلُه إذا نعمّوه بالطَّعام الطّيِّب والشيء يُخَصُّ به. وفي كتاب الخليل: التُّرفَة الهَنَةُ في الشَّفَة العُلْيا. وهذا غلطٌ، إنّما هي التُِّفرَةُ وقد ذُكرت (2).
(ترق) التاء والراء والقاف ليس فيه شيءٌ غير التَّرْقُوَة، فإنّ الخليل زعَمَ أنّها فَعْلُوَة، وهو عظمٌ وصَلَ ما بين ثُغْرة النَّحْرِ والعاتق.
(ترك) التاء* والراء والكاف: الترك التخلية عن الشيء، وهو قياسُ الباب، ولذلك تسمّى البَيْضَةُ بالعَراءِ تريكة. قال الأعشى:
ويَهْماءَ قَفْرٍ تَأْلَهُ العَيْنُ وسْطَها
وتَلْقَى بها بَيْضَ النَّعامِ ترائِكا(3)
وتَرْكَةُ السِّلاح، وهي البيضة، محمولٌ على هذا ومشبَّهٌ به، والجمع تَرْكٌ. قال لبيد:
فخمة ذفراء تُرْتَى بالعُرَى
قُرْدُمانِيّاً وتَرْكَا كالبَصَلْ(4)
وتَرَاكِ بمعنى اتْرُكْ. قال:
تره - ترب
تَرَاكِها مِنْ إبلٍ تَرَاكِها
أما تَرَى الموتَ لدى أوراكِها(5)
__________
(1) البيت لرؤية في ديوانه 92 واللسان (ترع).
(2) في مادة (تفر) .
(3) ديوان الأعشى 65 واللسان (ترك). تأله: تتحير، وهو أحد الأقوال في اشتقاق لفظ الجلالة، لأن العقول تأله في عظمته، أي تتحير.
(4) سبق الكلام على البيت في مادة (بصل). وسيأتي في (عرو).
(5) البيتان لطفيل بن يزيد الحارثي، كما في اللسان (ترك)(1/317)
وتَرِكَةُ الميِّت: ما يتْرُكُه من تُراثِه. والتّريكة رَوْضةٌ(1)يُغْفِلُها النّاسُ فلا يَرْعَوْنها. وفي الكتاب المنسوب إلى الخليل: يقال تركْتُ الحبْلَ شديداً، أي جعلتُه شديداً. وما أحْسَِبُ هذا من كلام الخليل.
(تره) التاء والراء والهاء كلمةٌ ليست بأصلٍ متفرَّعٍ منه. قالوا: التَّرَّهاتُ، والتُّرَّهُ الأباطيل من الأمور. قال رُؤبة:
* وحَقَّةٍ ليستْ بقَوْلِ التُّرَّهِ(2) *
قالوا: والواحد تُرَّهَة. قال: وجَمَعها أناسٌ على التَّرَارِيهِ. قال:
رُدُّوا بَنِي الأعْرَجِ إبْلي مِن كَثَبْ
قَبْلَ الترارِيهِ وَبُعْدِ المُطَّلَبْ(3)
(ترب) التاء والراء والباء أصلان: أحدهما التّراب وما يشتقّ منه، والآخر تساوي الشّيئين. فالأول التُّراب، وهو التَّيْربُ والتَّوْرَاب(4). ويقال تَرِبَ الرجل إذا افتقَرَ كأنّه لصِق بالتُّراب، وأتْربَ إذا استَغْنى، كأنّه صار له من المال بقَدْرِ التُّراب، والتَّرباء الأرضُ نفسها. ويقال ريحٌ تَرِبَةٌ إذا جاءَت بالتُّراب. قال:
لا بَلْ هو الشَّوقُ مِنْ دارٍ تخَوَّنَهَا
مرّاً سَحابٌ ومَرّاً بارحٌ تَرِبُ(5)
ترج - ترح - تسع
وأمّا الآخر فالتِّرب الخِدْن، والجمع أترابٌ. ومنه التَّرِيب، وهو الصَّدر عند تساوي رؤوس العظام. قال:
* أشْرَفَ ثَدْيَاها على التَّريبِ(6) *
ومنه التَّرِبات وهي الأنامل، الواحدة تَرِبة.
ومما شذَّ عن الباب التّربة(7) وهو نبت.
__________
(1) في الأصل: "التريكة من روضة"، صوابه في المجمل.
(2) ديوان رؤبة 166 واللسان (تره).
(3) البيتان في اللسان (تره). وفي المجمل: "ردوا بني الأعراب".
(4) يقال تيراب أيضاً وتورب، وفيه لغات أخر في القاموس وغيره.
(5) البيت لذي الرمة، سبق الكلام عليه في (برح) ص241.
(6) البيت للأغلب العجلي، كما في اللسان (ترب). وبعده:
* لم يعدوا التفليك في النتوب *
(7) بالتحريك، وكفرحة، ويقال أيضاً ترباء.(1/318)
(ترج) التاء والراء والجيم لا شيء فيه إلاّ "تَرْج"، وهو موضع. والأتْرُج معروف.
(ترح) التاء والراء والحاء كلمتان متقاربتان. قال الخليل: التَّرَح نقيض الفَرَح. ويقولون: "بعْدَ كلِّ فرْحَةٍ تَرْحَةٌ، وبعد كل حَبْرَةٍ عَبْرَةٌ"، قال الشاعر:
وما فَرْحَةٌ إلاّ سَتُعْقِبُ تَرْحَةً
وما عامرٌ إلا وَشِيكاً سَيَخْرَبُ
والكلمة الأخرى: الناقة المِتْراح، وهي التي يُسرع انقطاعُ لبنِها؛ والجمع مَتَاريح.
(باب التاء والسين وما يثلثهما)
(تسع) التاء والسين والعين كلمةٌ واحدة، وهي التِّسعة في العدد. تقول تَسَعْتُ القومَ، أي صرت تاسِعَهم. وأتْسعتُ الشّيءَ إذا كان ثمانيةً فأتممته تِسعة. والتِّسع ثلاثُ ليالٍ من الشَّهر آخرُ ليلةٍ منها اللّيلة التاسعة. وتَسَعْتُ القومَ أتْسَعُهُم
تعب - تعر - تعس - تعص
إذا أخَذْتَ تُسْع أموالهم.
(باب التاء والشين وما يثلثهما)
مهمل .
(باب التاء والعين وما يثلثهما)
(تعب) التاء والعين والباء كلمةٌ واحدة، وهو الإعياء حتّى يقال: تَعِبَ تَعَباً، وهو تَعِبٌ، ولا يقال متعوبٌ. وأَتْعَبْتُهُ أنا إتعاباً. فأما قولهم أُتْعِبَ العظمُ، إذا هِيضَ بعد الجَبْرِ، فليس بأصلٍ، إنّمَا هو مقلوبٌ من أُعْتِبَ. وقد ذُكر في بابه. قال:
إذا ما رآها رَأْيَةً هِيضَ قَلْبُه
بها كانْهِياضِ المُتْعَبِ المتهشِّمِ(1)
(تعر) التاء والعين والراء ليس بشيء، إلاّ تِعَار، وهو جَبَل.
(تعس) التاء والعين والسين كلمةٌ واحدة وهو الكَبُّ، يقال تَعَسَه الله وأتعسَه. قال:
غداةَ هَزَمْنا جَمْعَهم بمُتالعٍ
فآبوا بإتعاسٍ على شَرِّ طائرِ
__________
(1) البيت لذي الرمة، وقد سبق الكلام عليه في حواشي (تم) ص340. وقافيته في الديوان وفيما سبق: "المتتمم". لكن كذا وردت روايته في المقاييس والمجمل: "المتهشم".(1/319)
(تعص) التاء والعين والصاد كلمةٌ واحدة. ذكر ابنُ دريد أنّ التَّعِصَ الذي يشتكي عُنقَه من المَشْيِ(1).
تفل - تفه
(باب التاء والغين وما يثلثهما)
مهمل.
(باب التاء والفاء وما يثلثهما)
(تفل) التاء والفاء واللام أصلٌ واحدٌ، وهو خُبْثُ* الشيء وكَرَاهَتُه. فالتَّفَل الرِّيحُ الخبيثة. وامرأةٌ تَفِلَةٌ ومِتْفال. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "لا تمنَعُوا إماءَ الله مساجدَ الله، وليَخْرُجْن إذا خرَجْنَ تَفِلات"، أي لا يكنَّ مطيَّبات. وقد أتْفَلْتُ الشيءَ، قال:
يا ابنَ التي تَصيَّدُ الوِبارَا
وتُتْفِل العَنْبَر والصُّوارا(2)
وقال امرؤ القيس:
* إذا انفَتَلَتْ مُرْتَجّةٌ غيْرُِ مِتْفالِ(3) *
ومن هذا الباب تَفَلْت بالشَّيء، إذا رمَيْتَ به من فَمِك متكرِّهاً له. قال:
ومِنْ جَوفِ ماءٍ عَرْمَضُ الحَوْلِ فَوْقَه
مَتَى يَحْسُ مِنه مائحُ القَوْمِ يتفُلِ(4)
(تفه) التاء والفاء والهاء أصلٌ واحد، وهو قِلَّةُ الشيء. يقال تَفِهَ الشّيءُ فهو تافِه، إذا قَلّ. وفي الحديث في ذكر القرآن: "لا يَتْفَهُ ولا يُخْلِقُ"(5)".
تفث - تفر - تفح - تقن
وفي حديث آخر: "كانت اليد لا تُقْطع في الشّيء التّافِهِ".
(تفث) التاء والفاء والثاء كلمةٌ واحدة في قول الله تعالى: { ثمَّ لْيَقْضُوا
تَفَثَهُمْ } [الحج 29]. قال أبو عبيدةَ: هو قصُّ الأظافر وأخْذ الشَّارب وشمُّ الطيب وكلُّ ما يَحْرُم على المُحْرِم إلاّ النكاح. قال: ولم يجئ فيه شِعْرٌ يُحْتَجُّ به(6)
__________
(1) نص الجمهرة (2: 18): "تعص يتعص تعصا إذا اشتكى عصبه من شدة المشي".
(2) البيتان في اللسان (تفل) والمجمل.
(3) صدره كما في ديوانه 55: * لطيفة طي الكشح غير مفاضة *
(4) عجزه في اللسان (تفل). وهو بتمامه في المجمل.
(5) في مادة (شنن): "ولا يتشان".
(6) كذا، وقد أنشد الجاحظ من شعر أمية بن أبي الصلت في الحيوان (5: 376):
شاحين آباطهم لم ينزعوا تفثا
ولم يسلوا لهم قملا وصئبانا(1/320)
.
(تفر) التاء والفاء والراء كلمة واحدة، وهي التّفرة(1) الدائرة التي تحت الأنف في وَسَط الشَّفَةِ العُلْيا. قال أبو عبيد: التّفْرةُ من الإنسان، وهي من البعير النَّعْو. والتَّفِرةُ نبتٌ، وهو أحبُّ المرعى إلى المال. قال:
لها تَفِرَاتٌ تَحْتَها وقُصارُها
إلى مَشْرَةٍ لم تُعْتَلَقْ بالمحاجِنِ(2)
(تفح) التاء والفاء والحاء كلمة واحدة، وهي التُّفَّاح.
(باب التاء والقاف وما يثلثهما)
(تقن) التاء والقاف والنون أصلان: أحدهما إحكام الشّيء، والثاني الطين والحَمْأة.
فالقول الأوّل أتقَنْت الشّيء أحكَمْتُه. ورجل تقن(3): حاذقٌ. وابن تِقْن: رجلٌ كان جيّد الرّمي يُضْرَبُ به المَثَل. قال:
* يرمي بها أرمَى من ابن تِقْنِ(4) *
تقد - تلو
وأمّا الحمأة والطين فيقال: تَقَّنُوا أرضَهُم، إذا أصلحوها بذلك، وذلك هو التِّقْن.
(تقد) التاء والقاف والدال. يقولون التَِّقْدة(5) نبت. وهذا وشِبْهه مما لا يعرَّجُ عليه.
[(باب التاء واللام وما يثلثهما)]
(تلو) التاء واللام والواو أصلٌ واحد، وهو الاتِّباع. يقال: تَلَوْتُه إذا تَبِعْتَه. ومنه تلاوةُ القُرآن، لأنّه يُتْبِع آيةً بعد آية. فأمّا قوله تلَوْتُ الرّجلَ أتلوه تُلُوّاً(6) إذا خَذَلْتَه وتركتَه، فإنْ كان صحيحاً فهو القياس؛ لأنه مُصاحِبُه ومَعَه، فإذا انقَطَع عنه وتركه فقد صار خَلْفَه بمنزلة التّالي.
__________
(1) بالكسر، وبالضم، وككلمة، وتؤدة.
(2) البيت للطرماح في ديوانه 168 واللسان (تفر، مشر). وأنشده في (قصر) بدون نسبة. وقصارها، بالضم، أي قصاراها وغايتها.
(3) يقال تقن، بالكسر، وتقن كحذر. وفي الأصل: "أتقن" تحريف، صوابه في المجمل.
(4) أوله في الأصل: "أرمي بها"، صوابه في المجمل واللسان (تقن).
(5) بكسر التاء وفتحها، وكفرحة، وهي الكسبرة، أو الكروياء. وفي المجمل: "التقدة بقلة وهي الكسبرة".
(6) ويقال أيضاً تلوت عنه تلواً.(1/321)
ومن الباب التّلِيَّة والتُّلاَوَة وهي البقيّة، لأنها تتلو ما تقدَّم منها. قال ابن مُقبل:
يا حُرّ أَمْسَتْ تَليّاتُ الصِّبا ذهبَتْ
فلستُ منها على عَينٍ ولا أثَرِ
ومما يصحّ [في] هذا ما حكاه الأصمعيّ. بقِيَتْ لي حاجةٌ فأنا أَتَتَلاّهَا. والتَّلاَءُ الذّمّة، لأنها تُتَّبَع وتُطْلَب، يقال أتْلَيْتُه ذِمّة. والمُتالي الذي يُرَادُّ صاحبَه الغِناءَ، سُمّيا بذلك لأنّ كلّ واحدٍ منهما [يتلو] صاحبه. قال الأخطل:
* أوْ غِناءُ مُتَالِ(1) *
تلد - تلع
(تلد) التاء واللام والدال أصلٌ واحد، وهو الإقامة. ويقولون تَلَدَ فلانٌ في بَنِي فلانٍ إذا أقامَ فيهم يَتْلِدُ. وأتْلَدَ إذا اتَّخَذَ مالاً، والتِّلاد ما نَتَجْتَه أنتَ عِنْدك من مالٍ. ومالٌ مُتْلَدٌ. وقال:
لو كان للدَّهْر مالٌ كان مُتْلِدَهُ
لكان للدَّهر صَخْرٌ مالَ قُِنْيانِ(2)
والتَّليدُ: ما اشتريْتَه صغيراً فَنَبَتَ(3) عِندَك. والأَتْلادُ(4) قومٌ من العرب.
(تلع) التاء واللام والعين أصلٌ واحد، وهو الامتداد والطُّول صُعُداً. يقال: أتْلَعَتِ الظّبْيةُ إذا سَمَتْ بِجِيدِها. قال:
ذكرتُكِ لمّا أتْلَعَتْ من كِناسِها
وذِكْرُكِ سَبَّاتٍ إليَّ عجيبُ(5)
وجيد تَلِيعٌ، أي طويل. قال الأعشى:
يومَ تُبْدِي لنا قُتَيلةُ عَن جِيـ
دٍ تَليعٍ تَزِينُهُ الأطواقُ(6)
__________
(1) ليس في ديوانه. وهو بتمامه كما في المجمل واللسان (18: 110):
صلت الجبين كأن رجع صهيله
زجر المحاول أو غناء متال
(2) البيت لأبي المثلم الهذلي من قصيدة يرثي بها صخر الغي الهذلي. انظر شرح السكري للهذليين 34 ومخطوطة الشنقيطي 94. واللسان (20: 64).
(3) في الأصل واللسان: "فثبت"، صوابه من المجمل والقاموس.
(4) لم يذكره في اللسان. وجاء في القاموس: والأتلاد بالفتح بطون من عبد القيس".
(5) لحميد بن ثور في ديوانه 51.
(6) ديوان الأعشى 140 واللسان (تلع).(1/322)
والأتلع: الطّويل العُنُق. ويقال تَتَالعَ في مِشْيته إذا مَدَّ عنُقَه.ولزِمَ فلانٌ مَكانَه فما تتلَّع، إذا لم يُرِدِ البَرَاح. قال أبو ذؤيب:
فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئِ الـ
ضُّرَبَاءِ خَلْفَ النَّجمِ لا يَتَتَلَّعُ(1)
ومُتَالِعٌ: جبل. ويقال إنّ التَّلِعَ الكثير التلفت حَوْلَه.
تلف - تلم
ومن الباب تَلَعَ النهار وأتْلَعَ، إذا انْبَسط. قال:
كأَنّهم في الآلِ إذْ تَلَعَ الضُّحَى
سُفُنٌ تَعُومُ قد أُلْبِسَتْ أَجلالا
فأمّا قولهم هو تَلِعٌ إلى الشرِّ، فممكنٌ أن يكونَ من هذا؛ لأنّه يستشرفُ للشرّ أبداً. وممكنٌ أن تكون اللامُ مبدلةً من الراء، وهو التَّرِع، وقد مضى ذِكره. والتَّلعة: أرض مرتفعة غليظة، وربما كانت عريضة، يتردّد فيها السّيل ثمّ يدفع منها إلى تلعة أسفلَ منها. وهي مَكْرَمة من المنابت. قال النابغة:
عفا حُسُمٌ من فَرْتَنَا فالفَوَارِعُ
فجَنْبا أَريكٍ فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ(2)
(تلف) التاء واللام والفاء كلمةٌ واحدةٌ، وهو ذَهابُ الشيءِ. يقال تَلِفَ يَتْلَفُ تَلَفاً. وأرضٌ مَتْلَفَة، والجمع متالِف.
(تلم) التاء واللام والميم ليس بأصلٍ، ولا فيه كلام صحيحٌ ولا فصيح. قال ابنُ دريد في التَّلام إنه التَّلاميذ. وأنشد:
* كالحماليج بأيدي التَّلامْ(3) *
__________
(1) القسم الأول من ديوان الهذليين 6 دار الكتب والمفضليات (2: 224).
(2) رواية الديوان 49: "عفا ذو حسا".
(3) للطرماح في ديوانه 100 واللسان (تلم). وصدره:
* تتقي الشمس بمدرية *
... وانظر تحقيق هذه المادة في رسالة التلميذ للبغدادي، وقد نشرتها محققة في الجزء الثالث من المجلد 106 من المقتطف ونوادر المخطوطات 1: 217-225.(1/323)
وفي الكتاب المنسوب إلى الخليل: التَّلَم مَشَقُّ الكِراب(1) بلغة أهل اليمن. وذكر في التَّلام نحواً مما ذكره ابنُ دريد. وما في ذلك شيءٌ يُعوَّلُ عليه. وذلك أنّ التلميذ ليس من كلام العرب.
تله - تمه - تمر
(تله) التاء واللام والهاء ليس أصلاً في نفسه، وذلك أنهم يقولون تَلِه إذا تحيَّرَ، ثم يقولون إن التاء بدلٌ من الواو. وقالوا: التَّلَه بدلٌ من التَّلف، وهو ذاك، وينشدون:
* بهِ تَمَطَّتْ غَوْلَ كُلِّ مَتْلَهِ(2) *
والصحيح ما رواه أبو عبيد: "كلَّ مِيلَهِ(3)" قال: وهي البِلادُ التي تُوَلِّهُ الإنسان. والوالِهُ: المتحيِّر.
(باب التاء والميم وما يثلثهما)
(تمه) التاء والميم والهاء كلمةٌ واحدةٌ تدلّ على تغيّر الشّيء. يقال تَمِه الطّعامُ إذا فسدَ. وتَمِهَ اللّبَنُ: تغيَّرتْ رائحتُه. وشاةٌ مِتْماهٌ: يَتْمَهُ لبنُها حين يُحلَب. والتَّمَهُ في اللبَن كالنَّمَسِ(4)في الدُّهن.
(تمر) التاء والميم والراء كلمةٌ واحدة، ثم يشتقّ منها، وهي التَّمر المأكول. ويقال للذي عِنده التَّمْر تامِرٌ، وللذي يُطْعِمُه أيضاً تامر، يقال تَمَرْتُهم أتْمُرهم، إذا أطعَمْتَهم. قال:
وغَرَرْتَني وزعَمْت أ
نّكَ لابِنٌ بالصَّيْف تامِرْ(5)
تمك - تنخ - تنف
والمتمِّرُ للذي يُيَبِّسُه. ويقال تُمِّرَ اللّحمُ إذا جُفِّفَ. وهو مشتقٌّ من التّمْر. قال:
* لها أشاريرُ من لَحْمٍ تتمِّرُهُ(6) *
__________
(1) الكراب، بالكسر: قلب الأرض للحرث وإثارتها للزرع. وفي الأصل: "القراب" صوابه في اللسان (تلم).
(2) البيت لرؤبة في ديوانه 167. وأنشده في اللسان (تله).
(3) هذه هي الرواية التي أثبتها في اللسان (وله).
(4) في الأصل: "كالنس"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) للحطيئة في ديوانه 17 واللسان (لبن): والكلمة الأخيرة ساقطة من الأصل ثابتة في (لبن).
(6) لأبي كاهل اليشكري، كما في اللسان (تمر). وعجزه:
* من الثعالي ووخز من أرانيها *(1/324)
والمتْمِرُ الكثير التّمر؛ يقال أتْمَرَ كما يقال ألْبَنَ إذا كثُر لبنُه، وأَلْبَأَ إذا كثر لِبَؤُه(1). والتّمَّار: الذي يبيع التّمر. والتّمْري الذي يحبُّه.
(تمك) التاء والميم والكاف كلمةٌ واحدة، وهو ارتفاعُ الشيء. يقال تَمَكَ السَّنامُ إذا عَلا؛ وهو سنامٌ تامِك. وذكر ابنُ دريد: أتْمكَها الكلأ إذا أَسْمَنَها. والله أعلم.
(باب التاء والنون وما يثلثهما)
(تنخ) التاء والنون والخاء كلمةٌ واحدة، وهو الإقامة. يقال تَنَخَ بالمكان تُنُوخاً، وتتَنَّخَ تَتَنُّخاً(2) إذا أقامَ به، وبذلك سُمِّيت تَنُوخُ، وهي أحياءٌ من العرب اجتَمَعُوا وتحالَفوا، فتَنَخُوا، أي أقاموا في مواضِعِهم.
(تنف) التاء والنون والفاء كلمةٌ واحدة، التَّنوفة المَفَازة، وكذلك التَّنُوفيَّة. قال ابنُ احمر:
كم دُونَ لَيْلَى مِن تَنُوفيّةٍ
لَمَّاعة تُنْذِر فيها النُّذُرْ(3)
تنأ - تهم
وروى ابن قتيبة "تَنُوفَى" وقال: ثنيّةٌ مُشْرِفة . قال: وناسٌ يقولون يَنُوفَى. وأنشد:
كأنّ بَنِي نَبْهانَ أَوْدَتْ بجَارِهمْ
عُقابُ تنُوفَى لا عُقابُ القَواعلِ(4)
والقواعل: ثَنايا صِغارٌ. يقول: كأنّ جارَهُم طارت به* هذه العُقابُ. ومثله قول المسيّب:
أنتَ الوفيُّ فما تُذَمُّ وبعضُهم
تُوفِي بذِمّتِهِ عُقابُ مَلاَعِ(5)
__________
(1) اللبأ، كعنب: أول اللبن في النتاج.
(2) وردت في الجمهرة. وبدلها في اللسان والقاموس: "تنخ" بتاء واحدة مع تشديد النون، وهذه الأخيرة جاءت في الجمهرة أيضاً.
(3) البيت في المجمل واللسان (تنف).
(4) المشهور في رواية البيت، وهو لامرئ القيس:
كأن دثاراً حلقت بلبونه
عقاب تنوفى لا عقاب القواعل
... انظر ديوانه واللسان (تنف، نوف) ومعجم البلدان (تنوفى، ينوفى، القواعل). وقد نبه الوزير أبو بكر على رواية ابن قتيبة الواردة هنا.
(5) البيت في المفضليات (1: 61) برواية: "تودي بدمته".(1/325)
قال: مَلاَعِ، أخرجَه مُخْرَجَ حَذَامِ. يقال امتَلَعَه اختَلَسَه.
(تنأ) التاء والنون والهمزة كلمةٌ واحدة. يقال تَنَأَ بالبلَد إذا قَطَنه، وهو تانِئٌ.
(باب التاء والهاء والميم وما يثلثهما)
(تهم) التاء والهاء والميم أصلٌ واحد، وهو فسادٌ عن حَرٍّ. التَّهَمُ شِدَّةُ الحَرّ وركودُ الريحِ، وبذلك سُمّيت تِهامة. ويقال أتْهَمَ الرّجُلُ أتَى تِهامةً. قال:
فإن تُتْهِمُوا أُنجدْ خِلافاً عليْكُمُ
وإنْ تُعْمِنُوا مُسْتَحْقِبي الشَّرِّ أُعْرِقِ(1)
توي - توب - توت - توخ - تور
ويقال تَهِمَ الطّعامُ فَسَدَ. وحكى أبو عمرو: "إذا هبطوا الحِجازَ أتْهَمُوه". كأنّه يريد استَوْخَمُوه.
(باب التاء والواو وما يثلثهما)
(توي) التاء والواو والياء كلمةٌ واحدةٌ. وهو بُطْلانُ الشيء. يقال تَوِي يَتْوَى توىً وتَوَاءً(2). قال:
* وكان لأُمِّهم صَارَ التَّوَاءُ *
(توب) التاء والواو والباء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الرُّجوع. يقال تابَ مِنْ ذنبه، أي رَجَعَ عنه يتوب إلى الله تَوبةً ومَتَاباً، فهو تائب. والتَّوْبُ التَّوبة. قال الله تعالى: { وَقَابِلِ التَّوْبِ } [غافر 3].
(توت) التاء والواو والتاء ليس أصلاً. وفيه التُّوت، وهو ثَمَرٌ.
(توخ) التاء والواو والخاء ليس أصلاً. وذُكر في كتاب الخليل حرفٌ أُراهُ تَصحيفاً. قال: "تاخَتِ الإصبع في الشيء الرِّخْو". وإنما هذا بالثاء ثاخَتْ.
__________
(1) البيت للممزق العبدي من قصيدة في الأصمعيات 48. وأنشده في اللسان (تهم، عرق، عمن) وفي جميعها: "مستحقبي الحرب". وسيأتي في (عمن، غرق).
(2) لم أجد هذا المصدر فيما بين يدي من المعاجم إلا في المجمل، حيث قال: "التواء الهلاك، ويقصر". وأنشد الشاهد التالي.(1/326)
(تور) التاء والواو والراء ليس أصلاً يعمل عليه (1). أمّا الخليل فذكر في بنائه ما ليس من أصله، وهو استَوْأرَتِ الوَحْش. وهذا مذكورٌ في بابه(2)
توس - توق - توع
وذكر ابن دريد كلمةً لو أعْرَضَ عنها كان أحسن. قال التّوْر الرَّسول بين القوم، عربيٌّ صحيح. قال:
والتَّوْرُ فيما بيننا مُعْملُ
يَرضَى به المُرْسِل والمرسَلُ(3)
ويقال أنّ التارة أصلها واوٌ. وتفسير ذلك (4).
(توس) التاء والواو والسين: الطَّبع، وليس أصلاً، لأن التاء مبدلة من سين، وهو السُّوس.
(توق) التاء والواو والقاف أصلٌ واحد، وهو نِزَاعُ النَّفْس. ثم يُحمَل عليه غيرُه. يقال تاقَ الرّجُل يَتُوق. والتَّوْقُ نِزَاعُ النَّفْسِ إلى الشيء؛ وهو التُّؤُوق. ونفس تائقةٌ مشتاقَةٌ.
قال ابن السّكّيت: تُقْتُ وتئِقْتُ: اشتَقْت.
ابنُ الأعرابيّ: تاقَ يَتُوق إذا جادَ بنَفْسه (5). ومثله رَاق يَرِيقُ، وفَاقَ يَفِيقُ أو يَفوق.
(توع) التاء والواو والعين كلمةٌ واحدة. قال أبو عبيدٍ عن أبي زيد: أتاع الرّجُل إتاعةً، إذا قاءَ. ومنه قول القُطَامىّ:
* تمجُّ عُرُوقُها عَلقاً مُتَاعَا(6) *
تول - توه - تيح
وذكر الخليل كلمةً غيرها أصحَّ منها. قال: التَّوْعُ كَسْرُكَ لِبَأً أو سَمْناً بكسْرةِ خُبزٍ ترفَعُه بها.
__________
(1) لعلها: "يعول عليه".
(2) سيأتي في مادة (وأر).
(3) الجمهرة (2: 14) والمعرب للجواليقي 86 والمجمل واللسان (ثور).
(4) كذا وردت هذه العبارة.
(5) في الأصل: "أتاق يتوق إذا جاء بنفسه"، تحريف.
(6) صدره كما في ديوانه 38 واللسان (تيع):
* فظلت تعبط الأيدي كلوما *(1/327)
(تول) التاء والواو واللام كلمةٌ ما أحسَبُها صحيحةً، لكنّها قد رُويت قالوا: التُِّوَلَةُ جنسٌ من السِّحْر(1). وقالوا: هو شيءٌ تجعلُه المرأةُ في عنقها تتحسَّن(2) به عند زوجها.
(توه) التاء والواو والهاء ليس أصلاً. قالوا: تَاهَ يَتُوه، مثل تاه [يَتِيه] وهو من الإبدال. وقد ذُكِر.
(باب التاء والياء وما يثلثهما في الثلاثي)
(تيح) التاء والياء والحاء أصلٌ واحد، وهو قولهم تاحَ في مِشيته يَتيحُ إذا تمايَلَ. وفرس مِتْيَحٌ وتَيَِّحانُ، إذا اعتَرَضَ في مِشْيته نشاطاً، ومال على قُطْرَيْه. ورجلٌ مِتْيَحٌ وتَيَِّحَانُ، أي عِرِّيضٌ في كلِّ شيء. قال الشاعر(3) في المِتْيح:
أَفي أثَرِ الأظْعانِ عَيْنُكَ تَلْمَحُ
نَعَمْ لاتَ هَنّا إنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ
وقال في التَّيَِّحان:
بِذَبِّي الذَّمَّ عَنْ حَسَبي ومالي
وزَبُّوناتِ أشْوَسَ تَيِّحانِ(4)
تير - تيز - تيس - تيع
ويقال أتاح اللهُ تعالى الشَّيءَ يُتيِحُه إتاحةً* إذا قَدّرَه. وإذا قَدَّره له فقد أمالَه إليه. وتاحَ الشّيءُ نَفْسُه.
(تير) التاء والياء والراء كلمةٌ واحدة: التّيَّار مَوْجُ البَحْر الذي ينضَحُ الماءَ. يقال ذلك تَنَفُّسُه. والموج الذي لا يتنَفَّسُ هو الأعْجَم(5).
(تيز) التاء والياء والزاء كلمةٌ واحدة. قالوا: التَّيّاز الغليظ الجسم من الرّجال. وقال القُطَاميّ:
إذا التَّيّازُ ذُو العَضَلات قلنا
__________
(1) بفتح الواو مع كسر التاء وضمها. وفي الأصل: "من الشجر"، تحريف.
(2) لم يرد هذا المعنى في المعاجم إلا في المجمل. والذي فيها هو المعنى الأول. وهو سحر أو شبهه تتحبب به المرأة إلى زوجها.
(3) هو الراعي، كما في اللسان (تيح)، والخزانة (2: 159) وما سيأتي في (هن) .
(4) لسوار بن المضرب السعدي، كما في اللسان (تيح) والحماسة.
(5) في اللسان (عجم): "والأعجم من الموج: الذي لا يتنفس، أي لا ينضح الماء ولا يسمع له صوت".(1/328)
إليكَ إليكَ ضاقَ بها ذِراعا(1)
(تيس) التاء والياء والسين كلمةٌ واحدة: التَّيس معروفٌ من الظِّباء والمَعْزِ والوُعول. ومن أمثالهم: "عَنْزٌ اسْتَتْيَسَتْ" إذا صارت كالتَّيس في جُرْأتها وحَرَكتِها. يضرب مثلاً للذَّليل يتعزَّزُ.
(تيع) التاء والياء والعين أصلٌ واحد، وهو اضطرابُ الشَّيء. يقال تَتَايَعَ البَعيُر في مِشْيته إذا حَرّك أَلْوَاحَهُ والسَّكْرانُ يَتَتَايَعُ في مِشيته، إذا رَمَى بنَفْسه. والتَّتايُع التَّهافُت في الشَّرِّ، ويقال هو اللَّجاجُ. وفي الحديث: "ما يَحمِلُكُم أن تَتَايَعُوا في الكَذِب كما يَتَتايَعُ الفَرَاشُ في النَّار" ولا يكون التَّتايُعُ في الخَير.
ومما شَذّ عن الأصل التِّيعَة الأربعون من الغَنَم، وهو الذي جاءَ في الحديث: "على التِّيعَةِ شَاةٌ".
تيم - تين - تيه - تأر
(تيم) التاء والياء والميم أصلٌ واحدٌ، وهو التَّعبيد. يقال تَيَّمه الحُبُّ إذا استَعْبَدَه. قال أهلُ اللّغة: ومِنه تَيْمُ الله،أي عبد الله.
ومما شذَّ عن هذا الباب التِّيمة، وهي الشّاة الزائدةُ على الأربعين، ويقال بل هي الشّاة يحتَلِبُها الرّجل في مَنْزِله. واتَّام الرّجُلُ إذا ذَبَحَ تِيَمَته. قال الحُطيئة:
فما تَتَّامُ جارَةُ آلِ لأْيٍ
ولكن يَضْمَنُون لها قِرَاها(2)
(تين) التاء والياء والنون ليس أصلاً، إلاّ التِّين، وهو معروفٌ. والتِّين: جبل. قال:
صُهْباً ظِماءً أتَيْنَ التِّين عن عُرُضٍ
يُزْجِينَ غَيْماً قليلاً ماؤُه شَبِمَا(3)
__________
(1) ديوان القطامي 44 واللسان (تيز). وفي الأصل: "به". وإنما الضمير للناقة. وقبله:
أمرت بها الرجال ليأخذوها
ونحن نظن أن لا تستطاعا
(2) ديوان الحطيئة: 30. واللسان (تيم).
(3) البيت للنابغة في ديوانه 66 واللسان (تين). وفي الديوان: "صهب الظلال"، وفي اللسان: "صهب الشمال".(1/329)
(تيه) التاء والياء والهاء، كلمة صحيحة، وهي جِنْسٌ من الحَيْرَة والتِّيه والتّيهاء: المفازة يَتيه فيها الإنسان.
(باب التاء والهمزة وما يثلثهما(1))
(تأر) التاء والهمزة والراء كلمةٌ واحدة. يقال أتْأَرْتُ عليه النَّظَر إذا حَدَّدته. قال:
مَازِلْتُ أَنْظُرُهم والآلُ يرفَعُهمْ
حتّى اسْمَدَرَّ بطَرْفِ العَيْنِ إتْآرِي(2)
فأما قولهم (اتَّأَبَ) إذا ستَحْيا، فله في كتاب الواو موضعٌ غير هذا.
تأم - تبر - تبع
(تأم) التاء والهمزة والميم كلمةٌ واحدةٌ، وهي التَّوأمانِ: الولدان في بطن تقول أتأمَتِ المرأةُ، وهي مُتْئِمٌ. والتُّؤأمُ جَمْعٌ. وقول سُويد(3):
* كالتؤاميّةِ إنْ باشَرْتَها(4) *
فيقال إنّ التُّؤامَ قَصَبَةُ عُمان.
(باب التاء والباء وما يثلثهما)
(تبر) التاء والباء والراء أصلان متباعدٌ ما بينهما: أحدهما الهلاك، والآخر [جوهر] من جواهر الأرض.
فالأوّل قولهم: تَبَّرَ اللهُ عَمَلَ الكافرِ، أي أهلكَه وأبطلَهَ. قال الله تعالى: { إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأعراف 139].
والأصل الآخر التِّبْر، وهو ما كان من الذَّهب والفِضَّة غيرَ مَصُوغٍ.
__________
(1) في الأصل: "باب التاء والألف والراء".
(2) البيت للكميت، كما في شرح الطوسي لديوان لبيد ص119. وأنشده في اللسان (تأر) بدون نسبة. وروايته فيهما: "أتأرتهم بصري".
(3) هو سويد بن أبي كاهل اليشكري، وقصيدته في المفضليات (1: 188-200) وهي مائة بيت وثمانية أبيات.
(4) عجزه كما في المفضليات، ومعجم البلدان (تؤام) واللسان (تأم): * قرت العين وطاب المضطجع *(1/330)
(تبع) التاء والباء والعين أصل واحد لا يشذ عنه من الباب شيءٌ، وهو التُّلُوُّ والقَفْو. يقال تبِعْتُ فلاناً إذا تَلَوْتَه [و] اتّبعْتَه. وأتْبَعْتُهُ إذا لحِقْتَه. والأصل واحد، غير أنّهم فَرَقوا بين القَفْو واللُّحُوق فغيَّرُوا البناءَ أدنى تغييرٍ.قال الله: { فَأَتْبَعَ سَبَباً(1) } ، [و]: { ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً(2) } فهذا معناه على هذه القراءة اللُّحوق، ومن أهْلِ العربيّة
تبل - تبن
مَن يجعل المعنى فيهما واحداً.
والتُّبُّعُ في قول القائل(3):
يَرِدُ المياهَ حَضِيرَةً ونَفيضةً
وِرْدَ القَطاةِ إذا اسْمألَّ التُّبَُّعُ(4)
هو الظِّلُّ، وهو تابعٌ أبداً للشّخص. فهذا قياسٌ أصدقُ من قَطاةٍ. والتَّبِيع وَلَد البقرة إذا تَبِع أمّه، وهو فَرْض الثَّلاثين(5). وكان بعَضُ الفقهاء يقول: هو* الذي يَستوي قَرْناه وأذُناه. وهذا من طريقة الفُتْيا، لا من قياس اللغة.
__________
(1) الآية 85 من سورة الكهف.
(2) الآية 89 من سورة الكهف. وقد كررت في السورة عينها، وهي الآية 92. وهذه القراءة هي قراءة ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف والأعمش. وقرأ الباقون بوصل الهمزة وتشديد التاء مفتوحة. انظر إتحاف فضلاء البشر 294 واللسان (تبع).
(3) هي سعدى بنت الشمردل الجهنية، من قصيدة في الأصمعيات 41-43.
(4) في اللسان (حضر، نفض، سمأل، تبع). والتبع، بضم التاء وفتح الباء المشددة أو ضمها.
(5) في الأصل: "الثلثين" وهو من بقايا الرسم القديم. وفي حديث معاذ بن جبل حين بعثه الرسول الكريم إلى اليمن: "أمره في صدقة البقر أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعاً، وعن كل أربعين مسنة".(1/331)
والتَّبَعُ قوائم الدابّة، وسُمّيت لأنّه يتبع بعضُها بعضاً. والتّبيع النّصير، لأنه يَتْبَعُه نَصرهُ. والتّبيع الذي لك عليه مالٌ، فأنت تَتْبَعُه. وفي الحديث: [مَطْلُ الغنيّ ظُلْمٌ، وإذا أُتْبِعَ أحدُكُمْ على مَلِيءٍ فليَتّبِعْ". يقول: إذا أُحِيلَ عليه فليَحْتَلْ.
(تبل) التاء والباء واللام كلماتٌ متقاربة لفظاً ومعنى، وهي خلاف الصّلاح والسّلامة، فالتَّبْل العَدَاوة، والتَّبْل غَلَبة الحُبِّ على القلب، يقال قلبٌ متْبُول. ويقال تَبَلَهم الدّهرُ أَفْنَاهم. وقالوا في قول الأعشى:
أأَنْ رأَتْ رجُلاً أعشَى أَضرَّ به
ريبُ المَنون ودهرٌ خائنٌ تَبِلُ(1)
(تبن) التاء والباء والنون كلماتٌ متفاوتةٌ في المعنى جدّاً، وذلك دليلٌ أنَّ من كلام العرب موضوعاً وضْعاً مِن غير قياسٍ ولا اشتقاق. فالتِّبْنُ معروفٌ،
ماجاء على أكثر من ثلاثة أوله تاء
وهو العَصْفُ. والتِّبْن أعظَمُ الأقداحِ يكاد يُرْوي العِشرين. والتَّبَنُ الفِطْنة، وكذلك التَّبانَة. يقال تَبِنَ لكذا. ومحتمل أن يكون هذه التاءُ مُبدلةً من طاء. وقال سالم بنُ عبد الله(2): "كنّا نقول كذا حَتّى تَبَّنْتم(3)"، أي دقّقتم النَّظرَ بفِطْنتكم.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله تاء)
(التَّولب): ولد البقرة. والقياس يوجب أن يكون التاء مبدلة من واو، الواو بعده زائدة، كأنّه فَوْعَلَ من وَلَب إذا رجع. فقياسه قياس التَّبيع. فإنْ ذَهبَ ذاهبٌ إلى هذا الوجه لم يُبْعِدْ.
__________
(1) ديوان الأعشى 42 واللسان (تبل). ويروى: "خابل تبل"، ويروى: "متبل خبل". ولم يذكر في الأصل مقول القول، ولعله أراد أن البيت موضع قول.
(2) هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد الفقهاء السبعة، توفي سنة 106. انظر تهذيب التهذيب وصفة الصفوة (2 : 50).
(3) لفظه في اللسان: "كنا نقول في الحامل المتوفى عنها زوجها أن ينفق عليها من جميع المال حتى تبنتم ما تبنتم".(1/332)
وأمّا (تِبْراك(1)) فالتاء فيه زائدة، وإنما هو تِفعالٌ من بَرَك أي ثَبَتَ وأقام. فهو من باب الباء، لكنه ذكر هاهنا للّفظ.
و(التُّرْنوق) الطّين يَبْقَى في سبيل الماء إذا نضب، والتاء والواو زائدتان وهو من الرَّنْقِ.
وباقي ذلك، وهو قليلٌ، موضوعٌ وضعاً.
من ذلك (اتْلأَبَّ) الأمرُ، إذا استقام واطرَد.
ماجاء على أكثر من ثلاثة أوله تاء
و(تِرْيَم) موضع، قال:
* بتلاعُ تِرْيَمَ هامُهُمْ لَم تقْبَرِ(2) *
فأمّا التَّرَبُوت من الإبل، وهو الذَّلول، فلو قال قائل إنّه من التاء والراء والباء، كأنّه يخضَع حتّى يَلصَق بالتُّراب كان مذهباً.
و(اتْمَهَلَّ) إذا انتصبَ.
و(التَّألَب) من الشَّجر معروفٌ.
و(التَّوأبَانِيَّانِ): قادمتا الضَّرع. قال ابن مُقْبِل:
فمرَّتْ على أظْرابِ هُرَّ عَشِيَّةً
لها تَوأبانِيَّانِ لم يَتَفَلْفَلا(3)
وممكن أن يكون التاءُ زائدةً والأصل الوَأْب. والوأْب المقعَّب، وقد ذكر في بابه. والله أعلمُ بالصّواب.
ــــــ
(تم كتاب التاء)
ثج - ثر
كتاب الثاء
(باب الكلام الذي أوله ثاء في المضاعف والمطابق والأصم)
(ثج) الثاء والجيم أصلٌ واحد، وهو صبُّ الشيء. يقال ثَجَّ الماءَ إذا صَبَّه؛ وماءٌ ثَجّاجٌ أي صَبّابٌ. قال الله تعالى: { وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً } [النبأ 14]، يقال اكتظَّ الوادي بثجيج الماء، إذا بلغ ضَرِيرَيْه(4). قال أبو ذؤيب:
سقى أمَّ عَمرٍو كلَّ آخِرِ لَيلةٍ
__________
(1) تبراك، بالكسر: موضع بحذاء تعشار، أو ماء لبني العنبر. معجم البلدان.
(2) صدره كما في اللسان (ترم):
* هل أسوة لي في رجال صرعوا *
(3) أظراب: جمع ظرب، وهو الجبل المنبسط أو الصغير. وفي الأصل ومادة (طرفس) من اللسان: "أظراف" صوابه من اللسان (تأب). وفي مادة (فلل): "أضراب". وهر، بالضم: موضع.
(4) الضريران: جانبا الوادي. وفي الأصل: "صريرته"، تحريف.(1/333)
حَناتِمُ مُزْنٍ ماؤُهُنَّ ثَجيجُ(1)
وفي الحديث: "أفضَلُ الحَجِّ العجُّ والثَّجّ" فالعجُّ رفْعُ الصّوتِ بالتَّلبية. والثّجُّ سَيَلانُ دِماءِ الهَدْي. ومنه الحديثُ في المستحاضة: "إني أثُجُّه ثَجّاً".
(ثر) الثاء والراء قياسٌ لا يُخْلِف، وهو غُزر الشيءِ الغزير. يقال سحاب ثَرٌّ أي غزير. وعينٌ ثَرَّةٌ، وهي سحابةٌ تنشأُ من قِبَل القِبْلة(2). قال عنترة:
جادَتْ عليه كلُّ عَيْنٍ ثَرّةٍ
فتركْن كلّ قَرارةٍ كالدّرهم(3)
ثط - ثع - ثل
ويقال ثَرَّرْتُ الشيءَ وثَرّيْتُه، أي ندَّيتُة. وناقةٌ ثَرَّةٌ غزيرة. وطعنة ثَرّةٌ، إذا دَفَعَت الدّم دَفْعاً بغُزْرٍ وكَثْرة. والثَّرثار الرّجُل الكثير الكلام. وفي الحديث: "*أبْغَضُكم إليَّ الثَّرثارُونَ المتَفَيْهِقُون". والثّرثار: وادٍ بعينه. قال الأخطل:
لَعمرِي لقد لاقَتْ سُلَيمٌ وعامرٌ
على جانِبِ الثَّرثارِ راغِيةَ البَكْرِ(4)
(ثط) الثاء والطاء كلمةٌ واحدة، فالثّطَطُ خِفّة اللحية. والرجلُ ثَطٌّ.
(ثع) الثاء والعين كلمة واحدة: الثّعُّ القيء، يقال ثَعَّ ثَعَّةً، إذا قاءَ قَيئةً.
(ثل) الثاء واللام أصلانِ متباينان: أحدهما التجمُّع، والآخر السُّقوط والهَدْم والذُّلّ.
فالأوّل: الثَّلَّة الجماعة من الغَنَم. وقال: بعضهم يخصّ بهذا الاسم الضَّأن، ولذلك قالوا: حبلُ ثَلَّةٍ أي صوفٍ، وقالوا: كساء جيِّد الثَّلَّة. قال:
قد قَرَنوني بامرئٍ قِثْوَلِّ
رثٍّ كحبل الثلَّة المبْتَلِّ(5)
__________
(1) القسم الأول من ديوان الهذليين 51 واللسان (ثجج، حنتم).
(2) أي قبلة أهل العراق. كما في اللسان (ثرر).
(3) البيت من معلقته المشهورة. وانظر اللسان (ثرر).
(4) ديوان الأخطل 133 واللسان (ثرر). وفي الديوان 216 كذلك:
وإن يذكروها في معد فإنما
أصابك بالثرثار راغية البكر
(5) البيتان في اللسان (قثل، ثلل).(1/334)
والثُّلَّة: الجماعة من الناس، قال الله تعالى: { ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ(1) } .
والثاني: ثَلَلْتُ البيتَ هدمتُه. والثلَّة تُراب البِئر. والثَّلَل الهَلاك. قال لبيد:
ثم
فصَلَقْنَا في مُرادٍ صَلْقَةً
وصُدَاءًٍ ألحقتهُمْ بالثَّلَلْ(2)
ويقال ثُلَّ عرشُه، إذا ساءَتْ حالُه. قال زُهير:
تداركتُما الأحلافَ قد ثُلَّ عرشُها
وذُبْيانَ إذْ زَلَّتْ بأقدامها النَّعْل(3)
وقال قوم: ثُلَّ عَرْشُه وعُرْشه، إذا قُتِل. وأنشَدوا:
وعَبْدُ يَغُوثٍَ تحْجُِلُ الطّيرُ حَولَه
وقد ثَلَّ عُرْشَيْهِ الحُسامُ المذَكَّرُ(4)
والعُرْشانِ: مَغْرِز العُنُق في الكاهل.
(ثم) الثاء والميم أصلٌ واحد، هو اجتماعٌ في لِينٍ. يقال ثَمَمْتُ الشيءَ ثمّاً، إذا جمعتَه. وأكثرُ ما يُستعمل في الحشيش. ويقال للقَُبْضَة من الحشيش الثُّمَّة. والثُّمام: شجرٌ ضعيف، وربما سُمِّي به الرّجل. وقال:
جعلَتْ لها عُودَيْنِ مِنْ
نَشَمٍ وآخَرَ من ثُمامَهْ(5)
__________
(1) هاتان الآيتان 39-40 من الوقعة، وأما 13 و 14 من الواقعة فهما: { ثلة من الأولين. وقليل من الآخرين } .
(2) ديوان لبيد 16 طبع 1881، واللسان (ثلل، صلق). ويروى: "بالثلل" بكسر الثاء، وخرجها الرواة على أنه أراد "الثلال" جمع ثلة من الغنم، فقصرها للشعر.
(3) ديوان زهير 109 واللسان (ثلل). وسيأتي في (عرش).
(4) في "جنى الجنتين" للمحبي 78: "قد احتز عرشيه". والبيت في اللسان (ثلل). وسيأتي في (عرش) منسوباً إلى ذي الرمة. انظر ديوانه 236.
(5) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 78 والحيوان (3: 189) وعيون الأخبار (2: 72) وثمار القلوب 369 وأمثال الميداني (1: 234) وأدب الكاتب 55.(1/335)
وقال قوم: الثُّمام ما كُسِر من أغْصان الشَّجَر فوُضِع لنَضَد الثّياب(1)، فإذا يَبِس فهو ثُمام. ويقال ثَمَمْتُ الشيءَ أثُمُّه ثَمّاً، إذا جمعتَه ورمَمْتَه. ويُنشَد بيتٌ
ثن - ثأ - ثب
والله أعلَمُ بصحّته.
ثمَمْتُ حَوائجي وَوَذَأْتُ بِشْراً
فبئس مُعَرَّسُ الرّكبِ السِّغابِ(2)
وثَمَّتِ الشاةُ النَّبْتَ بفِيها قلعَتْه. ومنه الحديث: "كُنّا أهْلَ ثَمِّهِ ورَمِّهِ(3)" أي كنا نَثُمُّه ثَمّاً، أي نَجْمعُه جمعا.
(ثن) الثاء والنون أصلٌ واحد، وهو نباتٌ من شعرٍ أو غيره. فأمّا الشَّعر فالثُّنَّةُ الشَّعر المشْرِفُ على رُسْغِ الدابة من خَلْف. والثِّنُّ من غير الشَّعر: حُطام اليَبيس. وأنشد:
فَظَلْنَ يخبِطْنَ هَشِمَ الثِّنِّ
بَعْدَ عميم الرّوضةِ المُغِنِّ(4)
فأمّا الثُّنّة فما دون السّرّة من أسفل البطن من الدابة، ولعله بشُعَيرات يكون ثَمّ.
(ثأ) الثاء والهمزة، كلمتان ليستا أصلاً، يقال: ثأثأت بالإبل صِحْتُ بها، ولقيتُ فلاناً فثأثأتُ منه(5)، أي هِبْتُه.
__________
(1) نص اللسان: "والثمام ما يبس من الأغصان التي توضع تحت النضد". والنضد بالتحريك: الثياب التي تنضد. والسرير التي تنضد عليه يسمى نضداً أيضاً.
(2) البيت لأبي سلمة المحاربي، كما في اللسان (وذأ، ثمم) .
(3) انظر الخبر وتحقيق لفظه في اللسان (رمم 146).
(4) البيتان في اللسان (16: 234).
(5) الذي في اللسان والقاموس: "فتثأثأت منه". وما في المقاييس يطابق ما في المجمل.(1/336)
(ثب) الثاء والباء كلمةٌ ليست في الكتابين(1)، وإن صحّت فهي تدلُّ على تناهي الشيء. يقال ثَبَّ الأمْرُ إذا تمَّ، ويقال إنّ الثَّابَّة: المرأةُ الهَرمة، ويقولون: أشَابّةٌ أم ثابّة؟
ثجر - ثجل
(باب الثاء والجيم وما يثلثهما)
(ثجر) الثاء والجيم والراء أصلٌ واحد، يدلُّ على مُتَّسَع الشيء وعِرَضِهِ(2). فثجْرةُ الوادِي: وَسَطه وما اتَّسَعَ منه. ويقال ورقٌ ثَجْرٌ أي عريض. وكلّ شيءٍ عرَّضْتَه فقد ثَجَّرته. وثُجْرةُ النَّحْر وَسَطه وما حول الثَّغر منه. والثُّجَرُ سِهامٌ غِلاظ. ويقال في لحمه تثْجيرٌ(3)، أي رخاوة. فأمّا قولهم انثَجَر الماءُ إذا فَاضَ وانْثَجَرَ الدَّم من الطَّعنة، فليس من الباب؛ لأن الثاء فيه مبدلةٌ من فاء. وكذلك الثّجير.
(ثجل) الثاء والجيم واللام أصلٌ يدلُّ على عِظَم الشيء الأجوف، ثم يحمل عليه ما ليس بأجوف. فالثُّجْلة عِظَمُ البَطْن؛ يقال رجلٌ أثْجَل، وامرأةٌ ثجْلاءُ. [ومزادةٌ ثجلاءُ(4)]، أي واسعة. قال أبو النجم:
* مَشْيَ الرَّوايا* بالمَزَادِ الأثجَلِ(5) *
ويروى "الأنجَْل"؛ وقد ذُكِر. ويقال جُلَّةٌ ثَجْلاء عظيمة. وقال:
باتوا يُعَشّون القُطَيْعاءَ ضَيْفَهُمْ
وعندهم البَرْنِيُّ في جُلَلٍ ثُجْلِ(6)
وهذا البناء مهملٌ عند الخليل، وذَا عَجَبٌ.
ثجم - ثحج - ثخن
__________
(1) في الأصل: "الكتابتين". وقد سبق نظير هذا في مادة (أسك)، وسيأتي مثله في مادة (ثغم). ومبلغ الظن أنه يعني بها كتاب الخليل وكتاب ابن دريد، ويعزز هذا قوله في مادة (أهر): "كلمة واحدة ليست عند الخليل ولا ابن دريد". وانظر مادتي: (بغ، بق).
(2) لم يرد أحد هذين المعنيين في اللسان، ووردا في القاموس فقط.
(3) في الأصل: "ثجير"، صوابه من المجمل.
(4) التكملة من المجمل.
(5) قبله في اللسان (ثجل):
* تمشي من الردة مشي الحفل *
(6) البيت في اللسان (ثجل) بهذه الرواية. ورواية اللسان في مادة (قطع): "في جلل دسم".(1/337)
(ثجم) الثاء والجيم والميم ليس أصلاً، وهو دوام المطر أيّاماً. يقال أثْجَمَتِ السماءُ إذا دامَتْ أياماً لا تُقْلِع. وأُرَى الثاء مقلوبةً عن سين، إلا أنَّها إذا أُبدلت ثاءً جعلت من باب أفعل. وهاهنا كلمةٌ أخرى واللهُ أعلَمُ بصحَّتها. قالوا: الثجْم سُرْعة الصَّرْف عن الشيء. والله أعلم.
(باب الثاء والحاء وما يثلثهما)
(ثحج) الثاء والحاء والجيم. ذكر ابن دريد في الثاء والحاء والجيم كلمة زَعَم أنها لِمَهْرَهَ بن حَيْدان(1). يقولون ثَحجه برجله، إذا ضَرَبه بها. وقد أبعد أبو بكرٍ شاهِدَه ما استطاع.
(باب الثاء والخاء وما يثلثهما)
(ثخن) الثاء والخاء والنون يدلُّ على رَزَانة الشيءِ في ثِقَل. تقول ثَخُنَ الشيءُ ثَخَانَةً. والرّجُل الحليمُ الرّزِين ثَخِين. والثّوْب المكتنز اللُّحْمة والسَّدَى من جَوْدةِ نَسجه ثَخين. وقد أثْخَنْته أي أثْقَلْته، قال الله تعالى: { حَتَّى يُثْخِنَ في الأَرْضِ } [الأنفال 67] وذلك أنّ القتيلَ قد أُثْقِل حتى لا حَرَاكَ به. وتركتُه مُثْخَناً، أي وَقِيذاً(2). وقال قومٌ: يقال للأعزل الذي لا سِلاحَ معه: ثخين؛ وهو قياسُ الباب، لأنّ حركتَه تَقِلُّ، خوفاً على نَفْسه.
ثدي - ثدق - ثدم - ثدن
(باب الثاء والدال وما يثلثهما)
(ثدي) الثاء والدال والياء كلمةٌ واحدة، وهي ثدي المرأة. والجمع. أَثْدٍ. والثدياء: الكبيرة الثَّدْي(3). ثم فرق بينه وبين الذي للرّجُل، فقيل في الرجل الثُّنْدُؤَة بالضم والهمزة، والثَّنْدُوَة بالفتح غير مهموز.
(ثدق) الثاء والدال والقاف كلمةٌ واحدة. ثَدَق المطَرُ، وسحابٌ ثادق. وثادِقٌ اسمُ فرس، كأنّ صاحبه شَبَّهه بالسحاب. قال:
باتَتْ تلُوم على ثادقٍ
__________
(1) نص الجمهرة (2: 32): "لغة مرغوب عنها لمهرة بن حيدان".
(2) الوقيذ، بالذال المعجمة: الذي ضرب حتى مات. وفي الأصل: "وقيدا" تحريف.
(3) في الأصل: "والثدي الكثيرة الثدي".(1/338)
ليُشرى فقد جَدّ عِصيانُها(1)
أي عِصْياني لها. ليُشْرَى: ليُبَاعَ.
(ثدم) الثاء والدال والميم كلمةٌ ليست أصلاً. زعَموا أنّ الثَّدْمَ هو الفَدْمُ. وهذا إنْ صحَّ فهو من باب الإبدال.
(ثدن) الثاء والدال والنون كلمةٌ. يقولون: الثَّدِنُ الرّجُل الكثير اللحم. ويقال بل الثَّدَنُ تغيُّر رائحةِ اللَّحم.
ثرم - ثرو/ي
(باب الثاء والراء وما يثلثهما)
(ثرم) الثاء والراء والميم كلمةٌ واحدة يشتقّ منها، يقال ثَرَمْت الرّجلَ فَثَرِم، وثَرَمْت ثنيّته فانثرمت(2). والثَّرْماء: ماءٌ لكِندة.
(ثرو/ي) الثاء والراء والحرف المعتلّ أصلٌ واحد، وهو الكَثْرة، وخلافُ اليُبْس.
قال الأصمعي: ثَرَا القومُ يَثْرُون، إذا كثُرُوا ونَمَوْا. وأَثْرَى القَومُ إذا كثُرَتْ أموالهُم. ثرا المالُ يَثْرُوا إذا كَثُر. وثَرَوْنا القومَ إذا كَثَرْناهُم، أي كُنّا أكثَرَ منهم. ويقال الذي بيني وبين فلانٍ مُثْرٍ، أي إنّه لم ينقَطِع. وأصل ذلك أنْ يقول لم يَيْبَس الثَّرَى بيني وبينَه. قال جرير:
فلا تُوبِسُوا بيني وبينكم الثَّرَى
فإنَّ الذي بيني وبينكم مُثْرِي(3)
__________
(1) البيت لحاجب بن حبيب الأسدي، من قصيدة في المفضليات (2: 168)، وبعض أبياتها له في اللسان (ثدق) والخيل لابن الأعرابي 56. ورواه ابن الكلبي في الخيل 11 لمنذر بن عمرو بن قيس. ونقل في اللسان (ثدق) عن ابن الكلبي أنه لمنقذ بن طريف بن عمرو بن قعين وروى الأنباري أنه لرجل من بني الصباح، من بني ضبة.
(2) أي يقال في مطاوع الثلاثي ثرم وانثرم. ويقال أيضاً: انثرم مطاوعاً لأثرمته إثراما.
(3) البيت في ديوانه 277 والمجمل واللسان (ثرى).(1/339)
قال أبو عبيدة: مِن أمثالهم في تخوُّفِ الرّجلِ هَجْرَ صاحبِه: "لا تُوبِس الثّرَى بيني وبينك" أي لا يُقْطع الأمرُ بيننا. والمال الثَّرِيّ الكثير. وفي حديث أمِّ زَرْع: "وأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَماً ثَرِيّاً". ومنه سُمِّي الرجل ثَرْوَانَ، والمرأةُ ثَرْوَى ثم تصغّر ثُرَيّا. ويقال ثَرَّيْتُ التُّرْبةَ بلّلتُها. وثَرَّيْتُ الأقِط صببتُ عليه الماءَ ولتَتُّه. ويقال بَدَا ثَرَا الماءِ (1) من الفرس، إذا نَدِي بعرَقِه. قال طُفيل:
ثرب - ثرد
يُذَدْنَ ذِيادَ الخامساتِ وقد بَدَا
ثَرَى الماءِ من أعطافها المتحلِّبِ(2)
ويقال: التَقَى الثَّرَيانِ، وذلك أن يجيءَ المطرُ [فيرسَخَ(3)] في الأرض حتّى* يلتقي هو ونَدَى الأرض. ويقال أرْضٌ ثَرْياءُ، أي ذاتُ ثَرَىً. وقال الكسائيّ: ثَرِيتُ بفلانٍ فأنا ثَرٍ بِهِ، أي غنيٌّ عن النّاس به. وثَرَا اللهُ القومَ كَثَّرهم. والثّرَاء: كَثْرة المال. قال علقمة:
يُرِدْنَ ثَراءَ المالِ حيثُ علِمْنَه
وشَرْخُ الشّبابِ عندهنَّ عجيبُ(4)
(ثرب) الثاء والراء والباء كلمتان متبايِنَتا الأصل، لا فروع لهما. فالتثريب اللَّوم والأَخْذ على الذَّنب. قال الله تعالى: { لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ }
[يوسف 92] فهذا أصلٌ واحد والآخر الثَّرْبُ، وهو شحمٌ قد غَشَّى الكَرِشَ والأمعاءَ رقيقٌ؛ والجمع ثُرُوب.
__________
(1) في الأصل: "بداء ثراء المال"، صوابه في المجمل واللسان (18: 120).
(2) البيت في ديوانه 12 والمجمل واللسان (18: 120). وقبله:
على كل منشق نساها طمرة
ومنجرد كأنه تيس حلب
(3) التكملة من المجمل واللسان.
(4) البيت في ديوانه 132 والمفضليات (3: 192) واللسان (18: 119).(1/340)
(ثرد) الثاء والراء والدال أصلٌ واحد، وهو فَتُّ الشيء، وما أشبهه. يقال ثَرَدْتُ الثَّريد أثْرُدُه. ويقال – وهو من هذا القياس- إنّ الثَّرَدَ تشققٌ في الشّفَتين. وجاء في الحديث في ذكر الذبيحة: "كُلّ ما أفْرَى الأوداجَ غيرَ مُثَرَّدٍ(1)"، وذلك أن لا تكونَ الحديدةُ حادّةً فيثرَّدَ موضِع الذَّبح، كما يتشقَّقُ الشيءُ ويتشَظَّى.
ثطأ - ثطع - ثعل
(باب الثاء والطاء وما يثلثهما)
(ثطأ) الثاء والطاء والهمزة كلمةٌ لا معوَّل عليها. يقال ثَطَأْتُه وطِئْتُه.
(ثطع) الثاء والطاء والعين شبيهٌ بما قبله، إلاّ أنّهم يقولون ثَطَعَ الرّجلُ أبْدَى(2). وثُطِعَ إذا زُكِم. وغيره أصح منه إلا أنّه قد قيل(3). والله أعلم.
(باب الثاء والعين وما يثلثهما)
(ثعل) الثاء والعين واللام أصلٌ واحد، وهو تَزَيُّدٌ واختلافُ حالٍ. فالثَّعَل زيادة السِّنِّ واختلافٌ في الأسنان في مَنْبتِها. تقول ثَعِلَ الرّجلُ وثَعِلَت سِنُّه، وهو يَثْعَل ثَعَلا، وهو أَثْعَلُ والمرأة ثَعْلاء والجميع الثُّعْل. وربّما كان الثَّعَل في أطْباءِ النّاقة أو البقرة، وهي زيادةٌ في طُبْييْها. وقال الخليل: الثُّعلول: الرجل الغضبان، وأنشد:
وليس بثُعلولٍ إذا سِيلَ واجْتُدِي
ولا بَرِماً يوماً إذا الضَّيفُ أوْهَمَا(4)
أيْ قَارَبَ. وعلى هذا القياس كلمةٌ ذكَرَها الخليل، أنَّ الأثْعَلَ السيِّد الضَّخْم إذا كان له فُضُول. وممّا اشتق منه ثُعَلٌ بطن من العرب(5). قال امرؤ القيس:
ثعم - ثعر - ثعط
أحلَلْتُ رَحْلي في بني ثُعَلٍ
إنّ الكِرامِ للكريم مَحَلّ(6)
__________
(1) انظر الكلام على رواية الحديث في اللسان (4: 72).
(2) يقال للرجل إذا تغوط وأحدث قد أبدى.
(3) كذا وردت هذه العبارة.
(4) البيت في اللسان (13: 88).
(5) في اللسان: "وبنو ثعل بطن، وليس بمعدول، إذا لو كان معدولا لم يصرف".
(6) البيت في الجمهرة (2: 45) برواية "إن الكريم للكريم".(1/341)
ويقال أثْعَلَ القومُ إذا خالَفُوا(1).
(ثعم) الثاء والعين والميم ليس أصلاً معوّلاً عليه. أمّا ابنُ دريدٍ فلم يذكره أصلاً. وأمّا الخليل فجعله مرّة في المهمل، كذا خُبِّرْنا به عنه. وذُكِرَ عنه مرّةً أنّ الثَّعْم النَّزْع والجرّ؛ يقال ثَعَمْتُه أي نزعتُه وجرَرته. وذكر عنه أنّه [يقال] تثعَّمَتْ فلاناً أرضُ بني فلانٍ، إذا أعجبَتْه وجرّتْه إليها ونزعَتْه.
وقال قوم: هذا تصحيفٌ، إنّما هو تنعّمَتْه فتنعَّمَ، أي أَرَتْهُ ما فيه له نعيمٌ فتنعَّمَ، أي أعْمَلَ نعامةَ رِجْلهِ مَشْياً إليها. وما هذا عندي إلاّ كالأوّل. وما صحَّتْ بشيءٍ منه رِواية.
(ثعر) التاء والعين والراء بناءٌ إنْ صحَّ دلَّ على قماءَةٍ وصِغَر. فالثُّعْرُورَانِ كالحلمتين تكتنِفان ضَرْعَ الشاة. وعلى هذا قالوا للرجل القصير ثُعْرُور.
(ثعط) الثاء والعين والطاء كلمةٌ صحيحة. يقال ثَعِطَ اللَّحمُ إذا تغيَّرَ وأنْتَنَ. وقال:
* يأكل لحماً بائِتاً قد ثَعِطا(2) *
ومما حُمِل عليه الثَّعِيطُ دُقاقُ التّرابِ الذي تسفِيه الرِّيح.
ثعب - ثغا - ثغب - ثغر
(ثعب) الثاء والعين والباء أصلٌ يدلُّ على امتداد الشيء وانبساطِه، يكون ذلك في ماءٍ وغيره.
قال الخليل: يقال ثَعَبْت الماءَ وأنا أثعَبُه، إذا فجّرته فانثَعب، كانثعاب الدّمِ من الأنف. قال: ومنه اشتُقّ مَثْعَب المَطَر. وممّا يصلُح حمْلُه على هذا، الثُّعبانُ الحيَّةُ الضَّخْم الطويل؛ وهو من القياس، في انبساطه وامتداده خَلْقاً وحركةً. قال:
* على نَهْجٍ كثُعبانِ العَرينِ *
وربما قيل ماءٌ ثَعْبٌ، ويجمع على الثُّعبان.
(باب الثاء والغين وما يثلثهما)
__________
(1) في اللسان: "أثعل القوم علينا إذا خالفوا". وفي المجمل: "وأثعلوا خالفوا علينا".
(2) بعده كما في اللسان (ثعط):
* أكثر منه الأكل حتى خرطا *(1/342)
(ثغا) الثاء والغين والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على الصَّوت. فالثُّغَاء ثُغاء الشاءِ. والثّاغية: الشاة. يقال ما له ثاغيةٌ ولا راغيةٌ، أي لا شاةٌ ولا ناقَةٌ.
(ثغب) الثاء والغين والباء أصلٌ واحد، وهو غَديرٌ في غِلَظ من أرض. يقال له ثَغْبٌ وَثَغَبٌ، وجمعه ثِغابٌ وأثغابٌ، ويقال ثُِغبان. وقال عَبيد(1):
ولقد تحلُّ بها كأنَّ مُجاجَها
ثَغْبٌ يُصَفَّق صَفْوُه بمُدامِ
(ثغر) الثاء والغين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تفتُّحٍ وانفراج.
ثغم
فالثَّغْر الفَرْج من فُروج البُلْدان، وثُغْرَة النَّحْر(2) الهَزْمة التي في اللَّبَّة، والجمع ثُغَر. قال:
* وتارةً في ثُغَرِ النُّحُورِ(3) *
والثغر ثَغر الإنسان. ويقال ثُغِر الصبيُّ إذا سقطَتْ أسنانُه. واثَّغَر إذا نبتَ بعد السُّقوط، وربَّما قالوا عند السقوط اثَّغَر. قال:
قارِحٍ قد فُرَّ عَنْهُ جانبٌ
ورَبَاعٍ جانبٌ لم يَثَّغِرْ(4)
ويقال لقيَ بنو فُلانٍ بني فُلانٍ فثَغَرُوهم، إذا سدُّوا عليهم المَخْرَجَ فلا يَدْرُون أين يأخذون. قال:
هُمُ ثَغَرُوا أقرانَهم بمضرِّس
وشَفْرٍ وحازُوا القَومَ حتّى تزحزحوا(5)
__________
(1) عبيد بن الأبرص في ديوانه 20 واللسان (ثغب).
(2) في الأصل: "اللحم" تحريف، وهو في المجمل على الصواب الذي أثبت.
(3) للعجاج في ديوانه 30 والجمهرة (2: 39). وفي الديوان:
ينشطهن في كلى الخصور
مرا، ومرا ثغر النحور
(4) البيت للمرار بن منقذ العدوي في المفضليات (1: 81). وقد أنشده في اللسان (ثغر).
(5) البيت لابن مقبل في اللسان (ثغر). والشفر: جمع شفرة. وفي الأصل: "سعر" تحريف. وفي اللسان: "وعضب".(1/343)
(ثغم) الثاء والغين والميم مستعملٌ في كلمةٍ واحدة، وهي الثَّغَامة، وهي شجرةٌ بيضاءُ الثَّمَر والزَّهر يشبّه الشّيب به. وفي الحديث: "أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم أُتِيَ بأبي قُحافَةَ [يوم الفتح(1)] وكأنَّ رَأْسَه ثَغَامة، فأمر أن يُغيَّر.
ثفل - ثفن
وأغفَلَ ابنُ دريدٍ هذا البناءَ ولم يذكُرْه مع شهرته. وقيل إنّ الثَّغِمَ الضاري مِن الكلاب، ولم أجِدْهُ في الكتابَين. فإنْ صحّ فهو في باب الإبدل، لأنَّ الثاءَ مبدلةٌ من فاءٍ. وقد ذُكِرَ في بابه.
(باب الثاء والفاء وما يثلثهما)
(ثفل) الثاء والفاء واللام أصلٌ واحد، وهو الشيءُ يستقرُّ تحتَ الشيء، يكون ذلك من الكَدَر وغيرِه. يقال هو ثُفْل القِدْر وغيرِها، وهو ما رسا من الخُثارة(2). ومن الباب الثِّفال الجِلْدة تُوضَع عليها الرّحَى. ويقال هو قطعةُ فَرْو تُوضَع إلى جنب الرَّحَى. وقال:
يكون ثِفالُها شَرقيَّ نجدٍ
ولُهْوتُها قُضَاعَةَ أجمعينا(3)
وقال آخر(4):
فتعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفالها
وتَلْقَحْ كِشافاً ثمّ تَحْمِلْ فُتتئِمِ
فأمّا الثَّفَال فالبعيرُ البَطيء، واشتقاقُه صحيح، لأنّهُ كأنّه من البُطْء مستقرٌّ تحت حِمْلهِ، لا يكادُ يَبْرَحُ.
(ثفن) الثاء والفاء والنون أصلٌ واحد، وهو ملازمة الشّيءِ الشّيءَ. قال الخليل: ثَفِناتُ البعير: ما أصاب الأرضَ من أعضائه فغَلُظ كالركبتين وغيرهما.
ثفي - ثفر
وقال هو وغيره: ثَفَنْتُ الشّيءَ باليد أثفِنُه، إذا ضربتَه. قال في الثفِنة:
خَوَّى على مستوياتٍ خَمْسِ
كِرْكِرةٍ وثَفِناتٍ مُلْسِ(5)
__________
(1) التكملة من اللسان (ثغم).
(2) في الأصل: "الخشارة".
(3) البيت لعمرو بن كلثوم في معلقته.
(4) هو زهير، في معلقته.
(5) البيتان للعجاج في ديوانه 78 واللسان (ثفن).(1/344)
ويقال ثافَنْتُ على الشّيء واظبْت(1). ويقولون ثافَنْتُه على الشيء أعنْتُه. وهو ذلك القياس.
(ثفي) الثاء والفاء والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو الأُثْفِيّة، والجمع أثافيّ. وربّما خفَّفوا، وليس بالجيد.
ومما يشتق من هذا المرأة المثَفِّيَة(2)، التي مات عنها ثلاثةُ أزواج؛ والرجل المثفّي الذي يموت عنه ثلاث نِسوة.
ويقولون على طريق الاستعارة: بقِيَتْ من بني فلانٍ أُثْفِيَّةٌ خَشْناءُ، إذا بقِيَ منهم عددٌ.
والثَّفاء نبتٌ، وليس من الباب. وفي الحديث: "ماذا في الأَمَرَّيْنِ من الشِّفاء: الصَّبِرِ والثَّفَاء". قالوا: هو الخرْدَل.
(ثفر) الثاء والفاء والراء كلمةٌ واحدة تدلُّ على المؤخَّر. فالثَّفَرُ ثَفَر الدابة. ويقال استَثْفَرت المرأة بثَوْبها إذا ائتزرت به ثم رَدَّت طَرَف الإزار من بين رجليها وغرزَتْه في الحُجْزَة مِن ورائه. والثَّفُرْ الحياءُ من السّبُعةِ وغيرها. قال:
جَزَى الله فيها الأَعوَرَيْنِ ملامةً
وعَبْدَةَ ثَفْرَ الثَّورةِ المتضاجِمِ(3)
ثقل - ثقب - ثقف
(باب الثاء والقاف وما يثلثهما)
(ثقل) الثاء والقاف واللام أصلٌ واحدٌ يتفرَّع منه كلماتٌ متقاربة، وهو ضِدّ الخِفّة، ولذلك سُمِّيَ الجنُّ والإنس الثَّقَلَين، لكثرة العدد. وأثقال الأرض كنوزُها، في قوله تعالى: { وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [الزلزلة 2]، ويقال هي أجسادُ بني آدمَ. قال الله تعالى: { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ } [النحل 7]، أي أجسادَكم. وقالت الخنساء:
أَبَعْدَ ابنِ عمرٍو مِنْ آلِ الشّريـ
دِ حَلَّتْ به الأرضُ أثقالَها
__________
(1) في الأصل: "وأطنبت"، تحريف.
(2) ويقال أيضاً: المثفاة للمرأة والمثفى للرجل، بصيغة اسم المفعول.
(3) البيت للأخطل في ديوانه 277 واللسان (ثفر) والحيوان (2: 282) والكامل 159 ليبسك، وفقه اللغة 76.(1/345)
أي زيَّنَتْ موتاها به. ويقال ارتحل القَومُ بثقلتهم (1)، أي بأمتعتهم، وأجد في نفسي ثقلة(2). كذا يقولون من طريقة الفَرْق(3)، والقياس واحد.
(ثقب) الثاء والقاف والباء كلمةٌ واحدة، وهو أن ينفُذَ الشيء. يقال ثقَبْتُ الشيءَ أثقُبُه ثَقْباً. والثَّاقب في قوله تعالى: { النَّجْمُ الثَّاقِبُ } [الطارق 3]. قالوا: هو نجم ينفُذ السَّمواتِ كلَّها نورُه(4). ويقال ثَقَبْت النار إذا ذَكَّيْتَها، وذلك الشيء ثُقْبَةٌ وذُكْوَة. وإنما قيل ذلك لأنّ ضوءها ينفُذ.
(ثقف) الثاء والقاف والفاء كلمة واحدة إليها يرجع الفروع، وهو إقامة دَرْءِ الشيء. ويقال ثَقَّفْتُ القناةَ إذا أقَمْتَ عِوَجَها. قال:
ثكل - ثكم
نَظَرَ المثقِّفِ في كُعوب قناتِهِ
حَتَّى يقيم ثِقافُهُ منآدَها(5)
وثَقِفْتُ هذا الكلامَ من فلانٍ. ورجل ثَقِْفٌ لَقِْفٌ، وذلك أنْ يصيب عِلْمَ ما يَسمعُه على استواء. ويقال ثقِفْتُ به إذا ظَفِرْت به. قال:
فإمَّا تَثْقَفُوني فاقتُلوني
وإنْ أُثْقَفْ فسوف تَرَوْنَ بَالي(6)
فإنْ قيل: فما وجْهُ قُربِ هذا من الأوّل؟ قيل له: أليس إذا ثَقِفَهُ فقد أَمسَكَه. وكذلك الظَّافر بالشيءِ يُمسكُه. فالقياس بأخْذِهما مأخَذاً واحداً.
(باب الثاء والكاف وما يثلثهما)
__________
(1) يقال بالتحريك وبالكسر وبالفتح وكعنبة وكفرحة.
(2) يقال بالفتح وبالتحريك.
(3) يفهم من هذا أنه ضبط كلا من الكلمتين بضبط معين، ولكن النسخة لم تؤد لنا ضبطا لإحداهما.
(4) يقال: نفذ السهم الرمية ونفذ فيها، يتعدى بنفسه وبالحرف.
(5) البيت لعدي بن الرقاع، كما في الأغاني (8: 177).
(6) البيت في المجمل واللسان (ثقف).(1/346)
(ثكل) الثاء والكاف واللام كلمةٌ واحدة تدلُّ على فُِقدانِ الشيء، وكأنّه يُخْتَصّ بذلك فُِقدانُ الولد. يقال ثَكِلَتْه أُمُّه تثْكَلُه ثكلاً(1). ولأُمِّهِ الثُّكل. فإذا قال القائل لآخَرَ وهو ليس له بولد فإنما يحملُه على ذلك، وإلا فإنّ الأصلَ ما ذكرناه.
(ثكم) الثاء والكاف والميم كلمةٌ واحدة، وهو مجتمع الشيء. ويقال تنحّ عن ثَكَمِ الطريق(2)، أي مُعْظَمِه وواضحه.
ثكن - ثلم - ثلب
(ثكن) الثاء والكاف والنون كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على مُجتَمَع الشيء. يقال تَنَحَّ عن ثَكَنِ الطّريقِ، أي مُعظَمِهِ وواضحه(3). والثُّكْنة السِّرب والجماعة، والجمعُ ثكَنٌ. قال الأعشى:
يُسافِعُ وَرْقاءَ جُونِيَّةً
ليُدرِكَها في حمامٍ ثُكَنْ(4)
(باب الثاء واللام وما يثلثهما)
(ثلم) الثاء واللام والميم أصلٌ واحد، وهو تَشَرُّم يقَع في طَرَف الشيء، كالثُّلْمة تكون في طَرَف الإناء. وقد يسمَّى الخَلَل أيضاً ثُلْمة وإن لم يكن في الطَّرَف. وإناءٌ مُنْثَلمٌ ومُتَثَلِّمٌ.
(ثلب) الثاء واللام والباء كلمةٌ صحيحة مُطَّردةُ القِياسِ في خَوَر الشّيء وتشعُّثِه. فالثَّلِبُ الرُّمْح الخوّار. قال الهذليّ(5):
ومُطَّرِدٌ من الخَطِّ
يِّ لا عارٍ ولا ثَلِبُ
__________
(1) يقال في المصدر ثكل، بالتحريك، وثكل بالضم.
(2) ثكم الطريق، بالتحريك وكصرد.
(3) زاد ابن فارس في المجمل: "وهو من الإبدال، يقولون ثكم وثكن".
(4) ديوان الأعشى 18 والمجمل واللسان (ثكن). ورواية الديوان واللسان: "ورقاء غورية".
(5) هو أبو العيال الهذلي، كما في شرح السكري لأشعار الهذليين 141 ومخطوطة الشنقيطي 95 واللسان (ثلب). وقبل البيت:
وقد ظهر السوابغ فو
قهم والبيض واليلب(1/347)
والثِّلْب: الهِمُّ الكبير. وقد ثَلِبَ ثَلباً. ويقال ثَلبْتُه إذا عِبْتَهُ. وهو ذو ثلبةٍ(1) أي عَيْب. والقياس ذاك، لأنه يصع منه ويشعِّثه(2). وامرأةٌ ثالِبةُ الشَّوَى، أي منْشقّة
ثلث - ثلج
القدَمين(3). قال:
لقد ولَدَتْ غَسَّانَ ثالبَةُ الشَّوَى
عَدُوس السُّرَى لا يعرف الكَرْمَ جِيدُها(4)
والثَّلَب: الوَسَخ، يقال إنه لَثَلِبُ الجِلْد، وذاك هو القَشَف. والقياسُ واحد.
(ثلث) الثاء واللام والثاء كلمةٌ واحدة، وهي في العدد، يقال اثنانِ وثلاثة. والثَُّلاثاءُ من الأيام. قال:
[قالوا] ثَُلاثاؤهُ مالٌ وَمَأدُبَةٌ
وكلُّ أيّامِه يومُ الثُّلاثاءِ(5)
وثالثة الأثافي: الحَيْدُ النّادِر من الجبل، يجمع إليه صخرتانِ ثم تُنْصَبُ عليها القِدْر. وهو الذي أراده الشماخُ:
أقامتْ على رَبْعَيهما جارتَا صَفاً
كُمَيْتا الأعالي جَوْنَتَا مُصْطَلاهما(6)
والثَّلُوث من الإبل: التي تملأ ثلاثةَ آنِية إذا حُلِبت. والمثلوثة: المزادة تكون من ثلاثة جُلودٍ. وحَبْلٌ مَثْلوثٌ، إذا كان على ثلاثِ قُوىً.
(ثلج) الثاء واللام والجيم أصلٌ واحد، وهو الثَّلْج المعروف. ومنه تتفرع الكلمات المذكورة في بابه. يقال أرضٌ مثلوجة إذا أصابَها الثّلْج. فإذا قالوا رجلٌ
ثلط - ثلغ - ثمن
__________
(1) ضبطت في المجمل بفتح الثاء وكسرها.
(2) يقال: شعثت من فلان: إذا غضضت منه وتتقصته، من الشعث، وهو انتشار الأمر. وفي الأصل: "ويشعبه"، تحريف.
(3) وكذا في المجمل. وفي اللسان:"متشققة القدمين".
(4) لجرير، يهجو غسان بن ذهيل السليطي. ديوانه 127 والمجمل، واللسان (ثلب، عدس، كرم). وقد روي في اللسان (عدس): "ثالثة الشوى" يعني أنها عرجاء فكأنها على ثلاث قوائم. ويروى أيضاً: "بالية الشوى".
(5) الكلمة الأولى ساقطة من البيت، وإثباتها من الأزمنة والأمكنة للمرزوقي (1: 272). وروايته فيها: "خصب ومأدبة".
(6) ديوان الشماخ 86 وسيبويه (1: 102).(1/348)
مثلوج الفؤاد فهو البليد العاجز. وهو من ذلك القياس، والمعنى أنّ فؤادَه كأنّه ضُرِب بثَلْجٍ فَبَرَدَتْ حرارتُه وتبلَّد. قال:
* تنَبَّهَ مَثْلُوجَ الفؤادِ مُوَرَّما(1) *
وإذا قالوا ثَلِجَ بخبرٍ أتاه، إذا سُرَّ بهِ، فهو من الباب أيضاً؛ وذلك أنّ الكرب إذا جَثَمَ على القلْب كانت له لَوعةٌ وحَرارة، فإذا وَرَدَ ما يُضادُّه جاءَ بَرْدُ السُّرور. وهذا شائعٌ في كلامهم. ألا تراهم يقولون في الدعاء عليه: أسخَنَ اللهُ عينَه. فإذا دَعوْا له قالوا: أقرّ الله عينَه. ويحملون على هذا فيقولون: حفَر حتى أثْلَجَ، إذا بَلَغ الطِّين المجتمع مع نُدُوَّتِه بالثَّلج.
(ثلط) الثاء واللام والطاء كلمةٌ واحدة، وهو ثَلْطُ البعير والبقرة.
(ثلغ) الثاء واللام والغين كلمةٌ واحدة، وهو شَدْخُ الشيء. يقال ثَلَغْت رأسَه أي شدَخْته. ويقولون لما سقط من الرُّطَبِ فانشدخ مثَلَّغ.
(باب الثاء والميم وما يثلثهما)
(ثمن) الثاء والميم والنون أصلان: أحدهما عِوَضُ ما يُباع، والآخَر جزءٌ من ثمانية.
فالأوّل قولهم بِعْتُ كذا وأخذْتُ ثمنَه. وقال زهير:
ثمد
* وعَزَّتْ أثمُنُ البُدُنِ(2) *
فمن رواه بالضمّ فهو جمع ثَمَن. ومن رواه بالفتح "أثمَنُ البُدُنِ" فإنه يريد أكثرَها ثمناً.
وأمَّا الثُّمُن فواحدٌ من ثمانية. يقال ثَمَنْتُ القومَ أثْمُنُهم إذا أخذتَ ثُمنَ أموالهم. والثمِينُ: الثمْن. قال:
فإني لستُ مِنك ولست مِنِّي
إذا [ما] طار مِن مالي الثَّمِينُ
وقال الشماخُ أو غيرُه(3):
__________
(1) لحاتم الطائي في ديوانه 109. وصدره:
* ينام الضحى حتى إذا ليله استوى *
(2) البيت بتمامه كما في الديوان 122 واللسان (ثمن):
من لا يذاب له شحم السديف إذا
زار الشتاء وعزت أثمن البدن
وقبله:
أن نعم معترك الجياد إذا
خب السفير ومأوى البائس البطن
(3) البيت للشماخ في ديوانه 97 من قصيدة يمدح بها عرابة الأوسي.(1/349)
ومثْلُ سَرَاةِ قومِكَ لَنْ يُجَارَوْا
إلى رُبُعِ الرِّهانِ ولا الثَّمِينِ
ومما شذَّ عن الباب "ثَمِينَة" وهو بلد. وقال الهذلي(1):
بأصْدَقَ بأساً مِنْ خليلِ ثَمينةٍ
وأمْضَى إذا ما أفلطَ القائمَ اليدُ(2)
ومنه أيضاً المِثْمَنَة، وهي كالمِخْلاة.
(ثمد) الثاء والميم والدال أصلٌ واحد، وهو القليل من الشيء، فالثَّمْدُ الماء
ثمر
القليل لا مادّةَ له. وثمََدتْ فلاناً النّساءُ إذا قطَعْنَ ماءَه(3). وفلانٌ مثمودٌ إذا كثُرَ السُّؤال عليه حتى ينفَدَ ما عنده. وقال في المثمود:
أو كماءِ المثْمودِ بعد جِمامٍ
زَرِم الدَّمْع لا يؤوب نَزُورا(4)
والثامد من البَهْم حِينَ قَرِم؛ لأنّ الذي يأخذه يَسِيرٌ.
ومما شذّ عن الباب الإثْمِد، وهو معروف، وكان بعضُ أهل اللغة يقول: هو من الباب، لأنّ الذي يُستعمَل منه يَسيرٌ. وهذا ما لا يُوقَف على وجهه.
(ثمر) الثاء والميم والراء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يتولّد عن شيءٍ متجمِّعاً، ثم يُحمَل عليه غيرُه استعارةً.
__________
(1) هو ساعدة بن جؤية، كما في القسم الأول من أشعار الهذليين 240 طبع دار الكتب واللسان (ثمن، فلط). وروي في معجم البلدان (رسم الثمينة) بدون نسبة.
(2) أفلط: أفلت وزناً ومعنى، وهو لغة تميمية قبيحة. وقد أراد أفلت القائم اليد، فقلب.
(3) في الأصل "ثمدت فلاناً البناء إذا قطعن ماؤه" تحريف، صوابه في المجمل. وفي اللسان "وثمدته النساء نزفن ماءه من كثرة الجماع ولم يبق في صلبه ماء".
(4) البيت في اللسان (زرم) لعدي بن زيد، وفي الأصل: "نزور".(1/350)
فالثَّمَر معروفٌ. يقال ثَمَرَةٌ وثَمَرٌ وثِمارٌ وثُمُر. والشّجر الثامِر: الذي بلَغَ أوانَ يُثْمرُ. والمُثْمِر: الذي فيه الثَّمَر. كذا قال ابن دريدُ(1). وثمّر الرّجلُ مالَه أحسَنَ القيامَ عليه. ويقال في الدعاء: "ثَمَّرَ اللهُ مالَه" أي نمّاه. والثّمِيرة من اللبن حين يُثْمِرُ فيصيرُ مثلَ الجُمَّار الأبيض؛ وهذا هو القياس. ويقال لعُقْدَة السَّوط ثَمَرة؛ وذلك تشبيهٌ.
ومما شذَّ عن الباب* ليلة ابن ثَمِيرٍ، وهي اللّيلة القَمْراءُ(2). وما أدري ما أصله.
ثمغ - ثمأ - ثمل
(ثمغ) الثاء والميم والغين كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاس عليها ولا يفرَّع منها. يقال ثَمَغْتُ الثّوب ثَمْغاً إذا صبَغْتُه صبغاً مُشْبَعا. قال:
تركتُ بني الغُزَيِّلِ غيرَ فَخْرٍ
كأنَّ لِحاهُمُ ثُمِغَتْ بوَرْسِ(3)
وهاهنا كلمةٌ ليست من الباب، وهي مع ذلك معلومة، قال الكسائيُّ: ثَمَغَة الجبلِ أعلاه، بالثاء. قال الفرّاء، والذي سمعتُ أنا نَمَغَةٌ(4).
(ثمأ) الثاء والميم والهمزة كلمةٌ واحدة ليست أصلاً، بل هي فرعٌ لما قبلها. ثمأ لحيتَه صَبَغها. والهمزة كأنها مُبدلةٌ من غين. ويقال ثمأْتُ الكَمْأَة في السَّمْن طرحْتُها. وهذا فيه بعضُ ما فيه. فإنْ كان صحيحاً فهو من الباب، لأن الكمْأة كأنها صُبِغَتْ بالسَّمْن.
__________
(1) الجمهرة (2: 41).
(2) شاهده قوله:
وإني لمن عبس وإن قال قائل
على رغمهم ما أثمر ابن ثمير
(3) في الأصل: "بني العذيل"، صوابه من المجمل واللسان (ثمغ).
(4) أورد في اللسان (نمغ) لغتي الفتح والتحريك في "نمغة الجبل" وقال: "والمعروف عن الفراء الفتح".(1/351)
(ثمل) الثاء والميم واللام أصلٌ ينقاس مطّرِداً، وهو الشيء يبقى ويثبُت، ويكون ذلك في القليل والكثير. يقال دارُ بني فلانٍ ثَمَلٌ، أي دار مُقام، والثَّميلة: ما بَقي في الكَرِش من العَلَف. وكلُّ بَقِيةٍ ثَميلة. وإنما سُمِّيت بذلك لأنها تبقى ثمَّ(1)تشرب الإبل على تلك الثميلة، وإلا فإنها لا تحتاج إلى شرب، وكيف تشرب على [غير(2)] شيء. ومن ذلك قولهم: فلان ثِمالُ بني فلان، إذا كان مُعْتَمَدَهم. وهو ذلك القياس، لأنَّه يُعوَّل عليه كما تعوِّل الإبلُ على تلك الثَّميلة. وقال في الثِّمال أبو طالبٍ في ابن أخيه رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم:
ثمل
وأبيضَ يُستَسقى الغَمامُ بوجهه
ثِمَالَ اليتامَى عِصمةً للأراملِ(3)
والثَّمْلة: بقية الماء (4). والثُّمَالُ: السمُّ المُنْقَع. قال الهذلي(5):
فَعَمّا قليلٍ سقاها معاً
بمُزْعِفِ ذَيْفَانِ قِشْبٍ ثُمالِ
والثّمْلَةَ: باقي الهِناءِ في الإناء. قال:
*كما تُلاثُ في الهِناءِ الثَّمَلَهْ(6) *
فالثَّمَلة هاهنا الخِرْقة التي يُهنأ بها البَعير. وإنما سمِّيت باسم الهِناءِ على معنى المجاوَرَة. وربما سمّيت هذه مِثْمَلَة. فأمّا الثَّمِلُ فإنه السكران، وذلك لبقيّة الشراب التي أسكرَتْه وخَثَّرَتْهُ. قال:
فقلتُ للقومِ في دُرْنا وقد ثَمِلُوا
شِيمُوا وكيف يَشِيمُ الشَّارِبُ الثَّمِلُ(7)
__________
(1) في الأصل: "لم".
(2) بمثل هذه الكلمة تستقيم الجملة.
(3) انظر الخزانة (1: 251-252) حيث الكلام على قصيدة البيت، والسيرة 172 جوتنجن والروض الأنف (1: 173).
(4) ويقال أيضاً "ثملة" بالتحريك.
(5) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي، كما في شرح السكري للهذليين 194 ومخطوطة الشنقيطي من الهذليين 82.
(6) من رجز لصخر بن عمير، في اللسان (ثمل).
(7) البيت للأعشى في ديوانه 44 واللسان (ثمل) ومعجم البلدان (درنا). والرواية في جميعها: "فقلت للشرب".(1/352)
والثُّمالة: الرُِّغْوَة. وأثْمَلَ اللبن: رَغَّى، وهو حمْلٌ على الأصل؛ وإلاّ فإن الثّمالةَ قليلةُ البقاء. قال:
إذا مَسَّ خِرْشَاءُ الثُّمالةِ أنْفهُ
ثَنَى مِشْفَرَيْهِ للصَّريحِ فأقْنَعا(1)
فجعل الرِّغْوةَ الخِرشاء، وجعل لِلَّبن الثُّمالة. وكلٌّ قريب.
ثني
(باب الثاء والنون وما يثلثهما)
(ثني) الثاء والنون والياء أصلٌ واحد، وهو تكرير الشّيء مرّتين، أو جعلُه شيئين متوالييَن أو متباينين، وذلك قولك ثَنَيْت الشّيءَ ثَنْياً. والاثنان في العدد معروفان. والثِّنَى والثنْيانُ الذي يكون بعد السّيِّد، كأنّه ثانِيهِ. قال:
تَرَى ثِنَانا إذا ما جاءَ بَدْأَهُمُ
وبَدْؤُهُم إنْ أتانا كان ثُنْيانا(2)
يروى: "ثُنْيانُنا إن أتاهُمْ كانَ بَدْأَهُم". والثِّنَى: الأمْرُ يعادُ مرّتين. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لاثِنَى في الصَّدَقَة" يعني لا تُؤخذ في السّنَة مرَّتين". وقال معن(3):
أفي جَنْبِ بَكْرٍ قطَّعَتْنِي مَلامةً
لَعَمْري لقد كانت مَلامَتُها ثِنَى
وقال النّمر بن تَولَب:
فإذا ما لم تُصِب رشداً
كان بعضُ اللَّومُ ثُنْيانا
ويقال امرأةٌ ثِنْيٌ ولدت اثنين، ولا يقال ثِلْثٌ ولا فَوقَ ذلك. والثِّنَاية: حبلٌ من شَعَرٍ أو صوف. ويحتملُ أنّه سمّي بذلك لأنّه يُثْنَى أو يُمكن أن يُثْنَى. قال:
__________
(1) البيت لمزرد بن ضرار، كما في اللسان (خرش، ثمل).
(2) لأوس بن مغراء، كما في اللسان (بدأ، ثني).
(3) كذا وردت النسبة هنا وفي المجمل. ونسب في اللسان (ثني) إلى كعب بن زهير، قال: "وكانت امرأته لامته في بكر نحره". وهذه النسبة هي الصحيحة، إذ البيت لم يرو في ديوان معن المطبوع في ليبسك 1903، بل هو في قصيدة معروفة لكعب بن زهير في ديوانه، مخطوطة دار الكتب. وقبله –وهو مطلع القصيدة-:
ألا بكرت عرسي توائم من لحا
وأقرب بأحلام النساء من الردى(1/353)
* [و] الحَجَرُ الأَخْشَنُ والثِّنَايهْ(1) *
ثنت - ثهل
والثُّنْيَا من الجَزُور: الرأسُ أو غيرُه إذا استثناه صاحبُه.
ومعنى الاستثناء من قياس الباب، وذلك* أنّ ذكره يثنَّى مرّةً في الجملة ومرّةً في التفصيل؛ لأنّك إذا قلت: خَرَجَ الناسُ، ففي الناس زيدٌ وعمروٌ، فإذا قلتَ: إلا زيداً، فقد ذكرتَ به زيداً مرةً أخرى ذكراً ظاهراً. ولذلك قال بعضُ النحويِّين: إنّه خرج مما دخل فيه، فعمل فيه ما عمل عشرون في الدِّرْهم. وهذا كلامٌ صحيحٌ مستقيم.
والمِثْناةُ: طَرَف الزِّمام في الخِشاش، كأنّه ثاني الزّمام. والمَثْناة: ما قُرِئ من الكتاب وكرِّر. قال الله تعالى: { ولَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ المَثَانِي } [الحجر 87] أراد أنّ قراءَتها تثَنَّى وتُكَرَّرُ.
(ثنت) الثاء والنون والتاء كلمةٌ واحدة. ثَنِتَ اللّحمُ تغيّرَتْ رائحتهُ. وقد يقولون ثَتِن(2). قال:
* وثتِنَتْ لِثاتُه دِرْحايَهْ(3) *
(باب الثاء والهاء وما يثلثهما)
(ثهل) الثاء والهاء واللام كلمةٌ واحدة وهو جبَل يقال له ثهْلان، وهو مشهور. وقد قالوا -وما أحسبه صحيحاً- إنّ الثَّهَلَ الانبساطُ على وجه الأرض.
ثوي - ثوب
(باب الثاء والواو وما يثلثهما)
(ثوي) الثاء والواو والياء كلمةٌ واحدة صحيحة تدلُّ على الإقامة. يقال ثَوَى يثْوِي فهو ثاوٍ. وقال:
آذَنَتْنَا بِبَيْنها أسماءُ
ربَّ ثاوٍ يُمَلّ منه الثَّواءُ(4)
ويقال أثْوَى أيضاً. قال:
أَثْوَى وَقَصَّرَ لَيْلُه ليُزَوَّدا
__________
(1) الرجز في اللسان (ثني). وزيادة الواو من المجمل واللسان.
(2) ويقولون أيضاً "نثت" بتقديم النون.
(3) الدرحاية: فعلاية من درح، والدرحاية الكثير اللحم القصير السمين الضخم البطن، اللئيم الخلقة. وأنشد نظيره في اللسان (ثتن):
* وثتن لثاته تئبايه *
... وقال: "تئبايه، أي يأبى كل شيء".
(4) البيت مطلع معلقة الحارث بن حلزة اليشكري.(1/354)
فَمضَى وأخلف من قُتَيْلَة مَوْعِدا(1)
والثَّوِيَّة والثَّايَة: مأوى الغَنَم. والثَّويَّة: مكان(2). وأمُّ مَثْوَى الرّجلِ: صاحبةُ منزلهِ. والقياس كلُّه واحد. والثّايَة أيضاً: حِجارةٌ تُرفَع للرّاعي يَرجع إليها لَيْلاً، تكونُ علماً له.
(ثوب) الثاء والواو والباء قياسٌ صحيحٌ من أصلٍ واحد، وهو العَوْدُ والرُّجوع. يقال ثاب يثُوب إذا رَجَع. والمَثَابةُ: المكان يَثُوب إليه النّاس. قال الله تعالى: { وَإذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً } [البقرة 125]. قال أهل التفسير: مثابة: يثُوبون إليه لا يَقْضُون منه وَطَراً أبداً. والمَثَابة: مَقام المُستَقِي على فَمِ البِئرْ. وهو مِنْ هذا، لأنّه يثُوب إليه، والجمع مَثَابات. قال:
ثوب
وما لمَثَاباتِ العُروشِ بَقيَّةٌ
إذا استُلَّ من تحت العُرُوشِ الدَّعائمُ(3)
وقال قَوم: المَثَابة العدد الكبير. فإنْ كان صحيحاً فهو من الباب، لأنهم الفئة التي يُثَابُ إليها. ويقال ثَابَ الحوضُ، إذا امتلأ. قال:
* إن لم يثُبْ حَوْضُك قَبْلَ الرِّيّ(4) *
وهكذا كأنّه خلا ثم ثاب إليه الماء، أو عاد ممتلئاً بعد أنْ خلا. والثّوابُ من الأجْر والجزاء أمرٌ يُثابُ إليه. ويقال إنّ المَثابة حِبالةُ الصَّائد، فإن كان هذا صحيحاً فلأنّه مَثَابة الصَّيد، على معنى الاستعارة والتّشبيه. قال الراجز:
مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثَابَا
__________
(1) مطلع قصيدة للأعشى في ديوانه 150 واللسان (ثوى، خلف) وسيأتي في (خلف). وفي الديوان: "ليلة.. ومضى".
(2) هو بقرب الكوفة. يقال بضم الثاء وفتح الواو، وبفتح الثاء وكسر الواو.
(3) البيت للقطامي في ديوانه 48 واللسان(ثوب) وسيأتي في (عرش). وقبله:
فأصبح قومي قد تفقد منهم
رجال العوالي والخطيب المراجم
(4) في وصف إبل، كما في المجمل. وفي الأصل: "الرأي"، صوابه في المجمل.(1/355)
لعلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا(1)
يعني بالشّيخِ الوَعِلَ يَصِيدُه. ويقال إنّ الثَّوابَ العَسَلُ؛ وهو من الباب، لأنّ النّحلَ يثُوبُ إليه. قال:
فهو أحْلَى مِنَ الثَّوابِ إذا
ذُقْتَُ فَاهَا وبَارِئِ النَّسَمِ(2)
قالوا: والواحدُ ثَوَابة. وثَوَابٌ: اسمُ رجلٍ كان يُضْرَب به المثل في الطَّوَاعِيَة، فيقال: "أطْوَعُ مِنْ ثواب". قال:
ثور
وكنتُ الدّهر لَستُ أُطِيعُ أنْثَى
فصرْتُ اليومَ أطْوَعَ مِن ثَوابِ(3)
والثوب الملبوس محتملٌ أن يكون من هذا القياس؛ لأنّه يُلْبَس ثم يُلبَس ويثاب إليه. وربَّما عبَّروا عن النفس بالثَّوب، فيقال هو طاهر الثِّياب.
(ثور) الثاء والواو والراء أصْلانِ قد يمكن الجمعُ بينهما بأدنَى نظَرٍ. فالأوّل انبعاثُ الشيء، والثاني جنسٌ من الحيوان.
فالأوّل قولُهم: ثار الشيءُ يَثُور ثَوْراً وثُؤُوراً وثَوَراناً. وثارت الحصْبة تثور. وثاوَرَ فلانٌ فلاناً، إذا وَاثَبَه، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما ثار إلى صاحبه. وَثَوَّر فلانٌ على فلانٍ شرّاً، إذا أظهره. ومحتملٌ أن يكون الثَّور فيمن يقول إنّه الطُّحلب من هذا، لأنّه شيءٌ قد ثارَ على مَتْن الماء.
والثاني الثَّور من الثِّيران، وجمع على* الأثْوار أيضاً. فأمَّا قولُهم للسيّد ثَوْرٌ فهو على معنَى التَّشبيه إن كانت العرب تستعمله. على أنّي لم أرَ به روايةً صحيحة. فأمّا قول القائل (4):
إنّي وقتلي سُليكاً ثمّ أعقلَهُ
كالثَّور يضرَب لَمّا عافَتِ البَقَرُ
__________
(1) وكذا جاء إنشادهما في المجمل واللسان (ثوب). وفي الأصل: "حتى متى" صوابه فيهما. وأنشده في اللسان (شيخ) برواية:
* متى متى تطلع الثنايا *
(2) في المجمل: "ذقت فاها وحق باري النسم" وتقرأ بالتقييد.
(3) البيت للأخنس بن شهاب، كما اللسان (ثوب) وقد جاء فيه محرفاً بلفظ "الأخفش" والأخنس بن شهاب من شعراء المفضليات.
(4) هو أنس بن مدرك، كما في الحيوان (1: 18).(1/356)
فقال قومٌ: هو الثّوار بعينه، لأنّهم يقولون إنّ الجنّيَّ يركب ظَهر الثَّور فيمتنع البقرُ من الشُّرب. وهو من قوله:
ثول - ثوم - ثوخ
وَما ذَنْبُه أنْ عافَتِ الماءَ باقرٌ
وما إنْ تَعافُ الماءَ إلاّ ليُضْربا(1)
وقال قوم: هو الطُّحْلب. وقد ذكرناه. وثَوْر: جَبَل. وثور: قومٌ من العرب. وهذا على التَّشبيه. فأمَّا الثَّور فالقطعة من الأَقِطِ. وجائز أن يكون من (2)...
(ثول) الثاء والواو واللام كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الاضطراب، وإليها يرجع الفُروع. فالثَّوَلُ داءٌ يصيب الشّاةَ فتسترخي أعضاؤها، وقد يكون في الذُّكْرَانِ أيضاً، يقال تيسٌ أثْوَلُ، وربّما قالوا للأحمق البطيء الخَيْر أثْوَل؛ وهو من الاضطراب. والثَّول الجماعة من النَّحل من هذا، لأنّه إذا تجمَّع اضطراب فتردّدَ(3) بعضُه على بعضٍ. ويقال تَثَوَّلَ القومُ على فُلان تَثوُّلاً، إذا تجمّعُوا عليه.
(ثوم) الثاء والواو والميم كلمةٌ واحدة، وهي الثُّومَة من النَّبات. وربَّما سمَّوا قبِيعة السّيف ثُومةً. وليس ذلك بأصل.
(ثوخ) الثاء والواو والخاء ليس أصلاً؛ لأن قولهم ثاخَت الإصبعُ إنّما هي مبدلة من سَاخت؛ وربّما قالوا بالتاء: تاخت. والأصل في ذلك كلِّه الواو. قال أبو ذُؤيب:
* فَهْيَ تَثُوخ فيها الإصْبَعُ(4) *
ثيل - ثأر
(باب الثاء والياء وما يثلثهما)
(ثيل) الثاء والياء واللام كلمةٌ واحدة، وهي الثِّيلُ، وهو وِعاء قضيب البعير. والثِّيل: نبات يشبك بعضُه بعضاً. واشتقاقه واشتقاق الكلمة التي قبله واحد. وما أُبْعِدُ أنْ تكون هذه الياءُ منقلبةً عن واو، تكون من قولهم ثثوَّلوا عليه، إذا تجمّعوا.
(باب الثاء والهمزة وما يثلثهما)
__________
(1) البيت للأعشى، كما سبق في حواشي (بقر).
(2) كذا وردت هذه العبارة مبتورة.
(3) في الأصل "فترد".
(4) ديوان أبي ذؤيب 16 والمفضليات (2: 221). والبيت بتمامه :
قصر الصبوح لها فشرج لحمها
بالنَّيِّ فهي تثوخ فيها الإصبع(1/357)
(ثأر) الثاء والهمزة والراء أصلٌ واحد، وهو الذَّحْل المطلوب. يقال ثأرتُ فلاناً بفلانٍ، إذا قتَلْتَ قاتلَه.قال قيس بنُ الخَطِيم:
ثأرتُ عَدِيّاً والخَطِيمَ فلم أُضِعْ
وصيَّةَ أشياخٍ جُعِلْتُ إزاءَهَا(1)
ويقال "هو الثَّأْر المُنِيم"، أي الذي إذا أدرك صاحبه نام. ويقال في الافتعال منه اثّأَرتُ. قال لَبيد:
والنِّيبُ إنْ تَعْرُ مِنّي رِمّةً خَلَقاً
بعد الممات فإنّي كنتُ أتَّئِرُ(2)
ثأط - ثأد
فأمّا قولهم استَثْأَرَ فلانٌ فلاناً إذا استغاثَهُ، فهو من هذا؛ لأنّه كأنّه دعاه إلى طلب الثَّأر. قال:
إذا جاءَهم مُسْتَثْئِرٌ كانَ نصرُهُ
دعاءً ألاَ طِيُروا بكلِّ وَأىً نَهْدِ(3)
والثُّؤْرةُ: الثَّأْرُ أيضاً. قال:
* بني عامرٍ هل كنتُ في ثُؤْرَتي نِكْسَا(4) *
(ثأط) الثاء والهمزة والطاء كلمةٌ واحدة ليست أصلاً. فالثأْطَةُ الحَمْأة والجمع ثَأْط. وينشدون:
* في عَينٍ ذي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ(5)
__________
(1) البيت في ديوان قيس بن الخطيم ص2 برواية: "ولاية أشياخ".
(2) اللسان (5: 166-11: 376) وديوان لبيد 46 فينا 1880. قال الطوسي: قال الأصمعي: "والإبل تولع بتقمم العظام البالية وأكلها. فقوله إن تعرمني، يقول: النيب إن تلم بقبري فتأكل عظامي فقد كنت أثأر منها وأنا حي، أي أقتلها وأنحرها". وفي اللسان: "الإبل إذا لم تجد حمضاً ارتمت عظام الموتى وعظام الإبل، تحمض بها". و"أتئر" بالتاء المثناة إحدى روايتي البيت، وهي تطابق رواية الديوان. وفي اللسان والجمهرة (4: 88) "أثئر" بالمثلثة، وهما وجهان جائزان في إدغام ما قبل تاء افتعاله ثاء، كما يجوز وجه ثالث، وهو بقاء تاء الافتعال على حالها، تقول "اثتأر".
(3) البيت في اللسان (5: 166).
(4) صدره كما في اللسان (ثأر):
* شفيت به نفسي وأدركت ثؤرتي *
(5) نسبه ابن فارس في مادة (أوب) إلى أمية بن أبي الصلت. وهو في ديوانه 26 وصدره:
* فرأى مغيب الشمس عند إيابها *
... وانظر حواشي ص154.(1/358)
*
وإنما قلنا ليست أصلاً لأنّهم يقولونها بالدال(1)، فكأنّها من باب الإبدال.
(ثأد) الثاء والهمزة والدال كلمةٌ واحدة يشتقّ منها، وهي النَّدَى وما أشبَهَه. فالثَّأْدُ النَّدى. والثَّئِد النّدِيُّ اللّيِّن. وقد ثَئِدَ المكانُ يَثْأَدُ. قال:
هل سُوَيْدٌ غيرُ لَيْثٍ خادِرٍ
ثَئِدَتْ أَرْضٌ عليه فانتَجَعْ(2)
فأمّا الثَّأْداء على فَعَلاء وفَعْلاء فهي الأَمَة، وهي قياس الباب، ومعناهما واحد.
ثأي - ثبت - ثبج
وقيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: "ما كنت فيها بابنِ ثَأْداء". وربما قلبوه فقالوا: دَأْثَاء. وأنشدوا:
وما كُنَّا بني ثَأْدَاءَ لمَّا
شفَيْنَا بالأسِنَّةِ كُلَّ وِتْرِ(3)
(ثأي) الثاء والهمزة والياء كلمةٌ واحدة تدلُّ على فسادٍ وخَرْم. فالثَّأيُ على مثال الثَّعْي الخَرْم؛ يقال: أثأتِ الخارِزة الخَرْزَ* تُثْئيهِ إذا خرمَتْه. ويقال أثْأَيْتُ في القوم إثْآءً جَرَحْتُ فيهم(4). قال:
يا لك مِنْ عَيْثٍ ومن إثآءِ
يُعْقِبُ بالقَتْلِ وبالسِّباءِ(5)
(باب الثاء والباء وما يثلثهما)
(ثبت) الثاء والباء والتاء كلمةٌ واحدة، وهي دَوامُ الشيء. يقال: ثَبَتَ ثباتاً وثُبُوتاً. ورجل ثَبْتٌ وثبيت. قال طَرَفَةُ في الثَّبيت:
فالهَبيت لا فؤادَ له
والثّبيت ثبته فَهَمُه(6)
__________
(1) في القاموس أن "الثأد" بالتحريك ويسكن: المكان غير الموافق.
(2) البيت آخر قصيدة لسويد بن أبي كاهل اليشكري في المفضليات (1: 188- 200).
(3) للكميت، كما في اللسان (ثأد). ويروى: "حتى شفينا".
(4) في الأصل والمجمل: "خرجت فيهم"، صوابه من اللسان والجمهرة (2: 273).
(5) البيت في المجمل واللسان والجمهرة.
(6) وهذه أيضاً رواية الديوان 19 وما سيأتي في (هبت). ويروى: "قلبه قيمه" كما في شرح الديوان واللسان (ثبت، هبت).(1/359)
(ثبج) الثاء والباء والجيم كلمةٌ واحدةٌ تتفرّع منها كَلِمٌ، وهي مُعْظَمُ الشيءِ ووَسَطُهُ. قال ابنُ دريد: ثَبَج كلِّ شيءٍ وسطُه. ورجل أثْبَجُ وامرأةٌ ثَبْجاء، إذا
ثبر
كان عظيمَ الجوفِ. وثَبَجَ الرّجُل، إذا أقْعَى على أطراف قدمَيْهِ كأنّه يستنجي وَتَراً(1). قال الراجز:
إذا الكُماةُ جَثَمُوا على الرُّكَبْ
ثَبَجْتُ يا عَمْرُو ثُبُوجَ المُحْتَطِبْ(2)
وهذا إنما يُقال لأنّه يُبْرِزُ ثَبَجَه. وجمع الثَّبَجِ أثْباجٌ وثُبُوج، وقومٌ ثُبْج جمع أثْبَجَ. وتَثَبَّجَ الرجلُ بالعصا إذا جعَلَها على ظهره وجعل يديه من ورائها. وثَبَجُ الرّمْل مُعْظَمُه، وكذلك ثَبَجُ البَحْر.
فأمّا قولهم ثبّج الكلامَ تثبيجاً فهو أن لا يأِتيَ به على وَجْهِهِ. وأصله من الباب، لأنه كأنه يجمعه جمعاً فيأتي به مجتمعاً غير ملخَّص ولا مفصّل.
(ثبر) الثاء والباء والراء أصولٌ ثلاثة: الأول السهولة، والثاني الهلاك، والثالث المواظبةُ على الشيء.
فالأرض السَّهلة هي الثَّبْرَة. فأمّا ثَبْرةُ فموضعٌ معروف. قال الراجز:
نجيْتُ نَفْسِي وتركت حَزْرَه
نِعم الفَتَى غادرتُه بِثَبْرَه
* لن يُسْلِمَ الحُرُّ الكريمُ بِكْرَهْ(3) *
__________
(1) هذا يطابق ما في الجمهرة (2: 199) وزاد في الجمهرة: "يقال استنجيت من هذه الشجرة غصناً إذا أخذته منها، ومن متن البعير وتراً. وكل شيء أخذته من شيء فقد استنجيته منه".
(2) البيتان في الجمهرة واللسان (ثبج).
(3) الرجز لعتيبة بن الحارث بن شهاب، وكان قد فر عن ابنه يوم ثبرة، قتلته بنو تغلب فقال ما قال. انظر الجمهرة (1: 200) ومعجم البلدان (ثبرة). قال ابن دريد: "حزرة ابنه. وكان بكره". ورواه في اللسان عن ابن دريد: "بثبرره" وقال: "إنما أراد بثبرة فزاد راء ثانية للوزن". وهو نقل غريب.(1/360)
قال ابنُ دُريد: والثَّبْرَةُ ترابٌ شبيه بالنُّورَة إذا بلغ عِرْقُ النَّخْلةِ إليه وقف، فيقولون: بلغت النخلةُ ثَبْرَةً من الأرض.
ثبن - ثبي
وثَبِيرٌ: جبل معروف. ومَثْبِرُ النّاقة: الموضع الذي تطرح فيه ولدها. وثَبَرَ البحرُ جَزَرَ، وذلك يُبْدِي عن مكان ليِّنٍ سَهل.
وأما الهلاكُ فالثُّبُور، ورجل مثبور هالك. وفي كتاب الله تعالى: { دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً } [الفرقان 13].
وأمّا الثالث فيقال: ثابَرْت على الشيء، أي واظَبت. وذكر ابنُ دريدٍ: تثابَرَتِ(1) الرِّجالُ في الحرب إذا تواثَبَتْ. وهو من هذا الباب الأخير.
(ثبن) الثاء والباء والنون أصلٌ واحد، وهو وعاء من الأوعية. قالوا: الثَّبْنُ اتِّخاذُك حُجْزَةً في إزارك، تجعل فيها ما اجتنيْتَه من رُطبٍ وغيره. وفي الحديث: "فليأكُلْ ولا يتَّخِذْ ثِبانا". وقال ابن دريد قياساً ما أحسبه إلاّ مصنوعاً، قال: المَثْبَنَة: كيسٌ تتخذ فيه المرأة المرآةَ وأداتَها. وزعم أنها لغة يمانية(2).
(ثبي) الثاء والباء والياء أصلٌ واحد، وهو الدَّوام على الشيء. قاله الخليل. وقال أيضاً: التَّثْبِيَة الدَّوام على الشيء، والتثبِية الثَّناءُ على الإنسان في حياته. وأنشَدَ لِلبيد:
يُثَبِّي ثناءً مِنْ كريم وقولُه
ألا انعَمْ على حُسْن التحيّةِ واشربِ(3)
ثبي
فهذا أصلٌ صحيح. وأمّا الثُّبَةُ فالعُصْبة من الفُرسان، يكُونُون ثُبَةً، والجمع ثُبَاتٌ وثُبُونَ. قال عمرو:
فأمّا يَومَ خَشْيَتِنا عليهمْ
فتُصْبِحُ خيلُنا عُصَباً ثُبِينا(4)
__________
(1) في الأصل: "ثابرت"، صوابه من الجمهرة (1: 200) واللسان (ثبر).
(2) انظر الجمهرة (1: 204).
(3) ديوان لبيد 35 فينا سنة 1880 واللسان (ثبا).
(4) هذه الرواية تطابق رواية الزوزني في المعلقات. وكلمة "عليهم" ساقطة من الأصل. ورواية التبريزي:
فأما يوم خشيتنا عليهم
فنصبح غارة متلبينا
وأما يوم لا نخشى عليهم
فنصبح في مجالسنا ثبينا(1/361)
قال الخليل: والثُّبَة أيضاً ثُبَةُ الحوض، وهو وَسطه الذي يثوب [إليه الماء(1)]. وهذا تعليلٌ من الخليل للمسألة، وهو يدلّ على أنّ الساقط من الثبَة واوٌ قبل الباء؛ لأنّه زعم أنّه من يثوب. وقال بعد ذلك: أمّا العامّة فإنهم يصغِّرونها على ثُبَيَّة، يَتْبعون اللَّفظ. والذين يقولون ثُوَيبة في تصغير ثُبَةِ الحوض، فإنهم لزموا القياسَ فردُّوا إليها النقصان في موضعه، كما قالوا في تصغير رَوِيَّة رُوَيِّئة(2) لأنها من روّأت. والذي عندي أنَّ الأصلَ في ثبة الحوض وثُبةِ الخيل واحدٌ، لا فرق بينهما. والتصغير فيهما ثُبَيّة، وقياسهُ ما بدأْنا به الباب في ذكر التثبية، وهو من ثبَّى على الشيءِ إذا دام. وأمّا اشتقاقه الرّويّة(3) وأنها من روّأت ففيه نظر.
ثتن
(باب الثاء والتاء وما يثلثهما)
(ثتن) الثاء والتاء والنون ليس أصلاً. يقولون: ثَتِن اللحم: أَنْتَنَ، وثَتِنَتْ لِثَتُه: استرخَتْ وأَنْتنَت. قال:
* ولِثَةً قد ثتِنَتْ مُشَخَّمَهْ(4) *
وإنما قلنا ليس أصلاً لأنهم يقولون مرةً ثَتِنَتْ، ومرّةً ثَنِتَتْ.
(باب ما جاء من كلام العرب على ثلاثة أحرف أوله ثاء)
(الثُّفْروق): قِمَع التَّمْرة. وهذا منحوت من الثَّفْر وهو المؤخّر، ومن فَرَقَ؛ لأنه شيءٌ في مؤخَّر التمرة يفارقها. وهذا احتمالٌ ليس بالبعيد.
__________
(1) التكملة من المجمل واللسان.
(2) في الأصل: "ربه رؤبة". وانظر اللسان (19: 68).
(3) في الأصل "الرية". وانظر التنبيه السابق.
(4) مشخمة: منتنة. وقبل البيت، كما في اللسان (شخم، ثتن):
* لما رأت أنيابه مثلمه *(1/362)
(الثَّعْلَب): مَخْرج الماء من الجَرِين(1). فهذا مأخوذٌ من ثَعَب، واللام فيه زائدة. فأمَّا ثَعْلبُ الرُّمح فهو منحوتٌ من الثَّعْب ومن العَلْب. وهو في خِلقته يشبه المَثْعَب، وهو معلوبٌ، وقد فسر العَلْب في بابه. ووجهٌ آخر أنْ يكون من العَلْب ومن الثَّلِب(2)، وهو الرّمح الخوّار، وذلك الطَّرَف دقيقٌ فهو ثَلِبٌ.
باب ما جاء من كلام العرب على ثلاثة أحرف أوله ثاء
ومن ذلك (الثُّرمطة(3)) وهي اللَّثَق والطِّين. وهذا منحوتٌ من كلمتين من الثَّرْط والرَّمْط، وهما اللَّطخ. يقال ثُرِط فلانٌ إذا لُطِخ بعَيْب. وكذلك رُمِط.
ومن ذلك (اثبجَرَّ) القومُ في أمرهم، إذا شكُّوا فيه وتردَّدُوا من فَزَعٍ(4) وذُعْرٍ. وهذا منحوتٌ من الثَّبَج والثُّجْرة. وذلك أنهم يَتَرَادُّونَ ويتجمَّعون. وقد مضى تفسيرُ الكلمتين.
ــــــ
تم كتاب الثاء
جح - جخ
كتاب الجيم
(باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق والترخيم)
(جح) في المضاعف. الجيم والحاء يدلُّ على عِظَم الشيء، يقال للسيِّد من الرّجال الجَحْجاح، والجمع جَحاجحُ وجَحاجِحةٌ. قال أمية:
ماذا بِبَدْرٍ فالعَقَنْـ
ـقلِ من مَرازِبةٍ جَحاجِحْ(5)
__________
(1) في الأصل: "من جرين التمر".
(2) في الأصل: "في العلب وفي الثلب".
(3) الثرمطة، بضم الثاء والميم، وكعلبطة.
(4) في الأصل: "من فزعه".
(5) من قصيدة عدتها 31 بيتاً رواها ابن هشام في السيرة 531-532. وقال: "تركنا منها بيتين نال فيهما من أصحاب رسول الله". والبيت في المجمل واللسان (جحح) بدون نسبة.(1/363)
ومن هذا الباب أجَحَّت الأُنثى إذا حَمَلت وأَقْرَبت، وذلك حين يعظُمُ بطْنُها لكِبَر وَلَدِها فيه. والجمع مَجَاحُّ(1). وفي الحديث: "أنّهُ مَرّ بامرأةٍ مُجِحٍّ". هذا الذي ذكرَهُ الخليل. وزاد ابنُ دريدٍ بعضَ ما فيه نظرٌ، قال: جَحَّ الشيءَ إذا سحَبَه(2)، ثم اعتذر فقال: "لغة يمانية". والجُحُّ(3): صغار البِطِّيخ.
(جخ) الجيم والخاء. ذكر الخليلُ أصلَين: أحدهما التحوُّل، والتنَحِّي، والآخر الصِّياح.
فأمّا الأول فقولهم جخّ الرّجلُ يَجِخُّ جخّاً، وهو التحوُّلُ من مكانٍ إلى
جد
مكان. قال: وفي الحديث: "أنّه كان إذا صلّى جخَّ"، أي تحوَّلَ من مكان إلى مكان.
قال: والأصل الثاني: الجَخْجَخة، وهو الصِّياح والنِّداء. ويقولون:
* إنْ سَرَّكَ العِزُّ فجَخْجِخْ في جَشَمْ(4) *
يقول: صِحْ ونادِ فيهم. ويمكن أنْ يقول أيضاً: وتحوَّلْ إليهم. وزاد ابنُ دريد: جخّ برِجْلِه إذا نَسَفَ بها التُّراب. وجَخَّ ببوله إذا رغَّى به. وهذا إنْ صحَّ فالكلمة الأولى من الأصل الأول، لأنّه إذا نَسَفَ الترابَ فقد حوَّله من مكانٍ إلى مكان. والكلمةُ الثانيةُ من الأصل الثاني؛ لأنّه إذا رغَّى فلا بد من أنْ يكون عند ذلك صَوْت. وقال: الجخجخة صوت تكسُّر الماء(5)، وهو من ذلك أيضاً. فأمّا قوله(6) جَخْجَخْتُ الرّجلَ إذا صرعْتَه، فليس يبعُدُ قياسه من الأصل الأوّل الذي ذكرناه عن الخليل.
(جد) الجيم والدال أصولٌ ثلاثة: الأوَّل العظمة، والثانية الحَظ، والثالث القَطْع.
__________
(1) ذكر هذا المعنى في القاموس، ولم يذكر في اللسان.
(2) في الأصل: "سجه"، صوابه من الجمهرة (1: 48).
(3) لم يذكر في اللسان، ولم يضبط في القاموس. وضبط في الجمهرة بالضم ضبط قلم.
(4) للأغلب العجلي، كما في اللسان (جخخ).
(5) في الجمهرة (1: 133) "صوت تكسر جري الماء". وفي اللسان: "صوت تكثير الماء".
(6) المراد قول القائل، وإلا فإن ابن دريد لم يذكر هذه الكلمة.(1/364)
فالأوّل العظمة، قال الله جلّ ثناؤُه إخباراً عمّن قال: { وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ
رَبِّنَا } [الجن 3]. ويقال جَدَّ الرجُل في عيني أي عَظُم. قال أنسُ بنُ مالكٍ: "كان الرجلُ إذا قرأ سورةَ البقرة وآلِ عِمرانَ جَدَّ فينا"، أي عَظُم في صُدورِنا.
جد
والثاني: الغِنَى والحظُّ، قال رسول الله صلى الله عليه* وآله وسلم في دعائه "لا يَنْفَع ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ"، يريد لا ينفَعُ ذا الغنى منك غِناه، إنّما ينفعه العملُ بطاعتك. وفلان أجَدُّ من فلانٍ وأحَظُّ منه بمعنىً.
والثالث: يقال جَدَدت الشيءَ جَدّاً، وهو مجدودٌ وجَديد، أي مقطوع. قال:
أبَى حُبِّي سُلَيْمى أَنْ يَبِيدا
وأمسَى حبلُها خَلَقاً جَدِيدا(1)
وليس ببعيدٍ أنْ يكون الجدُّ في الأمرِ والمبالغةُ فيه من هذا؛ لأنّه يَصْرِمه صَرِيمةً ويَعْزِمُه عزيمة. ومن هذا قولك: أَجِدَّكَ تفعلُ كذا، أي أجدّاً منك، أصريمةً منك، أعَزِيمةً منك. قال الأعشى:
أجِدَّكَ لم تسمَعْ وَصاةَ محمّدٍ
نبيِّ الإلهِ حين أوْصَى وأَشْهَدا(2)
وقال:
أجِدَّكَ لم تغتمِضْ ليلةً
فتَرقُدَها مَعَ رُقَّادِها(3)
والجُدُّ البِئر من هذا الباب، والقياس واحد، لكنها بضم الجيم. قال الأعشى فيه:
ما جعِل الجُدُّ الظَّنُونُ الذي
جُنِّب صَوْبَ اللَّجِبِ الماطِرِ(4)
والبئر تُقْطَع لها الأرضُ قَطْعاً.
ومن هذا الباب الجَدْجَدُ: الأرض المستوِية. قال:
جد
يَفِيضُ على المرء أردانُها
__________
(1) البيت للوليد بن يزيد، كما في الأضداد لابن الأنباري 308. وقد جاء في المجمل واللسان (جدد) بدون نسبة.
(2) ديوان الأعشى 103.
(3) ديوان الأعشى 50. والبيت مطلع قصيدة.
(4) ديوان الأعشى 105 واللسان (4: 80- 17: 146) وسيأتي في (ظن). ورواية الديوان "ما يجعل" و"الزاخر" بدل "الماطر".(1/365)
كفَيْضِ الأتِيِّ عَلَى الجَدْجَدِ(1)
والجَدَدُ مثل الجَدْجدِ. والعربُ تقول: "مَنْ سَلَكَ الجَدَدَ أمِنَ العِثار". ويقولون: "رُوَيْدَ يَعْلُون الجَدَدَ(2)". ويقال أجَدَّ القومُ إذا صارُوا في الجَدَد. والجديد: وَجْهُ الأرض. قال:
* إلاّ جَدِيدَ الأرض أو ظَهْر اليدِ(3) *
والجُدَّة من هذا أيضاً، وكلُّ جُدّةٍ طريقة. والجُدّة الخُطّة تكون على ظهْر الحِمار.
ومن هذا الباب الجَدَّاءُ: الأرض التي لا ماء بها، كأنّ الماءَ جُدّ عنها، أي قطِع ومنه الجَدُود والجَدّاءُ من الضَّان، وهي التي جَفَّ لبنُها ويَبِس ضَرْعُها.
ومن هذا الباب الجِداد والجَداد، وهو صِرَام النَّخل. وجادَّةُ الطَّريق سَواؤُه، كأنّه قد قُطِع عن غيره، ولأنه أيضاً يُسْلَك ويُجَدُّ. ومنه الجُدّة. وجانبُ كلِّ شيء جُدّة، نحو جُدَّة المَزَادة(4)، وذلك هو مكان القَطْع من أطرافها. فأمَّا قولُ الأعشى:
أضاءَ مِظَلَّتَه بالسِّرا
جِ واللَّيلُ غامِرُ جُدَّادِها(5)
فيُقال إنها بالنَّبطيّة، وهي الخيوط التي تُعْقَد بالخيمة. وما هذا عندي بشيءٍ،
جذ
بل هي عربيّةٌ صحيحة، وهي من الجَدِّ وهو القَطع؛ وذلك أنَّها تُقطَعُ قِطَعاً على استواءٍ.
__________
(1) نسبه في المجمل إلى امرئ القيس، وليس في ديوانه. وعجز البيت في اللسان (4: 80).
(2) ويروى: "يعدون الخبار". أمثال الميداني (1: 264). والمثل لقيس بن زهير، كما في أمثال الميداني
(2: 52).
(3) قبله كما في اللسان (4: 79):
* حتى إذا ما خر لم يوسد *
(4) الذي في اللسان (4: 79): "وجد كل شيء جانبه".
(5) ديوان الأعشى 52 والمعرب للجواليقي 95.(1/366)
وقولهم ثوبٌ جديد، وهو من هذا، كأنَّ ناسِجَه قَطَعه الآن. هذا هو الأصل، ثم سمِّي كلُّ شيءٍ لم تأْتِ عليه الأيَّام جديداً؛ ولذلك يسمَّى اللَّيلُ والنهارُ الجديدَينِ والأجَدّين؛ لأن كلَّ واحدٍ منهما إذا جاءَ فهو جديد. والأصلُ في الجدّة ما قلناه. وأمّا قول الطِّرِمّاح:
تَجْتَنِي ثامِرَ جُدَّادِهِ
مِن فُرادَى بَرَمٍ أو تُؤَامْ(1)
فيقال إن الجُدّاد صِغار الشجر، وهو عندي كذا على معنى التشبيه بجُدّاد الخيمة، وهي الخيوط، وقد مضى تفسيره.
(جذ) الجيم والذال أصلٌ واحدٌ، إمَّا كَسْرٌ وإمَّا قَطْع. يقال جذَذْت الشيءَ كسرتُه. قال الله تعالى: { فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إلاّ كَبِيراً لَهُمْ } [الأنبياء 58]،
أي كَسَّرهم. وجذَذْتُه قطَعْته، [ومنه] قوله تعالى: { عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ } [هود 108]، أي غير مقطوع. ويقال ما عليه جُذّةٌ(2)، أي شيءٌ يستُره من ثيابٍ، كأنّه أراد خِرقةً وما أشبهها.
[و] من الباب الجَذِيذة، وهي الحبُّ يُجَدُّ وَيُجعَل سَوِيقاً. ويقال لِحجارة الذّهب جُذَاذٌ، لأنّها تكَسّر وتحلّ. قال الهذليّ(3):
جر
* كما صَرَفَتْ فَوْقَ الجُذاذِ المَسَاحِنُ(4) *
المساحِن: آلات يدقُّ بها حِجارة الذَّهب(5)، واحدتها مِسْحَنَةٌ.
__________
(1) ديوان الطرماح 99 والمجمل، واللسان (4: 85/ 5: 175).
(2) يقال أيضاً بالدال المهملة: ما عليه جِدة وجُدة، بكسر الجيم وضمها.
(3) هو المعطل الهذلي كما في مخطوطة الشنقيطي من الهذليين 109 واللسان (سحن). وقد أنشد عجزه في اللسان (جذذ).
(4) صدره : ... ... ... * وفهم بن عمرو يعلكون ضريسهم *
(5) في شرح السكري: والجذاذ حجارة الذهب يكسر ثم يسحل على حجارة تسمى المساحن حتى يخرج ما فيها من الذهب.(1/367)
فأمَّا المُجْذَوْذِي فليس يبعُد أن يكون من هذا، وهو اللازمُ الرّحْل لا يفارقُه منتصِباً عليه. يقال اجْذَوْذَى؛ لأنّه إذا كان كذا فكأنّه انقطَعَ عن كلِّ شيءٍ وانتصب لسفَره على رَحْله. قال:
ألَسْتَ بمُجْذَوْذٍ [على] الرحْلِ دائباً
فمالك إلاّ ما رُزِقتَ* نصيبُ(1)
(جر) الجيم والراء أصلٌ واحد؛ وهو مدُّ الشّيءِ وسَحْبُه. يقال جَرَرت الحبلَ وغيرَه أجُرُّهُ جَرّاً. قال لَقيط(2):
جرّت لما بينَنَا حَبْلَ الشَّمُوسِ فلا
يأساً مُبيناً نَرَى منها ولا طَمعاً
والجَرُّ: أسفَل الجبَل، وهو من الباب، كأنّه شيءٌ قد سُحِب سحْباً. قال:
* وقد قَطَعْتُ وَادِياً وَجَرَّا(3) *
والجرور من الأفراس: الذي يَمْنَع القِياد. وله وجهان: أحدهما أنّه فعول بمعنى مفعول، كأنّه أبداً يُجرُّ جَرّاً، والوجه الآخر أن يكون جروراً على جهته، لأنه يجرّ إليه قائدهُ جَرّاً.
جر
والجرَّار: الجيش العظيم، لأنّه يجرّ أتباعه وينجرّ. قال:
سَتَنْدَمُ إذْ يَأتي عليك رعيلُنا
بأرْعَنَ جَرّارٍ كثيرٍ صواهِلُه(4)
ومن القياس الجُرْجُور، وهي القطعة العظيمة من الإبل. قال:
* مائةً مِن عَطائِهمْ جُرْجُورَا(5) *
__________
(1) البيت لأبي الغريب النصري، كما في اللسان (جذا).
(2) لقيط بن يعمر الإيادي، والبيت التالي من قصيدته في أول مختارات ابن الشجري.
(3) البيت في اللسان (5: 200) والجمهرة (2: 51).
(4) في الأصل: "إذ تأتي عليك رعينا"، صوابه في المجمل.
(5) للكميت. وصدره كما في اللسان (5: 202).
* ومقل أسقتموه فأثرى *(1/368)
والجرير: حبلٌ يكون في عنق النّاقة مِن أَدَم، وبه سمِّي الرّجل جَريراً. ومن هذا الباب الجريرةُ، ما يجرُّه الإنسانُ من ذنبٍ، لأنّه شيءٌ يجرُّه إلى نفسه. ومن هذا الباب الجِرَّة جِرَّة الأنعام، لأنّها تُجَرّ جَرّاً. وسمّيت مَجَرّةُ السماء مجرّةً لأنّها كأثر المَجَرّ. والإجرار: أن يُجرَّ لسانُ الفصيل(1) ثم يُخَلَّ لئلا يَرْتَضِع. قال:
* كما خَلَّ ظَهْرَ اللِّسانِ المُجِرّ(2) *
وقال قوم الإجرار أن يجرَّ ثم يشق. وعلى ذلك فُسِّر قول عمرو(3):
فلو أنَّ قومِي أنطقَتْني رِماحُهُمْ
نطَقْتُ ولكنَّ الرِّماحَ أجرَّتِ
يقول: لو أنّهم قاتَلُوا لذكرتُ ذلك في شعرِي مفتخِراً به، ولكنّ رماحَهم أجَرّتْني فكأنّها قطعت اللِّسانَ عن الافتخار بهم.
جر
ويقال أجَرّهُ الرّمحَ إذا طعَنَه وتَرك الرّمح فيه يَجرّه. قال:
* ونجِرُّ في الهيجا الرِّماحَ ونَدّعِي(4) *
وقال:
وغَادَرْنَ نَضْلَة في مَعْرَكٍ
يجرُّ الأَسنَّةَ كالمحتَطِبْ(5)
وهو مَثَلٌ، والأصل ما ذكرناه مِن جرّ الشيء. ويقال جَرَّتِ الناقةُ، إذا أتت على وقت نِتاجها ولم تُنْتَج إلاّ بعد أيَّام، فهي قد جَرَّتْ حَمْلَها جرّاً. وفي الحديث: "لا صَدَقةَ في الإبِلِ الجارَّة"، وهي التي تُجَرُّ بأزمَّتها وتُقاد، فكأنه أراد التي تكون تحت الأحمال، ويقال بل هي رَكُوبة القوم.
__________
(1) في الأصل: "أن يحرك أن الفصيل"، والوجه ما أثبت.
(2) لامرئ القيس في ديوانه 11 واللسان (5: 195، 199) وصدره:
* فكر إليه بمبراته *
(3) عمرو بن معد يكرب. وقصيدة البيت في الأصمعيات 17-18. وأبيات منها في الحماسة (1: 43). وانظر اللسان (5: 196).
(4) سيأتي في (دعو). وهو للحادرة الذبياني. وصدره كما في المفضليات (1: 43):
* ونقي بآمن مالنا أحسابنا *
(5) البيت لعنترة، من أبيات في الحماسة (1: 158-159).(1/369)
ومن هذا الباب أجرَرْتُ فلاناً الدَّينَ إذا أخَّرْتَه به، وذلك مثل إجرار الرُّمح والرَّسَن. ومنه أجَرّ فلانٌ فلاناً أغانِيَّ، إذا تابَعَها له. قال:
فلما قَضَى مِنِّي القَضاءَ أجرَّني
أغانِيَّ لا يَعيَا بهَا المُتَرَنِّمُ(1)
وتقول: كان في الزَّمَن الأوّل كذا وهلُمَّ جرّاً إلى اليوم، أي جُرَّ ذلك إلى اليوم لم ينقَطعْ ولم ينصَرِمْ. والجَرُّ في الإبل أيضاً أن تَرْعَى وهي سائرةٌ تجرّ أثقالها. والجارُور -فيما يقال- نهرٌ يشقُّه السَّيل. ومن الباب الجُرّة وهي خَشَبة نحو الذِّراع تُجعَل في رأسها كِفَّة وفي وسطها حبل وتُدفَن للظِّباء فتَنْشَب فيها، فإذا نَشِبتْ نَاوَصَها ساعةً يجرُّها إليه وتجرُّه إليها، فإذا غلبَتْه استقرّ [فيها(2)].
جر
فتضرب العرب بها مثلاً للذي يُخالف القومَ في رائِهِمْ(3) ثمّ يرجع إلى قولهم. فيقولون "ناوَصَ الجُرَّةَ ثم سالَمَها". والجَرَّة من الفَخّار، لأنّها تُجَرّ للاستقاء أبداً. والجَرُّ شيء يتّخذ من سُلاخَةِ عُرقوبِ البعير، تَجْعلُ فيه المرأةُ الخَلْع ثم تعلِّقه عند الظَّعْن من مُؤَخَّر عِكْمها، فهو أبداً يتذبذب. قال(4):
زوجُكِ يا ذاتَ الثنايا الغُرِّ
والرَّتِلاَتِ والجَبينِ الحُرِّ(5)
أعْيَا فَنُطْنَاهُ مَنَاط الجَرِّ
ثم شَدَدْنا فوقَه بِمَرِّ(6)
ومن الباب رَكيٌّ جَرور، وهي البعيدة القَعْر يُسْنَى عليها، وهي التي يُجَرُّ ماؤُها جَرّا. والجَرّة الخُبزة تُجرّ من المَلَّة. قال:
__________
(1) البيت في المجمل واللسان (جرر 195) .
(2) هذه من الجمهرة (1: 51).
(3) الراء: الرأي. والعبارة مطابقة لما في الجمهرة (1: 51).
(4) الرجز في المجمل، وأنشده في اللسان (جرر، مرر).
(5) الرتلات، بفتح التاء وكسرها: المستويات النبات المفلجة. وكذا في المجمل (جرر). وفي اللسان (مرر): "والربلات". وفسرها بقوله: "جمع ربلة، وهي باطن الفخذ".
(6) الشطر وسابقه في (كفل).(1/370)
وصاحبٍ صاحبته خِبٍّ دَنِعْ(1)
داوَيْتُه لما تشكّى ووَجِعْ
بجَرّةٍ مثلِ الحِصانِ المضطجِعْ(2)
فأمّا الجرجرة، وهو الصّوت الذي يردِّده* البعير في حَنجرته فمن الباب أيضاً، لأنّه صوتٌ يجرُّه جرّاً، لكنَّه لما تكرَّر قيل جَرْجر، كما يقال صَلَّ وصَلْصَلَ. وقال الأغلب:
جَرْجَرَ في حنجرةٍ كالحُبِّ
وهامَةٍ كالمِرجلِ المنكَبِّ(3)
جز - جس - جش
ومن ذلك الحديثُ: "الذي يشرب في آنية الفِضَّة إنما يُجَرْجِرُ في جوفه نارَ جهنم". وقد استمرَّ البابُ قياساً مطّرداً على وجهٍ واحد.
(جز) الجيم والزاء أصلٌ واحد، وهو قَطْعُ الشيء ذي القُوَى الكثيرةِ الضعيفة. يقال: جَزَزْتُ الصوف جَزّاً. وهذا زَمَنُ الجَزَازِ والجِزاز. والجَزُوزة: الغنم تُجَزُّ أصوافُها. والجُزازَة: ما سَقَط من الأديم إذا قُطِع. وهذا حملٌ على القياس. والأصل في الجزِّ ما ذكرتُه. والجَزِيزَةُ: خُصْلَةٌ من صُوف، والجمع جَزائز.
(جس) الجيم والسين أصلٌ واحد، وهو تعرُّف الشيء بمسٍّ لطيف. يقال جَسَسْتُ العرْق وغَيْرَه جَسّاً. والجاسوس فَاعولٌ من هذا؛ لأنه يتخبَّرُ ما يريده بخَفاءٍ ولُطْفٍ. وذُكر عن الخليل أنَّ الحواسَّ التي هي مشاعرُ الإنسان ربّما سمِّيت جَواسَّ. قال ابنُ دريد: وقد يكون الجسُّ بالعَيْن. وهذا يصحِّح ما قاله الخليل. وأنشد:
* فاعْصَوْصَبُوا ثمَّ جَسُّوه بأعيُنهم(4) *
(جش) الجيم والشين أصلٌ واحد، وهو التكسُّر، يقال منه جششتُ الحبَّ أجُشُّه. والجَشِيشة: شيءٌ يُطبَخ من الحبِّ إذا جُشَّ. ويقولون في صفة الصَّوت: أجَشُّ؛ وذلك أنّه يتكسَّر في الحلْق تكسُّراً. ألا تراهم يقولون:
__________
(1) الدنع: الفسل لا لب له ولا خير. وفي الأصل "رئع"، ولا وجه له.
(2) هذا البيت والذي قبله في اللسان (5: 198).
(3) البيت الأول في المجمل، وهو الثاني في اللسان (5: 201).
(4) عجزه كما في اللسان (جسس):
* ثم اختفوه وقرن الشمس قد زالا *(1/371)
جص - جض - جظ - جع
قَصَب أجشّ مُهَضَّم(1). ويقال فَرَسٌ أجشُّ الصوت، وسَحابٌ أَجَشّ. قال:
بأجَشِّ الصَّوتِ يَعْبُوبٍ إذا
طُرِقَ الحيُّ مِنَ اللَّيْلِ صَهَلْ(2)
فأمّا قولُهم جشَشْتُ البِئْرَ إذا كنَستَها، فهو من هذا، لأنَّ المُخْرَج منها يتكسَّر. قال أبو ذؤيب:
يقولون لما جُشَّتِ البئرُ أوْرِدُوا
وليس بها أدنى ذُِفافٍ لواردِ(3)
(جص) الجيم والصاد لا يصلُحُ أن يكون كلاماً صحيحاً. فأمّا الجِصّ فمعرَّب، والعرب تسمّيه القَِصّة. وجَصَّصَ الجِرْوُ، وذلك فَتْحه عينَيْه. والإجّاص. وفي كلّ ذلك نظر.
(جض) الجيم والضاد قريبٌ من الذي قبله. يقولون جَضَّضَ عليه بالسَّيف، أي حَمَل.
(جظ) الجيم والظاء إنْ صحَّ فهو جنسٌ من الجَفَاء. ورُوِي في بعض الحديث: "أهلُ النَّارِ كلُّ جَظٍّ مُسْتكبر"، وفسّر أنَّ الجَظّ الضّخم. ويقولون: جَظّ، إذا نَكَحَ. وكلُّ هذا قريب بعضُه من بَعض.
(جع) الجيم والعين أصلٌ واحدٌ، وهو المكان غيرُ المَرْضِيِّ. قال الخليل: الجعجاع مُناخُ السَّوْء. ويقال للقتيل(4): تُرِك بجَعجاع. قال أبو قيس بن الأسْلَت:
جف
مَنْ يَذُقِ الحربَ يجِدْ طعمَها
مُرّاً وتتركْهُ بجعجاعِ(5)
قال الأصمعيّ: وهو الحَبْس. قال:
__________
(1) المهضم: الذي يزمر به، لأنه فيما يقال أكسار يضم بعضها إلى بعض، من الهضم، وهو الشدخ. وهو يشير إلى قول عنترة:
بركت على جنب الرداع كأنما
بركت على قصب أجش مهضم
(2) البيت للبيد في ديوانه 14 فينا 1881 واللسان (جشش).
(3) ديوان أبي ذؤيب 123 واللسان (جشش، ذفف). وفي الأصل: "يقال لما"، تحريف. صوابه من المراجع السابقة وما سيأتي في (ذف).
(4) في الأصل: "للمقيل"، صوابه في المجمل.
(5) من قصيدة في المفضليات (2: 84). وفي الأصل:"ويتركها"، صوابه من المجمل والمفضليات واللسان (جعع).(1/372)
* إذا جَعْجَعُوا بينَ الإناخَةِ والحَبْسِ(1) *
وكتب ابنُ زياد إلى ابن سعد: "أنْ جَعْجِعْ بالحسين عليه السلام" كأنَّه يُريد: ألجِئْهُ إلى مكانٍ خَشِنٍ قلق. وقال قوم: الجعجعة في هذا الموضع الإزعاج؛ يقال جَعْجَعْتُ الإبِلَ(2)، إذا حرَّكتها للإناخة. وقال أبو ذؤيب، في الجعجعة التي تدلُّ على سوءِ المَصْرَع:
فأبَدَّهُنّ حُتوفَهُنَّ فهاربٌ
بِذَمائِه أو باركٌ مُتَجَعْجِعُ(3)
(جف) الجيم والفاء أصلان: فالأوّل قولك جَفَّ الشيءُ جُفُوفاً يَجف. والثاني الجُفّ جُفُّ الطَّلْعة، وهو وعاؤُها. ويقال الجُفُّ شيءٌ يُنْقرُ من جذوع النَّخل(4). والجُفُّ: نِصْفُ قِرْبة يُتَّخذ دلْواً. وأمّا قولُهم للجماعة الكثير من الناس جُفٌّ، وهو في قول النابغة:
* في جُفِّ ثَعْلَبَ وارِدِي الأَمرارِ(5) *
جل
فهو من هذا، لأنّ الجماعةَ يُنْضَوَى إليها ويُجتَمع، فكأنّها مَجمعُ مَن يأوِي إليها.
فأمّا الجَفْجف الأرضُ المرتفِعة فهو من الباب الأوّل؛ لأنها إذا كانت كذا كان أقَلَّ لنَدَاها.
وجُفَافُ الطَّير: مكان. *قال الشاعر:
فما أبْصَرَ النّارَ التي وضَحَتْ له
وراءَ جُفَافِ الطَّيرِ إلا تماريا(6)
__________
(1) لأوس بن حجر في ديوانه 10 واللسان (جعع). وصدره:
* كأن جلود النمر جيبت عليهم *
(2) وجعجعت بها أيضاً.
(3) ديوانه 9 واللسان (جعع) والمفضليات (2: 225).
(4) في الأصل: "النخلة"، صوابه في المجمل.
(5) في المجمل واللسان (جفف): "في جف تغلب" وفي المجمل: "وكأن أبو عبيد ينشده: في جف ثعلب، يريد ثعلبة بن عوف بن سعد بن ذبيان" ومثله في اللسان مع نسبة الإنشاد إلى "أبي عبيدة". وصدره:
* لا أعرفنك عارضاً لرماحنا *
(6) البيت لجرير في ديوانه 602 والمجمل واللسان (جفف) ومعجم البلدان (جفاف الطير).(1/373)
(جل) الجيم واللام أصولٌ ثلاثة: جَلَّ الشّيءُ: عَظُمَ، وجُلُّ الشيء مُعْظَمُه. وجلال الله: عَظَمته. وهو ذُو الجلالِ والإكرام. والجَلَلُ الأمر العظيم. والجِلَّةُ: الإبل المَسَانّ(1). قال:
أو تأخُذَنْ إبِلي إليّ سِلاحَها
يوماً لجلّتِها ولا أبكارِها(2)
والجُلالة: النّاقة العظيمة. والجَليلة: خلافُ الدَّقيقة. ويقال ما له دقيقة ولا جَليلة، أي لا ناقةَ ولا شاة. وأتيت فلاناً فما أجَلَّني ولا أحْشَاني، أي ما أعطاني صغيراً ولا كبيراً من الجِلَّة ولا من الحاشية. وأدقَّ فلانٌ وأجلَّ، إذا أَعْطَى القليلَ والكثير. [قال]:
ألا مَنْ لعينٍ لا تَرَى قُلَلَ الحِمَى
ولا جبَلَ الرَّيَّانِ إلا استهلَّتِ(3)
جل
لَجُوجٍ إذا سحَّت هَمُوعٍ إذا بكَتْ
بكَتْ فأدقَّتْ في البُكا وأجَلَّتِ
يقول: أتَتْ بقليلِ البكاء وكثيرِه. ويقال: فَعَلْت ذاك من جَلالك. قالوا: معناه من عِظَمِك في صَدْرِي. قال كثيِّر:
* وإكرامِي العِدَى من جَلاَلِها(4) *
__________
(1) في الأصل: " الحسان"، تحريف.
(2) البيت للنمر بن تولب، كما في المجمل واللسان. وكذا ورد إنشاد البيت في الأصل، وفي المجمل واللسان:
أزمان لم تأخذ إليّ سلاحها
إبلي بجلتها ولا أبكارها
(3) نسب في معجم البلدان (4: 346) إلى امرأة من العرب. والبيت في المجمل، وعجزه في اللسان
(13: 124). وسيأتي في تاليه في (دق).
(4) وكذا ورد إنشاده في المجمل. لكن في ديوان كثير (1: 234) واللسان (13: 127):
حيائي من أسماء والخرق دوننا
وإكرامي القوم العدى من جلالها(1/374)
والأصل الثاني شيءٌ يشمل شيئاً، مثل جُلِّ الفَرَس، ومثل [المجَلِّل(1)] الغَيْث(2) الذي يجلِّل الأرض بالماء والنَّبات. ومنه الجُلُول، وهي شُرُعُ السُّفُن(3). قال القطاميّ:
في ذِي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ صاحبُه
إذا الصَّرارِيُّ مِنْ أهوالِه ارتَسَمَا(4)
الواحد جُلٌّ.
والأصل الثَّالث من الصّوت؛ يقال سحاب مُجَلْجِلٌ إذا صوَّت. والجُلْجُل مشتقٌّ منه. ومن الباب جَلجلْتُ الشّيءَ في يدي، إذا خلطْتَه ثم ضربتَه.
فَجلجَلَها طَورَينِ ثمّ أَمَرَّها
كما أُرسِلَتْ مَخْشوبةٌ لم تُقَرَّمِ(5)
جم
ومحتمل أن يكون جُلجُلانُ السِّمسمِ من هذا؛ لأنه يتجلجل في سِنْفِه إذا يَبِس.
وممّا يحمل على هذا قولهم: أصبْتُ جُلْجُلانَ قَلْبِه، أي حبَّةَ قلبه. ومنه الجَُِلّ(6) قَصَب الزَّرْع؛ لأنّ الريح إذا وقَعَتْ فيه جلجلَتْه. ومحتمل أن يكونَ من الباب الأوّل لغِلَظِهِ. ومنه الجَليل وهو الثُّمام. قال:
ألا ليتَ شِعرِي هل أَبِيتَنَّ ليلةً
بوادٍ وحولي إذخِرٌ وجَليلُ(7)
وأما المَجَلَّة فالصَّحيفة، وهي شاذّة عن الباب، إلاّ أنْ تُلحَق بالأوّل؛ لعِظَم خَطَرِ العِلْم وجلالته.
قال أبو عبيد: كلُّ كتابٍ عند العرب فهو مَجَلَّة.
__________
(1) تكملة يفتقر إليها الكلام. وفي اللسان: "والمجلل: السحاب الذي يجلل الأرض بالمطر، أي يعم. وفي حديث الاستسقاء : وابلا مجللاً، أي يجلل الأرض بمائه أو بنباته".
(2) في الأصل: "الغيب".
(3) في الأصل: "وهو شراع السفينة"، صوابه في المجمل.
(4) في الأصل: "وذي جلول"، صوابه من المجمل واللسان (13: 128/ 15: 133) وديوان القطامي 70.
(5) ديوان أوس 26 والمجمل واللسان (خشب).
(6) هو مثلث الجيم، كما في القاموس.
(7) البيت لبلال بن حمامة، قاله وقد هاجر مع النبي صلى الله عليه وسلم فاجتوى المدينة. انظر معجم البلدان (5: 222) واللسان (13: 127) والسيرة 414 جوتنجن.(1/375)
ومما شذَّ عن الباب الجلّة البَعَْرُ(1).
(جم) الجيم والميم في المضاعف له أصلان: الأوّل كثرةُ الشيء واجتماعه، والثاني عَدَم السِّلاح.
فالأوّل الجَمُّ وهو الكثير، قال الله جلّ ثناؤه: { ويُحِبُّونَ المَالَ حُبّاً جَمّاً(2) } [الفجر 20]، والجِمام: المِلْءُ، يقال إناءٌ [جَمَّانُ، إذا بلَغَ(3)] جِمامَهُ. قال:
جم
أو كماء المثمودِ بعد جِمامٍ
زَرِمَ الدمعِ لا يَؤُوبُ نَزُورَا(4)
ويقال الفرس في جَمَامِه؛ والجَمَام الرَّاحة، لأنّه يكون مجتمعاً غيرَ مضطرب الأعضاء، فهو قياس الباب. والجُمَّة: القَوم يَسْأَلون في الدّيّة، وذلك يتجمَّعون لذلك. قال:
* وجُمَّةٍ تَسْأَلُني أعْطَيْتُ(5) *
والجميم مجتمعٌ من البُهْمَى. قال:
رَعَى بارِضَ البُهْمَى جميماً وبُسْرةً
وصمعاءَ حَتَّى آنَفَتْها نِصالُها(6)
والجُمَّة من الإنسان مُجتمعُ شَعْر ناصيته. والجَمَّة من البئر المكانُ الذي يجتمع ماؤُها. والجَمُوم: البئر الكثيرة الماء، وقد جَمَّتْ جُمُوماً. قال:
* يَزِيدُها مَخْجُ الدِّلاَ جُمُومَا(7) *
__________
(1) الجلة بمعنى البعر، مثلثة الجيم. والبعر، يقال بالفتح وبالتحريك. وفي الأصل: "البعير" محرف.
(2) هذه قراءة أبي عمرو ويعقوب. وقرأ الباقون بالتاء: (وتحبون). انظر إتحاف فضلاء البشر 438.
(3) التكملة من المجمل.
(4) البيت لعدي بن زيد، كما في المجمل واللسان (زرم)، وقد سبق في مادة (ثمد). وفي الأصل: "رزم الدمع"، تحريف.
(5) البيت لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (جمم).
(6) البيت لذي الرمة، كما في ديوانه 529 واللسان (بسر، أنف) وهو في (صمع) بدون نسبة. وقد سبق إنشاد ابن فارس له في مادة (برض 221). وصواب إنشاده "رعت" و"حتى آنفتها" كما سبق التنبيه في حواشي 221.
(7) سيأتي في (مخج). وقبله كما في اللسان (جمم 372):
* فصبحت قليذما هموما *(1/376)
والجَمُومُ من الأفراس: الذي كلما ذهَبَ منه إحضارٌ جاءَه إحضارٌ آخَر. فهذا يدلُّ على الكثْرة والاجتماع. قال النَّمْر بنُ تَولَب:
جَمُومُ الشّدِّ شائلةُ الذُّنابى
تَخالُ بياضَ غُرَّتِها سِراجَا(1)
جن
والجُمجمة: جُمجُمَة الإنسان؛ لأنها تجمع قبائلَ الراس. والجمجمة: البئر تُحفَر في السَّبَخَة. وجَمَّ الفرس وأجمَّ(2) إذا تُرك أنْ يُرْكَبَ. وهو من الباب؛ لأنه تَثُوب إليه* قوّتُه وتجتمع. وجَماجِم العرب: القبائل التي تجمع البطون فيُنسَب إليها دونَهم، نحو كَلْب بن وَبْرة، إذا قلت كلبيٌّ واستغنيتَ أن تنسُِبَ إلى شيءٍ من بطونها.
والجَمّاء الغَفير: الجماعة من الناس. قال بعضهم: هي البيضةُ بَيْضة الحديد؛ لأنها تجمع شَعرَ الرَّأس(3).
ومن هذا الباب أجَمّ الشيءُ: دنا.
والأصل الثاني الأجمّ، وهو الذي لا رُمْحَ معه في الحرب. والشّاة الجمّاءُ التي لا قَرْن لها. وجاءَ في الحديث: "أُمِرْنا أن نبني المساجدَ جُمّاً(4)"، يعني أن [لا] يكون لجدرانها شُرَفٌ.
(جن) الجيم والنون أصل واحد، وهو [السَّتْر و] التستُّر. فالجنَّة ما يصير إليه المسلمون في الآخرة، وهو ثواب مستورٌ عنهم اليومَ. والجَنّة البستان، وهو ذاك لأنّ الشجر بِوَرَقه يَستُر. وناسٌ يقولون: الجَنّة عند العرب النَّخْل الطِّوَال، ويحتجُّون بقول زهير:
كأنَّ عَيْنَيّ [في] غَرْبَيْ مُقَتَّلَةٍ
__________
(1) البيت في كتاب الخيل لابن الأعرابي 58 برواية: "كميت اللون". وأنشده في اللسان (14: 372).
(2) يقال جم، بالبناء للفاعل، وأجم بالبناء للفاعل والمفعول.
(3) في اللسان (14: 375): "الجماء بيضة الرأس، سميت بذلك لأنها جماء، أي ملساء ووصفت بالغفير لأنها تغفر أي تغطي الرأس".
(4) في اللسان (شرف، جمع): "وفي حديث ابن عباس: أمرنا أن نبني المدائن شرفا والمساجد جماً".(1/377)
مِن النَّواضح تَسْقِي جَنَّةً سُحُقا(1)
جه
والجنين: الولد في بطن أُمّه. والجنين: المقبور. والجَنَان: القَلْب. والمِجَنُّ: الترسُ. وكلُّ ما استُتر به من السِّلاح فهو جُنَّة. قال أبو عبيدةَ: السّلاح ما قُوتِل به، والجُنّة ما اتُّقِيَ به. قال:
حيث تَرَى الخيلَ بالأبطال عابِسَةً
ينْهَضْنَ بالهُنْدُوانيّاتِ والجُنَنِ(2)
والجِنّة: الجنون؛ وذلك أنّه يغطِّي العقل. وجَنَانُ الليل: سوادُه وسَتْرُه الأشياءَ. قال:
ولولا جَنَان الليل أدْرَكَ ركْضُنا
بذِي الرِّمْث والأرْطَى عِياضَ بنَ ناشِبِ(3)
ويقال جُنُون الليل، والمعنى واحد. ويقال جُنَّ النَّبتُ جُنوناً إذا اشتدّ وخَرَج زهره. فهذا يمكن أن يكون من الجُنونِ استعارةً كما يُجنُّ الإنسان فيهيج، ثم يكون أصل الجنون ما ذكرناه من السَّتْر. والقياس صحيح. وجَنَان النّاس مُعْظمُهم، ويسمَّى السَّوَادَ. والمَجَنّة الجنون. فأمّا الحيّة الذي يسمَّى الجانَّ فهو تشبيهٌ له بالواحد من الجانّ. والجنُّ سُمُّوا بذلك لأنهم متستِّرون عن أعيُنِ الخَلْق. قال الله تعالى: { إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ } [الأعراف 27]. والجناجنِ: عظام الصَّدْر.
(جه) الجيم والهاء ليس أصلاً؛ لأنه صوتٌ. يقال جهجهت بالسَّبُع إذا صحتَ به. قال:
* فجاء دُونَ الزَّجرِ والتجهجُهِ(4) *
جو - جأ - جب
__________
(1) ديوان زهير 37 واللسان (قتل، جنن). وكلمة "في" من المصادر المتقدمة والمجمل.
(2) سيأتي في (سلح).
(3) البيت لدريد بن الصمة، كما في المجمل، من قصيدة في الأصمعيات 11-12. وذكر في اللسان أنه يروى أيضاً لخفاف بن ندبة. وليس بشيء.
(4) البيت لرؤبة في ديوانه 166 واللسان (17: 379). وفي الديوان: "أن جاء". وقبل البيت:
* من عصلات الضيغمي الأجبه *(1/378)
وحَكَى ناسٌ: تجهجَهَ عن الأمر انتهى. وهذا إن كان صحيحاً فهو في باب المقابلة؛ لأنك تقول جَهْجَهْتُ به فتجَهْجَهَ.
(جو) الجيم والواو شيءٌ واحد يحتوي على شيءٍ من جوانبه. فالجوّ جوّ السماء، وهو ما حَنَا على الأرض بأقطارِهِ، وجَوّ البيت من هذا.
وأما الجؤجؤ. وهو الصّدر، فمهموز، ويجوز أن يكون محمولاً على هذا.
(جأ) الجيم والهمزة ليس أصلاً لأنه حكايةُ صوت. يقال جَأْجَأْتُ بالإبل إذا دعوتَها للشُّرب. والاسم(1) الجِيء. قال:
وما كان على الجِيءِ
ولا الهِيءِِ امْتِداحِيكا(2)
(جب) الجيم والباء في المضاعف أصلان: أحدهما القَطْع، والثّاني تجمُّع الشيء.
فأمّا الأول فالجَبُّ القطع، يقال جَبَبْتُه أَجُبُّه جَبّاً. وخَصِيٌّ مجبوبٌ بيِّن الجِبَاب. ويقال جَبَّه إذا غَلَبَه بحُسْنِه أو غيرِه، كأنه قطَعَه عن مُساماتِه ومفاخَرَتِهِ. قال:
جَبَّتْ نساءَ العالمينَ بالسَّبَبْ(3)
فهُنّ بَعْدُ كلهُنَّ كالمحبّ
وكانت قدَّرَتْ عجِيزَتَها بحبلٍ وبعثَتْ إليهن: هل فيكنّ مثلُها؟ فلم يكُنْ، فغلبَتْهُنَّ. وهذا مثلُ قول الاخر:
جب
لقد أهدَتْ حَبابةُ بِنْتُ جَزْءٍ
لأهل جُلاجِلٍ حَبْلاً طويلا(4)
والجَبَبُ أن يُقطَع سَنام البعير؛ وهو أجبُّ وناقةٌ جَبَّاءُ.
__________
(1) في الأصل: "والأسمى".
(2) البيت لمعاذ الهراء كما في اللسان (1: 46-184).
(3) البيت في اللسان (1: 245). وهو وتاليه في أمالي القالي (2: 19). وأنشده في المجمل رواية عن ثعلب.
(4) البيت في أمالي ثعلب 622 وأمالي القالي (2: 19) واللسان (1/ 289/ 13: 128) وفي جميعها: "حبابة بنت جل". وانفرد ابن فارس والقالي برواية: "لأهل جلاجل"، وفي غيرهما: "لأهل حباحب"، وهو اسم رجل، كما في اللسان (حبب).(1/379)
الأصل الثاني الجُبَّة معروفة، لأنها تشمل الجِسم وتجمعه فيها. والجُبَّة ما دَخَل فيه ثَعْلب الرُّمح من السِّنان. والجُبْجُبَة: زَبيلٌ من جُلود يُجمَع فيه التُّرابُ إذا نُقِل. والجُبْجُبَة: الكَرِش يُجعَلُ فيه اللَّحم وهو الخَلْعُ. وجَبَّ الناسُ النخل إذا* ألقَحُوه(1)، وذا زمن الجِباب. والجَبُوب: الأرض الغَليظة، سمِّيت بذلك لتجمّعها. قال أبو خراش يصف عقاباً رفَعَتْ صيداً ثم أرسلَتْه فصادَمَ الأرض:
فلاقَتْه ببَلْقَعةٍ بَرَاحٍ
فَصادَمَ بين عينيْهِ الجَبُوبا(2)
المَجَبَّةُ: جادَّة الطَّرِيق ومُجْتَمعُهُ. والجُبّ: البئر. ويقال جَبَّبَ تجبيباً إذا فرَّ وذلك أنه يجمع نفسَه للفِرار ويتشمَّر.
ومن الباب الجُبَاب: شيءٌ يجتمع من ألبان الإبل كالزُّبد. وليس للإبل زُبْد. قال الراجز:
يَعْصِب فَاهُ الرِّيقُ أيَّ عَصْبِ
عَصْبَ الجُبَابِ بِشفَاهِ الوَطبِ(3)
قال ابن دُريدٍ: الجبجاب الماءُ الكثير، وكذلك الجُباجِبُ.
جث - جحد
(جث) الجيم والثاء يدلّ على تجمُّع الشيء. وهو قياسٌ صحيح. فالجُثَّة جُثَّة الإنسان، إذا كان قاعداً أو نائماً. والجُثّ: مجتمِعٌ من الأرض مرتفِعٌ كالأكَمَة. قال ابنُ دريد: وأحسب أنّ جُثَّة الرجل من هذا. ويقال الجَثُّ قذىً يخالط العَسَل. وهو الذي ذكره الهذلي(4):
فما بَرِحَ الأسبابُ حَتَّى وَضَعْنَه
لَدَى الثَّوْلِ ينفي جثَّها ويؤُومُها
__________
(1) في الأصل: "الحقحوا".
(2) البيت في نسخة الشنقيطي من الهذليين 70 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين 57 برواية:
فلاقته ببلقعة براز
فصادم بين عينيها الجبوبا
(3) الرجز لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (عصب). وأنشده في (جيب) بدون نسبة.
(4) هو ساعدة بن جؤية الهذلي، كما في اللسان (جثث). والبيت من قصيدة في ديوانه 207 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 39 والجزء الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 21.(1/380)
ويقال: الجَثُّ الشَّمع. والقياس واحد. ويقال نَبْتٌ جُثاجِثٌ كثيرٌ. ولعلَّ الجَثجاثَ مِن هذا. وجُثِثْتُ من الرَّجل إذا فزِعْتَ، وذلك أنّ المذعور يتجمّع(1). فإن قالَ قائل: فكيف تقيس على هذا جَثثْت الشيءَ واجتثَثْته(2) إذا قلعتَه، والجَثِيث من النَّخل الفَسيل، والمِجَثَّة الحديدة التي تَقتلِعُ بها الشيء؟ فالجواب أنّ قياسَه قياسُ الباب؛ لأنه [لا] يكون مجثوثاً إلاّ وقد قُلِع بجميع أصوله وعُروقه حتّى لا يُترَك منه شيءٌ. فقد عاد إلى ما أصَّلناه.
(باب الجيم والحاء وما يثلثهما)
(جحد) الجيم والحاء والدال أصلٌ يدلُّ على قِلّة الخير. يُقال عامٌ جَحِدٌ قليل المطر. ورجل جَحِْدٌ فقير، وقد جَحِدَ وأَجْحَدَ. قال ابن دُريد: والجَحْد من كلِّ شيءٍ القِلّة. قال الشاعر:
* ولَنْ يَرَى ما عاش إلاّ جَحْدا *
جحر - جحس
وقال الشيباني:[أجحَدَ الرّجلُ وجحدا إذا أنفَضَ وذهبَ مالُه. وأنشد للفرزدق(3)]:
وبيضاء من أهل المدينة لم تذق
بَئِيساً ولم تتبعْ حُمُولَةَ مُجْحِدِ(4)
ومن هذا الباب الجُحود، وهو ضدّ الإقرار، ولا يكون إلاّ مع علم الجاحد به أنّه صحيح. قال الله تعالى: { وَجَحَدُوا بِها واسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ }
[النمل 14]. وما جاء جاحدٌ بخيرٍ قطّ.
__________
(1) في الأصل: "المدعو ويتجمع".
(2) في الأصل: "واجثثته".
(3) التكملة من اللسان (جحد). وبدلها في المجمل: "قال الشيباني: أجحد الرجل إذا قطع ووصل. قال الفرزدق"!
(4) الكلمة الأخيرة ساقطة من الأصل، وقبلها فيه وفي المجمل: "لم تدق يبيساً" تحريف، صوابه في الديوان 180 واللسان (بأس). وروي في اللسان (جحد): "يبيساً" محرفاً. ووجه إنشاد صدره: "لبيضاء" لأن قبل البيت:
إذا شئت غنائي من العاج قاصف
على معصم ريان لم يتخدد(1/381)
(جحر) الجيم والحاء والراء أصلٌ يدلّ على ضِيق الشيء والشدّة. فالجِحَرة جمع جُحْر. [وأجحَرَ(1)] فلاناً الفَزَعُ والخوفُ، إذا ألجأَه. ومَجاحِرُ القومِ مَكامِنهم. وجَحَرَتْ عينُه إذا غَارَت. والجَحْرة: السَّنَة الشديدة.
(جحس) الجيم والحاء والسين ليس أصلاً. وذلك أنّهم قالوا: الجِحاس(2)، ثم قالوا: السِّين [بدل] الشين. قال ابن دريد: جُحِسَ جلدُه مثل جُحِش، إذا كُدِح.
جحش - جحظ - جحف
(جحش) الجيم والحاء والشين متباعدةٌ جدّاً. فالجحش معروفٌ. والعرب تقول: "هو جُحَيشُ وَحْدِهِ" في الذّم، كما يقولون: "نَسِيج وَحْدِه" في المدح. فهذا أصلٌ.
وكلمةٌ أخرى، يقولون: جُحِش إذا تقشّر جلده. وفي الحديث: "أنه صلى الله عليه وآله وسلم سَقَط من فَرَسٍ فجُحِشَ شِقُّهُ".
وكلمةٌ أخرى: جاحَشْتُ عنه إذا دافَعْتَ عنه. ويقال نَزَل فلانٌ جحيشاً. وهذا من الكلمة التي قبله، وذلك إذا نزلَ ناحيةً من الناس. قال الأعشَى:
* إذا نَزَل الحيُّ حَلَّ الجَحِيشٌ(3) *
وأمّا الجَحْوَشُ، وهو الصبيُّ قبل أن يشتدّ، فهذا من باب الجَحْش، وإنّما زيد في بنائه لئلا يسمَّى بالجَحْش، وإلاّ فالمعنى واحدٌ. قال:
قَتَلْنَا مَخْلَداً وابنَيْ حُراقٍ
وآخَرَ جَحْوشاً فوق الفَطِيم(4)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) الجحاس والجحاش: المقاتلة. وأنشد في اللسان:
إذا كعكع القرن عن قرنه
أبى لك عزك إلا شماسا
وإلا جلاداً بذي رونق
وإلا نزالاً وإلا جحاسا
(3) عجزه، كما في ديوان الأعشى 86 واللسان (جحش):
* شقياً غويا مبينا غيورا *
... وفي الأصل: "الحي نزل الجحيش" صوابه من الديوان والمجمل واللسان. و"الجحيش" مرفوع على الفاعلية"، أو هو منصوب على الظرفية، أي ناحية منفردة، أو على الحالية مع زيادة اللام، كما قالوا: جاؤوا الجماء الغفير.
(4) البيت في المجمل واللسان (جحش).(1/382)
(جحظ) الجيم [والحاء] والظاء كلمةٌ واحدة: جحظت العينُ إذا عظُمَتْ مُقْلَتها وبرزَتْ.
(جحف) الجيم والحاء والفاء [أصلٌ] واحدٌ، قياسُه الذَّهاب بالشّيء مُسْتَوْعَباً. يقال* سَيْل جُحَافٌ إذا جَرَف كلَّ شيءٍ وذهَبَ به. قال:
جحل
لها كَفَلٌ كصَفَاةِ المَسيلِ
أبْرَزَ عنها جُحَافٌ مُضِرّ(1)
وسمِّيت الجُحْفة لأنَّ السيّلَ جَحَفَ أهلَها، أي حَمَلَهم. ويقال أجْحَفَ بالشَّيء إذا ذَهَبَ به. وموتٌ جُحافٌ مثل جُراف. قال:
* وكم زَلَّ عنها من جُحافِ المَقَادِرِ(2) *
ومن هذا الباب الجُحاف: داءٌ يصيب الإنسانَ في جوفه يُسْهِلُهُ، والقياس واحد. وجَحفْت له أي غَرَفْتُ.
وأصلٌ آخر، وهو المَيْل والعُدول. فمنها الجِحَاف وهو أنْ يُصيب الدّلوُ فَمَ البئر عند الاستقاء. قال:
* تَقْوِيمَ فَرْغَيْها عن الجِحافِ(3) *
وتجاحَفَ القومُ في القتال: مالَ بعضُهم على بعضٍ بالسُّيوف والعِصِيّ. وجاحَفَ الذَّنْبَ إذا مالَ إليه. وفلان يُجْحِف لِفُلانٍ: إذا مال معه على غيره.
(جحل) الجيم والحاء واللام يدلُّ على عِظَم الشّيء. فالجَحْل السِّقاءُ العظيم. والجَيْحَل: الصّخرة العظيمة. والجَحْل: اليعسوب العظيم. والجَحْلُ: الحِرْباء. قال ذو الرّمة:
جحم
فلما تَقَضَّتْ حاجةً مِن تحمُّل
وأَظْهَرْنَ واقْلَوْلَى على عُودِه الجَحْلُ(4)
وأمّا قولُهم جَحَّلت الرَّجلَ صرعْتُه فهو من هذا؛ لأنّ المصروع لا بد أن يتحوّز ويتجمَّع. قال الكميت:
ومالَ أبو الشَّعثاء أشعَثَ دامياً
وأنَّ أبا جَحْلٍ قتيلٌ مُجَحَّلُ(5)
__________
(1) البيت لامرئ القيس في ديوانه 13 واللسان (جحف) والمجمل.
(2) عجز بيت لذي الرمة في ديوانه 292، واللسان (جحف). وصدره:
* وكائن تخطت ناقتي من مفازة *
(3) قبله، كما في اللسان (جحف):
* قد علمت دلو بني مناف *
(4) ديوان ذي الرمة 457 واللسان (جحل).
(5) البيت في المجمل واللسان (جحل).(1/383)
ومما شذَّ عن الباب الجُحَال، وهو السمُّ القاتل. قال:
* جرَّعَهُ الذَّيْفَانَ والجُحالاَ(1) *
(جحم) الجيم والحاء والميم عُظْمُها به الحرارةُ وشدَّتُها. فالجاحم المكان الشديدُ الحرّ. قال الأعشى:
يُعِدُّون للهيجاء قبلَ لِقائها
غَداةَ احتضارِ البأْسِ والموتُ جاحمُ(2)
وبه سُمِّيت الجحيمُ جحيماً. ومن هذا الباب وليس ببعيدٍ منه الجَحْمة العَيْن، ويقال إنّها بلغة اليمن. وكيف كان فهي من هذا الأصل؛ لأن العينين سِراجانِ متوقِّدان. قال:
أيا جَحْمَتِي بَكِّي على أمّ عامِرٍ
أكيلةِ قِلَّوْبٍ بإحدى المَذَانبِ(3)
قالوا: جَحْمَتَا الأسدِ عيناه في اللغات كلِّها. وهذا صحيح؛ لأنّ عينيه أبداً
جحن - جخر
متوقدتان. ويقال جَحَّم الرّجل، إذا فتح عينيه كالشَّاخص(4)، والعينُ جاحمة. والجُحام: داءٌ يصيب الإنسانَ في عينيه فتَرِمُ عيناه. والأجحم: الشديدُ حمرةِ العين مع سَعتها، وامرأةٌ جحماء. وجَحَّمني بعينه إذا أحَدَّ النّظر. فأما قولهم أجْحَم عن الشيء: إذا كعّ عنه فليس بأصل، لأن ذلك مقلوبٌ عن أحجَم. وقد ذُكر في بابه.
(جحن) الجيم والحاء والنون أصلٌ واحد، وهو سوء النَّماء وصِغَرُ الشيء في نفسه. فالجَحَن سوءُ الغذاء، والجَحِن السّيّئ الغِذاء. قال الشماخ:
وقد عَرِقَتْ مغابنُها وجادت
__________
(1) البيت لشريك بن حيان العنبري. وصواب إنشاده كما نبه ابن بري: "جرعته الذيفان".
(2) ملحقات ديوان الأعشى 258 واللسان (14: 352). وفي الأصل: "احتفاد الناس" تحريف.
(3) جاء برواية: أيا جحمتا" في اللسان (قلب، جحم)، وفي (قلب): "أم واهب" وفي (جحم): "أم مالك". والقلوب: الذئب، يمانية أيضاً.
(4) شاهده في اللسان:
كأن عينيه إذا ما جحما
عينا أتان تبتغي أن ترطما(1/384)
بدِرَّتِها قِرَى جَحِنٍ قَتِينِ(1)
القتين: القليل الطُّعْم. يصف قُرَاداً، جعله جَحِناً لسوء غذائه. والمُجْحَن من النّبات: القصير الذي لم يتمّ. وأما [جَحْوَانُ فاشتقاقُه من] الجَحْوةِ(2)و [هي] الطَّلْعة.
(باب الجيم والخاء وما يثلثهما)
(جخر) الجيم والخاء والرَّاء: قُبْحٌ في الشيء إذا اتسع. يقولون جَخَّرْنا البئرَ وسَّعْناها. والجَخَرُ ذَمٌّ في صفة الفم، قالوا: هو اتِّساعُه، وقالوا تغيُّرُ رائحتِهِ.
جخف - جدر
(جخف) الجيم والخاء والفاء كلمةٌ واحدة، وهو التكبُّر، يقال: فلان ذو جَخْفٍ وجَخيفٍ إذا كان متكبِّراً كثير التوعُّد. يقولون: جَخَفَ النائم إذا نَفَخَ في نومه. والله أعلم.
(باب الجيم والدال وما يثلثهما)
(جدر) الجيم والدال والراء أصلان، فالأوّل الجِدار، وهو الحائط وجمعه جُدُر وجُدْران. والجَدرُ أصل الحائط. وفي الحديث: "اسْقِ يا زُبيرُ ودَعِ الماء يرجع إلى الجَدْر(3)". وقال ابن دريد: الجَدَرَةُ حيٌّ من الأزْدِ(4) بنوا جدار الكعبة. ومنه الجَديرة، شيءٌ يُجعَل للغنم كالحظيرة. وجَدَر: قرية. قال:
ألا يا اصْبَحينا فَيْهَجاً جَدَرِيَّةً
__________
(1) ديوان الشماخ 95 واللسان (جحن، قتن) وسيأتي في (قتن). ويروى : "جحن" بتقديم الحاء، وهي رواية الديوان واللسان (جحن، قتن).
(2) في الأصل: "الجحونة" تحريف. وقد أصلحت العبارة وأتممتها اعتماداً على ما جاء في الجمهرة
(2: 60): "جحوان اسم، اشتقاقه من الجحوة من قولهم: حيا الله جحوتك، أي طلعتك".
(3) في اللسان: "وفي حديث الزبير حين اختصم هو والأنصاري إلى النبي صلى الله عليه وسلم في سيول شراج الحرة: "اسقي أرضك حتى يبلغ الماء الجدر".
(4) هم من بني زهران بن الأزد بن الغوث. انظر الاشتقاق 301، 317 والمعارف 48.(1/385)
بماءِ سحابٍ يَسْبِقُ الحقَّ باطِلي(1)
ومن هذا الباب قولهم هو جديرٌ بكذا، أي حريٌّ به. وهو مما ينبغي أن يثبت ويبني أمرَه عليه. ويقولون: الجديرة الطبيعة.
والأصل الثاني ظُهور الشيء، نباتاً وغيره. فالجُدَرِيُّ معروف، وهو الجَدَرِيُّ أيضاً. ويقال شاةٌ جَدْراءُ إذا كان بها ذاك، والجَدَر: سِلْعَةٌ تظهر في الجسد. والجَدْر النبات، يقال: أجْدَرَ المكانُ وجَدَرَ، إذا ظهر نباته. قال الجَعْدِي:
جدس - جدع
قد تستحِبُّونَ عند الجَدْر أنَّ لكم
مِنْ آلِ جَعْدَةَ أعماماً وأخوالا(2)
والجَدْرُ: أثر الكَدْمِ بعُنق الحمار. قال رؤبة:
* أو جادرُ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنَقْ(3) *
وإنما يكون من هذا القياس لأنّ ذلك يَنْتَأُ جلدُه(4) فكأنَّه الجُدَرِيّ.
(جدس) الجيم والدال والسين. كلمةٌ واحدة وهي الأرض الجادسة التي لا نبات فيها.
(جدع) الجيم والدال والعين أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من القَطْع يقال جَدَع أنفَه يَجْدَعُهُ جَدْعاً. وجَدَاع: السَّنة الشديدة؛ لأنها تذهبُ بالمال، كأنها جدعته. قال:
لقد آلَيْتُ أغْدِرُ في جَدَاعِ
وإنْ مُنِّيتُ أُمَّاتِ الرّباعِ(5)
والجَدِع: السيئ الغِذاء، كأَنه قُطع عنه غذاؤه. قال:
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نواشِرُها
__________
(1) البيت لمعبد بن سعنة، كما في اللسان (فهج، جدر) وروايته فيهما وفي المجمل: "جيدرية" نسبة إلى "جدر" على غير قياس، أو أن اسم البلد جيدر، فنسب إليها على القياس، وصواب صدره: "ألا يا اصبحاني"؛ لأن قبله:
ألا يا أصبحاني قبل لوم العواذل
وقبل وداع من زنيبة عاجل
(2) في الأصل: "قد تستحقون"، صواب إنشاده من المجمل.
(3) ديوان رؤبة 104، وقبله:
* كأنها حقباء بلقاء الزلق *
(4) في الأصل:" يتاله جلده"، والوجه ما أثبت.
(5) البيت لأبي حنبل الطائي، كما في اللسان (جدع). وسيأتي في مادة (جزأ).(1/386)
تُصْمِتُ بالماء تولَبَاً جَدِعَا(1)
جدف - جدل
ويقولون: جَادَعَ فلانٌ فلاناً، إذا خاصَمَه. وهذا من الباب، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يروم جَدْعَ صاحِبِه. ويقولون: "تركْتُ أرْضَ بني فُلانٍ تَجَادَعُ أفاعِيها". والمجَدَّع من النبات: ما أُكِل أعْلاه وبقي أسفلُه. وكلأ جُدَاع: دَوٍ، كأنَّه يَجْدَعُ مِنْ رَدَاءَته ووَخامته. قال:
* وغِبُّ عَدَاوَتي كَلأٌ جُداعُ(2) *
ومما شذَّ عن الباب المجدُوع المحبوس في السِّجن.
[(جدف)] الجيم والدال والفاء كلماتٌ كلُّها منفردةٌ لا يقاس بعضها ببعض، وقد يجيء هذا في كلامهم كثيراً.
فالمِجْداف مِجداف السَّفينة. وجناحا الطائرِ مجدافاه. يقال من ذلك جَدَف الطّائرُ إذا ردّ جناحَيه للطيران. وما أبْعَدَ قياسَ هذا من قولهم إنّ الجُدَافَى الغنيمة، [و] من قولهم إنّ التجديف كُفْران النِّعمة. وفي الحديث: "لا تجَدّفُوا بنعمة الله تعالى"،أي تَحْقِرُوها.
(جدل) الجيم والدال واللام أصلٌ واحدٌ، وهو من باب استحكام الشيء في استرسالٍ يكون فيه، وامتدادِ الخصومة ومراجعةِ الكلام. وهو القياس الذي ذكرناه.
ويقال للزّمام المُمَرِّ جَديل. والجَدْوَل: نهر صغيرٌ، وهو ممتدٌّ، وماؤُه أقْوى في اجتماع أجزائه من المنبطح السائح. ورجلٌ مجدولٌ، إذا كان قَضِيف الخِلْقة من
جدل
غير هُزَال. وغلام جادِلٌ إذا اشتدّ. والجُدُول: الأعضاء، واحدها جَدِْل. والجادل من أولاد الإبل: فوق الرَّاشح. والدِّرع المجدولة: المحكمة العَمَل. ويقال جَدَلَ الحَبُّ في سُنْبُله: قَوِيَ. والأجدَل: الصَّقر؛ سمِّي بذلك لقوّته. قال ذو الرمة يذكر حَميراً في عَدْوِها:
__________
(1) لأوس بن حجر في ديوانه 13 واللسان (جدع). وانظر الحيوان (4: 25) حيث أورد قصة للبيت. وقبله:
ليبكك الشرب والمدامة والفتـ
يان طرا وطامع طمعا
(2) لربيعة بن مقروم الضبي، كما في اللسان (جدع): وصدره:
* وقد أصل الخليل وإن نآني *(1/387)
كأنَّهُنَّ خوافي أجدَلٍ قَرِمٍ
وَلَّى ليسبِقَه بالأمْعَزِ الخَرَبُ(1)
الخَرَبُ: الذّكَر من الحبارى. أراد: ولّى الخَرَب ليسبِقَه ويطلبه.
ومن الباب الجَدَالة، هي الأرض، وهي صُلْبة. قال:
قد أركب الآلةَ بَعْدَ الآلَهْ
وأترُكُ العاجزَ بالجَدالهْ(2)
ولذلك يقال طعَنَه فجدّلَه، أي رماه بالأرض. والمِجْدل: القَصْر، وهو قياسُ الباب. قال:
في مِجْدَلٍ شُيِّدَ بنيانُهُ
يَزِلُّ عنه ظُفُرُ الطائرِ(3)
والجَدَال: الخَلال، الواحدة جَدالة، وذلك أنّه صُلْبٌ غير نضيجٍ، وهو في أوّل أحواله إذا كان أخضَرَ. قال:
* يخِرُّ على أيدي السُّقَاة جدَالُها(4) *
وجَدِيلٌ: فحلٌ معروف. قال الرّاعي:
* صُهْباً تُناسِبُ شَدْقماً وجَدِيلاً(5) *
جدم – جدو/ي - جدب
(جدم) الجيم والدال والميم يدلّ على القماءة والقِصَر. رجل جَدَمةٌ، أي قصير. والشاة الجَدَمة: الرّدِيّة القَمِيئة.
(جدو/ي) الجيم والدال والحرف المعتل خمسة أصول متباينة.
فالجَدَا مقصور: المطر العامّ، والعطيّة الجزْلة(6). ويقال أجديت عليه. والجَدَاءُ ممدود: الغَنَاء، وهو قياس ما قبله من المقصور. قال:
لَقَلَّ جَداءً على مالك
إذا الحربُ شُبَّت بأجذَالها(7)
والثاني: الجَادِيُّ: الزَّعفران. والثالث: الجَدْي، معروف. والجَِدَايَة: الظّبية. والرابع: الجَدِيَّة القِطعة من الدم. والخامس جديتا السّرج (8)، وهما تحت دفَّتيه.
__________
(1) ديوان ذي الرمة 16 وجمهرة أشعار العرب 181.
(2) الرجز في اللسان (13: 41، 109). والآلة: الحالة.
(3) للأعشى في ديوانه 108 واللسان (جدل).
(4) للمخبل السعدي، كما في اللسان (جدل) وأمالي ثعلب 551. وصدره:
* وسارت إلى يبرين خمساً فأصبحت *
(5) صدره كما في جمهرة أشعار العرب 173:
* شم الحوارك جنحاً أعضادها *
(6) في الأصل: "الجدلة".
(7) البيت لمالك بن العجلان. كما في اللسان (جدا).
(8) يقال جدية، كظبية وغنية.(1/388)
(جدب) الجيم والدال والباء أصلٌ واحدٌ يدل على قلّة الشيء. فالجدب: خِلاف الخِصْب، ومكانٌ جدِيبٌ.
ومن قياسه الجَدْبُ، وهو العَيْب والتنقُّص. يقال جدَبْتُه إذا عِبْتَه. وفي الحديث: "جدَبَ لهم السَّمَرَ بعد العِشاء(1)"، أي عابه. قال ذو الرمة:
فيا لكَ مِنْ خدٍّ أسيلٍ وَمنطقٍ
رخيمٍ ومِن خَلْقٍ تَعَلّلَ جادبُهْ(2)
أي إنه تعلَّلَ بالباطل لمّا لم يجدْ إلى الحقِّ سبيلا.
جدث - جدح - جذر
(جدث) الجيم والدال والثاء كلمةٌ واحدة: الجَدَث القَبْر، وجمعه أجداث.
(جدح) الجيم والدال والحاء أصلٌ واحدٌ، وهي خشبةٌ يُجْدح بها الدَّواء(3)، [لها] ثلاثة أعيار(4). والمجدوحُ: شيءٌ كان يُشْرَب في الجاهلية، يُعْمَد إلى الناقة فتفْصَد ويُؤخَذُ دمُها في الإناء، ويشرب ذلك في الجَدْب. والمِجْدَح والمُجْدَح: نجم، وهي ثلاثةٌ كأنها أثافيّ. والقياس واحدٌ. قال:
* إذا خَفَق المجْدَحُ(5) *
والمِجْدح: مِيسَمٌ من مواسم الإبل(6) على هذه الصورة، يقال أجْدَحْت البَعير إذا وسمتَه بالمجْدَح.
(باب الجيم والذال وما يثلثهما)
__________
(1) وكذا في المجمل، والرواية المشهورة: "جدب لنا عمر السمر بعد عتمة".
(2) ديوان ذي الرمة 43 واللسان (جدب).
(3) في الأصل: "الدو"، صوابه من المجمل.
(4) أعيار، أي هنات ناتئة كأعيار السهام. وفي اللسان: "ثلاثة شعب" وفي المجمل: "ثلاثة جوانب".
(5) جزء من بيت لدرهم بن زيد الأنصاري، كما في اللسان (جدع، طعن). وهو بتمامه:
وأطعن بالقوم شطر الملو
ك حتى إذا خفق المجدح
... وطعن: ذهب ومضى. قال ابن بري: "ورواه القالي: وأظعن بالظاء المعجمة".
(6) المواسم: جمع ميسم على الأصل، وإن شئت قلت "مياسم" على اللفظ.(1/389)
(جذر) الجيم والذال والراء أصلٌ واحدٌ، وهو الأصل من كلِّ شيء، حتى يقالُ لأصلِ اللسانِ جِذْر. وقال حُذَيفة: حدَّثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "أنّ الأمانةَ نزلَتْ في جَِذْر قُلوب الرِّجال". قال الأصمعيّ: الجَذْر الأصل من كلِّ شيءٍ(1). قال زهير:
جذع
وسامعتَينِ تعرِفُ العِتْقَ فيهما
إلى جَِذْرِ مَدْلُوكِ الكُعوب مُحدَّدِ(2)
وفي الكتاب المنسوب إلى الخليل: الجَذْر أصل الحِساب، ويقال [عشرة(3)] في عشرة مائة. فأمّا المجذُور والمجذَّر فيقال إنه القصير. وإنّ صح فهو من الباب كأنَّه أصلُ شيءٍ قد فارقه غيره.
(جذع) الجيم والذال والعين ثلاثة أصول: أحدها يدلُّ على حدوث السّنّ وطراوته. فالجَذَع من الشّاءِ: ما أتى له سنتانِ، ومن الإبل الذي أتَتْ له خَمْسُ سنينَ. ويُسَمّى الدّهر الأزْلَمَ الجَذَع، لأنه جديد. قال:
يا بِشْرُ لو لم أكُنْ منكم بمنزلةٍ
ألقَى عليَّ يديهِ الأزْلَمُ الجَذَعُ(4)
وقال قوم: أراد به الأسد.
ويقال: هو في هذا الأمر جَذَعٌ، إذا كان أخَذَ فيه حديثاً.
والأصل الثاني: جِذْع الشَّجرة. والثالث: الجَذْع، من قولك جذَعْتُ الشيءَ إذا دلكتَه. قال:
* كأنّه مِن طُولِ جَذْع العَفْسِ(5) *
وقولهم في الأمثال: "خُذْ من جِذْع ما أعطاك" فإنه [اسم رجل(6)].
جذف - جذل
(جذف) الجيم والذال والفاء كلمةٌ واحدة تدلّ على الإسراع والقَطْع، يقال جَذَفْتُ الشيءَ قطعتُه. قال الأعشى:
قاعداً عندَه النَّدامى فما يَنْـ
__________
(1) في اللسان: "أبو عمرو: الجذر، بالكسر. والأصمعي بالفتح".
(2) ديوان زهير 226 واللسان (جذر).
(3) التكملة من المجمل واللسان. والمراد أن العشرة جذر المائة، أي أصلها.
(4) أي لأهلكني الدهر. والبيت للأخطل في ديوانه 72 واللسان (جذع).
(5) البيت للعجاج كما في اللسان (جذع)، وليس في ديوانه.
(6) في المجمل: "وجذع اسم رجل في قولهم: خذ من جذع ما أعطاك".(1/390)
فَكُّ يؤتَى بِمُوكَرٍ مَجْذُوفِ(1)
ويقال هو بالدَّال. ويقال جَذَف الرّجُلُ أسرَعَ. قال ابن دريد: جَذَف الطائر إذا أسرَعَ* تحريكَ جناحَيْه. وأكثر ما يكون ذلك أن يُقَصَّ أحدُ جناحيه. ومنه اشتقاق مِجْداف السفينة. قال: وهو عربيٌّ معروف. قال:
تكاد إن حُرِّك مجذافُها
تنْسَلُّ مِنْ مَثْناتِها واليَدِ(2)
يعني الناقةَ. جعل السَّوط كالمجذاف لها، وهو بالذال والدال لغتان فصيحتان.
(جذل) الجيم والذال واللام أصلٌ واحد، وهو أصل الشيء الثابت والمنتصب. فالجِذْل أصل الشَّجرة. وأصل كلِّ شيءٍ جِذْلُهُ. قال حُبَابُ بنُ المنذِر، لما اختَلَف الأنصارُ في البَيْعة: "أنا جُذَيلُها المحكَّك". وإنّما قال ذلك لأنه يُغْرَزُ في حائطٍ فتحتكُّ به الإبلُ الجَرْبَى. يقول: فأنا يُسْتَشْفى برأْيِي كاستشفاء الإبل بذلك الجِذْل. وقال:
* لاقت على الماءِ جُذَيلاً واتدا(3) *
يريد أنّه منتصبٌ لا يبرح مكانَه، كالجذل الذي وَتَد، أي ثبت. وأمّا الجََذَل وهو الفرح فممكنٌ أن يكون من هذا؛ لأنّ الفَرِحَ منتصبٌ والمغمومَ لاطِئٌ
جذم - جذو
بالأرض. وهذا من باب الاحتمال لا التحقيق والحُكْم. قالوا: والجِذْل ما بَرَزَ وظَهَرَ من رأس الجبل، والجمع الأجذال. وفلانٌ جِذْلُ مالٍ، وإذا كان سائِساً له. وهو قياس الباب، كأنّه في تفقُّده وتعهُّده له جِذْلٌ لا يبرح.
__________
(1) ديوان الأعشى 212 واللسان (جذف). وفي الديوان: "حوله الندامى".
(2) البيت للمثقب العبدي، كما في اللسان (جذف). وفي الأصل: "من مشتاقها باليد" صوابه في المجمل واللسان.
(3) البيت لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (جذل).(1/391)
(جذم) الجيم والذال والميم أصلٌ واحدٌ، وهو القطع. يقال جَذَمْت الشَّيء جذْماً. والجِذْمة القِطعة من الحَبْل وغيره. والجُذام سُمِّي لتقطُّع الأصابع. والأجذم: المقطوع اليد. وفي الحديث: "مَن تعلَّم القرآنَ ثُمَّ نسِيَهُ لقِيَ الله تعالى وهو أجذم". وقال المتلمِّس:
وما كنتُ إلاّ مثلَ قاطع كفِّه
بكفٍّ له أخْرَى فأصبَحَ أجْذَما(1)
وانْجَذَم الحبلُ: انقطَعَ. قال النابغة:
بانَتْ سُعادُ فأمسى حَبْلُها انْجَذَما
واحْتَلّت الشَّرْعَ فالخْبْتَيْنِ مِنْ إضَما(2)
والإجذام: السُّرعة في السَّير، وهو من الباب. والإجذام: الإقلاع عن الشيء.
(جذو) الجيم والذال والواو أصلٌ يدلّ على الانتصاب. يقال جَذَوْتُ على أطراف أصابعي، إذا قمت. قال:
إذا شِئْتُ غَنَّتَنِي دَهَاقِينُ قريةٍ
وصَنَّاجَةٌ تَجْذُو على حدِّ مَنْسِِمِ(3)
قال الخليل: يقال جَذَا يجذُو، مثل جثا يجثُو، إلاّ أنّ جذا أَدَلُّ(4) على
جذب
اللزوم. وهذا الذي قاله الخليل فدَليلٌ لنا في بعض ما ذكرناه من مقاييس الكلام. والخليل عندنا في هذا المعنى إمامٌ.
قال: ويقال جَذَا القُرادُ في جنْب البعير؛ لشدّة التزاقه. وجَذَتْ ظَلِفَة الإكاف في جَنْب الحمار. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَثَلُ المنافِق مَثَلُ الأَرْزَة المُجْذِيَة على الأرض حتّى يكونَ انجعافُها(5) مَرَّةً". أراد بالمجْذِيَةِ الثّابتة.
ومن الباب تجاذَى القومُ الحَجرَ، إذا تشاوَلُوه.
__________
(1) ديوان المتلمس 2 مخطوطة الشنقيطي واللسان (جذم).
(2) رواية اللسان ومعجم البلدان: "فالأجراع من أضما"، وفي الديوان: "فالأجزاع".
(3) البيت للنعمان بن عدي بن نضلة العدوي، كما في المجمل واللسان (جذا).
(4) في الأصل: "دل"، صوابه من المجمل واللسان.
(5) سيأتي الحديث في (جعف) أيضاً.(1/392)
فأمّا قولهم رجلٌ جاذٍ، أي قصير الباع، فهو عندي من هذا؛ لأنّ الباع إذا لم يكن طويلاً ممدوداً كان كالشيء الناتئ المنتصب. قال:
إنّ الخلافةَ لم تكن مقصورةً
أبداً على جاذِي اليدينِ مُبَخَّلِ(1)
(جذب) الجيم والذال والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بَتْرِ الشّيء(2). يقال جَذَبْتُ الشَّيْءَ أجذبُه جذْباً. وجذَبتُ المُهر عن أمّه إذا فطمتَه، ويقال ناقة جاذب، إذا قلَّ لبنها، والجمع جواذب. وهو قياس الباب؛ لأنه إذا قل لبنها فكأنها جَذبته إلى نفسها.
وقد شذّ عن هذا الأصل الجَذَب، وهو الجُمَّار(3) الخَشِن، الواحد جَذَبة.
جرز
(باب الجيم والراء وما يثلثهما)
(جرز) الجيم والراء والزاء أصلٌ واحد، وهو القطْع. يقال جَرَزْتُ الشيءَ قطعتُه. وسيفٌ جُرَاز أي قَطّاع. وأرضٌ جُرُزٌ لا نَبْت بها. كأنَّه قُطِع عنها. قال الكسائي* والأصمعيّ : أرضٌ مجروزة من الجرز، وهي التي لم يُصِبْها المطر، ويقال هي التي أُكل نباتُها. والجَرُوزُ: الرّجُل الذي إذا أكل لم يترُكْ على المائدةِ شيئاً، وكذلك المرأةُ الجَرُوزُ، والنّاقةُ. قال:
* تَرَى العَجُوزَ خَِبَّةً جَرُوزَا *
والعرب تقول في أمثالها: "لن ترضى شانِئةٌ إلاّ بجَرْزة(4)، أي إنّها مِن شِدّة بَغضائها وحسَدها لا ترضى للذين تُبغِضُهم إلاّ بالاستئصال. والجارز: الشديد من السُّعال، وذلك أنّه يقطَع الحَلْق. قال الشمّاخ:
__________
(1) نسب في المجمل إلى سهم بن حنظلة. ورواه في اللسان (جذا) بقافية "مجذر" منسوباً إلى سهم بن حنظلة أيضاً. وفي الصحاح:"مبخل" بدون نسبة.
(2) في الأصل: "نثر الشيء" وإنما مدار المادة على البتر بمعنى القطع. انظر اللسان (جذب).
(3) الجمار، بالجيم: جمار النخلة. وفي الأصل: "الحمار" تحريف.
(4) الشانئة: المبغضة. وفي الأصل: "شائبة"، صوابها في المجمل واللسان (جرز 182) وفي اللسان: "لم ترض".(1/393)
* لها بالرُّغامَى والخياشيمِ جارزُ(1) *
ويقال أرضٌ جارِزةٌ: يابسة غليظة يكتنفها رَمْل. وامرأةٌ جارِزٌ عاقر. فأمّا قولهم ذو جَرَزٍ إذا كان غليظاً صُلْباً، وكذلك البعيرُ، فهو عندي محمولٌ على الأرض الجارزة الغليظة. وقد مضى ذِكرُها.
جرس - جرش
(جرس) الجيم والراء والسين أصلٌ واحد، وهو من الصَّوت، وما بعد ذلك فمحمول عليه.
قالوا: الجَرْس الصَّوت الخفيّ، يقال ما سمعت له جَرْساً، وسمِعتُ جَرْسَ الطّير، إذا سمعتَ صوتَ مناقيرها على شيء(2) تأكله. وقد أجْرَسَ الطائر.
ومما حُمِل على هذا قولهم للنَّحل جوارس، بمعنى أواكِل، وذلك أنّ لها عند ذلك أدنى شيءٍ كأنه صوت. قال أبو ذؤيبٍ يذكر نَحْلا:
يَظَلُّ على الثَّمراءِ منها جَوَارسٌ
مَرَاضيعُ صُهْبُ الرّيش زُغبٌ رِقابُها(3)
والجَرَس: الذي يعلَّق على الجِمال. وفي الحديث: "لا تصحبُ الملائكةُ رُِفْقَةً فيها جَرَسٌ". ويقال جَرَسْتُ بالكلام أي تكلّمتُ به. وأجْرَسَ الحَلْيُ: صوَّت. قال:
تَسْمَعُ لِلحَلْيِ إذا ما وَسْوَسَا
وارتجَّ في أجْيَادها وأجْرَسا(4)
ومما شذَّ عن هذا الأصل الرجل المجرّس(5) وهو المجرّب. ومعنى جَرَْسٌ من الليل، أي طائفة.
(جرش) الجيم والراء والشين أصلٌ واحد وهو جَرْش الشَّيء: أنْ يُدقَّ ولا يُنْعَم دَقُّه. يقال جَرَشْته، وهو جَرِيش. والجُرَاشة: ما سقط من الشيءِ المجروش.
جرض
__________
(1) أراد بالرغامى الرئة. وصدره في الديوان 51، واللسان (جرز):
* يحشرجها طوراً وطوراً كأنها *
(2) في الأصل: "صوت" صوابه في المجمل واللسان.
(3) الثمراء: جبل أو هضبة. والبيت في ديوان أبي ذؤيب 77 واللسان (جرس).
(4) للعجاج في ديوانه 31 واللسان (جرس) وفي الديوان: "والتج" باللام.
(5) المجرس، بفتح الراء المشددة وكسرها.(1/394)
وجرّشت الرأس بالمشط: حككته حتَّى تَستكثِرَ الإبْرِيَة(1). وذكر الخليل أنّ الجَرش الأكْل.
ومما شذَّ عن الباب الجِرِشَّى، وهو النَّفس. قال:
* إليه الجِرِشَّى وارْمَعَلَّ حَنِينُها(2) *
فأمّا قولهم مَضَى جَرْشٌ من اللّيل، فهي الطائفة، وهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه. قال:
* حتى إذا [ما] تُرِكَتْ بجَرْشِ(3) *
(جرض) الجيم والراء والضاد أصلانِ: أحدهما جنسٌ من الغَصَص، والآخر من العِظَم.
فأمّا الأوّل فيقولون جَرِضَ بِرِيقه(4) إذا اغتصَّ به. قال:
كأنّ الفتى لم يَغْنَ في النَّاسِ ليلةً
إذا اختَلَفَ اللَّحْيانِ عند الجَرِيضِ(5)
قال الخليل: الجَرَضُ أن يبتلع الإنسانُ ريقَه على همٍّ وحزْنٍ. ويقال: مات فلانٌ جَرِيضاً، أي مغموماً.
جرع - جرف
والثاني قولهم بعيرٌ جِرْوَاضٌ، أي غليظ. والجُرائِض: البعير الضَّخم، ويقال الشّديد الأكل. ونعجة جُرَئِضةٌ(6) ضَخْمة.
(جرع) الجيم والراء والعين يدلّ على قلّة الشيء المشروب. يقال: جَرِع الشاربُ الماءَ يجرَعُه، وجَرَعَ يجرَعُ. فأمَّا [الجرعاء فـ] الرَّملة التي لا تُنبت شيئاً، وذلك من أنّ الشُّرب لاينفَعُها فكأنَّها لم تَرْوَ. قال ذو الرمّة:
أمَا استَحْلَبَتْ عينَيْكَ إلاَّ مَحَلَّةٌ
__________
(1) الإبرية، كالهبرية وزناً ومعنى، وهي ما تعلق بأسفل الشعر مثل النخالة. وفي اللسان: "حتى تستبين هبريته". وفي المجمل: "حتى يستكثر من الإبرية".
(2) لمدرك بن حصن الأسدي، كما في اللسان (رمعل). وصدره، كما في (جرش، رمعل):
* بكى جزعاً من أن يموت وأجهشت *
(3) تكملة الشعر بزيادة "ما" من المجمل.
(4) جعله الجوهري مثل كسر يكسر. وقال ابن القطاع: صوابه جرض يجرض، على مثال كبر يكبر.
(5) البيت لامرئ القيس في ديوانه 114 واللسان (جرض).
(6) جرئضة، كعلبطة. ويقال: "جرائضة" أيضاً، كعلابطة.(1/395)
بجُمْهُورِ حُزْوَى أم بجرعاءِ مالكِ(1)
ومن الباب قولهم: "أفْلَتَ فلانٌ بجُرَيْعَة الذَّقَن"، وهو آخِرُ ما يخرُجُ من النَّفَس. كذا قال الفرّاء. ويقال نُوقٌ مَجَارِيعُ: قليلات اللَّبن، كأنّه ليس في ضُروعها إلا جُرَعٌ.
ومما شذّ عن هذا الأصل الجَرَع: التواءٌ في قوَّةٍ من قُوَى الحَبْل ظاهرةٍ على سائر القُوَى.
(جرف) الجيم والراء والفاء أصلٌ واحدٌ، هو أخْذ الشيءِ كلِّه هَبْشاً. يقال: جَرَفْتُ الشيءَ جَرْفاً، إذا ذهبْتَ به كلِّه. وسيفٌ جُرَافٌ(2) يُذْهِبُ كلَّ شيء. والجُرُْف المكان يأكله السيل. وجَرَّفَ الدهرُ مالَه*: اجتاحه. ومال مُجَرَّف. ورجل جُرَافٌ نُكَحَةٌ، كأنّه يجرِف ذلك جرْفاً. ومن الباب: الجُرْفَة: أنْ تُقَْطَع من فخذِ البعير جلدَةٌ وتُجْمَع على فَخِذه.
جرل - جرم
(جرل) الجيم والراء واللام أصلان: أحدهما الحجارة: والآخر لونٌ من الألوان.
فالأول الجَرْوَل والجرَاوِل الحجارة. يقال: أرض جَرِلةٌ، إذا كانت كثيرةَ الجراول. والأَجْرَال جمع الجَرَل، وهو مكان ذو حجارة. قال جرير:
مِن كلِّ مشترِفٍ وإنْ بَعُدَ المَدَى
ضَرِمِ الرِّفاقِ مُناقِلِ الأَجْرَالِ(3)
والآخَر الجِرْيال، وهو الصِّبْغ الأحمر؛ ولذلك سميت الخمر جِرْيالاً. فأما قول الأعشى:
وسَبيئةٍ مِمّا تُعَتِّقُ بابِلٌ
كدَمِ الذَّبيحِ سلبتُها جِرْيالَها(4)
فقال قومٌ: أراد لونَها، وهي حمرتها. رووا عنه في ذلك روايةً تدلُّ على أنّه أراد لونَها(5).
__________
(1) ديوان ذي الرمة 415 وهو مطلع قصيدة له. وفي الديوان: "أو بجرعاء".
(2) ويقال أيضاً "سيل جراف" بمعناه.
(3) ديوان جرير 468 واللسان (جرل).
(4) ديوان الأعشى 23 واللسان (جرل).
(5) وفي اللسان: "وسئل الأعشى عن قوله: سلبتها جريالها. فقال: أي شربتها حمراء فبلتها بيضاء".(1/396)
(جرم) الجيم والراء والميم أصلٌ واحد يرجع إليه الفروع. فالجرْمُ القطْع. ويقال لِصَِرام النَّخل الجَِرَام. وقد جاءَ زمن الجَِرَامِ. وجَرَمْتُ صُوف الشَّاةِ وأخذته. والجُرَامةُ: ما سقطَ من التّمْرِ إذا جُرِم. ويقال الجُرامة ما التُقِط من كَرَبِهِ بعد ما يُصْرَمُ. ويقال سنة مجَرَّمَةٌ ، أي تامّة، كأنها تصرَّمَت عن تمام. وهو من تجرَّم الليلُ ذَهَب. والجَرَام والجَريم: التَّمْر اليابس. فهذا كلُّه متّفقٌ لفظاً ومعنىً وقياساً.
جرم
ومما يُردّ إليه قولهم جَرَم، أي كَسَب؛ لأن الذي يَحُوزُه فكأنه اقتطَعَه. وفلانٌ جَرِيمةُ أهله، أي كاسِبُهم. قال:
جَريمةَ ناهضٍ في رَأسِ نِيقٍ
تَرَى لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا(1)
يصف عقاباً. يقول: هي كاسِبَةُ ناهضٍ. أراد فرخَها. والجُرْم والجَريمة: الذَّنْب وهو من الأوَّل؛ لأنه كَسْبٌ، والكَسْب اقتطاع. وقالوا في قولهم
"لا جَرَم": هو من قولهم جَرَمْتُ أي كسَبت. وأنشدوا:
ولقد طعنتُ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً
جَرَمَتْ فَزَارَةَ بَعْدَها أن يَغْضَبُوا(2)
أي كَسَبَتْهُمْ غضباً. والجَسَدُ جِرْمٌ، لأنّ له قَدْراً وتَقْطيعاً. ويقال مَشْيَخَةٌ جِلّةٌ جَريم، أي عظام الأجرام.
فأمّا قولُهم لصاحب الصَّوت: إنه لحسن الجِرْم، فقال قوم: الصَّوْتُ يقال له الجِرْم. وأصحُّ من ذلك قول أبي بكر بن دريد إنَّ معناه حَسنُ خروجِ الصّوتِ من الجِرْم. وبنو جارمٍ في العرب. والجارم: الكاسب، وهو قول القائل:
* والجارميُّ عميدُها(3) *
__________
(1) البيت لأبي خراش الهذلي من قصيدة في القسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين 57 ونسخة الشنقيطي 70. وأنشده في المجمل واللسان (جرم).
(2) البيت لأبي أسماء بن الضريبة، كما في اللسان (جرم).
(3) جزء من بيت في اللسان (جرم). وهو بتمامه:
إذا ما رأت شمساً عب الشمس شمرت
إلى رملها والجارمي عميدها
ورواية اللسان (عبأ): "والجرهمي عميدها".(1/397)
وجَرْمٌ هو الكَسْبُ، وبه سمِّيَتْ جَرْمٌ، وهما بطنان: أحدهما في قضاعة، والآخر في طيّ.
جرن - جره - جرو
(جرن) الجيم والراء والنون أصلٌ واحد، يدلُّ على اللين والسُّهولة. يقال للبَيْدَرِ جَرينٌ؛ لأنّه مكان قد أُصْلِحَ ومُلِّسَ. والجارن من الثياب: الذي انسَحَق ولانَ. وجَرَنَتِ الدِّرْعُ: لانَتْ وامْلاَسَّتْ. ومن الباب جِرَانُ البعير: مُقَدَّم عُنُقه من مَذْبَحِهِ، والجمع جُرُن(1). قال:
خُذا حَذَراً يا جارَتَيَّ فإنَّني
رأيتُ جِرَانَ العَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ(2)
وذكرَ ناسٌ أنّ الجارنَ ولد الحيّة. فإن كان صحيحاً فهو من الباب، لأنه ليِّن المسِّ أملس.
(جره) الجيم والراء والهاء كلمةٌ واحدة، وهي الجَرَاهية. قال أبو عُبيدٍ: جَراهيةُ القوم: جَلَبَتُهُم وكلامُهم في علانيتهم دون سِرِّهم. ولو قال قائل: إنّ هذا مقلوبٌ من الجَهْرِ والجَهْرَاء والجَهارة لكان مَذْهباً.
(جرو) الجيم والراء والواو أصلٌ واحدٌ، وهو الصَّغير من ولد الكلب، ثم يحمل عليه غيرُه تشبيهاً. فالجَرو للكلب وغيره. ويقال: سَبُعةٌ مُجْرِيَةٌ ومُجْرٍ، إذا كان معها جِرْوُها. قال:
وتَجُرُّ مُجْرِيَةٌ لها
لحمِي إلى أجْرٍ حَوَاشِبْ(3)
فهذا الأصل. ثم* يقال للصَّغيرة من القِثّاء الجِرْوة. وفي الحديث: أُتِي النبي
جري
__________
(1) ويقال في الجميع أيضاً "أجرنة".
(2) البيت لجران العود من قصيدة في أول ديوانه، وبه سمي جران العود. انظر اللسان "جرن"، والمزهر
(2: 441).
(3) البيت من قصيدة لحبيب بن عبد الله المعروف بالأعلم الهذلي، كما في شرح السكري للهذليين 57 ونسخة الشنقيطي 59. وهو في اللسان (جرا) بدون نسبة، وفي (حشب) منسوب إليه. وكلمة (إلى) ساقطة من الأصل.(1/398)
صلى الله عليه وسلم بأَجْرٍ زُغْبٍ(1)"، وكذلك جَُِرْو الحنظل والرُّمّان. يعني أنها صغيرة. وبنو جِرْوة بطنٌ من العرب. ويقال ألقى الرّجُل جِرْوَتَه، أي ربَط جَأْشَه، وصَبَر على الأمر، كأنّه ربط جرواً وسكّنَه. وهو تشبيهٌ.
(جري) الجيم والراء والياء أصلٌ واحدٌ، وهو انسياحُ الشيء. يقال جَرَى الماء يَجْري جَرْيَةً وجَرْياً وجَرَياناً. ويقال للعَادة الإجْرِيَّا(2)، وذلك أنّه الوجْه الذي يجري فيه الإنسان. والجَرِيُّ: الوكيل، وهو بيّن الجِراية، تقول جَرَّيت جَرِيّاً واستَجْرَيتُ، أي اتَّخذْت. وفي الحديث: "لا يُجَرِّينَّكم الشّيطان(3)". وسمِّي الوكيلُ جَريّاً لأنّه يَجْري مَجْرى موكّله، والجمع أجْرِيَاء.
فأمّا السفينة فهي الجارية، وكذلك الشَّمس، وهو القياس. والجارية من النِّساء من ذلك أيضاً، لأنَّها تُسْتَجْرَى في الخِدمة، وهي بيِّنة الجِراء. قال:
والبِيضُ قد عَنَسَت وطال جِراؤُها
ونَشَأن في قِنٍّ وفي أذْوادِ(4)
ويقال: كان ذلك في أيّامِ جِرائها، أي صباها. وأما الجِرِّيَّة، وهي الحَوْصلة فالأصل الذي يعوَّل عليه فيها أنَّ الجيم مبدلة من قاف، كأن أصلها قِرِّيّة، لأنّها تَقْرِي الشيءَ أي تجمعه، ثم أبدَلُوا القافَ جيماً كما يفعلون ذلك فيهما.
جرب
(جرب) الجيم والراء والباء أصلان: أحدهما الشَّيء البسيط يعلوه كالنبات من جنسه، والآخَر شيءٌ يحوي شيئاً.
فالأوّل الجرَب وهو معروف، وهو شيءٌ ينبت على الجلْد من جنسه. يقال بعيرٌ أجرب، والجَمْع جَرْبَى. قال القطران:
أنا القَطِرانُ والشُّعراءُ جرْبَى
وفي القَطِرانِ للجَرْبَى شِفاءُ
__________
(1) في الأصل: "بجرو زغب"، صوابه من المجمل واللسان.
(2) ومنه قول الكميت:
على تلك إجرياي وهي ضريبتي
ولو أجلبوا طراً علي وأحلبوا
(3) في المجمل واللسان: "لا يستجرينكم الشيطان".
(4) للأعشى في ديوانه 99 واللسان (جرا). وكلمة "وطال" ساقطة من الأصل.(1/399)
وممّا يُحمَل على هذا تشبيهاً تسميتُهم السَّماء جَرْباء، شبّهت كواكبُها بجرَب الأجرَب. قال أسامة بنُ الحارث:
أرَتْهُ من الجرْباءِ في كلِّ مَنْظرٍ
طِباباً فمَثْوَاهُ النَّهارَ المَرَاكِدُ(1)
وقال الأعشى:
تناول كلباً في ديارهم
وكاد يسمو إلى الجرْباء فارتَفَعا(2)
والجِرْبَة: القَرَاح، وهو ذلك القياس لأنّه بسيطٌ يعلوه ما يعلوه منه. قال الأسعر:
أما إذا يَعْلُو فثعلبُ جِرْبَةٍ
أو ذِئبُ عادية يُعَجْرِمُ عَجْرَمَهْ(3)
العجرمة:سُرعةٌ في خِفّة. وكان أبو عبيد يقول: الجِرْبة المزرعة. قال بشر:
جرج
* على جرْبة تعلو الدِّبارَ غُروبُها(4) *
قال أبو حَنيفة: يقال للمجَرَّة جِرْبة النُّجوم. قال الشّاعر:
وخَوَتْ جِرْبَةُ النّجوم فما تشْـ
ـر
ب أُرْوِيَّةٌ بمَرْي الجنُوبِ(5)
خَيُّها: أن لا تُمطِر(6). ومَرْي الجَنُوب: استدرارُها الغَيث.
والأصل الآخر الجِراب، وهو معروف. وجرابُ البئر: جوفُها من أعلاها إلى أسفلها. والجَرَبَّةُ: العانة من الحمير، وهو من بابِ ما قَبْله، لأن في ذلك تجمُّعاً. وربَّما سمَّوا الأقوياء من الناس إذا اجتمعُوا جَرَبَّةً. قال:
ليس بنا فقرٌ إلى التَّشَكِّي
__________
(1) نسخة الشنقيطي من الهذليين 86 واللسان (جرب، طبب، ركد).
(2) في البيت نقص ويستقيم بأن يكون أوله: "وقد". وبدله في ديوان الأعشى 86:
وما مجاور هيت إن عرضت له
قد كان يسمو إلى الجرفين واطلعا
... وفي شرحه: "أبو عبيدة إلى الجرباء".
(3) وروي عجزه في اللسان ( عجرم) بدون نسبة، وهو مع نسبته إلى الأسعر في الأزمنة والأمكنة
(2: 11).
(4) صدره كما في المفضليات (2: 130) :
* تحدر ماء البئر عن جرشية *
(5) البيت بدون نسبة أيضاً في الأزمنة والأمكنة (2: 4، 11).
(6) يقال خوت النجوم تخوى خيا، وأخوت.(1/400)
جَرَبَّةٌ كحُمُرِ الأبَكِّ(1)
(جرج) الجيم والراء والجيم كلمة واحدة، وهي الجادّة، يقال لها جَرَجَة. وزعم ناسٌ أنّ هذا مما صحَّف فيه أبو عُبيدٍ. وليس الأمر على ما ذكَرُوه، والجَرَجَةُ صحيحة. وقياسها جُرَيج اسم رجل. ويقال إنّ الجَرِجَ القَلِق. قال:
* خلخالُها في ساقها غيرُ جَرِجْ(2) *
جرح
وهذا ممكنٌ أن يقال مبدل من مَرِج. قال ابن دريد: والجَرَجُ الأرض ذاتُ الحجارة. فأما الجُرْجة لِشيءٍ(3) شِبْه الخُرْج والعَيْبة، فما أُراها عربيةً مَحْضة. على أنّ أوساً قد قال:
ثلاثةُ أبرادٍ جيادٍ وجُرْجَة
وأدْكَنُ من أرْيِ الدُّبور مُعَسَّلُ(4)
(جرح) الجيم والراء والحاء أصلان: أحدهما الكسب، والثاني شَقّ الجِلْد.
فالأوَّل قولهم [اجترح] إذا عمل وكَسبَ. قال الله عزّ وجلّ: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ } [الجاثية 21]. وإنَّما سمى ذلك اجتراحاً لأنه عَمَلٌ* بالجوَارح، وهي الأعضاء الكواسب. والجوارحُ من الطَّير والسباع: ذَوَاتُ الصَّيد.
وأما الآخَر [فقولهم] جرحَهُ بحديدةٍ جرْحاً، والاسم الجُرْح. ويقال جرَح الشاهدَ إذا ردّ قولَه بِنَثاً غيرِ جميل. واستَجْرَحَ فلانٌ إذا عمل ما يُجْرَح من أجله.
__________
(1) الرجز لقطية بنت بشر زوج مروان بن الحكم. انظره مع قصته في الأغاني (1: 129). وكلمة "ليس" ساقطة من الأصل. وانظر المخصص (11: 44-47) بتحقيق الشنقيطي والبيت الأخير سبق في ص187.
(2) قبله في اللسان (جرج):
* إني لأهوى طفلة فيها غنج *
(3) في الأصل: "فشيء".
(4) ديوان أوس 19 واللسان (جرج). والدبور: جمع دبر، وهو النحل.(1/401)
فأمَّا قول أبي عبيدٍ في حديث عبد الملك: "قد وعظتُكم فلم تزدادُوا على الموعظة إلاّ استجراحا" إنه النُّقصان من الخير، فالمعنى صحيح إلاّ أنّ اللفظ لا يدلُّ عليه. والذي أراده عبدُ الملك ما فسَّرناه. أي إنّكم ما تزدادون على الوعْظ إلاّ ما يكسبكم الجَرْحَ والطَّعنَ عليكم، كما تُجرَح الأحاديث. وقال أبو عبيد: يريد أنَّها كثيرة صحيحها قليل. والمعنى عندنا في هذا كالذي ذكرناه مِن قَبْل، وهو أنَّها كثُرتْ حتى أحوج أهلَ العلم بها إلى جرْح بعضها، أنّه ليس بصحيح.
جرد - جرذ(1/402)
(جرد) الجيم والراء والدال أصلٌ واحد، وهو بُدوُّ ظاهِر الشَّيء حيث لا يستُره ساتر. ثم يحمل عليه غيرُه ممَّا يشاركه في معناه. يقال تجرَّد الرَّجل من ثيابه يتجرَّدُ تجرُّداً. قال بعضُ أهل اللُّغة: الجَرِيد سَعَفُ النَّخل، الواحدة جريدة، سمِّيت بذلك لأنه قد جرِد عنها خُوصها. والأرْضُ الجَرَد: الفضاء الواسعُ، سمِّي بذلك لبُروزه وظُهوره وأن لا يستره شيءٌ. ويقال فرس أَجرَدُ إذا رَقَّت شَعْرتُه. وهو حسن الجُرْدة والمتجرَّد. ورجلٌ جارُودٌ، أي مشؤوم، كأنَّه يَجْرُدُ ويَحُتُّ. وسنةٌ جارودةٌ، أي مَحْلٌ، وهو من ذلك، والجَراد معروفٌ. وأرضٌ مجرودةٌ أصابها الجَرادُ. وقال بعضُ أهلِ العِلم: سمِّي جراداً لأنّه يجرُد الأرضَ يأكلُ ما عليها. والجَرَدُ: أن يَشْرَى جلْدُ الإنسان من أكل الجَراد. ومن هذا الباب، وهو القياس المستمرُّ، قولهم: عامٌ جرِيدٌ، أي تامٌّ، وذلك أنَّه كَمَُِل فخرج جريداً لا يُنْسَب إلى نقصانٍ. ومنه: "ما رَأَيْتُهُ مُذْ أجرَدَانِ(1) وجَرِيدانِ" يريد يومين كاملين. والمعْنى ما ذكرته. ومنه انجرَدَ بنا السَّيرُ: امتدَّ. فأمّا قولهم للشيءِ يذهب ولا يُوقَف [له] على خبرٍ: "ما أدري أيُّ الجَرَاد عارَهُ" فهو مثلٌ، والجَراد هو هذا الجَرادُ المعروف.
(جرذ) الجيم والرال والذال كلمةٌ واحدة: الجُرَذُ الواحد من الجُِرْذان، وبه سمِّيَ الجَرَذُ الذي يأخُذُ في قوائم الدابّة. فأمّا قولهم رجل مُجَرَّذٌ أي مجرَّب، فهو من باب الإبدال، وليس أصلاً.
جزع - جزل
(باب الجيم والزاء وما يثلثهما)
(جزع) الجيم والزاء والعين أصلان: أحدهما الانقطاع، والآخر جوهرٌ من الجواهر.
__________
(1) في الأصل: "من"، صوابه في المجمل واللسان. وانظر تخريج نحو هذا التعبير في مغني اللبيب (مذ).(1/403)
فأمّا الأول فيقولون جَزَعْتُ الرّملة إذا قطعتَها؛ ومنه: جِزْعُ الوادي، وهو الموضع الذي يَقطعُه من أحد جانبَيه إلى الجانب؛ ويقال هو مُنْعَطَفه. فإنْ كان كذا فلأنّه انقَطع عن الاستواء فانعرج. والجزَع: نَقِيض الصّبر، وهو انقطاعُ المُنَّة عن حَمْل ما نزل(1). و[الجُِِزْعة(2)] هي القليل من الماء، وهو قياس الباب.
وأمّا الآخَر فالجَِزْع، وهو الخرَزُ المعروف. ويقال بُسْرَةٌ مُجزَّعَةٌ، إذا بَلَغَ الإرطابُ نِصْفها، وتُشْبِه حينئذٍ الجَِزْع(3).
(جزل) الجيم والزاء واللام أصلان: أحدهما عِظَم الشَّيء من الأشياء، والثاني القَطْع.
فالأوّل الجَزْل، وهو ما عَظُمَ من الحَطَب، ثم اسْتُعير، فقيل: أجزَلَ في العطاء. ومنه الرَّأْيُ الجَزْل من الباب الثاني، وسنذكره. فأمَّا قول القائل:
فوَيْهاً لقِدْرِكَ وَيْهاً لها
إذا اخْتِيرَ في المَحْلِ جَزْلُ الحَطَبْ(4)
فإنَّه اختَصَّ الجَزْلَ لأنّ اللحمَ يكون غَثَّاً فيُبطئ نضجُه فيُلْتَمَسُ له الجَزْل.
وأمّا الأصل الآخَر فيقول العرب: جزَلْتُ الشيءَ جِزْلَتَين، أي قطعته
جزم
*قِطْعَتَيْن. وهذا زَمَنُ الجَِزَالِ أي صَِرَامِ النَّخْلِ. قال:
* حَتَّى إذا ما حانَ مِن جَِزَالِها(5) *
ومن هذا الباب الجَزَل، أن يُصيبَ غارِبَ البعير دَبَرَة، فيُخرَج منه عَظْمٌ فيطمئِنَّ موضِعُه. وبعيرٌ أجْزَلُ إذا فُعِلَ به ذلك. قال أبو النجم:
* يُغادِرُ الصَّمد كظَهْرِ الأجْزَلِ(6)
__________
(1) في الأصل: "ما ترك".
(2) أثبت هذه التكملة مستأنساً بما في المجمل واللسان.
(3) الجزع بالفتح، وروى كراع الكسر.
(4) أنشده في المجمل واللسان (جزل).
(5) نسب في زيادات الجمهرة (2: 90) إلى أبي النجم العجلي، وأنشده في المجمل واللسان (جزل). والصرام والجزال، كلاهما بالكسر والفتح.
(6) كذا في الأصل والمجمل. والصواب "تغادر" لأن قبله كما في اللسان:
يأتي لها من أيمن وأشمل
وهي حيال الفرقدين تعتلي(1/404)
*
والجِزْلة: القطعة من التَّمْر. فأما قولهم جَزْلُ الرّأيِ فيحتمل أن يكون من الثاني، والمعنى أنَّه رأيٌ قاطعٌ.
وممّا شذّ عن الباب الجَوْزَل، وهو فَرْخُ الحمام، قال:
قالت سُلَيْمى لا أُحِبُّ الجَوْزَلا
ولا أحِبُّ السَّمكاتِ مَأكَلا
ويقال: الجَوْزَل السمّ.
(جزم) الجيم والزاء والميم أصلٌ واحد، وهو القطع. يقال جَزَمْتُ الشيء أجْزِمُه جزْماً. والجَزْم في الإعراب يسمَّى جزماً لأنَّه قُطِع عنه الإعرابُ. والجِزْمَة: القِطْعة من الضَّأن. ومنه جَزَمْتُ القِرْبة إذا ملأتَها، وذلك حينَ يُقطَع الاستقاء. قال صخر الغيّ:
فلما جَزَمْتُ بِهِِ قِرْبتي
تيمّمتُ أطرِقةً أَو خَلِيفا(1)
جزأ - جزي
ويقولون: إنّ الجَزْمة الأكلةُ الواحدة. فإن كان صحيحاً فهو قياسُ الباب، لأنّه مرّةٌ ثم يُقطَع. ومن ذلك قولهم: جَزَّمَ القومُ: عَجَزُوا. قال:
ولكنِّي مضَيْتُ ولم أُجزِّمْ
وكان الصَّبْرُ عادةَ أوَّلينا(2)
(جزأ) الجيم والزاء والهمزة أصلٌ واحد، هو الاكتفاء بالشَّيء. يقال اجتزأْتُ بالشيءِ اجتزاءً، إذا اكتفيتَ به. وأجزَأَنِي الشَّيءُ إجزاءً إذا كفاني قال:
لقد آليت أَغْدِرُ في جَدَاعِ
وإنْ مُنِّيتُ أُمَّاتِ الرِّباعِ(3)
لأنَّ الغَدْرَ في الأقوامِ عارٌ
وإِنَّ الحُرَّ يَجْزَأُ بالكُرَاعِ
__________
(1) نسب البيت في اللسان (طرق) إلى الأعشى، والصواب ما هنا. والبيت في شرح السكري للهذليين 48 ومخطوطة الشنقيطي 58 وفي اللسان (جزم، طرق، خلف) برواية: "جزمت بها" وهو تحريف؛ لأن قبله:
وماء وردت على زورة
كمشي السبنتى يراح الشفيفا
(2) البيت في اللسان والمجمل (جزم).
(3) الشعر لأبي حنبل الطائي، كما سبق في حواشي (جدع). وقد أنشدهما في اللسان (جزأ) بدون نسبة.(1/405)
أي يكتفى بها. والجَُزْءُ: استغناء السائمة عن الماء بالرُّطُْب(1). وذكَرَ ناسٌ في قوله تعالى: { وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءاً } [الزخرف 15]، أنّه من هذا، حيث زعموا أنَّه اصطفى البناتِ على البنين. تعالى الله عن قول المشركين علُوَّاً كبيراً. والجُزْء: الطائفة من الشَّيء.
ومما شذّ عن الباب الجُزْأَة نِصاب السِّكِّين، وقد أجزَأتُها إجزاء إذا جعلْتَ لها جُزأةً. ويجوز أن يكون سمِّيت بذلك لأنها بعض الآلةِ وطائفةٌ منها.
(جزي) الجيم والزاء والياء: قيام الشيء مَقامَ غيره ومكافأتُه إياه. يقال جَزَيت فلاناً أجزِيه جزاءً، وجازيتُه مجازاةً. وهذا رجل جازِيكَ مِنْ رجل،
جزح - جزر
أي حسبك. ومعناه أنه ينوبُ منابِ كلِّ أحدٍ، كما تقول كافِيكَ وناهيك. أي كأنه ينهاك أن يُطْلَبَ معه غيرُه.
وتقول: جَزَى عنِّي هذا الأمرُ يَجزِي، كما تقول قَضَى يقضي. وتجازَيْتُ دَيْني على فلان أي تقاضَيْته. وأهلُ المدينة يسمُّون المتقاضِي المتجازِي. قال الله جل ثناؤُه: { وَاتَّقُوا يَوْمَاً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً } [البقرة 48، 123]، أي لا تقضِي.
(جزح) الجيم والزاء والحاء كلمةٌ واحدة لا تتفرَّع ولا يُقاسُ عليها. يقال جزَح له من ماله، أي قَطَع. والجازِح: القاطع. وهو في شعر ابن مقبل:
* لَمُخْتَبِطٌ من تالِدِ المالِ جَازِحُ(2) *
__________
(1) يقال جزأت جزءاً، بفتح الجيم وضمها، وجزوءاً أيضاً.
(2) من بيت لابن مقبل في اللسان (جزح). وصدره:
* وإني إذا ضن الرفود برفده *(1/406)
(جزر) الجيم والزاء والراء أصلٌ واحد، وهو القَطْع. يقال جَزَرت الشيء جَزْراً، ولذلك سمِّي الجَزُور جزوراً. والجَزَرة: الشاة يقوم إليها أهلُها فيذبحونها. ويقال ترك بنُو فلانٍ بني فلان جَزَراً، أي قتلوهم فتركوهم جَزَراً للسِّباع. والجُزارَة أطراف البعير: فراسِنُه ورأسُه. وإنما سمِّيت جزارة لأنَّ الجزّار يأخذُها، فهي جُزارتُه؛ كما يقال أخذ العاملُ عُمالته. فإذا قلتَ فرسٌ عَبْلُ الجُزارةِ، فإنما تريد غِلَظَ اليدين والرِّجلين وكثرة عصبها. ولا يدخُل الرّأس في هذا؛ لأن عظَم الرَّأْس في الخيل هُجْنَة. وسميت الجزيرةُ جَزيرةً لانقطاعها. وجَزَر النَّهرُ إذا قلَّ ماؤُه جَزْراً. والجَزْر: خلاف المدّ. ويقال أجزَرْتُك شاةً إذا دفَعْتَ إليه شاةً يذبحُها. *وهي الجَزَرة، ولا تكون إلاَّ من الغنم. قال بعض أهل العلم: وذلك أنّ الشاةَ لا تكون إلا للذبح. ولا يقال للنّاقة والجمل، لأنهما يكونان لسائر العمل.
جسم - جسأ - جسد - جسر
(باب الجيم والسين وما يثلثهما)
(جسم) الجيم والسين والميم يدلُّ على تجمُّع الشيء. فالجسم كلُّ شخصٍ مُدْرَكٍ. كذا قال ابن دريد(1). والجَسيم: العظيم الجِسم، وكذلك الجُسام. والجُسْمان: الشخص.
(جسأ) الجيم والسين والهمزة يدلُّ على صلابةٍ وشدّة. يقال جَسَا الشيءُ، إذا اشتدَّ، وجَسَأ أيضاً بالهمزة. وجَسَأَتْ يدُه إذا صَلُبت.
(جسد) الجيم والسين والدال يدلُّ على تجمُّع الشيء أيضاً واشتدادِه. من ذلك جَسَدُ الإنسان. والمِجْسَد: الذي يلي الجَسَد من الثِّياب. والجَسَدُ والجَسِد من الدم: ما يَبِسَ، فهو جَسَِدٌ وجاسد. قال الطرماح:
* منها جاسِدٌ ونَجِيعُ(2) *
وقال قوم: الجسَد الدّمُ نفسُه، والجَسِد اليابس.
__________
(1) الجمهرة (2: 94).
(2) قطعة من بيت له ديوانه 154 واللسان (جسد، فرغ). وهو بتمامه:
فراغ عواري الليط تكسى ظباتها
سبائب منها جاسد ونجيع(1/407)
ومما شذّ عن الباب الجَسَاد الزَّعفَران. فإذا قلت هذا المِجْسَد بكسر الميم فهو الثوب الذي يَلي الجَسَد. قال: وهذا عند الكوفيِّين. فأمَّا البصريُّون فلا يعرفون إلا مُجْسَداً، وهو المُشبَع صِبْغاً.
(جسر) الجيم والسين والراء يدلُّ على قوّةٍ وجُرْأة. فالجَسْرَة: الناقة القوية، ويقال هي الجريئة على السَّير. وصُلْبٌ جَسْرٌ أي قويّ. قال:
جشع - جشم
* موضع رَحْلِها جَسْرٌ(1) *
والجِسْرُ معروفٌ. قال ابن دريد: هو بفتح الجيم الذي يسمِّيه العامّة جِسْراً، وهي القنطرة. والجَسارَة: الإقدام، ومن ذلك اشتُقَّت جَسْر، وهي قبيلة. قال النابغة:
وحَلَّتْ في بني القَيْنِ بن جَسْرٍ
وقد نَبَغَتْ لنا منهم شؤونُ(2)
(باب الجيم والشين وما يثلثهما)
(جشع) الجيم والشين والعين أصلٌ واحد، وهو الحِرْص الشديد. يقال رجل جَشِعٌ بيِّن الجَشَع، وقومٌ جَشِعُونَ. قال سُوَيد:
* وكِلاَبُ الصَّيد فِيهنَّ جَشَعْ(3) *
(جشم) الجيم والشين والميم أصلٌ واحد، وهو مجموع الجِسْم. يقال ألقَى فلانٌ على فُلان جُشَمَه، إذا ألقى عليه ثِقْله. ويقال جُشَمُ البعيرِ صَدْرُه، وبه سُمِّي الرجل "جُشَمَ(4)". فأمَّا قولهم تجشَّمت الأمرَ، فمعناه تحمَّلت بجُشَمِي حتى فعلتُه. وجشَّمْتُ فلاناً كذا، أي كلفتُه أن يحمل عليه جُشَمَه. قال:
جشأ - جشب - جشر
فأُقْسِمُ ما جَشَّمتُهُ من مُلِمَّةٍ
تَؤُودُ كِرامَ الناسِ إلا تَجَشَّمَا
__________
(1) من بيت لابن مقبل، كما في المجمل واللسان (جسر). والشطر بتمامه كما في اللسان:
* هوجاء موضع رحلها جسر *
(2) قالوا: وبذلك البيت سمي النابغة. انظر المزهر (2: 436) وديوانه 79.
(3) قصيدة سويد بن أبي كاهل في المفضليات (1: 188-200). وصدره:
* فرآهن ولما يستبن *
(4) في الأصل: "جشما" وإنما هو ممنوع من الصرف كزفر. وقد جاء على الصواب الذي أثبت في المجمل واللسان.(1/408)
(جشأ) الجيم والشين والهمزة أصلٌ واحد، وهو ارتفاعُ الشيء. يقال جَشأَتْ نَفْسي، إذا ارتفَعَتْ من حُزنٍ أو فزَع. فأمَّا جاشَتْ(1) فليس من هذا، إنما ذلك غَثَيانُها. وقال أبو عبيدٍ: اجتشأتْنِي البِلادُ واجتشأتُها، إذا لم توافِقْك؛ لأنه إذا كان كذا ارتفعت عنه(2)، ونبَتْ به. وقال قوم: جَشأ القومُ مِن بلدٍ إلى بلد، إذا خَرَجُوا منه.
ومن هذا القياس تجشَّأَ تجشُّؤاً، والاسم الجُشاء. ومن الباب الجَشْء مهموز وغير مهموز: القوس الغليظة. قال أبو ذؤيب:
* في كَفِّهِ جَشْءٌ أجَشُّ وأقْطَعُ(3) *
(جشب) الجيم والشين والباء يدلُّ على خشونة الشيء. يقال طعامٌ جشِبٌ، إذا كان بلا أُدْمٍ. والمِجشاب: الغليظ. قال:
* تُولِيكَ كَشْحاً لطيفاً ليس مِجشابا(4) *
(جشر) الجيم والشين والراء أصلٌ واحدٌ يدلّ على انتشار الشيء وبُروزه. يقال جشَرَ الصبح، إذا أنارَ. ومنه قولهم: اصطبَحْنا الجاشِرِيَّة، وهذا اصطباحٌ يكون مع الصبح. وأصبَحَ بنو فلان جشَراً، إذا بَرَزُوا [و] الحيَّ ثم أقامُوا ولم
جعف - جعل
يرجعوا إلى بيوتهم، وكذلك المال الجَشَر، الذي يَرْعى أمام البيوت. والجَشَّار: الذي يأخُذ المالَ إلى الجَشْر(5).
(باب الجيم والعين وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل "فأما ما جاشت".
(2) في الأصل: "ارتفع عند".
(3) ديوان أبي ذؤيب 7 واللسان (جشأ) والمفضليات (2: 244). وصدره:
* ونميمة من قانص متلبب *
(4) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (جشب). وصدره:
* قراب حصنك لا بكر ولا نصف *
(5) لم يفسره هنا ولا في المجمل. والجشر بالتحريك: بقل الربيع، وبالفتح: إخراج الدواب للرعي.(1/409)
(جعف) الجيم والعين والفاء أصلٌ واحد* ، وهو قَلْْعُ الشيء وصَرْعُه. يقال جَعَفْت الرجلَ إذا صرعْتَه بعد قلعِك إيّاه من الأرض. والانجعاف: الانقلاع تقول انجعَفَت الشّجرةُ. وفي الحديث: "مثل المنافق مثل الأرْزَة المُجْذِية على الأرض حتى يكون انجعافُها مرّة(1)". وجُعْفِيٌّ: قبيلة.
(جعل) الجيم والعين واللام كلمات غير مُنْقاسة، لا يشبه بعضُها بعضاً. فالجَعْلُ: النَّخْلُ يفوت اليدَ، والواحدةُ جَعْلة. وهو قوله:
* أو يستَوي جَثِيُثها وجَعْلُها(2) *
والجَعْوَل: ولد النعام. والجِعَال: الخِرْقة التي تُنْزَلُ بها القِدْر عن الأثافي. والجُعْل والجَُِعالة والجَعيلة: ما يُجعل للإنسان على الأمر يَفعلُه. وجعَلْتُ الشيءَ صنعتُه. قال الخليل: إلاَّ أنَّ جَعلَ أعمُّ، تقول جَعَل يقول، ولا تقول صَنعَ يقول.
جعم
وكُلْبَةٌ مُجْعِلٌ، إذا أرادت السِّفاد. والجُعَلَةُ: اسم مكان(3). قال:
* وبعدها عامَ ارتَبَعْنا الجُعَلهْ *
فهذا الباب كما تراه لا يشبه بعضه بعضاً.
(جعم) الجيم والعين والميم أصلان: الكِبَرُ والحِرْصُ على الأكل. فالأوّل قول الخليل: الجَعْماء من النساء: التي أُنكِرَ عقلُها هَرَما، ولا يقال رجل أجْعَم. ويقال للناقة المسنّة الجَعْماء.
والثاني قول الخليل وغيرُه: جَعِمَت الإبل، إذا لم تجد حَمْضاً ولا عِضاهاً فقَضِمَت العظام، وذلك من حرصها على ما تأكله.
__________
(1) في اللسان: "مرة واحدة". وفي مادة (جذى): "بمرة" فقط. وصدر الحديث: "مثل المؤمن كالخامة من الزرعة تفيئها الريح مرة هناك ومرة هنا". والمجذية: الثابتة المنتصبة. وفي الأصل: "المجدية" تحريف.
(2) قبله في اللسان (جثث، بعل، جعل):
* أقسمت لا يذهب عني بعلها *
... فالبعل: ما شرب بعروقه من غير سقي ولا ماء سماء. والجثيث: الفسيل.
(3) لم يذكر في اللسان ولا في معجم البلدان. وفي القاموس (جعل): "وكهمزة موضع".(1/410)
قال الخليل: جَعِمَ يَجْعَم جَعَماً، إذا قَرِمَ إلى اللَّحم. وهو في ذلك كلِّه أكول. ورجلٌ جَعِمٌ وامرأةٌ جَعِمةٌ، وبها جَعَم أي غِلَظ كلامٍ في سعة حَلْقٍ. وقال العجاج:
* إذْ جَعِمَ الذُّهْلانِ كُلَّ مَجْعَمِ(1) *
أي جَعِموا إلى الشّرّ كما يُقْرَم إلى اللَّحم. هذا ما ذكره الخليل. فأما أبو بكر فإنَّه ذكر ما أرجو أن يكون صحيحاً، وأُرَاه قد أملاه كما ذكره حِفْظاً، فقال: جَعِم يَجْعَمُ جَعَماً، إذا لم يشْتهِ الطَّعام. قال: وأحسبه من الأضداد: لأنَّهُم ربما سَمَّوْا الرّجُل النَّهِمَ جَعِماً(2). قال: ويقال جُعِمَ فهو مجعُومٌ إذا لم يشتَهِ أيضاً.
جعن - جعب - جعد
هذا قول أبي بكر، واللغاتُ لا تجيء بأحْسِب وأظن. فأمّا قوله جَعَمْتُ البعير مثل كَعَمْتُه(3). فلعلَّه قياس في باب الإبدال استَحْسَنَه فجعله لغةً. والله أعلمُ بصحته.
(جعن) الجيم والعين والنون شيءٌ لا أصْل له. وجَعْوَنة: اسم موضع. كذا قاله الخليل.
(جعب) الجيم والعين والباء أصلٌ واحد، هو الجَمْع. قال ابن دريد: جَعَبْتُ الشيء جَعْباً. قال: وإنما يكون ذلك في الشيء اليسير. وهذا صحيح. ومنه الجَعْبَةُ وهي كِنانة النُّشّاب. والجِعَابة صَنْعةُ الجِعَاب؛ وهو الجَعَّاب؛ وفعلُه جَعَّب يُجَعِّبُ تجعيباً. ويقال الجِعِبَّى والجِعِبَّاء: سافلة الإنسان. وقد أنشد الخليل فيه بيتاً كأنَّه مصنوع، وفيه قَذَعٌ، فلذلك لم نذكره.
ومما شذَّ عن الباب الجُعَبَى: ضَرْبٌ من النَّمْل، وهو من قياس الجُعْبوب الدنِيِّ من الناس؛ لأنّه متجمّع للُؤْمه، غير منبسط في الكرم.
__________
(1) ديوان العجاج 61 واللسان (جعم). وقبله:
* نوفي لهم كيل الإناء الأعظم *
(2) الكلام في الجمهرة (2: 103).
(3) في الجمهرة: "مثل كعمته سواء، إذا جعلت على فيه ما يمنعه من الأكل".(1/411)
(جعد) الجيم والعين والدال أصلٌ واحد، وهو تقبُّض في الشيء. يقال شعر جَعْدٌ، وهو خِلاف السَّبْط. قال الخليل: جَعُدَ يَجْعُد جُعُودةً، وجَعَّده صاحبُه تجعيداً. وأنشد:
قد تيَّمَتْنِي طفلةٌ أُملودُ
بفاحمٍ زَيّنَهُ التَّجعيدُ(1)
ومما يُحمَل على هذا الباب قولهم نبات جَعْدٌ، ورجلٌ جَعْدُ الأصابع، كناية عن البُخْل. فأمّا قول ذي الرمة:
جعر - جعس - جعش
* واعتَمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخراطيمُ(2) *
فإنّه يريد الزَّبَد الذي يتراكم على خَطْم البَعير بعضُه فوقَ بعض. وهو صحيحٌ من التّشبيه. فأمّا قولهم للذئب "أبو جَعْدَة" فقيل كُنِّي بذلك لبُخْله وهذا أقرَبُ من قولهم إنّ الجَعْدة الرّخلة(3) وبها كُنّي الذئب. والجَعْدة نبات، ولعلَّه نبَتَ جَعْداً.
(جعر) الجيم والعين والراء أصلان* متباينان: فالأوّل ذُو البَطْن، يقال رجل مِجْعَارٌ. وجَعَر الكَلْبُ جَعْراً يَجْعَرُ. والجاعرتان حيث يُكْوَى من الحمار من مؤخّره على كاذَتَيْ فخِذَيْه. وبنو الجَعْراء من بني العنبر، لقبٌ لهم. وقال دريد(4):
ألا سائل هوازِنَ هل أتاها
بما فعلَتْ بِيَ الجَعْراءُ وَحْدِي
والثاني: الجِعَار الحَبْل الذي يَشُدُّ به المستقِي من البئر وَسَطَه، لئلاّ يقع في البِئْر. قال:
ليس الجِعارُ مانِعي من القَدَرْ
ولو تَجَعَّرْتُ بمحبُوكٍ مُمَرّ(5)
(جعس) الجيم والعين والسين يدلُّ على خساسةٍ وحقارة ولُؤْم.
__________
(1) الشطران في اللسان (جعد).
(2) كلمة "الجعد" ساقطة من الأصل. وإثباتها من الديوان 575 واللسان (جعد). وصدره:
تنجو إذا جعلت تدمى أخشتها
واعتم بالزبد الجعد الخراطيم
(3) الرخلة، بالكسر، وبفتح فكسر: الأنثى من ولد الضأن.
(4) في الأصل: "وقال ابن دريد". والبيت في الجمهرة (2: 78) برواية: "ألا أبلغ بني جشم بن بكر" ونسب البيت في تعليقات الجمهرة إلى دريد بن الصمة.
(5) البيتان في اللسان والجمهرة.(1/412)
(جعش) الجيم والعين والشين قياسُ ما قَبْلَهُ.
جعظ - جفل
(جعظ) الجيم والعين والظاء أصلٌ واحد يدلُّ على سوء خلُق وامتناعٍ [و] دفع. يقال رجل جَعْظٌ سَيِّئُ الخُلُق. وجَعظْتُه عن الشيء: دفعتُه، وكذلك أجعَظْته. قال: ... ... * والجُفْرتين مَنَعوا إجْعَاظَا(1) *
يقول: دفعوهم عنها(2). فأمّا (الجيم والغين معجمة) فلا أصل لها في الكلام. والذي قاله ابن دريد في الجَغْب أنّه ذُو الشَّغَبِ(3)، فجنسٌ من الإبدال يولِّدهُ ابنُ دريد ويستعمِلُه.
(باب الجيم والفاء وما يثلثهما في الثلاثي)
(جفل) الجيم والفاء واللام أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء، وقد يكون بعضُه مجتمعاً في ذَهاب أو فِرار. فالجفْل: السَّحاب الذي هَرَاقَ ماءَه. وذلك أنّه إذا هَرَاقه انجفَلَ(4) ومَرّ. وريحٌ مُجْفِلٌ وجافِلَةٌ، أي سريعةُ المَرّ. والجُفال: ما نفاه السَّيلُ من غثائِه. ورُوي عن رؤبةَ الشّاعر أنّه كان يقرأ: { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَالاً(5) } [الرعد 17]. ويقال انجفَلَ الناسُ إذا ذَهَبوا. والجَفَلَى: أن تدعُوَ النّاسَ إلى طعامك عامّةً، وهي خلاف النَّقَرَى. قال طَرَفة:
جفن - جفو
__________
(1) وكذا أنشده في المجمل. وفي الجمهرة (2: 100) وديوان العجاج 81: "تركوا إجعاظاً". ورواية اللسان: "أجعظوا إجعاظاً".
(2) في الأصل: "دفعوه عنها".
(3) في الأصل: "الشعب" تحريف. ونص ابن دريد في الجمهرة: (1: 211): "والجغب من قولهم رجل شغب جغب. وجغب إتباع، لا يتكلم به على انفراد، كما قالوا عطشان نطشان". ولم يتعرض لهذا في المجمل، إذ قال: "الجغب الرجل الشغب".
(4) في الأصل: "الجفل".
(5) من الآية 17 في سورة الرعد. وقراءة رؤبة هذه من القراءات الشاذة؛ نبه عليها ابن خالويه في كتابه 66، قال:" فيذهب جفالاً باللام رؤبة بن العجاج. قال أبو حاتم: ولا يقرأ بقراءته لأنه كان يأكل الفأر". وانظر لأكل رؤبة الجرذان، ما في الحيوان (4: 44/ 5: 253/ 6: 385).(1/413)
نحنُ في المَشتاةِ ندعُو الجَفَلَى
لا تَرى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ(1)
وظليمٌ إجْفِيلٌ: يَهْرُبُ من كلِّ شيء؛ وذلك أنّه يجمع نَفْسَه إذا هَرَب ويجفُِل وبه سُمِّي الجَبانُ إجْفِيلاً. ويقال لِلَّيل إذا وَلّى وأدبر انجفَلَ(2).
قال الخليل: الجُفَالة من الناس الجماعةُ جاؤوا أو ذَهَبوا. ويقال أخذ جُفْلَةً من صُوفٍ، أي جُزَّة منه. والجُفَال: الشعر المجتمع الكثير. قال ذو الرمة:
* على المتْنَيْنِ مُنْسَدِلاً جُفَالا(3) *
(جفن) الجيم والفاء والنون أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يُطِيفُ بشيءٍ ويَحْوِيه. فالجَفنُ جَفْنُ العين. والجَفْن جفن السَّيْف(4).وجَفْن: مكان (5). وسمِّي الكَرْم جَفْناً لأنه يَدُورُ على ما يَعْلَق به. وذلك مُشاهَدٌ.
(جفا) الجيم والفاء والحرف المعتل يدلُّ على أصلٍ واحد: نبوّ الشيء عن الشيء. من ذلك جفَوْتُ الرّجُلَ أجْفُوه، وهو ظاهر الجِفْوة أي الجَفَاء. وجَفَا السَّرْجُ عن ظهر الفَرَس وأجفيته أنا. وكذلك كلُّ شيءٍ إذا لم يَلْزَم [شيئاً] يقال جَفَا عنه يَجفُو. قال أبو النَّجم يصف راعِياً:
صُلْبُ العصا جافٍ عن التغَزُّلِ
كالصَّقرِ يَجْفُو عن طِرَادِ الدُّخَّلِ
جفر
يقول: لا يُحسِن مُغازَلة النساء، يجفُو عنهن كما يَجْفُو الصّقْر عن طراد الدُّخَّل، وهو ابن تَمْرة. والجَفاء: خلاف البِرّ(6). والجُفَاء: ما نفاه السَّيل، ومنه اشتقاق الجَفَاء.
__________
(1) ديوان طرفة 68 والمجمل واللسان.
(2) في الأصل: "الجفل".
(3) صدره كما في ديوانه 435 واللسان (جفل) .
* وأسحم كالأساود مسبكرا *
... وفي اللسان: "وأسود" بدل "وأسحم".
(4) في الأصل: "الشيء"، تحريف.
(5) أنشد ياقوت لمحمد بن عبد الله النميري:
طربت وهاجتك المنازل من جفن
ألا ربما يعتادك الشوق بالحزن
ج
(6) في الأصل: "الشر"، صوابه في المجمل واللسان.(1/414)
جفووقد اطّرد هذا الباب حتى في المهموز، فإنه يقال جَفأتُ الرجلَ إذا صرَعْتَه فضربتَ به الأرض. واجتفَأْتُ البقْلَةَ إذا أنت اقتلعتها من الأرض. وأجْفَأَتِ القِدْرُ بزَبَدها إذا ألْقَتْه، إجْفاءً. ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما لم تصطبِحُوا أو تغتبِقُوا أو تجْتَفِئوا بها بَقْلاً"، في رواية من يرويها بالجيم.
ومن هذا الباب تجَفَّأَت البلادُ، إذا ذَهب خَيْرُها. وأنشد:
*ولما رأت أنَّ البلادَ تجفَّأَتْ
تشكّتْ إلينا عَيْشَها أمُّ حَنْبَلِ(1)
أي أُكِل بَقْلُها.
(جفر) الجيم والفاء والراء أصلان: أحَدهما نعت شيءٍ أجوف، والثاني تَرْك الشيء.
فالأوّل الجَفْر: البئر التي لم تُطْوَ. ومما حمل عليه الجَفْر من وَلَد الشاة ما جَفَرَ جَنْبَاهُ إذا اتَّسعا، ويكون الجَفرَ حتى يُجذِع(2). وغُلامٌ جَفْرٌ من هذا. والجَفِيرُ كالكِنانَة، إلا أنه أوسع منها، يكون فيه نُشّابٌ كثير. وفرسٌ مُجْفَر، إذا كان عظيم الجُفْرَة، وهي وسطه.
وأما الأصل الثاني فقولهم أجْفَرْت الشيء قطعتُه، وأجْفَرَني مَن كان يزُورُني.
جفز - جلم
وأجْفَرْتُ الشيءَ الذي كنت أستعمله، أي تركته. ومن ذلك جَفَرَ الفحلُ عن الضِّراب، إذا امتنع وترك. وقال:
وقد لاحَ للساري سُهَيْلٌ كأنّه
قَريعُ هِجانٍ يَتْبَعُ الشَّوْلَ جافِرُ(3)
__________
(1) البيت في المجمل.
(2) أجذع: صار جذعاً، وهو الذي أتى عليه الحول. وفي الأصل: "يخدع" محرف.
(3) البيت لذي الرمة في ديوانه 243 وفي اللسان (جفر): "وقد عارض الشعرى سهيل".
(1/415)
(جفز) الجيم والفاء والزاء لا يصلح أن يكون كلاماً إلا كالذي يأتي به ابنُ دريد، من أنّ الجَفْزَ السرعة(1). وما أدري ما أقول. وكذلك قوله في الجِفْس وأنّه لغة في الجِبْس(2). وكذلك الجَفْس وهو الجمع(3).
(باب الجيم واللام وما يثلثهما)
(جلم) الجيم واللام والميم أصلان: أحدهما القَطْع، والآخر جمْع الشيء.
فالأوّل جلَمْتُ السَّنَام قطعتُه. والجَلَم معروفٌ، وبه يُقطَع أو يجَزُّ.
والآخر قولهم: أخذت الشيء بجَلَمَتِه أي كلّه. وجَلمةُ الشاة(4) مسلوخَتُها إذا ذهبَتْ منها أكارِعُها وفُصُولها. ويقال إنّ الجِلام الجِدَاءُ في قول الأعشى:
سَوَاهِمُ جُِذْعانُها كالجِلاَ
مِ قَدْ أقْرَحَ القَوْدُ منها النُّسُورَا(5)
وهذا لعلّه يصلح في الثاني، أو يكونُ شاذّاً.
جله - جلو
(جله) الجيم واللام والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انكشافِ الشيء. فالجَلَه انحسارُ الشَّعَْر عن جانِبَي الرَّأس. قال رؤبة:
لمّا رأتني خَلَقَ المُمَوَّهِ
بَرَّاقَ أصْلادِ الجبينِ الأَجْلَهِ(6)
وجَلْهتا الوادِي: ناحيتاه، إذا كانت فيهما صلابةٌ. وذلك مشتقّ من قولهم جَلَهتُ الحَصَى عن المكان، إذا نَحَّيْتَه.
__________
(1) نص الجمهرة (2: 90): "والجفز السرعة في المشي لغة يمانية لا أدري ما صحتها".
(2) في الجمهرة (2: 93): "الجفس لغة في الجبس، وهو الضعيف الفدم".
(3) نص الجمهرة (2: 96): جفشت الشيء أجفشه جفشا، إذا جمعته. لغة يمانية".
(4) في الأصل: "الشيء"، صوابه في اللسان والمجمل.
(5) في الأصل: "النور"، صوابه في ديوان الأعشى واللسان (جلم، نسر).
(6) ديوان رؤبة 165 واللسان (صلد، جله، موه).(1/416)
(جلو) الجيم واللام والحرف المعتل أصلٌ واحد، وقياسٌ مطّرد، وهو انكشاف الشيء وبروزُه. يقال جَلَوْتُ العروسَ جَلْوَةً وجَلاَءً(1)، وجَلَوْت السيف جَلاءً. وقال الكسائيّ: السماء جَلْواءُ أي مُصْحِية. ويقال تجلَّى الشيءُ، إذا انكشَفَ. ورُجلٌ أُجْلَى، إذا ذهب شَعَْر مقدّم رأسِه، وهو الجَلا. قال:
* مِنَ الجَلاَ ولائح القَتِيرِ(2) *
ومن الباب: جَلاَ القومُ عن منازلهم جَلاءً، وأجْليْتُهمْ أنا إجْلاءً. ويقولون: هو ابن جلاَ، إذا كان لا يَخْفَى أمرُهُ لشُهرته. قال:
أنا ابنُ جَلاَ وطَلاّعُ الثَّنَايا
متى أضعِ العمامةَ تَعْرِفُوني(3)
ويقال جلاَ القَومُ وأجْليْتُهم أنا، وجلَوْتُهم. قال أبو ذؤيب:
جلب
فلما جَلاها بالأُيَامِ تحيَّزَتْ
ثُبَاتٍ عليها ذُلُّها واكتئابُها(4)
(جلب) الجيم واللام والباء [أصلان]: أحدهما الإتيان بالشيء من موضعٍ إلى موضع، والآخر شيءٌ يغَشّي شيئاً.
فالأوّل قولهم جَلَبْت الشيءَ جلبا. قال:
أُتيح له من أرضِهِ وسمائه
وقد تَجلُِبُ الشيءَ البعيدَ الجوالِبُ(5)
__________
(1) ضبطت في الأصل بفتح الجيم. ونص في القاموس أنها ككتاب، وبذلك ضبطت في اللسان ضبط قلم.
(2) البيت في اللسان (جلا 185) برواية "مع الجلا" وهي الصواب. وهو من أرجوزة للعجاج في ديوانه 26 وأراجيز العرب 85. وقبل البيت:
* وهل يرد ما خلا تخبيري *
(3) البيت لسحيم بن وثيل الرياحي، من قصيدة في الأصمعيات 73. وانظر الخزانة (1: 123) واللسان (جلا). وقد سبق في مادة (بنو) ص303. وقد نسبه في المجمل إلى القلاخ بن حزن.
(4) في الأصل: "فلما جلوها" تحريف، صوابه في المجمل واللسان (جلا)، كما سبق إنشاده على الصواب الذي أثبت في مادة (أيم 166). وروي في الديوان 79: "فلما اجتلاها"، وقد نبه على هذه الرواية صاحب اللسان.
(5) وكذا أنشده في المجمل بدون نسبة، ولم يروه في اللسان.(1/417)
والجَلَب الذي نُهي عنه في الحديث: أن يَقْعُد السَّاعِي عن إتيان أرباب الأموال في مياههم لأخذ الصدقات، لكن يأمرُهم بجلب نَعَمهم، فيأخذ الصدقاتِ حينئذ. ويقال بل ذلك في المسابقة، أن يهيِّئ الرجل رجلاً يُجَلِّبُ على فرسه عند الجري فيكون أسرعَ لمن يُجَلَّبُ عليه(1).
والأصل الثاني: الجُلْبة، جلدةٌ تُجعل على القَتَب. والجُلْبة القِشْرة على الجرْح إذا بَرَأَ. يقال جلَبَ الجُرْحُ وأجْلَبَ. وجُِلْبُ الرَّحْلِ عيدانُهُ(2)؛ فكأنه سمّي بذلك على القُرْب. والجُِلْب: سَحابٌ* يعترضُ رقيقٌ، وليس فيه ماءٌ(3).
قال أبو عَمرو: الجُلبَة(4) السحاب الذي كأنه جبل، وكذلك الجُِلْب. وأنشد:
جلج - جلح
ولستُ بجِلْب جِلْبِ ريحٍ وقِرَّةٍ
ولا بصَفاً صَلْدٍ عن الخيرِ مَعْزِلِ(5)
ومن هذا اشتقاق الجِلباب، وهو القميص، والجمع جلابيب. وأنشد:
تمشي النُّسورُ إليه وهي لاهية
مَشْيَ العذَارَى عليهن الجلاليبُ(6)
يقول: النسور في خلاءٍ ليس فيه شيءٌ يَذْعَرُها، فهي آمنةٌ لا تَعْجَل.
(جلج) الجيم واللام والجيم ليس أصلاً؛ لأنّ فيه كلمتين. قال ابن دريد: الجَلَج شبيه بالقَلَق (7). فإنْ كان صحيحاً فالجيم مبدلةٌ من القاف. والكلمة الأخرى الجَلَجَة الرأس؛ يقال على كلِّ جَلَجةٍ في القِسْمة كذا. وهذا ليس بشيءٍ، ولعله بعض ما يعرَّب من لغةٍ غير عربيّة.
__________
(1) التجليب: أن يصيح به من خلفه ويستحثه للسبق.
(2) بضم الجيم وكسرها. وفي المجمل: "وجلب الرحل عيدانه ضماً وكسراً".
(3) في الأصل: "أو ليس فيه ماء"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) وكذا ورد في المجمل بهذا الضبط. وفي القاموس: "والجلبة بالضم القشرة تعلو الجرح عند البرء. والقطعة من الغيم".
(5) البيت لتأبط شراً في اللسان (جلب).
(6) البيت لجنوب أخت عمرو ذي الكلب ترثيه. انظر الحيوان (2: 185/ 6: 329).
(7) نص الجمهرة (3: 188): "والجلج شبيه بالقلق زعموا".(1/418)
(جلح) الجيم واللام والحاء أصلٌ واحد، وهو التجرُّد وانكشافُ الشيء عن الشيء. فالجَلَح ذهابُ شَعَْر مقدّم الرأس، ورجلٌ أجْلَح. والسّنُونَ المجاليحُ اللواتي تَذْهَب بالمال. والسيل الجُلاح: الشَّديدُ يجرِف كلَّ شيء، يذهبُ به. ويقال جَلَحَ المالُ الشّجَرَ يجْلَحُه جَلْحاً إذا أكَلَ أعلاه، فهو مجلوح. والأجلح من الهوادج الذي لا قُبَّة له. فهذا هو القياس المطرد.
وممّا يُحمَل عليه قولهم فلان مُجَلِّح، إذا صمَّم ومَضَى في الأمر مثل تجليح الذِّئب، وهذا لا يكون إلاّ بكشف قِناع الحياء. ومنه التجليح في السَّير، وهو
جلخ - جلد
الشديد؛ وذلك أنّه تجرُّدٌ له (1) وانكماشٌ فيه. وفيه النَّخْلة المِجْلاح التي لا تبالي القَحْط. والنَّاقةُ المجلاح التي تَدُِرّ في الشّتاء. وهو من الباب، كأنها صلبةٌ، صلبةُ الوجه، لا تبالي الشدّة.
(جلخ) الجيم واللام والخاء ليس أصلاً، ولا فيه عربيّةٌ صحيحة(2). فإن كان شيءٌ فالخاء مبدلةٌ من حاءٍ. وقد مضى ذكره.
(جلد) الجيم واللام والدال أصلٌ واحد وهو يدلُّ على قوّةٍ وصلابة. فالجِلْدُ معروفٌ، وهو أقوى وأصلَبُ ممّا تحته من اللحم. والجَلَد صلابة الجِلد. والأجلاد: الجسم؛ يقال لجِسم الرّجُل أجلادُهُ وتجاليده. والمِجْلَد: جِلدٌ يكون مع النّادبة تضرِب [به] وجْهَها عند المناحة. قال:
خرجْنَ جريراتٍ وأبدَيْنَ مِجْلَداً
وجالَتْ عليهن المكتَّبةُ الصُّفْرُ(3)
والجَلَدُ فيه قولان: أحدهما أن يُسلخ جِلدُ البعير وغيرُه فيُلْبَسُهُ غَيرَه من الدّوابّ. قال:
* كأنَّه في جَلَدٍ مُرَفَّلِ(4) *
__________
(1) في الأصل: "يتجرد له".
(2) كذا. يريد كلمة عربية صحيحة.
(3) البيت للفرزدق في ديوانه 217 واللسان (جرر) .
(4) للعجاج يصف أسداً. انظر ديوانه 48 واللسان ( جلد). وقبله:
* وكل رئبال خضيب الكلكل *(1/419)
والقول الثاني أن يُحشَى جِلد الحُِوار ثُماماً أو غيرَه، وتُعطَفَ عليه أمُّه فتَرأمَه. وقال العجّاج:
وقد أُراني للغَواني مِصْيَدا
مُلاوَةً كأنَّ فَوقِي جَلَدَا(1)
جلذ
يقول: إنَّهنّ يرأمْنَني ويعطِفْن عليَّ كما تَرأمُ الناقة الجَلَد.
وكان ابنُ الأعرابيّ يقول: الجِلْد والجَلَد واحد، كما يقال شِبْه وشَبَه. وقال ابن السكيت: ليس هذا معروفاً. ويقال جَلَّدَ الرّجُلُ جزوره إذا نَزَع عنها جِلدَها. لا يقال سَلَخَ جَزوره. ويقال فرس مجلَّد إذا كان لا يجزع من ضرب السَّوط. ويقال ناقةٌ ذات مجلودٍ إذا كانت قويّةً. قال:
مِن اللَّواتي إذا لانَتْ عريكتُها
يبقى لها بعدها آلٌ ومَجْلُودُ(2)
ويقال إنّ الجَلَد من البُعْران(3) الكبار لا صِغارَ فيها. والجَلَد: الأرض الغليظة الصلبة. والجِلاد من الإبل تكون أقلَّ لبَناً من الخُور(4)، الواحدة جلدة.
(جلذ) الجيم واللام والذال يدلّ على ما يدلّ عليه ما قبله من القوّة. فالجِلْذَاءَةُ: الأرض الغليظة الصُّلبة. والجُلْذِيّة: الناقة القويّة السريعة. والجُلْذِيُّ: السَّير القويّ السريع. قال:
* لتَقْرُبِنَّ قَرَباً جُلْذيَّا(5) *
وأمّا قول ابنِ مقْبِل:
ضرب النّواقيس فيه ما يفَرِّطه
أيدِي الجَلاذِي وجُون ما يُعفِّينا(6)
فإنه يذكر نصارى. والجَلاذِيّ قومه وخُدّامه. قال ابنُ الأعرابي: إنما سُمِّي جُلْذِيّاً لأنّه حَلَقَ *وسط رأسِه، فشبّه ذلك الموضعُ بالحجر الأملس، وهو الجُلْذِي.
جلس
__________
(1) ديوان العجاج 15 واللسان (جلد).
(2) البيت في اللسان (جلد). وقد سبق في مادة (أول) ص161.
(3) في الأصل: "من البعير".
(4) في الأصل: "حور" تحريف. والخور: جمع خوارة غير قياس، وهي الغزيرة اللين.
(5) البيت لابن ميادة. اللسان (جلد) والخزانة (4: 59). وأنشده في (هيا) بدون نسبة.
(6) البيت في اللسان (جلذ).(1/420)
قال ابن الأعرابيّ: ولم نزل نظُن أن الجُونَ الحمامُ في هذا البيت، ما يعفّين من الهدير، حتى حُدِّثْت عن بعض ولدِ ابن مُقبْل أنّ الجُون القناديل، سمِّيت بذلك لبياضِها. ما يعفِّين: ما يَنْطَفِين. وما يفرِّط هؤلاء الخُدّام في قرع النَّوَاقيس. ويقال اجلوَّذَ، إذ أسْرَع.
(جلس) الجيم واللام والسين كلمةٌ واحدة وأصل واحد، وهو الارتفاع في الشيء، يقال جَلَسَ الرجُل جُلوساً، وذلك يكون عن نَومٍ واضطجاع؛ وإذا كان قائماً كانت الحال التي تخالفها القُعود. يقال قام وقعد، وأخذه المُقِيمُ والمُقْعد. والجِلْسة: الحال التي يكون عليها الجالس، يقال جلس جِلْسةً حسنة. والجَلْسة المرّة الواحدة. ويقال جَلَس الرّجُل إذا أتَى نَجْداً؛ وهو قياس الباب، لأنّ نَجْداً خلاف الغور، وفيه ارتفاع. ويقال لنَجْدٍ: الجَلْس. ومنه الحديث: "أنّه أعطاهم مَعَادِنَ القَبَلِيَّة غَوْريَّها وجَلْسيَّها(1)". وقال الهذلي(2):
إذا ما جَلَسْنَا لا تزال تَنُوبنا
سُلَيمٌ لدى أبياتنا وهَوازِنُ(3)
وقال آخر:
* وعن يمين الجالس المُنجِدِ(4) *
وقال (5):
جلط - جلع - جلف
قُلْ للفرزْدَق والسَّفَاهةُ كاسْمِها
إن كنتَ كارِهَ ما أمَرْتُكَ فاجْلِسِ(6)
__________
(1) وكذا النص في المجمل. لكن في معجم البلدان (رسم القبيلة): "هذا ما أعطى محمد رسول الله بلال بن الحارث، أعطاه معادن القبلية غوريها وجلسيها". وانظر الإصابة 730.
(2) هو المعطل الهذلي. وقصيدة البيت التالي في مخطوطة الشنقيطي من الهذليين 108.
(3) في الأصل: "لدى أبياتها" صوابه من مخطوطة الشنقيطي للهذليين.
(4) صدره كما في اللسان (جلس) ومعجم البلدان (الجلس):
* شمال من غار به مفرعا *
(5) في الأصل: "وقال أخي" وكلمة "أخي" مقحمة. وفي المجمل "وقال" فقط.
(6) نسب البيت في اللسان إلى عبد الله بن الزبير، أو مروان بن الحكم، وبهذه النسبة الأخيرة جاء في معجم البلدان.(1/421)
يريد ائت نجداً. قال أبو حاتم: قالت أمّ الهيثم: جَلَستِ الرّخَمة إذا جَثَمَتْ. والجلْس: الغلَظ من الأرض. ومن ذلك قولهم ناقةٌ جَلْس أي صُلبة شديدة. فهذا البابُ مطّردٌ كما تراه. فأمّا قول الأعشى:
لنا جُلَّسَانٌ عندها وَبَنَفْسَجً
وَسِيسَنْبَرٌ والمَرْزَجُوشُ مُنَمْنَما(1)
فيقال إنّه فارسيّ، وهو جُلْشَان(2)، نِثارُ الوَرْد.
(جلط) الجيم واللام والطاء أصلٌ على قِلّته مطّرد القياس، وهو تجرُّد الشّيء. يقال جلَطَ رأسه إذا حَلَقه، وجَلَط سَيفَه إذا سَلَّه.
(جلع) الجيم واللام والعين أصلٌ واحد، وهو قريبٌ من الذي قبله. يقال للمرأة القليلة الحياء جلِعَة، كأنها كشفَتْ قِناع الحياء. ويقال جَلِعَ فَمُ فلانٍ، إذا تقلَّصَتْ شفتُه وظهرتْ أسنانهُ.
قال الخليل: المُجالَعة: تنازُعُ القومِ عند شُرْبٍ أو قسمةٍ. قال:
* ولا فاحش عند الشَّرابِ مجالع(3) *
(جلف) الجيم واللام والفاء أصلٌ واحدٌ يدلّ على القطع وعلى القَشْر. يقال جلَفَ الشّيءَ جَلْفاً، إذا استأصله؛ وهو أشدُّ من الجَرْف. ورجل مُجَلَّف جلَّفه الدّهرُ أتى على ماله. وهو قول الفرزدق:
جلق - جمن
وعَضُّ زمانٍ يابنَ مَرْوانَ لم يَدَعْ
مِن المال إلاَّ مُسْحَتاً أوْ مُجَلَّفُ(4)
__________
(1) ديوان الأعشى 200 واللسن (جلس). ورواية الديوان: "لنا جلسان عندها".
(2) انظر معجم استينجاس 1094 والمعرب للجواليقي 105.
(3) أنشد هذا الشطر في اللسان (جلع)، مع ضبط الروي بالكسر.
(4) البيت من قصيدته المشهورة التي مطلعها:
عزفت بأعشاش وما كدت تعزف
وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف
... وفي الديوان 556: "أو مجرف" بالراء، ويبدو أنها صواب الرواية، لأن "مجلف" قد وردت في القصيدة قافية لبيت آخر، هو:
وحتى مشى الحادي البطيء يسوقها
لها نحص دام ودأي مجلف
... وللنحويين كلام في هذا البيت. انظر الخزانة (2: 347) والإنصاف 121 ونزهة الألباء 14 والشعراء لابن قتيبة 299 طبع ليدن وشرح المفضليات للأنباري 395.(1/422)
والجِلْفَة: القِطعة من الشيء. والجِلْف المسلوخة بلا رأسٍ ولا قوائم- ولذلك يقولون هو جِلْفٌ جَافٍ- وسمِّي بذلك لأنَّ أطرافه مقطوعة.
(جلق) الجيم واللام والقاف ليس أصلاً ولا فَرعاً. وجِلَّق: بلد، وليس عربياً. قال:
لِلهِ دَرُّ عِصابةٍ نادمتُهم
يوماً بِجِلَّقَ في الزَّمانِ الأوّلِ(1)
(باب الجيم والميم وما يثلثهما)
(جمن) الجيم والميم والنون ليس فيه غير الجُمان، وهو الدرُّ. قال المسيّب(2):
كجُمانةِ البَحْرِيّ جَاءَ بِها
غَوّاصُها مِن لُجَّةِ البَحْرِ
جمي - جمح
(جمي) الجيم والميم والحرف المعتل كلمةٌ واحدة، وهو الجمَاءُ، وهو الشَّخص. وربّما ضُمّت الجيم. قال:
* وقُرْصَةٍ مثلِ جَُمَاء التُّرْسِ(3) *
(جمح) الجيم والميم والحاء أصلٌ واحد مطَّرد، وهو ذَهاب الشّيء قُدُماً بغَلَبةٍ وقُوَّة. يقال جَمَح الدّابةُ جِماحاً إذا اعتَزَّ فارسَه حتَّى يغلِبَه. وفرس جَموح. قال:
سَبُوحٌ جَمُوحٌ وإحضارُها
كمعمعة السَّعَف المُوقدِ(4)
__________
(1) البيت لحسان في ديوانه 308 واللسان (جلق) والمعرب للجواليقي 101.
(2) قصيدة البيت التالي مختلف في نسبتها إلى المسيب بن علس، وإلى الأعشى. وهي في ديوان الأعشى (نسخة رامبور بالهند) كما نبه العلامة الميمني في حواشي الخزانة (3: 216 سلفية). وقد وردت في نسخة (جابر) منسوبة إلى المسيب مخرومة مبتورة. وقد علل البغدادي هذا الخلاف بما نقله: "كان الأعشى راوية المسيب بن علس والمسيب خاله. وكان يطرد شعره ويأخذ منه".
(3) قبله، كما في اللسان (جمى):
* يا أم سلمى عجلي بخرس *
(4) نسب إلى امرئ القيس في اللسان (جمح) برواية "جموحاً مروحا".(1/423)
وجَمَحَ الصَّبيُّ الكعبَ بالكعبِ، إذا رماه حتَّى يُزيلَه عن مكانه. وفي هذه نظر، لأنها تقال بغير هذا اللفظ، وقد ذكرت(1). والجُمَّاحُ: سَهم يُجْعَلُ على رأسه طِينٌ كالبُنْدُقة يَرْمي به الصّبيان. قال:
هلْ* يُبْلِغَنِّيهِمْ إلى الصّباحْ
هِقْلٌ كأنَّ رَأْسَه جُمَّاحْ(2)
قال بعض أهل اللغة : الجَمُوح الرَّاكبُ هواه. فأمّا قوله تعالى: { لَوَلَّوْا إلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } [التوبة 57]، فإنّه أراد يَسْعَون. وهو ذاك. وقال:
خلعْتُ عِذارِي جامحاً ما يَرُدُّني
عن البيض أمثَالِ الدُّمَى زَجْرُ زاجرِ(3)
جمخ - جمد - جمر
وجَمَحَتِ المرأةُ إلى أهلها: ذهبَتْ من غير إذْن.
(جمخ) الجيم والميم والخاء كلمة واحدة لعلّها في باب الإبدال. يقولون جامَخْت الرجل فاخَرْتُه. وإنما قلنا إنّها من باب الإبدال لأنَّ الميم يجوز أن يكون منقلبةً عن فاء، وهو الجَفْخُ والجخف بمعنىً.
(جمد) الجيم والميم والدال أصلٌ واحد، وهو جُمُود الشيء المائع من بردٍ أو غيره. يقال: جمَدَ الماء يجْمُد. وسنَةٌ جَمادٌ قليلة المطر. وهذا محمولٌ على الأوَّل، كأنَّ مطرها جَمَدَ. وكان الشّيباني يقول: الجماد الأرض لم تمْطرْ. ويقول العرب للبخيل: "جَمادِ له"، أي لا زال جامدَ الحال، وهو خلاف حَمَادِ. قال المتلمّس:
جَمَادِ لها جَمَادِ ولا تقولي
لها أبداً إذا ذُكِرتْ حَمَادِ(4)
__________
(1) أي يقال "جبح" بالباء بدل الميم. ولم ترد هذه المادة في المقاييس، وقد ذكرت في المجمل.
(2) نسب إلى راجز من الجن في اللسان (جمح).
(3) البيت في المجمل واللسان (جمح).
(4) ديوان المتلمس 7 مخطوطة الشنقيطي واللسان (جمد). وفي اللسان: "ولا تقولن". ونبه على رواية أخرى، وهي:
حماد لها حماد ولا تقولي
طوال الدهر ما ذكرت جماد(1/424)
(جمر) الجيم والميم والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على التجمُّع. فالجمر جمر النّار معروف، الواحد جمرة. والجمّارُ جمّار النخل وجَامُورُهُ أيضاً، وهي شَحْمَةُ النَّخْلة. ويقال جَمَّرَ فلانٌ جيشَه إذا حَبَسَهم في الغَزْوِ ولم يُقْفلْهُمْ(1) إلى بلادهم. وحَافِرٌ مُجْمَرٌ وقَاحٌ صُلْبٌ مجتمع. والجَمَرات الثلاثُ اللّوَاتي بمكّة يُرْمَيْنَ من ذلك أيضاً، لتَجَمُّعِ ما هناك من الحصى.
وأمّا جمرت العرب فقال قوم: إذا كان في القَبيل ثلاثمائة فارسٍ فهي جَمْرَةٌ. وقال قوم: كلُّ قبيلٍ انضمُّوا وحاربوا غيرَهُم ولم يُحالفوا سواهم فهُمْ جمْرة.
جمز
وكان أبو عبيدٍ يقول: جَمَراتُ العرب ثلاث: بنو ضَبَّة بن أُدّ، وبنو نُمير ابن عامر، وبنو الحارث بن كعب، فطَفِئَتْ منهم جمرتان، وبقيت واحدة، طَفِئَت ضبّة لأنها حَالفت الرِّباب، وطَفِئَتْ بنو الحارث لأنّها حالفت مَذْحِجاً، وبقيت نُميرٌ لم تَطْفَأ، لأنّها لم تُحَالِفْ.
ويقال: جَمّرَتِ المرأةُ شَعَْرها، إذا جمَعَتْهُ وعَقَدَتْهُ في قفائها(2). وهذا جميرُ القوم أي مجتَمِعُهم. وقد أجْمَرَ القوم على الأمر اجتَمَعُوا. وابنُ جَميرٍ: اللّيلُ المظلم.
(جمز) الجيم والميم والزاء أصلٌ واحد، وهو ضَرْبٌ من السَّير. يقال: جَمَزَ البَعيرُ جَمْزاً(3) وهو أشَدُّ من العَنَق. وسُمِّيَ بَعير النَّجَاشيِّ (4) جمّازاً، لسُرْعة سَيره. قال:
أنا النَّجاشيُّ على جَمَّازِ
حَادَ ابنُ حَسّانٍَ عن ارتجازِي(5)
وحِمَارٌ جَمَزَى أي سريع. قال:
__________
(1) يقفلهم: يرجعهم. وفي الأصل: "يقلفهم"، تحريف.
(2) الفقاء، بالمد : لغة في القفا. قالوا: ولذلك جمع على أقفية.
(3) ويقال جمزى، أيضاً بالتحريك والقصر.
(4) هو النجاشي الشاعر، كان معاصرا لحسان بن ثابت وكان يهجو الأنصار، فانبرى له حسان وابنه عبد الرحمن يهاجيانه. انظر الخزانة (2: 106-107).
(5) البيتان في اللسان (جمز).(1/425)
كأنّي وَرَحْلِي إذا رُعْتُها
على جَمَزَى جازئٍ بالرِّمالِ(1)
وشذّت عن هذا القياس كلمةٌ. يقال الجُمْزَة الكتْلةُ من التَّمْر(2).
جمس - جمش - جمع
(جمس) الجيم والميم والسّين أصلٌ واحد، من جُمُوس الشَّيء. يقال: جَمَس الوَدَك إذا جَمَدَ. والجَمْسَة البُسْرَة إذا أرْطَبَتْ وهي بعد صُلْبَة.
(جمش) الجيم والميم والشين أصلٌ واحد، وهو جِنْسٌ من الحَلْق. يقال: جَمَشْت الشَّعر إذا حلقْتَه. وشَعَْرٌ جميشٌ. وفي الحديث: "إنْ رَأَيتَ شاةً بخَبْتِ الجَمِيش"، فالخَبْت المفازة، والجَمِيش الذي لا نَبْتَ به. وسنَةٌ جَمُوشٌ إذا احْتَلَقَت النَّبْت. قال رُؤبة:
* أوْ كاحتلاقِ النُّورَةِ الجميشِ(3) *
ومما شذَّ عن الباب الجَمْش الحَلْبُ بأطراف الأصابع. والجَمْش: الصَّوْت.
(جمع) الجيم والميم والعين أصلٌ واحد، يدلُّ على تَضَامِّ الشَّيء. يقال جَمَعْتُ الشيءَ جَمْعاً. والجُمَّاع الأُشابَةُ من قبائلَ شتَّى. وقال أبو قيس(4):
ثم تجلّت ولنا غاية
من بين جمعٍ غَير جُمَّاعِ(5)
__________
(1) البيت لأمية بن أبي عائذ الهذلي كما في شرح السكري لأشعار الهذليين 184 ومخطوطة الشنقيطي 80 واللسان (جمز). ويروى: "إذا زعتها" بالزاي.
(2) من التمر والأقط ونحو ذلك، والجمع جمز كغرف.
(3) وكذا موضعه من الاستشهاد في المجمل واللسان، دون أن يسبق ذكره للنورة، وقبل ذلك بكلام طويل في اللسان: "ونورة جموش وجميش". وحق الاستشهاد أن يكون بعد هذا الكلام الذي فيه ذكر النورة. لكن هذا جاء. والبيت أيضاً في ديوان رؤبة 78.
(4) هو أبو قيس بن الأسلت. وقصيدته في المفضليات (2: 83-86).
(5) في اللسان: "حتى انتهينا"، وفي المفضليات: "حتى تجلت".(1/426)
ويقال للمرأة إذا ماتت وفي بطنها وَلَدٌ: ماتت بِجُمْع. ويقال هي أنْ تموت المرأة ولم يمسسها رجُلٌ. ومنه قول الدّهناء(1) * "إنِّي منه بِجُمْعٍ".
جمع
والجامع: الأتانُ أوّل ما تَحمِل. وقدرٌ جِماعٌ وجامعة، وهي العظيمة. والجَمْع: كلُّ لونٍ من النّخل لا يُعرف اسمُه، يقال ما أكثر الجَمْعَ في أرضِ بني فلانٍ لنَخْلٍ خرجَ من النّوى. ويقال ضربته بِجُمْعِ كَفِّي وجِمْعُ كَفّي(2). وتقول: نهبٌ مُجْمَع. قال أبو ذُؤَيب:
وكَأَنَّها بالجِزْعِ جِزْعِ نُبَايِعٍ
وأولاتِ ذِي الخَرْجاءِ نهْبٌ مُجْمَعُ(3)
وتقول استَجْمَعَ الفَرسُ جَرْياً. وجَمْع: مكّة(4)، سمِّي لاجتماع النَّاسِ به وكذلك يوم [الجمعة(5)] . وأجمعت على الأمر إجماعاً وأجمعته. قال الحارث ابن حِلِّزَة:
أجمَعُوا أمرهُمْ بليلٍ فلمَّا
أصبَحُوا أصبحَتْ لهمْ ضَوضاءُ(6)
ويقال فَلاَةٌ مُجْمِعَة(7): يجتمع الناس فيها ولا يتفرَّقون خَوْفَ الضَّلال. والجوامع: الأغلال. والجَمْعاء من البهائم وغيرها: التي لم يذهَبْ من بدنها شَيء.
جمل
(جمل) الجيم والميم واللام أصلان: أحدهما تجمُّع وعِظَم الخَلْق، والآخر حُسْنٌ.
__________
(1) هي الدهناء بنت مسحل، امرأة العجاج. قالت للعامل: "أصلح الله الأمير، إني منه بجمع" أي عذراء. "وجمع" في المعنيين تقال بضم الجيم وكسرها.
(2) بضم الجيم وكسرها.
(3) من قصيدته العينية في أول ديوانه والمفضليات (2: 221). وفيهما وفي اللسان: "بالجزع بين نبايع وأولات ذي العرجاء". والخرجاء كذلك: موضع.
(4) تصح على قراءتها بالإضافة؛ وإلا فإن جمعاً اسم للمزدلفة، ولم يذكر أحد أن جمعا هو مكة. وإنما أضافه إليها لتقارب هذه المواضع. وهكذا وردت العبارة في المقاييس والمجمل. وسائر المعاجم وكتب البلدان تنص أن جمعاً هو المزدلفة.
(5) التكملة من المجمل.
(6) من معلقته المعروفة.
(7) في الأصل: "فلانة مجتمعة"، صوابه من المجمل واللسان.(1/427)
فالأوّل قولك أجْمَلْتُ الشّيءَ، وهذه جُمْلة الشّيء. وأجمَلْتُه حصّلته. وقال الله تعالى: { وقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ القُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } (1)
[الفرقان 32].
ويجوز أنْ يكون الجَمَل من هذا؛ لعِظَم خَلْقه. والجُمَّل: حَبْل غَليظ، وهو من هذا أيضاً. ويقال أجْمَلَ القومُ كثُرت جمالُهم. والجُمَاليّ: الرّجُل العظيم الخَلْق، كأنه شُبِّه بالجمل؛ وكذلك ناقةٌ جُمَالِيَّة. قال الفراء: (جِمَالاَتٌ) جمع جَمَل. والجِمَالات: ما جمع من الحِبال والقُلُوس(2).
والأصل الآخر الجَمَال، وهو ضدُّ القبح. ورجلٌ جميل وجُمال(3). قال ابن قتيبة: أصله من الجَمِيل وهو وَدَك الشَّحمِ المُذابِ. يراد أنَّ ماءَ السِّمَنِ يجري في وجهه. ويقال جَمَالَكَ أن تفَعَلَ كذا، أي اجْمُل ولا تَفْعَلْه. قال أبو ذؤيب:
جَمَالَكَ أيُّها القلبُ الجريحُ
ستَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتستريحُ(4)
وقالت امرأةٌ لابنتها: "لا تَجَمَّلِي وتَعَفَّفِي" أي كُلِي الجميلَ -وهو الذي ذكرناه من الشَّحم المذاب- واشربي العُفَافَة، وهي البقية من اللبن.
جنه - جنى - جنأ
(باب الجيم والنون وما يثلثهما)
__________
(1) من الآية 32 في سورة الفرقان. ووقعت الآية محرفة في الأصل إذا جاء أولها: "وقالوا لولا"، وجاء في اللسان (جمل 135): "لولا أنزل"، تحريف أيضاً:
(2) القلوس: جمع قلس، بفتح القاف. وهو الحبل الغليظ من حبال السفن. وفي الأصل: "الجمال والفلوس" تحريف، وصوابه في المجمل واللسان.
(3) بضم الجيم وتخفيف الميم وتشديدها أيضاً.
(4) في ديوانه 68: "القلب القريح".(1/428)
(جنه) الجيم والنون والهاء ليس أصلا، ولا هو عندي من كلام العرب، إلا أنّ ناساً زعموا أن الجَُنَهَ(1) الخيزُران. وأنشدوا:
في كَفه جُنَهيٌّ ريحه عَبِقٌ
بكفِّ أَرْوَعَ في عِرْنينِهِ شَمَمُ(2)
(جني) الجيم والنون والياء أصلٌ واحد، وهو أَخْذُ الثَّمَرة من شجَرها، ثم يحمل على ذلك، تقول جَنيتُ الثَّمرةَ أجْنِيها، واجْتَنَيْتُها. وثمرٌ جَنِيٌّ، أي أُخِذَ لوَقْته. ومن المحمول عليه: جَنَيْتُ الجنايةَ أجْنِيها.
(جنأ) الجيم والنون والهمزة أصلٌ واحد، وهو العَطْف على الشيء والحُنُوّ عليه. يقال جَنِئَ عليه يَجْنَأُ جَنَأً، إذا احْدَوْدَب، ورجل أدنأ وأجنأ بمعنىً واحد. وتجانَأْتُ على الرّجُل، إذا عطَفْتَ عليه. والتُّرْسُ المُجْنَأُ مِنْ هذا. قال:
* ومُجْنَأٍ أسمَرَ قَرَّاعِ(3) *
جنب
(جنب) الجيم والنون والباء أصلان متقاربان أحدهما: النّاحية، والآخر البُعْد.
__________
(1) وكذا ورد في المجمل، والذي في سائر المعاجم "الجنهي" بلفظ المنسوب. وقد اختلف في ضبط هذا الأخير، فضبطه في القاموس باللفظ "كعرني" أي بضم ففتح. وذكر شارح القاموس أن الذي في نسخ الصحاح الجنهي بضم فتشديد النون مفتوحة. قال: "ووجد في نسخ التهذيب بفتح وتخفيف النون، كعربي، وهو الصواب كذلك، بخط الصغاني".
(2) البيت للفرزدق يقوله في هشام بن عبد الملك كما في أمالي المرتضى (1: 48) وزهر الآداب
(1: 60) أو الحزين الكناني في عبد الملك بن مروان كما في ديوان الحماسة (2: 284) أو للفرزدق في علي بن الحسين، كما في العمدة (2: 110) وأمالي المرتضى. أو للعين المنقري كما في العمدة، أو لكثير بن كثير السهمي في محمد بن علي بن الحسين، كما في المؤتلف 169. أو لداود بن سلم في قثم بن العباس، كما في العمدة وانظر اللسان (جنه) والحيوان (3: 133).
(3) لأبي قيس بن الأسلت. وصدره كما في اللسان والمفضليات (2: 85):
* صدق حسام وادق حده *(1/429)
فأمّا الناحية فالجَنَاب. يقال هذا من ذلك الجَناب، أي الناحية. وقعَدَ فلانٌ جَنْبَةً، إذا اعتزَل الناسَ. وفي الحديث: "عليكمُ بالجَنْبَةِ فإنه عَفاف".
ومن الباب الجَنْبُ للإنسان وغيره. ومن هذا الجَنْب الذي نُهِي عنه في الحديث: أن يَجْنُبَ الرجل مع فرسه عند الرِّهان فرساً آخَرَ مخافةَ أنْ يُسْبَق فيتحوَّل عليه. والجَنَبُ: أنْ يشتدّ عطش البعير حتَّى تلتصق رئتُهُ بجَنْبه. ويقال جَنِبَ يَجْنَبُ. قال:
* كأنَّهُ مُستَبَانُ الشَّكِّ أو جَنِبُ(1) *
والمَِجْنَبُ: الخير الكثير، كأنه إلى جَنْب الإنسان. وجَنَبْت الدابّةَ إذا قُدْتَها إلى جنبك. وكَذلك جَنَبْتُ الأسير. وسُمِّي التُّرْسُ مِجْنَباً لأنه إلى جَنْب الإنسان.
وأمَّا البُعْد* فالجَنَابة. قال الشاعر(2):
فلا تَحْرِمنّي نائلاً عن جَنابةٍ
فإني امرؤٌ وَسْطَ القِبابِ غريبُ
ويقال إنَّ الجُنُب الذي يُجامِع أهْلَه مشتقٌّ من هذا؛ لأنه يبعدُ عما يقرُب منه غيرُه، من الصَّلاةِ والمسجد وغير ذلك.
ومما شذ عن الباب ريح الجَنُوب. يقال جُنِبَ القَومُ: أصابَتْهم ريحُ الجَنُوب؛ وأجنبوا، إذا دخلوا في الجَنُوب. وقولُهم جَنَّب القومُ، إذا قلّت ألبانُ
جنث - جنح
إبلهم(3). وهذا عندي ليس من الباب(4). وإنْ قال قائل إنه من البُعْد، كأنَّ ألبانَها قلَّت فذهبَتْ، كان مذهَباً، وجَنْبٌ قبيلة، والنِّسبة إليها جَنْبِيٌّ. وهو مشتقٌّ مِن بعض ما ذكرناه.
__________
(1) البيت لذي الرمة في ديوانه 10 والمجمل (جنب). وصدره:
* وثب المسحج من عانات معقلة *
(2) هو علقمة بن عبدة الفحل. وقصيدة البيت في ديوانه 131 والمفضليات (2: 90). وانظر اللسان (جنب).
(3) ومنه قول الجميح في المفضليات (1: 33) واللسان (جنب):
لما رأت إبلي قلت حلوبتها
وكل عام عليها عام تجنيب
(4) في الأصل: "الكتاب".(1/430)
(جنث) الجيم والنون والثاء أصلٌ واحد، وهو الأصل والإحكام. يقال لأصلِ كلِّ شيءٍ جِنْثُه. ثم يُفَرَّع منه، وهو الجُنْثِيّ(1)، وهو الزّراد؛ لأنه يُحكِم عَمَلَ الزّرَد. فأمّا قوله:
أحْكَمَ الجِنْثِيُّ مِنْ عَوْرَاتِها
كلُّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِه صَلّ(2)
فإنه أراد الزرّاد، أي أحكم حَرَابِيَّها، وهي المسامير. ومَن نصَبَ الجنثيّ أراد السيف، يجعل الفعل لكلّ حِرباء، ويكون معنى أحكم منَعَ. يقول: هو زَرَدٌ يمنع حِرباؤُهُ السيفَ أن يَعمل فيه. وقال الشاعر في السيف:
ولكنَّها سُوقٌ يكون بِياعُها
بِجُنْثِيَّةٍ قد أخلصَتْهَا الصَّياقلُ(3)
(جنح) الجيم والنون والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المَيْلِ والعُدْوان. ويقال جنح إلى كذا، أي مالَ إليه. وسمِّي الجَناحانِ جَناحَيْنِ لميلهما في الشِّقَّين. والجُنَاح: الإثم، سمّي بذلك لمَيْلِه عن طريق الحقِّ.
وهذا هو الأصل ثمَّ يشتقّ منه، فيقال للطائفة(4) من الليل جُنْح وجِنْح،
جند - جنز
كأنَّه شُبِّه بالجَناح، وهو طائفةٌ من جسم الطائر. والجوانح: الأضلاع: لأنها مائلة. وجُنِح البعيرُ إذا انكسرَتْ جَوانحهُ من حِمْلٍ ثقيل. وجَنَحَت الإبل في السيّر: أسرعت. فهذا من الجَنَاح، كأنَّها أعْمَلَت الأجنحة.
(جند) الجيم والنون والدال يدلُّ على التجمّع والنُّصرة. يقال هم جُنده، أي أعوانه ونُصّاره. والأجناد: أجناد الشّام وهي خمسة: دمشق، وحِمْصٌ، وقِنَّسْرِينُ، والأُردُنّ، وفِلَسطين. يقال لكلِّ واحدةٍ من هذه جُنْدٌ. وجَنَدٌ: بلدٌ(5). والجَنَد: الأرضُ الغليظة فيها حجارةٌ بِيض؛ فهذا محتمل أن يكون من الباب، ويجوز أن يكون من الإبدال، والأصل الجَلَد.
__________
(1) يقال بضم الجيم وكسرها.
(2) البيت للبيد في ديوانه 15 طبع 1881 والمجمل واللسان (جنث).
(3) البيت مع سابق له في اللسان (جنث).
(4) في الأصل: "للطائفتين".
(5) الجند، بالتحريك: أحد مخاليف اليمن.(1/431)
(جنز) الجيم والنون والزاء كلمةٌ واحدة. قال ابن دُريد: جَنَزْتُ الشَّيءَ أجْنِزُه جَنْزاً، إذا ستَرتَه، ومنه اشتقاق الجَنَازة(1). فأمَّا الخليل فمذهبُه غيرُ هذا، قال: الجَنازة الميّت، [و] الشيءُ الذي ثقُل على القوم واغتَمُّوا به هو أيضاً جَنَازة. وقال:
وما كنت أخْشَى أن أكون جَنَازَةً
عليكِ ومَنْ يَغْتَرُّ بالحَدَثَانِ(2)
قال: وأمّا الجِنَازة فهو خَشَبُ الشَّرْجَع. قال: ويقول العرب: رُمِي بجنازَتِه فمات(3). قال: وقد جَرَى في أفواه النّاس الجَنَازَة، بفتح الجيم، والنَّحارِير يُنكرونه.
جنس - جنف - جهو - جهد
(جنس) الجيم والنون والسين أصلٌ واحد وهو الضَّربُ مِن الشَّيء. قال الخليل: كلُّ ضربٍ جِنْس، وهو من النَّاس والطَّير والأشياء جملة. والجمع أجْنَاس. قال ابن دريد: وكان الأصمعيّ يدفع قولَ العامّة: هذا مُجانِسٌ لهذا. ويقول: ليس بعربيٍّ صحيح. وأنا أقول: إنّ هذا غَلَط على الأصمعيّ؛ لأنه الذي وضع كتاب الأجناس، وهو أوّل من جاء بهذا اللَّقب في اللُّغة.
(جنف) الجيم والنون والفاء أصلٌ واحد وهو المَيْل. يقال جَنِفَ* إذا عَدَل(4) وجار. قال الله تعالى جَلَّ ثناؤه: { فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفَاً } [البقرة 182]. ورجلٌ أجْنَفُ إذا كان في خَلْقهِ مَيَلٌ، ويقال لا يكون ذلك إلاّ في الطُّول والانحناء. ويقال تجانَفَ عن كذا، إذا مال. قال:
تَجَانَفُ عَنْ جُلِّ اليَمَامَةِ ناقتي
__________
(1) نص الجمهرة (2: 92): "وزعم قوم أن منه اشتقاق الجنازة. ولا أدري ما صحته".
(2) البيت لصخر بن عمرو، أخي الخنساء. انظر الشعر وقصته في الأغاني (13: 130- 131). والبيت في اللسان (جنز).
(3) زاد في اللسان: "لأن الجنازة تصير مرميا فيها. والمراد بالرمي الحمل والوضع".
(4) أي عدل عن الحق.(1/432)
وما عَدَلَتْ عن أهْلِهَا لِسِوائِكا(1)
(باب الجيم والهاء وما يثلثهما)
(جهو) الجيم والهاء والحرف المعتل يدلُّ على انكشافِ الشَّيء. يقال أجْهَتِ السّماءُ، أقلَعَتْ. ويقال خِباءٌ مُجْهٍ لا سِتْر عَليه. وجهِيَ البيتُ يَجْهَى، إذا خَرِبَ؛ وهُوَ جاهٍ. ويقال إن الجَهْوَةَ السَّهُ مكشوفةً.
(جهد) الجيم والهاء والدال أصلُهُ المشقَّة، ثم يُحمَل عليه ما يقارِبُه. يقال جَهَدْتُ نفسي وأجْهَدت والجُهْد الطَّاقَة. قال الله تعالى: { والَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إلاَّ
جهر
جُهْدَهُمْ } [التوبة 79]. ويقال إنّ المجهود اللبن الذي أُخرِجَ زُبْده، ولا يكاد ذلك [يكونُ] إلاّ بمشقّةٍ ونَصَب. قال الشمّاخ:
تُضْحِ وقد ضَمِنَتْ ضَرّاتُها غُرَقاً
مِنْ طَيِّبِ الطَّعْمِ حُلْوٍ غَيْرِ مَجْهُودِ(2)
ومما يقارب البابَ الجَهادُ، وهي الأرض الصُّلبة. وفلانٌ يَجْهَد الطّعامَ، إذا حَمَل عليه بالأكل الكثير الشديد. والجاهد: الشَّهْوان. ومَرْعىً جَهِيدٌ: جَهَدَهُ المالُ لِطِيبه فأكَلَه.
(جهر) الجيم والهاء والراء أصلٌ واحد، وهو إعلان الشَّيء وكَشْفُه وعُلُوّه. يقال جَهَرْتُ بالكلام أعلنتُ به. ورجلٌ جَهِير الصَّوت، أي عالِيهِ. قال:
أخاطِبُ جَهْراً إذْ لهُنَّ تَخَافُت
وشَتَّانَ بينَ الجهْرِ والمَنْطِق الخَفْتِ(3)
__________
(1) البيت للأعشى في ديوانه 66 واللسان (جنف، سوى) والخزانة (2: 59) والإنصاف 185. ومعظم الروايات: "جو اليمامة".
(2) في الأصل "تضحى" تحريف. على أن الرواية الجيدة: "تصبح". والغرق: جمع غرقة، بالضم، وهو القليل من اللبن خاصة. وفي الأصل: "غرفاً" تحريف. ويروى: "عرقاً" وهو بالتحريك: اللبن. والبيت في الديوان 23 واللسان (جهد، عرق، غرق)، وسيأتي في (عرق، غرق). وقبل البيت:
إن تمس في عرفط صلع جماجمه
من الأسالق عاري الشوك مجرود.
(3) البيت في اللسان (خفت).(1/433)
ومن هذا الباب: جَهَرت الشّيءَ، إذا كان في عينك عظيماً. وجَهَرْت الرّجُل كذلك. قال:
* كأنَّما زُهاؤُه لِمَنْ جَهَرْ(1) *
جهز
فأمّا العَيْن الجَهراءُ، فهي (2) التي لا تُبْصِر في الشمس. ويقال رأيْت جُهْرَ فلانٍ، أي هَيْئَتَه(3). قال:
* وما غيَّبَ الأقوامُ تابِعةَ الجُهْرِ(4) *
أي لن يقدِرُوا أن يغيّبوا من خُبْره وما كان تابعَ جُهْرِه(5). ويقال جَهِيرٌ بَيِّنُ الجَهارة، إذا كان ذا منظرٍ. قال أبو النجم:
وأرَى البياضَ على النِّساء جَهَارَةً
والعِتْقَُ أعرِفُهُ على الأَدْمَاءِ(6)
ويقال جَهَرْنا بني فلانٍ، أي صبَّحناهم على غِرَّة. وهو من الباب، أي أتيناهم صباحاً؛ والصبّاح جَهْر. ويقال للجماعة الجَهْراءَ. ويقال إنّ الجَهْراء الرّابية العريضة.
(جهز) الجيم والهاء والزاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يُعْتَقَدُ (7) ويُحوَى، نحو الجَِهَاز، وهو متاع البيت. وجهَّزتُ فلاناً تكلفّتُ جَِهازَ سفرِه. فأما قولهم للبعير إذا شَرَد: "ضرَبَ في جَِهازه" فهو مثلٌ، أي إنّه حَمل جَِهازه ومرّ. قال أبو عبيدة: في أمثال العرب: "ضَرَب فلانٌ في جهازه" يضرب هذا في الهِجران والتَّباعُد. والأصل ما ذكرناه.
جهش - جهض - جهف - جهل
__________
(1) البيت للعجاج، كما في الحيوان (3: 127). وهو في ديوانه 16 واللسان (جهر، وغر) وديوان المعاني (2: 71) والمخصص (6: 202).
(2) في الأصل: "وهي".
(3) في الأصل: "جهرة فلان أي هيبته"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) للقطامي. وصدره كما في ديوانه 76 واللسان ( جهر):
* شنئتك إذ أبصرت جهرك سيئاً *
(5) وكذا ورد هذا التفسير في المجمل. وضبط البيت في اللسان برفع" الأقوام" و" تابعة". وقال في تفسيره: "ما" بمعنى الذي. يقول: ما غاب عنك من خبر الرجل فإنه تابع لمنظره. وأنث تابعة في البيت للمبالغة.
(6) البيت في المجمل واللسان (جهر).
(7) الاعتقاد هنا بمعنى الشراء والاقتناء.(1/434)
(جهش) الجيم والهاء والشين أصلٌ واحد، وهو التهيُّؤ للبكاء. يقال جَهَش يَجْهَش وأجْهَش يُجْهِش، إذا تهيَّأ للبكاء. قال:
قامت تشكَّى إليَّ النَّفْسُ مُجْهِشَةً
وقد حَمَلْتُكِ سبعاً بعد سبعِينا(1)
(جهض) الجيم والهاء والضاد أصلٌ واحد، وهو زَوَالُ الشَّيء عن مكانه بسُرعة. يقال أجْهَضْنا فلاناً عن الشّيء، إذا نَحَّيناه عنه وغلَبْناه عليه. وأَجْهَضَتِ النّاقة إذا ألقَتْ ولدَها، فهي مُجْهِضٌ. وأمّا قولهم للحديد القلب: إنّه لَجاهضٌ وفيه جُهوضة وجَهَاضة، فهو من هذا، أي كأنَّ قلبَه من حِدّته يزُولُ من مكانه.
(جهف) الجيم والهاء والفاء ليس أصلاً(2)، إنَّما هو من باب الإبدال. يقال اجتهفتُ الشّيءَ إذا أخَذْتَه بشِدّة. والأصل اجتحفْت(3). وقد مضى ذكره.
(جهل) الجيم والهاء واللام أصلان: أحدهما خِلاف العِلْم، والآخر الخِفّة وخِلاف الطُّمَأْنِينة.
فالأوّل الجَهْل نقيض العِلْم. ويقال للمفازة التي لا عَلَمَ بها مَجْهَلٌ.
والثاني قولهم للخشبة التي يحرك بها الجَمْرُ مِجْهَل(4)*. ويقال استجهلت الرِّيحُ الغُصْنَ، إذا حرّكَتْه فاضطَرَب. ومنه قول النابغة:
جهم - جهن
دعاك الهَوَى واستجهلَتْك المنازلُ
وكيف تَصَابِي المرءِ والشَّيبُ شاملُ(5)
وهو من الباب، لأنّ معناه استخفّتْك واستفزّتْك. والمَجْهَلة: الأمر الذي يحملك(6) على الجهل.
__________
(1) البيت للبيد في ديوانه 46 طبع 1881 واللسان (جهش).
(2) لم تذكر المادة في اللسان والجمهرة. وذكرها في القاموس.
(3) في الأصل: "جحفت"، والوجه ما أثبت.
(4) يقال مجهل ومجهلة، بكسر الميم فيهما، وجهيل وجهيلة.
(5) ديوان النابغة 58 واللسان (جهل).
(6) في الأصل: "يجهلك"، والصواب في المجمل.(1/435)
(جهم) الجيم والهاء والميم يدلُّ على خلاف البَشاشة والطَّلاقة. يقال رجلٌ جهمُ الوجهِ أي كريهُهُ. ومن ذلك جَهْمة الليل وجُهْمتُه، وهي ما بين أوّلهِ إلى رُبُعه. ويقال جَهَمْتُ الرّجل وتجهَّمْتُه، إذا استَقْبَلتَه بوجه جَهْم. قال:
فلا تَجْهَمِينا أُمَّ عَمْرٍو فإنَّنا
بِنَا داءُ ظَبْيٍ لم تَخُنْهُ عوامِله(1)
ومن ذلك قوله:
* وبلدةٍ تَجَهَّمُ الجَهُوما(2) *
فإنّ معناه تَستَقبِلُه بما يكره. ومن الباب الجَهَام: السَّحاب الذي أراق ماءَه، وذلك أنّ خَيْرَه يقلُّ فلا يُسْتَشْرَف له. ويقال الجَهُوم العاجز؛ وهو قريب.
(جهن) الجيم والهاء والنون كلمةٌ واحدة. قالوا جارية جُهانَةٌ، أي شابّة. قالوا: ومنه اشتقاق جُهَيْنة.
جوي - جوب
(باب الجيم والواو وما يثلثهما)
(جوي) الجيم والواو والياء أصلٌ يدلُّ على كراهة الشيء. يقال اجتَوَيْت البلادَ، إذا كرِهتَها وإنْ كنتَ في نَعْمةٍ، وجَوِيتُ. قال:
بَشِمْتُ بِنِيِّها وجَوِيْتُ عنها
وعندي لو أردتُ لها دواءُ(3)
ومن هذا الجَوَى، وهو داءُ القلْب. فأمّا الجِوَاءُ فهي الأرض الواسعة، وهي شاذَّةٌ عن الأصل الذي ذكرناه.
(جوب) الجيم والواو والباء أصلٌ واحد، وهو خَرْقُ الشيء. يقال جُبْتُ الأرضَ جَوْبا، فأنا جائبٌ وجَوّابٌ. قال الجعدي(4):
أتاك أبو ليلى يَجوبُ به الدُّجَى
دُجَى الليل جَوّابُ الفلاةِ عَثَمْثَمُ(5)
__________
(1) لعمرو بن الفضفاض الجهني، كما في اللسان (جهم) برواية: "ولا تجهمينا". وسيأتي في (ظبي): "ولا تجهمينا". وأنشده في اللسان (ظبي) غير منسوب، برواية المقاييس. وعوامل الظبي: قوائمه.
(2) بعده كما في اللسان (جهم):
* زجرتُ فيها عيهلا رَسوما *
(3) البيت لزهير في ديوانه 83 والمجمل واللسان (جوى). والنيّ بالكسر: مسهل النيء.
(4) هو النابغة الجعدي يمدح ابن الزبير، كما في اللسان (عثم).
(5) عنى بالعثمثم الجمل القوي الشديد.(1/436)
ويقال:"هل عِندك جَائِبةُ خبرٍ" أي خبرٌ يجوب البلاد. والجَوْبَةُ كالغائط؛ وهو من الباب؛ لأنه كالخَرْق في الأرض. والجوْب: دِرعٌ تلبسُه المرأة، وهو مَجُوبٌ سمِّي بالمَصدر. والمجِْوَبُ: حديدةٌ يُجابُ بها، أي يُخْصَف.
وأصلٌ آخر، وهو مراجَعة الكلام، يقال كلمه فأجابَه جَواباً، وقد تجاوَبا مُجاوَبة. والمجابَةُ: الجواب. ويقولون في مَثَلٍ: "أساءَ سَمْعاً فأساء جابةً". وقال الكميتُ لقُضاعة في تحوُّلهم إلى اليمن:
جوت - جوح - جوخ
وما مَنْ تَهتِفينَ له بِنَصْرٍ
بِأسْرَعَ جابَةً لكِ مِنْ هَدِيلِ(1)
العرب تقول: كان في سفينة نوحٍ عليه السلام فَرْخٌ، فطار فوقع في الماء فغرق، فالطَّير كلها تبكي عليه. وفيه يقول القائل(2):
فقلتُ أتَبكي ذاتُ شَجْو تذكّرتْ
هَدِيلاً وقد أودى وما كانَ تُبَّعُ(3)
(جوت) الجيم والواو والتاء ليس أصلاً؛ لأنه حكايةُ صَوْتٍ، والأصواتُ لا تقاس ولا يقاس عليها. قال:
* كما رُعْتَ بالجَوْتِ الظِّماءَ الصَّوادِيا(4) *
قال أبو عبيد: إنما كان الكسائيُّ ينشد هذا البيتَ لأجل النصب، فكان يقول: "كما رُعْتَ بالجَوْتَ" فحَكَى مع الألف واللام.
(جوح) الجيم والواو والحاء أصلٌ واحد، وهو الاستئصال. يقال جاحَ الشيءَ يَجُوحُهُ استأصله. ومنه اشتقاق الجائِحة.
__________
(1) البيت في اللسان (هدل).
(2) هو نصيب، كما في اللسان (هدل).
(3) أي وقد أودى الهديل ولم يكن تبع قد خلق.
(4) البيت يروى لشاعرين. أحدهما عويف القوافي، وصدر بيته، كما في الخزانة (3: 86):
* دعاهن ردفي فارعوين لصوته *
... والاخر سحيم عبد بني الحسحاس، وصدر بيته كما في الخزانة:
* وأوده ردفي فارعوين لصوته *
... وأوده بالإبل: صاح بها. وأنشد البيت في اللسان (جوت) بدون نسبة.(1/437)
(جوخ) الجيم والواو والخاء ليس أصلاً هو عندي؛ لأنّ بعضَه معرَّب، وفي بعضِه نَظر. فإنْ كان صحيحاً فهو جنسٌ من الخَرْقِ. يقال جَاخَ السَّيْلُ الوادِيَ يجُوخُه، إذا قلع أجرافَه. قال:
جود - جور
* فللصَّخْرِ من جَوْخِ السّيُولِ وجيبُ(1) *
ذكره ابن دريد، وذكر غيره: تجوَّخَتِ البئرُ انهارَت.
والمعرّب من ذلك الجَوْخَان، وهو البيدر(2).
(جود) الجيم والواد والدال أصلٌ واحد، وهو التسمُّح بالشيء، وكثْرةُ العَطاء. يقال رجلٌ جَوَادٌ بَيِّن الجُودِ، وقومٌ أجْواد. والجَوْد: المطر الغزير. والجَواد: الفرسُ الذّريع والسّريع، والجمع* جِيادٌ. قال الله تعالى { إذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الجِيَادُ } [ص 31]. والمصدر الجُودَة. فأمّا قولهم: فلانٌ يُجاد إلى كذا، [فـ] كَأنه يُساقُ إليه.
__________
(1) هذا العجز في اللسان (جوخ) بدون نسبة. لكن أنشد بعده:
ألثت علينا ديمة بعد وابل
فللجزع من جوخ السيول قسيب
... ونسبه إلى حميد بن ثور، أو النمر بن تولب. وانظر الجمهرة (2: 63) وديوان حميد 51.
(2) في الأصل: "الأندر"، صوابه من المجمل واللسان. وانظر المعرب للجواليقي 110.(1/438)
(جور) [الجيم والواو والراء] أصلٌ واحد، وهو المَيْل عن الطَّريق. يقال جارَ جَوْراً. ومن الباب طَعَنَه فجَوَّره أي صَرَعه. ويمكن أن يكون هذا من باب الإبدال، كأنَّ الجيم بدلُ الكاف. وأمَّا الغَيْث الجِوَرّ، وهو الغَزير، فشاذ عن الأصل الذي أصَّلناه. ويمكن أن يكون من باب آخَرَ، وهو من الجيم والهمزة والراء؛ فقد ذكر ابن السّكيت أنّهم يقولون هو جُؤَرٌ على وزن فُعَلٍ(1). فإن كان كذا فهو من الجُؤَار، وهو الصَّوت، كأنه يصوِّت إذا أصاب. وأنشد:
* لا تَسْقِهِ صَيِّبَ عَزَّافٍ جُؤَرْ(2) *
جوز
(جوز) الجيم والواو والزاء أصلان: أحدهما قطع الشيء، والآخَر وَسَط الشيء. فأمَّا الوَسَط فجَوْز كلِّ شيءٍ وَسَطه. والجَوْزَاء(3): الشَّاة يبيضُّ وَسَطُها. والجوزاء: نجمٌ؛ قال قوم: سُمِّيت بها لأنها تَعترِض جَوْزَ السماء، أي وَسَطها. وقال قوم: سُمِّيت بذلك للكواكب الثلاثة التي في وَسَطها.
والأصل الآخَر جُزْت الموضع سِرْتُ فيه، وأجزته: خَلَّفْتُه وقطعته. وأَجَزْتُه نَفَذْتُه(4) . قال امرؤ القيس:
فلما أجَزْنا ساحةَ الحيِّ وانْتَحى
بنا بَطْنُ خبْتٍ ذي قِفَافٍ عَقَنْقَلِ(5)
وقال أوس بن مَغْرَاءَ:
__________
(1) في المجمل: "جور مثل نغر". وفي القاموس: "وجؤر كصرد". وفي اللسان (مادة جور): "جور" مضبوطاً بالقلم بضم الجيم وفتح الواو وتشديد الراء. وليس بشيء. لكنه في (مادة جأر) على الصواب. قال: "وغيث جؤر مثل نغر".
(2) البيت لجندل بن المثنى، كما في اللسان (جأر). وأنشده في (جور) محرف الضبط. وقبله:
* يا رب رب المسلمين بالسور *
(3) في الأصل: "والجوز تحريف.
(4) ويقال أيضاً: "أنفذته". وفي اللسان: "أنفذت القوم إذا خرقتهم ومشيت في وسطهم. فإن جزتهم حتى تخلفهم قلت نفذتهم بلا ألف أنفذهم. قال: ويقال فيها بالألف".
(5) من معلقته. ويروى: "ذي حقاف".(1/439)
* حتّى يقال أجِيزُوا آلَ صَفْوَانا(1) *
يمدحهم بأنَّهُم يُجيزُون الحاجَّ. والجَوَاز: الماء الذي يُسْقاهُ المالُ من الماشية والحَرْث، يقال منه استجَزْت فلاناً فأجَازَني، إذا أسْقَاكَ ماءً لأرضِكَ أو ماشيتك. قال القطامي:
[وقالوا] فُقَيْمٌ قَيِّمُ الماءِ فاستجِزْ
عُبادةَ إنّ المستَجيزَ على قتْرِ(2)
أي ناحية.
جوس - جوظ - جوع - جوف - جول
(جوس) الجيم والواو والسين أصلٌ واحد، وهو تخلُّل الشيء. يقال: جاسُوا خِلالَ الدِّيار يجُوسون. قال الله تعالى: { فَجَاسُوا خِلاَلَ الدِّيَارِ } [الإسراء 5]. وأما الجُوس فليس أصلاً؛ لأنه إتباع للجُوع؛ يقال: جُوعاً له وجُوساً له.
(جوظ) الجيم والواو والظاء أصلٌ واحدٌ لنعتٍ قبيح لا يُمْدَح به. قال قوم: الجَوَّاظ الكثير اللَّحْمِ المختالُ في مِشْيته. يقال: جَاظَ يَجُوظُ جَوَظاناً. قال:
* يعلو به ذا العَضَلِ الجَوَّاظا(3) *
ويقال: الجوّاظ الأكولُ، ويقال الفاجر.
(جوع) الجيم والواو والعين، كلمةٌ واحدة. فالجوع ضِدّ الشّبَع. ويقال: عام مَجاعةٍ ومَجوعة(4).
(جوف) الجيم والواو والفاء كلمةٌ واحدة، وهي جَوْفُ الشيء. يقال هذا جَوْفُ الإنسان، وجوفُ كلِّ شيء. وطَعْنَةٌ جائِفَةٌ، إذا وصلت إلى الجَوْفِ. وقِدْرٌ جَوْفاءُ: واسعةُ الجَوْفِ. وجَوْفُ عَيْرٍ: مكانٌ حماهُ رجل اسمه حِمار. وفي المثل: "أخْلَى مِنْ جَوْفِ عَيْر". وأصله رجلٌ كان يحمي وادياً له. وقد ذُكر حديثُهُ في كتاب العين.
__________
(1) في الأصل: "صوفانا" تحريف. وصدر البيت في اللسان (جوز):
* ولا يريمون للتعريف موقفهم *
(2) التكملة في أوله من ديوان القطامي 86 واللسان (جوز).
(3) انظر ملحقات ديوان العجاج 82، وقد ذكر الناشر أن هذه الملحقات بعضها للعجاج وبعضها لرؤبة، وكذا اللسان (جوظ).
(4) مجوعة، بفتح فضم، وبفتح فسكون ففتح.(1/440)
(جول) الجيم والواو واللام أصلٌ واحد، وهو الدَّوَرَان. يقال جالَ يجول [جَوْلاً] وجَوَلاناً، وأجَلْتُه أنا. هذا هو الأصل، ثمّ يشتق منه. فالجُول: ناحية البئر، والبئر لها جوانِبُ يُدَارُ فيها. قال:
جون
رَمَانِي بأمْرٍ كنتُ منه ووَالِدِي
بَرِيَّاً ومِنْ جُولِ الطّوِيّ رماني(1)
والمِجْوَلُ: الغَدير(2)، وذك أنّ الماء يَجُول فيه. وربما شُبِّهت الدِّرعُ به لصفاء لونها. والمِجْوَل: التُّرْس والمِجْوَل: قميصٌ يَجوُلُ فيه لابسُه. قال امرؤ القيس:
* إذا ما اسبكرَّتْ بَيْنَ دِرْعٍ ومِجْوَلِ(3) *
ويقال لصغار المال جَوَلان، ذلك أنّه يَجُول بين الجِلَّة. وقال الفراء: ما لفُلانٍ جُولٌ، أي ماله رأيٌ. وهذا مشتقٌّ من الذي ذكرناه، لأنَّ صاحب الرأي يُدِيرُ رأيَهُ ويُعْمِلُه. فأمّا الجَوْلانُ فبلدٌ؛ وهو اسمٌ موضوعٌ. قال:
فآبَ مُضِلُّوهُ بِعَينٍ جَلِيَّةٍ
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ(4)
(جون) الجيم والواو والنون أصلٌ واحد. زعم بعض النحوييِّن أنَّ الجَون معرّب، وأنه اللون الذي يقوله الفُرْس "الكُونَهْ(5)" أي لون* الشيء. قال: فلذلك يقال الجَونُ الأسود والأبيض. وهذا كلامٌ لا معنى له. والجَوْن عند أهل اللُّغةِ قاطبةً اسمٌ يقع على الأسود والأبيض، وهو بابٌ من تسمية المتضادَّين بالاسم الواحد، كالنَّاهل، والظّنّ، وسائرِ ما في الباب.
والجَوْنَة: الشَّمسُ. فقال قومٌ: سمِّيت لبياضها. ومن ذلك حديث الدِّرع التي
جيأ - جيب
__________
(1) البيت لابن أحمر، أو للأزرق بن طرفة بن العمرد الفراصي، كما في اللسان (جول).
(2) لم يذكر هذا المعنى في اللسان والقاموس والجمهرة. وجاء في المجمل.
(3) من معلقته وصدره:
* إلى مثلها يرنو الحليم صبابة *
(4) البيت للنابغة في ديوانه 62 واللسان (ضلل).
(5) لفظه في الفارسية "كونه" أو "كونا" بالكاف الفارسية المضمومة. انظر معجم استينجاس 1105، 1106.(1/441)
عُرضتْ على الحجّاج فكاد لا يراها لصفائها. فقال له بعضُ مَنْ حضره(1): "إنّ الشّمس جَوْنةٌ"، أي صافيةٌ ذاتُ شعاعٍ باهر. وقال قومٌ: بل سُمِّيت جَوْنةً لأنّها إذا غابَتْ اسوادّت.
فأمّا الجُونَة فمعروفة، ولعلَّها أن تكون معرّبة؛ والجمع جُوَن. قال الأعشى:
* وكان المِصاعُ بما في الجُوَنْ(2) *
(باب الجيم والياء وما يثلثهما)
(جيأ) الجيم والياء والهمزة كلمتان من غير قياس بينهما. يقال جاء يجيء مجيئاً. ويقال جاءاني(3) فجِئْتُه، أي غالبني بكثْرة المجيء [فغلبته(4)]. والجَيْئَة: مصدر جاء(5). والجِئَةُ: مجتمع الماء حَوَالي الحِصْنِ وغيره. ويقال هي جيئة بالكسر والتثقيل.
(جيب) الجيم والياء والباء أصلٌ يجوز أن يكون من باب الإبدال. فالجَيْبُ جَيب القميص. يقال جِبْتُ القميص قوّرت جَيْبه، وجَيَّبْتُه جعلت له جَيباً.
جيد - جير - جيز - جيس
وهذا يدلُّ أنّ أصله واو، وهو بمعنى خَرقْت(6). وقد مضى ذكره.
(جيد) الجيم والياء والدال أصلٌ واحد، وهو العُنُق. يقال جِيدٌ وأجْيادٌ. والجَيَد: طولُ الجِيد. والجَيْداء: الطَّويلة الجِيد. وأما قول الأعشى :
* رجالَ إيادٍ بأجْيَادِها(7) *
__________
(1) هو أنيس الجرمي، كان فصيحاً. انظر اللسان (جون).
(2) صدره كما في الديوان 15 واللسان (جون):
* إذا هن نازلن أقرانهن *
(3) في الأصل والمجمل: "جاءني" تحريف صوابه في اللسان. وقد خطأ صاحب القاموس الجوهري في "جاءاني" هذه، وقال: إن الصواب جايأني. ونقل الزبيدي عن ابن سيده أن ما ذكره الجوهري صحيح سماعاً، وإن كان "جاياني" هو القياس.
(4) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.
(5) من المصادر التي جاءت على بناء اسم المرة وليست منه، مثل الرجفة والرحمة. والاسم الجيئة بالكسر.
(6) في الأصل : "من خرقت".
(7) صدره كما في ديوان الأعشى 53 واللسان (جلد، جود، جيد) والمعرب 112:
* وبيداء تحسب آرامها *
... ويروى: "بأجلادها" و"بأجمادها".(1/442)
فيقال إنّها معربة وإنه أراد الأكسية(1).
(جير) الجيم والياء والراء كلمةٌ واحدة. جَيْرِ بمعنى حَقّاً. قال:
وقالت قد أَسِيتَ فقلتُ جَيْرٍ
أَسِيٌّ إنَّه من ذاكِ إنَّه(2)
فأمّا الجَيّار، وهو الصَّاروج، فكلمة مُعرَّبة. قال الأعشى:
* بطين وجَيّارٍ وكِلْسٍ وقَرْمَدِ(3) *
وأما الجائر فَمَا يجدُه الإنسانُ في صدره من حرارةِ غيظٍ أو حزن؛ فهو من باب الواو، وقد مضى ذكره.
(جيز) الجيم والياء والزاء أصل يائه(4) واو، وقد مضى ذِكرُه.
(جيس) الجيم والياء والسين أصل يائه واو، وقد مضى ذكرُه.
جيش - جيض - جيل
(جيش) الجيم والياء والشين أصلٌ واحد، وهو الثَّوَران والغَلَيان. يقال جاشت القِدْرُ تجيش جَيْشاً وجَيَشاناً. قال:
وجاشَتْ بهم يوماً إلى الليل قِدْرُنا
تصكُّ حَرَابِيَّ الظُّهُورِ وتَدْسَعُ(5)
ومنه قولهم: جاشَتْ نَفْسُه، كأنّها غلَتْ. والجيش معروفٌ، وهو من الباب، لأنها جماعةٌ تَجِيش.
(جيض) الجيم والياء والضاد كلامٌ قليلٌ يدلُّ على جنسٍ من المشي(6). يقال مشى مِشيةً جِيَضّاً(7)، وهي مِشْيةٌ فيها اختيال. وجاضَ يَجِيض، إذا مَرَّ مرورَ الفارِّ.
__________
(1) قالوا: إنها معربة من "الجودياء" بمعنى الكساء. و"الجوديا" آرامية. انظر أدي شير 48.
(2) البيت في اللسان (أسى) برواية: "إنني من ذاك إني". وروي في المغني لابن هشام برواية ابن فارس. انظر شرح شواهد المغني 125.
(3) صدره كما في ديوان الأعشى 131:
* فأضحت كبنيان التهامي شاده *
(4) في الأصل، بابه.
(5) لأوس بن حجر في ديوانه 11 واللسان (حرب). وحرابي الظهور: لحومها، جمع حرباء. وفي الأصل: "تصل"، صوابه بالكاف كما في الديوان واللسان.
(6) في الأصل: "الشيء".
(7) يقال: مشية جيض كهجف، وجيضى بوزن ما قبلها مع القصر.(1/443)
(جيل) الجيم والياء واللام يدلُّ على التجمّع. فالجِيل الجماعة. والجيل هذه الأُمَّة، وهم إخوان الدَّيْلَم، ويقال إيَّاهم أراد امرؤ القيس في قوله:
أطافَتْ به جِيلاَنُ عند جِدَادِه
ورُدّد فيه الماءُ حَتّى تَحَيَّرا(1)
وأما الجَيألُ، وهي الضَّبُع، فليست من الباب.
جأب - جأث- جأز - جأف - جبت
(باب الجيم والهمزة وما يثلثهما)
(جأب) الجيم والهمزة والباء حرفان: أحدهما يدلُّ على الكَسْب، يقال جَأبْتُ جَأباً، أي كَسَبْتُ وعَمِلت. قال:
* فاللهُ راء عَمَلي وجَأْبِي(2) *
والآخر من غير هذا، وهو الحمار من حُمُرِ الوحش الصُّلبُ الشّديد. المَغْرَةُ، يُهْمَزُ ولا يُهمز.
(جأث) الجيم والهمزة والثاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على الفَزَع. يقال جُئِثَ يُجْأَثُ، إذا أُفْزِعَ. وفي الحديث: "فجُئِثْتُ منه فَرَقاً(3)".
(جأز) الجيم والهمزة والزاء جنسٌ من الأدواء. قالو: الجَأْز كهيئة الغَصصِ الذي يأخذ في الصَّدر* عِنْد الغيظ. يقال جَئِزَ الرَّجُل.
(جأف) الجيم والهمزة والفاء كلمةٌ واحدةٌ تدلّ على الفَزَع. وكأنَّ الفاء [بَدَلٌ] من الثَّاء، يقال جُئِف الرّجُل مثل جُئِث.
(باب الجيم والباء وما يثلهما)
(جبت) الجيم والباء والتاء كلمةٌ واحدة. الجِبْت: السّاحر، ويقال
الكاهن.
جبذ - جبر
(جبذ) الجيم والباء والذال ليس أصلاً؛ لأنه كلمةٌ واحدةٌ مقلوبة، يقال جَبَذْت الشّيء بمعنى جَذَبْتُه.
(جبر) الجيم والباء والراء أصلٌ واحد، وهو جِنْسٌ من العظَمة والعُلوّ والاستقامة. فالجَبَّار: الذي طَال وفاتَ اليد، يقال فرسٌ جَبَّارٌ، ونخلة جَبَّارَةٌ. وذو الجَُبُّورة وذو الجُبَُرُوت: الله جلّ ثناؤه. وقال:
فإنّكَ إن أغضَبْتَني غَضِبَ الحَصَى
__________
(1) ديوان امرئ القيس 92 واللسان (جيل).
(2) الرجز لرؤبة في ديوانه 169 واللسان (جأب).
(3) أي من جبريل حين رآه، صلى الله عليه وسلم.(1/444)
عَليكَ وذُو الجَُبُّورَةِ المتُغَطْرِفُ(1)
ويقال فيه جبريّة وجَبَرُوَّةٌ(2) وجَُبَُروتٌ وجَُبُّورة. وجَبَرْت العظْم فجَبَر. قال:
* قد جَبَرَ الدِّينَ الإلهُ فَجَبَرْ(3) *
ويقال للخَشَب الذي يُضَمُّ به العَظْمُ الكسيرُ جِبارة، والجمع جبائِر. وشُبِّه السِّوارُ فقيل له جِبارة. وقال:
وأرَتْكَ كَفّاً في الخِضا
ب ومِعْصماً مِلْءَ الجِبَارَه(4)
ومما شذَّ عن الباب الجُبَار وهو الهَدَر. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "البِئْرُ جُبَارٌ، والمَعْدِنُ جُبار". فأمَّا البئر فهي العادِيّةُ القديمة لا يُعلم لها حافرٌ ولامالك، يقع فيها الإنسانُ أو غيره، فذلك (5) هدر. والمعدنُ جُبارٌ، قومٌ يحفرونه بِكِراءٍ فينهارُ عليهم، فذلك جُبارٌ، لأنّهم يعملون بِكِراء.
جبز - جبس - جبع - جبل
ويقال أجبرتُ فلاناً على الأمر، ولا يكون ذلك إلاّ بالقَهْر وجنسٍ من التعظم عليه.
(جبز) الجيم والباء والزاء ليس عندي أصلاً، وإن كانوا يقولون: الجَبيزُ الخُبز اليابس. وفيه نظر. وقال قوم: الجِبْزُ اللَّئيم. فإن كان صحيحاً فالزاء مبدلة من سِين.
(جبس) الجيم والباء والسين كلمةٌ واحدة: الجِبْس، وهو اللئيم، ويقال الجَبَان.
(جبع) الجيم والباء والعين، يقال إنّ فيه كلمتين: إحداهما الجُبَّاع من السِّهام: الذي ليس له ريشٌ وليس له نَصْل. ويقال الجُبَّاعة المرأة القصيرة.
__________
(1) لمغلس بن لقيط الأسدي، يعاتب رجلاً كان والياً على أضاخ. اللسان (جبر، غطرف).
(2) جبرية، بفتح وبفتحتين، وبكسر وبكسرتين، وجبروة بفتحتين، وبفتح فسكون الراء وتشديد الواو.
(3) مطلع أرجوزة للعجاج. ديوانه 15 واللسان (جبر).
(4) للأعشى في ديوانه 112 واللسان (جبر). وفي الأصل: "وارتد". وفي الديوان: "وساعدا" بدل: "ومعصما".
(5) في الأصل: "فكذلك".(1/445)
(جبل) الجيم والباء واللام أصلٌ يطَّرد ويُقاس، وهو تجمُّع الشيء في ارتفاعٍ. فالجبل معروف، والجَبَل: الجماعة العظيمة الكثيرة. قال:
أما قريش فإنْ تلقاهُمُ أبداً
إلاّ وهمْ خيرُ مَنْ يَحْفى وينتعِلُ
إلاَّ وهمْ جَبَلُ الله الذي قَصُرَتْ
عنه الجبالُ فَمَا سَاوَى به جَبَلُ
ويقال للناقة العظيمة السنام جَبَلَةٌ. وقال قوم: السّنَام نَفْسُه جَبْلةٌ وامرأةٌ جَبْلةٌ: عظيمة الخَلْق. وقال في الناقة:
وطَالَ السّنامُ على جَبْلَةٍ
كخَلْقاءَ مِن هَضَباتِ [الصَّجَنْ(1)]
والجِبِلَّة: الخَلِيقة. والجِبِلُّ: الجماعة الكثيرة. قال الله تعالى: { وَلَقَدْ أَضَلَّ
جبن - جبه - جبي
مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً } [يس 62]، و { جُبُلاًّ } أيضاً(2). ويقال حَفَر القومُ فأجْبَلُوا، إذا بلغوا مكاناً صُلْباً.
(جبن) الجيم والباء والنون ثلاث كلماتٍ لا يقاس بعضُها ببعض. فالجُبْن: الذي يُؤكل، وربما ثقّلت نونُه مع ضم الباء. والجُبْن: صفة الجبان. والجَبينان: ما عن يمين الجبهةِ وشِمالها، كلُّ واحدٍ منهما جَبين.
__________
(1) للأعشى في ديوانه ص16 (واللسان جبل). وإثبات الكلمة الأخيرة مما سيأتي في (ضجن). وفي الديوان واللسان: "الحضن".
(2) القراءة الأولى قراءة نافع وعاصم وأبي جعفر، والأخيرة قراءة روح. وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ورويس وخلف وابن محيصن والحسن والأعمش: (جبلا) بضمتين وتخفيف اللام. وقرأ أبو عمرو وابن عامر بضم الجيم وسكون الباء وتخفيف اللام.(1/446)
(جبه) الجيم والباء والهاء كلمةٌ واحدة، ثمَّ يشبَّه بها. فالجبهة: الخيلُ. والجَبْهَة من الناس: الجماعةُ. والجَبهة: كوكبٌ، يقال هو جَبْهَة الأسد.ومن الباب قولهم جَبَهْنا الماء إذا وَرَدْناه وليست عليه قامةٌ ولا أداة. وهذا من الباب؛ لأنّهم قابَلُوه وليس بينهم ما يستعينون به على السَّقي. والعرب تقول: "لكل جَابِهٍ جَوْزَةٌ، ثم يُؤَذَّن". فالجابِهُ ما ذكرناه. والجَوْزة: قدر ما يَشْرَب ثَمَّ ويجوز(1).
(جبي) الجيم والباء وما بعده من المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدل على جَمْع الشيء والتجمُّع. يقال جَبَيْتُ* المالَ أجْبِيه جِبايةً، وجَبَيْتُ الماءَ في الحوض. والحوضُ نَفْسُه جابيةٌ. قال الأعشى:
تَروحُ على آلِ المُحَلَّق جَفْنَةٌ
كجابية الشَّيخ العراقيِّ تَفْهَقُ(2)
جبأ
والجَبَا، مقصورٌ: ما حولَ البئر. والجِبَا بكسر الجيم: ما جُمِع من الماء في الحوض أو غيره. ويقال له جِبْوَة وجِبَاوة. قال الكسائيّ: جَبَيْت الماءَ في الحوض جَِبىً(3). وجَبَّى يُجَبّي، إذا سَجَدَ؛ وهو تَجَمُّعٌ.
(جبأ) الجيم والباء والهمزة أصلان: أحدهما التنحِّي عن الشيء. يقال جبأت عن الشيء، إذا كعَِعْتَ(4). والجُبَّأُ، مقصور مهموز (5): الجبان. قال:
فما أنَا مِن رَيبِ المَنُونِ بجُبَّأٍ
وما أنا مِن سَيب الإله بيائسِ(6)
__________
(1) وأما يؤذن، فهو من قولهم أذنت الرجل تأذيناً: إذا رددته.
(2) ديوان الأعشى 150 برواية: "نفى الذم عن آل المحلق"، واللسان (حلق، فهق، جبي) برواية المقاييس. ويروى: "كجابية السيح" كما في اللسان، وهو الماء الجاري. وانظر (فهق).
(3) زاد المجمل في كلمة "مقصور".
(4) في الأصل: "كعكعت" تحريف. ويقال كععت، بفتح العين وكسرها.
(5) ويمد أيضاً مع التشديد فيقال: "جباء".
(6) لمفروق بن عمرو الشيباني، يرثي إخوته قيساً والدعاء وبشراً، وكانوا قد قتلوا في غزوة بارق، وقبل البيت كما في اللسان (جبأ):
أبكي على الدعاء في كل شتوة
ولهفي على قيس زمام الفوارس(1/447)
ويقال جَبَأَتْ عَيني عن الشيء، إذا نَبَتْ. وربما قالوا هذه بضدِّه فقالوا: جَبَأتُ على القوم، إذا أشرَفْتَ عليهم.
ومما شذَّ عن هذا الأصل الجَبْءُ: الكمأةُ، وثلاثة أجْبُؤٍ. وأجْبأَتِ الأرض، إذا كثُرَتْ كمأتُها.
ومما شذَّ أيضاً قولهم: أجْبَأْتُ، إذا اشتريتَ زَرعاً قبل بُدُوِّ صَلاحه. وبعضُهم يقوله بلا همزٍ. وروي في الحديث: "مَنْ أجْبَى فقد أرْبَى". وممكنٌ أن يكون الهمزُ ترك لَمَّا قُرِنَ بأربَى.
جثر - جثل - جثم
(باب الجيم والثاء وما يثلثهما)
(جثر) الجيم والثاء والراء كلمة فيها نظر. قال ابن دُريد: مكان جَثْرٌ: ترابٌ يَخلِطُه سَبَخٌ(1).
(جثل) الجيم والثاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على لِين الشيء. يقال شعر جَثْلٌ: كثيرٌ ليِّن. واجْثأَلَّ النبتُ: طال. واجْثَأَلَّ الطائر: نَفَشَ رِيشَه. ومما شذَّ عن الأصل: "ثكِلَتْه الجَثَل(2)" وهي أمُّه. ويقال الجَثْلَة: النَّملة السَّوْدَاء.
(جثم) الجيم والثاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع الشيء. فالجُثْمان: شخص الإنسان. وجَثَم، إذا لَطِئ بالأرض. وجَثَم الطّائر يَجْثُِمُ. وفي الحديث: "نهى عن المُجَثَّمة"، وهي المصبورة على الموت.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم)
وذلك على أضرب:
فمنه ما نُحِت من كلمتين صحيحتي المعنى، مطّردتَيِ القياس. ومنه ما أصله كلمةٌ واحدة وقد أُلحِق بالرُّباعي والخماسي بزيادةٍ تدخله. ومنه ما يوضع كذا وَضْعا. وسنفسر ذلك إن شاء الله تعالى.
فمن المنحوت قولهم للباقي من أصل السَّعَفة إذا قُطِعت (جُذمُور). قال:
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
بَنَانَتَيْنِ وجُذْمُوراً أُقِيمُ بها
__________
(1) نص الجمهرة (2: 32): "الحثر مكان فيه تراب يخلطه سبخ".
(2) في أمثال الميداني: "ثكلتك الجثل".(1/448)
صَدْرَ القناةِ إذا ما آنَسُوا فَزَعا(1)
وذلك من كلمتين: إحداهما الجِذْم وهو الأصل، والأخرى الجِذْر وهو الأصل. وقد مرّ تفسيرهما. وهذه الكلمة من أدَلّ الدليل على صحّة مذهبنا في هذا الباب. وبالله التوفيق.
ومن ذلك قولهم للرجل إذا سَتَر بيديه طعامَه كي لا يُتَناوَل (جَرْدَبَ) من كلمتين: من جَدَب لأنه يمنع طعامه، فهو كالجَدْب المانع خَيْرَه، ومن الجيم والراء والباء، كأنه جعل يديه جراباً يَعِي الشيءَ ويَحويه. قال:
إذا ما كُنْتَ في قومٍ شَهَاوَى
فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَُرْدُبَانا(2)
ومن ذلك [قولهم] للرَّملة المشرفة على ما حولها (جُمْهُور). وهذا من كلمتين من جَمَرَ؛ وقد قلنا إنّ ذلك يدلُّ على الاجتماع، ووصفنا الجَمَرات من العرب بما مضى ذِكره. والكلمة الأخرى جَهَر؛ وقد قلنا إنّ ذلك من العلوّ. فالجمهور شيءٌ متجمِّعٌ عالٍ.
ومن ذلك قولهم لقرية النّمل (جُرثُومة). فهذا من كلمتين: من جَرَم
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
وجَثَم، كأنه اقتَطَعَ من الأرض قطعةً فجثم فيها. والكلمتان قد مضتا بتفسيرهما.
__________
(1) البيت لعبد الله بن سبرة يرثي يده، وكانت قد قطعت في غزوات الروم. وقبل البيت كما في اللسان (جذمر) وأمالي القالي (1: 47):
فإن يكن أطربون الروم قطعها
فإن فيها بحمد الله منتفعا
... وفي الأصل: "أقيم به" وإنما الضمير للبنانتين والجذمور.
(2) البيت في اللسان (جردب) وأمالي القالي (2: 54) والجمهرة (3: 298) بدون نسبة. وفي الجمهرة
(3: 414): "يمينك"، تحريف. "وجردبان" يقال بضم الجيم والدال وفتحهما. والحق أن الكلمة من الفارسي المعرب، وهي في الفارسية "كردهبان" أي حافظ الرغيف. و" كرده" هو الرغيف. انظر اللسان والمعرب 110 ومعجم استينجاس 1081.(1/449)
ومن ذلك قولهم للرجل إذا صُرع (جُعْفِلَ). وذلك من كلمتين: من جُعِف *إذا صُرع، وقد مرّ تفسيره. وفي الحديث: "حتى يَكون انجعافُها مرة". ومن كلمة أخرى وهي جَفَل، وذلك إذا تجمَّع فذَهَب. فهذا كأنه جُمِع وذُهِب به. ومن ذلك قولهم للحَجَر وللإبل الكثيرة (جَلْمَدٌ). قال الشاعر في الحجارة:
جَلامِيدُ أملاءُ الأكُفِّ كأنها
رُؤوسُ رِجالٍ حُلِّقت في المواسِمِ(1)
وقال آخر في الإبل الجَلْمَد:
أو مائةٍ تُجْعَلُ أولادُها
لَغْواً وعُرْضَ المائَةِ الجَلْمَدِ(2)
وهذا من كلمتين: من الجَلَد، وهي الأرض الصُّلبة، ومن [الجَُمَُد]، وهي الأرض اليابسة، وقد مرَّ تفسيرهما.
ومن ذلك قولهم للجمل العظيم (جُرَاهِمٌ جُرْهُم). وهذا من كلمتين من الجِرْم وهو الجَسَد، ومن الجَره وهو الارتفاع في تجمُّع. يقال سمِعْتُ جَرَاهِيَة القوم، وهو عالي كلامِهم دون السِّرّ.
ومن ذلك قولهم للأرض الغليظة (جَمْعَرَة). فهذا من الجمْع ومن الجمْر. وقد مضى ذكره.
ومن ذلك قولهم للطويل (جَسْرَبٌ). فهذا من الجَسْر وقد ذكرناه، ومن سَرَب إذا امتدَّ.
ومن ذلك قولهم للضخم الهامة المستدير الوجه (جَهْضَمٌ). فهذا من الجَهْم ومن الهَضَم. والهَضَم: انضمامٌ في الشيء. ويكون أيضاً من أهضام الوادي، وهي أعاليه. وهذا أقْيَسُ من الذي ذكرناه في الهَضَم الذي معناه الانضمام.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
ومن ذلك قولهم للذاهب على وَجْهِه (مُجْرَهِدٌ). فهذا من كلمتين: من جَرَد أي انجرَدَ فمَرَّ، ومن جَهَد نَفْسَه في مُرُوره.
__________
(1) البيت من أبيات لنافع بن خليفة الغنوي، في أمالي القالي (3: 116) .
(2) البيت للمثقب العبدي، من أول قصيدة له في ديوانه مخطوطة دار الكتب رقم 565. وسيأتي في (لغو) وهو في اللسان (عرض). وقد أنشده في (جلمد) محرفاً غير منسوب.(1/450)
ومن ذلك قولهم للرّجُل الجافي المُتَنَفِّج(1) بما ليس عنده (جِعْظَارٌ(2)). وهذا من كلمتين من الجَظِّ والجَعْظ، كلاهما الجافي، وقد فُسِّرَ فيما مضى(3).
ومنه (الجِنْعَاظ) وهو من الذي ذكرناه آنفاً والنون زائدة. قال الخليل: يقال إنه سيئ الخُلق، الذي يتسخَّط عند الطَّعام. وأنشد:
* جِنْعَاظَةٌ بأهلِهِ قد بَرَّحَا(4) *
ومن ذلك قولهم للوحشيِّ إذا تَقَبَّض في وجاره (تَجَرْجَمَ)، والجيم الأولى زائدةٌ، وإنما هو من قولنا للحجارة المجتمعة رُجْمَةٌ. وأوضحُ من هذا قولهم للقَبْر الرَّجَم، فكأنَّ الوحشيَّ لمّا صار في وِجاره صار في قبرٍ.
ومنها قولهم للأرض ذات الحجارة (جَمْعَرة). وهذا من الجمرات، وقد قلنا إنّ أصلها تجمُّع الحجارة، ومن المَعِر وهو الأرض لا نبات به(5).
ومنها قولهم للنهر (جَعْفر). ووجهه ظاهر أنه من كلمتين: من جَعَف إذا صَرَع؛ لأنه يصرع ما يلقاه من نباتٍ وما أشبهه، ومن الجَفْر والجُفْرَة والجِفار والأجْفَر وهي كالجُفَر.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
ومن ذلك قولهم في صفة الأسد (جِرْفاسٌ) فهو من جَرَف ومن جرَس، كأنّه إذا أكل شيئاً وجَرَسه جَرَفَه.
__________
(1) "المتنفج" المفتخر بأكثر مما عنده كما في القاموس. وفي الأصل: "المنتفج" تحريف.
(2) في الأصل: "جعظار"، صوابه من المجمل واللسان، وفي اللسان: عند الكلام على الجعظار: "وهو أيضاً الذي ينتفج بما ليس عنده مع قصر ". وفي أصل اللسان: "يتنفخ" والوجه ما أثبت.
(3) في هذا التخريج تقصير، وذاك أنه لم يأت بكلمة فيها الراء. ولعله جعل الراء زائدة، كما سيأتي في تخريج بعض الكلمات.
(4) بعده كما في اللسان (جنعظ):
إن لم يجد يوماً طعاماً مصلحا
قبح وجهاً لم يزل مقبحا
(5) ذهب بلفظ "الأرض" هنا إلى الموضع والمكان، كما ذهب الآخر في قوله:
فلا مزنة ودقت ودقها
ولا أرض أبقل إبقالها(1/451)
وأما قولهم للداهية (ذات الجنادِع) فمعلوم في الأصل الذي أصَّلناه أنّ النون زائدة، وأنه من الجَدْع، وقد مضى. وقد يقال إنّ جَنادع كلِّ شيءٍ أوائلُه، وجاءت جنادع الشرِّ.
ومن ذلك قولهم للصُّلب الشديد (جَلْعَدٌ) فالعين زائدة، وهو من الجَلَد. وممكنٌ أنْ يكون منحوتاً من الجَلَعِ أيضاً، وهو البُروز؛ لأنه إذا كان مَكاناً صُلْباً فهو بارزٌ؛ لقلّةِ النبات به.
ومن ذلك قولهم للحادِرِ(1) السمين (جَحْدَلٌ) فممكن أن يقال إن الدال زائدةٌ، وهو من السِّقاء الجَحْل، وهو العظيم، ومن قولهم مَجدُول الخَلْق، وقد مضى. ومن ذلك قولهم ( تَجَرْمَزَ اللَّيلُ) ذهَبَ. فالزاء زائدة، وهو من تجرّم. والميم زائدةٌ في وجهٍ آخر، وهو من الجَرْز وهو القَطْع، كأنه شيءٌ قُطِعَ قَطْعاً؛ ومن رَمَزَ إذا تحرّكَ واضطرب. يقال للماء المجتمع المضطرب رَامُوزٌ. ويقال الرّاموز اسمٌ من أسماء البحر.
ومن ذلك (تَجَحْفَلَ القوم): اجتمعوا، وقولهم للجيش العظيم (جَحفَلٌ)، و(جَحْفَلة الفَرَس). وقياس هؤلاء الكلماتِ واحدٌ، وهو من كلمتين: من الحَفْل وهو الجَمْع، ومن الجَفْل، وهو تَجَمُّع(2) الشيء في ذهابٍ. ويكون له وجه آخر: أن يكون من الجَفْل ومن الجَحْف، فإنهم يَجْحَفُون الشيءَ جحفاً. *وهذا عندي أصوبُ القولين.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
ومن ذلك قولهم للبعير المنتفخ الجنبين (جَحْشَمٌ) فهذا من الجَشِمِ، وهو الجسيم العظيم، يقال: "ألقى عليَّ جُشَمَه"، ومن الجَحْش وقد مضى ذكره، كأنّه شُبّه في بعض قوّته بالجَحْش.
ومن ذلك قولهم للخفيف (جَحْشَلٌ(3)
__________
(1) الحادر، بالحاء المهملة: الممتلئ لحماً وشحماً مع ترارة. وفي الأصل: "قولهم مجدول للجادر"، وفيه إقحام وتحريف.
(2) في الأصل: "وهو إذا تجمع".
(3) يقال: جحشل وجحاشل للخفيف السريع. قال:
لاقيت منه مشمعلا جحشلا
إذا خببت في اللقاء هرولا(1/452)
) فهذا مِمّا زيدت فيه اللام، وإنّما هو من الجَحْشِ، والجحشُ خفيف.
ومن ذلك قولهم للانقباض (تَجَعْثُم). والأصل فيه عندي أنّ العين فيه زائدة، وإنما هو من التجثم، ومن الجُثمان. وقد مضى ذكره.
ومن ذلك قولهم للجافي (جَرْعَب) فيكون الراء زائدة. والجَعَب: التَقَبُّض والجَرَع: التِواءٌ في قُوَى الحبل. فهذا قياسٌ مطرد.
ومن ذلك قولهم للقصير (جَعْبَر)، وامرأةٌ جَعْبَرة: قصيرة. قال:
* لا جَعْبَرِيَّاتٍ ولا طَهَامِلاَ(1) *
فيكون من الذي قبله، ويكون الراء زائدة.
ومن ذلك قولهم للِثَّقيل الوَخِم (جَلَنْدَحٌ(2)). فهذا من الجَلْح(3) والجَدْع، والنون زائدة. وقد مضى تفسير الكلمتين.
ومن ذلك قولهم للعجوز المُسِنّة (جَلْفَزِيزٌ). فهذا من جَلَزَ وجلف. أمّا
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
جلز فمن قولنا مجلوز، أي مطويٌّ، كأنّ جسمَها طُوِي من ضُمْرها وهُزالها. وأمّا جَلَفَ فكأنّ لحمها جُلِفَ جَلْفاً أي ذُهِب به.
ومن ذلك قولهم للقاعد (مُجْذَئِرٌّ) فهذا مِنْ جَذَا: إذا قَعَد على أطراف قدمَيه. قال:
* وصَنّاجةٌ تَجْذُو على حَدِّ مَنْسِمِ(4) *
ومن الذَّئر(5) وهو الغَضْبان النّاشز. فالكلمة منحوتة من كلمتين.
ومن ذلك قولهم للعُسِّ الضَّخْم (جُنْبُل) فهذا ممّا زيدت فيه النون كأنّه جَبَل، والجَبَل كلمة وجْهها التجمُّع. وقد ذكرناها.
__________
(1) لرؤبة في ديوانه 121 واللسان (جعبر، قسس، طهمل). وقبله:
يمسين عن قس الأذى غوافلا
ينطقن هوناً خردا بهاللا
(2) في الأصل: "جلندع" بالعين، والصواب ما أثبت كما في المجمل واللسان والقاموس. وليس للجلندع ذكر في المعاجم.
(3) في الأصل "الجلع". وانظر التنبيه السابق.
(4) للنعمان بن عدي بن نضلة، كما سبق في حواشي (جذو 439).
(5) يقال: "ذئر وذائر" كلاهما للمذكر والمؤنث بلفظ واحد.(1/453)
ومن ذلك قولهم للجافي (جُنادِفٌ) فالنون فيه زائدة، والأصل الجَدْفُ وهو احتقار الشَّيء؛ يقال جَدَف بكذا أي احتقر، فكأن الجُنادِفَ المحتقر للأشياء، من جفائه.
ومن ذلك قولهم للأكول (جُِرْضُِم). فهذا ممّا زيدت فيه الميم، فيقال [من] جَرَض إذا جَرَشَ وجَرَسَ. ومن رضَم أيضاً فتكون الجيم زائدة.
ومعنى الرّضم أن يَرضِمَ ما يأكله بَعضَه على بعضٍ.
ومن ذلك قولهم للجمل العظيم (جُخْدَُب)، فالجيم زائدة. وأصله من الخَدَب؛ يقال للعظيم خِدَبٌّ. وتكون الدال زائدةً؛ فإنّ العظيم جِخَبٌّ أيضاً. فالكلمة منحوتةٌ من كلمتين.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
ومن ذلك قولهم للعظيم الصدر (جُرْشُعٌ) فهذا من الجَرْش، والجَرْش. صدر الشيء. يقال جَرْشٌ من اللَّيل، مثل جَرْس. ومن الجَشَع، وهو الحرص الشديد. فالكلمة أيضاً منحوتة من كلمتين.
ومن ذلك قولهم للجرادة (جُنْدَُبٌ). فهذا نونه زائدةٌ، و[هو] من الجَدْب؛ وذلك أنّ الجراد يَجْرُد فيأتي بالجدْب، وربما كَنَوا في الغَشْم والظُّلم بأمِّ جُنْدَُب، وقياسُه قياسُ الأصل. ومن ذلك قولهم للشيخ الهِمِّ (جِلْحابَة). فهذا من قولهم جَنَحَ ولَحَبَ. أمَّا الجَلَح فذَهابُ شَعَْر مقدَّم الرأس. وأمّا لحب فمن قولهم لُحِبَ لحمُهُ يُلْحَبُ، كأنه ذُهِبَ به. وطَرِيقٌ لَحْبٌ من هذا.
ومن ذلك قولهم للحجر (جَنْدَل). فممكنٌ أن يكون نونه زائدة، ويكون من الجَدْل وهو صلابةٌ في الشّيء وطَيٌّ وتداخُل، يقولون خَلْقٌ مَجْدُول. ويجوز أن يكون منحوتاً من هذا ومن الجَنَد، وهي أرضٌ صُلْبة. فهذا ما جاء على المقاييس الصحيحة.
ومما وُضِع وضْعاً ولم أعرِف له اشتقاقاً:
(المُجْلَنْظِي): الذي يستلقي على ظهره ويرفع رِجْلَيْهِ.
و(المجلَعِبُّ(1)): المضطجع. وسيلٌ مُجْلَعِبٌّ: كثير القَمْشِ.
و(المجْلَخِدّ): المستلقِي.
__________
(1) في الأصل: "مجعلب" صوابه بتقديم اللام.(1/454)
(وجَحْمظْت) الغلامَ، إذا شددتَ يديه إلى رجليه وطرحته(1).
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
و(الجُخْدَُب): دُوَيْبّة، ويقال له جُخَادِبٌ، والجمع جَخَادِبُ.
و(الجُعْشُم(2)) الصغير البَدَن القليلُ اللَّحْم.
و(الجَلَنْفَعُ): الغليظ من الإبل [و(الجُخْدَُبُ): الجَمَل الضَّخْم(3)] قال:
* شَدّاخَةً ضَخْمَ الضُّلوعِ جَخْدَبا(4) *
ويقال (اجْلَخَمَّ) القومُ، إذا استكبَرُوا. قال:
* نَضْرِبُ جَمْعَيْهِمْ إذا اجْلَخَمُّوا(5) *
و(الجِعْثَنُ): أصول* الصِّلِّيان. و(الجَلْسَد): اسمُ صَنَم(6). قال:
............... كما ... ... بَيْقَرَ مَنْ يَمْشِي إلى الجَلْسَدِ(7)
و(الجِرْسَام) السَُِّم الزُّعاف.
ــــــ
(تم كتاب الجيم)
مراجع التحقيق والضبط
__________
(1) كذا. وفي اللسان: "جحمظ الغلام شد يديه على ركبتيه" فقط. وفي القاموس: "الجحمظة.. وشد يدي الغلام على ركبتيه ليضرب، أو الإيثاق كيف كان".
(2) في الأصل: "الجعثم"، صوابه بالشين.
(3) هذه التكملة من المجمل كما جاء الكلام فيه على النسق الذي أوردته، وكما أن الاستشهاد التالي يتطلب إيرادها.
(4) البيت لرؤبة كما في اللسان (جخدب). وليس في ديوانه. وبه استشهد الجوهري في الصحاح على أنه في صفة الجمل الضخم. وقد اعترض ابن بري بأن ليس كذلك، وإنما هو في صفة فرس. وقبله:
ترى له مناكباً ولببا
وكاهلا ذا صهوات شرجبا
(5) البيت للعجاج في ديوانه 63 واللسان (جلخم). وفي الأصل: "جميعهم"، تحريف.
(6) قال ياقوت: "اسم صنم كان بحضرموت. ولم أجد ذكره في كتاب الأصنام لأبي المنذر هشام بن محمد الكلبي".
(7) سبق الاستشهاد بهذا الجزء على تلك الصورة في مادة (بقر 280) حيث ذكرت في الحواشي نسبته وتمامه. وفي الأصل: "كما ينظر" تحريف.
ــــــــــــــ
تم الجزء الأول من مقاييس اللغة بتقسيم محققه(1/455)
مراجع التحقيق والضبط (1)
الآثار الباقية للبيروني. طبع ليبسك 1878.
الإتباع والمزاوجة لابن فارس. طبع غيسن 1906م.
إتحاف فضلاء البشر للدمياطي. طبع القاهرة 1359.
أخبار الظراف والمتماجنين لابن الجوزي. طبع دمشق 1347.
أدب الكاتب لابن قتيبة. طبع السلفية 1346.
إرشاد الأريب لياقوت. طبع دار المأمون 1355.
الأزمنة والأمكنة للمرزوقي. طبع حيدر أباد 1332.
أساس البلاغة للزمخشري. طبع دار الكتب 1341.
أسماء خيل العرب لابن الأعرابي. طبع ليدن 1928م.
الاشتقاق لابن دريد. طبع جوتنجن 1853م.
الإصابة لابن حجر. طبع القاهرة 1323.
الأصمعيات للأصمعي. طبع ليبسك 1902م.
الأضداد لابن الأنباري. طبع القاهرة 1325.
الأغاني لأبي الفرج. طبع محمد ساسي 1323.
الاقتضاب لابن السيد. طبع بيروت 1901م.
أمالي ثعلب. طبع دار المعارف 1369.
أمالي القالي. طبع دار الكتب المصرية 1344.
أمالي المرتضى. طبع القاهرة 1325.
إنباه الرواة للقفطي. مصورة دار الكتب المصرية برقم 2579 تاريخ.
الإنباه على قبائل الرواة، لابن عبد البر. طبع القاهرة 1350.
مراجع التحقيق والضبط
الأنساب للسمعاني. طبع ليدن 1912م.
الإنصاف لابن الأنباري 5 طبع القاهرة 1364.
أوجز السير لابن فارس. طبع بمباي 1311.
البداية والنهاية لابن كثير. طبع القاهرة 1358.
بغية الوعاة للسيوطي. طبع القاهرة 1326.
تاج العروس للزبيدي. طبع القاهرة 1306.
تاريخ بغداد للخطيب. طبع القاهرة 1349.
تذكرة الحفاظ للذهبي. طبع حيدر أباد 1333م.
تفسير أبي حيان. طبع القاهرة 1328.
تكملة شعر الأخطل. طبع الكاثوليكية ببيروت 1938م.
تمام فصيح الكلام لابن فارس. مخطوطة المكتبة التيمورية 523 لغة .
تنبيه البكري على أمالي القالي. طبع دار الكتب 1344.
__________
(1) لم أذكر هنا إلا ما ورد له ذكر في أثناء التحقيق والضبط بهذا الجزء.
... وسيضاف في نهاية كل جزء من الأجزاء التالية ما يحتاج إليه التحقيق.(1/456)
تهذيب الألفاظ لابن السكيت. طبع بيروت 1895م.
تهذيب التهذيب لابن حجر. طبع حيدر أباد 1325.
ثمار القلوب للثعالبي. طبع القاهرة 1326.
الجمهرة لابن دريد. طبع حيدر أباد 1351.
جمهرة أشعار العرب. طبع بولاق 1308.
الحيوان للجاحظ. طبع الحلبي 1358-1366.
خزانة الأدب للبغدادي. طبع بولاق 1299.
الخصائص لابن جني. طبع القاهرة 1331.
الخيل لأبي عبيدة. طبع حيدر أباد 1358.
دمية القصر للباخرزي. طبع حلب 1348م.
ديوان الأخطل. طبع بيروت 1891.
ديوان الأعشى. طبع جاير 1927م.
ديوان الأفوه. مخطوطة دار الكتب المصرية برقم 12 ش أدب.
ديوان امرئ القيس. طبع القاهرة 1324.
مراجع التحقيق والضبط
ديوان أمية بن أبي الصلت. طبع بيروت 1353.
ديوان أوس بن حجر. طبع جاير 1892م.
ديوان جران العود. طبع دار الكتب 1350.
ديوان جرير. طبع القاهرة 1315.
ديوان حاتم. (من مجموع خمسة دواوين) طبع القاهرة 1293.
ديوان حسان. طبع القاهرة 1347.
ديوان الحطيئة. طبع مطبعة التقدم بالقاهرة.
ديوان الحماسة للبحتري. طبع القاهرة 1929م.
ديوان الحماسة لأبي تمام. طبع القاهرة 1331.
ديوان الحماسة لابن الشجري. طبع حيدر أباد 1345.
ديوان الخنساء. طبع بيروت 1895م.
ديوان أبي ذؤيب. طبع دار الكتب 1364.
ديوان ذي الرمة. طبع كمبردج 1919.
ديوان رؤبة. طبع ليبسك 1903م.
ديوان زهير. طبع دار الكتب 1363.
ديوان سلامة بن جندل. طبع بيروت 1910م.
ديوان الشماخ. طبع مطبعة السعادة.
ديوان طرفة. طبع قازان 1909م.
ديوان الطرماح. طبع ليدن 1928م.
ديوان عبيد بن الأبرص. طبع ليدن 1913م.
ديوان العجاج. طبع ليبسك 1903م.
ديوان علقمة الفحل (من مجموع خمسة دواوين) طبع القاهرة 1293.
ديوان عمر بن أبي ربيعة. طبع القاهرة 1311.
ديوان عنترة. طبع الرحمانية.
ديوان الفرزدق. طبع القاهرة 1354.
مراجع التحقيق والضبط
ديوان القطامي. طبع برلين 1902م.
ديوان قيس بن الخطيم. طبع ليبسك 1914م.(1/457)
ديوان ابن قيس الرقيات: طبع فينا 1902م.
ديوان كثير. طبع الجزائر 1928م.
ديوان كعب بن زهير . مخطوطة دار الكتب برقم 11407ز.
ديوان الكميت. طبع ليدن 1904م.
ديوان لبيد. طبع فينا 1880 و 1881م.
ديوان المتلمس. مخطوطة الشنقيطي بدار الكتب برقم 598 أدب.
ديوان المعاني للعسكري. طبع القاهرة 1352.
ديوان النابغة (من مجموع خمس دواوين). طبع القاهرة 1293.
ديوان الهذليين. طبع دار الكتب 1324.
ديوان الهذليين نسخة الشنقيطي المخطوطة بدار الكتب برقم 6 ش أدب.
ذم الخطأ في الشعر. طبع القاهرة 1349.
رسالة التلميذ للبغدادي. نشرت بمجلة المقتطف عدد مارس 1945م.
الروض الأنف للسهيلي. طبع القاهرة 1332.
زهر الآداب للحصري. طبع القاهرة 1925م.
سيرة ابن هشام. طبع جوتنجن 1859م.
شذرات الذهب، لابن العماد. طبع القاهرة 1350.
شرح أشعار الهذليين للسكري. طبع لندن 1854م.
شرح بانت سعاد. طبع القاهرة 1321.
شرح شواهد المغني للسيوطي. طبع القاهرة 1322.
شرح المفضليات للأنباري. طبع بيروت 1930م.
شرح المقامات للشريشي. طبع بولاق 1300.
الشعر والشعراء لابن قتيبة. طبع القاهرة 1322.
شعراء النصرانية. طبع بيروت 1890م.
مراجع التحقيق والضبط
الصاحبي لابن فارس. طبع القاهرة 1328.
الصحاح للجوهري. طبع بولاق 1282.
صفوة الصفوة لابن الجوزي. طبع حيدر أباد 1355.
العقد لابن عبد ربه. طبع القاهرة 1331.
العمدة لابن رشيق. طبع القاهرة 1344.
عيون الأخبار لابن قتيبة. طبع دار الكتب 1343.
الغريب المصنف. مخطوطة دار الكتب المصرية برقم 121 لغة.
فقه اللغة للثعالبي. طبع الحلبي 1357.
القراءات الشاذة لابن خالويه. طبع القاهرة 1934م.
الكامل لابن الأثير. طبع بولاق 1290.
الكامل للمبرد. طبع ليبسك 1864م.
كتاب سيبويه. طبع بولاق 1316.
كشف الظنون لحاجي خليفة. طبع تركيا 1310.
الكنايات للجرجاني. طبع القاهرة 1326.
مجمع الأمثال للميداني. طبع القاهرة 1342.(1/458)
المجمل لابن فارس. طبع القاهرة 1331.
المجمع المؤسس لابن حجر العسقلاني: مخطوطة دار الكتب برقم 75 مصطلح.
مجموع أشعار الهذليين. طبع ليبسك 1933م.
مختصر في المذكر والمؤنث لابن فارس. مخطوطة المكتبة التيمورية برقم 265 لغة.
المخصص لابن سيده. طبع بولاق 1318.
مرآة الجنان لليافعي. طبع حيدر أباد 1339.
المرصع لابن الأثير. طبع ديمار 1896م.
المزهر للسيوطي. طبع دار إحياء الكتب العربية 1364.
المعارف لابن قتيبة. طبع القاهرة 1353.
معجم البلدان لياقوت. طبع القاهرة 1323.
مراجع التحقيق والضبط
معجم الشعراء للمرزباني. طبع القاهرة 1354.
المعجم الفارسي الإنجليزي لاستينجاس. طبع لندن 1920م.
المعرب للجواليقي. طبع دار الكتب 1361.
المعلقات السبع للزوزني . طبع القاهرة 1340.
المعلقات العشر للتبريزي. طبع القاهرة 1343.
المفضليات للضبي. طبع المعارف 1361.
المعمرين للسجستاني. طبع القاهرة 1362.
مقالة كلا وما جاء منها في كتاب الله. طبع السلفية 1347.
مقامات الحريري. طبع القاهرة 1326.
الملاحن لابن دريد. طبع السلفية 1343.
الميسر والقداح لابن قتيبة. طبع السلفية 1343.
نزهة الألباء لابن الأنباري. طبع القاهرة 1294.
نسب الخيل لابن الكلبي. طبع ليدن 1928م.
نوادر أبي زيد. طبع بيروت 1894م.
النيروز لابن فارس. مخطوطة المكتبة التيمورية برقم 402 لغة.
وفيات الأعيان. طبع القاهرة 1310.
يتيمة الدهر. طبع دمشق 1303.
ــــــــــ(1/459)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحاء
(باب ما جاء من كلام العرب في المضاعف والمطابق أوّلُه حاء،
وتفريعِ مقاييسه)
(حد) الحاء والدال أصلان: الأوّل المنع، والثاني طَرَف الشيء.
فالحدّ: الحاجز بَيْنَ الشَّيئين(1). وفلان محدودٌ، إذا كان ممنوعاً. و"إنّه لَمُحارَفٌ محدود"، كأنه قد مُنِع الرِّزْقَ. ويقال للبوَّاب حَدّاد، لمنْعِه النَّاسَ من الدخول. قال الأعشى:
فَقُمنْا ولَمَّا يَصِحْ دِيكُنا
إلى جَوْنَةٍ عند حَدّادِها(2)
... وقال النابغة في الحدّ والمنْع:
إلاّ سليمانَ إذْ قال المَلِيكُ له
قُمْ في البرِيّة فاحدُدْها عن الفَنَد(3)
... وقال آخر:
حد
يا رَبِّ مَن كَتَمني الصِّعَادا(4)
فهَبْ لَهُ حَليلةً مِغْدادا
كانَ لها ما عَمِرَتْ حَدَّادَا
__________
(1) في الأصل: "من الشيئين".
(2) ديوان الأعشى 51 واللسان (حدد، جون). والجونة، بالفتح: الخابية المطلية بالقار.
(3) ديوان النابعة 21 واللسان (حدد). والرواية المشهورة كما فيهما: "إذ قال الإله له".
(4) البيت وتاليه في اللسان (غدد) برواية: "من يكتمني". والصعاد، هنا: جمع صعدة وهي من النساء المستقيمة القامة، كأنها صعدة قناة.(2/1)
أي يكون بَوّابَها لئلا تَهْرُب. وسمِّي الحديدُ حديداً لامتناعه وصلابته وشدّته. والاستحداد: استعمال الحديد. ويقال حَدَّت المرأة على بَعْلها وَأَحَدَّتْ، وذلك إذا منعَتْ نَفْسَها الزِّينةَ والخِضاب. والمحادَّة: المخالَفَة، فكأنّه الممانعةُ. ويجوز أن يكون من الأصل الآخَر.
ويقال: مالي عن هذا الأمر حَدَدٌ ومُحْتَدٌّ، أي مَعْدَل وَمُمتَنَع. ويقال حَدَداً، بمعنى مَعَاذَ الله. وأصله من المَنْع. قال الكميت:
حَدَداً أن يكون سَيْبُك فِينا
زَرِماً أو يَجِيئَنا تَمْصِيرا(1)
وحَدُّ العاصي سُمِّي حَدَّاً لأنّه يمنعه عن المعاوَدَة. قال الدّريديّ: "يقال هذا أمر حَدَدٌ، أي منيع(2)".
وأمّا الأصل الآخَر فقولهم: حدُّ السَّيف وهو حَرْفه، وحدُّ السِّكِّين. وحَدُّ الشَّراب: صلابته. قال الأعشى:
* وكأْسٍ كعَيْنِ الديك باكَرْتُ حَدَّها(3) *
حذ
وحَدُّ الرَّجل: بأسُه. وهو تشبيه.
ومن المحمول الحِدّةَ التي تعتري الإنسان من النَّزق. تقول: حَدَدت على الرّجل أَحِدُّ حِدَّةً.
(حذ) الحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدل على القَطْع والْخِفّة والسُّرعة، لا يشذُّ منه شيءٌ. فالحذُّ: القَطْعُ. والأَحَذُّ: المقطوع الذّنَب. ويقال للقطاةِ حَذّاءُ، لِقصَر ذَنَبها. قال:
حَذّاءُ مدْبِرةً سَكَّاءُ مُقْبِلةً
__________
(1) السيب: العطاء. وفي الأصل: "سيبك"، صوابه في المجمل واللسان. والزرم، بتقديم الزاي: القليل. وفي الأصل: "رزما" وفي المجمل واللسان: "وتحا أو مجبنا ممصورا". والتمصير: تقليل العطاء.
(2) في الجمهرة (1: 58): "أي ممتنع"، وفي اللسان بدون نسبة إلى ابن دريد: "وهذا أمر حدد أي منيع حرام لا يحل ارتكابه".
(3) عجزه كما في الديوان 137 واللسان (حدد):
* بفتيان صدق والنواقيس تضرب *(2/2)
للماء في النَّحر منها نَوْطَةٌ عَجَبُ(1)
وأمْرٌ أحذّ: لا متعلّق فيه لأحَدٍ: قد فُرِع منه وأُحْكِم. قال:
إذا ما قَطعْنا رَمْلَةً وعَدَابَها
فإنَّ لنا أمْراً أحذَّ غمُوسا(2)
قال الخليل: الأحذّ: الذي لا يتعلَّق به الشيء. ويسمَّى القلبُ أحَذّ. قال: وقصيدة حَذَّاءُ: لا يَتعلَّقُ بها من العيب شيءٌ لجَوْدتها. والحَذّاء: اليَمين المنكَرَة يُقْتَطَعُ بها الحقُّ(3).
ومن هذا الباب في المُطابَق: قَرَبٌ حَذْحَاذٌ(4)، أي سريعٌ حثيث.
حر
وفي حديث عُتْبةَ بن غَزْوان(5): "إنَّ الدُّنْيا قد آذنَتْ بصُرْمٍ ووَلَّت حَذَّاءَ، ولم تَبْق منها صُبابةٌ إلاّ كصُبابة الإناء".
(حر) الحاء والراء في المضاعف له أصلان:
فالأوّل ما خالف العُبودِيّة وبَرئ من العيب والنَّقص. يقال هو حُرٌّ بيِّنُ الْحَرُورِيّة والحُرّيّة. ويقال طِينٌ حُرٌّ: لا رمْل فيه. وباتَتْ فلانةُ بلَيْلَةِ حُرَّةٍ، إذا لم يصل إليها بَعْلُها في أوّلِ ليلَةٍ؛ فإنْ تمكَّن منها فقد باتَتْ بليلةِ شَيْبَاءَ. قال:
شُمْسٌ موانعُ كُلِّ لَيلةِ حُرَّةٍ
يُخْلِفْنَ ظَنَّ الفاحش المِغْيارِ(6)
__________
(1) نسب البيت في اللسان (حذذ، نوط) إلى النابغة. وأنشده في (سكك) بدون نسبة. ونسب في الأغاني
(8: 142) مع أربعة أبيات إلى العباس بن يزيد بن الأسود. قال: "هكذا ذكر ابن الكلبى، وغيره يرويها لبعض بني مرة". والنوطة، بالفتح: الحوصلة.
(2) البيت ليزيد بن الخذاق الشّنّيّ العبدي، من قصيدة في المفضليات (2: 79). والعداب: الحبل من الرمل. والغموس: الغامض.
(3) شاهده ما أنشده في اللسان (حذذ):
تزيدها حذاء يعلم أنه
هو الكاذب الآتي الأمور البجاريا
(4) يقال حذحاذٌ وحذاحذ، كعلابط. والقرب، بالتحريك: سير الليل لورد الغد.
(5) زاد في اللسان: "أنه خطب الناس فقال في خطبته".
(6) البيت للنابغة في ديوانه 36 واللسان والجمهرة (حرر).(2/3)
وحُرُّ الدّار: وَسَطها. وحُمِل على هذا شيءٌ كثيرٌ، فقيل لولد الحيّة حُرٌّ. قال:
مُنطوٍ في جَوف ناموسِهِ
كانطواء الحُرِّ بين السِّلامْ(1)
ويقال لذكَر القَمَاريّ ساقُ حُرٍّ. قال حُمَيد:
وما هاج هذا الشَّوقَ إلاّ حمامةٌ
دعَتْ ساقَ حُرٍّ تَرْحَةً وترنُّما(2)
وامرأةٌ حُرّةُ الذِّفْرَى، أي حُرَّةُ مَجَالِ القرْط. قال:
والقُرْطُ في حُرَّةِ الذّفْرَى* مُعَلّقُهُ
تباعَدَ الحَبْل منه فهو مضطربُ(3)
حر
وحُرُّ البَقْل: ما يُؤكلُ غيرَ مطبوخٍ. فأما قول طَرَفة:
لا يكُنْ حُبُّكِ داءً داخِلاً
ليس هذا مِنكِ ماويَّ بحُرّْ(4)
فهو من الباب، أي ليس هذا منك بحَسَن ولا جَميل. ويقال حَرَّ الرّجلُ يَحَرُّ، من الحُرِّيّة.
والثاني: خلاف البَرْد، يقال هذا يومٌ ذو حَرٍّ، ويومٌ حارٌّ. والحَرُور: الريح الحارّة تكون بالنهار واللَّيل. ومنه الحِرَّة، وهو العطَش. ويقولون في مَثَلٍ: "حِرَّةٌ تَحْتَ قِرَّةٍ(5).
ومن هذا الباب: الحَرِير، وهو المحرور الذي تداخَلَهُ غيظٌ من أمرٍ نزل به. وامرأةٌ حريرة. قال:
خرجْنَ حَريراتٍ وأبديْنَ مِجْلداً
__________
(1) البيت للطرماح في ديوانه 109 واللسان والمجمل (حرر). وهو في صفة صائد.
(2) البيت في اللسان (5: 256). وأنشده في (5: 257) وذكر أن صواب الرواية: "في حمام ترنما". وبهذه الرواية الأخيرة ورد في المجمل.
(3) البيت لذي الرمة في ديوانه 569 واللسان (حبل). و"معلقه" وردت في الأصل واللسان والديوان "معلقة" تحريف، إذ "القرط" مذكر. ومعلقه، أي موضع تعليقه. وفي الديوان واللسان: "تباعد الحبل منها". وفي شرح الديوان: "أي تباعد حبل العنق من القرط لأنها طويلة العنق". فالمعنى على رواية الديوان واللسان: تباعد حبلها؛ كما تقول قرت العين مني، أي عيني.
(4) ديوان طرفة 63 واللسان (حرر).
(5) هو دعاء، أي رماه الله بالعطش والبرد، أو بالعطش في يوم بارد.(2/4)
وجالَتْ عليهنَّ المكتَّبَةُ الصُّفْرُ(1)
يريد بالمكتّبة الصُّفْر القِداحَ.
والحَرَّة: أرض ذات حجارةٍ سوداء(2). وهو عندي من الباب لأنَّها كأنّها محترقة. قال الكسائيّ: نهشل بن حَرِّيٍّ(3)، بتشديد الراء، كأنّه منسوب إلى
حز
الحَرّ. قال الكسائي: حَرِرتَ يا يومُ(4) تَحَرّ وَحَرَرْتَ تَحِرّ، إذا اشتدَّ حَرُّ النَّهار.
(حز) الحاء والزّاء أصلٌ واحد، وهو الفَرْضُ في الشيءِ بحديدة أو غيرها، ثم يشتقُّ منه. تقول من ذلك: حزَزْت في الخشَبة حَزَّاً. وإذا أصاب مِرفَقُ البعير كِركِرتَه فأثَّر فيها، قيل به حازٌّ(5). والحُزَّازُ: ما في النَّفس من غيظٍ؛ فإنّه يحزُّ القلبَ وغيرَه حزّا. قال الشمّاخ:
فلما شَرَاها فاضَت العَينُ عَبْرَةً
وفي الصدر حُزَّازٌ من اللّوْمِ حامِزُ(6)
والحَزَازَة من ذلك. وكلُّ شيءٍ حَكَّ في صدرك فقد حَزَّ. ومنه حديث عبد الله: "الإثْم حَزَّازُ القُلُوب(7)". [ و] من الباب الحَزيز، وهو مكانٌ غليظٌ مُنقاد، والجمع أحِزَّة. قال:
__________
(1) البيت للفرزدق في ديوانه 217 واللسان (حرر). وقد سبق في مادة (جلد). وأنشده في اللسان (قرم) بدون نسبة وبرواية: "المقرمة الصفر".
(2) كذا جاء وصف الحجارة بسوداء. وانظر تحقيقي لهذه المسألة في مجلة الثقافة 2151 ومجلة المقتطف عدد نوفمبر سنة 1944. وفي المجمل واللسان: "سود".
(3) نهشل بن حَرِّيّ: شاعر مخضرم، أدرك معاوية، وكان مع علي في حروبه. الإصابة 8878 والخزانة
(1: 151).
(4) في الأصل: "يا قوم" صوابه في المجمل واللسان. وضبط الفعل في القاموس: كمللت وفررت ومررت.
(5) الكركرة: صدر كل ذي خف. وقد ضبطت العبارة في اللسان خطأ، وهي في القاموس على الصواب. وقد أضاف كل منهما كلمة "طرف" إلى "كركرته".
(6) ديوان الشماخ 49 واللسان (حزز، حمز). ورواية الديوان: "من الوجد"، واللسان: "من الهم".
(7) ويروى أيضاً: "حواز القلوب" أي يحوزها ويتملكها ويغلب عليها.(2/5)
* بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ(1) *
ومنه الحَزاز، وهو هِبْرِيَةٌ في الرأس. ويقال جئت على حَزَّةٍ مُنكَرة، أي حالٍ وساعةٍ. وما أُراه(2) يقال في حالٍ صالحة. قال:
* وبأيِّ حَزِّ مُِلاَوَةٍ تَتَقَطَّعُ(3) *
حس
(حس) الحاء والسين أصلان: فالأول غلبة الشيء بقتل أو غيره، والثاني حكايةُ صوتٍ عند توجُّعٍ وشبهه.
فالأول الحَسُّ: القَتْل، قال الله تعالى: { إذْ تَحُسُّونَهُمْ بإذْنِه }
[آل عمران 152]. ومن ذلك الحديث: "حُسُّوهم بالسيف حَسّاً". وفي الحديث في الجراد: "إذا حَسَّهُ البَرْدُ". والحَسِيس: القَتِيل(4). قال الأفوه:
* وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسيسْ(5) *
ويقال إن البَرْدَ مَحسَّةٌ للنَّبَاتِ. ومن هذا حَسْحَسْت الشيء من اللحم، إذا جعلْتَه على الجَمْرة؛ وحَشْحشْت أيضاً. ويقول العرب: افعل ذلك قبل حُساس الأيسار، أي قبل أن يُحسحِسوا من جَزُورهم، أي يَجْعَلُوا اللحم على النار.
ومن هذا الباب قولهم أحْسَسْتُ، أي عَلِمْتُ بالشيء. قال الله تعالى:
{ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ } [مريم 98]. وهذا محمولٌ على قولهم قتلتُ الشيءَ عِلْما. فقد عاد إلى الأصل الذي ذكرناه. ويقال للمَشَاعر الخَمْسِ الحواسُّ، وهي: اللَّمس، والذَّوق، والشمَّ، والسمع، والبصر.
ومن هذا الباب قولهم: من أين حَسِسْتَ هذا الخبر، أي تخبّرتَه.
ومن هذا الباب قولهم للذي يطرد الجوعَ بسخائه: حسحاس. قال:
واذكرْ حسيناً في النَّفير وقبله
حَسَنا وعُتبة ذا الندى الحَسْحَاسا
حش
__________
(1) للبيد في معلقته. والبيت بتمامه:
بأحزة الثلبوت يربأُ فوقها
قفر المراقب خوفها آرامها
(2) في الأصل: "أرى".
(3) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 5 والمفضليات (2 : 323) واللسان (حزز، رزن) وصدره:
* حتى إذا جزرت مياه رزونه *
(4) في الأصل والمجمل: "القتل"، صوابه في اللسان.
(5) صدره كما في ديوان الأفوه 4 واللسان (حسس):
* نفسي لهم عند انكسار القنا *(2/6)
والأصل الثاني: قولهم حَسّ(1)، وهي كلمةٌ تقال عند التوجُّع. ويقال حَسِسْت له فأنا أحَسُّ، إذا رقَقْت له، كأنَّ قلبَك ألِمَ شفقةً عليه. ومن [الباب] الحِسُّ، وهو وجعٌ يأخذ المرأة عند وِلادِها. ويقال انحسَّت أسنانه: انقلعَتْ. وقال:
في مَعْدِنِ المُلْكِ القديم الكِرْسِ
ليس بمَقْلُوعٍ ولا مُنْحَسِّ(2)
ومن هذا الباب وليس بعيداً منه الحُسَاس، وهو سوءُ الخُلُق. قال:
رُبَّ شَرِيبٍ لك ذِي حُساسِ
شِرابُه كالحَزِّ بالمَوَاسِي(3)
ويقال الحُساس الشُّؤم. فهذا يصلح أن يكون من هذا، ويصلح أن يكون من الأول لأنه يذهب بالْخيْر.
(حش) الحاء والشين أصلٌ واحد، *وهو نباتٌ أو غيرُه يَجفُّ، ثم يستعارُ هذا في غيره والمعنى واحد. فالحشيش: النبات اليابس. والحِشاش والمَِحَشُّ: وعاؤه. قال.
* بين حِشاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ(4) *
وحِشَاشا الإنسانِ وغيره: جَنْباه، عن أبي مالك، كأنَّهما شُبِّها بحِشَاشَيِ الحشيش. والحُشَّةُ: القُنَّةُ تُنْبِتُ ويَبْيَضُّ فوقَها الحشيش(5). قال:
حش
* فالحُشَّة السَّوداء من ظهر العَلَم *
والمُحَشُّ من الناس: الصغير، كأنه قد يَبِس فصغُر. قال:
* قُبِّحْتَ مِن بَعْلٍ مُحَشٍّ مُودَنِ *
__________
(1) يقال بفتح الحاء، وكسر السين المشددة مع التنوين وعدمه، ويقال حسا، بفتح الحاء مع النصب. وكذلك حس، بكسر الحاء وكسر السين المشددة المنونة.
(2) للعجاج في اللسان (حسس، كرس) وليس في ديوانه. والكرس، بالكسر: الأصل. ويروى: "الكريم الكرس".
(3) الرجز في اللسان (حسس)، ونوادر أبي زيد 175. والمواسي: جمع موسى الحلاق.
(4) الرجز في اللسان (حشش، جرر). وانظر أيضاً (جرر، مرر) وقد سبق إنشاده في (جر).
(5) في القاموس "والحشة بالضم: القبة العظيمة". قال الزبيدي: "هكذا في سائر النسخ القبة بالموحدة. والصواب القنة بالنون، كما ضبطه الصاغاني عن ابن عباد".(2/7)
ويقال استحشَّتِ الإبلُ: دَقَّت أوظِفَتُها من عِظَمِها أو شَحْمها. ويقولون: اسْتَحَشَّ ساعِدُها كَفَّها، وذلك إذا عَظُم الساعد فاستُصْغِرت الكفُّ. قال:
إذا اصْمَأَلَّ أَخْدَعاه ابتَدَّا
إذا هما مَالاَ استَحَشَّا الخَدَّا
ويقال حشَشْتُ النار، إذا أثقَبتَها، وهو من الأصل الذي ذكرناه، كأنّك جعلت ثَقُوبَها كالحشِيش لها تأكلُه. قال:
فما جبُنوا أنَّا نشُدُّ عليهمُ
ولكنْ رأوْا ناراً تُحَشُّ وتُسْفَعُ(1)
وحَشَّ الرجل سهمَه، إذا أَلزَقَ به قُذَذَه من نواحيه.
ومن الباب فرسٌ محشوش الظهر بجنْبَيه، إذا كان مُجْفَر الجنْبَين. قال:
من الحارِكِ محشوشٍ
بجَنْبٍ مُجْفَرٍ رَحْبِ(2)
وقول الهذليّ(3):
في المزنيّ الذي حَشَشْتُ له
مالَ ضَريكٍ تِلادُهُ نَكِدُ(4)
فإنه يريد كثّرت به مالَ هذا الفقير. وذلك أنه أُسِرَ ففُدِي بماله.
حص
ويقال حَُشَّت اليد(5)، إذا يَبِست، كأنها شُبِّهت بالحشيش اليابس. وأحشّت الحامِلُ، إذا جاوَزَتْ وقت الوِلادِ ويَبِس الولدُ في بطنها.
ومما شذ عن الباب الحُشَاشة: بقية النّفْس. قال:
أبَى الله أن يُبقي لنفسي حُشاشةً
فصبراً لما قد شاء اَلله لي صبرا(6)
(حص) الحاء والصاد في المضاعف أصول ثلاثة: أحدها النَّصيب، والآخر وضوحُ الشيء وتمكنُّه، والثالث ذهاب الشيء وقلّته.
__________
(1) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 11 واللسان (حسس).
(2) لأبي دواد الإيادي، كما في اللسان (حشش). ورواه أبو عبيدة في كتاب الخيل 86 لعقبة بن سابق.
(3) هو صخر الغي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 55 وشرح السكري للهذليين 13. والبيت في اللسان (حشش).
(4) الذي حششت، ساقطتان من الأصل، وإثباتهما من اللسان وديوان الهذليين.
(5) يقال: حشت وأحشت، بالبناء للفاعل والمفعول في كل منهما.
(6) كذا ورد هذا العجز ويصح بقطع همزة لفظ الجلالة "الله".(2/8)
فالأول الحِصّة، وهي النَّصيب، يقال أحصَصْتُ الرّجلَ إذا أعطيتَه حِصَّته.
والثاني قولهم حَصْحَصَ الشيءُ: وضَحَ. قال الله تعالى: { الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ } [يوسف 51].
ومن هذه الحصحصةُ: تحريكُ الشيءِ حتى يستمكن ويستقرّ.
والثالث الحَصُّ والحُصاص، وهو العَدْوُ. وانحَصَّ الشعْر عن الرأس: ذهَب. ورجلٌ أحَصُّ قليلُ الشعر. وحَصَّتِ البيْضةُ شعرَ رأسه. قال أبو قيس بن الأسلت:
قد حَصّتِ البَيضَةُ رأسي فما
أطعَمُ نوماً غيرَ تَهجاعِ(1)
والحصحصة: الذَّهاب في الأرض. ورجل أحَصُّ وامرأةٌ حَصّاءُ، أي مشْؤُومة. وهو من الباب، كأنَّ الخير قد ذهب عَنْها. ومن هذا الباب فلانٌ يَحُصّ، إذا كان لا يُجِير أحداً. قال:
حض - حط
أَحُصُّ ولا أُجِيرُ ومَن أُجِرْهُ
فليس كمن يُدَلَّى بالغُرُورِ(2)
والأَحَصَّانِ: العَبد والعَير؛ لأنهما يُماشِيان أثمانَها حتى يَهرَما فيُنْتَقصَ أثمانُها ويمُوتا.
ويقال سَنَةٌ حَصّاءُ: جرداءُ لا خَير فيها.
ومن الذي شذَّ عن الباب قولهم للوَرْس حُصّ. قال:
مُشَعْشَعَةً كأنَّ الحُصَّ فيها
إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينا(3)
(حض) الحاء والضاد أصلان: أحدهما البَعْث على الشيء، والثاني القَرارُ المسْتَفِلُ.
فالأول حضَضْته على كذا، إذا حَضّضْتَه عليه وحَرّضْتَه. قال الخليل: الفرق بين الحضّ والحثّ أنّ الحثّ يكون في السير والسَّوْقِ وكلِّ شيءٍ، والحضّ لا يكون في سير ولا سَوْق. والثاني الحضيض، وهو قَرار الأرض. قال:
* نزَلْتُ إليه قائماً بالحَضِيضِ(4) *
__________
(1) قصيدة أبي قيس الأقيس في المفضليات (2: 83-86). والبيت في اللسان (حصص) برواية: "فما أذوق نوماً".
(2) البيت لأبي جندب الهذلي، كما في اللسان (دلا). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 87 ومخطوطة الشنقيطي 119.
(3) لعمرو بن كلثوم في معلقته المشهورة.
(4) لامرئ القيس في ديوانه 110. وصدره:
* فلما أجن الشمس عني غيارها *(2/9)
(حط) الحاء والطاء أصلٌ واحد، وهو إنزال الشيء من عُلوّ. يقال حطَطْت الشيءَ أحُطّه حَطّاً. وقوله تعالى: { حِطَّةٌ } [البقرة 58، الأعراف 161]، قالوا: تفسيرها اللهم حُطّ عنا أوزارَنا.
حظ - حف
ومن هذا الباب قولهم جاريةٌ مَحْطوطة المتْنين، كأنما حُطّ مَتْنَاهَا بالمِحَطِّ. قال:
بيضاءُ مَحْطوطَةُ المتْنَين بَهْكَنَةٌ
رَيَّا الرّوادفِ لم تُمْغِل بأولادِ(1)
ومن هذا الباب قولهم رجل حُطَائِطٌ، أي صغير قصير، كأنّه حُطَّ حَطَّا.
ومن هذا الباب قولُهم للنّجيبة السريعة* حَطوطٌ؛ كأنها لا تزال تحطُّ رَحْلاً بأرض(2). ومما شذّ عن هذا القياس الحَطَاط: بَثْرَةٌ تكون بالوجْه. قال
الهذليّ(3):
ووجهٍ قد طرقْتُ أمَيْمَ صَافٍ
أَسيلٍ غيرِ جَهْمٍ ذِي حَطاطِ
ويروى:
* كقَرنِ الشّمسِ ليس بذي حَطاطِ *
(حظ) الحاء والظاء أصل واحد، وهو النَّصيب والْجَدّ. يقال فلان أحظُّ من فلانٍ، وهو محظُوظٌ. وجمع الحظِّ أحاظٍ على غير قياس. قال أبو زيد: رجلٌ حظيظ جديد، إذا كان ذا حظٍّ من الرزق. ويقال حَظِظْتُ في الأمر أَحَظُّ. قال: وجمع الحَظّ أحُظٌّ(4).
(حف) الحاء والفاء ثلاثة أصول: الأول ضربٌ من الصَّوت، والثاني أن يُطيفَ الشيءُ بالشيء، والثالث شِدَّةٌ في العيش.
حق
تفسير ذلك: الأول الحفيف* حفيفُ الشجرِ ونحوِه، وكذلك حفيفُ جَناح الطائر.
__________
(1) البيت للقطامي في ديوانه 7 واللسان (حطط، مغل).
(2) شاهده قول النابغة في اللسان (حطط):
فما وخدت بمثلك ذات غرب
حطوط في الزمام ولا لجون
(3) هو المتنخل الهذلي، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 48 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين. ورواية البيت في اللسان (حطط):
ووجه قد جلوت أميم صاف
كقرن الشمس ليس بذي حطاط
(4) هذا في جمع القلة، ويقال في الكثرة حظوظ وحظاظ كرجال.(2/10)
والثاني: قولهم حفّ القوم بفلانٍ إذا أطافُوا به. قال الله تعالى:
{ وَتَرَى المَلاَئِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ العَرْشِ } [الزمر 75]. ومن ذلك حِفافا كلِّ شيءٍ: جانباه. قال طَرَفة:
كَأَنّ جَناحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكنَّفا
حِفَافَيْهِ شُكّاً في العَسيبِ بِمسْرَدِ(1)
ومن هذا الباب: هو على حَفَفِ أمْرٍ أي ناحيةٍ منه، وكلُّ ناحيةِ شيءٍ فإنها تُطِيف به. ومن هذا الباب قولهم: "فلان يَحُفُّنا ويَرُفُّنا" كأنّه يشتمل علينا فيُعْطينا ويَمِيرُنا.
والثالث: الحُفُوف والحَفَف، وهو شدّة العيش ويُبْسُه. قال أبو زيد: حَفَّتْ أرضُنا وقَفَّتْ، إذا يبسَ بَقْلُها. وهو كالشَّظَف. ويقال: هم في حَفَفٍ من العَيش، أي ضيق ومحْلٍ، ثم يُجْرَى هذا حتى يقال رأسُ فلانٍ محفوفٌ وحافٌّ، إذا بَعُد عهدُه بالدُّهن، ثم يقال حَفَّت المرأةُ وجْهها من الشّعر. واحتفَفْتُ النبتَ إذا جَزَزْتَه.
(حق) الحاء والقاف أصلٌ واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحّته. فالحقُّ نقيضُ الباطل، ثم يرجع كلُّ فرعٍ إليه بجَودة الاستخراج وحُسْن التّلفيق ويقال حَقَّ الشيءُ وجَبَ. قال الكسائيّ: يقول العرب: "إنك لتعرف الحَِقَّةَ عليك، وتُعْفي بما لدَيْكَ(2)". ويقولون: "لَمَّا عَرَف الحِقَّةَ منّي انْكَسَرَ".
حق
ويقال حاقَّ فلانٌ فلاناً، إذا ادّعى كلُّ واحدٍ منهما، فإذا غَلَبَه على الحقِّ قيل حَقَّه وأحَقَّه. واحتَقَّ الناس من الدَّيْنِ، إذا ادَّعى كلُّ واحدٍ الحقَّ.
وفي حديث عليّ عليه السلام: "إذا بلغَ النِّساء نَصَّ الحقَاقِ فالعَصَبَةُ أوْلى".
__________
(1) البيت من معلقته المشهورة. والمضرحي: النسر.
(2) في اللسان: "المعفي الذي يصحبك ولا يتعرض لمعروفك". وأنشد:
فإنك لا تبلو امرأ دون صحبة
وحتى تعيشا معفيين وتجهدا(2/11)
قال أبو عبيدٍ: يريدُ الإدراكَ وبُلوغَ العقل. والحِقاقُ أن تقول هذه أنا أحقُّ، ويقولَ أولئك نحنُ أحقّ. حاقَقْتُه حِقاقاً. ومن قال "نَصَّ الحقائق" أراد جمع الحقيقة.
ويقال للرجُل إذا خاصَمَ في صغار الأشياء: "إنَّه لَنَزِقُ الحِقاق" ويقال طَعْنَةٌ مُحْتَقَّةٌ، إذا وصلَتْ إلى الجوف لشدَّتها، ويقال هي التي تُطعَن في حُقِّ الورِك. قال الهذلي(1):
وَهَلاً وقد شرع الأسِنّةَ نحوَها
مِن بين مُحْتَقٍّ بها ومُشَرِّمِ
وقال قومٌ: المحتقُّ الذي يُقتَل مكانَه. ويقال ثوبٌ مُحَقَّقٌ، إذا كان محكم النّسج(2). قال:
تَسَرْبَلْ جِلْدَ وَجهِ أبيك إنّا
كفَيناك المحقَّقَة الرّقاقا(3)
والحِقَّةُ من أولاد الإبل: ما استحقَّ أن يُحمَل عليه، والجمع الحِقاق. قال الأعشى:
حق
وهمُ ما همُ إذا عزَّت الخَمْـ
ـرُ وقامت زِقاقُهم والحِقاقُ(4)
يقول: يباع زقٌّ منها بحِقّ(5). وفلان حامِي الحقيقة، إذا حَمَى ما يَحقُّ عليه أن يحمِيه؛ ويقال الحقيقة: الراية. قال الهذليّ(6):
حامِي الحقيقة نَسَّالُ الوَديقة مِعْـ
ـتاقُ الوَسيقة لا نِكسٌ ولا وانِ(7)
__________
(1) هو أبو كبير الهذلي كما في اللسان (حقق)، وقصيدة البيت في نسخة الشنقيطي 76 الوهل: الفزع. وفي اللسان: "هلا وقد" تحريف. وقبل البيت:
فاهتجن من فزع وطار جحاشها
من بين قارمها وما لم يقرم
(2) وقيل: ثوب محقق: عليه وشي كصورة الحقق.
(3) كلمة "جلد" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان.
(4) البيت في ديوان الأعشى 143.
(5) في الأصل: "يقال يباع زق منها حق".
(6) هو أبو المثلم الهذلي. وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 94 والسكري 34.
(7) السكري: "معتاق الوسيقة، وهي الطريدة، إذا طرد طريدة أنجاها من أن تدرك".
... والبيت ملفق من بيتين. وفي ديوان الهذليين:
آبى الهضيمة ناب بالعظيمة متـ
ـلاف الكريمة لا سقط ولا وان
حامي الحقيقة نال الوديقة معـ
ـتاق الوسيقة جلد غير ثنيان(2/12)
والأحقّ من الخيل: الذي لا يعْرَق؛ وهو من الباب؛ لأن ذلك يكون لصلابته وقوّته وإحكامه. قال رجلٌ من الأنصار(1):
وأَقْدَرُ مُشرفُ الصَّهَواتِ ساطٍ
كُمَيتٌ لا أحَقُّ ولا شَئيتُ(2)
ومصدره الحَقَق. وقال قوم: الأقدر أن يسبقَ موضعُ *رِجليه موقعَ يديه. والأحقّ: أنْ يطبِّق هذا ذاك. والشئِيت: أن يقصر موقع حافر رجلَيه عن موقع حافر يديه.
والحاقَّة: القيامة؛ لأنها تحقّ بكل شيء. قال الله تعالى: { وَلكِنْ حَقَّتْ كلِمَةُ العَذَابِ عَلَى الكافِرِينَ } [الزمر 71]. والحَقْحَقَة أرفَعُ السَّير وأتْعَبُه للظَّهْر. وفي
حق
حديث مطرّف بن عبد الله لابنه(3): "خَير الأمور أوساطُها، وشرُّ السَّير الحَقْحَقَة". والحُقُّ: مُلتقَى كلِّ عظمَين إلا الظهرَ؛ ولا يكون ذلك إلا صُلباً قوياً.
ومن هذا الحُقّ من الخشب، كأنه ملتقى الشيء وطَبَقُه. وهي مؤنّثة، والجمع حُقق. وهو في شعر رؤبة:
* تَقْطِيطَ الحُقَقْ(4) *
ويقال فلانٌ حقيقٌ بكذا ومحقوقٌ به(5). وقال الأعشى:
لَمَحْقوقةٌ أن تستجيبي لِصَوتِهِ
__________
(1) البيت يروى أيضاً لعدي بن خرشة الخطمي كما في اللسان (حقق، شأت).
(2) سيأتي في (شأت). وهذه رواية أبي عبيد. ورواية الجمهرة (1: 63):
بأجرد من عتاق الخيل نهد
جواد لا أحق ولا شئيت
(3) في الأصل: "لأبيه" تحريف. وفي اللسان: "وتعبد عبد الله بن مطرف بن الشخير فلم يقتصد، فقال له أبوه: يا عبد الله، العلم أفضل من العمل، والحسنة بين السيئتين" الخ. ومطرف بن الشخير، هو مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين، توفي سنة 95. انظر تهذيب التهذيب، وصفة الصفوة.
(4) قطعة من بيت له. وهو بتمامه كما في الديوان واللسان:
* سوى مساحيهن تقطيط الحقق *
... أي إن الحجارة سوت حوافر الحمر من تقطيط الحقق وتسويتها.
(5) قبله كما في ديوان الأعشى 149:
وإن امرأ أسرى إليك ودونه
فياف تنوفات وبيداء خيفق(2/13)
وأنْ تعلمي أنّ المُعانَ مُوَفَّقُ
قال بعضُ أهل العلم في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: { حَقِيقٌ عَلَيَّ } [الأعرا ف 105]. قال: واجِبٌ عليّ. ومن قرأها { حَقيقٌ عَلَى } فمعناها حريصٌ عَلَى(1).
قال الكسائي حُقّ لك أن تفعل هذا وحُقِقْتَ. وتقول: حَقَّاً لا أفعل ذلك، في اليمين.
حك
قال أبو عبيدة: ويُدخلون فيه اللام فيقولون: "[لَحَقُّ] لا أفعل ذاك(2)"،
يرفعونه بغير تنوين. ويقال حَقَقْتُ الأمرَ وأحقَقْتُه، أي كنتُ على يقينٍ منه. قال الكسائيّ: حَقَقْتُ حَذَرَ الرجُل وأحقَقْتُه: [فعلتُ(3)] ما كان يحذر. ويقال أحَقَّت الناقة من الرّبيع، أي سَمِنَت.
وقال رجلٌ لتميميٍّ: ما حِقَّةٌ حَقَّتْ عَلَى ثلاث حِقاقٍ؟ قال: هي بَكْرَةٌ معها بَكْرتان، في ربيع واحد، سمِنت قبل أن تسمنا ثم ضَبِعَتْ ولم تَضْبَعا(4)، ثم لَقِحت ولم تَلقَحا.
قال أبو عمرو: استحقّ لَقَحُها(5)، إذا وجب. وأحقَّت: دخلَتْ في ثلاث سنين. وقد بلغت حِقَّتها، إذا صارت حِقَّة. قال الأعْشَى:
بحِقّتها رُبِطَتْ في اللَّجِيـ
__________
(1) هذه قراءة الجمهور. وأما القراءة الأولى (عليّ) بتشديد الياء، فهي قراءة الحسن ونافع، وانظر إتحاف فضلاء البشر 227.
(2) التكملة من الصحاح واللسان. وفي اللسان: "قال الجوهري: وقولهم لحق لا آتيك، هو يمين للعرب يرفعونها بغير تنوين إذا جاءت بعد اللام. وإذا أزالوا عنها اللام قالوا: حقاً لا آتيك. قال ابن بري: يريد لحق الله فنزله منزلة لعمر الله. ولقد أوجب رفعه لدخول اللام كما وجب في قولك لعمر الله، إذا كان باللام".
(3) التكملة من المجمل واللسان (حقق 333).
(4) ضبعت الناقة ضبعاً، من باب فرح: اشتهت الفحل. وفي الأصل: "صنعت ولم تصنعا"، صوابه في اللسان (حقق 341) حيث ساق الخبر في تفصيل.
(5) اللقح بالفتح والتحريك: اللقاح. ويقال أيضاً استحقت الناقة اللقاح.(2/14)
ـنِ حتى السَّديسُ لها قد أَسَنّْ(1)
يقال أسَنَّ السِّنُّ نَبَتَ.
(حك) الحاء والكاف أصلٌ واحد، وهو أن يلتقيَ شيئانِ يتمرّس كلُّ واحدٍ منهما بصاحبه. الحكُّ: حَكُّكَ شيئاً على شيء. يقال ما بقِيتْ في فيه حَاكَّة، أي سنّ. وأحكَّنِي رأسي فحكَكْته. ويقال حكَّ في صدري كذا: إذا لم ينشرح صدْرك له، كأنه شيء شكَّ صدرَك فتمرّس [به]. والحُكاكة: ما يسقط من الشيئين تحكُّهما. والحَكِيك: الحافر النَّحِيت(2). ويقولون وهو أصل الباب:
حل
فلانٌ يتحكَّك بي، أي يتمرَّس.قال الفرّاء: إنه لحِكُّ شَرٍّ، وحِكُّ ضِغْنٍ(3).
(حل) الحاء واللام له فروع كثيرة ومسائلُ، وأصلها كلُّها عندي فَتْح الشيء، لا يشذُّ عنه شيء.
يقال حلَلْتُ العُقدةَ أحُلُّها حَلاًّ. ويقول العرب: "يا عاقِدُ اذكُرْ حَلاًّ". والحلال: ضِدُّ الحرام، وهو من الأصل الذي ذكرناهُ، كأنه من حَلَلْتُ الشيء، إذا أبحْتَه وأوسعته لأمرٍ فيه(4).
وحَلَّ: نزل. وهو من هذا الباب لأن المسافر يشُدّ ويَعقِد، فإذا نزلَ حَلّ؛ يقال حَلَلْتُ بالقوم. وحليل المرأة: بعلها؛ وحليلة المرء: زوجُه. وسُمِّيا بذلك لأن كلّ واحدٍ منهما يَحُلُّ عند صاحبه.
قال أبو عبيد: كل من نازَلَكَ وجاوَرَك فهو حَليل. قال:
ولستُ بأطْلَسِ الثَّوبينِ يُصْبِي
حليلتَه إذا هدأ النِّيامُ(5)
أراد جارتَه. ويقال سمِّيت الزوجةُ حليلةً لأن كلَّ واحدٍ منهما يحلُّ إزارَ الآخر. والحُلّة معروفة، وهي لا تكون إلا ثوبَين. وممكن أن يحمل على الباب فيقال لمَّا كانا اثنَينِ كانت فيهما فُرْجة.
__________
(1) رواية الديوان 16 واللسان (حقق): "حبست في اللجين".
(2) أي المنحوت. وفي الأصل: "النجيب"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) لم يذكر في اللسان: وفي القاموس: "وحك شر وحكاكه، بكسرهما: يحاكه كثيرا".
(4) في الأصل: "الأمر فيه".
(5) البيت في المجمل واللسان (طلس، حلل). وأطلس الثوبين كناية عن أنه مرمي بالقبيح.(2/15)
ومن الباب الإحليل، وهو مَخرج البَول، ومَخرج اللَّبن من الضَّرْع.
ومن الباب تحلحل عن مكانه، إذا زال. قال:
* ثَهْلانَُ ذو الهَضَبَاتِ لا يتلحلحَلُ(1) *
حل
والحلاحِل: السيِّد، وهو من الباب ليس بمنْغَلق محرَّم كالبخيل المُحكم اليابس. والحِلَّة: الحيُّ النزول مِن العرب قال الأعشى: ...
لقد كانَ في شيبانَ لو كنت عالما
قِبابٌ وحَيٌّ حِلّةٌ وقبائلُ(2)
و*المَحَلَّة: المكانُ ينزِل به القومُ. وحيٌّ حِلاَلٌ نازلون. وحلَّ الدَّينُ وجب. والحِلُّ ما جاوزَ الحرم. ورجلٌ مُحِلٌّ من الإحلال، ومُحرِم من الإحرام. وحِلٌّ وحَلالٌ بمعنى؛ وكذلك في مقابلته حِرْم وحَرَام. وفي الحديث: "تزوَّج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ميمونةَ وهما حَلاَلانِ". ورجلٌ مُحِلٌّ لا عَهْدَ له، ومحْرِم ذُو عَهْد. قال:
جَعَلْن القَنَان عن يمينٍ وحَزْنَه
وكم بالقَنَانِ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِم(3)
وقال قوم: مِنْ محلٍّ يرى دمي حلالاً، ومحرِمٍ يراه حَرَاما.
والحُلاَّن: الجدي يُشقُّ له عن بطن أمّه. قال:
يُهدِي إليه ذِراعَ الجَفْر تَكْرِمَةً
إمّا ذبيحاً وإمّا كانَ حُلاَّنَا(4)
__________
(1) عجز بيت للفرزدق في ديوانه 717 واللسان (حلل). وصدره:
* فارفع بكفك إن أردت بناءنا *
... وفي الديوان: "ثهلان ذا الهضبات" وقال ابن بري: "هذه من الرواية الصحيحة". وأقول: الرفع على الاستئناف صحيح أيضاً، جعله مثلا.
(2) البيت في اللسان (حلل)، وقصيدته في الديوان 128.
(3) البيت لزهير في معلقته. وفي الأصل: "ومن بالقنا في محل"، تحريف.
(4) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (حلن) والحيوان (5: 499 / 6: 142). وفاعل "يهدي" في بيت بعده، وهو:
عيط عطابيل لئن الرى وابتذلت
معاطفا سابريات وكتانا(2/16)
وهو من الباب. وحَلّلْتُ اليمينَ أحَلِّلُها تحليلا(1). وفعلتُ هذا تَحِلَّةَ القسَم، أي لم أفعل إلا بقدْرِ ما حَلَّلْتُ به قَسَمي أنْ أفعله ولم أبالِغْ. ومنه: "لا يموتُ لمؤمنٍ ثلاثةُ أولادٍ فتمسَّه النّارُ إلا تَحِلّةَ القَسَم". يقول: بقدر ما يبَرُّ الله تعالى قسمَه فيه من قوله: { وَإِنْ مِنْكُمْ إلاَّ وَارِدُها } [مريم 71]، أي لا يرِدُها إلا
حل
بقدر ما يحلِّلُ القَسَم(2)، ثم كثُر هذا في الكلام حتى قِيل لكلِّ شيء لم يبالَغْ فيه تحليلٌ؛ يقال ضربتُه تحليلاً، ووقعَتْ مَنَاسِمُ هذه الناقةِ تحليلاً، إذا لم تُبالغْ في الوقع بالأرض. وهو في قول كعب بن زهير:
* وقْعُهنَّ الأرضَ تحليلُ(3) *
فأمّا قولُ امرئ القيس:
كبِكْرِ المقاناةِ البَياضَ بصُفرَةٍ
غذاها نميرُ الماءِ غيرَ مُحَلَّلِ
ففيه قولان: أحدهما أن يكون أراد الشيء القليل، وهو نحوُ ما ذكرناه من التَّحِلَّة. والقول الآخر: أن يكون غير مَنزولٍ عليه فيَفْسُد ويُكدَّر.
ويقال أحَلَّت الشاةُ، إذا نزل اللَّبن في ضَرْعِها من غير نَتاج. والحِلالُ: مَتاع الرَّحْل. قال الأعشى:
وكأنَّها لم تَلْقَ ستّةَ أشهر
ضُرَّاً إذا وضَعَتْ إليك حِلاَلَها(4)
كذا رواه القاسم بن مَعْن، ورواه غيره بالجيم.
والحِلال: مركَبٌ من مراكب النساء. قال:
* بَعِيرَ حِلالٍ غادَرَتْهُ مُجَعْفَلِ(5) *
ورأيت في بعض الكتب عن سِيبويه: هو حِِلَّةَ الغَوْر، أي قَصْدَه. وأنشد:
حم
__________
(1) في الأصل: "أحلها حلا"، والسياق يقتضي المشدد.
(2) في الأصل "يحل القسم"، والسياق يأباه.
(3) البيت بتمامه:
تخدى على يسرات وهي لاحقة
بأربع مسهن الأرض تحليل
(4) الديوان ص24 برواية: "جلالها". وأنشده في اللسان (حلل).
(5) لطفيل بن عوف الغنوي. وصدره كما في ديوانه 38 واللسان (حلل، جعفل) وأمالي القالي
(1: 104): والمخصص (7: 147):
* وراكضة ما تستجن بجنة *(2/17)
سَرَى بعد ما غار النُّجومُ وبَعْدَما
كأنّ الثرَيّا حِلَّةَ الغَور مُنْخُل(1)
أي قصْدَه.
(حم) الحاء والميم فيه تفاوتٌ؛ لأنّه متشعب الأبواب جداً. فأحد أصوله اسوداد، والآخَر الحرارة، والثالث الدنوّ والحُضور، والرابع جنسٌ من الصوت، والخامس القَصْد.
فأمّا السواد الفحُمَمُ الفحم. قال طرفة:
أشَجَاكَ الرَّبْعُ أم قِدَمُهْ
أمْ رمادٌ دارسٌ حُمَمُهْ(2)
ومنه اليَحْموم، وهو الدُّخان. والحِمْحِمُ: نبتٌ أسود، وكلُّ أسوَدَ حِمْحِم.
ويقال حَمَّمْته إذا سَخَّمت وجهه بالسُّخام، وهو الفَحْم.
ومن هذا الباب: حَمَّمَ الفرْخُ، إذا طلع رِيشُه. قال:
* حَمَّم فَرخٌ كالشَّكير الجَعْدِ *
وأمّا الحرارة فالحَميم الماء الحارّ. والاستحمام: الاغتسال به. ومنه الحَمّ، وهي الأَلية تُذاب، فالذي يبقى منها بعد الذَّوْب حَمٌّ، واحدته حَمَّةٌ. ومنه الحَميم، وهو العَرَق. قال أبو ذؤيب:
فَأَبَى بدِرَّتِها إذا ما استُغْضِبَتْ
إلاَّ الحميمَ فإِنّه يَتَبَضَّعُ(3)
حن
ومنه الحُمَام، وهو حُمَّى الإبل. ويقال أحمَّت الأرض [إذا صارت(4)] ذات حُمَّى. وأنشد الخليل في الحَمِّ:
ضُمَّا عليها جانِبَيْها ضَمَّا
ضَمَّ عَجوزٍ في إناء حُمَّا
وأمّا الدنُوّ والحضور فيقولون: أَحَمَّتِ الحاجةُ: حَضَرت، وأحَمَّ الأمرُ: دنا. وأنشد:
حَيِّيا ذلك الغَزَال الأَجَمَّا
__________
(1) النص والشاهد في كتاب سيبويه (1: 201- 202). وفي الأصل: "حلة القوم" صوابه من المجمل وسيبويه. وفي سيبويه: "بعد ما غار الثريا". قال الشنتمري: "شبه الثريا في اجتماعها واستدارة نجومها بالمنخل".
(2) ديوان طرفة 16 واللسان (حمم).
(3) ديوان أبي ذؤيب 17 والمفضليات (2: 228) والمجمل واللسان (حمم). وفي الأصل: "استقضيت" صوابه من المجمل والديوان والمفضليات. وفي اللسان وإحدى روايتي الديوان: "إذا ما استكرهت".
(4) التكملة من المجمل واللسان.(2/18)
إن يكنْ ذلك الفراقُ أَحَمَّا(1)
وأما الصوت فالحَمْحَمة حَمحمَةُ الفَرَس عند العَلْف.
وأمّا القَصْد فقولهم حَمَمْتُ حَمَّهُ، أي قَصَدْت قَصْدَه. قال طرفة:
جَعَلتْهُ حَمَّ كَلْكَلِها
بالعَشِيِّ دِيمَةٌ تَثِمُهْ(2)
ومما شذَّ عن هذه الأبواب قولهم: طلَّق الرّجُل امرأتَه وحَمَّمَها، إذا متَّعها بثَوْبٍ أو نحوه. قال:
أنتَ الذي وَهبتَ زيداً بعدما
همَمْتُ بالعَجُوز* أنْ تُحَمَّما(3)
وأمّا قولهم احتَمَّ الرّجلُ، فالحاء مبدلةٌ من هاء، وإنّما هو من اهتَمَّ.
(حن) الحاء والنون أصلٌ واحد، وهو الإشفاق والرّقّة. وقد يكون ذلك مع صوتٍ بتوجُّع. فحنين النّاقةِ: نِزاعُها إلى وطنها. وقال قوم: قد يكون ذلك من غير صوتٍ أيضاً. فأمَّا الصوت فكالحديث الذي جاء في حَنِين الجِذْع الذي
حن
كان يَستَنِد إليه رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلَّمَ، لمَّا عُمِل له المِنبرُ فتَرَك الاستنادَ إليه. والحنان: الرحمة. قال الله تعالى: { وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا } [مريم 13]. وتقول: حَنَانَك أي رحمَتَك. قال:
مُجاوَِرَةً بَنِي شَمَجَى بنِ جَرْمٍ
حَنَانَك رَبَّنَا يا ذَا الحَنانِ(4)
وحنانَيْكَ، أي حناناً بعْدَ حنان، ورحمةً بعدَ رحمة. قال طرفة:
أبا مُنْذِرٍ أَفنَيْتَ فاستَبْقِ بعضنا
حنانيكَ بعضُ الشَّرِّ أَهْوَنُ مِن بعضِ(5)
__________
(1) الأجم: الذي لا قرن له. وفي الأصل واللسان: "الأحما"، صوابه في المجمل.
(2) في الديوان 16: "لربيع ديمة"، وفي اللسان: "من ربيع".
(3) البيتان في اللسان (حمم، وثم).
(4) البيت ملفق من بيتين في ديوان امرئ القيس 169- 170 وهما:
مجاورة بني شمجى بن جرم
هوانا ما أتيح من الهوان
ويمنحها بنو شمجى بن جرم
معيزهم حنانك ذا الحنان
... وهذا البيت الأخير بهذه الرواية في اللسان (حنن 286).
(5) ديوان طرفة 48 والمجمل واللسان (حنن). وأبو منذر كنية عمرو بن هند.(2/19)
والحَنَّةُ: امرأة الرجُل، واشتقاقها من الحَنين لأنّ كلاًّ منهما يَحِنُّ إلى صاحبه. والحَنُون: ريحٌ إذا هَبَّت كان لها كحنين الإبل. قال:
* تُذَعْذِعُها مُذَعْذِعَةٌ حَنُونُ(1) *
وقَوْسٌ حَنَّانَةٌ، لأنّها تَحِنُّ عند الإنْباض. قال:
وفي مَنْكِبي حَنّانَةٌ عُودُ نبْعةٍ
تَخَيّرها لي سُوقَ مَكّةَ بائِعُ(2)
ومما شذّ عن الباب طريقٌ حَنَّانٌ، أي واضح.
حأ - حب
(حأ) الحاء والهمزة قبيلة. قال:
* طلبتُ الثأْرَ في حَكَمٍ وحاء(3) *
(حب) الحاء والباء أصول ثلاثة، أحدها اللزوم والثَّبات، والآخر الحَبّة من الشيء ذي الحَبّ، والثالث وصف القِصَر.
فالأوَّل الحَبّ(4)، معروفٌ من الحنطة والشعير. فأما الحِبُّ بالكسر فبُروز الرّياحين، الواحدُ حِبَّة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قومٍ: " يخرُجون من النَّار فيَنبتُون كما تنبت الحِبَّةُ في حَميلِ السَّيل".
قال بعض أهل العلم: كلُّ شيءٍ له حَبٌّ فاسم الحَبّ منه الحِبّة. فأمَّا الحِنطة والشعير فَحبٌّ لا غير.
ومن هذا الباب حَبَّة القلب: سُوَيداؤه، ويقال ثمرته.
ومنه الحَبَب وهو تَنَضُّد الأسنان. قال طرفة:
وإذا تَضْحك تُبدِي حَبَباً
كرُضَابِ المِسْكِ بالماء الخَصِرْ(5)
__________
(1) سيعيده في (زع). وهو عجز بيت للنابغة لم يرو في ديوانه. وصدره كما في اللسان (حنن، ذعع).
* غشيت لها منازل مقفرات *
(2) كلمة "لي" ليست في الأصل؛ وإثباتها من اللسان، وقال: "أي في سوق مكة".
(3) كذا ورد ضبطه في اللسان (20: 334) على أنه عجز بيت. ولم أجد تتمته. وفي الجمهرة
(1: 172): "وبنو حاء ممدود بطن من العرب، وهم بنو حاء بن جشم بن معد، وهم حلفاء لبني الحكم بن سعد العشيرة".
(4) قد جرى في الكلام على أن يجعل هذا أول أبواب معاني المادة، مع أنه ذكره هنا ثانيها.
(5) ديوان طرفة 65 والمجمل واللسان (حبب). ورضاب المسك: قطعه.(2/20)
وأمّا اللزوم فالحُبّ والمَحبّة، اشتقاقه من أحَبَّه إذا لزمه. والمُحِبّ: البعير الذي يَحْسَِر فيلزمُ مكانَه. قال:
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسّبَبْ
فهُنَّ بعدُ كلُّهُنَّ كالمُحِبّْ(1)
حب
ويقال المحَبُّ بالفتح أيضاً. ويقال أحبَّ البَعير إذا قام(2). قالوا: الإحباب في الإبل مثل الحِران في الدوابّ. قال:
* ضَرْبَ بَعيرِ السَّوْء إذْ أَحَبّا(3) *
أي وقَف. وأنشد ثعلبٌ لأعرابيَّةٍ تقول لأبيها:
يا أَبَتا وَيْهاً أَبَهْ
حَسَّنْتَ إلاّ الرَّقَبَهْ(4)
فزيِّنَنْها يا أَبَهْ(5)
حَتَّى يجِيءَ الخَطَبَهْ
بإبلٍ مُحَبْحَبَهْ(6)
معناه أنّها من سمنها تَقِف. وقد روي بالخاء "مُخَبخَبه"، وله معنى
آخر، وقد ذكر في بابه. وأنشد أيضاً:
مُحِبٌّ كإحباب السَّقيم وإنَّما
به أسَفٌ أن لا يَرَى مَن يُساوِرُه(7)
وأَمّا نعت القِصَر فالحَبْحاب: الرجُل القصير. ومنه قول الهُذلي(8):
دَلَجِي إذا ما اللَّيلُ جَـ
__________
(1) البيتان في اللسان (حبب) وأمالي القالي (2: 19).
(2) قام، بدون همزة كما في الأصل والمجمل. ومعناه وقف كما سيأتي.
(3) لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (حبب). وانظر الجمهرة (1: 25) والأصمعيات 7.
(4) هذا البيت والثلاثة بعده في اللسان (جبب). كأنها تستوهب أباها ما تزين به عنقها.
(5) في اللسان: "فحسننها".
(6) هذا البيت والبيت الذي قبله رويا أيضاً في اللسان (خبب) برواية: "مخبخبة"، وهي العظيمة الأجواف، أو هي مقلوبة من "المبخبخة" التي يقال لها بخ بخ، إعجاباً بها. وروى في اللسان (جبب): "مجبجبة" أي ضخمة الجنوب.
(7) البيت في أمالي ثعلب 369 برواية: "ما يساوره". وهو لأبي الفضل الكناني كما في الأصمعيات 76 طبع دار المعارف. برواية: "من يثاور".
(8) هو الأعلم الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 55 ومخطوطة الشنقيطي 59. والبيت في المجمل واللسان (حبحب).(2/21)
ـنَّ على المُقَرَّنَةِ [الحَباحبْ
فالمقرّنة: الجبالُ(1)] يدنو بعضُها من بعضٍ، كأنّها قُرِنت. والحَباحِب:
حت
الصِّغار، وهو جمع حَبْحاب. وأظنُّ أنَّ حَبَاب الماءِ من هذا. ويجوز أن يكون من الباب الأوّل كأنّها حَبَّاتٌ. وقد قالوا: حَباب الماء: مُعْظَمه في قوله:
يشقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بها
كما قَسَم التُّربَ المفاَيِلُ باليَدِ(2)
والحُباحب: اسمُ رجلٍ، مشتقُّ من بعض ما تقدّم ذكره. ويقال إنّه كان لا يُنْتَفَع بناره، فنُسِبت إليه كلُّ نار لا يُنتَفع بها. قال النابغة:
تَقُدُّ السَّلوقيَّ المضاعَفَ نَسجُه
ويُوقِدْن بالصُّفّاحِ نَار الحُباحبِ(3)
ومما شذّ عن الباب الحُباب، وهو الحيَّة. قالوا: وإنما قيل الحُباب اسمُ شيطان لأن الحية شيطان. وأنشد:
تُلاعبُ مَثْنَى حَضْرميٍّ* كأنّهُ
تمعُّجُ شيطان بذي خِرْوَعٍ قَفْرِ(4)
(حت) الحاء والتاء أصلٌ واحد، وهو تساقُطُ الشيء، كالورق ونحوِه ويُحمل عليه ما يقارِبُه. فالحتُّ حتُّ الوَرَقِ من الغصن. وتحاتَّت الشجرة. ويقال حَتّهُ مائةَ سوْطٍ، أي عجَّلَها، كأن ذلك من حَتِّ الورق، وهو قريبٌ. ويقال فَرَسٌ حَتٌّ، أي ذَريعٌ يَحُتُّ العَدْوَ حَتّاً، والجمع أحْتَاتٌ. قال:
على حتِّ البُرَايةِ زَمْخَرِيِّ الـ
ـسَّواعِدِ ظَلَّ في شَرْيٍ طُِوالِ(5)
حث - حج
وحُتَاتُ: اسمُ رجلٍ من هذا.
__________
(1) هذه التكملة التي تبدأ من نهاية البيت السابق، من المجمل.
(2) البيت من معلقة طرفة بن العبد.
(3) ديوان النابغة 7 واللسان (حبحب).
(4) نسبه في الحيوان (4: 133) إلى طرفة، وليس في ديوانه. وانظر الحيوان (1: 153/ 6: 192) والمخصص (8: 109) واللسان (3: 153/ 17: 105). والرواية في المراجع: "تعمج" بتقديم العين، وهما بمعنى.
(5) البيت للأعلم الهذلي، وقد سبق الكلام عليه في مادة (برو/ي 1: 233).(2/22)
(حث) الحاء والثاء أصلان: أحدهما الحضُّ على الشيء، والآخر يَبيسٌ من يبيس الشيء.
فالأوَّل قولهم: حَثَثْتُه على [الشيء] أَحُثّه. ومنه الحَثِيث؛ يقال ولَّى حَثِيثاً، أي مسرِعاً. قال سَلامة:
ولَّى حثيثاً وهذا الشيبُ يطلُبه
لو كان يدركه ركضُ اليعاقِيبِ(1)
ومنه الحَثْحثَة، وهو اضطرابُ البرق في السَّحاب.
وأمّا الآخر فالحُثُّ وهو الحطام اليَبيس، ويقال الحُثّ الرّمل اليابس الخَشِن. قال:
* حتى يُرى في يابِس الثّرْياء حُثّ (2) *
(حج) الحاء والجيم أصولٌ أربعة. فالأول القصد، وكل قَصْدٍ حجٌّ. قال:
وأشهَدَُ مِن عَوْفٍ حُلولا كثيرةً
يَحُجُّون سِبّ الزِّبرِقانِ المزَعْفَرا(3)
ثم اختُصَّ بهذا الاسمِ القصدُ إلى البيت الحرام للنُّسُْك. والحَجِيج: الحاجّ. قال:
ذكرتُكِ والحجيجُ لهم ضجيجٌ
بمكّةَ والقلوبُ لها وجيب
حج
ويقال لهم الحُِجُّ أيضاً. قال:
* حُِجٌّ بأسفَلِ ذي المجاز نزولُ(4) *
وفي أمثالهم: "لَجَّ فَحَجَّ". ومن أمثالهم: "الحاجَّ أسْمَعْتَ"، وذلك إذا أفشَى السرّ. أي إنَّك إذا أسْمَعْت الحُجّاج فقد أسمعتَ الخلق.
ومن الباب المحَجَّة، وهي جَادَّة الطريق. قال:
ألا بَلِّغا عَنِّي حُرَيثاً رِسالةً
فإنك عن قَصد المَحَجَّة أنكَبُ
__________
(1) في الأصل: "وهذا الشيء"، صوابه في ديوان سلامة بن جندل 7 والمفضليات (1: 117).
(2) الثرياء: الثرى. والبيت في اللسان (حثث).
(3) البيت للمخبل السعدي، كما في اللسان (حجج، سبب) ويرى ابن بري أن صواب إنشاده: "وأشهد" بالنصب، لأن قبله:
ألم تعلمي يا أم عمرة أنني
تخاطأني ربب الزمان لأكبرا
(4) لجرير في ديوانه 476 واللسان (حجج). وصدره:
* وكأن عافية النسور عليهم *
... وحج بضم الحاء، مثل بازل وبزل. وحج، بكسرها: اسم جمع للحاج.(2/23)
وممكن أن يكون الحُجَّة مشتقّةً من هذا؛ لأنها تُقْصَد، أو بها يُقْصَد الحقُّ المطلوب. يقال حاججت فلاناً فحجَجْته أي غلبتُه بالحجّة، وذلك الظّفرُ يكون عند الخصومة، والجمع حُجَج. والمصدر الحِجَاج.
ومن الباب حَجَجْت الشَّجَّة، وذلك إذا سَبَرْتَها بالمِيل، لأنك قصدت معرفةَ قَدْرِها. قال:
* يَحُجُّ مأمُومَةً في قعرها لَجَفٌ(1) *
ويقال بل هو أن يصبّ على دَم الشَّجَّة السَّمن، فيظهرَ فيُؤخَذَ بقُطْنةٍ. قال أبو ذؤيب:
وصُبَّ عليها المِسْكُ حتى كأنَّها
أسِيٌّ على أمِّ الدِّماغ حَجيجُ(2)
حج
والأصل الآخر: الحِجَّة وهي السّنَة. وقد يمكن أن يُجمع هذا إلى الأصل الأوّل؛ لأن الحجّ في السنة لا يكون إلا مرَّةً واحدة، فكأنَّ العام سُمِّي بما فيه من الحَجّ حِجّة. قال:
يَرُضْن صِعابَ الدُّرِّ في كل حِجَّةٍ
ولو لم تكن أعناقُهن عَواطلا(3)
قال قوم: أراد السّنَة؛ وقال قوم: الحِجَّة ها هنا: شَحْمة الأذن. ويقال بل الحِجَّة الخَرزَة أو اللؤلؤة تعلَّق في الأذن. وفي القولين نظرٌ.
والأصل الثالث: الحِجَاجُ، وهو العظْم المستدير حَولَ العَين. يقال للعظيمِ الحِجَاجِ أحَجُّ، جمع الحِجَاج أحِجَّة.
وزعم أبو عمرو أنّه يقال للمكان المتكاهف(4) ومن الصَّخرة حجاج.
والأصل الرابع: الحَجْحَجة النُّكوص. يقال: حَمَلوا علينا ثمَّ حَجْحَجُوا. والمُحَجْحِج: العاجز. قال:
__________
(1) لعذار بن درة الطائي، كما في اللسان (حجج، لجف، غرد). وعجزه:
* فاست الطبيب قذاها كالمغاريد *
(2) ديوان أبي ذؤيب 58 واللسان (حجج، أسا)، وفي الأصل: "عليه المسك حتى كأنه" وإنما البيت في صفة امرأة.
(3) البيت للبيد في ديوانه 22 طبع 1881 واللسان (حجج). وفي اللسان: "يرضن صعاب الدر، أي يثقبنه". في الأصل: "يرضعن" تحريف، صوابه من المراجع ومن (عطل).
(4) كذا. وفي اللسان والقاموس: تكهف صار فيه كهوف.(2/24)
* ضَرْباً طَِلَخْفاً ليس بالمحَجْحِج(1) *
ويقال أنا لا أُحَجْحِجُ في كذا، أي لا أشكّ. يقولون: لا تذهَبنَّ بك حَجْحجةٌ ولا لَجْلجة. ورَجُلٌ حَجْحجٌ(2): فَسْلٌ.
حدر
{باب الحاء والدال وما يثلثهما}
(حدر) الحاء والدال والراء أصلان: الهبوط، والامتلاء.
فالأوّل حَدَرْتُ الشّيءَ إذا أَنزَلْتَه(3). والحُدُور فعل الحادر. والحَدُور، بفتح الحاء: [المكان(4)] تَنْحَدِر منه.
والأصل الثاني قولُهم للشَّيء الممتلئ حادر. يقال عَينٌ حَدْرَة بَدْرَة: ممتلِئة. وقد مضى شاهدُه(5). وناقةٌ حادرةُ العينين، إذا امتلأتَا. وسُمِّيت حَدْراء لذلك. ويقال الحيدرة الأسد* ويمكن أن يكون اشتقاقُه من هذا. ومنه حَدَر جلْدُه تورّم يحدُر حُدورا(6). وأحدرتُه، إذ ضربتَه حتَّى تؤثر فيه. والحَدْرة، بسكون الدال: قُرْحةٌ تخرج بباطن جَفْن العين. ويقال [حَيٌّ(7)] ذو حُدورة، أي ذُو اجتماعٍ وكَثْرة. قال:
وإنِّي لَمِنْ قومٍ تصيدُ رِماحُهمْ
غَداةَ الصَّباحِ ذَا الحُدُورة والحَرْدِ(8)
والحُدْرَة: الصِّرمة(9)؛ سُمِّيت بذلك لتجمُّعها.
ومما شذَّ عن الباب الحادُور: القُرْط. ويُنشد:
* بائِنةُ المَنْكِبِ مِنْ حادُورِها(10) *
حدس - حدق
__________
(1) أنشده في اللسان (حجحج). وطلحفا، يقال بالحاء، بفتح الطاء واللام، وبكسر الطاء وفتح اللام. وفي الأصل: طلفخا"، تحريف.
(2) في الأصل: "حجج"، صوابه من القاموس.
(3) في الأصل: "حدرت بالشيء إذا نزلته"، صوابه من المجمل.
(4) هذه التكملة من المجمل واللسان.
(5) مضى في الجزء الأول (مادة بدر).
(6) ويقال أيضاً حدر يحدر حدراً، من باب ضرب.
(7) التكملة من المجمل واللسان.
(8) في الأصل والمجمل: "ذو الحدورة" تحريف. والحرد: الغضب. وفي الأصل: "الحدر" صوابه في المجمل.
(9) في اللسان: "والحدرة من الإبل، بالضم: نحو الصرمة".
(10) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حدر).(2/25)
(حدس) الحاء والدال والسين أصلٌ واحدٌ يُشْبه الرّمْي والسُّرعة وما أشبه ذلك. فالحَدْس الظنّ. وقياسُهُ من الباب، لأنّا(1) نقول: رَجَم بالظّنّ، كأنّه رَمَى به. والحَدْس: سُرعة السَّير. قال:
* كأنّها مِنْ بَعْدِ سَيرٍ حَدْسِ(2) *
ويقال حَدَس به الأرضَ حَدْساً، إذا صَرَعَهُ. قال:
...............ترى به
من القوم مَحدُوساً وآخَرَ حادساً(3)
ومنه أيضاً حَدَسْتُ في لَبَّةِ البعير، إذا وجَأْتَ في لَبَّتِه. وحدَسْتُ الشَّيءَ برِجْلي: وطئتُه. وحَدَسْت النّاقَة، إذا أنَخْتَها. وحَدَسْتُ بسهمي: رمَيت.
(حدق) الحاء والدال والقاف أصلٌ واحدٌ، [وهو الشيء] يحيط بشيء. يقال حَدَقَ القومُ بالرّجُل وأحدقوا به. قال:
المطعِمون بَنُو حَربٍ وقَدْ حَدَقَتْ
بي المنيّةُ واستبطأتُ أنصارِي(4)
وحَدَقَة العين مِن هذا، وهي السَّواد، لأنها تحيط بالصَّبِيّ(5)؛ والجمع حِداق. قال:
حدل - حدم
فالعين بَعْدَهمُ كأنّ حِداقَها
سُمِلَتْ بشَوْكٍ فَهْيَ عَورٌ تَدْمَعُ(6)
والتّحديق: شِدّة النّظر. والحديقة: الأرضُ ذاتُ الشجَر. والحِنْدِيقة: الحَدَقَة(7).
__________
(1) في الأصل: "أنا".
(2) الرجز في المجمل واللسان (حدس).
(3) جزء بيت لمعد يكرب كما في اللسان (حدس). وقد استشهد بهذا الجزء في المجمل. وأنشده ياقوت في (الحبيا) بدون نسبة محرفاً. وهو بتمامه:
بمعترك شط الحبيا ترى به
من القوم محدوساً وآخر حادسا
... ومعد يكرب هذا هو غلفاء بن الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي. انظر الأغاني (11: 60، 62).
(4) للأخطل في ديوانه 119 واللسان (حدق) برواية "المنعمون" فيهما.
(5) في اللسان "الصبي: ناظر العين. وعزاه كراع إلى العامة".
(6) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 3 واللسان (حدق).
(7) في الجمهرة (2: 123): "الحندوقة والحنديقة: الحدقة. ولا أدري ما صحته".(2/26)
(حدل) الحاء والدال واللام أصلٌ واحد، وهو المَيَل. يقال رجلٌ أحدَلُ، إذا كان في شِقِّه مَيَل، وهو الحَدَل. قال أبو عمرو: الأحدَل: الذي في مَنكِبَيه ورقَبَته انكبابٌ على صدره. ويقال قَوْسٌ مُحْدَلة وحَدْلاء، وذلك إذا تطامنَتْ سِيَتُها. والحَدْل: ضِدُّ العَدْل. قال أبو زيد: حَدَلَ عن الأمر يحدِل حَدْلاً. وإنه لَحدْلٌ غير عَدْل. ومما شذَّ عن الباب وما أدري أصحيحٌ هو أم لا، قولهم: الحَوْدل الذَّكر من القِرَدة(1).
(حدم) الحاء والدال والميم أصلٌ واحد، هو اشتداد الحرّ. يقال احتدم النهار: اشتدّ حره. واحتدم الحرّ. واحْتَدَمَتِ النار. وللنار حَدَمةٌ، وهو شدّتها، ويقال صوت التهابِها. قال الخليل: أحْدَمَتِ الشمسُ [الشيءَ(2)] فاحتدم، واحتَدَم صدْرُه غيظاً. فأمّا احتِدام الدّم فقال قوم: اشتدت حُمْرَتُه حتى يسودَّ؛ والصحيح أن يشتدّ حرُّه(3). قال الفرّاء: قِدْرٌ حُدَمَةٌ، إذا كانت سريعةَ الغَلْي؛ وهي ضدّ الصَّلُود.
حدا - حدأ
(حدا) الحاء والدال والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو السَّوق. يقال حَدَا بإبله: زجَر بها وغَنَّى لها. ويقال للحمار إذا قَدَم أُتُنَه هو يَحْدُوها. قال:
* حادِي ثلاثٍ من الحُقبِ السّماحيج(4) *
ويقال للسهم إذا مرَّ حَداه رِيشُه، وهَدَاه نَصْلُه. ويقال حَدَوْتُه على كذا، أي سُقْتُه وبعثتُه عليه. ويقال للشَّمال حَدْواء، لأنها تحدُو السحابَ، أي تسُوقُه.
قال العجاج:
* حَدْواء جاءَتْ مِنْ أعالي الطّورِ(5) *
__________
(1) في الأصل: "القردان"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
(2) التكملة من المجمل.
(3) اقتصر في المجمل على القول الأول.
(4) لذى الرمة في ديوانه 73 والمجمل واللسان (حدا). وصدره:
* كأنه حين يرمي خلفهن به *
(5) ديوان العجاج والمجمل واللسان (حدا).(2/27)
وقولهم: [فلان(1)] يتحدَّى فلانا، إذا كانَ يُبارِيه ويُنازِعُه الغَلَبة. وهو من هذا الأصل؛ لأنه إذا فعل ذلك فكأنه يحدوه على الأمر. يقال أنا حُدَيَّاكَ لهذا الأمر، أي ابرُزْ لي فيه. قال عمرو بن كلثوم:
* حُدَيَّا النَّاسِ كلِّهمُ جميعاً(2) *
(حدأ) الحاء والدال والهمزة أصلٌ واحد: طائرٌ أو مشبَّه به. فالحِدَأَة الطائر المعروف، والجمع الحِدَأ. قال:
* كما تَدَانَى الحِدَأ الأُوِيُّ(3) *
حدأ
ومما يشبَّه به وغُيِّرتْ بعضُ حركاته الحَدَأَةُ، شِبهُ فأسٍ تُنقر به الحجارة. قال:
* كالحَدَأ الوَقيعِ(4) *
ومما شذَّ عن الباب حَدِِئ* بالمكان: لَزِق.
(حدب) الحاء والدال والباء أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. فالحَدَب ما ارتفع من الأرض. قال الله تعالى: { وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ } [الأنبياء
96]. والحَدَب في الظَّهر؛ يقال حَدِب واحدَوْدَب. وناقة حَدْباء، إذا بدت حراقفُها؛ وكذلك الحِدْبار(5). يقال هُنّ حُدْبٌ حَدَابيرُ. فأمّا قولهم حَدِبَ عليه إذا عطَف وأشفق، فهو من هذا، لأنّه كأنّه جَنَأَ عليه من الإشفاق، وذلك شبيهٌ بالحَدَب.
(حدث) الحاء والدال والثاء أصلٌ واحد، وهو كونُ الشيء لم يكُنْ. يقال حدثَ أمرٌ بَعْد أن لم يكُن. والرجُل الحَدَثُ: الطريُّ السّن. والحديثُ مِنْ هذا؛ لأنّه كلامٌ يحْدُثُ منه الشيءُ بعدَ الشيء. ورجلٌ حدثٌ(6): حَسَن الحديث. ورجل حِدْثُ نساءٍ، إذا كانَ يتحدَّث إليهنّ. ويقال هذه حِدِّيثى حَسَنَة، كخِطِّيبَى، يراد به الحديثُ.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) من معلقته. وعجزه:
* مقارعة بنيهم عن بنينا *
(3) للعجاج في ديوانه 67 والمجمل واللسان (حدأ).
(4) جزء من بيت للشماخ في ديوانه 56 واللسان (حدأ). وهو بتمامه:
يبادرن العضاه بمقنعات
نواجذهن كالحدأ الوقيع
(5) في الأصل: "الحدباء"، صوابه من المجمل وسياق القول.
(6) يقال حدث، كفرح وندس، وحدث بالكسر.(2/28)
(حدج) الحاء والدال والجيم أصلٌ واحد يقرُب من حَدَق بالشيء إذا أحاط به. فالتَّحديج في النظر مثل التَّحديق. ومن الباب الحِدْج: مركبٌ من مَراكب النِّساء. يقال حَدَجْتُ البعيرَ، إذا شددْتَ عليه الحِدج. قال الأعشى:
حذر - حذق
ألا قُلْ لَميْثاءَ ما بالُهَا
أبِالليل تُحْدَجُ أجْمالُها(1)
ومن الباب الحَدَجُ، وهو الحنظل إذا اشتدَّ وصَلُب، وإنما قُلنا ذلك لأنّه مستدير.
{باب الحاء والذال وما يثلثهما}
(حذر) الحاء والذال والراء أصلٌ واحد، وهو من التحرُّز والتيقُّظ. يقال حَذِر يَحْذَر حَذَراً. ورَجُلٌ حَذِرٌ وحَذُورٌ وحِذْرِيانٌ: متيقِّظٌ متحرّز.
وحَذَارِ، بمعنى احذَرْ. قال:
* حَذَارِ من أرْماحِنا حَذَارِ(2) *
وقرئت: { وَإنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ(3) } [الشعراء 56]، قالوا: متأهِّبون. و(حَذِرُونَ): خائفون. والمحْذُورة: الفزَع. فأمّا الحِذْرِيَةُ فالمكانُ الغليظ: ويمكن أنْ يكون سُمّي بذلك لأنه يُحذَر المشْيُ عليه(4).
(حذق) الحاء والذال والقاف أصلٌ واحد، وهو القَطْع. يقال حَذَقَ السكِّين الشيءَ، إذا قطَعه. [قال]:
* فذلك سِكِّينٌ على الحَلْقِ حاذِق(5) *
حرز - حرس
__________
(1) ديوان الأعشى 116 والمجمل واللسان (حدج).
(2) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (حذر). وأنشده ثعلب في أماليه 651.
(3) هذه قراءة ابن ذكوان، وهشام من طريق الداجواني، وعاصم، وحمزة، والكسائي وخلف. ووافقهم الأعمش. والباقون بحذف الألف. ومما يجدر ذكره أن كتابتهما في رسم المصحف (حذرون) بطرح الألف. انظر إتحاف فضلاء البشر 332.
(4) في الأصل: "بالمشي عليه".
(5) لأبي ذؤيب في ديوانه 151 واللسان (حذق). وصدره:
* يرى ناصحاً فيما بدا فإذا خلا *(2/29)
ومن هذا القياس الرّجُل الحاذِق في صناعته، وهو الماهر، وذلك أنّه يَحْذِق الأمرَ يَقْطَعُه لا يدع فيه مُتَعلَّقا. ومنه حِذْق القرآن. ومن قياسِه الحُذَاقيُّ، وهو الفَصيحُ اللِّسان؛ وذلك أنّه يَفْصِل الأمورَ يَقطعها. ولذلك يسمَّى اللِّسان مِفْصَلاً. والباب كلُّه واحد.
ومن الباب حَذَقَ فاهُ الخلُّ إذا حَمَزَه، وذلك كالتَّقطيع يقَعُ فيه.
{باب الحاء والراء وما يثلثهما}
(حرز) الحاء والراء والزاء أصلٌ واحد، وهو من الحِفْظ والتَّحفظ يقال حَرَزْتُه(1) واحترزَ هو، أي تحفَّظَ. وناسٌ يذهبون إلى أنّ هذه الزّاءَ مبدلةٌ مِن سين، وأنَّ الأصل الحَرْس وهو وجهٌ. وفي الكتاب الذي للخليل أنّ الحَرَزَ جَوْز محكوكٌ يُلعَب به، والجمع أحْراز. قلنا: وهذا شيءٌ لا يعرَّج عليه ولا مَعْنَى له.
(حرس) الحاء والراء والسين أصلان: أحدهما الحِفْظ والآخر زمانٌ.
فالأوّل حَرَسَه يَحْرُسُه حَرْساً. والحَرَس: الحُرَّاس. وأمَّا حُرِيسَة الجَبَل، التي جاءت في الحديث، فيقال هي الشاة يُدركها اللَّيل قَبْلَ أُوِيِّها إلى مأواها، فكأنها حُرِسَتْ هناك. وقال أبو عبيدة في حريسة الجبل: يجعلها بعضهم السَّرِقَة نفسَها؛ يقال حَرَس يَحْرِسُ حَرْساً، إذا سَرَق. وهذا إنْ صحَّ فهو قريبٌ من الباب؛ لأنَّ السارق يرقُب الشيء كأنّه يحرُسه حتَّى يتمكَّن منه. والأوّلُ أصحّ. وذلك قول
حرش
أهل اللغة إنّ الحريسَةَ هي المحروسة. فيقول: "[ليس] فيما يحرس بالجبل قَطْع" لأنّه ليس بموضع* حِرْز.
(حرش) الحاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ يرجع إليه فروعُ الباب. وهو الأثَر والتحزيز. فالحَرْش الأَثَر ومنه سمِّي الرجل حراشاً(2). ولذلك يسمُّون الدِّينارَ أحْرَش لأنّ فيه خشونة. ويسمُّون الضبَّ أحْرَشَ؛ لأنَّ في جلده خشونةً وتحزيزاً.
__________
(1) في القاموس: "وحرزه حفظه، أو هو إبدال والأصل حرسه".
(2) في أسمائهم حراش، ككتاب، وحراش، كشداد.(2/30)
ومن هذا الباب حَرَشْتُ [الضبّ(1)]، وذلك أنْ تمسح جُحْرَهُ وتحرّكَ يدَكَ حتَّى يَظن أنّها حيّة فيُخْرِج ذَنبَه فتأخذَه. وذلك المَسْح له أثَرٌ. فهو من القياس الذي ذكرناه. والحَرِيش: نوعٌ من الحيات أرقَطُ. وربَّما قالوا حيّة حَرْشاء، كما يقولون رَقْطاء قال:
بِحَرْشاءَ مِطْحَانٍ كأنّ فحيحَها
إذا فَزِعَتْ ماءٌ هُرِيقَ على جمْرِ(2)
والحَرْشاء: حَبَّة تنبُت شبيهةٌ بالخَرْدَلِ. قال أبو النجم:
* وانْحَتَّ مِن حَرشاءِ فَلْجٍ خَرْدَلهْ(3) *
فأمّا قولُهم حَرَّشْت بينَهم، إذا أغرَيْتَ وألقيتَ العداوة، فهو من الباب؛ لأن ذلك كتحزيزٍ يقع في الصُّدور والقلوب.
ومن ذلك تسميتهم النُّقْبة، وهي أوَّل الجَرَب يَبْدُو، حَرْشاء. يقال نُقْبةٌ حَرْشاء، وهي الباِثرَة(4) التي لم تُطْلَ. وأنشد:
حرص
وحَتَّى كأنِّي يتقي بي مُعَبَّدٌ
به نُقْبة حَرْشاءُ لم تَلْقَ طاليا(5)
فأمّا قوله:
* كما تطايَرَ مَنْدُوفُ الحراشِين(6) *
فيقال إنّه شيءٌ في القطن لا تدَيِّثُهُ المطارق(7)، ولا يكون ذلك إلاّ لخشونةٍ فيه.
(حرص) الحاء والراء والصاد أصلان: أحدهما الشّقّ، والآخر الجَشَع.
__________
(1) التكملة في المجمل.
(2) البيت في المجمل واللسان (حرش، طحن). والمطحان: المترحية المستديرة.
(3) اللسان (حرش) والحيوان (4: 11) والجمهرة (2: 133).
(4) في الأصل: "الناشرة"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) في الأصل: "حتى كأني شقي"، صوابه من المجمل واللسان.
(6) أنشده في المجمل (حرش)، وذكر أن مفرده "حرشون". لكن ابن منظور أنشده في (حرشن).
(7) ديثت المطارق الشيء: لينته. وفي الأصل: "لا تدشه المطارف". وفي المجمل: "لا يدبثه المطارق"، صوابهما ما أثبت من اللسان (ديث).(2/31)
فالأول الحَرْصُ الشَّقُّ؛ يقال حَرَص القَصَّار الثوبَ إذا شقَّه. والحارِصَة من الشِّجاج: التي تشقُّ الجلد. ومنه الحرِيصة والحارِصَةُ، وهي السحابة التي تَقْشِر وجْهَ الأرض مِن شِدّة وَقْع مطرِها. قال:
* انهلالُ حريصَةٍ(1) *
وأمّا الجَشَع والإفراط في الرَّغْبة فيقال حَرَصَ إذا جَشَع يَحْرُِص حِرْصا، فهو حريصٌ. قال الله تعالى: { إنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ } [النحل 37]. ويقال حُرِصَ المَرْعَى(2)، إذا لم يُتْرك منه شيء؛ وذلك من الباب، كأنّه قُشِر عن وجْه الأرض.
حرض
(حرض) الحاء والراء والضاد أصلان: أحدهما نبت، والآخَر دليلُ الذَّهاب والتّلَف والهلاك والضَّعف وشِبهِ ذلك.
أمَّا الأوّل فالحُرْض الأُشنان، ومُعالِجُه الحَرّاض. والإحْرِيض: العُصْفُر. قال:
* مُلْتَهِبٌ كلَهَبِ الإحْرِيضِ(3) *
والأصل الثاني: الحَرَض، وهو المُشرِف على الهلاك. قال الله تعالى: { حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً } [يوسف 85]. ويقال حَرَّضْتُ فلاناً على كذا. زعم ناسٌ أنّ هذا من الباب. قال أبو إسحاق البصريُّ(4) الزَّجّاج: وذلك أنّه إذا خالف فقَدْ أفْسَد. وقوله تعالى: { حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ } [الأنفال 65]، لأنهم إذا خالَفُوه فقد أُهلِكوا. وسائر الباب مقاربٌ هذا؛ لأنَّهم يقولون هو حُرْضَة، وهو الذي يُنَاوَلُ قِدَاحَ الميسر ليضرب بها.
ويقال إنّه لا يأكل اللحمَ أبداً بثَمن، إنّما يأكل ما يُعْطَى، فيُسمَّى حُرْضَةً، لأنه لا خَيرَ عنده.
__________
(1) جزء من بيت للحادرة الذبياني في ديوانه 3 نسخة الشنقيطي، والمفضليات (1: 24)، واللسان (حرص). وهو بتمامه:
ظلم البطاح له انهلال حريصة
فصفا النطاف له بعيد المقلع
(2) في الأصل: "المعنى"، صوابه من المجمل.
(3) البيت من أبيات أربعة في نوادر أبي زيد 222 واللسان (حرض).
(4) هو أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج، تلميذ المبرد، المتوفى سنة 311.(2/32)
ومن الباب قولُهم للذي لا يُقاتِل ولا غَنَاء عِنْدَه ولا سِلاح معَه حَرَض. قال الطرِمّاح:
* حُمَاةً للعُزَّلِ الأحراضِ(1) *
ويقال حَرَض الشّيءُ وأحرضَهُ غيره، إذا فَسَد وأفسَدهُ غيرُه. وأحْرَضَ
حرف
الرّجُل، إذا وُلِد له [ولَدُ] سَوء. وربما قالوا حَرَضَ الحالبان النّاقَة، إذا احتلبا لبنَها كلَّه.
(حرف) الحاء الراء والفاء ثلاثة أصول: حدُّ الشيء، والعُدول، وتقدير الشَّيء.
فأمّا الحدّ فحرْفُ كلِّ شيء حدُّه، كالسيف وغيره. ومنه الحَرْف، وهو الوجْه. تقول: هو مِن أمرِه على حَرْفٍ واحد، أي طريقة واحدة. قال الله تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهََ عَلَى حَرْفٍ } [الحج 11]. أي على وجه واحد. وذلك أنّ العبد يجبُ عليه طاعةُ ربِّه تعالى عند السرّاء والضرّاء، فإذا أطاعَه عند السّرّاء وعَصاه عند الضرّاء فقد عَبَدَه على حرفٍ. ألا تراه قال تعالى: { فَإِنْ أصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } [الحج 11]. ويقال للناقةِ حَرْفٌ. قال قوم: هي الضامر، شبِّهت بحرف السَّيف. وقال آخرون: بل هي الضَّخْمة، شبِّهت بحرف الجبل، وهو جانبُه. قال أوس:
حَرْفٌ أخُوها أبوها مِن مُهَجَّنَةٍ
وعَمُّها خالُها قوداءُ مِئشيرُ(2)
وقال كعب بن زهير:
حرفٌ أخوها أبوها مِن مهجَّنةٍ
وعَمُّها خالُها جرداءُ شِمْلِيلُ(3)
والأصل الثاني: الانحراف عن الشَّيء. يقال انحرَفَ عنه يَنحرِف انحرافاً. وحرّفتُه أنا عنه، أي عدَلتُ به عنه. ولذلك يقال مُحَارَفٌ، وذلك إذا حُورِف
حرق
__________
(1) جزء من بيت له في ديوانه 86 واللسان (حرض). وهو بتمامه:
من يرم جمعهم يجدهم مراجيـ
ـح حماة للعزل الأحراض
(2) سبق إنشاد البيت والكلام عليه في مادة (أشر).
(3) سبق الكلام على هذا البيت في حواشي مادة (أشر)(2/33)
كَسْبُه فمِيلَ به عنه، وذلك كتحريف الكلام، وهو عَدْلُه عن جِهته. قال الله تعالى: { يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَواضِعِه(1) } [النساء 46، المائدة 13].
والأصل الثالث: المِحراف، حديدة يقدَّر بها الجِراحات عند العِلاج. قال:
إذا الطَّبيب بمِحْرافَيْهِ عالَجَها
زادَتْ على النَّقْرِ أو تحرِيكِها ضَجَما(2)
وزعم ناسٌ أنّ المُحارَفَ من هذا، كأنّه قُدِّر عليه رزقُه كما تقدَّر الجِراحةُ بالمحْراف.
ومن هذا الباب فلان يَحْرُف لِعياله، أي يكسِب. وأجْوَدُ مِن هذا أن يقال فيه إنّ الفاءَ مبدلةٌ من ثاء. وهو من حَرَثِ أي كَسَبَ وجَمَعَ. وربما قالوا أحْرَفَ فلانٌ إحرافاً، إذا نَما مالُه وَصَلُح. وفلان حَرِيفُ فلانٍ أي مُعامِلُه. وكل ذلك من حَرَفَ واحترف أي كسَب. والأصلُ ما ذكرناه.
(حرق) الحاء والراء والقاف أصلان: أحدهما حكُّ الشَّيء بالشيء مع حرارة والتهاب، وإليه يرجع فروعٌ كثيرة. والآخَر شيءٌ من البَدَن.
فالأول قولهم حَرَقْتُ الشيءَ إذا بردْتَ وحككْتَ بعضَهُ ببعض. والعرب تقول: "هو يَحْرُقُ عليك الأُرَّم غَيظاً"، وذلك إذا حكَّ أسنانَه بعضَها ببعض. والأُرَّم هي الأسنان. قال:
نُبِّئْتُ أحْماءَ سُليمَى إنَّما
باتُوا غِضاباً يَحْرُقُون الأرَّمَا(3)
حرق
__________
(1) من الآية 46 في النساء، والآية 13 في المائدة. وفي الآية 41 من المائدة: (يحرفون الكلم من بعد مواضعه).
(2) للقطامي في ديوانه 71 واللسان (حرف، ضجم). ويروى: "على النفر" بالفاء، وهو الورم أو خروج الدم. وفي الديوان: "حاولها" بدل: "عالجها".
(3) الرجز في اللسان (حرق، أرم). وفي (أرم) توجيه كسر همزة "إنما" وفتحها.(2/34)
وقرأ ناسٌ: { لَنَحْرُقَنَّهُ ثمَّ لِنَنْسِفَنَّه(1) } [طه 97]، قالوا: معناه لنبرُدنَّه بالمبارد. والحَرَق: النَّار. والحَرَقُ في الثَّوب(2). والحَرُوقاء هذا الذي يقال له الحُرَّاق. وكلُّ ذلك قياسُه واحد.
ومن الباب قولهم للذي ينقطع شَعَْره وينسل حَرِقٌ. قال:
* حَرِقَ المَفَارِق كالبُراءِ الأعْفَرِ(3) *
والحُرْقَانُ: المَذَح في الفخِذين، وهو من احتكاك إحداهما بالأخرى. ويقال فَرَسٌ حُرَاقٌ(4) إذا كان يتحرَّق في عَدْوِه. وسَحابٌ حَرِقٌ، إذا كان شديدَ البَرْق. وأحْرَقَني النّاسُ بلَوْمهم: آذَوْني. ويقال إنّ المُحارقَةَ جِنسٌ من المباضعة. وماء حُرَاقٌ: مِلحٌ شديد المُلوحة.
وأمّا الأصل الآخر فالحارقة، وهي العَصب الذي يكون في الورِك. يقال رجلٌ محروقٌ، إذا انقطعت حارِقَتُه. قال:
* يَشُولُ بالمِحْجَنِ كالمحروقِ(5) *
حرك - حرم
(حرك) الحاء والراء والكاف أًصلٌ واحد، فالحركة ضدُّ السكون. ومن الباب الحارِكانِ، وهما ملتقى الكتِفَين، لأنَّهما لا يزالان يتحرَّكان. وكذلك الحراكيك، وهي الحراقِفُ، واحدتها حَرْكَكَة.
__________
(1) هذه قراءة أبي جعفر من رواية ابن وردان، ووافقه الأعمش. وقرئ: (لنحرقنه) من الإحراق، وهي قراءة أبي جعفر من رواية ابن جماز، ووافقه الحسن. وباقي القراء: (لنحرقنه) من التحريق. انظر إتحاف فضلاء البشر 307.
(2) في اللسان: "والحرق: أن يصيب الثوب احتراق من النار… ابن الأعرابي: الحرق: النقب في الثوب من دق القصار". وفي المجمل: "والحرق في الثوب من الدق".
(3) لأبي كبير الهذلي، كما سبق في حواشي (برو/ي 234) من الجزء الأول، وصدره:
* ذهبت بشاشته فأصبح واضحا *
(4) يقال: حراق، كزعاق، وحراق، كرمان.
(5) لأبي محمد الحذلمي، كما في اللسان (فتق، صفق). وأنشده أيضاً في اللسان (حرق) بدون نسبة. وانظر أمالي ثعلب 232.(2/35)
(حرم) الحاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع والتشديد. فالحرام: ضِدُّ الحلال. قال الله تعالى: { وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيةٍ أَهْلَكنْاَهَا } [الأنبياء 95]. وقرئت: (وحِرْمٌ(1)). وسَوْطٌ مُحرَّم، إذا لم يُلَيَّن بعدُ. قال الأعشى:
* تُحاذِر كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّمَا(2) *
والقطيع: السوط، والمحرَّم الذي لم يمرَّن ولم يليَّنْ بعدُ. والحريم: حريم البئرِ، وهو ما حَولَها، يحرَّم على غير صاحبها أن يحفِر فيه. والحَرَمَانِ: مكة والمدينة، سمِّيا بذلك لحرمتهما، وأنّه حُرِّم أن يُحدَث فيهما أو يُؤْوَى مُحْدِثٌ. وأحْرَم الرّجُل بالحجّ، لأنه يحرُم عليه ما كان حلالاً له من الصَّيد والنساءِ وغير ذلك. وأحرم الرّجُل: دخل في الشهر الحرام. قال:
قَتَلُوا ابنَ عفّانَ الخليفةَ مُحْرِماً
فمضى ولم أَرَ مثلَه مقتولا(3)
ويقال المُحْرِم الذي* له ذِمَّة. ويقال أحْرَمْتُ الرّجُلَ قَمرْتُه، كأنَّك حرمْتَه ما طمِعَ فيه منك. وكذلك حَرِم هو يَحْرَم حَرَماً، إذا لم يَقْمُر. والقياس واحدٌ،
حرم
كأنه مُنِع ما طَمِع فيه. وحَرَمْتُ الرّجلَ العطية حِرماناً، وأحرمْتُه، وهي لغة رديّة. قال:
ونُبِّئْتُها أحْرَمْت قَومَها
لتَنْكِحَ في مَعْشرٍ آخَرِينا(4)
ومَحارِم اللَّيل: مخاوفه التي يحرُم على الجبان أن يسلُكَها. وأنشد ثعلب:
واللهِ لَلنَّومُ وبِيضٌ دُمَّجُ
__________
(1) هي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر وطلحة والأعمش وأبي عمرو. وانظر سائر القراءات في تفسير أبي حيان (6: 338).
(2) في (قطع): "تراقب كفي". وصدره كما في ديوان الأعشى 201 واللسان (حرم):
* ترى عينها صغواء في جنب مؤقها *
(3) للراعي كما في خزانة الأدب (1: 503) واللسان (حرم) وجمهرة أشعار العرب 176. وهذا الإنشاد يوافق ما في المجمل. ورواية سائر المصادر: "ودعا فلم أر مثله".
(4) البيت من أبيات لشقيق بن السليك، أو ابن أخي زر بن حبيش، في اللسان (حرم).(2/36)
أَهْوَنُ مِن لَيْلِ قِلاصٍ تَمْعَجُ
مَحَارِمُ اللَّيلِ لَهُنّ بَهْرَجُ(1)
حِين يَنام الوَرَعُ المزَلَّجُ(2)
ويقال من الإحرام بالحجِّ قوم حُرُمٌ وحَرَامٌ، ورجلٌ حَرَامٌ. ورجُلٌ حِرْمِيٌّ منسوب إلى الحَرَم. قال النابغة:
لِصَوْتِ حِرْمِيَّةٍ قالت وقد رحلوا
هل في مُخِفِّيكُم من يَبتغي أَدَما(3)
والحَرِيم: الذي حُرِّم مَسُّهُ فلا يُدْنَى منه. وكانت العرب إذا حجُّوا ألقَوا ما عليهم من ثيابهم فلم يلبَسوها في الحرَم، ويسمَّى الثوبُ إذا حرّم لُبسه الحَريم. قال:
كَفى حَزَناً مَرِّي عليه كأنّهُ
لَقىً بين أيدي الطائِفِين حريمُ(4)
ويقال بين القوم حُرْمةٌ ومَحْرَُمة، وذلك مشتقٌّ من أنه حرامٌ إضاعتُه وترْكُ حِفظِه. ويقال إنّ الحَرِيمةَ اسمُ ما فات من كل همٍّ مطموعٍ فيه.
حرن - حرو/ي
ومما شذَّ الحيْرَمَة: البقرة.
(حرن) الحاء والراء والنون أصلٌ واحد، وهو لزوم الشي للشيء لا يكادُ يفارقه. فالحِرَان في الدّابة معروف، يقال حَرَنَ وحَرُن. والمَحَارن من النَّحْل: اللواتي يلصَقْن بالشَُّهد فلا يبرحْن أو يُنْزَعْنَ. قال:
* صَوْتُ المحابِضِ يَنْزِعْن المَحَارِينا(5) *
وكذلك قول الشماخ:
فما أرْوَى ولو كَرُمَتْ علينا
بأدْنَى مِنْ موقَّفَةٍ حَرُونِ(6)
__________
(1) الأبيات في المجمل، والأول والثاني منهما في اللسان (دمج)، والأخيران فيه (حرم، زلج). البهرج: المباح. والورع بالفتح: الجبان. والمزلج: الدون الذي ليس بتام الحزم.
(2) يروى أيضاً "مخارم الليل" أي أوائله. وهي رواية اللسان (خرم).
(3) ديوان النابغة 67 والمجمل واللسان (حرم). المخف: الخفيف المتاع. والأدم: الجلد.
(4) المجمل واللسان (حرم). وفي الأخير: "كرى عليه" وانظر السيرة 129.
(5) لابن مقبل في اللسان (حبض، حرن). وصدره:
* كأن أصواتها من حيث تسمعها *
(6) ديوان الشماخ 91 واللسان (وقف، حرن).(2/37)
هي التي لا تبرح أعلَى الجبل. ويقال حَرَنَ في البيع فلا يزيد ولا ينقُص.
(حرو/ي) الحاء والراء وما بعدها معتل. أصول ثلاثة: فالأوّل جنس من الحرارة، والثاني القرب والقصد، والثالث الرُّجوع.
فالأوّل الحَرْوُ. من قولك وجَدْتُ في فمي حَرْوَة وحَرَاوةً، وهي حرارةٌ مِن شيءٍ يُؤْكل كالخردَل ونحوِه. ومن هذا القياس حَرَاةُ النار، وهو التهابها. ومنه الحَرَة الصَّوت والجَلَبةُ.
وأمّا القُرب والقَصْد فقولهم أنت حَرىً أنْ تفعل كذا. ولا يثنَّى على هذا اللفظ ولا يُجمَع. فإذا قلت حَرِيٌّ قلت حرِيّان وحريُّون وأحرياء للجماعة(1). وتقول هذا الأمر مَحْراةٌ لكذا. ومنه قولهم: هو يتحرَّى الأمر، أي يقصِدُه.
حرب
ويقال إنَّ الحَرا مقصور: موضع البَيْض، وهو الأفحوص. ومنه تحرَّى بالمكان: تلبَّثَ. ومنه قولهم نزلتُ بِحَرَاهُ وَبِعَراه، أي بعَقْوتَه.
والثالث: قولهم حَرَى الشّيءُ يَحرِي حَرْياً، إذا رجع ونَقَص. وأحراه الزمانُ. ويقال للأفعى التي كَبِرت ونقص جسمُها حاريَةٌ. وفي الدعاء عليه يقولون: "رماهُ الله بأفعَى حاريةٍ"، لأنها تنقُص من مرور الزمان عليها وتَحْرِي، فذلك أخبثُ. وفي الحديث: "لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل جسمُ أبي بكر يَحْرِي حتى لَحق به".
(حرب) الحاء والراء والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها السّلْب، والآخر دويْبَّة، والثالث بعضُ المجالس.
فالأوَّل: الحَرْب، واشتقاقها من الحَرَب وهو السَّلْب. يقال حَرَبْتُه مالَه، وقد حُرِب مالَه، أي سُلِبَه، حَرَباً. والحريب: المحروب. ورجل مِحْرَابٌ: شجاعٌ قَؤُومٌ بأمر الحرب مباشرٌ لها. وحَريبة الرَّجُل: مالُه الذي يعيش به، فإذا سُلِبَه لم يَقُمْ بعده. ويقال أسَدٌ حَرِبٌ، أي من شدّة غضبِه كأنّه حُرِب شيئاً أي سُلِبه. وكذلك الرجل الحَرِب.
__________
(1) وكذلك إذا قلت حر، كشج؛ ثنيته أو جمعته.(2/38)
وأما الدويْبَّة [فـ] الحِرباء. يقال أرض مُحَرْبئة، إذا كثُر حِرباؤها. وبها شبِّه الحِرْباء، وهي مسامير الدُّروع. وكذلك حَرَابيّ المَتن، وهي لَحَماتُهُ.
والثالث: *المحراب، وهو صدر المجلس، والجمع محاريب. ويقولون: المحراب الغرفةُ في قوله تعالى: { فَخَرَجَ علَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْراب } [مريم 11]. وقال:
حرت - حرث
رَبَّةُ مِحرابٍ إذا جئتُها
لم ألقَها أوْ أَرتَقِي سُلَّمَا(1)
ومما شذَّ عن هذه الأصول الحُرْبة. ذكر ابنُ دريد أنها الغِرارَة السَّوداء. وأنشد:
وصَاحبٍ صاحبتُ غيرِ أَبْعَدا
تراهُ بين الحُرْبَتَينِ مَسْنَدَا(2)
(حرت) الحاء والراء والتاء أصلٌ واحد، وهو الدَّلْك، يقال حَرَته حَرْتاً، إذا دلكه دَلْكاً شديداً.
(حرث) الحاء والراء والثاء أصلانِ متفاوتان: أحدهما الجمع والكَسْب، والآخر أنْ يُهْزَل الشيء.
فالأوّل الحَرْث، وهو الكَسْب والجمع، وبه سمِّي الرجل حارثاً. وفي الحديث: "احْرُثْ لدُنْياكَ كأنَّك تعيش أبداً، واعمَلْ لآخرتِك كأنك تموت غداً".
ومن هذا الباب حرث الزَّرع. والمرأة حرث الزَّوج؛ فهذا تشبيه، وذلك أنه مُزدَرَع ولده. قال الله تعالى: { نساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ } [البقرة 223]. والأحرِثة: مَجارِي الأوتار في الأفواق(3)؛ لأنّها تجمعها.
وأمّا الأصل الآخر فيقال حَرَثَ ناقتَه: هَزَلها؛ أحرثها أيضاً. ومن ذلك قول الأنصار لمّا قال لهم معاوية: ما فعلَتْ نواضحُكم؟ قالوا: أحْرثْنَاها يَوْمَ بَدْرٍ.
حرج
(حرج) الحاء والراء والجيم أصلٌ واحد، وهو معظم الباب وإليه مرجع فروعه، وذلك تجمُّع الشيء وضِيقُه. فمنه الحَرَج جمع حَرَجة، وهي مجتمع شجرٍ. ويقال في الجمع حَرَجات. قال:
__________
(1) لوضاح اليمن في اللسان (حرب) والأغاني (6: 43) والجمهرة (1: 219).
(2) البيتان في اللسان (حرب).
(3) الأفواق: جمع فوق، بالضم؛ وهو من السهم موضع الوتر. وفي الأصل: "الأفراق" تحريف.(2/39)
أَيا حَرَجاتِ الحيِّ حِينَ تحمَّلوا
بذي سَلَمٍ لا جادكُنَّ ربيعُ(1)
ويقال حِراجٌ أيضاً. قال:
* عايَنَ حيَّاً كالحراج نَعَمُهْ(2) *
ومن ذلك الحرَجَ الإثم، والحَرَج الضِّيق. قال الله تعالى: { وَمَنْ يُرِدْ أنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً } [الأنعام 125]. ويقال حَرِجَتِ العينُ تَحرَج، أي تحارُ. وتقول: حَرِجَ عَلَيَّ ظُلمك، أي حرُم. ويقال أحْرَجَها بتطليقةٍ، أي حرّمَها. ويقولون: أكسَعَها بالمُحْرِجات، يريدون بثلاث تطليقات. والحَرَج: السَّرير الذي تُحمَل عليه الموتى. والمِحَفَّةُ حَرَجٌ. قال:
فإمّا تَرَيْنِي في رِحالةِ جابرٍ
على حَرَجٍ كالقَرّ تَخْفِق أكفاني(3)
وناقة حَرَجٌ وحُرْجُوجٌ: ضامرة، وذلك تداخُلُ عظامِها ولحمِها. ومنه الحَرِجُ الرّجل الذي لا يكاد يبرحُ القتال.
ومما شذّ عن هذا الباب قولهم إنّ الْحِرْجَ الوَدَعة، والجمع أحراج. ويقال هو نَصيب الكلْب من لحم الصَّيْد. قال جحدر:
حرد
وتقدُّمي للَّيْثِ أرْسُفُ مُوثَقاً
حتى أُكابِرَه على الأحْراجِ(4)
ويقال الحِرْج الحِبالُ تُنْصَب. قال:
* كأنّها حرج حابلِ(5) *
(حرد) الحاء والراء والدال أصولٌ ثلاثة: القصد، والغضَب، والتنحِّي.
فالأوَّل: القصد. يقال حَرَدَ حَرْدَهُ، أي قصد قصده، قال الله تعالى:
{ وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ } [القلم 25]. [و] قال:
أقبل سَيْلٌ جاءَ مِنْ عِنْدِ اللهْ
__________
(1) البيت للمجنون كما في الحيوان (5: 173) والأغاني (1: 17).
(2) للحجاج في ديوانه 64 واللسان (حرج).
(3) لامرئ القيس في ديوانه 126 واللسان (حرج، قرر)، وسيعيده في (قر).
(4) البيت في اللسان (حرج).
(5) جزء من بيت في اللسان (حرج) وهو بتمامه:
وشر الندامى من تبيت ثيابه
مجففة كأنها حرج حابل
... وفي الأصل: "كأنها حرج نابل وحابل"، صوابه في المجمل واللسان.(2/40)
يَحْرُدُ حَرْدَ الجَنَّةِ المُغِلّهْ(1)
ومن هذا الباب الحُرُود: مبَاعر الإبل، واحدها حِرْد.
والثاني: الغضب؛ يقال حَرِدَ الرّجل غَضِبَ حَرْداً، بسكون الراء(2). قال الطرمّاح:
* وابن سَلْمى على حَرْدِ(3) *
ويقال أسَدٌ حارد. قال:
حرذ - حزق
لعَلكِ يوما أن تَرَيْنِي كأنّما
بَنِيَّ حوالَيَّ الليُوثُ الحوارِدُ(4)
والثالث: التنحِّي والعُدول. يقال نَزلَ فلانٌ حريداً، أي منتحِّياً. وكوكب حَريد. قال جرير:
نَبْنِي على سَنَنِ العَدُوِّ بُيُوتَنَا
لا نستجير ولا نحلُّ حَرِيدا(5)
قال أبو زيد: الحريد ها هنا: المتحوِّل عن قومه. وقد حَرَدَ حُرُوداً. يقول إنَّا لا نَنْزِل في غير قومنا من ضعف وذِلّة؛ لقوّتنا وكثْرتنا. والمحرَّد من كل شيء: المعوَّج. وحارَدَتِ الناقة، إذ قلَّ لبنُها، وذلك أنّها عَدَلَتْ عمَّا كانت عليه من الدّرّ. وكذلك حارَدَت السنة إذا قَلّ مطرها. وحَبْلٌ مُحَرَّدٌ، إذا ضُفر فصارت له حِرفةٌ لاعوِجاجه.
(حرذ) الحاء والراء والذال ليس أصلاً، وليست فيه عربيةٌ صحيحة. وقد قالوا إنّ الحِرذَون دويْبَّة.
{ باب الحاء والزاء وما يثلثهما}
(حزق) الحاء والزاء والقاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. ومن ذلك [الحِزقُ]: الجماعات. قال عنترة:
حزك - حزل - حزم
* حِزَقٌ يَمانِيَةٌ لأعجمَ طِمْطِمِ(6) *
__________
(1) الشطران في اللسان (حرد). ونسبهما التبريزي في التهذيب لحسان.
(2) وبتحريكها أيضاً، والتسكين أكثر.
(3) في المجمل: ... ... * وابن أبي سلمى على حرد *
... ولم أعثر على هذا الشعر في ديوان الطرماح.
(4) للفرزدق في ديوانه 172 والحيوان (3: 97) وعيون الأخبار (4: 122) ومعاهد التنصيص (1: 102).
(5) ديوان جرير 173 واللسان (حرد).
(6) صدره كما في المعلقات:
* تأوي له قلص النعام كما أوت *(2/41)
والحَزيقة من النَّخل: الجماعة. ومن ذلك الحُزُقَّة: الرجُل القصير، وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقه. والحَزْق: شدُّ القوس بالوَتَر. والرجل المتحزِّق: المتشدِّد على [ما] في يديه بُخْلا. ويقولون: الحازق الذي ضاق عليه خُفُّهُ. والقياس في الباب كله واحد.
(حزك) الحاء والزاء والكاف كلمةٌ واحدة أُراها من باب الإبدال وأنها ليست أصلاً. وهو الاحتزاك، وذلك الاحتزام بالثَّوب. فإمّا أن يكون الكاف بدلَ ميم، وإما أن يكون الزاء بدلاً من باء وأنه الاحتباك. وقد ذكر الاحتباك في بابه.
(حزل) الحاء والزاء واللام أصلٌ واحد، وهو ارتفاع الشيء. يقال احْزَأَلَّ، إذا ارتفع. واحزألَّتِ الإبلُ على متن الأرض في السَّير: ارتفعت. واحزألَّ الجبلُ: ارتفع في السَّراب.
(حزم) الحاء والزاء والميم أصلٌ واحد، وهو شدُّ الشيءِ وجمعُه، قياسٌ مطرد. فالحزم: جَودة الرأي، وكذلك الحَزَامة، وذلك اجتماعُه وألاّ يكون مضطرِباً منتشِراً والحزام للسَّرج من هذا. والمتحزِّم: المُتلبّب. والحُزْمَة من الحطب وغيره معروفة(1). والحَيزُوم والحَزِيم: الصّدر؛ لأنّه مجتَمَع عِظامه ومَشَدُّها.
حزن - حزو/ي
يقول العرب: شددتُ لهذا الأمر(2) حَزِيمي. قال أبو خِراش يصفُ عُقابا:
رَأت قَنَصاً على فَوْتٍ فَضَمّت
إلى حيزومها ريشاً رطيبا(3)
أي كاد الصَّيد يفوتها. والرطيب: الناعم. أي كسرت جناحَها حين رأت الصيد لتنقضَّ. وأمّا قول القائل:
* أعددْتُ حَُزْمَةَ وهي مُقْرَبَةٌ(4) *
__________
(1) في الأصل: "معرفة".
(2) في الأصل: "هذا الأمر"، صوابه في المجمل.
(3) البيت من قصيدة له في ديوان الهذليين نسخة الشنقيطي 70 والقسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين 57.
(4) صدر بيت لحنظلة بن فاتك الأسدي، في اللسان (حزم). وعجزه:
* تقفي بقوت عيالنا وتصان *
... وحزمة، بضم الحاء كما في الأصل والقاموس والمخصص (6: 198)، وضبطت في اللسان ونسب الخيل لابن الكلبي بفتحها.(2/42)
فهي فرسٌ، واسمُها مشتقٌ مما ذكرناه. والحَزَم كالغَصَص في الصّدر، يقال حَزِمَ يَحْزَم حَزَماً؛ ولا يكون ذلك إلا من تجمُّع شيء هناك. فأمّا الحَزْمُ من الأرض فقد يكون من هذا، ويكون من أن يقلب النون ميما والأصل حَزْن، وإنما قلبوها ميما لأنّ الحَزْم، فيما يقولون، أرفع من الحزن.
(حزن) الحاء والزاء والنون أصلٌ واحد، وهو خشونة الشيء وشِدّةٌ فيه. فمن ذلكَ الحَزْن، وهو ما غلُظ من الأرض. والحُزْن معروف، يقال حَزَنَنِي الشيءُ يحزُنُني؛ وقد قالوا أحزَنني. وحُزَانتك: أهلُك ومن تتحزَّن له.
(حزو/ي) الحاء والزاء والحرف المعتل أصلٌ قليل الكَلِم، وهو الارتفاع. يقال حَزَا السّرابُ الشيءَ يحزُوهُ، إذا رفعَه. ومنه حَزَوْتُ الشيءَ وحَزَيته إذا
حزب - حزر
خَرَصْته(1). وهو من الباب؛ لأنّك تفعل ذلك ثم ترفعُه ليُعلم كم هو.
وقد جعلوا في هذا من المهموز كلمةً فقالوا: حَزَأْتُ الإبلَ أحزَؤُها حَزءاً، إذا جمعتَها وسُقْتها؛ وذلك أيضاً رفْعٌ في السَّير. فأمّا الحَزاء فَنبْتٌ.
(حزب) الحاء والزاء والباء أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. فمن ذلك الحِزب الجماعة من النّاس. قال الله تعالى: { كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [الروم 32]. والطائفة من كلِّ شيءٍ حِزْبٌ. يقال قرأَ حِزْبَهُ من القرآن. والحِزْباء: الأرض الغليظة(2). والحَزَابِيَةُ: الحِمار المجموع الخَلْق.
ومن هذا الباب الحيزبُون: العجوز، وزادوا فيه الياء والواو والنون، كما يفعلونه في مثل هذا، ليكون أبلغ في الوصف الذي يريدونه.
(حزر) الحاء والزاء والراء أصلان: أحدهما اشتداد الشيء، والثاني جنسٌ من إعْمال الرّأْي.
__________
(1) الخرص: تقدير الشيء بالظن. وفي الأصل: "حرضته"، تحريف.
(2) يقال حزباء في الجمع، والمفردة حزباءة.(2/43)
فالأصل الأول: الحَزَاوِرُ، وهي الرّوابي، واحدتها حَزْوَرَة. ومنه الغلام الحَزْوَر(1) وذلك إذا اشتدّ وقوِي، والجمع حزاورة. ومن* ذلك حَزَرَ اللَّبنُ والنّبيذُ، إذا اشتدّت حُموضته. وهو حازر. قال:
* بَعْدَ الذي عَدَا القُروصَ فَحَزَرْ(2) *
وأما الثالث فقولهم: حزَرتُ الشيء، إذا خرصْتَه، وأنا حازر. ويجوز أن
حسف - حسك
يحمل على هذا قولُهم لخيار المال حَزَرَات. وفي الحديث: "أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بَعَثَ مُصدِّقاً فقال: لا تأخُذْ مِن حَزَرات أموال الناس شيئاً. خُذِ الشّارِفَ والبَكْرَ وذا العيب". فالحَزرات: الخيار، كأنّ المصدِّق يَحزُِرُ فيُعمِل رأيَه فيأخذُ الخِيار(3).
{باب الحاء والسين وما يثلهما}
(حسف) الحاء والسين والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يتقشَّر عن شيء ويسقط. فمن ذلك الحُسَافة، وهو ما سَقَط من التمر والثَّمَر. ويقال انحسف الشّيءُ، إذا تفتَّت في يدك. وأمَا الحَسيفَة، وهي العداوة، فجائزٌ أن يكون من هذا الباب. والذي عندي أنها من باب الإبدال، وأنّ الأصل الحسيكة؛ فأُبدلت الكاف فاءً. وقد ذكرت الحسيكة وقياسُها بعد هذا الباب. ويقال الحَسَفُ الشَّوك، وهو من الباب.
(حسك) الحاء والسين والكاف من خشونة الشيء، لا يخرج مسائله عنه. فمن ذلك الحَسَكُ، وهو حَسَك السَّعدانِ(4)، وسمِّي بذلك لخشونته وما عليه مِن شَوك. ومن ذلك الحَسِيكة، وهي العداوة وما يُضَمّ في القلب من خشونة. ومن ذلك الحِسْكِك(5). وهو القُنفُذ. والقياس في جميعه واحد.
حسل- حسم - حسن
__________
(1) يقال في وصف الغلام حزور كجعفر، وحزور كعملس.
(2) أنشده أيضاً في المجمل. والقروص، مصدر لم يرد في المعاجم المتداولة.
(3) في اللسان وجه آخر للاشتقاق، قال: "سميت حزرة لأن صاحبها لم يزل يحزرها في نفسه كلما رآها".
(4) حسك السعدان، ثمره، وهو خشن يعلق بأصواف الغنم.
(5) في الأصل: "الحيسك"، تحريف. ويقال للقنفذ حسكك كزبرج، وحسيكة كسفينة.(2/44)
(حسل) الحاء والسين واللام أصلٌ واحد قليلُ الكلِم، وهو ولد الضبّ، يقال له الحِسْلُ والجمع حُسُول. ويقولون في المثل: "لا آتِيك [سِنَّ الحِسْل"، أي لا آتيك(1)] أبداً. وذلك أنّ الضب لا يسقط له سِنٌّ. ويكنى الضّبُّ أبا الحِسل. والحسِيل: ولد البقر، لا واحِدَ له من لفظه. قال:
* وهنّ كأذنابِ الحَسِيلِ صوادرٌ(2) *
(حسم) الحاء والسين والميم أصلٌ واحد، وهو قَطْع الشّيء عن آخره. فالحَسْم: القطع. وسُمِّي السيفُ حُساماً. ويقال حسامُه حَدّهُ، أيُّ ذلك كان فهو من القَطْع. فأما قوله تعالى: { وَثَمَانِيَةَ أيَّامٍ حُسُوماً } [الحاقة 7]، فيقال هي المتتابعة. ويقال الحسوم الشّؤم. ويقال سمِّيت حُسوماً لأنها حسمت الخيرَ عن أهلها. وهذا القول أقْيَس لما ذكرناه. ويقال للصبيّ السيِّئ الغذاء(3) محسومٌ، كأنه قُطِع نماؤُه لَمَّا حُسِم غذاؤه. والحَسْم: أن تقطَعَ عِرقاً وتكويه بالنار كي لا تسيل دمُه. ولذلك يقال: احْسِم عنك هذا الأمر، أي اقطعه واكفِهِ نفسَك.
(حسن) الحاء والسين والنون أصلٌ واحد. فالحُسن ضِدُّ القبح. يقال رجلٌ حسن وامرَأة حسناءُ وحُسّانَةٌ. قال:
دارَ الفَتاةِ التي كُنّا نقولُ لها
يا ظبيةً عُطُلاً حُسّانَة الجِيدِ(4)
حسو/ي
وليس في الباب إلاّ هذا. ويقولون: الحسَن: جَبَل، وحَبْلٌ من حبال الرمل. قال:
لأمِّ الأرضِ وَيْلٌ ما أجَنَّتْ
غداةَ أضَرَّ بالحَسَنِ السبيلُ(5)
__________
(1) التكملة من المجمل. ونحوها في اللسان.
(2) للشنفرى في المفضليات (1: 109) واللسان (حسل). وعجزه:
* وقد نهلت من الدماء وعلت *.
(3) في الأصل: "الانداء"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) للشماخ في ديوانه 21 واللسان (حسن).
(5) لعبد الله بن عنمة الضبي في اللسان (حسن) ومعجم البلدان (الحسنان) والحماسة.(2/45)
والمحاسنُ من الإنسان وغيره: ضدُّ المساوي. والحسن من الذراع: النصف الذي يلي الكوع، وأحسَِبه سمّي بذلك مقابلةً بالنِّصف الآخر؛ لأنّهم يسمُّون النصف الذي يلي المِرفَق القبيح، وهو الذي يقال له كَِسْرُ قبيحٍ. قال:
لو كنتَ عيْراً كنتَ عَيْرَ مذَلَّةٍ
ولو كنت كِسْراً كنت كَِسْرَ قبيحِ(1)
(حسو/ي) الحاء والسين والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ، ثم يشتقّ منه. وهو حَسْو الشيء المائع، كالماء واللبن وغيرهما؛ يقال منه حَسَوْت اللّبن وغيره حَسْواً. ويقال في المثل:
* لمثل ذا كنتُ أحَسِّيك الحُسى *
*والأصل الفارسُ يغذو فرسَه بالألبان يحسّيها إيّاه، ثمّ يحتاج إليه في طلبٍ أو هرب، فيقول: لهذا كنتُ أفعلُ بك ما أفعل. ثم يقال ذلك لكلِّ من رُشِّح لأمر. والعرب تقول في أمثالها: "هو يُسِرُّ حَسْواً في ارتغاء"، أي إنّه يُوهِم أنّه يتناول رغوةَ اللبن، وإنّما الذي يريده شُربُ اللّبنِ نَفْسِه. يضرب ذلك لمن يَمكُر، يُظهِر أمراً وهو يريد غيره. ويقولون: "نَومٌ كحَسْو الطائر" أي قليل. ويقولون: شَرِبْتُ حَسْوَاً وحَساءً. وكان يقال لابن جُدْعانَ حاسي الذَّهَب، لأنّه
حسب
كان له إناءٌ من ذهب يحسُو منه. والحِسْيُ: مكانٌ إذا نُحِّيَ عنه رملُه نَبَع ماؤُه. قال:
تَجُمُّ جُمومَ الحِسْي جاشت غُرُوبُه
وبَرَّدَهُ من تحتُ غِيلٌ وأبْطَحُ(2)
فهذا أيضاً من الأول كأنَّ ماءَه يُحسَى.
ومما هو محمولٌ عليه احتسيت الخَبَر وتحسَّيت مثل تحسَّسْت، وحَسِيت بالشيء مثل حَسِسْتُ. وقال:
سوى أنّ العِتاقَ من المطايا
__________
(1) قال ابن بري: "البيت من الطويل، ودخله الخرم في أوله. و منهم من يرويه: أو كنت كسراً، والبيت على هذا من الكامل". انظر اللسان (قبح) والمقاييس (قبح).
(2) للمرقش الأصغر، من قصيدة في المفضليات (2: 41). وكذا جاءت الرواية في المجمل. وفي المفضليات: "وجرده من تحت"، أي كشفه وعراه من الشجر.(2/46)
حَسِينَ به فهنَّ إليه شُوسُ(1)
وهذا ممكنٌ أن يكون أيضاً من الباب الذي يقلبونه عند التضعيف ياء، مثل قصَّيْتُ أظفاري، وتقضَّى البازي، وهو قريبٌ من الأمرين وحِسْيُ الغَميِم: مكانٌ.
(حسب) الحاء والسين والباء أصول أربعة:
فالأول: العدّ. تقول: حَسَبْتُ الشيءَ أحْسُبُه حَسْباً وحُسْباناً. قال الله تعالى: { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ } [الرحمن 5]. ومن قياس الباب الحِسْبانُ الظنّ، وذلك أنَّه فرق بينه وبين العدّ بتغيير الحركة والتّصريف، والمعنى واحد، لأنّه إذا قال حسِبته كذا فكأنّه قال: هو في الذي أعُدُّه من الأمور الكائنة.
ومن الباب الحَسَبُ الذي يُعَدُّ من الإنسان. قال أهل اللغة: معناه أن يعد آباءً أشرافاً.
حسب
ومن هذا الباب قولهم: احتسب فلانٌ ابنَه، إذا مات كبيراً(2). وذلك أنْ يَعُدّه في الأشياء المذخورة له عند الله تعالى. والحِسْبة: احتسابك الأجرَ. وفلان حَسَنُ الحِسْبة بالأمر، إذا كان حَسَن التدبير؛ وليس من احتساب الأجر. وهذا أيضاً من الباب؛ لأنه إذا كان حسنَ التدبير للأمر كان عالماً بِعِدَادِ كل شيءٍ وموضِعِه من الرأْي والصّواب. والقياسُ كله واحد(3).
والأصل الثاني: الكِفاية. تقول شيء حِسَابٌ، أي كافٍ(4). ويقال: أحسَبْتُ فلاناً، إذا أعطيتَه ما يرضيه؛ وكذلك حَسَّبْته. قالت امرأة(5):
ونُقْفِي ولِيدَ الحيِّ إن كان جائعاً
ونُحْسِبه إن كان ليسَ بجائِع
والأصل الثالث: الحُسْبَانُ، وهي جمع حُسبانَةٍ، وهي الوِسادة الصغيرة. وقد حسَّبت الرّجلَ أُحَسِّبه، إذا أجلسته عليها ووسَّدْتَه إياها. ومنه قول القائل:
__________
(1) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (حسا، حسس)، وأمالي القالي (1: 176).
(2) وإذا فقده صغيراً لم يبلغ الحلم قيل: افترطه افتراطا.
(3) في الأصل: "كلمة واحدة".
(4) وبه فسر قوله تعالى: (عطاء حسابا).
(5) من بني قشير، كما في اللسان (حسب). وأنشده أيضاً في (قفا).(2/47)
* غداة ثَوَى في الرّمْلِ غيرَ مُحَسَّبِ(1) *
وقال آخر(2):
يا عامِ لو قدَرَتْ عليكَ رِماحُنا
والرّاقصاتِ إلى مِنَىً فالغَبْغَبِ
لَلَمسْتَ بالوكْعاء طعنةَ ثائرٍٍ
حَرّانَ أو لثوَيْتَ غيرَ مُحسَّبِِ(3)
حسد - حسر
ومن هذا الأصل الحُسبْان: سهامٌ صغار يُرْمى بها عن القسيِّ الفارسية، الواحدة حُسبانة. وإنما فرق بينهما لصِغَر هذه و[كبر] تلك.
ومنه قولهم أصاب الأرض حُسبان، أي جراد. وفُسِّرَ قوله تعالى: { وَ يُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِنَ السَّمَاء } [الكهف 40]، بالبَرَد.
والأصل الرابع: الأحسب الذي ابيضَّت جِلدتُه من داءٍ ففسدت شَعرته، كأنَّه أبرص. قال:
يا هِنْدُ لا تَنْكحي بُوهَةً
عليه عقيقتُه أحْسَبا(4)
وقد يتّفق في أصول الأبواب هذا التفاوتُ الذي تراه في هذه الأصول الأربعة.
(حسد) الحاء والسين والدال أصلٌ واحد، وهو الحَسَد.
(حسر) الحاء والسين والراء أصلٌ واحد، وهو من كَشْف الشيء. [يقال حَسَرت عن الذراع(5)]، أي كشفته. والحاسر: الذي لا دِرْع عليه ولا *مِغْفَر. ويقال حَسَرْتُ البيتَ: كنستُه. ويقال: إن المِحْسَرَة المِكْنَسَة. وفلان كريم المَحْسَر، أي كريم المخبر، أي إذا كشفْتَ عن أخلاقه وجدتَ ثَمَّ كريماً. قال:
أرِقَتْ فما أدرِي أَسُقْمٌ طِبُّهَا
أم من فراق أخٍ كريم المَحْسَر(6)
حشف
__________
(1) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (حسب).
(2) هو نهيك الفزاري، يخاطب عامر بن الطفيل، كما في اللسان (حسب). وفي معجم البلدان (رسم الغبغب) أنه "نهيكة الفزاري".
(3) الوكعاء: الوجعاء، وهي الدبر. وفي اللسان "بالوجعاء" وفي المعجم "بالرصعاء".
(4) لامرئ القيس في ديوانه 154 واللسان (بوه، عقق، حسب). وقد سبق في (بوه).
(5) التكملة من المجمل.
(6) في الأصل: "الكريم"، صوابه في المجمل، حيث أنشد العجز. والطب، بالكسر الشأن والعادة.(2/48)
ومن الباب الحسرةُ: التلهُّف على الشيء الفائت. ويقال حَسِرْتُ عليه حَسَراً وحَسْرَةً، وذلك انكشافُ أمرِه في جزعه وقلَّة صبره. ومنه ناقةٌ حَسْرَى إذا ظلَعَتْ. وحَسَر البصر إذا كَلَّ، وهو حسير، وذلك انكشافُ حاله في قلّة بَصَره وضَعْفه. والمُحَسَّرُ، المُحَقَّر، كأنّه حُسر، أي جُعِل ذا حَسْرَة. وقد فسّرناها.
{باب الحاء والشين وما يثلثهما}
(حشف) الحاء والشين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رَخَاوة وضعف وخلوقة.
فأوّل ذلك الحَشَف، وهو أردأ التَّمر. ويقولون في أمثالهم: "أَحَشَفاً وسُوءَ كِيلَة"، للرَّجُل يجمع أمرين ردِيَّين. قال امرؤ القيس:
كأنَّ قلوبَ الطيرِ رَطباً ويابساً
لدى وَكرها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي(1)
وإنما ذكر قلوبَها لأنها أطيبُ ما في الطير، وهي تأتي فراخها بها. ويقال حَشِفَ(2) خِلْفُ الناقة، إذا ارتفع منه الّلبن. والحشيف: الثَّوب الخَلَق. وقد تَحَشَّف الرَّجلُ: لَبِسَ الحشيف. قال:
ونَفْسَها وهو للأطمار لَبَّاس(3)
يُدني الحَشيفَ عليها كي يواريَها
حشك - حشم
والحَشَفة: العجوز الكبيرة، والخميرة اليابسة(4)، والصخرة الرِّخْوَة حَوْلها السهلُ من الأرض.
(حشك) الحاء والشين والكاف أصلٌ واحد، وهو تجمُّع الشيء. يقال حَشَكْت النَّاقةَ، إذا تركتَها لا تحلبُها فتجمَّع لبنُها، وهي محشوكة. قال:
* غَدَت وهي مَحْشوكَةٌ حافلٌ(5) *
__________
(1) ديوان امرئ القيس 70.
(2) وكذا ضبط بكسر الشين في المجمل، وفي اللسان بالفتح.
(3) في المجمل: "ونفسه".
(4) ذكر هذين المعنيين في المجمل، وذكرا في القاموس، وفاتا صاحب اللسان.
(5) عجزه كما في اللسان (حشك):
* فراح الذئار عليها صحيحا *(2/49)
وَحَشَكَ القوم، إذا حَشَدُوا. وحَشَكَت(1) السّحابة: كثُر ماؤُها. ومنه قولهم للنّخلة الكثيرة الحَمْل حاشك. وحَشَكت السّماء: أتَتْ بمطرها. وربَّما حملوا عليه فقالوا: قوسٌ حاشكة، وهي الطَّرُوحُ البعيدةُ المَرمى. وحَشّاك: نَهْر.
(حشم) الحاء والشين والميم أصلٌ مشترك، وهو الغَضَب أو قريبٌ منه.
قال أهل اللغة. الحِشْمَة: الانقباضُ والاستحياء. وقال قومٌ: هو الغضب. قال ابن قُتيبة: رُوِي عن بعض فصحاء العرب: إن ذلك مما يُحْشِمُ بني فلانٍ، أي يغضبهم. وذكر آخر أن العرب لا تعرِفُ الحشمةَ إلاَّ الغضب، وأنَّ قولهم لحشَمِ الرجل خدمه، إنما معناه أنّهم الذين يَغْضب لهم ويغْضَبون له.
قال أبو عبيدٍ: قال أبو زيد: حَشَمْتُ الرجل أحْشِمه وأحْشَمْتُه، وهو أن يجلس إليك فتُؤذيَهُ وتُسمعه ما يكره. وابن الأعرابي يقول: حَشَمْتُه فَحَشم، أي أخجلته. وأحشمته: أغضبته. وأنشد:
حشن - حشو/ي
بطيءُ النُّضْجِ مَحشومُ الأكيل(2)
لَعَمْرُكَ إنْ قُرْصَ أبي خُبَيبٍ
(حشن) الحاء والشين والنون أصلٌ واحد، وهو تغيُّر الشيء بما يتعلّق به من درن. ثمّ يشتق منه:
فأمّا الأول فقولهم فيما رواه الخليل: حَشنَ السِّقاء، إذا حُقِنَ لبناً ولم يُتَعهَّدْ بغسلٍ فتغيَّرَ ظاهرُه وأنتَنَ. وأمَّا القياس فقال أبو عبيد: الحِشْنة، بتقديم الحاء على الشين: الحقد. وأنشد:
يُجَمجِمُها إلاّ سَيَبْدُو دفينُها(3)
ألاَ لا أرَى ذا حِشْنَةٍ في فؤاده
قال غيره: ومن ذلك قولهم: قال(4) فلانٌ لفلان حتَّى حشَّن صدرَه.
__________
(1) في الأصل: "حشدت"، تحريف.
(2) البيت في المجمل واللسان (حشم).
(3) البيت في المجمل واللسان (حشن).
(4) كذا وردت هذه الكلمة.(2/50)
(حشو/ي) الحاء والشين وما بعدها معتلٌ أصلٌ واحد، وربما هُمِزَ فيكون المعنيان متقاربين أيضاً. وهو أن يُودَع الشيءُ وعاءً باستقصاء. يقال حشوتُه أحشوه حَشْوا. وَحِشْوَة الإنسان والدابة: أمعاؤه. ويقال [فلانٌ] من حِشْوة بني فلانٍ، أي من رُذَالهم. وإنما قيل ذلك لأن الذي تحشى به الأشياءُ لا يكون من أفخر المَتاع بل أدْونِه.
والمِحْشى: ما تحتشي(1) به المرأة، تعظِّم* به عَجِيزتها، والجمع المحاشِي. قال:
* جُمَّاً غَنيّاتٍ عن المَحاشِي(2) *
حشب
والحشا: حشا الإنسان، والجمع أحشاء. والحشا: الناحية، وهو من قياس الباب، لأنّ لكلّ ناحيةٍ أهلاً فكأنّهم حشَوها. يقال: ما أدري بأيّ حشاً هو. قال:
* بأيِّ الحَشَا أمسى الخليطُ المبايِنُ(3) *
ومن المهموز وهو من قياسِ الباب غيرُ بعيدٍ منه، قولهم: حشأتُه بالسَّهم أحشَؤُه، إذا أصبتَ به جَنْبَه. قال:
أوْساً أُوَيْسُ من الهَبَالهْ(4)
فَلأَحْشأَنّكَ مِشْقَصاً
ومنه حَشَأْتُ المرأةَ، كناية عن الجِماع.
والحَشَا، غير مهموز: الرَّبْو، يقال حَشِي يَحْشَى حشاً، فهو حَشٍ كما ترى. فأمّا قول النابغة:
أعددتُ يربوعاً لكم وتميما(5)
جَمِّعْ مِحاشَكَ يا يزيدُ فإِنَّنِي
فله وجهان: أحدهما أن يكون ميمُه أصليَّة، وقد ذكر في بابه. والوجه الآخر أن يكون الميم زائدةً ويكون مِفْعَلاً من الحَشو، كأنه أراد اللفيف والأُشابة، وكان ينبغي أن يكون مِحْشَىً، فَقَلب.
__________
(1) في الأصل: " ما تحشى"، صوابه ما أثبت.
(2) الجم: جمع جماء، وهي الكثيرة اللحم. وفي الأصل: "جمعا"، صوابه من المجمل.
(3) للمعطل الهذلي من قصيدة في مخطوطة الشنقيطي من الهذليين 108. وأشده في اللسان: (حشا) وصدره:
* يقول الذي أمسى إلى الحرز أهله *
(4) البيت لأسماء بن خارجة كما في اللسان (حشا، أوس، هبل).
(5) ديوان النابغة 70 واللسان (حشا).(2/51)
(حشب) الحاء والشين والباء قريبُ المعنى مما قبله. فيقال الحَوْشَب العظيم البطن. قال:
حشد - حشر
لحمي إلى أجْرٍ حواشِبْ(1)
وتجرُّ مُجْرِيَةٌ لها
والحوشب: حَشْو الحافر، ويقال بل هو عظمٌ في باطن الحافر بين العصَب والوظيف. قال رؤبة:
* في رُسُغٍ لا يَتَشكَّى الحوشَبا(2) *
(حشد) الحاء والشين والدال قريب المعنى من الذي قبلَه. يقال حَشَد القوم إذا اجتمعوا وخفُّوا في التعاوُن. وناقة حشُودٌ: يسرعُ اجتماعُ اللبَن في ضرعها. والحَشْدَ: المحتشدون. وهذا وإن كان في معنى ما قبلَه ففيه معنىً آخر، وهو التّعاوُن. ويقال عِذقٌ حاشِدٌ وحاشك: مجتمِعُ الحَمْل كثيرُهُ.
(حشر) الحاء والشين والراء قريبُ المعنى من الذي قبلِه، وفيه زيادةُ معنىً، وهو السّوق والبعثُ والانبعاث.
وأهل اللغة يقولون: الحشر الجمع مع سَوْقٍ، وكلُّ جمعٍ حَشْر. والعرب تقول: حَشرَتْ مالَ بني فلانٍ السنةُ كأنّها جمعته، ذهبت به وأتَتْ عليه. قال رؤبة:
وحْشٌ ولا طمشٌ من الطُّموشِ(3)
وما نجا من حَشْرِها المحشوشِ
ويقال أُذُنٌ حَشْرَةٌ، إذا كانت مجتمِعة الخَلْق. قال:
كإعْلِيط مَرْخٍ إذا ما صَفِرْ(4)
لها أذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ
حصف
ومن أسماء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "الحاشر"، معناه أنّه يحشر النّاس على قدمَيه، كأنّه يقدُمُهم يوم القِيامة وهم خلْفه. ومحتملٌ أن يكون لَمَّا كان آخِرَ الأنبياء حُشِر النّاس في زمانه.
__________
(1) لحبيب بن عبد الله، المعروف بالأعلم الهذلي. انظر ما سبق في حواشي (1: 447).
(2) ديوان العجاج 74 واللسان والمجمل (حشب).
(3) ديوان رؤبة 78 واللسان (حشر، طمش) والمقاييس (طمش).
(4) للنمر بن تولب كما في اللسان (حشر)، ونبه على صحة هذه النسبة في (علط) بعد أن ذكر نسبته إلى امرئ القيس، وسيعيده في المقاييس (علط).(2/52)
وحشرات الأرض: دوابُّها الصغار، كاليرابيع والضِّباب وما أشبهها، فسمِّيت بذلك لكثرتها وانسياقها وانبعاثها. والحَشْوَرُ من الرّجال: العظيم الخَلْق أو البطنِ.
وممّا شذّ عن الأصل قولهم للرجل الخفيف حَشْرٌ. والحَشْر من القُذَذ: ما لَطُف. وسِنانٌ حَشْرٌ، أي دقيق؛ وقد حَشَرْته.
{باب الحاء والصاد وما يثلثهما}
(حصف) الحاء والصاد والفاء أصلٌ واحد، وهو تشدُّدٌ يكون في الشيءِ وصلابةٌ وقوَّة. فيقال لرَكانة العقْل حصافة، وللعَدْوِ الشديد إحصاف. يقال فرسٌ مِحْصَفٌ وناقة مِحْصافٌ. ويقال كتيبة محصوفةٌ، إذا تَجمَّع أصحابُها وقلّ الخَلَل فيهم. قال الأعشى:
مكروهةٍ يخشى الكماةُ نِزالَها(1)
تأوِي طوائِفُها إلى مَحْصُوفة
ويقال "مخصوفة"، وهذا له قياسٌ آخر وقد ذكر في بابه. ويقال استحصَفَ على بني فلانٍ الزّمانُ، إذا اشتدّ. وفرْجٌ مستحصِفٌ. وقال:
رابي المَجَسَّةِ بالعبير مُقَرْمَدِ(2)
وإذا طعنتَ طعنتَ في مستَحْصِفٍ
حصل - حصم
والحَصَف: بَثْر صِغارٌ يَستحصِف لها الجِلْد.
(حصل) الحاء والصاد واللام أصلٌ واحد منقاس، وهو جمع الشيء، ولذلك سمِّيت حَوصلةُ *الطائر؛ لأنّه يجمع فيها. ويقال حصَّلت الشيءَ تحصيلا. وزعم ناسٌ من أهل اللغة أنّ أصل التحصيل استخراجُ الذهب أو الفضّة من الحجر أو من تراب المَعدِن؛ ويقال لفاعله المحصِّل. قال:
ألا رجلٌ جزاهُ الله خيراً
يدلُّ على محصِّلة تُبِيتُ(3)
__________
(1) ديوان الأعشى 27 واللسان (حصف). وفي الديوان: "إلى مخضرة".
(2) للنابغة الذبياني في ديوانه 32، والبيت ملفق من بيتين وهما:
رابى المجسة بالعبير مقرمد
وإذا طعنت في مستهدف
نزع الحزور بالرشاء المحصد
وإذا نزعت نزعت من مستحصف
(3) البيت لعمرو بن قعاس المرادي، كما في الخزانة (1: 459) وكتاب سيبويه (1: 359). وأنشده في اللسان (حصل) بدون نسبة. وفي "رجل" أوجه الإعراب الثلاثة.(2/53)
فإن كان كذا فهو القياسُ، والباب كلُّه محمول عليه.
والحَصَل: البلح قبل أن يشتدّ ويظهر ثَفارِيقُه، الواحدةُ حَصَلة. قال:
* ينحَتُّ منهُنّ السَّدَى والحَصْلُ(1) *
السّدَى: البَلَح الذاوي، الواحدة سَداة. وهذا أيضاً من الباب، أعني الحصَل، لأنه حُصِّل من النخلة.
ومما شذّ عن الباب وما أدري ممّ اشتقاقه، قولهم: حَصِلَ الفرسُ، إذا اشتكى بَطْنَهُ عن أكل التُّراب.(2)
(حصم) الحاء والصاد والميم أصلٌ قليل الكَلِم، إلاّ أنه تكسُّر في الشيء، يقال: انحصم العود، إذا انكسر. قال ابن مُقْبل:
حصن - حصو/ي
وبيَاضاً أحدثَتْه لِمَّتِي
مثلَ عيدانِ الحَصاد المنحَصِمْ(3)
ومما اشتقّ منه حُصام(4) الدّابة، وهو رُدَامه. والقياس قريب.
(حصن) الحاء والصاد والنون أصلٌ واحد منقاس، وهو الحفظ والحِياطة والحِرز. فالحِصن معروف، والجمع حصون. والحاصِن والحَصَان: المرأة المتعفِّفة الحاصنةُ فرْجَها. قال:
لئن أنا مالأْتُ الهوى لاتِّباعِها(5)
فَمَا ولَدتْنِي حاصِنٌ رَبَعِيّةٌ
وقال حسّان في الحَصان:
وتُصبح غَرْثَى من لحوم الغَوافِل(6)
حَصَانٌ رَزَانٌ ما تُزَنُّ برِيبَةٍ
__________
(1) الثفاريق: جمع ثفروق، بضم الثاء المثلثة، وهو قمع البسرة والتمرة. وفي الأصل واللسان: "تغاريقه"، تحريف. وفي المخصص (11: 121): "إذا استبان البسر ونبت أقماعه وتدحرج قيل حصل النخل، وهو الحصل".
(2) استشهد به في اللسان والمخصص على تسكين الصاد للضرورة، وأنشده كذلك في اللسان (سدا).
(3) البيت في اللسان (حصم).
(4) هذا اللفظ مما لم يرد في المعاجم المتداولة. والدابة، يذكر ويؤنث.
(5) نسب في الحماسة بشرح المرزوقي 208 إلى إياس بن قبيصة الطائي.
(6) ديوان حسان 324 واللسان (حصن، رزن). يقوله في شأن أم المؤمنين عائشة.(2/54)
والفعل من هذا حَصُن. قال أحمد بن يحيى ثعلب: كلّ امرأةٍ عفيفة فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة، وكل امرأة متزوِّجةٍ فهي محصَنة لا غير. قال: ويقال لكلِّ ممنوعٍ مُحْصَن، وذكر ناسٌ أنّ القُفْل يسمَّى مُحْصَناً. ويقال أحْصَنَ الرّجُل فهو مُحْصَنٌ. وهذا أحدُ ما جاء على أفعل فهو مُفْعَل.
(حصو/ي) الحاء والصاد والحرف المعتل ثلاثة أصول: الأول المنع، والثاني العَدُّ والإطاقة، والثالث شيءٌ من أجزاء الأرض.
فالأوَّل الحصو. قال الشيبانيّ: هو المنع؛ يقال حصوته أي منعته. قال:
حقِّي بلا ذنبٍ وإذْ عَنَّنْتَني(1)
ألا تخافُ الله إذْ حَصَوْتني
حصب
والأصل الثاني: أحصيت الشيءَ، إذا عَدَدْته وأطْقته. قال الله تعالى:
{ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ } [المزمل 20]. وقال تعالى: { أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ } [المجادلة 6].
والأصل الثالث: الحصى، وهو معروف. يقال أرضٌ مَحْصاةٌ، إذا كانت ذاتَ حصَى. وقد قيل حَصِيتْ تَحْصَى.
ومما اشتقّ منه الحصاة؛ يقال ما له حصاةٌ، أي ما له عقل. وهو من هذا؛ لأن في الحصى قوةً وشدّة. والحصاة: العقل، لأنّ به تماسُكَ الرّجل وقوّة نفسه. قال:
حَصاةٌ على عَوْراته لدَلِيلُ(2)
وإنّ لسانَ المرءِ مالم تكن له
ويقال لكلِّ قطعةٍ من المسك حَصَاة؛ فهذا تشبيهٌ لا قياس.
وإذا هُمِز فأصْله تجمُّع الشيء؛ يقال أحصأتُ الرّجلَ، إذا أروَيته من الماء، وحَصِئَ هو. ويقال حَصأ الصبيُّ من اللبن، إذا ارتضَعَ حتى تمتلئَ مَعِدته، وكذلك الجَدْي.
__________
(1) لبشير الفريري، كما في اللسان (حصى).
(2) لكعب بن سعد الغنوي، كما في اللسان (حصى). ونبه الأزهري إلى طرفة، وهو في ديوانه ص52.(2/55)
(حصب) الحاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو جنسٌ من أجزاء الأرض، ثم يشتقّ منه، وهو الحصباء، وذلك جنسٌ من الحَصَى. ويقال حَصَبْتُ الرّجلَ بالحَصبَاء. وريحٌ حاصب، إذا أتَتْ بالغُبار. فأمّا الحَصْبَةُ فَبثْرةٌ تخرج بالجَسدِ، وهو مشبَّه بالحَصْباء. فأمَّا المُحَصَّب بمِنىً فهو موضع الجِمار. قال ذو الرمة:
رَواحُ اليَمانِي والهديلُ المُرجَّعُ(1)
أرى ناقتي عند المحصَّب شاقَها
حصد
يريد نفر اليمانينَ حين ينْصرفون. والهديل هاهنا: أصوات الحمام. أراد أنّها ذَكَرت الطير في أهلها فحنّت إليها.
ومن الباب الإحصاب: أن يُثِير الإنسانُ الحصَى في عَدْوِه. ويقال أرض مَحْصَبَةٌ، ذاتُ حَصْباء. فأمّا قولُهم حَصَّب القوم عن صاحبهم *يُحَصِّبون، فذلك تَوَلِّيهِمْ عنه مسرِعين كالحاصب، وهي الريح الشديدة. فهذا محمولٌ على الباب.
ويقال إنّ الحصِبَ من الألبان الذي لا يُخرِج زُبدَه، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنه كأنه من بَرْده يشتدّ حتى يصير كالحصباء فلا يُخرج زُبْداً(2).
(حصد) الحاء والصاد والدال أصلان: [أحدهما] قطْع الشيء، والآخر إحكامه. وهما متفاوتان.
فالأول حصدتُ الزّرعَ وغيرَه حَصْدا. وهذا زمَنُ الحَصاد والحِصاد. وفي الحديث: "وهَلْ يكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهم في النار إلا حصائدُ ألسنتهم". فإن الحصائد جمع حَصِيدة، وهو كلُّ شيءٍ قيل في الناس باللِّسان وقُطِع به عليهم. ويقال حَصَدْتُ واحتصَدْت، والرجل محتصِد. قال:
فمتى يَأْنِ يَأْتِ محتصِدُهْ(3)
إنما نحنُ مِثلُ خامةِ زَرْعٍ
__________
(1) ديوان ذي الرمة 345 واللسان (هدل).
(2) لم يذكر "الحصب" في اللسان. وفي القاموس: "وككتف: اللبن لا يخرج زبده من برده".
(3) للطرماح في ديوانه 113 واللسان (خوم). وكلمة "مثل" ساقطة من الأصل. وإثباتها مما سيأتي في
(خام 237) واللسان. وفي الديوان:
ع متى يأن يأت محتصده
إنما الناس مثل نابتة الزر(2/56)
والأصل الآخر قولهم حَبْلٌ مُحْصَدٌ، أي مُمَرٌّ مفتول.
ومن الباب شجرةٌ حَصْداء، أي كثيرة الورق؛ ودِرْع حصداء: مُحْكَمة؛ واستحصدَ القومُ، إذا اجتَمَعوا.
حصر
(حصر) الحاء والصاد والراء أصلٌ واحد، وهو الجمع والحَبْس والمنع. قال أبو عمرو: الحَصِير الجَنْبُ. قال الأصمعيّ: الحصير ما بين العِرْق الذي يظهر في جنب البعير والفَرَس معترضاً، فما فوقه إلى منقطع الجنب فهو الحصير. وأيَّ ذلك [كان] فهو من الذي ذكرناه من الجَمْع، لأنّه مجمع الأضلاع.
والحَِصر: العَيُّ، كأنَّ الكلام حُبِس عنه ومُنِع منه. والحَصَر: ضِيقُ الصَّدْر. ومن الباب(1) الحُصْر، وهو اعتقال البَطْن؛ يقال منه حُصِر وأُحْصِر. والناقة الحَصُور، وهي الضيِّقة الإحليل؛ والقياس واحد. فأمَّا الإحصار فأن يُحْصَرَ الحاجُّ عن البيت بمرضٍ(2) أو نحوه. وناسٌ يقولون: حَصَره المرض وأحصره العدُوّ.
وروى أبو عبيدٍ عن أبي عمرو: حَصَرَني الشيء وأحصرني، إذا حبَسني، وذكر قول ابنِ ميّادة:
عَليكَ ولا أَنْ أَحْصَرتْكَ شُغُولُ(3)
وما هَجْرُ ليلَى أن تكون تباعدَتْ
والكلام في حَصَره وأحصره، مشتبهٌ عندي غايةَ الاشتباه؛ لأنّ ناساً يجمعون بينهما وآخرون يَفْرِقون، وليس فَرْقُ مَنْ فَرَقَ بينَ ذلك ولا جَمْعُ مَن جمعَ ناقضاً القياسَ الذي ذكرناه، بل الأمرُ كلُّه دالٌّ على الحبْس.
ومن الباب الحَصُور الذي لا يأتي النِّساء؛ فقال قوم: هو فَعول بمعنى مفعول، كأنّه حَصِر أي حُبِس. وقال آخرون: هو الذي يأبَى النساء(4) كأنّه أحجَمَ هو
حضل - حضن
عنهنَّ، كما يقال رجل حَصُورٌ، إذا حَبَس رِفدَه ولم يُخْرِجْ ما يخرجه النّدامَى. قال الأخطل:
لا بالحَصُور ولا فيها بِسَوَّارِ(5)
__________
(1) في الأصل: "وهو من الباب".
(2) في الأصل: "عرض"، صوابه من المجمل.
(3) البيت في المجمل واللسان (شغل).
(4) في الأصل: "يأتي النساء".
(5) ديوان الأخطل 116 واللسان (6: 2، 51).(2/57)
وشاربٍ مُرْبِحٍ بالكأسِ نادَمَني
ومن الباب الحَصِر بالسِّرّ، وهو الكتوم له. قال جرير:
حَصِراً بِسرِّكِ يا أمَيْمَ ضَنِينا(1)
ولقد تَسقَّطَنِي الوُشاةُ فصادَفُوا
والحصير في قوله عز وجل: { وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ للكافِرِينَ حَصِيراً }
[الإسراء 8]، وهو المحْبِس. والحصير في قول لبيد:
* لَدَى بابِ الحَصيرِ قيامُ(2) *
هو الملك. والحصَار: وِسادةٌ تحشَى وتجعل لقادمة الرَّحْل؛ يقال احتَصَرْت البعير احتصارا(3).
{باب الحاء والضاد وما يثلثهما}
(حضل) الحاء والضاد واللام كلمةٌ واحدة ليست أصلاً ولا يقاس عليها؛ يقال حَضِلَت النخلةُ، إذا فسد أصولُ سَعَفِها.
(حضن) الحاء والضاد والنون أصلٌ واحد يقاس، وهو حِفْظ الشيء وصِيانته. فالحِضْن ما دون الإبط إلى الكَشْحِ؛ يقال احتضَنْت الشيءَ جعلتُه في حِضْني. فأمَّا قول الكميت:
حضي
هُدُوَّاً إذا ما طائر الليل أبصرا
ودَوِّيَّةٍ أنفذْتُ حِضْنَيْ ظَلاَمِها
فإنَّه يريد قَطْعَهُ إيَّاها. وطائر [الليل]: الخفّاش. ونَواحي كلِّ شيء أحضانُه.
ومن الباب *حَضَنَتِ المرأة ولدَها، وكذلك حضنَت الحمامةُ بيضَها. والمُحْتَضَن: [الحِضْن(4)]. قال:
هَضيمِ الحشا عَبْلَةِ المحتضَنْ(5)
عَريضةِ بَُوْصٍ إذا أدبَرَتْ
__________
(1) ديوان جرير 578 واللسان (حصر)، وورد محرفا في اللسان.
(2) البيت بتمامه كما في ديوان لبيد 29:
جن لدى طرف الحصير قيام
ومقامة غلب الرقاب كأنهم
(3) وكذلك يقال حصره وأحصره.
(4) هذه التكملة من المجمل واللسان.
(5) للأعشى في ديوانه 15 واللسان (بوص، حضن). وقد سبق في (بوص).(2/58)
فأمَّا حَضَنٌ فجبلٌ بنجْد، وهو أوّل نجد. والعرب تقول: "أنْجَدَ مَنْ رأى حَضَناً". ويقال امرأةٌ حَضُون بيِّنة الحِضان(1). فأما قولهم حضَنْت الرَّجُلَ عن الرّجل، إذا نحَّيته عنه، فكلمةٌ مشكوك فيها، ووجدتُ كثيراً من أهل العلم يُنْكرونها. فإنْ كانت صحيحةً فالقياس فيها مطَّرد، كأنَّ الشيء حُضِن عنه وحُفِظَ ولم يمكَّن منه. ومصدره الحَضْنُ والحَضانة. ويقال الحَضَن العاجُ في قول القائل:
وأبرزَتْ عن هجان اللَّونِ كالحَضَنِ(2)
تبَسَّمتْ عن وَميضِ البرق كاشرةً
ويقال إنّ الحَضَن أصلُ الجبل. فإن كان ما ذكرناه من العاج صحيحاً فهو شاذٌ عن الأصل.
(حضي) الحاء والضاد والحرف المعتل أصل واحد، وهو هَيْج الشيء، ويكون في النار خاصّة. يقال حَضَوْت النارَ، إذا أوقدتَها. والعود الذي تُحرّك به
النار مِحضاءٌ ممدود. ويقال حضأتها أيضاً بالهمز، والعود مِحْضَأ على مِفْعَل، وربما مدُّوه؛ والأول أجود.
حضب - حضج - حضر
(حضب) الحاء والضاد والباء أصلان: الأول ما تُسْعَرُ به النار، والثاني جنسٌ من الصَّوْت.
فالأوَّل قوله جلَّ ثناؤُه: { حَضَْبُ جَهنَّمَ(3) } [الأنبياء 98]، قالوا: هو الوَقُود بفتح الواو. ويقال لما تُسعر النار به مِحْضَب. وينشد بيت الأعشى:
لتجعَلَ قومَكَ شَتَّى شُعُوبا(4)
فلا تَكُ في حَرْبِنا مِحْضباً
والصوت كقولهم لصوت القَوسِ حُضْبٌ، والجمع أحضاب. فأما قولهم إنَّ الحِضْب الحيّة ففيه كلامٌ، وإن صحّ فإنّه شاذٌّ عن الأصل.
__________
(1) الحضون من الإبل والغنم والنساء: ما كان أحد خلفيه أو ثدييه أكبر من الآخر.
(2) البيت في اللسان (حضن)، وعجزه في المجمل.
(3) قرأ الجمهور بالصاد المهملة، محركة وساكنة. وقرأ ابن عباس بالضاد المعجمة المفتوحة. وروي عنه إسكانها. انظر تفسير أبي حيان (6: 340).
(4) ملحقات ديوان الأعشى 236 واللسان (حضب). وفي تفسير أبي حيان: "فتجعل".(2/59)
(حضج) الحاء والضاد والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على دناءة الشيء وسُقوطه وذَهابه عن طريقة الاختيار. يقول العرب: انحضج الرّجُل وغيره إذا وقع بجَنْبه، وحضَجْت أنا به الأرضَ. ويقال: هذه إحدى حضَجَاتِ فلانٍ، أي إحدى سَقَطاتِه. وذلك في القول والفِعل(1). والحِضْج: ما يَبقى في حياض الإبل من الماء، والجمع أحضاج. ويقال للدَّنِيِّ من الرجال حِضْج. وحَضَجْتُ الثَّوْبَ، إذا ضربته بالمِحْضاج عند غَسلك إيَّاه، وهي تلك الخشبة.
وأمّا قولهم للزِّقِّ الضخم حِضاج فهو قريبٌ من الباب؛ لأنه يتساقط. فأمّا قولهم حضَجْت النّار أوقدتُها، فيجوز أن يكون من الباب، ويمكن أن يكون من باب الإبدال.
(حضر) الحاء والضاد والراء إيراد الشيء، ووروده ومشاهدته. وقد يجيء ما يبعد عن هذا وإن كان الأصل واحداً.
حضر
فالحَضَرُ خلاف البَدْو. وسكون الحَضَر الحِضارة(2). قال:
فأيَّ رجالِ باديةٍ ترانَا(3)
فمن تكن الحَِضارةُ أعجبَتْهُ
قالها أبو زيدٍ بالكسر، وقال الأصمعي هي الحَضارة بالفتح. فأمّا الحُضْر الذي هو العَدْوُ فمن الباب أيضاً، لأن الفرسَ وغيرَه يُحْضِرَان ما عندهما من ذلك، يقال أَحْضَرَ الفرس، وهو فرس مِحْضِيرٌ سريع الحُضْرِ، ومِحْضار. ويقال حاضَرْتُ الرّجلَ، إذا عدوتَ معه. وقول العرب: "اللبنُ مَحضُور" فمعناه كثير الآفة، ويقولون إنَّ الجانَّ تحضُره. ويقولون: "الكُنُف محضورة". وتأوَّلَ ناسٌ قوله تعالى: { وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ. وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ } [المؤمنون 97- 98]، أي أن يُصيبوني بسُوء. والبابُ كله واحد، وذلك أنّهم يَحْضُرُونه بسوء. ويقال للحاضر وهي(4) الحيّ العظيم. قال حسان:
__________
(1) في الأصل: "والفضل".
(2) يقال سكن بالمكان يسكن سكنى وسكونا: أقام.
(3) هو القطامي، كما سبق في حواشي (بدو).
(4) كذا ورد في الأصل ولعله "ويقال الحاضر هو" .(2/60)
قطينُ الإلهِ عزّةً وتكرُّما(1)
لنا حاضِرٌ فَعْم وبادٍ كأنَّه
ويروي ناسٌ:
شماريخ رَضوى عِزَّةً وتكرُّما
.................... كأنَّه
وأنكرت قريشٌ ذلك وقالوا: *أيُّ عزَّةٍ وتكرمٍ لشماريخ رَضْوَى. والحضيرة: الجماعة ليست بالكثيرة. قال:
وِرْدَ القطاةِ إذا اسمأَلّ التّبَُّعُ(2)
يَرِدُ المياهَ حَضيرةً ونفيضةً
حضر
ويقال المحاضَرة المغالبة، وحاضرتُ الرجل: جاثيتُه عند سلطان أو حاكم. ويقال ألقت الشاةُ حضِيرتَها، وهي ما تُلْقِيه بَعد الولَد من المَشيمة وغيرها. وهذا قياسٌ صحيح، وذلك أنّ تلك الأشياء تُسَمَّى الشُّهُود، وقد ذكرت في بابها.
وحَضْرَةُ الرّجُل: فِناؤه. والحَضيرة: ما اجتمع من المِدّة في الجُرح. ويقال: حَضَرت الصلاة، ولغة أهل المدينة حَضِرت. وكلهم يقول تحضُر. وهذا من نادر ما يجيء من الكلام على فَعِل يفعُل. وقد جاءت فيه من الصحيح غير المعتل كلمةٌ واحدة وقد ذكرت في بابها(3). ويقال رجل حَضِرٌ إذا كان لا يصلُح للسّفَر. وهذا كقولهم رجلٌ نَهِرٌ، إذا كان يصلحُ لأعمال النّهار دونَ الليل. قال:
* لست بليليًّ ولكني نَهِرْ(4) *
ويقولون: إنّ الحَضْرَ شحمةٌ في المَأْنة(5) وفوقَها. وممّا شذّ عن الباب الحَضْر، وهو حصنٌ، في قول عديّ:
__________
(1) ديوان حسان 370 واللسان (حضر).
(2) للحادرة الذبياني من قصيدة في ديوانه والمفضليات (1: 41) ونسب في اللسان (حضر، نفض،سمأل، تبع) إلى سلمى الجهنية.
(3) كذا. ولم يعين موضع ذكرها. وقد ذكر ابن خالويه خمسة أحرف جاءت على فعل يفعل وهي: دمت أدوم، ومت أموت، وفضل يفضل، ونعم ينعم، وقنط يقنط انظر (ليس في كلام العرب) ص 13.
(4) أنشده في اللسان (نهر) وكتاب سيبويه (2: 91) والمخصص (9: 51).
(5) المأنة: الطفطفة، وهي الخاصرة. وقيل المأنة السرة وما حولها، وقيل لحمة تحت السرة إلى العانة. وجاء في اللسان: "والحضر شحمة في العانة وفوقها".(2/61)
ـلةُ تُجبَى إليه والخابورُ(1)
وأخُو الحَضْر إذ بَنَاهُ وإذ دِجْـ
ومن الشاذّ، ويجوز أن يحمل على ما قبلَه حَضَارِ(2)، وهو كوكب. والعرب تقول: "حَضَارِ والوزنُ مُحْلِفان"؛ وذلك أنَّ الناس يحلفون عليهما أنهما سُهَيْل(3) لأنهما يشبهانه. والمُحْلِف: الشيء الذي يُحْوِج إلى الحَلْفِ. قال:
حطم - حطأ
كلون الوَرْسِ عُلّ به الأديم(4)
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ ولكن
وحِضارُ الإبل: بِيضُها. قال الهذليّ:
* شُومُها وحِضارُها(5) *
{باب الحاء والطاء وما يثلثهما}
(حطم) الحاء والطاء والميم أصلٌ واحد، وهو كَسْر الشيء. يقال حطمت الشيءَ حَطْماً كسرتُه. ويقال للمتكسَّر في نفسه حَطِم. ويقال للفرس إذا تهدَّم لطول عمره حَطِمٌ. ويقال بل الحَطَمُ داءٌ يصيب الدابّة في قوائمها أو ضَعْفٌ. وهو فرسٌ حَطِم. والحُطْمة: السنة الشديدة؛ لأنها تَحْطِم كلّ شيء. والحُطَم: السوَّاق يَعنف، يحطِم بعضَ الإبل ببعض. قال الراجز:
* قد لفَّها الليلُ بسَوَّاقٍ حُطَمْ *
وسمِّيت النارُ الحُطَمةَ لِحَطْمِها ما تَلْقَى. ويقال للعَكَرة من الإبل حُطَمَة لأنها تحطِم كلَّ شيءٍ تلقاه. وحُطْمة السَّيل: دُفَّاعُ مُعظَمِهِ. وهذا ليس أصلاً؛ لأنه مقلوب من الطُّحْمة. فأما الحطيم فممكنٌ أن يكون من هذا، وهو الحِجْر، لكثرة من ينْتابُه، كأنه يُحْطَم.
(حطأ) الحاء والطاء والهمزة أصلٌ منقاس، وهو تطامُن الشَّيءِ وسقوطُه.
حطب
__________
(1) معجم البلدان في رسم (الحضر).
(2) في الأصل: "الحضار"؛ تحريف، صوابه في اللسان والمجمل.
(3) في الأصل: "بهما سهيل"، صوابه في المجمل.
(4) البيت للكلحبة العرني من قصيدة في المفضليات (1: 31) ولسلمة بن الخرشب فيها أيضاً (1: 38). وأنشده في اللسان (2: 386/ 4: 280/ 10: 401/ 11: 94).
(5) قطعة من بيت لأبي ذؤيب، وهو بتمامه كما في الديوان 25 واللسان (حضر):
بنات المخاض شومها وحضارها
فلا تشتري إلا بربح، سباؤها(2/62)
يقال حَطَأْتُ الرجل بالأرض: ضربته. والحُطيئة: الرجل القصير. قال ثعلب: سمِّي الحُطيئة لدَمامَته.
قال أبو زيد: الحطِيء من الرّجال مثال فَعيل: الرُّذَال. قال ابن عباس: "أَخَذَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقَفائي فحطأني حَطْأةً وقال: اذهبْ فادعُ لي فلاناً". يقول: دَفَعني دَفْعة. ويقال حَطَأَتِ القِدْرُ بزَبَدِها: رمَت. ويقال حطأ الرجُل المرأةَ: جامَعَها.
(حطب) الحاء والطاء والباء أصلٌ واحد، وهو الوَقود، ثمّ يحمل عليه ما يشبَّه به. فالحطب معروف. يقال حطبت أحْطِب حَطْبا. قال امرؤ القيس:
تعالَوا إلى أن يأتي الصيدُ نَحْطِبِ
إذا ما ركبنا قال وِلْدانُ أهلنا
ويقال للمخلِّط في كلامِهِ "حاطب لَيْل". ويقال حَطَبَنِي عَبْدي، إذا أتاك بالحَطَب. قال:
لا حَطَبَ القَوْمَ ولا القَوْمَ سَقَى(1)
خَبٌّ جَرُوزٌ وإذا جاعَ بَكَى
ويقال مكان حَطِيبٌ: كثير الحَطَب. ويقال ناقة مُحَاطِبَةٌ، تأكل الشَّوكَ اليابسَ. وقالوا في قوله تعالى: { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ } [المسد 4]، هي كنايةٌ عن النميمة. يقال حَطَبَ فلانٌ بفلانٍ: سَعَى به. ويقال إنَّ الأحطبَ الشديدُ الهُزال وكذلك* الحَطِب، كأنَّه شُبِّه بالحطب اليابس. وقوله في النميمة يشهد له قولُ القائل:
ولم تَمْشِِ بين النَّاسِ بالحطب الرطْبِِ(2)
من البِيض لم تُصْطَد على حَبْلِِ لأمة
حظو/ي - حظر
{باب الحاء والظاء وما يثلثهما}
(حظو/ي) الحاء والظاء وما بعده [من] حرف معتلّ أصلان: أحدهما القرب من الشيء والمنزلة، والثاني جنس من السلاح.
__________
(1) للجليح الراجز، انظر ديوان الشماخ 107. وقد نسب في اللسان (حطب) إلى الشماخ.
(2) في اللسان "على ظهر لأمة". وأنشد عجزه في (حظر) برواية: "بالحظر الرطب".(2/63)
فالأوَّل قولهم رَجُلٌ حَظِيٌّ إذا كان له منزلةٌ وحُظوةٌ. وامرأةٌ حَظِيَّةٌ. والعرب تقول: "إلا حَظِيَّةً فلا أَلِيّةً". يقول: إن لم يكنْ لكِ حُظْوَةٌ فلا تُقَصِّرِي أن تتقرَّبي. يقال ما ألوت، أي ما قصَّرْت.
وأما الأصل الآخر فالحِظاء: جمع حَِظْوةٍ، وهو سهمٌ صغير لا نَصْلَ له يُرمَى به. قال بعضُ أهلِ اللغة: يقال لكلِّ قضيبٍ نابتٍ في أصلِ شجرةٍ(1) حَظْوَة، والجمع حَظَوات. قال أوس:
بوادٍ به نَبْعٌ طُِوَالٌ وحِثْيَلُ(2)
تَعَلَّمَهَا في غِيلِها وهي حَظْوَةٌ
وإذا عُيِّر الرّجلُ بالضّعف قيل له: "إنما نَبْلُك حِظاءٌ". ويقال لِسهام الصّبيان حِظاءٌ. ومنه المثل: "إحدى حُظَيَّاتِ لُقْمان"، قال أبو عبيد: الحُظَيّات المرامي، وهي السّهام التي لا نِصال لها.
(حظر) الحاء والظاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المنْع. يقال حظرت الشيء أحْظُرُه حَظْراً، فأنا حاظِرٌ والشيء محظور. قال الله تعالى: { وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً } [الإسراء 20]. والحِظَارُ: ما حُظِر على غنمٍ أو غيرها
حظل - حفل
بأغصانٍ أو شيءٍ من رَطْبٍ شجر أو يابس، ولا يكاد يفعل ذلك إلاّ بالرَّطْب منه ثم يَيْبس. وفاعل ذلك المحتَظِرُ. قال الله تعالى: { فَكَانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِر } [القمر 31]، أي الذي يعمل الحظيرةَ للغنم ثم ييبَس ذلك فيتهشَّم. ويقال جاء فلان بالحَظِر الرَّطْب، إذا جاء بالكَذِبِ المستشنَع. ويقال هو يوقد في الحَظر، إذا كان يَنُِمّ وقد مضى شاهده(3).
(حظل) الحاء والظاء واللام أصلٌ واحد، وهو قريب من الذي قبله. فالحَظْل: الغَيْرة ومَنْع المرأة من التصرّف والحركة. [قال(4)]:
__________
(1) في الأصل: "في أصل أو شجرة"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) ديوان أوس بن حجر 19 واللسان (حثل).
(3) يشير إلى الشاهد الذي ورد في نهاية مادة (حطب).
(4) هذه التكملة من المجمل.(2/64)
* فيحظُِل أو يَغارُ(1) *
قال أبو عبيد: حظلت عليه مثل حَظَرْتُ. ويقال في قوله "فيحظُِل أو يَغَار" إنه التّقتير. وأحْرِ أن يكون هذا أصحّ، لأنّه قال "أو يغار". والتقتير يرجع إلى الذي ذكرناه من المنْع. والدّليل على ذلك قولهم حَظَلان وحظْلان. قال:
فقلت لها لم تَقذفيني بِدائيا(2)
تُعَيِّرُني الحِظْلانَ أمُّ مُغلِّسٍ
{باب الحاء والفاء وما يثلثهما}
(حفل) الحاء والفاء واللام أًصلٌ واحد، وهو الجمع. يقال حَفَل النّاسُ واحتفَلوا، إذا اجتمعوا في مجلسهم. والمجلِس مَحْفِل. والمحفَّلة: الشاة قد حُفِّلت؛
حفن
أي جُمع اللّبنُ في ضَرعها. ونُهِي عن التَّصريةِ والتَّحفيل. ويقال لا تَحْفِل به، أي لا تُبالِهِ؛ وهو من الأصل، أي لا تتجمَّع. وذلك أنّ من عَراه أمرٌ تجمَّع له.
فأمَّا قولهم لحُطام التِّبن حُفالة فليس من الباب، إنّما هو من باب الإبدال؛ لأنّ الأصلَ حُثالة، فأبدلت الثاء فاءً.
ومن الباب رجلٌ ذو حَفْلَةٍ، إذا كان مبالِغاً فيما أخذ فيه، وذلك أنّه يتجمّع له رأياً وفِعلاً. وقد احتَفَل لهم، إذا أحسن القيام بأمرهم. ويقال احتَفَل الوادِي بالسّيل. فأمّا قولهم تحفّل، إذا تزيّنَ، فهو من ذلك أيضاً لأنه يجمعُ لنفسه المحاسِن.
فأمّا قولهم حَفَلْتُ الشيءَ، إذا جلوتَه، فمن الباب، والقياسُ صحيح؛ وذلك أنّه يجمع ضَوءَه ونُورَه بما يَنفيه من صَدئه. قال بشر:
سُخامٌ كغِربان البريرِ مُقَصَّبُ(3)
رَأَى دُرَّةً بيضاء يَحْفِل لَوْنَها
__________
(1) من بيت للبختري الجعدي يصف رجلا غيوراً. وهو بتمامه في اللسان (حظل):
طبانية فيحظل أو يغار
فما يخطئك لا يخطئك منه
(2) لمنظور الدبيري، كما في اللسان (حظل) من أبيات رواها القالي أيضاً في الأمالي (2: 212). وفي الأمالي: "أم محلم".
(3) سبق البيت والكلام عليه في (مادة بر).(2/65)
والمُقَصَّب* المجعَّد. وأراد بالدّرّة امرأةً. يحفل لونَها [سخام(1)]، يعني الشعر يزيدها بسوادِه بياضاً، وهذا كأنّه جلاها، وهو من الكلام الحسن جدّاً.
(حفن) الحاء والفاء والنون كلمةٌ واحدة، منقاسٌ، وهو جمعُ الشيء في كفٍّ أو غير ذلك. فالحَفْنَة: مِلءُ كفَّيك من الطَّعام. يقال حَفَنْتُ الشيءَ حَفْنَاً بيديَّ. ومنه حديث أبي بكر: "إنّما نحن حَفْنَةٌ من حَفنات الله تعالى"، معناه أنَّ الله تعالى إذا شاء أدخل خلْقه الجنّةَ، وأنَّ ذلك يسيرٌ عنده كالحَفْنَةِ. ويقال احتَفنْتُ الشيءَ لنفسي، إذا أخذتَه. ويقال الحُفْنة إنّها الحُفْرة؛ فإن صحَّ فمحتملٌ
حفي
الوجهين: أحدهما أن يكون من باب الإبدال، فتجعل النون بدلَ الراء. ويجوز أن يكون من الباب الذي ذكرناه، لأنّها تَجمَع الشيءَ(2) من ماءٍ أو غيرِه. والحَفّانُ ليس من هذا الباب، وقد مضى ذِكره(3) لأنَّ النون فيه زائدة.
(حفي) الحاء والفاء وما بعدهما معتلٌّ ثلاثةُ أصول: المنع، واستقصاء السُّؤال، والحَفَاء خِلافُ الانتِعال.
فالأوّل: قولُهم حفَوت الرّجُلَ من كل شيءٍ، إذا منعتَه.
وأمّا الأصل الثاني: فقولهم حَفِيتُ إليه في الوصيّة بالغْت. وتحفّيت به: بالغت في إكرامه، وأحفَيْت. والحفيّ: المستقصِي في السّؤال. قال الأعشى:
حَفِي عن الأعشى به حيث أصْعَدا(4)
فإنْ تسألي عنِّي فيا رُبَّ سائلٍ
وقال قوم، وهو من الباب حَفِيتُ بفلان وتحفَّيت، إذا عُنِيتَ به. والحَفيّ: العالم بالشيء.
والأصل الثالث: الحفا مقصور، مصدر الحافي. ويقال حَفِي الفرسُ: انسحجَ حافرُه. وأحْفَى الرَّجُل: حفِيَتْ دابّتُه. قال الكسائيّ: حَافٍ بيِّن الحِفْية والحِفَاية. وقد حَفِي يحفَى، وهو الذي لا خُفّ في رجليه ولا نَعل.
__________
(1) التكملة في المجمل.
(2) في الأصل: "تجمع بالشيء".
(3) سهو منه أو سقط من النسخة، فإنه لم يذكر "الحفان" في مادة (حف).
(4) ديوان الأعشى 102 واللسان (حفا).(2/66)
فأَمّا الذي حَفِيَ مِن كثرة المشي فإنّه حَفٍ بيِّن الحَفاء، مقصور.
فأمّا المهموز فالحفأ مقصور، وهو أصل البَرديّ الأبيض الرّطب؛ وهو يؤكل. وفُسِّر على ذلك قوُله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما لم تحتفِئُوا بها فشأنكم بها(1)". ويقال احتفأته، إذا اقتلعتَه.
حفت - حفث - حفد - حفر
(حفت) الحاء والفاء والتاء ليس أصلاً، والكلام فيه يقِلُّ. فالحَفَيْتَأ: الرجل القصير.
(حفث) الحاء والفاء والثاء شيءٌ يدلُّ على رخاوةٍ ولين. يقال حَفِثُ الكرِشِ لِفَحِثِها(2). والحُفَّاث: حية لا تضرّ ولا تُخَاف. قال:
قد عَضَّهُ فَقَضى عليه الأشجعُ(3)
أيُفايِشُونَ وقد رأوا حُفّاثَهم
ويقال للرجُل إذا غضب: "قد احرنْفَش حُفَّاثُه".
(حفد) الحاء والفاء والدال أصلٌ يدلُّ على الخِفَّة في العمل، والتجمُّع. فالحفَدة: الأعوان؛ لأنّه يجتمع فيهم التجمّع والتخفُّف، واحدُهم حافد. والسُّرْعة إلى الطاعة حَفْدٌ، ولذلك يقال في دعاء القنوت: "إليك نسعى ونَحْفِدُ". قال:
* يا ابنَ التي على قَعُودٍ حَفَّادْ(4) *
ويقال في قوله تعالى: { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً }
[النحل 72]، إنّهم الأعوان-وهو الصحيح- ويقال الأَختَانُ، ويقال الحَفدةُ ولدُ الوَلدَ. والمِحْفَد: مكيالٌ يكال به. ويقال في باب السرعة والخفّة سيفٌ محتفِد، أي سريع القطع. والحفَدانُ: تدارُك السَّير.
(حفر) الحاء والفاء والراء أصلان: أحدهُما حَفْر الشّيء، وهو قلعه سُفْلا؛ والآخَر أوَّل الأمر.
حفز
__________
(1) الذي في المجمل: "ما لم تحتفئوا بها بقلا".
(2) الفحث: القبة ذات الأطباق من الكرش.
(3) البيت لجرير في ديوانه 244 واللسان (حفث، فيش). وسيعيده (فيش).
(4) البيت في المجمل (حفد).(2/67)
فالأوَّل حفَرتُ الأرض حَفْرا. وحافِر الفَرسِ من ذلك، كأنّه يحفر به الأرض. ومن الباب الحَفْرَ في الفَم، وهو تآكل الأسنان. يقال حفَر فُوه يَحْفر حَفْراً(1). والحَفَر: التُراب المستخرَج من الحُفْرَة، كالهَدَم؛ ويقال هو اسمُ المكان الذي حُفِر. قال:
* قالوا انتَهْينا وهذا الخندَقُ الحَفَرُ(2) *
ويقال أحفَرَ المُهْرُ للإثْناء والإرباع، إذا سقَطَ بعضُ أسنانه لنَباتِ ما بَعدَه. ويقال: ما مِن حاملٍ إلاّ والحمل يَحْفِرها، إلاّ *الناقة فإنَّها تسمَن عليه. فمعنى يحفِرها يُهْزِلها.
والأصل الثاني الحافرة، في قوله تعالى: { أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ في الحَافِرَةِ } [النازعات 10]، يقال: إنه الأمر الأوَّل، أي أنحْيا بعدما نموت. ويقال الحافرةُ من قولهم: رجع فلانٌ على حافرته، إذا رجع على الطريق الذي أخَذَ فيه، ورجع الشَّيْخُ(3) على حافرته إذا هَرِم وخَرِف. وقولهم: "النَّقْد عند الحافِرِ" أي لا يزُول حافرُ الفرس حتَّى تَنْقُدني ثمنَه. وكانت لكرامتها عندَهم لا تُباع نَسَاءً. ثم كثُر ذلك حتَّى قيل في غير الخيل أيضاً.
(حفز) الحاء والفاء والزاء كلمةٌ واحدةٌ تدلّ على الحثّ وما قرب منه. فالحفْزُ: حثُّك الشيء مِن خلفه. [والرّجُلُ(4)] يحتفز في جلوسه إذا أراد القيام، كأنَّ حاثّاً حَثّهُ ودافعاً دفعهُ. يقال: الليل يسوقُ النهارَ ويحفِزه. ويقال حَفَزْت
حفس - حفش - حفص - حفض
الرجُلَ بالرُّمح. وسُمِّي الحَوفزانُ من ذلك بقلة(5). قال:
سقتْه نَجيعاً من دمِ الجوف أَشْكلا(6)
__________
(1) حفر، من باب ضرب، ويقال أيضاً من باب تعب، وهو أردأ اللغتين.
(2) أنشد هذا العجز في المجمل (حفر).
(3) في الأصل: "الشي"، صوابه في المجمل.
(4) التكملة من المجمل.
(5) كذا. ولعل في الكلام نقصاً. وفي المجمل. "لأن بساط بن قيس حفزه بالرمح".
(6) البيت لسوار بن حبان المنقري، كما في اللسان. ويخطئ من ينسبه لجرير.(2/68)
ونحنُ حَفَزْنا الحوفزانَ بطعنةٍ
(حفس) الحاء والفاء والسين ليس أصلاً. يقال للرجل القصير حيفس(1).
(حفش) الحاء والفاء والشين أصلٌ واحد يدلُّ على الجمع. يقال هم يَحْفِشون عليك، أي يُجْلِبون. وحَفَشَ السَّيلُ الماء من كلِّ جانب إلى مستنقع واحد. قال:
كما مَلأَ الحافشاتُ المَسِيلا(2)
عشِيَّةَ رُحْنا وراحُوا لَنَا
ويقال جاء الفرس يَحفِشُ، أي يأتي بجريٍ بعد جري. والحفش(3): بيت صغير: وسمِّي بذلك لاجتماعِ جوانبه؛ ويقال لأنه يُجمع فيه الشيء. وتحفّشت المرأةُ للرَّجُل، إذا أظهرت له وُدَّاً؛ وذلك أنها تتحفَّل له، أي تتجمَّع.
(حفص) الحاء والفاء والصاد ليس أصلاً، ولا فيه لغة تنقاس. يقال للزَّبِيل من جُلودٍ حَفْص. ويقال للدَّجاجة أمَّ حَفْصة. ويقال إنَّ ولدَ الأسد حَفْصٌ. وفي كلِّ ذلك نظرٌ.
(حفض) الحاء والفاء والضاد أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على سقوط الشيء وخُفُوفِه(4). فالحَفَض مَتاع البيت؛ ولذلك سمِّي البعير الذي يحمله حَفَضاً. والقياسُ ما ذكرناه؛ لأنّ الأحفاض تسمَّى الأسقاط. ويقال حفَضْت العُود، إذا
حفظ - حقل
حنيتَه. قال الراجز:
* إمَّا تَرَىَ دَهْراً حَنانِي حَفْضا(5) *
قال الأصمعيُّ: حفضتُ [الشيء(6)] وحَفَّضْتُه، بالتخفيف والتشديد، إذا ألقيتَه. وأنشد:
* إمَّا تَرَىْ دَهْراً حناني حَفْضا *
فمعناه ألْقاني. والأحفاض في قول عمرو بن كلثوم:
على الأحفاضِ تمنَعُ مَنْ يَلِينا(7)
ونحن إذا عِمَادُ الحيِّ خَرَّت
__________
(1) يقال بوزن صيقل وهزبر.
(2) البيت في المجمل واللسان برواية: "فراحوا إلينا".
(3) يقال بالكسر والفتح والتحريك، وجمعه أحفاش وحفاش.
(4) في الأصل: "وخفوضه". والحفوف: القلة. وفي اللسان: "وإنه لحفض علم" أي قليله رثه، شبه علمه في قلته بالحفض".
(5) لرؤبة في ديوانه 80 واللسان (حفض). وسيأتي في (عرش).
(6) التكملة من المجمل.
(7) البيت من معلقته المشهورة.(2/69)
هي الإبل أوَّلَ ما تُركَب. ويقال بل الأحفاض عُمُد الأخبية.
(حفظ) الحاء والفاء والظاء أصلٌ واحد يدلُّ على مراعاةِ الشيء. يقال حَفِظْتُ الشيءَ حِفْظاً. والغَضَبُ: الحفيظة؛ وذلك أنّ تلك الحالَ تدعو إلى مراعاة الشيء. يقال للغَضَب الإحفاظ؛ يقال أحفَظَنِي أي أغضَبَني. والتحفظ: قلّة الغَفلة. والحِفاظ: المحافَظة على الأمور.
{باب الحاء والقاف وما يثلثهما}
(حقل) الحاء والقاف واللام أصلٌ واحد، وهو الأرض وما قاربه. فالحَقْل: القَرَاح الطيِّب. ويقال: "لا يُنبت البَقْلةَ إلا الحَقْلة". وحَقِيلٌ: موضع. قال:
حقم - حقن - حقو
* مِن ذِي الأبارق إذْ رعَيْنَ حَقِيلا(1) *
والمُحاقلة التي نُهِي عنها(2): بيعُ الزّرعِ في سنبُله بحنطةٍ أو شعير.
ومن الباب قولهم: حَقِل الفرسُ، في قول بعضهم، إذا أصابَه وجَعٌ في بطْنه من أكل التراب. والأصل الأرض.
ويقال حَوْقَل الشَّيْخ، إذا اعتمد بيديه على خَصره إذا مشى؛ وهي الحوقلة. وكأنَّ ذلك مأخوذٌ من قُربِهِ من الأرض. وأمّا قولهم للقارورة حَوقَلَة، فالأصل الحَوْجَلَة. ولعل الجيم أبدِلت قافا.
(حقم) الحاء والقاف والميم لا أصلٌ ولا فرع. يقولون: الحَقْم طائر(3).
(حقن) الحاء والقاف *والنون أصلٌ واحد، وهو جَمْع الشيء. يقال لكلّ شيءٍ [جُمِعَ(4)] وشُدَّ حقين. ولذلك سُمِّي حابسُ اللبن حاقنا. ويقال اللبن الحَقِين الذي صُبَّ حليبُه على رائِبه. والحواقن: ما سفَل عن البطن. وقال قوم: الحاقنتان ما تحت الترقوَتَين.
__________
(1) سبق الكلام على البيت في (برق). وصدره:
* وأفضن بعد كظومهن بحرة *
(2) في الأصل: "عن".
(3) في اللسان: "ضرب من الطير يشبه الحمام. وقيل هو الحمام. يمانية".
(4) التكملة من المجمل.(2/70)
(حقو) الحاء والقاف والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو بعضُ أعضاء البدن. فالحَِقْو الخَصْر ومَشَدّ الإزار. ولذلك سمِّي ما استدقّ من السهم مما يلي الرّيشَ حَقواً. فأمّا الحديث "أن رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطى النساء اللواتي غَسَّلْنَ ابنَتَه حَقْوَةً" فجاء في التفسير أنّه الإزار، وجمعه حِقِيّ، فهذا
حقب - حقد
إنما سمِّي حِقواً لأنه يشدّ به الحَِقْو. وأما الحَقْوة فوجعٌ يصيب الإنسانَ في بطنه؛ يقال منه حُقِيَ الرّجلُ فهو مَحْقوٌّ.
(حقب) الحاء والقاف والباء أصلٌ واحد، وهو يدلّ على الحبْس. يقال حَقِب العام، إذا احتبس مطرُه. وحَقِب البعيرُ، إذا احتبسَ بولُه.
ومن الباب الحَقَبُ: حبلٌ يُشَدّ به الرحْلُ إلى بطْن البعير، كي لا يجتذبه التَّصدير. فأمّا الأحقبُ، وهو حِمار الوحش، فاختُلِف في معناه، فقال قوم: سمِّي بذلك لبياض حَِقْويه. وقال آخرون: لدقّة حِقوَيه. والأنثى حَقْباء. فإنْ كان هذا من الباب فلأنه مكانٌ يشد بحِقاب، وهو حبلٌ. ويقال للأنثى حَقباء. قال:
* كأنّها حَقْباء بلقاءُ الزّلَقْ(1) *
ومن الباب الحقيبة، وهي معروفة. ومنه احتقب فلانٌ الإثم، كأنه جمعَه في حقيبةٍ. واحتقَبَه من خَلفه: ارتدفَه. والمُحْقَِب: المُرْدَفِ. فأمّا الزمان فهو حِقْبة والجمع حِقَب. والحُقْبُ ثمانون عاماً، والجمع أحقاب، وذلك لما يجتمع فيه من السّنين والشّهورِ. ويقال إنَّ الحِقابَ جبلٌ. ويقال للقارَةِ الطويلة في السماء حقباء. قال:
* قد ضَمَّها والبَدَن الحِقابُ(2) *
(حقد) الحاء والقاف والدال أصلان: أحدهما الضِّغن، والآخر ألاَّ يُوجد ما يطلب.
__________
(1) البيت لرؤبة في ديوانه 104 واللسان (حقب، زلق).
(2) من رجز في اللسان (حقب)، وصواب روايته: "وضمها"؛ لأن قبله:
* قد قلت لما جدت العقاب *
... وجاء إنشاده على الصواب في المجمل.(2/71)
فالأوّل الحِقْد، ويجمع على الأحقاد. والآخَر قولُهم أحقَدَ القومُ، إذ طلبوا الذَّهَبةَ في المعدِن فلم يجدُوها.
حقر - حقط - حقف - حكل
(حقر) الحاء والقاف والراء أصلٌ واحد، استصغارُ الشيء. يقال شيءٌ حقير، أي صغير. وأنا أحتقرهُ: أي أستصغره. فأمّا قولهم لاسم السماء "حاقورة(1)" فما أراه صحيحاً. وإن كان فلعلّه اسم مأخوذٌ كذا من غير اشتقاق.
(حقط) الحاء والقاف والطاء ليس أصلاً، ولا أحسب الحَيْقُطانَ، وهو ذكر الدُّرَّاج، صحيحاً.
(حقف) الحاء والقاف والفاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على مَيَل الشيء وعِوَجه: يقال احقوقَف الشيءُ، إذا مال، فهو مُحْقَوْقِفٌ وحَاقِفٌ. ومن ذلك الحديث: "أنه مرَّ بظبيٍ حاقِفٍ في ظلِّ شجرة" فهو الذي قد انحنى وتثنَّى في نَوْمِه. ولهذا قيل للرَّمل المنحني حِقْف، والجمع أحقاف. قال:
بنا بَطْنُ خبتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ(2)
فلما أجزْنَا ساحةَ الحيِّ وانتحى
ويروى: "ذي قِفاف". وقال آخر:
* سَمَاوةَ الهِلالِ حَتى احقوقَفا(3) *
{باب الحاء والكاف وما يثلثهما}
(حكل) الحاء والكاف واللام أصلٌ صحيح منقاس، وهو الشيءُ لا يُبينُ. يقال إنّ الحُكْل الشيءُ الذي لا نُطْقَ له من الحيوان، كالنمل وغيره. قال:
حكم
علمَ سليمانٍ كلامَ النّملِ(4)
لو كنتُ قد أوتِيتُ عِلْمَ الحُكْل
ويقال في لسانه حُكْلَةٌ، أي عُجمة. ويقال أحْكَلَ عليَّ الأمرُ، إذا امتنَعَ وأشْكَل.
وممّا شذّ عن الباب قولهم للرجل القصير حَنْكَل(5).
__________
(1) لم تذكر في اللسان. وفي القاموس أنها السماء الرابعة.
(2) لامرئ القيس، في معلقته.
(3) للعجاج ديوانه 84 والمجمل واللسان (حقف).
(4) لرؤبة في ديوانه 128. ونسب في اللسان (حكل) للعجاج. وانظر الحيوان (4: 8).
(5) في اللسان والمجمل:" الحوكل"، وهما صحيحان.(2/72)
(حكم) الحاء والكاف والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع. وأوّل ذلك الحُكْم، وهو المَنْع من الظُّلْم. وسمِّيَتْ حَكَمة الدابّة لأنها تمنعُها يقال حَكَمْت الدابةَ وأحْكَمتها. ويقال: حكَمت السَّفيهَ وأحكمتُه، إذا أخذتَ على يديه. قال جرير:
إنّي أخاف عليكم أن أغْضَبَا(1)
*أبَنِي حَنيفة أحْكِمُوا سُفهاءَكم
والحِكمة هذا قياسُها، لأنها تمنع من الجهل. وتقول: حكَّمت فلاناً تحكيماً منعتُه عمّا يريد. وحُكِّم فلانٌ في كذا، إذا جُعل أمرُه إليه. والمحكَّم: المجرِّب المنسوب إلى الحكمة. قال طرفة:
تحتَ التُّرَاب إذا ما الباطلُ انكشَفَا(2)
ليت المحكَّمَ والموعوظَ صَوْتَكُما
أراد بالمحكَّم الشيخَ المنسوبَ إلى الحكمة. وفي الحديث: "إنّ الجنة
حكي - حكر - حكد
للمحكَّمين"(3) وهم قومٌ حُكِّمُوا مخيَّرين بين القَتل والثّبات على الإسلام وبين الكفر، فاختارُوا الثّباتَ على الإسلام مع القتل، فسُمُّوا المحكمين.
(حكي) الحاء والكاف وما بعدها معتلٌّ أصلٌ واحد، وفيه جنس من المهموز يقاربُ معنى المعتلّ والمهموز منه، هو إحكام الشيء بعَقْدٍ أو تقرير.
يقال حَكَيْتُ الشيءَ أحْكيه، وذلك أن تفعلَ مثلَ فعل الأوّل. يقال في المهموز: أحْكَأْت العُقدة، إذا أحكمتَها. ويقال: أحكأتُ ظَهْرِي بإزاري، إذا شددتَه. قال عديّ:
فوق مَن أحكأ صُلْباً بإزارِ(4)
أجْلَ أنّ الله قد فضّلكم
وقال آخر:
__________
(1) لجرير في ديوانه 50 واللسان (حكم).
(2) ليس البيت في ديوان طرفة، وهو في المجمل واللسان (حكم). وذكروا أن المحكم؛ بكسر الكاف الذي حكم الحوادث وجربها، وبفتحها الذي حكمته وجربته: والمعنى واحد. وصوتكما، نصب لأنه أراد عاذلي كفا صوتكما.
(3) ويروى أيضاً بكسر الكاف، أي الذين أنصفوا من أنفسهم.
(4) يصف جارية، كما في اللسان (1: 51/2: 18/5: 74-75/ 13: 12/ 18: 208). وانظر أمالي ثعلب 240.(2/73)
وأَحْكَأَ في نعلي لرجلٍ قِبَالَها(1)
وأحْكَأَ في كَفَّيَّ حَبْلي بِحبْلِهِ
(حكر) الحاء والكاف والراء أصلٌ واحد، وهو الحَبْس. والحُكْرة: حَبْسُ الطعام مَنتظراً لغَلائه، وهو الحُكْر، وأصله في كلام العرب الحَكَر، وهو الماء المجتمع، كأنّه احْتُكِر لقلَّته.
(حكد) الحاء والكاف والدال حرفٌ من باب الإبدال. يقال للمَحْتِد المَحْكِد. وقد فسِّر في بابه.
حلم
{باب الحاء واللام وما يثلثهما}
(حلم) الحاء واللام والميم، أصولٌ ثلاثة: الأول ترك العَجَلة، والثاني تثقُّب الشيء، والثالث رُؤية الشيء في المنام. وهي متباينةٌ جدَّاً، تدلُّ على أنَّ بعضَ اللغةِ ليس قياساً، وإن كان أكثرُه منقاساً.
فالأوّل: الحِلْم خلافُ الطَّيش. يقال حَلُمْتُ عنه أحلُم، فأنا حليمٌ.
والأصل الثاني: قولهم حَلِمَ الأَديمُ إذا تثَقَّبَ وفسَدَ؛ وذلك أنْ يقع فيه دوابُّ تفسدُه. قال:
كدابِغَةٍ وقد حَلِمَ الأديمُ(2)
فإنَّكَ والكتابَ إلى عَلِيّ
والثالث قد حَلَمَ في نومه حُلْماً وحُلُماً. والحَلَم: صغار القِرْدَان. والحَلَمَةُ: دويْبَّة.
والمحمول على هذا حَلَمَتا الثَّدْي. فأما قولهم تحلم إذا سَمِن، فإنّما هو امتلأ، كأنَّه قرادٌ ممتلئ. قال:
* إلى سَنَةٍ قِرْدَانُها لم تَحَلَّمِ(3) *
ويقال بعيرٌ حليم، أي سمين. قال:
* من النَّيِّ في أصلابِ كلِّ حليمِ(4) *
حلن - حلو
والحالُوم: شيء شبيه بالأَقِط. وما أُراه عربياً صحيحاً.
__________
(1) عجزه في المجمل.
(2) للوليد بن عقبة، يحض معاوية على قتال علي. اللسان (حلم).
(3) صدره كما في ديوان أوس بن حجر 28 واللسان (حلم):
* لحينهم لحيَ العصا فطردنهم *
(4) النَّي، بالفتح: الشحم، أراد به شحم العظام ونقيها. وكذا ورد في المجمل. وفي اللسان:
من المخ في أنقاء كل حليم
فإن قضاء المحل أهون ضيعة(2/74)
(حلن) الحاء واللام والنون إن جعلتَ النُّون زائدة فقد ذكرناه فيما مضى، وإن جعلت النونَ أصلية فهو فُعَّال، وهو الْجَدْي(1)، وليست الكلمة أصلاً يُقاس. وقد مضى في بابه.
(حلو) الحاء واللام وما بعدها معتلٌّ، ثلاثة أصول: فالأوّل طِيب الشيء في مَيْل من النّفس إليه، والثاني تحسين الشيء، والثالث-وهو مهموز- تَنْحِيَة الشيء.
فالأوّل الحُلْو، وهو خلاف المرّ. يقال استحليت الشيءَ، وقد حلا في فمي يحلو، والحَلْوَاء الذي يؤكل يمدّ ويقصر. ويقال حَلِيَ بعيني يَحْلَى. وتحالت المرأة إذا أظهرت حلاوةً، كما يقال تباكى وتعالى، وهو إبداؤه للشَّيء لا يخفَى مثلُه. قال أبو ذؤيب:
إذا ما تَحَالَى مِثْلُها لا أَطُورُها(2)
فشأنَكَها إنِّي أمينٌ وإنَّني
ومن الباب حَلَوْتُ الرجلَ حُلْوَاناً، إذا أعطيتَه ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حُلوان الكاهن، وما يُجعل له على كِهانته. قال أوس:
صَفَا صخْرةٍ صَمَّاء يَبْسٍ بِلالُها(3)
كَأَنِّي حَلَوْتُ الشِّعْرَ يومَ مدحتُه
حلب
والحُلوان أيضاً *أن يأخذ الرجلُ من مَهر ابنتِه لنفْسه. وذلك عارٌ عند العرب. قالت امرأةٌ تمدح زوجها:
* لا يأخذُ الحُلوانَ من بناتِيا(4) *
والأصل الثاني: الحُلِيّ حُلِيُّ المرأة، وهو جمع حَلْيٍ، كما يقال ثَدْيٌ وَثُدِيٌّ، وظَبْيٌ وظُبِيٌّ. وحلَّيت المرأة. وهذه حِلية الشيءِ أي صفتُه. ويقال حِلْية السيف، ولا يقال حُلِيّ السيف.
__________
(1) في الأصل: "الجري"، تحريف.
(2) البيت من قصيدة في ديوان أبي ذؤيب 154. وأنشده في اللسان (حلا) بلفظ "فشأنكما" تحريف، صوابه هنا وفي الديوان. وفي الأصل: "إني لعين"، صوابه من اللسان والديوان. وقبل البيت:
فكلا أراه قد أصاب عرورها
خَليلي الذي دلى لغيّ خليلتي
(3) في الأصل: "يبسا بلالها"، صوابه من ديوان أوس 24 واللسان.
(4) في اللسان: "من بناتنا".(2/75)
والأصل الثالث: وهو تنحية الشيء، يقال حَلأّتُ الإبل عن الماء؛ إذا طردتَها عنه. قال:
* مُحَلأٍ عَنْ سَبيل الماءِ مَطرودِ(1) *
ويقال لما قُشِر عن الجلد الحُلاءة مثل فُعالة؛ يقال منه حَلأتُ الأديم قشرتُه. والحَلُوء على فَعول: أن تَحُكّ حجراً [على حجرٍ(2)] يَكتحِل بحُكاكتهما الأرْمد(3). ويقال منه أحلأْت الرّجُل. ويقال حلأت الأرض، إذا ضربتَها.
ومما شذ عن الباب حَلأَه مائةَ دِرهم، إذ نَقَده إيّاها؛ وحلأَه مائةَ سَوط.
(حلب) الحاء واللام والباء أصلٌ واحد، وهو استمداد الشيء.
يقال الحلَب حَلَب الشَّاءِ وهو اسمٌ ومصدر، والمِحْلب: الإناء يُحْلَب فيه. والإحلابة: أن تحلُب لأهلك وأنت في المرعى، تبعثُ به إليهم. تقول أَحلبهُم إحْلاباً. وناقة حَلوبٌ: ذات لبن؛ فإذا جعلتَ ذلك اسماً قلت هذه الحلوبةُ لفلان. وناقةٌ حَلْبَانة مثل الحَلوب. ويقال أحلبْتُك: أعنتك على حَلب الناقة.
حلت - حلج - حلز
وأحلب الرجلُ، إذا نُتِجَت إبلُه إناثاً، وأَجْلَبَ إذا نُتجت ذُكوراً؛ لأنها تُجْلَب أولادُها فتباع.
ومن الباب وهو محمولٌ عليه المُحْلِب، وهو الناصر. قال:
أشارَ بِهمْ لمعَ الأصمِّ فأقبلوا
عرانين لا يأتيه للنصر مُحْلِبُ(4)
وذلك أنْ يجيئَك ناصراً من غير قومك؛ وهو من الباب لأنِّي قد ذكرت أنه من الإمداد والاستمداد.
والحَلْبة: خيلٌ تجمع للسِّباق من كل أوب، كما يقال للقوم إذا جاؤوا من كل أوب للنُّصرة: قد أَحْلَبُوا.
(حلت) الحاء واللام والتاء ليس عندي بأصلٍ صحيح. وقد جاءت فيه كليمات؛ فالحلتيت صمغ. يقال حَلَتَ دَيْنَه: قضاه؛ وحَلتَ فلاناً، إذا أعطاه، وحَلَتَ الصوفَ: مَرَقَهُ.
__________
(1) لإسحاق بن إبراهيم الموصلي. وصدره كما في اللسان (حلأ):
* لحائم حام حتى لا حوام به *
(2) التكملة من المجمل.
(3) في الأصل: "يتحكك بحكاكتها الأرمد"، تحريف.
(4) لبشر بن أبي خازم في اللسان (حلب).(2/76)
(حلج) الحاء واللام والجيم ليس عندي أصلاً. يقال حَلَجَ القطنَ. وحَلَجَ الخبزةَ: دَوَّرَها. وحَلَجَ القوم يَحْلجون ليلتهم، إذا سارُوها. وكلُّ هذا مما يُنظر فيه.
(حلز) الحاء واللام والزاء أصلٌ صحيح. يقال للرَّجُل القصير حِلِّزٌ، ويقال هو السيئ الخُلُق. ويقال الحَلْز؛ القَشْر؛ حلزت الأديمَ قشرتهُ. قال ابن الأعرابيّ: ومنه الحارث بن حِلِّزة.
حلس - حلط - حلف
(حلس) الحاء واللام والسين أصلٌ واحد، وهو الشيء يلزمُ الشيءَ. فالحِلْس حِلْس البعير، وهو ما يكون تحت البِرْذَعة. أحْلَسْتُ فلاناً يَميناً، وذلك إذا أمررتَها عليه؛ ويقال بل ألزمتُه إيّاها. واستَحْلَسَ النَّبت إذا غَطَّى الأرض، وذلك أن يكون لها كالحِلْس. وقد فسّرناه. وبنُو فلانٍ أحلاسُ الخيل، وهم الذين يَقْتنونها ويلزَمون ظهورَها. ولذلك يقول الناس: لَسْتَ مِنْ أحلاسها. قال عبد الله بن مسلم(1): أصله من الحِلس. قال: والحلْس أيضاً: بساطٌ يبسط في البيت. ويقولون: كن حِلْسَ بيتك، أي الزمْه لُزوم البساط. والحَلس: الرجل الشجاع [والحريص(2)]، وذلك أنّه من رغابته يلزم ما يؤكل.
(حلط) الحاء واللام والطاء أصلٌ واحد: وهو الاجتهاد في الشيء بحلفٍ أو ضجَر(3). ويقال أحلط، إذا اجتَهد وحَلَف. قال ابنُ أحمر:
سِوىً ثم كانا مُنْجِداً وتَهامِيَا
فكُنَّا وهم كابنَيْ سُباتٍ تفرَّقا
وأحلَطَ هذا لا أَريمُ مَكانيا
فألقى التِّهامِي منهما بلَطَاتِهِ
و"لا أعود ورائيا(4)".
ومن الباب قولهم: "أوّل العِيّ الاختلاط، وأسوأ القول الإفراط(5)". فالاختلاط: *الغضَب.
__________
(1) هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة. وكثيراً ما يذكره باسم "القتبي".
(2) التكملة من القاموس، وهو ما يقتضيه التعليل التالي.
(3) في الأصل: "بعلق أو صخر".
(4) وبهذه الرواية ورد في المجمل واللسان (حلط).
(5) هذا من كلام علقمة بن علاثة، كما في اللسان.(2/77)
(حلف) الحاء واللام والفاء أصلٌ واحد، وهو الملازمة. يقال حالف فلانٌ
حلق
فلانا، إذا لازَمَه. ومن الباب الحَلِفُ؛ يقال حَلَف يحلِفُ حَلِفاً؛ وذلك أنّ الإنسان يلزمه الثّبات عليها. ومصدره الحَلِف والمحلُوف أيضاً. ويقال هذا شيء مُحْلِفٌ إذا كان يُشَكُّ فيه فيُتَحالف عليه. قال:
كلون الصِّرف عُلَّ به الأديمُ(1)
كميتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكن
ومما شذّ عن الباب قولهم: هو حليف اللِّسان، إذا كانَ حَديدَهُ. ومن الشاذّ الحلفاء، نبت، الواحدة حَلفْاءَة.
(حلق) الحاء واللام والقاف أصول ثلاثة: فالأوّل تنحية الشعَْر عن الرأس، ثم يحمل عليه غيره. والثاني يدلُّ على شيءٍ من الآلات مستديرة. والثالث يدلُّ على العلوّ.
فالأوّل حَلقْتُ رأسِي أحلِقُه حَلْقا. ويقال للأكسية الخَشِنَة التي تحلِق الشّعر من خُشونتها مَحَالق. قال:
* نَفْصَكَ بالمَحَاشِئِِ المَحَالِقِ(2) *
ويقولون: احتلقَت السنةُ المال، إذا ذهبَتْ به.
ومن المحمول عليه حَلِق قضيبُ الحمار، إذا احمرّ وتقشّر. و[قيل] إنما قيل حَلِق لتقشُّره لا لاحمراره.
والأصل الثاني الحَلْقة حلْقة الحديد. فأمّا السِّلاحُ كلُّه فإنّما يسمى الحَلَقة(3).
حلق
والحِلْق(4): خاتَم المُلْك، وهو لأنّه مستدير. وإبلٌ مُحَلَّقَة: وسْمُها(5) الحَلَقُ. قال:
__________
(1) للكحلبة اليربوعي، من أبيات في المفضليات (1: 31).
(2) لعمارة بن طارق يصف إبلاً، كما في اللسان. وقبله:
* ينفضن بالمشافر الهدالق *
(3) في المجمل: "والسلاح كله يسمى الحلقة بفتح اللام".
(4) هذا بكسر الحاء. وأنشد في المجمل واللسان:
رديف ملوك ما تغب نوافله
وأعطى منا الحلق أبيض ماجد
(5) في الأصل: "واسمها"، تحريف.(2/78)
* وذو حَلَقٍ تَقْضِي العواذيرُ بينَهُ(1) *
العواذير: السِّمات.
والأصل الثالث حالِقٌ: مكانٌ مُشْرِف. يقال حَلَّق، إذا صار في حالق. قال الهذلي:
بِيَ المُغْرِبُ العنقاءُ عند أخِي كلْبِ
فلو أنّ أمِّي لم تلدْني لحلّقتْ
كانت أمّه كلبيّة، وأسَرَه رجلٌ من كلب وأراد قتلَه، فلما انتسب له حيّ سبيلَه. يقول: لولا أنّ أمي كانت كلبيةً لهلكْتُ. يقال حلّقَت به المُغْرب(2)، كما يقال شالَت نعامتُه. وقال النابغة:
عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ(3)
إذا ما غزَا بالجَيْش حَلّق فوقَه
وذلك أنّ النُّسور والعِقبانَ والرّخَم تتْبع العساكر تنتظر القتلى لتقع عليهم. ثم قال:
حلك - حمد
إذا ما التقى الجمعانِ أوّلُ غالِبِ
جوانحُ قد أيقنَّ أنّ قبيلَه
(حلك) الحاء واللام والكاف حرفٌ يدلّ على السّواد. يقال "هو أشدُّ سواداً من حَلَك الغراب" يقال: هو سواده ويقال هو أسودُ حُلْكُوك.
{باب الحاء والميم وما يثلثهما}
(حمد) الحاء والميم والدال كلمةٌ واحدة وأصلٌ واحد يدلّ على خلاف الذمّ. يقال حَمِدْتُ فلاناً أحْمَدُه. ورجل محمود ومحمّد، إذا كثُرت خصاله المحمودة غيرُ المذمومة. قال الأعشى يمدح النعمان بن المنذر، ويقال إنه فضّله بكلمته هذه على سائر مَن مدحه يومئذ:
إلى الماجد الفَرْعِ الجَوادِ المُحَمَّدِ(4)
إليك أبيتَ اللّعنَ كانَ كَلاَلُها
__________
(1) صدر بيت لأبي وجزة السعدي في اللسان (عذر، حلق). وهذه الرواية تطابق رواية اللسان (عذر). وفي المجمل واللسان (حلق): "تقضي العواذير بينها". فالتذكير على ظاهر اللفظ. والتأنيث على تأويل ذي الحلق بالإبل. وعجز البيت:
* يلوح بأخطار عظام اللقائح *
(2) في الأصل: "بي المغرب".
(3) في ديوان النابغة 4:
* إذا ما غزوا بالجيش حلق فوقهم *
(4) ديوان الأعشى 132 واللسان (حمد).(2/79)
ولهذا [الذي] ذكرناه سمِّي نبينا مُحَمَّداً صلى الله عليه وآله وسلم. ويقول العرب: حُمَاداك أن تفعلَ كذا، أي غايتُك وفعلُك المحمودُ منك غيرُ المذموم. ويقال أحمَدْتُ فلاناً، إذا وجدتَه محموداً، كما يقال أبخلْتُه إذا وجدتَه بخيلا، وأعجزته [إذا وجدتَه] عاجزاً. وهذا قياسٌ مطّردٌ في سائر الصفات. وأهْيَجْت المكانَ، إذا وجدتَه هائجاً قد يبِس نباتُه. قال:
* وأهْيَج الخَلْصاءَ من ذات البُرَقْ(1) *
فإنْ سأل سائلٌ عن قولهم في صوت التهاب النار الحَمدَة؛ قيل له: هذا ليس من الباب؛ لأنه من المقلوب وأصله حَدَمة. وقد ذكرت في موضعها.
حمر
(حمر) الحاء والميم والراء أصلٌ واحدٌ عندي، وهو من الذي يعرف بالحُمْرة. وقد يجوز أن يُجعَل أصلين: أحدهما هذا، والآخر جنسٌ من الدوابّ.
فالأوّل الحُمْرة في الألوان، وهي معروفة. والعرب *تقول: "الحسن أحمر" يقال ذلك لأنّ النفوسَ كلَّها لا تكاد تكره الحمرة. وتقول رجل أحمر، وأحامر(2) فإن أردت اللونَ قلت حُمر. وحجّة الأحامرة قول الأعشى:
مالي وكنت بهنّ قِدْما مُولَعا(3)
إنّ الأحامرةَ الثلاثة أهلكَتْ
ذهب بالأحامرة مذهب الأسماء، ولم يَذهب بها مذهبَ الصفات. ولو ذهب بها مذهب الصفات لقال حُمْرٌ. والحمراء: العَجَم، سُمُّوا بذلك لأنّ الشّقْرة أغلبُ الألوان عليهم. ومن ذلك قولهم لعليّ رضي الله عنه: "غلبَتْنا عليك هذه الحمراء". ويقال موتٌ أحمرُ، وذلك إذا وُصِف بالشدّة. وقال عليّ: "كُنّا إذا احمرّ البأسُ اتقّينا بِرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يكن أَحَدٌ منا أقربَ إلى العَدُوّ منه".
__________
(1) البيت لرؤبة في ديوانه 105.
(2) أي في جمع أحمر بهذا المعنى.
(3) ملحقات ديوان الأعشى 247، واللسان (حمر).(2/80)
ومن الباب قولهم: وَطْأةٌ حمراء؛ وذلك إذا كانتْ جديدة؛ ووَطْأة دهماء، إذا كانت قديمةً دارسة. ويقال سنةٌ حمراء شديدة، ولذلك يقال لشدة القيْظ حَمَارَّة. وإنَّما قيل هذا لأنّ أعجبَ الألوان إليهم الحمرة. إذا كان كذا وبالغُوا(1) في وصفِ شيءٍ ذكروه بالحُمْرة، أو بلفظةٍ تشبه الحمرة.
حمر
فأمّا قولُهم للذي لا سلاحَ معه أحمر، فممكن [أن يكون] ذلك تشبيهاً له بالعجم، وليست فيهم شجاعة مذكورة كشجاعة العرب. وقال:
* وتَشْقَى الرّماحُ بالضَّياطرةِ الحُمْرِ(2) *
الضياطرة: جمع ضَيْطار، وهو الجبان العظيم الخَلْق الذي لا يُحسن حملَ السِّلاح. قال:
وما خَيْرُ ضَيطارٍ يقلِّب مِسطَحا(3)
تعرَّضَ ضَيطارُو فُعالةَ دونَنا
وقولهم غيث حِمِرٌّ، إذا كان شديداً يقشِر الأرض. وهو من هذا الذي ذكرناه من باب المبالغة.
وأمّا الأصل الثاني فالحِمار معروف، يقال حمار وحَمير وحُمُر وحُمُرات، كما يقال صعيد وصُعُد وصُعُدات. قال:
فويلٌ لأهل الشَّاء والحُمُراتِ(4)
إذا غَرّد المُكَّاء في غير روضةٍ
يقول: إذا أجدبَ الزّمانُ ولم تكن روضة فغرَّد(5) في غير روضةٍ، فويلٌ لأهل الشاء والحمرات.
وممّا يحمل على هذا الباب قولُهم لدويْبّة: حِمارُ قَبَّانٍَ. قال:
حمارَ قَبَّانٍَ يسوقُ أرنبا(6)
يا عجبَا لقد رأيتُ عجَبَا
ومنه الحِمار، وهو شيءٌ يُجعَل حول الحوض لئلا يسيل ماؤُه، والجمع
حمز
حمائر. قال الشاعر:
__________
(1) كذا. ولعل وجه الكلام: "وكان العرب إذا بالغوا". وفي اللسان: "والعرب إذا ذكرت شيئاً بالمشقة والشدة. وصفته بالحمرة".
(2) لخداش بن زهير، كما في اللسان (ضطر). وصدره:
* وتركب خيلاً لا هوادة بينها *
(3) البيت لمالك بن عوف النصري، كما في اللسان (ضطر). وفعالة: كناية عن خزاعة.
(4) البيت في اللسان (مكا) وأمالي القالي (2: 32)، وسيعيده في (مكو).
(5) في الأصل: "يغرد فعرد".
(6) الرجز في اللسان (حمر، قبب، قبن).(2/81)
جاوزتُه بِعَلاةِ الخَلْق عِلْيَانِ(1)
ومُبْلِد بين مَوْمَاةٍ بمَهْلُِكَةٍ
سَبائبُ الرَّيْط مِن قزٍّ وكَتَّانِ(2)
كأنَّما الشَّحْطُ في أعلى حمائرِه
وأما قولهم للفرَس الهجينِ مِحْمَرٌ فهو من الباب. [ومن الباب] الحِماران، وهما حجَران يجفَّف عليهما الأقِط، يسمَّيان مع الذي فوقهما العلاة(3). قال:
ولا حِمارَاه ولا عَلاَتُه(4)
لا تنفع الشاوِيّ فيهما شاتُه
والحمارة: حجارة تنصب حولَ البيت، والجمع حمائِر. قال:
* بَيْتَ حُتوفٍ أُرْدِحَتْ حمائرُه(5) *
وأما قولهم: "أخلَى من حوفِ حمارٍ" فقد ذُكر حديثه في كتاب حرف العين.
(حمز) الحاء والميم والزاء أصلٌ واحد، وهو حدَّة في الشيء كالحَرافة وما أشبهها. فالحَمْزَة حَرافَة في الشيء. يقال شرابٌ يحمِزُ اللسانَ. ومنه الحَمْزة، وهي بقلةٌ تَحْمِز اللسان، وقال أنس بن مالك: "كنّاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ببقلةٍ كنت اجتنيتُها"؛ وكان يكنّى با حمزة. وقال الشماخ يصف رجلاً باع [قوساً] وأسِفَ عليها:
حمس - حمش
وفي القلب حَُزَّازٌ من اللّوم حامِزُ(6)
فلما شَرَاها فاضَتِ العَين عَبْرَةً
فأما قولهم للذكّي القلبِ اللوذعيِّ حَمِيز، وهو حَميز الفؤاد، فهو من الباب؛ لأن ذلك من الذكاء والحدّة، والقياس فيه واحد.
__________
(1) سبق إنشاد البيت والكلام عليه في (بلد).
(2) في اللسان (حمر):
* سبائب القز من ريط وكتان *
(3) في المجمل: "والعلاة فوقهما"، وفي اللسان: "حجران ينصبان يطرح عليهما حجر رقيق يسمى العلاوة".
(4) الرجز لمبشر بن هذيل بن فزارة الشمخي، كما في اللسان.
(5) من رجز لحميد الأرقط، كما في اللسان (حمر). وأنشد هذا البيت أيضاً في اللسان (ردح).وقبله:
* أعد للبيت الذي يسامره *
(6) سبق البيت والكلام عليه في (حزز).(2/82)
(حمس) الحاء والميم والسين أصلٌ واحد يدلُّ على الشدَّة. فالأحمس: الشّجاع. والحَمَس والحماسة: الشجاعة والشِّدَّة. ورجلٌ حَمِسٌ. قال:
* ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّئيسِ(1) *
ويقال: "بالحَمِس البئيس". ويقال تحمَّس الرجُل: تعاصَى. والحُمْس قريش؛ لأنهم كانوا يتحمَّسون في دينهم، أي يتشدَّدون. وقال بعضهم: الحُمْسة الحُرْمة، وإنما سُموا حُمْساً لنزولهم بالحرَم. ويقال عام أحْمَسُ، إذا كان شديداً. وأَرَضُونَ أحامسُ: شديدةٌ. وزعم ناسٌ أنّ الحَميس التَّنُّور. وقال آخرون: هو بالشين معجمة. وأيَّ ذلك كانَ فهو صحيحٌ؛ لأنه إن كان من السين فهو من الذي ذكرناه ويكون من شدة التهاب نارِه؛ وإن كان بالشين فهو من أحمشتُ النارَ والحربَ.
(حمش) الحاء والميم والشين أصلان: أحدهما التهاب الشيء وهَيْجه، والثاني الدِّقّة.
فالأول قولهم: أحمشتُ الرَّجُل: أغضبتُه. واستحمش الرجلُ، إذا اتّقَدَ غضباً(2). قال:
* إني إذا حَمَّشَني تحميشي(3) *
حمص - حمض - حمط - حمق
ومن الباب حَمَشْت الشيء: جمعتُه.
والأصل الثاني قولهم للدقيق القوائم حَمْش، وقد حَمَُشَتْ قوائمُه. ومن الباب قولهم: لِثَةٌ حَمْشةٌ: قليلة اللّحم.
(حمص) الحاء والميم والصاد ليس أصلاً يقاس عليه، وما فيه قياسٌ ويجوز أن يكون مِن جفافٍ في الشيء. ويقولون: انْحَمَصَ الوَرَم، إذا سَكَنَ. هذا أصحَّ ما فيه. والحَمَصِيصُ: بقلةٌ.
__________
(1) في اللسان (ربس، وقي): "الربيس" بالياء. صدره:
* ولا أتقي الغيور إذا رآني *
(2) في الأصل: "إذا اتقدوا واتقد".
(3) لرؤبة في ديوانه 77. وأنشده في اللسان (حمش) بدون نسبة.(2/83)
(حمض) الحاء والميم والضاد أصل واحدٌ صحيح، وهو شيءٌ من الطعوم. يقال شيءٌ حامض وفيه حُموضة. والحَمْض من النَّبْت ما كانت فيه ملوحة. والْخُلّة ما سوى ذلك. والعرب تقول: الْخُلّة خبز الإبل والحَمْض فاكهتُها. وإنما تَحَوَّلُ إلى الحَمْض إذا مَلّت الخُلّة. وكلُّ هذا من النّبت. وليس شيءٌ من الشجر العظام بحَمْضٍ ولا خُلّة.
(حمط) الحاء والميم والطاء ليس أصلاً ولا فرعاً، ولا فيه لغةً صحيحة، إلا شيءٌ من النبت أو الشجر. يقال لجنسٍ من الحيَّات شيطان الحَمَاطِ. من المحمول عليه قولُهم: أصبْتُ حَماطةَ قلبِه، أي سواد قلبه، كما يقولون حبَّة قلبه، والحماطة، فيما يقال: وجَعٌ في الحلْق. وليس بذلك الصحيح. فإنْ صحَّ فهو محمولٌ على نبتٍ لعلَّ له طعماً حامزاً.
فأما قولهم الحَمَطيط والحِمْطاط، فالأوَّل نبت، والثاني دودٌ يكون في العُشب منقوشٌ بألوان، فمما لا معنى لذكرِه.
(حمق) الحاء والميم والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على كَساد الشيء. والضّعفِ
حمل
والنُّقصان. فالحُمْق: نقصان العقل. والعرب تقول: انحمق الثوبُ. إذا بَلِي. وانحمقت السُّوق: كسدت.
(حمل) الحاء والميم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إقلال الشيء. يقال حَملْتُ الشيء أحمِلُه حَمْلاً. والحَمْل: ما كان في بطنٍ أو على رأس شجرٍ. يقال امرأةٌ حامل وحاملة. فمن قال حامل قال هذا نعت لا يكون إلا للإناث. ومن قال حاملة بناه على حَمَلَتْ فهي حاملة. قال:
أنَى ولكلِّ حامِلةٍ تِمامُ(1)
تَمَخَّضَتِ المَنونُ له بيومٍ
والحِمْل: ما كان على ظهرٍ أو رأسٍ. والحَمَالة: أن يحمل الرجلُ ديةً ثم يسعى عليها، والضَّمانُ حَمَالة، والمعنى واحد، وهو قياسُ الباب.
__________
(1) البيت لعمرو بن حسان، كما في اللسان (منن، حمل).(2/84)
ومما هو مضافٌ إلى هذا المعنى المرأة المُحْمِل، وهي التي تنزِل لبنَها من غير حَبَل. يقال أحْمَلَت تُحْمِل إحْمالا. ويقال ذلك للناقة أيضاً. والحُمُول: الهوادج، كان فيها نساءٌ أو لم يكن. وتحامَلْتُ، إذا تكلَّفْتَ الشيءَ على مشقّةٍ. وقال ابن السكيت في قول الأعشى:
والتُمِس النصرُ منكم عِوض تُحتَمَلُ(1)
لا أعرفنّك إنْ جدَّت عداوتُنا
إنَّ الاحتمال الغضب. قال: ويقال احْتُمِل، إذا غَضِب. وهذا قياسٌ صحيح، لأنهم يقولون: احتملَه الغضب، وأقلّه الغضب، وذلك* إذا أزعجه. والحِمالة والمِحْمل عِلاقة السَّيف. ومنه قول امرئ القيس:
حمل
* حتى بلّ دمعِيَ مِحْملي(2) *
والحَمُولة: الإبل تُحمَل عليها الأثقال، كان عليها ثِقْل أو لم يكن. والحَمولة: الإبل بأثقالها، والأثقالُ أنفُسها حَمُولة. ويقال أحمَلْتُ فلاناً، إذا أعنْتَه على الحمل. وحَمِيل السَّيل: ما يَحمله من غُثائه. وفي الحديث: "يخرج من النار قومٌ فيَنْبتون كما تنبت الحِبَّة في حميل السّيل(3)". فالحَميل: ما حمله السّيلُ من غُثاء. ولذلك يقال للدّعِيّ حَميل. قال الكميت يعاتب قُضاعة في تحوُّلهم إلى اليمين:
ولا ضَرَّاءَ منزلة الحَميلِ(4)
عَلامَ نَزلتمُ من غير فَقرٍ
فأمّا قولهم الأحمال- وهم من بني يَربوع، وهم ثعلبة وعمرو والحارث أبو سَلِيط وصُبَيْر- فيقال إنّ أمَّهم حملتهم على ظهرٍ في بعض أيّام الفَزَع، فسُمُّوا الأحمال. وإيّاهم أرادَ جريرٌ بقوله:
أم مَن يقومُ لِشدّةِ الأحمالِ(5)
أبَنِي قُفَيرةَ مَن يُوَرِّع وِرْدَنا
__________
(1) ديوان الأعشى 46 ومعلقات التبريزي 285.
(2) جزء من بيت لامرئ القيس في معلقته. وهو بتمامه:
على النحر حتى بل دمعي محملي
ففاضت دموع العين مني صبابة
(3) سبق الحديث والكلام عليه في (حب).
(4) البيت في اللسان (حمل).
(5) ديوان جرير 468 واللسان والمجمل (حمل).(2/85)
ويقال أدَلّ عليَّ فحمَلتُ إدلاله واحتَملتُ إدلالَه، بمعنىً. وقال:
لعَمْرُ أبيها إنّني لظَلُومُ(1)
أدلّتْ فلم أحمِلْ وقالت فلم أُجِبْ
والقياس مطّردٌ في جميع ما ذكرناه. فأمّا البَرَقُ فيقال له حَمَلٌ، وهو مشتقٌّ من الحَمْل، كأنّه يقال حَمَلَتِ الشاةُ حَمْلاً، والمحمول حَمْل وحَمَلٌ كما يقال
حنو - حنب - حنث
نفَضتُ الشيء نَفْضاً والمنفوض نَفَض، وحسَبت الشيء حَسْباً. والمحسُوبُ حَسَبٌ، وهو باب مستقيم. ثم يشبه بهذا فيقال لبُرج من بروج السماء حَمَل. قال الهذليّ(2):
سَحُّ نِجاءِ الحَمَلَ الأَسْوَل
كالسُّحُل البِيض جلا لونَها
{باب الحاء والنون وما يثلثهما}
(حنو) الحاء والنون والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلّ على تعطّف وتعوُّج. يقال حنَوْتُ الشيءَ حَنْواً وحَنَيْتُه، إذا عطفتَه حَنْياً. وحِنْوُ السرج سمِّي بذلك أيضاً، وجمعه أحناء. ومنه حنَتِ المرأة على ولدها تحنُو، وذلك إذا لم تتزوَّجْ مِن بعد أبيهم، وهو من تعطُّفها عليهم. وناقةٌ حنْواء: في ظهرها احديدابٌ. وانحنَى الشيءُ ينحني انحناءً. والمَحْنِية: منعرَج الوادي. وأمّا الْحَنوَة والحِنّاء(3) فَنْبتَان معروفان، ويجوز أن يكون ذلك شاذّاً عن الأصل.
(حنب) الحاء والنون والباء أصلٌ واحدٌ يدلّ على الذي دلّ عليه ما قبله، وهو الاعوجاج في الشيء. فالمُحَنَّبُ: الفرسُ البعيدُ ما بين الرّجلين من غير فَحَجٍ؛ وذلك مدحٌ. ويقال إنّ الحنَب اعوجاجٌ في السّاقين. قال الخليل في تحنيب الخيل إنه إنما يوصف بالشدّة، وليس في ذلك اعوجاجٌ. وهذا خلافُ ما قاله أهلُ اللغة.
__________
(1) كلمة "إنني" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان.
(2) هو المتنخل الهذلي، كما في ديوان الهذليين ص45 من مخطوطة الشنقيطي واللسان (حمل).
(3) حق الحناء أن تكون في مادة (حنن). ويقال فيها "حنان" أيضاً.(2/86)
(حنث) الحاءُ والنون والثاء أصلٌ واحد، وهو الإثْم والحَرَج. يقال حَنِثَ فلانٌ في كذا، أي أثِمَ. ومن ذلك قولهم: بلغ الغلام الحِنْثَ، أي بلغ مبلغاً جَرى عليه القلمُ بالطّاعة والمعصية، وأُثبتت عليه ذنوبُه. ومن ذلك الحِنْث
حنج - حنذ
في اليمين، وهو الخُلْف فيه. فهذا وجه الإثم. وأمّا قولهم فلان يتحنّث من كذا، فمعناه يتأثّم. والفرق بين أَثِمَ وتَأَثّم، أن التأثُّم التنحِّي عن الإثم، كما يقال حَرج وتحرّج؛ فحَرِجَ وقع في الحَرَج، وتَحَرَّج تنحّى عن الحَرج. وهذا في كلماتٍ معلومةٍ قياسُها واحد.
ومن ذلك التحنّث وهو التعبُّد. ومنه الحديث: "أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يأتِي غار حراء فيتحنَّث فيه الليالي ذوَاتِ العدد".
(حنج) الحاء والنون والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الميل والاعوجاج. يقال حنَجْت الحبلَ، إذا فتلْتَه؛ وهو محنوجٌ. وحنَجت الرجلَ عن الشيء: أملتُه عنه. وأَحْنَجَ فلانٌ عن الشيء: عدَل. *فأمّا قولهم للأصل حِنْجٌ فلعلّه من باب الإبدال. وإن كان صحيحاً فقياسُه قياسٌ واحد؛ لأن كلَّ فرعٍ يميل إلى أصله ويرجع إليه.
(حنذ) الحاء والنون والذال أصلٌ واحد، وهو إنضاج الشيء. يقال شِواءٌ حَنِيذٌ، أي مُنْضَج، وذلك أن تحمى الحجارة وتُوضَعَ عليه حتى ينضَج. ويقال حنَذت الفرسَ، إذا استحضرتَه شَوطاً أو شوطين(1)، ثم ظاهَرْتَ عليه الْجِلالَ حتى يعرَق. وهذا فرسٌ محنوذٌ وحنيذ. وأما قولهم حَنَذٌ، فهو بلد. قال:
تأبَّري من حَنَذٍ فَشُولي(2)
تأبَّرِي يا خَيْرَةَ النخيل
ويقولون: "إذا سقيتَ فاحْنِذْ(3)" أي أقِلَّ الماءَ وأكثِرِ النبيذَ. وهو من الباب
حنر- حنش - حنط - حنف
أيضاً؛ لأنَّها تبقى بحرارتها إذا لم تُكْسَر بالماء.
__________
(1) استحضر الفرس: أعداه. واحتضر الفرس، إذا عدا.
(2) الرجز في المجمل واللسان (حنذ). وهو لأحيحة بن الجلاح، كما في معجم البلدان.
(3) يقال بوصل الألف وقطعها.(2/87)
(حنر) الحاء والنون والراء كلمةٌ واحدة، لولا أنها جاءت في الحديث لما كان لِذِكرها وجه. وذلك أنَّ النون في كلام العرب لا تكاد تجيء بعدها راء. والذي جاء في الحديث: "لَوْ صلَّيتُم حتى تَصيروا كالحنائر(1)" فيقال إنَّها القسي، الواحدة حَنِيرة. وممكن أن يكون الراء كالملصقة بالكلمة، ويرجع إلى ما ذكرناه من حنيت الشيءَ وحنوْته.
(حنش) الحاء والنون والشين أصلٌ واحد صحيحٌ وهو من باب الصَّيد إذا صدتَه. وقال أبو عمرو: الحَنَش كلُّ شيءٍ يُصاد من الطير والهوام وقال آخرون: الحنَش الحيّة وهو ذلك القياس. فأمّا قولهم حَنَشْت الشيء، إذا عطفْتَه، فإن كان صحيحاً فهو من باب الإبدال. ولعله من عَنشْت أو عنَجْت.
(حنط) الحاء والنون والطاء ليس بذلك الأصل الذي يقاس منه أو عليه، وفيه أنَّه حَبٌّ أو شبيهٌ به. فالحنطة معروفة. ويقال للرَّمْث إذا ابيضَّ وأدرَكَ قد حَنِط. وذكر بعضُهم أنه يقال أحمر حانط، كما يقال أسود حالكٌ. وهذا محمولٌ على أن الحنطة يقال [لها] الحمراء. وقد ذُكِر.
(حنف) الحاء والنون والفاء أصلٌ مستقيم، وهو المَيَل. يقال للذي يمشي على ظُهور قدمَيه أحْنَفُ. وقال قومٌ- وأراه الأصحَّ- إنّ الحَنَفَ اعوجاجٌ في الرجل إلى داخل. ورجل أحنف، أي مائل الرِّجْلين، وذلك يكون بأن تتدانى صدورُ قدمَيه ويتباعد عقِباه. والحنيف: المائل إلى الدين المستقيم. قال الله تعالى:
حنق - حنك
{ وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً } [آل عمران 67]، والأصل هذا، تم يُتَّسع في تفسيره فيقال الحنيف النّاسك، ويقال هو المختون، ويقال هو المستقيم الطريقة. ويقال هو يتحنَّف، أي يتحرَّى أقومَ الطرِيق(2).
__________
(1) تمامه في اللسان: "ما نفعكم ذلك حتى تحبوا آل رسول الله". وهو من حديث أبي ذر.
(2) في المجمل: "أقوم الطرق".(2/88)
(حنق) الحاء والنون والقاف أصلٌ واحد، وهو تضايُق الشيء. يقال الضُّمَّر مَحانيق. وإلى هذا يرجع الحَنَق في الغيظ، لأنه تضايقٌ في الخُلُق من غير نَُدحة ولا انبساط. قال الشاعر في قولهم مُحْنَق:
مَنَّ الفتى وهو المغيظ المُحْنَق(1)
ما كان ضَرَّك لو مَننْتَ وربما
(حنك) الحاء والنون والكاف أصل واحد، وهو عضوٌ من الأعضاء ثم يحمل عليه ما يقاربُه من طريقة الاشتقاق. فأصل الحَنَك حَنَكُ الإنسان، أقصى فمه. يقال حَنَّكْت الصّبيّ، إذا مضَغت التمر ثم دلكتَه بحنكه، فهو مُحَنّك؛ وحَنَكْته فهو محنوك. ويقال: "هو أشدُّ سواداً من حَنَك الغراب" وهو منقاره، وأمّا حَلَكه فهو سواده. ويقال احتنك الجرادُ الأرضَ، إذا أتى على نبْتها؛ وذلك قياس صحيح، لأنه يأكل فيبلغ حنكَه.
ومن المحمول عليه استئصال الشيء، وهو احتناكه، ومنه في كتاب الله
حوي
تعالى: { لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلاَّ قَلِيلاً(2) } [الإسراء 62]. أي أُغوِيهم كلَّهم، كما يُستأْصَل الشيءُ، إلا قليلا.
__________
(1) البيت من مرثية لقتيلة بنت الحارث بن كلدة، ترثي بها أخاها النضر بن الحارث. انظر حماسة أبي تمام
(1: 400) والسيرة 539 جوتنجن. قال السهيلي في الروض الأُنُف (2: 119): "والصحيح أنها بنت النضر لا أخته". وبهذه النسبة وردت في حماسة البحتري 443 واللسان (حنق) والإصابة 884 من قسم النساء. وجعل الجاحظ في البيان (3: 236) هذا الشعر لليلى بنت النضر بن الحارث.
(2) من الآية 62 في سورة الإسراء. وفي الأصل: "إلا قليلاً منهم"، تحريف.(2/89)
فإن قال قائل: فنحن نقول: حنّكته التّجارُب، واحتَنَكتْه السِّنُّ *احتناكاً، ورجلٌ محتَنَك، فمن أي قياسٍ هو؟ قيل له: هو من الباب؛ لأنّه التناهِي في الأمر والبلوغُ إلى غايته، كما قلنا: احتنَكَ الجرادُ النّبت، إذا استأصله، وذلك بلوغُ نهايته. فأما القِدُّ الذي يجمعُ عَرَاصِيف الرّمْل؛ فهو حُنْكة. وهذا على التشبه بالحنك، لأنه منضمٌّ متجمع. ويقال حَنَكْتُ الشيءَ إذا فهمتَه. وهو من الباب، لأنك إذا فهِمتَه فقد بلغتَ أقصاه. والله أعلم.
{باب الحاء والواو وما معهما من الحروف في الثلاثي}
(حوي) الحاء والواو وما بعده معتلٌّ أصل واحد، وهو الجمع يقال حوَيْتُ الشيءَ أحويه حَيَّاً(1)، إذا جمعتَه. والحَوِيَّة: الواحدةُ من الحوايا، وهي الأمعاء، وهي من الجمع. ويقولون للواحدة حاوياء. قال:
فحيحُ الأفاعي أو نقيضُ العقارِبِ(2)
كأنّ نقيضَ الحَبِّ في حاويائِه
والحَوِيَّةُ: كساءٌ يحوَّى حولَ سَنام البعير ثم يُركَب. والحيُّ من أحياء العرب. والحِواء: البيت الواحد، وكلُّه من قياس الباب.
حوب
(حوب) الحاء والواو والباء أصلٌ واحد يتشعّب إلى إثم، أو حاجة أو مَسكَنة، وكلها متقاربة. فالحُوبُ والحَوْب: الإثم. قال الله تعالى:
{ إنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً } [النساء 2]، و { حَوْباً كَبيراً(3) } . والحَوْبة: ما يَأثم الإنسانُ في عقوقه، كالأمِّ ونحوها. وفلان يتحوّب من كذا، أي يتأثم. وفي الحديث: "ربِّ تقبّلْ توبَتي، واغفِرْ حَوبتي". ويقال التحوُّب التَّوجُّع. قال طُفيل:
من الغيظ في أكبادنا والتحوُّبِ(4)
فذُوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ
__________
(1) يقال حواه حيا، وحواية كسحابة.
(2) لجرير في ديوانه 83 واللسان (حوى). وانظر ما سيأتي في (فح).
(3) قرأ الجمهور بضم الحاء، والحسن بفتحها.
(4) ديوان طفيل 14 والمجمل واللسان (حوب).(2/90)
ويقال: أَلْحَقَ [الله(1)] به الحَوْبة، وهي الحاجةُ والمَسْكنة.
فإنْ قيل: فما قياس الحَوْباء، وهي النَّفس؟ قيل له: هي الأصلُ بعينه؛ لأنّ إشْفَاق(2) الإنسان على نفسه أغلبُ وأكثر.
فأما قولهم في زجر الإبل. حُوْبُِ، فقد قُلْنا إنّ هذه الأصوات والحكاياتِ ليست مأخوذةً من أصلٍ. وكلُّ ذي لسانٍ عربيٍّ فقد يمكنه اختراعُ مثل ذلك، ثم يكثُرُ على ألسنة الناس.
فأمّا الحَوأب فهو مذكور في بابه(3).
حوت - حوث - حوج
(حوت) الحاء والواو والتاء أصلٌ صحيح منقاس، وهو من الاضطراب والرَّوَغان، فالحُوت العظيم من السّمَك، وهو مضطربٌ أبداً غير مستقرّ. والعرب تقول: حاوَتَنِي فلانٌ، إذا راوغَني. ويُنشَد هذا البيت:
يوم الثويَّةِ عن أهلي وعن مالي(4)
ظَلّت تُحاوِتُني رَمْدَاءُ داهِيَةٌ
(حوث) الحاء والواو والثاء قِيلٌ غيرُ مطَّردٍ ولا متفرّع. يقولون: إنّ الحَوْثَاءَ الكبدُ وما يليها. وينشدون:
* الكِرْشَ والحَوْثاء والمَرِيّا(5) *
وجاريةٌ حَوْثاء: سمينة. قال:
* وهْيَ بِكْرٌ غريرةٌ حَوْثاءُ *
وتركهم حَوْثاً بَوْثاً. إذا فرَّقَهم. وكل هذا متقاربٌ في الضّعف والقِلّة، ويقولون اسْتَبَثْتُ الشيءَ واستَحثْتُه، إذا ضاع في ترابٍ فطلبتَه.
(حوج) الحاء والواو والجيم أصلٌ واحد، وهو الاضطرار إلى الشيء، فالحاجة واحدة الحاجات. والحَوْجاء: الحاجة. ويقال أحْوَجَ الرّجُلُ: احتاجَ. ويقال أيضاً: حاجَ يَحُوج(6)، بمعنى احتاجَ. قال:
__________
(1) التكملة من المجمل واللسان.
(2) في الأصل: "اشتقاق" تحريف.
(3) سيذكره في باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف.
(4) أنشده في المجمل واللسان (حوت). والثوية، بفتح فكسر، ويقال أيضاً بالتصغير: موضع قريب من الكوفة.
(5) قبله كما في اللسان (حوث):
* إنا وجدنا لحمها طريا *
(6) يقال حاج يحوج ويحيج.(2/91)
وحُجْتُ فلم أكدُدْكمُ بالأصابعِ(1)
غَنِيتُ فلَم أرْدُدْكمُ عند بُِغْيَةٍ
فأمَا الحاجُ فضربٌ من الشَّوك، وهو شاذٌّ عن الأصل.
حوذ - حور
(حوذ) الحاء والواو والذال أصلٌ واحد، وهو من الخفّة والسُّرعة وانكماشٍ(2) في الأمر. فالإحْواذ السَّير السريع. ويقال حاذَ الحمارُ أُتُنَه يحُوذها، إذا ساقَها بعُنْف. قال العجاج:
* يحُوذُهُنَّ وله حُوذِيُّ(3) *
والأحوذيُّ: الخفيف في الأمور، الذي حَذِقَ الأشياءَ وأتْقَنَها. وقالت عائشة في عمر: "كان واللهِ أحوَذِيَّاً نسيجَ وَحْدِه". والأحوذِيّان: جناحا القطاة. قال:
* على أحوذِيَّينِ استقلّت(4) *
ومن الباب استحوَذَ عليه الشيطان، وذلك إذا غَلَبَه وساقَه إلى ما يريد من غَيِّه.
... ومن الشاذّ عن الباب أيضاً أنهم يقولون: هو خفيفُ الحاذِ. ويُنشِدون:
وعَبْدٌ للصَّحَابة غيرَ عَبْدِ(5)
خفيف الحاذِ نَسّال القيافي
ومن الشاذّ عن الباب: الحاذُ، وهو شجرٌ.
(حور) الحاء والواو والراء ثلاثة أصول: أحدها لون، والآخَر الرُّجوع، والثالث أن يدور الشيء دَوْراً.
فأما الأول فالحَوَر: شدّةُ بياض العينِ في شدّةِ سوادِها. قال أبو عمرو:
حور
__________
(1) للكميت بن معروف الأسدي، كما في اللسان. ويروى: "وحجت" بالكسر.
(2) في الأصل: "والكماش".
(3) ديوان العجاج 71. وأنشده في اللسان (حوذ) بدون نسبة.
(4) البيت بتمامه كما في اللسان:
فما هي إلا لمحة فتغيب
على أحوذيين استقلت عليهما
(5) هو كما قيل: "سيد القوم خادمهم". والبيت في اللسان (حوذ).(2/92)
الحَوَر أن تسودَّ العين كُلُّها مثلََُ الظباء والبقر. وليس في بني آدمَ حَوَرٌ. قال وإنما قيل للنساء حُورُ العُيون، لأنهن شُبِّهن بالظِّباء والبقر قال الأصمعيّ: ما أدري ما الحَوَر في العين. ويقال حوّرت الثيابَ، أي بيّضْتُها، ويقال لأصحاب عيسى عليه السلامُ الحواريُّون؛ لأنهم كانوا يحوِّرون الثِّياب، أي يبيّضونها. هذا هو الأصل، ثم قيل لكلِّ ناصر حَوَاريٌّ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "الزُّبير ابنُ عمَّتي وحَوارِيَّ من أمّتي". والحَوَاريّات: النِّساء البيض. قال:
ولا يَبْكِنا إلا الكلابُ النوابحُ(1)
فقُلْ للحَوَاريّاتِ يبكين غيرَنا
والحُوَّارَى من الطَّعام: ما حُوِّر، أي بُيِّض. واحورَّ الشيءُ: ابيضّ، احوراراً. قال:
فمَنْ حَليفُ الْجَفْنَةِ المُحوَرَّهْ(2)
يا وَرْدَُ إني سأموتُ مَرَّهْ
أي المبيَّضَة بالسَّنَام. وبعضُ العرب يسمِّي النَّجم الذي يقال له المشترِي "الأحورَ".
ويمكن أن يحمل على هذا الأصل الحَوَرُ، وهو ما دُبِغ من الجلود بغير القَرَظ ويكون ليِّنا، ولعل ثَمَّ أيضاً لوناً. قال العجّاج:
كأنما يَمْزِقْنَ باللحم الحَوَرْ(3)
بِحجِنَاتٍ يتثقَّبْنَ البُهَرْ
حوز
يقول: هذا البازي يمزّق أوساطَ الطير، كأنه يَمْزِق بها حَوَراً، أي يُسرع في تمزيقها.
وأمّا الرجوع، فيقال حارَ، إذا رجَع. قال الله تعالى: { إنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ. بَلَى } [الانشقاق 14- 15]. والعرب تقول: "الباطلُ في حُورٍ" أيْ رَجْعٍ ونَقْصٍ، وكلُّ نقص ورجوع حُورٌ. قال:
__________
(1) لأبي جلدة اليشكري، كما في اللسان والمؤتلف والمختلف للآمدي 79. وهو في الأخير برواية: "فقل لنساء المصر".
(2) الرجز لأبي مهوش الأسدي، كما في اللسان. وترجمة أبي المهوش في الخزانة (3: 86). وورد: ترخيم وردة، وهي امرأته.
(3) ديوان العجاج 17 واللسان (مزق، حور).(2/93)
* والذّمُّ يبقَى وزادُ القَومِ في حُورِ(1) *
والحَوْر: مصدر حار حَوْراً رَجَع. ويقال: " [نعوذ بالله(2)] من الحَوْر بعد الكَوْر". وهو النُّقصان بعد الزيادة.
ويقال: "حارَ بعد ما كارَ(3)". وتقول: كلَّمتُه فما رجَعَ إليّ حَوَاراً وحِوَاراً ومَحُورَةً وحَوِيراً.
والأصل الثالث المِحْور: الخشبةُ التي تدور فيها المَحَالة. ويقال حَوّرْتُ الخُبْزَةَ تحويراً، إذا هيّأتها وأدَرْتَها لتضعَها في المَلَّة.
ومما شذَّ عن الباب حُِوار الناقة، وهو ولدُها.
(حوز) الحاء والواو والزاء أصلٌ واحد، وهو الجمع والتجمّع، يقال لكلِّ مَجْمَعٍ وناحيةٍ حَوْزٌ وحَوْزَة. وحَمَى فلانٌ الحَوْزَة، أي المَجْمع والناحية. وجعلته للمرأةُ مثلاً لما ينبغي أن تحمِيَه وتمنعَه، فقالت:
حوس
عنِّي وأحمِي حَوْزةَ الغائِبِ(4)
فَظَلْتُ أَحْثي التُّرْبَ في وجهه
ويقال تَحوّزَت الحيةُ، إذا تلوّتْ. قال القُطامي:
كما انحازت الأفعى مخافةَ ضاربِ(5)
تَحَيَّزُ مِنِّي خشيةً أن أَضِيفَها
وكلُّ مَن ضمَّ شيئاً إلى نفسه فقد حازَهُ حَوْزاً. ويقال لطبيعة الرجُل حَوْزٌ. والحُوزِيُّ من الناس: الذي يَنْحازُ عنهم ويعتزلهم. ويروى بيت العجّاج:
* يحوزُهنّ ولَهُ حُوزيّ(6) *
وهو الحِمار يجمع أتُنَهُ ويسوقُها. والأحْوَزِيُّ من الرجال مثل الأحوذيّ والقياس واحد.
__________
(1) لسبيع بن الخطيم. وصدره كما في اللسان:
* واستعجلوا عن خفيف المضغ فازدردوا *
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "كان" تحريف، وإنما هي كار، بمعنى زاد.
(4) البيت في اللسان (حوز، أيا).
(5) يصف عجوزاً استضافها فجعلت تروغ عنه. ضفت الرجل: نزلت به ضيفا. والبيت في الديوان 52 واللسان (حوز، ضيف). ورواية الديوان:
كما انحاشت الأفعى مخافة ضارب
فردت سلاماً كارها ثم أعرضت
(6) ديوان العجاج 71 واللسان (حوز). وقد سبق في مادة (حوذ).(2/94)
(حوس) الحاء والواو والسين أصلٌ واحد: مخالطة الشيء ووطؤُه. يقال حُسْتُ الشيءَ حَوْساً. والتحوُّس، كالتردّد في الشيء، وهو أنْ يُقِيم مع إرادة السفَر، وذلك إذا عارضَه ما يشغلُه. قال:
* سِرْ قَدْ أَنَى لك أيُّها المُتحوِّسُ(1) *
ويقال الأحْوسُ الدائم الركْض(2)، والجريءُ الذي* لا يهوله شيء. قال:
حوش
* أحْوَسُ في الظلماء بالرُّمْحِ الخَطِلْ(3) *
وهو حوّاس بالليل.
(حوش) الحاء والواو والشين كلمة واحدةٌ. الحُوش الوَحْش. يقال للوحشيِّ حُوشِيٌّ. وقال عمرُ في زهيرٍ: "كان لا يعاظِل بين القوافي، ولا يتبع حُوشِيَّ الكلام، ولا يمدَحُ الرّجلَ إلا بما فيه". قال القتبيّ: الإبل الحُوشيّة منسوبةٌ إلى الحُوش، وإنها فُحولُ نَعَم الجِنِّ، ضَرَبتْ في بعض الإبل فنُسِبتْ إليها. قال رؤبة:
*جَرَّت رحانا مِن بلاد الحُوشِ(4) *
وأظنُّ أنَّ هذا من المقلوب، مثل جَذَبَ وجَبَذَ. وأصل الكلمة إن صَحّت فمن التجمُّع والجَمْع، يقال حُشْتُ الصّيدَ وأَحَشْتُه، إذا أخذْتَه من حَوَالِه(5) وجمعتَه لتَصْرفه إلى الحِبالة. واحتَوَشَ القومُ فلاناً: جعَلُوه وَسْطهم. ويقال تَحَوَّشَ عنِّي القوم: تنحَّوا. وما ينحاش فلانٌ مِن شيءٍ، إذا لم يتجمَّعْ له؛ لقلّة اكتراثِه به. قال:
إذا ما رأتْنَا زِيل مِنّا زَوِيلُها(6)
وبَيْضاءَ لا تَنحاشُ مِنّا وأمُّها
ويقال إنّ الحُوَاشَةَ الأمْرُ يكون فيه الإثمُ؛ وهو من الباب، لأن الإنسان يتجمَّع منه ويَنْحاش. وأنشد:
حوص - حوض - حوط
__________
(1) صدر بيت للمتلمس (حوس). وعجزه:
* فالدار قد كادت لعهدك تدرس *
(2) في الأصل: "الدائم الركض والجري الركض". والكلمتان الأخيرتان مقحمتان.
(3) البيت في المجمل واللسان (حوس).
(4) ديوان رؤبة 78 والحيوان (1: 155/ 6: 218) واللسان (حوش).
(5) يقال من حواله وحواليه، وحوله وحوليه.
(6) لذي الرمة في ديوانه 454 واللسان (8: 180/ 13: 337/ 20: 165) والحيوان (5: 574).(2/95)
وآثَرْتَ الدُّعابَةَ غير راضِ(1)
أردْتَ حُواشةً وجهِلْتَ حَقّاً
ويقال الحُواشَة الاستحياء؛ وهو من الأصل، لأن المستحيي يتجمَّع من الشيء. والحَوْشُ: أن يأكل الإنسانُ من جوانب الطعام حتى يَنْهَكه(2). والحائِش: جماعة النَّخْل، ولا واحدَ له.
(حوص) الحاء والواو والصاد كلمة واحدةٌ تدلُّ على ضِيق الشيء. فالحَوْص الخِياطة؛ حُصْت الثّوبَ حَوْصاً، وذَلك أن يُجمَع بين طرَفَيْ ما يُخاط. والحَوَصُ: ضِيقُ مُؤْخِر العينين في غَوْرها. ورجلٌ أحوص. ويقال بل الأحوص الضيِّق إحدى العَينَيْن.
(حوض) الحاء والواو والضاد كلمةٌ واحدةٌ، وهو الهَزْم في الأرض. فالحَوْض حَوْض الماء. واستَحْوَضَ الماءَ: اتَّخَذ لنفسه حَوْضاً. والمُحَوَّض، كالحوض يُجعل للنخلة تشربُ منه. ويقال فلانٌ يُحوِّض حَوَاليْ فُلانة، إذا كان يهواها. ويقال للرّجل المهزوم الصَّدْرِ: حوض الحِمار؛ وهو سَبٌّ.
(حوط) الحاء والواو والطاء كلمةٌ واحدة، وهو الشيء يُطِيفُ بالشيء. فالحَوْط مِن حاطَه حَوْطاً. والحِمار يَحُوط عانَتَه: يجمعُها. وحَوَّطت حائطاً. ويقال إنَّ الحُوَاطَةَ(3) حَظِيرةٌ تتَّخذ للطعام. والحَوْطُ: شيءٌ مستدير تعلقهُ(4) المرأةُ على جَبِينها، مِن فِضَّة.
حوق - حوك - حول
(حوق) الحاء والواو والقاف أصلٌ واحد يقْرُب من الذي قبلَه. فالحََُوق: ما استدارَ بالكَمَرة. والحَوْق: كَنْس البَيت. والمِحْوَقة: المِكْنَسة. والحُواقَة: الكُنَاسَة.
(حوك) الحاء والواو والكاف، ضمُّ الشيء إلى الشيء. ومن ذلك حَوْك الثَّوْبِ والشّعر.
__________
(1) روايته في اللسان (حوش):
وآثرت الغواية غير راض
غشيت حواشة وجهلت حقاً
(2) في الأصل: "حتى ينكهه"، صوابه من المجمل.
(3) في الأصل: "الحوصة"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) في الأصل: "تعلقها".(2/96)
(حول) الحاء والواو واللام أصلٌ واحد، وهو تحرُّكٌ في دَوْرٍ. فالحَوْل العام، وذلك أنه يَحُول، أي يدور. ويقال حالتِ الدّارُ وأحالَتْ وأحْوَلتْ: أتى عليها الحول. وأحْوَلْتُ أنا بالمكان وأحَلْتُ، أي أقمتُ به حَوْلاً. يقال حال الرجل في متنِ فرسه يَحُول حَوْلاً وحُؤُولاً، إذا وثَبَ عليه، وأحال أيضاً. وحال الشخصُ يَحُول، إذا تحرَّك، وكذلك كلُّ متحوِّلٍ عن حالة. ومنه قولهم استَحَلْتُ الشخصَ، أي نظرتُ هَلْ يتحرَّك. والحِيلَة والحَويلُ والمُحاوَلَة مِنْ طَريقٍ واحد، وهو القياسُ الذي ذكرناه؛ لأنه يدور حوالَيِ الشيء ليُدْرِكَه. قال الكميت:
تُحَمَّق وهي بَيِّنَةُ الحَوِيلِ(1)
وذاتِ اسْمَين والألوانُ شَتَّى
ذات اسمَين: رَخمة؛ لأنها رخَمَةٌ وأَنُوق. تحمَّق وهي ذاتُ حِيلةٍ؛ لأنها تكون بأعالي الجبال، وتَقْطَع في أول القواطِع وترجعُ في أوَّلِ الرَّواجع وتحبُّ ولدها وتَحضُن بيضَها، ولا تمكِّن إلا زوجَها(2). والحُوَلاء: ما يخرج من الولد؛ وهو مُطيفٌ.
حوم - حي - حيث
(حوم) الحاء والواو والميم* كلمةٌ واحدة تقرُب من الذي قبلها، وهو الدَّوْر بالشيء يقال حام الطائرُ حَوْلَ الشيءِ يحوم. والحَوْمَةُ: مُعظَم القتال، وذلك أنهم يُطِيف بَعضُهم بِبَعض. والحَوْم: القطيع الضَّخم من الإبل. والحَوْمانة: الأرض المستديرة، ويقال يُطيفُ بها رمل.
{باب الحاء والياء وما يثلثهما}
(حي) الحاء والياء والحرف المعتل أصلان: أحدهما خِلاف المَوْت، والآخر الاستحياء الذي [هو] ضِدُّ الوقاحة.
فأمّا الأوّل فالحياة والحَيَوان، وهو ضِدُّ الموت والمَوَتَان. ويسمَّى المطرُ حياً لأن به حياةَ الأرض. ويقال ناقةٌ مُحْي ومُحْيِيَةٌ: لا يكادُ يموت لها ولد. وتقول: أتيتُ الأرضَ فأحييْتُها، إذا وجَدْتَها حَيَّةَ النّباتِ غَضَّة.
__________
(1) في الحيوان (7: 18) واللسان (حول): "كيسة الحويل".
(2) انظر الحيوان (7: 19).(2/97)
والأصل الآخَر: قولهم استحييت منه استِحياءً. وقال أبو زيد: حَيِيتُ مِنه أَحيا، إذا استحيَيْتَ. فأمَّا حَياء النّاقة، وهو فَرْجُها، فيمكن أن يكون من هذا، كأنَّه محمولٌ على أنَّه لو كان ممن يستحيي(1) لكان يستحيي من ظهوره وتكشُّفه.
(حيث) الحاء والياء والثاء ليست أصلاً؛ لأنَّها كلمةٌ موضوعة لكلِّ مكانٍ، وهي مبهمة، تقول اقعد حيثُ شئت، وتكون مضمومة. وحكى الكسائي فيها الفتحَ أيضاً.
حيد - حير - حيز
(حيد) الحاء والياء والدال أصلٌ واحد، وهو المَيْل والعُدول عن طريق الاستواء. يقال حادَ عن الشيء يَحِيدُ حَيْدَةً وحُيوداً. والحَيُودُ: الذي يَحِيد كثيراً، ومثله الحَيَدى على فَعَلى. قال الهذلي(2):
حَزَابِيةٍ حَيَدَى بالدِّحالِ
أو أصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَهُ
الحَيْد: النادر من الجَبَل، والجمع حُيُودٌ وأحياد. والحُيُود: حيود قَرْن الظَّبي، وهي العُقَد فيه، وكلُّ ذلك راجعٌ إلى أصل واحد.
(حير) الحاء والياء والراء أصلٌ واحد، وهو التردُّد في الشيء. من ذلك الحَيْرة، وقد حار في الأمر يَحِير، وتحيَّر يتحير. والحَيْرُ والحائِر: الموضع يتحيّر فيه الماء. قال قيس(3):
غَدِق بساحَةِ حَائر يَعْبوبِ
تَخْطُو على بَرْدِيّتين غذاهُما
ويقال لكلِّ ممتلئٍ مستَحِيرٌ، وهو قياسٌ صحيح، لأنه إذا امتلأ تردّد بعضُه على بعض، كالحائر الذي يتردّد فيه [الماء] إذا امتلأ. قال أبو ذؤيب:
* واستحارَ شَبابُها(4) *
__________
(1) في الأصل: "يستحق".
(2) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي، كما في اللسان ( صحم، جرمز، حزب، حيد). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ومخطوطة الشنقيطي 79.
(3) يعني قيس بن الخطيم. والبيت في ديوانه 6. وعجزه في اللسان والتاج (عبب).
(4) قطعة من بيت له في ديوانه 71 واللسان (حير). وتمامه:
تقضى شبابي واستحار شبابها
ثلاثة أعوام فلما تجرمت(2/98)
(حيز) الحاء والياء والزاء ليس أصلا؛ لأن ياءه في الحقيقة واوٌ. من ذلك الحيِّز الناحية. وانحاز القوم، وقد ذكر في بابه.
حيس - حيص - حيض
(حيس) الحاء والياء والسين أصلٌ واحد، وهو الخليط. قال أبو بكر: حِسْتُ الحبْلَ إذا فتَلْتَه، أحِيسُه حَيْسا. وهذا أصلٌ لما ذكرناه، لأنه إذا فتلَه تداخلَت قواه وتخالَطت. والحَيْس معروفٌ، وهو من الباب، لأنه أشياء تُخْلَط. قال أبو عُبيدٍ فيما رواه، للذي أحدَقَتْ به الإماء من كل وجهٍ، محيوس. قال: شُبِّه بالحَيْس.
(حيص) الحاء والياء والصاد أصلٌ واحد، وهو المَيْل في جَوْرٍ وتلدُّد. يقال حَاصَ عن الحقِّ يَحِيص حَيْصاً، إذا جارَ. قال:
* وإنْ حاصَتْ عن المَوْتِ عامرُ(1) *
ويَرْوُون:
* بميزانِ صِدْقٍ ما يَحِيص شعيرةً(2) *
ومن الباب قولهم: وقَعُوا في حَيْص بَيْص، أي شدّة. قال الهُذلي:
لم تَلْتَحِصْنِي حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ(3)
قد كُنْتُ خَرّاجاً ولوجاً صَيْرفاً
(حيض) الحاء والياء والضاد كلمة واحدة. يقال حاضَتْ السَّمُرَةُ إذا خرج منها ماءٌ أحمر. ولذلك سمِّيت النُّفَساء حائضاً، تشبيهاً لدمها بذلك الماء.
حيط - حيف - حيق - حيك - حين
(حيط) الحاء والياء والطاء ليس أصلاً، وذلك أن أصله في الحِياطة والحِيطة والحائطِ كلَّه الواوُ. وقد ذُكر في بابه.
__________
(1) الشطر في المجمل (حيص).
(2) صدر بيت لأبي طالب بن عبد المطلب. وقد أنشد هذا الصدر في اللسان (حصص): "ما يحص شعيرة". وفي السيرة 175: "لا يخيس". وفي الروض الأنف (1: 177): "لا يخس". وتمامه في الأخيرين:
* له شاهد من نفسه غير عائل *
(3) سبق إنشاد عجزه في (بيص). والبيت لأمية بن أبي عائد الهذلي. انظر ما مضى في حواشي (بيص). وسيأتي في (لحص).(2/99)
(حيف) الحاء والياء والفاء أصلٌ *واحد، وهو المَيْل. يقال [حاف] عليه يَحِيفُ، إذا مالَ. ومنه تحيفْتُ الشيءَ، إذا أَخذْتَه من جوانبه، وهو قياسُ الباب لأنه مال عَنْ عُرْضِه إلى جوانبه.
(حيق) الحاء والياء والقاف كلمةٌ واحدة، وهو نُزولُ الشيء بالشيء، يقال حاق به السُّوءُ يَحِيق. قال الله تعالى: { وَلاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلاَّ
بِأَهْلِهِ } [فاطر 43].
(حيك) الحاء والياء والكاف أصلٌ واحد، وهو جِنسٌ من المَشْي، يقال حاك هو يَحِيك في مَشْيه حَيَكاناً، إذا حرّك مَنْكِبَيه وجسدَه. ومنه الحَيْك،
وهو أخذُ القول في القَلْب. يقال ما يَحِيك كلامُك في فلانٍ. وإنما قلت إنه منه، لأنَّ المشْيَ أخْذٌ في الطريق الذي يُمشَى فيه.
ومن هذا الباب: ضرَبَه فما أحاك فيه السَّيف، إذا لم يأخُذْ فيه.
(حين) الحاء والياء والنون أصلٌ واحد، ثم يحمل عليه، والأصل الزمان. فالحِينُ الزَّمان قليلُه وكثيرُه. ويقال عامَلْتُ فلاناً [مُحَايَنَةً(1)]، من الحِين. وأحيَنْتُ بالمكان(2): أقمتُ به حيناً. وحاز حِينُ كذا، أي قرُب. قال:
من الدّهر ما حانت ولا حان حِينُها(3)
وإنَّ سُلُوِّي عن جميلٍ لَساعةٌ
حبج
ويقال حَيَّنْتُ الشاة، إذا حَلَبْتَها مرة بعد مرة. ويقال حَيَّنْتُها جعلت لها حيناً. والتأفين: أن لا تجعل لها وقتاً تحلبُها فيه. قال المُخَبّل:
وإن حُيِّنَت أربَى على الوَطْبِ حِينُها(4)
إذا أُفِنَتْ أرْوَى عِيالَكَ أَفْنُها
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) في الأصل: "وأحنت المكان"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) البيت لبثينة صاحبة جميل. اللسان (حين). قال ابن بري: "لم يحفظ لبثينة غير هذا البيت".
(4) البيت في اللسان (16: 158، 292)، وقد سبق بدون نسبة في (أفن).(2/100)
وقال الفراء: الحِين حِينانِ، حينٌ لا يُوقَف على حَدِّه، وهو الأكثر، وحينٌ ذكره الله تعالى: { تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ } [إبراهيم 25]. وهذا محدودٌ لأنه ستّة أشهر.
وأما المحمول على هذا فقولهم للهلاك حَيْنٍ، وهو من القياس، لأنه إذا أَتَى. فلا بد له من حين، فكأنه مسمَّى باسم المصدر.
{باب الحاء والألف وما يثلثهما في الثلاثي}
اعلم أنّ الألِف في هذا الباب لا يخلو أن يكون من واوٍ أو ياء. والكلمات التي تتفرع في هذا الباب فهي مكتوبةٌ في أبوابها، وأكثرها في الواو، فلذلك تركنا ذِكرَها في هذا الموضع. والله تعالى أعلم.
{باب الحاء والباء وما يثلثهما}
(حبج) الحاء والباء والجيم ليس عندي أصلاً يعوّل عليه ولا يُفَرّع منه، وما أدري ما صحّة قولهم: حَبَجَ العَلَمُ بَدَا، وحَبَجَت النارُ: بدَتْ بَغْتَةً. وحَبِجَت الإبل، إذا أكلت العَرفَج فاشتكت بطونَها، كلُّ ذلك قريبٌ في الضَّعف بعضُه مِن بعض. وأما حَبَجَ بها، فالجيم مبدلةٌ من قاف.
حبر
(حبر) الحاء والباء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد، وهو الأَثرُ في حُسْنٍ وبَهاء. فالحَبَار: الأثَر. قال الشاعر(1) يصف فرساً:
ولا لِحَبْليه بها حَبَارُ
ولم يقلِّبْ أرضَها البَيْطارُ
ثم يتشعَّب هذا فيُقال للذي يُكتَب به حِبرٌ، وللذي يَكتُب بالحبر حِبرٌ وحَبرٌ، وهو العالِم، وجمعه أحبار. والحَِبْر: الجمال والبهاء. ويقال ذو حَِبْرٍ وسَِبْرٍ. وفي الحديث: "يخرج من النار رجلٌ قد ذَهب حَِبْرُه وسَِبْرُه". وقال ابن أحمر:
لأعمالٍ وآجالٍ قُضِينا(2)
لبِسْنا حِبْرَهْ حتى اقتُضِينا
والمُحَبَّر: الشيء المزَيَّن. وكان يقال لطُفيلٍ الغنويِّ محبِّر؛ لأنه كان يحبّر الشعر ويزيِّنه.
__________
(1) الأولى أن يقول "الراجز"، وهو حميد الأرقط، كما في اللسان (حبر). وانظر ما سيأتي في "قلب".
(2) البيت في المجمل واللسان (حبر).(2/101)
وقد يجيء في غير الحُسْنِ أيضاً قياساً. فيقولون حَبِر الرجلُ، إذا كان بجلده قروحٌ فبرِئتْ وبقيت لها آثار. والحَِبْر(1): صُفرة تعلُو الأسنان. وثوبٌ حَبِيرٌ من الباب الأول: جديدٌ حَسَن. والحَبْرَةُ: الفرح. قال الله تعالى: { فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ } [الروم 15]، ويقال قِدْحٌ مُحبَّر، أجيد بَرْيُه. وأرضٌ مِحبارٌ: سريعة النبات. والحَبِير من السحاب: الكثير الماء.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: ما فيه حَبَرْبَرٌ، أي شيءٌ. والحُبَارَى: طائر ويقولون: "مات فلانٌ كَمَدَ الحُبَارَى" وذلك أنها تُلقِي ريشَها مع إلقاء سائر* الطيرِ ريشَه، ويُبطئ نباتُ ريشها. فإذا طار الطير ولم تَقْدِر هي على الطَّيران
حبس
ماتت كَمَداً. قال:
وزَيدٌ ميِّتٌ كَمَد الحُبارَى
إذا ظعنت هُنَيْدةُ أو مُلِمُّ(2)
أي مقاربٌ. وقال الراعي في الحُبارى:
حلفتُ لهم لا يحسبون شَتِيمَتِي
بعَيْنَيْ حُبارَى في حِبالةِ مُعْزِبِ(3)
رأتْ رجلاً يسعى إليها فحملقَتْ
إليه بمَأْقي عينها المتقلِّبِ
تنوشُ برجليها وقد بَلّ ريشَها
رَشاشٌ كغِسْلِ الوفرة(4)…
المُعْزِب(5): الصائد؛ لأنه لا يأوي إلى أهله. وحَمْلقَتْ: قَلَبت حملاقَ عينِها. والمعنى أن شتمكم إيّاي لا يذهب باطلاً، فأكون بمنزلةِ الحبارى التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحِبالة إلا تقليبُ عينها. وهي من أذَلّ الطير. وتنوشُ برجليها: تضربُ بهما. والغِِسْل: الخِطمى. يريد سلحَتْ على ريشها. ومثلُه قول الكُميت:
وَعِيدَ الحُبارَى من بعيدٍ تنفَّشت
لأزرقَ مَعْلولِ الأظافير بالخَضْبِ(6)
__________
(1) يقال بالفتح والكسر وبكسرتين.
(2) لأبي الأسود الديلي كما في الحيوان (5: 445). وانظر الأغاني (11: 117) واللسان
(5: 232).
(3) في الأصل: "المغرب"، والسباق يقتضي ما أثبت.
(4) كذا ورد البيت منقوصاً.
(5) في الأصل: "المغرب"، تحريف.
(6) البيت في الحيوان (5: 452).(2/102)
(حبس) الحاء والباء والسين. يقال حَبَسْتُه حَبْساً. والحَبْس: ما وُقِف. يقال أَحْبَسْتُ فرساً في سبيل الله(1). والحِبْسُ: مَصنعةٌ للماء، والجمع أحباس.
حبش - حبص - حبض - حبط
(حبش) الحاء والباء والشين كلمةٌ واحدة تدلُّ على التجمُّع. فالأحابيشُ: جماعات يتجمَّعون من قبائلَ شتَّى. قال ابن رَوَاحةَ:
أحابِيشَ منهم حاسرٌ ومُقَنَّعُ(2)
وجئنا إلى موجٍ من البحر زاخرٍ
(حبص) الحاء والباء والصاد ليس أصلاً. ويزعمون أنّ فيه كلمةً واحدة.
ذكر ابن دريد(3): حَبَصَ الفَرَسُ، إذا عدا عدْواً شديداً.
(حبض) الحاء والباء والضاد أصلان: أحدهما التحرّك، والآخَرَ النقص.
فالحَبَضُ: التحرُّك، ومنه الحابض، وهو السَّهم الذي يقع بين يدي رامِيهِ، وذلك نقصانه على الغرض(4). ويقال حَبَضَ ماءُ الرّكِيَّة: نَقَص.
ويقال من الثاني: أحْبَض فلانٌ بِحقِّي إحباضاً، أي أبطله. وأمَّا المحابض، وهي المَشاوِر: عيدانٌ تُشْتار بها العَسَل(5)، فممكن أن يكون من الأول. قال ابن مُقبِل:
صَوْتُ المحابض ينْزعِن المَحارينا(6)
كأنَّ أصواتَها من حيثُ تسمعُها
(حبط) الحاء والباء والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بطلانٍ أو ألَمٍ. يقال: أحبط اللهُ عملَ الكافر، أي أبطله.
حبق - حبك - حبل
وأمّا الألَم فالحَبَط: أن تأكل الدَّابةُ حَتَّى تُنْفَخ لذلك بطنُها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ مما يُنبِت الرَّبيعُ ما يقتُل حَبَطاً أو يُلِمّ".
__________
(1) يقال حبسه وأحبسه وحبسه بالتشديد، اللسان والقاموس.
(2) البيت في المجمل (حبش).
(3) الجمهرة (1: 223).
(4) كذا. ولها وجه.
(5) في اللسان: "والعرب تذكر العسل وتؤنثه. وتذكيره لغة معروفة والتأنيث أكثر".
(6) البيت في اللسان (حبض، حرن)، وسبق عجزه في (حرن).(2/103)
وسُمِّي الحارثُ الحَبَِطَ(1) لأنّه كان في سفرٍ؛ فأصابه مثلُ هذا. وهم هؤلاء الذين يُسَمَّوْن الحَبِطَاتِ من تميم.
ومما يقرب من هذا الباب حَبِطَ الجِلدُ، إذا كانت به جراحٌ فَبَرَأت وبقيتْ بها آثارٌ.
(حبق) الحاء والباء والقاف ليس عندي بأصلٍ يُؤخَذُ به ولا معنى له. لكنهم يقولون حبَّق متاعَه، إذا جمعه. ولا أدري كيف صحَّتُه.
(حبك) الحاء والباء والكاف أصل منقاسٌ مطّرِد؛ وهو إحكام الشَّيء في امتدادٍ واطِّراد. يقال بعيرٌ مَحْبُوكُ القَرَى، أي قويُّه. ومن الاحتباك الاحتباء، وهو شد الإزار؛ وهو قياس الباب.
وحُبُك السماء في قوله تعالى: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ } [الذاريات 7]، فقال قومٌ: ذاتِ الخَلْق الحَسن المُحْكَم. وقال آخرون: الحُبُك الطرائق، الواحدة حَبِيكة. ويراد بالطّرائِق طرائِق النُّجوم.
ويقال كساءٌ مُحَبَّكٌ، أي مخطَّط.
(حبل) الحاء والباء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتداد الشيء. ثمّ يحمل عليه، ومَرْجِع الفروع مرجعٌ واحد. فالحبل الرَّسَن، معروف، والجمع حِبال. والحبل: حبل العاتق. والحَبل: القطعة من الرّمل يستطيل.
حبل
والمحمول عليه الحَبْل، وهو العهد. قال الأعشى:
*أخذت من الأخرى إليك حبالَها(2)
وإذا تُجَوِّزها حبالُ قبيلةٍ
ويريد الأمانَ وعُهودَ الخََُِفارة. يريد أنّه يُخفَر من قبيلةٍ حتّى يصل إلى قبيلةٍ أخرى، فتخفر هذه حتّى تبلغ. والحِبالة: حِبالة الصائد. ويقال احتَبَلَ الصّيدَ، إذا صادَهُ بالحبالة. قال الكميت:
كَراجٍ على بيض الأنوق احتبالَها(3)
ولا تجعلوني في رجائِيَ وُدَّكُمْ
__________
(1) هو الحارث بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم. انظر اللسان (9: 141) حيث تجد مع هذا قولاً آخر في الحبطات.
(2) ديوان الأعشى 24 والمجمل واللسان (جعل).
(3) في الأصل: "ولا تحبكوني"، صوابه في الحيوان (7: 20) ونهاية الأرب (10: 208).(2/104)
لا تجعلوني كَمنْ رجا مَن لا يكون؛ لأنّ الرخَمَة لا يُوصَل إليها، فمَنْ رجا أن يَصِيدَها على بيضها فقد رجا ما لا يكون.
وأمّا قول لبيد:
صاحبٌ غَيْرُ طويلِ المحْتَبَلْ(1)
ولقد أغْدُو وما يُعْدِمُني
فإنّه يريد بمحتَبَلِهِ أرساغَه، لأنّ الحبلَ يكون فيها إذا شُكِلَ.
ويقال للواقف مكانَه لا يفرّ. "حَبِيلُ بَرَاحٍ"، كأنّه محبولٌ، أي قد شُدّ بالحِبال. وزعم ناسٌ أنّ الأسدَ يقال له حَبِيلُ بَرَاحٍ.
ومن المشتق من هذا الأصلِ الحِبْل، بكسر الحاء، وهي الداهية. قال:
بنُصْحٍ أتَى الواشونَ أم بِحُبولِ(2)
فلا تَعْجَلِي يا عَزَّ أنْ تتفهَّمِي
ووجْهُهُ عندي أنّ الإنسان إذا دُهِي فكأنّه قد حُبِل، أي وقع في الحِبالة، كالصَّيد الذي يُحبَل. وليس هذا ببعيدٍ.
حبن - حبو
ومن الباب الحَبَل، وهو الحَمْل، وذلك أن الأيّام تَمْتَدُّ به. وأمّا الكَرْم فيقال له حَبْلة وحَبَلَة، وهو من الباب، لأنه في نباتِهِ كالأرشية. وأما الحُبْلَة فثمر العِضاه. وقال سعد بن أبي وقّاص: "كنا نَغزُو مع النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم وما لنا طعامٌ إلاّ الحُبْلَة وورق السَّمُر". وفيما أحسب أنّ الحُبْلَة، وهي حَلْي يُجعَل في القلائد، من هذا، ولعلَّه مشبَّه بثمرِهِ. قال:
وقلائدٌ من حُبْلَةٍ وسُلوسِ(3)
ويَزِينها في النَّحر حَلْيٌ واضِحٌ
__________
(1) ديوان لبيد 14 طبع 1881 واللسان (حبل). وأعدمني الشيء: لم أجده.
(2) البيت لكثير، كما في المجمل واللسان (حبل).
(3) البيت لعبد الله بن سليم الغامدي، كما في اللسان (سلس، حبل)، وانظر المفضليات (1: 114). وفي الأصل: "ويزينه"، صوابه من المجمل واللسان. وعجزه في (سلس).(2/105)
(حبن) الحاء والباء والنون أصلٌ واحدٌ، فيه كلمتان محمولةٌ إحداهما على الأخرى. فالحِبْن كالدُّمَّل في الجَسد، ويقال بل الرّجُل الأحْبَن الذي به السِّقْي(1). والكلمة الأُخْرى أمُّ حُبَيْن، وهي دابّة قدرُ كفِّ الإنسان.
(حبو) الحاء والباء والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو القُرْب والدنُوّ؛ وكل دانٍ حابٍ. وبه سُمِّي حَبِيُّ السَّحاب، لدنُوِّه من الأفق. ومن الباب حبَوْتُ الرّجلَ، إذا أعطيتَه حُبْوة وحِبْوة، والاسم الحِباء. وهذا لا يكون إلا للتألُّف والتقريب. ومنه احتَبَى الرّجُل، إذا جَمَع ظَهْرَه وساقَيه بثوبٍ، وهي الحِبوة والحُبْوة أيضاً، لغتانِ. والحابي: السهم الذي يزحَفُ إلى الهَدَف. والعرب تقول: حبَوْت للخَمْسِينَ، إذا دنوتَ لها. وذكر الأصمعيُّ كلمةً لعلها تبعُد في الظاهر من هذا الأصل قليلاً، وليست في التحقيق بعيدة قال: فلان يَحْبُو ما حَوْلَه، أي يحميه ويَمنعُه. قال ابنُ أحمر:
حتر
فَحْلٌ ولم يَعْتَسَّ فيها مُدِرّْ(2)
وراحَتِ الشَّوْلُ ولم يَحْبُها
ويقال، وهو القياس المطَّرِد، إنّ الحِبَى مقصور مكسور الحاء: خاصّةُ المَلِك، وجمعه أحْبَاء. وقال بعضهم: بل الواحد حَبَأٌ مهموز مقصور. وسمي بذلك لقُربه ودُنُوِّه. فلم يُخْلِفْ من الباب شيءٌ. والله أعلم.
{باب الحاء والتاء وما يثلثهما(3)}
(حتر) الحاء والتاء والراء أصلانِ: أحدهما إطافةُ الشيء بالشيء واستدارةٌ مِنه حَوْلَه، والثاني تقليلُ شيءٍ وتزهيدُه.
__________
(1) السقي، بالفتح والكسر: ماء أصفر يقع في البطن.
(2) لم يعتس فيها مدر: أي لم يطف فيها حالب يحلبها. وفي الأصل: "ولم يغلس"، صوابه في المجمل واللسان (حبا).
(3) وردت مواد هذا الباب غير منسوقة على النسق الذي جرى عليه.(2/106)
فالأوّل الحَتَارُ: ما استدار بالعَين من باطن الجَفْن، وجمعه حُتُرٌ. وحَتَار الظُّفْر: ما أحاط به. ومن الباب الحَتَار، وهو هُدْب الشِّقّة وكِفَّتها، والجمع حُتُر. قال أبو زيدٍ الكلابيُّ: الحُتُر ما يُوصَل بأسفل الخِباء إذا ارتفع عن الأرض وقَلَصَ ليكونَ سِتْرا. ويقال حَتَرْتُ البيتَ. وقال بعض أهل اللغة: الحتر تحديق العين عند النظر إلى الشَّيء(1). وقال حَتِرَ يحتِرِ حَتْراً؛ وهو قياس الباب. ومن الباب أحْتَرْتُ العُقْدةَ، إذا أحكمتَ عقْدَها *وهو من الأوّل؛ لأنّ العَقْد لا يكون إلاّ وقد دار شيءٌ على شيء.
والأصل الثاني: أحترتُ القَومَ ولِلقومِ، إذا فَوَّتَّ عليهم طعامَهم. قال الشنفرى:
حتأ - حتم
إذا أطعَمَتْهم أحْتَرَتْ وأقلّتِ(2)
وأُمَُِّ عِيالٍ قد شهدْتُ تقُوتُهم
ويقال الحُتْرَة الوَكِيرة(3). يقال حَتِّرْ لنا. وليس ببعيد؛ لأنَّ الوَكيرة أقلُّ الولائم والدّعوات. ويقولون: إنّ الحَتْرَة رضْعَة(4). ويقولون: ما حَتَرْتُ اليومَ شيئاً أي ما ذُقْت. قال الشاعر:
زِلُ لم يُمْسِ سَقْبُها محتُورا(5)
أنتمُ السّادة الغُيوث إذا البا
يقول: لم يكن لها لبنٌ كثير، ولا لها لبنٌ قليل ترضعُه سَقْبَها.
__________
(1) لم يرد هذا المعنى في المعاجم المتداولة، إلا في الجمهرة (2: 3). وذكر في فعله يحتِر ويحتُر بكسر التاء وضمها.
(2) البيت في اللسان (حتر)، وذكره بدون نسبة في المجمل. وقصيدة الشنفرى في المفضليات
(1: 106-110).
(3) هي طعام يصنع عند بناء البيت.
(4) في اللسان: "الرضعة الواحدة". وفي المجمل: "ويقال إن الحترة رضعة كافية".
(5) البيت في المجمل (حتر).(2/107)
(حتأ) الحاء والتاء والهمزة كلمةٌ واحدة ليست أصلاً، وأظنُّها من باب الإبدال وأنها مبدلة من كافٍ. يقولون أَحْتَأْتُ الثَّوبَ إحتاءً، إذا فَتَلْتَه(1). ظناً أنه من الإبدال(2) فمن أحكَأْت العُقدة. وقد مضى تفسير ذلك. ويقول…
(حتم) الحاء والتاء والميم، ليس عندي أصلاً، وأكثر ظنِّي أنه أيضاً من باب إبدال التاء من الكاف، إلاّ أنّ الذي فيه من إحكام الشيء. يقال: حتم عليه، وأصله على ما ذكرناه حَكَم، وقد مضى تفسيره.
والحاتم: الذي يقضي الشَّيء. فأمّا تسميتُهم الغُرَابَ حاتِماً فمن هذا، لأنهم يزعمون أنه يَحتِم بالفراق. وهو كالحُكْم منه. قال:
حتد - حتن - حتف - حتل
أغْدُو على وَاقٍ وحاتِمْ(3)
ولقد غَدَوْتُ وكنتُ لا
وفي الباب كلمةٌ أخرى ويقرب أيضاً من باب الإبدال. ويقولون الحُتَامة: ما بقي من الطَّعام على المائدة - وهذا عندي من باب الطاء لأنّه شيءٌ لا يتحَتَّم(4) أي يتفتَّت ويتكسَّر. وقد مرَّ تفسيرُه.
(حتد) الحاء والتاء والدال أصلٌ واحد، وهو استِقرار الشَّيءِ وثباتُهُ. فالحَتْد: المُقَام بالمَكَان. حَتَد يَحْتِد. ومنه المَحْتِدُ، وهو الأصل؛ يقال: هو في مَحتِدِ صِدق. والحُتُد: العين لا ينقطع ماؤُها، وهو قياس الباب.
(حتن) الحاء والتاء والنون أصل واحد يدلُّ على تساوي الأشياء. فالحَتِن: القِرْن؛ يقال هما حَِتْنان أي سِيَّان. وتَحَاتَنُوا، إذا تساوَوْا. ويقال وقعت النَّبْلُ في الهدَف حَتَْنَى. على فَعَْلََى، إذا تقاربَتْ مواقِعُها. وكل شيء لا يخالف بعضُه بعضاً فهو محتَتِنٌ.
__________
(1) في المجمل: "إذا فتلته فتل الأكسية".
(2) كذا وردت هذه العبارة.
(3) البيت للمرقش. وانظر تحقيق نسبته في حواشي الحيوان (3: 436) واللسان (حتم).
(4) في الأصل: "عظيم"، والوجه ما أثبت. انظر اللسان (حتم 4).(2/108)
(حتف) الحاء والتاء والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها؛ وذلك أنّه إلا يُبنى منها فِعل، وهو الحَتْف، وجمعه حُتوف، وهو الهلاك.
(حتل) الحاء والتاء واللام ليس هو عندي أصلاً، وما أحُقُّ أيضاً ما حكَوْه فيه، وهو يدلُّ على القِلَّة والصِّغر. يقولون: الحَوْتَل الغلام حين يُرَاهِق(1). ويقولون: لِفراخ القطا حَوْتَل. وهذا عندي تصحيفٌ، إنما هو حَوْتك بالكاف، وقد ذُكِر. ويقال حَتَلَ له: أعطاه. وليس بشيء.
حتك - حتو - حثر - حثو/ي
(حتك) الحاء والتاء والكاف يدلُّ على مقاربةٍ وصِغَر. فالحَتْك: أن يقارب الخَطْو ويُسرِع رَفْع الرِّجل ووضْعَها. وهو صحيح من الكلام معروفٌ. ويُبْنَى منه الحَتَكان، وهو غير الحَيَكان. والحواتِك: صغار النَّعام. والحوتك: القصير.
(حتو) الحاء والتاء والحرف المعتل بعده أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على شدَّةٍ. فالحَتْو: العَدْوُ الشديد، يقال حتا يحتو حَتْواً. والحَتْو: كفُّكَ هُدْبَ الكِساء، تقول حَتَوْتُه. فأمّا الحَتِيُّ فيقال: إنّه سَويق المُقْلِ، وهو شاذ. وقد يجوز أن يُقْتَاسَ(2) له بابٌ فيه بعض الخُشونة. قال الهذلي(3):
قِرْفَ الحَتِيِّ وعندي البرُّ مكنُوزُ
لا دَرَّ درِّيَ إنْ أطعمْتُ نازلَكُم
{باب الحاء والثاء وما يثلثهما}
__________
(1) لم يذكر في اللسان. وذكر في القاموس.
(2) في الأصل: "يقتلس".
(3) البيت للمتنخل الهذلي، كما في القسم الثاني من أشعار الهذليين 87 ونسخة الشنقيطي من الهذليين
46. وانظر باقي الكلام على نسبته في حواشي الحيوان (5: 285).(2/109)
(حثر) الحاء والثاء والراء أصلٌ واحد، يدلُّ على تَحَبُّبٍ في الشيءِ وغِلَظ. ويقال حَثِرَتْ عَيْنُ الرجل حَثَراً، إذا غَلُظَتْ أجفانُها مِن بكاءٍ(1) أو رَمد. وحَثِرَ العَسَل، إذا تحبَّبَ. والحَوْثَرَة: بعضُ أعضاءِ *الرَّجُل(2). وليس من قياس الباب. والحواثر: قومٌ من عبد القيس. وحُثارة التّبْنِ: حُطامه.
([حثو/ي]) الحاء والثاء والحرف المعتل يدل على ذَرْو الشَّيءِ الخَفيف
حثل - حثم
السبيح(3). من ذلك الحَثَا، وهو دُقاق التِّبْن. قال:
حَثاً طردَتْه الرِّيح من كل مَطْرَد
وأغبَرَ مَسْحولِ التُّرَابِ تَرَى له
وقال الراجز:
* كأنّه غِرارَةٌ مَلأَى حَثَا(4) *
ويقال حَثَا التُّرابَ يَحْثُوه. قال:
من حَثْوِكِ التُّربَ على الراكبِ(5)
الحُصْنُ أدْنَى لو تريدِينَه
ويقال حَثَى يَحْثِي حَثْياً. وهو أفصح. قال:
* أَحْثِي على دَيْسَمَ مِن جَعْدِ الثَّرى(6) *
ويقال أرضٌ حَثْواء: حثيرة التّراب.
(حثل) الحاء والثاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على سُوء وحَقَارة. فحُثالة البُرِّ: ردِيُّه. وحُثالة الدُّهن وما أشبهه: ثُفْلُهُ. والمُحْثَل: السيِّئ الغِذاء. قال متمم:
كفَرخ الحُبارَى رأسُه قد تَصَوَّعا(7)
وأرْمَلَةٍ تمشِي بأشْعَثَ مُحْثَلٍ
شبَّهه بفرخ الحُبارَى لأنه قبيحُ المنظر منَتَّفُ الرِّيش.
__________
(1) في الأصل: "من كل بكاء".
(2) هي الحشفة، رأس الذكر.
(3) كذا ورد في الأصل.
(4) البيت من أبيات أربعة في اللسان (حثا) بدون نسبة. ونسب في ديوان الشماخ 107 إلى الجليج ابن شميذ.
(5) المعروف في روايته، كما في المجمل واللسان (حثا، حصن): "لو تآييته". تآييته: قصدته.
(6) أنشده في المجمل. وكذا أنشده ابن دريد في الجمهرة (2: 265)، ونقله عنها في اللسان محرفاً. وديسم: اسم من الأسماء، ترك صرفه للشعر.
(7) البيت في اللسان (حثل) والمفضليات (2: 66).(2/110)
(حثم) الحاء والثاء والميم يدلُّ على شدّةٍ. فالحَثْمَة: الأكَمَة، وبها سمِّيت
حجر
المرأة "حَثْمة". وقال بعضُ أهل اللُّغة: حثَمتُ الشَّيءَ حثْماً: دلكتُه(1).
{باب الحاء والجيم وما يثلثهما}
(حجر) الحاء والجيم والراء أصل واحد مطَّرد، وهو المنْع والإحاطة على الشيء. فالحَجْر حَجْر الإنسان، وقد تكسر حاؤه. ويقال حَجَر الحاكمُ على السَّفيه حَجْراً؛ وذلك منْعُه إيَّاه من التصرُّف في ماله. والعَقْل يسمَّى حِجْراً لأنّه يمنع من إتيانِ ما لا ينبغي، كما سُمِّي عَقْلاً تشبيهاً بالعِقال. قال الله تعالى:
{ هَلْ فِي ذلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ } [الفجر 5]. وحَجْرٌ: قصبَة اليمامة.
والحَجَر معروف، وأحسَِب أنَّ البابَ كلَّه محمولٌ عليه ومأخوذ منه، لشدَّته وصلابته. وقياسُ الجمْع في أدنى العدد أحجار، والحجارة أيضاً له قياس، كما يقال: جمل وجِمالة، وهو قليل. والحِجْر: الفرس الأنثى؛ وهي تصانُ ويُضَنُّ بها. والحاجرُ: ما يُمْسك الماءَ من مكانٍ منْهَبِط، وجمعه حُجْرانٌ(2). وحَجْرة القوم: ناحية دارهم وهي حِماهُم. والحُجْرة من الأبنية معروفة. وحجَّر القَمَرُ، إذا صارت حولَه دارةٌ.
ومما يشتقُّ من هذا قولهم: حَجَّرْتُ عينَ البعير، إذا وسمْتَ حولَها بميسمٍ مستدير. ومَحْجِر العَين: ما يدور بها، وهو الذي يظهر من النِّقاب. والحِجْر:
حجز
حطِيم مَكَّة، هو المُدَار بالبيت. والحِجْر: القرابة. والقياس فيها قياس الباب؛ لأنها ذِمامٌ وذِمارٌ يُحمَى ويُحفَظ. قال:
لَذُو حَسَبٍ دانٍ إليّ وذو حِجْرِ(3)
يُرِيدُونَ أن يُقْصُوهُ عَنِّي وإنّه
__________
(1) قاله ابن دريد في الجمهرة (2: 35)، وقال: "وليس بثبت".
(2) في الأصل: "حجرات".
(3) البيت لذي الرمة في ديوانه 260 واللسان والمجمل (حجر). لكن رواية الديوان: "فأخفيت شوقي من رفيقي". وفي الديوان واللسان: "لذو نسب".(2/111)
والحِجْر: الحرام. وكان الرجل يَلقَى الرجلَ يخافُه في الأشهُر الحُرُم، فيقول: حِجْراً؛ أي حراما؛ ومعناه حرامٌ عليك أن تنالَني بمكروه، فإذا كان يومُ القيامة رأى المشركون ملائكة العذاب فيقولون: { حِجْراً مَحْجُوراً } [الفرقان 22]، فظنُّوا أنّ ذلك ينفعهم في الآخرة كما كان ينفعهُم في الدُّنيا. ومن ذلك قول القائل:
وقال قائلُهم إنِّي بحاجُورِ(1)
حَتى دَعَوْنا بأَرحامٍ لهم سَلَفَتْ
والمحاجر: الحدائق: واحدها مَحْجِر. قال لبيد:
* تُرْوِي المَحَاجِرَ بازلٌ عُلْكومُ(2) *
(حجز) الحاء والجيم والزاء أصلٌ واحدٌ مطَّرد القياس، وهو الحَوْلُ بين الشيئين. وذلك قولهم: حَجَزْتُ بين الرجلين وذلك أن يُمنَع كلُّ واحدٍ منهما مِن صاحبه. والعرب تقول "حَجَازَيْك" على وزن حَنانَيْك، أي احْجُِزْ بينَ القوم وإنما سمِّيت الحجازُ حجازاً لأنها حَجَزَت بين نجدٍ والسَّراة. وحُجْزَة الإزار: مَعْقِده. وحُجْزة السراويل: موضع التِّكَّة. وهذا على التَّشبيه والتمثيل، كأنه حجز بين الأعلى والأسفل. ويقال: "كانت بينَ القوم رِمِّيَّا* ثم صارت إلى
حجف - حجل
حِجِّيزَى"، أي ترامَوْا ثم تحاجَزُوا. فأما قول القائل:
يُحَيَّوْنَ بالرِّيحانِ يومَ السباسبِ(3)
رِقاقُ النِّعال طيِّبٌ حُجُزَاتُهُمْ
وهي جمع حُجْزة، كنايةٌ عن الفُروج، أي إنهم أَعِفّاء.
(حجف) الحاء والجيم والفاء كلمةٌ واحدة لا قياس، وهي الحَجَفَة، وهي الترس الصَّغير يُطارَق بين جِلْدين وتُجعَل منهما حَجَفة. والجَمْع حَجَفٌ. قال:
__________
(1) .البيت في المجمل واللسان (حجر).
(2) سيعيده في ص362. وصدره كما في ديوانه 94 واللسان (حجر).
* بكرت به جرشية مقطورة *
... وفي الأصل: "بلوى المحاجر"، صوابه في المجمل واللسان والديوان.
(3) للنابغة في ديوانه 9 واللسان (حجز، سبسب). والسباسب: يوم عيد عند النصارى. وفي الأصل: "السبائب"، تحريف.(2/112)
وفينا السُّيوفُ وفينا الحَجَفْ(1)
أيمنَعُنا القومُ ماءَ الفرات
(حجل) الحاء والجيم واللام ليس يتقارَبُ الكلامُ فيه إلا من جهةٍ واحدة فيها ضعف، يقال على طريقة الاحتمال والإمكان إنه شيءٌ يطيف بشيء. فالحِجْل الخَلْخال، وهو مُطِيفٌ بالسَّاق. والحَجَلة: حَجَلة العَرُوس. ومرّ فلانٌ يَحْجُِلُ في مِشْيته، أي يَتبختر. وهو قياسُ ما ذكرناه، كأنه يُدور على نفْسه. وتحجيل الفَرَس: بياضٌ يُطيف بأرساغه. والحَوْجلَة: القارورة. قال الراجِز(2):
قَلْتَانِ في صَفْحِ صَفاً منْقُورِ
كأنَّ عينَيْهِ من الغُؤُورِ
أذاكَ أم حَوْجَلَتَا قَارُورِ
وقال علقمة:
* كأَنَّ أعيُنَها فيها الحواجيلُ(3) *
حجف - حجل - حجا
ومما شذّ عن الباب الحَجَلُ، هذا الطائر. ومن الباب قول الأصمعيّ: حجَّلت العينُ: غارت.
(حجم) الحاء والجيم والميم أصلٌ واحد، وهو ضربٌ من المنْع والصَّدْف(4). يقال أحجَمْتُ عن الشيء، إذا نكَصْتَ عنه. وحُجِمَ البعيرُ، إذا شُدَّ فمُه بأدَمٍ ولِيف.
ومما شذَّ عن الباب الحَوْجَمَة: الوردة الحمراء، والجمع حَوْجَم. والحَجْم: فِعل الحاجم.
(حجن) الحاء والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيَل. فالحَجَن اعوجاجُ الخشبة وغيرها. والمِحْجَن: خشبةٌ أو عصا معَقّفة الرأس. واحتجَنْتُ بها الشيءَ: أخَذْتُه. ويقال للمخاليب المعقّفة حَجِنات. قال العجّاج:
* بحَجِناتٍ يتثَقَّبْن البُهَرْ(5) *
وهي الأوساط. وأَحْجَنَ الثُّمام: خرجت خُوصَتُه؛ ولعلَّها تكونُ حَجْناء. واحتجَنْتُ الشيءَ لنفسي، وذلك إمالتُك إيّاه إلى نَفْسك. ويقولون: احتجن عليه حَجْنة، كما يقال حَجَرَ عليه.
__________
(1) البيت من أبيات رواها نصر بن مزاحم في وقعة صفين 184.
(2) هو العجاج. ديوانه 27 واللسان (حجل).
(3) لم يرد في ديوان علقمة. وأنشده في اللسان (حجل) بدون نسبة.
(4) يقال صدف عن الشيء يصدف صدفاً وصدوفاً.
(5) ديوان العجاج 17.(2/113)
ومن الباب قولهم غَزْوةٌ حَجُونٌ، وذلك إذا أظهرْتَ غَيْرَها ثم مِلْتَ إليها(1). ويقال غزاهم غَزْواً حَجُوناً.
(حجا) الحاء والجيم والحرف المعتل أصلان متقاربان، أحدهما إطافةُ الشيءِ بالشيء وملازمتُه، والآخر القصد والتعمُّد.
حجا
فأما الأول فالحَجْوَةُ وهي الحَدَقة، لأنها مِن أَحْدَقَ بالشيء. ويقال لنواحي البلاد وأطرافِها المحيطةِ بها أَحْجاءٌ قال ابنُ مُقْبِل:
يُبنَى له في السَّمواتِ السّلاليمُ(2)
لا يحْرِز المرءَ أَحْجاءُ البلادِ ولا
ومحتملٌ أن يكون من هذا الباب الحَجَاة، وهي النُّفَّاخة تكون على الماء من قَطْر المطر، لأنها مستديرة.
والأصل الثاني قولهم: تحجَّيت الشيءَ، إذا تحرَّيْتَه وتعمّدتَه. قال ذو الرمة:
* فجاءَتْ بأغْباشٍ تَحَجَّى شَرِيعةً(3) *
ويقولون حَجِيتُ بالمكان وتحجَّيت به. قال:
* حيث تَحَجّى مُطرِقٌ بالفالِقِ(4) *
والحَجْوُ بالشيء: الضَّنُّ به؛ يقال حَجِئتُ به أي ضَنِنْت. وبه سمِّي الرجل حَجْوة. وحَجَأت به: فرحت. وقد قلنا إنّ البابين متقاربان، والقياس فيهما لمن نَظَرَ قياسٌ واحد.
فأمّا الأُحجِيَّة والحُجَيَّا، وهي الأُغلُوطة يتعاطاها الناس بينهم، يقول أحدهم: أُحاجيك ما كذا؛ فقد يجوز أن يكون شاذّاً عن هذين الأصلين، ويمكن أن يُحمَل عليهما، فيقال أحاجيك، أي اقصُدْ وانظُرْ وتعمَّد لِعِلم ما أسألك
حجب
عنه.ومنه أنتَ حَجٍ أن تفعل كذا، كما تقول حرِيٌّ.
__________
(1) في اللسان: "الغزوة الحجون: التي تظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع وتقصد إليها".
(2) البيت في المجمل واللسان (حجا).
(3) في الديوان: 536: "تحرى شريعة". وعجزه كما في الديوان واللسان (حجا):
* تلادا عليها رميها واحتبالها *
(4) الفالق: اسم موضع. والبيت لعمارة بن أيمن الربائي، كما في اللسان (حجا 181). وقد أنشده في نهاية مادة (فلق) بدون نسبة.(2/114)
(حجب) الحاء والجيم والباء أصل واحد، وهو المنع. يقال حجبته عن كذا، أي منَعتُه. وحِجابُ الجَوْف: ما يَحْجُبُ بين الفُؤاد وسائر الجَوْف. والحاجبان العظمان فوق العينين بالشّعَْر واللّحم. *وهذا على التشبيه، كأنهما تحجبان شيئاً يصل إلى العينين. وكذلك حاجبُ الشّمس، إنما هو مشبَّهٌ بحاجب الإنسان. وكذلك الحَجَبة: رأس الوَرِك، تشبيهٌ أيضاً لإشرافِهِ.
{باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف}
وقد مضى فيما تقدم من هذا الكتاب أنّ الرباعيَّ وما زاد يكون منحوتاً، [و] موضوعاً كذا وضعاً من غير نحت.
فمن المنحوت من هذا الباب (الحُرْقُوف): الدابة المهزول، فهذا من حرف وحقف. أمّا الحَرْف فالضَّامر مِن كلِّ شيء، وقد مرَّ تفسيره. وأما حقف فمنه المُحْقَوْقِف، وهو المنحنِي، وذلك أنَّه إذا هُزِلَ احدَوْدَب، كما يقال في الناقة إذا كانت تلك حالها حَدْباءُ حِدْبار.
ومنه (الحُلْقُوم) وليس ذلك منحوتاً ولكنّه مما زيدت فيه الميم، والأصْل الحلْق، وقد مرَّ. والحَلْقَمة: قطع الحُلْقُوم.
ومنه (المُحَلْقِنُ) من البُسْر، وذلك أنْ يبلُغ الإرطاب ثلُثَيْه. وهذا ممّا زِيدت فيه النون، وإنما هو من الحَلْق، كأنّ الإرْطاب إذا بلغ ذلك الموضعَ منه فقد بَلَغَ إلى حَلْقِه. ويقال له الحُلْقَان، الواحدة حُلْقَانة.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف
ومنه (حَرْزَقْتُ)(1) الرّجلَ: حبستُه، وهذا منحوتٌ من حَزَقَ وحَرَزَ، من قولهم أحرزت الشيء فهو حريز. والحَزْقُ فيه ضربٌ من التشديد، كما يقال حَزَقْتُ الوَتَرَ وغيرَه. قال الأعشى:
* بِسَاباطَ حتَّى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ(2) *
__________
(1) يقال حرزق، بتقديم الراء، وحزرق بتقديم الزاي، وهما بمعنى.
(2) ديوان الأعشى 147 واللسان (حزرق)، وقد نص فيه على رواية "محرزق". وصدره:
* فذاك وما أنجى من الموت ربه *(2/115)
ومنه (الحبجر(1))، وهو الوتر الغليظ، ويقال في غير الوتر أيضاً، والحاء فيه زائدة، وإنما الأصل الباء والجيم والراء. وكلُّ شديد عظيمٍ بَجْرٌ وبُجْر. وقد مَرَّ.
ومنه (الحِسْكل): الصِّغار مِن كلِّ شيء. وهذا ممّا زِيدت فيه الكاف، وإنما الأصل الحِسْل. يقال لولد الضبِّ حسْل.
ومنه (الحَقَلَّد(2))، وهو البخيل الشديد، واللام فيه زائدة. وهو من أحقد القومُ، إذا لم يصِيبوا من المَعْدِن شيئاً. ويقال الحَقَلّدُ الآثِم(3). فإن كان كذا فاللام أيضاً زائدة، وفيه قياسٌ من الحِقْد، والله أعلم.
ومنه (الحَذْلَقة)، وأظنُّها ليست عربيةً أصلية، وإنما هي مولَّدة واللام فيها زائدة. وإنما أصله الحِذْق. والحَذْلقة: ادّعاء الإنسان أكثَرَ مما عنده، يريد إظهار حِذْق بالشيء.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف
ومن ذلك (احرَنْجَمَت) الإبل، إذا ارتدَّ بعضُها على بعض. واحرنجم القومُ، إذا اجتمعوا. وهذه فيها نون وميم، وإنما الأصل الحَرَجُ، وهو الشجر المجتمع الملتف، وقد مرّ اشتقاقُهُ وقياسُه.
ومن ذلك رجل (مُحَصْرَمٌ): قليلُ الخَيْر. والأصل أنّ الميم زائدة، وإنما هو من الحَصُور والحَصِر.
ومن هذا الباب (الحِصْرِم). ومنه (الحِثْرِمَة) وهي الدائرة التي تحت الأنف وَسَطَ الشفةِ العُلْيا. وهذه منحوتةٌ من حَثَم وثرم. فحثم من الجمع؛ وثَرَم من أن ينثرم الشيء.
ومن ذلك (الحِنْزَقْرَة)، وهو القَصير. وهذا من الحزق والحَقْر، مع زيادة النون. فالحَقْر من الحَقارة والصِّغر، والحزق كأن خَلْقَه حُزِق بعضُه إلى بعض.
__________
(1) يقال على وزان قمطر ودرهم.
(2) الحقلد، كعملس. وفي الأصل: "الحلقد" وليس مراداً، إذ الحلقد كزبرج: السيئ الخلق الثقيل الروح، ومثله الحقلد بوزن زبرج.
(3) في الأصل: "الحلقد"، وانظر التنبيه السابق. وفي قول زهير:
بنكهة ذي قربى ولا بحقلد
تقيّ نقيّ لم يكثر غنيمة(2/116)
ومن ذلك (الحَلْبَس)، وهو الشُّجاع. وهذا منحوتٌ من حَلَسَ وحَبَسَ. فالحِلْس: اللازم للشيء لا يفارقه، والحَبْس معروف، فكأنه حَبَس نَفْسه على قِرْنه وحَلِسَ به لا يفارقُه. ومثله: (الحُلابِس). قال الكميت:
به حَلْبَساً عند اللِّقاء حُلابِسا(1)
فلما دنَتْ للكاذَتَيْنِ وأحْرَجَت
ومن ذلك (تَحَتْرَشَ) القومُ: حَشَدُوا، والتاء فيه زائدة، وإنما الأصل الحرش والتحريش، وقد مرَّ. وفيه أيضاً أن يكون من حَتَر، وأصله حَتَار الخَيمة وما أطاف بها من أذيالها، فكذلك *هؤلاء تجمَّعُوا وأطافَ بعضُهم ببعض، فقد صارت الكلمة إذاً من باب النحت.
ومن ذلك (الحَوْأَبُ): الوادي الواسع العَُرض، والحاء فيه زائدة، وإنّما
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف
الأصل الوأْب، والوأْبُ الواسع المقعَّر من كلِّ شيء.
ومن ذلك (الحُمَارِس)، وهو الرّجُل الشّديد. وهذه منحوتةٌ من كلمتين، من حَمَس ومَرَس. فالمَرِسُ المتمرِّس بالشيء، والحمَِسُ الشديد. وقد مضى شرْحُه.
ومن ذلك (المُحدْرَج)، وهو المفتول حتَّى يتداخَلَ بعضُه في بعض فَيَمْلاَسَّ وهي منحوتةٌ من كلمتين، من حدر ودرج. فحدر فَتَل، ودَرَج من أدرجت.
ومن ذلك (حَضْرَمَ) في كلامه حَضْرَمَةً، فقد قيل كذا بالضّاد. فإنْ كانت صحيحةً فالميم زائدة، كأنه تَشَبَّهَ بالحاضرة الذين لا يُقيمونَ إعرابَ الكلام. والحَضْرَمة: مخالفة الإعراب واللَّحنُ.
__________
(1) البيت في اللسان (كوز، حلبس). والكاذتان: ما نتأ من اللحم أعالي الفخذ. وأحرجت بالحاء المهملة، وفي الأصل: "أخرجت"، تحريف.(2/117)
ومن ذلك (المُحَمْلَج)، وهو الحَبْلُ الشَّديد الفَتْل. وهذا عندِي من حمج، فاللام زائدة. فحمج جنسٌ من التّشديد، نحو حَمّج الرّجلُ عينَيه إذا حَدَّق وأحَدَّ(1) النّظَر. وقد مضى ذكره. وعلى هذا يحمل (الحِمْلاج)، وهو مِنْفاخُ الصَّائغ. والحملاج: قَرْنُ الثَّور. قال رؤبة في المحَمْلَج:
* مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدراجَ الطَّلَقْ(2) *
وهذا ما أمكَنَ استخراجُ قياسِه من هذا الباب. أمّا الذي هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون له قياسٌ خَفِيَ علينا موضعُه. والله أعلم بذلك.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف
فمن ذلك (الحَِنْدِيرَة، والحُنْدُورة): الحَدَقة، والحَِنْدِيرة أجود؛ كذا قال أبو عبيد.
والحَرْقَفَةُ: عَظْم الْحَجَبَة، وهو رأس الورِك.
ومنه (الحِمْلاق) وهو ما غطّتْه الجفونُ من بياض المُقْلة. ويقال حَمْلَق، إذَا فَتَح عينَه ونَظَر نَظَراً شديداً.
و(الحُرْقُوص) دويْبَّة. و(الحَبَلَّقُ): جماعة الغنَم. و(الحَبَرْكَى): الطويل الظَّهر القصير الرِّجْلين. و(الحُرْجُل): الطويل. و(الحَرْجَفُ): الرِّيح الباردة. و(الحَشْرَجَة): تردُّد صوت النَّفَس. و(الحَشْرَجَة): حُفَيْرة تُحفَر كالحِسْيِ. و(الحَشْرَجُ): كوزٌ صغير. و(حَرْشَفُ) السِّلاحِ: ما زُيِّن به.
و ( الحَفَلَّج): الرَّجُل الأفْحَج. و(الحيفس(3)): القصير. وكذلك (الحَفَيْسَأ).
و(الحَزَوَّر): الغلام اليافع. و(الحَزْوَرَةُ): تلٌّ صغير.
(والحَنَاتِم): سحائب سُودٌ. وكلُّ أسودَ حَنْتمٌ. وكذلك الخُضْرُ عِند العرب سُودٌ، ومنها سمّيت الجِرَار حَناتِمَ، وكانت الجِرارُ في الجاهليَّة خُضْراً، فسمَّتْها العربُ حَنَاتم.
__________
(1) في الأصل: "وأشد".
(2) ديوان رؤبة 104 واللسان (حملج).
(3) في الأصل: "الحفيس". وصوابه الحيفس، بفتح الحاء والفاء، وكهزبر.(2/118)
(وحَبَوْكَر(1)): الدَّاهية.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف
ويقال (احْبَنْطَى)، إذا انتفَخَ كالمُتَغضِّب. وهذه الكلمة قد مرَّ قياسُها في الحَبَط.
ويقال مالِي من هذا الأمر (حُنْتَالٌ(2))، أي بُدٌّ.
و(الحُنْظَب): الذَّكر من الجَرَاد. و(الحُرْبُث(3)): نبتٌ. و(حَضاجِرُ): الضَّبع. (والْحَزَنْبَلُ) و(الحَبْرَكَل): القصير.
والأصل في هذه الأبواب أنَّ كلَّ ما لم يصحَّ وجهُه من الاشتقاق الذي نذكره فمنظورٌ فيه، إلاّ [ما] رواه الأكابر الثقات. والله أعلم.
ـــــــ
(تم كتاب الحاء)
خد - خر
كتاب الخاء
{باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء في المضاعف
والمطابق والأصم(4)}
(خد) الخاء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو تأسُّلُ الشَّيءِ وامتدادُه إلى السُّفل. فمن ذلك الْخَدّ خدّ الإنسان، وبه سُمِّيت المِخَدّة. والخَدُّ: الشَّقّ. والأخاديد: الشُّقوق في الأرض. والتخدُّد: تخدُّد اللَّحم من الهُزال. وامرأة متخدِّدة: مهزولة. والخِدَادُ: مِيسمٌ من المياسِم، ولعلَّه يكون في الخدّ؛ يقال منه بعيرٌ مخدود.
(خر) الخاء والراء أصلٌ واحدٌ، وهو اضطرابٌ وسُقوطٌ مع صوتٍ. فالخَريرُ: صوتُ الماء. وعينٌ خَرّارة. وقد خَرَّتْ تخُِرّ. ويقال للرّجُل إذا اضطرَبَ بطنُه قد تخَرْخَر. وخَرَّ، إذا سقَطَ. قال أبو خراش، يصفُ سيفا:
يخُِرُّ تخالُه نَسْراً قَشِيبا(5)
بِهِ أدَعُ الكَمِيَّ على يدَيْهِ
__________
(1) يقال للداهية حبوكر، وأم حبوكر، وحبوكرى، وأم حبوكرى، وأم حبوكران، والحبوكرى.
(2) يقال حنتأل وحنتال، بالهمز وبدونه.
(3) في الأصل: "الحرتب"، وفي المجمل: "الحربت"، والوجه ما أثبت.
(4) في الأصل: "والمطابق أولاً". وانظر ما سبق في كتاب الثاء.
(5) من قصيدة في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 57، ونسخة الشنقيطي 70. والبيت في اللسان (قشب). ويروى: "به ندع".(2/119)
قشيبٌ: قد خلِطَ له السّمُّ بِطُعْم؛ يقال قَشَب له، إذا خَلَطَ له السّمّ. وإنَّما يُفْعَل ذلك ليُصادَ به، ومثله لطفيل:
خز
إلى وَكْرِه وكلِّ جَوْنٍ مُقَشَّبِ(1)
كساهَا رَطيبَ الرِّيشِ مِن كلِّ ناهضٍ
المقَشَّب: نَسْرٌ قد جُعِل له القَِشْبُ في الجِيَف ليُصادَ. ناهِضٌ: حديثُ السّنّ. والنَّسر إذا كَبِرَ اسوَدّ. وتقول: خرّ الماءُ الأرضَ: شَقّها. والأخِرَّةُ، واحدها، خَرير، وهي أماكنُ مطمئنَّةٌ بين الرَّبْوَين تنقاد. وقال الأحمر:
سمِعت [بعض] العرب ينشد بيتَ لبيدٍ:
* بأخِرَّة الثَّلَبُوتِ(2) *
والخُرُّ من الرَّحى: الموضع الذي تُلقَى فيه الحنطة. وهو قياس الباب؛ لأنَّ الحبَّ يَخُِرّ فيه. وخُرُّ الأذُن: ثَقْبُها: مشبَّهٌ بذلك.
(خز) الخاء والزاء أصلان: أحدهما أنْ يُرَزَّ شيءٌ في آخر، والآخر جنسٌ من الحيوان.
فالأوّل الخزُّ خَزُّ الحائط، وهو أن يشوَّك. ويقال خَزَّهُ بسهمٍ، إذا رماه به وأثبَتَه فيه. وطعَنَهُ بالرُّمح فاختَزَّهُ(3). قال ابن أحمر:
* حتَّى اختْزَزْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ(4) *
فأمّا قولُهم بعيرٌ خُزَخِزٌ، أي شديد، فهو من الباب؛ لأنَّ أعضاءهَ كأنّها خُزَّت خَزَّاً، أي أُثبِتَتْ إثباتاً.
خس - خش
والأصل الثاني: الخُزَز: الذّكَر من الأرانب، والجمع خِزّانٌ. قال:
مُعْطٌ مُخَدَّمَةٌ من الخِزَّانِ(5)
وبنو نُويجِيَةَ اللَّذُونَ كأنهم
(خس) الخاء والسين أصلان: أحدهما حقارة الشيء، والآخر تداوُلُ الشيء.
__________
(1) ديوان طفيل 13 برواية: "كُسِيْنَ ظهار الريش".
(2) من بيت في معلقة لبيد ويروى: "بأحزة". والبيت بتمامه:
قفر المراقب خوفها آرامها
بأخرة الثلبوت يربأ فوقها
(3) في الأصل: "فاختز"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.
(4) في المجمل واللسان: "لما اختززت". وصدره في الاشتقاق 318:
* نبذ الجوار وضل هدية روقه *
(5) المخدمة: التي في ساقها عند موضع الرسغ بياض. والبيت في المجمل.(2/120)
فالأوّل: الخسيس: الحقير؛ يقال خَسَّ الرجُل نفسُه وأخَسَّ، إذا أتَى بفعلٍ خسيس. ومن هذا الباب جاوَزَتِ النّاقةُ خَسِيسَتَها، إذا جاوَزَتْ سِنّ الحِقّة والجَذَعةِ والثَّنِيَّةِ ولحِقَت بالبُزُول. وهو القياس؛ لأنّ كلَّ هذه الأسنانِ دونَ البُزُول.
والأصل الثاني قول العرب: تَخَاسَّ القَوْمُ الأمرَ، إذا تداوَلُوه وتسابَقُوه، أيُّهم يأخذُه(1). ويقال: هذه الأمورُ خِساس بينهم، أي دُوَل. قال ابن الزّبعرى:
وبناتُ الدّهرِ يلعَبْنَ بكُلّ(2)
والعطيّات خِساسٌ بينهم
(خش) الخاء والشين أصلٌ واحد، وهو الوُلوج والدُّخول. يقال: خَشَّ الرّجُلُ في الشّرّ: دخل. ورجل [مِخَشٌّ: ماضٍ(3)] جَريءٌ على اللَّيل. والخَشَّاء: موضِعُ الدَّبْرِ؛ لأنّه ينخشُّ فيه. قال ذو الإصبع:
خص
ـاءَ إذا مُسّ دَبْرُه لَكعَا(4)
إمَّا تَرَى نَبْلَهُ فخَشْرَمُ خَشَّـ
ومن الباب الخَشْخاش: الجماعة؛ لأنَّهم قومٌ يجتمعون ويتداخَلون. قال الكميت:
* وهَيْضَلُها الخشخاشُ إذْ نزلوا(5) *
__________
(1) في الأصل: "إياهم يأخذوه". والكلمة ذكرت في القاموس ولم ترد في اللسان.
(2) الحق أن البيت ملفق من بيتين، وهما كما في السيرة 616 جوتنجن:
وسواء قبر مثر ومقل
والعطيات خساس بينهم
وبنات الدهر يلعبن بكل
كل عيش ونعيم زائل
(3) التكملة من اللسان.
(4) البيت في المجمل واللسان (خشش، لكع)، وسيعيده في (لكع).
(5) قطعة من بيت في اللسان (خشش، فلق). وهو بتمامه:
قيس وهيضلها الخشخاش إذ نزلوا
في حومة الفيلق الجأواء إذ ركبت
... وقد استشهد بهذه القطعة بدون نسبة في اللسان (هضل).(2/121)
والخشُّ: أن تجعل الخِشاش في أنْف البعير. يقال خَشَشْتُه فهو مخشوشٌ، ويكون مِن خَشَب. وخَشاش الأرض(1): دوابُّها. فأمّا الرجُل الخَِشاشُ الصغيرُ الرأسِ فيقال بالفتح والكسر. وهو القياس، لأنّه ينْخَشُّ في الأمر بحقه. قال طرفة:
خَِشاش كرأسِ الحَيّة المُتَوَقّدِ(2)
أنا الرَّجُلُ الضّربُ الذي تعرفونني
ومن الباب، وهو في الظاهر يبعُد من القياس، الخُشَشَاوانِ: عظمان ناتيان خلْفَ الأذُنين. ويقال للواحد خُشَّاء(3) أيضاً. ولم يجيء في كلام العرب فُعْلاء مضمومة الفاء ساكنة العين إلاّ هذه وقُوباء، والأصل فيها التحريك.
(خص) الخاء والصاد أصلٌ مطّرد منقاس، وهو يدلُّ على الفُرْجة والثُّلمة. فالخَصَاص الفُرَج بين الأثافيّ. ويقال للقمر: بدا من خَصَاصة السّحاب. قال ذو الرُّمّة:
خض
كَلاَ وانغلَّ سائِرُه انغِلالا(4)
أصَابَ خَصَاصَهُ فبَدَا كليلاً
والخَصَاصة: الإملاق. والثُّلْمة في الحال.
ومن الباب خَصَصْت فلاناً بشيءٍ خَصُوصِيَّةً، بفتح الخاء(5)، وهو القياس لأنّه *إذا أُفرِد واحدٌ فقد أوقَع فُرْجَةً بينه وبين غيره، والعموم بخلاف ذلك. والخِصِّيصى: الخَصوصية.
(خض) الخاء والضاد أصلان: أحدهما قِلَّة الشيء وسَخافته، والآخر الاضطراب في الشَّيءِ مع رطوبةٍ.
فالأول الخَضَض: [الخرز(6)] الأبيض يَلْبَسُه الإماء. والرّجُل الأحمق خَضَاض. ويقال للسَّقَط من الكلام خَضَضٌ. ويقال: ما على الجارية خَضَاضٌ، أي ليس عليها شيءٌ من حَلْيٍ. والمعنى أنّه ليس عليها شيءٌ حَتَّى الخَضَض الذي بدأْنا بذكره. قال الشاعر:
__________
(1) ظاهر قوله أنه يعني ضبط الخشاش، بالفتح. وفي المجمل: "وخشاش الأرض بالفتح: دوابها".
(2) البيت في معلقة طرفة.
(3) يقال خشاء. وخششاء.
(4) ديوان ذي الرمة 434. كلا، أي كسرعة قولك: "لا".
(5) ويقال بضمها أيضاً، كما في اللسان والقاموس.
(6) التكملة من المجمل واللسان.(2/122)
لُقلتَ غَزَالٌ ما عليه خَضَاضُ(1)
ولو بَرَزَتْ من كُفَّةِ السّتْرِ عاطلاً
وأمّا الأصل الآخَر فتَخَضْخض الماء. والخَضْخاض: ضربٌ من القَطِران. ويقال نبت خُضَخِضٌ، أي كثير الماء. تقول: كأنّه يتخضخضُ من رِيِّه.
وقد شّذ عن الباب حرفٌ واحدٌ إن كان صحيحاً، قالوا: خاضَضْتُ فلاناً إذا بايعتَه مُعارَضة(2). وهو بعيدٌ من القياس الذي ذكرناه.
خط - خف
(خط) الخاء والطاء أصلٌ واحد؛ وهو أثَرٌ يمتدُّ امتداداً. فمن ذلك الخطُّ الذي يخطُّه الكاتب. ومنه الخطّ الذي يخطُّه الزَّاجر. قال الله تعالى: { أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ } [الأحقاف 4]، قالوا: هو الخَطُّ. ويُروَى: "إنّ نبيّاً من الأنبياء كان يَخُطّ فمن خَطَّ مِثلَ خَطِّه عَلِمَ مثلَ عِلْمه". ومن الباب الخِطَّة الأرض يختطُّها المرءُ لنفسه؛ لأنّه يكون هناك أثرٌ ممدود. ومنه خَطُّ اليمامة، وإليه تُنسَب الرِّماحُ الخَطِّيّة. ومن الباب الخُطَّة، وهي الحال؛ ويقال هو بخُطَّةٍ سَوْء، وذلك أنه أمرٌ قد خُطَّ له وعليه. فأمّا الأرضُ الخطيطة، وهي التي لم تُمْطَر بينَ أرضينِ ممطورَتَين، فليس من الباب، والطاء الثانية زائدة، لأنَّها من أخطأ، كأنَّ المطر أخْطَأَها. والدليل على ذلك قولُ ابن عبّاس: "خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها"، أي إذا مُطِر غيرُها أخْطَأَ هذه المطرُ فلا يُصيبُها.
وأمّا قولهم: "في رأس فلانٍ خُطْيةٌ(3)" فقال قوم: إنَّما هو خُطَّة. فإن كان كذا فكأنّه أمرٌ يُخَطّ ويؤَثَّر، على ما ذكرناه.
__________
(1) أنشده أيضاً في المجمل. وجاء في اللسان برواية: "ولو أشرفت".
(2) وكذا في تصحيحات القاموس. وفي بعض نسخه: "معاوضة". واللفظ وتفسيره لم يرد في اللسان.
(3) روي في اللسان (خطط): "خطية" بالياء، ثم قال: "والعامة تقول: في رأسه خطية. وكلام العرب هو الأول".(2/123)
(خف) الخاء والفاء أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يخالف الثِّقَل والرَّزانة. يقال خَفَّ الشّيءُ يَخِفُّ خِفَّةً، وهو خفيف وخُفَافٌ. ويقال أَخَفَّ الرّجُل، إذا خَفّت حالُه. وأخَفَّ، إذا كانت دابّتُه خفيفةً. وخَفَّ القومُ: ارتحلوا. فأمّا الخُفُّ فمن الباب لأنّ الماشيَ يَخِفُّ وهو لابِسُه. وخُفُّ البَعير منه أيضاً. وأمّا الخُفُّ في الأرض وهو أطول من النَّعل(1) فإنّه تشبيهٌ. [وَ] الخِفُّ: الخَفِيف. قال:
خق - خل
ويُلْوِي بأثواب العَنيفِ المُثقَّلِ(2)
يزِلُّ الغُلامُ الخِفُّ عَنْ صَهَواتِهِ
فأمّا أصوات الكلاب(3) فيقال لها الخَفْخفة، فهو قريبٌ من الباب.
(خق) الخاء والقاف أصلٌ واحد، وهو الهَزْم في الشَّيء والخَرْق. فمن ذلك الأُخْقُوق، ويقال الإخْقِيق، وهو هَزْم في الأرض، والجمع الأخاقيق. وجاء في الحديث: "في أخاقِيقِ جُِرْذانٍ". والإخْقاق: اتَّساع خَرْق البَكَرة. ومن هذا قولُهم: أتانٌ خَقُوقٌ، إذا صوَّت حياؤُها. ويقال للغَديرِ إذا نَضَبَ وجَفَّ ماؤُه وتَقَلفَعَ(4): خَُقٌّ(5). قال:
* كأَنَّما يَمْشِين في خَُقّ يَبَسْ(6) *
__________
(1) في اللسان: "والخف في الأرض أغلظ من النعل".
(2) لامرئ القيس في معلقته المشهورة.
(3) في المجمل: "وخفخفة الكلاب أصواتها عند الأكل".
(4) ذكروا أن "القلفع"، كزبرج ودرهم: ما يتفلق من الطين ويتشقق. ولم يذكر هذا الفعل في اللسان والقاموس في مادة (قلفع) وذكر في اللسان في مادة (خقق) عند تفسيره "الخق".
(5) ضبط في اللسان والقاموس بالفتح. وضبط في الأصل والمجمل بالضم. وزاد في المجمل: "ويقال خق أيضاً"، يعني بفتح الخاء.
(6) البيت في المجمل واللسان (خقق).(2/124)
(خل) الخاء واللام أصلٌ واحد يتقارب فروعُه، ومرجعُ ذلك إمَّا إلى دِقَّةٍ أو فُرْجة. والبابُ في جميعِها متقاربٌ. فالخِلال واحد الأخِلَّة. ويقال فلانٌ يأكل خِلَلَه وخُلالته، أي ما يُخْرِجُه الخِلالُ من أسنانه. والخَلُّ خَلُّكَ الكِساءَ على نفسك بالخِلال. فأمّا الخليلُ الذي يُخَالُّك، فمِن هذا أيضاً، كأنَّكما قد تخالَلتُما، كالكِساء الذي يُخَلُّ.
ومن الباب الرجل الخَلُّ، وهو النَّحيف* الجِسم. قال:
خم
* إمّا تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ(1) *
وقال الآخر:
إنَّ جِسمي بَعْدَ خالي لَخَلُّ(2)
فاسقِنيها يا سوادَ بن عمروٍ
ويقال لابن المَخَاض خَلٌّ، لأنه دقيق الجسم. والخَلُّ: الطَّريق في الرَّمل لأنّه يكون مُستَدِقّاً. ومنه الخَلاَل، وهو البَلَح.
فأمَّا الفُرجة فالخَلَل بينَ الشَّيئين. ويقال خَلَّل الشيءَ، إذا لم يَعُمّ. ومنه الخَلَّة الفَقْر؛ لأنه فُرْجة في حالِه. والخليل: الفقير، في قوله:
يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرَِمُ(3)
وإنْ أتاهُ خليلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ
والخِلَّة: جَفْن السَّيف، والجمعُ خِلَلٌ. فأما الخِلَل وهي السُّيور التي تُلْبَسُ ظُهورَ السِّيَتَيْنِ(4) فذلك لدِقَّتها، كأنَّ كلّ واحدةٍ منها خِلّة(5). والخَلّ: عِرْقٌ في العُنُق مُتَّصلٌ بالرأس. والخَلْخَال من الباب أيضاً، لدقّتِه.
__________
(1) البيت في اللسان (رهن). والراهن، بالراء: المهزول.
(2) البيت ينسب إلى تأبط شراً، أو ابن أخته الشنفرى، أو خلف الأحمر. انظر حماسة أبي تمام
(1: 342) واللسان (خلل).
(3) البيت لزهير في ديوانه (153) واللسان (خلل، حرم).
(4) السيتان: مثنى سية، وهي ما عطف من طرف القوس. وفي الأصل: "الستين".
(5) في الأصل: "خلالة".(2/125)
(خم) الخاء والميم أصلان: أحدهما تغيُّر رائحةٍ، والآخر تنقية شيء. فالأول: قولُهم خَمَّ اللّحمُ، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه. والثاني: قولُهم خُمّ البيتُ إذا كُنِسَ. وخُمَامة البئرِ: ما يُخَمُّ من تُرابها إذا نُقِّيت. وبيتٌ مخمومٌ: مكنوس. ويقال هو مخموم القلبِ، إذا كان نقيَّ القَلْب من كل غِشٍّ ودَخَْل.
خن - خأ - خب
(خن) الخاء والنون أصلٌ واحد، وهو حكايةُ شيءٍ من الأصوات بضعف. وأصله خَنَّ، إذا بكى، خنيناً. والخَنْخَنَةُ: أن لا يُبِين الكلامَ. ويقال الخُنان في الإبل كالزُّكام في الناس. والْخُنّة كالغُنّة. ويقال الخنين: الضَّحِك الخفيّ. ويقولون إنّ المَخَنّة الأنف. فإنْ كان كذا فلأنه موضع الخُنّة، وهي الغُنّة. ويقال وطئ مَِخَنَّتَه، أي أذلَّه(1)، كأنه وضع رجلَيه على أنفه.
(خأ) الخاء والهمزة الممدودة ليست أصلاً ينقاس، بل ذُكِر فيه حرفٌ واحد لا يُعرَف صحته. قالوا: خاءِبك علينا، أي اعجَل. وأنشدُوا للكميت:
* بِخاءِبك الحَقْ يَهْتِفُون وحَيَّ هَلْ(2) *
(خب) الخاء والباء أصلان: الأول [أن] يمتدّ [الشيء] طولاً، والثاني جنسٌ من الخِداع.
فالأول الخَبيبة والْخُبَّةُ: الطريقة تمتدُّ في الرَّمل. ثم يشبّه بها الخِرْقَة التي تُخْرَقُ طُولاً. ويُحمَل على ذلك الخَبِيبة من اللَّحم، وهي الشَّرِيحة منه.
وأما الآخَر فالخِبُّ الخِداع، والخَِبُّ الخَدَّاع. وهذا مشتقٌّ من خَبَّ البَحْرُ اضطَرَبَ. وقد أصابهم الخِبُّ.
ومن هذا الخَبَبُ: ضربٌ من العَدْو. ويقال جاء مُخِبَّاً. ومنه خَبَّ النّبتُ،
خت - خث
إذا يَبِس وتقلَّع(3)، كأنه يَخُبّ، توهَّم أنه يمشي. قال رؤبة:
__________
(1) في اللسان: "ووطئ مِخَنتهم ومَخَنتهم، أي حريمهم".
(2) صدره كما في اللسان (20: 334):
* إذا ما شحطن الحاديين سمعتهم *
... وانظر أمالي ثعلب 554.
(3) في المجمل واللسان والقاموس: خب النبت، ، إذا طال وارتفع.(2/126)
* وخَبَّ أطرافُ السَّفَا على القِيَقْ(1) *
والخَبخَبة: رخاوةُ الشيءِ واضطرابُه. وكل ذلك راجعٌ إلى ما ذكرناه؛ لأنَّ الخَدَّاع مضطربٌ غيرُ ثابت العَقْدِ على شيء صحيح. فأما ما حكاه الفرّاء: [لي(2)] من فلانٍ خَوَابُّ، وهي القَرابات، واحدها خابٌّ، فهو عندي من الباب الأول؛ لأنّه سَبَبٌ يمتدُّ ويتّصل. فأما قولهم "خبْخِبوا عنكم من الظهيرة"، أي أَبرِدُوا فليس من هذا، وهو من المقلوب، وقد مرَّ.
(خت) الخاء والتاء ليس أصلاً؛ لأنّ تاءه مبدلةٌ من سين. يقال خَتِيتٌ: أي خسيس. وأَخَتَّ الله حَظَّه، أي أخَسَّه. وهذا في لغة مَنْ يقول:
مررت بالنَّات، يريد بالناس. وذكروا أنَّهم يقولون: أخَتَّ فلانٌ: استَحْيا. فإن كان صحيحاً فمعناه أنه أتَى بشيء ختيتٍ يَستحيي منه. وأنشدوا:
فإنَّكَ يا وليدُ بهم فخورُ(3)
فمَنْ يكُ مِنْ أوائِلِه مُخِتّاً
أي لا تأتي أنت من أوائلِك بخَتيت.
(خث) الخاء والثاء ليس أصلاً ولا فرعاً صحيحاً يُعَرَّج عليه، ولكنّا نذكُر ما يذكرونه. يقولون: الخُثّ ما أُوخِفَ من أخْثاء البقر وطلِي به شيء، وليس هذا بشيء، ويقال الخُثُّ: غُثَاء السَّيل إذا تركَه السيلُ فيبِس واسوَدَّ.
خج - خدر
(خج) الخاء والجيم أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وخفّةٍ في غير استواء. فيقال ريحٌ *خَجُوجٌ، وهي التي تلتَوِي في هُبوبها. وكان الأصمعيُّ يقول: الخَجُوج الشديدة المَرِّ. ويقال إنّ الخجخجة الانقِباض والاستحياء. وقالوا: خَجْخَجَ الرّجُل، إذا لم يُبدِ ما في نفسه. ويقال اختَجَّ الجملُ في سَيره، إذا لم يستقِمْ. ورجل خَجَّاجَة(4): أحمق. والبابُ كلُّه واحد.
{باب الخاء والدال وما يثلثهما}
__________
(1) ديوان رؤبة 105 والمجمل. وفي الديوان: "واستن أعراف السفا".
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) البيت للأخطل في ديوانه 206 واللسان (ختت).
(4) يقال للأحمق خجاجة وخجخاجة أيضاً.(2/127)
(خدر) الخاء والدال والراء أصلان: الظُّلْمة والسَّتر، والبطء والإقامة.
فالأولُ الخُدَارِيّ الليلُ المُظلِم. والخُدَاريَّة: العُقابُ، لِلونها. قال:
سَحابةُ يومٍ ذي أهاضيبَ مَاطِرِ(1)
خُدَارِيَّةٍ فَتْخاءَ ألْثَقَ ريشَها
ويقال اليومُ خَدِرٌ. والليلة الخَدِرة: المظلِمة الماطرة وقد أَخْدَرْنا، إذا أظَلَّنا المطر. قال:
شَمْسُ النَّهار ألاحَها الإخْدارُ(2)
فيهِنَّ بَهْكَنَةٌ كأنّ جَبِينَها
وقال:
* ويَسْتُرُونَ النَّار من غير خَدَرْ(3) *
ومثله أو قريبٌ منه قول طرفة:
خدش
* كالمَخَاض الجُرْبِ في اليَومِ الخَدِرْ(4) *
ومن الباب الخِدْرُ خِدر المرأة. وأسَدٌ خادر، لأنَّ الأجمةَ له خِدْرٌ.
والأصل الثاني: أخْدَرَ فلانٌ في أهلِه: أقام فيهم. قال:
أَخْدَرَ خَمْساً لم يَذُقْ عَضَاضا(5)
كأنَّ تحتِي بازِياً رَكَّاضا
ومن الباب خَدَرَ الظَّبْيُ: تخلَّف عن السِّرب(6). ويقال الخادر المتحيِّر.
ومن الباب خَدِرت رِجْلُه. وخَدِر الرّجُل، وذلك مِن امْذِلالٍ يعتريه(7).
قال طرفة:
آخِرَ اللَّيل بيَعْفُورٍ خَدِرْ(8)
جازَتِ اللَّيلَ إلى أرحُلِنا
يقول: كأنَّه ناعِسٌ. ويقال للحُمُر بَنَاتُ أخدَرَ، وهي منسوبةٌ إليه، ولهذا تسمَّى الأخدريَّة.
__________
(1) البيت لسلمة بن الخرشب الأنماري، من قصيدة في المفضليات (1: 34-36).
(2) البيت لعمارة، كما في اللسان (خدر 314). وفيه "أكلها الإخدار"، أي أبرزها. وقد روي عجزه في اللسان (خدر 313) برواية "ألاحها الإخدار" كما هنا.
(3) في الأصل: "ويشترون"، صوابه في المجمل واللسان (خدر).
(4) البيت في ديوانه 66 واللسان (خدر، عضض).
(5) الرجز في المجمل واللسان (خدر).
(6) في الأصل: "الترب".
(7) الامذلال: الفترة والخدر.
(8) ديوان طرفة 63 واللسان (خدر). وسيعيده في ص 372.(2/128)
(خدش) الخاء والدال والشين أصلٌ واحد، وهو خَدْشُ الشيءِ للشيء. يقال خَدَشْتُ الشيءَ خدشاً؛ وجمع الخَدْش خُدُوش. ويقال لأطراف السَّفَا الخادشَة؛ لأنّها تَخْدِش. ويقال لكاهل البعير [مِخْدَش(1)]؛ لقلّة لحمِه، وتخديشِه فَمَ مُتَعرِّقِه.
خدع
(خدع) الخاء والدال والعين أصلٌ واحد، ذكر الخليلُ قياسَه. قال الخليل. الإخداع إخفاءُ الشَّيء. قال: وبذلك سُمِّيت الخِزانة المُِخْدع. وعلى هذا الذي ذكر الخليلُ يجري البابُ. فمنه خَدَعْتُ الرَّجُلَ خَتَلْتُه. ومنه: "الحرب خُدَعَةٌ" و"خُدْعَةٌ"(2). ويقال خَدَع الرِّيقُ في الفم، وذلك أنَّه يَخْفَى في الحَلْق وَيغِيب. قال:
* طيِّبَ الرِّيق إذا الرِّيقُ خَدَعْ(3) *
ويقال: "ما خَدَعَتْ بِعَيْنَيْ نَعْسَةٌ"، أي لم يدخل المنامُ في عيني. قال:
ومن يَلْق ما لاقيتُ لابدَّ يأرَقِ(4)
أرِقْتُ فلم تَخْدَع بعينَيَّ نعْسةٌ
والأخدع: عِرْقٌ في سالفة العُنُق. وهو خفيّ. ورجل مخدوعٌ: قُطع أخدَعُه. ولفلان خُلُقٌ خادِعٌ، إذا تخلَّق بغير خُلُقه. وهو من الباب؛ لأنه يُخفِي خلاف ما يُظهره. ويقال: إنَّ الخُدَعَة الدّهرُ، في قوله:
* يا قوم مَنْ عاذِرِي مِن الخُدعَهْ(5) *
وهذا على معنى التَّمثيل، كأنّه يغَرّ ويَخدَع. ويقال: غُولٌ خَيْدَعٌ، كأنها
خدف - خدل - خدم
__________
(1) التكملة من اللسان.
(2) ويقال أيضاً "خدعة" بالفتح.
(3) لسويد بن أبي كاهل في المفضليات (1: 189) واللسان (خدع). وصدره:
* أبيض اللون لذيذاً طعمه *
(4) هو أول قصيدة للممزق العبدي في الأصمعيات 47، وهو في اللسان (خدع).
(5) صدر بيت للأضبط بن قريع، في المعمرين 8. وعجزه فيه:
* والمسى والصبح لا فلاح معه *
... وجعله في الخزانة ( 4: 579) نقلاً عن أمالي القالي ( 1: 108)، وكذا أمالي ثعلب 480 واللسان (خدع)، عجزاً لبيت للأضبط . وصدره في هذه المصادر:
* أذود عن حوضه ويدفعني *(2/129)
تَغتال وتَخدع. وزعم ناسٌ أنّهم يقولون: دينارٌ خادع، أي ناقص الوزْن. فإنه كان كذا فكأنَّه أرَى التَّمامَ وأخفى النُّقصانَ حتَّى أظهره الوزنُ. ومن الباب الخَيْدَعُ، وهو السَّراب(1)، والقياس واحد.
(خدف) الخاء والدال والفاء أصلٌ واحد. قال ابن دريد(2): "الخَدْف السُّرْعة في المشْي، ومنه اشتقاق خِنْدِفَ".
(خدل) الخاء والدال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الدِّقَّة واللِّين. يقال امرأة خَدْلَةٌ، أي دقيقةُ العِظام وفي لحمها امتلاء، وهي بَيِّنَة الخَدَل والْخَدَالة. وذُكر عن السِّجستاني عِنَبَة خَدْلةٌ، أي ضَئِيلة(3).
(خدم) الخاء والدال والميم أصلٌ واحدٌ منقاس، وهو إطافة الشَّيء بالشيء. فالخَدَم *الخلاخيل، الواحد خَدَمة. قال:
* يَبْحَثْنَ بَحْثَاً كمُضِلاَّتِ الخَدَمْ(4) *
والخَدْماء: الشَّاةُ تبيضُّ أوظِفَتُها. والمُخَدَّم: موضع الْخِدام من السَّاق. وفرسٌ مخدَّم، إذا كان تحجيلُه مستديراً فوق أَشاعِرِهِ. قال الخليل: الخَدَمةُ سيْرٌ محْكَم مثل الحَلقْة، تُشَدُّ في رُسْغ البعير ثم تشدُّ إليه سَرِيحة النّعْل. قال: وسمِّي الخلخال خَدَمَةً بذلك. والوَعِل الأرَحُّ المُخَدَّم: الواسع الأظلاف الذي أحاط البياضُ بأوظِفته. قال:
* تُعيي الأرَحَّ المخدَّما(5) *
خدن - خدب
ومن هذا الباب الخِدْمة. ومنه اشتقاق [الخادم]؛ لأنَّ الخادمَ يُطيف بمخدومه.
(خدن) الخاء والدال والنون أصلٌ واحد، وهو المصاحَبَة. فالخِدْن: الصّاحب. يقال: خادنْتُ الرّجُلَ مخادنَةً. وخِدْنُ الجارية محدِّثُها.
__________
(1) في الأصل: "التراب" تحريف.
(2) في الجمهرة (2: 201).
(3) ذكر في القاموس ولم يرد في اللسان.
(4) أضللن الخدم أي فقدنها. وقد سبق إنشاد البيت في ( بحث).
(5) قطعة من بيت للأعشى في ديوانه 203 واللسان (خدم). وهو بتمامه:
ململمة تعيي الأرح المخدما
ولو أن عز الناس في رأس صخرة(2/130)
قال أبو زيد: خادنت الرّجلَ صادقته. ورجل خُدَنةٌ: كثير الأخْدان.
(خدب) الخاء والدال والباء أصلان: أحدهما اضطرابٌ في الشيء ولِينٌ، والآخَر شقٌّ في الشيء.
فالأوّل الخَدَب وهو الهَوَج، وفي أخبار العرب: "كان بنَعامَةَ خَدَب(1)" أي هَوَج؛ ولعلَّ ذلك في حروبه، ويدلُّ على ما ذكرناه. ومنه بَعِيرٌ خِدَبٌّ، يكون ذلك في كثرةِ لَحمٍ وإذا كثُر اللَّحْمُ لان واضطرَبَ.
ويقال من الأوّل رجلٌ أخْدَبُ وامرأةٌ خَدْباء. وقال الأصمعيّ: دِرْعٌ خَدْباء: ليِّنة. قال:
* خَدْباءُ يحْفِزُها نِجَادُ مُهنَّدٍ(2) *
ويقال خَدَبَ، إذا كَذَب؛ وذلك أنَّ في الكذِبِ اضطراباً، إذْ كان غيرَ مستقيم. وشيخ خِدَبٌّ، وُصِفَ بما وُصِفَ به البعير. قال بعضُهم: إنَّ في لسانه خَدَباً، أي طولا.
خدج - خذع
وأمّا الأصل الآخر فالخَدْبُ بالنّاب: شقُّ الجِلْد مع اللحم. ويقال ضربة خَدْباء، إذا هَجَمَت على الجوف. والخَدْب: الحَلْب الشَّديد، كأنَّه يريد شقَّ الضَّرع بشدّة حَلْبه.
ومما شذّ عن هذا الباب قولهم: "أَقْبِلْ على خَيْدَبتِك" أي طريقك الأوّل. قال الشيبانيّ: الخَيدب الطَّريق الواضح. وإن صحّ هذا فقد عاد إلى القياس؛ لأنّ الطريق يشق الأرض.
(خدج) الخاء والدال والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النقصان. يقال خَدَجَت الناقة، إذا ألقَتْ ولدَها قبل النِّتاج. فإنْ ألقَتْه ناقصَ الخَلْق ولِتمام الحَمْل فقد أخْدَجَت. قال ابنُ الأعرابيّ: أخْدَجَت الصَّيْفَةُ: قَلَّ مطرُها. وفي الحديث: "كلُّ صلاة لم يُقْرَأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خِدَاجٌ".
{باب الخاء والذال وما يثلثهما}
__________
(1) نعامة: لقب بيهس الفزاري، أحد محمقي الحرب. انظر الحيوان (4: 413) والأغاني (21: 122) والخزانة (3: 272) والميداني في: "ثكل أرأمها ولدا".
(2) لكعب بن مالك الأنصاري. وعجزه كما في اللسان (خدب):
* صافي الحديدة صارم ذي رونق *(2/131)
(خذع) الخاء والذال والعين يدلُّ على قَطْع الشيء؛ يقال خَذَّعَهُ بالسَّيف، إذا ضربَه. ورُوِي بيتُ أبي ذؤيب:
* وكِلاهُما بَطَلُ الِّلقاءِ مُخَذَّعُ(1) *
أي كأنه قد ضُرِب بالسَّيف مِراراً. ويقال نباتٌ مخذَّعٌ، إذا أُكِل أعلاه. وصَحَّفهُ ناس فقالوا مُجدَّع. وليس بشيءٍ.
خذف - خذق - خذل
(خذف) الخاء والذال والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الرمْي. يقال خَذَفْت بالحصاة، إذا رميتَها من بين سَبَّابَتَيْك. قال:
إذا نجَلَتْهُ رجلُها خَذْفُ أَعْسَرَا(2)
كأنَّ الحَصَى مِن خَلْفِها وأَمامِها
والمِخْذَفة، هي التي يُقال لها المِقْلاع. ويقال أتانٌ خَذُوفٌ، أي سمينة. قال أبو حاتم: قال الأصمعيّ: يُراد بذلك أنّها لو خُذِفَتْ بحَصاة لدخَلَتْ في بطنها من كثرة الشَّحم. وهذا الذي يحكيه عن هؤلاء الأئمّة وإن قلّ فهو يدلُّ على صحّة ما نَذهب إليه من هذه المقايَسات، كالذي ذكرناه آنفاً عن الخليل في باب الإخدَاع، وكما قاله الأصمعيُّ في الأتانِ الخَذوف.
والخَذَفَانُ: ضربٌ من [سير] الإبل(3) وهو بِتَرَامٍ قليل.
(خذق) الخاء والذال والقاف ليس أصلاً، وإنّما فيه كلمةٌ من باب الإبدال. يقال خَذَق الطّائر، إذا ذَرَقَ. وأراه *خَزَق، فأُبدِلت الزاءُ ذالاً.
(خذل) الخاء والذال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تَرْك الشَّيء والقُعود عنه. فالخِذْلان: تَرك المَعُونة. ويقال خَذَلَتِ الوحْشيَّةُ: أقامَتْ على وَلَدِها؛ وهي خَذُول. قال:
تَنَاوَلُ أَطرافَ البَريرِ وترتَدِي(4)
خَذُولٌ تُراعِي رَبْرَباً بخَميلةٍ
ومن الباب تخاذَلَتْ رِجلاه: ضَعُفَتَا. من قوله:
__________
(1) ديوان أبي ذؤيب 18 والمفضليات (2: 228). وصدره فيهما وفي اللسان:
* فتناديا وتوافقت خيلاهما *
... وقد سبق إنشاد هذا العجز في (1: 330).
(2) لامرئ القيس في ديوانه 98 واللسان (خذف، نجل).
(3) في المجمل: "والخذفان: ضرب من السير".
(4) لطرفة في معلقته.(2/132)
خذم - خذا - خرز
* وخَذُولِ الرِّجْل من غير كَسَحْ(1) *
وقال آخر(2):
* صَرْعى نوؤُها متخاذِلُ *
ورجلٌ خُذَلة، للَّذي لا يزال يَخْذُلُ.
(خذم) الخاء والذال والميم يدلُّ على القَطْع. يقال خَذَمْتُ الشَّيء: قطعتُه. [و] سيفٌ مِخْذَمٌ. والخَذْماء: العنْز تنشقُّ أذُنُها عَرْضاً من غير بيْنُونة. والخَذَم: السُّرْعة في السَّير؛ وهو من الباب.
(خذا) الخاء والذال والحرف المعتل والمهموز يدلُّ على الضَّعف واللِّين. يقال خَذَا الشيءُ يَخْذُو خذْواً: استرخى. وخذِي يخْذَى. وينَمَةٌ خَذْواءُ: ليِّنة، وهي بَقْلة. وأُذُنٌ خَذْواءُ: مسترخيَة. ويُكْرَهُ من الفَرَس الخَذَا في الأذُن.
ومن الباب خَذِئْت وخَذَأْت أخْذَأ، إذا خضَعْت له خُذُوءاً وخَذْأً. ويقال استخذَيْت واستخذَأْت، لغتان، وهم إلى ترك الهمز فيها أمْيَل. وقد قال كثيّر:
مِنْ الخَوف طَيْرٌ أخْذَأَتْها الأجادلُ
فما زِلْتُمُ بالناس حتَّى كأنَّهم
فهمز. يقال أخذَيْتُ فلاناً، أي أذلَلتْهُ.
{باب الخاء والراء وما يثلثهما}
(خرز) الخاء والراء والزاء يدلُّ على جَمْع الشَّيء إلى الشيء وضَمِّه إليه. فمنه خَرْزُ الجِلْدِ. ومنه الخَرَزُ، وهو معروف، لأنه يُنْظم ويُنْضَدُ بعضُه إلى بعض.
خرس
وفَقَار الظَّهر خَرَزٌ لانتظامه، وخَرَزاتُ الملك، كان الملك منهم كلمَّا مَلَكَ عاماً زِيدت في تاجه خَرَزة؛ ليُعلَم بذلك عددُ سِنِي مُلْكِه. قال:
رَعَى خَرَزاتِ المُلْكِ عِشرين حِجَّة
وعشرين حَتى فادَ والشيب شاملُ(3)
__________
(1) للأعشى في ديوانه 163 واللسان (خذل). وصدره:
* كل وضاح كريم جده *
(2) هو جعفر بن علبة. انظر الحماسية رقم 4 وما سيأتي في (نوي).
(3) للبيد يذكر الحارث بن أبي شمر الغساني. انظر ديوانه 32 طبع 1881 واللسان (خرز). والكلمتان الأوليان من عجز البيت ساقطتان من الأصل.(2/133)
(خرس) الخاء والراء والسين أصولٌ ثلاثة: الأول جِنْسٌ من الآنية، والثاني عدم النُّطق، والثالث نوعٌ من الطعام.
فالأوّل: الخَِرْسُ بسكون الراء، وهو الدَّنُّ، ويقال لصانِعِه الخَرّاس.
والثاني: الخَرَسُ في اللِّسَان، وهو ذَهاب النُّطق. ويُحمَل على ذلك فيقال كتيبة خَرْساء، إذا صَمَتَتْ من كثرة الدُّروع، فليس لها قعْقعةُ سِلاح. ويقال لبنٌ أخْرَسٌ: خاثِرٌ لا صوتَ له في الإناء عند الحَلْب. وسحابةٌ خَرْساءُ: ليس فيها رعد.
والثالث: الخُرْس والخُرْسة، وهو طعامٌ يتَّخَذ للوالِدِ من النِّساء(1)، وتلكَ خُرسَتُها. قال:
طَعاماً ولم يُسْكَتْ بِحِتْرٍ فَطِيمُها(2)
إذا النُّفَساءُ لم تُخَرَّسْ بِبِكْرِها
وزعم ناسٌ أنَّ البِكْرَ تُدْعى في أوَّل حَمْلها خَرُوساً. وأنشدوا:
رُّ خَرُوسٍ من الأرانب بِكْرِ(3)
شرُّكمْ حَاضرٌ ودَرُّكُمُ دَ
خرش
ويقال الخَروس القليلةُ الدَّرِّ.
(خرش) الخاء والراء والشين أصلٌ واحدٌ، يدل على انتفاخٍ في الشيء وخُرُوق.
الأصلُ الخِرشاءُ، وهو سَلْخُ الحيّة، ثم يشبَّه به كلُّ شيءٍ يكون فيه تلك الصِّفة، فيقال للرُِّغوة: الخِرشاء. قال مزرِّد:
ثَنَى مِشْفَريه للصَّريح فأقْنَعَا(4)
إذا مَسَّ خِرشَاءَ الثُّمَالةِ أنفُه
ويقال طلعت الشَّمسُ في خِرْشَاءَ، أي في غَبَرَة. وألَقى الرّجُل خَراشِيَّ صدرِه، أي بُصاقاً خاثراً. فهذا هو الأَصل.
فأمّا قولهم كلبُ خِرَاشٍ، فهو عندنا من باب الإبدال، قال الراجز:
كَلْبَا خِرَاشٍ خُورِشا فَهَرَّا
__________
(1) يقال للمرأة والدة على الفعل، ووالد على النسب، كما يقال لابن وتامر. وفي الأصل: "للولد من النساء".
(2) البيت للأعلم الهذلي كما في اللسان (خرس، حتر). والرواية فيه: "غلاماً" بدل "طعاماً".
(3) البيت لعمرو بن قمينة، كما في الحيوان (5: 73). وأنشده في اللسان (خرس) بدون نسبة.
(4) البيت في المجمل واللسان (خرش).(2/134)
كأنّ طُبْيَيْهَا إذا ما دَرَّا
ويجوز أن يكون من خَرَشْتُ الشيءَ، إذا خدشْتَه؛ وهو من الأوّل كأنّه إذا خُرِش نَفَر ورَبَا وتخرّق*. فأمّا قولهم اخترشت الشيءَ، إذا كسَبْته، فهو عندنا أيضاً من باب الإبدال، إنّما هو اقترش. وقد ذُكِر في بابه. وكان ابنُ الأعرابيّ يقول: اختَرَش كَسَبَ. وكان يروي كلاماً تلك(1): "رُبَّ ثَدْيٍ افترش، ونهب اخْتَرَش، وضبٍّ احتَرَش". وغيره يَروِي: "ونهبٍ اقترش". والخِراش: سِمَةٌ خفيفة. والخَرَشة: ضربٌ من الذُّباب، ولعلّه مِن بعض ما مضى ذكرُه.
خرص - خرض - خرط
(خرص) الخاء والراء والصاد أصولٌ متباينة جدَّاً.
فالأوّل الخَرْص، وهو حَزْرُ الشَّيء، يقال خَرَصْتُ النَّخْلَ، إذا حَزَرْتَ ثمرَه. والخرَّاصُ: الكذاب، وهو من هذا، لأنّه يقول ما لا يعلم ولا يَحُقُّ.
وأصلٌ آخر، يقال للحَلْقة من الذَّهب خُرْصٌ.
وأصلٌ آخر، وهو كل ذي شُعْبَةٍ من الشَّيء ذي الشُّعَب. فالخَريص من البحر: الخليجُ منه. والخُِرْص: كل قضيبٍ من شجرة، وجمعُه خِرصان. قال:
تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدي الشَّواطِبِ(2)
ترَى قِصَد المُرَّانِ تُلْقَى كأنّه
ومن هذا الأصل تسميتُهم الرُّمحَ الخُِرْص. قال:
*عَضَّ الثِّقافِ الخُرُصَ الخطيَّا(3) *
ومنه الأخراصُ، وهي عيدانٌ تكون مع مُشْتار العَسَل.
وأصلٌ آخر، وهو الخَرَصُ، وهو صفة الجائع المقرور، يقال خَرِصَ خَرصاً.
(خرض) الخاء والراء والضاد. زعم ناسٌ أنّ الخريضَ الجاريةُ الحديثة السنِّ الحسنة. وهذا ممّا لا يعوَّل على مثله، ولا قياسَ له.
__________
(1) كذا وردت هذه الكلمة. وفي المجمل: "وفي كلام بعضهم: رب ثدي افترشته، ونهب اخترشته، وضب احترشته".
(2) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 12 والمجمل واللسان (خرص).
(3) لحميد بن ثور. وقبله كما في اللسان (خرص).
* يعض منها الظلف الدئيا *(2/135)
(خرط) الخاء والراء والطاء أصلٌ واحدٌ منقاسٌ مطَّرد، وهو مُضيُّ الشَّيء، وانسلاله. وإليه يرجعُ فروع الباب، فيقال اخترطْتُ السيفَ مِن غِمْده، وخَرَطت عن الشَّجرةِ ورقَها، وذلك أنّك إذا فعلْتَ ذلك فكأنَّ الشجرةَ قد
خرع
انسلَّت منه. وقال قومٌ: الخَرْط قشْر العُود؛ وهو من ذلك. والخَرُوط من الدوابّ: الذي يَجْتَذِبُ رَسَنَه من يد مُمْسِكه ويمضي. ويقال اخروَّط بهم السَّير، إذا امتدَّ. والمخروط: الرجل الطَّويل الوجْه(1). واستخْرَط الرجل [في(2)] البكاء، وذلك إذا ألحَّ ولجَّ فيه مستمرَّا. والخَرَط: داءٌ يصيب ضَرْع الشاة فيخرُج لبنُها متعقِّداً كأنه قِطَع الأوتار. وهي شاةٌ مُخْرِطٌ(3)، فإنْ كان ذلك عادتَها فهي مِخْراط. ويقال المخَاريط الحيّاتُ إذا انسلخَتْ جلودُها. قال:
كأنّها سَلْخُ أبْكارِ المخاريطِ(4)
إنّي كسانِي أبو قابُوسَ مُرْفَلَةً
[و] رجلٌ خَرُوطٌ: مُتَهَوِّرٌ يركبُ رأسَه، وهو القياس. ويقال انخرَط علينا، إذا انْدرَأ بالقول السَّيِّئ، وانخرَط جسمُ فلانٍ، إذا دَقَّ، وذلك كأنّه انسلَّ من لحمه انسلالاً. ويقال خرَطْتُ الفحل في الشَّول، إذا أرسلتَه فيها.
(خرع) الخاء والراء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو يدل على الرَّخاوة، ثم يُحْمل عليه. فالْخِرْوَع نباتٌ ليِّنٌ؛ ومنه اشتقاق المرأة الخَرِيع، وهي الليِّنة. وكان الأصمعي يُنكِر أن يكون الخَريعُ الفاجرةَ، وكان يقول: هي التي تَثَنَّى من اللِّين. ويقال لمِشْفَر البعير إذا تدلَّى خَريع. قال:
كأخلاق الغَرِيفة ذا غُضُونِ(5)
__________
(1) في الأصل: "الواحد"، صوابه من المجمل واللسان.
(2) التكملة من اللسان والقاموس، وهي ساقطة من الأصل والمجمل أيضاً.
(3) في الأصل: "مخرطة"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) البيت في اللسان (رفل)، وعجزه في المجمل.
(5) البيت للطرماح في ديوانه 179 واللسان (خرع، غرف، نعا). وقبله:
تقايست النجاد من الوجين
تمر على الوراك إذا المطايا(2/136)
خَريعَ النَّعو مضطربَ النَّواحِي
وأخذه من عتيبة بن مرداس في قوله:
خرف
خَريعٍ كسِبْت الأحوَرِيِّ المُخَصَّرِ(1)
تكفُّ شَبَا الأنْيابِ عنها بمشفرٍ
والخَرَع: لينٌ في المفاصل. ويقال الخُرَاع جُنون النّاقة؛ وهو من الباب. وممَّا حمل على الخَرْع الشَّقُّ، تقول خَرعته فانخَرَع. واختَرَع الرجُل كَذِباً، أي اشتقّه. وانخرَعَتْ أعضاءُ البعير، إذا زَالتْ مِن مواضعها. ويقال المُخَرَّع المختلف الأخلاق. وفيه نظرٌ، فإنْ صحَّ فهو من خُرَاعِ النُّوق(2). ويقال خَرِعَتِ النّخلةُ، إذا ذَهَبَ كَرَبُها، تَخْرَعُ.
(خرف) الخاء والراء والفاء أصلان: أحدهما أن يُجْتَنَى الشيءُ، والآخَرُ الطَّريق.
فالأوّل قولهم اخترفْتُ الثَّمرة، إذا اجتَنَيْتَها. والخريف: الزَّمان الذي يُخْتَرَف* فيه الثِّمار. وأرضٌ مخروفة: أصابها مطرُ الخَريف. والمِخْرَف: الذي يُجْتَنَى فيه. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "عائِد المريض على مَخارف الجنّة حتى يرجع(3)". والعرب تقول: اخْرُفْ لنا، أي اجْنِ. والمَخْرَف بفتح الميم: الجماعة من النَّخْل. وقال بعضُ أهلِ اللغة: إن الخَروفَ يسمَّى خَروفاً لأنّه يَخْرُف مِن هاهنا وهاهنا.
والأصل الآخر: المَخْرَفَة: الطريق. وفي الحديث: "تُرِكتُم على مثل مَخْرَفَةِ النَّعَمِ"، أي على الطَّريق الواضح المستقيم. وقال:
خرق
نَهْجاً إبان بِذي فَرِيغٍ مَخْرَفِ(4)
فضربْتَهُ بأفَلَّ تحسَِبُ إثْرَهُ
__________
(1) أنشده في اللسان (خرع، حور).
(2) في الأصل: "وهو من الذي من خراع النوق".
(3) ليس شاهداً للمخرف الذي يجتنى فيه، بل هو شاهد لما سيأتي أن المخرف جماعة النخل.
(4) لأبي كبير الهذلي من قصيدة في نسخة الشنقيطي من الهذليين 61. وأنشده في اللسان (خرف، فرغ). وسيعيده في (فرغ) برواية: "فأجزته".(2/137)
ومن هذا الباب الإخْرَافُ، وهو أنْ تُنْتَج الناقةُ في مثل الوقت الذي حَمَلتْ فيه. وهو القياس: لأنّها كأنّها لزمت ذلك القَصْدَ فلم تعوّج عنه.
وبقيت في الباب كلمةٌ هي عندنا شاذّة من الأصل، وهو الْخَرَف، والخَرَف: فسادُ العَقْل من الكبر.
(خرق) الخاء والراء والقاف أصلٌ واحد، وهو مَزق الشَّيء وجَوْبُه، إلى ذلك يرجع فروعه. فيقال: خَرَقْتُ الأرضَ، أي جُبْتُها. واخترَقَتِ الرِّيح الأرضَ، إذا جابَتْها. والمخْتَرَق: الموضع الذي يَخترقه الرِّياح. قال رؤبة:
* وقاتِمِ الأعماق خاوِي المخْتَرَقْ(1) *
والخَرْق: المَفَازة، لأنّ الرّياح تخترقُها. والخِرْق: الرجُل السخِيّ، كأنَّه يتخرَّق بالمعروف. والخرْق: نقيض الرِّفق، كأنَّ الذي يفعلُه مُتَخًَرِّق. والتَّخَرُّق: خَلْقُ الكذب. وريحٌ خرقاءُ: لا تدوم في الهبوب على جهةٍ. والخَرْقاء: المرأة لا تُحسِن عملاً. قال:
وهْي صَناعُ الأذى في الأهل والجارِ
خَرْقاءُ بالخَير لا تَهْدِي لِوجْهَتِهِ
والخَرقاء من الشَّاءِ وغيرها: المثقوبة الأذُن. وبعيرٌ أخرق: يقع مَنْسِمُه بالأرض قبلَ خُفِّه. والخِرْقة معروفةٌ، والجمع خِرَق. وذو الخِرَقِ الطُّهويُّ سمِّي بذلك لقوله:
خرق
* عليها الرِّيش والخِرَقُ(2) *
والخِرْقة من الجراد: القطعة. قال:
خِرْقةُ رِجْلٍ من جرادٍ نازلِ(3)
قد نَزَلَتْ بساحةِ ابنِ واصلِ
قال الفرَّاء: يقال: "مررتُ بِخَرِيقٍ من الأرض بين مَسْحَاوين"، وهي التي اتَّسعت واتَّسع نباتها. والجمع خُرُق. قال:
* في خُرقٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرَامِها(4) *
__________
(1) ديوان رؤبة 104.
(2) البيت بتمامه كما في اللسان:
جاءت عجافا عليها الريش والخرق
لما رأت إبلي هزلى حمولتها
(3) الرجز في اللسان (خرق) والمخصص (8: 174) والجمهرة (2: 213). وكلمة "خرقة" ساقطة من الأصل.
(4) من رجز لأبي محمد الفقعسي. اللسان (خرق 364).(2/138)
ومن الباب الخَرَق، وهو التحيُّر والدَّهَش. ويقال خَرِق الغزالُ، إذا طافَ به الصَّائد فدَهِش ولَصِق بالأرض. ويقال مثل ذلك تشبيهاً: خَرِق الرَّجُل في بيته؛ إذا لم يَبرَح. والخُرَّقُ: طائرٌ يلصَق بالأرض. ثم يُتَّسعُ في ذلك فيقال الخَرَقُ الحَياء. وحُكِي عن بعض العرب: "ليس بها طُولٌ يَذِيمُها، ولا قِصرٌ يُخرقُها"، أي لا تستحْيِي منه فتَخْرَق. والمخاريق: [ما تلعب به الصِّبيان من الخِرق المفتولة(1)]. قال:
* مخاريقٌ بأيدِي لاعبينا(2) *
خرم - خرب
(خرم) الخاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو ضرب من الاقتطاع. يقال خَرَمْتُ الشَّيءَ. واختَرمَهُم الدَّهر. وخُرِم الرجُل، إذا قُطِعَتْ وتَرَةُ أنفِه، لا يبلُغ الجدْعَ. والنَّعت أخرمُ. وكلُّ مُنْقَطَعِ طَرَفِ شيءٍ مَخْرِم. يقال لمنقطَعِ أنف الجبل مَخْرِم.
والخوْرَمة: أرنبة الإنسان؛ لأنَّها منقطَع الأنف وآخره. وأَخْرَمُ الكتف: طرف عَيْرِه(3). ويمينٌ ذاتُ مخارِمَ، أي ذاتُ مخارج، واحدها مَخْرِم؛ وذلك أنّ اليمين التي لا يمكن تأوُّلها بوجهٍ ولا كفّارةٍ فلا مخرج لعينها، ولا انقطاع لحكمها، فإذا كانت بخلاف ذلك فقط صارت لها مخارِم، أي مخارجُ ومنافذ، فصارت كالشَّيء فيه خروق. قال:
ولا في يمينٍ غيرِ ذاتِ مَخارِمِ
لا خير في مالٍ عليه ألِيَّةٌ
يريد التي لا كَفَّارة لها، فهي محْرجة مضيّقة. والخَوْرم: صخرةٌ فيها خُروق. ومما يجري كالمثل والتشبيه، قولهم: "تَخرَّم زَنْد فلان"، إذا سكنَ غضبُه.
(خرب) الخاء والراء والباء أصلٌ يدل على التثلُّم والتثقُّب. فالخُرْبةُ: الثُّقْبة. والعبد الأخرَب: المثقوب الأذن*. والخُرْبُ: ثَقْب الورِك. والخُرْبة: عُروة المزادة.
__________
(1) هذه التكملة من اللسان.
(2) عجز بيت لعمرو بن كلثوم في معلقته. وصدره:
* كأن سيوفنا منا ومنهم *
(3) العير بالفتح: العظم الناتئ. وفي الأصل: "غيره"، تحريف.(2/139)
ومن الباب، وهو الأصل، الخَراب: ضدّ العمارة. والخُرْب: منقَطَع الجُمْهور من الرَّمل. فأمَّا الخارب فسارقُ الإبل خاصَّةً؛ وهو القياس، لأن السَّرِق. إيقاع ثُلْمةٍ في المال.
ومما شذَّ عن الباب الخَرَب، وهو ذكر الحُبارى، والجمع خِرْبان. وأَخْرُب: موضعٌ. [قال]:
خرت - خرث - خرج
وبين رُحَيَّاتٍ إلى فَجِّ أَخْرُبِ(1)
خَرجنا نُغالي الوحش بينَ ثُعَالةٍ
(خرت) الخاء والراء والتاء أصلٌ يدلُّ على تثقُّبٍ وشِبْهه. فالخُرْت: ثَقْب الإبرة والأخرات: الحَلَقَ في رؤوس النُّسُوع. والخِرِّيتُ: الرجلُ الدّليلُ الماهر بالدَّلالة. وسُمِّي بذلك لشقِّه المَفازةَ، كأنّه يدخُل في أخْرَاتِها(2). ويقال خَرَتْنا الأرض، إذا عَرَفْناها فلم تَخْفَ علينا طرقُها.
(خرث) الخاء والراء والثاء كلمةٌ واحدة، وهو أَسقاط الشَّيء. يقال لأسقاط أثاث البيت خُرْثِيٌّ. قال:
* وعَادَ كلُّ أثاثِ البيت خُرْثِيّا *
(خرج) الخاء والراء والجيم أصلان، وقد يمكن الجمعُ بينهما، إلاّ أنّا سلكْنا الطّريقَ الواضح. فالأول: النّفاذُ عن الشَّيء. والثاني: اختلافُ لونَين.
فأمّا الأول فقولنا خَرَج يخرُج خُروجاً. والخُرَاج بالجسد. والخَراج والخَرْج: الإتاوة؛ لأنّه مالٌ يخرجه المعطِي. والخَارجيُّ: الرَّجل المسوَّد بنفْسه، من غير أن يكون له قديم، كأنّه خَرَجَ بنفسه، وهو كالذي يقال:
* نفْسُ عصامٍ سوّدَتْ عِصاما(3) *
والخُروج: خُروج السحابة؛ يقال ما أحسن خُروجَها. وفلان خِرِّيجُ فلانٍ،
خرد
__________
(1) البيت لامرئ القيس، كما في معجم البلدان (أخرب).
(2) الأخرات: جمع خرت، بضم الخاء وفتحها، وفي الأصل: "أخرتها"، تحريف.
(3) عصام هذا، هو عصام بن شهر الجرمي، حاجب النعمان بن المنذر. انظر اللسان (عصم) والاشتقاق 317. وبعده في اللسان:
وصيرته ملكا هماما
وعلمته الكرَّ والإقداما(2/140)
إذا كان يتعلَّم منه، كأنّه هو الذي أخرجَه من حدِّ الجهل. ويقال ناقة مُخْتَرِجَةٌ، إذا خرجت على خِلْقة الجَمل. والخَرُوج: الناقةُ تخرُج من الإبل، تبرُك ناحية؛ وهو من الخُروج. والخَرِيج فيما يقال: لُعبةٌ لِفتيان العرب، يقال فيها: خَرَاجِ خَرَاجِ. قال الهذلي(1):
مخاريقُ يُدعَى بينهن خَرِيجُ
أرِقْتُ له ذاتَ العِشاءِ كأنّه
وبنو الخارجِيَّة: قبيلة، والنِّسبة إليه خارجيٌّ.
وأمّا الأصل الآخر: فالخَرَجُ لونانِ بين سوادٍ وبياض؛ يقال نعامةٌ خَرْجاءُ وظليمٌ أخرج. ويقال إِنّ الخَرْجاء الشّاة تبيضّ رِجْلاها إلى خاصرتها.
ومن الباب أرض مخَرَّجَة، إذا كان نَبْتُها في مكانٍ دونَ مكان.
وخَرّجت الراعيةُ المَرْتَعَ، إذا أكلَتْ بعضاً وتركَتْ بعضاً. وذلك ما ذكرناه من اختلاف اللّونين.
(خرد) الخاء والراء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو صَوْن الشَّيْء عن المَسِيس. فالجارية الخَريدة هي التي لم تُمَسَّ قطُّ. وحكى ابنُ الأعرابيّ: لؤلؤةٌ خريدة: لم تُثْقَب. قال وكلُّ عذْراءَ فهي خريدة. وجاريةٌ خَرُودٌ: خَفِرَةٌ؛ وهي من الباب. قال ابن الأعرابيِّ: أخردَ الرّجُلُ: إذَا أقلَّ كلامَه. يقال: مالك مُخْرِداً. وهو قياسُ ما ذكرناه؛ لأنّ في ذلك صَوْنَ الكلام واللسان.
خزع - خزف - خزق - خزل
{باب الخاء والزاء وما يثلثهما}
(خزع) الخاء والزاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْع والانقِطاع. يقال تَخَزَّعَ فلانٌ عن أصحابه، إذا تخلّف عنهم في السَّير؛ ولذلك سمِّيت خُزاعةُ؛ لأنهم تخزَّعوا عن أصحابهم وأقاموا بمكَّة(2). وهو قول القائل:
__________
(1) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 53.
(2) في السيرة 59 جوتنجن ومعجم البلدان (مر) أنهم أقاموا بمر الظهران. وهو موضع على مرحلة من مكة.(2/141)
خُزاعَةُ عَنَّا بالحلول الكَراكِر(1)
فلما هبَطْنا بطْنَ مَرٍّ تخزّعت
ويقال تخزّعْنا الشَيءَ بيننا، أي اقتسمناه قِطَعا. والخَوْزعة: رَمْلة تنقطع من مُعْظم الرِّمال.
(خزف) الخاء والزاء والفاء ليس بشيءٍ. فالخَزَفُ هذا المعروفُ، ولسنا ندري أعربيٌّ هو أمْ لا. قال ابنُ دريد(2): الخَزْف الخَطْر باليَد عند المشْي. وهذا من أعاجيب أبي بَكر.
(خزق) الخاء والزاء والقاف أصلٌ، وهو يدلُّ على نَفاذِ الشَّيء المرمِيّ به أو ارتزازِه. فالخازِق من السِّهام المُقَرْطِس، وهو الذي يرتَزّ في قِرطاسه. وخَزَق الطّائر: ذَرَق. والخَزْق: الطَّعْن. والقياس واحد.
(خزل) الخاء والزاء واللام* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانقطاع والضَّعف. يقال خَزَلْتُ الشيءَ: قطعتُه. وانخَزَل فُلانٌ: ضعُف.
خزم - خزن
(خزم) الخاء والزاء والميم أصلٌ يدلُّ على انثقاب الشَّيء. فكلُّ مثقوبٍ مخزومٌ. والطَّير كلُّها مخزُومة؛ لأنَّ وَتَرَاتِ أنفها مخزُومة. ولذلك يقال نَعام مُخَزَّمٌ. قال:
* وأرفَعُ صوتي للنَّعام المُخَزّمِ(3) *
وخَزَمْت الجَرادَ في العُود: نَظَمْته. وخَزمْتُ البعيرَ، إذا جعلْتَ في وَتَرَةِ أنْفه خِزَامةً من شَعْر. وعلى هذا القياسِ يسمَّى شجرةٌ من الشَّجر خَزَمة؛ وذلك أنّ لها لِحاءً يُفتَل منه الحِبال، والحبال خِزامات.
وقد شذَّ عن الباب الخَزُومة: البقرة(4)
__________
(1) البيت لعوف بن أيوب الأنصاري، كما في السيرة ومعجم البلدان (مر). وقد نسب في اللسان (خزع) إلى حسان بن ثابت. وانظر ديوان حسان 208.
(2) الجمهرة (2: 216).
(3) البيت لأوس بن حجر، كما في الحيوان (4: 395) وليس في ديوانه. وصدره:
* وينهى ذوي الأحلام عن حلومهم *
(4) هي بلغة هذيل. ومنه قول أبي ذرة الهذلي:
أهل خزومات وشحاج صخب
إن ينتسب ينسب إلى عرق ورب(2/142)
. وَكلمةٌ أخرى، يقال خازَمْتُ الرّجُلَ الطّريقَ، وهو أن يأخُذَ في طريقٍ ويأخُذَ(1) هو في غيرِه حتَّى يلتقِيا في مكانٍ واحد. وأخْزَمُ: رجلٌ. فأمَّا قولهم إنّ الأخْزَم الحيَّة الذكرُ، فكلامٌ فيه نظَر.
(خزن) الخاء والزاء والنون أصلٌ يدلُّ على صيانة الشَّيءِ. يقال خزَنْتُ الدِّرهَم وغيرَه خَزْناً؛ وخزَنتُ السِّرَّ. قال:
فليس على شَيءٍ سِواهُ بخَزَّانِ(2)
إذا المرءُ لم يخْزُنْ عليه لِسَانََُهُ
فأمّا خَزِنَ اللّحمُ: تغيَّرَتْ رائحتُه، فليس من هذا، إنما هذا من المقلوب
خزو - خزب
والأصل خنِزَ. وقد ذُكِر في موضعه. قال طرَفة في خزِن:
إنَّما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِرْ(3)
ثم لا يَخْزَنُ فينا لحمُها
(خزو) الخاء والزاء والحرف المعتل أصلان: أحدهما السياسة، والآخر الإبعاد.
فأمَّا الأول فقولهم خَزَوتُهُ، إذا سُسْتَه. قال لبيد:
* واخْزُهَا بالبِرِّ لله الأجَلّ(4) *
وقال ذو الأصبع:
عَنِّي ولا أنتَ دَيّانِي فتخزونِي(5)
لاهِِ ابنُ عَمِّكَ لا أفْضَلْتَ في حسبٍ
وأمَّا الآخَر فقولُهم: أخزَاهُ الله، أي أبعَدَه ومَقَتَه. والاسم الخِزْي. ومن هذا الباب قولهم خَزِي الرّجل: استحيا مِن قُبْحِ فعله خَزَايةً، فهو خَزيان؛ وذلك أنّه إذا فعل ذلك واستحيا تباعَدَ ونأى. قال جرير:
وغيرُ ابنِ ذِي الكِيرَيْنِ خَزْيانُ ضائعُ(6)
وإنّ حِمىً لم يَحْمِهِ غيرُ فُرْتَنَى
__________
(1) في الأصل: "واحد".
(2) البيت لامرئ القيس في ديوانه 125. وفي اللسان بدون نسبة: "فليس على شيء سواه بخازن".
(3) ديوان طرفة 69 واللسان (خزن).
(4) ديوان لبيد 12 طبع 1881 والمجمل واللسان (خزا). وصدره:
* غير أن لا تكذبنها في التقى *
(5) المفضليات (1: 158، 160) والمجمل واللسان (خزا). وسيأتي في (لاه).
(6) ديوان جرير 370 والمجمل واللسان (خزا).(2/143)
(خزب) الخاء والزاء والباء يدلُّ على وَرَم ونتُوّ في اللّحم. يقال خَزِبَت الناقةُ خَزَباً، وذلك إذا وَرِم ضَرْعُها. والأصل قولهم لحمٌ خزِبٌ: رَخْصٌ. وكلُّ لحمةٍ رَخْصَةٍ خَزِبَة.
خزر - خسف
(خزر) الخاء والزاء والراء أصلان. أحدهما جِنْسٌ [من] الطَّبيخ(1)، والآخر ضِيقٌ في الشَّيء.
فالأوّل الخَزِيرُ، وهو دقيقٌ يُلْبَكُ بشَحْم. وكانت العربُ تعَيِّر آكِلَه(2).
والثاني الخَزَر، وهو ضيق العَيْنِ وصِغَرُها. يقال رجلٌ أخْزَرُ وامرأةٌ خَزْراءُ. وتخازَرَ الرّجُل، إذا قبَض جفنَيه ليحدِّد النّظَر. قال:
* إذا تخازَرْتُ وما بي مِن خَزَرْ(3) *
{باب الخاء والسين وما يثلثهما}
(خسف) الخاء والسين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غموض وغُؤور، وإليه يرجعُ فُروع الباب. فالخَسْف والخَسَف(4). غموضُ ظاهرِ الأرض. قال الله تعالى: { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ } [القصص 81].
ومن الباب خُسوفُ القَمَر. وكان بعضُ أهل اللُّغة يقول: الخُسوف للقمر، والكُسوف للشمس. ويقال بئرٌ خَسِيفٌ(5)، إذا كُسِرَ جِيلُها(6) فانهارَ
خسق - خسل
ولم يُنتَزَحْ ماؤُها. قال:
__________
(1) في الأصل: "البطيخ"، تحريف.
(2) منه قول جرير:
فشحا جحافله جراف هبلع
وضع الخزير فقيل أين مجاشع
(3) الرجز لعمرو بن العاص، في وقعة صفين 421 وكذا في اللسان (مرر) قال: "وهو المشهور. ويقال إنه لأرطاة بن سهية تمثل به عمرو". وانظر اللسان (خزر) والمخصص (14: 180) وأمالي القالي (1: 96).
(4) كذا في الأصل مع الضبط. والذي في المعاجم المتداولة: الخسف والخسوف.
(5) في الأصل: "هو خسيف"، صوابه من المجمل واللسان.
(6) جيل البئر، بالكسر، وكذا جالها وجولها: جدارها وجانبها. وفي الأصل والمجمل والجمهرة واللسان: "جبلها" تحريف، صوابه ما أثبت.(2/144)
* قَليذَمٌ من العَياليم الخُسُفْ(1) *
وانخسفَت العينُ: عمِيَتْ. والمهزول يسمَّى خاسفاً؛ كأنّ لحمَه غارَ ودخَل. ومنه: بات على الخَسْفِ، إذا باتَ جائعاً، كأنّه غاب عنه ما أرادَه مِن طعام. وَرضِيَ بالخَسْفِ، أي الدنِيّة. ويقال: وقَع النّاسُ في أخاسِيفَ من الأرض، وهي اللّينة تكاد تَغْمُِضُ لِلينها.
وممّا حُمِل على الباب قولُهم للسحاب الذي [يأتي(2)] بالماء الكثير خَسِيفٌ، كأنَّه شُبِّه بالبئر التي ذكرناها. وكذلك قولهم ناقة خَسِيفة(3)، أي غزيرة. فأمّا قولهم إنّ الخَسْفَ الجَوزُ المأكول* فما أدري ما هُو.
(خسق) الخاء والسين والقاف ليس أصلاً؛ لأنَّ السِّين فيه مُبدلةٌ من الزاء، وإنّما يُغَيَّر اللّفظُ ليغيَّر بعضُ المعنى. فالخازق من السِّهام: الذي يرتزُّ إذا أصابَ الهدف. والخاسق: الذي يتعلَّق ولا يرتَزُّ. ويقولون-والله أعلم بصحته- إنّ الناقة الخَسُوقَ السيِّئةُ الخُلُق.
(خسل) الخاء والسين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ضَعْفٍ وقِلَّةِ خَطَر. فالمَخْسُول: المرذول. ورجالٌ خُسَّلٌ مثل سُخَّل، وهم الضُّعَفاء. والكواكب المخسولة: المجهولة التي لا أسماء لها. قال:
خسأ - خسر - خشع
ونحنُ السّماكانِ والمِرْزَمُ
ونحنُ الثُّرَيّا وجوزاؤُها
تُرَى في السّماء ولا تُعْلَمُ(4)
وأنتُم كواكبُ مَخْسُولةٌ
(خسأ) الخاء والسين والهمزة يدلُّ على الإبعاد. يقال خَسَأْتُ الكلبَ. وفي القرآن: { قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ } [المؤمنون 108]، كما يقال ابعُدوا.
__________
(1) لأبي نواس في مرثية خلف الأحمر. انظر ديوانه 132 والحيوان (3: 493) ومحاضرات الراغب (1: 49/ 2: 236).
(2) التكملة من المجمل.
(3) وكذا في المجمل. لكن في اللسان والقاموس "خسيف" بطرح الهاء.
(4) البيتان في المجمل واللسان (خسل، سخل)، إذ يروى فيه "مسخولة". وأنشد البيت الثاني في الأزمنة والأمكنة (2: 373).(2/145)
(خسر) الخاء والسين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النَّقْص. فمن ذلك الخُسْر والخُسْران، كالكُفْر والكُفْران، والفُرْق والفُرْقان. ويقال خَسَرْتُ المِيزانَ وأخْسَرْتُه، إذا نقَصْتَه. والله أعلم.
{باب الخاء والشين وما يثلثهما}
(خشع) الخاء والشين والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على التَّطامُن. يقال خَشَع، إذا تطامَنَ وطأْطأَ رأسَه، يخشَع خُشوعاً. وهو قريبُ المعنى من الخضوع، إلاّ أنّ الخُضوع في البدَن والإقرارُ بالاستخذاء، والخشوعَ في الصَّوتِ والبصر. قال الله تعالى: { خَاشِعَةً أبْصَارُهُمْ } [القلم 43، المعارج 44]. قال ابنُ دريد: الخاشِع المستكينُ والرَّاكع. يقال اختشعَ فلانٌ، ولا يقال اختَشَع بَصرُه. ويقال: خَشَع خَراشِيَّ صدْرِه، إذا ألْقى بُزاقاً لزِجاً. والخُشْعَة: قِطعةٌ من الأرض قُفٌّ قد غلبَتْ عليه السُّهولة. يقال قُفٌّ خاشع: لاطِئٌ بالأرض. قال ابنُ الأعرابيّ: بلدةٌ خاشعة: مُغْبَرَّة. قال جريرٌ:
خشف - خشل
سُورُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ(1)
لَمّا أتى خبرُ الزُّبَيْرِ تواضعت
قال الخليل. خَشَعَ سَنامُ البَعير، إذا ذهَبَ إلاّ أقله.
(خشف) الخاء والشين والفاء يدلُّ على الغُموض والسَّتْر وما قارب ذلك. فالخُشَّاف: طائرُ الليل، معروف(2). والمِخْشَف: الرّجل الجَريء على الليّل. ويقال خَشَفَ يَخْشِفُ خُشُوفاً، إذا ذهَبَ في الأرض وهو قياس الباب. والأخْشَف: البعير الذي غطَّى جلدَه الجربُ؛ لأنّه إذا غطَّاه فقد سَتَره. وسيف خَشِيفٌ: ماضٍ، في ضريبَتِه غُموضٌ(3). والخشْفَة: الصَّوت ليس بالشديد.
__________
(1) انظر خزانة الأدب (2: 166).
(2) وهو الذي يقال له الخفاش.
(3) في الأصل: "في ضريبته غموض فيها".(2/146)
ومما شذَّ عن الأصل الخَُِشْف: وهُوَ الغَزَال. وهو صحيح. ويقولون-والله أعلم- إنَّ الخشيف الثَّلج ويبيس الزَّعفَران(1). وخشَفْت رأسَه بالحجر، إذا فضخْته. فإنْ كان هؤلاء الكلماتُ الثّلاثُ صحيحةً فقياسُها قياسٌ آخر، وهو من الهشْمِ والكَسْر.
(خشل) الخاء والشين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَقارة وصِغَر. قالوا: الخَشْل الرديُّ مِن كلِّ شيء. قالوا: وأصلُه الصِّغار من المُقْل، وهو الخَشْل. الواحدة [خَشلْة]. قال الشَمّاخ يصف عُقَاباً ووكْرَه:
جماجِمُهنَّ كالخَشَلِ النَّزِيعِ(2)
تَرَى قِطَعاً من الأحناش فيه
يقول: إنّ في وكره رؤوسَ الحيّات. ويقال لِرُؤوس الحَلي، من الخلاخيل
خشم - خشن - خشي
والأسورة خَشْل. وهذا على معنى التشبيه، أو لأنَّ ذلك أصغرُ ما في الحَلْي. وكان الأصمعيُّ يفسِّر بيت الشماخ على هذا.
قال: وشبّه رؤوس [الأحناش] بذلك، وهو أشْبَه. ويقال إنّ الخَشْل البَيْض إذا أخرج ما في جَوْفه. فإن كان هذا صحيحاً فلا شيءَ أحقَرُ من ذلك. وهو قياس الباب.
(خشم) الخاء والشين والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاعٍ. فالخَيْشوم: الأنف. والخَشَم: داءٌ يعتَرِيه. والرجل الغليظُ الأنْفِ خُشَام. والمُخَشَّم: الذي ثار(3) الشَّرابُ في خَيشومه فسَكِر. وخياشيم الجِبال: أنوفُها.
وشذَّت عن الباب كلمةٌ إن كانت صحيحة. قالوا: خَشِم اللّحمُ تغيّر.
(خشن) الخاء والشين و*النون أصلٌ واحد، وهو خلافُ اللِّين. يقال شيءٌ خَشِنٌ. ولا يكادُون يقولون في الحجَر إلاَّ الأخْشَن. قال:
* [و] الحجرُ الأخْشَنُ والثِّنَايَهْ(4) *
واخشَوْشَنَ الرَّجُل، إذا تماتَنَ وترك التُّرْفَةَ. وكتيبة خشناءُ، أي كثيرة السِّلاح.
__________
(1) ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.
(2) ديوان الشماخ 61 واللسان (خشل).
(3) في الأصل والمجمل: "سار"، صوابه في اللسان.
(4) انظر ما سبق في مادة ثني (1: 391)، وكذا اللسان (خشن).(2/147)
(خشي) الخاء والشين والحرف المعتل يدلُّ على خَوف وذُعْر، ثمّ يحمل عليه المجاز. فالخَشيَة الخَوْف. ورجلٌ خَشْيَانُ. وخاشانِي فلانٌ فخشَيْتُه، أي كنتُ أشّد خَشْيةً منه.
والمجاز قولهم خَشِيت بمعنى عَلِمت. قال:
سكَنَ الجِنَانَ مع النبيِّ محمدِ(1)
ولقد خَشِيت بأنَّ مَن تَبِعَ الهُدى
خشب - خشر
أي علِمتُ. ويقال هذا المكانُ أخْشَى من ذلك، أي أشدُّ خوفاً.
ومما شذَّ عن الباب، وقد يمكن الجمعُ بينهما على بُعدٍ، الخَشْوُ: التمر الحَشَف. وقد خَشَتِ النَّخلةُ تَخْشُو خَشْواً. والخَشِيُّ من اللّحم(2): اليابسُ.
(خشب) الخاء والشين والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خشونةٍ وغِلَظ. فالأخْشَب: الجبَلُ الغليظ. ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، في مكّة: "لا تَزُول حَتَّى يَزُولَ أخْشَبَاها". يريد جبلَيْها. وقول القائل يصف بعيراً:
* تَحْسَب فَوقَ الشَّوْلِ مِنْه أخْشَبَا(3) *
فإنّه شبَّهَ ارتفاعَه فوق النُّوق بالجبَل. والخَشِيب السيف الذي بُدِئَ طَبعُه؛ ولا يكون في هذه الحال إلاّ خَشِناً. وسهمٌ مخْشوبٌ وخشيبٌ، وهو حين يُنْحَتُ. وجَمَلٌ خشيب: غليظ. وكلُّ هذا عندي مشتقٌّ من الخشَب. وتخشَّبت الإبل، إذا أكَلَتِ اليبيسَ من المرعَى. ويقال جَبْهةٌ خَشْبَاءُ: كريهة يابسة ليست بمستوية. وظَليمٌ خشيبٌ: غليظ. قال أبو عُبيد: الخشيبُ السَّيفُ الذي بُدِئَ طبعُه؛ ثمّ كثُر حتَّى صار عندهم الخشيبُ الصقيلَ.
__________
(1) البيت في المجمل واللسان (خشى).
(2) في اللسان والمجمل: "من الشجر".
(3) وكذا في اللسان والمخصص (10: 77)، فالضمير في "منه" للبعير، لكن في المجمل "منها"، وضمير هذه للنوق.(2/148)
(خشر) الخاء والشين والراء يدلُّ على رداءةٍ ودُونٍ. فالخُشَارة: ما بقي [على] المائدةِ، ممّا لا خيرَ فيه. يقال خَشَرْتُ أَخْشِر خَشْراً، إذا بَقّيت الرَّدِيّ(1). ويقال الخُشَارة من الشَّعير: ما لا لُبَّ له، فهو كالنُّخَالة. وإنّ فُلاناً لَمِنْ خُشارة النّاس، أي رُذَالِهم.
خصف
{باب الخاء والصاد وما يثلثهما}
(خصف) الخاء والصاد والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اجتماعِ شيءٍ إلى شيء. وهو مطّرِدٌ مستقيم. فالخَصْف خَصْفُ النَّعْل، وهو أن يُطَبَّق عليها مثلُها. والمِخْصَف: الإشْفَى والمِخْرزُ. قال الهذلي(2):
سَوداءَ رَوْثَةُ أَنفِها كالمِخْصَفِ(3)
حَتَّى انتهَيْتُ إلى فِراشِ عَزِيزةٍ
يعني بِفراشِ العَزيزة عُشَّ العُقَاب.
ومن الباب الاختصاف، وهو أن يأخذ العُرْيانُ على عَوْرته ورقاً عريضاً أو شيئاً نحْوَ ذلك يَسْتَتِرُ به. والخَصِيفة: اللَّبنُ الرائبُ يُصَبُّ عليه الحليب.
ومن الباب، وإن كانا يخْتلفانِ في أنّ الأوّل جَمْعُ شيءٍ إلى شيء مطابقةً، والثاني جَمْعه إليه من غير مطابقة، قولُهم حَبْلٌ خَصِيفٌ: فيه سوادٌ وبياض. قال بعضُ أهلِ اللُّغة: كل ذي لونينِ مجتمعين فهو خَصِيفٌ. قال: وأكثر ذلك السَّوادُ والبياضُ . وفرس أَخْصَفُ، إذا ارتفَعَ البلَق من بطنه إلى جنْبَيه.
ومن الباب الخَصَفةُ، وهي الجُلَّةُ من التَّمْرِ؛ وتكون مخصوفةً. قال:
* تَبِيعُ بَنِيهَا بالخِصافِ وبالتَّمْرِ(4) *
__________
(1) في المجمل: "خشرت ذاك إذا أبقيته"، والمعنيان مذكوران في اللسان.
(2) هو أبو كبير الهذلي، من قصيدة له في ديوان الهذليين 64 نسخة الشنقيطي. والبيت منسوب إليه في اللسان (روث، عزز، خصف).
(3) الروثة: المنقار. وفي الأصل: "لوثة"، صوابه من المصادر المتقدمة.
(4) عجز بيت للأخطل في ديوانه 131 واللسان (خصف). وصدره:
* فطاروا شقاف الأنثيين فعامر *(2/149)
ومن الذي شذَّ عن هذه الجملة قولُهم للنّاقة إذا وضعت حَمْلَها بعد تسعة أشهر: خَصَفَتْ تخْصِف خِصافاً؛ وهي خَصُوفٌ.
خصل - خصم - خصن
(خصل) الخاء والصاد واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْعِ والقِطعةِ من الشَّيء، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً ومجازاً. فالخَصْل القَطْع. وسيف مِخْصَل: قطَّاع(1). والخُصْلة من الشَّعَْر معروفة. والخَصِيلة: كلُّ لحمةٍ فيها عَصَبٌ. هذا هو الأصل.
وممّا حُمِل عليه الخُصَل* أطراف الشّجرِ المتدلّيةُ. ومن هذا الباب الخَصْل في الرِّهان، وذلك أن تُحْرِزَه. والذي يحرزُه طائفةٌ من الشيء. ثمَّ قيل: في فلانٍ خَصْلةٌ حَسَنةٌ وسيِّئة. والأصل ما ذكرناه.
(خصم) الخاء والصاد والميم أصلان: أحدهما المنازعة، والثاني جانبُ وِعاءٍ.
فالأوّل الخَصْمُ الذي يُخاصِم. والذّكرُ والأنثى فيه سواءٌ. والخِصام: مصدرُ خاصمتُه مُخاصَمةً وخِصاماً. وقد يجمع الجمعُ على خُصومٍ. قال:
* وقد جَنَفَتْ عَلَيَّ خُصُومِي(2) *
والأصل الثاني: الخُصْم جانب العِدْل الذي فيه العُرْوة. ويقال إنّ جانب كلِّ شيءٍ خُصْمٌ. وأخْصامُ العين: ما ضُمَّتْ عليه الأشفار. ويمكن أنْ يُجمَع بين الأصلين فيردَّ إلى معنىً واحد. وذلك أنّ جانِبَ العِدل مائلٌ إلى أحد الشقيْنِ، والخَصْم المنازِعُ في جانبٍ؛ فالأصل واحدٌ.
(خصن) الخاء والصاد والنون ليس أصلاً. وفيه كلمةٌ واحدة إن صَحَّت. قالوا: الخَصِين: الفأس الصَّغيرة.
خصي - خصب - خصر
__________
(1) في اللسان أنه لغة في "المقصل". فهو من باب الإبدال.
(2) قطعة من بيت للبيد في اللسان (جنف). وهو بتمامه:
ضيمي وقد جنفت عليّ خصومي
إني امرؤ منعت أرومة عامر(2/150)
(خصي) الخاء والصاد والحرف المعتل كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاسُ عليها إلاّ مجازاً، وهي قولُهم خَصَيتُ الفَحْل خَصْياً. و"برِئْتُ إليك من الخِصاء". ومعنى خَصَيْت فعلٌ مشتقٌّ من الخُصْي؛ وهو إيقاعٌ به، كما يقال ظَهَرْتُه وبطنته، إذا ضربتَ ظهْرَه وبطنَه. فكذلك خَصَيْته: نزعت خُصْيَيْه.
(خصب) الخاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو ضدُّ الجَدْب. مكانٌ مُخْصِبٌ: خَصِيبٌ. ومن الباب الخِصَاب: نَخْل الدَّقَل(1).
(خصر) الخاء والصاد والراء أصلان: أحدهما البَرْد، والآخر وسَط الشَّيء.
فالأوّل قولُهم خَصِر الإنسانُ يَخْصَر خَصَراً، إذا آلَمهُ البَرد في أطرافه. وخَصِر يومنا خَصراً، أي اشتدَّ برْدُه. ويومٌ خَصِرٌ. قال حسان:
سَبِطِ المِشيْةِ في اليومِ الخَصِرْ(2)
رُبَّ خالٍ لِيَ لو أبْصَرْتِهِ
وأمَّا الآخَر فالخَصْر خَصْرِ الإنسانِ وغيره، وهو وَسَطُه المستدِقُّ فوق الورِكين. والمُخَصَّر: الدقيق الخَصْر. ومنه النَّعلُ المُخَصَّرَة. وأما المِخْصَرَةُ فقضيبٌ أو عصا يكون مع الخاطب إذا تكلَّم؛ والجمعُ مَخاصر. قال:
* إذا وصَلُوا أيمانَهُمْ بالمخاصرِ(3) *
خضع
وإنّما سُمِّيت بذلك لأنّها تُوازِي خَصْر الإنسان. والمخَاصَرة: أن يأخذ الرجل [بيَدِ آخرَ(4)] ويتماشَيانِ ويَدُ كلِّ واحدٍ منهما عندَ خَصْرِ صاحبِه. قال:
__________
(1) الخصاب: جمع خصبة، بالفتح. والدقل؛ بالتحريك: ضرب من التمر رديء.
(2) ديوان حسان 205 واللسان (خصر). وقبله:
إنما يسأل بالشيء الغمر
سألت حسان من أخواله
أسلم الأبطال عورات الدبر
قلت أخوالي بنو كعب إذا
(3) صدره كما في اللسان (حصر):
* يكاد يزيل الأرض وقع خطابهم *
... وجاء في شعر صفوان الأنصاري في البيان والتبيين (1: 38):
إذا وصلوا أيمانهم بالمخاصر
ولا الناطق النخار والشيخ دغفل
(4) التكملة من المجمل واللسان.(2/151)
ـرَاءِ تمشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ(1)
ثُمَّ خاصَرْتُها إلى القبَّة الخَضْـ
وخَصْر الرّمْل: وسَطَه. قال:
على كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشيبٍ وَمُفْأَمِ(2)
أَخَذْنَ خُصُورَ الرّمْلِ ثمَّ جَزَعْنَه
والاختصار في الكلام: تَرْكُ فُضولِه واستيجاز معانيه. وكان بعضُ أهل اللغة يقول الاختصار أخْذُ أوساط الكلامِ وتَرْكُ شُعَبِه. ويقال إنّ المخاصرةَ في الطَّريق كالمخَازَمَة(3). وقد ذُكِر. والله أعلم.
{باب الخاء والضاد وما يثلثهما}
(خضع) الخاء والضاد والعين أصلان: أحدُهما تطامُنٌ في الشَّيء، والآخرُ جنسٌ من الصَّوت.
فالأوّل الخُضُوع. قال الخَليل. خضع خُضوعاً، وهو الذلُّ والاستخذاء. واختَضَع فلانٌ، أي تذلَّل وتقاصر. ورجلٌ أخْضَعُ وامرأةٌ خَضْعاءُ، وهما الرّاضِيانِ بالذُّلِّ. قال العجاج:
خضع
يَمَصُّنِي مَصَّ الصَّبِيِّ المُرْضِعا(4)
وصرتُ عبداً للبَعوضِ أخْضَعَا
وقال غيره: خَضَعَ الرّجلُ، وأخْضَعَهُ الفقرُ. ورجلٌ خُضَعةٌ: يَخْضَعُ لكلِّ أحَد. قال الشَّيبانيّ: الخَضَع انكبابٌ في العُنُق إلى الصَّدْر؛ يقال رجُلٌ أخْضَع وعُنُقٌ خَضْعاء. قال زهير:
قوْداءُ فيها إذا استعرضْتَها خَضَعُ(5)
وَرْكاءُ مُدْبِرةً كَبْدَاءُ مُقْبِلَةً
__________
(1) لأبي دهبل الجمحى، كما في اللسان (خصر) والأغاني (6: 157). ويروى لعبد الرحمن بن حسان.
(2) أنشد صدره في المجمل واللسان. ولعله رواية في بيت معلقة زهير:
على كل قيني قشيب ومفأم
ظهرن من السوبان ثم جزعنه
(3) المخازمة، بالخاء المعجمة والزاي. وفي الأصل: "كالمخارمة"، وفي المجمل: " كالمخادمة"، صوابهما في اللسان (خزم).
(4) ديوان العجاج 82 واللسان (خضع).
(5) قبله في ديوان زهير 237:
لما تذاءب للمشبوبة الفزع
لقد لحقت بأولى القوم تحملني(2/152)
قال بعض الأعراب: الخَضَعُ في الظِّلمانِ: انثناءٌ في أعناقها. قال أبو عمرو: *المُختضِع من اللواحم المتطامِنُ رأسُه إلى أسفلِ خُرطومِه. قال النابغة(1):
خُرطومُه من دِماء الصَّيدِ مختضبُ
أهْوَى لها أمْغَرُ السَّاقين مختضِعٌ
قال ابنُ الأعرابيّ: الأخضع المتطامِن. ومنه حديث الزبير: "أَنّه كان أخْضَعَ أشعَر". قال أبو حاتم: الخُِضْعانُ(2) أنْ تخضَع الإبلُ بأعناقِها في السَّير، وهو أشدُّ الوَضْع. قال: ويقال أَخْضَعَه الشَّيبُ وخَضَعَه. قال: ويقال اختضَع الفحلُ النّاقةَ، وهو أنْ يُسَانَّها(3) ثم يَخْتَضِعها إلى الأرض بكلكَلِه. ويقال خضَع النَّجمُ، إذا مالَ للمغيب. قال امرؤ القيس:
بِلَيْلٍ حِذاراً أنْ تَهُبَّ وتُسْمَعَا
بَعَثْتُ إليها والنجومُ خواضعٌ
خضع
قال ابن دريد: خَضَع الرّجلُ وأخْضَع، إذا لانَ كلامُه. وفي الحديث: "نهى أنْ يُخضِع الرّجلُ لغير امرأته" أي يليِّن كلامه.
وأمّا الآخر فقال الخليل: الخَيْضعَةُ: التفافُ الصَّوت في الحربِ وغيرِها. ويقال هو غُبَار المعركة.
وهذا الذي قِيل في الغُبار فليس بشيء؛ لأنه لا قِياسَ له، إلا أن يكون على سبيلِ مجاوَرَةٍ. قال لبيدٌ في الخَيْضعة:
* الضاربُونَ الهامَ تحتَ الخَيْضَعَهْ(4) *
قال قومٌ: الخْيضعة مَعركةُ القِتال؛ لأنّ الأقران يَخضعُ فيها بعضٌ لبعضٍ. وقد عادت الكلمةُ على هذا القول إلى الباب الأول.
__________
(1) ليس في ديوانه.
(2) بالضم، كالغفران والكفران، وبالكسر، كالوجدان.
(3) يقال سان البعير الناقة يسانها مسانة وسنانا: عرضها للتنوخ ليسفدها.
(4) البيت من أرجوزة للبيد في ديوانه 7-8 وأمالي ثعلب 449 والخزانة (4: 117).
... وانظرها مع قصتها في الخزانة وأمالي المرتضى (1: 134- 147) والحيوان (5: 173) والأغاني
(14: 91-92) والعمدة (1: 27).(2/153)
قال ابنُ الأعرابيّ: وقع القومُ في خَيْضَعةٍ، أي صَخَب واختلاطٍ. قال ابنُ الأعرابيّ: والخَضِيعة الصَّوتُ الذي يُسمَع مِن بطن الدابّة إذا عدَتْ، ولا يُدرَى ما هُوَ، ولا فِعْلَ من الخضيعة. قال الخليل الخَضِيعة ارتفاعُ الصَّوت في الحرب وغيرِها، ثمَّ قِيل لما يُسمَع من بطن الفرس خَضِيعة. وأنشد:
دِ وعْوَعةُ الذِّئبِ في فَدْفَدِ(1)
كأنّ خَضِيعةَ بطنِ الجوَا
قال أبو عمرو: ويقال خَضَع بطنُه خَضِيعةً، أيْ صوّتَ.
خضف - خضل
قال بعضهم: الخَضُوع من النساء: التي تَسمَع لخواصرهَا صلصلةً كصوتِ خَضِيعة الفرَس. قال جندل(2):
سِرْداحةٍ ذاتِ إهابٍ مَوَّاجْ
ليست بسَوداءَ خَضُوعِ الأعْفاجْ
قال أبو عبيدة: الخَضِيعتانِ لحمتانِ مجوَّفتان في خاصِرَتي الفرس، يدخلُ فيهما الرّيح فيسمعُ لهما صوتٌ إذا تَزَيَّد في مَشْيِه. قال الأصمعيّ: يقال: "للسِّياط خَضْعَةٌ، وللسُّيوف بَضْعة". فالخَضْعة: صوتُ وقْعِها، والبَضْعَةُ: قَطْعُها اللَّحم.
(خضف) الخاء والضاد والفاء ليس أصلاً ولا شغل به(3). ويقولون خَضِف إذا خَضَم(4). والخَضَفُ: البِطِّيخ، فيما يقولون.
(خضل) الخاء والضاد واللام أصلٌ واحد يدلُّ على نَعْمةٍ ونَدى. يقال أخْضَلَ المطرُ [الأرضَ] فهو مُخْضِلٌ، والأرض مُخْضَلَةٌ. واخضلَّ الشَّيءُ: ابتلّ. والخَضِلُ: النَّبات الناعم. ويقال إنّ الخضيلةَ الرَّوضة. ويقال لامرأة الرّجُل خُضُلَّتُه(5)، وهو من هذا وذلك، كما سُمِّيَت طَلَّةً، لأنّها كالطّلِّ في عَينِه. وكل نِعمة خُضُلّة. قال:
__________
(1) نسب في اللسان (خضع) لامرئ القيس.
(2) هو جندل بن المثنى الطهوي، أحد رجازهم.
(3) كذا في الأصل.
(4) خضم، بالخاء والضاد المعجمتين، أي ضرط. ومثله "حصم" بالمهملتين. وفي الأصل: "خصم"، تحريف. وفي المجمل "حبق".
(5) قال بعض سجعة فتيان العرب: "تمنيت خضلة، ونعلين وحلة".(2/154)
ولا شرْزَ لاقيتُ الأمورَ البَجَارِيا(1)
إذا قلتُ إنّ اليومَ يومُ خَضُلّةٍ
خضم - خضن
(خضم) الخاء والضاد والميم أصلان: جنسٌ من الأكل، والآخَر يدلُّ على كثرةٍ وامتلاء.
فالأوّل الخَضْم، وهو المضغ بأقصى الأضراس. وفي الحديث: "تَخْضِمون ونَقْضَمُ، والموعد الله".
والأصل الآخَر: الخِضَمُّ: الرجُل الكثير العطيَّة. والخِضَمُّ: الجَمْع الكثير. قال:
* فاجتَمَع الخِضَمُّ والخِضَمُّ(2) *
وأما المِسَنّ(3) فيقال له الخِضَمُّ تشبيهاً، وإنّما ذاك من قياس الباب؛ لأنّه يُسقى ماءً كثيراً. وحُجَّتُه قول أبي وجْزة:
* على خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ(4) *
ومن الباب الخُضُمَّة، وهي عَظْمة الذّراع، وهو مُسْتَغْلَظُها. ويقال
إنّ *مُعظم كلِّ شيء خُضُمَّةٌ.
(خضن) الخاء والضاد والنون أصلٌ واحد صحيح. فالمُخَاضَنة: المُغازلة. قال الطرمّاح:
تُخَاضِنُ أوْ ترنُو لِقولِ المُخَاضِنِ(5)
وألقتْ إليَّ القولَ منهنَّ زَوْلةٌ
خضب - خضد
(خضب) الخاء والضاد والباء أصلٌ واحدٌ، وهو خَضْبُ الشَّيء. يقال خضبت اليدَ وغيرَها أخْضِبُ. ويقال للظليم خاضِبٌ، وذلك إذا أكَلَ الرَّبيعَ فاحمرَّ ظُنْبوباه أو اصفَرَّا. قال أبو دُوَاد:
__________
(1) لمرداس الدبيري، كما في اللسان (خضل، شرز). وفي الأصل: "ولا شر"، صوابه في المجمل واللسان. والشرر: الشديدة من شدائد الدهر.
(2) للعجاج في ديوانه 63 واللسان (خضم). وبعده:
* فخطموا أمرهم وزموا *
(3) المسن: الذي يسن عليه الحديد ونحوه. وأخطأ بعض اللغويين فجعله المسن من الإبل.
(4) صدره كما في اللسان (خضم):
* حرى موقعة ماج البنان بها *
(5) ديوان الطرماح 164 واللسان (خضن). وفي صلب الديوان:
تلاحن أو ترنو لقول الملاحن
وألقت إليّ القول عنهن زولة
... وهذه الرواية أيضاً في اللسان (لحن).(2/155)
ضبٍ فُوجِئَ بالرُّعْبِ(1)
له ساقا ظليم خا
ولا يقال إلاّ للظَّليم، دُونَ النعامة. يقال: امرأةٌ خُضَبَةٌ: كثيرة الاختضاب. ويقال [خَضَبَ] النّخلُ، إذا اخضرَّ طَلْعُه. وقال بعضهم: خضب الشجر يَخْضب(2) إذا اخْضَرَّ؛ واخضَوْضَب. والكَفُّ الخَضيبُ: نجم؛ وهذا على التَّشبيه. وأَمّا الإجَّانة وتسميتُهم إيّاها المِخْضَب فهو في هذا؛ لأنّ الذي يُخْضَب به يكون فيها(3).
(خضد) الخاء والضاد والدال أصلٌ واحدٌ مطّرِدٌ، وهو يدلُّ على تَثَّنٍّ في شيءٍ ليِّن. يقال انخضد العُود انخِضاداً، إذا تَثَنَّى من غير كَسْر. وخَضَدتُه: ثَنَيْتُه. وربَّما زادُوا في المعنى فقالوا: خَضَدْتُ الشجرةَ، إذا كَسَرت شوكتَها. ونباتٌ خَضيدٌ. والأصلُ هو الأوَّل؛ لأنّ الخضيد هو الرّيَّان الناعم الذي يتثنَّى لِلِينه. فأما قولُ النَّابغة:
فيه رُكامٌ من اليَنْبُوتِ والخَضَدِ(4)
يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لجِبٍ
خضر
فإنّه يقال: الخَضَد ما قُطِع من كلِّ عُودٍ رَطْب. ويقال خَضَدَ البعيرُ عُنقَ البعير، إذا تقاتَلا فَثَنى أحدُهما عُنُقَ الآخَر.
__________
(1) البيت يروى من قصيدة لعقبة بن سابق في كتاب الخيل لأبي عبيدة 157-160 ونسب إلى أبي دؤاد في اللسان (خضب) وكلمة "خاضب" ساقطة من الأصل.
(2) يقال، من بابي ضرب وتعب، وكذا خضب، بالبناء للمفعول.
(3) في الأصل: "فيكون فيها".
(4) ديوان النابغة 26 واللسان (خضد، نبت).(2/156)
(خضر) الخاء والضاد والراء أصلٌ واحد مستقيم، ومحمولٌ عليه. فالخُضرة من الألوان معروفة. والخَضْراء: السَّماء، لِلَونها، كما سُمِّيت الأرضُ الغَبراء. وكتيبةٌ خضراءُ، إذا كانت عِلْيَتُها(1) سواد الحديد، وذلك أنّ كلَّ ما خالَفَ البياضَ فهو في حَيِّز السَّواد؛ فلذلك تداخلت هذه الصفاتُ، فيسمى الأسودُ أخضَر. قال الله تعالى في صفة الجنَّتين: { مُدْهَامَّتَانِ } [الرحمن 64] أي سَوداوان. وهذا من الخضرة؛ وذلك أن النّبات الناعم الريَّانَ يُرَى لشدّة خُضرته من بُعدٍ أسود. ولذلك سُمِّي سَوادُ العِراق لكثرة شجرِه. والخُضْر: قومٌ سُمُّوا بذلك لسواد ألوانهم. والخُضرة في شِيات الخَيل: الغُبرة تخالطها دُهْمة. فأَمّا قوله:
أخْضَرُ الجلدة في بيتِ العربْ(2)
وأنا الأخضرُ مَن يعرفني
فإنه يقول: أنا خالصٌ؛ لأنّ ألوان العرب سُمْرَةٌ(3). فأمّا الحديثُ: "إيّاكم وخَضْرَاءَ الدِّمَن" فإنّ تلك المرأة الحسناء في منبِت سَوْءٍ، كأنّها شجرةٌ ناضرة في دِمْنة بَعر. والمخاضَرة: بيع الثِّمار قبل بدُوِّ صلاحِها؛ وهو منهيٌّ عنه. وأمّا قولهم: "خُضْر المَزَاد" فيقال إنّها التي بقيت فيها بقايا ماءٍ فاخضرّت من القِدم، ويقال بل خُضْرُ المزاد الكُروش.
خطف
ويقال إن الخَضَارَ البقلُ الأوّل.
فأما قوله: "ذهب دمُه خِضْراً"، إذا طُلّ. فأَحسَِبه من الباب. يقول: ذهب دمُه طرِيَّاً كالنَّبات الأخضر، الذي إذا قُطِع لم يُنتفَع به بعدَ ذلك وبَطَل وذَبُل.
__________
(1) في المجمل: "إذا غلب عليها لبس الحديد".
(2) البيت للمفضل بن العباس اللهبي كما في رسائل الجاحظ 71 والكامل 143 ليبسك ومعجم المرزباني 309 وكنايات الجرجاني 51 والأضداد 335. ونسب في اللسان (خضر) إلى عتبة بن أبي لهب، وفي رسائل الجاحظ أيضاً إلى عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي.
(3) في المجمل: "السمرة".(2/157)
فأمّا قولهم إنَّ الخَضار اللَّبنُ الذي أُكثِر ماؤُه، فصحيحٌ، وهو من الباب؛ لأنّه إذا كان كذا غَلَبَ الماءُ، والماء يسمَّى الأسمر. وقد قلنا إنّهم يسمُّون الأسْوَدَ أخضرَ، ولذلك يسمَّى البحرُ خُضارة.
{باب الخاء والطاء وما يثلثهما}
(خطف) الخاء والطاء والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرِد منقاس، وهو استلابٌ في خفّة. فالخَطْف الاستلاب. تقول. خَطِفْتُه أخْطَفُه، وخَطَفْتُه أخطِفُه. وبَرْقٌ خاطفٌ لنور الأبْصار. قال الله تعالى: { يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَِفُ أَبْصَارَهُم(1) } [البقرة 20]، والشيطان يخطَِف السَّمع، إذا استرق. قال الله تعالى: { إلاَّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَة } [الصافات 10]. ويقال للشيطان: "الخَطّاف"، وقد* جاء هذا الاسم في الحديث:(2). وجمل خَيْطَفٌ: سريع المَرّ. وتلك السُّرعة الخَيْطَفى. قال:
* وعَنَقاً باقِي الرَّسيم خَيْطفا(3) *
وبه سُمِّي الخَطَفى، والأصل فيه واحد؛ لأنّ المسرعَ يقلُّ لُبْث قوائمه على الأرض، فكأنّه قد خَطَِف الشَّيء. ويقال هو مُخْطَفُ الحَشَا، إذا كان منطوِيَ
خطل
الحشا. وذلك صحيحٌ؛ لأنّه كأنّ لحمَه خُطِف منه فرقَّ ودَقَّ. فأما قولهم: رمَى الرمِيَّة فأَخطَفَها؛ إذا أخطأها، فمْمكنٌ أن يكون من الباب، [وممكنٌ أن يكون] الفاءُ بدلاً من الهمزة. قال:
* إذا أصابَ صَيْدَهُ أو أخْطَفَا(4) *
والخُطّاف: طائر، والقياس صحيح، لأنّه يخطَف الشيءَ بمِخلبه. يقال لمخاليب السِّباع خطاطيفها. قال:
رأى الموتَ بالعينَين أسودَ أحْمَرا(5)
__________
(1) قراءة فتح الطاء أعلى، ونسب في اللسان قراءة الكسر إلى يونس. وانظر تفسير أبي حيان
(1: 89-90).
(2) هو حديث علي: "نفقتك رياء وسمعة للخطاف".
(3) البيت لعوف، جد جرير بن عطية بن عوف، وبهذا لقب "الخطفى".
(4) للعماني الراجز، كما في اللسان (خطف) وقبله:
* فانقض قد فات العيون الطرفا *
(5) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (خطف).(2/158)
إذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ
والخطّاف: حديدةٌ حَجْناء؛ لأنه يُخْتَطف بها الشيء، والجمع خطاطيف. قال النابغة:
تُمَدُّ بها أيدٍ إليكَ نوازعُ(1)
خطاطيفُ حُجْنٌ في حبالٍ مَتينةٍ
(خطل) الخاء والطاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على استرخاءٍ واضطراب، قياسٌ مطرد. فالخَطَل: استرخاءُ الأذُن. يقال أذُنٌ خَطْلاء، وثَلَّةٌ خُطْلٌ، وهي الغنم المسترخِيةُ الآذان. قال:
وأعجبَهُ ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ(2)
إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأسَه
ورُمْحٌ خَطِلٌ: مضطرِب. ويقال للأحمق خَطِلٌ. والخَطَل: المنطقُ الفاسد.
خطم - خطو/أ - خطب
وزعم ناسٌ أنّ الجوادَ يسمَّى خَطِلاً، وذلك لسُرعته إلى العطاء. ويقال امرأةٌ خَطَّالةٌ: ذاتُ رِيبة، وذلك لخَطَلها. والأصل واحدٌ.
(خطم) الخاء والطاء والميم يدلُّ على تقدُّمِ شيءٍ في نُتُوٍّ يكون فيه. فالمَخَاطم الأنوف، واحدها مَخْطِم. ورجلٌ أخطمُ: طويلُ الأنف. والخِطَام للبعير سُمِّي بذلك لأنّه يقع على خَطْمه. ويقال إنّ الخُطْمة(3) رَعْنُ الجَبَل. فهذا هو الباب.
وقد شذت كلمةٌ واحدة، قالوا: بُسْرٌ مُخَطَّمٌ، إذا صارت فيه خُطوط.
(خطو/أ) الخاء والطاء والحرف المعتلّ والمهموز، يدلُّ على تعدّي الشيء، والذَّهاب عنه. يقال خَطوتُ أخطو خَُطوة. والخُطْوة: ما بين الرِّجْلين. والخَطْوة: المرَّة الواحدة.
والخَطَاءُ من هذا؛ لأنّه مجاوزة حدِّ الصواب. يقال أخطأ إذا تعدّى الصَّواب. وخَطِئ يخطأُ، إذا أذْنب، وهو قياسُ الباب؛ لأنه يترك الوجه الخَيْرَ.
__________
(1) ديوان النابغة 55 واللسان (خطف).
(2) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 43 واللسان (هدف، عزل، صفا). وسيعيده في (ضفو) ويروى: "المعزاب" بالباء بدل اللام، وهما بمعنى.
(3) لم ترد هذه الكلمة في اللسان والقاموس. ووردت في الأصل والمجمل بهذا الضبط.(2/159)
(خطب) الخاء والطاء والباء أصلان: أحدهما الكلامُ بين اثنين، يقال خاطبهُ يُخاطِبه خِطاباً، والخُطْبة من ذلك. وفي النِّكاح الطّلَب أن يزوّج، قال الله تعالى:
{ لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساء } [البقرة 235]. والخُطْبة: الكلام المخطوب به. ويقال اختطب القومُ فلاناً، إذا دعَوْه إلى تزوج صاحبتهم. والخطب: الأمرُ يقع؛ وإنما سُمِّي بذلك لِمَا يقع فيه من التَّخاطب والمراجعة.
خطر
وأمّا الأصل الآخرَ فاختلافُ لونَين. قال الفرَّاء: الخَطْبَاء: الأتان التي لها خَطٌّ أسودُ على مَتْنِها. والحمار الذكر أخْطَبُ. والأخطَب: طائر؛ ولعله يختلِف عليه لونان. قال:
* إذا الأخْطَبُ الدَّاعِي على الدَّوْح صَرْصَرا(1) *
والخُطْبان: الحنْظَلُ إذا اختلف ألوانُه. والأخطَبُ: الحمار تعُلوه خُضْرة. وكلُّ لونٍ يشبه ذلك فهو أخْطَبُ.
(خطر) الخاء والطاء والراء أصلان: أحدهما القَدْر والمكانة، والثاني اضطرابٌ وحركة.
فالأوّل قولهم لنظير الشيء خَطِيرُهُ(2). ولِفلانٍ خَطَرٌ، أي منزلةٌ ومكانة تناظرُه وتصلُح لمِثْله.
والأصل الآخر قولهم: خَطر البعير بذنبه خَطَراناً. وخَطَرَ ببالي كذا خَطْراً، وذلك أن يمرَّ بقلبه بسرعةٍ لا لُبْثَ فيها ولا بُطْء. ويقال خَطَر في مِشْيَته. ورجلٌ خَطَّارٌ بالرُّمح، أي مَشَّاءٌ بِهِ(3) طعّان. قال:
* مَصاليتُ خَطّارون بالرُّمح في الوغَى(4) *
ورمح خَطّارٌ: ذُو اهتِزازٍ. *وخَطَر الدّهر خَطرَانَهُ، كما يقال ضَرَب ضَرَبانَه. والخَطْرة: الذِّكرة. قال:
خظي
__________
(1) صدره كما اللسان (خطب، مرر):
* ولا أنثني من طيرة عن مريرة *
(2) يقال هو خطير له وخطر أيضاً.
(3) كتب في الأصل"مشابه".
(4) ورد هذا الصدر في المجمل واللسان.(2/160)
عِ سِراعاً والعِيسُ تهوِي هُوِيَّا(1)
بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالقا
ـراكِ وَهْناً فما استطعتُ مُضِيّا
خَطَرَتْ خَطْرَةٌ على القلب مِن ذِكـ
{باب الخاء والظاء وما يثلثهما}
(خظي) الخاء والظاء والياء ليس في الباب غيره، وهو يدلُّ على اكتنازِ الشَّيء. ولا يكادُ يقال هذا إلاّ في اللَّحم؛ يقال خَظِي لحمُه، إذا اكتَنَز(2). ولحمه خَظَا بَظَا. ورجلٌ خَظَوَانٌ: ركِب لحمُه بعضُه بعضاً.
{باب الخاء والعين وما يثلثهما}
اعلم أنّ الخاء لا يكاد يأتلف مع العين إلاّ بدخيل، وليس ذلك في شيءٍ أصلاً. فالخَيْعَل: قميصٌ لا كُمَّىْ له(3). قال:
* عَجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ(4) *
والخَيْعل: الذِّئب، والغُول. ويقال الخَيْعامَة نَعْتُ سَوْءٍ للرَّجُل. ولا مُعوَّل على شيءٍ من هذا الجِنْسِ، لا ينقاس.
خفق
{باب الخاء والفاء وما يثلثهما}
(خفق) الخاء والفاء والقاف أصلٌ واحد يرجع إليه فروعُه، وهو الاضطراب في الشَّيء. يقال خفَق العلم يَخْفُِق. وخفق النّجم، وخفق القلبُ يخفُِق خفقاناً. قال:
على كبِدي مِن شِدّةِ الخفقانِ(5)
كأنّ قطاةً عُلِّقت بجنَاحِها
__________
(1) نسب في الحماسة (2: 73) واللسان (بلكث) إلى بعض القرشيين. وفي حواشي اللسان: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة. ونسبه ياقوت في معجم البلدان إلى كثير.
(2) في اللسان: "قال ابن فارس: خظي وخظى بالفتح أكثر".
(3) في الأصل: "لا كم له"، والوجه ما أثبت من اللسان. وفي المجمل: "لا كمين له". والمألوف في عبارة اللغويين التعبير الذي تحذف فيه النون، ينظر فيه إلى أن اللام كالمقحمة، لا يعتد بها في هذا الموضع. وانظر ما سيأتي في ص253 س8.
(4) لتأبط، كما في اللسان (هدمل). وصدره:
* نهضت إليها من جثوم كأنها *
(5) البيت لعروة بن حزام من قصيدة في ديوانه نسخة الشنقيطي بدار الكتب المصرية، ورواها القالي في النوادر 158-162. وعدتها تسعة أبيات ومائة.(2/161)
ويقال أخْفَقَ الرّجلُ بثوبه، إذا لَمَعَ به. ومن هذا الباب الخَفْق، وهو كلُّ ضربٍ بشيءٍ عريض. يقال خَفَقَ الأرضَ بنَعله. ورجل خَفّاق القَدَمِ، إذا كان صدرُ قدمِه عريضاً. والمِخْفَقُ: السَّيف العريض. ويقال إنّ الخَفْقَة المفازةُ(1)، وسمِّيت بذلك لأنّ الرياح تختفِق فيها.
ومن الباب ناقة خفيقٌ: سريعة(2). وخَفَقَ السّرابُ؛ اضطربَ. وخفَق الرّجُل خَفْقةً، إذا نَعَس. والخافقانِ: جانِبا الجَوِّ. وامرأةٌ خَفّاقة الحشا، أي خمِيصة البَطْن، كأنَّ ذلك يضطرب. وأمّا قولهم أَخفق الرجل، إذا غَزَا ولم يُصِب شيئاً، فيمكن أن يكون شاذّاً عن الباب، ويمكن أن يقال: إذا لم يُصِبْ فهو مضطربُ الحال؛ وهو بعيد. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أيُّما سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأخفقَتْ كان لها أجرُها مَرَّتَين". وقال عنترة:
خفي - خفت
ويَفجَع ذا الضغائن بالأرِيبِ(3)
فيُخفِق مَرَّةً ويُفِيد أُخْرى
(خفي) الخاء والفاء والياء أصلان متباينان متضادّان. فالأوّل السَّتْر، والثاني الإظهار.
فالأوّل خَفِيَ الشَّيءُ يخفَى؛ وأخفيته، وهو في خِفْيَة وخَفاءٍ، إذا ستَرْتَه، ويقولون: بَرِحَ الخَفَاء، أي وَضَحَ السِّرُّ وبدا ويقال لما دُونَ رِيشات الطائر العشر، اللواتي في مقدم جناحه: الخوافي. والخوافي: سَعَفاتٌ يَلِين قَلْب النَّخلة والخافي: الجنّ. ويقال للرّجُل المستترِ مستخْفٍ.
والأصل الآخر خفا البرقُ خَفْواً، إذا لمع، ويكون ذلك في أدنى ضعف. ويقال خَفَيْتُ [الشَّيءَ] بغَيْر ألِفٍ، إذا أظهرتَه. وخَفَا المطَرُ الفَأر من جِحَرَتهنّ: أخْرجَهن. قال امرؤ القيس:
__________
(1) شاهده قول العجاج:
* وخفقة ليس بها طوئي *
(2) في الأصل: "ناقة خفيق سريع"، محرف.
(3) البيت في اللسان (خفق) برواية: "ويصيد أخرى".(2/162)
خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحابٍ مُركبِ(1)
خَفاهُنّ من أَنْفَاقِهنّ كأنَّما
ويقرأ على هذا التأويل: { إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أَخْفِيها(2) } [طه 15] أي أُظهِرُها.
(خفت) الخاء والفاء والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو إسرارٌ وكتمان. فالخَفْتُ: إسرار النُّطْق. وتخافَتَ الرّجُلانِ. قال الله تعالى: { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ }
[طه 103]. ثم قال الشاعر:
خفج - خفد - خفر - خفع
وشَتَّانَ بينَ الجَهْرِ وَالمَنْطِق الخَفْتِ(3)
أُخاطِبُ جَهْراً إذْ لهنّ تَخافُتٌ
(خفج) الخاء والفاء والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الاستقامة. فالأخفج: الأعوج الرِّجْل؛ والمصدر الخَفَج، ويقال إنَّ الخَفَج* الرِّعدة. وهو ذاك القياس.
(خفد) الخاء والفاء والدال أصلٌ واحد، وهو من الإسراع. يقال خَفَدَ الظليم: أسرع في مَرِّه. ولذلك سُمِّي خَفيْدَداً.
(خفر) الخاء والفاءُ والراءُ أصلان: أحدهما الحياء، والآخَر المحافظة أو ضِدُّها.
فالأوّل الخَفَرُ. يقال خَفِرَت المرأةُ: استحيت، تَخفَر خَفراً، وهي خَفِرَةٌ. قال:
* زَانَهنّ الدَّلُّ والخَفَرُ *
وأمّا الأصل الآخر فيقال خفَرْتُ الرّجُل خُفْرةً، إذا أَجَرْتَه وكنتَ له خَفيراً. وتَخَفَّرْتُ بفلانٍ، إذا استَجَرْتَ به. ويقال أخفَرْتُه، إذا بَعَثْتَ معه خفيراً.
وأمّا خِلافُ ذلك فأخفَرتُ الرّجُلَ، وذلك إذا نقضْتَ عَهده. وهذا كالباب الذي ذكرناه في خفَيت وأخفيت.
__________
(1) ديوان امرئ القيس 86 واللسان (خفى) ونوادر أبي زيد 9 والقالي (1: 211) والمخصص
(10: 46).
(2) هذه قراءة أبي الدرداء وابن جبير والحسن ومجاهد وحميد، ورويت عن ابن كثير وعاصم وسائر القراء بضم الهمزة. تفسير أبي حيان (6: 232).
(3) البيت في اللسان (خفت)، وقد سبق في (جهر 1: 487). وفي الأصل: "اخافت" تحريف.(2/163)
(خفع) الخاء والفاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على التزاق شيءٍ بشيء لِضُرٍّ يكون. يقال انخَفَعَ الرَّجل على فراشه، إذا لَزِق به مِن مرض. ويقال خَفعَ الرَّجُل، إذا التزق بطنُه بظهْره. ومنه قول جرير:
خلم - خلو
* رَغداً وضَيْفُ بني عِقالٍ يُخْفَعُ(1) *
وذكر ناسٌ: انخفَعت كَبِدُه من الجوع، إذا انقطعت. وأنشدوا هذا البيتَ؛ وهو قريبٌ من الأوّل. وقال بعضهم: الأخفع الرجل الذي كأنَّ به ظَلْعاً إذا مشَى. ويقال: الخَوْفَع الواجم المكتئِب. ويقال خفَعتُه بالسَّيف، إذا ضربتَه به. والقياس واحد.
{باب الخاء واللام وما يثلثهما}
(خلم) الخاء واللام والميم أصلٌ واحد يدل على الإلْفِ والمُلازَمة. فالخِلْم: كِناس الظّبى، ثمَّ اشتقَّ منه الخِلْم، وهو الخِدْن. والأصل واحد.
(خلو) الخاء واللام والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على تعرِّي الشَّيء من الشيء. يقال هو خِلْوٌ من كذا، إذا كان عِرْواً منه. وخَلَتِ الدار وغيرُها تخلُو. والخَلِيّ: الخالي من الغَمّ. وامرأةٌ خَلِيَّة: كنايةٌ عن الطَّلاق، لأنّها إذا طُلّقت فقد خَلَتْ عن بعلها. ويقال خلا لِيَ الشّيءُ وأخلى. قال:
أعاذلَََُ هل يأتِي القَبَائلَ حظُّها
مِن الموتِ أم أخْلَى لنا الموتُ وَحْدَنا(2)
والخَلِيّة: الناقة تُعطَف على غير ولدِها، لأنّها كأنّها خَلَتْ من ولدها الأول. والقرون الخالية: الموَاضِي. والمكان الخَلاء: الذي لا شيءَ به. ويقال ما في الدار
خلب
أحدٌ خلا زَيْدٍ وزيداً، أي دَع ذِكرَ زيدٍ، اخْلُ من ذكر زيد. ويقال: افعَلْ ذاكَ وخَلاَك ذَمٌّ، أي عَدَاك وخلَوْت منه وخلا منك.
__________
(1) ديوان جرير 449 واللسان (خفع). وصدره:
* يمشون قد نفخ الخزير بطونهم *
(2) لمعن بن أوس المزني، كما في اللسان (خلا).(2/164)
ومما شذَّ عن الباب الخَلِيَّة: السفينة، وبيت النَّحل. والخَلا: الحشيش. وربَّما عبَّرُوا عن الشيء الذي يخلُو من حافِظِه بالخَلاة، فيقولون: هو خَلاَةٌ لكذا(1)، أي هو مِمَّن يُطْمَع فيه ولا حافِظَ له. وهو من الباب الأوّل.
وقال قوم: الخَلْيُ القَطْع، والسيف يَخْتَلِي، أي يقتَطع. فكأنَّ الخلا سُمِّي بذلك لأنّه يُخْتَلى، أي يُقْطَع.
ومن الشاذّ عن الباب: خلا به، إذا سَخِر به.
(خلب) الخاء واللام والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها إمالة الشيء إلى نفسك، والآخر شيءٌ يشمل شيئاً، والثالث فسادٌ في الشيء.
فالأوّل: مِخْلب الطائر؛ لأنه يَخْتلِب به الشيءَ إلى نَفْسه. والمِخْلب: المِنْجل لا أسنانَ له. ومن الباب الخِلاَبَة: الخِداع، يقال خَلَبَه بمنطقِه. ثمَّ يحمل على هذا ويُشتقُّ منه البَرْق الخُلَّب: الذي لا ماءَ معه، وكأنّه يَخْدَع، كما يقال للسَّراب خادعٌ.
وأما الثاني: فالخُلْبُ اللِّيف، لأنه يشمل الشّجرة. والخِلْب، بكسر الخاءِ: حِجاب القَلْب، ومنه قيل للرجل: "هو خِلْبُ نِساءٍ"، أي يحبُّه النساء.
خلج
والثالث: الخُلْب، وهو الطِّين والحمْأَة، وذلك ترابٌ يفسده. ثم يشتقّ منه امرأةٌ خَلْبَنٌ، وهي *الحَمْقَاء. وليست من الخِلابة. ويقال للمهزولة خَلْبَنٌ أيضاً.
فأمَّا الثوب المخلَّب فيقولون: إنّه الكثيرُ الألوان، وليس كذلك، إنَّما المُخَلَّبُ الذي نُقِش نقوشاً على صورِ مَخَالِيبَ، كما يقال مُرَجَّلٌ للذي عليه صُوَرُ الرِّجال(2).
__________
(1) لم يرد هذا التعبير في المعاجم المتداولة صريحاً. وأصل الخلاة الطائفة من الخلا. وفي اللسان: "وقول الأعشى:
ولست خلاة لمن أوعدن
وحولي بكر وأشياعها
... أي لست بمنزلة الخلاة يأخذها الآخذ كيف يشاء، بل أنا في عز ومنعة".
(2) ويقال أيضاً "ممرجل" للذي عليه صور المراجل. و"مرحل" بالحاء المهملة، للذي عليه صور الرحال.(2/165)
(خلج) الخاء واللام والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على لَيٍّ وفَتْلٍ وقِلّةِ استقامة. فمن ذلك الخليجُ، وهو ماء يَمِيل مَيْلَةً عن مُعْظَم الماءِ فيستقرُّ. وخليجا النَّهر أو البحر: جناحاه(1). وفلان يتخلَّج في مِشيته، إذا كان يتمايَلُ. ومن ذلك قولهم: خَلَجنِي عن الأمر، أي شَغَلني، لأنَّه إذا شغله عنه فقد مال به عنه. والمخلوجة: الطَّعنة التي ليست بمستوِية، في قول امرئ القيس:
كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِل(2)
نَطْعُنُهُم سُلْكَى ومخلوجةً
فالسُّلْكَى: المستوية. والمخلوجة: المنحرفة المائلة.
ومنه قولهم: خَلَجْتُ الشّيءَ من يده، أي نزعتُه. وخالَجْت فُلاناً: نازعتُه. وفي الحديثِ في قراءة القرآن: "لَعَلَّ بَعضَكُم خالجنِيها(3)". والخليج: الرَّسَن، سُمِّي بذلك لأنّه يُلوَى لَيّاً ويُفْتَل فَتْلاً. قال:
خلد
كُمَيْتٌ مُدَمَّىً ناصعُ اللَّونِ أَقْرَحُ(4)
وباتَ يُغَنِّي في الخليجِ كأنَّه
ويقال خلجَتْه الخوالجُ، كما يقال عَدَتْه العَوادِي. وأما قولُ الحطيئة:
* بمخلُوجةٍ فيها عن العَجْزِ مَصْرَِفُ(5) *
فإنّه يصِفُ الرَّأي، وشبَّهَه بالحبل المحكَم المفتول. فهذا إذاً تشبيهٌ. ويجوز أن يكون لمَّا قيل: فيها عن العَجز مصرفٌ، جعلَها مخلوجة، لأنّه قد عُدِل بها عن العَجز.
__________
(1) في المجمل: "وجناحا النهر: خليجاه".
(2) من قصيدة في ديوانه 148-150.
(3) في الحديث "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة جهر فيها بالقراءة، وقرأ قارئ خلفه فجهر، فلما سلم قال: لقد ظننت أن بعضكم خالجنيها"، أي نازعني القراءة. اللسان.
(4) لتميم بن مقبل كما في اللسان (خلج). وأنشده في المجمل.
(5) صدره كما في الديوان 110 واللسان (خلج):
* وكنت إذا دارت رحى الأمر رعته *(2/166)
فأمّا قولهم: خُلِجَتِ النَّاقةُ، وذلك إذا فطَمتْ ولدها فقَلَّ لبنُها، فهو من الباب، لأنّه عُدِلَ بها عن ولدها وعدَل ولَدُها عنها. ويقال سحابٌ مخلوجٌ: متفرِّق. فإن كان صحيحاً فهو من الباب، لأنّ قِطعةً منه تميل عن الأُخرى. والخَلَجُ: فسادٌ وداءٌ(1). وهو من الباب.
(خلد) الخاء واللام والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الثبات والملازمَة، فيقال: خَلَدَ: أقام، وأخلَدَ أيضاً. ومنه جَنَّةُ الخُلْدِ. قال ابن أحمر:
إلاَّ مَنازِلَ كلُّها قَفْرُ
خَلَدَ الحبيبُ وبادَ حاضِرُهُ
ويقولون رجلٌ مُخْلَدٌ ومُخْلِد(2)، إذا أبطأ عنه المشِيب. وهو من الباب، لأنَّ الشَّباب قد لازمَه ولازَمَ هو الشباب. ويقال أخْلَدَ إلى الأرض إذا لَصِق بها.
خلس - خلص - خلط
قال الله تعالى: { وَلَكِنَّهُ أخْلَدَ إلَى الأَرْضِ } [الأعراف 176]. فأما قوله تعالى: { وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلّدُونَ } [الإنسان 19]، [فهو] من الخُلْد، وهو البقاء، أي لا يموتون. وقال آخرون: من الخِلَد، والخِلَدُ: جمع خِلَدة وهي القُرْط. فقوله: { مُخَلّدُونَ } أي مقرَّطون مشنَّفون. قال:
أعجازُهُنَّ أَقاوِزُ الكُثْبَان(3)
ومخَلّدَاتٌٍ باللُّجَينِ كأنَّما
وهذا قياسٌ صحيح، لأنّ الخِلَدةَ ملازمةٌ للأُذُن.
والخَلَد: البال، وسمِّي بذلك لأنّه مستقرٌّ [في] القلب ثابتٌ.
__________
(1) الخلج: فساد في ناحية البيت. والخلج أيضاً أن يشتكي الرجل لحمه وعظامه من عمل يعمله أو طول مشي وتعب. اللسان.
(2) لم تذكر المعاجم الضبط الأول. وتعليله فيما بعد دليل على صحتها عنده.
(3) البيت في اللسان (خلد، قوز). وقد ضبط "مخلدات" في الأصل بكسرتين وضمتين.(2/167)
(خلس) الخاء واللام والسين أصلٌ واحد، وهو الاختطاف والالتماع. يقال اختلَسْتُ الشَّيءَ. وفي الحديث: "لا قَطْعَ في الخُلْسَة". وقولهم: أَخْلَسَ رأسُه، إذا خالَطَ سوادَه البياضُ، كأنَّ السوادَ اخْتُلِس منه فصارَ لُمَعاً. وكذلك أخْلَسَ النّبتُ، إذا اختلط يابسُه برطْبِه.
(خلص) الخاء واللام والصاد أصل واحد مطَّرِد، وهو تنقيةُ الشَّيء وتهذيبُه. يقولون: خلَّصتُه من كذا وخَلَصَ هو. وخُلاصة السَّمْنِ: ما أُلقِيَ فيه من تَمْرٍ أو سَويق ليخلُصَ به.
(خلط) الخاء واللام والطاء أصلٌ واحد مخالفٌ للباب الذي قَبلَه، بل هو مُضَادٌّ له. تقول: خلَطْت الشَّيءَ بغيره فاختلط. ورجل مِخْلَطٌ، أي حَسَن المداخَلة للأمورِ. وخِلافُه المِزْيل. قال أوس:
خلع
وإن قالَ لي ماذا تَرَى يستشيرُني
يَجدُني ابنُ عَمِّي مِخْلَطَ الأمر مِزْيَلاَ(1)
والخليط: المجاوِر. ويقال: الخِلْط السّهمُ ينبُتُ عودُه على عِوَجٍ، فلا يزالُ يتعوّجُ وإن قُوِّم. وهذا من الباب؛ لأنّه ليس يُخَالَط في الاستقامة. ويقال استَخْلَط *البعيرُ، وذلك أن يَعْيا بالقَعْو على النّاقة(2) ولا يَهتدِي لذلك، فيُخْلَطَ له ويُلْطَف له.
__________
(1) في ديوان أوس 20: "يجدني ابن عم"، والرواية هنا مستقيمة. وقبله:
وأغفر عنه الجهل إن كان أجهلا
ألا أعتب ابن العم إن كان ظالما
(2) في الأصل: "بالقفو على الناقة" صوابه بالعين، وهو أن يرسل نفسه عليها.(2/168)
(خلع) الخاء واللام والعين أصلٌ واحد مطرّد، وهو مُزايَلة الشَّيء الذي كان يُشتَمَل به أو عليه. تقول: خلعتُ الثّوبَ أخْلَعُهُ خَلْعاً، وخُلِع الوالي يُخْلَعُ خَلْعاً. وهذا لا يكادُ يقال إلاّ في الدُّون يُنْزِل مَن هو أعلى منه، وإلاّ فليس يُقال خَلَع الأميرُ واليَه على بلدِ كذا. ألاَ ترى أنّه إنما يقال عزَله. ويقال طلَّقَ الرَّجُل امرأته. فإن كان ذلك من قبَل المرأة يقال خالعَتْه وقد اختَلَعَتْ(1)؛ لأنّها تَفتدِي نفسَها منه بشيءٍ تبذلُه له. وفي الحديث: "المختلِعات هنَّ المنافقات" يعني(2) اللواتي يخالِعْن أزواجهنَّ من غير أنْ يضارَّهُنّ الأزواج. والخالِع: البُسر النَّضِيج(3)، لأنَّه يَخْلَع قِشرَهُ من رُطوبته. كما يقال فَسَقَتِ الرُّطَبَة، إذا خرجَتْ مِن قشرها.
خلف
ومن الباب خَلَعَ السُّنْبُلُ، إذا صار له سَفاً، كأنَّه خلعَه فأخرجَه. والخليع: الذي خَلَعه أهلُه، فإِن جَنَى لم يُطْلَبُوا بجِنايته، وإنْ جُنِيَ عليه لم يَطْلُبوا به. وهو قوله:
ووادٍ كجوف العَيْرِ قفرٍ قطعتُه
به الذّئبُ يعوِي كالخليع المُعيَّلِ(4)
والخليع: الذِّئبُ، وقد خُلِع أيّ خَلْعٍ! ويقال الخليع الصائد. ويقال: فلانٌ يتخلَّعُ في مِشيتِه، أي يهتزُّ، كأنَّ أعضاءَه تريد أن تتخلَّع(5). والخالع: داءٌ يُصِيب البعير. يقال به خالعٌ، وهو الذي إذا بَرَك لم يقدِرْ على أن يثُور. وذلك أنَّه كأنَّه تخلَّعت أعضاؤُه حتَّى سقطت بالأرض. والخَوْلَع. فَزَعٌ يعترِي الفُؤادَ كالمسِّ؛ وهو قياسُ الباب، كأنَّ الفؤادَ قد خُلِع. ويقال قد تخالَعَ القومُ، إذا نَقَضُوا ما كان بَينهم من حِلْف.
__________
(1) في الأصل: "اختلعها". والذي في المعاجم المتداولة "خلعها" و"اختلعت هي".
(2) في الأصل: "فمن"، وأثبت ما في اللسان.
(3) في الأصل: "النصح".
(4) لامرئ القيس في معلقته.
(5) في الأصل: "كأنه أعضاءه يريد أن يتخلع".(2/169)
(خلف) الخاء واللام والفاء أصولٌ ثلاثة: أحدُها أن يجيءَ شيءٌ بعدَ شيءٍ يقومُ مقامَه، والثاني خِلاف قُدَّام، والثالث التغيُّر.
فالأوّل الخَلَف. والخَلَف: ما جاء بعدُ. ويقولون: هو خَلَفُ صِدْقٍ من أبيه. وخَلَف سَوْءٍ من أبيه. فإذا لم يذكُروا صِدقاً ولا سَوْءاً قالوا للجيِّد خَلَف وللرديِّ خَلْف. قال الله تعالى: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } [الأعراف 169، مريم 59]. والخِلِّيفَى: الخِلافة، وإنَّما سُميِّت خلافةً لأنَّ الثَّاني يَجيءُ بَعد الأوّلِ قائماً مقامَه. وتقول: قعدتُ خِلافَ فُلانٍ، أي بَعْده. والخوالفُ في قوله تعالى:
خلف
{ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ } [التوبة 87، 93] هنَّ النِّساء، لأنَّ الرِّجال يغِيبُون في حُروبهم ومغاوراتِهِمْ وتجاراتِهم وهنّ يخلُفْنهم في البيوت والمنازل. ولذلك يقال: الحيُّ خُلُوفٌ، إذا كان الرِّجال غُيَّباً والنِّساء مُقيماتٍ. ويقولون في الدعاء: "خَلَف اللهُ عليك" أي كانَ الله تعالى الخليفة عليك لمن فَقَدْتَ مِن أبٍ أو حميم. و"أَخْلَف الله لك" أي عوَّضك من الشيء الذاهب ما يكُونُ يقومُ بَعده ويخلُفه. والخِلْفة: نبتٌ ينبت بعد الهشيم. وخِلْفَةُ الشجرِ: ثمرٌ يخرُج بَعد الثَّمر. قال:
أكَلَ النّملُ الذي جَمَعَا(1)
ولها بِالماطِرُونَ إذا
سَكَنَتْ من جِلَّق بِيَعَا(2)
خِلْفَةٌ حتَّى إذا ارتَبَعَتْ
__________
(1) البيت لأبي دهبل الجمحي، كما في الحيوان (4: 10) والخزانة (3: 279). وبعضهم ينسبه إلى الأحوص، كما في الكامل 218. وفي حواشيه "أبو الحسن: الصحيح أنه ليزيد يصف جارية". وهذه النسبة الأخيرة هي التي ذكرها ياقوت في رسم "الماطرون".
(2) في جميع المصادر المتقدمة: "خرفة" بالراء، وهو اسم لكل ما يجتنى. ولم يرد البيت في اللسان (خلف، خرف، ربع، جلق). ورواية "خلفة" وردت في المخصص (11: 9).(2/170)
وقال زهيرٌ فيما يصحّح(1) جميعَ ما ذكرناه:
وأطلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَم(2)
بها العِينُ والآرامُ يَمشِينَ خِلْفَةً
يقول: إذا مرَّتْ هذه خَلفَتْها هذه.
ومن الباب الخَلْف(3)، وهو الاستِقاء، لأنَّ المستقِيَينِ يتخالفانِ، هذا بَعْدَ ذا، وذاك بعد(4) هذا. قال في الخَلْف:
خلف
على عاجِزَاتِ النَّهضِ حُمْرٍ حواصلُه(5)
لِزُغْبٍ كأولاد القَطا راثَ خَلْفُها
يقال: أخْلَفَ، إذا استَقَى.
والأصل الآخر خَلْفٌ(6)، وهو غير قَدّام. يقال: هذا خلفي، وهذا قدّامي. وهذا مشهورٌ. وقال لبيد:
مَولَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها
فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَينِ تَحْسَِبُ أنّه
ومن الباب الخِلْف، الواحد من أخلاف الضَّرع. وسمِّي بذلك لأنّه يكون خَلْفَ ما بعده.
وأمّا الثالث *فقولهم خَلَف فُوه، إذا تغيَّرَ، وأخْلَفَ. وهو قولُه صلى الله عليه وآله وسلم: "لَخُلُوفُ فم الصائم أطيَبُ عند الله من ريح المِسْك". ومنه قول ابن أحمر:
وتنكَّرَ الإخوانُ والدَّهرُ
بانَ الشَّبابُ وأخْلفَ العُمْرُ
ومنه الخِلاف في الوَعْد. وخَلَفَ الرَّجُلُ عن خُلق أبيه: تغيَّر. ويقال الخليف: الثَّوب يَبلَى وسطُه فيُخرَج البالي منه ثم يُلْفَق، فيقال خَلَفْتُ الثَّوبَ أخْلُفُه. وهذا قياسٌ في هذا وفي البابِ الأوّل.
ويقال وعَدَني فأخلفْتُه، أي وجدته قد أخلفَني. قال الأعشى:
خلق
__________
(1) في الأصل: "يصح".
(2) البيت من معلقته المشهورة.
(3) الخلف، بالفتح، ومثله "الخلفة" بالكسر.
(4) في الأصل :" بعدها"
(5) للحطيئة في ديوانه 39 واللسان (خلف 435). راث: أبطأ. وفي الأصل: "القطارات" تحريف. وفي الديوان: "راث خلقها" بالقاف، وفسره السكري بقوله: "أي أبطأ شبابها" ثم نبه على رواية الفاء، ونسبها إلى أبي عمرو.
(6) في اللسان: "وهي تكون اسماً وظرفاً. فإذا كانت اسماً جرت بوجوه الإعراب، وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها".(2/171)
فَمَضَى وأخلَفَ من قُتَيْلَةَ موعِدا(1)
أَثْوَى وقَصَّرَ لَيْلَهُ ليُزَوّدا
فأمّا قولُه:
* دَلْوايَ خِلْفانِ وساقياهما(2) *
فمن أنَّ هذِي تخلُف هَذِي. وأمّا قولهم: اختلفَ النَّاسُ في كذا، والناس خلْفَةٌ أي مختلِفون، فمن الباب الأوّل؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يُنَحِّي قولَ صاحبه، ويُقيم نفسَه مُقام الذي نَحّاه. وأمّا قولهم للناقة الحامل خَلِفَةٌ فيجوز أن يكون شاذّاً عن الأصل، ويجوز أن يُلْطَف له فيقالَ إنّها تأتي بولدٍ، والولدُ خَلَفٌ. وهو بعيد. وجمع الخَلِفة المخَاض، وهُنَّ الحوامل.
ومن الشاذِّ عن الأصول الثلاثة: الخَلِيفُ، وهو الطّريقُ بين الجبلَين. فأمّا الخالفة من عَُمَُد البيت، فلعلَّه أن يكون في مؤخّر البيت، فهو من باب الخَلْف والقُدّام. ولذلك يقولون: فلانٌ خالِفَةُ أهلِ بيته، إذا كان غير مقدَّمٍ فيهم.
ومن باب التغيُّر والفسادِ البَعيرُ الأخلَفُ، وهو الذي يمشِي في شِقٍّ، من داءٍ يعتريه.
(خلق) الخاء واللام والقاف أصلان: أحدهما تقدير الشيء، والآخر مَلاسَة الشيء.
فأمّا الأوّل فقولهم: خَلَقْت الأديم للسِّقاء، إذا قَدَّرْتَه. قال:
ولم يَغِضْ من نِطافِها السَّرَبُ(3)
لم يَحْشِمِ الخالقاتِ فَرْيَتُها
خلق
وقال زهير:
ـضُ القَوم يخلُق ثمَّ لا يَفْرِي
ولأَنْت تَفْرِي ما خلَقْت وبَعـ
ومن ذلك الخُلُق، وهي السجيَّة، لأنّ صاحبَه قد قُدِّر عليه. وفلانٌ خَليق بكذا، وأَخْلِقْ به، أي ما أخْلَقَهُ، أي هو ممَّن يقدَّر فيه ذلك. والخَلاقُ: النَّصيب؛ لأنّه قد قُدِّرَ لكلِّ أحدٍ نصيبُه.
__________
(1) ديوان الأعشى 150 واللسان (ثوى، خلف)، وقد سبق في ثوي (1: 393).
(2) البيت في نوادر أبي زيد 95.
(3) البيت للكميت كما في المجمل، وليس في قصيدته التي على هذا الوزن من الهاشميات.(2/172)
ومن الباب رجلٌ مُخْتَلَقٌ: تامُّ الخَلْق. والخَلْق: خَلْق الكذِب، وهو اختلاقُه واختراعُه وتقديرُه في النَّفس. قال الله تعالى: { وتَخْلُقُونَ إفْكاً }
[العنكبوت 17].
وأمّا الأصل الثاني فصخرة خَلْقَاء، أي مَلْساء. وقال:
وَهْياً ويُنزِل منها الأعْصَمَ الصَّدعا(1)
قد يَتْرُكُ الدَّهرُ في خَلْقَاءَ راسِيَةٍ
ويقال اخلَوْلَقَ السَّحابُ: استَوَى. ورسمٌ مخْلَولِقٌ، إذا استوى بالأرض. والمُخلَّق: السّهم المُصْلَح.
ومن هذا الباب أخْلَقَ الشَّيءُ وخَلُِق، إذا بَلِيَ. وأخلقْتُهُ أنا: أبليتُه. وذلك أنَّه إذا أخْلَقَ امْلاسَّ وذهب زِئْبِرُه. ويقال المُخْتَلَق من كلِّ شيء: ما اعتدَلَ. قال رُؤبة:
* في غِيل قَصْبَاءَ وخِيسٍ مُخْتَلَقْ(2) *
والخَلُوق معروفٌ، وهو الخِلاَق أيضاً. وذلك أنّ الشيء إذا خُلِّق مَلُسَ. ويقال ثوبٌ خَلَقٌ ومِلحَفَةٌ خَلَق، يستوي فيه المذكَّر والمؤنث. وإنما قيل للسَّهم المُصلَح مُخَلَّقٌ لأنّه يصير أملس. وأمّا الخُلَيْقاءُ في الفَرَس كالعِرنين من الإنسان.
خمج - خمد - خمر
{باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي}
(خمج) الخاء والميم والجيم يدلُّ على فتورٍ وتغيُّر. فالخَمَج في الإنسان: الفتور. يقال أصبَحَ فلانٌ خَمِجاً، أي فاتِراً. وهو في شعر الهُذَليّ(3):
* أخْشَى دُونَه الخَمَجَا(4) *
ويقولون خَمِجَ اللّحمُ، إذا تغيَّر وأرْوَحَ.
__________
(1) للأعشى في ديوانه 73 واللسان (خلق).
(2) ديوان رؤبة 106. وأنشده في المخصص (11: 56).
(3) هو ساعدة بن جؤية الهذلي. انظر نسخة الشنقيطي من الهذليين 87 والجزء الثاني من مجموع أشعار الهذليين 37 ليبسك، واللسان (خمج).
(4) البيت بتمامه:
آتي إلى الخدرِ أخشى دونه الخمجا
ولا أقيم بدار الهون إن ولا(2/173)
(خمد) الخاء والميم والدال أصلٌ واحد، يدلُّ على سكونِ الحركة والسُّقوط. خَمَدَتِ النارُ خُموداً، إذا سكَنَ لَهبُها. وخَمَدَت الحُمَّى إذا سكَنَ وهَجُها. ويقال للمُغْمَى عليه: خَمَدَ(1).
(خمر) الخاء والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على التغطية، والمخالطةِ في سَتْر. فالخَمْرُ: الشَّراب المعروف. قال *الخليل: الخمر معروفةٌ؛ واختمارُها: إدراكُها وغَليانُها. ومخمِّرها: متَّخِذها. وخُمْرتها: ما غَشِيَ المخمورَ من الخُمار والسُّكْر في قَلْبه. قال:
فلم تكَدْ تَنْجَلِي عن قَلْبِه الخُمَرُ(2)
لَذٌّ أصابَتْ حُمَيَّاها مَقَاتِلَهُ
خمر
ويقال به خُمارٌ شَديد. ويقولون: دَخَلَ في خَُمار الناسِ وخَمَرِهم، أي زحْمتهم. و"فلانٌ يَدِبُّ لفُلانٍ الخَمَر"، وذلك كناية عن الاغتيال. وأصلُه ما وارَى الإنسان من شجرٍ. قال أبو ذؤيب:
عَشِيَّةَ همْ مثلُ طَيْرِ الخَمَرْ(3)
فليتَهُمُ حَذِرُوا جَيشَهُم
أَي يُختلون ويُستَتَر لهم. والخِمار: خِمار المرأة. وامرأةٌ حسنَة الخِمْرَة، أي لُبْس الخِمار. وفي المثل: "العَوَانُ لا تُعَلَّم الخِمْرة". والتخمير: التغطية. ويقال في القوم إذا توارَوْا في خَمَرِ الشَّجر: قد أخْمَرُوا. فأمّا قولهم: "ما عِندَ فُلانٍ خَلٌّ ولا خَمْرٌ" فهو يجري مَجرى المثل، كأنّهم أرادوا: ليس عِنده خيرٌ ولا شَرّ. قال أبو زيد: خامَرَ الرّجُل المكانَ، إذا لزِمه فلم يَبْرح. فأمَّا المخمّرة من الشاءِ فهي التي يبيضُّ رأسها مِن بين جسدِها. وهو قياسُ الباب؛ لأنَّ ذلك البياضَ الذي برأسها مشبّهٌ بخِمار المرأة. ويقال خمَّرتُ العجينَ، وهو أنْ تتركَه فلا تستعملَه حتَّى يَجُود. ويقال خَامَرَهُ الدّاء، إذا خالط جوفَه. وقال كثيِّرٌ:
__________
(1) في المجمل: "وخمد الرجل: مات أو أغمي عليه".
(2) البيت في اللسان (خمر 340).
(3) ديوان أبي ذؤيب 150.(2/174)
لِعَزَّةَ من أعراضِنا ما اسْتَحَلَّتِ(1)
هَنيئاً مَريئاً غَيْرَ داءٍ مُخَامِرٍ
قال الخليل: والمستَخْمَر(2) بلغة حِمْيَر: الشَّرِيك. ويقال دخَلَ في الخَمَر، وهي وَهْدَةٌ يختفي فيها الذِّئبُ ونحوهُ. قال:
فقد جاوزْتُما خَمَرَ الطَريقِ(3)
ألا يا زَيدُ والضَّحاكَُ سَيْراً
خمس
ويقال اختَمَرَ الطِّيبُ، واخْتَمَرَ العَجين(4). ووجدت منه خُمْرَةً طيِّبة وخَمَرَةً، وهو الرّائحة. والمخامَرة: المقارَبة(5). وفي المثل: "خامِرِي أُمَّ عامِرِ"، وهي الضَّبع. وقال الشَّنْفَرى:
عليكُمْ ولكن خَامِرِي أمَّ عامرِ(6)
فلا تدفِنُوني إنَّ دفْنِي مُحَرَّمٌ
أي اترُكُوني لِلَّتِي(7) يقال لها: "خامِرِي أُمَّ عامر". والخُمْرة: شيءٌ من الطِّيب تَطَّلِي به(8) المرأةُ على وجهها ليحسُن به لونُها. والخُمْرة: السّجَّادة الصَّغيرة. وفي الحديث: "أنه كان يسجدُ على الخُمْرة".
ومما شذَّ عن هذا الأصل الاستخمار، وهو الاستعباد؛ يقال استخمرت فلاناً، إذا استعبدتَه. وهو في حديث مُعاذ: "من استَخْمَر قوماً"، أي استعبَدَهم.
__________
(1) قصيدة البيت في أمالي القالي (2: 107-110)، والأغاني (8: 37-38)، وتزيين الأسواق 41، 42.
(2) الذي في اللسان والقاموس أن المستخمر: المستعبد. وذكر في اللسان أنها لغة أهل اليمن. وانظر آخر هذه المادة.
(3) كذا ضبطت "سيرا" في الأصل. ويصح أن يقرأ "سيرا" بأمر الاثنين.
(4) في الأصل: "والخمير العجين"، محرف. وفي اللسان: "قد اختمر الطيب والعجين".
(5) في الأصل: "المقابرة"، صوابه من المجمل واللسان.
(6) للشعر قصة في الأغاني (21: 89) ومقدمة الشعر والشعراء لابن قتيبة. وانظر حماسة أبي تمام
(1: 188) والحيوان (6: 450) والمخصص (13: 258) والأزمنة والأمكنة (1: 293).
(7) في الأصل: "للمتى"، تحريف.
(8) في الأصل: "تطليه".(2/175)
(خمس) الخاء والميم والسين أصلٌ واحد، وهو في العدد. فالخمسة معروفة. والخمس(1): واحدٌ من خَمْسَةٍ. يقال خَمَسْتُ القومَ: أخذْتُ خمس أموالِهم، أخْمُسُهم. وخَمَسْتُهم: كنتُ لهم خامساً، أخْمِسُهُم. والخِمْس: ظِمْءٌ من أظماء الإبل. قال الخليل: هو شُرْب الإِبلِ اليومَ الرابعَ من يَومَ صَدَرَتْ؛
خمش
لأنهم يَحسُبون يومَ الصَّدَر. والخميس: اليوم الخامسُ من الأسبوع، وجمعُه أَخمِساءُ وأخمِسَةٌ، كقولك نصيبٌ وأنصِباءُ [وأنصِبة(2)]. والخُماسِيُّ والخُماسيّة: الوَصيف والوصيفةُ طولُه خمسةُ أشبار. ولا يقال سُدَاسِيٌّ ولا سُباعيٌّ إذا بلغ ستّةَ أشبارٍ أو سبعةً. وفي غير ذلك الخُماسيُّ ما بلغ خَمسةً، وكذلك السداسيُّ والعُشاريّ. والخَميس والمخمُوس من الثِّياب: الذي طولُه خَمسُ أذرُع. وقال عَبِيد:
ومُذَرَّباً في مارِنٍ مَخْموسِ(3)
هاتيك تحمِلُني وأبْيضَ صارماً
يريد رُمْحاً طولُه خمسُ أذرع.
وقال مُعاذٌ لأهل اليمن: "ايتوني بخَميسٍ أو لَبِيسٍ آخُذُه منكم في الصَّدَقة(4)". وقد قيل إنّ الثوبَ الخميسَ سمِّي بذلك لأنّ أوّلَ من عمِله مَلِكٌ باليمن كان يقال له الخِمْس. قال الأعشى:
ـخِمْسِ ويَوْماً أديمَها نَغِلا(5)
يَوْماً تَراها كمثل أردية الـ
ومما شذَّ عن الباب الخَمِيس، وهو الجَيْش الكثير. ومن ذلك الحديثُ: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لما أشْرَفَ على خَيْبر قالوا: محمدٌ والخَمِيس"، يريدون الْجَيْش.
(خمش) الخاء والميم والشين أصلٌ *واحد، وهو الخَدْشُ وما قارَبَه.
خمص
__________
(1) الخمس، بالضم، وبضمتين، وبالكسر أيضاً.
(2) التكملة من المجمل.
(3) ديوان عبيد بن الأبرص 43 واللسان (خمس 371). وفي الديوان: "ومحربا في مارن".
(4) في اللسان: "الخميس الثوب الذي طوله خمس أذرع، كأنه يعني الصغير من الثياب".
(5) ديوان الأعشى 155 واللسان (خمس، نغل). ويروى: "كأردية العصب".(2/176)
يقال خَمَشْتُ خَمْشاً. والخُمُوش: جمع خَمْشٍ. قال:
فامْلَئِي وجهَكِ الجميلَ خُمُوشا(1)
هاشمٌ جَدُّنا فإِن كُنْتِ غَضْبى
وَالخموش: البعوض. قال:
وَغَى رَكْبٍ أُمَيْمَُ ذَوِي زِياطِ(2)
كأنَّ وَغَى الخَمُوش بجانبيهِ
والخُمَاشَة من الجِراحة والجمع خُماشاتٌ: ما كان منها ليس له أرْشٌ معلوم. ... وهو قياس الباب، كأنَّ ذلك يكونُ كالخَدْشِ.
(خمص) الخاء والميم والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على الضُّمْر والتّطامُن. فالخميص: الضّامر البَطْن؛ والمصدر الخَمَْص. وامرأةٌ خُمْصانةٌ: دقيقة الخَصْرِ. ويقال لباطن القَدَم الأخْمَص. وهو قياسُ الباب، لأنّه قد تداخَل. ومن الباب المَخْمَصة، وهي المجاعة؛ لأنَّ الجائِع ضامرُ البطْن. ويقال للجائع الخميص، وامرأةٌ خميصة قال الأعشى:
وجاراتُكم غَرْثى يَبِتْن خمائصا(3)
تَبِيتون في المَشْتَى مِلاءً بطونُكُمْ
فأمّا الخَمِيصة فالكِساء الأسودُ. وبها شَبَّه الأعشى شَعْرَ المرأة:
عليها وجرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامِصا(4)
إذا جُرِّدَتْ يوماً حَسِبْتَ خَميصةً
فإنْ قيل: فأينَ قِياسُ هذا من الباب؟ فالجواب أنّا نقول على حَدِّ الإمكان
خمط - خمع - خمل
والاحتمال: إنّه يجوز أن يسمَّى خميصةً لأنّ الإنسانَ يشتمِل بها فيكون عند أخْمَصِهِ، يريد به وسطَه. فإن كان ذلك صحيحاً وإلاَّ عُدَّ فيما شذَّ عن الأصل.
(خمط) الخاء والميم والطاء أصلان: أحدهما الانجراد والمَلاسَة، والآخَر التسلُّط والصِّيَال.
__________
(1) للفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب، يخاطب امرأته. واللسان (خدش) والعمدة (1: 111).
(2) البيت للمتنخل الهذلي، كما في القسم الثاني من أشعار الهذليين 93 واللسان (8: 188/ 20:
277). وانظر شرح الحيوان (5: 403).
(3) في ديوان الأعشى 109: "وجاراتكم جوعى".
(4) ديوان الأعشى 108 واللسان (خمص). وفي الديوان: "وجريالاً يضيء دلامصا".(2/177)
فأمّا الأوّل فقولهم: خَمَطْتُ الشّاةَ، وذلك [إذا] نزعْتَ جلدَها وشويتَها. فإن نُزِع الشّعر فذلك السَّمْط. وأصل ذلك من الخَمْط، وهو كلُّ شيءٍ لا شَوكَ له.
والأصل الثاني: قولُهم تخمَّطَ الفَحلُ، إذا هاج وهَدَرَ. وأصلُه مِن تخمّط البحرُ، وذلك خِبُّه والتطامُ أمواجِه.
(خمع) الخاء والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على قلّة الاستقامة، [و] على الاعوجاج. فمن ذلك خَمَعَ الأعرجُ. ويقال للضِّباع الخوامع؛ لأنّهنّ عُرْجٌ. والخِمعْ: اللِّص. والخِمع: الذِّئب. والقياسُ واحدٌ.
(خمل) الخاء والميم واللام أصلٌ واحد يدل على انخفاضٍ واسترسالٍ وسُقوطٍ. يقال خَمَلَ ذكرُه يخمُل خُمولا. والخامل: الخفيّ؛ يُقال: هو خامِل الذِّكر؛ والأمرُ الذي لا يعرَف ولا يُذكَر. والقول الخامل: الخَفِيض. وفي حديثٍ: "اذكُروا الله ذِكراً خاملا". والخَميلة: مَفْرَجٌ من الرَّمْل في هَبْطةٍ، مَكْرَمَةٌ للنَّبات. قال زُهير:
* شَقائِقَ رمْلٍ بينهنَّ خَمائلُ(1) *
خنب
وقال لبيد:
يُروي الخَمائِلَ دائماً تَسجامُها(2)
باتَتْ وأسْبَلَ واكِفٌ من دِيمَةٍ
والخَمْل، مجزوم: خَمْل القطيفة والطِّنْفِسة. ويقال لريش النَّعام خَمْل. وذلك قياسُ الباب؛ لأنّه يكون مسترسِلا ساقطاً في لينٍ.
فأمّا الخُمال فقال قوم: هو ظَلْعٌ يكون في قوائم البعير. فإن كان كذا فقياسُه قياسُ الباب؛ لأنّه لعَلَّه عن استرخاء. وقال الأعشى في الخُمال:
ـطَعْ عُبيدٌ عروقَها مِن خُمالِ(3)
لم تُعَطَّفْ على حُِوارٍ ولم يَقْـ
{باب الخاء والنون وما يثلثهما}
__________
(1) صدره كما في ديوانه 295:
* نشزن من الدهناء يقطعن وسطها *
(2) البيت من معلقة لبيد.
(3) ديوان الأعشى 9 واللسان (حمل).(2/178)
(خنب) الخاء والنون والباء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على لِينٍ ورَخاوةٍ. ويقال جاريةٌ خَنِبةٌ: رخِيمَةٌ غَنِجة. ورجل خِنّاب، أي ضَخْمٌ في عَبَالَةٍ. وحكى بعضُهم عن الخليل أنّه قال: هو خِنَّأْبٌ مكسور الخاء شديدةُ النّون مهموزة. وهذا إنْ صح عن الخليل فالخليلُ ثقةٌ، وإلا فهو على ما ذكرناه من غير همز. ويقال الخِنَّاب من الرجال: الأحمق المتصرِّف، يختلج هكذا مرَّةً وهكذا مَرَّةً. وقال الخليل: الخنَّاب الضَّخم المَنْخَر. والخِنَّابَة: الأرنبةُ الضخمة. وقال:
منهمْ وذَا الخِنَّابةِ العَفَنْجَجَا(1)
أَكوِي ذَوِي* الأضغانِ كَيّاً مُنْضِجا
خنا - خنث - خنز
ومما لم يذكره الخليلُ، وهو قياسٌ صحيح، قولهم خَنَبَتْ رِجْلُه، أي وَهَنَتْ، وأَخْنَبْتُها أنا أوهنْتُها. قال:
إذْ صارت الخيلُ كعِلْبَاءِ العُنُقْ(2)
أبِي الذي أخْنَبَ رِجْلَ ابن الصَّعِقْ
(خنا) الخاء والنون وما بعدها معتلٌّ، يدلُّ على فَسادٍ وهَلاك. يقال لآفات الدهر خَنىً. قال لبيد:
* وقَدَرْنا إنْ خَنَى الدَّهْرِ غَفَلْ(3) *
وأخنَى عليه الدّهر: أهلكَه. قال:
* أخنَى عليها الذي أخْنَى على لُبَدِ(4) *
والخَنَا من الكلام: أفحشُه. يقال خنا يخنو خَناً، مقصور. ويقال أخْنَى فلانٌ في كلامِه.
__________
(1) البيتان في اللسان (خنب، عفج).
(2) الرجز لتميم بن العمود بن عامر بن عبد شمس، وكان العمود طعن يزيد بن الصعق فأعرجه. قال ابن بري: وقد وجدته أيضاً في شعر ابن أحمر الباهلي. اللسان (خنب).
(3) صدره كما في ديوانه 13 طبع 1881 واللسان (خنا):
* قال هجدنا فقال طال السرى *
(4) البيت للنابغة في ديوانه 17 واللسان (خنا). وصدره:
* أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا *(2/179)
(خنث) الخاء والنون والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على تكسُّرٍ وتثَنٍّ. فالخَنِث: المسترخِي المتكسِّر. ويقال خَنَثْتُ السِّقاءَ، إذا كسَرْتَ فمه إلى خارج فشرِبْتَ منه. فإن كسَرْتها إلى داخل فقد قَبَعْتَه. وامرأةٌ خُنُثٌ: مُتَثَنِّيةٌ.
(خنز) الخاء والنون والزاء كلمةٌ واحدةٌ من باب المقلوب، ليست أصلاً. يقال خَنِزَ اللحم خَنَزاً، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه وخَزِن. وقد مَضَى.
خنس - خنط - خنع - خنف
(خنس) الخاء والنون والسين أصلٌ واحد يدلُّ على استخفاءٍ وتستُّر. قالوا: الخَنْس الذهاب في خِفْية. يقال خَنسْتُ عنه. وأخْنَسْتُ عنه حقَّه. والخُنَّس: النُّجوم تَخْنِس في المَغيب. وقال قوم: سُمِّيت بذلك لأنّها تَخفَى نهاراً وتطلُع ليلاً. والخنّاس في صِفة الشَّيطان؛ لأنّه يَخْنِسُ إذا ذُكر الله تعالى. ومن هذا الباب الخَنَسُ في الأنف. انحِطاط القصَبة. والبقرُ كلُّها خُنْسٌ.
(خنط) الخاء والنون والطاء كلمةٌ ليست أصلاً، وهي من باب الإبدال. يقال خَنَطَهُ: إذا كَرَبَه، مثلُ غَنَطه، وليس بشيء.
(خنع) الخاء والنون والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ذُلٍّ وخضوع وضَعَةٍ، فيقال: خضع له وخَنَع. وفي الحديث: "إنّ أخْنَعَ الأسماء(1)" أي أذَلَّها. ويقال أخنَعْتني إليه الحاجة، إذا ألجأتْه إليه وأذلّتْه له. ومن الباب الخانع: الفاجر. يقال: اطَّلَعْتُ منه على خَنْعَةٍ، أي فَجْرة. وهو قوله:
* ولا يُرَوْنَ إلى جاراتِهمْ خُنُعا(2) *
ومنه قول الآخر:
فَتَنْعَبَ مِن وادٍ عليك أشائمُه(3)
لَعَلَّكَ يوماً أن تُلاقَى بِخَنْعةٍ
وخُنَاعة: قبيلة.
(خنف) الخاء والنون والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على مَيَلٍ ولِين.
خنق
__________
(1) في اللسان "إن أخنع الأسماء إلى الله تبارك وتعالى من تسمى باسم ملك الأملاك".
(2) صدره كما في ديوان الأعشى 85 واللسان (خنع):
* هم الخضارم إن غابوا وإن شهدوا *
(3) أنشده في المجمل.(2/180)
فالخَنُوفُ: النّاقةُ الليِّنة اليدينِ في السَّير. والمصدر الخِناف. قال الأعشى:
يداها خِنافاً ليِّناً غيرَ أجرَدَا(1)
وأذْرَتْ برِجْلَيْها النَّفِيَّ وراجَعَتْ
قالوا: والخِناف أيضاً في العُنق: أن تُمِيلَه إذا مُدّ بزِمامها. والخَنيف: جنسٌ من الكَتّان أردأ ما يكونُ منه. وفي الحديث: "تَخَرَّقَتْ عَنَّا الخُنُف، وأحرَقَ بطونَنا التَّمر". وقال:
عَلى كالخَنِيفِ السَّحْقِ يَدعُو به الصَّدَى
له قُلُبٌ عُفَّى الحِياضِ أُجُونُ(2)
(خنق) الخاء والنون والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على ضيقٍ. فالخانق: الشِّعْب الضَّيِّق. وقال بعضُ أهل العلم: إنَّ أهل اليَمن يسمُّون الزُّقاق خانقاً. والخَنِق مصدر خَنَقَه يخنِقُه خَنِقاً(3). قال بعض أهل العلم: لا يقال خَنْقاً. والمِخْنَقَةُ: القِلادة.
خوي - خوب - خوت
{باب الخاء والواو وما يثلثهما}
(خوي) الخاء والواو والياء أصلٌ واحد يدلُّ على الخُلوِّ والسُّقوط. يقال خَوَتِ الدّارُ تخوي. وخَوَى النّجم، إذا سقَط ولم يكنْ عند سقوطه مَطر؛ وأخْوَى أيضاً. قال:
أنِضَّةَ محْلٍ ليس قاطِرُها يُثْرِي(4)
وأَخْوَتْ نَجُومُ الأخْذِ إلاّ أنِضَّةً
__________
(1) ديوان الأعشى 102 واللسان (خنف) برواية "أجدت برجليها نجاء" في الديوان، و"النجاء" في اللسان.
(2) عفى: جمع عاف، كغاز وغزى. والأجون، بالضم: جمع أجين. وفي اللسان (خنف): "له قلب عادية وصحون".
(3) كذا ضبط في الأصل بكسر النون من "الخنق" و"خنقا" على اللغة الصحيحة، وهي التي ذكرها صاحب القاموس، قال "خنقه خنقاً ككتف". وأما صاحب اللسان فذكر اللغتين، قال: "الخنق، بكسر النون مصدر قولك: خنقه يخنقه خَنْقاً وخَنِقاً".
(4) البيت في اللسان (خوى، أخذ، نضض) والأزمنة والأمكنة (1: 185). وقد سبق إنشاده في (أخذ
1: 70).(2/181)
وخَوَّتِ النّجومُ تخوِيةً، إذا مالت للمَغِيب. وخَوَّتِ الإبلُ تخويةً، إذا خُمِصَتْ بُطونُها. وخَويت المرأةُ خَوَىً، إذا لم *تأكلْ عند الولادة. ويقال خَوَّى الرّجلُ، إذا تجافى في سجوده، وكذا البعيرُ إذا تجافى في بُروكه. وهو قياس الباب؛ لأنّه إذا خوَّى في سجودِه فقد أخلَى ما بين عضُده وجَنْبِه. وخَوَّتِ المرأةُ عند جلوسها على المِجْمر. وخوَّى الطائر، إذا أرسل جناحَيه. فأمَّا الخَوَاةُ فالصَّوت. وقد قلنا إنّ أكثر ذلك لا ينقاس، وليس بأصلٍ.
(خوب) الخاء والواو والباء أُصَيْلٌ يدلُّ على خُلوٍّ وشِبهه. يُقال أصابتهم خَوْبةٌ، إذا ذهب ما عندهم ولم يبق شيءٌ. والخَوْبَةُ: الأرض لا تُمطَرُ بين أرضَينِ قد مُطرَتَا؛ وهي كالخَطِيطة.
(خوت) الخاء والواو والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على نفاذٍ ومرور بإِقدامٍ. يقال رجُلٌ خَوّاتٌ، إذا كان لا يبالِي ما رَكِبَ من الأمور. قال:
خوث
من الرِّجال زَمِيعِ الرَّأْي خَوّاتِ(1)
لا يَهْتَدِي فيه إلا كلُّ منصلِتٍ
هذا هو الأصل. ثمّ يقال خاتَت العُقَاب، إذا انقضَّت؛ وهي خائتة. قال أبو ذؤيب:
كما تَنْقَضُّ خائتةٌ طَلُوبُ(2)
فألقَى غِمْدَهُ وهَوَى إليهم
ويقال: مازالَ الذِّئبُ يَخْتاتُ الشّاةَ بعد الشّاة، أي يَخْتِلُها ويَعُدو عليها. فأمَّا ما حكاه ابن الأعرابيّ من قولهم خاتَ يَخُوتُ إذا نَقَض عهدَه، فيجوز أن يكون من الباب، كأنّه نَقَض ومرَّ في نَهْجِ غَدْرِه. ويجوز أن يكون التّاء مبدلةً من سين، كأنَّه خاس، فلما قُلبت السين تاءً غُيِّر البناء(3) من يَخِيس إلى يَخُوت.
__________
(1) البيت في المجمل واللسان (خوت).
(2) ديوان أبي ذؤيب 95.
(3) في الأصل: "النساء".(2/182)
ومن ذلك خاتَ الرّجلُ وأنْفَضَ، إذا ذَهَبَتْ مِيرتُه. وهو من السين. وكذلك خات الرّجُل إذا أسنَّ. فأمّا قولهم إنّ التَّخوُّتَ التنقُّص فهو عندنا، من باب الإبدال، إمَّا أن يكون من التخوُّن أو التخوّف(1)، وقد ذُكِرا في بابهما. ويقال فلانٌ يتخوَّتُ حديثَ القومِ ويختاتُ، إذا أَخَذَ منه وتَحَفَّظَ.
ومن الباب الأول هم يَخْتَاتونَ اللَّيل، أي يسِيرون ويَقطَعون.
(خوث) الخاء والواو والثاء أُصَيلٌ ليس بمطّرد ولا يقاسُ عليه. يقولون خَوِثتِ المرأةُ، إذا عظُم بَطْنُها. ويقال بل الخَوْثاء النَّاعمة. قال:
خوخ - خود - خوذ - خور
وهي بِكْرٌ غَرِيرةٌ خَوْثاءُ(2)
عَلِقَ القَلْبَ حبُّها وهَواها
(خوخ) الخاء والواو والخاء ليس بشيء. وفيه الخَوْخُ، وما أُراه عربيّاً.
(خود) الخاء والواو والدال أُصَيلٌ فيه كلمةٌ واحدة. يقال خَوَّدُوا في السَّير. وأصله قولهم خَوَّدْتُ الفحلَ تخويداً، إذا أرسلتَه في الإناث. وأنشد:
بِدارِ الرِّيف تخويدَ الظَّليمِ(3)
وخُوِّدَ فَحْلُها من غَيرِ شَلٍّ
كذا أنشده الخليل. ورواه غيرُه: "وخَوَّد فَحْلُها".
(خوذ) الخاء والواو والذال ليس أصلاً يطّرد، ولا يُقاس عليه، وإنّما فيه كلمة واحدة مُختلَفٌ في تأويلها. قالوا: خاوَذْتُه، إذا خالفْتَه. وقال بعضهم: خاوذتُه وافَقْتُه. ويقولون: إنّ خِواذَ الحُمَّى أن تأتِيَ في وقتٍ غير معلوم.
(خور) الخاء والواو والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على صوت، والآخَر على ضَعْف.
فالأوّل قولُهم خار الثَّور يخور، وذلك صوتُه. قال الله تعالى: { فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ } [طه 88].
__________
(1) في الأصل: "والتخوف".
(2) لأمية بن حرثان بن الأسكر، كما في اللسان (خوث). وأنشده في المجمل.
(3) البيت للبيد في ديوانه 8 طبع 1880 واللسان (خور). وفي الديوان واللسان: "بدار الريح"، أي مبادرة ومسابقة للريح الباردة.(2/183)
وأمّا الآخر فالخَوَّار: الضعيفُ مِن كلِّ شيء. يقال رُمْحٌ خوّارٌ، وأرضٌ خَوّارةٌ، وجمعه خُورٌ. قال الطِّرِمّاح:
خوس - خوش - خوص
إذا جعلَتْ خُور الرِّجال تَهِيعُ(1)
أنا ابنُ حماةِ المَجْد من آلِ مالك
وأما قولهم للناقة العزِيزة خَوّارةٌ والجمع خُورٌ، فهو من الباب؛ لأنّها إذا لم تكن عَزُوزاً- والعَزُوز: الضيِّقة الإحليل، مشتقّة من الأرض العَزَاز- فهي حينئذ خَوّارةٌ، إذْ كانت الشّدَّة قد زايلَتْها.
(خوس) الخاء والواو والسين أصلٌ واحد يدلُّ على فسادٍ. يقال خاسَت الجِيفَةُ في أوّلِ ما تُرْوِحُ؛ فكأنَّ ذلك كَسَدَ حتَّى فَسَد. ثمّ حُمِل على هذا فقيل: خاسَ بعَهْده، إذا أخْلَف وخان. قالوا: و*الخَوْسُ الخِيانة. وكلُّ ذلك قريبٌ بعضُه من بعض. وهذه كلمةٌ يشترك فيها الواو والياء، وهما متقاربان، وحَظّ الياء فيها أكثر، وقد ذكرت في الياء أيضاً.
(خوش) الخاء والواو والشين أصلٌ يدلُّ على ضمْر وشِبهه. فالمتخوِّش: الضامر، ولذلك تسمَّى الخاصِرتان الخَوْشَينِ.
(خوص) الخاء والواو والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على قِلّةٍ ودِقّة وضِيق. من ذلك الخَوَصُ في العين، وهو ضِيقُها وغُؤورها. والخُوص: خُوص النَّخلةِ دقيقٌ ضامر. ومن المشتقّ من ذلك التخوُّص، وهو أخْذُ ما أعطيتَه الإنْسانَ وإن قَلّ. يقال: تخوَّصْ منه ما أعطاك وإنْ قَلَّ. قال:
مِنْ كُلِّ ذاتِ لَبَنٍ رِفَلِّ(2)
يا صَاحِبَيَّ خَوِّصَا بسَلِّ
خوض - خوط - خوع
__________
(1) ديوان الطرماح 154 واللسان (خور، هيع). وفي الأصل: "من آل هاشم" تحريف، صوابه من المراجع وما سيأتي في (هيع). والطرماح طائي، ومالك من أجداده، وهو مالك بن أبان ابن عمرو بن ربيعة ابن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ.
(2) الرجز في اللسان (خوص) برواية: "من كل ذات ذنب".(2/184)
يقول: قرِّبا إبلَكُما شيئاً بَعد شَيء، ولا تَدَعَاهَا تَدَاكُّ على الحَوْض(1). قال:
ولا تَذُوداها ذِيادَ الضُّلاَّلْ(2)
يا ذائِدَيْها خَوِّصا بإرسالْ
وقال آخَر(3):
إنِّي أخاف النائِباتِ بالأُوَلْ
أقُول للذَّائِدِ خوِّصْ برَسَلْ
وأمّا قولُهم: أخْوَصَ العَرْفَج، فهو مشتق مِن أخْوَصَ النَّخْل، لأنّ العَرْفَج إذا تَفَطَّرَ صار له خُوصٌ.
(خوض) الخاء والواو والضاد أصلٌ واحد يدلُّ على توسُّطِ شيء ودُخولٍ. يقال خُضْتُ الماءَ وغيرَه. وتخاوَضوا في الحديثِ والأمرِ، أي تفاوَضُوا وتداخَل كلامُهم.
(خوط) الخاء والواو والطاء أُصَيلٌ يدلُّ على تَشعُّبِ أغصان. فالخُوط الغُصْن، وجمعه خِيطان. قال:
* على قِلاصٍ مِثْلِ خِيطانِ السَّلَمْ(4) *
(خوع) الخاء والواو والعين أصلٌ يدلُّ على نَقْص ومَيَل. يقال خوَّع الشَّيءَ، إذا نَقَصَه. قال طرَفة:
خوف - خوق - خول
زَجْرُ المعلَّى أُصُلاً والسَّفِيحْ(5)
وجاملٍ خَوَّعَ من نِيبِه
خَوَّع: نَقَص. يعني بذلك ما يُنْحَر منها في المَيْسِر.
والخَوْع: مُنْعَرج الوادِي. والخُوَاع: النَّخِير. وهذا أقْيَس من قولهم إنّ الخَوْع: جبلٌ أبْيَض.
__________
(1) تداك على الحوض: تزدحم عليه.
(2) الرجز لأبي النجم، كما في اللسان (خوص).
(3) هو زياد العنبري، كما في اللسان (خوص).
(4) من رجز لجرير في ديوانه 52. وفي الأصل: "على قلائص"، والمجمل: "على فلان" تحريف.
(5) في الأصل: "وحامل خوع من بنته"، صوابه في اللسان (خوع). ورواية الديوان: "من نبته" أي نسله. وقد أشار إلى هذه في اللسان.(2/185)
(خوف) الخاء والواو والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على الذُّعْرِ والفزَع. يقال خِفْتُ الشّيءَ خوفاً وخِيفةً. والياء مبدَلةٌ من واو لمكان الكسرة. ويقال خاوَفَني فلانٌ فخُفْتُه، أي كنتُ أشدَّ خوفاً منه. فأمّا قولهم تخوَّفْتُ الشَّيءَ، أي تنقّصتُه، فهو الصحيح الفصيح، إلا أنّه من الإبدال، والأصلُ النّون من التنقُّص، وقد ذُكِر في موضعه.
(خوق) الخاء والواو والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على خُلوِّ الشّيء. يقال مفازةٌ خَوْقاء، إذا كانت خاليةً لا ماءَ بها ولا شيء. والخَوْق: الحَلْقة من الذَّهب، وهو القياسُ؛ لأنَّ وسَطه خالٍ.
(خول) الخاء والواو واللام أصلٌ واحد يدلُّ على تعهُّد الشَّيء. مِن ذلك: "إنَّه كان يتخوَّلُهم بالموعظة(1)"، أي كان يتعَّدُهم بها. وفلان خَوْلِيُّ مالٍ، إذا كان يُصلِحه. ومنه: خَوَّلك اللهُ مالاً، أي أعطاكَه؛ لأنّ المال يُتَخوَّل، أي يُتَعَهَّد. ومنه خَوَلُ الرّجُل، وهم حَشَمُه. أصله أنَّ الواحدَ خائل، وهو
خون
الرَّاعي. يقال فُلانٌ يَخُول على أهله، أي يَرعَى عليهم. ومن فصيح كلامهم: تخوَّلت الرِّيح الأرضَ، إذا تصرَّفَتْ فيها مرّةً بعد مرّة.
(خون) الخاء والواو والنون أصلٌ واحد، وهو التنقص. يقال خانَه يخُونه خَوْناً. وذلك نُقصانُ الوَفاء. ويقال تخوَّنَني فلانٌ حَقِّي، أي تنقَّصَني. قال ذو الرُّمَّة:
مَرَّاً سحابٌ ومَرَّاً بارِحٌ تَرِبُ(2)
لا بَلْ هُو الشَّوقُ من دارٍ تَخَوَّنَها
__________
(1) في اللسان: "وفي الحديث: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة. أي يتعهدنا بها مخافة السأم علينا".
(2) ديوان ذي الرمة 2 واللسان (خون).(2/186)
ويقال الخَوَّانُ: الأسَد. والقياسُ واحد. فأمّا الذي يقال إنهم كانوا يسمُّون في العربيّة الأولى الرّبيع الأوَّل [خَوَّاناً(1)]، فلا معنى له ولا وجهَ للشُّغْل به. وأما قول ذي الرُّمَّة:
داعٍ يُنادِيهِ باسمِ الماءِ مَبْغومُ(2)
لا يَنْعَشُ الطَّرْفَ إلاَّ ما تَخَوَّنَهُ
فإنْ كان أراد بالتخوُّن التعهُّدَ كما قاله بعضُ *أهل العلم، فهو من باب الإبدال، والأصل اللام: تخوَّلَه، وقد مضى ذِكرُه. ومِنْ أهل العلم من يقول: يريد إلاّ ما تَنَقَّصَ نومَه دُعاءُ أمِّه له.
وأمَّا الذي يؤكل عليه، فقال قومٌ: هو أعجميٌّ. وسمعت عليَّ بنَ إبراهيمَ القَطَّان يقول: سُئِل ثعلبٌ وأنا أسمَعُ، فقِيل يجُوز أنْ يُقال إن الخُِوان يسمَّى خُِوانا لأنّه يُتخوَّن ما عليه، أي يُنْتَقَص. فقال: ما يَبْعُد ذلك. والله تعالى أعلم.
خيب - خير
{باب الخاء والياء وما يثلثهما}
(خيب) الخاء والياء والباء أصلٌ واحد يدلُّ على عدم فائدةٍ وحِرمانٍ. والأصل قولهم للقِدْحِ الذي لا يُورِي: هو خَيّاب. ثمّ قالوا: سَعَى في أمرٍ فخابَ، وذلك إذا حُرِم(3) فلم يُفِدْ خيْراً.
__________
(1) هذه التكملة من المجمل. وفي الجمهرة (4: 489): "وشهر ربيع الأول وهو خوان، وقالوا خوان"، الأخير بوزن رمان. وفي الجمهرة (3: 244): "وخوان: اسم من أسماء الأيام في الجاهلية". وانظر الأزمنة والأمكنة (1: 280).
(2) ديوان ذي الرمة واللسان (نعش، خون، بغم).
(3) في الأصل: "جرم" بالجيم.(2/187)
(خير) الخاء والياء والراء أصله العَطْف والميْل، ثمَّ يحمل عليه. فالخَير: خِلافُ الشّرّ؛ لأنَّ كلَّ أحدٍ يَمِيلُ إِليه ويَعطِف على صاحبه. والخِيرَةُ: الخِيار. والخِيرُ: الكَرمُ. والاستخارة: أن تَسْألَ خيرَ الأمرين لك. وكل هذا من الاستخارة، وهي الاستعطاف. ويقال استخرتُه. قالوا: وهو من استِخارة الضّبُع، وهو أن تَجْعلَ خشبةً في ثُقْبَةِ بيتها حتى تَخرُج من مكانٍ إلى آخَر. وقال الهذليّ(1):
سواكَ خليلاً شاتِمِي تَستخِيرُها
لعَلَّكَ إِمَّا أُمُّ عمروٍ تبدَّلَتْ
ثم يُصَرّف الكلامُ فيقال رجلٌ خَيِّرٌ وامرأةٌ خَيِّرة: فاضلة. وقومٌ خِيارٌ وأخيار… في صلاحها(2)، وامرأةٌ خَيْرةٌ في جَمالها وميسَمِها. وفي القرآن:
{ فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسَانٌ } [الرحمن 70ٍ]. ويقال خايَرْتُ فلاناً فَخِرْتُه. وتقول: اخْتَرْ بَني فُلاَنٍ رَجُلا. قال الله تعالى: { واختارَ مُوسَى قومَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً }
خيس - خيص - خيط
[الأعراف 154]. تقول هو الخِيرَة خَفيفة، مصدر اختار خِيرَةً، مثل ارتاب رِيبَة.
(خيس) الخاء والياء والسين أُصَيلٌ يدلُّ على تذليلٍ وتليين. يقال خيَّستُه، إذا لَيَّنْتَهُ وذلَّلته. والمُخيَّس: السِّجن. قال:
رَهِينُ مُخَيَّسٍ إِن يَثْقَفُونِي
تجَلّلْتُ العَصَا وعلمتُ أنِّي
وأمّا قولُهم خاسَ بالعهد فقد ذكرناه في الواو. والكلمة مشتركة. ومن الغريب في هذا الباب، قولُهم: قَلَّ خَيْسُه، أي غَمُّه. والخِيسُ: الشجر الملتَفُّ.
__________
(1) هو خالد بن زهير الهذلي. انظر ديوان الهذليين (1: 157) واللسان (خير).
(2) في الكلام نقص، يدل عليه ما في اللسان: "قال الليث: رجل خير وامرأة خيرة: فاضلة في صلاحها. وامرأة خيرة في جمالها وميسمها".(2/188)
(خيص) الخاء والياء والصاد كلمةٌ مشترَكة أيضاً؛ لأنّ للواوِ فيها حَظّاً(1)، وقد ذكرت في الخوص. فأمّا الياء فالخَيْصُ: النَّوالُ القَليل. قال الأعشى:
لقد نالَ خيْصاً من عُفَيرَةَ خائصا(2)
لَعَمرِي لئن أمْسى من الحيِّ شاخِصا
والباب كُّله في الواو والياء واحدٌ.
ومن الشاذّ -والله أعلم بصحّته- قولُهم وَعِلٌ أخْيَصُ، إذا انتصَبَ أحدُ قَرنَيه وأقْبلَ الآخَر على وجهه.
(خيط) الخاء والياء والطاء أصلٌ واحد يدلُّ على امتدادِ الشَّيء في دِقّةٍ، ثم يحمل عليه فيقال في بعض ما يكون منتصِباً. فالخَيْط معروفٌ. والخَيط الأبيض: بياضُ النهار. والخيط الأسود: سوادُ الليل. قال الله تعالى: { حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ } [البقرة آية 187]. ويقال لما يَسِيلُ من لُعاب الشَّمس: خَيْطُ باطلٍ. قال:
خيف
ومثلُكُمُ بَنى البُيوتَ على غَدْرِ
غَدَرتُم بعَمروٍ يا بَنِي خَيْطِ باطِلٍ
فأمّا قولُهم للّذي بَدا الشَّيبُ في رأسه خُيِّطَ، فهو من الباب، كأنَّ البادِيَ من ذلك مشبَّهٌ بالخُيُوط. قال الهذلي(3):
* حَتَّى تخَيَّطَ بالبَيَاضِ قُرُونِي(4) *
ويقال نعامة خَيْطاءُ؛ وخَيَطُها طُول عُنُقِها. والْخِياطة معروفةٌ، فأمَّا الْخِيط بالكسر، فالجماعةُ من النَّعام؛ وهو قياس الباب؛ لأنّ المجتمِع يكون كالذي خِيطَ بعضُه إلى بعض. وأمَّا قولُ الهذليّ(5):
*بِجَرْدَاء مثلِ الوَكْفَ يَكبُو غُرابُها
تَدَلّى عليها بين سِبٍّ وَخَيْطَةٍ
__________
(1) في الأصل: "لأن الواو فيها خطأ"، تحريف.
(2) ديوان الأعشى 108 واللسان (خيص)، وهو مطلع قصيدة له.
(3) هو بدر بن عامر الهذلي. انظر شرح السكري للهذليين 128 ونسخة الشنقيطي 98 واللسان (خيط 170).
(4) صدره كما في المراجع المتقدمة:
* تالله لا أنسى منيحة واحد *
(5) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 79 واللسان (خيط، سبب، وكف).(2/189)
فقد قيل إنّ الخَيْطة الحَبْل. فإن كان كذا فهو القياس المطَّرِد. وقد قيل الخَيْطة الوتد. وقد ذكرنا أنّ هذا ممَّا حمل على الباب؛ لأنّ فيه امتداداً في انتصاب.
(خيف) الخاء والياء والفاء أصلٌ واحد يدل على اختلافٍ. فالخَيَف: أن تكون إحدى العينَين من الفَرَس زرقاءَ والأُخْرى كَحْلاء. ويقال: النَّاس أخْيافٌ، أي مختلِفون. والخَيْفَان: جرادٌ تصير فيه خطوطٌ مختلِفة. والْخَيْف: ما ارتَفَع عن مَسِيل الوادي ولم يبلُغْ أن يكون جبلاً، فقد خالَفَ السّهلَ والجبَل. ومن هذا الْخَيْف: جِلْدُ الضَّرع، مشبّهٌ بخَيْف الأرض. وناقَةٌ خَيْفَاءُ: واسعةُ جِلْد الضَّرع. وبعيرٌ أخيَفُ: واسع جلد الثِّيل. فأمّا الخِيفُ فجمع خِيفَةٍ، وليس من هذا
خيل
الباب، وقد ذكر في باب الواو بعد الخاء، وإنّما صارت الواو ياءً لكسرةِ ما قبلها. وقال:
وتُضْمِرَ في القَلْبِ وجْداً وخِيفا(1)
فلا تَقْعُدَنّ على زَخَّةٍ
__________
(1) البيت لصخر الغي الهذلي. ديوان الهذليين 2: 74 واللسان (خوف 448، زخخ 498). وسيأتي في زخ.(2/190)
(خيل) الخاء والياء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ في تلوُّن. فمن ذلك الخَيَال، وهو الشَّخص. وأصله ما يتخيَّلُه الإنسان في مَنامه؛ لأنّه يتشبّه ويتلوّن. ويقال خَيَّلْتُ للنّاقة، إذا وضَعْتَ لولدِها خيالاً يفزَّع منه الذِّئب فلا يقرُبه. والخَيْل معروفة. وسمِعت مَن يَحْكِي عن بِشر الأسديّ عن الأصمعي قال: كنتُ عند أبي عمرو بن العَلاء، وعنده غلامٌ أعرابيٌّ فسُئل أبو عمرو: لم سمِّيت الخيلُ خيلاً؟ فقال: لا أدرِي. فقال الأعرابيُّ: لاخْتيالِها. فقال أبو عمرو: اكتُبوا. وهذا صحيحٌ؛ لأنّ المختالَ في مِشيتِه يتلوَّن في حركته ألواناً. والأخْيَلُ: طائرٌ، وأظنُّه ذا ألوانٍ، يقال هو الشِّقِرَّاق. والعرب تتشاءم به. يقال بعير مَخْيُولٌ(1)، إذا وقع الأخيلُ على عجُزِه فقَطَّعه. وقال الفرزدق:
فَلاقَيتِ مِن طَير الأشائم أخْيَلا(2)
إذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ
يقول: إذا بلّغْتِني هذا الممدوحَ لم أُبَلْ بهلَكتك؛ كما قال ذو الرُّمّة:
فقامَ بفأسٍ بين وُِصْلَيْكِ جازِرُ(3)
إذا ابنَ أبي مُوسى بِلالاً بَلغْتِهِ
خيم
وقال الشمّاخ:
عَرَابَةَ فاشرَقِي بدَمِ الوَتينِ(4)
إذا بلّغْتِنِي وحَمَلْتِ رَحْلي
__________
(1) هذا اللفظ مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
(2) ديوان الفرزدق 701 واللسان (خيل).
(3) ديوان ذي الرمة 253 وخزانة الأدب (1: 455).
(4) ديوان الشماخ 92.(2/191)
ويقال تخيَّلت السَّماء، إذا تهيّأَتْ للمطَر، ولابدّ أنْ يكون عند ذلك تغيُّرُ لونٍ. والمَخيلة: السَّحابة(1). والمخيلة(2): التي تَعِد بمَطَرٍ. فأمّا قولهم خَيَّلْتُ على الرّجُل تَخييلاً، إذا وجَّهتَ التّهمَة إليه، فهو من ذلك؛ لأنّه يقال: يشبه أن يكون كذا يُخَيَّلُ(3) إليّ أنّه كذا، ومنه تخيَّلْت عليه تخيُّلاً، إذا تفَرَّسْتَ فيه(4).
(خيم) الخاء والياء والميم أصلٌ واحد يدلُّ على الإقامة والثَّبات. فالخَيْمة معروفة؛ والخَيْم: عيدانٌ تُبنَى عليها الخَيْمة. قال:
* فلم يَبْقَ إلاّ آلُ خيْمٍ مُنَضَّدٍ(5) *
ويقال خَيَّم بالمكان: أقامَ به. ولذلك سمِّيت الخَيْمة. والخِيم: السجِيَّة، بكسر الخاء، لأنّ الإنسانَ يُبنَى عليها ويكون مرجعُه أبداً إليها.
ومن الباب قولُهم للجبان خائم، لأنَّه من جُبنِه لا حَرَاك به. ويقال قد خَامَ يَخِيم. فأمّا قولُه:
خام
جُبُورِيَ لما أنْ رأَوْنِي أَخِيمُها(6)
رَأَوْا فَتْرَةً بالسَّاقِ مِنِّي فحاوَلُوا
فإنّه أرادَ رَفْعها، فكأنّه شبّهها بالخَيْم، وهي عِيدانُ الخَيْمة.
__________
(1) في الأصل: "السحاب". وفي اللسان: "المخيلة بفتح الميم: السحابة، وجمعها مخايل".
(2) المخيلة هذه بضم الميم وكسر الخاء، وبضمها وفتح الخاء وكسر الياء المشددة.
(3) في الأصل: "الخيل".
(4) في المجمل: "إذا تفرست فيه الخير". وانظر للكلام على بقية هذه المادة، نهاية المادة التي تليها.
(5) صدر بيت للنابغة، في اللسان (خيم، عثلب). وعجزه:
* وسفع على آس ونؤي معثلب *
(6) في اللسان (خيم): "رأوا وقرة".(2/192)
فأمّا الألف التي تجيء بعد الخاء في هذا الباب، فإنّها لا تخلو من أن تكون من ذوات الواو [أو] من [ذوات] الياء. فالخال الذي بالوجه هو من التلوُّن الذي ذكرناه. يقال منه رجل مَخِيلٌ ومخُول. وتصغير الخال خُيَيْلٌ فيمن قال مَخِيل، وخُوَيْلٌ فيمن قال مَخُول. وأما خالُ الرَّجُل أخو أُمِّه فهو من قولك خائل مالٍ، إذا كان يتعهَّدُه. وخالُ الجيش: لواؤُه، وهو إمّا من تغيُّرِ* الألوان، وإمّا أن الجيشَ يُراعونَه وينظُرون إليه كالذي يتعهَّد الشيء. والخال: الجبل الأسود فيما يقال، فهو من باب الإبدال.
(خام) وأما الخاء والألف والميم فمن المنقلب عن الياء. الخامَةُ: الرّطْبة من النّبات والزّرْع. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المؤمِنِ مَثَلُ الخامَة من الزّرع"(1). وقال الطرمّاح:
فَمتى يَأنِ يَأْتِ مُحْتَصِدُهْ(2)
إنّما نحن مثل خامةَ زَرْعٍ
فهذا من الخائم، وهو الجبان الذي لا حَرَاك به.
وأمّا الخاء والألف والفاء فحرف واحدٌ، وهو الخافَةُ، وهي الخَريطة من الأدَم يُشتار فيها العسَل. فهذه محمولةٌ على خَيْف الضَّرع، وهي جِلدتُه. والقياس واحد.
خبت - خبث - خبج
{باب الخاء والباء وما يثلثهما}
(خبت) الخاء والباء والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على خُشوع: يقال أَخْبَتَ يخبِتُ إخباتاً، إذا خشَع. وأخْبَتَ لله تعالى. قال عزّ ذكره: { وَبَشِّرِ المُخْبِتِين } [الحج 34]، وأصلُه من الخَبْت، وهو المفازة لا نباتَ فيها.
__________
(1) تمامه كما في اللسان: "تميلها الريح مرة هكذا ومرة هكذا".
(2) ديوان الطرماح 113 واللسان (خوم). وقد سبق في (حصد) ص 71 من هذا الجزء.(2/193)
ومن ذلك الحديث: "ولو بِخَبْتِ الجَمِيش(1)". ألا تراه سمَّاها جَميشاً، كأنّ النَّباتَ قد جُمِشَ منها، أي حُلِق.
(خبث) الخاء والباء والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف الطّيّب. يقال خبيثٌ، أي ليس بطيِّب. وأخْبَثَ، إذا كانَ أصحابُه خُبثاء. ومن ذلك التعوُّذ مِن الخبيث المُخْبِث. فالخبيث في نفسه، والمُخْبِث الذي أصحابُه وأعوانُه خُبَثاء.
(خبج) الخاء والباء والجيم ليس أصلاً يُقاس عليه، وما أحسَِب فيه كلاماً صحيحاً. يقال خَبَجَ، إذا حَصَمَ(2). وربما قالوا: خَبَجَه بالعصا، أي ضربه. ويقولون إنّ الخَبَاجاءَ من الفُحول: الكثير الضِّرَاب، وهذا كما ذكرناه، إلاّ أنْ يصحّ الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "إذا أُقيمت الصلاة
خبر
ولّى الشيطان وله خَبَجٌ كَخَبَج الحِمار". فإن صحّ هذا فالصحيح ما قاله عليه الصلاة والسلام، بآبائنا وأُمَّهاتنا هُو!
(خبر) الخاء والباء والراء أصلان: فالأول العِلم، والثاني يدل على لينٍ ورَخاوة وغُزْرٍ.
فالأول الخُبْر: العِلْم بالشَّيءِ. تقول: لي بفلان خِبْرَةٌ وخُبْرٌ. والله تعالى الخَبير، أي العالِم بكلِّ شيء. وقال اللهُ تعالى: { وَلاَ يُنَبِّئكَ مِثْلُ خبِيرٍ }
[فاطر 14].
والأصل الثاني: الخَبْراء، وهي الأرض الليِّنة. قال عَبيدٌ يصف فرساً:
* سَدِكاً بِالطَّعْنِ ثَبْتاً في الخَبارِ *
__________
(1) الحديث بتمامه كما في الإصابة 5978 "عن عمرو بن يثربي قال: شهدت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بمنى، وكان فيما خطب به أن قال: لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه. فقلت: يا رسول الله، أرأيت لو لقيت غنم ابن عمي فاجتزرت منها شاة هل علي في ذلك شيء؟ قال: إن لقيتها تحمل شفرة وزناداً فلا تهجها". ويبدو أنه سقط من نسخة الإصابة ما ورد في اللسان، وهو "إن لقيتها تحمل شفرة وزناداً بخبت الجميش فلا تهجها".
(2) حصم، بالمهملتين، أي ضرط.(2/194)
والخَبِير: الأكّار، وهو مِن هذا، لأنّه يُصْلِح الأرضَ ويُدَمِّثُها ويلَيِّنها. وعلى هذا يجري هذا البابُ كلُّه؛ فإنهم يقولون: الخبير الأكّار، لأنه يخابر الأرض، أي يؤاكِرُها. فأمّا المخابرة التي نُهِيَ عنها فهي المزارعة بالنِّصف لها [أو] الثّلث أو الأقلِّ(1) من ذلك أو الأكثر. ويقال له: "الخِبْرُ، أيضاً. وقال قوم: المخابَرة مشتقٌّ من اسم خَيْبر.
ومن الذي ذكرناه من الغُزْر قولُهم للناقة الغزيرة: خَبْرٌ. وكذلك المَزَادة العظيمة خَبْرٌ؛ والجمع خُبور.
و[من] الذي ذكرناه من اللِّين تسميتُهم الزَّبَدَ(2) خبِيراً. والخَبير: النَّبات الليِّن. وفي الحديث: "ونَسْتَخْلِبُ الخَبير(3)".
خبز - خبس
والخَبير: الوَبَر. قال الراجز:
*حتَّى إذا ما طار من خَبِيرِها(4) *
ويقال مكانٌ خَبِرٌ، إذا كان دفيئاً كثيرَ الشَّجَر والماء(5). وقد خَبِرَت الأرضُ. وهو قياسُ الباب.
ومما شذَّ عن الأصل الخُبْرَةُ، وهي الشّاة يَشتريها القومُ يذبحونها ويقتسِمون لحمها. قال:
فشَأْنَكَ إنِّي ذاهبٌ لشُؤُوني
إذا ما جعلْتَ الشّاةَ للقوم خُبْرةً
(خبز) الخاء والباء والزاء أصلٌ واحد يدلُّ على خَبْط الشيء باليد.تخبَّزَت الإِبلُ السَّعْدَانَ، إذا خَبطَتْه بأيديها. ومن ذلك خَبَزَ الخَبَّازُ الخُبْز. قال:
__________
(1) في الأصل: "أو أقل".
(2) الزبد، هنا، بالتحريك. بعضهم يخص الخبير بزبد أفواه الإبل.
(3) نستخلب، بالخاء المعجمة، أي نقطع، كما في اللسان (خلب، خبر). وفي الأصل: "نستحلب". بالحاء المهملة، تحريف. قال في اللسان (خبر): "شبه بخبير الإبل، وهو وبرها؛ لأنه ينبت كما ينبت الوبر".
(4) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (خبر، غرر).
(5) هذا التفسير لم يرد في غير المجمل من المعاجم المتداولة. وفي اللسان بعد ذكر "الخبراء": "يقال خبر الموضع بالكسر فهو خبر".(2/195)
ولا تُطِيلا بِمُناخٍ حَبْسا(1)
لا تَخْبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسّاً
ويقال: الخَبْزُ ضَرْب البعير بيديه الأرضَ.
(خبس) الخاء* والباء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على أخْذ الشيء قهراً وغَلَبة. يقال تَخَبَّسْتُ الشَّيءَ: أخذْتُه. وذلك الشيءُ خُبَاسَة. والخُباسة: المَغْنَم؛ يقال اختبَس الشَّيءَ: أخذَه مُغالَبة. وأسدٌ خَبُوس. قال:
على الأقرانِ مُجْتَرِئٌ خَبُوسُ(2)
ولكِنِّي ضُبارِمَةٌ جَموحٌ
خبش - خبص - خبط
(خبش) الخاء والباء والشين ليس أصلاً. وربَّما قالوا: خَبَش الشّيءَ: جَمَعه. وليس هذا بشيء.
(خبص) الخاء والباء والصاد قريبٌ من الذي قبله. يقولون خَبَص الشَّيءَ: خَلَطه.
(خبط) الخاء والباء والطاء أصلٌ واحد يدلُّ على وطْءٍ وضَرب. يقال خَبَط البعير الأرضَ بيده: ضربَها. ويقال خَبَطَ الورَقَ من الشَّجَر، وذلك إذا ضربَه ليسقُط. وقد يُحمَل على ذلك، فيقال لداءٍ يُشبه الجنونَ: الخُبَاط، كأنَّ الإنسان يتخبَّط. قال الله تعالى: { إلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ
المَسّ } [البقرة 275]. ويقال لما بَقِيَ مِن طعامٍ أو غيرِه: خِبْطة. والخِبْطة: الماء القليل؛ لأنّه يتخبَّط فلا يمتنع. فأمَّا قولهم اختبط فلانٌ [فلاناً] إذا أتاهُ طالباً عُرْفهُ، فالأصل فيه أنَّ الساريَ إليه أو السائر لابدّ من أن يختبط الأرضَ، ثم اختُصِر الكلامُ فقيل للآتي طالباً جَدْوَى: مُخْتَبِط. ويقال إنّ الخِبْطة: المَطْرةُ الواسعةُ في الأرض. وسمِّيت عندنا بذلك لأنّها تَخْبِط الأرضَ تَضرِبُها. وقد روى ناسٌ عن الشَّيباني، أنَّ الخابط النائم، وأنشدوا عنه:
__________
(1) الرجز للهفوان العقيلي. انظر شرح الحيوان (4: 490).
(2) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (خبس). والضبارمة: الجريء، وفي الأصل: "ضبارة" محرف، صوابه من اللسان والمجمل.(2/196)
* يَشْدَخْنَ باللّيل الشُّجاع الخابِطا(1) *
فإنْ كان هذا صحيحاً فلأنَّ النائم يخبِط الأرضَ بجِسمه، كأنَّه يضربُها به.
خبع - خبق - خبل
ويجوز أن يكون الشُّجاع الخابطُ إنَّما سُمِّي به لأنَّه يُخْبَط، تَخبِطه المارّةُ، كما قال القائل:
وتَفْرِسُ بالظَّلْمَاءِ أَفعى الأجارِعِ(2)
تُقطِّعُ أعناقَ التُّنَوِّطِ بالضُّحى
فأمَّا الخِباط فسِمَةٌ في الفَخِذ(3)، وسمِّي بذلك لأنَّ الفخذ تُخبَطُ به.
(خبع) الخاء والباء والعين ليس أصلاً؛ وذلك أنَّ العين فيه مبدلة من همزة. يقال خَبَأْتُ الشيءَ وخبَعْتُه. ويقال خَبَع الرَّجُل بالمكان: أقام به. وربَّما قالوا: خبَعَ الصبيُّ خُبوعاً، وذلك إذا فُحِم من البُكاء. فإن كان صحيحاً فهو من الباب، كأن بكاءه خُبِئَ.
(خبق) الخاء والباء والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على الترفُّع. فالخِبِقَّى: جنْسٌ من مرفوع السَّير. قال:
* يَعْدُو الخِبِقّى والدِّفِقَّى مِنْعَبُ(4) *
ومن الباب الخِبَقُّ والخِبِقُّ: الرجل الطَّويل، وكذلك الفَرَس.
(خبل) الخاء والباء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على فساد الأعضاء. فالخَبَل: الجُنون. يقال اختبله الجنّ. والجّنيُّ خابل، والجمع خُبَّل. والخَبَل: فساد الأعضاء. ويقال خُبِلت يده، إذا قُطِعت وأُفسِدَت. قال أوس:
خبن
إلا يداً مَخبولةَ العَضُدِ(5)
__________
(1) البيت لأباق الدبيري كما في اللسان (خبط). وقد صحف "أباق" في اللسان "بدباق"، بصوابه ما أثبت من اللسان (مرط). وفي القاموس (أبق): "وكشداد: شاعر دبيري".
(2) البيت في اللسان (نوط).
(3) زاد في اللسان: طويلة عرضا، وهي لبني سعد، أي من سمات إبلهم.
(4) البيت في اللسان (خبق).
(5) في الأصل: "أبني أبينا"، صوابه من المجمل وديوان أوس بن حجر واللسان (خبل). على أن رواية عجز البيت في الأصل والمجمل واللسان غير مستقيمة، والبيت من قصيدة مضمومة الروي، وهو في الديوان:
إلا يد ليست لها عضد
أبني لبينى لستم بيد(2/197)
أبَنِي لُبَيْنَى لستمُ بيدٍ
أي مُفْسَدة العضُد. ويقال فُلانٌ خَبَالٌ على أهله، أي عَنَاء عليهم لا يُغْنِي عنهم شيئاً. وطِينة الخَبَال الذي جاء في الحديث(1)، يقال إنّه صَدِيد أهل النّار.
ومما شذّ عن الباب الإخبال، ويقال هو أن يجعل الرّجُل إبلَه نِصفين، يُنتِج كلَّ عام نصفاً، كما يُفعل بالأرض في الزّراعة. ويقال الإخبال أن يُخْبِل الرّجلَ، وذلك أن يُعِيرَه ناقةً يركبُها، أو فرساً يغزُو عليه. ويُنشد في ذلك قولُ زهير:
هُنالك إن يُستَخْبَلُوا المالَ يُخْبِلُوا
وإن يُسألوا يُعْطُوا وإن يَيْسِرُوا يُغْلُوا(2)
(خبن) الخاء والباء والنون أُصَيْلٌ واحد يدلُّ على قَبْض ونقص. يقال خَبَنْت الشَّيءَ، إذا قبَضْته. وخَبَنْت الثوبَ، إذا رفعتَ ذَلاذِلَه حتّى يتقلَّص بعد أن تَخِيطه وتكُفَّه. والخُبْنَةُ: ثِبَان الرّجُل(3)؛ وسمِّي بذلك لأنَّه يُخبَن فيه الشّيء. تقول: رفَعَه في خُبْنَتِه. وفي الحديث: "فليأكُلْ منها ولا يَتَّخِذْ*
خبأ - ختر - ختع
خُبْنَةً(4)". ويقال إنّ الخُبْنَ من المَزَادة ما كان دون المِسْمَع. فأمّا قولهم خَبَنْت الرّجل، مثلُ غبَنْته، فيجوز أن يكون من الإبدال، ويجوز أن يكون من أنّه إذا غَبنَه فقد اختبَنَ عنه من حَقِّه.
__________
(1) هو حديث: "من أكل الربا أطعمه الله من طينة الخبال يوم القيامة".
(2) ديوان زهير 112 والمجمل واللسان (خبل).
(3) الثبان، ككتاب: الموضع الذي يحمل فيه من الثوب. نحو أن يعطف ذيل قميصه فيجعل فيه شيئاً. وفي الأصل: "ثبات"، وفي المجمل: "التبان"، وفي اللسان: "ثياب الرجل"، صواب كل أولئك ما أثبت.
(4) سبق في مادة (ثبن) برواية: "ولا يتخذ ثبانا".(2/198)
(خبأ) الخاء والباء والحرف المعتل والهمزة يدلُّ على سَتْرِ الشّيء. فمن ذلك خبأْت الشيء أخبَؤه خَبْأً. والخُبَأَةُ: الجارية تُخْبَأُ. ومن الباب الخِباء؛ تقول أخبَيْتُ إخباءً، وخَبَّيْتُ، وتخبَّيْت، كلُّ ذلك إذا اتخذْتَ خِباءً.
{باب الخاء والتاء وما يثلثهما}
(ختر) الخاء والتاء والراء أصلٌ يدلُّ على تَوانٍ وفُتُورٍ. يقال تَخَتَّرَ الرجلُ في مِشيته، وذلك أن يَمشي مِشْية الكَسْلان. ومن الباب الخَتْر، وهو الغَدْر، وذلك أنّه إذا خَتَر فقد قعَد عن الوفاء. والخَتَّار: الغَدَّار. قال الله تعالى:
{ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ } [لقمان 32].
(ختع) الخاء والتاء والعين أصلٌ واحد يدلُّ على الهجوم والدّخولِ فيما يَغِيب الداخلُ فيه. فيقول خَتَع الرجل خُتُوعاً، إذا ركب الظُّلْمة.
ومن الباب الخَيْتَعَة: قطعةٌ مِن أدمٍ يلُفُّها الرَّامِي على يده عند الرَّمي.
ويُحمَل على ذلك، فيقال للنَّمِرة الأنثى الخَتْعَة؛ وذلك لجُرأتها وإقدامها. وقال العجّاجُ(1) في الدليل الذي ذكرناه:
ختل - ختن - ختم
* أَعْيَتْ أَدِلاَّءَ الفلاة الخُتَّعَا(2) *
(ختل) الخاء والتاء واللام أُصَيل فيه كلمةٌ واحدة، وهي الخَتْل، قال قومٌ: هو الخَدْع. وكان الخليل يقول: تخاتَلَ عن غَفْلةٍ.
(ختن) الخاء والتاء والنون كلمتان: إحداهما خَتْن الغُلام الذي يُعْذَر. والخِتان: موضع القَطْع من الذَّكَر(3).
والكلمة الأُخرى الخَتَن، وهو الصِّهر، وهو الذي يتزوَّج في القوم.
__________
(1) كذا. والصواب أنه "رؤبة". وقصيدة البيت في ديوانه 87-93.
(2) ديوان رؤبة 89 واللسان (ختع) حيث نسب البيت إلى رؤبة.
(3) هذا مذهب من يخصص الختان للذكور، والخفض للإناث. ومن جعل الختان لهما زاد: "وموضع القطع من نواة الجارية".(2/199)
(ختم) الخاء والتاء والميم أصلٌ واحد، وهو بُلوغ آخِرِ الشّيء. يقال خَتَمْتُ العَمَل، وخَتم القارئ السُّورة. فأمَّا الخَتْم، وهو الطَّبع على الشَّيء، فذلك من الباب أيضاً؛ لأنّ الطَّبْع على الشيءِ لا يكون إلاّ بعد بلوغ آخِرِه، في الأحراز. والخاتَم مشتقٌّ منه؛ لأنّ به يُختَم. ويقال الخاتِمُ، والخاتام، والخَيْتام. قال:
* أخذْتِ خاتامِي بغيرِ حَقِّ(1) *
والنبي صلى الله عليه وسلم خاتَِمُ الأنبياء؛ لأنّه آخِرُهم. وخِتام كلِّ مشروبٍ: آخِرُه. قال الله تعالى: { خِتَامُهُ مِسْكٌ } [المطففين 26]، أي إنّ آخرَ ما يجِدونه منه عند شُربهم إياه رائِحَةُ المسك.
ختا - خثر - خثل - خثم - خثا
(ختا) الخاء والتاء والحرف المعتل والمهموز ليس أصلاً، وربّما قالوا: اختَتَأْتُ له اختِتاءً، إذا ختلْتَه(2).
{باب الخاء والثاء وما يثلثهما}
(خثر) الخاء والثاء والراء أصلٌ يدلُّ على غِلَظٍ في الشّيءِ مع استِرخاء. يقال خَثُِر اللّبنُ، وهو خاثر. وحكى بعضهم: خَثِر فلانٌ في الحيِّ، إذا أَقام فلم يكَدْ يبرح. وليس هذا بشيء.
(خثل) الخاء والثاء واللام كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها. قال الكِسائيّ: خَثَلة البَطْن: ما بين السُّرّة والعانة؛ ويقال خَثْلَة، والتخفيف أكثر(3).
(خثم) الخاء والثاء والميم ليس أصلاً. وربَّما قالوا لِغلَظ الأنف الخَثَم، والرّجلُ أخثَم.
(خثا) الخاء والثاء والحرف المعتل ليس أصلاً. وربّما قالوا امرأةٌ خَثْوَاءُ: مستَرخِية البطن. وواحدُ الأخثاء خِثْيٌ. وليس بشيء. والله أعلم.
خجل - خجا
{باب الخاء والجيم وما يثلثهما في الثلاثي}
__________
(1) ويروى: "خيتامي" كما في اللسان. وقبله:
* يا هند ذات الجورب المنشق *
(2) في الأصل: "إذا أختلت"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) في المجمل: "ويقال حثله بالتخفيف، وهو أكثر". يراد بالتخفيف سكون الثاء.(2/200)
(خجل) الخاء والجيم واللام أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتردُّد. حكَى بعضُهم: عليه ثوبٌ خَجِلٌ، إذا لم يكن [تقطيعُه] تقطيعاً* مستوِياً، بل كان مضطرباً عليه عند لُبْسه. ومنه الخَجَل الذي يعتري الإنسانَ، وهو أن يَبقى باهتاً لا يتحدَّث. يقال منه: خَجِل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنِّساءِ: "إنّكُنّ إذا جُعْتُنّ دَقِعْتُنّ، وإذا شَبِعْتُنّ خَجِلْتُنّ" . قال الكميت:
ولَمْ يَدْقَعُوا عندما نابَهُم
لِوَقْعِ الحروب ولم يَخْجَلُوا(1)
يقال في خَجِلتُنّ: بَطِرْتُنّ وأَشِرْتُنّ؛ وهو قياس الباب. ويقال منه خَجِلَ الوادِي، إذا كثُر صوتُ ذُبابه. ويقال أخْجَلَ الحَمْضُ: طالَ؛ وهو القياس؛ لأنّه إذا طالَ اضطرب.
(خجا) الخاء والجيم والحرف المعتل أو المهموز ليس أصلاً. يقولون رجل خُجَأَةٌ، أي أحمق. وخَجَأَ الفحلُ أُنْثَاه، إذا جامَعَها. وفحلٌ خُجَأَةٌ: كثير الضِّراب.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء
{باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء}
من ذلك (الخَلْجَم)، وهو الطَّويل، والميم زائدة، أصله خلج. وذلك أنّ الطويل يتمايَلُ، والتخلُّج: الاضطراب والتّمايُل، كما يقال تخلَّج المجنون.
ومنه (الخُشَارِم)، وهي الأصوات، والميم والراء زائدتان، وإنَّما هو من خَشَّ(2).
وكذلك (الخَشْرَم): الجماعة من النَّحْل، إنَّما سمِّي بذلك لحكاية أصواتِه.
ومن ذلك (الخِضْرِم)، وهو الرجُل الكثير العطيَّة. وكلُّ كثيرٍ خِضْرِمٌ. والراء فيه زائدة، والأصل الخاء [والضاد] والميم. ومنه الرجل الخِضَمّ، وقد فسرناه.
ومن ذلك (الخُبَعْثِنَة)، وهو الأسد الشديد، وبه شُبِّه الرجُل، والعين والنون فيه زائدتان، وأصله الخاء والباء والثاء.
__________
(1) البيت في اللسان (خجل). وسيأتي في (دقع).
(2) الخشخشة: صوت السلاح. وقد أهمل ابن فارس هذا الأصل في مادة (خش) وجعله هنا أصلاً.(2/201)
ومنه (الخَدَلَجَّة)، وهي الممتلئة الساقَين والذراعين، والجيم زائدة، وإنَّما هو من الخَدَالة. وقد مضى ذِكره.
ومنه (الخِرْنِق) وهو ولد الأرنب. والنون [زائدة]، وإنَّما سمِّي بذلك لضَعفه ولُزوقِهِ بالأرض(1). من الخَرَق، وقد مَرَّ. ويقال أرضٌ مُخَرْنِقةٌ. وعلى هذا قولهم: خَرنَقَتِ النَّاقةُ، إذا كثُر في جانِبيْ سَنامها الشّحم حتَّى تراه كالخَرانِقِ.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء
ومنه رجل (خَلَبُوتٌ(2)) أي خَدَّاع. والواو والتاء زائدتان، إنما هو من خَلَب.
ومنه (الخَنْثَر(3)): الشَّيء الخسيس يبقَى من متاعِ القوم في الدار إذا تحمَّلوا.
وهذا منحوتٌ من خَنَثَ وخثر. وقد مرَّ تفسيرهما.
ومنه (المُخْرَنْطِم): الغضبان. وهذه منحوتةٌ من خطم وخرط؛ لأنّ الغَضُوب خَرُوطٌ راكبٌ رأسَه. والخَطْم: الأنف؛ وهو شَمَخ بأنفِه. قال الراجز في المخْرنْطِم:
وصار أمثالَ الفَغَا ضرائرِي(4)
يا هَيْءَ مالي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي(5)
مُخْرَنْطِماتٍ عُسُراً عَوَاسِرِي
قوله قلقت محاوِري، يقول: اضطربَتْ حالي ومصايِر أمري. والفَغَا: البُسر الأخضر الأغبر. يقول: انتفخن من غضبهن. ومخرنْطِمات: متغضِّبات. وعواسِرِي: يطالبْنَني بالشيء عند العُسْر. و(المخرَنْشِم) مثل المخرنطم، ويكون الشين بدلاً من الطاء.
__________
(1) في الأصل: "ولزوم بالأرض". وانظر مادة (خرق).
(2) ويقال أيضاً "خلبوب" بالباء الموحدة في آخره.
(3) فيه خمس لغات، يقال بفتح الخاء والنون مع كسر الثاء وفتحها، وكجعفر، وزبرج، وقنفذ.
(4) هذا البيت في اللسان (فغا).
(5) ياهيء مالي: كلمة أسف وتلهف. قال الجميح:
مر الزمان عليه والتقليب
يا هيء مالي من يعمر يفنه(2/202)
ومن ذلك (خَرْدَلْتُ) اللحم: قَطّعته وفرّقته. والذي عندي في هذا أنّه مشبَّه بالحبّ الذي يسمَّى الخَرْدَل، وهو اسمٌ وقع فيه الاتّفاق بين العرب والعجَم، وهو موضوعٌ من غير اشتقاق. ومن قال (خَرْذَل) جعل الذال بدلاً من الدال.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء
و(الخُثَارِمُ): الذي يتطيَّر، والميم زائدةٌ لأنّه إذا تطيّر خَثِرَ وأقام. قال:
يقول عَدانِي اليومَ واقٍ وحاتمُ
ولستُ بهيَّابٍ إذا شَدَّ رحلَه
إذا صَدَّ عن تلك الهَناتِ الخُثارِمُ(1)
ولكنني أَمضِي على ذاك مُقْدِماً
ومنه (الخُلابِس): الحديثُ الرّقيق. ويقال خَلْبَسَ قلبَه: فَتَنَه. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: خلَب وخلَس، وقد مضى.
ومن ذلك (الخنْثَعْبَة(2)) الناقة الغزيرة. وهي منحوتةٌ من كلمتين من خَنَثَ وثَعَبَ، فكأنّها ليّنة الخِلْف* يَثْعَبُ باللبن ثَعْباً.
ومنه (الخُضَارِع(3)) قالوا: هو البخيل(4). فإن كان صحيحاً فهو من خضع وضرع، والبخيل كذا وصفُه.
ومنه (الخَيْتَعُور)، ويقال هي الدُّنيا. وكلُّ شيءٍ يتلوَّنُ ولا يدوم على حالٍ خيتعورٌ. والخَيتعور: المرأة السيِّئة الخُلُق. والخَيتعور: الشّيطان. والأصل في ذلك أنَّها منحوتةٌ من كلمتين: من خَتَرَ وخَتَعَ، وقد مضى تفسيرهما.
__________
(1) الشعر لخثيم بن عدي، المعروف بالرقاص الكلبي. انظر الحيوان وحواشيه (3: 437).
(2) الخنثعبة، بتثليث الخاء مع سكون النون والعين وفتح الثاء. وفي الأصل: "الخثعبة" تحريف.
(3) في الأصل: "الخثارع"، صوابه بالضاد المعجمة، كما في الجمهرة (3: 394) واللسان والقاموس.
(4) الأدق في تفسيره ما ورد في اللسان: "البخيل المتسمح وتأبى شيمته السماحة". وفي الجمهرة والقاموس: البخيل المتسمح". وأنشد في الجمهرة واللسان:
لما نهته النفس عن إنفاقه
خضارع رد إلى أخلاقه(2/203)
ومنه (الخَرْعَبَة) و(الخُرْعُوبة)، وهي الشابّة الرَّخْصَة الحَسنة القَوام. وهي منحوتةٌ من كلمتين: من الخَرَع وهو اللِّين، ومن الرُّعْبوبة(1)، وهي الناعمة. وقد فُسّر في موضعه. ثم يُحمَل على هذا فيقال جَمَلٌ خُرْعُوبٌ: طويلٌ في حُسْن
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء
خَلْق. وغُصْنٌ خُرْعُوبٌ: مُتَثَنٍّ. [قال]:
* كخُرْعُوبَة البانَةِ المُنْفَطِرْ(2) *
ومنه (خَرْبَقَ) عملَه: أفسدَه. وهي منحوتةٌ من كلمتين من خَرَب وخَرِق. وذلك أنّ الأخرقَ: الذي لا يُحسِن عمله. وخَرَبَه: إذا ثَقَبه. وقد مضى.
وأمَّا قولهم لذكَر العَناكب (خَدَرْنَق) فهذا من الكلام الذي لا يُعوَّل على مثله، ولا وجه للشُّغْل به.
و[أمّا] قولهم للقُرْطِ (خَربَصِيص) فالباء زائدة، لأنّ الخُِرص الحَلْقة. وقد مرَّ. قال في الخَربصيص:
مِنْ جُمَانٍ قد زان وجهاً جميلاً(3)
جَعَلَتْ في أخْراتِها خَرْبصيصاً
ويقولون (خَلْبَصَ) الرّجُلُ، إذا فرّ. والباء فيه زائدة، وهو من خَلَصَ. وقال:
في الأرض منِّي هرَباً وخَلْبَصَا(4)
لمّا رآنِي بالبَرَاز حصْحَصا
ويقولون (الخَنْبَصَة): اختلاط الأمر. فإن كان صحيحاً فالنون زائدة، وإنّما هو من خبص، وبه سُمِّي الخَبيص.
و(الخُرطُوم) معروف، والراء زائدة، والأصل فيه الخطم، وقد مرّ. فأمّا الخمر فقد تُسمَّى بذلك. ويقولون: هو أوّلُ ما يَسِيل عند العَصْر. فإن كان كذا فهو قياسُ الباب؛ لأنّ الأوّلَ متقدِّم.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء
__________
(1) في الأصل: "الرعوبة"، تحريف.
(2) لامرئ القيس في ديوانه 8 واللسان (خرعب، بره). وصدره:
* برهرهة رودة رخصة *
(3) الأخرات: جمع خرت، بالضم والفتح، وهو الثقب في الأذن. وفي الأصل: "أخراسها" محرف.
(4) الرجز لعبيد المري، كما في اللسان (خلبص).(2/204)
ومن ذلك اشتقاقُ الخَطْم والخِطام. ومن الباب تسميتُهم سادةَ القوم الخراطيمَ.
ومن ذلك (الخُنْطُولة): الطائِفة من الإبل والدّوابّ وغيرِها. والجمع حناطيل. قال ذو الرُّمَّة:
خَناطِيلَ آجالٍ من العِينِ خُذَّلِ(1)
دَعَتْ مَيّةَ الأعْدَادُ واستبدَلَتْ بها
والنون في ذلك زائدة؛ لأنّ في الجماعات إذا اجتمعتْ الاضطرابَ وتردُّدَ بعضٍ على بعض.
ومن ذلك (تَخَطْرَفَ) الشَّيءَ، إذا جاوزَه. وهي منحوتةٌ من كلمتين: خطر وخطف؛ لأنّه يَثِبُ كأنّه يختطِف شيئاً. قال الهُذَليّ(2):
ومن حَدَبٍ وحِجابٍ وَجالِ(3)
فماذا تَخَطْرَف من حالقٍ
ومن ذلك (الخُذْروف)، وهو السَّريع في جَرْيِه، والرّاء فيه زائدة، وإنَّما هو من خَذَف، كأنّه في جريه يتخاذف، كما يقال يتقاذَفُ إذا ترامَى. والخُدْروف: عُوَيْدٌ أو قصبةٌ يُفْرض في وسطه(4) ويشدُّ بخيطٍ إذا مُدّ دارَ(5) وسمعتَ له حفيفا. ومن ذلك تركت اللّحمَ خَذَاريفَ، إذا قطّعته، كأنَّك شبَّهتَ كلَّ قطعةٍ منه بحصاةِ خَذْف.
{باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء}
وأمَّا (الخَنْدَريس) وهي الخمر، فيقال إنّها بالرومية، ولذلك لم نَعْرِض لاشتقاقها. ويقولون: هي القديمة؛ ومنه حنطةٌ خندريسٌ: قديمة.
__________
(1) ديوان ذي الرمة 503 واللسان (خنطل، عدد). دعتها الأعداد، أي ارتحلت إلى حيث الأعداد، وهي المياه التي لا تنقطع، واحدها عد. استبدلت بها، أي استبدلت الدار بمية تلك الوحوش. وسيعيد إنشاده في (دعو).
(2) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 180 ونسخة الشنقيطي 97.
(3) الحدب، بالمهملة: المكان المشرف. والحجاب: ما حجبك وارتفع. وفي الأصل: "جدب وحجال"، صوابه من أشعار الهذليين.
(4) يفرض، أي يحز. وفي الأصل: "يعرض" صوابه بالفاء كما في المجمل واللسان.
(5) وكذا في المجمل واللسان في موضع. وفي موضع آخر: "فإذا أمر دار".(2/205)
و(المُخْرَنْبِق): الساكت، والنون والباء زائدتان، وإنما هو من الخَرَق وهو خَرَق الغزال [ولُزوقُه(1)] بالأرض خوفاً. فكأنَّ الساكت خَرِقٌ خائفٌ.
ويقولون: ناقةٌ بها (خَزْعال(2))، أي ظَلْع. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من خَزَل أي قطع، وخَزعَ أي قطع. وقد مرّا.
ومما وُضِع وضعاً وقد يجوز أن يكون عند غيرنا مشتقاً. رجلٌ (مُخَضْرَمُ) الحسبِ، وهو الدعِيُّ. ولحمٌ مخضْرَم: لا يُدرَى أمن ذكرٍ هو أو من أنثى.
ومنه المرأة (الخَبَنْداةُ(3))، وهي التامَّة القَصَب.
و(الخَيْعل): قميصٌ لا كُمَّىْ له. قال تَأَبّط(4):
* عَجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ(5) *
و(الخناذيذ)* الشَّماريخ من الجِبال الطِّوال. والخنذيذ: الفَحْل. والخنذيذ: الخَصِيُّ.
و(الخَنْشَلِيل): الماضي.
و(الخَنْفَقِيق): الداهية. و(الخُوَيْخِيَة): الداهية. قال:
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله خاء
خُوَيْخِيَةٌ تصفرُّ منها الأناملُ(6)
وكلُّ أُناسٍ سوف تَدخُل بينَهم
(والخُنْزُوانة): الكِبْر. و(الخَيزُرانة): سُكّانُ السّفينة.
و(الخازِبازِ): الذُّبابُ، أو صوتُه. والخَازِبازِ: نَبْتٌ. والخازباز: وجعٌ يأخُذ الحلق. قال:
* يا خَازِبازِ أَرْسِلِ اللَّهازِمَا(7) *
و(الخَبَرْنَجُ): الحَسَن الغِذاء.
__________
(1) التكملة مما سبق في (خرق) وكذا (الخرنق) ص248.
(2) هو أحد ما جاء على فعلال مفتوح الفاء من غير ذوات التضعيف. والآخر "الفهقار" حكاه ثعلب. انظر اللسان (خزعل) والمزهر (2: 52).
(3) يقال خبنداة وبخنداة أيضاً بمعناه.
(4) يريد تأبط شرا. انظر ما سبق في حواشي ص 200 من هذا الجزء.
(5) صدره كما سبق في الحواشي
* نهضت إليها من جثوم كأنها *
(6) للبيد في ديوانه 28 طبع 1881 واللسان (خوخ).
(7) البيت في اللسان (خوز).(2/206)
ومما اشتُقَّ اشتقاقاً قولُهم للثَّقيل(1) الوخِم القبيح الفَحَج (خَفَنْجَلٌ). وهذا إنَّما هو من الخفج وقد مضى، لأنّهم [إذا] أرادوا تشنيعاً وتقبيحاً زادوا في الاسم.
وممّا وضِع وضْعاً (الخَرْفَجَة): حُسْنُ الغِذاء. وسَرَاويلُ مُخَرْفَجَةٌ، أي واسعة.
وأمّا (الخَيْسَفُوجة): سُكَّان السَّفينة، فمن الكلام الذي لا يُعَرَّج على مِثْله.
وأمّا قولُهم للقديم (خُنَابِسٌ) فموضوعٌ(2) أيضاً لا يُعرف اشتقاقُه. قال:
* أبَى اللهُ أنْ أَخْزَى وعِزٌّ خُنابِسُ(3) *
والله أعلمُ بالصَّواب.
ـــــــــــــــ
( تم كتاب الخاء )
در
كتاب الدال
{باب الدال وما بعدها في المضاعف والمطابق}
(در) الدال والراء في المضاعف يدلُّ على أصلين: أحدهما تولُّد شيء عن شيء، والثاني اضطرابٌ في شيء.
فالأوّل الدَّرُّ دَرُّ اللَّبَن. والدَِّرَّة دَِرّة السّحاب: صَبُّه. ويقال سَحابٌ مِدْرارٌ. ومن ذلك قولهم: "لله دَرُّه"، أي عمله، وكأنّه شُبِّه بالدَّر الذي يكونُ من ذوات الدّرّ. ويقولون في الشَّتْم: "لا دَرّ دَرُّه" أي لا كَثُر خَيره. ومن الباب: دَرّت حَلُوبةُ المسلمين، أي فَيْئُهم وخَراجهم. ولهذه السُّوق دِرَّة، أي نَفَاق، كأنّها قد دَرَّت. وهو خلاف الغِرار. قال:
ولِلسُّوق منها دِرَّةٌ وغِرارُ
ألا يا لَقومي لا نَوَارُ نَوارُ
ومن هذا قولهم: استدرَّتِ المِعْزَى استدراراً، إذا أرادت الفحلَ، كأَنّها أرادت أنْ يَدِرَّ لها ماءُ فَحْلِها.
وأمَّا الأصل الآخرُ فالدّرِيرُ من الدوابّ: الشديدُ العَدْو السريعُهُ. قال:
تَتَابُعُ كَفَّيْه بخَيطٍ مُوَصَّلِ(4)
دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَلِيد أَدَرَّهُ
__________
(1) في الأصل: "الثقل".
(2) في الأصل: "فموضع"، تحريف.
(3) للقطامي في ديوانه 28 واللسان (خنبس). وصدره:
* وقالو عليك ابن الزبير فلذ به *
(4) لامرئ القيس في معلقته. والرواية المشهورة: "أمره" بدل: "أدره".(2/207)
والدُّرْدُرُ: مَنابت أسنانِ الصبِيّ. وهو من تَدَرْدَرَتِ اللحمةُ تَدَرْدُراً، إذا اضطربَتْ، ودَرْدَر الصبيُّ الشَّيءَ، إذا لاكَهُ، يُدَرْدِرُه.
دس
وَدَرَرُ الرِّيح: مَهَبُّها. ودَرَرُ الطَّريق: قَصْدُهُ؛ لأنّه لا يخلو مِن جاءٍ وذاهب. والدُّرُّ: كبار اللُّؤلؤ، سمِّي بذلك لاضطرابٍ يُرَى فيه لصفائه، كأنّه ماءٌ يضطرب. ولذلك قال الهذليّ(1):
يَدُوم الفُراتُ فوقَها ويموجُ(2)
فجاء بها ما شِئْتَ مِن لَطَمِيَّةٍ
يقول: كأنَّ فيها ماءً يموج فيها، لصفائها وحسنها.
والكوكب الدُّرّيّ: الثاقب المُضِيء. شُبِّه بالدُّر ونُسب إليه لبياضه.
(دس) الدال والسين في المضاعف والمطابق أصلٌ واحد يدلُّ على دُخول الشيءِ تحت خفاءٍ وسِرّ. يقال دَسَسْتُ الشَّيءَ في التُّراب أدُسُّه دَسّاً. قال الله تعالى: { أَيُمْسِكُه عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ في التُّرابِ } [النحل 59]. والدّسَّاسة: حيَّة صَمَّاء تكون تحت التراب.
فأمّا قولهم دُسَّ البَعيرُ ففيه قولان، كلُّ واحدٍ منهما من قياس الباب.
فأحدُهما أن يكون به قليل من جَرَب. فإن كان كذا فلأنّ ذلك الجربَ كالشَّيء الخفيف المُنْدَسّ. والقول الآخَر، هو أن يُجعل الهِنَاءُ على مَسَاعِرِ البعير. ومن الباب* الدَّسيس(3). وقولهم: "العِرْق دَسَّاس"؛ لأنَّه يَنْزِع في خَفَاءٍ ولُطف.
دظ - دع - دف
__________
(1) هو أبو ذؤيب الهذلي. انظر ديوانه 50-62 (واللسان، دوم).
(2) وكذا رواية الديوان 57. وفي اللسان: "تدور البحار فوقها وتموج".
(3) لم يفسره. والدسيس: إخفاء المكر. والدسيس أيضاً: من تدسه ليأتيك بالأخبار كالمتجسس. والدسيس: الصنان الذي لا يقلعه الدواء، والدسيس: المشوي. والدسيس: المرائي بعمله، يدخل مع القراء وليس قارئاً.(2/208)
(دظ) الدّال والظاء ليس أصلاً يعوَّل عليه ولا يَنْقَاس منه. ذكروا عن الخليل أنَّ الدَّظَّ الشَّلُّ(1)؛ يقال دظَظْناهم، إذا شَلَلْناهم. وليس ذا بشيءٍ.
(دع) الدال والعين أصلٌ واحد مُنقاسٌ مطّرد، وهو يدلُّ على حركة ودَفْع واضطراب. فالدَّعُّ: الدفع؛ يقال دَعَعْتُه أَدُعُّه دَعَّاً. قال الله تعالى:
{ يَوْمَ يُدَعُّونَ إلى نَارِ جهَنَّمَ دعّاً } [الطور 13]. والدَّعْدَعَةُ: تحريك المِكيال ليستوعب الشَّيءَ. والدَّعْدَعةُ: عَدْوٌ في التِواء. ويقال جَفْنةٌ مدَعدَعة. وأصلُه ذاك، أي أنَّها دُعدِعَتْ حتّى امتلأَتْ.
فأمّا قولُهم الدَّعْدَعَةُ زَجْر الغنم، والدَّعدعةُ قولُك للعاثر: دَعْ دَعْ، كما يقال لَعاً، فقد قلنا: إنَّ الأصواتَ وحكاياتِها لا تكاد تنقاس، وليست هي على ذلك أصولاً.
وأمّا قولهم للرجل القصير دَعْدَاعٌ، فإن صحّ فهو من الإبدال من حاءٍ(2): دَحْدَاح.
(دف) الدال والفاء أصلان: أحدهما [يدُلّ] على عِرَضٍ في الشَّيء، والآخَر على سُرعة.
فالأوَّل الدَّفُّ، وهو الجَنْب. ودَفَّا البعيرِ: جنباه. قال:
ودَفّانِ يَشْتَفَّانِ كلَّ ظِعانِ(3)
له عُنُقٌ تُلْوِي بما وُصِلَتْ به
ويقال سَنَامٌ مُدَفِّفٌ، إذا سقَط على دفّيِ البعير. والدَّفّ والدُّفّ: ما يُتلهَّى به. والثاني دَفّ الطّائرُ دفيفاً، وذلك أن يَدُفَّ على وجه الأرض، يحرِّك جناحَيْه
دق - دك
__________
(1) جعله في اللسان لغة أهل اليمن.
(2) كلمة "من" ليست في الأصل. وفي الأصل: "جاء".
(3) البيت لكعب بن زهير كما في اللسان (شفف). وهو في اللسان (ظعن) بدون نسبة وسيعيده في (شف).(2/209)
ورجلاه في الأرض. ومنه دفَّتْ علينا من بَنِي فلان دَافَّةٌ، تدِفّ دفيفا. ودَفِيفُهم: سَيْرهم(1). وتقول: داففْتُ الرّجُلَ، إذا أجْهزْتَ عليه دِفَافاً ومُدَافَّة. ومن ذلك حديثُ خالدِ بن الوليد: "من كان معه أسيرٌ فليُدَافَِّه"، أي ليُجْهِزْ عليه. وهو من الباب؛ لأنَّه يعجِل الموتَ عليه.
(دق) الدال والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على صِغَر وحَقارة. فالدَّقيق: خِلافُ الجَليل. يقال: ما أدَقَّنِي فُلانٌ ولا أَجَلَّني، أي ما أعطاني دقيقةٌ ولا جَليلة. وأدقَّ فُلانٌ وأجلّ، إذا جاء بالقليل والكثير. قال:
بكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكَا وأجَلَّتِ(2)
سَحوحٍ إذا سَحَّتْ هُمُوع إذا هَمَتْ
والدّقيق: الرجل القليل الخَير. والدَّقيق: الأمر الغامض. والدقيق: الطَّحين. وتقول: دققتُ الشَّيْءَ أدُقُّه دَقاًّ.
وأمّا الدَّقْدَقة فأصواتُ حوافر الدوابّ في تردُّدها. كذا يقولون. والأصل عندنا هو الأصل، لأنَّها تدقّ الأرضَ بحوافرها دَقّاً.
(دك) الدال والكاف أصلان: أحدهما يدلُّ على تطامُن وانسطاحٍ. من ذلك الدكّان، وهو معروف. قال العَبْدِيّ(3):
* كدُكّان الدَّرابِنَة المَطِينِ(4) *
دل
ومنه الأرضُ الدَّكَّاءُ: وهي الأرض العريضة المستوية. قال الله تعالى:
{ جَعَلَهُ دَكَّاءَ } [الكهف 98]. ومنه النَّاقة الدّكّاء، وهي التي لا سَنامَ لها.
قال الكسائيّ: الدُّكُّ من الجبال: العِراضُ، واحدها أدَكُّ. وفرس أدَكُّ الظّهر، أي عريضُهُ.
__________
(1) في الأصل: "سيرتهم"، تحريف. وفي المجمل: "ودفيفهم: سير في لين".
(2) في الأصل: "هموع إذا حرات همت وادقت"، وأصلحته مستضيئاً بما سبق في مادة (جل) من الجزء الأول 418.
(3) هو المثقب العبدي. وقصيدة البيت في المفضليات (2: 88-92).
(4) صدره كما في المفضليات واللسان (دكك، دربن، طين):
* فأبقى باطلي والجد منها *(2/210)
والأصل الآخر يقرب من باب الإبدال، فكأنَّ الكاف فيه قائمةٌ مَقام القاف. يقال دكَكْت الشيء، مثل دقَقته، وكذلك دكَّكته. ومنه دُكَّ الرَّجُل فهو مدكوكٌ، إذا مَرِض. ويجوز أن يكون هذا من الأوَّل، كأنَّ المرض مَدَّه وبَسَطَه؛ فهو محتملٌ للأمرين جميعاً.
والدَّكْدَاك من الرّمل كأنه قد دُكَّ دَكّاً، أي دُق دَقّاً. قال أهلُ اللغة: الدَّكداك من الرَّمل: ما التَبَد بالأرض فلم يرتفِع. ومن ذلك حديثُ جرير بن عبد الله حين سأله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن منزلِهِ بِبيشة، فقال: "سَهْلٌ * ودَكْداكٌ، وسَلَمٌ وأرَاكٌ".
ومن هذا الباب: دَكَكت التُّرابَ على الميّت أدُكّه دَكَّاً، إذا هِلْتَهُ عليه. وكذلك الرّكِيَّة تدفِنها. وقيل ذلك لأنَّ الترابَ كالمدقوق.
ومما شذّ عن هذين الأصلين قولهم، إن كان صحيحاً: أَمَةٌ مِدَكَّةٌ: قويّةٌ على العمل. ومن الشاذّ قولهم: أقمت عنده حولاً دكيكا، أي تامّاً.
(دل) الدال واللام أصلان: أحدهما إبانة الشيء بأمارةٍ تتعلّمها، والآخَر اضطرابٌ في الشيء.
فالأوَّل قولهم: دلَلْتُ فلاناً على الطريق. والدليل: الأمارة في الشيء. وهو بيِّن الدَّلالة والدِّلالة.
دم
والأصل الآخَر قولهم: تَدَلْدَل الشَّيءُ، إذا اضطرَبَ. قال أوس:
بَيْنَ القُسوط وبين الدِّينِ دَلْدَالِ(1)
أمْ مَن لحَيٍّ أضاعوا بعضَ أمرِهِمُ
والقُسوط: الجَوْر. والدِّين: الطّاعة.
ومن الباب دَلال المرأة، وهو جُرْأتها في تغَنُّجٍ وشِكْلٍ، كأنَّها مخالِفَةٌ وليس بها خِلاف. وذلك لا يكون إلاّ بتمايُلٍ واضطراب. ومن هذه الكلمة: فلانٌ يُدِلُّ على أقرانِهِ(2) في الحرب، كالبازي يُدِلُّ على صيده.
__________
(1) ديوان أوس بن حجر 23 واللسان (دلل). قال: "وقوم دلدال، إذا تدلدلوا بين أمرين فلم يستقيموا".
(2) الأقران: جمع قرن، بالكسر. وفي الأصل: "على امرأته"، وهو من عجيب التحريف.(2/211)
ومن الباب الأوّل قولُ الفرّاء عن العرب: أدَلّ يُدِلّ، إذا ضَرَبَ بقَرابَةٍ(1).
(دم) الدال والميم أصلٌ واحد يدلُّ على غِشْيان الشَّيء، مِن ناحيةِ أنْ يُطْلَى به. تقول دَممْتُ(2) الثَّوبَ، إذا طليتَه أيَّ صِبْغ، وكلُّ شيءٍ طُلِي على شيءٍ فهو دِمام(3). فأمّا الدّمدمة فالإهلاك. قال الله تعالى: { فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهمْ } [الشمس 14]. وذلك لِمَا غَشّاهم به من العذاب والإهلاك. وقِدْرٌ دميمٌ: مطلِيَّة بالطِّحال. والدَّامَّاء: جُحْر اليربوع، لأنّه يدُمُّه دمّاً، أي يُسَوِّيه تسويةً.
فأمَّا قولهم رجلٌ دميمُ الوجه فهو من الباب، كأنّ وجهَه قد طلِيَ بسوادٍ أو قُبْحٍ. يقال دَمَّ وجههُ يَدُِمّ دَمامةً، فهو دميم.
وأمَّا الدَّيْمُومَة، وهي المَفَازة لا ماءَ بها، فمن الباب؛ لأنّها كأنَّها في
دن - ده
استوائها قد دُمَّت، أي سُوِّيت تسويةً، كالشَّيء الذي يُطلى بالشيء. والدَّمادِم من الأرض: رَوَابٍ سَهْلَةٌ.
(دن) الدال والنون أصلٌ واحد يدلّ على تطامُنٍ وانخفاض. فالأدَنُّ: الرجل المنحنِي الظَّهر. يقال منه قد دَنِنْتَ دَنَناً. ويقال بيتٌ أدنّ، أي متطامِنٌ. وفرسٌ أدَنّ، أي قصير اليدين. وإذا كان كذلك كان منْسجُهُ منْخفضاً(4). ومن ذلك الدَّنْدَنَة، وهو أنْ تُسمَع من الرَّجل نَغْيَةٌ لا تُفْهَم، وذلك لأنّه يخفِض صوتَه بما يقوله ويُخفيه. ومنه الحديث: "فأمَّا دَنْدَنَتُكَ ودندنةُ مُعاذٍ فلا نُحْسِنُهُمَا(5)".
__________
(1) في الأصل: "بقراته"، صوابه من المجمل.
(2) في الأصل: "دمدمت"، تحريف.
(3) ويقال "دم" أيضاً بتشديد الميم، للطلاء.
(4) منسج الفرس، كمنبر ومجلس: ما بين العرف وموضع اللبد.
(5) هو كلام أعرابي، سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تقول في التشهد؟" قال: "أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، فأما دندنتك ودندنة معاذ فلا نحسنهما".(2/212)
ومما يقارب هذا القياسَ وليس هو بعينه قولهم للسيف الكَليل: دَدَانٌ(1). ومما شذَّ عن الباب الدَّيْدَن، وهي العادة.
ومما يقاس على الأصل الأول الدِّنْدِنُ، وهو ما اسودَّ من النّبات لِقدَمه.
(ده) الدال والهاء ليس أصلاً يُقاس عليه ولا يُفرَّع منه، وإنّما يجيء في قولهم تَدَهْدَهَ الشيءُ، إذا تدحرَج؛ فكأنَّ الدَّهْدَهَةُ الصَّوتُ التي يكون منه هناك. وقد قلنا إنَّ الأصواتَ لا يُقاس عليها.
ويقولون: ما أدرِي أيُّ الدَّهْدَاءِ(2) هو، أيْ أيُّ الناس هو؟ والدَّهْدَاهُ: الصِّغار من الإبل. ويقال الدَّهْدَهانُ: الكثيرُ من الإِبل.
دو
وممّا يدلُّ على ما قُلناه أنّ هذا ليس أصلاً، قول الخليل في كتابه: وأمّا قول رؤبة:
* وقُوَّلٌ إلاّ دَهٍ فَلاَ دَهِ(3) *
فإنّه يقال إنّها فارسية، حَكَى قولَ دايَتِه(4). والذي قاله الخليل فعلى ما تراه، بعد قوله في أول الباب: دَهٍ كلمةٌ كانت العرب تتكلّم بها، إذا رأى أحدُهم ثَأرَه يقول له "يا فلانُ إلاّ دَهٍ فلا * دَهٍ"، أي إنّك إنْ لم تَثْأَرْ به الآن لم تثأَرْ به أبداً وفي نحو ذلك من الأمر. وهذا كله مما يدلُّ على ما قلناه.
(دو) الدال والحرف المعتل بعدها أو المهموز، قريبٌ من الباب الذي قبله. فالدَّوُّ والدَّوِّيّة المفازة. وبعضهم يقول: إنَّما سمِّيت بذلك لأنّ الخالي فيها يسمع كالدّوِيّ، فقد عاد الأمرُ إلى ما قلناه من أنّ الأصواتَ لا تُقاس. قال الشاعر في الدَّوِّيّة:
__________
(1) الحق أن هذه الكلمة في مادة (ددن) لا (دن).
(2) يقال أي الدهداء، وأي الدهدا، بالمد والقصر.
(3) قبله كما في الديوان 166 واللسان (دهده):
* فاليوم قد نهنهني تنهنهني*
(4) الداية: الظئر، كلاهما عربي فصيح. وفي الأصل: "دابته" تحريف. وفي اللسان: "يقال إنها فارسية، حكى قول ظئره". والظئر: المرضعة لغير ولدها.(2/213)
كَمَشْيِ النَّصارى في خِفاف اليَرَنْدَجِ(1)
وَدوِّيّةٍ قفرٍ تَمَشَّى نَعَامُها
ومن الباب الدّأْدَأَةُ: السَّير السريع. والدأدأة: صوتُ وَقْع الحجارة في المَسِيل. فأمّا الدآدئ فهي ثلاثُ ليالٍ في آخِر الشهر، قبل ليالي المُِحاق. فله قياسٌ صحيح؛ لأن كلّ إناءٍ قارَبَ أن يمتلئَ فقد تدأدأ. وكذلك هذه الليالي
دب
تكُونُ إذا قاربَ الشّهرُ أن يكمُل. فأمّا قولُ مَن قال سُمِّيت دآدِئَ لظَلْمتها، فليس بشيءٍ ولا قياسَ له.
وأمّا الدَّوادِي فهي أراجيح الصِّبيان، وليس بشيء.
(دب) الدال والباء أصلٌ واحد صحيح مُنقاس، وهو حركةٌ على الأرض أخفُّ من المشْي. تقول: دَبَّ دبيباً. وكلُّ ما مَشى على الأرض فهو دابة. وفي الحديث: "لا يَدخُل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلاّع". يُراد بالدَّيبوب النَّمام الذي يدِب بين النّاس بالنمائم. والقَلاَّع: الذي يَشِي بالإنسان إلى سُلطانه ليَقلَعه عن مرتبةٍ له عندَه. ويقال ناقة دَبُوبٌ، إذا كانت لا تَمْشي من كثرة اللّحم إلاّ دَبيباً. ويقال ما بالدار دِبِّيٌّ ودُبِّيٌّ، أي أحدٌ يدِبّ. ويقال طَعنةٌ دبُوب(2)، إذا كانت تَدِبُّ بالدّم. قال الهذَليّ(3):
* بصَفْحتهِ دَبُوبٌ تَقْلِسُ(4) *
__________
(1) البيت للشماخ في ديوانه 11 برواية: "وداوية". وهي لغة ثالثة صحيحة. والبيت أيضاً في اللسان (دوا، ردج).
(2) في الأصل: "ناقة ربوب"، صوابه في المجمل.
(3) هو أبو قلابة الهذلي. وقصيدة البيت في بقية أشعار الهذليين 15 وديوان الهذليين نسخة الشنقيطي
106.
(4) البيت بتمامه كما في المرجعين السابقين:
رجل بصفحته دبوب تقلس
واستجمعوا نفراً وزاد جنابهم(2/214)
ويقال ركب فلانٌ دُبَّة فُلانٍ، وأخَذَ بدُبّته، إذا فعل مِثل فِعلِه، كأنّه مَشى مِثل مشيه. والدُّبَّاء(1): القَرْع. ويجوز أن يكون شاذّاً، ومحتملٌ أن يكون سمِّي بذلك لملاسَته، كأنّه يَخِفُّ إذا دُحْرِجَ. قال امرؤ القيس:
دث - دج
من الخُضْرِ مَغْمُوسَةًٌ في الغُدُرْ(2)
إذا أقْبلَتْ قلتَ دُبَّاءَةً
وأمَّا الدَّبَبُ في الشّعَْرِ فمن باب الإبدال؛ لأنَّ الدال فيه مبدلةٌ من زاءٍ. والأدْبَبُ من الإبل: الأزبُّ. وفي الحديث-إنْ صحّ-: "أيَّتُكُنَّ صاحبة الجَمَل الأدْبَب(3)". وأمَّا الدَّبُوب، فيقال إنّه الغار البعيد القَعْر(4). وليس هذا بشيء.
(دث) الدال والثاء كلمةٌ واحدة، وهو المَطَر الضَّعيف(5).
(دج) الدال والجيم أصلان: أحدهما كشِبه الدَّبيب، والثاني شيءٌ يُغَشِّي ويغطِّي.
__________
(1) اختلف اللغويون في "الدباء" فجعله الزمخشري في (دبأ) وصاحب القاموس في (دبب) وصاحب اللسان في (دبي).
(2) ديوان امرئ القيس 16 واللسان (دبي).
(3) قيل أظهر التضعيف لموازنة الكلام. والحديث بتمامه أن رسول الله قال: "ليت شعري، أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تخرج فتنبحها كلاب الحوأب".
(4) ورد في المجمل والقاموس: "الدبوب: الغار القعير". وأغفله صاحب اللسان.
(5) هذا تفسير للدث بالفتح.(2/215)
فالأوَّل قولهم: دَجَّ دَجيجاً(1) إذا دبّ وسَعَى. وكذلك الداجُّ الذين يسعَون مع الحاجِّ في تجاراتهم. وفي [الحديث(2)]: "هؤلاء الدّاجُّ ولَيسُوا بالحاجّ". فأمَّا حديث أنس: "ما تركت من حاجَةٍ ولا داجَة" فليس من هذا الباب، لأنَّ الدَّاجَة مخفّفة، وهي إِتْباعٌ للحاجَة. وأما الدَِّجاجَة فمعروفةٌ: لأنَّها تُدَجْدِجُ، أي تَجِيء وتذهَب. والدَّجاجة: كُبَّةُ المِغْزَل. فإن كان صحيحاً فهو على معنى التشبيه. وكذلك قولهم: لفلانٍ دَجاجة، أي عيالٌ. وهو قياسٌ؛ لأنَّهم إليه يدِجُّون.
دح
وأمّا الآخَر فقولهم تَدَجْدَج الليل: إذا أظْلَم. وليلٌ دَجُوجيّ. ودَجَّجت السماء تدجيجاً: تغيَّمت. وتدَجْدَجَ الفارسُ بشِكَّته، كأنَّه تغطَّى بها. وهو مدجِّج ومدَجَّج. وقولهم للقُنْفذ مُدَجَِّج(3) من هذا. قال:
محمَرَّةٍ عيناهُ كالكَلْبِ(4)
ومُدَجَِّجٍ يَعدُو بشِكّته
وأمّا قولهم للنّاقة المنبسطة على الأرض دَجَوْجَاةٌ، فهو من الباب، لأنّها كأنها تُغَشِّي الأرض.
(دح) الدال والحاء أصلٌ واحد يدلُّ على اتساع وتبسُّط. تقول العرب: دحَحْتُ البيت وغيرَه، إذا وسَّعته*. واندَحَّ بطنُه، إذا اتَّسع. قال أعرابيّ: "مُطِرْنا لليلتين بقيتا من الشّهر، فاندحَّتِ الأرضُ كَلأً". ويقال دَحَّ الصَّائدُ بيتَه، إذا جَعَلَه في الأرض. قال أبو النَّجم:
* بيْتاً خَفِيّاً في الثَّرَى مَدْحُوحَا(5) *
__________
(1) في الأصل: "دجيجاً وكذلك"، والكلمة الأخيرة مقحمة.
(2) التكملة من المجمل.
(3) في المخصص (8: 95): "المدجج والمدجج: الدلدل من القنافذ". وأنشد البيت.
(4) البيت لعامر بن الطفيل كما في الحيوان (1: 313). وأنشده المبرد في الكامل 609: "ومدججا".
(5) البيت في المجمل واللسان (دحح).(2/216)
ومن الباب الدَّحْدَاح: القصير، سمِّي لتطامُنِه وجُفُورِه(1). وكذلك الدُّحَيْدِحَةُ. قال:
دخ - دد
دُحَيْدِحَة وأنَّكِ عَيْطَمُوسُ(2)
أغَرَّكِ أَنَّني رجلٌ دميم
(دخ) الدال والخاء ليس أصلاً يُفَرّع منه، لكنّهم يقولون: دخدَخْنا القومَ: أذْلَلْناهم، دَخدَخةً. وذكر الشَّيبانيّ أنَّ الدخدخة الإعياء. فأما الدَُّخُّ فقد ذُكِر في بابه، وهو الدُّخان. قال:
* عند سُعَارِ النّارِ يَغْشَى الدَُّخَّا(3) *
(دد) الدال والدال كلمةٌ واحدة. الدَّدُ: اللهو واللَّعِب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنَا مِن دَدٍ ولا الدَّدُ مِنِّي(4)".
ويقال: دَدٌ، وَدَداً، ودَدَنٌ. قال:
إنَّ همِّي في سَمَاعٍ وَأَذَنْ(5)
أيُّها القلبُ تَعَلَّلْ بدَدَنْ
ودَد(6)-فيما يقال- اسمُ امرأةٍ. والله أعلم.
درز - درس
{باب الدال والراء وما يثلثهما}
__________
(1) الجفور: مصدر جفر، ولم يصرح اللغويون بهذا المصدر إلا في قولهم: جفر الفحل جفورا إذا عجز عن الضراب. وفي الأصل: "جفون". وأراه محرفاً عن "الجفور". والجفر: الصبي إذا انتفخ لحمه وأكل وصارت له كرش.
(2) أنشده في اللسان (دحح) برواية:
دحيدحة وأنك علطميس
أغرك أنني رجل جليد
... والعيطموس من النساء: التامة الخلق. والعلطميس: الضخمة الشديدة.
(3) في الأصل: "يخشى الدخا" صوابه من اللسان والتاج (دخخ) وأمالي ثعلب 451 وأمالي الزجاجي 78 والخزانة (3: 104) وقد نقل البغدادي نسبة الرجز إلى العجاج، وليس في ديوانه المطبوع. وسيعيده ابن فارس في (درن).
(4) في الأصل: "ولا دد مني"، صوابه من المجمل واللسان.
(5) البيت لعدي بن زيد، كما في اللسان (أذن، ددن).
(6) في كل ثنائي من أعلام الإناث لغتان: الصرف، وعدمه.(2/217)
(درز) الدال والراء والزاء ليس بشيء، ولا أحسب العربَ قالت فيه. إلاّ أنَّ ابنَ الأعرابيّ حُكِي أنه قال: يقول العرب للسِّفْلة: هم أولادُ دَرْزَة، كما تقول للُّصوص وأشباهِهم: بنو غَبْرَاء. وأنشد:
* أولادُ دَرْزَةَ أسلموكَ وطارُوا(1) *
(درس) الدال والراء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء وخفضٍ وعَفَاءٍ. فالدَّرْس: الطَّريق الخفيّ. يقال دَرَسَ المنزلُ: عفا. ومن الباب الدَّرِيس: الثّوب الخَلَق. ومنه دَرَسَتِ المرأةُ: حاضَت. ويقال إنَّ فرجَها يكنّى أبا أَدْرَاس(2) وهو من الحَيْض. ودَرَسْتُ الحَنْطَة وغيرَها في سُنْبُلها. إذا دُسْتَها. فهذا محمولُ على أنّها جُعِلت تحتَ الأقدام، كالطَّريق الذي يُدرْس ويُمشَى فيه. قال:
* سَمْرَاءَ مما دَرَسَ ابنُ مِخْرَاقْ(3) *
والدَّرْس: الجَرَب القليل يكون بالبَعير.
درص - درع
ومن الباب دَرَسْتُ القُرآنَ وغيرَه. وذلك أنّ الدّارِسَ يتتبَّع ما كان قرأ، كالسَّالك للطريق يتَتبَّعُه.
ومما شذَّ عن الباب الدِّرْوَاس: الغليظ العُنق من النّاسِ والدّوابّ.
(درص) الدار والراء والصاد ليس أصلاً يُقاس عليه ولا يفرَّع منه، لكنّهم يقولون الدِّرص ولدُ الفأرة، وجمعهُ دِرَصَةٌ. ويقولون: وقع القوم في أُمِّ أدْرَاصٍ، إذا وقعوا في مَهْلَََُِكَة. وهو ذاك الأوّل؛ لأنّ الأرض الفارغَة يكون فيها أدراص. قال:
__________
(1) البيت لبعض الشراة، وهو حبيب بن خدرة الهلالي، يخاطب زيد بن علي، وكان خرج معه خياطون من أهل الكوفة فتركوه وانهزموا. انظر ثمار القلوب 215 والكامل 709-710. قال:
صبحوك كان لوردهم إصدار
يابا حسين لو شراة عصابة
أولاد درزة أسلموك وطاروا
يابا حسين والجديد إلى بلى
(2) يقال أبو أدراس، وأبو دراس أيضاً، بالدال المكسورة.
(3) الرجز لابن ميادة؛ كما في اللسان (درس). وقبل البيت:
* هلا اشتريت حنطة بالرستاق *(2/218)
بأغْدَرَ مِن قيسٍ إذا اللَّيلُ أَظلما(1)
وما أمُّ أدراصٍ بأرضٍ مَضَلَّةٍ
ويقولون للرّجُل إذا عَيَّ بأمرِه: "ضَلَّ دُرَيْصٌ نَفَقَهُ".
(درع) الدال والراء والعين أصلٌ واحد، وهو شيءٌ [من اللِّباس] ثم يُحمَل عليه تشبيهاً. فالدِّرع دِرْعُ الحديد مؤنثة، والجمع دُروع وأدراع. ودِرْع المرأة: قميصُها، مذكّر.
وهذا هو الأصل. ثمَّ يقال: شاةٌ دَرْعاء، وهي التي اسوَدَّ رأسُها وابيضَّ سائرُها. وهو القياس؛ لأنَّ بياضَ سائِر بدنِها كدرعٍ لها قد لبِسَتْهُ. ومنه الليالي الدُّرَْع، وهي ثلاثٌ تسودّ أوائلُها ويبيضُّ سائرُها، شُبِّهت بالشَّاة الدَّرْعاء. فهذا مشبَّهٌ بمشبَّهٍ بغيره.
ومما شذَّ عن الباب الاندراعُ: التقدُّمُ في السير. قال:
درق - درك
* أَمامَ الخَيْل تَنْدَرِعُ اندرَاعا(2) *
(درق) الدال والراء والقاف ليس هو عندي أصلاً يُقاس عليه. لكن الدَّرَقَة معروفة، والجمع دَرَق وأدْراق. قال رؤبة:
* لو صَفَّ أدْرَاقاً مَضَى من الدّرَقْ(3) *
والدَّرْدَق: صِغار الإِبل، وأطفالُ الوِلْدان.
(درك) الدال والراء والكاف أصلٌ واحد، وهو لُحوق الشَّيء بالشّيء ووُصوله إليه. يقال أدْرَكْتُ *الشّيءَ أُدْرِكُه إدراكاً. ويقال فرس دَرَكُ الطريدةِ، إذا كانت لا تَفوتُه طريدة. ويقال أدرك الغلامُ والجارية، إذا بلَغَا. وتدارَكَ القومُ: لَحِق آخرُهم أوّلَهم. وتدارَكَ الثَّرَيَانِ، إذا أدرك الثَّرَى الثاني المَطَرَ الأوّل. فأمَّا قوله تعالى: { بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَة } [النمل 66]، فهو من هذا؛ لأنَّ عِلْمَهم أدركَهم في الآخرة حين لم ينفَعْهم.
__________
(1) ينسب البيت إلى طفيل الغنوي، ولقيس بن زهير، ولشريح بن الأحوص. انظر اللسان (درص) وملحقات ديوان طفيل ص64.
(2) للقطامي في ديوانه 42 برواية: "أمام الركب". وصدره:
* قطعت بذات ألواح تراها *
(3) ديوان رؤبة 108.(2/219)
والدَّرَك: القطعة من الحَبْل تُشَدُّ في طَرَف الرِّشاء إلى عَرْقُوَة الدَّلو؛ لئلاَّ يأكلَ الماءُ الرِّشاء. وهو وإن كان لهذا فبِهِ تُدرَك الدَّلْو(1).
ومن ذلك الدَّرَك، وهي منازِل أهل النار. وذلك أن الجنّة [درجاتٌ، والنَّار(2)] دركات. قال الله تعالى: { إنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } [النساء 145]، وهي منازلُهم التي يُدْرِكونها ويَلْحَقُون بها. نعوذُ بالله منها!
درم - درن
(درم) الدار والراء والميم أصلٌ يدلُّ على مقاربةٍ ولِين. يقال دِرْعٌ درِمَةٌ، أي ليِّنة مُتَّسقة. والدَّرَمان: تقارُبُ الخَطْو. وبذلك سمِّي الرَّجُل دارماً.
ومن الباب الدَّرَم، وهو استواءٌ في الكَعْب تحت اللَّحم حتَّى لا يكونُ له حَجْم. يقال له كَعْبٌ أدْرَمُ. قال:
سَاقاً بخَنْدَاةً وكَعْباً أدْرَما(3)
قامتْ تُرِيكَ خَشْيةً أن تَصْرِما
ويقال دَرِمَتْ أسنانُه؛ وذلك إذا انسحَجَتْ ولانت غُرُوبُها.
ومن هذا قولُهم أدْرَمَ الفَرَسُ، إذا سقَطَتْ سِنُّه فخرَجَ من الإثْناء إلى الإرباع. والدَّرَّامة: المرأة القصيرة. وهو عندنا مُقارَبَة الخطْو؛ لأنَّ القصيرة كذا تكون. قال:
تبُذُّ نِساءَ الحيِّ دَلاًّ وَمِيسَمَا(4)
مِن البِيض لا دَرَّامةٌ قَمَلِيَّةٌ
ثم يشتقّ من هذا الذي ذكرناه ما بَعدَه. فبَنُو الأدرَم: قَبيلة. قال:
* إنَّ بَنِي الأَدْرَمِ لَيْسُوا مِنْ أحَدْ *
ودَرِمٌ: اسمُ رجلٍ في قول الأعشى:
* كما قِيل في الحيِّ أوْدَى دَرِمْ(5) *
__________
(1) في الأصل: "فيه تدرك الدلو".
(2) تكملة ضرورية. وفي المجمل: "والنار دركات والجنة درجات".
(3) للعجاج في ديوانه 57 واللسان (درم، بخند) وفي الديوان: "رهبة أن تصرما".
(4) في الأصل والمجمل: "ومبسما"، صوابه من اللسان (درم، قمل).
(5) صدره كما في ديوان الأعشى 31 واللسان (درم):
* ولم يود من كنت تسعى له *(2/220)
وهو رجلٌ من شيبان قُتِل ولم يُدرَكْ بثأرِه.
(درن) الدال والراء والنون أصلٌ صحيح، وهو تقادُمٌ في الشَّيء مع تغيُّرِ
دره - دري
لَون. فالدَّرِين: اليَبِيسُ الحَوْليّ. ويقال للأرض المجْدبة: أمُّ دَرِينٍ. قال:
سواءَيْنِ والمرعَى بأُمِّ دَرِينِ(1)
تَعَالَيْ نُسَمِّطْ حُبَّ دعْدٍ ونَغْتَدِي
يقول: تعالَيْ نلزَمْ حُبَّنَا وأرضَنا وعَيْشَنَا.
ومن الباب الدَّرَن، وهو الوسَخ. ومنه دُرَيْنَةُ، وهو نعتٌ للأحمق(2). فأمّا قولُهم إنَّ الإدْرَوْنَ الأصلُ فكلامٌ قد قِيل، وما ندري ما هُو(3).
(دره) الدال والراء والهاء ليس أصلاً؛ لأن الهاء مبدلة من همزة. يقال: دَرَأ أي طلع، ثم يقلب هاءً؛ فيقال دَرَهَ. والمِدْرَه: لسان القوم والمتكلِّم عنهم.
(دري) الدال والراء والحرف المعتلّ والمهموز. أمّا الذي ليس بمهموزٍ فأصلان: أحدهما قَصْد الشيء واعتمادُهُ طلَباً، والآخَر حِدَّةٌ تكون في الشَّيء. وأمّا المهموز فأصلٌ واحد، وهو دَفْع الشَّيء.
فالأول قولُهم: ادّرَى بنُو فلانٍ مكانَ كذا، أي اعتمدوه بغَزْوٍ أو غارة قال:
مُعَلَّقةَ الكنائنِ تَدَّرِينا(4)
أتتنا عامرٌ من أرض رَامٍ
والدّرِيَّة: الدّابّة التي يَستَتِرُ بها الذي يَرمِي الصَّيدَ ليصيده. يقال منه دَرَيت وادَّرَيْت. قال الأخطل:
دري
وإنْ كُنْتِ قد أقصَدْتِنِي إذ رميِتِني
بسَهمِكِ والرَّامي يَصِيدُ ولا يَدْرِي(5)
__________
(1) البيت في اللسان (درن، سمط).
(2) ذكر في اللسان أنه لغة أهل الكوفة.
(3) أورد له صاحب اللسان قول القلاخ:
إدرونه ولؤم أصه على
ومثل عتاب رددناه إلى
(4) لسحيم بن وثيل الرياحي، كما في اللسان (دري). في الأصل: "يدرينا"، تحريف.
(5) ديوان الأخطل 128 واللسان (دري). وقبله، وهو مطلع القصيدة:
وإن كان حيانا عدىً آخر الدهر
ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر(2/221)
قال ابنُ الأعرابيّ: تدرَّيت الصّيدَ، إذا نظرْتَ أين هُوَ ولم تَرَهُ بَعدُ(1). ودريتُه: ختَلْتُه. فأمّا قوله تدرَّيت أي تعلَّمت لدريته(2) أين هو، والقياسُ واحد. يقال دَرَيتُ الشَّيءَ، والله تعالى أدرانيهِ. قال الله تعالى: { قُلْ لَوْ شَاءَ اللهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَدْرَاكُمْ بِهِ } [يونس 16]، وفلانٌ حَسَنُ الدِّرْيَة، كقولك حسن الفِطْنة.
والأصل الآخَر قولهم للذي يُسَرَّحُ به الشَّعَْر ويُدْرَى: مِدْرىً؛ لأنّه محدَّد. ويقال شاةٌ مُدْرَاةٌ(3): حديدة القَرْنَين. ويقال تَدَرَّت المرأةُ، إذا سرَّحَتْ شعرَها. ويقال إنّ المِدْرَيَيْنِ طُِبْيَا الشَّاةِ(4). و*قد يُستعمل في أخلاف النّاقة. قال حُميدٌ:
* تجودُ بِمدْرَيَيْنِ(5) *
وإنّما صارا مدْرَيَيْنِ لأنّهما إذا امتَلأَا تحدّدَ طَرَفاهما.
وأما المهموز قولهم دَرَأْتُ الشَّيءَ: دفعتُه. قال الله تعالى: { وَيَدْرَأُ عَنْها الْعَذَابَ } [النور 8]. قال:
دري
أهذا دينُهُ أبداً ودِيني(6)
تقولُ إذا دَرَأْتُ لها وَضِِيني
ومن الباب الدَّرِيئة: الحلقة التي يُتعلَّم عليها الطَّعْن. قال عمرو(7):
أُقاتِلُ عن أبناء جَرْمٍ وفَرَّتِ
__________
(1) في الأصل: "ولم يره بعده".
(2) كذا. ولعله: "دريت الشيء أي علمت بدريته".
(3) هذا اللفظ ومعناه لم يرد في المعاجم المتداولة سوى المجمل.
(4) وهذا اللفظ بمعناه لم يرد أيضاً في المعاجم المتداولة سوى المجمل.
(5) لم أجد هذه القطعة في ديوان حميد بن ثور الذي أعده العلامة الميمني للنشر، وهو محفوظ بالقسم الأدبي بدار الكتب المصرية، ولعله من شعر حميد الأرقط.
(6) البيت للمثقب العبدي، كما في اللسان (درأ، وضن)، وقصيدته في المفضليات (2: 87-92).
(7) عمرو بن معد يكرب. وقصيدة البيت الآتي في الأصمعيات 17-18 منسوبة إلى دريد بن الصمة. ونسبتها إلى عمرو بن معد يكرب في الحماسة (1: 44-45). وانظر اللسان (درأ).(2/222)
ظلِلْتُ كَأنِّي للرِّماحِ دَرِيئَةٌ
يقال: جاء السَّيل دَرْءًا، إذا جاءَ من بلدٍ بعيد. وفلان ذُو تُدْرَأٍ، أي قويٌّ على دفْع أعدائه عن نفْسه. قال:
فلم أُعْطَ شيئاً ولم أُمْنَعِِ(1)
وقد كنتُ في الحربِِ ذا تُدْرَأٍٍ
ودَرَأَ فلانٌ، إذا طَلَع مفاجَأةً، وهو من الباب، كأنّه اندرَأ بنفسه، أي اندفع(2). ومنه دارأْتُ فلاناً، إذا دافَعْتَه. وإذا ليّنْت الهمزة كان بمعنى الخَتْل والخِداع، ويرجعُ إلى الأصل الأوَّل الذي ذكرناه في دَرَيت وادَّريت. قال:
وقد جاوزتُ حَدَّ الأربعينِ(3)
فماذا يَدّرِي الشُّعَراءُ منِّي
فأما الدّرْءُ، الذي هو الاعوجاج؛ فمن قياسِ الدّفْع؛ لأنّه إذا اعوجَّ اندفَعَ
درب
من حدّ الاستواء إلى الاعوجاج. وطريق ذو دَرْءٍ، أي كُسور وجِرَفَةٍ(4)، وهو من ذلك. ويقال: أقَمْت من دَرْئهِ، إذا قوَّمْتَه. قال:
أَقَمنا له مِن دَرْئِه فتقوَّما(5)
وكنّا إِذا الجَبَّار صعَّرَ خدَّه
ويقولون: دَرَأَ البَعيرُ، إذا وَرِم ظَهْره. فإن كان صحيحاً فهو من الباب؛ لأنّه يندفعُ إذا وَرِم. ومن الباب: أدرأَتِ النّاقةُ فهي مُدْرِئٌ، وذلك إذا أرخَتْ ضَرْعَها عند النِّتاج.
__________
(1) البيت للعباس بن مرداس كما في اللسان (درأ) والخزانة (1: 73) حيث أنشد في الأخيرة قصيدة البيت.
(2) في الأصل: "إذا اندفع".
(3) لسحيم بن وثيل الرياحي، من أبيات في الأصمعيات 73. والبيت في اللسان (دري).
(4) الجرفة، كعنبة: جمع جرف، بالضم وبضمتين، وهو ما تجرفته السيول وأكلته من الأرض. وفي الأصل: "حرفة"، تحريف.
(5) البيت للمتلمس في ديوانه ص1 مخطوطة الشنقيطي واللسان (درأ).(2/223)
(درب) الدار والراء والباء الصّحيح منه أصلٌ واحد، وهو أن يُغْرَى بالشّيءِ ويلزمه. يقال دَرِبَ بالشّيء، إذا لزِمَه ولصق به. ومن هذا الباب تسميتُهم العادةَ والتّجرِبة دُرْبَة. ويقال طَيْرٌ دَوَارِبُ بالدِّماء، إذا أُغْرِيَت. قال الشاعر(1):
مِن الضّاريات بالدّماءِ الدّوارِب
يصاحِبْنَهم حتَّى يُغِرْنَ مُغارَهم
وَدَرْبُ المدينة معروف، فإنْ كان صحيحاً عربيّاً فهو قياسُ الباب؛ لأنّ النّاسَ يَدْرَبُون به قصداً له. فأما تَدَرْبَى الشّيءُ، إذا تَدَهْدَى، فقد قيل(2). والدّرْبانِيّة: جنسٌ من البقر. والدّردابُ: صوت الطَّبل. فكلُّ هذا كلامٌ ما يُدْرَى ما هو.
درج - درد
(درج) الدار والراء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على مُضِيِّ الشّيءِ والمُضيِّ في الشّيء. من ذلك قولُهم دَرَجَ الشّيءُ، إذا مَضَى لسبيله. ورجَع فُلانٌ أدراجَه، إذا رَجع في الطّريق الذي جاء منه. ودَرَج الصَّبيُّ، إذا مَشَى مِشْيته. قال الأصمعيّ: دَرَجَ الرجُلُ، إذا مَضَى ولم يُخْلِفْ نَسْلاً. ومَدَارج الأكمَة: الطُّرق المعترِضة فيها. قال:
تعرُّضَ الجَوْزاءِ للنُّجوم(3)
تَعَرّضي مَدَارِجاً وسُومِي
فأمّا الدُّرج لبعض الأصوِنة والآلات، فإن كان صحيحاً فهو أصلٌ آخَرُ يدلُّ على سَترٍ وتَغْطية. من ذلك أدْرَجْتُ الكتابَ، وأدْرَجْتُ الحَبْل. قال:
* مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدْراجَ الطّلَقْ(4) *
ومن هذا الباب الثاني الدُّرْجة، وهي خِرَقٌ تُجعَل في حياء النّاقة ثم تُسَلُّ، فإذا شمّتْها الناقةُ حسِبتْها ولدَها فعطفَتْ عليه. قال:
__________
(1) هو النابغة الذبياني، والبيت التالي من القصيدة الأولى في ديوانه ص4.
(2) لم يذكر في اللسان والجمهرة، وذكر في القاموس مع المهموز"تدربأ".
(3) الرجز لعبد الله ذي البجادين، دليل النبي صلى الله عليه وسلم كما في اللسان (درج).
(4) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 104 واللسان (حملج)، وقد سبق في ص146.(2/224)
* ولم تُجعَلْ لها دُرَجُ الظِّئارِ(1) *
(درد) الدال والراء والدال أُصَيْلٌ فيه كلامٌ يسير. فالدَّرَدُ من الأسنان: لصوقُها بالأسناخ وتأكُلُ ما فَضَل منها. وقد دَرِدَتْ وهي دُرْدٌ. ورجلٌ أدْرَدُ وامرأةٌ درداء.
درح - دسم
(درح) الدال والراء والحاء أُصَيلٌ أيضاً. يقولون للرجل القصير: دِرْحايَة، ويكون مع ذلك ضَخْماً. قال:
* عَكَوَّكاً إذا مَشَى دِرحايَهْ(2) *
والله أعلم.
{*باب الدال والسين وما يثلثهما في الثلاثي}
(دسم) الدال والسين والميم أصلان: أحدهما يدلُّ على سَدّ الشيء، والآخر يدلُّ على تلطخ الشّيء بالشيء.
فالأوّل الدِّسام، وهو سِدَادُ كلِّ شَيء. وقال قومٌ: دَسَم البابَ: أغلَقَه.
والثاني الدَّسَم معروف، وسمِّي بذلك لأنّه يلطَّخ بالشّيء. والدُّسْمة: الدّنيءُ، من الرِّجال الرديّ. وسمِّي بذلك لأنّه كالملطَّخ بالقبيح. ويقال للغادِرِ: هو دَسِم الثياب، كأنّه قد لُطِّخ بقبيح. قال:
أَوْذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْمِ
يا ربِّ إنّ الحارثَ بن الجَهْمِ(3)
ومن التّشبيه قولهم: دَسَمَ المطرُ الأرضَ، إذا قلَّ ولم يبلُغْ أن يُبلَّ الثَّرى. ومما شذّ عن الباب: الدّيْسَم، وهو ولد الذِّئب من الكلبة. والدّيسم أيضاً: النبات
دسو/ا - دست
__________
(1) لعمران بن حطان. وصدره:
* جماد لا يراد الرسل منها *
(2) الرجز لدلم أبي زعيب العبشمي، كما في اللسان (عكك). وقبله في اللسان (درج، دعك):
* إما تريني رجلاً دعكايه *
(3) في اللسان (وذم، دسم):
* لا هم إن عامر بن جهم *(2/225)
الذي يقال له: "بُستَانْ أفْرُوز(1)". ويقال إن الدّيسمة الذَّرّة(2).
(دسو/ا) الدال والسين والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاءٍ وسَتْر. يقال دَسَوْتُ الشّيءَ أدْسُوه، ودسَا يدسُو، وهو نقيض زَكَا. فأمّا قوله تعالى: { وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا } [الشمس 10]، فإنّ أهل العلم قالوا: الأصل دَسَّسَهَا، كأنَّه أخفاها، وذلك أنَّ السَّمْحَ ذا الضِّيافةِ يَنزِل بكلِّ بَراز، وبكل يَفَاع؛ ليَنْتابَه الضِّيفَانُ، والبَخيلَ لا ينزِلُ إلاَّ في هَبْطَةٍ أو غامض، فيقول الله تعالى: { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا. وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسّاهَا } [الشمس 9- 10]، أي أخفاها، أو أغْمَضها. وهذا هو المعوَّل عليه. غير أنّ بعضَ أهلِ العِلم قال: دَسّاها، أي أغواها وأغراها بالقَبيح. وأنشد:
حلائلُه منه أَرامِلَ ضُيَّعَا(3)
وأنتَ الذي دَسّيْتَ عَمْراً فأصبحتْ
(دست) الدال والسين والتاء ليس أصلاً، لأنّ الدّسْت الصَّحراء وهو فارسيٌّ معرَّب(4). قال الأعشى:
دسر
أَعْرابُ بالدّسْتِ أيُّكُمْ نَزَلا(5)
__________
(1) بالفارسية. ويقال أيضاً "بستان أبروز" بالباء المفخمة. معجم استينجاس 185. ولم يذكر هذا الاسم في اللسان والقاموس، مع حرص الأخير على إيراد نظائره.
(2) الذرة: واحدة الذر، وهو ضرب من صغار النمل. وقد ضبط في اللسان والقاموس بضم الذال وفتح الراء المخففة، وهو ضبط غير صحيح. انظر الحيوان (6: 380).
(3) هو لرجل من طيء. وقد جعل في اللسان "عمرا" قبيلة من القبائل. وأنشده:
نساؤهم منهم أرامل ضيع
وأنت الذي دسيت عمرا فأصبحت
(4) لم يذكر صاحب اللسان "الدست" بالمهملة، وذكرها بالشين المعجمة فحسب، وكان أجدر به أن يذكر التي بالسين المهملة. أما صاحب القاموس فذكر المادتين. وأصلها الفارسية بالشين المعجمة. وانظر معجم استينجاس.
(5) ديوان الأعشى 157 واللسان (دشت) والمعرب للجواليقي 138.(2/226)
قد علمَتْ فَارِسٌ وحِمْيرُ والْ
(دسر) الدال والسين والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الدَّفْع. يقال دَسَرْتُ الشّيءَ دَسْرَا، إذا دَفَعتَه دَفْعاً شديداً. وفي الحديث(1): "ليس في العَنْبَر زَكاةٌ، إنّما هو شيءٌ دسرَه البَحرُ"، أي رماهُ ودفع بِه. وفي حديث عُمَر [رضي الله عنه]: "إنّ أخْوَفَ ما أخافُ عليكم أن يُؤخَذ الرّجلُ(2) فيُدْسَر كما تُدسَر الجَزور"، أي يُدفَع.
ومن الباب: دَسَره بالرُّمْح، ورُمْحٌ مِدْسَرٌ (3). قال:
برُكْنِهِ أرْكَان دَمْخٍ لاَنْقَعَرْ(4)
عَنْ ذي قَدَامِيسَ لُهَامٍ لو دَسَرْ(5)
أي لو دَفَعَها. ويقال للجمل الضّخْم القويّ: دَوْسَريٌّ(6). ودَوْسَر: كتيبةٌ(7)؛ لأنّها تدفع الأعداء.
ومما شذَّ عن الباب وهو صحيحٌ: الدِّسارُ: خَيْطٌ من ليفٍ تُشَدّ به ألواحُ السَّفينة، والجمع دُسُرٌ. قال الله تعالى: { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ }
دسع - دسق - دعو
[القمر 13].ويقال الدُّسُر: المَسامير.
(دسع) الدال والسين والعين أصلٌ يدلُّ على الدَّفْع. يقال دسَعَ البعيرُ بجِرَّتِه، إذا دَفَع بها. والدَّسْع: خُروج الجِرَّة. والدَّسِيعة: كَرَمُ فِعْلِ الرّجل في أموره. وفلانٌ ضَخْم الدَّسيعة، يقال هي الجَفْنة، ويقال المائدة. وأيُّ ذلك كانَ فهو من الدَّفْع والإعطاء.
__________
(1) هو حديث ابن عباس وقد سئل عن زكاة العنبر.
(2) في اللسان: "الرجل المسلم البريء عند الله".
(3) لم يذكر في اللسان والقاموس. وفي المجمل: "ورجل مدسر".
(4) في اللسان (دمخ): "تركته"، تحريف. وفي معجم البلدان: "لا تقر"، محرف كذلك.
(5) في المجمل واللسان (دسر): "كهام"، تحريف. وفي (قدمس): "بذي قداميس".
(6) ويقال أيضاً دوسر، ودوسراني، ودواسري.
(7) اسم كتيبة كانت للنعمان بن المنذر. اللسان.(2/227)
ومنه حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في كتابه بينَ قريشٍ والأنصار: "إنّ المؤمنين أيديهم على من بَغَى عليهم(1) أو ابتغَى دَسيعةَ ظُلْم" فإنّه أراد الدّفْعَ أيضاً. يقول: ابتغى دفْعاً بظُلْم. وفي حديثٍ آخر: "يقول الله تعالى: يا ابنَ آدمَ ألَمْ أجعلْك تَرْبَعُ وَتَدْسَع". فقوله تَرْبَعُ، أي تأخذ المِرباع؛ وقوله تدسع، أي تدفع وتُعطِي العطاءَ الجزيل.
(دسق) الدال والسين والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على الامتلاء. يقال ملأت الحوضَ حَتَّى دَسِقَ، أي امتلأَ حتى ساح ماؤُه*. والدَّيْسق: الحوض الملآنُ. ويقال الدَّيْسَق: تَرَقْرُق السَّراب على الأرض.
{باب الدال والعين وما يثلثهما}
(دعو) الدال والعين والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو أن تميل الشَّيءَ إليك بصوتٍ وكلامٍ يكون منك. تقول: دعوت أدعُو دعاءً. وَالدَّعوة إلى الطَّعام بالفتح، والدِّعوة في النَّسب بالكسر. قال أبو عبيدة: يقال في النَّسب دِعوة، وفي الطعام دَعوة. هذا أكثرُ كلام العرب إلاّ عَدِيَّ الرِّباب، فإنّهم
دعو
ينصبون الدّالَ في النّسب ويكسرونها في الطَّعام. قال الخليل: الادِّعاء أن تدَّعِيَ حقّاً لك أو لغيرك. تقول ادَّعَى حقّاً أو باطلاً. قال امرؤ القيس:
يِّ لا يدَّعِي القومُ أنِّي أَفِرّ(2)
لا وأبيكِ ابنةَ العامِرِ
والادِّعاء في الحرب: الاعتِزاء، وهو أنْ تقول: أنا ابنُ فُلاَنٍ قال:
* ونجِرُّ في الهَيْجَا الرّماحَ ونَدَّعِي(3) *
__________
(1) في الأصل: "اتقى عليهم"، صوابه من اللسان.
(2) ديوان امرئ القيس 4. وفيه: "فلا وأبيك" بدون الخرم.
(3) للحادرة الذبياني. انظر المفضليات (1: 43). وصدره كما فيها:
* ونقي بآمن مالنا أحسابنا *
... وقد سبق في (جر 1: 214). وأنشده في اللسان (جرر).(2/228)
وداعِية اللَّبن: ما يُترَك في الضَّرع ليدعُوَ ما بعدَه. وهذا تمثيلٌ وتشبيه. وفي الحديث أنّه قال للحالِب: "دَعْ داعِيَةَ اللَّبن". ثمّ يُحمل على الباب ما يُضاهِيه في القياس الذي ذكرناه، فيقولون: دَعَا الله فلاناً بما يَكرَهُ؛ أي أنزل به ذلك قال:
* دَعَاكِ الله من ضَبُعٍ بأفْعَى(1) *
لأنَّه إذا فَعَل ذلك بها فقد أماله إليها.
وتداعَت الحِيطان، وذلك إذا سقط واحدٌ وآخَرُ بَعده، فكأنَّ الأوَّل دعا الثاني. وربَّما قالوا: داعَيْناهَا عليهم، إذا هدمْناها، واحداً بعد آخَر. ودَوَاعِي الدَّهر: صُروفه، كأنّها تُميل الحوادث. ولبني فُلانٍ أُدْعِيَّةٌ يتداعَوْن بها، وهي مثل الأغلوطة، كأنّه يدعو المسؤول إلى إخراج ما يعمِّيه عليه. وأنشد أبو عبيد عن الأصمعي:
دعق - دعك
حِسانٌ وما آثارُها بحِسانِ(2)
أُداعِيك ما مُسْتَصْحَبَاتٌ مع السُّرَى
ومن الباب: ما بالدَّار دُعْوِيٌّ، أي ما بها أَحَدٌ، كأنّه ليس بها صائحٌ يدعُو بصِياحه.
ويُحمَل على الباب مجازاً أنْ يقال: دعا فُلاناً مَكَانُ كذا، إذا قَصَد ذلك المكان، كأنَّ المكانَ دعاه. وهذا من فصيح كلامهم. قال ذو الرّمّة:
خَناطيلَ آجالٍ من العِين خُذَّلِ(3)
دَعَتْ مَيَّةَ الأعدادُ واستبدلَتْ بها
(دعق) الدال والعين والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على التأثير في الشَّيءِ والإذلال له. يقال للمكان الذي تَطَؤُه الدوابُّ وتؤثِّر فيه بحوافرها: دَعَقٌ. قال رُؤبة:
* في رَسْمِ آثارٍ ومِدْعاسٍ دَعَقْ(4) *
__________
(1) نظيره في اللسان (قيس، دعا):
إذا نام العيون سرت عليكا
دعاك الله من قيس بأفعى
والقيس: الذكر. وأنشد الجاحظ في الحيوان (1: 176/ 4: 258):
ولا عافاك من جهد البلاء
رماك من الله أير بأفعى
(2) في المجمل واللسان (دعا): "ما مستحقبات".
(3) سبق البيت ص252.
(4) ديوان رؤبة 106 واللسان (دعق، دعس).(2/229)
ومن الباب: شَلَّ إبلَهُ شَلاًّ دعْقاً، إذا طرَدَهَا. وأغارَ غارةً دعقا. وخيلٌ مَدَاعِيقُ. قال:
* لا يَهُمُّون بإدْعاقِ الشَّلَلْ(1) *
(دعك) الدال والعين والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على تمريس الشيء. يقال دَعَكَ الجِلْد وغيرَه، إذا دَلَكَه. وتداعَكَ الرَّجُلانِ في الحرب، إذا تحرَّش كلُّ
دعم - دعب - دعث
واحدٍ منهما بصاحبه. ويقولون: الدُّعَكُ، على فُعَلٍ: الرجلُ الضَّعيف. وأنشدوا لحسان(2):
* وأنت إذا حارَبُوا دُعَكْ(3) *
(دعم) الدال والعين والميم أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يكون قياماً لشيءٍ ومِساكاً. تقول: دَعَمْتُ الشّيءَ أدعِمُهُ دَعْماً، وهو مدعومٌ. والدِّعامتانِ: خشبَتَا البَكَرة. ودِعامةُ القوم: سيِّدهم. ويقال لا دَعْم بِفلانٍ، أي لا قُوَّةَ له ولا سِمَن. قال الراجز:
جاريةٌ في وَرِكَيْها شَحْمُ(4)
لا دَعْمَ بي لكن بِلَيْلَى الدَّعْمُ
ودُعْمِيٌّ: اسمٌ مشتقٌّ مِن هذا.
(دعب) الدال والعين والباء أَصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في الشيء وتَبَسُّط. فالدُّعْبُوب: الطريق السهل. وربَّما قالوا: فرسٌ دُعْبُوبٌ، إذا كان مديداً. وقياس الدُّعابة من هذا؛ لأنّ ثَمَّ تبسُّطاً وتندُّحاً.
__________
(1) البيت للبيد، وليس في ديوانه، وسيعيده في (شل، عور). وهو في اللسان (دعق). وفي البيت كلام. وصدره:
* في جميع حفاظي عوراتهم *
(2) البيت التالي ليس في ديوان حسان. ونسبه في اللسان (دعك) إلى عبد الرحمن بن حسان يقوله في ولد لعمرو بن الأهتم كان مليح الصورة وفيه تأنيث.
(3) جزء من بيت. وهو وسابقه:
يكون أنثى عليه الدر والمسك
قل للذي كاد لولا خط لحيته
يوماً وأنت إذا ما حاربوا دعك
هل أنت إلا فتاة الحي إن أمنوا
(4) البيتان في اللسان (دعم).(2/230)
(دعث) الدال والعين والثاء كلمةٌ واحدة(1) وهي الدِّعْثُ* وهو الحقد.
دعج - دعد - دعر - دعز - دعس - دعص
(دعج) الدال والعين والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على لونٍ أسودَ. فمنه الأدعَج، وهو الأسْوَد. والدَّعَج في العين: شِدَّة سوادها في شدَّة البياض.
(دعد) الدال والعين والدال ليس بشيء. وربَّما سَمَّوا المرأة "دَعْدَ".
(دعر) الدال والعين والراء أَصلٌ واحد يدلُّ على كراهةٍ وأذىً، وأصله الدُّخَان؛ يقال عُودٌ دَعِرٌ، إذا كان كثيرَ الدُّخان. قال ابنُ مُقبِل:
باتَتْ حواطِبُ لَيلَى يلتمسْن لها
جَزْل الجذَى غَيْرَ خَوَّارٍ ولا دَعِرِ(2)
ومن ذلك اشتقاق الدَّعارة في الخُلُق. والدَّعَر: الفَساد. والزَّنْد الأدْعَر: الذي قُدِح به مِراراً فاحترَقَ طَرَفُه فصار لا يُورِي. وداعِرٌ: فحلٌ تنسب إليه الداعِرِيّة.
(دعز) الدال والعين والزاء ليس بشيءٍ، ولا مُعَوَّلَ على قولِ من يقول: إنّه الدَّفْعُ والنِّكاح.
(دعس) الدال والعين والسين أُصَيلٌ. وهو يدلُّ على دفْع وتأثيرٍ. فالمداعَسَة: المطاعَنَة؛ لأنّ الطّاعن يدفَع المطعونَ. ورُمْحٌ مِدْعَسٌ ورِماحٌ مداعِسُ. والدَّعْس: النِّكاح؛ وهذا تشبيهٌ. والدَّعْس: الأثر، وهو ذاك؛ لأنَّ المؤثِّر يدفع ذلك الشيءَ حين يؤثَّر فيه.
(دعص) الدال والعين والصاد أصلٌ يدلُّ على دِقّة ولين. فالدِّعْصُ:
دعض - دعظ - دغل - دغم
ما قلَّ ودقَّ من الرمل. والدَّعْصاء: الأرضُ السَّهْلة. ومن الباب: تَدَعَّصَ اللَّحمُ، إذا بالغ في النُّضْجِ. ويقولون أدْعَصَه الحَرُّ، إذا قتلَه، كأنَّه أنضجَه فقتلَه.
__________
(1) الحق أن في المادة كلمات ومعاني كثيرة. منها الوطء الشديد، وأول المرض. وهذان بالفتح. والدعث، بالكسر: بقية الماء في الحوض.
(2) البيت في اللسان (دعر، جذا).(2/231)
(دعض) الدال والعين والضاد ليس بشيء(1).
(دعظ) الدال والعين والظاء ليس بشيء. ويقولون: الدَّعظ: النِّكاح(2).
{باب الدال والغين وما يثلثهما}
(دغل) الدال والغين واللام أصلٌ يدلُّ على التباسٍ والتواءٍ من شيئين يتدَاخلان. من ذلك الدَّغَلُ، وهو الشَّجَر الملتفّ. ومنه الدَّغَل في الشَّيء، وهو الفساد. ويقولون أَدْغَلَ في الأمر، إذا أدْخَلَ فيه ما يخالِفُه.
(دغم) الدال والغين والميم أصلان: أحدُهما من باب الألوان، والآخر دخولُ شيءٍ في مَدْخَلٍ ما.
فالأوَّل الدُّغمة في الخيل: أن يخالِف لونُ الوجه لونَ سائر الجسَد. ولا يكون إلا سَواداً. ومن أمثال العرب: "الذِّئْبُ أدْغَمُ". تفسير ذلك أنَّه أدغَمُ ولَغَ أو لم يَلَغْ. فالدُّغْمة لازمةٌ له، فربَّما قيل قد وَلَغَ وهو جائع. يضرب هذا مثلاً لَمنْ يُغْبَط بما لم ينَلْه. ومن هذا الباب دَغمَهم الحرُّ، إذا غشِيَهم؛ لأنّه يغيِّر الألوان.
دغر - دغص - دغش
والأصل الآخر: قولُهم أدغَمْتُ اللِّجام في فم الفرس، إذا أدخَلْتَه فيه. ومنه الإدغام في الحُروف. والدَّغْم: كَسْرُ الأنف [إلى(3)] باطنِه هَشْماً.
(دغر) الدال والغين والراء أصلٌ واحد، وهو الدَّفْع والتَّقَحُّمُ في الشَّيء، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للنِّساء: "لا تُعذِّبْنَ أولادَكُنَّ بالدَّغْرِ". فالدَّغْر: غَمْزُ الحَلْق من العُذْرة(4)، والعُذْرة: داءٌ يَهِيج في الحَلْق من الدَّم، ويقال هُوَ مَعْذُور. قال جرير:
__________
(1) هي مادة أهملت، ولم ترد في المعاجم المتداولة، ومثلها كثير، ولست أدري لم رسم لها، مخالفاً بذلك عادته.
(2) في الأصل: "ويقولون لولد النكاح عظ"، وهذا تحريف ناشئ من اضطراب عين الناسخ حيث زاد الواو، وأخر "عظ" عن موضعها بعد الدال.
(3) التكملة من المجمل واللسان.
(4) فسر الحديث في اللسان بهذا التفسير وبتفسير آخر فانظره.(2/232)
غَمَزَ الطّبيبِ نغَانِغَ المَعذُورِ(1)
غَمَزَ ابنُ مُرَّة يا فَرزْدَقُ كَيْنَها
ودَغَرْت القومَ، إذا دخَلْتَ عليهم. وكلامٌ لهم، يقولون: "دَغْراً لاَصَفَّاً(2)"، يقول: ادْغُروا عليهم، لا تُصَافُّوهُم. والدَّغرة: الخَلْسَة؛ لأنَّ المختلِس يدفع نفْسَه على الشيء. وفي الحديث: "لا قَطْعَ في الدَّغْرة".
(دغص) الدال والغين والصاد، كلمةٌ تقال للَّحْمة التي تموج فوقَ رُكبة البَعير: الدّاغصة.
(دغش) الدال والغين والشين ليس بشيء. وهم يَحْكُون: دَغَشَ عليهم(3).
دغف - دفق - دفل - دفن
(دغف) الدال والغين والفاء ليس بشيء، إلاّ أنّ ابنَ دُريد(4) زعم أنّ الدَّغْف الإكثارُ من أخْذ الشّيء.
{باب* الدال والفاء وما يثلثهما}
(دفق) الدال والفاء والقاف أصلٌ واحد مطَّردٌ قياسُه، وهو دفْع الشَّيء قُدُما. من ذلك: دَفَقَ الماءُ، وهو ماءٌ دافق. وهذه دُفْقَةٌ مِن ماء.
ويُحمَل قولُهم: جاؤوا دُفْقَةً واحدة، أي مرَّةً واحدة. وبعيرٌ أدفَقُ، إذا بانَ مِرْفَقاه عن جَنبَيه. وذلك أنَّهما إذا بانا عنه فقد اندفعا عنه واندفَقا. والدِّفَقُّ، على فِعَلٍّ، من الإبل: السريع. ومشى فلان الدّفِقَّى، وذلك إذا أسرَعَ. قال أبو عبيدة: الدِّفِقَّى أقْصَى العَنَق. ومنه حديث الزّبرقان: "تمشي الدّفِقَّى، وتجلسُ الهَبَنْقَعَة". ويقال سيلٌ دُفَاقٌ: يملأ الوَادِي. ودَفَقَ الله رُوحَه، إذا دُعِي عليه بالموت.
(دفل) الدال والفاء واللام ليس أصلاً، وإن كان قد جاء فيه الدِّفْلَى، وهو شَجَرٌ.
__________
(1) ديوان جرير 194 واللسان (عذر، كين)، وسيعيده في (عذر، كين، نغ).
(2) يقال أيضاً "دغرى لاصفى"، كلاهما بوزن دعوى.
(3) ذكر في اللسان أنها لغة يمانية. وقد خالف ابن فارس نهجه في إيراد هذه المادة بعد سابقتها وقد جرى على هذه المخالفة في المجمل أيضاً.
(4) في الجمهرة (2: 286).(2/233)
(دفن) الدال والفاء والنون أصلٌ واحد يدلُّ على استخفاءٍ وغموض(1). يقال دُفنَ الميّتُ، وهذه بئرٌ دَفْنٌ: ادَّفَنَتْ. فأما الادِّفانُ فاستِخفاء العَبْد لا يريد الإباق الباتَّ. وقال قومٌ: الادّفان: إبَاقُ العَبد وذَهابه على وَجهِه. والأوَّل
دفأ - دفا
أجْوَد؛ لما ذكرناه من الحديث. والداء الدَّفين: الغامض الذي لا يُهْتدَى لوَجهِه. والدَّفُون: الناقة تَبرُكُ مع الإبل فتكونُ وَسْطَهنّ. والدَّفَنِيُّ: ضَربٌ من الثِّياب. وسمعتُ بعضَ أهلِ العلم يقولون: إنَّه صِبغ يُدْفن في صِبغٍ يكون أشبَعَ منه.
(دفأ) الدال والفاء والهمزة أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف البَرْد. فالدِّفء: خِلاف البرد. يقال دَفُؤَ يومنا، وهو دفيءٌ. قال الكلابيّ: دَفِئٌ. والأوَّل أعرف في الأوقات، فأمّا الإنسان فيقال دَفِئَ فهو دَفَآنُ وامرأةٌ دَفْأَى. وثوبٌ ذو دِفْءٍ ودَفاء. وما عَلَى فلان دِفْءٌ ، أي ما يدفئه. وقد أدفأني كذا، واقعُد في دِفءِ هذا الحائط، أي كِنِّه.
ومن الباب الدَّفَئِيُّ من الأمطار، وهو الذي يجيء صيفاً. والإبل المُدْفَأَة: الكثيرة؛ لأنَّ بعضَها تُدفئ بعضاً بأنفاسها. قال الأمويّ: الدِّفء عند العرب: نِتاج الإبل وألبانُها والانتفاعُ بها. وهو قوله جلَّ ثناؤه: { لَكُمْ فِيها دِفْءٌ ومَنَافِعُ } [النحل 5]. ومن ذلك حديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لنا مِن دِفئهم [وصِرَامِهِمْ(2)] ما سلّموا بالميثاق". ومن الباب الدَّفَأُ: الانحناء. وفي صفة الدّجّال: "أنّ فيه دَفَأً" أي انحناء. فإنْ كان هذا صحيحاً فهو من القياس؛ لأنَّ كلَّ ما أدفَأَ شيئاً فلا بدّ من أن يَغْشاه ويجْنَأَ عليه(3).
__________
(1) في الأصل: "استحقاق غموض"، تحريف.
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) جنأ عليه يجنأ وفي الأصل: "يحنأ عليه".(2/234)
(دفا) الدال والفاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على طولٍ في انحناءٍ قليل فالدَّفَا: طُول جناح الطّائر. يقال طائرٌ أَدْفَى. وهو من الوُعول: ما طال قَرْناه.
دفر - دفع
ويقال للنَّجيبة الطَّويلة العُنق: دَفْواء. والدَّفواء: الشَّجَرة العظيمة الطَويلة. ومنه الحديث: "أنّه أبصَرَ شجرةً دَفْواءَ تُسمَّى ذاتَ أنْواط". ويقال للعُقَاب دَفْواء، وذلك لِطُول مِنقارها وعَوَجه. ويقال تَدَافَى البعيرُ تَدَافِياً، إذا سار سيراً متجافِيا.
(دفر) الدال والفاء والراء أصلٌ واحد، وهو تغيُّر رائحةٍ. والدَّفَر: النَّتْن. يقولون للأَمَة: يَا دَفَارِ. والدُّنيا تسمَّى أمَّ دَفْرٍ. وكتيبةٌ دَفْرَاءُ، يُراد بذلك روائحُ حديدِها.
وقد شذت عن الباب كلمةٌ واحدة إن كانت صحيحة، يقولون: دَفَرْتُ الرّجلَ عنِّي، إذا دفعْتَه(1).
(دفع) الدال والفاء والعين أصلٌ واحد مشهور، يدلُّ على تنحيَة الشيء. يقال دَفَعْتُ الشّيءَ أدفعُه دفْعا. ودافع الله عنه السُّوءَ دِفاعا. والمدفَّع: الفقير؛ لأن هذا يدافِعُه عند سؤالِهِ(2) إلى ذلك. وهو قوله:
والنّاس أعداءٌ لكُلِّ مدفَّعٍ
صِفْرِ اليدَينِ وإخوةٌ للمُكْثِرِ
وإيّاه أراد الشَّاعرُ بقوله:
يُطاوِحُه الطرافُ* إلى الطِّرافِ(3)
ومَضروب يئنُّ بغير ضربٍ
والدُّفْعة من المطر والدّم وغيرِه. وأما الدُّفَّاع فالسَّيل العظيم. وكل ذلك
دقل - دقس
مشتقٌّ من أنَّ بعضَه يدفَعُ بعضاً. والمدفَّع: البعير الكريم، وهو الذي كلما جِيءَ به ليُحمَل عليه أُخِّر وجِيء بغيره إكراماً له. وهو في قول حُميد:
__________
(1) ذكر في اللسان أنها لغة يمانية.
(2) في الأصل: "عنه سواله".
(3) في الأصل: "تطاوحه إلى الطراب الطراب"، وفيه تحريف وتشويه. والطراف: بيت من أدم.(2/235)
* وقرّبن للتَّرْحالِ كُلَّ مُدَفَّعٍ(1) *
{باب الدال والقاف وما يثلثهما}
(دقل) الدال والقاف واللام ليس بأصلٍ يُقاس عليه، ولا له فروعٌ. وإنَّما يقال دَقَلُ السَّفينة. والدَّقَل: أردأ التَّمْر. وذُكِر عن الخليل، ولا أَدري أصحيحٌ عنْهُ ذلك أمْ لا: دَوْقَلَ الرَّجُل لنَفْسه، إذا اختَصَّها بشيءٍ من المأكول.
(دقس) الدال والقاف والسين قريب(2)، إلا أنَّهم يقولون: الدُّقْسَة: دُوَيْبَّة. ويقولون: دَنْقَسَ الرجُلُ دَنقْسةً، وربَّما قالوا بالشين، إذا نظرَ بمُؤْخِرِ عينَيه، وليس هذا من أصيلِ كلام العرب. وكذلك الدال والقاف والشين. وذكروا أن أبا الدُّقَيش(3) سُئِل عن معنى كُنْيته فقال: لا أدري، هي أسماءٌ نسمعها فنتسمَّى بها. وما أقرَبَ هذا الكلامَ من الصِّدْق. وذكر السِّجِستانيّ أنَّ الدُّقْشَة دُوَيْبَّة رَقْطاء، وأنَّ الدَّقْش النَّقْش. وكل ذلك تعلُّلٌ، وليس بشيء.
دقم - دقي - دقر - دقع
(دقم) الدال والقاف والميم أُصَيل فيه كلمة. يقال: "دَقَم أسنانَه: كَسرها.
(دقي) الدال والقاف والياء كلمةٌ واحدة. دَقِيَ الفَصيل دَقىً، إذا بَشِمَ عن اللَّبن. والذّكرُ دَقٍ والأنثى دَقِيَةٌ.
(دقر) الدال والقاف والراء أصل يدل على ضعفٍ ونقصان. فالدَّقارير: الأباطيل. والدواقير- فيما يقال- جمع دَوْقَرَةٍ، وهي غائطٌ من الأرض لا يُنْبِت. والدِّقْرَارة: الرجُل النَّمَّام. والدِّقرار: التُّبَّان. وقياسُه قياسُ الباب، لنُقْصانه.
__________
(1) في الأصل: "للرجال"، ولا يستقيم به الوزن. وفي اللسان: "وقربن للأظعان" مع نسبة هذا الجزء إلى ذي الرمة. ووجدت في ديوان ذي الرمة 457:
تضيق بأعلاه الحوية والرحل
وقربن للأحداج كل ابن تسعة
(2) كذا في الأصل.
(3) أبو الدقيش: أحد الأعراب الفصحاء الذين أخذت عنهم اللغة. انظر فهرست ابن النديم 70. قال: "أبو الدقيش القناني الغنوي". وفي الأصل: "أبو الدهس"، تحريف. انظر اللسان (دقش).(2/236)
(دقع) الدال والقاف والعين أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الذّلّ. وأصله الدَّقْعاء، وهو التراب. يقال دَقَِعَ الرَّجل: لَصِِقَ بالتراب ذُلاًّ. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، للنِّساء: "إنَّكُنَّ إذا جُعتُنّ دَقَِعْتُنّ، وإذا شبِعتن خجِلْتُنَّ" فالدّقَع هذا. قال الكميت:
لوَقْعِ الحُروبِ ولم يَخْجَلُوا(1)
ولَم يَدْقَعُوا عند ما نابهُمْ
والمَدَاقيعِ مِن الإبل: التي تأكل النَّبْتَ حتى تلصِقَهُ بالأرض، من الدَّقعاء(2). والداقعُ من الرّجال: الذي يطلُب مَدَاقَّ الكَسْب. وفي بعض اللغات: "رماهُ اللهُ بالدَّوْقَعَة"، وهي فوعلة من الدَّقَع.
دكل - دكن - دكع
{باب الدال والكاف وما يثلثهما}
(دكل(3)) الدال والكاف واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تعظُّم. يقال تدكَّل الرّجل، إذا تعظّم في نفسه، ومنه الدَّكَلة: القوم لا يُجِيبون السُّلطان مِن عِزِّهم.
(دكن) الدال والكاف والنون أصَيلٌ يدلُّ على تنضِيد شيءٍ إلى شيء. يقال دَكَنْتُ المَتَاع، إذا نَضَّدْتَ بعضَه فوق بعض. ومنه اشتقاق الدُّكَّان، وهو عربيٌّ. قال العبديّ(4):
فأبْقَى باطِلِي والجِدُّ منها
كدُكّانِ الدَّرابِِنَةِ المَطِينِ(5)
__________
(1) سبق البيت في مادة (خجل) ص247. والخجل في البيت والحديث بمعنى الأشر والبطر.
(2) في الأصل: "حتى تلصق الدقعاء"، صوابه من المجمل. وفي اللسان: "حتى تلصقه بالدقعاء، لقلته".
(3) في الأصل: "دكم"، والكلام في مادة "دكل" كما ترى. وإليك مادة (دكم) من المجمل: "الدكم: كسر الشيء بعضه على بعض".
(4) هو المثقب العبدي، وقصيدة البيت في المفضليات (2: 87-92) ومنتهى الطلب (1: 299-301).
(5) انظر المرجعين السابقين واللسان (دكك، دربن، طين). وقد سبق إنشاده في (دك). وبين اللغويين خلاف في أصل مادة (الدكان).(2/237)
(دكع) الدال والكاف والعين كلمةٌ واحدة، وهي قولُهم لداءٍ يأخُذُ الخيلَ والإبلَ في صُدورها: دُكَاعٌ. قال القطاميّ:
كأنَّ بها نُحازاً أو دُكاعَا(1)
ترى مِنهُ صُدورَ الخَيلِ زُوراً
ويقولون: هو السُّعال.
دكأ - دكس - دلم
(دكأ) الدال والكاف والهمزة كلمةٌ [واحدة] تَدَاكَأَ القومُ، إذا ازْدَحَمُوا.
(دكس) الدال والكاف والسين أُصَيلٌ يدلُّ على غِشْيان الشّيء بالشيء. قال ابنُ الأعرابيّ. الدُّكاس: ما يَغْشى الإنسانَ من النُّعاس. قال:
باتَ بِكأسَيْ قَهوةٍ يُحاسِي(2)
كأنَّه من الكَرَى الدُّكَاسِ
ويقال: الدَّوْكس: العدد الكثير. وقال: الدَّكَس: تراكُبُ الشيءِ بعضه على بعض. وذُكر عن الخليل أنّ الدَّوْكس الأسد، فإِنْ كان صحيحاً فهو من الباب؛ لجرأته وغِشْيانِهِ* الأهوال.
{باب الدال واللام وما يثلثهما}
(دلم) الدال واللام أصلٌ يدلُّ على طولٍ وتَهدُّل في سواد. فالأدلم من الرِّجال: الطويل الأسود؛ وكذلك هو من الجِمال والجِبال. وزعم ناسٌ أن الدَّيلم: سوادُ اللّيل وظُلْمته. فأمَّا قول عنترة:
* زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِيَاضِ الدَّيْلَمِ(3) *
فيقال إنّهم الأعداء. فإن كان كذا فالأعداء يُوصَفون بهذا. قال الأعشى:
* هم الأعداء فالأكبادُ سُودُ(4) *
دله - دلي
وقال قومٌ: الديلم مكانٌ أو قبيلٌ. ويقال: جاء بالدَّيْلَم، أي بالدَّاهية. وهذا تشبيهٌ. والدَّلَمُ: الهَدَلُ في الشَّفَة.
(دله) الدال واللام والهاء أُصَيلٌ يدلُّ على ذَهاب الشّيء. يقال ذهب دَمُ فُلانٍ دَلْهاً، أي بُطْلاً. وَدَلَّهَ عقلَه الحُبُّ وغيرُه، أي أذهب.
__________
(1) ديوان القطامي ص38 والمجمل واللسان (دكع).
(2) الرجز في المجمل واللسان (دكس).
(3) من معلقة عنترة. وصدره:
* شربت بماء الدحرضين فأصبحت *
(4) ديوان الأعشى 215 واللسان (سود). وصدره:
* فما أجشمت من إتيان قوم *(2/238)
(دلي) الدال واللام والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على مقارَبة الشَّيء ومداناتِه بسُهولةٍ ورِفْق. يقال: أدلَيْتُ الدّلوَ، إذا أرسلْتَها في البئر، فإذا نَزَعْتَ فقد دَلَوْت. والدَّلْو: ضَربٌ من السَّير سهلٌ. قال:
* لا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وادلُوَاها(1) *
والدَّلاَة: الدَّلوُ أيضاً، ويُجْمع على الدِّلاء. فأمَّا قوله:
دَلاتَه إنِّي أُحِبُّ الأسودا(2)
آليت لا أُعطي غلاماً أبداً
فإنّه أراد بِدَلاتِه سَجْلَه ونَصِيبَه من الوُدّ. والأسودُ ابْنهُ.
ويقال أدلى فلانٌ بحجَّته، إذا أتى بها. وأدلى بمالِهِ إلى الحاكم: إذا دَفعَه إليه. قال جلَّ ثناؤه: { وَتُدْلُوا بِهَا إلى الحُكَّامِ } [البقرة 188].
ويقال دلَوْتُ إليه بفلانٍ: استشفعت به إليه. ومن ذلك حديث عمر في استسقائه بالعباس: "اللهمَّ إنّا نتقرَّبُ إليك بعَمِّ نبيِّك، وقَفِيَّةِ آبائه، وكُبْرِ رِجاله. ودلَوْنا به إليك مستَشْفِعِين".
ويحمل على هذا قولهم: جاء فلانٌ بالدَّلْو، أي الدَّاهية. وأنشد:
دلب - دلث - دلج
والدَّلْوَ والدَّيْلَمَ والزَّفيرا(3)
يحمِلْن عَنْقَاءَ وعَنقَفِيرا(4)
ويقال: دَالَيتُ الرّجلَ، إذا داريتَه(5). ويقال هو دَلاَّءُ مالٍ، إذا كان سائِس مالٍ وخائِلَه.
(دلب) الدال واللام والباء ليس بشيء. والدُّلْبُ فيما يقال: شَجَرٌ(6).
(دلث) الدال واللام والثاء أصلٌ يدلُّ على الاندفاع. يقال لمدَافع السيل المدالث؛ الواحد مَدْلَثٌ. والناقة الدِّلاث: السريعة. يقال اندلَثَتِ النّاقةُ
__________
(1) الرجز في اللسان (دلا).
(2) الرجز في اللسان (دلا).
(3) في الأصل: "وعقنقيرا"، صوابه في اللسان (عنق، خشب، دلا، دلم، زفر)، وأمالي ثعلب 589.
(4) في الأصل: "والزقرا"، صوابه من المواضع السابقة.
(5) في الأصل: "دارأته"، صوابه من اللسان.
(6) في الأصل: "الشجر"، صوابه من المجمل.(2/239)
تندَلِثُ اندلاثاً. وحكى بعضُهم: دلَثَ الشَّيخُ، مثل دَلَف. ويقال اندلَثَ فُلانٌ على فُلانٍ، إذا اندرَأَ عليه وانصبَّ.
(دلج) الدال اللام والجيم أصلٌ يدلُّ على سَيرٍ ومَجيءٍ وذَهاب. ولعلَّ ذلك أكثرَ ما كان في خُِفْيَةٍ. فالدَّلَج: سَيْر اللَّيل. ويقال أَدْلَجَ القومُ، إذا قطعوا الليلَ كلَّه سيراً؛ فإِنْ خرَجُوا مِن آخِر الليل فقد ادَّلجوا، بتشديد الدال. ويقال إنَّ أبا المُدْلِج(1) القُنْفذ، ويزعُمون أنَّ أكثرَ حركتِه باللَّيل. والدَّوْلج: السَّرب. والدَّوْلَج: كِناس الوحشيّ. وهو قياسُ الباب؛ لأنّهما يُستخفَى فيهما.
دلح
ثم يُحمَل على الباب، فيقال للذي يأخذ الدَّلو من رأس البئر إلى الحوض: الدَّالج، وذلك المكان المَدْلَج. والفِعل دَلَج يَدْلُجُ دُلُوجا(2). قال:
لها في كلِّ مَدْلَجةٍ خُدودُ(3)
كأنَّ رِماحَهُم أَشْطَانُ بِئْرٍ
وأمَّا قولُ الشَّمَّاخ:
وقيلَ المنَادِي أصبَحَ القومُ أدْلِجِي(4)
وتشكو بعَينٍ ما أكلَّ ركابَها
فإنّه حكَى صوتَ المنادِي، أنّه كان مرّةً ينادي: أصبَحَ القَومُ، ومرة ينادي: أدلجي(5)، يَأمُرُ بذلك.
(دلح) الدال واللام والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على مَشْي وثِقَل المحمول. يقول العرب: دَلَحَ البعيرُ بحِمْلِهِ، إذا مشى به بثقَل. وسَحابةٌ دَلوحٌ: كأنَّها تجرِي بمائها، ومن ذلك حديث سَلْمان: "أنّه اشترى هو وأبو الدَّرداءِ لحماً، فتدالَحَاهُ بينهما علىعُودٍ"، أي حَمَلاه ونَهَضَا به. ويقال سحابةٌ دَلوحٌ، وسَحائب دُلَّح. قال:
__________
(1) يقال للقنفذ "مدلج" و"أبو مدلج" ذكرهما في القاموس، ولم يذكر في المجمل واللسان إلا الأول.
(2) ويقال أيضاً دلج يدلج، بكسر اللام في المضارع، دلجا، بالفتح.
(3) ديوان عنترة 63 واللسان (دلج).
(4) لم يرد البيت في ديوان الشماخ. وكذا ورد ضبطه في اللسان (دلج، صبح).
(5) في الأصل هنا وفي متن البيت: "ادلج"، صوابه من اللسان.(2/240)
قالت الدُّلَّحُ الرِّواءُ إنيهِِ(1)
بينما نَحْنُ مُرْتِعُون بفَلْجٍ
دلس - دلص - دلظ
(دلس) الدال واللام والسين أصلٌ *يدلُّ(2) على سَتْرٍ وظُلْمة. فالدَّلَس: دَلَسُ الظَّلام. ومنه قولهم: لا يُدالِسُ، أي لا يُخادع. ومنه التَّدْليس في البيع، وهو أن يبِيعَه من غير إبانةٍ عن عيبه، فكأنّه خادَعَه وأتاهُ به في ظلامٍ.
وأصلٌ آخَرُ يدل على القِلّة. يقول العرب: تدلَّسْتُ الطَّعامَ، إذا أخذْتَ منه قليلاً قليلاً. وأصل ذلك من الأَدْلاس، وهي من النبات رِبَبٌ(3) تُورِقُ في آخِر الصيف. يقولون: تَدَلَّسَ المالُ، إذا وقع بالأَدلاس(4).
(دلص) الدال واللام والصاد تدلُّ على لِينٍ ونَعْمة. فالدِّلاص: الدِّرع الليِّنة. ويقولون: دَلَصت السُّيول الصّخرةَ، كأنها ليَّنَتْها. قال:
* صَفاً دَلَصَتْهُ طَحْمَةُ السَّيلِ أخْلَقُ(5) *
والدَّليص: البَرَّاق. ويقال اندَلَصَ الشَّيءُ مِن يَدي، إذا سَقَط. وكأنَّ هذا مشتقٌّ، أو تكونُ الدّالُ بدلاً من الميم، وهو من انْمَلَصَ وأَمْلصت المرأة، إذا أَسْقَطَت.
(دلظ) الدال واللام والظاء أُصَيلٌ يدلُّ على الدَّفْع. يقال دَلَظْته. دَلْظاً، إذا دفَعْتَه. وَحكى بعضُهم: أقبل الجيش يَتَدَلْظَى(6)، إذا دَفَعَ بعضُه بعضاً.
دلع - دلف - دلق - دلك
__________
(1) البيت في المجمل. و"إنيه" بكسر الهمزة والنون: كلمة تقال عند الإنكار. انظر اللسان (أنى 53).
(2) في الأصل: "يقال".
(3) الربب: جمع ربة بكسر الراء وتشديد الباء، وهي نبتة صيفية.
(4) الأدلاس: جمع دلس، بالتحريك. وفي الأصل: "بالأدلال" محرف.
(5) لذي الرمة في ديوانه 396 واللسان (دلص). وصدره:
* إلى صهوة تحدو محالا كأنه *
(6) في الأصل: "شد لظى"، صوابه من المجمل. والذي في اللسان والقاموس: "ادلنظى".(2/241)
(دلع) الدال واللام والعين أُصَيلٌ يدلُّ على خُروجٍ. تقول: دَلَعَ لسانُه: خرجَ. ودَلَعَهُ هو، إِذا أخرجَه. والدَّلِيع: الطريق السَّهل. ويقال اندلَعَ بطنُه، إذا أخرج أمامَه.
(دلف) الدال واللام والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على تقدُّمٍ في رِفق فالدَّليف: المشْيُ الرُّوَيد. يقال دَلَفَ دَلِيفاً؛ وهو فَوْقَ الدَّبِيب. ودلَفَت الكتيبة في الحرب. قال أبو عُبيد: الدَّلْف: التقدُّم؛ دَلَفْناهم، أي تقدَّمناهم(1). والدَّالف: السَّهم الذي يقَع دون الغَرَض ثم ينبُو عن موضِعِه.
(دلق) الدال واللام والقاف أصلٌ واحد مطّرد، يدلُّ على خروج الشيء وتقدُّمه. فالنّاقة الدَّلوق هي التي تَكَسَّرَ أسنانُها فالماء يخرُج من فمها. ويقال اندلَقَ السَّيفُ مِنْ غِمده، إذا خرج من غير أن يُسَلّ. واندلقت أقتابُ بَطْنه، إذا خرجَتْ أمعاؤُه. واندلَقَ السَّيلُ على القَوم، واندلَقَ الجيش. قال طرفة:
كرِعَال الطَّيرِ أسراباً تَمُرّْ(2)
دُلُقٌ في غارَةٍ مَسْفُوحَةٍ
وناقة دُلُقٌ: شديدة الدُّفعة. والاندلاق: التقدُّم. وكان يقال لعُمارةَ بن زيادٍ العبسيّ أخِي الرَّبيع: "دالق"(3).
(دلك) الدال واللام والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على زَوالِ شيءٍ عن شيء، ولا يكون إلاَّ برِفْق. يقال دَلَكَت الشّمسُ: زالت. ويقال دَلَكَتْ غابت. والدَّلَكُ: وقتُ دُلوك الشَّمس. ومن الباب دَلَكْتُ الشَّيء، وذلك أنّك إذا فعلْتَ
دمن
__________
(1) في الأصل: "التقديم، ولغناهم، أي تقدمنا" صوابه من المجمل واللسان.
(2) ديوان طرفة 72 واللسان والمجمل (دلق).
(3) في القاموس وشرحه أنه سمي بذلك لكثرة غاراته.(2/242)
ذلك لم تكَدْ يدُك تستقرُّ على مكانٍ دُونَ مكان. والدَّلُوك: ما يتدلَّكُ به الإنسان مِن طِيبٍ وغَيره. والدَّلِيكُ: طعامٌ يُتَّخَذ من زُبدٍ وتَمْرٍ شبه الثّرِيد، والمدلوك: البعير الذي قد دلَكَتْه الأسفار وكَدَّتْه. ويقال بل هو الذي في رُكْبتيه(1) دَلَكٌ، أي رخاوة؛ وذلك أخَفُّ من الطَّرَق. وفرسٌ مَدلُوك الحَجَبَةِ، أي ليس بحَجَبَتِه إشرافٌ. وأرضٌ مدلوكة، أي مأكولة؛ وذلك إذا كانت كأنّها دُلِكَتْ دَلْكاً. ويقال الدُّلاكة آخِرُ ما يكون في الضَّرع من اللّبن، كأنّه سُمِّي بذلك لأنَّ اليد تَدْلُك الضَّرع.
قال أحمد بن فارس: إنّ لله تعالى في كلِّ شيءٍ سِرّاً ولطيفةً. وقد تأمّلْتَ في هذا الباب من أوّله إلى آخره فلا تَرَى الدّالَ مؤتلفةً مع اللام بحرفٍ ثالث إلا وهي تدلُّ على حركةٍ ومجيءٍ، وذَهابٍ وزَوَالٍ من مكانٍ إلى مكان، والله أعلم(2).
{باب الدال والميم وما يثلثهما}
(دمن) الدال والميم والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ ولزوم. فالدِّمْنُ: ما تَلبَّد من السِّرجين والبَعْر في مَبَاءات النَّعَم؛ وموضع ذلك الدِّمْنةُ، والجمع دِمَن. ويقال دَمَنْتُ الأرض بذلك، مثلُ دَمَلْتُها. والدِّمنة: ما اندفَن من الحِقْد في الصدر*. وذلك تشبيه بما تدمَّن من الأبعار في الدِّمَن. ويقال: دمَّن فلانٌ فِناءَ
دمث - دمج - دمخ
فُلانٍ، إذا غَشِيَه ولَزِمه. وفلانٌ دِمْنُ مالٍ، مثل قولهم إزاءُ مالٍ. وإنما سُمِّي بذلك لأنّه يلازم المال. ودَمُّونُ: مكانٌ. وكل هذا قياسٌ واحد.
وأمّا الدّمَانُ، فهو عَفَنٌ يُصِيب النَّخْل، فإن كان صحيحاً فهو مشتقٌّ ممّا ذكرْناه من الدِّمْن؛ لأنّ ذلك يَعْفَنُ لا محالة.
__________
(1) في الأصل: "بكيت"، تحريف.
(2) بنهاية هذه المادة ينتهي الجزء المطبوع من المجمل. وسأستمر في مقابلته بعد ذلك بالنسخة المخطوطة بدار الكتب المصرية برقم 382 لغة.(2/243)
(دمث) الدل والميم والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على لينٍ وسُهولة. فالدَّمَث: اللِّين؛ يقال دَمِث المكانُ يَدْمَثُ دَمَثاً؛ وهو دَمْثٌ وَدَمِثٌ. ويكون ذا رَمْلٍ، ومن ذلك الحديث: "أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم مال إلى دَمَثٍ، وقال: إذا بال أحَدُكُم فليرتَدْ لبَوْله(1)". والدّماثة: سُهولة الخُلُق. ويقال دَمِّثْ لي الحديثَ، أي سهِّلْه ووَطِّئْه.
(دمج) الدال والميم والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على الانطواء والسَّتر. يقال أدمَجْت الحَبلَ، إذا أدرَجْتَه وأحكَمْتَ فَتْلَه. وقال الأصمعيّ في قول أوس:
بذِي الرِّمْثِ من وادي هُبَالَة مِقْنَبُ(2)
بَكَيْتمْ على الصُّلح الدُِّماجِ ومِنْكُمُ
قال: هو من دامَجَه دِمَاجاً، إذا وافَقَه على الصُّلح. يقال تدامَجُوا. ويقال فلان على دَمَجِ فُلانٍ، أي على طريقتِه. وكلّ هذا الذي قاله فليس يَبْعُد عمّا ذكَرْناه من الخَفاء والسَّتْر.
(دمخ) الدال والميم والخاء ليس أصلاً. إنما هو دَمْخٌ: جبلٌ، في قول القائل:
دمر - دمس
ذُرَى عَلَمَيْ دَمْخ فما يُريَانِ(3)
كَفَى حَزَناً أنِّي تطالَلْتُ كَيْ أَرَى
__________
(1) في اللسان: "وإنما فعل لئلا يرتد إليه رشاش البول".
(2) الدماج ككتاب وغراب. والبيت في ديوان أوس بن حجر ص2. ويوم هبالة من أيامهم. وفي الديوان: "ولم يكن* بذي الرمث من وادي تبالة".
(3) البيت لطهمان بن عمرو الكلابي، كما في اللسان (دمخ)، وقصيدته في معجم البلدان (دمخ).(2/244)
(دمر) الدال والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الدُّخول في البيت وغيرِه. يقال دَمَرَ الرّجُل بيتَه، إذا دَخَلَه. وفرَقَ ناسٌ بين أن يكون دخولُه بإذْنٍ أو غير إذْن، فقال أبو عُبيد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "مَن اطَّلَعَ في بيتِ قومٍ بغير إذْنٍ فقد دمر"، أي دخل. قال أبو عبيد: هذا إذا كان بغير إذْن، فإن كان بإذنٍ فليس بدُمُور. وهذا تفسيرٌ شرعيّ، وأمّا قِياس الكلمة فما ذكرناه أوَّلاً. ومنه قول أوس:
لناموسه من الصَّفيحِ سَقائفُ(1)
فلاقَى عليه من صُبَاحَ مُدَمِّراً
قال الشّيبانيُّ والأصمعيُّ: المدمِّر الداخل في القُتْرة. ويقال دَمَر القُنفذُ إذا دخَلَ جُحْره. وقال ناسٌ: المدَمّر الصّائد يدخِّن بأوبار الإبلِ وغيرِها حتّى لا يَجد الصَّيدُ رِيحَه. والذي عندنا أنّ المدمّر هو الدّاخِلُ قُتْرتَه، فإِذا دخَلَها دَخّن. وليس المدمِّر من نعت المُدَخِّن، والقياس لا يقتضيه. وقال الله تعالى(2): { دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } [محمد 10]. والدَّمار: الهلاك. ويقال إن التّدْمُرِيَّ: ضَربٌ من اليَرابيع. فإِن كان صحيحاً فهو القياس، لأنه يدمِّر في جِحَرَتِه.
(دمس) الدال والميم والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خَفاء الشّيء. ومن ذلك قولُهم: دَمَّسْتُ الشيء، إِذا أخفَيْتَه. وأتانا بأُمورٍ دُمْس مثل دُبْس، وهي
دمص - دمع
__________
(1) صباح بالضم: اسم لعدة قبائل. عليه، أي على "المنهل" في بيت قبله، وهو:
قطاه معيد كرة الورد عاطف
فأوردها التقريب والشد منهلا
... انظر الديوان 16. وفي اللسان: "عليها" تحريف، كما أن "صباح" ضبطت فيه بفتح الصاد خطأ.
(2) بدلها في الأصل: "ويقال" فقط.(2/245)
الأمور التي لا يُهْتَدَى لوَجْهها. ويقولون: دَمَس الظّلامُ: اشتدَّ. ومنه الدِّيماس، يقال إنّه السَّرَب. وهو ذلك التماس(1). وفي حديث عيسى عليه السلام: "كأنّمَا خَرَج مِن دِيماسٍ".
(دمص) الدال والميم والصاد ليس عندي أصلاً. وقد ذُكِرَتْ على ذاك فيه كلماتٌ إنْ صحَّتْ فهي تتقارَبُ في القياس. يقولون الدَّوْمَصُ: بَيضة الحديد، فهذا يدلُّ على مَلاسَةٍ في الشّيء. ثم يقولون لمَنْ رَقَّ حاجبُه أدْمَصُ، وهو قريبٌ من ذلك. ويقال إنّ كل عِرْق من حائطٍ دِمْصٌ. وفي كلِّ ذلك نَظَرٌ.
(دمع) الدال والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ماءٍ أو عَبْرةٍ(2). فمن ذلك الدَّمْع ماءُ العَين، والقَطرةُ دَمْعةٌ. والفِعْل دَمَعَتِ العينُ دَمْعاً ودَمِعَتْ دَمَعاً* ودَمَعَتْ دُمُوعاً أيضاً. وعينٌ دامعةٌ. وجمعُ الدَّمْع دُموع. قال الخليل: المَدْمَع مجتَمَع الدَّمع في نَوَاحي العَيْن، والجميع المَدامع. ويقال امرأة دَمِعَةٌ: سريعةُ البكاء كثيرةُ الدَّمْع. ويقال شَجَّةٌ دامعةٌ: تسيل دَماً. كذا هو في كتاب الخليل. والأصحُّ مِن هذا أنّ التي تسيلُ دماً هي الدَّامِية، فأمّا الدّامعة، فأمْرُها دون ذلك، لأنّها التي كأنّها يَخْرُج منها ماءٌ أحمرُ رقيق، وذكر اليزيديُّ أنّ الدُّمَاع أَثَرُ الدَّمْع على الخَدّ. وأنشد:
قد تَرَك الدّمْعُ بها دِمَاعا(3)
يا مَنْ لِعَينٍ لا تَنِي تَهْماعَا
دمغ - دمق - دمك - دمل
ويقال دُماعاً. والدُّماع مخفَّف ومثقّل: ما يَسِيل من الكَرْم أيَّامَ الرَّبيع.
__________
(1) كذا في الأصل.
(2) في الأصل: "أو غيره"، وهو كلام لا يصح.
(3) البيتان في اللسان (دمع). واقتصر في اللسان على ضبط هذه الكلمة بالضم. وضبط متن البيت وتذييله هو من الأصل. ولم ترد الكلمة في القاموس.(2/246)
(دمغ) الدال والميم والغين كلمةٌ واحدة لا تتفرّع ولا يقاس عليها. فالدِّماغ معروف. ودَمَغْتُه: ضربْتُه على رأسِه حتّى وصلْتُ إلى الدماغ. وهي الدّامِغة(1).
(دمق) الدال والميم والقاف ليس أصلاً، وإن كانوا قد قالوا دَمَقَ في البيت واندمَقَ، إذا دخَل، وإنَّما القاف فيما يُرَى مبدلةٌ مِن جيم، والأصل دَمَج، وقد مضى ذِكْرُه.
(دمك) الدال والميم والكاف يدلُّ على معنيين: أحدهما الشِّدَّة، والآخر السُّرعة؛ وربَّما اجتمع المعنيانِ.
فأمَّا الشِّدّة فالدَّمَكْمَكُ: الشديد. والدّامِكَة: الدّاهية والأمرُ العظيم. والمِدْماك: الخشبة تكون تحت قدمَي السّاقي.
وأمّا الآخر فيقال إنّهم يقولون دَمَكَتِ الأرنب، إذا أسرعَتْ في عَدْوِها. والدَّموك: البَكَرْة العظيمة. فقد اجتمع فيها المعنيانِ: الشدّة، والسُّرعة. والدَّموك: الرَّحَى. وهي في المعنى والبَكَرة سواءٌ.
(دمل) الدال والميم واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تجمُّع شيءٍ في لِينٍ وسُهولة. من ذلك اندمَلَ الجُرْح؛ وذاكَ اجتماعُه في بُرْءٍ وصَلاح. ودُمِلت الأرض بالدَّمَال، وهو السِّرجين. ودامَلْتُ الرَّجُل، إذا داجَيْته. وهو ذلك القياسُ؛ لأنّه
دني - دنب
مقارَبةٌ في سهولةٍ، والدُّمّل عربيٌّ، وهو قياسُ ما ذكرناه من التجمُّع في لِينٍ. ألا ترى أنّ أبا النجم يقول:
* وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ(2) *
والله أعلم.
{باب الدال والنون وما يثلثهما في الثلاثي}
__________
(1) أي الضربة. وفي الأصل: "وهي الدماغ"، صوابه من اللسان.
(2) البيت في اللسان (مهد، دمل). وسيعيده في (مهد) وكذا في (3: 159).(2/247)
(دني) الدال والنون والحرف المعتل أصلٌ واحد يُقاس بعضُه على بعض، وهو المقارَبَة. ومن ذلك الدّنِيُّ، وهو القَريب، مِن دنا يدنُو. وسُمِّيت الدُّنيا لدنوّها، والنِّسبة إليها دُنْياوِيّ. والدَّنِيُّ من الرجال: الضعيف الدُّونُ، وهو مِن ذاكَ لأنّه قريب المأخذ والمنزلة. ودانَيْت بين الأمرَين: قاربْتُ بينهما. وهو ابن عَمِّهِ دُِنْيا(1) ودِنْيَةً. والدّنِيُّ: الدُّون، مهموز. يقال رجلٌ دنيءٌ، وقد دَنُؤَ يَدْنُؤُ دَناءةً(2). وهو من الباب أيضاً، لأنّه قريبُ المنزِلة. والأدْنَأُ من الرّجال: الذي فيه انكبابٌ على صدرِهِ. وهو من الباب، لأنّ أعلاه دانٍ من وَسطه. وأدْنَتِ الفَرَسُ وغيرُها، إذا دنا نِتاجُها. والدَّنِيّة: النقيصة. وجاء في الحديث: "إذا أكْلتُم فَدَنُّوا" أي كلُوا ممّا يلِيكُم مما يدنُو منكم. ويقال لقيتُه أدنَى دَنِيٍّ، أي أوّل كلِّ شيء.
(دنب) الدال والنون والباء لا أصل له. على أنّهم قد قالوا: رجلٌ دِنَّبَةُ ودِنَّابَةٌ، وهو القَصير. وهذا إن صحّ فهو من الإبدال لأن الأصل الميم دِنَّمَةٌ.
دنخ - دنس - دنع - دنف
(دنخ) الدال والنون والخاء ليس أصلاً يُعوَّل عليه. وقد قالوا دنَّخ الرجل، إذا ذَلّ ونكَّسَ رأسه. وأنشدوا:
* إذا رآنِي الشُّعراءُ دنَّخُوا(3) *
ويقولون: إِنّ التّدنيخ في البِطّيخة أن تنْهزِمَ إلى داخِلِها. ويقولون: التَّدنيخ: ضَعْف البَصَر. ويقال* دَنَّخَ في بيته، إذا أقامَ ولم يبرَحْ. فإِن كان ما ذُكر من هذا صحيحاً فكله قياسٌ يدلُّ على الضَّعف والانكسار.
(دنس) الدال والنون والسين كلمةٌ واحدة، وهي الدَّنَس، وهو اللَّطْخ بقبيحٍ.
__________
(1) بكسر الدال وسكون النون منون وغير منون، وكذلك دنيا، بالضم مقصور.
(2) ويقال أيضاً من بان "منع".
(3) للعجاج في ديوانه 14 واللسان (دنخ). وفي اللسان: "وإن رآني".(2/248)
(دنع) الدال والنون والعين أصلٌ يدلُّ على ضَعْف وقِلَّةٍ ودناءة. فالرجل الدَّنِع: الفَسْل الذي لا خَيرَ فيه. والدَّنَعُ: الذلّ. ويزعمون أنّ الدَّنَعَ ما يطرَحُه الجازرُ من البعير إذا جُزِر.
(دنف) الدال والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على مشارَفَةِ ذَهاب الشيء. يقال دَنِفَ الأمرُ، إذا أشرَفَ على الذَّهاب والفَراغ منه. والدَّنَف: المرضُ الملازم؛ والمريض دَنَفٌ، كأنّه قد قارب الذَّهاب؛ لا يثنَّى ولا يجمع. فإنْ قلتَ دَنِفٌ ثَنَّيتَ وَجمعت. فأمّا قولُ العجّاج:
* والشّمسُ قد كادَت تكونُ دَنَفا(1) *
فهو من الباب؛ لأنّه يريد اصفرارَهَا ودنُوِّها للمَغيب. وقد يقال منه أَدْنَفَتْ.
دنق - دنم - دنر - دهي - دهر
(دنق) الدال والنون والقاف قريبٌ مِن الذي قبْلَه. يقال دَنَّقَ وجْهُ الرجُل، إذا اصفرَّ من المرض. ودنَّقَت الشّمس، إذا دانَت الغُروبَ.
(دنم) الدال والنون والميم أصلٌ يدلُّ على ضعْفٍ وقِلَة. فالتَّدنيم: الإسفاف للأمور الدنيّة(2). والدِّنَّامة: الرجلُ القصير؛ ذكره الفَرّاء. ويقولون: الدِّنَّامة: النَّملة الصَّغيرة(3).
(دنر) الدال والنون والراء كلمةٌ واحدة، وهي الدِّينار. ويقولون: دَنَّرَ وَجْهُ فُلانٍ، إذا تلأْلأَ وأشْرَق. والله أعلم.
{باب الدال والهاء وما يثلثهما}
(دهي) الدال والهاء والحرف المعتلّ يدلُّ على إصابة الشّيء بالشيء بما لا يَسُرُّ. يقال ما دَهَاه: أيْ ما أصابه. لا يقال ذلك إلاّ فيما يسوء. ودواهِي الدَّهر: ما أصابَ الإِنسانَ من عظائم نُوَبِه. والدَّهْي: النُّكْر وجَودةُ الرّأي؛ وهو من الباب؛ لأنَّه يُصِيب برأيه ما يريدُه.
__________
(1) ديوان العجاج 82 واللسان (دنف).
(2) في الأصل: "والتنديم الإسعاف للأمور" تحريف. والكلمة لم ترد في اللسان. وفي القاموس "والتدنيم: النذالة". وأثبت ما في المجمل.
(3) ذكرت في القاموس، ولم تذكر في اللسان.(2/249)
(دهر) الدال والهاء والراء أصلٌ واحد، وهو الغَلَبة والقَهْر. وسُمِّي الدّهرُ دَهْراً لأنَّه يأتي على كلِّ شيءٍ ويَغلِبُه. فأمّا قولُ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تسبُّوا الدَّهْرَ فإنَّ اللهَ هُوَ الدّهر"، فقال أبو عبيد: معناه أنّ العربَ كانوا إذا
دهر
أصابتْهم المصائبُ قالوا: أبادَنَا الدّهرُ، وأتَى علينا الدّهر. وقد ذكروا ذلك في أشعارهم. قال عمرو الضُّبَعِيّ(1):
فكيفَ بمن يُرمَى وليس بِرَامِ
رَمَتْنِي بناتُ الدَّهرِ من حيثُ لا أَرَى
ولكنَّني أُرمَى بغير سهامِ
فلو أنَّنِي أُرمَى بنَبْلٍ تَقَيْتُها
وقال آخر(2):
والدّهرُ يرمِينِي وما أَرْمِي
فاستأثَرَ الدّهرُ الغَدَاةَ بهمْ
بسَرَاتنا ووقَرْتَ في العَظْمِ(3)
يا دهرُ قد أكثَرْتَ فَجْعَتَنا
يا دَهرُ ما أنصفْتَ في الحُكْمِ
وسلَبْتَنَا ما لستَ تُعِْقبُنا
فأعلَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، أن الذي يفعل ذلك بهم هو الله جلّ ثناؤُه، وأنّ الدّهرَ لا فِعلَ له، وأنّ مَن سَبَّ فاعِلَ ذلك فكأنّه قد سَبَّ ربّه، تبارك وتعالى عمّا يقول الظالمون عُلُوّاً كبيراً.
وقد يحتمل قياساً أن يكون الدَّهرُ اسماً مأخوذاً من الفِعْل، وهو الغَلَبة، كما يقال رجل صَوْمٌ وفِطرٌ، فمعنى لا تسبُّوا الدَّهْرَ، أي الغالبَ الذي يقهركم ويغلِبُكم على أموركم.
ويقال دَهْرٌ دَهِيرٌ، كما يقال أبدٌ أبِيدٌ. وفي كتاب العين: دَهَرَهُم أمْرٌ، أي
دهس - دهش - دهق - دهك - دهل - دهم
__________
(1) في الأصل: "الضابع"، وإنما هو عمرو بن قميئة بن سعد بن مالك بن ضبيعة. انظر المعمرين 62، 89 ومعجم المرزباني 200 والخزانة (1: 338) حيث أنشد الشعر له.
(2) هو الأعشى. انظر ملحقات ديوانه 258 واللسان (وقر).
(3) في الأصل: "وقد قرت"، تحريف.(2/250)
نزَل بهم. ويقولون ما دَهْرِي كذا، أي ما همّتِي(1). وهذا توسُّعٌ في التفسير، ومعناه ما أشغَلُ دهرِي به. فأمَّا الهمَّة فما تُسمَّى دهراً. والدَّهْوَرَة: جَمْع الشيء وقَذْفُه في مَهواةٍ؛ وهو قياس الباب.
(دهس) الدال والهاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على لِين في مكان. فالدَّهْسُ: المكان الليِّن؛ وكذلك الدَّهَاس. والدُّهْسَة: لونٌ كلون الرَّمْل.
(دهش) الدال والهاء* والشين كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها. يقال دُهِشَ، إذا بُهِت، ودَهِشَ دَهَشاً.
(دهق) الدال والهاء والقاف يدلُّ على امتلاءٍ في مجيءٍ وذَهاب واضطراب. يقال أدْهَقْتُ الكأسَ: ملأتُها. قال الله تعالى: { وَكَأْساً دِهَاقاً } [النبأ 34]. والدَّهْدَقَةُ: دَوَرَان البَضْعة الكبيرة في القِدْر، تعلو مَرَّةً وتسفُل أخْرى.
(دهك) الدال والهاء والكاف ليس بشيءٍ. وذكر ابن دُريد دَهَكْتُ الشّيءَ أدْهَكُه، إذا سحقتَه(2).
(دهل) الدال والهاء واللام ليس بشيءٍ. ويقولون: مَرَّ دَهْلٌ من اللَّيل، أي طائفة. ويقولون لا دَهْلَ، أي لا بأس. وهذه نَبَطِيَّةٌ لا معنَى لها(3).
(دهم) الدال والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على غِشيانِ الشّيء في ظلامٍ ثم يتفرّع فيستوي الظَّلامُ وغيرُه يقال مَرَّ دَهمٌ من اللَّيل، أي طائفةٌ. والدُّهمة: السَّواد. والدُّهَيْماءُ: تصغير الدَّهماء، وهي الدَّاهية، سُمِّيت بذلك لإظلامها.
دهن
ومن الباب الدَّهْم: العدد الكثير. وادْهامَّ الزّرعُ، إذا عَلاه السَّوادُ رِيّاً. قال الله جلّ ثناؤُه في صِفة الجنَّتين: { مُدْهَامَّتَانِ } [الرحمن 64]، أي سَوداوانِ في رأي العَين، وذلك للرّيّ والخُضْرة. ودَهمَتْهم الخيلُ تدهَمُهم، إذا غَشِيَتْهُم. والدَّهماء: القِدْر.
__________
(1) في المجمل وغيره: "ما همي"، ولكن هكذا ورد هنا وفيما يتلوه من التعقيب.
(2) الجمهرة (2: 298).
(3) كذا. وفي المجمل: "ولا دهل بالنبطية، أي لا تخف".(2/251)
(دهن) الدال والهاء والنون أصلٌ واحد يدلُّ على لِينٍ وسُهولةٍ وقِلَّة. من ذلك الدُّهْن. ويقال دَهَنْتُه أَدْهُنُه دَهْنا. والدِّهان: ما يُدْهَن به. قال الله عزّ وجلّ: { فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدِّهَانِ } [الرحمن 37]. قالوا: هو دُرْدِيُّ الزَّيت. ويقال دَهَنَه بالعصا دَهْناً، إذا ضربَه بها ضرْباً خفيفاً.
ومن الباب الإدهان، من المُداهَنَة، وهي المصانَعة. داهَنْتُ الرجُلَ، إذا واربْتَه وأظهرْت له خلاف ما تُضْمِرُ له(1)، وهو من الباب، كأنّه إذا فعل ذلك فهو يدهُنُه ويسكِّن منه. وأدْهَنْتُ إدهاناً: غَشَشْتُ، ومنه قولُه جلَّ ثناؤُه:
{ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } [القلم 9]. والمُدْهُنُ: ما يُجْعَل فيه الدُّهن، وهو أحد ما جاء على مُفْعُلٍ مما يُعْتَمَلُ وأَوَّلُه ميم. ومن التشبيه به المُدْهُن: نُقْرَةٌ في الجَبل يَستَنْقِعُ فيها الماء، ومن ذلك حديث النَّهديّ(2): "نَشِفَ المُدْهُنُ، ويَبِسَ الجِعْثِنُ". والدَّهِينُ: الناقة القليلةُ الدَّرّ. ودهَنَ المطرُ الأرضَ: بَلَّها بَلاًّ يَسيراً. وبنو دُهْنٍ: حيٌّ من العرب، وإِليهم ينسب عَمَّارٌ الدُّهْنيّ. والدَّهْناء: موضعٌ، وهو رملٌ ليِّن، والنسبة إليها دَهناوِيٌّ. والله أعلم.
دوي
{باب الدال والواو وما يثلثهما}
__________
(1) في الأصل: "خلاف ما يضمرونه".
(2) هو طهفة بن أبي زهير النهدي. انظر النهاية لابن الأثير، وما سيأتي في مادة (رسل).(2/252)
(دوي) الدال والواو والحرف المعتل. هذا بابٌ يتقارب أصولُه، ولا يكاد شيءٌ [منه] ينقاس، فلذلك كتبْنا كلماتِه على وُجوهها. فالدَّوِيُّ دَوِيُّ النَّحل، وهو ما يُسمع منه إذا تجمَّع. والدَّواء معروف، تقول داوَيتُه أُداوِيه
مُداواة ودِواءً. والدَّواة: التي يُكتَب منها، يقال في الجمع دُويٌّ ودِوِيٌّ(1). قال الهذَليّ(2):
يِّ حَبَّرَهُ الكاتبُ الحِميريُّ(3)
عَرَفْتَُ الدّيارَ كرَقْم الدُِّوِ
والدَّاء من المرض، يقال دَوِيَ يَدْوَى، ورجلٌ دَوٍ وامرأةٌ دوِيةٌ. يقال داءت الأرضُ، وأداءَتْ، ودوِيَت دَوىً، من الدّاء. ويقال: تركتُ فلاناً دَوىً ما أرى به حياةً. ويشبَّه الرّجُل الضَّعيفُ الأحمق به، فيقال دوىً. قال:
أخْرَسَ في الرّكب بَقَاقَ المنْزِلِ(4)
وقد أقُودُ بالدَّوَى المُزَمَّلِ
ودَوَّى الطّائرُ، إذا دار في الهواء ولم يحرِّك جَناحَيه. والدُِّواية: الجُلَيْدَة التي تعلو اللّبَنَ الرائب. يقال ادَّوَى يَدَّوِي ادِّوَاءً. قال الشاعر:
دوح - دوخ - دود - دور
__________
(1) ويقال أيضاً دوى، كصفاة وصفا.
(2) هو أبو ذؤيب الهذلي. والبيت مطلع قصيدة له في ديوانه 64.
(3) في الديوان: "كرقم الدواة يزبرها" فالضمير فيه للرقم بتأويله بمعنى الصحيفة. وفي اللسان (دوا): "كخط الدوى حبره".
(4) البيتان نسبا إلى أبي النجم العجلي في الجمهرة (1: 36). وأنشدهما في اللسان (بقق، دوا). وقد سبقا في (بق 1: 186).(2/253)
كما كتمَتْ داءَ ابنِها أمُّ مُدَّوِي(1)
بدا مِنْكَ غِشٌّ طالَمَا قد كَتْمْتَه
(دوح) الدال والواو والحاء كلمة واحدة، وهي الدَّوْحة: [الشجرة(2)] العظيمة، والجمع الدَّوْحُ. *قال:
* يكُبُّ عَلَى الأذقانِ دَوْحَ الكَنَهْبَلِ(3) *
(دوخ) الدال والواو والخاء أصل واحد يدلُّ على التَّذْليل. يقال دوّخناهم؛ أي أذللناهم وقَهرناهم. وداخُوا، أي ذَلُّوا.
(دود) الدال والواو والدال ليس أصلاً يفرَّع منه. فالدُّود معروف. يقال دَادَ الشيءُ يَدَادُ، وأَدادَ يَدِيدُ. والدَّوَادِي: آثار أراجِيح الصِّبيان، واحدتُها دَوْدَاةٌ.
(دور) الدال والواو والراء أصلٌ واحد يدلُّ على إحداق الشيء بالشيء من حوالَيه. يقال دارَ يدُور دَوَراناً. والدّوَّارِيُّ: الدَّهر؛ لأنَّه يَدُور بالنَّاس أحوالاً. قال:
* والدَّهْرُ بالإنْسان دَوَّارِيُّ(4) *
والدُّوَار، مثقَّل ومخفّف: حَجَرٌ كان يُؤخذ من الحرم إلى ناحيةٍ ويُطافُ به،
دور
ويقولون: هو من جِوار الكعبة التي يُطافُ بها. وهو قوله:
* كما دَارَ النِّساء على الدُّوَارِ *
وقال:
إذا تمضي جماعتُهمْ تَدُورُ
تركتُ بني الهُجَيمِ لهم دُوَارٌ
__________
(1) البيت ليزيد بن الحكم الثقفي، من قصيدة له في أمالي القالي (1: 68) وأمالي ابن الشجري
(1: 176) والأغاني (11: 96) والخزانة (1: 496). وأنشده في اللسان (دوا) وعقب عليه بقوله: "وذلك أن خاطبة من الأعراب خطبت على ابنها جارية، فجاءت أمها إلى أم الغلام تنظر إليه، فدخل الغلام فقال: أأدوي يا أمي؟ فقالت: اللجام معلق بعمود البيت! أرادت بذلك كتمان زلة الابن وسوء عادته".
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) لامرئ القيس في معلقته. وصدره:
* فأضحى يسح الماء حول كتيفة *
(4) للعجاج في ديوانه 66 واللسان (دور).(2/254)
والدُّوَار في الرأس هو من الباب، يقال دِير به وأُدِير به، فهو مَدُورٌ به ومُدَار به. والدَّائرة في حَلْق الفرس: شُعَيرات تدور؛ وهي معروفة. ويقال دارت بهم الدوائر، أي الحالات المكروهة أحدقت بهم. والدار أصلها الواو. والدار: القبيلة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ألاَ أُنَبِّئكم بخَيْر دُورِ الأنصار؟". أراد بذلك القبائلَ. ومن ذلك الحديث الآخَر: "فلم تَبْقَ دارٌ إلاّ بُنِي فيها مَسجد". أي لم تَبق قبيلةٌ. والدّارِيُّ: العطّار. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَثَلُ الجليسِ الصَّالحِ كَمثل الدّارِيّ إِنْ لم يُحْذِك مِن عِطره عَلِقَكَ مِن ريحه".أراد العَطَّار. وقال الشاعر:
مِن المِسك راحَتْ في مفارقها تَجْرِي(1)
إذا التّاجرُ الداريُّ جاءَ بفارةٍ
وإنَّما سُمِّي داريّاً من الدّار، أي هو يسكن الدّار(2). والدّارِيّ: الرجُل المقيم في داره لا يَكاد يَبْرَح. قال:
ذَوُو الجيادِ البُدَّنِ المَكْفِيُّونْ(3)
لَبِّثْ قليلاً يلْحَقِ الدَّارِيُّونْ
والدَّارة: أرضٌ سَهلٌة تدور بها جِبال، وفي بِلاد العرب منها داراتٌ كثيرة. وأصل الدار دَارةٌ. قال:
دور
وآخَرُ فوقَ دارته ينادِي(4)
له داعٍ بمكّةَ مُشْمَعِِلٌّ
لُبابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهاد
إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاَءٍ
وقال في جمع دارةٍ دارتٍ:
وداراتُها لا تُقْوِ مِنْهُمْ إذاً نَخْلُ(5)
تربَّصْ فإِن تُقْوِ المَرَوْرَاةُ منهمُ
__________
(1) البيت في اللسان (دور).
(2) الحق أنه منسوب إلى "دارين" وهي فرضة بالبحرين يجلب إليها المسك.
(3) الرجز في اللسان (دور).
(4) من قصيدة لأمية بن أبي الصلت يمدح بها عبد الله بن جدعان. ديوانه 27 واللسان (دور، شمعل، رجح، ردح، شير، لبك، شهد). وانظر ما سيأتي في (شهد، لبك).
(5) البيت لزهير في ديوانه 100.(2/255)
ودارات العرب المشهورة(1): دارة جُلْجُل، ودارة السَّلَم، ودارة وَُشْحَى(2)، ودارة صُلْصُل، ودارة مَأْسَلٍ، ودارة خَِنْزَرٍ(3)، ودارة الدُّور، ودارة الجَأْب، ودارة يَمْعُون(4)، ودارة مَكْمَِنٍ(5)، ودارة رَهْبَى(6)، ودارة جَوْدَاتٍ(7)، ودارة الأرْآم، ودارة الرُّهَا، ودارة تَِيل(8)، ودارة الصَّفائح، ودارة هَضْبِ القَليب،
دوس - دوش - دوف - دوق
__________
(1) ذكر ياقوت من دارات العرب سبعين دارة، وأورد صاحب اللسان عشرين دارة في مادة (دور). وقد بلغ صاحب القاموس الغاية في جمعها؛ إذ ساق منها مائة دارة وعشرا مرتبة على الحروف.
(2) بضم الواو وقد تفتح. وهو بالحاء المهملة في آخره كما في اللسان (وشح، دور). وفي معجم البلدان. "وشجى" تحريف. وفي اللسان "وشحاء" أيضاً بالمد، عن كراع.
(3) بفتح الخاء وكسرها، كما في معجم البلدان.
(4) في معجم البلدان: "دارة يمعون، بالنون وقد يروى بالزاي وهو جيد، قال:
*بدارة يمعون إلى جنب خشرم*"
(5) ضبطت في الأصل ومعجم البلدان، بكسر الميم الأخيرة، ضبط قلم. وفي القاموس واللسان بفتحها.
(6) في الأصل: "وهبى" صوابه بالراء، كما في اللسان والقاموس والمعجم.
(7) ذكرت في القاموس والمعجم. وأنشد للجميح:
وحال دوني من حواء عرنين
إذا حللت بجودات ودارتها
(8) في الأصل: "تين" تحريف، صوابه من القاموس ومعجم البلدان في رسم (دارة) وفي (تيل). والتاء فيه تفتح وتكسر.(2/256)
ودارة صارة، ودارة دَمُّون، ودارة رُمْح، ودارة المَلِكَة(1)، ودارة مَلْحُوب، ودارة مِحْصَرٍ(2)، ودارة أَهْوَى، ودارة الجُمُْد، ودارة رِمْرِم ، ودارة قُرْح، ودارة اليَعْضيد(3)، ودارة الخَرْج، ودارة رَدْم(4)، ودارة جُدَّى(5)، ودارة النِّصَاب.
(دوس) الدال والواو والسين أُصَيْلٌ، وهو دَوْس الشَّيء. تقول دُسْتُه؛ والذي يُداسُ به مِدْوَسٌ. وحُمِل عليه قولُهم لما يَسُنُّ به الصَّيْقَلُ السّيفَ مِدوَسٌ، كأنَّه عند اتِّكائه عليه كالذي يَدُوس الشَّيء. قال:
فُلانٌ بالمَدَاوِسِ نِصْفَ شَهْرٍ(6)
وأبيضَ كالغَدير ثَوَى عليه
(دوش) الدال والواو والشين كلمةٌ واحدةٌ لا يفرَّع منها. يقال دَوِشَتْ عينه تَدْوَش دَوَشاً، إذا فَسَدَت مِن داءٍ. ورجل أَدْوَشُ بَيِّنُ الدَّوَش.
(دوف) الدال والواو والفاء كلمةٌ واحدة. يقال دُفْتُ الدّواءَ دَوْفاً.
(دوق) الدال والواو والقاف ليس أصلاً ولا فيه ما يُعَدُّ لغةً، لكنهم يقولون: مائِقٌ *دائق.
دوك - دول
__________
(1) لم أجد لها ذكراً في اللسان ومعجم البلدان، وذكرها في القاموس (دور).
(2) ذكرها في المعجم، قال: "ويقال محصن"، وبهذا الرسم الأخير وردت في اللسان والقاموس، وضبطت في اللسان فقط بضم الميم وفتح الصاد.
(3) في الأصل:" اليعضد" مع ضبط الضاد بالضم، تحريف، صوابه من القاموس ومعجم البلدان. وأنشد ياقوت:
بين الدخول فدرة اليعضيد
أو ما ترى أظعانهم مجرورة
(4) في المعجم والقاموس: " الردم".
(5) في الأصل: "حدبى"، صوابه في المعجم والقاموس. وأنشد ياقوت:
إلى حيث حلت من كثيب وعزهل
بدارات جدى أو بصارات جنبل
(6) وكذا ورد إنشاده في المجمل مع ضبط "فلان". وجاء في اللسان (فلن) أنه اسم رجل، واسم قبيلة يقال لهم بنو فلان. وفي اللسان (دوس): "ثوى عليه قيون".(2/257)
(دوك) الدال والواو والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على ضَغْطٍ وتزاحُم. فيقولون: دُكْتُ الشيءَ دَوْكاً. والمَدَاك: صَلايَة الطِّيب، يَدُوك عليها الإنسان الطِّيبَ دَوْكاً. قال:
* مَدَاكَ عَرُوسٍِ أو صَلاَيَةَ حَنْظَلِ(1) *
ويقال باتَ القوم يَدُوكُون دَوْكاً، إذا باتُوا في اختلاطٍ. ومن ذلك الحديث: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال] في خيبر: "لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ غداً رجُلاً يحبُّ الله ورسولَه يَفْتَحُ اللهُ على يَدِه"، فباتَ النَّاسُ يَدُوكون(2). ويقال تداوَكَ القومُ، إذا تضايَقُوا في حَرْبٍ أو شَرّ.
(دول) الدال والواو واللام أصلان: أحدُهما يدلُّ على تحوُّل شيءٍ من مكان إلى مكان، والآخر يدلُّ على ضَعْفٍ واستِرخاء.
أمَّا الأوَّل فقال أهل اللغة: انْدَالَ القومُ، إذا تحوَّلوا من مكان إلى مكان. ومن هذا الباب تداوَلَ القومُ الشّيءَ بينَهم: إذا صار من بعضهم إلى بعض، والدَّولة والدُّولة لغتان. ويقال بل الدُّولة في المال والدَّولة في الحرب، وإِنَّما سُمِّيا بذلك من قياس الباب؛ لأنّه أمرٌ يتداوَلُونه، فيتحوَّل من هذا إلى ذاك، ومن ذاك إلى هذا.
وأمَّا الأصل الآخَر فالدَّوِيلُ من النَّبْت: ما يَبِس لعامِهِ. قال أبو زيد: دال
دوم
الثَّوبُ يَدوُل، إذا بَلِيَ. وقد جعل [وُدُّهُ(3)] يَدُول، أي يبلى. ومن هذا الباب انْدَالَ بَطْنُه، أي استَرخَى.
__________
(1) لامرئ القيس في معلقته. وصدره:
* كأن على المتنين منه إذا انتحى *
(2) في اللسان: "يدوكون تلك الليلة فيمن يدفعها إليه".
(3) التكملة من المجمل واللسان.(2/258)
(دوم) الدال والواو والميم أصلٌ واحد يدلُّ على السُّكون واللُّزوم. يقال دامَ الشّيءُ يَدُومُ، إذا سكَنَ. والماء الدّائم: السَّاكن. ونَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يُبَالَ في الماء الدائم ثم يُتَوَضَّأَ منه. والدليل على صحّة هذا التأويل أنّه روي بلَفْظَةٍ أُخرى، وهو أنّه نَهَى أن يُبَالَ في الماء القائم. ويقال أَدمْتُ القِدْرَ إدامةً، إذا سكَّنْتَ غليانَها بالماء. قال الجعديُّ:
ونَفْثَؤُها عَنَّا إِذَا حَمْيُها غَلا(1)
تفورُ علينا قِدْرُهم فَنُدِيمُها
ومن المحمول على هذا وقياسُه قياسُه، تدويم الطّائِر في الهواء؛ وذلك إذا حلَّق وكانت له عندها كالوقفة. ومن ذلك قولهم: دَوّمت الشَّمْسُ في كبد السماء، وذلك إذا بلغت ذلك الموضع. ويقول أهلُ العلم بها: إنْ لها ثَمَّ كالوَقْفة، ثم تَدْلُك. قال ذو الرُّمَّة:
* والشمسُ حَيْرَى لها في الجَوِّ تَدْوِيمُ(2) *
أي كأنَّها لا تمضِي. وأما قولُه يصف الكلاب:
كِبْرٌ ولو شاءَ نَجَّى نَفْسَه الهَرَبُ(3)
حتَّى إذا دوَّمَت في الأرض راجَعَهُ
فيقال إنّه أخطأ، وإنَّما أراد دَوَّتْ فقال دَوَّمَتْ، وقد ذُكر هذا في بابه.
دوم
ويقال: دَوَّمْتُ الزّعفرانَ: دُفْتُه؛ وهو القياسُ لأنّه يسكُن فيما يُداف فِيه. واستَدَمْتُ الأمْرَ، إذا رفَقْتَ به(4). وكذا يقولون. والمعنى أنّه إذا رَفَقَ به ولم يعْنُف ولم يَعْجَل دامَ له. قال:
__________
(1) البيت في اللسان (فثأ) مع نسبته للجعدي، وفي (دوم) بدون نسبة. وسيعيده في (فور).
(2) صدره كما في ديوانه 78 واللسان (دوم):
* معرورياً رمض الرضراض يركضه *
(3) ديوان ذي الرمة 24 واللسان (دوم).
(4) في المجمل واللسان: "إذا تأنيت فيه".(2/259)
فما صَلَّى عَصَاكَ كَمُسْتَدِيم(1)
فلا تَعْجَلْ بأمْرِكَ واستدِمْهُ
وأما قولُه:
* وقد يُدَوِّمُ رِيقَ الطَّامِعِ الأمَلُ(2) *
فيقولون: يُدوِّم يَبُلُّ، وليس هذا بشيء، إنَّما يدوِّم يُبْقِي؛ وذلك أنّ اليائِسَ يجفُّ ريقُه. والدِّيمة: مطرٌ يدُومُ يوماً وليلةً أو أكثر.
ومن الباب أنّ عائشة [رضي الله عنها] سُئلت عن عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: "كان عملُهُ دِيمَة" أي دائماً. والمعنى أنّه كان يَدُوم عليه، سواء قلَّلَ أو كثَّر، ولكنه كان لا يُخِلّ. تعني بذلك في عبادته صلى الله عليه وسلم. فأمّا قولهم دوَّمَتْه الخمر، فهو من ذاك؛ لأنها تُخَثّره حتَّى تسكُن حركاته. والدَّأْمَاءُ: البَحْر، ولعلّه أن يكون من الباب؛ لأنّه ماءٌ مقيمٌ لا يُنْزَح ولا يَبْرَح. قال:
مِن دُونِهِ لوناً كلَوْن السَُّدُوسْ(3)
واللَّيْلُ كالدَّأماءِ مستشعِرٌ
دون - دوه - ديث - ديص
(دون) الدال والواو والنون أصل* واحِد يدلُّ على المداناةِ والمقاربة. يقال هذا دُونَ ذاك، أي هو أقرَبُ منه. وإِذا أردْتَ تحقيرَه قلتَ دُوَيْنَ. ولا يُشتقُّ منه فِعْلٌ. ويقال في الإِغراء: دُونَكَهُ! أي خُذْه، أقرُبْ منه وقرِّبْه منك. ويقولون أمرٌ دُونٌ، وثوب دُونٌ، أي قريبُ القِيمَة. قال القتيبيّ: دانَ يَدُونُ دَوْناً، إذا ضَعُف، وأُدِين إدانةً. وأنشدوا:
__________
(1) لقيس بن زهير في اللسان (دوم، صلا). وأنشد صدره في المجمل. وفي اللسان: "وتصلية العصا: إدارتها على النار لتستقيم. واستدامتها: التأني فيها. أي ما أحكم أمرها كالتأني".
(2) البيت لابن أحمر كما في الحيوان (1: 231/ 3: 47) والبيان (1: 133) واللسان (دوم). وصدره:
* هذا الثناء وأجدر أن أصاحبه *
(3) للأفواه الأودي في ديوانه 3 نسخة الشنقيطي واللسان (دأم، سدس). وحق كلمة "الدأماء" أن يفرد لها مادة (دأم).(2/260)
* وعَلا الرَّبْرَبَ أَزْمٌ لم يُدَنْ(1) *
أي لم يُضْعَف. وهو عنده من الشَّيء الدُّون، أي الهيِّن. فإِن كان صحيحاً فقياسُه ما ذكرناه.
(دوه) الدال والواو والهاء ليس بشَيء. يقولون: الدَّوْه: التحيُّر.
{باب الدال والياء وما يثلثهما}
(ديث) الدال والياء والثاء يدل على التَّذليل، يقال ديَّثْتُه، إذا أذلَلتَه، من قولهم طريقٌ مديَّثٌ: مُذَلَّل.
(ديص) الدال والياء والصاد أصلٌ واحد يدلّ على رَوَغانٍ وتفَلّت. يقال داصَ يديص دَيْصاً(2)، إذا راغَ. والاندياص: انسلال الشَّيء من اليَد. ويقال
دير - ديف - ديل - ديك
انداصَ علينا فلانٌ بشرِّه، وذلك إذا تفلّتَ علينا؛ وإنّه لمُنْدَاصٌ بالشّرّ. ويقال الدَّيَّاص: السَّمين؛ والدَّيَّاصة: السمينة. فإن كان صحيحاً فلأنه إذا قُبِضَ عليه اندلَصَ من اليد؛ لكثرة لحمه.
(دير) الدال والياء والراء أظُنه منقلباً عن الواو، من الدَّار والدوْر. ومن الباب الدَّيْر. وما بها دَيُّورٌ ودَيَّارٌ، أي أحدٌ. ومن الباب الذي ذكرْناه قال ابنُ الأعرابيّ: يقال للرجل إذا كان رأسَ أصحابه: هو رأس الدَّيْر.
(ديف) الدال والياء والفاء ليس بشيء. يقولون: الدِّيَافِيُّ منسوبٌ إلى أرضٍ بالجزيرة. قال:
* إذا سَافَهُ العَوْدُ الدِّيَافِيُّ جَرْجَرَا(3) *
__________
(1) لعدي بن زيد، كما في المجمل واللسان (دون). وصدره:
* أنسل الذرعان غرب جذم *
... ويروى: "لم يدن" بتشديد النون على ما لم يسم فاعله، من دني يدنى، أي ضعف. أشير إليها في المجمل واللسان.
(2) ويقال "ديصانا" أيضاً، وقد اقتصر على الأخيرة في المجمل.
(3) لامرئ القيس في ديوانه 101 واللسان (سوف). وصدره:
* على لاحب لا يهتدى بمناره *(2/261)
(ديل) الدال والياء واللام ليس ينقاس. يقولون: الدِّيلُ قبيلةٌ، والنسبة دِيلي. فأمّا الدُّئِل، على فُعِلٍ، فهي دُويْبَّة. ويضعُف الأمرُ فيها من جهة الوزْن، فأمّا الاشتقاق فليس ببعيد، وقد ذكرناه في الدال والهمزة مع الذي يَجيء بعدهما.
(ديك) الدال والياء والكاف ليس أصلاً يتفرّع منه، إنَّما هو الدِّيك. ويقولون: هو عُظَيمٌ ناتئٌ في جَبْهة الفرس(1). وليس هذا بشيء.
دين
(دين) الدال والياء والنون أصلٌ واحد إليه يرجع فروعُه كلُّها. وهو جنسٌ من الانقياد والذُّل. فالدِّين: الطاعة، يقال دان له يَدِين دِيناً، إذا أصْحَبَ وانقاد وطَاعَ. وقومٌ دِينٌ، أي مُطِيعون منقادون. قال الشاعر:
* وكانَ النّاس إلاّ نحنُ دِينا(2) *
والمَدِينة كأنّها مَفْعلة، سمّيت بذلك لأنّها تقام فيها طاعةُ ذَوِي الأمر. والمدينة: الأَمَة. والعَبْدُ مَدِينٌ، كأنّهما أذلّهما العمل. وقال:
يظل على مِسحاتِهِ يَترَكَّلُ(3)
رَبَتْ وَرَبَا في حِجْرِها ابنُ مدينةٍ
فأمَّا قول القائل:
* يا دِينَ قَلْبُكَ مِن سَلْمَى وقد دِينَا(4) *
فمعناه: يا هذا دِينَ قلبُك، أي أُذِلَّ. فأمّا قولهم إِنّ العادة يقال لها دينٌ، فإن كان صحيحاً فلأنَّ النفسَ إذا اعتادت شيئاً مرَّتْ معه وانقادت له. وينشدون في هذا:
وجارتِها أُمِّ الرَّباب بمَأْسَلِ(5)
كدِينِكَ مِن أمِّ الحُويرثِ قَبْلَهَا
والرواية "كَدَأبك"، والمعنى قريبٌ.
__________
(1) الذي في المعاجم المتداولة أنه العظم الشاخص خلف أذنه. وفي المجمل نص غريب، وهو أنه العظم الناتئ في طرف لسان الفرس.
(2) أنشد هذا الجزء في اللسان (دين 78 س4).
(3) البيت للأخطل في ديوانه 5 واللسان (دين، مدن، ركل). وسبق إنشاده في (1: 334).
(4) أنشد هذا الصدر في اللسان (دين 28، 29).
(5) لامرئ القيس في معلقته.(2/262)
فأمَّا قوله جلّ ثناؤُه: { ما كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ المَلِكِ } [يوسف 76]، فيقال: في طاعته، ويقال في حكمه. ومنه: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } [الفاتحة 4]،
دين
أي يوم الحكم. وقال قومٌ: الحساب والجزاء. وأيُّ ذلك كان فهو أمرٌ يُنقاد له. وقال أبو زَيد: دِينَ الرّجُل يُدان، إذا حُمِل عليه ما يَكره.
ومن هذا الباب الدَّيْن. يقال دايَنْتُ فلاناً، إذا عاملتَه دَيْناً، إِمّا أخْذاً وإمّا إعطاء*. قال:
فمطَلَتْ بعضاً وأدَّتْ بعضَا(1)
دايَنت أَرْوَى والدُّيُونُ تُقْضى
ويقال: دِنْتُ وادَّنْتُ، إذا أَخَذْتَ بدَينٍ. وأدَنْتُ أقْرَضْت وأعطيت دَيْناً. قال:
بأنَّ المُدانَ مَلِيٌّ وَفِيُّ(2)
أدَانَ وَأنْبَأَهُ الأوَّلُون
والدَّيْن من قياس الباب المطّرد، لأنّ فيه كلَّ الذُّلّ والذِّل(3). ولذلك يقولون "الدَّين ذُلٌّ بالنّهار، وغَمٌّ بالليل". فأمّا قول القائل:
إلاّ المَرَانة حَتَّى تعرِفَ الدِّينَا(4)
يا دارَ سَلْمَى خَلاءً لا أُكَلِّفُهَا
فإنّ الأصمعيّ قال: المَرَانة اسمُ ناقَتِه، وكانت تَعرِفُ ذلك الطريقَ، فلذلك قال: لا أكلِّفُها إلاّ المَرانة. حَتَّى تعرف الدِّين: أي الحالَ والأمر الذي تَعهده. فأراد لا أكلف بلوغَ هذه الدار إِلاّ ناقتي.
والله أعلم.
دأب - دأث - دأل - دأم
{باب الدال والألف وما يثلثهما}
وقد يقع فيه المهموز والألف المنقلبة. وقد ذكرنا المهموزَ لأنَّ سائرَ ذلك من المعتلّ مذكورٌ في أبوابه.
__________
(1) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 79 واللسان (دين). وهو مطلع أرجوزة له.
(2) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 65 واللسان (دين).
(3) كذا وردت الكلمتان في الأصل بهذا الضبط. والذل، بالكسر: ضد الصعوبة.
(4) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (مرن). وأنشد له ياقوت في رسم (مرانة) برواية: "يا دار ليلى". وانظر ما سيأتي في (مرن).(2/263)
(دأب) الدال والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ملازَمةٍ ودوام. فالدأبُ: العادةُ والشّأن. قال الفرّاء: الدأْب، أصله من دَأبْتُ، إلاّ أنّ العربَ حوّلت معناه إلى الشّأن. ودأَبَ الرّجُل في عمله، إذا جَدَّ. وأدْأبْتهُ أنا إدآباً. والدائِبان: اللّيلُ والنَّهار.
(دأث) الدال والهمزة والثاء ليس أصلاً؛ لأن الدَّأْثاءَ-وهي الأَمَةُ- مقلوبةٌ من الثأْداء. على أنَّهم يقولون: دَأَثْتُ الطّعام: أكلتُه.
(دأل) الدال والهمزة واللام يدل على خِفّة ونَشْطَةٍ(1). فالدَّأَلاَنُ: المشْيُ بنَشاط. يقال منه دَألْتُ أدْأَل. والدَّأْل: الخَتْل. ويقولون: الدُّؤْلُول الدَّاهية؛ وهو قريب من الباب. والدؤَل قَبِيلةٌ.
(دأم) الدال والهمزة والميم يدل على تَوَالٍ وتَنَضّدٍ. قال الخليل: دَأَمْتُ الحائطَ، أي رفَعْتُه، ويكون هذا ممّا ذكرناه؛ لأنّه شيءٌ فوق شيء. ويقال تداءَمَتْ عليه الرِّياح، إذا توالت؛ وتَدَأَّمَت الأمواجُ(2). وقال:
دأظ - دأي
* تحت ظِلال المَوْج إذْ تَدَأَّمَا (3)*
والبحر نَفسُه الدَّأْماء. ولعل هذا القياسَ أولى به، وتَدَاءمْتُ الرّجلَ، إذا وثبتَ عليه. وتداءمَ الفحلُ النّاقَة، إذا تجلّلَها. وتداءمَت السّماءُ: توالت أمطارُها(4).
__________
(1) المعروف في ضد الكسل النشاط. وأما هذه فلعلها مرة من نشطت الإبل: مضت.
(2) في اللسان: "وتداءمت عليه الأمور والأهوال والهموم والأمواج، بوزن تفاعلت، وتدأمته، الأخيرة معداة بغير حرف: تراكمت عليه وتزاحمت وتكسر بعضها على بعض"، ثم قال: "الأصمعي تداءمه الأمر مثل تداعمه، إذا تراكم عليه".
(3) في الأصل : " تداءما". وهو تحريف؛ فإن البيت من أرجوزة للعجاج في ملحقات ديوانه 184. وقبله:
* كما هوى فرعون إذ تغمغما *
... وليس في الأرجوزة تأسيس. وهو على الصواب في اللسان ( دأم).
(4) في المجمل: "وتداءلت السماء هطلت".(2/264)
(دأظ) الدال والهمزة والظاء كلمةٌ واحدةٌ. يقولون الدّأْظ: المَلْء(1). ويقال دأظتُ المَتاعَ في الوِعاء. قال:
* والدّأظُ حَتَّى لا يَكونَ غَرْضُ(2) *
الدأْظ: الامتلاء. والغَرْض: أن يبقى موضعٌ لا يبلُغه الماء(3).
(دأي) الدال والهمزة والياء أصلان: أحدهما يدل على خَتْلٍ، والآخر عَظْمٌ متَّصل بمِثْله، ويشبّه به غيره، ويكون من خَشَب.
فالأوَّل الدّأْي، وهو الختْل؛ يقال دَأيْتُ أدأَى دَأْياً؛ وهو الخَتْل. والذِّئب يَدأَى، إِذا خَتَل.
وأمَّا الآخَر فالدّأْيات: الفَقَار، الواحدةُ دَأْية؛ وابنُ دأيَةَ: الغُرابُ؛ لأنَّه يقع
دبج - دبح
على دأْية البعير الدّبِر فينقُرها؛ والدّأية من البعير: الموضعُ تقع عليه ظَلِفَة(4) الرَّحْل فتعقِرُه.
{باب الدال والباء وما يثلثهما}
(دبج) الدال والباء والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على شيءٍ ذي صفحةٍ حَسَنَةٍ. الدّيباجُ معروفٌ. والدِّيباجَتانِ: الخَدّان. وقال ابن مقبل:
* يَجرِي بديباجَتَيهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ(5) *
__________
(1) في الأصل: "الملاء".
(2) قبله كما في اللسان (دأض، دأظ، غرض):
* لقد فدى أعناقهن المحض *
... يقول: فدت ألبانها أعناقها من أن تنحر. وفي اللسان: "حتى ما لهن".
(3) عبر عنه في اللسان بقوله: "النقصان عن الملء".
(4) في الأصل: "خلفة"، صوابه في المجمل.
(5) لابن مقبل كما في ديوانه 170 واللسان (دبج، رشح، ردع)، وقد أنشد هذا العجز في المجمل. وصدره:
* يخدي بها بازل فتل مرافقه *
... ويروى: "يسعى بها". ويروى:
* يخدي بها كل موار مناكبه *(2/265)
ويقال هما اللِّيتان(1). وأمّا قولهم: "ما بالدّار دِبِّيجٌ" فيقال هو بالحاء، وقد ذُكر في بابه، وإن كان بالجيم كما قيل فليس من هذا، ولعله أنْ يكون من دِبِّيٍّ، من الدَّبيب، ثم حُوِّلت ياء النِّسبة جيماً على لغة من يفعل(2).
(دبح) الدال والباء والحاء أُصَيلٌ، وهو الإقبال على الشَّيء بالجِسْم حتَّى تَحْنُوَ عليه كل الحُنوّ. يقال دبَّحَ الرجُل رأسَه، وذلك إذا نكسَه وطأطأه. و*نُهِيَ أن يُدَبِّحَ الرّجُل في الصَّلاة كما يدبِّح الحِمار. والذي يقولون ما بالدَّار مِنْ
دبر
دِبِّيحٍ، فهو من هذا، أي مقيمٍ في الدَّار مقبلٍ عليها، والحاء في هذه الكلمة أقيس من الجيم، لما ذكرناه.
(دبر) الدال والباء والراء. أصل هذا الباب أنَّ جُلّه في قياسٍ واحد، وهو آخِر الشَّيء وخَلْفُه خلافُ قُبُلِه. وتشذّ عنه كلماتٌ يسيرة نذكرُها.
__________
(1) الليتان، بالكسر: صفحتا العنق، وفي الأصل: "اللتان" صوابه في المجمل.
(2) أي يفعل ذلك، وهم ناس من بني سعد، نص عليه سيبويه في كتابه (2: 288). وانظر شرح الشافية
(3: 229).(2/266)
فمعظم الباب أنَّ الدُّبُرَ خلافُ القُبُل. والدَّبِير: ما أدْبَرَتْ به المرأةُ من غزْلِها حين تفتِلُه. قال ابن السكِّيت: القَبِيل من الفَتْل: ما أقبَلْتَ به إلى صدرك، والدَّبير: ما أدبَرْتَ به عن صدرك. ودابرةُ الطّائر: الإِصبع التي في مُؤخَّر رِجْله. وتقول: جعلتُ قولَه دَبْرَ أُذُني، أي أغضَيْت عنه وَتصامَمْت، ودَبَر النَّهارُ وأدبَرَ(1)، وذلك إذا جاء آخِرُه، وهو دُبُره. ودبَّرْتُ الحديثَ عن فُلانٍ، إذا حدَّثتَ به عنه، وهو من الباب؛ لأنَّ الآخِر المحدِّثَ يَدْبُر الأوّلَ يجيءُ خَلْفَه. ودابرة الحافر: ما حاذَى مؤخَّر الرُّسْغ. وقطَعَ اللهُ دابِرَهم، أي آخِرَ مَن بَقِي منهم. والدَّابر من السِّهام: الذي يخرُج من الهَدَف، كأنَّه وَلّى الرّاميَ دُبُرَه، وقد دَبَرَ يَدْبُرُ دُبُوراً، والدَّبَرانُ: نجمٌ، سمِّي بذلك لأنَّه يَدْبُر الثّريّا. ودابَرْتُ فُلاناً: عاديتُه. وفي الحديث: "لا تَدَابَرُوا"، وهو من الباب، وذلك أنْ يترُكَ كلُّ واحدٍ منهما الإقبالَ على صاحبه بوجْهه. والتدبير: أنْ يُدبِّر الإنسانُ أمرَه، وذلك أنَّه يَنظُر إلى ما تصير عاقبتُه وآخرُه، وهو دُبُره. والتَّدبير عِتْق الرّجُل عبدَه أو أمَتَه عن دُبُر، وهو أن يَعْتِقَ بعد موت صاحبِه، كأنَّه يقول: هو حُرٌّ بعدَ موتي.
دبر
__________
(1) وفي بعض القراءات: { والليل إذا دبر } ، في قوله تعالى { والليل إذ أدبر } وكذا { والليل إذا أدبر } [المدثر 33]. انظر تفسير أبي حيان (8: 378).(2/267)
ورجل مقابَلٌ مُدابَرٌ، إذا كان كريمَ النَّسَب من قِبَل أبوَيه؛ ومعنى هذا أنَّ من أقبَلَ منهم فهو كريمٌ، ومن أدبَرَ منهم فكذلك. والمُدَابَرَة: الشاة تُشَقُّ أُذُنُها من قِبَل قَفاها. والدّابر [من(1)] القِداح: الذي لم يَخْرُج؛ وهو خلاف الفائز، وهو من الباب؛ لأنَّه ولّى صاحبَه دُبُرَه. والدَّابر: التابع؛ يقال: دَبَرَ دُبُوراً. وعلى ذلك يفسَّر قوله جلَّ ثناؤُه: { واللّيلِ إِذا دَبَرَ(2) } [المدثر 33]، يقول: تَبِع النَّهارَ. وَدَبَرَ بالقِمار، إذا ذَهَب به. ويقال: ليس لهذا الأمرِ قبْلةٌ ولا دِبْرَةٌ، أي ليس له ما يُقبِل به فيُعْرَفَ ولا يُدْبِر به فيُعرَف. ورجلٌ أُدابرٌ: يقطَع رَحِمَه؛ وذلك أنَّهُ يُدبِرُ عنها ولا يُقْبِل عليها. والدَّبُور: ريحٌ تُقبِل مِن دُبُر الكعبة. والدَّابرة: ضربٌ مِن أُخَذِ الصَّرْع(3). قال أبو زيد: يقال "هو لا يُصَلِّي(4) الصّلاةَ إلاّ دَبَرِيّاً"، والمُحدِّثونَ يقولون: دُبُريّاً. وذلك إذا صلاَّها في آخرِ وقتها، يريد وقد أدبَرَ الوقتُ.
وأما الكلمات الأُخَرُ فأُراها شاذّةً عن الأصل الذي ذكرناه، وبعضُها صحيح. فأمَّا المشكوك فيه فقولهم: إنَّ دُبَاراً اسمُ يوم الأربعاء، وإنَّ الجاهليَّة كذا كانوا يسمُّونه. وفي مثل هذا نَظَرٌ. وأمَّا الصَّحيح فالدِّبار، وهي المَشَارات من الزَّرْع. قال بِشرٌ:
دبس - دبش - دبغ
__________
(1) هذه التكملة في المجمل.
(2) هي قراءة ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وعطاء وابن يعمر وأبي جعفر وشيبة وأبي الزناد وقتادة والحسن وطلحة والنحويين والابنين وأبي بكر. انظر الحاشية التي قبل السابقة.
(3) في المجمل: "أخذة من أخذ المتصارعين". وفي اللسان: "ضرب من الشغزبية في الصراع". والأخذ بضم ففتح: جمع أخذة بالضم، أي طريقة أخذ.
(4) في الأصل: "لولا نصلي"، وفي اللسان، "فلان لا يصلي"، وفي المجمل "أبو زيد: لا يصلي".(2/268)
* عَلَى جِرْبَةٍ تَعلُو الدِّبارَ غُروبُها(1) *
ومن ذلك الدَّبْر، وهو المال الكثير؛ يقال مالٌ دَبْرٌ، ومالان دَبرٌ، وأموالٌ دَبْرٌ.
(دبس) الدال والباء والسين أصلٌ يدلٌ على عُصارةٍ في لونٍ ليس بناصع. من ذلك الدِّبس، وهو الصَّقْر. والدُّبْسيُّ: طائرٌ؛ لأنّه بذلك اللّون. وجِئتَ بأُمورٍ دُبْسٍ، إذا جاء بها غيرَ واضحة. قال بعضُ أهل العلم: أَدْبَسَتِ الأرضُ فهي مُدْبِسَةٌ، إذا رُئِيَ(2) فيها أوّلُ سواد النَّبت. فأمّا الكثْرة فهي الدَِّبْسُ، وهو استعارةٌ، كما يقال لها الدَّهْماء والسَّواد، فقد عاد إلى ذلك القياس. ويقولون الدَِّباساء، على فَِعالاء، للإناث من الجراد.
(دبش) الدال والباء والشين ليس بشيء. على أنَّهم يقولون أرضٌ مَدبُوشَة*: أَكَلَ الجراد نَبْتَها. قال:
* في مُهْوَأَنٍّ بالدَّبَا مَدْبُوشِ(3) *
(دبغ) الدال والباء والغين كلمةٌ. دَبغْتُ الأديمَ أدْبَغُه وأدبُغه(4) دَبغا.
دبق - دبل - دبي
(دبق) الدال والباء والقاف ليس بشيء. يقولون لِذِي البَطْن الدَّبُوقاء.
__________
(1) قصيدة بشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 129-133) وقد سبق إنشاد هذا العجز في (جرب 1: 450). وصدره كما في المفضليات واللسان (جرب، دبر):
* تحدر ماء البئر عن جرشية *
(2) في الأصل والمجمل: "رعن"، صوابه من اللسان. وفي القاموس: "أظهرت النبات".
(3) لرؤبة في ديوانه 78 واللسان (دبش، هأن). ورواية الديوان واللسان: "من" بدل "في". ويروى "مهوئن"، وهما لغتان، يقال بفتح الهمزة وكسرها. وقبل البيت:
* جاؤوا بأخراهم على خنشوش *
(4) كذا ضبط الفعلان في المجمل. ويقال أيضاً أدبغه، بكسر الباء.(2/269)
(دبل) الدال والباء واللام أصلٌ يدلُّ على جَمْعٍ وتجمُّعٍ وإصلاح لَمرَمَّةٍ(1). تقول دَبَلْتُ الشيءَ جَمعتُه، كَدَبْلك اللُّقمةَ بأصابعك. والدُّبُول: الجداول. وسمِّيت بذلك لأنها تُدْبَل، أي تُنَقَّى وتُصلَح. قال الكِسائيّ: أرضٌ مدبولة، إذا أُصلِحَتْ بسِرْجينٍ وغيره. قال: وكلُّ شيءٍ أصلحتَه فقد دبلْتَه ودملْتَه. ويقال الدَّوْبَل: الحِمار الصَّغير. وسمِّي بذلك لتجمُّع خَلْقِه. ويقال دَبِلَ البعيرُ وغيرُه يَدْبَلُ، إذا امتلأَ لحماً.
ومما شذّ عن هذا الأصل الدِّبْل: الدّاهية. ودبَلَهم الأمرُ من الشّرّ: نزلَ بهم. يقال دِبْلاً دَبيلا، كما يقولون: ثُكْلاً ثاكلا. قال الشاعر(2):
وقَوْلَ الحَواضِنِ دِبلاً دَبيلا(3)
طِعانَ الكُماةِ ورَكْضَ الجِيادِ
(دبي) الدال والباء والياء ليس أصلاً، وإنَّما [هو] كلمةٌ واحدة، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً. فالدّبا: الجراد إذا تحرَّك(4). والتشبيهُ قولهم: أدْبَى الرِّمْثُ، أوَّلَ ما يتفَطَّر؛ وذلك لأنّه يشبَّه بالدَّبا. وذكر بعضُهم: جاء فلانٌ بدَبَادَبَا(5)، إذا جاء
دثر - دثأ
بمالٍ كالدّبا(6). ويقال أرضٌ مَدْبَاةٌ: كثيرة الدبا. ومَدْبِيَّةٌ: أَكَلَ الدّبَا نباتَها.
{باب الدال والثاء وما يثلثهما}
__________
(1) المرمة: متاع البيت.
(2) هو بشامة بن الغدير. وقصيدته في المفضليات (1: 53-58).
(3) البيت لم يروه المفضل، لكن ذكر في اللسان أنه من قصيدة بشامة. وفي المجمل واللسان: "وضرب الجياد". وفي الأصل أيضاً: "الحواضن" صوابه في المجمل واللسان.
(4) زاد في المجمل: "قبل أن تنبت أجنحته".
(5) في الأصل: "بدبى" صوابه من المجمل واللسان. ويقال أيضاً "بدَبَادُبَيٍّ" و"دَبَادُبيَّيْنِ". والدبا يكتب بالألف وبالياء.
(6) في الأصل: "بمالكالدبا"، وهو تحريف رسم.(2/270)
(دثر) الدال والثاء والراء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد. وهو تضاعُفُ شيءٍ وتناضُدُه بعضِه على بعض. فالدَّثْر(1): المال الكثير. والدِّثار: ما تدثَّر به الإنسانُ، وهو فوق الشِّعار. فأمّا قول القائل:
* والعَكَرِ الدَّثِرْ(2) *
فإنَّه أراد الدَّثْر فحرك الثاء، وهو الكثير.
ومن الباب تَدَثَّر الفَحْلُ الناقَة، إذا تَسَنَّمَها، كأنَّه صار دِثاراً لها. وتدثَّر الرجُلُ فرسَه، إذا وثب عليه فركِبَه. والدَّثُور: الرّجل النَّؤُوم(3).وسمِّي لأنَّه يتدثَّر وينام. فأمّا قولهم رسْمٌ داثِرٌ، فهو من هذا، وذلك أنَّه يكون ظاهراً حتى تهبّ عليه الرِّياحُ وتأتِيَه الرَّوامسُ، فتصيرَ له كالدِّثار فتغطِّيه.
(دثأ) الدال والثاء والهمزة ليس أصلاً؛ لأنَّه من باب الإبدال. يقولون مطر دَثَئِيٌّ، وهو الذي بين الحَمِيم والصَّيف(4). وإنَّما الأصل دَفَئِيٌّ، وهو من الدِّفء.
دثن - دجر - دجل
(دثن) الدال والثاء والنون كلامٌ لعلّه أن يكون صحيحاً. فأما أنْ يكون له قياسٌ فلا. يقولون: دثَّن الطَّائرُ: أٍرع في طَيَرانه. ودثَّن اتَّخَذَ عُشَّه. والكلمتان متشابهتان، والأمر فيهما ضعيف.
{باب الدال والجيم وما يثلثهما}
(دجر) الدال والجيم والراء أصلٌ يدلُّ على لُبْسٍ. فالدَّيجور: الظَّلام؛ والجمع دَياجِر ودياجِير. والدَّجَرُ: شِبْهُ الحَيْرة، وهو ذلك القياس، يقال رجلٌ دَجْرانُ ودَجَارَى، كما يقال حَيرانُ وحَيارَى.
وها هنا كلمةٌ إنْ صحّت فهي شاذة عن الأصل الذي ذكرناه. يقولون إن الدَُّجْر: الخشبة التي يُشدّ عليها حديدةُ الفَدَّان. وما أرَى هذا من كلام العرب.
__________
(1) هو امرؤ القيس، كما في اللسان (دثر). وقصيدته في ديوانه 135-139.
(2) أنشد هذا الجزء في المجمل. والبيت بتمامه كما في الديوان واللسان:
مرابط للأمهار والعكر الدثر
لعمري لقوم قد ترى في ديارهم
(3) في المجمل: "الرجل الخامل النؤوم".
(4) الحميم: القيظ.(2/271)
(دجل) الدال والجيم واللام أصلٌ واحد منقاسٌ، يدلُّ على التغطية والسَّتْر. قال أهلُ اللغة: الدَّجْل: تموِيهُ الشَّيء، وسُمّي الكذّابُ دجّالاً. وسمِعت عليَّ بن إبراهيمَ القَطَّان يقول: سمِعت ثعلباً يقول: الدَّجّال المموِّه. يقال سيفٌ مُدَجّل، إذا كان قد طُلِيَ بذهبٍ. قال: فقِيل له: فيجوز أن يكون الذّهب يسمَّى دَجَّالاً؟ فقال: لا أعرِفُه(1). ومن الباب الدّجّالة: الجماعة العظيمة تحمل المتاع للتجارة. ويقال دَجَّلْتُ البعير، إذا طلَيته بالقَطِران؛ والبعير مدجَّلٌ.
دجم - دجن
قال ابنُ دريد: كلُّ شيءٍ غطّيته فقد دجَّلتَه. وسُمِّيت دِجلةُ لأنَّها تغطِّي الأرض* بالجمع الكثير(2). ويقال رُِفْقَةٌ دَجَّالة، إِذا غَطَّت الأرض بزَحْمَتها. قال:
* دَجّالة من أعظَم الرِّفاقِ(3) *
وفي كتاب الخليل: الدّجال: الكذَّاب، وإنَّما دَجَلُه كِذْبه؛ لأنَّه يدجِّل الحقَّ بالباطل.
(دجم) الدال والجيم والميم كلمةٌ واحدة. يقال دَُجِمَ، إذا حَزنَ. ويقولون: ما سمعتُ لفُلانٍ دَُجْمَةً، أي كلمة. وهذه كأنها من باب الإبدال، والأصل زَُجْمَة(4).
(دجن) الدال والجيم والنون قياسُه قياسُ الدال والجيم واللام. فالدَّجْن: ظلُّ الغيم في اليوم المَطِر(5). وأدْجَنَ المطرُ: دامَ أيّاماً. والمُداجَنةُ: حُسن المخالَطة. والدُّجُنَّة: الظلماء. وفي كتاب الخليل قال: لو خففَّه الشاعر لجازَ له. قال حُمَيدٌ(6):
* حتَّى إِذا انجلَتْ دُجَى الدُّجُونِ *
__________
(1) في اللسان: "والدَّجَّال الذهب، وقيل ماء الذهب؛ حكاه كراع".
(2) كذا. وفي المجمل: "لأنها تغطي الأرض بمائها".
(3) البيت في اللسان (دجل) والجمهرة (2: 68).
(4) في الأصل: "رحمة" تحريف. والزجمة، بفتح الزاي وضمها.
(5) في المجمل: "المطير"، وهما سيان.
(6) في المجمل: "كقول حميد الأرقط". والبيت التالي في اللسان (دجن) بدون نسبة.(2/272)
ومن الباب دَجَن دُجُوناً: أقام. والشَّاةُ الدّاجِن: التي تَأْلف البيوت. والله أعلم.
دحر - دحز - دحس
{باب الدال والحاء وما يثلثهما}
(دحر) الدال والحاء والراء أصلٌ واحد، وهو الطَّرد والإبعاد. قال الله تعالى: { اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُوماً مَدْحُورا(1) } [الأعراف 18].
(دحز) الدال والحاء والزاء ليس بشيء. وقال ابن دريد: الدَّحْز: الجِماع(2). وقد يُولَع هذا الرجُل بباب الجماع والدَّفْع، وباب القَمْش والجمع.
(دحس) الدال والحاء والسين أصلٌ مطَّرِد مُنْقاس، وهو تخلُّل الشَّيءِ بالشَّيءِ في خَفاءٍ ورِفق. فالدَّحْس: طلَب الشَّيءِ في خفاء. ومن ذلك دَحَسْتُ بينَ القوم، إذا أفسدْتَ؛ ولا يكون هذا إلاّ برفْق ووَسواس لطيفٍ خفيّ. ويقال الدّحْسُ: إدخالك يَدَك بين جِلْدة الشَّاة وصِفَاقها تسلخُها. والدَّحَّاس: دويْبَّة تغيب في التراب، والجمع دَحاحيس. وداحِسٌ: اسم فرسٍ؛ وسمِّي بذلك لأنَّ حَوْطاً(3) سطا على أُمِّه- أُمّ داحسٍ(4)- بماءٍ وطِينٍ، يريد أن يخرج ماءَ فرسه من الرَّحِم. وله حديث(5).
دحص - دحض - دحق - دحل
(دحص) الدال والحاء والصاد كلمةٌ واحدة. يقال دَحَصَ المذبوحُ برجْله يدحَصُ دَحْصاً، إذا ارتكَضَ. قال علقمة:
__________
(1) من الآية 18 سورة الأعراف. وفي الأصل: "مذموماً" تحريف. وفي الآية 19 من الإسراء: { يصلاها مذموماً مدحوراً } . وهذا وجه اللبس.
(2) لم أجده في الجمهرة ولا في فهارسها. انظر الجمهرة (1: 121) حيث مظن الكلمة. فلعلها مما سقط من الجمهرة.
(3) هو حوط بن أبي جابر بن أوس بن حميرى، صاحب "ذي العقال" والد "داحس". انظر الأغاني
(16: 23).
(4) اسمها "جلوى"، وكانت لقرواش بن عوف بن عاصم.
(5) انظر حرب داحس والغبراء في الأغاني والعقد (3: 313) وكامل ابن الأثير (1: 343) وأمثال الميداني (1: 359/2: 51).(2/273)
بشِكَّتِهِ لم يُسْتَلَبْ وسليبُ(1)
رغا فوقَهم سَقْبُ السَّماءِ فداحِصٌ
(دحض) الدال والحاء والضاد أصلٌ يدلُّ على زوالٍ وزَلَق. يقال دَحَضَتْ رجلُه: زَلِقَتْ. ومنه دحَضَت الشّمس: زالت. ودَحَضَتْ حُجّةُ فلانٍ، إذا لم تَثْبُت. قال الله جلّ ثناؤه: { حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ }
[الشورى 16].
(دحق) الدال والحاء والقاف قياسٌ يقرُب من الذي قبْلَه. يقال دَحَقَ الشَّيءُ: زَالَ ولم يثبُتْ. والدَّحيق: البعيد. ويقال فعلَ فلانٌ كذا فدحَقْتُ عنه يدَه، أي قبضتُها. ويقال أدْحَقَه الله، أي أبْعَدَه. ودَحَقت الرّحِمُ: رمَتْ بالماء فلم تقبلْه. والدِّحاق: أن تخرُجَ رحِمُ الأنثَى بعد الولادة، فلا تنجُو حتى تموت. وهي دَحُوقٌ. قال:
ما خانَ منها الدِّحاقُ والأَتَمُ
وأُمُّكُمْ خَيْرَةُ النِّساء عَلَى
(دحل) الدال والحاء واللام يدلُّ على تلجُّفٍ في الشَّيء وتطامُن.فالدَّحْل: المطمئِنُّ من الأرض، والجمع الدُّحُول. ويقال بئرٌ دَحُولٌ: ذاتُ تلجُّف(2)، وذلك إذا أكمَلَ الماءُ جِرابَها. فأمَّا الدَّحِلُ في خَلْق الإنسان، فيقال هو العظيم البَطْن؛ وهو قياسُ الباب، لأنَّه يدلُّ على سَعةٍ وتلجُّف.
دحم - دحن - دحو - دخر
(دحم) الدال والحاء والميم ليس بشيءٍ. على أنّهم يقولون: دَحَمَه، إذا دَفَعَه دفعاً شديداً. وبه سُمِّي الرَّجُل دَحْمانَ ودُحَيْماً.
(دحن) الدال والحاء والنون ليس بأصلٍ، لأنّه من باب الإبدال. يقال رجل دَحِنٌ، وهو مثل الدَّحِلِ(3). وقد فسَّرناه.
__________
(1) قصيدة البيت في ديوانه 131 والمفضليات (2: 190-196). وأنشده في المجمل واللسان (دحص).
(2) التلجف، بالجيم: التحفر. وفي الأصل والمجمل بالحاء المهملة، تحريف.
(3) في الأصل: "الدخل"، صوابه ما أثبت.(2/274)
(دحو) الدال والحاء والواو أصلٌ واحد يدلُّ على بَسْطٍ وتمهيد.
يقال دحا الله الأرضَ يدحُوها دَحْواً، إذا بَسَطَها. ويقال دحا المطرُ الحَصَى عن وجْه* الأرض. وهذا لأنّه إذا كان كذا فقد مهّد الأرض. ويقال للفرَس إذا رمَى بيديه رمْياً، لا يرفع سُنْبُكَه عن الأرض كثيراً: مرّ يدحُو دَحْواً. ومن الباب أُدْحِيُّ النَّعام: الموضع الذي يُفَرِّخ فيه، أُفْعولٌ مِن دحوت؛ لأنّه يَدْحُوه برِجْله ثم يبيض فيه. وليس للنّعامة عُشٌّ.
{باب الدال والخاء وما يثلثهما}
(دخر) الدال والخاء والراء أصلٌ يدلُّ على الذُّل. يقال دَخَرَ الرّجُلُ، وهو داخِر، إذا ذَلَّ. وأَدْخَرَه غيرُه: أَذَلَّه. فأما الدَّخْدَار فالثَّوب الكريمُ يُصانُ. قال:
* ويَجْلُو صَفْحَ دَخْدارٍ قَشِيبِ(1) *
دخس - دخش – دخص
وليس هذا من الكلمة الأولى في شيءٍ؛ لأنَّ هذه مُعرّبة، قالوا: أصلها تَخْت دار، أي مَصُونٌ في تَخْت(2).
(دخس) الدال والخاء والسين أصلٌ واحد، يدلُّ على اكتنازٍ واندساسٍ في ترابٍ أو غيره. فالدَّخْسُ أن يندسَّ الشَّيءُ في التراب. ولذلك سَمَّى الرّاجزُ(3)
__________
(1) نسب في المجمل إلى أبي دواد، والصواب نسبته إلى عدي بن زيد، من قصيدة له في الأغاني (2: 23-34). وصدره كما في الأغاني والمعرب للجواليقي 141:
* تلوح المشرفية في ذراه *
(2) في المجمل: "أي ثوب مصون في تخت". والأدق ما في المعرب واللسان: "أي يمسكه التخت".
(3) هو العجاج. وفي ديوانه 31:
* فأطرقت إلا ثلاثاً دخسا *(2/275)
الأثافيَّ دُخَّساً. فهذا هو الأصل، ثم سُمِّي كلُّ شيءٍ تجمَّعَ إلى شيءٍ وداخَلَه، بذلك. والدَّخيس: الحَوْشَب، وهو ما بين الوَظيف والعصَب. والدَّخِيس من الناس: العددُ الجَمُّ. والدَّخَس(1): داءٌ في قوائم الدّابة. والدَّخِيس: اللحم المكَتَنِز. وكلُّ ذي سِمَنٍ دَخيسٌ. ويقال الدَّخيس: لحمُ باطن الكفّ. والدَّخيس من أَنْقَاء الرّملِ: الكثير. وكَلأٌ دَيْخَسٌ(2)، أي كثير. وأنشد:
* يَرْعَى حَلِيّاً ونَصِيّاً دَيْخَسَا(3) *
(دخش) الدال والخاء والشين ليس بشيءٍ. وزعم ابنُ دريد(4) أنّ الدَّخش فِعْلٌ مُماتٌ، يقال دَخِشَ دَخَشاً، إذا امتلأ لحماً. ومنه اشتقاق دَخْشَم.
(دخص) الدال والخاء والصاد كالذي قبله. وذكر ابن دُريد(5) أنّ الدَّخُوص: الجاريةُ السَّمينة.
دخل
(دخل) الدال والخاء واللام أصلٌ مطرد منقاس، وهو الوُلوج. يقال دخل يدخُل دخولاً. والدُِّخْلَةُ: باطنُ أمرِ الرّجُل. تقول: أنا عالمٌ بدخْلَته. والدَّخَل: العَيب في الحَسب، وكأنَّه قد دخل عليه شيءٌ عابَه. والدَّخَل كالدَّغَل، وهو من الباب؛ لأنَّ الدّغَل هذا قياسُه أيضاً. ويقال إِنَّ المدخُول: المهزُول؛ وهو الصَّحيح، لأنّ لحمهُ كأنّه قد دُخِلَ. ودَخِيلُك: الذي يُداخِلُك في أُمورك. والدِّخال في الوِرد: أنْ تشربَ الإبل ثم تردَّ إلى الحوض ليشرب منها ما عساه لم يكن شَرِبَ. قال الهُذَليّ(6):
* وتُوفِي الدُّفوفَ بشُربٍ دِخَالِ(7) *
__________
(1) في الأصل: "الدخساء"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) في الأصل: "دخيس" صوابه في المجمل واللسان.
(3) أنشده في اللسان (دخس). وفي المجمل: "ترعى".
(4) الجمهرة (2: 200).
(5) ليس في الجمهرة في مظنه، وليس في فهارسها.
(6) هو أمية بن أبي عائد الهذلي. وقصيدة البيت في شرح السكري 180 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 89.
(7) صدره كما في المراجع المتقدمة واللسان (دخل):
* وتلقى البلاعيم في برده *(2/276)
ويقال إنّ كلَّ لحمةٍ مجتمعة دُخَّلةٌ، وبذلك سُمِّي هذا الطائر دُخَّلاً. ويقال دُخِل فلانٌ، وهو مدخولٌ، إذا كان في عقله دَخَلٌ. وبنو فلانٍ في بني فلان دَخِيلٌ(1)، إذا انتسبوا معهم. ونَخْلَة مدخولةٌ: عَفِنة الجوف. والدُّخْلَلُ: الذي يُداخِلُك في أمورك. والدُّخَّل من ريش الطائر: ما بين الظُّهْرَانِ والبُطْنان، وهو أجْوَدُ الرِّيش. وداخِلَة الإِزار: طَرَفه الذي يلي الجسَد. والدُّخَّل من الكلأ: ما دخَل منه في أُصول الشجر. قال:
* تَبَاشِير أَحْوَى دُخَّلٍ وجميمِ(2) *
دخن - ددن
(دخن) الدال والخاء والنون أصلٌ واحد، وهو الذي يكون عن الوَقُود، ثمَّ يشبَّه به كلُّ شيء يُشْبِههُ مِن عداوةٍ ونظيرها. فالدُّخَانُ معروفٌ، وجمعه دوَاخن على غير قياس. ويقال دَخَنَتِ النّار تدخُن، إذا ارتفع دُخانها، ودخِنَتْ تَدْخَنُ، إذا ألقيْتَ عليها حطباً فأفسَدْتَها حتى يهيجَ لذلك دُخانٌ وكذلك دَخِن الطَّعامُ يَدْخَن(3). ويقال: دَخَن الغُبار: ارتفَعَ. فأمّا الحديث: "هُدْنَةٌ على دَخَنٍ"، فهو استقرارٌ على أمورٍ مكروهة. والدُّخْنَةُ من الألوان: كُدرةٌ في سوادٍ. شاةٌ دَخْناءُ، وكبشٌ أدْخَنُ، وليلةٌ دَخْنانةٌ. ورجلٌ دَخِنُ الخُلُق. وأبناء دُخانٍ: غنيٌّ وباهلة. والدُّخْنَة: بَخُورٌ يدخَّن به البيت.
{باب الدال والدال وما يثلثهما}
(ددن) الدال والدال والنون كلمتان: إحداهما اللَّهو واللَّعب، يقال دَدَنٌ ودَدٌ(4). قال:
إنّ هَمِّي في سَماعٍ وأَذَنْ(5)
أيُّها القلب تعلَّلْ بدَدَنْ
ومن هذا اشتُقَّ السَّيف الدَّدَانُ؛ لأنّه ضعيفٌ، كأنه ليس بِحادٍّ في مَضائه. والكلمة الأخرى: الدَّيْدَنُ: العادَة.
__________
(1) في الأصل: "دخل"، تحريف.
(2) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (دخل).
(3) في الأصل: "حتى يدخن"، صوابه من المجمل.
(4) ودداً أيضاً كما سبق مادة (دد) ص 226.
(5) البيت لعدي بن زيد، كما سبق في حواشي (دد) ص266.(2/277)
... والله أعلم.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال
{باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال}
وسبيلُ هذا سبيلُ ما مضى ذِكره، فبعضُه مشتقٌّ ظاهر الاشتقاق، وبعضُه منحوت بادي النَّحْت، وبعضه موضوعٌ وضعاً على عادة العربِ في مِثْله.
فمن المشتق المنحوت (الدُّلَمِصُ) و(الدُّمَلِصُ(1)): البَرّاق. فالميم زائدة، وهو من الشَّيء الدَّلِيص، وهو البرّاق، وقد مضَى.
ومن ذلك (الدِّفْنسُ(2))، وهو الرجل الدنيُّ الأحمق، وكذلك المرأة الدّفِنس، والفاء فيه زائدة، وإنَّما الأصل الدال والنون والسين.
ومن ذلك (الدَّرْقَعة)، وهو الفِرار. فالزائِدة فيه القاف، وإنَّما هو من الدال والراء والعين.
ومنه (الاندِراعُ) في السَّيْر، وقد ذكرناه.
ومن هذا الباب (ادْرَعَفَّتِ) الإبلُ، إذا مضَتْ على وُجوهها. ويقال (اذرعَفَّتْ) بالذال. والكلمتان صحيحتان؛ فأمّا الدال فمن الاندراع، وأمّا الذال فمن الذريع. والفاء فيهما جميعاً زائدة.
ومن ذلك (الدَّهْكَم)، وهو الشّيخ الفاني، والهاء فيه زائدة، وهو من دَكَمْتُ الشيء وتدكَّم، إذا كسرتَه وتكسَّر بعضُه فوقَ بعض. وقال قوم: (التَّدَهْكم): الانقحام في الشيء، وهو ذاك القياسُ الذي ذكرناه.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال
ومن ذلك (الدَّلَهْمَسُ(3))، وهو الأسَد. قال أبو عُبيد: سمِّي بذاك لقوَّته وجُرْأته. وهي عندنا منحوتٌ من كلمتين: من دَالَسَ وهَمَسَ. فدالَس(4): أتى في الظَّلام، وقد ذكرناه، وهمس كأنّه غمس نَفْسَه فيه وفي كلِّ ما يريد. يقال: أسدٌ هموس. قال:
__________
(1) ويقال أيضاً "دلامص" و"دمالص". وفي المجمل: "الدملص والدمالص".
(2) ويقال أيضاً "دفناس" وهو ما ورد في المجمل.
(3) في الأصل: "الدلهس"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) في الأصل: "دلس" في هذا الموضع وسابقه، تحريف. انظر اللسان (دلس).(2/278)
بَصِيرٌ بالدّجَى هادٍ هَمُوسُ(1)
فباتُوا يُدْلِجون وبات يَسْرِي
ومن ذلك (دَغْمَرْتُ) الحديثَ، إذا خلَطْتَه. قال الأصمعيّ في قوله:
* ولم يكُنْ مُؤْتَشَبَاً دِغْمَارا(2) *
قال: المُدَغْمَر: الخفيّ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: دغم، يقال أدغمت الحرف في الحرف إذا أخفيته فيه، وقد فسَّرناه، ومن دَغَر، إذا دخَلَ على الشّيء. وقد مضى.
ومن ذلك (دَرْبَخَ(3)) إذا تذلَّل. والدال فيه زائدة، وهو من دبخ، يقال: مشى حَتَّى تدبَّخَ، أي استرخَى.
ومن ذلك (دَمْشَقَ) عملَه، إذا أٍسرَعَ فيه. والدال فيه زائدة، وإنَّمَا هو مَشَق، وهو الطَّعْن السّريع، وقد فُسِّر في كتاب الميم.
ومن ذلك (الدُّمَّرِغُ) وهو الأحمق، والدال فيه زائدة، وهو من المَرْغ وهو ما يسيل من اللعاب، كأنّه لا يُمْسِك مَرْغَه.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال
ومن ذلك (الدِّعْبِل)، وهو الجملُ العظيم(4). وهو منحوتٌ من كلمتين مِن دَبَلْتُ الشَّيءَ، إِذا جمَعْتَه، وقد مضى، وهذا شيءٌ عَبْلٌ. ويجيء تفسيره.
ومن ذلك (الدُّمُْلَج) و(الدَّمْلَجة)، واللام فيه زائدة. وهو من أدمجت، وقد فسرناه. والدُّمُْلَج: المِعْضَد من الحَلْي(5).
__________
(1) أنشد عجزه في اللسان (همس 138)، ونسبه إلى أبي زبيد الطائي.
(2) لم ترد كلمة "دغمار" في المعاجم المتداولة، ولم أعثر على هذا الشاهد في مرجع آخر.
(3) وردت هذه الكلمة وما بعدها بالحاء المهملة، في المجمل. وتستقيم اللغة والكلام بكل منهما.
(4) الذي في المعاجم المتداولة أن الدعبل الناقة القوية أو الشارف، كما أنها فسرت في المجمل بأنها "الناقة الشارف".
(5) وأما الدملجة، بفتح الدال واللام، فهي تسوية صنعة الشيء.(2/279)
ومن ذلك (الدَّعْلَجةُ)، وهو الذّهاب والرُّجوع والتردُّد، وبه يسمُّون الفَرَس "دَعْلَجاً(1)"، والعين فيه زائدةٌ، وإنما هو الدَّلَج والإدلاج.
ومن ذلك (دَخْرَصَ) فلانٌ الأمرَ، إِذا بيَّنَه. وإِنه لَـ (دِخْرِصٌ)، أي عالمٌ(2). والوجه أن يكون الدال فيه زائدة، وهو من خَرَصَ الشيءَ، إذا قدَّره بفِطْنته وذكائه.
ومن ذلك (الدَّخْمَسَةَ)، وهو كالخِبّ والخِدَاع، وهي منحوتةٌ من كلمتين: من دَخس ودَمَس، وقد ذكرناهما.
ومن ذلك (الدَّنْخَس(3)) وهو الشديد* اللحم الجَسيم. والنون فيه زائدة، وهو من اللّحم الدَّخيس، وقد مضَى.
ومن ذلك (تَدَرْبَسَ) الرّجُل، إذا تقدَّم. وأنشد:
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال
تَدَرْبَسَ باقِي الرِّيقِ فَخْمُ المناكبِ(4)
إذا القوم قالُوا مَنْ فَتىً لِمُهمَّةٍ
والدال زائدة، وإنَّما هو من الراء والباء والسين. يقال اربَسَّ اربِساساً، إذا ذَهَب في الأرض.
ومن ذلك (الدلمسُ(5))، وهي الدَّاهية، وهي منحوتة من كلمتين. من دَلَس الظلمة، ومن دَمَسَ، إذا أتَى في الظَّلام.
ومن ذلك (الدَّغاوِل(6)) وهي الغَوائل، والواو فيها زائدة، وهو من دغل.
ومن ذلك (الادْرِنْفَاقُ)، وهو السَّير السَّريع. وهذا ممّا زِيدت فيه الراء والنون؛ وإنَّما هو من دَفَقَ، وأصله الاندفاع. والدُّفْقَة من الماء: الدُّفعة. وقد مضى.
__________
(1) ومنه "دعلج" فرس عامر بن الطفيل. والدعلج يقال أيضاً للذئب والحمار والناقة التي لا تنساق إذا سيقت، كما في القاموس.
(2) هذا المعنى والذي سبقه مما فات صاحب اللسان، أما صاحب القاموس فقد ذكرهما.
(3) ويقال أيضاً "دخنس" بتقديم الخاء.
(4) البيت في المجمل واللسان (دربس).
(5) الدلمس، كعلبط وكزبرج. والكلمة وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.
(6) في الأصل: "الدعلول"، صوابه في المجمل واللسان.(2/280)
ومن ذلك (الدُّعْثُور)، وهو الحوض الذي لم يُتَنَوَّقْ في صنعته. قال: العَدَبَّسُ: "الدُّعْثُور: [الحوض(1)] المتَثَلِّم"، وهذا ممّا زِيدت فيه العين. وهو من دَثَرَ. ويجوز أن يكون من دَعَثَ، وقد مضى.
ويقال (ادْرَمَّجَ)، إذا دخل في الشَّيء واستَتَر. والراء فيه زائدة، وإنَّما هو من دَمَج.
ومن ذلك (الدُّمْلوك) والحجر (المُدَمْلَك)، والميم زائدة، وإنَّما هو من دلكت.
ومن ذلك (دَغْفَقْت) الماء: صبَبْتُه، والغين زائدة، وإنَّما هو من دفقت.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال
ومن ذلك (الدُّحْمُسَانُ(2)): الأسود، والحاء زائدة، وهو من الدَّسَم، وهو عندنا موضوعٌ وضعاً. وقد يكون عند سِوانا مشتقّاً. والله أعلم.
(دَنْقَشَ) الرَّجُلَ دَنْقَشَةً، إذا نَظَر وكسر عينَه.
و(الدَّهْثَمُ) من الرجال: السَّهل الليِّن.
و(الدِّرَفْسُ) و(الدِّرْفاس): الضخم من الرِّجال.
و(الدَّرْمَك): الدَّقيق الحُوَّارَى.
و(الدُّرْنُوك): ضَرْبٌ من الثِّياب ذو خَمْلٍ، وبه تُشبَّه فَروةُ البعير. قال:
* عَن ذِي دَرانِيكَ وهُلْبٍ أَهْدَبا(3) *
و(الادْعِنْكارُ): إِقبال السَّيل. ومحتملٌ أن يكون هذه من باب دَعَكَ.
و(دمْخَقَ(4)) الرّجُل في مِشْيته: تثاقَلَ.
و(الدَّغْفَل): ولَدُ الفيل. و(الدَّغْفَليُّ): الزّمان الخِصْب. قال العجّاج:
* وإذْ زَمانُ النّاسِ دَغْفَليُّ(5) *
ومحتملٌ أن تكون هذه من الذي زيد فيه الدال، كأنّه من غفل؛ وهم يصِفُون الزّمانَ الطيّبَ النّاعمَ بالغَفْلة. قال:
لَدَى غَفَلاتِ العَيش قبلَ التَّجاربِ(6)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) ويقال أيضاً "الدحسمان".
(3) أنشده في اللسان (هدب) برواية: "ولبد أهدبا"، وفي (درنك): "ولبداً".
(4) في الأصل والمجمل: "دمحق" بالحاء المهملة، صوابه بالخاء المعجمة.
(5) ديوان العجاج 67 واللسان (دغفل).
(6) ديوان القطامي 50. وفي الديوان واللسان: "أرى غفلات".(2/281)
قُدَيْدِيمَةَ التَّجريبِ والحِلمِ إِنَّني
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله دال
و(الدِّمَقْس): القَزَّ. و(الدَّرْدَبِيس): الدّاهِيَة، والشيخ الهِمّ.
و(دنْقَسْتُ) بين القوم: أفسدت. و(الدَّهاريس): الدّواهي.
و(الدِّلْقِم): النّاقة التي أَكِلَتْ أسنانُها من الكِبَر. ومحتمل أن تكون هذه منحوتةٌ من دَقَمْتُ فاه، إذا كسرْتَه، ومن دَلَق إذا خرج، كأنّ لسانَها يندلِق.
و(الدَّلْعَكُ) و(الدَّلْعَس): الضَّخمة. و(دَرْبَحَ): عَدَا(1). و(الدَّرْبَلَةُ): ضربٌ من المشي. و(الدِّرَقْل): ضربٌ من النِّياب. و(الدُّرْدَاقِسُ): عظمٌ يفصِلُ بين الرّأس والعُنق. وما أبعد هذه من الصحّة.
ويقال إنَّ (الدُّلَمِزُ): القويُّ الماضي. وكذلك (الدُّلامِزُ)، والجمع دَلامِزُ. قال الشاعر:
* يَغْبَى عَلَى الدَّلاَمِز البَرَارِتِ(2) *
والله أعْلَمُ بالصَّواب.
ــــــ
(تم كتاب الدال)
ذر
كتاب الذّال
{باب الذال وما معها في الثنائي والمطابق}
(ذر) الذال والراء المشددة أصلٌ واحد يدلُّ على لطافة وانتشار. ومن ذلك الذَّرُّ: صِغار النَّمل، الواحدة ذَرّةٌ. وذَرَرْتُ المِلْحَ والدّواءَ. والذرِيرة معروفة، وكلُّ ذلك قياسٌ واحد.
__________
(1) هذا المعنى لم يذكر في اللسان. وفي القاموس: "عدا من فزع".
(2) البرارت: جمع بريت، وهو الدليل الحاذق. وروى في اللسان (خرت، دلمز): "الخرارت" جمع خريت. وكلاهما بمعنى واحد.(2/282)
ومن الباب: ذرّت الشّمْسُ ذُروراً، إذا طَلَعَتْ، وهو ضوءٌ لطيفٌ منتشر. وذلك قولُهم: "لا أفعله ما ذَرَّ شارقٌ"، وما ذَرّ قرنُ الشّمْس. *وحكي عن أبي زيد: ذَرّ البَقْلُ، إذا طلَعَ من الأرض. وهو من الباب؛ لأنّه يكون حينئذٍ صُغَاراً(1) منتشراً. فأمَّا قولُهم: ذَارَّتِ النّاقةُ. وهي مُذَارٌّ، إذا ساء خُلُقها، فقد قيل إنَّه كذا مثقّل. فإن كان صحيحاً فهو شاذٌّ عن الأصل الذي أصَّلناه. إلا أن الحطيئة قال:
* ذَارَتْ بأَنْفِها(2) *
مخفّفاً. وأراه الصحيح، ويكون حينئذٍ من ذئِرت، إذا تغضَّبت، فيكون على تخفيف الهمزة. [إلاّ] أنّ أبا زيدٍ قال: في نفسِ فُلانٍ ذِرارٌ، أي إعراضٌ غَضَباً،
ذع - ذف
كذِرار النّاقة. وهذا يدلُّ على القول الأول. والله أعلم.
(ذع) الذال والعين في المطابق أصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشيء. يقال ذعْذعت الرِّيحُ [الشيءَ] إذا فرّقَتْه، فتذعْذع، أي تفرّق. قال النابغة:
* تُذَعْذِعُها مُذَّعْذِعَةٌ حَنُونُ(3) *
ويقال إنّ الَذُّعَاع الفُرْجة بين النَّخْلة والنَّخلةِ، في شعر طَرَفَة، على اختلافٍ فيه؛ فقد قال بعضُهم إنّه بالدّال، وقد مضى ذِكْرُه(4).
وحكى ابنُ دريدٍ(5): ذَعْذَع السِّرَّ: أذاعَه. والذَّعاع: الفِرَقُ من الناس، الواحدةُ ذَعاعة.
__________
(1) الصغار، بالضم: الصغير، كقولك طوال بالضم، بمعنى طويل، وأراه أقوى في القراءة هنا. والصغار، بالكسر: جمع صغير .
(2) قطعة من بيت في ديوان الحطيئة 10 واللسان (درر). وهو بتمامه:
فمن ذاك تبغي غيره أو تهاجره
وكنت كذات البعل ذارت بأنفها
(3) عجز بيت له لم يرو في ديوانه، وقد سبق في (حن ص 25). وصدره كما في اللسان (حنن، ذعع):
* غشيت لها منازل مقفرات *
(4) لم يسبق في مادة (دع) ذكر للدعاع، ولم يستشهد بشعر طرفة. الذي يعنيه من شعر طرفة هو قوله:
في دعاع النخل تصطرمه
وعذاريكم مقلصة
(5) الجمهرة (1: 143).(2/283)
(ذف) الذال والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على خِفَّةٍ وسُرعة. فالذَّفِيف إتباعٌ للخفيف. ويقال الذَّفيف السَّريع. ومنه يقال ذفَّفْتُ على الجريح، إذا أسرعتَ قَتْلَه. واشتقاق "ذُفافَة" منه. ويقال للماء القليل ذُفافٌ، ومياهٌ أذِفَّةٌ.
وحُكي عن الأعرابيّ: الذَّفُّ: القتل. واستَذَفَّ الأمر: استقامَ وتهيَّأَ. ويقال الذَِّفَاف: الشَّيء اليسير من كلِّ شيء. يقولون ما ذُقْتُ ذَِفافاً، أي أدْنَى ما يؤكل. قال أبو ذُؤيب:
ذل - ذم
وليسَ بها أدنَى ذَِفافٍ لواردِ(1)
يقولون لما جُشَّت البِئْرُ أَوْرِدُوا
يقول: ليس بها شيءٌ.
(ذل) الذال واللام في التضعيف والمطابقة أصلٌ واحد يدلُّ على الخُضوع، والاستكانة، واللِّين. فالذُّل: ضِدّ العِزّ. وهذه مقابلةٌ في التضادِّ صحيحة، تدلُّ على الحكمة التي خُصَّتْ بها العرب دون سائر الأمم؛ لأنّ العزّ من العَزَازِ، وهي الأرض الصُّلْبة الشديدة. والذِّلُّ خلاف الصُّعوبة. وحُكي عن بعضهم(2) أنَّه قال: "بعضُ الذِّلِّ-بكسر الذال- أبْقَى للأهْلِ والمال". يقال من هذا: دابّةٌ ذلولٌ، بيِّن الذُّلِّ.
ومن الأوّل: رجلٌ ذليل بين الذُّلّ والمَذَلّة والذِّلّةِ. ويقال لما وُطِئَ من الطَّريق ذِلٌّ. وذُلِّل القِطْفُ تذليلاً، إذا لانَ وتَدَلّى. ويقال: أجْرِ الأمورَ على أذلالها، أي استقامتها، أي على الأمر الذي تَطُوع فيه وتَنْقاد.
ومن الباب ذَلاذِل القميص، وهو ما يلي الأرض من أسافِلِه، الواحدة ذُِلْذُِلٌ. ويقولون: اذْلَوْلَى الرّجُل اذلِيلاَءً، إذا أسرَعَ. وهو من الباب.
__________
(1) ديوان أبي ذؤيب 123، واللسان (جشش، ذفف)، وقد سبق إنشاده في (1: 415). والكلمة الأولى من البيت ساقطة من الأصل.
(2) هو حديث ابن الزبير، كما في اللسان (ذلل).(2/284)
(ذم) الذال والميم في المضاعف أصلٌ واحد يدلُّ كلُّه على خلافِ الحمد. يقال ذَمَمْتُ فلاناً أذُمُّه، فهو ذميمٌ ومذموم، إذا كان غير حميد. ومن هذا الباب الذَّمَّة، وهي البئر القليلةُ الماء. وفي الحديث: "أنّه أتى على بئرٍ ذَمَّةٍ". وجمع الذَّمَّة ذِمام. قال ذو الرُّمّة:
ذم
ذِمامُ الرَّكايَا أنكَزَتْها المواتِحُ(1)
على حِميَرِيّاتٍ كأنَّ عيونَها
أنكزَتْها: أذهبَتْ ماءَها. والمواتِح: المستَقِيَة.
فأمّا العَهْد فإنَّه يسمَّى ذِماماً لأن الإنسان يُذَمُّ على إضاعته منه. وهذه طريقة للعرب مستعملةٌ، وذلك كقولهم: فلانٌ حامي الذِّمار، أي يَحْمي الشَّيءَ الذي يُغضِب. وحامي الحقيقة، أي يَحْمِي ما يحقّ عليه أن يمنَعَه.
__________
(1) ديوان ذي الرمة 103 والمجمل واللسان (ذمم).(2/285)
وأهل الذِّمّة: أهلُ العَقْد. قال أبو عُبيد: الذمَّة الأمان، في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "ويَسعَى بذمَّتهم". ويقال أهل الذّمّة لأنهم أدَّوا الجِزْية فأمِنُوا على دمائهم وأموالهم. ويقال في الذِّمام* مَذَمَّة وَمَذِمَّة، بالفتح والكسر، وفي الذَّمِّ مَذَمَّة بالفتح. وجاء في الحديث:" أنّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما يُذْهِب عني مَِذَمَّة الرَِّضاع؟ فقال: غُرَّةٌ: عبدٌ أو أمَةٌ". يعني بمذَِمَّة الرَِّضاع ذِمامَ المُرضِعة. وكان النّخَعيّ(1) يقول في تفسير هذا الحديث: إِنّهم كانوا يستحبُّون أن يَرْضَخوا عند فِصال الصبيّ للظّئْر بشيءٍ سِوى الأَجْر. فكأنّه سأله: ما يُسقط عنِّي حقَّ التي أرضَعتْني حتّى أكونَ قد أدّيْتُ حقَّها كاملاً(2). حدّثنا بذلك القطَّان عن المفسِّر عن القُتَيبيّ. والعرب تقول: أذْهِبْ مَذَمَّتَهم بشيءٍ؛ أي أعطِهِم شيئاً؛ فإِنّ لهم عليك ذماماً. ويقال افْعَلْ كذا وخَلاَك ذَمٌّ، أي ولا ذمَّ عليك. ويقال أذَمَّ فلانٌ بفلانٍ، إذا تهاوَنَ به. وأذَمَّ به بعيرُه، إذا
ذن
أَخَّرَ(3) وانقطَعَ عن سائر الإبل. وشيءٌ مُذِمٌّ، أي مَعيب. ورجلٌ مُذِمٌّ: لا حَرَاك به. وحكى ابنُ الأعرابيِّ. بئرٌ ذميمٌ، وهي مِثْلُ الذَّمَّة. أنشدَنا أبو الحسن القَطَّان عن ثَعْلبٍ عن ابن الأعرابيّ(4).
نَضَائِض طَرْقٍ ماؤُهنَّ ذميمُ
مُواشِكَةٌ تستعجِلُ الرَّكْضَ تبتَغِي
يصف قطاةً. يقول(5).
__________
(1) هو إبراهيم بن يزيد النخعي، كما صرح به ابن فارس في المجمل. وهو فقيه كوفي، توفي سنة 196. انظر تهذيب التهذيب.
(2) في المجمل: "قد أديته كاملاً".
(3) يقال أخر يؤخر تأخراً، وأخرته أنا، لازم متعد.
(4) زاد في المجمل: "للمرار" والبيت التالي للمرار، كما في اللسان (ذمم).
(5) كذا وردت هذه الكلمة. وقد تكون مقحمة.(2/286)
وبقي في الباب ما يقربُ من قياسه إن كان صحيحاً. إنَّ الذَّميم بَثْرٌ يخرُج على الأنف.
وحكى ابنُ قتيبة أنَّ الذَّميم البَولُ الذي يَذِمُّ ويَذِنُّ من قضيب التيس. قال أبو زُبيْدٍ(1):
مثلَ الذَّميمِ على قُزْمِ اليَعَاميرِ
تَرَى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلاً
النَّسَلُ من اللَّبن: ما يخرُج منه. والقُزْم: الصِّغار. قال الشَّيبانيّ: لا أعرِف اليعامير. وسألتُ فلم أجِدْ عند أحدٍ بها علماً، ويقال هي صِغار الضّأن.
(ذن) الذال والنون في المضاعف أصلٌ يدلُّ على سَيَلان. فالذَّنين ما يَسِيل من المنخرَيْنِ. وقد ذَنّ ذَنّاً(2)، وهو أذَنُّ. قال الشمّاخ:
ذب
حوالِبُ أسْهَرَتْه بالذَّنينِ(3)
توائِلُ من مِصَكٍّ أنْصَبَتْهُ
ويقال له الذُّنَان أيضاً. ويقال إنّ المرأةَ الذّنّاءُ التي يسيل حَيضُها ولا ينقطع ويقال الذُّنانة بَقيّةُ الشّيء الهالكِ الضعيف.
ومما يشذّ عن الباب- وقد قلتُ إنّ أكثر أمْرِ النَّبات على غير قياس، الذُّؤْنُون: نبتٌ. يقال خرَجَ النّاسُ يَتذأْنَنُون، إذا أخَذُوا الذُّؤْنُون.
(ذب) الذال والباء في المضاعف أصولٌ ثلاثة: أحدها طُوَيئرٌ، ثم يُحمَل عليه ويشبَّه به غيرُه، والآخَر الحَدُّ والحِدّة، والثالث الاضطرابُ والحرَكة.
فالأوّل الذُّباب، معروف، وواحدته ذُبابة، وجمع الجمع أذِبّة. وممّا يشبّه به ويُحمَل عليه ذُباب العَين: إنسانُها. ويقال ذَبَبْتُ عنه، إذا دفَعْتَ عنه، كأنّك طردت عنه الذُّباب التي يتأذّى به. وقول النابغة:
__________
(1) في الأصل: "أبو دبر"، صوابه في المجمل واللسان (ذمم).
(2) يقال ذن، كفرح ذننا، وكذلك ذن يذن بكسر الذال، ذنينا.
(3) ديوان الشماخ 93. ورواية "أسهرته" هذه رواية أبي عبيد، كما نص في اللسان. ويروى: "أسهريه". والأسهران: عرقان يندران من الذكر عند الإنعاظ. وأنكر الأصمعي الأسهرين، وقال: "وإنما الرواية أسهرته، أي لم تدعه ينام". انظر اللسان (سهر).(2/287)
* ضَرَّابَةٍ بالمِشْفَر الأّذِبَّهْ(1) *
فهو جمع ذُبابٍ. والمذبوبُ من الإبل: الذي يدخل الذباب منخره. والمذبوب: الأحمق، كأنّه شُبِّه بالجمل المذبوب.
وأمّا الحَدُّ فذُبَاب أسنانِ البعير: حَدُّها. قال الشاعر(2):
ذب
كتَغريد الحمامِ على الغُصُونِ(3)
وتَسْمَعُ للذُّباب إذا تَغَنَّى
وذُباب السَّيف: حَدُّه.
والأصل الثالث: الذَّبذَبة: نَوْس الشَّيءِ المعلَّق في الهواء. والرجل المذَبْذَب: المتردِّد بين أمرين. والذُّبْذَبُ: الذَّكَر؛ لأنه يتذَبْذَب أي يتردَّد. والذَّباذِبُ: أشياءُ تُعلَّق في هَودَجٍ(4)أو رأس بعيرٍ. والذَّبُّ: الثَّور الوحشيّ، ويسمَّى ذَبّ الرِّياد. قال ابنُ مقبل:
فَتىً فارسيٌّ ذُو سِوَارَيْنِ رَامحُ(5)
يُمشِّي بها ذَبُّ الرِّيادِ كأنَّه
وقالوا: سُمِّيَ ذبَّ الرِّياد لأنَّه يجيء ويذهب، لا يثبُت في موضعٍ واحد.
ومن هذا الأصل الثالث قولُهم ذَبَّت شفَتُه، إذا ذَبَُلَتْ من العطَش. وأنشد:
مِنْ بَعْدِ ما ذَبَّ* اللِّسانُ وذَبَُلْ(6)
هُمُ سَقَوْنِي عَلَلاً بَعْدَ نَهَلْ
ويقال ذَبَّ النَّبْت، إذا ذَوَى. وذَبّ جِسمُه، أي هَزُل.
ومن الاضطراب والحركة قولهم: ذبَّبْنا ليلتَنا، أي أتعبْنا في السَّير. ولا ينالون الماء إلاَّ بقَرَبٍ مذبِّبٍ، أي مُسْرِع. قال:
__________
(1) من رجز يقوله النابغة للنعمان بن المنذر، كما في الأغاني (9: 169). وقبله:
يا أوهب الناس لعنس صلبه
أصم أم يسمع رب القبه
(2) هو المثقب العبدي. وقصيدته في المفضليات (2: 88-92).
(3) أنشده في المجمل واللسان (ذبب).
(4) في الأصل: "من هودج".
(5) أنشد صدره في المجمل. والبيت في اللسان (رمح، رود، سرل) والخزانة (1: 111) برواية: "في سراويل رامح". وصدره في اللسان (سرل) والخزانة:
* أتى دونها ذب الرباد كأنه *
(6) البيتان في المجمل واللسان (ذبب).(2/288)
وتَهْجيرِي إذا اليَعفورُ قالا(1)
مُذَبِّبَةً أَضَرَّ بها بُكُورِي
ذرع
وقال:
وأَمْكَنَه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ(2)
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إثْرِه
والله أعلم بالصّواب.
(ذرع) الذال والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتدادٍ وتحرُّك إلى قُدُم، ثم ترجع الفروعُ إلى هذا الأصل. فالذِّراع ذِراع الإنسان، معروفة. والذَّرع: مصدر ذَرَعْتُ الثَّوبَ والحائطَ وغيرَه. ثمّ يقال: ضاق بهذا الأمر ذَرْعاً، إذا تكلَّفَ أكثَرَ ممّا يطيق فَعَجَز. ويقال ذَرَعَهُ القَيء: سبقَه. ومَذَارِعُ الدَّابة: قوائمها، والواحد مِذْراع. وتَذَرّعَتِ الإِبلُ الماءَ: خاضت بأذْرُعها(3). ومَذَارع الأرض: نواحيها، كأنَّ كلَّ ناحيةٍ منها كالذِّراع. ويقال ذَرَعْتُ البعير: وَطئْتُ على ذِراعه ليركَبَ صاحبي. وتذَرَّعَتِ المرأةُ الخُوصَ، إذا تنقَّتْه، وذلك أنّها تُمِرّه مع ذراعها. قال:
* تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدِي الشَّواطبِ(4) *
والذَّريعة: ناقةٌ يتَسَتَّر بها الرّامِي يرمي الصَّيد. وذلك أنَّه يتذرّع معها ماشياً.
ومن الباب: تذرَّعَ الرّجُل في كلامه. والإِذْراع: كثرةُ الكلام. وفرس ذَريعٌ: واسع الخَطْو بَيِّن الذَّرَاعَة. وقوائِمُ ذَرِعاتٌ: خفيفات. والذِّراعان: نجمان، يقال هما ذِراعا الأسد. ويقال للمرأة الخفيفة اليدِ بالغَزْل: ذَِرَاع. قاله الكِسائيّ.
ذرف - ذرق
__________
(1) لذي الرمة في ديوانه 438 واللسان (ذبب).
(2) البيت لعنترة في ديوانه 21 واللسان (ذبب)، يقوله في ورد بن حابس الأسدي.
(3) في المجمل: "خاضته بأذرعها".
(4) صدر بيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 12 واللسان (ذرع، خرص، شطب). وصدره:
* ترى قصد المران تهوى كأنها *(2/289)
ويقال ثورٌ مذرَّع، إذا كان في أذرُعِهِ لُمَعٌ سُودٌ. ومطرٌ مذرِّع، وهو الذي إذا حُفِرَ عنه بلغ من الأرض قدر ذِراع. والمذرَّع من الرّجال: الذي يكون أمُّه عربيّة وأبوه خسيساً غيرَ عربيّ. وإنَّما سُمِّي مذرَّعاً بالرَّقْمَتينِ في ذِراع البغل، لأنّهما أتَتَا من قِبَل الحِمار. ويقال للرجل تَعِدُهُ أمراً حاضراً: هو لَكَ مِنِّي على حَبْل الذِّراع. ويقال لصَدْر القناة: ذِراع العامل. والذِّراعان: [هَضَبَتَانِ(1)]. قال:
* إلى مَشْرَبٍ بينَ الذِّراعَين بارِدِ(2) *
والمَذَارع: ما قرُب من الأمصار، مثل القادسيّة من الكوفة والمَذارع من النَّخل: القريبة من البيوت. وزقٌّ مِذْرَاعٌ(3)، أي طويل ضَخْم. ويقال ذَرَّعَ لي فلانٌ شيئاً من خَبَرٍ، أي خَبَّرَني. ويقال ذرّع الرجل في سَعْيِهِ، إذا عدا فاستعانَ بيديه وحرَّكهما. ويقال للبَشير إذا أومَأَ بيده: قد ذَرّع البَشيرُ. وهو علامةُ البُِشارة.
(ذرف) الذال والراء والفاء ثلاثُ كلماتٍ، لا ينقاس. فالأولى ذَرَفَت العينُ دمْعَها. وذَرَفَ الدّمعُ يَذْرِف ذَرْفاً. وَمَذَارف العَينِ: مدامعها. والثانية ذَرَفَ يَذْرِفُ ذَرَفانا، وذلك إذا مشَى مَشْياً ضعيفاً. والثالثة ذرّف على المائة، أي زادَ عليها.
(ذرق) الذال والراء والقاف ليس بشيء. أما الذي لِلطائر فأصله الزاء، وقد ذكر في بابه. والذَّرَق: نبْت؛ يقال أذرقَت الأرضُ، إذا أنبَتَتْهُ.
ذرو - ذرأ
(ذرو) الذال والراء والحرف المعتل أصلان: أحدهما الشَّيءُ يُشرِف على الشَّيء ويُظِلّه، والآخر الشَّيء يتساقط متفرّقاً.
__________
(1) التكملة من المجمل ومعجم البلدان (4: 192) واللسان (ذرع 453).
(2) أنشد هذا الشطر في اللسان (ذرع).
(3) بدله في اللسان "مذرع" على مفعل. ويقال أيضاً "ذراع" وهو ما جاء في المجمل.(2/290)
فالذُِّروة: أعْلَى السَّنامِ وغيره، والجمع ذُرىً. والذَّرَا: كلُّ شيءٍ استترْتَ به. تقول: أنا في ظِلِّ فُلانٍ، أي ذَرَاه. والمِذْرَوَانِ: أطراف الأَلْيَتَينِ؛ لأنّهما يُشرفان على [ما] بينَهما.
وأما الآخر فيقول: ذَرَا نابُ الجَمَل، إذا انكسَرَ حدُّه. قال أوسٌ:
تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ(1)
إذا مْقَرَمٌ منَّا ذَرا حَدُّ نابِهِ
ومن الباب ذَرَت الرِّيحُ الشَّيءَ تَذْرُوه. والذَّرَا: اسمٌ لما ذَرَتْهُ الرِّيح.ويقال* أذْرَت العينُ دمْعَها تُذْريه. وأَذْرَيْتُ الرّجُلَ عن فرَسه: رميتُه. ويقال إنَّ الذَّرَى اسمٌ لما صُبّ من الدّمع.
ومن الباب قولُهم: بلَغنِي عنه ذَرْوٌ مِن قولٍ، وذلك ما يُساقِطُه من أطراف كلامه غيرَ متكامِل.
(ذرأ) الذال والراء والهمزة أصلان: أحدهما لونٌ إلى البياض، والآخر كالشَّي يُبذَرُ ويُزْرَع.
فالأوّل الذُّرْأة، وهو البياضُ من شَيبٍ وغيرِه. ومنه ملح ذَرَآنِيٌّ وذَرْآنيّ. والذُّرْأة: البياض. ورجل أذرَأُ: أشيب، والمرأة ذَرْآء. وقال الشيبانيّ: شَعْرَةٌ ذَرْآءُ، على وزن ذرعاء، أي بيضاء. والفِعل منه ذَرِئَ يَذْرَأُ. ويقال إِنَّ الذَّرْآءَ من الغنم: البَيضاء الأذُن.
ذرب
والأصل الآخر: قولهم ذَرَأْنا الأرضَ، أي بذَرْناها. وزرعٌ ذرِيءٌ، [على] فعيل. وأنشد:
هَواكِ فليمَ فالتَامَ الفُطُورُ(2)
شقَقْتِ القلبَ ثم ذرَأْتِ فِيهِ
ومن هذا الباب: ذرَأَ اللهُ الخَلْق يذرؤُهُم. قال الله تعالى: { يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ } [الشورى 11].
وممّا شذّ عن الباب قولهم أذْرَأْتُ فلاناً بكذا: أوْلَعْتُه به. وحُكِيَ عن ابن الأعرابيّ: ما بيني وبينه ذَرْءٌ، أي حائلٌ.
__________
(1) ديوان أوس 27 واللسان (قرم، ذرا، خمط). وصدره في المجمل.
(2) البيت لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كما في اللسان (ذرأ) وأمالي ثعلب 284.(2/291)
(ذرب) الذال والراء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الصَّلاح في تصرُّفه، مِن إقدامٍ وجرأةٍ على ما لا ينبغي. فالذَّرَبُ: فَسادُ المَعدة. قال أبو زيد: في لِسانِ فلان ذَرَبٌ(1)، وهو الفُحْش. وأنشد:
ثَقِيلٌ مَحْمَلِي ذَرِبٌ لِسانِي(2)
أرِحْني واستَرِحْ مِنِّي فإنِّي
وحكى ابنُ الأعرابيّ: الذّرَبُ: الصدأ الذي يكون في السَّيف. ويقال ذَرِبَ الجُرح، إذا كان يزدادُ اتِّساعاً ولا يَقبل دواء. قال:
خِيِفَ المُطَاوِلُ من أدوائِها الذّرِبُ
أنت الطبيبُ لأدْواء القلوب إذا
وبقيت في الباب كلمةٌ ليس ببعيد قياسُها عن سائر ما ذكرناه؛ لأنَّها لا تدلُّ على صلاحٍ، وهي الذَّرَبَيَّا، وهي الدَّاهية. يقال: رماه بالذَّرَبَيَّا. قال الكميت:
ذرح
وبالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْرٍ وشِيبُها(3)
رمانِيَ بالآفات من كلِّ جانبٍ
(ذرح) الذال والراء والحاء معظَمُ بابِهِ أصلٌ واحدٌ، وهو تفريق الشَّيء على الشيء يكسُوه صِبْغاً(4). يقال ذَرَّحْتُ الزّعفرانَ في الماء، إذا جعلت فيه شيئاً منه يسيراً. ثم يقال أحْمَرُ ذَرِيحِيٌّ، كأنَّ الحُمْرَة ذُرِّحتْ عليه. والذَّرِيح: فحل ينسب إليه الإبل. وممكنٌ أن يكون ذلك للونه، كما يقال أحمر(5). قال:
* من الذَّرِيحيّاتِ ضَخْماً آرِكا(6) *
والذرائح: الهِضاب، واحدتها ذَريحة. وقد يمكن أن تُسمّى بذلك للَوْنها. قال الله عز وجلَّ { وَمِنَ الجِبالِ جُدَدٌ بيضٌ وحُمْرٌ } [فاطر 27].
__________
(1) في الأصل: "في إيمان فلان ذرب" تحريف. وفي المجمل: "في لسانه ذرب".
(2) أنشده في اللسان (ذرب).
(3) البيت في المجمل واللسان (ذرب)، وقصيدته في الهاشميات 85.
(4) في الأصل " صنيعا".
(5) في الأصل: " حمر". وفي اللسان: " وبعير أحمر لونه مثل لون الزعفران إذا أجسد به الثوب".
(6) لمبشر بن هذيل بن زافر الفزاري أحد بني شمخ، كما في أمالي ثعلب 452. وأنشده في اللسان (ذرح، لكك) بدون نسبة.(2/292)
ومن الباب أيضاً: الذَّرَارِيح، واحدتها ذُرُّوحَةٌ وذُرَّاحَةٌ وذُرَحْرَحة(1). يقال ذَرّحَ طعامَه، إذا جعل فيه ذلك. وحكى ناسٌ عَسَلٌ مُذَرَّحٌ، أُكْثِر عليه الماء.
... والله أعلم بالصّواب.
ذعف - ذعق - ذعر - ذعن
(باب الذال والعين وما يثلثهما)
(ذعف) الذال والعين والفاء كلمةٌ واحدةٌ: الذُّعَاف: السمُّ القاتل. طعام مذعوف. وذُعِفْ الرَّجُل: سُقِيَ ذلك.
(ذعق) الذال والعين والقاف، ليس أصلاً ولا فيه لغة، لكنّ الخليلَ زعم أنَّ الذُّعاف لغة في الذُّعاق، ثم قال: ما أدْرِي ألغة هي(2) أم لُثْغَةٌ. وكان ابنُ دريدٍ يقول : الذُّعاق كالزُّعاق، وهو الصِّياح. يقال ذَعَقَ وزَعَق، إذا صاحَ، بمعنىً.
(ذعر) الذال والعين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على فَزَع، وهو الذُّعْر. يقال ذُعِرَ الرَّجُل فهو مذعور. والذَّعور من الإِبل: التي إذا مُسَّت غارَّتْ(3). وامرأةٌ ذَعُورٌ: تُذْعَر من الرِّيبَة. قال:
تَنُولُ بمعروف الحَديث وإِنْ تُرِدْ
سِوى ذَاكَ تُذْعَرْ منك وهْي ذَعورُ(4)
(ذعن) الذال والعين* والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الإصحاب والانقياد. يقال أَذْعَنَ الرَّجُل، إذا انقاد، يُذْعِنُ إِذْعاناً، وبناؤه ذَعَنَ، إلاَّ أنَّ استعماله أَذْعَنَ. ويقال ناقةٌ مِذْعانٌ: سَلِسَة الرأسِ منقادة.
ذعط - ذفر - ذفل
__________
(1) فيه اثنتا عشرة لغة ذكرها صاحب القاموس. وهي دويبة حمراء منقطة بسواد، تطير، أو هي من السموم.
(2) في الأصل: "بين".
(3) في المجمل: "إذا مس ضرعها غارت"، وبتشديد راء "غارت"، وهو أن يذهب لبنها لحدث أو علة.
(4) تنول: تعطي نوالاً. وفي الأصل: "تنور"، صوابه إنشاده من اللسان (نول، ذعر).(2/293)
(ذعط) الذال والعين والطاء كلمةٌ واحدة. يقال ذعطه، إذا ذَبَحه. وذَعطَتْه المنِيّة: قتلَتْه. قال الشاعر(1):
من الموت بالهِمْيَعِ الذَّاعطِ
إذا بلغُوا مِصْرهم عُوجِلوا
وقريب من هذا الذال والعين والتّاء؛ فإنّهم يقولون ذَعَتَه يذعَتُه، إذا خنقَه.
{باب الذال والفاء وما يثلثهما}
(ذفر) الذال والفاء والراء كلمةٌ تدلُّ على رائحةٍ. يقولون: الذفَر: حِدَّة الرائحة الطيبة. ويقولون مِسْكٌ أذْفَرُ. ويقولون: روضةٌ ذَفِرةٌ: لها رائحةٌ طيِّبة. والذَّفْراءُ: بقلة. فأمّا الذِّفْرَى فهو الموضع الذي يَعرقُ من قَفَا البعير. ولابدّ أن تكون لذلك المكانِ رائحةٌ. والذِّفِرُّ: البعير القويّ ذلك الموضعُ منه، ثمَّ استُعِير ذلك فقيل له في الإنسان أيضاً ذِفْرى. قال:
تباعَدَ الحبْلُ عنه فهو مضطربُ(2)
والقُرط في حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ
(ذفل) الذال والفاء واللام ليس أصلاً. على أنهم يقولون إن الذَِّفْل: القَطِرانُ. ويُنشِدون لابن مقبل:
بزَيْت الرُّهاءِ الجوْنِ والذِّفْلِ طاليَا(3)
تَمَشَّى به الظِّلْمانُ كالدُّهم قارَفَتْ
والله أعلم.
ذقن - ذكا
{باب الذال والقاف وما يثلثهما}
__________
(1) هو أسامة بن حبيب الهذلي، كما في اللسان (همع، ذعط). وقصيدة البيت في الجزء الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 103 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 84.
(2) البيت لذي الرمة كما سبق في حواشي (حر). وفي الأصل: "معلقة". وانظر تحقيق ذلك فيما مضى.
(3) الرهاء: مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام. وقد أنشد في المجمل الكلمتين الأخيرتين من البيت فقط.(2/294)
(ذقن) الذال والقاف والنون كلمةٌ واحدة إليها يرجع سائرُ ما يشتقّ من الباب. فالذَّقَنُ ذَقَن الإنسان وغيرِه(1): مَجمَع لَحْيَيه. ويقال ناقةٌ ذَقُونٌ: تحرِّك رأسَها إذا سارت. والذّاقنة: طرَف الحلقومِ الناتئُ. وهو في حديث عائشة: "تُوفِّيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين سَحْرِي ونَحْري وحاقِنَتِي وذاقِنَتِي". وتقول: ذَقَنْتُ الرّجل أَذْقُنُه، إذا دَفعْتَ بجُمْع كفِّك في لِهْزِمَتِه. ودَلْوٌ ذَقونٌ، إذا لم تكُنْ مستويةً، بل تكون ضخمةً مائلة.
{باب الذال والكاف وما يثلثهما}
(ذكا) الذال والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ واحد مطّردٌ منقاس يدلُّ على حِدَّةٍ [في] الشَّيء ونفاذٍ. يقال للشَّمس "ذُكاءُ" لأنَّها تذكو كما تذكو النّار. والصُّبح: ابنُ ذُكاءَ، لأنّه من ضوئها.
ومن الباب ذكَّيتُ الذَبيحة أُذكّيها، وذكّيت النّار أذكّيها، وذَكَوْتُهَا أذْكُوها. والفَرَس المُذكِّي: الذي يأتي عليه بعد القُروح سنة؛ يقال ذكّى يُذَكِّي. والعرب تقول: "جَرْيُ المذَكِّيِاتِ غِلابٌ"، وغِلاءٌ أيضاً. والذّكاء: ذكاء القلب(2). قال الشاعر(3):
ذكر
تمامُ السِّنِّ منه والذّكاءُ(4)
يفضّله إذا اجْتَهَدَا عَلَيْهِ
والذّكاء: سُرعة الفِطنة، والفعل منه ذَكِيَ يَذْكَى(5). ويقال في الحرب والنّار: أَذكَيت أيضاً. والشَّيء الذي تُذْكَى به ذُكْوةٌ.
__________
(1) الذقن، بالتحريك، ويقال ذقن أيضاً بالكسر.
(2) في المجمل: "والذكاء حدة القلب".
(3) هو زهير بن أبي سلمى، كما في اللسان (ذكا). وانظر ديوانه 69 بتفسير ثعلب و 70 بتفسير الشنتمري.
(4) أي يفضل هذا الحمار على الأتان إذا اجتهد هو والأتان. والضمير في "عليه" عائد إلى "الوعث" في قوله من قبل:
بألواح مفاصلها ظماء
وإن مالا لوعث خاذمته
... وفي اللسان: "إذا اجتهدوا" تحريف. ويروى: "إذا اجتهدت" بعود الضمير إلى الأتان.
(5) ويقال أيضاً ذكا يذكو ذكاء، وذكو يذكو.(2/295)
(ذكر) الذال والكاف والراء أصلان، عنهما يتفرَّع كَلِمُ الباب. فالمُذْكِر: التي وَلَدَتْ ذكراً. والمِذْكار: التي تَلِد الذُّكْرانَ عادةً. قال عديّ:
كعَلاَةِ القَين مِذْكارَا(1)
ولَقد عَدَّيْتُ دَوسَرَةً
والمِذْكار: الأرض تُنْبِت ذُكور العُشْب. والمذَكَّرَة من النُّوق: التي خَلْقها وخُلُقها كخَلْق البعير أو خُلُقه. قال الفرّاء: يقال كَمِ الذِّكَرَةُ مِن ولدك؟ أي الذُّكور. وسيف مذكَّر: ذو ماءٍ. وذُو ذُكْرٍ(2)، أي صارم.
وذُكور البَقْل: ما غلُظ منه، كالخُزامَى والأُقْحُوانِ. وأحرار البُقول(3):
ما رَقَّ وكرُم. وكان الشَّيبانيّ يقول: الذُّكور إلى المرارَةِ ما هِيَ.
والأصل الآخر: ذَكَرْتُ الشيء، خلافُ نسِيتُه. ثم حمل عليه الذِّكْر باللِّسان. ويقولون: اجعلْه منك على ذُكْرٍ، بضم الذال، أي لا تَنْسَه. والذِّكر:
ذلف - ذلق - ذمي - ذمر
العَلاء والشَّرَف. وهو قياس الأصل. ويقال رجلٌ ذَكُِرٌ وذكيرٌ(4)، أي جيِّد الذِّكْر شَهْمٌ.
{باب الذال واللام وما يثلثهما}
(ذلف) الذال واللام والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها، وهي الذَّلَف: استواءٌ في طرف الأنف ليس بِحَدٍّ غليظٍ، وهو أحسن الأُنوف.
(ذلق) الذال واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حِدّة. فالذَّلْق: طرَف اللِّسان. والذَّلاقة: حِدَّة اللِّسان، وكلُّ محدَّدٍ مذلَّق. وقرن الثور مذلَّق. ويُشتقُّ من ذلك أَذلَقْتُ الضَّبَّ، إذا صَببتَ الماء في جُحره ليخرج. والإذْلاق: سرعة الرَّمْي.
{باب الذال والميم وما يثلثهما}
__________
(1) أنشده في المجمل (ذكر) وفي اللسان (دسر).
(2) كذا في الأصل والمجمل مع هذا الضبط. وفي اللسان والقاموس: "ذكرة" بالتاء في آخره.
(3) بدله في المجمل: "والعرارة" تحريف.
(4) كفطن، وندس، وكريم، وسكير، أربع لغات بمعنى.(2/296)
(ذمي) الذال والميم والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ. فالذَّماء: الحركة؛ يقال ذَمى يَذْمِي، إذا تحرَّك. والذَّمَيان: الإسراع. ويقال لبَقِيّة النَّفْس الذَّماء، وذلك أنّها بقيَّة حركتِه. ومن الباب: خُذْ ما ذَمَى لك، أي ما ارتفع، وهو من الباب لأنه يَسْنَح. ويقال ذَمَتْني رِيحُ كذا، أي آذَتْني.
(ذمر) الذال والميم والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِدّةٍ في خَلْق وخُلُق، من
ذمل - ذمه
غَضَب وما أشبهه. فالذِّمْرُ(1): الرّجُل الشجاع. وكذلك الذَّمْر الحَضُّ. وإذا قيل فلانٌ يتذمَّر، فكأنَّه يلوم نفسه(2) ويتغضَّب. والذِّمار: كلُّ شيءٍ لَزِمَك حِفْظُه والغضبُ له.
وأمّا الذي قُلْناه في شِدَّة الخَلْق فالمُذَمَّر، هو الكاهل والعُنُق وما حولَه إلى الذِّفْرَى، وهو أصل العُنق. يقولون: ذَمّرْتُ السّليلَ، إذا مَسَِسْتَ قفاه لتنظر أذكرٌ أم أنثى. قال أحيحة(3):
لِغَيْرِكَ أو [يكون] لك الفصيلُ(4)
وما تَدرِي إذا ذَمّرْتَ سَقْبَا
ويقولون: إذا اشتدّ الأمر: بلغ المُذَمَّر. ويقولون رجلٌ ذَمِيرٌ وذَمِرٌ: مُنْكَر. وتذامَرَ القومُ، إذا حَثََّ بعضُهم بعضاً. ومن الباب: ذَمَرَ الأسد: إذا زأر، يذْمَُر ذَمِرَة(5).
(ذمل) الذال والميم واللام كلمةٌ واحدةٌ في ضربٍ من السَّير. وذلك الذَّميلُ، كالعَدْوِ من الإِبل؛ يقال ذَمَّلْتُ الجملَ، إذا حمَلْتَه على الذَّميل.
__________
(1) يقال أيضاً ذمر، بفتح فكسر وذمر بكسرتين مع تشديد الراء، وذمير ككريم.
(2) في المجمل: "يلوم نفسه على فائت".
(3) في المجمل: "وأنشدني لأحيحة بن الجلاح".
(4) التكملة من المجمل. وفيه "أم يكون لك". وانظر بعض أقران هذا البيت في حماسة البحتري 186-362.
(5) في القاموس: "والذمرة، كزنخة: الصوت".(2/297)
(ذمه) الذال والميم والهاء ليس أصلاً، ولا منه ما يصحّ(1)؛ إلا أنهم يقولون ذَمِهَ، إذا تحيَّرَ؛ ويقال ذَمَهتْه الشَّمس: آلمت دِماغَه.
والله أعلم.
ذنب
{باب الذال والنون وما يثلثهما}
(ذنب) الذال والنون والباء أصول ثلاثة: أحدها الجُرم، والآخر مؤخَّر الشيء، والثالث كالحظِّ والنّصيب.
فالأوّل الذّنب والجُرم. يقال أَذْنَبَ يُذْنِبُ. والاسم الذّنْب، وهو مُذْنِبٌ. والأصل الآخر الذّنَب، وهو مؤخر الدوابّ(2)، ولذلك سُمِّي الأتباعُ الذُّنَابَى. والمَذَانب: مَذانب التِّلاع، وهي مَسَايل الماء فيها. والمذنِّب من الرُّطَب: ما أرْطَبَ بَعضُه. ويقال للفرس الطويل الذّنب: ذَنُوب. والذِّناب: عَقِبُ كلِّ شيء. والذّانب: التابع؛ وكذلك المستَذْنِبُ: الذي يكون عند أذناب الإبل. قال الشاعر(3):
* مثل الأَجيرِ استَذْنَبَ الرّواحلاَ(4) *
فأمّا الذّنائب فمكانٌ، وفيه يقول القائل(5):
فقد أَبْكِي من اللّيل القصيرِ(6)
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طالَ ليلِي
والله أعلم.
ذهب - ذهر
{باب الذال والهاء وما يثلثهما}
(ذهب) الذال والهاء والباء أُصَيْلٌ يدلُّ على حُسْنٍ ونَضارة. من ذلك الذَّهبُ معروف، وقد يؤنَّث فيقال* ذَهَبة، ويجمع على الأذْهَاب(7). والمَذَاهب: سُيورٌ تُموَّهُ بالذّهَب، أو خِلَلٌ من سُيوف. وكلُّ شيءٍ مموَّهٍ بذَهَبٍ فهو مُذْهَبٌ. قال قيس:
__________
(1) في الأصل: "والأميهة ما يصح".
(2) في الأصل: "وهو من الدواب".
(3) هو رؤبة، انظر ديوانه 126. وانشده في اللسان (ذنب 375).
(4) وكذا ورد في المجمل. وفي حواشي اللسان عن تكملة الصاغاني، أن هذه الرواية تصحيف وصوابها: "شل الأجير" ويروى: "شد". والذي في الديوان: "شل".
(5) هو مهلهل، كما في اللسان (ذنب).
(6) رواه في اللسان: "على الليل" وفسره بقوله: "يريد فقد أبكي على ليالي السرور لأنها قصيرة".
(7) وكذلك ذهوب، بالضم، وذهبان، بضم الذال وكسرها.(2/298)
لعَمْرَةَ وَحْشاً غيرَ مَوْقِف راكبِ(1)
أتعرِف رسماً كاطّرادِ المَذَاهِبِ
ويقال رجلٌ ذَهِبٌ، إذا رأى مَعْدِنَ الذّهب فَدَُهِش. وكميتٌ مُذْهَبٌ، إذا علتْهُ(2) حُمْرةٌ إلى اصفرار. فأمّا الذِّهْبة فمطرٌ جَوْدٌ. وهي قياس الباب؛ لأنَّ بها تَنْضُر الأرضُ والنّبات. والجمع ذِهابٌ. قال ذو الرُّمّة:
* فيها الذِّهابُ وحَفَّتْها البَراعيمُ(3) *
فهذا معظمُ الباب. وبقي أصلٌ آخر، وهو ذَهاب الشيء: مُضِيُّه. يقال ذَهَب يَذْهَب ذَهاباً وذُهوباً. وقد ذَهَبَ مَذْهباً حَسنا.
(ذهر) الذال والهاء والراء ليس بأصلٍ. وربَّما قالوا ذَهِرَ فُوهُ، إذا اسودّت أسنانُه.
ذهل - ذهن - ذوي
(ذهل) الذال والهاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على شغْلٍ عن شيءٍ بذُعْرٍ أو غيره. ذَهَِلْتُ عن الشّيء أَذْهَل، إذا نسيتَه أو شُغِلْت. وأذْهَلَنِي عنه كذا. هذا هو الأصل. وحُكي عن اللِّحياني: [جاء بَعْدَ(4)] ذُهْلٍ من الليل وذَهْل، كما تقول: مرَّ هُدْءٌ من اللّيل. ويجوز أن يكون ذلك لإظلامه وأنّه يُذْهَل فيه عن الأشياء.
ومما شذّ عن الباب قولهم للفرَس الجواد ذُهْلُولٌ.
(ذهن) الذال والهاء والنون أصلٌ يدلُّ على قُوّة. يقال ما به ذِهنٌ، أي قوّة. قال أوس:
وأعيَتْ بها أُختُها الغَابِرهْ(5)
أنُوء برجلٍ بها ذِهْنُها
والذِّهن: الفِطنة(6) للشَّيء والحِفْظ له. وكذلك الذَّهَنُ.
والله أعلم بالصواب.
{باب الذال والواو وما يثلثهما}
__________
(1) ديوان قيس بن الخطيم 10 واللسان (ذهب 380).
(2) في الأصل: "علت".
(3) صدره كما في الديوان 53 واللسان (ذهب 381):
* حواء قرحاء أشراطية وكفت *
(4) التكملة من المجمل.
(5) ديوان أوس بن حجر 10 والمجمل واللسان (ذهن). قال في اللسان: "والغابرة هنا الباقية". لكن رواية الديون:
وأعيت بها أختها العاثره
أنوء برجل بها وهيها
(6) في الأصل: "الفطرة"، صوابه في المجمل واللسان.(2/299)
(ذوي) الذال والواو والياء كلمةٌ واحدة تدلُّ على يُبْسٍ وجُفوف. تقول ذَوَى العُود يَذْوِي، إذا جَفّ، وهو ذاوٍ(1)، وربَّما قالوا ذأَى يَذأَى، والأوّل الأجود.
ذوب - ذوق
(ذوب) الذال والواو والباء أصلٌ واحد، وهو الذَّوْب، ثمَّ يحمل عليه ما قاربه في المعنى مجازاً. يقال ذَابَ الشيءُ يذُوب ذَوْباً، وهو ذائب. ثم يقولون مجازاً: ذاب لي عليه من المال كذا، أي وجَب؛ كأنّه لمّا وجب فقد ذاب عليه، كما يذوب الشَّيء على الشيء. والإذوابة: الزُّبْد حين يُوضَع في البُرْمة ليُذاب. والذَّوْب: العَسَل الخالص. ثمَّ يقولون للشَّمس إذا اشتدّ حرُّها: ذابت؛ كأنّها لما بلغت إلى الأجساد بحَرِّها فقد ذابت عليهم. قال:
بأفنانِ مَربُوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ(2)
إذا ذابَتِ الشَّمسُ اتَّقَى صَقَرَاتِها
ويقولون: أذاب فلانٌ أمرَه، أي أصلَحَه. وهو من الباب؛ لأنّه كأنّه فَعلَ به ما يفعله مُذِيب السَّمْن وغيرِه حتَّى يخلُص ويصلُح. ومنه قول بِشر:
أتُنْزِلُها مذمومةً او تذيبُها(3)
وكنتم كَذاتِ القِدْر لَم تَدْرِ إِذْ غَلت
وقال قومٌ: تُذِيبها تُنْهِبُها؛ والإذابة: النُّهبْة؛ أذَبْتُه أنْهَبتُه. وهو الباب، كأنّه أذابَهُ عليهم.
(ذوق) الذال والواو والقاف أصلٌ واحد، وهو اختبار الشيء من جِهَةِ تَطَعُّمٍ، ثم يشتق منه مجازاً فيقال: ذُقْت المأكولَ أذُوقه ذَوْقاً. وذُقْت ما عند فلانٍ: اختبرتُه. وفي كتاب الخليل: كلُّ ما نزَلَ بإِنسانٍ مِن مكروه فقد ذَاقَه(4). ويقال ذاقَ القوسَ، إذا نظَرَ ما مقدارُ إعطائها وكيف قُوّتُها. قال:
ذود - ذيخ - ذير - ذيع
__________
(1) مصدره ذَي وذُويّ. ويقال أيضاً ذوي يذوى ذوى، من باب تعب، وهي لغة رديئة.
(2) لذي الرمة في ديوانه 504 واللسان (ذوب، صقر، ربع، عبل).
(3) ا البيت في اللسان (ذوب) وهو في قصيدته من المفضليات (2: 130-133).
(4) في الأصل: "أذاقه"، صوابه في المجمل.(2/300)
كَفَى، ولَهَا أن يُغْرِق السَّهْمُ حاجزُ(1)
فذَاق فأعطَتْهُ من اللِّينِ جانباً
(ذود) الذال والواو والدال أصلان: أحدهما تنْحِية الشّيء عن الشيء، والآخَر جماعةُ الإبل. ومحتملٌ أن يكون البابان راجعَينِ إلى أصل واحد.
فالأوّل قولهم: ذُدْت فلاناً عن الشيء أَذُودُه ذَوْداً، وذُدْت إبِلي أذودُها ذَوداً وذِيادا. ويقال أذَدْتُ فلاناً: أعنتُه على ذِياد إبلِه.
والأصل* الآخر الذَّوْد من النَّعَم. قال أبو زيد: الذَّود من الثلاثة إلى العشرة.
{باب الذال والياء وما يثلثهما}
(ذيخ) الذال والياء والخاء كلمةٌ واحدة لا قياس لها. قولهم للذّكر من الضباع ذِيخٌ، والجمع ذِيَخَة. وربَّما قالوا: ذيّخْت الرّجلَ تذييخاً، إذا أذلَلْتَه.
(ذير) الذال والياء والراء ليس أصلاً. إنّما يقولون: ذَيَّرْتُ أطْباءَ النّاقةِ، إذا طليتَها بسِرْجِينٍ لئلا يرتضِع الفَصيل. وهو الذِّيار.
(ذيع) الذال والياء والعين أصلٌ يدلُّ على إظهار الشَّيء وظُهوره وانتشارِه. يقال ذاعَ الخبرُ وغيرُه يَذِيع ذُيوعاً. ورجلٌ مِذياعٌ: لا يكتُم سِرّاً؛ والجمع المذاييع. وفي حديث عليٍّ عليه السلام : "ليسوا بالمَسَايِيح ولا المَذايِيع البُذُر". وهاهنا كلمةٌ من هذا في المعنى من طريقة الانتشار، يقولون: أذاع النّاس [ما(2)] في الحَوض، إذا شربوه كُلَّه.
ذيف - ذيل
(ذيف) الذال والياء والفاء كلمةٌ واحدة لا قياس لها، وهي الذَِّيفان(3) وهو السمُّ القاتل.
(ذيل) الذال والياء واللام أصَيلٌ واحد مطّرد منقاس، وهو شيءٌ يسفُل في إطافة. من ذلك الذَّيل ذَيل القميص وغيرِه. وذَيل الرِّيح: ما انسحَبَ منها على الأرض. وفرسٌ ذيّالٌ: طويل الذّنَب. قال النابغة:
__________
(1) للشماخ في ديوانه 48 واللسان (ذوق).
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) بالفتح وبالكسر، وبالتحريك.(2/301)
إلى أوصالِ ذيّالٍ رِفَنِّ(1)
بكلِّ مجرَّبٍ كاللّيث يسمُو
وإن كان الفرسُ قصيراً وذنَبُه طويلاً فهو ذائلٌ. وقولهم للشَّيء المُهان مُذالٌ، من هذا، كأنّه لم يُجعَل في الأعالي. ويقولون: جاء أذيالٌ من الناس، أي أواخِرُ منهم قليلٌ. والذَّائلة من الدُّروع: الطَّويلة الذَّيل. وكذلك الذّائلُ. قال:
* ونَسْجُ سُلَيْمٍ كُلُِّ قَضَّاءَ ذائِلِ(2) *
وذالت المرأةُ: جَرَّتْ أذيالها. وهو في شعر طَرَفة(3). فأمّا قولُ الأغلب:
* يسعى بيدٍ وذَيْلْ(4) *
فإنَّما أراد الرِّجْل، فجعل الذّيلَ مكانَه للقافية؛ فإنّه يقول:
* فالويلُ لو يُنْجِيه قولُ الوَيْلْ *
ذيم - ذيأ - ذأر
ويقولون: "من يَطُلْ ذيلُه ينتطِقْ به(5)". يراد أنّ مَن كان في سعةٍ أنفق مالَه حيث شاء.
(ذيم) الذال والياء والميم كلمةٌ واحدة، لا يُقاس ولا يتفرّع. يقال ذِمْتُه أذِيمُه ذيما.
(ذيأ) الذال والياء والهمزة كلمة واحدة. تذيّأَ اللّحمُ، وذيّأْتُه، إذا فصلتَه عن العَظْم.
{باب الذال والهمزة وما يثلثهما}
__________
(1) ديوان النابغة الذبياني 79. وقد نسب في اللسان (رفن) إلى النابغة الجعدي.
(2) للنابغة الذبياني في ديوانه 64 واللسان (قضض، ذيل). وصدره:
* وكل صموت نثلة تبعية *
(3) يشير إلى قوله في معلقته:
ترى ربها أذيال سحل ممدد
فذالت كما ذالت وليدة مجلس
(4) في الأصل: "وذحيل"، صوابه من المجمل.
(5) المثل المشهور: "من يطل أير أبيه ينتطق به".(2/302)
(ذأر) الذال والهمزة والراء أصلٌ واحد يدلُّ على تجنُّب وتَقَالٍ(1). يقولون ذَئِرْتُ الشّيءَ، أي كرهتُه وانصرفتُ عنه. وفي الحديث. "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [لمَّا(2)] نَهَى عن ضَرْب النساء ذَئِر النِّساءُ على أَزْواجِهنّ"، يعني نَفَرْن ونَشَزْنَ واجتَرَأْنَ. وقال الشّاعر(3):
ذَئِرُوا لِقَتْلَى عامرٍ وتغَضَّبُوا
ولقد أتانَا عن تميم أنَّهمُ
ويقال ناقةٌ مُذائِرٌ، وهي التي ترْأم بأنْفِها ولا يصدُق حُبُّها. ويقال بل هي التي تَنفِر عن الولد ساعَةَ تضعُه. وقوله: "ذئروا لقَتْلَى" يعني نفروا وأنكروا(4)، ويقال أنِفُوا.
ذأب - ذأم
(ذأب(5)) الذال والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على قِلّةِ استقرارٍ، وألاّ يكونَ للشَّيء في حركته جهةٌ واحدة. من ذلك الذِّئب، سمِّي بذلك لتذَؤُّبِه من غير جهةٍ واحدة. ويقال ذُئِبَ الرّجُل إذا وقَع في غنَمه [الذئب]. ويقال تذأَّبت الرِّيح: أتت من كل جانب. وأرض مَذْأَبَةٌ: كثيرة الذئاب. وذَؤُب الرّجُل إذا صار ذئباً خبيثاً. وجمع الذِّئب أذؤبٌ وذِئاب وذُؤبَانٌ(6). ويقال تذاءبْتُ النّاقَة تذاؤُباً، على تفاعلْتُ، إذا ظأرتَها على ولدها فَتَشَبَّهْتَ لها بالذئب، ليكون أرْأَمَ لها عليه. وقال [قومٌ(7)]: الإِذْآب: الفِرار. وأُنشِد:
وسقَطَتْ نَخْوتُهُ وهَرَبا(8)
__________
(1) التقالي: التباغض. وفي الأصل "ويقال" تحريف.
(2) التكملة من اللسان.
(3) هو عبيد بن الأبرص. انظر ديوانه 16 واللسان (ذأر).
(4) في الأصل: "يعني يقروا ما نكروا"، صوابه في المجمل.
(5) كذا ورد ترتيب هذه المادة في نسخة الأصل، وصواب وضعها في آخر الباب بعد مادة (ذأي) كما ورد في المجمل، ولكني آثرت بقاء ترتيبها حفاظاً على أرقام صفحات الأصل أن يحدث فيها اضطراب.
(6) في الأصل: "ذئبان"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس والجمهرة.
(7) التكملة من المجمل.
(8) نسب الرجز في اللسان إلى الدبيري.(2/303)
إنِّي إذا ما ليثُ قومٍ أذْأبا
هذا أصل الباب، ثمّ* يشبَّه الشَّيءُ بالذِّئب. فالذِّئبة من القَتَب: ما تحت مُلْتَقى الحِنْوَين، وهو يقع على المِنْسَج.
(ذأم) الذال والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على كراهَةٍ وعَيب. يقال أذْأمْتَني على كذا، أي أكرَهْتَني عليه. ويقولون ذأمْتُه، أي حَقَرْتُه. والذّأْم العَيب، وهو مذؤومٌ. فأما الذَّانُ بالنون، فليس أصلاً، لأنَّ النونَ فيه مبدلة من ميم. قال:
ذأل - ذأي - ذبح - ذبل
بها أَفْنُها وبها ذانُها(1)
ردَدْنا الكتيبةَ مَلمومةً
(ذأل) الذال والهمزة واللام أصلٌ يقِلُّ كَلِمُهُ، ولكنّه منقاسٌ يدلُّ على سُرعةٍ. يقال ذَأَلَ يذْأَلُ، إذا مَشَى بسُرعةٍ ومَيْسٍ. فإنْ كان في انخزالٍ قيل يَذؤل. ومن ذلك سمِّي الذِّئْب ذُؤالة.
(ذأي) الذال والهمزة والحرف المعتل يدلُّ على ضربٍ من السَّير. يقال ذأى يذْأَى ذأْياً. ويقال الذَّأْوُ. السَّوق الشَّديد.
................ (2)
{باب الذال والباء وما يثلثهما}
(ذبح) الذال والباء والحاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الشّقّ. فالذَّبح: مصدر ذبَحْت الشّاةَ ذبحاً. والذِّبح: المذبوح. والذُّبَّاح: شُقوقٌ في أصول الأصابع. ويقال ذُبِحَ الدَّنُّ، إذا بُزِلَ. والمذابح: سيولٌ صغار تشقُّ الأرض شقّاً. وسعدٌ الذّابحُ: أحد السُّعود(3). والذِّبَح: نبتٌ، ولعله أن يكون شاذَّا من الأصل.
(ذبل) الذال والباء واللام أصلٌ واحد يدل على ضُمْرٍ في الشيء.
ذحق - ذحل - ذخر
__________
(1) رواية ديوان قيس بن الخطيم 9 واللسان (ذين): "مفلولة". لكن رواية الأصل توافق رواية المجمل. والمعنى أنهم هزموهم مجتمعين.
(2) هنا الموضع الحقيقي لمادة (ذأب) التي مضت في ص368.
(3) السعود: كواكب: كثيرة، سعد البارع، وسعد بلع، وسعد البهام، وسعد الذابح، وسعد السعود، وسعد مطر، وسعد الملك، وسعد ناشرة. انظر الأزمنة والأمكنة (1: 195، 313- 314/ 2: 382-383).(2/304)
{باب الذال والحاء وما يثلثهما}
(ذحق) الذال والحاء والقاف ليس أصلاً. وربَّما قالوا: ذَحقَ اللسان، إذا انقشر من داءٍ يُصِيبُه.
(ذحل) الذال والحاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على مقابلةٍ بمثل الجِناية، يقال طَلَبَ بذَحْلِه.
... والله أعلم.
{باب الذال والخاء وما يثلثهما}
(ذخر) الذال والخاء والراء يدلُّ على إحرازِ شيءٍ يحفظُه. يقال ذخَرْتُ الشّيءَ أَذْخَرُه ذَخْراً. فإذا قلت افتعلت من ذلك قلت ادّخرتُ. ومن الباب المذاخِر، وهو اسمٌ يجمع جَوفَ الإنسان وعُروقَه. قال منظور(1):
فلمَّا سقيناها العَكِيس تملَّأَتْ
مَذاخِرُها وازداد رَشْحاً وريدُها(2)
ويقولون: ملأ البَعيرُ مَذاخِرَه، أي جوفَه. والإذْخِرُ، ليس من الباب:
نبتٌ.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال
{باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ذال(3)}
فأمّا ما زاد على ثلاثة أحرُفٍ فكلماتٌ يسيرةٌ تدل على انطلاقٍ وذَهاب، وأمرها في الاشتقاقِ خفيٌّ جداً، فلذلك لم نعرِضْ لذِكْره. فالذَِّعْلِبَة: النّاقةُ السريعة. يقال تذَعْلَبَتْ تذعلُباً، واذلَولَت(4) اذْلِيلاءً، وهو انطلاقٌ في استِخفاء. ويقال إنّ الذّعْلِبَة النّعامة، وبها شبِّهت النّاقة. والذَّعالب: قِطَع الخِرق، وهي قولُه:
* مُنْسَرِحاً إلاَّ ذَعالِيبَ الخِرَقْ(5) *
واذْلَعَبَّ الجَملُ في سيره اذْلِعْباباً، وهو قريبٌ من الذي قبلَه.
والله أعلم بالصَّواب.
ـــــــ
(تم كتاب الذال)
رز- رس
__________
(1) منظور بن مرثد بن فروة الأسدي، وهو المعروف بمنظور بن حبة، نسبة إلى أمه. انظر المؤتلف 104 والمرزباني 374. وفي اللسان (عكس): "أبو منصور الأسدي"، تحريف، ونسب البيت في اللسان (مذح، ذخر) إلى الراعي.
(2) وكذا في (عكس). ورواية المجمل واللسان: "تمذحت مذاخرها".
(3) هذا العنوان ساقط من الأصل.
(4) في الأصل: "واذلوليت".
(5) ديوان رؤبة 105 واللسان (ذعلب).(2/305)
كتاب الرّاء
{باب الراء وما معها في الثنائي والمطابق}
(رز) الراء والزاء أصلان: أحدهما جنسٌ من الاضطراب، والآخَر إثباتُ شيءٍ. فالأوّل الإرْزِيزُ، وهي الرِّعْدة. قال الشاعر:
سُعارٌ وإرزيزٌ وَوجْرٌ وَأَفْكَلُ(1)
قَطعْتُ على غَطْشٍ وَبَغْشٍ وصُحَبَتِي
ويقال الإرْزيز البَرْد، وهو قياسُ ما ذكرناه. والرِّزُّ: صَوتٌ. وفي الحديث: "مَن وَجَدَ في جوفه رِزّاًّ فلينصَرِفْ وليتوضّأْ".
وأمّا الآخَر فيقال رَزَّ* الجرادُ، إذا غرزَ بذنَبه في الأرض ليَبِيض. ومن الباب الإرزِيزُ، وهو الطّعْن؛ وقياسه ذاك. والرَّزُّ: الطَّعن أيضاً. يقال رزَّهُ، أي طَعنَه. ورزَزْتُ السَهْمَ في الحائط والقرطاس، إذا ثبَّتَّه فيه. ومن القياس ارتَزَّ البخِيل عند المسألة، إذا بقي [وبخل(2)]؛ وذلك أنّه يقلُّ اهتزازُه. والكلمات كلُّها من القياس الذي ذكرناه.
(رس) الراء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ. يقال رَسَّ الشَّيءُ: ثبَتَ. والرَّسيس: الثابت. ومن الباب رَسْرَسَ البعيرُ، إذا نضنَضَ برُكبته في الأرض يريد أنْ
رش
ينهض. ومن الباب فلانٌ يرُسُّ الحديثَ في نَفْسه. وسمِعتُ رَسّاً من خَبَر، وهو ابتداؤه؛ لأنّه يثبت في الأسْماع(3). ويقال رُسَّ الميّت: قُبِر. فهذا معظم الباب. والرَّسُّ: وادٍ معروفٌ في شعر زهير:
* فهُنَّ ووادِي الرَّسِّ كاليدِ في الفَمِ(4) *
والرُّسيس: وَادٍ معروف. قال زُهير:
عَفَا الرَّسُّ منه فالرُّسَيسُ فعاقِلُهْ(5)
لَمِنْ طَلَلٌ كالوحْيِ عافٍ منازلُه
__________
(1) البيت للشنفرى الأزدي من قصيدته المعروفة بلامية العرب. انظرها ص60 طبع الجوائب 1300.
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "الاستماع".
(4) تطابق رواية التبريزي في المعلقات. ويروى: "فهن لوادي الرس كاليد للفم". وصدره:
* بكرن بكورا واستحرن بسحرة *
(5) ديوان زهير 126 والمجمل واللسان (رسس).(2/306)
فأمّا الرَّسُّ فيقال إنّه من الإضداد، وهو الإصلاح بين الناس والإِفْسَادُ بينهم. وأيُّ ذلك [كان] فإنّه إثباتُ عداوةٍ أو مودّة، وهو قياس الباب.
(رش) الراء والشين أصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشيء ذي النْدَى. وقد يستعار في غير الندى، فتقول: رششت الماءَ والدّمْع والدّمَ. وطَعْنَةٌ مُرِشَّةٌ. ورَشاشُها: دمُها. قال:
تنفِي التُّرَابَ من الطَّريق المَهْيَعِ
فطعَنْتُ في حَمَّائِهِ بِمُرِشَّةٍ
ويقال شِواءٌ رَشراشٌ: ينْصَبُّ ماؤُه. ويقال رَشَّت السّماءُ وأرَشَّت. ويقال أرشَّ فلانٌ فرسَه إرشاشاً، أي عرَّقه بالرَّكْض، وهو في شعر أبي دُوَاد(1).
رص - رض
ومن الباب عظمٌ رَشْرَشٌ، أي رخْو.
(رص) الراء والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على انضمامِ الشَّيء إلى الشيء بقوَّةٍ وتداخُل. تقول: رصَصْتُ البُنيانَ بعضَه إلَى بَعْضٍ. قال الله تعالى: { كَأنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ } [الصف 4]. وهذا كأنّه مشتقٌّ من الرَّصاصِ، والرَّصاص أصل الباب. ويقال تراصَّ القومُ في الصّفّ. وحُكي عن الخليل: الرَّصراص: الحجارةُ تكون مرصوصةً حول عَين الماء. ومن الباب التَّرصِيص: أن تنتقب المرأةُ فلا يُرَى إلاَّ عَيناها. وهو التَّوصِيص أيضاً. ويقولون: الرَّصراصة: الأرض الصُّلبة. والبابُ كلُّه منقاسٌ مطَّرد.
(رض) الراء والضاد أصلٌ واحد يدلُّ على دَقِّ شَيءٍ. يقال رضَضْتُ الشّيءَ أرُضُّه رضّاً. والرَّضْرَاضُ: حِِجارةٌ تُرَضْرَض على وجه الأرض. والمرأة الرَّضْرَاضةُ: الكثيرة اللَّحْم، كأنَّها رَضَّتِ اللّحمَ رَضّاً؛ وكذلك الرّجُل الرَّضراض. قال الشاعر(2):
فقَرَنَّاهُ برَضْراضٍ رِفَلّ
فعرَفْنا هِزَّةً تأخُذُهُ
__________
(1) هو قوله:
وإرشاش عطفيه حتى شسب
طواه القنيص وتعداؤه
(2) هو النابغة الجعدي، كما في اللسان (رضض).(2/307)
والرَّضُّ: التَّمر الذي يُدَقُّ وينقع في المَخْض. وهذا معظمُ الباب. ومن الذي يقرب من الباب الإرضاض: شِدَّة العَدْو. وقيل ذلك لأنه يَرُضّ ما تحت قدَمِه. ويقال إبلٌ رَضارِضُ: راتعَة، كأنّها ترُضّ العُشْب رضّاً. وأمَّأ المُرِضَّةُ وهي الرَّثيئة الخاثرة، فقريبٌ قياسُها ممّا ذكرناه، كأنَّ زُبْدَها قد رُضَّ فيها رضّاً. [قال]:
رط - رع – رغ
على ما في سِقائِكِ قد رَوِينا(1)
إذا شَرِب المُرِضَّةَ قال أَوْكِي
(رط) الراء والطاء ليس هو بأصلٍ عندنا. يقولون: الرَّطيط: الجَلَبة والصِّياح. وأَرَطَّ، إذا جَلَّب(2). ويقال الرَّطيط: الأحمق. ويقال الإرْطاط: اللُّزوم(3). وفي كلِّ ذلك نَظرٌ.
(رع) الراء والعين أصلٌ مطّرِدٌ يدلُّ على حركةٍ واضطراب. يقال تَرَعْرَعَ الصَّبِيُّ: تحرّك. وهذا شابٌّ(4) رَُعْرَُعٌ ورَعْراع، والجمع رَعارعُ. قال:
* ألاَ إنّ أخْدانَ الشَّبابِ الرّعارِعُ(5) *
وقصبٌ رعرعٌ: طويلٌ. وإذا* كان كذا فهو مضطربٌ. ومن الباب الرَّعَاع، وهم سِفْلة النّاس. ويقولون: الرَّعْرَعة: تَرَقْرُقُ الماءِ على وجْه الأرض. فإن كان صحيحاً فهو القياس.
(رغ) الراء والغين أصلٌ يدلُّ على رَفاهة ورفاغَةٍ ونَعْمة. قال ابن الأعرابيِّ: الرِّغْرغة من رَفاغة العَيش. وأصلُ ذلك الرَّغْرَغة، وهو أنْ تَرِدَ الإبلُ على الماء في اليوم مراراً. ومن الباب الرَّغيغة: طعامٌ يُتَّخَذُ للنُّفَساء. يقال هو لبَنٌ يُغْلَى ويُذَرُّ عليه دقيق.
رف - رق
(رف) الراء والفاء أصلان: أحدهما المَصُّ وما أشبهه، والثاني الحركة والرِّيق.
__________
(1) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (رضض).
(2) في الأصل: "وأرطاني جلب".
(3) في المجمل: "اللزوم للمكان".
(4) في الأصل: "ثبات"، صوابه من المجمل واللسان.
(5) للبيد في ديوانه 25 طبع 1880. وفي اللسان: "وقيل هو للبعيث". وصدره:
* تبكي على إثر الشباب الذي مضى *(2/308)
فالأوّل الرَّفّ وهو المَصّ. يقال رفّ يرُفّ: إذا تَرَشَّف. وفي حديث أبي هريرة: "إنِّي لأَرُفُّ شَفَتَيْهَا".
وأمّا الثاني فقولُهم: رفَّ الشّيءُ يَرِفُّ، إذا بَرَق.
وأمَّا ما كان من جهة الاضطراب فالرّفرَفَة، وهي تحريك الطّائرِ جناحَيه. ويقال إنّ الرَّفْرافَ: الظَّليمُ يرفرِف بجناحَيه ثم يعدو.
ومن الباب الرَّفيف: رفيف الشجرة، إذا تندَّتْ. ومنه الرَّفْرَف(1) وهو كِسْر الخباءِ ونحوِه. وسمِّي بذلك لما ذكرناه؛ لأنه يتحرَّك عند هُبوب الرِّيح. ويقال ثوبٌ رفيفٌ بيِّنُ الرَّفَف، وذلك رقّته واضطرابُه. فأمّا قوله تعالى في الرّفْرَف(2)، فيقال هي الرِّياض، ويقال هي البُسُط، ويقال الرَّفرف ثِيابٌ خُضْر.
ومما شذَّ عن مُعظَم الباب الرَّفّ. قال اللِّحيانيّ: هوالقطيع من البقر، ويقال هو الشّاء الكثير. وأما قولهم "يحُفّ ويرُفّ" فقال قوم: هو إتباعٌ، وقال آخرون: يرُفّ: يُطعِم.
(رق) الراء والقاف أصلان: أحدهما صفةٌ تكون مخالفةً للجفاء، والثاني اضطرابُ شيءٍ مائع.
فالأوّل الرّقّة؛ يقال رقّ يرِقّ رِقَّة فهو رقيق. ومنه الرَّقَاقُ، وهي الأرض الليِّنة. وهي أيضاً الرَّق والرِّق. والرَّقَق: ضعفٌ في العِظام. قال:
رك
* لم تلق في عظمها وَهْناً ولا رَقَقا(3) *
قال الفرّاء: في ماله رَقَق، أي قِلَّة. والرِّقَّة: الموضع ينضُب عنه الماء. والرِّقّ: الذي يُكتب فيه، معروف. والرُّقاق: الخبز الرقيق.
__________
(1) في الأصل: "الرفراف"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) قوله تعالى في سورة الرحمن: { متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان } [الرحمن 76].
(3) صدره كما في اللسان (رقق):
* خطارة بعد غب الجهد ناجية *(2/309)
والأصل الثاني: قولهم ترقْرَقَ الشَّيءُ، إذا لَمَعَ. وترقرق الدمعُ: دار في الحمْلاق. وترقرق السَّراب، وترقرقت الشَّمس، إذا رأيتَها كأنها تدور. والرَّقْراقة: المرأة التي كأنَّ الماء يجري في وجهها. ومنه رقرقْتُ الثَّوبَ بالطيب، ورَقْرقت الثَّريدة بالدَّسَم. قال الأعشى:
س بالصَّيف رَقْرَقَت فيه العبيرَا(1)
وتبرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَرُو
ومما شذَّ عن البابين [الرَّقّ]: ذكَر السَّلاحف، إن كان صحيحاً.
(رك) الراء والكاف أصلان: أحدهما وهو معظم البابِ رِقّةُ الشّيء وضعفُه، والثاني تراكُمُ بعضِ الشَّيء على بعض.
فالأوَّل الرَِّكُّ، وهو المطر الضعيف. يقال أرَكَّتِ السّماءُ إركاكاً، إذا أتَتْ بِرَِكٍّ. وقد أركّت الأرض(2). ورَكَّ الشَّيءُ، إذا رَقّ. ومن ذلك قول النَّاس: "اقطَعْها مِن حيث ركَّت" بالكاف. فحدّثَني القطّانُ عن المفسِّر عن القتيبي قال تقول العرب: "اقطَعْهُ من حيث رَكّ" أي من حيث ضعُف، والعامة تقول: من
رم
حيث رقّ. فأمّا الحديث: "أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لَعَنَ الرُّكاكَة"، فيقال إنّه من الرِّجال الذي لا يغَار. قال: وهو من الرَّكاكة، وهو الضَّعْف. وقد قلناه. والرَّكيك: الضَّعيف الرأْي.
والأصل الثاني قولهم: رَكّ الشَّيءَ بعضَه على بعضٍ، إذا طَرَحَه، يرُكُّه ركّاً. قال:
* فنَجِّنا مِنْ حَبْس حاجاتٍ ورَكّْ(3) *
__________
(1) ديوان الأعشى 69 واللسان (رقق).
(2) يقال بالبناء للفاعل وللمفعول، في الفعل والوصف منه.
(3) الشطر لرؤبة في ديوانه 118 واللسان (ركك).(2/310)
ومن الباب قولهم: رَكَكْتُ الشَّيءَ في عُنقه، ألزَمْتُه إيّاه. وسَكرانُ مُرْتكٌّ أي مختلِطٌ لا يُبين كلامه. وسقاءٌ مرْكُوكٌ، إذا عُولِج(1) بالرُّبِّ وأُصلِحَ به. ومن الباب الرّكْراكة من النِّساء: العظيمة العجُز والفَخِذين. ومنه شَحْمَةُ الرُّكَّى. قال أهلُ اللغة: هي الشَّحْمة تركَب اللَّحم، وهي التي لا تُعَنِّي، إنّما تذُوب. يقال* "وقَعَ على شَحْمة الرُّكَّى"، إذا وقع على ما لا يعنِّيه.
(رم) الراء والميم أربعة أصول، أصلان متضادّان: أحدهما [لَمُّ] الشّيء وإصْلاحه(2)، والآخر بَلاؤُه. وأصلان متضادّان: أحدهما السكوت، والآخر خِلافُه.
فأمّا الأوّل من الأصلين الأوَّلَين، فالرَّمُّ: إصلاح الشّيء. تقول: رمَمْتُه أرُمُّه. ومن الباب: أرَمَّ البعيرُ وغيرُه، إذا سَمِنَ، يُرِمُّ إرماماً. وهو قوله:
ولو عاشَ في الأعرابِ ماتَ هُزالا(3)
هَجَاهُنَّ لما أنْ أرَمَّتْ عِظامُه
رم
وكان أبو زيد يقول: المُرِمُّ: النَّاقة التي بها شيءٌ من نِقْيٍ، وهو الرِّم. ومن الباب الرِّمُّ، وهو الثَّرى؛ وذلك أنّ بعضَه ينضمُّ إلى بعض، يقولون: "له الطّمُّ والرِّمّ". فالطِّمُّ البحر، والرِّمُّ: الثَّرى.
والأصل الآخر من الأصلين الأوّلَين قولُهم: رمَّ الشَّيءُ، إذا بَلِيَ. والرَّميم: العِظام الباليَة. قال الله تعالى: { قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [يس 78]. وكذا الرِّمَّة. ونَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاستنجاء بالرَّوث والرِّمّة.
والرُّمّة: الحَبْلُ البالِي. قال ذو الرُّمّة:
* أشْعَثَ باقِي رُمَّةِ التَّقلِيدِ(4) *
__________
(1) في الأصل: "عولى"، صوابه من المجمل واللسان.
(2) في الأصل: "وصلاحه".
(3) في اللسان: "ولو كان".
(4) ديوان ذي الرمة 155 واللسان (رمم).(2/311)
ومن ذلك قولهم: ادفَعْهُ إليه برُمّته. ويقال أصلُه أنَّ رجلاً باعَ آخرَ بعيراً بحبلٍ في عنُقه، فقيل له: ادفَعْه إليه برُمّته. وكثُر ذلك في الكلام فقيل لكلِّ من دفع إلى آخَرَ شيئاً بكمَالِه: دفَعَه إليه برُمّته، أي كُلّه. قالوا: وهذا المعنى أراد الأعشى بقوله للخَمَّار:
بِأَدْماءَ في حَبْل مُقْتادِها(1)
فقلتُ له هَذِهِ هَاتِهَا
يقول: بعْني هذه الخمرَ بناقةٍ برُمَّتها. ومن الباب قولهم: الشاةُ ترُمُّ الحشيش من الأرضِ بِمَرَمّتها. وفي الحديث ذكر البقر "أنّها ترُمُّ من كلِّ شَجَر".
وأمّا الأصلان الآخَرانِ فالأول منهما من الإرمام، وهو السُّكوت، يقال: أرَمَّ إِرماماً. والآخَر قولهم: ما تَرَمْرَمَ، أي ما حَرَّك فاه بالكلام. وهو قولُ أوسٍ:
رن - ره
ولو زَبَنَتْهُ الحربُ لم يَتَرَمْرَمِ(2)
ومُستعجبٍ مِمَّا يَرَى من أَناتِنا
فأمَّا قولُهم: "ما عَنْ ذلك الأمرِ حُمٌّ ولا رُمٌّ" فإنَّ معناه: ليس يحول دونَه شيءٌ وليس الرُّمُّ أصلاً في هذا، لأنه كالإتباع. ويقولون-إن كان صحيحاً- نعجة رَمَّاءُ، أي بيضاء؛ وهو شاذٌّ عن الأصول التي ذكرناها.
(رن) الراء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صوتٍ. فالإرنان: الصوت والرَّنَّة والرَّنِين: صَيحةُ ذِي الحُزْن. ويقال أرنَّت القَوسُ عند إنباض الرَّامي عنها. قال:
* تُرِنُّ إرناناً إذا ما أَنْضَبَا(3) *
أي أَنْبَضَ. والمِرْنانُ: القوس؛ لأنَّ لها رَنيناً. ويقال إنَّ الرَّنَنَ دويْبّةٌ تكون في الماء تصيح أيّامَ الصيف. قال:
* ولا اليَمَامُ ولم يَصْدَح له الرَّنَنُ(4) *
__________
(1) ديوان الأعشى 51 برواية: "فقلنا"، واللسان (رمم).
(2) ديوان أوس بن حجر 27 واللسان (رمم)، وسيأتي في (عجب).
(3) للعجاج في اللسان (نضب، رنن). وبعده:
* إرنان محزون إذا تحوبا *
(4) روي في المجمل واللسان بدون كلمة "ولا اليمام".(2/312)
فهذا مُعظم الباب، وهو قياسٌ مطّرد. وحُكِيت كلمةٌ ما أدري ما هي، وهي شاذّةٌ إن صحَّت، ولم أسمَعْها سماعاً. قالوا: كان يقال لجمادى الأولى رُنَّى، بوزن حُبلى. وهذا مما لا ينبغي أن يعوَّل عليه.
(ره) الراء والهاء إن كان صحيحاً في الكلام فهو يدلُّ على بصيص. يقال ترَهْرَه الشّيءُ، إذا وَبَصَ. فأمّا الحديثُ: "أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
رأ - رب
لمّا شُقَّ عن قَلْبه جِيء بطَسْتٍ رَهْرَهَةٍ"، فحدّثَنا القطان عن المفسّر عن القُتَيبيّ عن أبي حاتم قال: سألتُ الأصمعيَّ عنه فلم يعرفْه. قال: ولستُ أعرفُه أنا أيضاً، وقد التمستُ له مَخرجاً فلم أجِدْه إِلاّ من موضعٍ واحد، وهو أن تكونَ الهاء فيه مبدلةً من الحاء، كأنه أراد: جِيءَ بطَسْتٍ رَحْرحةٍ، وهي الواسعة. يقال إناءٌ رَحْرَحٌ ورَحْرَاحٌ. قال:
* إلى إزاءٍ كالمِجَنِّ الرَّحْرَحِ *
والذي عندي في ذلك أنّ الحديثَ إنْ صحَّ فهو من الكلمة الأولى، وذلك أنَّ لِلطَّسْت بصيصاً.
ومما شذَّ عن الباب الرَّهْرهتان(1): عَظْمانِ شاخصانِ في بواطن الكَعْبَيْن: يقبل أحدُهُما على الآخر.
(رأ) الراء والهمزة أصلٌ يدلُّ على اضطراب*، يقال رأْرَأَت العينُ: إذا تحرَّكتْ من ضَعْفها. ورأْرأَت المرأةُ بعينها، إِذا بَرَّقَت. ورأْرأَ السّرابُ: جاء وذَهَب ولمح. وقالوا: رأْرَأْتُ بالغَنَم، إذا دَعَوْتَها. فأمّا الرّاءة فشجرَة، والجمع راءٌ.
(رب) الراء والباء يدلُّ على أُصولٍ. فالأول إصلاح الشيءِ والقيامُ عليه(2). فالرّبُّ: المالكُ، والخالقُ، والصَّاحب. والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. يقال رَبَّ فلانٌ ضَيعتَه، إذا قام على إصلاحها. وهذا سقاء مربُوبٌ بالرُّبِّ. والرُّبّ
رب
__________
(1) لم ترد هذه الكلمة في المعاجم المتداولة.
(2) بعده في الأصل: "والمصلح الرب والرب"، وهو إقحام وتكرار لما سيأتي.(2/313)
للعِنَب وغيرِه؛ لأنّه يُرَبُّ به الشيء. وفَرَسٌ مربوب. قال سلامة(1):
يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ
ليسَ بأسْفَى ولا أقْنَى ولا سَغِلٍ
والرّبُّ: المُصْلِح للشّيء. والله جلّ ثناؤُه الرَّبٌّ؛ لأنه مصلحُ أحوالِ خَلْقه. والرِّبِّيُّ: العارف بالرَّبّ. وربَبْتُ الصَّبيَّ أرُبُّه، وربَّبْتُه أربِّبُه. والرَّبيبة الحاضِنة. ورَبيبُ الرَّجُل: ابنُ امرأَتِه. والرَّابُّ: الذي يقوم على أمر الرَّبيب. وفي الحديث: "يكرهُ أنْ يتزوَّج الرّجلُ امرأةَ رابِّهِ".
والأصل الآخرُ لُزوم الشيءِ والإقامةُ عليه، وهو مناسبٌ للأصل الأوّل. يقال أربَّت السّحابةُ بهذه البلدةِ، إذا دامَتْ. وأرْضٌ مَرَبٌّ: لا يزال بها مَطَرٌ؛ ولذلك سُمِّي السَّحاب رَباباً. ويقال الرَّباب السحاب المتعلِّق دون السَّحاب. يكون أبيضَ ويكون أسود، الواحدة رَبابةٌ.
ومن الباب الشّاةُ الرُّبَّى: التي تُحتَبسَ في البيت لِلَّبَنِ، فقد أربَّتْ، إذا لازمت البيتَ. ويقال هي التي وَضَعَتْ حديثاً. فإن كان كذا فهي التي تربِّي ولدها. وهو من الباب الأوّل. ويقال الإرباب: الدّنُوّ من الشَّيء. ويقال أربَّت الناقة، إذا لزِمت الفحلَ وأحبّتْه، وهي مُرِبٌّ.
والأصل الثالث: ضمُّ الشيء للشَّيء، وهو أيضاً مناسبٌ لما قبله، ومتى أُنْعِمَ النَّظرُ كان الباب كلُّه قياساً واحداً. يقال للخِرْقة التي يُجعل فيها القِدَاحُ رِبابَةٌ. قال الهذليّ(2):
رب
يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداح ويَصْدَعُ
وكأنّهُنَّ رِبَابةٌ وكأنه
ومن هذا الباب الرِّبابة(3)، وهو العَهْد. يقال: للمعاهَدِين أَرِبَّةٌ. قال:
__________
(1) هو سلامة بن جندل. والبيت التالي من قصيدة في ديوانه 7-12 والمفضليات (1: 117-122). وفي الأصل: "الأعشى"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه ص6 والمجمل واللسان (ربب). وسيأتي في (فيض).
(3) والرباب أيضاً بطرح التاء.(2/314)
عَقْدُ الجِوارِ وكانوا معشراً غُدُرَا(1)
كانت أرِبَّتَهُم بَهْزٌ وغَرَّهُمُ
وسُمِّي العهدُ رِبابةً لأنَّه يَجْمَعُ ويؤلِّف. فأمَّا قولُ علقمة:
وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فضِعتُ رُبُوبُ(2)
وكنتَُ أمرأً أفْضَتْ إليكَ رِبابَتِي
فإنَّ الرِّبابة، العهد الذي ذكرناه. وأمَّا الرُّبُوب فجمع رَبّ، وهو الباب الأول.
وحدَّثنا أبو الحسن عليّ بن إبراهيم(3) عن عليِّ بن عبد العزيز، عن أبي عبيد قال: الرِّباب: العُشور. قال أبو ذُؤيب:
ـجِوارَ وتُغْشِيها الأمانَ رِبابُها(4)
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً وتُؤْلفُ الـ
وممكنٌ أن يكون هذا إنّما سُمِّي رِباباً لأنّه إذا أُخِذ فهو يصير كالعَهْد.
ومما يشذّ عن هذه الأصول: الرّبْرَب: القطيع من بقر الوحْش. وقد يجوز أن يضمَّ إلى الباب الثالث فيقال إنَّما سُمِّي ربرباً لتجمُّعه، كما قلنا في اشتقاق الرِّبابة.
ومن الباب الثالث الرَّبَب، وهو الماء الكثير، سمِّي بذلك لاجتماعه. قال:
* والبُرَّة السَّمْرَاء والماء الرَّبَبْ *
رت - رث - رج
فأمّا رُبَّ فكلمة تستعمَل في الكلام لتقليل الشّيء، تقول: رُبَّ رجلٍ جاءني. ولا يُعْرف لها اشتقاق.
(رت) الراء والتاء ليس أصلاً، لكنَّهم يقولون: الرُّتَّة: العَجَلة في الكلام. ويقال هي الحُكْلَة فيه. ويقولون: الرُّتُوت: الخنازير. وقال ابنُ الأعرابيّ: الرَّتُّ: الرئيس؛ والجمع رُتوتٌ. وكل هذا فممَّا ينبغي أن يُنظَر فيه.
__________
(1) لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة في ديوانه 44. والبيت في اللسان (ربب).
(2) ديوان علقمة 132 والمفضليات (2: 194) واللسان (ربب). والرواية في الأخيرين: "وأنت امرؤ".
(3) هو القطان، كما في المجمل.
(4) وكذا في الديوان 73. وفي اللسان (ربب): "ويعطيها الأمان".(2/315)
(رث) الراء والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على إخلاقٍ وسقوط. فالرَّثُّ: الخَلَق البالي. يقال حَبْلٌ(1) رثٌّ، وثوبٌ رثٌّ، ورجلٌ رثّ الهَيئة. وقد رَثّ يَرِثُّ رَثاثَةً ورُثوثةً. والرِّثَّة: أسقاط البيت* من الخُلْقانِ، والجمع رِثَثٌ. وأمَّا قولهم ارتُثَّ في المعركة، فهو من هذا، وذلك أنَّ الجريح يسقُط كما تسقط الرِّثَّة ثم يُحمَل وهو رثِيثٌ.
ومن الباب [الرِّثَّةُ(2)]، وهم الضعفاء من الناس. ويقال الرِّثَّة: المرأةُ الحمقاء. فإِن صحّ ذلك فهو من الباب.
(رج) الراء والجيم أصلٌ يدلُّ على الاضطراب، وهو مطَّردٌ منْقاس ويقال كتيبةٌ رَجْراجة: تَمَخَّضُ لا تكاد تسير. وجاريةٌ رَجراجة: يَتَرجْرج كَفَلُها. والرِّجرِجَة: بقيّة الماء في الحوض. ويقال للضُّعَفاء من الرجال الرَّجَاج(3).
قال:
رح
بالقوم قد ملُّوا من الإدْلاجِ
أقبَلْنَ من نِيرٍ ومن سُواجِ(4)
فَهُمْ رَجَاجٌ وعَلَى رَجَاجِ(5)
والرَّجُّ: تحريك الشيء؛ تقول: رجَجْتُ الحائطَ رَجّاً، وارْتَجَّ البحر. والرّجْرَج نعتٌ للشيءِ الذي يترجْرَج. قال:
* وكَسَتْ المِرْطَ قَطاةً رَجْرَجا(6)*
وارتجَّ الكلامُ: التَبَسَ؛ وإنما قيل له ذلك لأنّه إذا تَعَكَّرَ كان كالبحر المرتَجّ. والرِّجرِجَة(7): الثَّرِيدة الليِّنة. ويقال: الرَّجَاجة النّعجة المهزولة؛ فإنْ كان صحيحاً فالمهزول مضطربٌ. وناقةٌ رَجَّاءُ: عظيمة السَّنام؛ وذلك أنّه إذا عظُمَ ارتجَّ واضطرب. فأمّا قولُه:
__________
(1) في الأصل: "رجل"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) التكملة من المجمل.
(3) في الأصل: "الرجراج"، تحريف.
(4) في الأصل: "بئر"، صوابه في اللسان (نير، رجج، سوج) ومعجم البلدان (سواج). وانظر الحيوان (2: 301).
(5) الكلمتان الأخيرتان ساقطتان من الأصل، وإثباتهما من المراجع السابقة.
(6) البيت في اللسان (رجج).
(7) في اللسان: "وثريدة رجراجة". ثم قال: "والرجرج ما ارتج من شيء".(2/316)
* ورِجْرِجٌ بَيْنَ لَحْيَيْهَا خَنَاطِيلُ(1) *
فيقال هو اللُّعاب(2).
(رح) الراء والحاء أصلٌ يدلُّ على السّعَة والانبساط. فالرَّحَحُ: انبساطُ الحافرِ وصَدْرِ القَدَم. ويقال للوَعل المنبسط الأظلاف أرحُّ. قال:
رخ - رد
مُلَمْلَمَةٍ تُعيِي الأرَحّ المخدَّما(3)
ولو أنَّ عِزَّ النّاسِ في رأسِ صَخرةٍ
ويقال تَرحْرَحَت الفرسُ: فَحَّجَتْ قوائمَها لتبُول. ويقال هم في عيشٍ رَحْرَاحٍ، أي واسع. ورَحْرَحَانُ: مكانٌ.
(رخ) الراء والخاء قليلٌ، إلاّ أنّه يدلُّ على لِينٍ. يقال إنّ الرَّخَاخَ لِينُ العَيْش. وأرضٌ رَخَّاءُ: رِخوة. ويقال-وهو ممّا يُنظَر فيه- إنّ الرَّخَّ مَزْجُ الشَّرابِ(4).
(رد) الراء والدال أصلٌ واحدٌ مطّردٌ منقاس، وهو رَجْع الشَّيء. تقول: ردَدْتُ الشَّيءَ أرُدُّه ردّاً. وسمِّي المرتدُّ لأنّه ردّ نفسَه إلى كُفْره. والرِّدُّ: عِماد الشَّيء الذي يردُّه، أي يَرْجِعُه عن السُّقوط والضَّعْف. والمردودة: المرأة المطلَّقة. ومنه الحديث: أنَّه قال لسُراقةَ بنِ مالكٍ(5): "ألاَ أدُلك على أفضَل الصّدَقة، ابنَتُكَ مردُودةً عليك، ليس لها كاسبٌ غيرُكَ". ويقال شاة مُرِدٌّ وناقةٌ مُرِدّةٌ، وذلك إذا أضْرَعَتْ، كأنَّها لم تكن ذاتَ لبن فرُدَّ عليها، أو رَدَّت هي لبنَها. قال:
__________
(1) لابن مقبل، كما في اللسان (لعع، سحط، رجج، خنطل). وصدره:
* كاد اللعاع من الحوذان يسحطها *
(2) زاد في المجمل: "ويقال نبت".
(3) البيت للأعشى، كما في ديوانه 293 واللسان (رحح، خدم)، وقد سبق في (خدم).
(4) لم يرد في اللسان، وورد في القاموس.
(5) هو سراقة بن مالك بن جعشم، الذي حاول إدراك النبي صلى الله عليه وسلم في هجرته إلى المدينة، وقد أسلم عام الفتح. مات في خلافة عثمان سنة 24. انظر الإصابة 3109. وفي اللسان: "سراقة بن جعشم" نسبه إلى جده.(2/317)
* تَمْشِي من الرِّدَّةِ مَشْيَ الحُفَّلِ(1) *
ويقال هذا أمرٌ لا رادَّةَ له، أي لا مرجُوع له ولا فائدةَ فيه. والرَّدَّة: تقاعُسٌ
رذ - رزغ
في الذَّقَن، كأنه رُدّ إلى ما وراءه. والرَّدَّة: قبحٌ في الوجه مع شيءٍ من جَمال، يقال في وجهها رَدّةٌ، أي إنَّ ثَمَّ ما يرُدُّ الطَّرْف، أي يَرْجِعُه عنها. والمتَرَدِّد: الإنسان المجتمع الخَلْق، كأنَّ بعضَه رُدَّ على بعض. ويقال-وفيه نظر- إن المردُودة المُوسَى، وذلك أنّها تُرَدُّ في نِصَابِها. ويقال نهرٌ مُرِدٌّ: كثير الماء. وهذا مشتقٌّ من رِدَّة الشَّاةِ والنّاقة. ومن الباب رجُلٌ مُرِدٌّ، إذا طالت عُزْبَتُه؛ وهو من الذي ذكرناه من رِدّة الشَّاة، كأنَّ ماءَه قد اجتمع في فَِقْرته، كما قال:
ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوَانُ شِرَّتِهْ(2)
رأت غلاماً قد صَرَى في فَِقْرَتِه
(رذ) الراء والذال كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على مطرٍ ضعيف. فالرَّذَاذ: المطر الضعيف. يقال يومٌ مُرِذٌّ، أي ذو رَذَاذٍ. ويقال أرضٌ مُرَذٌّ عليها. قال الأصمعيّ: لا يقال مُرَذٌّ ولا مَرذُوذة، ولكن يقال مُرَذٌّ عليها. وكان الكسائيُّ يقول: هي أرض مُرَذَّةٌ والله أعلم.
{باب الراء والزاء وما يثلثهما}
(رزغ) الراء والزاء والغين أُصَيْلٌ يدلُّ على لَثَقٍ وطينٍ. يقال أرزَغَ المطرُ، إذا بلَّ الأرض، فهو مُرْزِغٌ. وكان* الخليل يقول: الرَّزَغَة أشدُّ من الرَّدَغة. وقال قومٌ بخلاف ذلك. ويقال أرزَغَت الرِّيح: أتَتْ بالنَّدَى. قال طَرَفة:
رزف - رزق
تَذَاءَبَ منها مُرْذِغٌ ومُسِيلُ(3)
__________
(1) لأبي النجم العجلي كما في اللسان (ردد). وانظر المخصص (7: 14).
(2) للأغلب العجلي، كما في اللسان (صري). وفيه (صري، عنف، سنب): "عنفوان سنبته". وما سيأتي في (صري) مطابق لما هنا.
(3) كذا. والذي في شعر طرفة 52 واللسان (رزغ):
شآمية تزوي الوجوه بليل
وأنت على الأدنى شمال عرية
تذاءب منها مرزغ ومسيل
وأنت على الأقصى صبا غير قرة(2/318)
وأنتَ على الأدنى صَباً غيرُ قَرَّةٍ
وقولهم: أرزَغَ فلانٌ فلاناً، إِذا عابَه، فهو من هذا؛ لأنَّه إذا عابَه فقد لَطَخه. ويقال للمُرْتَطِمِ: رَزِغٌ. ويقال احتَفَر القومُ حتى أَرزَغُوا، أي بَلَغُوا الرَّزَغَ، وهو الطين(1).
(رزف) الراء والزاء والفاء كلمتان تدلُّ إحداهُما على الإسراع، والأخرى على الهُزَال.
فأمّا الأولى فالإرزاف الإسراع، كذا حدَّثنا به عليُّ بن إِبراهيم، عن ابن عبد العزيز، عن أبي عُبيدٍ عن الشَّيبانيّ. وحدَّثَنا به عن الخليل بالإسناد الذي ذكرناه: أرْزَفَ القومُ:أسرَعُوا، بتقديم الرّاء على الزّاء، والله أعلم. قال الأصمعيّ: رَزَفَت النَّاقةُ: أسرعَت؛ وأرزفْتُها أنا، إِذا أخْبَبْتُها(2) في السَّير.
والكلمة الأخرى الرَّزَفُ: الهُزَال، وذكر فيه شعرٌ ما أدري كيف صِحّتُه:
إِنْ لم تَحَمَّلْهُ فقد جَا رَزِفي
يا أبا النَّضْر تَحَمَّلْ عَجَفِي
(رزق) الراء والزاء والقاف أُصَيْلٌ واحدٌ يدلُّ على عَطاءٍ لوَقت، ثم يُحمَل عليه غير الموقوت. فالرِّزْق: عَطاء الله جلَّ ثناؤُه. ويقال رَزَقه الله رَزْقاً، والاسم الرِّزْق. [والرِّزْق] بلغة أزْدِشُنوءَة: الشُّكر، من قوله جلّ ثناؤه:
{ وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ } [الواقعة 82]. وفعلتُ ذلك لمَّا رزَقْتَني، أي لمَّا شكَرْتَني.
رزم
(رزم) الراء والزاء والميم أصلانِ متقاربان: أحدهما جَمْعُ الشيءِ وضمُّ بعضِه إِلى بعضٍ تِباعاً، والآخر صوتٌ يُتَابَع؛ فلذلك قلنا إنهما متقاربانِ.
__________
(1) في الأصل: "وهو الطين الرزع". والكلمة الأخيرة مقحمة.
(2) أخبها: جعلها تسير الخبب. وفي الأصل: "خببتها"، تحريف. وفي اللسان: "أحثثتها" وفي مادة (زرف) من اللسان: "أخببتها" كما أثبت.(2/319)
يقول العرب: رزَمْتُ الشيءَ: جمعتُه. ومن ذلك اشتقاق رِزْمَة الثِّياب. والمرازمة في الطَّعام: المُوالاةُ بين حَمْدِ الله عزّ وجلّ عند الأكل. ومنه الحديث "إذا أكَلْتمْ فرَازِمُوا" ورازمت الشيءَ، إذا لازَمْتَه. ويقال رازمَتِ الإبل المرعى، إذا خلَطَتْ بينَ مرعَيَيْنِ. ورازمَ فلانٌ بين الجَراد والتَّمر، إِذا خلَطَهما. ويقال رجلٌ رُزَمٌ، إِذا برَكَ على قِرْنِه. وهو في شعر الهُذَلِيّ(1):
*مثل الخَادِرِ الرُّزَمِ(2) *
ورزَمت النَّاقةُ، إِذا قامت من الإِعياء، وبها رُزَامٌ. وذلك القياس؛ لأنها تتجمَّع من الإعياء ولا تنبعِث.
والأصل الآخر: الإرزام: صوتُ الرَّعْد، وحَنِينُ النَّاقةِ في رُغائها. ولا يكون ذلك إلا بمتابعةٍ، فلذلك قُلْنا إنَّ البابَين متقاربان. ويقولون: "لا أفْعَلُ ذلك ما أرزَمَتْ أمُّ حائل". والحائل: الأنثى من ولد النَّاقة. ورَزَمة السِّباع: أصواتُها . والرَّزِيم: زئير الأُسْد. قال:
* لأُِسُودِهِنَّ على الطَّرِيقِ رَزِيمُ(3) *
رزن - رزأ - رزب
فأما قولهم "لا خَيْرَ في رَزَمةٍ لاَ دِرَّةَ معها" فإِنهم يريدون حنينَ الناقة. يُضرَب مثلاً لمن يَعِد ولا يَفِي. والرَّزَمة: صوتُ الضُّبُعِ أيضاً. وممّا شَذَّ عن الباب المِرْزَمان: نَجْمان. قال ابنُ الأعرابيّ: أمُّ مِرْزَمٍ: الشَّمال الباردة. قال:
تُقَشِّرُ أعْلى أنْفِهِ أُمُّ مِرْزَمِ(4)
__________
(1) هو ساعدة بن جؤية، كما في اللسان (نبخ، رزم). وانظر ديوان الهذليين (1: 202).
(2) البيت بتمامه كما في المراجع السابقة:
من النوابخ مثل الخادر الرزم
يخشى عليها من الأملاك نابخة
... والخادر: الأسد في خدره. ويروى "الحادر"، أراد به الفيل الغليظ.
(3) هذه القطعة في اللسان (رزم).
(4) البيت لصخر الغي الهذلي، يعير أبا المثلم. انظر شرح السكري للهذليين 21 ونسخة الشنقيطي 91 ومعجم البلدان (الحلاءة) واللسان (رزم 132). وقد سبق في (أم 23).(2/320)
إِذا هُوَ أَمْسَى بالحِلاَءَةِ شاتِياً
(رزن) الراء والزاء والنون أصلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ وثَبات. يقولون رَزُنَ الشيءُ: ثَقُل. ورجلٌ رزينٌ وامرأةٌ رَزانٌ. والرِّزْنُ: نُقْرةٌ في صخرةٍ يجتمع فيها الماء. قال:
* أحْقَبَ مِيفَاءٍ على الرُّزُونِ(1) *
ويقال الرَِّزْنُ: الأَكمَة، والجمع رزُونٌ.
(رزأ) الراء والزاء [والهمزة] أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إِصابة الشيء والذَّهاب به. ما رزَأتُه شيئاً، أي لم أُصِبْ منه خيراً. والرُّزْء: المصيبة، والجمع الأرزاء. قال:
ومِنَ الأرزاءِ رُزْءٌ ذُو جَلَلْ(2)
وأرى أرْبَدَ قد فارَقنِي
وكريمٌ مُرَزَّا(3): تصيب الناسُ مِن خَيْره.
(رزب) الراء والزاء والباء، إن كان صحيحاً فهو يدلُّ على قِصَر
رزح - رسع - رسغ
وضِخَمٍ. فالإرْزَبُّ: الرّجُل القَصِير الضَّخْم. والمِرْزَبَةُ معروفةٌ. *ورَكَبٌ إرْزَبٌّ: عظيم. قال:
* إنّ لَهَا لرَكَباً إرْزَبَّا(4) *
(رزح) الراء والزاء والحاء أصلٌ يدلُّ على ضعْفٍ وفُتور. فيقولون رَزَح، إذا أعيا؛ وهي إِبلٌ مَرازيحُ، ورَزْحَى، ورَزَاحَى(5). ويقولون إن أصله المِرْزَح، وهو ما تواضَعَ من الأرض واطمأَنَّ.
وذُكر في الباب كلامٌ آخرُ ليس من القياس المذكور، قال الشَّيبانيّ:
المِرْزِيح: الصّوت. قال:
تُحْدَى، لِسَاقَتِها بالدَّوِّ مِرْزيحُ(6)
ذَرْ ذا ولكن تبصَّرْ هَلْ تَرى ظُعُناً
{باب الراء والسين وما يثلثهما}
(رسع) الراء والسين والعين أصلٌ يدلُّ على فَسادٍ. يقولون الرَّسَعُ: فَساد
العين. يقال رسَّعَ الرّجلُ فهو مُرَسِّع. ويقال رسَّعَتْ أعضاؤه، إذا فَسَدَتْ.
__________
(1) لحميد الأرقط، كما في اللسان (رزن).
(2) البيت للبيد في ديوانه 17 طبع 1881.
(3) في الأصل: "مبرز"، تحريف.
(4) البيت في اللسان (رزب). وبعده:
* كأنه جبهة ذرى حبا *
(5) ويقال أيضاً رزح، كركع، وروازح.
(6) البيت لزياد الملقطي، كما في اللسان (رزح).(2/321)
(رسغ) الراء والسين والغين كلمةٌ واحدة، [الرُّسْغُ]: وهو مَوْصِل الكَفِّ في الذِّراع، والقدم في الساق. والرِّساغ: حبلٌ يُشَدُّ في رسغ الحمار ثم يشدُّ إلى وتد. ويقال أصاب المطر الأرضَ فرسَّغ، وذلك إذا بلغ الماء الرسغ.
رسف - رسل
(رسف) الراء والسين والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على مقارَبَة المَشْي، فالرَّسْفُ: مَشْي المقيَّد، ولا يكون ذلك إلاّ بمقارَبَةٍ. رَسَفَ يَرْسُف ويَرْسِف رَسْفاً ورَسِيفاً ورَسَفاناً. قال أبو زيد: أرسفْتُ الإِبلَ، إذا طردْتَها بأَقْيَادِها.
(رسل) الراء والسين واللام أصلٌ واحدٌ مطّردٌ مُنْقاس، يدلُّ على الانبعاث والامتداد. فالرَّسْل: السَّير السَّهل. وناقةٌ رَسْلَةٌ: لا تكلِّفك سِياقاً. وناقة رَسْلَهٌ أيضاً: ليِّنة المفاصل. وشَعْرٌ رَسْلٌ، إذا كان مُسترسِلا.
والرَّسَل: ما أُرسِل من الغَنَم إلى الرَّعي. والرِّسْل: اللَّبَن؛ وقياسُه ما ذكرناه، لأنَّه يترسَّل من الضَّرْع. ومن ذلك حديث طَهْفَةَ بن أبي زُهيرٍ النَّهدِيّ(1) حين قال: "ولنا وَقِيرٌ كثير الرَّسَلِ، قليل الرِّسْل". يريد بالوَقير الغَنَم، يقول: إنها كثيرة العدد، قليلة اللَّبَن. والرَّسَل: القَطيع هاهنا.
__________
(1) طهفة هذا، بفتح الطاء: صحابي جليل، وفد على الرسول في وفد بنى نهد، وتكلم كلاماً فيه غريب كثير. انظر الإصابة 4292.(2/322)
ويقال أَرسَلَ القومُ، إذا كان لهم رِسْلٌ، وهو اللَّبَن. ورَسِيلُ الرّجُل: الذي يقف معه في نِضالٍ أو غيرِه، كأنَّه سُمِّي بذلك لأنّ إرساله سهمَه يكون مع إرسال الآخرِ. وتقول جاءَ القومُ أَرْسالاً: يتبَعُ بعضُهم بعضاً؛ مأخوذٌ من هذا؛ الواحدُ رَسَل. والرَّسول معروفٌ. وإبلٌ مَراسِيلُ، أي سِرَاعٌ. والمرأة المُرَاسِل التي مات بعلُها فالخُطَّاب يُراسِلُونها. وتقول: على رِسْلِك، أي على هِينَتِك؛ وهو من الباب لأنَّه يَمْضي مُرْسَلاً من غير تجشُّم. وأمّا: "إلاّ مَن أعطى في نَجْدَتِها ورِسْلِها" فإِنَّ النَّجْدة الشّدّة. يقال فيه نَجْدةٌ، أي شِدَّةٌ. قال طَرَفة:
رسم
يا لقَومِي للشَّبَاب المُسْبَكِرّْ(1)
تَحْسَِبُ الطّرْفَ عليها نَجْدةً
والرِّسْل: الرَّخاء. يقول: يُنِيلُ منها في رَخائه وشِدّته. واسترسلتُ إلى الشَّيء، إِذا انبعَثَتْ نفْسُك إليه وأَنِسْتَ. والمرَسلات: الرِّياح. والراسِلان(2): عِرْقانِ.
(رسم) الراء والسين والميم أصلان: أحدهما الأثَر، والآخر ضربٌ من السير.
فالأوّل الرّسْم: أثَرُ الشَّيء. ويقال ترسَّمْتُ الدّار، أي نظرتُ إلى رسومها. قال غيلان:
ماءُ الصَّبابةِ من عينَيْكَ مسجومُ(3)
أأَنْ ترسَّمْتَ مِن خَرقاءَ منزِلَةً
وناقةٌ رَسومٌ: تؤثِّر في الأرض من شِدّة الوطْء. والثَّوب المرسَّم: المخطَّط. ويقال إنَّ الترسُّم: أنْ تنظُرَ أين تحفِر، وهو كالتفرُّس. قال:
* ترسُّم الشَّيخ وضَرْبَ المِنْقارْ(4) *
ويقال إنَّ الرَّوْسَم: شيءٌ تُجْلَى به الدَّنانير. قال:
*دنانِيرُ شِيفَتْ من هِرَقْلَ برَوْسَمِ(5) *
رسن - رسي
__________
(1) ديوان طرفة 64 واللسان (نجد).
(2) في اللسان: "والراسلان: الكتفان، وقيل عرقان فيهما".
(3) ديوان ذي الرمة 567 واللسان (رسم).
(4) البيت في اللسان (رسم).
(5) لكثير عزة. وصدره كما في اللسان (رسم):
* من النفر البيض الذين وجوههم *(2/323)
والرَّوْسم: خشَبةٌ يُختَم بها الطَّعام. وكلُّ ذلك بابُه واحدٌ: وهو من الأثَر. ويقال إِنَّ الرَّواسيمَ كتبٌ كانت في الجاهليّة. وعلى ذلك فُسِّرَ قولُه:
* كأنَّها بالهِدَمْلاَتِ الرَّوَاسِيمُ(1) *
وقيل الراسم: الماء الجارِي.* فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه إِذا جَرَى أثَّر وأبْقَى الرَّسْمَ.
وأمّا الأصل الآخَر فالرَّسِيم: ضَربٌ مِن سَير الإِبل. يقال رسَم يرْسِمُ. فأمّا أرْسَم فلا يقال(2). وقول ابن ثَوْر:
* غُلاَميَّ الرَّسيمَ فأَرْسما(3) *
فإنَّه يريد: فأرسم الغلامانِ بَعيريْهِما، إِذا حَمَلاهما على الرَّسيم؛ ولا يريد أنَّ البعير أرسَمَ.
(رسن) الراء والسين والنون أصلٌ واحدٌ اشترك فيه العرب والعجم، وهو الرَّسَنُ، والجمع أرسانٌ. والمَرْسِنُ: الذي يقع عليه الرَّسَن من أنف الناقة، ثم كثُر حتَّى قيل مَرسِنُ الإنسان. ورسَنْت الرَّجُلَ(4) وأرسنْتُه: شددتُه بالرَّسَن.
(رسي) الراء والسين والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على ثباتٍ. تقول رَسَا الشَّيءُ يرسُو، إذا ثَبَتَ. والله جلّ ثناؤُه أَرسَى الجِبالَ، أي أثْبَتَها. وجبلٌ راسٍ: ثابتٌ. ورَسَتْ أَقدامُهم في الحرب. ويقال ألْقَت السّحابةُ مَرَاسِيَها، إذا دامَتْ.
رسب - رسح - رسخ - رشف
والفحل إِذا تفرّقَتْ عنه شَوْلُه فصاح بها استقرَّت، فيُقال عند ذلك رسا بها(5). ومن الباب رَسَوْت بين القوم رَسْواً، إذا أصلَحْتَ. وبقيتْ في الباب كلمةٌ إنْ صحّتْ فقياسُها صحيحٌ. يقال رَسَوْتُ عنه حديثاً أَرْسُوه، إذا حدَّثْتَ به عنه. وفي ذلك إثباتُ شيءٍ أيضاً.
__________
(1) البيت لذي الرمة في ديوانه 578 واللسان (رسم).
(2) في الأصل: "ولا يقال".
(3) بيت حميد بن ثور بتمامه، كما في اللسان (رسم):
بعيري غلامي الرسيم فأرسما
أجدت برجليها النجاء وكلفت
(4) كذا في الأصل والمجمل، ولم أجده في غيرهما.
(5) في الأصل: "ترسا بها"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.(2/324)
(رسب) الراء والسين والباء أصلٌ واحد، هو ذهابُ الشيء سُفْلاً مِن ثَِقَلٍ. تقول: رسَبَ الحجَر في الماء يرسُب. وحكى بعضهم رسَبَتْ عيناه: غارَتَا. فإن كان صحيحاً فهو محمولٌ على ما ذكرناهُ، مشبَّهٌ به. والسَّيف الرَّسوب: الذي يمضي في الضَّريبة(1)، فكأنّه قد رَسَب فيها. وراسِبٌ: حَيٌّ من العَرب.
(رسح) الراء والسين والحاء أُصيلٌ فيه كلمةٌ واحدة. الرَّسْحاء: المرأة اللاصقة العَجُز، الصغيرةُ الأَلْيَتَين. ورجلٌ أرسحُ، والذِّئب أرْسَح.
(رسخ) الراء والسين والخاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الثَّبات. ويقال رسَخَ: ثَبَتَ، وكلُّ راسخٍ ثابتٌ.
{باب الراء والشين وما يثلثهما}
(رشف) الراء والشين والفاء أصلٌ واحد، وهو تَقَصِّي شُرب الشّيء. والرَّشْف: استِقْصاء الشُّرب حتَّى لا يَدَع في الإِناء شيئاً. رشف يرشُف ويَرْشِف. وفي كتاب الخليل: الرَّشَْف: بقيّة الماء في الحَوض. والرَّشْف: أخْذُ الماء
رشق - رشم - رشن
بالشَّفَتَين، وهو فوقَ المَصّ. والرَّشُوف: المرأة الطيِّبة الفَم. ومعنى هذا أنَّ رِيقَتَها مِن طِيبها تُتَرَشَّف.
(رشق) الراء والشين والقاف أصلٌ واحد، وهو رمْي الشَّيء بسهم وما أشبَهَه في خِفَّة. فالرَّشْق مصدر رشَقَه بسهمٍ رَشْقاً. والرِّشْق: الوَجْه من الرَّمْي، إذا رمَى القومُ جَميعُهم قالوا: رمينا رِشْقاً. قال أبو زُبَيد:
فمُصِيبٌ أو صَافَ غيرَ بَعِيدِ(2)
كلَّ يومٍ ترمِيهِ منها برِشْقٍ
ومن الباب قولهم: أرشَقْتُ، إذا حدّدتَ النَّظَر. قال القُطَاميّ:
* وتَرُوعُنِي مُقَل الصُِّوار المُرْشِقِ(3) *
__________
(1) في الأصل: "ضرب".
(2) البيت في اللسان (صيف، رشق)، وسيعيده في (صيف، ضيف).
(3) ديوان القطامي 34 واللسان (رشق). وصدره:
* ولقد يروق قلوبهن تكلمي *(2/325)
ويقال رَشَقه بالكَلام. ومن الباب الرَّشيق: الخفيفُ الجِسْم، كأنّه شُبِّه بالسَّهم الذي يُرشَق به. ومنه أرشَقَتِ الظَّبيةُ: مدَّت عُنُقها لتنظُر.
(رشم) الراء والشين والميم كلمةٌ واحدة لا يقاس عليها، وليس في الباب غيرها. وذلك الأرشَم: الذي يتشمّم الطّعامَ ويَحرِص عليه. قال:
فجاءَتْ بنَزٍّ لِلنِّزَالَةِ أرشَما(1)
لَقىً حملَتْهُ أُمُّه وهي ضَيْفَةٌ
(رشن) الراء والشين والنون ليس أصلاً ولا فيه ما يُؤْخَذُ به. لكنَّهم يقولون. رشَنَ الكلبُ في الإناء: أدخَلَ رأسَه. والرَّاشن: الذي يتحيَّن وقْتَ الطعام فيأتِي ولم يُدْعَ. وفي كلِّ ذلك نَظر.
رشي - رشأ - رشح
(رشي) الراء والشين والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على سَببٍ أو تسبُّبٍ لشيءٍ بِرفْق وملايَنَة. فالرِّشاء: الحبل الممدود، والجمع* أرشِيَة. ويقال للحنْظَل إذا امتدَّت أغصانُه: قد أَرْشَى. يُعْنَى أنّه صار كالأرشية، وهي الحبال. ومن الباب: رشَاه يَرشُوهُ رَشْواً. والرَُِّّشْوة الاسمُ. وتقول ترشَّيْت الرّجلَ: لايَنْتُه. ومنه قول امرئ القيس:
* تُرَاشِي الفؤادَ(2) *
ومن الباب استرشَى الفصيلُ، إذا طلب الرَّضاع، وقد أرشَيْتُه إرشاء. وراشَيْتُ الرّجُل، إذا عاونتَه فظاهَرْتَه. والأصل في ذلك كلِّه واحد.
(رشأ) الراء والشين والهمزة كلمةٌ واحدة وهي الرّشأ، مهموز، وهو ولد الظَّبْية.
__________
(1) البيت للبعيث يهجو جريراً. انظر اللسان (لقا، ضيف، نزز،نزل، رشم، يتن).
(2) قطعة من بيت له. وهو بتمامه كما في الديوان 95:
تراشي الفؤاد الرخص ألا تخترا
نزيف إذا قامت لوجه تمايلت(2/326)
(رشح) الراء والشين والحاء أصلٌ واحد؛ وهو النّدَى يبدو من الشّيء. فالرَّشْح: العَرَق. يقال رشَح بدَنُه بعَرَقِه. فأمّا قولهم يُرشَّح لكذا، فهو من هذا، وأصله الوحشيّةُ إذا بَلَغ ولدها أن يمشيَ معَها مشَتْ به حتَّى يَرشَحَ عرَقاً فيقوى؛ ثم استُعير ذلك لكلِّ من رُبِّي، فقيل يُرشّح للخِلافة؛ كأنَّه يُرَبَّى لها. والرّاشِح: الجَبَلُ يندَى أصلُه. ورَشَّحَ النَّدى النَّبْتَ، إذا ربّاه. وأرشَحَت النّاقةُ، إذا دنا فِطامُ ولَدِها، وذلك هو عندما تفعل(1). وقال:
رشد - رصع
مِن آخِرِ الصَّيف قد همَّتْ بإرشاحِ(2)
كأنَّ فيه عِشاراً جِلّةً شُرُفاً
(رشد) الراء والشين والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على استقامةِ الطريق. فالمرَاشِد: مقاصد الطُّرُقِ. والرُّشْد والرَّشَد: خِلافُ الغَيّ. وأصاب فلان من أمره رُشدْاً ورَشَداً ورِشْدة. وهو لِرَِشْدةٍ خلاف لِغَِيّة.
{باب الراء والصاد وما يثلثهما}
(رصع) الراء والصاد والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على عَقْد شيءٍ بشيءٍ كالتَّزْيِين له به. يقال لِحلْية السَّيف رَصِيعةٌ، والجمع رصائع، وذلك ما كان منها مستديراً. وكل حَلْقَةِ حِلْيَةٍ مستديرةٍ : رصيعةٌ. قال الهذليّ(3):
وعادَ الرَّصيعُ نُهْبَةً للحمائلِ(4)
ضربنَاهُمُ حتى إذا ارْبَثَّ جمعُهُمْ
ومن الباب المراصِعُ، وهي التمائِم، سمِّيت بذلك لأنها تعلَّق. ويقال رُصِعَ الشيء، إذا عُقِد. ويقال رَصَع به، إذا عَبِقَ.
__________
(1) كذا في الأصل.
(2) لأوس بن حجر في ديوانه 4. وقصيدة البيت تروى أيضاً لعبيد بن الأبرص في مختارات ابن الشجري 100.
(3) هو أبو ذؤيب الهذلي. انظر ديوانه 85 واللسان (رسع، رصع، نهي) ومعجم البلدان (الرسيع).
(4) في الأصل:" اربت"، تحريف، صوابه بالثاء المثلثة كما في المجمل والديوان.(2/327)
ويجوز أن يكون الباقي من الكَلِم في هذا أصلاً آخرَ يدلُّ على خِفَّةٍ وصِغَر حجْم، فيقال لفراخ النَّخْل الرَّصَع، الواحدة رصَعَةٌ. ويقال للمرأة الرَّسْحاء رَصْعاء. والرَّصْع: الضَّرب باليد ضرباً خفيفاً. والترصّع: النَّشاط والخِفّة.
رصغ - رصف - رصن
(رصغ) الراء والصاد والغين ليس أصلاً. لكنّ الخليل قال: الرُّصْغ لغةٌ في الرُّسغ.
(رصف) الراء والصاد والفاء أصلٌ واحدٌ منقاسٌ مطّرد، وهو ضمُّ الشيءِ بعضِه إلى بعض. فالرَّصْف: ضَمُّ الحِجارة بعضِها إلى بعض. والحجارة نَفْسُها رَصَفٌ. ومن ذلك رَصْف الصّخْر في البِناء. والرِّصَاف: العَقَبُ يُشَدُّ على فُوقِ السَّهم. وحكى الخليل الرُّصَافة والرَّصَفَةَ أيضاً. والرَّصوف: المرأة الصَّغيرة الفَرْج؛ وكأنّ ذلك من تَراصُفِ الشيء ويقال هذا أمرٌ لا يَرْصُفُ بك، أي لا يَليق. وعملٌ رصِيفٌ: مُحْكَم. وفلانٌ رصيفُ فلانٍ، أي يعارِضُه في عمَله.
(رصن) الراء والصاد والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ثَبَاتٍ وكمال وإحكام. تقول: شيءٌ رصينٌ، أي شديد ثابت. وقد رَصُن رَصانةً، وأرصنتُه أنا. وحكى ناسٌ: فلانٌ رصينٌ بحاجَتِك، أي حَفِيٌّ. ويقال رَصَنْتُ الشيءَ(1): أكملتُه. وقال أبو زيد: رصَنْت الشيءَ معرفةً(2). والرَّصِينانِ في رُكْبة الفرس: أطرافُ القَصَب المركَّب في رَضَْفَة الفَرَس.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: هو رصينُ الجَوف، أي مُوجَع الجوف. قال:
* تقول إنِّي رَصِينُ الجَوْفِ فاسقُونِي(3) *
ويقولون: رصَنَه بلسانه رصْناً، أي شَتَمه. وفيه نظرٌ.
رصد- رضع
__________
(1) في الأصل: "أرصنت"، صوابه في المجمل وسائر المعاجم المتداولة.
(2) زاد في اللسان: "أي علمته". وفي المجمل: "أي غلبته"، محرفة.
(3) في اللسان: "يقول إني".(2/328)
(رصد) الراء والصاد والدال أصلٌ واحد، وهو التهيُّؤُ لِرِقْبةِ شيءٍ على مَسْلكِه، ثم يُحمَل عليه ما يشاكلُه. يقال أرصدتُ له كذا، أي هيّأْتُه* له، كأنّك جعلتَه على مَرصَده. وفي الحديث: "إلاّ أنْ أُرْصِدَه لدَيْنٍ عَلَيّ" وقال الكسائيّ: رصدتُه أرصُدُه، أي ترقَّبتُه؛ وأرصَدْت له، أي أعدَدْت. والمَرْصَد: موقع الرَّصْد. والرَّصَد: القوم يَرصُدون. والرَّصْد الفِعل. والرَّصود من الإبل: التي ترصُد شُربَ الإبل ثم تَشرَب هي. ويقال إنَّ الرُّصْدة(1) الزُّبْية، كأنها للسبُع ليقَعَ فيها. ويقال الرَّصيد: السبُع الذي يَرْصُد ليَثِب.
وشذّتْ عن الباب كلمةٌ واحدة، يقال الرَّصَْد: أوّل المطر. والله أعلمُ بالصواب.
{باب الراء والضاد وما يثلثهما}
(رضع) الراء والضاد والعين أصلٌ واحد، وهو شُرْب اللَّبَن من الضّرْع أو الثّدي. تقول رَضِع المولودُ يرضَع. [ويقال: لئيمٌ راضعٌ؛ وكأنّه من لؤمه يرضع إبلَه لِئلاَّ(2)] يُسْمَع صوتُ حلْبه. ويقال امرأةٌ مُرضِع، إذا كان لها ولدٌ ترضِعُه. فإنْ وصفْتَها بإرضاعها الولدَ قلت مُرْضعةٌ. قال الله جل ثناؤه: { يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ } [الحج 2]. والرَّاضعتان: الثَّنيَّتانِ اللّتان يُشْرَب عليهما(3). وذكر بعضُهم أنّ أهلَ نَجْدٍ يقولون: رَضَع يَرْضِع على وزن فعَل يَفْعِل. وأنشد:
رضف - رضم
أفاوِيقَ حتَّى ما يُدِرُّ لها الثُّعْلُ(4)
وذَمُّوا لنا الدُّنيا وهم يَرْضِعُونَها
__________
(1) ذكرت في القاموس. ولم تذكر في اللسان.
(2) التكملة من المجمل.
(3) في اللسان: "يشرب عليهما اللبن".
(4) البيت لعبد الله بن همام السلولي، يهجو به العلماء، كما في اللسان (9: 484/ 12: 193/ 13: 88). وانظر أمالي ثعلب 515. والرواية في جميعها: "ثعل"، وفي الأصل هنا: "الثقل"، تحريف.(2/329)
وهو أخُوه من الرَّضاعة، بفتح الراء. والرِّضاع: مصدرُ راضعتُه. وهو رَضِيعي؛ كالرَّسِيل، والأكيل، والرَّضُوعة: الشّاة التي تُرضِعُ.
(رضف) الراء والضاد والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على إِطباق شيءٍ على شيء. فالرَّضْفَة: عظمٌ منطبقٌ على الرُّكبة. فأمّا الرَّضْف فحجارةٌ تُحمَى، يُوغَر بها اللَّبنُ، ولا يكون ذلك بحجرٍ واحد. وفي الحديث: "كان يُعجِّل القيامَ كأنَّه على الرَّضْف"(1). والرَّضيف: اللَّبن يُحلب على الرَّضْف يؤكل. ويقال شِواءٌ مرضوف: يُشوَى على الرَّضْف. فأما قولُ الكميت:
ومَرْضُوفةٍ لَمْ تُؤْنِ في الطَّبْخ طاهياً
عجِلْتُ عَلَى مُحْوَرِّها حِين غَرْغَرَا(2)
فإِنَّه يريد القِدْر التي أنضِجَت بالرَّضْف، وهي الحجارة التي مضى ذِكرها. ذكر ابنُ دريدٍ(3): رضَفْتُ الوِسادةَ: ثنيتُها؛ في لغة اليمن.
(رضم) الراء والضاد والميم قريبٌ من الباب الذي [قبله]، كأنّه رميُ الحجارة بعضِها على بعض. فالرَّضِيم: البِناء بالصَّخر. والرِّضام: الصخور، واحدتُها رَضْمَةٌ. ورضَمَ فلانٌ بيتَه بالحِجارة. وبِرذَونٌ مَرضُوم العَصَب، إذا تشنَّجَ عصَبُه فصار بعضُه على بعض. ورَضَم البعيرُ بنَفْسِه إذا رمَى بنفسه.
رضن - رضي - رضب - رضح - رضخ
(رضن) الراء والضاد والنون تشبه الباب(4) الذي قبلها. فالمرضون من الحجارة: المَنْضود.
(رضي) الراء والضاد والحرف المعتلّ أصلٌ واحد يدلُّ على خلاف السُّخْط. تقول رضِي يرضَى رِضىً. وهو راضٍ، ومفعوله مرضِيٌّ عنه. ويقال إِنّ أصله الواو؛ لأنّه يقال منه رِضوَان. قال أبو عبيد: راضانِي فلانٌ فرَضَوْتُه. ورَضْوَى: جبلٌ، وإذا نُسِب إليه رَضَوِيّ.
__________
(1) في اللسان: "كان في التشهد الأول كأنه على الرضف".
(2) البيت في اللسان (رضف، أني، حور، غرر).
(3) الجمهرة (2: 364).
(4) في الأصل: "الباء".(2/330)
(رضب) الراء والضاد والباء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على ندىً قليل. فالرَّاضب من المطر: سَحٌّ منه. قال:
وأدركها فيها قِطارٌ ورَاضِبُ(1)
خُنَاعَةُ ضَبْعٌ دَمَّجَتْ في مَغارةٍ
ومنه الرُّضَاب، وهو ما يرضُبه الإنسان مِن ريقه، كأنَّه يمتصُّه.
(رضح) الراء والضاد والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على كَسْر الشيء. والرَّضْح: كَسْر الشّيء، كدَقِّ النَّوَى وما أشبَهَه. وذلك الشّيء رَضِيحٌ. قال الأعشى:
وسَقْيي وإطْعامِي الشَّعيرَ بمحفَِدِ(2)
بناها السَّوادِيُّ الرَّضِيحُ مع الخَلا
(رضخ) الراء والضادِ والخاء كلمةٌ تدلُّ على كَسْرٍ. ويكون يسيراً ثم يشتقّ منه. فالرضْخ: الكسر؛ و* هو الأصل، ثم يقال رَضَخَ له، إذا أعطاه شيئاً
رطع - رطل - رطم
ليس بالكثير، كأنّه كسَرَ له من ماله كِسْرةً. ومنه حديث مالك بن أوس، حين قال له عمر: "إنّه قد دَفَّتْ علينا دَافَّةٌ من قومِك، وإنِّي أمرت لهم بِرَضْخ(3)".
ويقال تراضَخَ القَومُ: ترامَوْا، كأنّ كلَّ واحدٍ منهم يريد رَضْخ صاحبِه. والرَّضْخ من الخَبَر: الذي تسمعه ولا تستيقِنُ منه(4). ويقال فلانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنةً، إذا شابَ كلامُه بشيءٍ من كلام العجَمِ يسيرٍ.
{باب الراء والطاء وما يثلثهما}
(رطع) الراء والطاء والعين ليس بشيءٍ، إلاّ أنّ ابنَ دُريدٍ(5) ذكر أنَّهم يقولون: رَطَعها، إذا نكحها. وليس ذلك بشيءٍ.
__________
(1) البيت لحذيفة بن أنس، كما في اللسان (رضب) وشرح السكري للهذليين 225. وروي في المخصص (9: 116): "رواضب" على أنها صفة للقطار. والقطار: جمع قطر وهو المطر. وأنشد صدره في اللسان (دمح) محرفاً.
(2) ديوان الأعشى 131 واللسان(حفد).
(3) في الأصل: "إن ضخ"، صوابه من المجمل.
(4) في الأصل: "عنه".
(5) الجمهرة (2: 368).(2/331)
(رطل) الراء والطاء واللام كالذي قبله، إلاّ أنَّهم يقولون للشيء يُكال به رِطْلٌ. ويقولون: غُلامٌ رِطلٌ: شابٌّ. ورطَّلَ شَعَْرَه: كَسَّره وثَنَّاه. وليس [هذا] وما أَشبهه من مَحْض اللغة.
(رطم) الراء والطاء والميم كلمةٌ تدلُّ على ارتباكٍ واحتباسٍ. يقولون: ارتطَمَ على الرّجُل أمْرُه، إذا سُدَّتْ عليه مذاهبهُ. ويقولون: ارتطَمَ في الوحل. ومن الباب تسميتُهم اللازِمَ للشّيءِ راطماً. والرَّطُوم: الأحمق؛ وسمِّي بذلك لأنّه يرتَطِم في أمورِه. ومن الباب الرُّطام، وهو احتباس نَجْو البعير. ويقولون رَطَمها، إذا نَكَحها. وقد قُلْنا إنّ هذا وشِبْهَه ممّا لا يكونُ من مَحْض اللُّغة.
رطن - رطو - رطب
(رطن) الراء والطاء والنون بناءٌ ليس بالمُحْكَم ولا له قياسٌ في كلامهم، إلاّ أنَّهم يقولون: تراطَنُوا، إذا أتَوْا بكلامٍ لا يُفهَم؛ ويُخَصُّ بذلك العَجم. قال:
أصواتُهُ كَتَراطُنِ الفُرِس(1)
فأثارَ فارِطُهُمْ غَطَاطاً جُثَّماً
ويقال الرّطَّانة: الإبل معها أهلُها. قال:
* رَطَّانة مَنْ يَلْقَها يُخَيَّبِ(2) *
(رطو) الراء والطاء والواو ليس بشيء. وربما قالوا: رطَاها ورطأها، إذا جامَعَها. وممّا يقرب [من] هذا في الضّعف قولُهم للأحمق: رطِيٌّ.
__________
(1) البيت لطرفة في اللسان (رطن، غطط)، وليس في ديوانه، وسيعيده في (غط).
(2) إثبات الكلمة الأخيرة من اللسان. وبدلها في المجمل: "يجنب".(2/332)
(رطب) الراء والطاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف اليُبْس. من ذلك الرَّطْب والرَّطِيب. والرُّطْب: المرعى، بضم الراء. والرُّطَب معروف. ويقال أرْطَبَ النّخْل إرطاباً. ورطَّبْتُ القومَ تَرطيباً، إذا أطعمتَهم رُطَباً. والرِّطاب(1) من النَّبت. تقول: رطَبْتُ الفرسَ أرطُبه رطْباً ورُطوباً. والرَّطْبَة: اسمٌ للقَضْب خاصّةً مادام رَطْباً. ورِيشٌ رَطِيبٌ، أي ناعم. وحكى ناسٌ عن أبي زيد: رَطِبَ
الرجُل بما عنده يَرْطَبُ(2)، إذا تكلَّم بما كان عنده مِن خطأٍ أو صواب. والله أعلم.
رعف
{باب الراء والعين وما يثلثهما}
(رعف) الراء والعين والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على سَبْق وتقدُّم. يقال فَرَسٌ راعفٌ: سابقٌ متقدِّم. ورَعَف فلانٌ بفرسِهِ الخيلَ، إِذا تقدَّمها. قال الأعشى:
غَداةَ الصّباح إذا النَّقْعُ ثارا(3)
به تَرْعُفُ الألْفَ إِذْ أُرْسِلَتْ
__________
(1) الرطاب: جمع رطبة بالفتح، وهي القضب.
(2) ذكرت في القاموس، وجعلها من باب فرح، ولم ترد في اللسان.
(3) ديوان الأعشى 40 واللسان (رعف). ويروى: "ترعف" بالبناء للمفعول أيضاً.(2/333)
ومن الباب رَعَفْت ورَعُفت(1). والرُّعاف فيما يقال: الدّمُ بعينه. والأصل أنّ الرُّعاف ما يُصيب الإنسانَ من ذلك، على فُعال، كما يقال في الأدواء. ويقولون للرِّماح رواعفُ، قِيل ذلك من أجل أنها تقدَّم للطَّعْنِ. ويقال بل سُمِّيت لِمَا يقطُر منها الدّمُ. والأصل فيه كلِّه واحدٌ(2). وراعُوفَةُ البِئر: حجرٌ يتقدم من طَيِّها(3) نادراً، يقوم عليه السَّاقي. وأَرْعَفَ فلانٌ فلاناً، إذا أعجَلَه. وجاء في الرَّاعوفة "أنّه سُحِرَ وجُعِل سِحرُه في جُفِّ طَلْعةٍ ودُفِنَ تحت راعُوفة البِئر(4)". والرَّاعف: أَنْف الجبَل، ويجمع رواعِفَ. وطرَفُ الأرنبة راعفٌ. ويقال أرعَفَ فلانٌ قرْبتَه إرعافاً، إذا ملأَها حتى تَرْعُف. قال:
* يَرْعُفُ أعلاها مِنِ امتلائها(5) *
رعق - رعك - رعل
(رعق) الراء والعين والقاف ليس أصلاً، بل هو صوتٌ من الأصوات. فالرُّعَاق: صوتٌ يخرج من قُنْب الدّابّة الذكرِ، كما يُسمَع الرَّعيق من ثفْر الأُنثى. تقول: رَعَق رَعْقاً ورُعاقا.
(رعك(6)) الراء والعين والكاف كلمةٌ واحدة. يقولون: الرّاعك من الرجال: الأحمَق.
(رعل) الراء والعين واللام معظمُ بابِه أصلان: أحدهما جماعةٌ، والآخَر شيءٌ يَنُوس ويضطرب. فالأول الرَّعْلَة: القِطعة من الخيل. والرَّعِيل مثل الرَّعلة. وقال طرَفةُ في الرِّعال وجعَلَها للطّير:
كرِعال الطَّيرِ أسراباً تمُرّْ(7)
ذُلُقٌ في غارةٍ مسفوحةٍ
__________
(1) كذا ضبطا في الأصل. ولغاته في القاموس: كنصر ومنع وكرم وعنى وسمع.
(2) في الأصل: "كلمة واحدة".
(3) في الأصل: "طينها"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) ويروى: "راعوثة" بالثاء. وهو من حديث عائشة. اللسان (رعث، رعف).
(5) لعمر بن لجأ، في اللسان (رعف). وأنشده في المجمل.
(6) لم أجد لهذه المادة ذكراً في المعاجم المتداولة. وانظر ما سبق في مادة (دعك).
(7) ديوان طرفة 70 واللسان (ذلق).(2/334)
وأراعيل الرِّياح: أوائلها. وحكى ابنُ الأعرابيّ: تركت عيالاً رَعْلَةً، أي كثيرة. فأما قولُه:
نساءً وجِئْنا بالهِجان المرعَّلِ(1)
أبَأْنا بِقَتْلانا وسُقْنا بسَبْيِنا
فالمعنى المجمَّع، من القياس الذي ذكرناه. ويقال المرعَّل: السمين المختار(2)؛ وليس ببعيدٍ، إلاّ أنَّ القولَ الأولَ أقْيَس.
والأصل الثاني الرَّعْلة: ما يُقطَع من أذُن الشاة ويُترك معلَّقا ينوسُ، كأنه زَنَمة. وناقةٌ رَعلاءُ، إذا فُعِل بها ذلك. قال الفِنْد الزِّمَّانيّ:
رعم - رعن
لَ مِثْلَ الأينُق الرُّعْلِ(3)
رأيت الفِتْيَةَ الأعْزا
قال ابن الأعرابي: مَرّ فلان يَجُرّ رَعْلَه، وأراعيلَه، أي ثيابه(4). وشاةٌ رَعْلاءُ: طويلة الأذُن. ويقال للذي تَهَدَّلَ أطرافُه من الثِّياب: أرْعَلُ.
وممّا شذ عن البابين- وقد يمكن من أحدهما- الرَّعْلَةُ، وهي النَّعامة(5). ويقال إنّ الرّاعل فُحَّالٌ بالمدينة.
(رعم) الراء والعين والميم كلمتان متباينتانِ، بعيدٌ ما بينهما. فالأولى الرُّعام: شيءٌ يَسيل من أنْفِ الشاةِ لداءٍ يصيبها؛ يقال منه: شاةٌ رَعُومٌ.
والكلمة الثانية شيءٌ ذكره الخليل. قال: رَعَمَ الشمسَ يَرْعَمُها، إذا رَقَب غيبوبَتَها. وذكر أنه في شعر الطرِمّاح(6).
__________
(1) البيت في المجمل واللسان (رعل).
(2) في المجمل: "المختار".
(3) في المجمل واللسان (رعل). ويروى: "الأغرال". وانظر المخصص (7: 156).
(4) في الأصل: "شابه"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) في اللسان: "سميت بذلك لأنها تقدم فلا تكاد ترى إلا سابقة للظليم".
(6) هو قوله، في الديوان 108 واللسان (رعم):
يرعم الإيجاب قبل الظلام
ومشيح متأق عدوه(2/335)
(رعن) الراء والعين والنون أصلان: أحدهما يدلُّ على تقدُّم في شيءٍ، والآخر يدلُّ على هَوَج واضطراب. فالأول الرَّعْن: الأنْف النادر من الجبَل. قال ابنُ دُريد: وسمِّيت البَصرة رعناءَ لأنَّها تشبّه برَعْن الجبل. وهو قولُ الفرزدق:
ما كانت البَصرة الرَّعناءُ لي وطَنا(1)
لولا ابنُ عُتبةَ عمروٌ والرّجاءُ له
ويقال جَيْشٌ أرْعَنُ، إذا كانت له فُضولٌ كرُعُون الجِبال.
رعي
والأصل الآخَر قولهم أرعَنُ: مستَرْخٍ. قالوا: هو من رَعَنَتْه الشمسُ، إذا آلَمتْ دِماغه. يقال مِن ذلك: رجلٌ مَرعُون. ويقال: رَعُنَ الرَّجُل يَرْعُن رعَناً، فهو أرْعَن، أي أهْوَج، والمرأة الرّعناءُ. فأمّا قولُه جل ثناؤه { لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا } [البقرة 104]، فهي كلمةٌ كانت اليهود تَتَسابُّ بها، وهو من الأَرْعَن. ومن قرأها { رَاعِناً } ، منونة فتأويلُها لا تقولوا حُمْقاً من القَول. وهو من الأوَّل؛ لأنّه يكونُ كلاماً أرْعَنَ، أي مضطرباً أهوج. ويقال: رحَلُوا رِحْلَةً رَعنْاءَ، أي مضطرِبة. قال:
* ورحلوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ(2) *
وذلك إذا لم تكن على الاستقامة.
(رعي) الراء والعين والحرف المعتل أصلان: أحدهما المراقَبة والحِفظ، والآخَر الرجوع.
فالأوَّل رعَيْتُ الشَّيءَ، رقَبتُه؛ ورَعَيْته، إذا لاحَظْتَه. والراعِي: الوالي. قال أبو قيس:
مَرْعِيُّ في الأقوام كالرّاعِي(3)
ليس قطاً مِثْلَ قُطّيٍّ ولا الْ
والجميع الرِّعاء، وهو جمعٌ على فِعالٍ نادرٌ، ورُعاةٌ أيضاً. وراعيت [الأمر(4)]: نظرت إلامَ يصيرُ. ورعَيْتُ النُّجُومَ: رقَبْتُها. قالت الخنساء:
__________
(1) رواية ياقوت (البصرة) واللسان (رعن):
* لولا أبو مالك المرجو نائله *
... والبيت لم يرو في ديوان الفرزدق.
(2) البيت من رجز يروى لخطام المجاشعي، وللأغلب العجلي. اللسان (رعن).
(3) البيت في اللسان (رعي، قطا). وقصيدته في المفضليات (2: 84-86).
(4) التكملة من المجمل.(2/336)
وتارةَ أتغَشَّى فَضْلَ أَطْمَارِي(1)
أرعَى النُّجومَ وما كُلِّفْتُ رِعْيَتَها
رعب
والإِرعاء: الإبقاء، وهو من ذاك الأصلِ؛ لأنّه يحَافِظُ على ما يحافَظُ عليه. قال ذو الإصبع:
نَ كانوا حَيَّةَ الأرض(2)
عَذِيرَ الحَيِّ مِنْ عَدْوَا
فلَمْ يُرْعُوا على بَعْضِ
بغَى بعضٌ على بعضٍ
ورجلِ تَُِرْعِية(3)* وتِرْعايةٌ: حسن الرِّعيْة بالإبل. ومن الباب أرعَيْتُه سَمْعي: أصغَيْتُ إليه. وأَرْعِنِي سَمْعَك، بكسر العين، أي ليرقُبْ سمعُك ما أقولُه.
والأصل الآخَر: ارْعَوى عن القبيح، إذا رجَع. وحكى بعضهم: فلانٌ حسنُ الرَّعْو والرِّعو(4) والرَُّعْوَى.
ومن الشَّاذّ عن الأصلين: الرَّعاوَى والرُّعَاوَى، وهي الإِبل التي يُعتمَل عليها. قالت امرأةٌ تخاطِب بَعلَها:
كنِضْوِ الرُّعاوَى قلتَ إِنيَ ذَاهبُ(5)
تَمَشَّشْتَنِي حتَّى إذا ما تركْتَنِي
وممكنٌ أن يكون هذا من الأصل، لأنّها تَهْرَم فتُرَدُّ إلى حالٍ سيِّئة، كما قال جلَّ ثناؤه: { وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ } [النحل 70، الحج 5].
(رعب) الراء والعين والباء أصولٌ ثلاثة: أحدها الخوف، والثاني المَلْء، والآخر القَطْع.
رعث
فالأول الرَّعْب وهو الخَوف، رَعَبْتُه رَعْباً، والاسم الرُّعْب. ويقال إنّ الرَّعْبَ رُقْيةٌ، يزعمون أنهم يرْعَبون ذا السِّحْر بكلامٍ(6)، أي يُفْزِعونه. وفاعله راعبٌ ورَعَّاب.
والأصل الآخر قولهم: سيلٌ راعبٌ، إذا مَلأَ الواديَ. ورعَبْتُ الحوضَ إذا ملأتَه.
__________
(1) ديوان الخنساء 55 واللسان (رعي).
(2) البيتان من أبيات في الأصمعيات 37. وانظر اللسان (رعي).
(3) ترعية، بتثليث التاء وتشديد الياء، وقد تخفف.
(4) والرعو أيضاً بالضم. ويقال "الرعوة" كذلك بالتثليث.
(5) البيت في اللسان (رعي).
(6) في الأصل: "أنه يرعبون السحر بكلام".(2/337)
والثالث قولهم للشَّيء المقَطَّع: مُرَعَّب. ويقال للقِطعة من السَّنام رُعْبوبة. وتسمَّى الشَّطْبَة من النِّساء رُعبوبةً؛ تشبيهاً لها بقِطعة السنام. ويقال سَنامٌ مرعوبٌ إذا كان يقطُر دسَما.
(رعث) الراء والعَين والثاء أصلٌ واحد، وهو تزيُّنُ شيءٍ بشيء. فالرَّعَث: العِهْن من الصُّوف، وهو يزيَّن به(1). والرِّعاث: القِرَطة، واحدتها رعثة(2). وفي كتاب الخليل: الرِّعاث: ضَرْبٌ من الخرَز والحَلْي. قال:
* وما حُلِّيَتْ إلاَّ الرِّعاثَ المُعَقَّدا *
ومما شُبِّه بهذا وحُمل عليه: رَعْثة الدِّيك، وهي عُثْنُونُه، كأنّها شُبِّهت برَعَث العهن. قال:
* مِنْ صَوتِ ذِي رَُعَُثَاثٍ ساكنِ الدَّارِ(3) *
رعج - رعد
(رعج) الراء والعين والجيم أَصلٌ يدلُّ على نَضارة وحُسْن وخِصْب وامتلاء. ويقال أرضٌ مِرْعاجٌ ورَعِجَة(4)؛ إذا كانت خِصْبةً. ومن النَّضارة والحُسن: إرعاج البَرْق(5)، وهو تلألؤُه.
(رعد) الراء والعين والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حركةٍ واضطرابٍ. وكلُّ شيءٍ اضطربَ فقد ارتعدَ. ومنه الرِّعديدَة(6)
__________
(1) يزين به الهودج ونحوه.
(2) رعثة بالضم، ورعثة بالتحريك.
(3) للأخطل في اللسان (رعث، حمض) والحيوان (2: 346). وصدره:
* ماذا يؤرقني والنوم يعجبني *
(4) هاتان الصفتان لم تردا في المعاجم المتداولة.
(5) ويقال رعج ورعج، بالفتح والتحريك، ويقال ارتعج ارتعاجاً أيضاً.
(6) في الأصل: "الرعددة" تحريف. وأنشد في اللسان لأبي العيال:
ـدة رعشٍ إذا ركبوا
ولا زميلة رعديـ(2/338)
والرِّعْديد: الجبان. وأرْعِدَتْ فرائصُ الرَّجُل عند الفَزَع. والرِّعديدة: المرأة الرَّخْصَة، والجمع رَعاديد. ومن الباب الرَّعْد، وهو مَصْع مَلَكٍ يسوقُ السَّحَاب. والمَصْع: الحركة والذَّهاب والمَجِيء. ويقال مَصَعَت [الدَّابَّة] بذنَبها، إذا حرّكَتْه. ثم يُتصرَّف في الرَّعْد، فيقال رَعَدَت السماء وبَرَقَتْ. ورَعَدَ الرَّجُل وبَرَق، إذا أَوْعَدَ وتَهَدَّد. وأجازُوا: أرعَدَ وأَبرَقَ. وأنشد:
ـدُ فما وَعيدُك لي بضائرْ(1)
أرعِدْ وأبْرِقْ يا يزيـ
وفي أمثالهم: "صَلَفٌ تَحْتَ الرَّاعِدة(2)"، للذي يُكْثِرُ الكلام ولا خيرَ عنده. والصَّلَف: قِلَّةُ النَّزَل. ويقال أرْعَدْنا وأبرقْنا، إذا سمِعْنا الرَّعدَ ورأينا البرق. ومن أمثالهم: "جاءَ بِذاتِ الرَّعْد والصَّليل" إذا جاءَ بشَرٍّ وغَزْو(3). ويقال إنّ ذاتَ الرَّعدِ والصّليلِ الحربُ. وذاتُ الرَّواعِد: الدّاهية.
رعز - رعس - رعش - رعص - رعظ
(رعز) الراء والعين والزاء ليس بشيء. على أنّهم يقولون: المُرَاعِزُ: المُعاتِبُ(4).
(رعس) الراء والعين والسين أُصَيْلٌ يدلُّ على ضَعف. قال الفرّاء: رَعَسْتُ في المشْي، إذا مشَيْتَ مشياً ضعيفاً، من إِعياءٍ أو غيرِه. وقال بعضُهم: الارتعاس كالارتعاش والانتفاض. قال:
خُضُمَّةَ الذِّرَاعِ هَذَّ المُخْتَلِي(5)
يَبْرِي بإِرْعاسٍ يَمِينِ المُؤْتَلِي
__________
(1) البيت للكميت كما سبق في حواشي (برق 222).
(2) كذا ورد نصه مضبوطاً في الأصل والمجمل. والمعروف: "رب صلف"، كما في اللسان.
(3) في الأصل: "وعز".
(4) زاد في القاموس: "وراعز: القبض". والكلمتان لم تردا في اللسان.
(5) الرجز للعجاج في ديوانه 52-53 واللسان (رعس). وفي اللسان: "الدارع"، أي لابس الدرع.(2/339)
(رعش) الراء والعين والشين في معنى الباب قبله من الاضطراب والارتعاد. ورجلٌ جبانٌ رَعِشٌ. وجَملٌ رَعْشَنٌ، وذلك اهتزازُه في سَيره والنون زائدة. والرَّعْشاءُ من النَّعام: السريعة.
(رعص) الراء والعين والصاد* في معنى البابِ الذي قبلَه. فالرَّعْص الاضطراب. ويقال ارتعصت الحيّةُ: تلوَّت. قال:
إلاّ ارتعاصاً كارتعاصِ الحيَّهْ(1)
أَنّيَ لا أسعَى إلى داعِيَّهْ
ويقال ارتعص الجَدْيُ، إذا ظَفَرَ من النَّشاط.
(رعظ) الراء والعين والظاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس ولا يَتفرَّع. فالرُّعْظُ: مَدْخَل النَّصْل في السَّهم. وحكى الخليل: "إنّ فلاناً لَيَكسِر عليك أرعاظَ النَّبْل"، إذا كان يتغضّب. ويقال سهمٌ رَعِظٌ، إذا غاب في رُعْظِه.
رغف - رغل - رغم
{باب الراء والغين وما يثلثهما}
(رغف) الراء والغين والفاء كلمةٌ واحدة. فالرَّغيف معروف، ويجمع على الرُّغْفان والأرغِفة والرُّغُف. قال:
* إنّ الشِّواء والنَّشِيلَ والرُّغُفْ(2) *
وهاهنا كلمةٌ أخرى إن صحَّت. زعموا أنّ الإرغاف: تحديد النَّظَر.
(رغل) الراء والغين واللام أصلٌ واحد، وهو اغتفال شيءٍ وأخذه. ثم يشتقّ منه ويُحمل. فالرَّغْل: اختلاسٌ في غَفْلة. والرَّغْلَة: رَضاعةٌ في غَفْلة. قال أبو زيد: يقال رَمٌّ رَغُول، إذا اغتنَمَ كلَّ شيءٍ وأكله. قال أبو وجزة:
ولا يَنامُ له جارٌ إِذا اختَرَفا(3)
رَمٌّ رَغُولٌ إِذا اغبَرَّتْ مَواردُهُ
__________
(1) للعجاج في ديوانه 72 واللسان (رعص، دعو) والمخصص (8: 112).
(2) الرجز للقيط بن زرارة، كما في اللسان (رغف، نشل). وانظر المخصص (5: 6/ 17: 85).
(3) البيت في المجمل واللسان (رغل).(2/340)
يقول: إذا أجدب لم يَحقِرْ شيئاً وشَرِهَ إليه، وإن اختَرَفَ وأخْصَبَ لم ينَمْ جارُه؛ خوفاً من غائِلته. والرَّغُول: الشَّاة تَرضَع الغَنَم(1). فأما الأرْغَل، وهو الأقْلَف، فليس من الباب؛ لأنه مقلوبٌ من الأغْرل، وقد ذُكِر في بابه. ويقال عَيشٌ أرْغَلُ، أي واسعٌ رافِهٌ. وهذا لعلّه مِن أرغَلَت الأرضُ، إِذا أنبتَت الرُّغْل، وهو من أحرار البقول.
(رغم) الراء والغين والميم أصلان: أحدهما التُّراب، والآخر المَذْهَب. فالأول الرَّغام، وهو التُّراب. ومنه "أرغَمَ الله أنفَه" أي ألصقه بالرَّغام. ومنه
رغن
حديثُ عائشة في الخِضاب: "أسْلِِتِيهِ ثمَّ أرغِمِيه" تقول: ألقيه في الرَّغام. هذا هو الأصل، ثم حُمل عليه فقال الخليل: الرَّغْم أنْ يفعل ما يكرهُ الإنسانُ. ورَغَمَ فلانٌ، إذا لم يقدر على الانتصاف. قال: والرَّغَام: اسم رملةٍ بعينها(2). ويقال راغم فلانٌ قومَه: نابَذَهم وخرجَ عنهم.
والأصل الآخَر المُراغَمُ، وهو المذهَبُ والمَهْرَب، في قوله جلَّ ثناؤه:
{ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وسَعَةً } [النساء 100]. وقال الجعديّ:
* عَزيزِ المُرَاغَمِ والمَهْرَبِ(3) *
ويقال: مالِي عن ذاك الأمرِ مُراغَمٌ، أي مهرَب.
ومما شذَّ عن الأصلين الرُّغامَى، قال قومٌ: هي الأنْف؛ وقال آخرون: زيادة الكبِد. قال الشمّاخ:
* لها بالرُّغامَى والخياشيمِ جارِزُ(4) *
__________
(1) ذكر هذا المعنى في القاموس ولم يذكر في اللسان.
(2) زاد ياقوت: "من نواحي اليمامة بالوشم". وأنشد للفرزدق:
والناهقات يصحن بالإعوال
تبكي المراغة بالرغام على ابنها
(3) صدره كما في اللسان (رغم):
* كطود يلاذ بأركانه *
(4) صدره كما في ديوانه 51 واللسان (رغم، جرز):
* يحشرجها طورا وطورا كأنها *
... وفي الأصل: "له بالرعامى" صوابها من هذه المراجع ومما سبق في (جرز 441).(2/341)
(رغن) الراء والغين والنون فيه كلامٌ إن صحّ. يقولون الإِرغانُ: الإصغاء إلى الإنسان والقَبولُ له والرِّضا به. والرَّغْن كذلك أيضاً. وحكَوْا عن الفراء:
رغو - رغب
"لا تُرْغِنَنَّ له في ذلك" أي لا تُطِعْه(1) فيه. ورَغَن إِلى الصُّلح مثل رَكَن. والله أعلم، كيف هذا(2).
(رغو) الراء والغين والحرف المعتلّ أصلان: أحدهما شيءٌ يعلو الشيء، والآخر صوتٌ.
فالأول الرَّغْوة والرُّغْوَة(3) [لِلَّبَن(4)]: زَبَدُه؛ والجمع رُغَىً. وارتغى الرَّجُل: شَرِبَ الرّغوة. يقولون: "يُسرُّ حَسْواً في ارتغاء". يُضْرَب مثلاً لمن يُظهِر أمراً ويريد خلافَه. ورغَّى(5) اللّبنُ من الرّغْوة. والمِرْغاةُ: الشَّيءُ من الخُبْز أو التَّمْر يُؤْكل به الرّغْوة(6). وكلامٌ مُرغٍّ: لم يفسَّرْ، كأنّ عليه رغْوة.
والأصل الآخَر الرُّغاء: رُغاء النّاقةِ والضَّبُع(7)، وهو صوتُهما. ويقال: "ما له ثاغِيةٌ ولا راغِيَة"، أي شاةٌ ولا ناقة. وأتيتُ فلاناً فما أثغَى ولا أرْغَى، أي لم يُعطِني شاةً ولا ناقةً.
(رغب) الراء والغين والباء أصلان: أحدهما طلبٌ لشيء(8) والآخر سَعَةٌ في شيء.
فالأوَّل الرَّغْبة في الشيء: *الإرادةُ له. رغِبْتُ في الشيء. فإِذا لم تُرِدْه قلتَ رغِبتُ عنه. ويقال من الرّغبة: رَغِب يرغَبُ رَغْباً ورُغبا ورَغْبَةً ورَغْبَى مثل شكوى.
رغث
__________
(1) في الأصل والمجمل: "لا تطعمه"، صوابه في اللسان.
(2) قد تكون هذه من زيادة النساخ.
(3) ويقال: رغوة، بالكسر. هو مثلث الراء.
(4) التكملة من المجمل.
(5) يقال أيضاً رغا وأرغى.
(6) فسرت في اللسان والقاموس بأنها "شيء يؤخذ به الرغوة". ولا تناقض بينهما.
(7) والرغاء للنعامة أيضاً.
(8) في الأصل: "طلب لشيء فيه".(2/342)
والآخر الشَّيْءُ الرَّغيب: الواسع الجَوف. يقال حوضٌ رغيب، وسقاءٌ رغيب. ويقال فرسٌ رغيب الشَّحْوة(1). والرَّغِيبة: العَطاء الكثير، والجمع رغائب. قال:
* وإِلى الذي يُعْطِي الرّغائبَ فارْغَبِ(2) *
والرَّغاب(3): الأرضُ الواسعة. وقد رغُبَتْ رُغْباً.
(رغث) الراء والغين والثاء أصلٌ يدل على الرَّضاع. يقال رَغَثَ الجديُ أمَّه: رَضِعَهَا. فأمّا قولُهم: بِرْذَوْنَةٌ رَغُوث، فقد اختُلِف فيه. فكان الخليل يقول: الرَّغُوث: كلُّ مرضِعة؛ وذكر قولَ طرفة:
رَغُوثاً حولَ قُبّتِنا تخُورُ(4)
ليت لنا مَكانَ المَلْكِ عَمْروٍ
وكان ابنُ دريدٍ يقول: فعيل في معنى مفعولة، لأنّها مرغُوثة. يريد أنه يرتضع لبنَها. ولعلَّ هذا أصح القولَين. وقال الأحمر: يقال للرَّجُل إذا كَثُرَ عليه السُّؤَّالُ حتى ينفَدَ ما عنده: مَرغوثٌ. والرُّغَثَاءُ: أصْلُ الضَّرْع، وهو القياس؛ لأنّ المرتضِع يَعْمِدُ له. ثم شبَّه بذلك غيرُه، قيل لمُضَيْغَتَيْنِ بين الثَّنْدُوَة والمَنْكِب بجانبَي الصَّدر: رُغَثَاوَانِ.
رغد - رغس
(رغد) الراء والغين والدال أصلان: أحدهما أطْيَب العيش، والآخر خِلافُه.
__________
(1) الشحوة: الخطوة. وفي الأصل: "الشجوة"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) للنمر بن تولب. وصدره كما في اللسان (رغب):
* ومتى تصبك خصاصة فارج الغنى *
(3) يقال رغاب، كسحاب، ورغب بضمتين أيضاً.
(4) في ديوانه 6 واللسان (رغث): "فليت". وفي اللسان (خور): "ليت" بالخرم كما هنا.(2/343)
فالأوَّل عيشٌ رَغَِْد ورغِيد. أي طيِّبٌ واسع. وقد أَرغَدَ القومُ، إذا أخصَبُوا. ويقال إنَّ الرَّغيدةَ في بعض اللغات الزُّبدة(1). وأرغَدَ الرّجلُ ماشِيتَه، إذا تركَها وسَوْمَها.
والأصل الآخر المُرْغَادُّ: الذي تَغَيَّرَ حالُه في جِسمه ضعفاً. ومن ذلك المُرْغَادُّ: الشّاكُّ في رأيه لا يَدرِي كيف يُصْدِرُه.
(رغس) الراء والغين والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بَرَكةٍ ونَماء. ... يقولون: الرغْس النَّماء والبَرَكة والخَير. قال العجاج(2):
* حَتَّى رأيْنَا وَجْهَكَ الَمرْغُوسا *
ويقال الرَّغْس: النّعمة، في قوله:
* تراه منصوراً عليه الأرْغُسُ(3) *
وفي الحديث: "أنَّ رجلاً أرغَسَه اللهُ مالا"، أي خوّلَه إيّاه وبارَكَ
له فيه.
رفق
{باب الراء والفاء وما يثلثهما}
(رفق) الراء والفاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على موافقةٍ ومقاربةٍ بلا عُنْف. فالرِّفق: خلاف العُنْف؛ يقال رفَقْتُ أْرْفُق. وفي الحديث: "إنّ الله جلّ ثناؤه يحبُّ الرِّفْق في الأمر كله".
__________
(1) هذا يطابق قول ابن دريد في الجمهرة (2: 251). والذي في اللسان والقاموس أن الرغيدة لبن يغلى ثم يذر عليه الدقيق حتى يختلط فيساط فيلعق لعقاً. أقول: إن هذه الكلمة سائرة في استعمال بعض المصريين بهذا المعنى.
(2) الصواب أنه رؤبة كما في اللسان (رغس) من قصيدة في ديوانه 68 يمدح بها إياد بن الوليد.
(3) ديوان رؤبة 68 والتاج (رغس) برواية "الأرغاس". وفي القاموس أن جمع الرغس أرغاس. فهذا جمع آخر.(2/344)
هذا هو الأصل ثم يشتقّ منه كلُّ شيءٍ يدعو إلى راحةٍ وموافَقة. والمرفق(1) مَِرفق الإنسان؛ لأنه يستريح في الاتِّكاء عليه. يقال ارتَفَق الرّجلُ: إذا اتَّكأ على مَِرفقه في جلوسه. ومن ذلك الحديثُ لمّا سأل الأعرابيُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قيل له: "هو ذاكَ الأمغَرُ المرتَفِقُ"، أي المتَّكئ على مَِرفقه.ويقال فيه مَرْفِق ومِرْفَق، حكاهما ثعلب. والرُِّفْقَة: الجماعة ترافِقُهم في سفرك؛ واشتقاقه من الباب، للموافَقة، ولأنَّهم إذا تَمَاشَوْا تحاذَوْا بمرافقِهم. قال الخليل: الرُِّفْقة في السفر: الجماعة الذين يرافِقونك، فإذا تفرَّقْتم ذهب اسمُ الرُِّفقة. قال: والرّفيق: الذي يرافقك، وهو أن يجمعَك وإياه رفْقة؛ وليس يذهب اسمُه إذا تفرَّقْتُما. والمُرْفِق: الأمر الرَّافِقُ بك. والرِّفاقُ: حبلٌ يشدُّ به مَِرفق البعير إلى وَظيفِهِ. وهو قوله:
* كذاتِ الضِّغْنِ تَمْشِي في الرِّفاقِ(2) *
والمِرْفق: المِرْحاض، والجمع مَرَافِق. ويقال ارتفَقَ الرّجلُ ساهراً، إذا بات
رفل - رفن - رفه
على مَِرفقِهِ لا ينام. وشاةٌ مُرَفَّقَةٌ(3): يداها بَيْضاوانِ إلى المرفقين. والرَّفَق: انفتالٌ عن الجنب؛ ناقةٌ رَفْقاءُ، وجملٌ أرفَقُ. ويقال ماءٌ رَفَقٌ ومَرتعٌ رفَقٌ، أي سهلُ المطْلَب.
(رفل) الراء والفاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَعةٍ ووُفُورٍ. من ذلك رَفَل في ثيابه يَرْفُل، وذلك إذا طالَتْ عليه فجَرَّها. والرِّفَلُّ: الفَرَس الطويل الذّنَب.
__________
(1) المرفق كمنبر ومجلس.
(2) البيت لبشر بن أبي خازم، كما في اللسان (رفق) والمخصص (7: 153/ 13: 129).
(3) ذكرت هذه الكلمة في القاموس، ولم ترد في اللسان.(2/345)
(رفن) [الراء والفاء والنون ليس أصلاً(1)]، وإنّما النُّون [في رِفَنٍّ] مبدلةٌ من لام؛ لأنّه في الأصل رِفَلٌّ. فأما قولهم ارفأَنَّ، إِذا سكَنَ، فإنّ النون فيه زائدة.
(رفه) الراء والفاء والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَعمةٍ وسَعة مَطْلَبٍ. من ذلك الرِّفْهُ، وهو أن تَرِدَ الإِبلُ كلَّ يومٍ متى شاءت. قال الشاعر(2):
وكلُّها كارعٌ في الماء مُغْتَمِرُ
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غيرَ صادرةٍ
ومن ذلك الرَّفاهَةُ في العَيش والرّفاهِية. ويقال: بينَنَا وبين فلانٍ ليلةٌ رافهة، أي ليِّنة السّيرِ لا تُعيِي. ومن ذلك الإرفاه: كثرة [التدَهُّن(3)]، وهو من الرِّفْه الذي ذكرناه. ورُفِّه عنه: إذا نُفِّس عنه الكَربُ.
رفو/أ - رفت
(رفو/أ) الراء والفاء والحرف المعتل أو الهمزة أصلٌ واحد يدلُّ على موافقةٍ وسكون وملاءَمة. من ذلك رفَوْتُ الثَّوْبَ أرفُوه، ورفَأته أرفَؤه. ورفَوْت الرّجلَ، إذا سكَّنْته من رُعْب. قال:
فقلتُ وأنكرتُ الوجوهَ هُمُ هُمُ(4)
رَفَوْنِي وقالُوا يا خُوَيلِد لا تُرَعْ
والمرافاة(5): الاتِّفاق. قال:
يُرَافِينِي ويَكرَهُ أن يُلاما(6)
ولمَّا أنْ رأيتُ أبَا رُوَيمٍ
__________
(1) أثبت هذه التكملة مطاوعة لطريقة ابن فارس، وللحاجة إليها.
(2) هو لبيد. ديوانه 52 طبع 1880 واللسان (رفه، غمر). وفي الموضع الأول من اللسان "غير صادية"، وقد أشير إليها في شرح الديوان. وفي جميع المواضع: "فكلها كارع".
(3) التكملة من المجمل واللسان. وفي الحديث "أنه نهى عن الإرفاء".
(4) البيت لأبي خراش الهذلي، كما في اللسان (رفأ، رفا)، وهو مطلع قصيدة له في شرح السكري 71 والقسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 62. و انظر الخزانة (1: 211).
(5) في الأصل: "والرافات"، صوابه في المجمل.
(6) البيت في المجمل واللسان (رفا) والخزانة (1: 211). وفي الأصل: "أبا ذريم" صوابه من المراجع السابقة.(2/346)
والرِّفاء: الاتِّفاق والالتحام. ومن ذلك الحديث "أنّه نَهَى أن يقال بالرِّفاء والبنين". يقال ذلك لِلْمُمْلِك. ومن الباب أرفَأْتُ إليه، إِذا لَجَأْتَ إِليه. وأرفأْتُ فلاناً في البيع، إذا زِدْتَه محاباة. ومنه أرفأْتُ السّفينةَ، إذا قرّبْتَها للشَّطّ. وذلك المكان مَرْفَأٌ.
ومما شذَّ عن الباب: اليَرْفَئِيُّ، قال قوم: هو راعي الغَنَم؛ وقال قومٌ: هو الظليم. ويقال: بلْ كل نافرٍ يَرْفَئِيٌّ.
(رفت) الراء والفاء والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على فَتٍّ ولَيٍّ. يقال رفَتُّ الشّيءَ بيدي، إِذا فتَتَّه حتّى صارَ رُفاتا. وارْفَتَّ الحَبْلُ، إذا انقطع. واشتُقّ منه رفَتَ عُنقَه، إِذا دقَّها وَلَفَتَها [و] لوَاها.
رفث - رفد
(رفث) الراء والفاء والثاء أصلٌ واحدٌ، وهو كلُّ كلام يُستَحْيا من إظهاره. وأصلُه الرَّفَثُ، وهو النِّكاح. قال الله جلّ ثناؤُه: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نِسَائِكُمْ } [البقرة 187]. والرّفَث: [الفُحْش] في الكلام. يقال أَرْفَثَ وَرَفَثَ.
(رفد) الراء والفاء والدال أصلٌ واحدٌ مطّرد منقاس، وهو المعاوَنة والمظاهَرة بالعَطاء وغيره. فالرَّفْد مصدر رفَدَهُ يَرْفِدُه، إذا أعطاه. والاسم الرِّفْد. وجاء في الحديث: "ويكون الفَيْء رِفْداً"، أي يكون صِلاتٍ لا يوضَع مواضِعَه. ويقال ارتفَدْتَ من فلانٍ: أصبْتُ من كَسبه. وأُرفِدت المال: اكتسبته. والرافد: المُعين، والمُرْفِدُ أيضاً. ورفَدَ بنو فلانٍ فلاناً، إذا سَوَّدُوه عليهم وعظَّموه، وهو مرفَّد. والرّافِدانِ: دِجْلةُ والفرات. قال الفرزدق:
فَزَارِيّاً أحَذَّ يَدِ القَميصِ(1)
بَعثْتَ على العِراق ورافديْهِ
__________
(1) ديوان الفرزدق 487 واللسان (رفد، حذذ) والكامل 479 ليبسك والمعارف 179 والشعراء (ترجمة الفرزدق) وزهر الآداب (1: 21) والأغاني (19: 17) وكنايات الجرجاني 74 والحيوان (5: 197/6: 510). وفي المجمل: "أأطعمت".(2/347)
وترافدوا، إذا تعاوَنُوا عليه، والرِّفادة: شيءٌ كانت قريش تُرَافِدُ به في الجاهلية، يُخرِج كلُّ إنسانٍ شيئاً، ثم يشترون به للحاجِّ طعاماً وزَبيباً وشراباً. والرَّوافِد: خشب السَّقف؛ وهو من الباب؛ لأنه يُرفدَ بها السَّقْف. قال:
بَخٍ لك بَخٍّ لبَحْرٍ خِضَمّْ(1)
روافِدُه أكرمُ الرّافداتِ
والمرفد: العُظَّامَة التي تعظِّم بها الرّسْحاء عَجِيزتَها. ومن الباب الرِّفْد، وهو القَدَح الضَّخم؛ وهو الرَّفْد والمِرْفَد أيضاً.
رفز - رفس - رفش - رفص - رفض
ويقال المِرْفَد: الإناء الذي يُقْرَى فيه. والرَّفُود: الناقة تملأ الرِّفْد، وهو القدح الضخم، في حَلْبةٍ واحدة. والرُّفَيْدات: قومٌ من العرَب.
(رفز) الراء والفاء والزاء ليس هو عندنا أصلاً، لكنَّهم قالوا: إنّ الرّفْز الضَّرْب؛ يقال ما يَرْفِزُ منه عِرْقٌ: أي ما يضرِب. قال:
مَيْتٍ بها العِرقُ الصَّحيح الرَّافِزُ(2)
وبلدةٍ للداء فيها غامِزُ
(رفس) الراء والفاء والسين قريبٌ من الباب الذي قبله، إلا أنّ في كتاب الخليل: الرَّفْس: الصَّدْمة في الصَّدر بالرِّجْل.
(رفش) الراء والفاء والشين ليس* شيئاً. ويقولون: الرَّفْش الأكل.
(رفص) الراء والفاء والصاد فيه كلمة واحدة. يقولون: ارتَفَص السِّعْر: غَلاَ. فأما الرُّفْصَة فالماءُ يكون بين القوم نَوْبةً. ويقال إنه مقلوب من الفُرْصة. يقال: هم يتفارصُون الماءَ بينهم ويترافصون، إذا تناوبوا. وقد كتب البابُ في موضعه.
__________
(1) البيت في اللسان (بخخ، رفد) وقد سبق في (بخ).
(2) البيتان في اللسان (رفز، رقز) حيث أنشد في الموضع الأخير رواية "الراقز"، وكلاهما بمعنى. وفي الأصل: "رافز"، صوابه "الرافز"، أي إن العرق الصحيح يموت بها من الفزع.(2/348)
(رفض) الراء والفاء والضاد أصلٌ واحد، وهو التَّرك، ثم يشتقّ منه. يقال رَفَضْتُ الشيءَ: تركته. هذا هو الأصل، ثم يشتقّ منه ارفَضَّ الدّمْعُ من العين: سال، كأنه تَرَكَ موضِعَه. وكلُّ متفرّقٍ مرفَضّ. ويقال للطَّريق المتفرِّقة أخادِيده: رِفَاض. قال:
رفع
* كالعِيسِ فَوقَ الشَّرَكِ الرِّفاضِ(1) *
والرَّفَض: الفِرَق، في قول ذي الرُّمّة:
* بها رَفَضٌ مِنْ كلِّ خَرْجَاء صَعْلةٍ(2) *
أي فِرَق. وفي القِربة رفَضٌ من ماءٍ: مثلُ الجُرْعة، كأنها رُفِضَت فيه. يقال فيه رفَّضْتُ. ورُفُوض الأرض: مواضعُ لا تُمْلَك، كأنها رُفِضت. والرَّاوفض: جنودٌ تَركوا أميرَهم وانصَرفوا. ويقال: رجلٌ رُفَضَةٌ، للذي يُمسِك الشيءَ ثم لا يلبثُ أن يدَعَه، ويقال رَفَضَ النّخلُ، وذلك إِذا انتشر عِذْقه وسقط قِيقاؤُه. ويقال في أرضِ بني فلانٍ رُفوض من كلأ، إذا كان متفرِّقاً بعيداً بعضُه من بعض، وقال بعضهم: مَرافِضُ الوادي: مَفاجرُه، وذلك حيث يرفضُّ إليه السَّيل. قال ابن السّكيت: راعٍ رُفضَةٌ قُبَضَة، للذي يقبض الإبلَ ويجمعها، فإذا صار إلى الموضع الذي [تحبُّه و] تهواه [رفَضَها(3)] فتركها ترعَى حيث شاءت تذهب وتجيء.
(رفع) الراء والفاء والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على خلاف الوضع. تقول: رفعتُ الشيءَ رفعاً؛ وهو خلاف الخَفْض. ومَرفُوع الناقةِ في سيرها: خلاف المَوْضوع. قال طرَفة:
رفغ
كمَرِّ صَوْبٍ لِجبٍ وَسْطَ ريحْ(4)
__________
(1) البيت لرؤبة في ديوانه 82 واللسان (رفض). ورواية ابن فارس تطابق رواية الجوهري.
... قال ابن بري: "صوابه: بالعيس، لأن قبله:
* يقطع أجواز الفلا انقضاضي *".
(2) عجزه كما في الديوان 516 واللسان (رفض):
* وأخرج يمشي مثل مشي المخبل *
(3) هذه التكملة والتي قبلها من المجمل.
(4) في ديوان طرفة 13: "مرفوعها زول وموضوعها"، وبهذه الرواية صحح ابن بري رواية البيت. انظر اللسان. وسيعيده في (وضع).(2/349)
مَوضُوعُها زَوْلٌ ومرفوعها
يقال رَفَع البعيرُ ورَفَّعته أنا.
ومن الباب الرَّفع: تقريب الشيء. قال الله جلّ ثناؤُه: { وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ } [الواقعة 34]، أي مقرَّبة لهم. ومن ذلك قوله رَفَعْتُه للسُّلطان، ومصدر ذلك الرُِّفْعانُ ويقال للناقة إذا رفَعت اللِّبَأ في ضَرعها: هي رافعٌ. والرفع: إذاعة الشيء وإظهارُه. ومنه الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "كلُّ رافِعَة رفعَتْ علينا من البَلاغ(1) فقد حرَّمتُها"، أي كلُّ جماعةٍ مبلِّغة تبلّغ عنا فلتبلّغ أنِّي حرَّمْتُ المدينَةَ. وذلك كقولهم رَفَع فلانٌ على العامل، وذلك إذا أذاعَ خَبرَه ورَفْع الزَّرعِ: أن يُحمل بعد الحَصاد إلى البَيْدر؛ يقال هذه أيّام الرَِّفاع.
(رفغ) الراء والفاء والغين كلمةٌ تدل على ضَعةٍ ودناءة. فالرَّفْغ ألأَمُ الوادِي وشرُّه تُراباً. والرُّفْغ: أصل الفخِذ، وكلُّ موضع اجتمع فيه الوَسَخ. وفي الحديث: "كيف لا أُوهِمُ ورُفْغُ أحدِكم بين ظُفْره وأنملته(2)". والأَرفاغ من الناس: السِّفْلة. فأما قولهم عيشٌ رافغ ورفيغ: طيّب واسع، فهذا له وجهان: إمّا أن يكونَ الغَينُ منقلبةً عن الهاء فيكون من الرَّفْه، وإمَّا أن يكون شُبِّه مالُه في كثرته برَفْغ التُّراب، يراد به الكثرة.
رقل - رقم
{باب الراء والقاف وما يثلثهما}
(رقل) الراء والقاف واللام أصلان: أحدهما طولٌ في شيءٍ، والآخر ضرب من المشي.
فأمّا الأوَّل فالرَّقْلُ: النَّخْل الطُِّوال، واحدتها رَقْلة؛ وتجمع في القِلّة رَقلات. والرَّاقُول: حَبْلٌ تُصعَد به النّخلة.
__________
(1) ويروى أيضاً "من البلاغ" بضم الباء وتشديد اللام، أي المبلغين.
(2) الأنملة: رأس الإصبع، وفيها تسع لغات تثليث الهمزة مع تثليث الميم.(2/350)
والأصل الثاني: أرْقَلَت النَّاقةُ، وهو ضربٌ من المشْي، وهي مُرْقِلٌ، ولا يكون إلاَّ بسرعة. وهاشم بن عُتْبة المِرْقالُ(1)، لإرقاله كان في الحروب. قال الرَّاجز، في أرْقَلَت النَّاقة:
* والمُرْقِلاَتِ كُلَّ سَهْبٍ سَمْلقٍ(2) *
(رقم) الراء والقاف والميم* أصلٌ واحد يدلُّ على خَطٍّ وكتابةٍ وما أشبَهَ ذلك . فالرَّقْم: الخَطّ. والرَّقيم: الكتاب. ويقال للحاذق في صِناعته: هو يرقُم في الماء. قال:
على نَأْيِكُمْ إن كان في الماءِ راقمُ(3)
سَأرْقُم في الماءِ القَراحِ إليكُم
وكلُّ ثوبٍ وُشِيَ فهو رَقْمٌ. والأرقَم من الحيات: ما على ظهره كالنَّقْش. قال الخليل بن أحمد: الرَّقْم تعجيم الكتاب. يقال كتابٌ مرقوم، إِذا بُيِّنَت حروفُه
رقن - رقي - رقأ
بعلاماتها من التّنقيط. ورَقْمَتا الفَرَسِ والحِمار: الأثران بباطن أعضادهما. ويقال للرَّوْضَة رَقْمَة، وإِنَّمَا سُمِّيت بذلك لأنَّها كالرَّقْم على الأرض. ويقال لأرض بها نباتٌ قليل: مرقُومة.
ومما شذَّ عن الباب قولُهم للدّاهية: الرَّقِم. وليس ببعيدٍ أن يكون من قياس الباب؛ لأنَّها إذا نزلت أثَّرَتْ.
(رقن) الراء والقاف والنون بابٌ يقرب من الباب الذي قبله. يقال رَقّنْت الكتاب: قاربتُ بينَ سُطوره. وترقَّنت المرأةُ: تلطَّخت بالزَّعفران. والرَّقون والرِّقان: الزَّعفران. والمرقون: المنقوش. ويقال للمرأة الحسنة اللَّون الناعمة: راقنة.
(رقي) الراء والقاف والحرف المعتلّ أصولٌ ثلاثة متباينة: أحدهما الصُّعود، والآخر عُوذَةٌ يُتعوَّذ بها، والثالث بقعةٌ من الأرض.
__________
(1) هو هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، كان معه لواء علي في حرب صفين، وقتل في آخر أيامها. انظر الإصابة 8914 والاشتقاق 96.
(2) قبله، كما في ديوان العجاج 40 واللسان (رقل):
* يارب رب البيت والمشرق *
(3) في اللسان (رقم): "على بعدكم".(2/351)
فالأول: قولك رَقِيتُ في السُّلّم أَرْقَى رُقِيّاً. قال الله جلّ ثناؤه: { أَوْ تَرْقَى فِي السَّماءِِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ } [الإسراء 93]. والعرب تقول: "ارْقَ على ظَلْعِك" أي اصعَدْ بقدر ما تُطيق.
والثاني: رقَيْت الإنسانَ، من الرُّقية.
والثالث: الرَّقْوَةُ: فُوَيْقَ الدِّعص من الرمل. [و] يقال رَقْوٌ بِلا هاء. وأكثرُ ما يكونُ إلى جانب وادٍ.
(رقأ) الراء والقاف والهمزة كلمة واحدة. يقال: رقأ الدّمُ والدّمعُ، إذا
رقب - رقح
انقَطَعا. وفي كلامهم(1): "لا تسُبُّوا الإِبلَ فإنَّ فيها رَقُوءَ الدَّم" أي إنّها تُدفَع في الدّية فيَرْقَأ دمُ مَن يُراد منه القَوَد.
__________
(1) في اللسان: "وفي الحديث: لا تسبوا الإبل فإن فيها رقوء الدم ومهر الكريمة".(2/352)
(رقب) الراء والقاف والباء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلّ على انتصابٍ لمراعاةِ شيءٍ. من ذلك الرَّقِيب، وهو الحافِظ. يقال منه رَقَبْتُ أرْقَُب رِقْبة ورِقْباناً. والمَرْقَب: المكان العالي يقِفُ عليه النَّاظِر. والرَّقِيب: الموكَّل في الميْسِر بالضَّريب. ومن ذلك اشتقاق الرَّقَبةِ، لأنَّها منتَصِبة، ولأنّ النّاظرَ لابد ينتصبُ عند نظره. والمرقَّب: الجلد يُسلَخ من قِبَل رأسِه ورَقَبَتِه. ورقَّابة الرَّحْل: الوغدُ الذي يرقُب للقوم رَحْلَهم إذا غابوا. ويقال للمرأة التي ترقُب موتَ زوجها لِتَرِثَه: الرَّقوب. [والرَّقوب(1)]: الناقة الخبيثة النَّفْس، التي لا تكاد تَشرب مع سائر الإِبل، ترقُب متى تنْصرف الإبل عن الماء(2). ويقال أرقَبْتُ فلاناً هذه الدّارَ، وذلك أن تُعطيَه إيَّاها يسكنُها كالعُمْرَى، ثمَّ يقول له إنْ مُِتّ قبلي رجعَتْ إليَّ، وإن متُّ قبلك فهي لك. وهي من المراقَبة، كَأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يرقُب موتَ صاحبه. ورِقابُ المَزَاوِد: لقبٌ للعجم، لأنَّهم حُمْرٌ. والرَّقيب: السهم الثالث من السَّبعة التي لها أنصباءُ، كأنَّه يُرقَب متى يَخرج. والرَّقوب: المرأة التي لا يعيش لها ولدٌ [كأنَّها تَرقبُه(3)] لعَلَّهُ يبقى لها.
(رقح) الراء والقاف والحاء أصلٌ واحد، يدلُّ على الاكتساب والإصلاحِ للمال. ويقال رقَّحتُ المالَ: أصلحتُه وقُمت عليه، ترقيحاً. وفلان رَقاحِيُّ مالٍ.
رقد - رقش - رقص
وهو يترقَّح لعياله، أي يتكسَّب. وكانوا يقولون في تلبيتِهمْ: "لم نَأت للرَّقاحَةِ(4)"، يريدون التِّجارة.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) في اللسان: "التي لا تدنو إلى الحوض من الزحام، وذلك لكرمها".
(3) بمثلها يلتئم الكلام.
(4) هي من تلبية أهل الجاهلية، كانوا يقولون: "جئناك للنصاحة، لم نأت للرقاحة".(2/353)
(رقد) الراء والقاف والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النَّوم؛ ويُشتقّ منه. فالرُّقاد: النَّوم. يقال رقَد رُقوداً. ومن الذي اشتُقَّ منه: أَرْقَدَ الرَّجُل بالأرض، إذا أقام بها.
ومما شذَّ عن الأصل: *أرْقَدَ الظّليمُ وغيرُه، إِذا أسرع في مُضِيِّه.
(رقش) الراء والقاف والشين أصلٌ يدلُّ على خُطوطٍ مختلفة. فالرَّقْش كالنَّقْش. يقال: حَيّةٌ رَقْشَاءُ: منقَّطة. ورَقَّشَ كلامَه: زَوَّرَه. والرَّقْشاء: شِقشِقة البَعير. و الرقْشاء: دويْبَّة. وقال:
رَقَّش في ظَهْرِ الأديمِ قَلَمْ(1)
الدَّار قَفْرٌ والرُّسومُ كما
ويقال للنّمَّام إذا نَمَّ: رقَّش. قال:
* عاذِلَُ قد أُولعتِ بالتَّرْقِيشِ(2) *
(رقص) الراء والقاف والصاد أصلٌ يدلُّ على النَّقَزَان(3). يقال رقَصَ يرقُصُ رَقْصاً. ويقال أرقَصَ البعيرَ: حمَلَهُ على الخَبَب. قال جرير:
* بِزَرُودَ أرقصت البعيرَ(4) *
رقط - رقع
ويقال رقَص السَّراب في لمعانه؛ ورَقَص الشَّرَاب: جاش(5). والرّقَّاصة: لُعْبة(6).
(رقط) الراء والقاف والطاء يدل على اختلاطِ لونٍ بلون. فالرُّقْطة: سوادٌ يشوبه نُقَط بَياض. يقال دَجاجةٌ رَقْطاء. والأرقَط: النَّمِر. ويقال: ارقَاطّ العَرْفَجُ، إِذا خالط سوادَه نُقَطٌ.
__________
(1) البيت لمرقش الأكبر من قصيدة في المفضليات (2: 37-41). وبذلك البيت سمي"المرقش". انظر اللسان (رقش) والمزهر (2: 435).
(2) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 86 واللسان (رقش). وبعده:
* إلى سرا فاطرقي وميشي *
(3) النقزان، بالقاف وبالفاء أيضاً، هو الوثب، ومثلهما الوثبان.
(4) جزء من بيت له في ديوانه 448 عثرت عليه بعد لأي، وهو بتمامه:
رعثات عنبلها الغدفل الأرعل
بزرود أرقصت القعود، فراشها
(5) بدلها في المجمل: "ورقص الشراب في غليانه".
(6) لم تذكر في اللسان. وفي القاموس: "والرقاصة مشددة: لعبة لهم".(2/354)
(رقع) الراء والقاف والعين أصلٌ يدلُّ على سَدِّ خَلَلٍ بشيء. يقال رقَعْتُ الثَّوبَ رَقْعاً. والخِرْقة رُقْعة. فأمّا قولُهم لواهي العقلِ: رقيعٌ، فكأنّه قد رُقِع؛ لأنه لا يُرْقَع إلاّ الواهي الخَلَق. ويقال رَقَعَه، إذا هجاه وقال فيه قبيحاً، كأنَّ ذلك صار كالرُّقْعَة في جَسَدِه. يقال لأرقعنَّه رَقْعاً رصيناً. وأَرى في فلان مُتَرَقَّعاً، أي موضعاً للشَّتْم. قال:
مُصِحّاً ولكنِّي أرى مُتَرَقَّعَا(1)
وما تَرَكَ الهاجُونَ لي في أَدِيمكُمُ
والرَّقيع: السَّماء. وفي الحديث أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال لسَعْدٍ(2) "لقد حكَمْتَ فيهم بحُكم الله مِن فوقِ سبعة أَرْقِعةٍ(3)". قال بعض أهل العلم إنما قيل لها أرقعة؛ لأنّ كلَّ واحدٍ كالرُّقعة للأُخْرى.
ومما شذ عن هذا الأصل قولهم: ما أرْتَقِعُ بهذا، أي ما أَكْتَرِثُ له. وجُوعٌ يَرقُوعٌ: شديد.
ركل - ركم - ركن
{باب الراء والكاف وما يثلثهما}
(ركل) الراء والكاف واللام أصلٌ يدلُّ على جنسٍ من الضرب بالرِّجْل. يقال رَكَلَه ورَفَسه برِجله. ومَرْكَلاَ الفَرَس مِن جنبيه، حيث يركُل الفارسُ برجليه. وتركَّل على الشيء برجله. وتركَّل الحافرُ بمِسْحَاتِه، إذا ضربَها برِجْله لتدخُل في الأرض. قال الأخطل:
يَظَلُّ على مِسحاتِه يتركَّل(4)
رَبَت ورَبا في حَِجْرِها ابنُ مَدينةٍ
والكديد: المُرَكَّل(5).
__________
(1) البيت في الحيوان (3: 138) واللسان (رقع).
(2) هو سعد بن معاذ، حين حكم في بني قريظة. انظر الإصابة 3197 واللسان (رقع).
(3) الرقيع مؤنثة، وجاء بها على التذكير كأنه ذهب إلى معنى السقف.
(4) سبق البيت في (1: 334/ 2: 319) مع تخريجه.
(5) في اللسان: "والكديد: التراب الدقاق المكدود المركل بالقوائم. قال امرؤ القيس:
أثرن الغبار بالكديد المركل".
مسح إذا ما السابحات على الونى(2/355)
(ركم) الراء والكاف والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على [تجمُّع] الشيء. تقول ركَمت الشيء: ألقَيت بعضَه على بعض. وسحاب مُرْتكمٌ ورُكام. والرُّكمة: الطِّين المجمُوع. ومُرْتَكَم الطريق: سَنَنُه؛ لأنّ المارة تَرْتَكِمُ فيه.
(ركن) الراء والكاف والنون أصلٌ واحد يدلُّ على قوَّة. فرُكن الشَّيء: جانبه الأقوى. وهو يأوي إلى رُكْنٍ شديد، أي عِزٍّ ومَنْعَة. ومن الباب رَكَنْتُ إليه أرْكَن. وهي كلمة نادرة على فَعَلْتُ أفْعَلُ من غير حَرفِ حلق. وفلانٌ ركينٌ، أي وقور ثابت. والمرْكن: الإِجَّانة. ويقال: جبلٌ رَكِينٌ(1)، أي له أركان عالية. وركَنْت إليه أي مِلْتُ؛ وهو من الباب، لأنه سكن إليه وثبت عنده. قال
ركو
الخليل: رَكَنَ يَرْكَنُ رَكْناً. ولغة سُفْلَى مضَر: ركِن يرْكَن. ويقال ركِنَ يَرْكُنُ، وفيه نظَر. وحكى أبو زيد: رَكِنَ يَرْكَنُ. وناقة مُرَكَّنَة الضَّرْع، أي مُنْتَفِخَتُه، أي كَأنَّه رُكْن.
(ركو) الراء والكاف والحرف المعتل أصول ثلاثة: أحدُها حملُ الشيء على شيءٍ وضمُّه إليه، والآخَر إصلاحُ شيءٍ، والثالث وِعاء الشيء.
فالأوّلُ قولُهم: رَكَوْتُ على البعير الحِملَ: ضاعفْتُه. ومن الباب ركَوْتُ عليه الأمْرَ والذَّنب، أي حملتُه عليه. وقال بعضُهم: أنَا مُرْتَكٍ على كذا، أي معوِّلٌ عليه. ومالي مُرتكىً إلاّ عليك. وحكى الفرّاء: أرْكَيْتَ عليَّ ذنباً لم أُذْنِبْه.
ومن الباب أركَيتُ إلى فلانٍ: لجأتُ إليه. ومنه أرْكِنِي إلى كذا، أَي أخِّرْني، للدَّيْنِ يكون عليه*. وركَوتُ عنهم بقيّةَ يومي، أي أقمت.
أمّا إصلاحُ الشيء فالمركوُّ الحَوض المستطيل، ويقال المُصْلَح، قال:
* قامَ على المَرْكُوِّ ساقٍ يفْعَمُهْ *
وركَوْتُ الشيءَ، إذا سدَّدْتَه وأصلَحتَه. قال سُويد بن كُراع:
وشأنُك إلا تَرْكُهُ متفاقِمُ(2)
__________
(1) في الأصل: "ركن"، صوابه من اللسان والقاموس.
(2) البيت في المجمل واللسان (ركا).(2/356)
فدَعْ عنك قوماً قد كَفَوْكَ شُؤونَهم
أي إن لم تُصلِحْه. ويقال أركَيْتُ لفلانٍ شيئاً، إذا هيّأْتَه له.
وأما الأصل الآخَر فالرَُِّكْوة معروفة؛ ومنه الرَّكِيّ؛ لأنه كأنه وعاءُ
ما يكونُ فيه.
ركب
(ركب) الراء والكاف والباء أصلٌ واحد مطّرد منقاس، وهو علُوُّ شيءٍ شيئاً. يقال رَكِب رُكوباً يَرْكَب. والرِّكاب: المَطِيّ، واحدتَها راحلة. وزَيْتٌ ركابيٌّ؛ لأنه يُحمَل من الشام على الرِّكاب. وما له رَكُوبة ولا حَمُولة، أي ما يركبه ويَحمِل عليه. والرَّكب: القَوم الرُّكْبان؛ وكذلك الأُركُوب. وناقةٌ رَكْبانةٌ: تصلُح للرُّكوب. وأرْكَبَ المُهْر: حان أن يُرْكَبَ. ورجل مُرَكَّبٌ: استعارَ فرساً يقاتِل عليه، ويكون له نِصفُ الغَنيمة ولصاحب الفرس النِّصف.
ومن الباب رَوَاكِبُ الشَّحم، وهي طرائقُ بعضُها فوقَ بعض في مُقدَّم السَّنام. فأمَّا التي في المؤخَّر فهي الرَّوادف، الواحدة راكبةٌ ورادفة. والرَّكَّابة: شِبه فسيلةٍ من أعلى النخلة عند قِمّتها، ربَّما حملَتْ مع أمِّها. وزعم الخليلُ أنَّ الرَّكْب والأُركوبَ راكبُو الدّوابّ، وأن الرُّكَّاب رُكَّاب السفينة. والمُرَكَّب: الأصل والمنْبِتُ. يقال هو كريم المركَّب.
ومن الباب رُكْبة الإنسان، وهي عاليةٌ على ما هي فوقَه. والأركَبُ: العظيم الرُّكْبة. ويقال: رَكَبْتُ الرّجلَ أركُبُه، إِذا ضربْتَ رُكْبتَه أو ضربتَه برُكبتِك. والرَّكيب: ما بين نَهْرَيِ الكَرْم؛ وهو الظَّهر الذي بين النَّهْرين، ويكون عالياً على دونه. والرَّاكب: داءٌ يأخذ الغنمَ في ظهورها.
ومن الباب الرَّكَب ركَب المرأة. قال الخليل: ولا يقال للرّجل، إنَّما هو للمرأة خاصّة. وقال الفرّاء: الرَّكَب: العانةُ للرَّجُل والمرأة. قال:
ركح - ركد - ركز
ولا الوِشاحان ولا الجلبابُ
لا ينْفعُ الجاريةَ الخِضابُ(1)
__________
(1) وكذا في البيان (3: 207). وفي اللسان: "لا يقنع".(2/357)
* مِن دُون أن تلتقِيَ الأركابُ *
(ركح) الراء والكاف والحاء أصلٌ واحد، وهو يدل على إنابةٍ إلى شيءٍ ورُجوعٍ إليه. قال الخليل: الرُّكوح: الإنابة إلى الأمر. وأنشد:
على هَجْرِها وانسبْتُ باللَّيل ثائرا(1)
رَكَحْتُ إليها بعد ما كنتُ مُجْمِعاً
فهذا هو الأصل. ثمَّ يقال لرُكْن الجبلِ المُنيفِ الصّعبِ رُكْح. والرُّكْح والرُّكْحة: سَاحة الدّار. والرُّكْحة البقيّة من الثَّريد تبقى في الجَفْنة، كأنّه شيءٌ أوى إلى أسفل الجَفْنة. ويقال جَفْنةٌ مرتكِحةٌ، إذا كانت مكتنِزةً بالثَّريد. ومن الباب: سَرْجٌ مِركاحٌ، إذا كان يتأخَّر عن ظَهْر الفَرس.
(ركد) الراء والكاف والدال أصلٌ يدلُّ على سُكون. يقال ركَدَ الماءُ: سكَنَ. وركَدتِ الرِّيحُ. وركَد الميزان: استَوَى. وركد القومُ رُكوداً: سكنُوا وهدَؤوا. وجَفنَةٌ رَكود: مملوءة. فأمّا قولُهم تراكَدَ الجوارِي، إذا قعدَتْ إحداهُنّ على قدميها ثم نَزَتْ قاعدةً إِلى صاحبتها، فهذا إن صحَّ فهو شاذٌّ عن الأصل.
(ركز) الراء والكاف والزاء أصلان: أحدهما إثبات شيءٍ في شيء يذهب سُفْلاً، والآخر صَوت.
فالأول: رَكَزْتُ الرُّمحَ رَكْزاً. ومَرْكَز الجند: الموضع الذي أُلزِمُوه. ويقال ارتكَزَ الرّجُل على قوسه، إذا وضَعَ سِيَتَها بالأرض ثمّ اعتمَدَ عليها. ومن الباب: الرِّكَاز، وهو المال المدفون في الجاهليّة، وهو من قياسِه؛ لأنّ صاحبَه
ركس - ركض - ركع
رَكَزَه. وقال قوم: الرِّكاز المعْدِن. وأركَزَ الرّجُلُ: وجَدَ الرِّكاز. فإِن كان هذا صحيحاً فهو مُستعار. والمرتَكِز: يابس الحشيش الذي تكسَّرَ ورَقُه وتطايَرَ. ومعناه أنَّه ذَهَب منه ما ذهبَ وارتكز هذا، أي ثَبَت.
__________
(1) البيت في اللسان (ركح) مبتور محرف.(2/358)
(ركس) الراء والكاف والسين أصلٌ واحد، وهو قلْبُ الشّيء على رأسِه وردُّ أوّلِه على آخِره. قال الله جلّ ثناؤه: { وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا }
[النساء 88]، أي ردّهم إلى كفرهم. ويقال ارتكس فلانٌ في أمرٍ قد كان نجا منه. والرَّكوسيَّة: قومٌ لهم دينٌ بين النَّصارى والصابئين. وأُتِيَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حين طَلب أحجاراً للاستنجاء، بِرَوْثَة، فرمَى بها وقال: "إنّها رِكْس". ومعنى ذلك أنَّها ارتكَسَت عن أن تكون طعاماً إلى غيره.
(ركض) الراء والكاف والضاد أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حركةٍ إلى قُدُمٍ أو تحريكٍ. يقال ركَض الرّجُل دابّتَه، وذلك ضَرْبُه إِيَّاها برجلَيْه لتتقدَّم. وكثُر حتَّى قيل ركَضَ الفرَسُ، وليس بالأصل. وارتكاض الصبيّ: اضطرابُه في بَطْن أمِّه. قال الخليل: وجُعِل الرَّكْض للطَّير في طيَرانها. ويقال أرْكَضَتِ الناقة، إذا تحرَّكَ ولدُها في بطن أمِّها. وفي بعض الحديث في ذكر دم الاستحاضة: "هو رَكْضَةٌ من الشَّيطان"، يريد الدَّفْعة.
(ركع) الراء والكاف والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انحناءٍ في الإنسان وغيرِه. يقال ركَعَ الرّجلُ، إذا انحنى. وكلُّ منحنٍ راكع. قال لَبيد:
رمن - رمي
أدِبُّ كأنِّي كلَّما قُُمتُ راكعُ(1)
أُخبِّر أخبارَ القُرونِ التي مضَتْ
__________
(1) ديوان لبيد 23 طبع 1880 واللسان (ركع).(2/359)
وفي الحديث ذِكْر المشايخ الرُّكَّع(1)، يريد به الذين انحنَوْا. والرُّكوع في الصلاة من هذا. ثمّ تصرّف الكلامُ فقيل للمصلِّي راكع، وقيل للسَّاجد شكراً: راكع. قال الله تعالى في شأن داودَ عليه السلام: { فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } [ص 24]. وقال في موضع آخر: { وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرّاكِعِينَ } [آل عمران 43]، قال قومٌ: تأويلها اسجدي، أي صلِّي؛ واركعي مع الراكعين، أي اشكري لِله جلّ ثناؤُه مع الشاكرين. قال ابن دُريد: الرُّكْعة(2): الهُوَّة في الأرض؛ لغة يمانِيّة.
{باب الراء والميم وما يثلثهما}
(رمن) الراء والميم والنون كلمة واحدة، وهي الرُّمَّان. والرُّمَّانتان: هَضْبتان في بلادِ عَبْسٍ. قال:
* على الدّار بالرُّمَّانَتين تعوجُ *
(رمي) الراء والميم والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو نَبْذ الشَّيء. ثم يحمل عليه اشتقاقاً واستعارة. تقول رَمَيْتُ الشيء أرمِيه. وكانت بينهم رِمِّيَّا، على فِعِّيلَى. وأرمَيْتُ على المائة: زِدْتُ عليها. فإن قيلَ فهذه الكلمة ما
رمأ - رمث
وجهها؟ قيل له: إذا زاد على الشَّيء فقد ترامَى إلى الموضع الذي بلغَه. ورَمَيْت بمعنى أرْمَيْتُ والمِرْماة: نَصْلُ السهم المدوَّرُ؛ وسمِّي بذلك لأنه يُرمَى به. والمَِرْماة: ظِلف الشَّاة. وفي الحديث: "لو أنّ أحدَهم دُعِيَ إلى مَِرْماتَين". والرَّمِيَّةُ: الصَّيد الذي يُرمَى. والرَّمِيُّ: السحابة العظيمة القَطْر. ويقال سُمِّيت رَمِيّاً لأنها تنشأ ثم تُرْمَى بقطَعٍ من السحاب من هنا وهُنا حتَّى تجتمع.
__________
(1) هو حديث: "لولا مشايخ ركع، وصبية رضع، وبهائم رتع، لصب عليكم العذاب صبا، ثم رص رصا".
(2) الجمهرة (2: 385). وضبطت في اللسان بفتح الراء ضبط قلم، وقد نص في القاموس على أنها بالضم.(2/360)
وقال الخليل: رمى يرمي رِمايةً ورَمْياً ورِماءً. قال ابن السكّيت: خرجتُ أتَرَمَّى، إذا خرجتَ [ترمي] في الأغْراض(1). ويقال أرْمَيْتُ الحَجَر من يدي إرْماءً. وقال أبو عُبيدة: يقال أرمَى اللهُ لك، أي نَصَرك وصنَع لَك. والرَّماء: الزِّيادة. وقد قلنا إنّ اشتقاق ذلك من الباب لأنه أمْرٌ يترامى إلى فَوق.
(رمأ) [أمّا] الراء والميم والهمزة فأصلٌ برأسه غير الأول، وهو قليل. يقال رمَأَت الإبل تَرْمأُ رمُوءاً ورَمْأً: أقامت في الكلأ والعُشْب. ورمأ فلانٌ في بني فلانٍ: أقام. ويقال أرمأت الأخبارُ: أشكَلَتْ. ومُرَمَّآت الأخبار، أي أباطيلُها.
(رمث) الراء والميم والثاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إصلاح شيءٍ وضمِّ بعضٍ إلى بعض. يقال رمَثْتُ الشَّيءَ: أصلحتُه. قال أبو دُواد:
ونصحتُه في الحرب نُصْحَا(2)
وأَخٍ رَمَثْتُ دَرِيسَهُ
والرَّمَث: خشبٌ يضمّ* بعضُه إلى بعض ويُركَب. وفي الحديث: "إنّا نركب أرماثاً لنا في البحر"، وهو جمع رَمَثٍ. قال:
رمج - رمح - رمخ
على رمَثٍ في البحر ليس لنا وَفْرُ(3)
تمنَّيْتُ مِن حُبِّي بُثَينةَ أننا
والرِّمْث: مَرعىً من مراعي الإبل، وذلك لانضمام بعضِه إلى بعض. يقال إبلٌ رَمِثة ورَمَاثَى، إذا أكلت الرِّمْث فمرِضَتْ عنه. والرَّمَثُ أيضاً: بقيّة اللبن في الضَّرع، لأن ذلك متجمِّع.
(رمج) الراء والميم والجيم ليس أصلاً، وفيه ما يُقبَل ويُعتَمد عليه(4)، لكنَّهم يقولون: رَمَّجَ الأثَر بالتُّراب(5)؛ ورمَّج السُّطور: أفسَدَها.
__________
(1) في الأصل: "الأرض"، وتصحيح هذه الكلمة والتكملة التي قبلها من المجمل.
(2) البيت في اللسان (رمث) بدون نسبة.
(3) البيت لأبي صخر الهذلي، من قصيدة في بقية أشعار الهذليين 93 وأمالي القالي (1: 148). وبعض أبياتها في اللسان (رمث).
(4) في الأصل: "وبعمل عليه".
(5) لم يرد هذا المعنى في اللسان والقاموس. ولم يأت شيء من المادة في الجمهرة.(2/361)
(رمح) الراء والميم والحاء كلمةٌ واحدة، ثم يُصرَّف منها. فالكلمة الرُّمْح، وهو معروفٌ، والجمع رِماح وأرْماح. والسِّماك الرّامح: نَجمٌ، وسُمِّي بكوكبٍ يقْدُمه كأنَّه رُمْحه. فأمَّا قولهم: رَمَحَتْه الدَّابَّةُ، فمن هذا أيضاً لأنّ ضَرْبها إيّاهُ برِجلها كرمح الرَّامحِ برُمْحه. ومنه رَمَحَ الجُندبُ، إذا ضَرب الحصَى بيده. والرَّمَّاح: الذي يتَّخذ الرِّماح، وحِرفته الرِّماحة. والرَّامح: الطاعن بالرُّمْح. والرامح: الحامل له. ويقال للبُهْمَى إذا امتنَعتْ على الرّاعية: قد أخذَتْ رماحَها. كما قال:
إبِلي لِجلّتها ولا أبكارِها
أيَّامَ لم تأخُذْ إليَّ سِلاحَها
(رمخ) الراء والميم والخاء ليس بشيء. ويقال: إنَّ الرِّمْخ شجر(1).
رمد
(رمد) الراء والميم والدال ثلاثة أصول: أحدُها مرضٌ من الأمراض، والآخَر لونٌ من الألوان، والثالث جنسٌ من السَّعْي.
فالأول: الرَّمَد رَمَدُ العين، يقال رَمِدَ يَرْمَدُ رَمَداً، وهو رَمِد وأَرْمَدُ. ومنه الرَّمْد، وهو الهلاك، بسكون الميم. كما قال:
* كأصْرَامِ عادٍ حينَ جَلَّلَها الرَّمْدُ(2) *
ويقال رمَدْنا القومَ نرمُِدهم، إذا أتينا عليهم.
والثاني: الرَّماد، وهو معروف، فإذا كان أرقَّ ما يكون فهو رِمْدِدٌ. وهو يسمَّى للونه. يقال رَمَّدَتِ الناقةُ ترميداً، إذا تَركَتْ عند النِّتاج لبناً قليلاً. وإنّما يقال ذلك للونٍ يعتري ضرعَها. والأرمد: كلُّ شيءٍ أغْبَرَ فيه كُدْرَة، وهو من الرَّماد، ومنه قيل لضَربٍ من البعوض رُمْدٌ. وقال أبو وجزة وذكَرَ صائداً:
رُمْدٌ به عاذرٌ منهن كالجَرَب(3)
يبيت جارتُهُ الأفعى وسامِرُه
__________
(1) الذي في اللسان والقاموس أن "الرمخ": الشجر المجتمع.
(2) البيت لأبي وجزة السعدي، كما في اللسان (رمد 168). وصدره:
* صببت عليكم حاصبي فتركتكم *
(3) انظر اللسان (رمد) والحيوان (4: 216/ 5: 405).(2/362)
والأَرمِداء، على وزن أفعلاء: الرَّماد. والمرمَّد من الشواء: الذي يُمَلُّ في الجمر. وفي المثل: "شَوَى أخُوك حتَّى إذا أنضَجَ رَمَّد(1)". فأمَّا قولهم: عام الرَّمادةِ، فقال قومٌ: كان مَحْلاً نزَل بالنّاس له رَمْد، وهو الهلاك. وقال آخرون: سمِّي بذلك لأنَّ الأرضَ صارت من المَحْل كالرَّماد(2). وقال أبو حاتم: ماءٌ رَمِدٌ، إذا كان آجناً متغيِّراً.
رمز - رمس - رمش - رمص
والأصل الثالث: الارْمِدَادُ: شِدّة العَدْو. ويقال ارْمَدَّ الظَّليمُ: أسرَعَ.
(رمز) الراء والميم والزاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حركةٍ واضطراب. يقال كتيبة رَمَّازة: تموج من نواحِيها. ويقال ضربه فما ارمَأَزَّ، أي ما تحرَّك. وارتَمَز أيضاً: تحرَّك.
ويقولون: إِنّ الرَّاموز: البحر. وأراه في شعر هذَيل.
(رمس) الراء والميم والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تغطيةٍ وسَتْر. فالرَّمْس: التراب.
والرِّياح الروامسُ: التي تُثير الترابَ فتدفِن الآثار. ويقال رَمَسْتُ على فلانٍ الخبرَ؛ إذا كتَمْتَه إِيَّاه. ورَمَست الرَّجُل وأرمستُه: دفنتُه.
(رمش) الراء والميم والشين ليس من مَحض اللُّغة، ولا ممّا جاء في صحيح أشعارِهم. على أنَّهم يقولون: الرَّمَش تَفَتُّلٌ في الأشفار، وحُمْرةٌ في الجفون. وربّما قالوا رَمَشَهُ بالحجَر: رماه. وذُكر عن الشيباني: رَمَشَتِ الغنم تَرْمُِش، إذا رعَتْ يسيراً. ويقال: الرَّمَش: بياضٌ يكون في أظفار الأحداث. وحكى اللِّحياني: أرضٌ رَمْشاء: جدبة(3).
__________
(1) يضرب مثلاً للرجل يعود بالفساد على ما كان أصلحه.
(2) وقيل سمي به لأنهم لما أجدبوا صارت ألوانهم كلون الرماد.
(3) في القاموس: "وأرض رمشاء: ربشاء، أو جدبة، كأنه ضد". وذلك لأن الربشاء بالباء: الكثيرة العشب. وقد اقتصر في اللسان على أنها الكثيرة العشب، قال: "وسنة ربشاء ورمشاء. وبرشاء: كثيرة العشب".(2/363)
(رمص) الراء والميم والصاد أُصَيل يدلُّ* على إلقاءِ قَذَىً. يقولون رَمَصَتِ العين، إِذا أخرجت ما يخرُج منها عند الرّمَد. وقال ابن السِّكِّيت: يقال قبَحَ اللهُ أُمّاً رمَصَت به، أي ولدَتْه. وهذا إذا صحَّ فهو على ما ذكرناه من أنَّه
رمض - رمط
مشبّه بقذىً يُرمَى به. ويقال رَمَصَتِ الدّجاجةُ: ذَرَقت.
وفي الباب كلامٌ آخَرُ يدلُّ على صلاحٍ وخير. يقولون: رَمَصْت بينهم، أي أصلَحْت. وربما قالوا: رَمَص الله مُصِيبتَه يَرْمُصها رَمْصاً، إذا جَبَرها.
(رمض) الراء والميم والضاد أصلٌ مطَّرِدٌ يدلُّ على حِدّةٍ في شيء مِن حرٍّ وغيره. فالرَّمَض: حَرُّ الحجارةِ من شِدّة حَرّ الشمس. وأرضٌ رَمِضَةٌ: حارّة الحجارة. وذكر قومٌ أن رمَضانَ اشتقاقُه من شِدّة الحر؛ لأنَّهم لمَّا نقلوا اسمَ الشُّهور عن اللغة القديمة سَمَّوْها بالأزمنة، فوافق رمضانُ أيّامَ رَمَضِ الحرّ. ويجمع على رَمضانات وأرمِضاءَ. ومن الباب أرمضَهُ الأمرُ ورَمِضَ للأمْرِ.
ورَمِض أيضاً، إذا أحرقَتْه الرَّمْضاء. ويقال رَمَضْتُ اللّحمَ على الرَّضْفِ، إذا أنضجْتَه. ومن الباب سِكِّين رَمِيض. وكلُّ حادٍّ رَمِيضٌ. وقد رَمَضْتُه أنا. ورَمِضَتِ الغنمُ، إذا رعَتْ في شدّة الحَرّ فقرِحت أكبادُها. ويقال: فلانٌ يترمَّضُ الظِّباءَ، إذا تبعها وساقَها حَتَّى تَفَسَّخَ قوائمُها من الرَّمْضاء ثمَّ يأخُذُها. ويقال ارتمَضَ بَطْنُه: فسَدَ، كأنَّ ثَمَّ داءً يُحْرِقُه. فأمّا قولُ القائل: أتيتُ فلاناً فلم أُصِبْه(1) فرمَّضْتُ ترميضاً، وذلك أن ينتظرَه. وممكنٌ أن يكون شاذّاً عن الأصل. ويمكن أن يكون الميم مبدلةً من باء، كأنّه ربّضت، من رَبَض.
(رمط) الراء والميم والطاء ليس أصلاً، لكنَّهم يسمُّون ما اجتمع من العُرْفُطِ وغيرِه من شجر العِضاهِ رَمْطاً. وربّما قالوا رَمَطت الرّجلَ، إذا عِبْته رَمْطاً. وفيه نظر.
رمع - رمغ - رمق
__________
(1) في الأصل: "فلم تصبه".(2/364)
(رمع) الراء والميم والعين أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وحركةٍ. فالرَّمَّاعةُ من الإنسان: الذي يضطرب من الصبيِّ على يافُوخِه. والرَّمَعَانُ: الاضطِراب. ويقال رَمَعَ أَنْفُ الرّجُل يَرمَع رمَعاناً، إذا تحرَّك من غضبٍ. ومن الباب قَبَحَ الله أمّاً رَمَعَتْ به، أي ولدَتْه. ومن ذلك اليَرْمَع: حجارةٌ بِيضٌ رِقاقٌ تلمَع في الشمس. ومن الباب إن صحّ، الرامِع، وهو الذي يطأطِئُ رأسَه ثم يرفعه. ويقال الرُّماع تغيُّر الوَجْه(1) والباب كلُّه واحد. ويقولون: المُرَمِّعَة المَهْلكة(2).
(رمغ) الراء والميم والغين لا أصلَ له، إلا بعض ما يأتي به ابنُ دريدٍ، من رَمَغْتُ الشيءَ، إذا عَركتَه بيدك، كالأديمِ وغيرِه.
(رمق) الراء والميم والقاف أصلٌ يدلُّ على ضَعفٍ وقِلّة. ويقال ترمَّقَ الرَّجلُ الماءَ وغيرَه، إذا حَسَا حُسْوةً [بَعد أُخرى(3)]. وهو مُرَمَّق العَيش، أي ضيِّقه. وما عَيْشُه إلا رَِماقٌ، يُراد به ما يُمْسِك الرَّمَق. والرَّمَق: باقي النَّفْسِ أو النَّفَس. قال:
وما العيشُ إلا خِلفَةٌ ودُرُورُ
وما الناسُ إلا في رَِماقٍ وصالح
ويقولون: "أضرعَتِ المِعْزَى فرمِّقْ رمِّقْ"، أي اشربْ لبنَها قليلاً قليلاً؛ لأنّ
رمك - رمل
المِعزَى تُنْزِلُ قبل نِتاجها بأيّام. والتَّرميق(4): عملٌ يفعلُه الرجل لا يُحسِنُه. ويقال حبلٌ أرماقٌ، إذا كان ضعيفاً. وقد ارمَاقَّ ارمِيقاقاً.
__________
(1) في اللسان: "والرماع: داء في البطن يصفر منه الوجه". وفي القاموس: "وجع يعترض في ظهر الساقي حتى يمنعه من السقي... واصفرار وتغير في وجه المرأة من داء يصيب بظرها".
(2) المهلكة، بتثليث اللام: المفازة. والمرمعة، لم ترد في اللسان. وفي القاموس: "والمرمعة كمحدثة: المفازة".
(3) التكملة من اللسان.
(4) في الأصل: "والرميق"، صوابه من اللسان والقاموس.(2/365)
(رمك) الراء والميم والكاف أصلان: أحدهما لونٌ من الألوان، والثاني لُبْثٌ بمكان. فالأول الرُّمْكة من ألوان الإبل، وهو أشدُّ كدْرةً من الوُرْقة. ويقال جملٌ أرمَكُ. ومنه اشتقاق الرَّامَِك. والرَّمَكة: الأُنثى من البراذين. والأصل الآخر: رَمَكَ بالمكان، وهو رامك.
(رمل) الراء والميم واللام أصلٌ يدلُّ على رِقّةٍ في شيءٍ يتضامُّ بعضُه إلى بعض. يقال رَمَلت الحصير، وأرملتُ، *إذا سَخَّفْتَ نَسْجَه. قال:
* كأنَّ نَسْجَ العنكبوتِ المُرْمَلِ(1) *
ثم يشبَّه بذلك، [فالرَّمَل]: القليل الضَّعيف من المطر، وجمعه أرمال. ومن الذي يقرب من هذا الباب الرَّمْل، وهو رَقيق. ومنه ترمَّل القَتيلُ بدمِهِ، إذا تلطخ؛ وهو قياسُ ما ذكَرْناه. ومن الباب الرَّمَل: الهَرْوَلة، وذلك أنه كالعَدْو أو المشْي الذي لا حصافةَ فيه. فأمّا المُرْمِلَ فهو الذي لا زادَ معه، سمِّي بذلك لأحدِ شيئين، إما رِقّةِ حاله، وإمّا للُصوقِه بالرّمل من فَقْره. والأرمَلُ مثلُ المُرمِل. قال جرير:
فمَنْ لحاجةِ هذا الأرمَلِ الذّكَرِ(2)
هَذِي الأراملُ قد قضَّيْتَ حاجتَها
رني - رنب - رنح
{باب الراء والنون وما يثلثهما}
(رني) الراء والنون والحرف المعتلّ أصلٌ واحد، يدلُّ على النّظَر: يقال رنا يرنُو، إذا نظَرَ، رُنُوّاً. والرَّنَا: الشيء الذي تَرْنُو إليه، مقصور. وظلَّ فلانٌ رانياً، إذا مدّ بصرَه إلى الشيء. ويقال أرْنانِي حُسْنُ ما رأيت، أي أعجَبَني. وفُسِّر قولُ ابنِ أحمرَ على هذا:
__________
(1) البيت في اللسان (رمل، غزل). مع نسبته في (غزل) إلى العجاج. انظر ديوانه 47. وأنشده في المخصص (17: 17) وذكر أنه إنما جر "المرمل" على الجوار. وذلك لأن المرمل من صفة النسج، فكان حقه النصب، لكن كذا روي بفتح الميم.
(2) ليس في ديوان جرير. وروايته في اللسان (رمل): "كل الأرامل".(2/366)
كأس رَنَوْناةٌ وطِِرفٌ طِِِمِرّْ(1)
مَدَّت عليه المُلْكَُ أطنابَها
ويقال إنه لم يسمعْ إلا منه، وكأنه الكأس التي يرنُو لها مَن رآها إعجاباً منه بها. ويقال فلان رَنُوُّ فلانةَ، إذا كان يُديم النظرَ إليها. واليَُرَنَّأ: الحِنّاء، يجوز أن يكون من الباب، ويجوز أن يقال هو شاذّ. ومما شذّ عن الباب الرُّنَاء: الصَّوت.
(رنب) الراء والنون والباء كلمةٌ واحدةٌ لا يشتقّ منها ولا يقاس عليها، لكن يشبَّه بها. فالأرنب معروف، ثم شبهت به أرنَبَة الأنْف، وأرنبة الرَّمل، وهي حِقْفٌ منه منحنٍ. يقولون كِساءٌ مؤرنَب، للذي(2) خُلِط غَزْله بوبَر الأرانب. وأرض مُؤَرنِبةٌ: كثيرة الأرانب. والأرنَب: ضربٌ من النَّبات.
(رنح) الراء والنون والحاء أصلٌ يدلُّ على تمايلٍ. يقال ترنَّحَ، إذا تمايَل
رنخ - رند
كما يترنَّحُ السكران. ويقال رُنِّحَ فلانٌ، إذا اعتراه وَهْن في عظامِه، فهو مرنَّح. قال الطرِمَّاح:
تَميدُ إذا استعبَرْتَ مَيْدَ المرنَّحِ(3)
وناصِرُكَ الأدنَى عليه ظَعينةٌ
(رنخ) الراء والنون والخاء ليس أصلاً، إلا أَن يكون شيءٌ من باب الإبدال يُحمل على الباب الذي قَبْلَه، فيدلُّ على فتورٍ وضعف. يقولون: الرانخ: الفاتر الضَّعيف. يقال رَنَخَ، إذا ضَعُف. وربما قالوا رنَّخْتُ الرجلَ ترنيخاً، إذا ذَلَّلْتَه، فهو مرنَّخ.
(رند) الراء والنون والدال أُصَيلٌ يدلُّ على جنسٍ من النَّبت. يقولون: الرَّنْد: شجرٌ طيِّب من شجر البادية.
__________
(1) في الأصل: "مدت عليك"، صوابه من اللسان (طمر، رنا). وفي اللسان تفصيل في إعرابه. ومن الأبيات التي قبله:
في إرث ما كان أبوه حجر
إن امرأ القيس على عهده
(2) في الأصل: "يقول كساء مؤرنب الذي".
(3) ديوان الطرماح 71 واللسان (رمح).(2/367)
وحدَّثَنا عليُّ بن إبراهيم، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عُبيدٍ عن الأصمعيّ قال: ربما سمَّوْا عُود الطِّيب رَنْداً. يعني الذي يُتبخَّر به. قال: وأنْكَر أن يكون الرّنْد الآس. وقال الخليل: الرَّنْد ضرب من الشجر، يقال هو الآس. وأنشد:
* على فَنَنٍ غَضِّ النّباتِ من الرَّنْدِ(1) *
فأما قول الجعديّ:
ـدِ بثَغْرٍ عَذْبٍ كشَوْك السَّيَالِ(2)
أَرِجَاتٍ يَقْضَمْنَ مِن قُضُبِ الرَّنْـ
فإنه يدلُّ على أنَّ الرَّنْد [ليس(3)] بالآسِ.
رنف - رنق - رنع - رنم
(رنف) الراء والنون والفاء أُصَيلٌ واحدٌ يدلُّ على ناحيةٍ من شيءٍ. فالرَّانِفة: ناحية الألْية. وقال الخليل: الرَّانفة جُلَيدةُ طرَفِ الرَّوْثة. وهي أيضاً طرَفُ غُضروف الأُذن. والرانفة: ألْيَة اليَد(4). وقال أبو حاتم: رانفة الكَبد: مارقَّ منها. وذُكر عن اللِّحياني أنّ روانفَ الآكام رُؤوسها. فأما الرَّنْفُ فيقال هو بَهرامَج البَرّ. وليس بشيء.
(رنق) الراء والنون والقاف أَصلٌ واحدٌ يدلُّ على اضطرابِ شيءٍ متغيّر له صفْوُهُ* إن كان صافياً. من ذلك الرَِّنَْقُ، وهو الماء الكدِر؛ يقال رَنِقَ الماء يَرْنَقُ رَنَقاً. ورَنَّق النومُ في عينه، إذا خالطها. والتَُّرْنُوق(5): الطِّين الباقي في مَسِيل الماء. والذي قلناه من الاضطراب فأصله قولهم رَنَّق الطائر: خفَق بجناحه ولم يطِرْ.
__________
(1) البيت لعبد الله بن الدمينة في ديوانه 29 والحماسة (2: 101). وصدره:
* أأن هتفت ورقاء في رونق الضحى *
(2) السيال، كسحاب: شجر سبط الأغصان عليه شوك أبيض أصوله أمثال ثنايا العذارى.
(3) التكملة من المجمل.
(4) ألية اليد، هي اللحمة التي في أصل الإبهام.
(5) الترنوق، بفتح التاء وتضم، وكذينك الترنوقاء بالضم.(2/368)
(رنع) الراء والنون والعين كلمةٌ واحدة صحيحة، وهي المَرْنَعة لأَِصْواتٍ تكون لَعِباً ولَهواً. قاله الفرّاء. وقال أبو حاتم: رنَعَ الحَرْث، إذا احتبَس الماءُ عنه فضَمَُر. وفيه نظر.
(رنم) الراء والنون والميم أُصَيلٌ صحيح في الأصوات. يقال ترنَّمَ، إذا رجَّع صوتَه. وترنمَ الطائر في هديره. وترنّمتِ القوسُ، شُبّه صوتُها عند الإنباض عنها بالترنُّم. قال الشماخ:
ترنُّم ثَكْلَى أوجعَتْها الجنائزُ(1)
إذا أنْبَضَ الرَّامُونَ عنها ترنَّمَتْ
رهو
{باب الراءِ والهاءِ وما يثلثهما}
(رهو) الراء والهاء والحرف المعتل أصلان، يدلُّ أحدُهما على دَعَةٍ وخَفْضٍ وسكون، والآخرُ على مكانٍ قد ينخفض ويرتفع.
فالأوّل الرَّهْو: البحر الساكن. ويقولون: عيشٌ راهٍ، أي ساكن. ويقولون: أَرْهِ على نفسك، أي ارفُقْ بها. قال ابن الأعرابيِّ: رَها في السَّير يرهُو، إذا رفَق. ومن الباب الفرس المِرْهاءُ(2) في السَّير، وهو مِثل المِرْخاء. ويكون ذلك سرعةً في سكونٍ من غير قلق.
وأما المكان الذي ذكرناه فالرَّهْو: المنخفِض من الأرض، ويقال المرتفِع. واحتج قائل القول الثاني بهذا البيت:
* يظلُّ النِّساء المرضِعاتُ برهْوَةٍ(3) *
قال: وذلك أنَّهنّ خوائفُ فيطلُبْن المواضعَ المرتفِعة. وبِقول الآخَر:
من الطَّير أقْنَى ينفُضُ الطَّلَّ أزرقُ(4)
فجلّى كما جلَّى على رأْسِ رهوةٍ
__________
(1) البيت في ديوان الشماخ 49 واللسان (جنز).
(2) بدلها في القاموس: "المرهاة". واقتصر في اللسان على "مره" من أرهى.
(3) البيت في اللسان (رهو) بدون نسبة. وهو لبشر بن أبي خازم، من قصيدة في المفضليات.
2: 129-133). وعجزه:
* تفزع من خوف الجبان قلوبها *
(4) البيت لذي الرمة في ديوانه 400 واللسان (رها، قنا). ورواية الديوان واللسان: "نظرت كما جلى".(2/369)
وحكى الخَليل: الرَّهْوة: مستنقَعْ الماء، فأمّا حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حين سُئل عن غَطَفان فقال: "رَهْوَةٌ تَنْبُِعُ ماءً"، فإنه أراد
رهأ - رهب
الجبلَ العالي. ضرب ذلك لهم مثلاً(1). وقد جاءَ عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أكَمَةٌ خَشْناء تنفِي النَّاسَ عنها". قال القُتَيبيّ: الرَّهوة تكون المرتفِعَ من الأرض، وتكون المنخفضَ. قال: وهو حرفٌ من الأضداد. فأمّا الرَّهاء فهي المَفازة المستوية قَلَّما تخلو من سَراب.
ومما شذّ عن البابين الرَّهْو: ضربٌ من الطّير. والرَّهو: نعت سَوءٍ للمرأة. وجاءت الخيل رهْواً، أي متتابعة.
(رهأ) الراء والهاء والهمزة لا تكون إلاّ بدَخيل(2)، وهي الرَّهْيأَة، وذلك يدلُّ على قلَّة اعتدالٍ في الشيء. فالرَّهْيأة: أن يكون أحد عِدْلي الحِمل أثْقَل من الآخَر. رَهْيَأْتَ حِمْلك؛ ورهيَأْتَ أمرك، إذا لم تقوِّمْه. والرَّهيأة: العجْز والتّوانِي. ويقال ترهْيأَ في أمرِه، إذا همَّ به ثُمَّ أمسَكَ عنه. ومنه الرَّهيأة: أنْ تَغرورِقَ العينانِ. وتَرَهْيَأت السّحابةُ، إِذا تمخَّضَتْ للمطر.
(رهب) الراء والهاء والباء أصلان: أحدهما يدلُّ على خوفٍ، والآخَر على دِقّة وخِفَّة.
فالأوَّل الرَّهْبة: تقول رهِبْت الشيءَ رُهْباً ورَهَباً ورَهْبَة. والترهُّب: التعبُّد. ومن الباب الإِرهاب، وهو قَدْع الإِبل من الحوض وذِيادُها.
والأصل الآخر: الرَّهْب: الناقة المهزولة. والرِّهاب: الرِّقاق من النِّصال؛ واحدها رَهْبٌ. والرَّهاب: عظمٌ في الصَّدر مشرفٌ على البَطن مثلُ اللِّسان.
رهج - رهد - رهز - رهس - رهش
(رهج) الراء والهاء والجيم أُصَيلٌ يدلُّ على إِثارة غبارٍ وشبهِه. فالرَّهَج: الغُبار.
__________
(1) وفسر "رهوة" في الحديث أيضاً بأنه جبل معين.
(2) كذا. ولعل في الكلام بعده سقطا.(2/370)
(رهد) الراء والهاء والدال أُصَيلٌ يدل على نَعْمةٍ، وهي الرَّهادة. ويقال هي رَهيدة(1)، أي رَخْصة. فأمَّا ابن دريد فقد ذكر ما يقارب هذا القياس، قال: يقال* رَهَدْتُ الشّيءَ رَهْداً، إذا سحَقْتَه سَحْقاً شديداً(2). قال: والرَّهيدة: بُرٌّ يُدقُّ ويصَبُّ عليه اللَّبَن.
(رهز) الراء والهاء والزاء كلمة تدلُّ على الرّهْز، وهو التحرُّك.
(رهس) الراء والهاء والسين أصلان: أحدهما الامتلاء والكثرة، والآخَر الوطء.
فالأول قولهم: ارتهَسَ الوادي: امتلأ. وارتهَسَ الجرادُ: ركِب بعضُه بعضاً.
والأصل الآخر: الرَّهْس: الوطء. ومنه الرجُل الرَّهْوَس(3): الأكول.
(رهش) الراء والهاء والشين أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتحرُّك. فالارتهاش: أن تصطدم يدُ الدابة في مَشْيِه فتعقِر رواهِشَه، وهي عصَب باطن الذِّراع. قال الخليل: والارتهاش ضربٌ من الطَّعْن في عَرْض. قال:
أبا خالدٍ لولا انتظارِيَ نصرَكُمْ
أخذْتُ سِناني فارتهشْتُ به عَرْضا(4)
رهص
قال: وارتهاشُه: تحريك يدَيه. ومن الباب رجل رُهْشُوشٌ: حَيٌّ(5) كريم كأَنه يهتزّ ويرتاح للكرم والخير. ومن الباب المرتَهِشة، وهي القوس التي إذا رُمِيَ عنها اهتزَّتْ فضرب وترُها أبْهَرَها. والرَّهيس: التي يُصيب وترُها طائفَها. ومن الباب ناقةٌ رُهشوشٌ: غزيرة.
__________
(1) في الأصل: "رهدة"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
(2) بعده في الجمهرة (2: 259): "زعموا مثل الرهك سواء".
(3) الرهوس، كجرول. ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.
(4) البيت في المخصص (6: 67) واللسان (رهش).
(5) في الأصل: "حتى"، صوابه في اللسان(2/371)
(رهص) الراء والهاء والصاد أصلٌ يدلُّ على ضَغْط وعصر وثَباتٍ. فالرَّهْص، فيما رواه الخليل: شِدّة العَصْر. والرَّهَص: أن يُصيب حجرٌ حافراً أو مَنْسِماً فيدوَى باطِنُه. يقال رَهَصه الحجر يرهَصُه، من الرَّهصَة. ودابَّةٌ رهيص: مرهوصة. والرَّواهص من الحجارة: التي ترهَصُ الدوابَّ إذا وطِئَتْها، واحدتها راهصة. قال الأعشى:
بفيك وأحجارَ الكُلابِ الرَّوَاهصا(1)
فعَضَّ حَديد الأرْضِ إن كنتَ ساخطاً
وكان "الأسد الرَّهيص" من فُرْسان العرب(2). والمَرْهَص: موضع الرَّهْصة. وقال:
* على جبالٍ ترهَص المَرَاهصا(3) *
والرِّهْص: أَسفلُ عِرْقٍ في الحائط. ويَرْهَصُ(4) الحائط بما يقيمه.
والمَرَاهص: المراتب، يقال مَرهَصةٌ ومراهص، كقولك مرتَبة ومراتب.
ويقال: كيف مرهَصَةُ فلانٍ عند الملك، أي منزلتُه. قال:
رهط
وفُضِّلَ أقوامٌ عليك مَرَاهِصا(5)
رمى بِكَ في أُخراهُم تَركُكَ العُلَى
(رهط) الراء والهاء والطاء أصلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ في النّاسِ وغيرِهم. فالرَّهط: العِصابة من ثلاثةٍ إلى عَشرة. قال الخليل: ما دون السَّبعة إلى الثلاثةِ نفرٌ. وتخفيف الرَّهط أحسن من تثقيله(6). قال والترهيط: دَهْوَرةُ اللُّقْمَةِ وجَمْعُها(7). قال:
* يا أيُّها الآكلُ ذو التَّرهِيط(8) *
__________
(1) ديوان الأعشى 110 واللسان (رهص).
(2) اسمه جبار بن عمرو بن عميرة، شاعر جاهلي. انظر الاشتقاق 231.
(3) في الأصل: "الرواهصا".
(4) في المجمل واللسان: "ورهصت".
(5) البيت للأعشى في ديوانه 109 واللسان (رهص).
(6) أي من أن يقال "رهط" بفتح الهاء.
(7) الدهورة: التكبير. وفي الأصل: "هورة اللقمة"، صوابه من اللسان.
(8) البيت في اللسان (رهط).(2/372)
والرَّاهطاء: جُحْرٌ من جِحْرة اليَربوع بين النّافقاء والقاصعاء، يَخْبَأُ فيه أولادَه. وقال: والرِّهاط: أديمٌ يُقطَع كقَدْر ما بين الحُجْزة إلى الرُّكْبة، ثم يُشقَّق كأمثال الشُّرُك، تلبَسه الجارية. قال:
وطعنٍ مثلِ تعْطيط الرِّهاطِ(1)
بِضربٍ تَسْقُطُ الهاماتُ منه
والواحد رَهْطٌ(2). وَقال:
كِ أجْعَلْكَ رَهْطاً على حُيَّضِ(3)
متى ما أَشَأْ غَيْرَ زَهْوِ المُلُو
رهق - رهك
قال الخليل: والرِّهاط واحدٌ، والجمع أرهطة. قال: ويجوز في العشيرة أن تقول هؤلاء رَهْطك وأرْهُطُك، كلُّ ذلك جميعٌ، وهم رجال عشيرتك. وقال:
وضعَتْ أراهِط فاستراحُوا(4)
يا بُؤْسَ للحربِ التي
أي أراحتْهم من الدُّنيا بالقَتْل. ويقال لِراهِطاء اليَربوع رُهَطَةٌ أيضاً.
(رهق) الراء والهاء والقاف أصلان متقاربان: فأحدهما غِشيان الشّيءِ الشيءَ، والآخر العَجلة والتأخير(5).
__________
(1) أنشده في اللسان (رهط، عطط). ونسبه في الموضع الأخير إلى المتنخل الهذلي. وقصيدة المتنخل في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين ص 89 ونسخة الشنقيطي من الهذليين 48. وروايته فيهما:
* بضرب في الجماجم ذي فروغ *
(2) في الأصل: "رهطة"، صوابه من اللسان والقاموس.
(3) البيت لأبي المثلم الهذلي، كما في اللسان (رهط). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 51.
(4) البيت أول أبيات لسعد بن مالك بن ضبيعة. انظر الحماسة (1: 192).
(5) في الأصل: "في التأخير".(2/373)
فأمَّا الأوّل فقولُهم: رَهِقَه الأمرُ: غَشِيَه. والرَّهُوق من النُّوق: الجوادُ الوَسَاعُ التي تَرْهَقُك إِذا مددتَها، أي تغشاك لسَعَة خَطْوها. قال الله جلّ ثناؤه: { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } [يونس 26]. والمرَاهِق: الغلام الذي دَانَى الحُلُم. ورجلٌ مُرَهَّق: تنزل به* الضِّيفَانُ. وأرهق القومُ الصّلاةَ: أخَّروها حتى يدنُوَ وقتُ الصّلاةِ الأُخرى. والرَّهَق: العَجَلة والظُّلم. قال الله تعالى:
{ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً(1) } [الجن 13]. والرَّهَق: عجلةٌ في كذب وعَيب. قال:
* سليم جنب الرّهَقا(2) *
(رهك) الراء والهاء والكاف أصل يدل على استرخاء. فالرَّهْوَك(3):
رهل - رهم - رهن
السَّمين من الجِداء والظِّباء(4). والتَّرَهْوُك: التحرُّك في رَخاوة. ويقولون: رهَكْت الشَّيءَ، إذا سَحَقْتَه.
(رهل) الراء والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على استرخاء. فالرَّهَل: الاسترخاء من سِمَن. يقال فرسٌ رهِلُ الصَّدْر.
أنشدنا أبو الحسن القَطَّان، قال أنشدنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيدٍ، عن الفرّاء:
ولا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبَآدِلُه(5)
فتىً قُدَّ قَدَّ السّيفِ لا متآزِفٌ
(رهم) الراء والهاء والميم يدلُّ على خِصْبٍ ونَدىً. فالرِّهْمَة: المَطْرة الصَّغيرةُ القَطْر؛ والجمعُ رِهَمٌ ورِهام. وروضة مَرْهُومَةٌ. وأَرْهَمَتِ السّماء: أتت بالرِّهام. ونزلنا بفلانٍ فكُنّا في أرهَمِ جانِبَيه، أي أخصبهما.
__________
(1) من الآية 13 في سورة الجن.
(2) لم أهتد إلى مرجع لتحقيق هذا.
(3) ذكرت في القاموس ولم تذكر في اللسان.
(4) بعد هذا الكلمة في الأصل: "والترهوك السمين"، وهي عبارة مقحمة أخذت مما بعدها وما قبلها.
(5) البيت للعجير السلولي، أو زينب أخت يزيد بن الطثرية، كما في اللسان (أزف، بأدل، رهل).(2/374)
(رهن) الراء والهاء والنون أصلٌ يدل على ثباتِ شيءٍ يُمسَك بحقٍّ أو غيره. من ذلك الرَّهْن: الشيءُ يُرْهَن. تقول رهَنْت الشيءَ رهْناً؛ ولا يقال أرهَنْتُ. والشيء الرَّاهن: الثابت الدائم. ورَهَن لك الشيءُ: أقام. وأرهنْتُه لك: أقمتُه. وقال أبو زيد: أرْهَنْتُ في السِّلعة إرهاناً: غالَيْتُ فيها. وَهو من الغَلاء خاصَّة. قال:
* عِيدِيَّةً أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانيرُ(1) *
روي - روب
وعبارة أبي عُبيدٍ في هذا عبارة شاذّة. لكنّ ابن السكّيت وغيره قالوا: أُرْهِنَتْ أُسْلِفَتْ. وهذا هو الصَّحيح. قالوا كلُّهُم: أرهَنْتُ ولَدي إرهاناً: أخْطَرْتُهُمْ(2). فأمّا تسميتهم المهزُولَ من الناس [و] الإبلِ راهناً، فهو من الباب؛ لأنَّهم جعلوه كأنّه من هُزاله يثبُت مكانَه لا يتحرَّك. قال:
هَزْلاً وما مجدُ الرِّجال في السِّمَنْ(3)
إمَّا تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ
يقال منه رَهَنَ رُهوناً.
{باب الراء والواو وما يثلثهما}
(روي) الراء والواو والياء أصلٌ واحد، ثمّ يشتق منه. فالأصل ما كان خِلافَ العَطَش، ثم يصرَّف في الكلام لحامِلِ ما يُرْوَى منه.
فالأصل رَوِيتُ من الماء رِيّاً. وقال الأصمعي: رَوَيْت على أهلي أَرْوِي رَيّاً. وهو راوٍ من قومٍ رُواةٍ، وهم الذين يأتونهم بالماء.
فالأصل هذا، ثمّ شبِّه به الذي يأتي القومَ بِعْلمٍ أو خَبَرٍ فيرويه، كأنَّه أتاهم برِيِّهم من ذلك.
__________
(1) صدره كما في اللسان (رهن):
* يطوي ابن سلمى بها من راكب بعدا *
... أو: ... ... ... *ظلت تجوب بها البلدان ناجية *
(2) أي جعلت لهم خطراً يستبقون إليه.
(3) البيتان في اللسان (رهن)، وقد سبق أولهما في (خل 156) من هذا الجزء.(2/375)
([روب]) . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .(1)
روث - روج - روح
أعِرْني رُؤبة فرسِك. ويقال: فلانٌ لا يقوم برُوبة أهله، أي بما أسنَدُوه إليه من حاجاتهم، كأنه شبِّه ذلك باللَّبن. وقال ابنُ الأعرابيّ: رُوبَة الرجل: عَقْله. قال بعضهم وهو يحدِّثني: وأنا إذْ ذاكَ غلامٌ ليست لي رُوبة. فأمّا الهمزة التي في رُؤْبة فهي تجيء في بابِه.
(روث) الراء والواو والثاء كلمتان متباينتان جِداً. فالرَّوْثة: طرف الأرنَبة. والواحدة من رَوْث الدّوَابّ.
(روج) الراء والواو والجيم ليس أصلاً. على أنّ الخليل ذكر: روَّجْتُ الدّراهِمَ، وفلانٌ مُروِّج. ورَاجَ الشيءُ يروجُ، إذا عُجِّل به. وكلٌّ قد قيل، والله أعلَمُ بصحّته، إلاّ أني أراه كلَّه دخيلا.
(روح) الراء والواو والحاء أصلٌ كبير مطّرد، يدلُّ على سَعَةٍ وفُسْحَةٍ واطّراد. وأصل [ذلك] كلِّه الرِّيح. وأصل الياء في الريح الواو، وإنّما قلبت ياءً لكسرة ما قبلها. فالرُّوح رُوح الإِنسان، وإنّما هو مشتق من الرِّيح، وكذلك الباب كلّه. والرَّوْح: نسيم الرِّيح. ويقال أراحَ الإنسانُ، إذا تنفَّسَ. وهو في شعر امرئ القيس(2). ويقال أرْوَحَ الماءُ وغيرُه: تغيَّرتْ* رائحته.
__________
(1) جاءت هذه المادة مختلطة بما قبلها، مبتورة الأول. وإليك أول المادة من المجمل إلى أن تتصل بأول هذا الكلام: "راب اللبن يروب وهو رائب. وقوم روبى: خثراء الأنفس. وقد رابت نفسه تروب. والرؤبة بالهمز: خشبة يرأب بها القعب أي يشد. والروبة غير مهموزة: خميرة تلقى في اللبن ليروب. وروبة الليل: طائفة منه. أبو زيد: روبة الفرس: ماؤه في جمامه يقال....".
(2) يعني قوله، في ديوانه 15 واللسان (3: 288):
فمنه تريح إذا تنبهر
لها منخر كوجار السباع(2/376)
والرُّوح: جَبْرَئِيل(1) عليه السلام. قال الله جلَّ ثناؤُه: { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ اْلأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ } [الشعراء 193- 194]. والرَّواح: العشِيُّ؛ وسمِّي بذلك
روح
لرَوحِ الرِّيح، فإنَّها في الأغلب تَهُبّ بعد الزّوال. وراحوا في ذلك الوقتِ، وذلك من لَدُنْ زوالِ الشّمس إلى الليل. وأرحْنَا إبلَنا: ردَدْناها ذلك الوقتَ. فأما قولُ الأعشى:
مِن غُراب البينِ أو تيسٍ بَرَحْ(2)
ما تَعِيفُ اليَوْمَ في الطّيرِ الرَّوَحْ
فقال قومٌ: هي المتفرِّقة. وقال آخرون: هي الرّائحةُ إلى أوكارها. والمُرَاوَحَةُ في العمَلَيْن: أنَ يعْمل هذا مرةً و[هذا] مَرَّة. والأرْوَح: الذي في صُدور قدميه انْبساط. يقال رَوِحَ يَرْوَحُ رَوحاً. وقَصْعةٌ رَوْحاء: قريبة القَعر. ويقال الأرْوَح من النّاس: الذي يتباعد صُدورُ قدمَيه ويتدانى عَقِباه؛ وهو بَيِّن الرَّوَح. ويقال: فلانٌ يَرَاحُ للمعروف، إذا أخذَتْه له أرْيَحِيّة. وقد رِيحَ الغَدير: أصابته الرِّيح. وأرَاحَ القومُ: دخلوا في الرِّيح. ويقال للميِّت إذا قَضى: قد أراحَ. ويقال أرَاحَ الرّجُل، إذا رجعت إليه نَفْسُه بعد الإعياء. وَأَرْوَحَ الصَّيدُ، إذا وجَدَ رِيحَ الإنسيّ. ويقال: أتانا وما في وجهه رائِحةُ دمٍ(3). ويقال أَرَحْتُ على الرّجُل حَقَّهُ، إذا ردَدْتَه إليه. وأفعل ذلك في سَراحٍ ورَواحٍ، أي في سهولة. والمَرَاح: حيث تأوِي الماشيةُ باللَّيل. والدُّهْن المروَّح: المطيَّب. وقد تَروَّحَ الشّجر، ورَاح يَرَاح، معناهما أن يَتَفَطَّر بالورق(4). قال:
__________
(1) فيه أربع عشرة لغة، ذكرها صاحب القاموس.
(2) ديوان الأعشى 159 واللسان (3: 291) والحيوان (3: 442).
(3) في اللسان: "وما في وجهه رائحة دم، من الفرق. وما في وجهه رائحة دم، أي شيء".
(4) التفطر: التشقق والتصدع. في الأصل: "ينفطر الورق"، تحريف.(2/377)
* رَاحَ العِضاهُ بهمْ والعِرقُ مَدخُول(1) *
روح
أبو زيد: أروَحَنِي الصَّيدُ إرواحاً، إذا وجَدَ رِيحك. وأرْوَحْتُ من فلانٍ طِيباً. وكان الكسائيّ يقول: "لم يُرِحْ رائحةَ الجنّة" من أَرَحْت. ويجوز أن يقال "لم يَرَح" من رَاحَ يَرَاحُ، إذا وجَدَ الرِّيح(2). ويقال خرجُوا برِيَاح من العشي وبرَوَاحٍ وإرْواح(3). قال أبو زيد: راحَت الإِبل تَرَاح، وارحْتُها أنا، مِن قوله جلُّ جلالُه: { حِينَ تُرِيحُونَ } [النحل 6]. ورَاحَ الفَرَسُ يَرَاحُ راحةً، إِذا تحصَّنَ. والمَرْوَحة: الموضع تخترق فيه الرِّيح. قيل: إنّه لعمر بن الخطاب وقيل بل تمثّلَ به(4):
إذا تَدَلَّتْ به أو شاربٌ ثَمِلُ(5)
كأَنَّ راكبَها غُصْنٌ بِمَرْوَحَةٍ
والرَّيِّح: ذو الرَّوْحِ؛ يقال يومٌ رَيِّح: طيّب. ويوم رَاحٌ: ذو رِيح شَديدة. قالوا: بُنِيَ على قولهم كَبْشٌ صافٌ كثير الصُّوف. وأمَّا قولُ أبي كبيرٍ(6):
كمَشْيِ السَّبَنْتَى يَرَاحُ الشَّفِيفَا(7)
وماءٍ وردتُ على زَُوْرةٍ
فذلك وِجْدانُه الرَّوْح. وسُمِّيت الترويحة في شهر [رمضان] لاستراحة القومِ بعد كلِّ أربع ركَعات. والرَّاحُ: جماعةُ راحة الكفّ. قال عبيد:
رود
__________
(1) للراعي كما في اللسان (3: 294). وصدره:
* وخالف المجد أقوام لهم ورق *
(2) وفيه لغة ثالثة "لم يرح" بكسر الراء، من راح يريح.
(3) كتب في اللسان والقاموس بهمزة فوق الألف. وفي المجمل بكسرة تحت الألف كما أثبت.
(4) كذا، ولعل موضع هذا البيت التالي. وفي المجمل: "ويقال إن عمر رحمه الله ركب ناقة فمشت به مشياً عنيفاً فقال".
(5) البيت في اللسان (3: 282).
(6) الصواب أنه لصخر الغي. انظر شرح السكري للهذليين 47 ومخطوطة الشنقيطي 58.
(7) البيت في اللسان (روح) بدون نسبة، وفي (زور) بنسبته إلى صخر الغي، وكذا عجزه مع هذه النسبة في (شفف).(2/378)
يكادُ يدفَعُه مَن قام بالرَّاحِ(1)
دانٍ مسِفٍّ فُويقَ الأرضِ هَيْدَبُه
الرَّاح: الخمر. قال الأعشى:
ـنَ يومَ المُقَام ويوم الظَّعَنْ(2)
وقد أشْرَبُ الرَّاح قد تعلميـ
وتقول: نَزَلَتْ بفُلانٍ بَلِيَّةٌ فارتاح الله، جلَّ وعزّ، له برحمةٍ فأنقَذَه منها. قال العجّاج:
ونِعمَتِي أتَمَّها فَتَمَّتِ(3)
فارتاحَ ربِّي وأرادَ رحمتي
قال: وتفسير ارتاح: نَظَر إليَّ ورَحِمَنِي. وقال الأعشى في الأريحيّ:
مُ رُكوداً قِيامَهُمْ للهِلالِ(4)
أريحِيُّ صَلْتٌ يظَلُّ له القَوْ
قال الخليل: يقال لكلِّ شيءٍ واسعٍ أََرْيَحُ، ومَحْمِلٌ أَرْيَح. وقال بعضُهم: مَحْمِلٌ أَرْوَحُ. ولو كان كذلك لكان ذمَّهُ؛ لأنَّ الرَّوَح الانبطاح، وهو عيب في المَحْمِل. قال الخليل: الأريحيُّ مأخوذٌ مِن رَاحَ يَرَاح، كَما يقال للصَّلْت أَصْلَتِيٌّ.
(رود) الراء والواو والدال معظمُ بابِه [يدلُّ] على مجيءٍ وذَهابٍ من انطلاقٍ في جهة واحدة. تقول: راودْتُه على أن يَفعل كذا، إِذا أردْتَه على فعله. والرَّوْد: فِعلُ الرَّائد. يقال بعثْنا رائداً يرُودُ الكلأَ، أي ينظُر* ويَطْلُب.
روز
__________
(1) من قصيدة لعبيد بن الأبرص في مختارات ابن الشجري 100-101. ولعبيد في ديوانه قصيدة حائية على هذا الوزن والروي ليس منها هذا البيت. لكنه منسوب أيضاً إليه في اللسان (هدب، شفف). والحق أنه لأوس بن حجر من قصيدة في ديوانه 4. وقبل البيت:
في عارض كبياض الصبح لماح
يا من لبرق أبيت الليل أرقبه
(2) ديوان الأعشى 14.
(3) ديوان العجاج 6، ونسب في اللسان (3: 287) إلى رؤبة.
(4) البيت من أول قصيدة للأعشى في ديوانه ص10.(2/379)
والرِّياد: اختلافُ الإبل في المرعَى مُقْبلةً ومدبرة. رادَتْ تَرُودُ رِياداً. والمَرَاد: الموضعُ الذي ترُودُ فيه الرَّاعية. ورادَت المرأةُ تَرودُ، إذا اختلفَتْ إلى بيوت جاراتها. والرَّادَة: السَّهلة من الرِّياح، لأنها تَرُودُ لا تَهُبُّ بِشدّة. ورائِدُ العَين: عُوَّارها الذي يَرُود فيها. وقال بعضهم: الإرادة أصلها الواو، وحجته أنَّك تقول راوَدْته على كذا. والرَّائد: العُود الذي تُدار به الرَّحَى. فأمّا قول القائل في صفة فرسٍ:
* جَوَادَ المَحَثَّة والمُرْوَدِ(1) *
فهو من أَروَدْت في السَّير إرواداً ومُرْوَداً. ويقال مَرْوَداً أيضاً. وذلك من الرِّفْق في السَّير. ويقال "رَادَ وِسادُه"، إذا لم يستقرَّ، كأنّه يجيء ويَذهب(2). ومن الباب الإرواد في الفعل: أن يكون رُوَيداً. وراودتُه على أنْ يفعل كذا، إذا أردْتَه على فعلِه. ومن الباب جاريةٌ رُودٌ(3): شابّة. وتكبير رويدٍ رُودٌ. قال:
* كأنَّها مِثْلُ مَنْ يَمشِي على رُودِ(4) *
والمِرْود: المِيل.
(روز) الراء والواو والزاء كلمةٌ واحدة، وهي تدلُّ على اختبار وتجريب. يقال رُزْت الشّيءَ أَرُوزُه، إذا جرَّبْتَه.
روض - روع
(روض) الراء والواو والضاد أصلانِ متقاربانِ في القياس، أحدهما يدلُّ على اتّساعٍ، والآخَرُ على تلْيِينٍ وتسهيل.
__________
(1) نسب في اللسان (رود 71) إلى امرئ القيس. وصدره:
* وأعددت للحرب وثابة *
(2) من شواهده قول عبد الله بن عنمة الضبي في المفضليات (2: 181):
أهذا رئيس القوم راد وسادها
تقول له لما رأت خمع رجله
(3) أصلها الهمز "رؤد". ويقال أيضاً "رؤدة" بالهاء، ورأد ورأدة، كلها بمعنى.
(4) البيت للجموح الظفري، وكذا جاءت الرواية في الأصل والمجمل. والمعروف في روايته:
كأنها ثمل يمشي على رود
تكاد لا تثلم البطحاء وطأتها(2/380)
فالأولُ قولهم استراض المكانُ: اتّسَعَ. قال: ومنه قولهم: "افعل كذا ما دامَ النَّفَسُ مستَرِيضاً"، أي متَّسعاً. قال:
كلاهُما أُجِيدُ مُستَرِيضا(1)
أَرَجَزاً تُرِيدُ أم قَرِيضَا
ومن الباب الرَّوضة. ويقال أرَاضَ الوادِي واستراضَ، إذا استَنْقَعَ فيه الماء. وكذلك أراضَ الحوضُ. ويقال للماء المستنقِع المنبسِط رَوْضَة. قال:
* ورَوْضَةٍ سَقَيْتُ منها نِضْوِي(2) *
ومن الباب أتانا بإناءٍ يُرِيضُ كذا [وكذا(3)]. وقد أراضَهم، إذا أرواهم. وأما الأصل الآخَر: فقولهم رُضْتُ النّاقَة أرُوضُها رياضةً.
(روع) الراء والواو والعين أصلٌ واحد يدلُّ على فزَع أو مُستَقَرِّ فزَع. من ذلك الرَّوْع. يقال رَوَّعت فُلاناً ورُعْتُه: أفزَعْتُه. والأرْوَع من الرجال: ذو الجِسم والجَهَارَة، كأنَّه مِن ذلك يَرُوع مَن يراه. والرَّوْعاء(4) من الإبل: الحديدة
روغ - روق
الفؤاد، كأنَّها ترتاعُ من الشيءِ. وهي من النِّساء التي تَرُوع الناسَ، كالرّجُل الأرْوَع.
__________
(1) لحميد الأرقط كما في اللسان (روض) والمخصص (10: 132). وفي الأصل والمجمل والمخصص: "أجد"، والوجه ما أثبت من اللسان وأمالي ثعلب وأما "كلاهما" فقد جاء في المخصص فقط "كليهما" على اللغة المشهورة؛ إذ أنها مفعول مضاف إلى ضمير. وفي سائر المصادر "كلاهما" وهي لغة لبعضهم. وفي همع الهوامع (1: 41) عند الكلام على كلا وكلتا: "وبعضهم يجريهما معهما –أي مع الظاهر والضمير- بالألف مطلقاً".
(2) البيت في المخصص (9: 135). ورواه في اللسان (9: 24): "وروضة سقيت منها نضوتي". والنضوة مؤنثة "النضو" بالكسر، وهو البعير المهزول.
(3) هذه من المجمل.
(4) في الأصل: "والرعاء"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.(2/381)
وأمَّا المعنى الذي أومَأْنا إليه في مستَقَرِّ الروع فهو الرُّوع. يقال وقَعَ ذلك في رُوعِي. وفي الحديث: "إنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ في رُوعي: إنّ نفساً لن تَموتَ حتَّى تستكمِلَ رِزْقها. فاتَّقُوا الله وأَجْمِلوا في الطّلَب".
(روغ) الراء والواو والغين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيْل وقلّة استقرار. يقال راغَ الثّعلبُ وغيرُه يَرُوغُ. وطريقٌ رائغٌ: مائل. وراغَ فلانٌ إلى كذا. إذا مالَ سِرّاً إليه. وتقول: هو يُدِيرُني عن أمري وأَنا أُريغه. قال:
وجلدةُ بَيْنِ العَينِ والأنْفِ سالمُ(1)
يُدِيرُونَنِي عن سالِمٍ وأُرِيغُهُ
ويقال رَوَّغْت اللُّقْمةَ بالسَّمن أروِّغُها ترويغاً، إذا دَسَمْتَها. وهو إذا فعل ذلك أَدارَها في السَّمْن إِدارة.
ومن البابَ: راوغ فلانٌ فلاناً، إذا صارعه؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُرِيغ الآخَر، أي يُديرُه. ويقال: هذه رِواغة بني فلان ورِياغتهم: حيث يصْطَرِعُون.
(روق) الراء والواو والقاف أصلان، يدلُّ أحدُهما على تقدُّمِ شيءٍ، والآخَرُ على حُسْنٍ وجمال.
فالأوَّل الرَّوْق والرُِّواق: مُقدَّم البَيت. هذا هو الأصل. ثمّ يحمل عليه كلُّ
روق
شيءٍ فيه أدنى تقدُّم. والرَّوْق: قَرن الثَّور. ومَضَى رَوْقٌ من اللَّيل، أي طائفة منه، وهي المتقدِّمة. ومنه رَوْق الإنسان شبابُه؛ لأنه متقدِّمُ عُمره. ثم يستعار الرَّوْق للجِسم فيقال*: "أَلقَى عليه أوراقَه". والقياس في ذلك واحدٌ. فأمّا قولُ الأعشَى:
فِ إذا ما تتابع الأرواقُ(2)
ذاتِ غَرْبٍ تَرمِي المقدَّمَ بالرِّدْ
ففيه ثلاثةُ أقوال:
__________
(1) البيت في اللسان (روغ)، والأمالي (1: 15) بدون نسبة. وهو لعبد الله بن عمر بن الخطاب وكان يحب ولده سالم بن عبد الله، وكان الناس يلومونه في ذلك فيقول هذا البيت. المعارف لابن قتيبة 80 واللسان (15: 191).
(2) ديوان الأعشى 142.(2/382)
الأوّل أنّه أراد أرواقَ اللَّيل، لا يمضي رَوْقٌ من الليل إلا يَتبَعُه رَوْق .
والقول الثاني: أنَّ الأَرْواق الأجساد إِذا تدافعَتْ في السَّير.
والثالث: أنَّ الأرواق القُرون، إنَّما أراد تزاحُمَ البقَرِ والظِّباء من الحَرِّ في الكِناس. [فمن قال هذا القولَ جعَلَ تمامَ المعنَى في البيت الذي بعده، وهو قوله(1)]:
[في مَقيلِ الكِناس(2)] إذْ وَقَدَ الحَرُّ إذا الظِّلُّ أحرزَتْه السّاقُ كأنّه قال: تتابَعَ الأرواقُ في مَقِيلها في الكِناس.
ومن الباب الرَّوَق، وهي أن تَطُول الثّنايا العُليا السُّفلَى.
ومنه فيما يُشْبه المثَل: "أكَلَ فلانٌ رَوْقه"، إذا طال عُمره حتى تحاتَّتْ أسنانُه. ويقال في الجسم: ألقى أرْواقَه على الشَّيء، إذا حَرَصَ عليه. ويقال رَوَّقَ اللَّيلُ، إِذا مَدَّ رِواقَ ظُلْمته. ويقال ألْقَى أرْوِقَتَه.
رول - روم
ومن الباب: ألقى فلانٌ أرواقه، إذا اشتدَّ عَدْوُه؛ لأنّه يتدافَع ويتقدَّم بجسمه. قال:
* أَلْقَيْتُ ليلَةَ خَبْتِ الرَّهْط أرْوَاقِي(3) *
ويقال: ألْقَت السَّحابة أرواقَها، وذلك إذا ألحَّتْ بمطرها وثبتت. والرُِّوَاقُ: بيتٌ كالفُسطاط، يُحمَل على سِطاعٍ واحدٍ في وسَطِه، والجميع أرْوِقَة. وَرُِواق البيت: ما بين يدَيْه.
والأصل الآخرُ: قولهم: راقَني الشَّيءُ يرُوقني، إذا أعجبَنِي. وهؤلاء شبابٌ رُوقَة(4). ومن الباب: روَّقت الشّرابَ: صفّيْتُه، وذلك حُسْنُه. والرَّاوُوق: المِصْفاة.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) التكملة من المجمل وديوان الأعشى.
(3) لنأبط شرا، من القصيدة الأولى من المفضليات، وصدره في المفضليات واللسان:
* نجوت منها نجائي من بجيلة إذ *
(4) روقة يقال للمذكر والمؤنث، والمفرد والمثنى والجموع.(2/383)
(رول) الراء والواو واللام أصلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيء. يقالَ روَّلْتُ الخُبْزَ بالسَّمن، مثل روَّغْت. والرُّوَال: بُزَاق الدّابَّة. يقال رَوَّلَ [في] مِخْلاَتِه(1). وقريبٌ من هذا الباب رَوَّلَ الفَرسُ: أدْلَى.
(روم) الراء والواو والميم أصلٌ يدلُّ على طلبِ الشيء. ويقال رُمْتُ الشّيءَ أَرُومُه رَوْماً. والمَرَام: المَطْلب. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال رَوَّمتُ فلاناً وبفُلانٍ، إِذا جعلته يَرومُ [الشّيءَ(2)] ويطلبه.
روه - رون - ريب
(روه(3)) الراء والواو والهاء ليس بشيء، على أن بعضهم يقول الرَّوه مصدر رَاه يروه روْهاً. قال: هي لغة يمانية. يقولون: راهَ الماءُ على وجه الأرض: اضطرب. وفي ذلك نظرٌ.
(رون) الراء والواو والنون يدلُّ على شِدّة حَرٍّ أو صوتٍ. يقولون: يوم أرْوَنانٌ وليلةٌ أرْوَنانة، أي شديدة الحَرِّ والغَمّ. قال القُتَيبيّ: والأرْوَنانُ: الصّوت الشديد. قال الكميت:
ولا أنسٍ ذُو أرْوَنَانٍ وذُو زَجَلْ(4)
بها حاضرٌ من غير جِنٍّ يَرُوعُه
{باب الراء والياء وما يثلثهما}
(ريب) الراء والياء والباء أُصَيلٌ يدلُّ على شكٍّ، أو شكٍّ وخوف، فالرَّيْب: الشّكّ. قال الله جلّ ثناؤه: { الم. ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ }
[البقرة 1- 2]، أَي لا شَكَّ. ثم قال الشاعر:
فلا ريْبَ أن قد كان ثَمَّ لَحِيمُ(5)
فقالوا تَرَكْنَا القومَ قد حَصَِرُوا بهِ
__________
(1) في المجمل: "ترول في مخلاته".
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) كذا ورد ترتيب هذه المادة، وموضعها بعد تاليها.
(4) البيت في اللسان (رون) والحيوان (5: 404).
(5) لساعدة بن جؤية في ديوانه 232 واللسان (حصر، لحم). حصروا به، بفتح الصاد: أحاطوا به. وروى السكري: "حصروا به" بكسر الصاد، أي ضاقوا به.(2/384)
والرَّيب: ما رابَكَ مِن أمرٍ. تقول: رابَنِي هذا الأمرُ، إذا أدخَلَ عليك شَكّاً وخَوفا. وأرابَ الرّجلُ: صارَ ذا رِيبةٍ. وقد رابَنِي أمْرُه. ورَيْب الدّهر: صُروفه؛ والقياس واحد. قال:
ريث - ريح
والدّهرُ ليس بمُعْتِبٍ مَن يجزعُ(1)
أَمِنَ المَنُونِ وَرَيْبِهِ تَتَوَجَّعُ
فأمّا قولُ القائل:
ومَكَّةَ ثُمّ أَجْمَمْنَا السُّيوفا(2)
قضَيْنَا مِن تِهامةَ كلَّ ريبٍ
فيقال: إنّ الرَّيب الحاجة. وهذا ليس ببعيدٍ؛ لأنَّ طالبَ الحاجة شاكٌّ، على ما به من خوف الفَوْت.
(ريث) الراء والياء والثاء أصلٌ واحد، يدلُّ على البُطء، وهو الرَّيثُ: خِلاف العَجَل. قال لبيد:
وبإِذْنِ اللهِ رَيْثِي وعَجَلْ(3)
إنَّ تَقْوَى ربِّنا خيرُ نَفَلْ
تقول منه راثَ يَرِيث. واستَرَثْتُ فلاناً* استبطأتُه. وربّما قالوا: استَرْيَث، وليس بالمستعمَل. ويقال رجلٌ رَيِّثٌ، أي بطيء.
(ريح) الراء والياء والحاء. قد مضى مُعظَم الكلام فيها في الراء والواو والحاء، لأنَّ الأصل ذاك، والأصل فيما نذكر آنفاً الواو أيضاً، غير أنَّا نكتب كلماتٍ لِلَّفْظ. فالرِّيح معروفة، وقد مرَّ اشتقاقها. والرَّيحان معروف. والرَّيْحان: الرِّزْق. وفي الحديث: "إِنَّ الولدَ مِنْ رَيْحان الله". والرِّيح: الغَلَبة والقُوّة، في قوله تعالى: { فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ } [الأنفال 46]. وقال الشّاعر:
أم تعْدُوان فإنَّ الرِّيح لِلْعادِي(4)
أتَنْظُرَانِ قليلاً ريْثَ غفلَتِهمْ
وأصل ذلك كلِّه الواو، وقد مَضَى.
ريخ - ريد - رير - ريس
__________
(1) لأبي ذؤيب الهذلي، وهو مطلع أول قصيدة له في ديوانه. المفضليات (2: 221).
(2) لكعب بن مالك الأنصاري، في اللسان (ريب)، وقصيدته في السيرة 870 جوتنجن.
(3) مفتح قصيدة له في ديوانه 11 طبع 1881.
(4) يروى لتأبط شراً، وللسليك بن السلكة، ولأعشى فهم. انظر اللسان (3: 283).(2/385)
(ريخ) الراء والياء والخاء كلمةٌ واحدةٌ فيها نظر. يقال رَاخَ يَريخ ريْخاً، إذا ذلَّ وانكسَر. والترييخ: وَهْيُ الشيء. وضربوا فلاناً حتى ريَّخوه. وراخَ الرجلُ يَريخ رَيخا، إذا حَار. وراخَ البعيرُ، إذا أَعْيا.
(ريد) الراء والياء والدال كلمتان: الريْد: أنْف الجبَل. والرِّيد: التِّرب.
(رير) الراء والياء والراء كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها ولا يفرّع منها. فالرِّير: المُخّ الفاسد، وهو الرّيْرُ والرَّار. وأرَارَ اللهُ مُخَّ هذه النّاقةِ، أي تركه رِيراً.
وحدّثَني عليُّ بن إبراهيمَ قال: سألتُ ثعلباً عن قول القائل:
* أرَارَ الله مُخَّك في السُّلامَى *
فقلت: أكذا هو، أم: أراني الله مُخَّك في السُّلامى؟ وأيُّهما أجود وأحبُّ إليك؟ فقال: كلاهما واحد. ومعنى أرَارَ أرَقَّ. والسُّلامَى: عظام الرِّجْل.
(ريس) الراء والياء والسين كلمتانِ متفاوتٌ ما بينَهما. فالرِّياس: قائم السَّيف(1). [قال]:
إلى بَطَلَينِ يعثران كِلاهما
يُدِير رياس السَّيفِ والسيفُ نادرُ
وقال آخر:
ريش
* ومِرْفَقٍ كرِيَاسِ السَّيْفِ إذ شَسَفَا(2) *
والكلمة الأخرى: الرَّيْسُ والرَّيَسَان: التَّبختُر. قال:
* أتاهُمْ بينَ أرحُلِهمْ يَرِيسُ(3) *
__________
(1) هو مسهل المهموز "رئاس"، وهو في سائر المعاجم في مادة (رأس). وفي اللسان (7: 397) نص ابن سيده على الشك في الكلمة، أهي يائية الأصل، أم مخففة من المهموز.
(2) لابن مقبل في اللسان (رأس، شسف). وصدره:
* ثم اضطغنت سلاحي عند مغرضها *
(3) لأبي زبيد الطائي، في اللسان (ريس). وصدره فيه:
* فلما أن رآهم قد تدانوا *
... وصدره في الجمهرة (2: 340):
* قصاقصة أبو شبلين ورد *(2/386)
(ريش) الراء والياء والشين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حُسْن الحال، وما يكتسب(1) الإنسانُ من خَيْر. فالرِّيش: الخير. والرِّياش: المال. ورِشْت فلاناً أَرِيشُه رَيشاً، إذا قُمْتَ بمصلحةِ حالِه. وهو قوله:
فرِشْني بخيرٍ طالَمَا قد بَريْتنِي
وخَيْرُ المَوْالي مَن يَرِيش ولا يَبْرِي(2)
وكان بعضُهم يذهب إلى أنّ الرائش الذي في الحديث في "الرّاشِي والمرتَشِي والرّائش(3)"، أنّه الذي يسعى بين الرَّاشي والمرتَشِي. وإنما سُمِّي رائشاً للذي ذكَرْناه. يقال رِشْتُ فلاناً: أنلتُه خيراً. وهذا أصحُّ القولين بقوله:
* فرِشْني بخيرٍ طالَمَا قد بريتَنِي *
ريط - ريع
وقال آخر:
وإن كانت زيارتُكُمْ لِماما
فرِيشِي منكمُ وهوايَ فيكمْ
وقال أيضاً:
وأثْبَتَّ القوادمَ في جَناحِي
سأشكُرُ إن ردَدْتَ إليَّ رِيشي
ومن الباب رِيشُ الطائر. ويقال منه رِشْت السهمَ أَرِيشَه رَيْشاً. وارتاش فلانٌ، إذا حسُنَتْ حالُه. وذكَرُوا أَنَّ الأرْيَشَ الكثيرُ شَعْر الأذُنين خاصّةً.
فهذا أصل الباب. ثم اشتُقّ منه، فقيل للرُّمح الخَوّار: رَاشٌ. وإنما سمِّيَ بذلك لأنه شُبِّه في ضَعْفِه بالرِّيش. ومنه ناقةٌ راشةُ الظَّهر، أي ضعيفة.
(ريط) الراء والياء والطاء كلمةٌ واحدة، وهي الرَّيطة، وهي كلُّ مُلاءةٍ لم تَكُ لِفْقين؛ والجمع رَيْط ورِياط.
وحدثني أبي عن أبي نصْرٍ ابن أخْت اللَّيث بن إدريس، عن ابن السكّيت قال: يقال لكلِّ ثوبٍ رقيقٍ ليِّنٍ: رَيْطة.
(ريع) الراء والياء والعين أصلان: أحدهما الارتفاع والعلُوّ، والآخَر الرُّجوع.
__________
(1) في الأصل: "يكتسي".
(2) نسب في اللسان (ريش) إلى عمير بن حباب، وفي تاج العروس إلى سويد الأنصاري؛ وهو الصواب كما في البيان 4: 66. وفي الأصل: "وشر الموالي"، تحريف.
(3) أول الحديث: "لعن الله...".(2/387)
فالأوَّل الرِّيع، وهو الارتفاع من الأرض. ويقال بل الرِّيع جمعٌ، والواحدة رِيعة، والجمع رياعٌ. قال ذو الرمة:
* طراقُ الخوافِي مُشْرِفاً فوقَ رِيعةٍ(1) *
ريف - ريق
ومن الباب الرِّيع: الطريق. قال الله تعالى: { أَتَبْنُونَ بكلِّ رِيعٍ آيةً تَعْبَثُونَ } * [الشعراء 128]. فقالوا: أراد الطريق. وقالوا: المرتفع من الأرض.
ومن الباب الرَّيْع، وهو النَّماء والزيادة. ويقال إنّ رَيْع الدُّروع: فضول أكمامها وأَراعَت الإبلُ: نمَتْ وكثُر أولادُها ورَاعت الحِنطةُ: زَكَت. ويقولون إنّ ريع البِئر ما ارتفع من حَواليها. ورَيْعانُ كلِّ شيء: أفضلُه وأوّلُه.
وأما الأصل الآخر فالرَّيع: الرُّجوع إلى الشيء. وفي الحديث: "أن رجلاً سأل الحسنَ عن القَيء للصائم، فقال: هل راعَ مِنه شيءٌ" أراد: رجع. وقال:
تُقطِّع أعناقَ الرِّجال المطامعُ(2)
طَمِعْتَ بليلَى أن تَريعَ وإنما
(ريف) الراء والياء والفاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على خِصْب. يقال أرَافَتِ الأرضُ. وأرْيَفْنا، إذا صِرْنا إلى الرِّيف. ويقال أرضٌ رَيِّفَةٌ، من الرِّيف. ورافت الماشيةُ: رعت الرِّيف.
(ريق) الراء والياء والقاف، وقد يدخل فيه ما كان من ذوات الواو أيضاً، وهو أصلٌ واحد يدلُّ على تردُّد شيءٍ مائعٍ، كالماء وغيرِه، ثم يشتقّ من ذلك. فالتريُّق: تردُّد الماءِ على وجه الأرض. ويقال: راقَ السّرابُ فوقَ الأرض رَيْقا.
ومن الباب رِيق الإنسانِ وغيرِه. والاستعارة من هذه الكلمة، يقولون رَيِّقُ كلِّ شيءٍ: أوّله وأفضلُه. وهذا ريِّق الشراب، وريِّق المطر: أوّله. ومنه قول طرفة:
ريم
* وأَعْجَلَ ثَيِّبَهُ رَيِّقِي(3) *
__________
(1) عجزه كما في ديوانه 400 واللسان (ربع 499).
* ندى ليله في ريشه يترقرق *
(2) البيت للبعيث كما في اللسان (ريع 498). وأنشده في المجمل.
(3) ثيبه: ما يثوب عنه ويرجع. وفي الأصل: "ثنية"، صوابه في الديوان 16، وصدره:
* فساورته فاستلبت الخشيب *(2/388)
وقد يخفّف ذلك فيقال رَيْق. وينشد بيتُ البعيث كذا:
جَناب الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَمَا(1)
مدَحْنا لها رَيْقَ الشّباب فعارضَتْ
وحكى ابنُ دريد(2): أكلت خبزاً رَيْقاً: بغير أُدْم. وهو من الكلمة، أي إنه هو الذي خالط ريقي الأوّل. والماء الرائِق: أن يشرب على الرِّيق غداةً بلا ثُفْل. قال: ولا يقال ذلك إلاّ للماء. ومن الباب الرائق: الفارغ؛ وهو منه، كأنَّه على الرِّيق بَعْدُ. وحكى اللِّحيانيّ: هو يَرِيق بنفسه رُيوقاً، أي يَجُود بها، وهذا من الكلمة الأولى؛ لأنَّ نَفَسه عند ذلك يتردَّد في صدره.
(ريم) الراء والياء والميم كلماتٌ متفاوتة الأصول، حتى لا يكاد يجتمع منها ثِنتانِ واشتقاقٌ واحد. فالرَّيْم: الدَّرَج(3). يقال اسْمُكْ في الرَّيْم، أي اصْعَد الدَّرَج(4): والرَّيْم: العظم الذي يَبقَى بعد قِسمة الجَزُور. والرَّيْم: القَبْر. والرَّيْم: السّاعة من النّهار. ويقال رِيمَ بالرّجُل، إذا قُطِع به. قال:
* ورِيمَ بالسَّاقي الذي كان مَعِي(5) *
رين - ريه - رأد
قال ابن السكّيت: رَيَّمَ بالمكان: أقام به. ورَيَّمَتِ السَّحابة وأغْضَنَت، إذا دامت فلم تُقْلِع. ولا أرِيمُ أفعل كذا، أي لا أبرَح. والرَّيْم: الزِّيادة؛ يقال: لي عليك رَيْمُ كذا، أي زيادة.
__________
(1) ورد البيت بنسبته إلى البعيث في (ورق 425) وجاء في (ريق 429) منسوباً إلى لبيد خطأ، وليس في ديوانه.
(2) في الجمهرة (2: 411).
(3) في اللسان والقاموس: "الدرجة". قال ابن منظور: "والريم: الدرجة والدكان. يمانية".
(4) في اللسان (سمك): "ويقال اسمك في الريم، أي اصعد في الدرجة".
(5) البيت في المجمل واللسان (ريم).(2/389)
(رين) الراء والياء والنون أصلٌ يدلُّ على غِطاء وسَتْر. فالرَّيْن: الغِطاء على الشيء. وقد رِينَ عليه، كأنّه غُشِي عليه. ومن هذا حديث عمر: "أَلاَ إِن الأُسَيفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَة، رضِيَ مِن دِينه بأن يقال سَبَقَ الحاجّ، [فادّانَ مُعْرِضاً(1)]، فأصبَحَ قد رِينَ به" يريد أنّه مات. وران النُّعاسُ يَرِين. ورانَت الخْمرُ عَلَى قلبه: غَلَبَتْ. ومن الباب: رانَتْ نفسي تَرِين، أي غَثَتْ. ومنه أرَانَ القومُ فهم مُرِينُونَ، إذا هَلَكت مواشِيهم. وهو من القياس؛ لأنَّ مواشيهم، إذا هلكت فقد رِينَ بها.
(ريه) الراء والياء والهاء كلمةٌ من باب الإبدال. يقال تَرَيَّه السَّحابُ، إذا تَرَيَّع. وإنّما الأصل بالواو: تروَّهَ وقد مضى.
{باب الراء والهمزة وما يثلثهما}
(رأد) الراء والهمزة والدال أُصَيلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وحركة. يقال امرأة رَأْدةٌ* ورُؤْد، وهي السَّريعة الشَّباب لا تَبْقَى قَمِيئَة. وهو الذي ذكرناه في الحركة. والرَّأْد والرُّؤْد: أصل اللّحْي. ورأْد الضُّحى: ارتفاعه. يقال تَرَأَّدَ(2)
رأس - رأف
الضُّحى وتراءَدَ. وترأّدت الحيّة: اهتَزّت في انسيابها. وكان الخليل يقول: الرِّئْد: مهموز: التِّرْب.
(رأس) الراء والهمزة والسين أصلٌ يدل على تجمُّعٍ وارتفاع.
فالرَّأْس رأسُ الإنسانِ وغيرِه. والرأس: الجماعة الضخمة في قول ابن كُلثوم:
نَدُقُّ به السُّهولَةَ والحُزُونا(3)
بِرأسٍ من بني جُشَمِ بنِ بكرٍ
__________
(1) أي استدان معرضاً عن الأداء. وهذه التكملة من اللسان.
(2) في الأصل: "رداء، وفي المجمل: "راد"، صوابهما ما أثبت.
(3) البيت من معلقة عمرو بن كلثوم.(2/390)
والأَرْأَسُ: الرّجُل العظيم الرأْس. ويقال بعيرٌ رَؤُوسٌ(1)، إِذا لم يَبْقَ له طِرْقٌ إلاّ في رأسه. وشاة رأْساءُ، إذا اسودَّ رأسُها. والرَّئيس: الذي قد ضُرِب [رأسُه]. ويقال سحابةٌ رائِسة، وهي التي تَقْدُم السَّحابَ. ويقال أنت على رئاس أمرك. والعامّة تقول: على رَأْس أمرك.
(رأف) الراء والهمزة والفاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على رِقّة ورحمة، وهي الرّأفة. يقال رَؤُفَ يَرْؤُف رأْفةً ورآفة، على فَعْلةٍ وفَعَالة. قال الله جلّ وعلا:
{ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ } [النور 2]، وقرئت: { رَآفَةٌ(2) } ، ورجل رؤوف على فَعُول، ورَؤُف [على] فَعُل. قال في رؤوف:
* هو الرَّحمنُ كان بنا رؤُوفا *(3)
وقال في الرؤف:
رأل - رأم - رأي
كفِعل الوالدِ الرَّؤُفِ الرّحيمِ(4)
يرى لِلمسلمينَ عليه حقّاً
(رأل) الراء والهمزة واللام كلمةٌ واحدة تدلُّ على فِراخ النعام، وهي الرَّأْل، والجمع رئَال، والأنثى رألَةٌ. واسْتَرْأل النّبات، إذا طال وصار كأعناق الرِّئال. وذات الرِّئال: روضة. والرِّئال: كواكب(5).
__________
(1) على وزن صبور، كما في القاموس. ويقال أيضاً في معناه: مرأس ومرآس، كمعظم ومصباح.
(2) هي قراءة ابن جريج، ورويت عن عاصم وابن كثير. تفسير أبي حيان (6: 429).
(3) لكعب بن مالك الأنصاري، في اللسان (رأف). وصدره:
* نطيع نبينا ونطيع ربا *
(4) لجرير في ديوانه 507 واللسان (رأف). وكلمة "عليه" ساقطة من الأصل. وهكذا جاءت الرواية في اللسان. وصوابه بالخطاب:
كفعل الوالد الرؤف الرحيم
ترى للمسلمين عليك حقا
(5) انظر الأزمنة والأمكنة للمرزوقي (2: 383).(2/391)
(رأم) الراء والهمزة والميم أصلٌ يدل على مُضامَّةٍ وقُرْب وعَطْفٍ. يقال لكل مَن أحبَّ شيئاً وأَلِفَه: قد رَئِمَه. وأصلُه مِن قولهم: رَأَم الجُرْحُ رئْماناً(1)، إذا انضمّ فُوه للبُرْء. وقال الشَّيباني: رأَمْت شَعْبَ القَدَح، إذا أصلحتَه. وأنشد:
صَدَعْنَ قُلوباً لم تُرأَّمْ شُعوبُها(2)
وقتْلي بحقْفٍ من أُوارةَ جُدِّعتْ
والرُّؤمة: الغِراء الذي يُلزَق به الشَّيء. والرَّأْم: بَوٌّ أو ولدٌ تعطف عليه غير أمِّه. وقد رئِمت النّاقةُ رِئْمَاناً. وأرأمْناها، عطفْناها على رَأْمٍ. والناقة رؤومٌ ورائمة(3).
(رأي) الراء والهمزة والياء أصلٌ يدلُّ على نظرٍ وإبصارٍ بعينٍ أو بصيرة. فالرَّأي: ما يراه الإنسانُ في الأمر، وجمعه الآراء. رأَى فلانٌ الشيءَ وراءهُ، وهو
رأب - ربت - ربث
مقلوبٌ. والرِّئْيُ: ما رأت العينُ مِن حالٍ حسنة. والعرب تقول: رَيْتُهُ في معنى رأيْته وتراءَى القوم، إذا رأى بعضهم بعضاً. وراءى فلانٌ يُرائي. وفَعَل ذلك رِئاءَ النّاس، وهو أن يَفعلَ شيئاً ليراه النّاس. والرُّوَاء: حُسن المنْظَر. والمِرآة معروفة. والتَّرْئيَة وإن شئتَ ليَّنتَ الهمزة فقلت التَّرِيّة: ما تراه الحائضُ من صُفْرةٍ بعد دمِ حيضٍ، أو أن ترى شيئاً من أمارات الحيض قبلُ. والرُّؤْيا معروفة، والجمع رُؤىً.
(رأب) الراء والهمزة والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ضمٍّ وجَمع. تقول: رأبت الأمورَ المتفرِّقة؛ إذا أنت جمعتَها برِفْقِك، كما يرأبَ الشَّعَّابُ صَدْعَ الجَفْنة. وتلك الخشبةُ التي يُشعَب بها رُؤْبة.
{باب الراء والباء وما يثلثهما}
(ربت) الراء والباء والتاء ليس أصلاً، لكنَّه من باب الإبدال يقال ربَّتَه تَرْبيتاً، إذا ربَّبَه. قال:
__________
(1) في الأصل: "رئما"، صوابه من المجمل واللسان، ويقال "رأما" أيضاً.
(2) البيت في اللسان (رأم) وأمالي ثعلب 575.
(3) ورائم أيضاً يطرح التاء.(2/392)
ليس لمن ضُمِّنَه تَرْبيتُ(1)
والقَبْرُ صِهْرٌ صالحٌ زِمِّيتُ
(ربث) الراء والباء والثاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على اختلاطٍ واحتباسٍ. تقول ربّثْْتُ فلاناً أرَبِّثُه عن الأمر، إذا حبَستَه عنه. والرَّبِيثة: الأمر يَحبِسك. وفي الحديث: "إذا كان يوم الجمعة بعثَ إبليسُ جنودَهُ إلى النَّاس فأخَذُوا عليهم بالرّبائث". يريد ذكَّروهم الحاجاتِ* التي تربِّثهم. ويقال اربَثَّ القومُ، إذا اختلطوا. قال:
ربج - ربح
* رَمَيناهمُ حتَّى إذا اربَثَّ جَمعُهمْ(2) *
(ربج) الراء والباء والجيم كلمةٌ واحدة، إن صحَّتْ؛ تدلُّ على التحيُّر. قال الخليل: التَّربُّج: التَّحيُّر. قال:
* أتيْتُ أَبَا لَيْلَى وَلَمْ أَتَرَبَّجِ(3) *
ويقال، وهو قريبٌ من ذلك، إن الرَّباجَة الفَدَامة.
(ربح) الراء والباء والحاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على شَِفٍّ في مبايعة(4). من ذلك رَبِح فلانٌ في بَيعِه يَرْبَح، إذا استشَفَّ. وتجارةٌ رابحة: يُربَح فيها. يقال رِبْح ورَبَح، كما يقال مِثْلٌ ومَثَل. فأمَّا قول الأعشى:
* مِثْلَ ما مُدَّ نِصاحاتُ الربَحْ(5) *
__________
(1) أنشدهما في اللسان (ربت، رمت)، وقبله في (زمت):
* سميتها إذ ولدت "تموت" *
(2) البيت لأبي ذؤيب في ديوانه 85 والمجمل واللسان ربث، رصع، نهي). وعجزه:
* وصار الرصيع نهية للحمائل *
(3) أنشد في اللسان (ربج) لأبي الأسود العجلي:
نبادر أبا ليلى ولم أتربج
وقلت لجاري من حنيفة سر بنا
... والبيت بدون نسبة في المخصص (12: 128)، وعجزه في المجمل كما هنا.
(4) الشف، بالكسر قد يفتح: الفضل والربح والزيادة.
(5) صدره كما في ديوان الأعشى 163 واللسان (نصح، ربح):
* فترى الشرب نشاوى كلهم *
... لكن في اللسان: "فترى القوم" وهي رواية المخصص (4: 101).(2/393)
فقال قوم النِّصاحات الخَيوط، وهي الأَرْوِيَةُ(1). والرَّبَح: الخَيل والإِبلُ تُجلَب للبيع والتربُّح. فأمَّا قولُه:
* قَرَوْا أضْيافَهُمْ رَبَحاً بِبُحٍّ(2) *
ربخ - ربد
فقال ابنُ دريد: ومما شذّ عن الباب الرُّبَّاح، يقال إنّه القِرْد(3).
(ربخ) الراء والباء والخاء أُصَيْلٌ يدلُّ على فترةٍ واسترخاء. قالوا: مَشَى حَتَّى تربّخ، أي استرخَى. ويقولون للكثير اللَّحم: الرَّبِيخ. ويقال إن الرَّبُوخ: المرأةُ يُغْشَى عليها عند البِضاع.
(ربد) الراء والباء والدال أصلان: أحدهما لونٌ من الألوان، والآخر الإقامة.
فالأوَّل الرُّبْدة، وهو لونٌ يخالط سوادَه كُدرةٌ غير حَسَنة. والنّعامةُ رَبْداء. ويقال للرَّجُل إذا غَضِب حتى يتغيَّرَ لونُه ويَكْلَفَ: قد تَرَبَّد.وشاةٌ رَبْداء، وهي سوداء ُ منقطَّةٌ بحمرةٍ وبياض. والأَرْبَد: ضربٌ من الحيات خبيثٌ، له رُبْدَةٌ في لونه. وربَّدَتِ الشَّاةُ، وذلك إذا أضرعَتْ، فترى في ضَرْعها لُمَعَ سوادٍ وبياض. ومن الباب قولُهم: السّماء متربِّدة، أي متغيِّمة. فأما رُبَْد السَّيف فهو فِرِنْدُ دِيباجتِه، وهي هُذَليَّة. قال:
أبْيَضُ مَهْوٌ في متنهِ رُبَدُ(4)
وصَارِمٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ
ويمكن ردُّه إلى الأصل الذي ذكرناه. فيقال(5):
__________
(1) الأروية: جمع رواء، ككساء، وهو حبل يشد به المتاع على البعير.
(2) لخفاف بن ندبة كما سبق في حواشي (بح1: 174). وعجزه:
* يعيش بفضلهن الحي سمر *
(3) الذي في الجمهرة (1: 220): "والرباح ولد القرد والجمع ربابيح".
(4) لصخر الغي الهذلي كما في اللسان (مها، ربد). وسيعيده في (مها). وقصيدته في شرح السكري للهذليين (12) ومخطوطة الشنقيطي 55. وقبل البيت:
ببض رهاب ومجنأ أجد
إني سينهى عني وعيدهم
(5) كذا وردت هذه الكلمة. والظن أنها مقحمة.(2/394)
وأمَّا الأصلُ الآخَر فالمِرْبَد: موقِف الإبل؛ واشتقاقه مِن رَبَدَ، أي أقام. قال ابنُ الأعرابي: رَبَدَه، إذا حبسه. والمِرْبَد: البَيْدَر أيضاً. وناسٌ يقولون: إنَّ المِرْبَد
ربذ - ربس
الخشبة أو العصا تُوضَع في باب الحَظيرة تعترض صُدورَ الإِبل فتمنعها من الخروج. كذا رُوِيَتْ عن أبي زيد. وأحسِبُ هذا غلطاً، وإِنما المِرْبَد مَحبِس النَّعَم. والخشبة هي عصا المِرْبَد. ألا ترى أنَّ الشَّاعرَ أضافَها إلى المِرْبَد، فقال سُوَيد بن كُراع:
عَوَاصِيَ إِلاّ ما جعَلْتُ وراءَها
عَصَا مِرْبَدٍ تَغْشَى نُحُوراً وأذرُعا(1)
(ربذ) الراء والباء والذال أصلٌ يدلُّ على خِفّةٍ في شيءٍ. من ذلك الرَّبَذُ، وهو خِفَّة القَوائم. والخفيفُ القوائِمِ رَبِذٌ. ومن الباب الرِّبْذَة، وهي صوفةٌ يُهْنَأ بها البعير. ويقال إِنّ خِرقة الحائض تسمَّى رِبْذَة. وقال بعضُهم: الرِّبْذة الخِرقة التي يَجلُو بها الصائغ الحَلْي. فأمَّا الرَّبذُ فالعُهون التي تعلَّق في أعناق الإبل، الواحدة رَبَذَة. والقياس في كُلّه واحد. وهو يرجع إلى ما ذكرناه من الخِفَّة.
ومما يقرُب من هذا قولُهم: إنّ فلاناً لَذُو رَبِذَاتٍ، أي هو كثير السَّقَط في الكلام. ولا يكونُ ذلك إلا مِن خفَّةٍ وقلَّة تثبُّت.
(ربس) الراء والباء والسين أصلٌ واحد ذكره ابن دريد؛ قال(2): أصل الرَّبْس الضَّرْب باليدين. يقال أصل الرَّبْس الضَّرب؛ يقال ربَسَه بيديه. قال: ويقولون: داهيةٌ رَبْساء. أي شديدة. وهي على الأصل الذي ذكرناه وكأنها تَخْبِط الناسَ بيديها.
ربص - ربض
وذكر غيرُه، وهو قريبٌ من الذي أصَّلَه، أنّ الارتباسَ الاكتنازَ في اللحم وغيرِه؛ يقال كبشٌ ربيسٌ* أي مكتنز.
__________
(1) البيت بدون نسبة في اللسان (ربد). وورد في أبيات منسوبة إلى سويد بن كراع. البيان (2: 12) برواية: "جعلت أمامها".
(2) الجمهرة (1: 255).(2/395)
ومما شذَّ عن ذلك قولُهم: اربسَّ اربِساساً، إذا ذهب في الأرض.
(ربص) الراء والباء والصاد أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانتظار. من ذلك التربُّص. يقال تربَّصْت به. وحكى السجِستانيّ: لي بالبصرة رُبْصة، ولي في متاعي رُبْصة، أي لي فيه تربُّص.
(ربض) الراء والباء والضاد أصلٌ يدلُّ على سكونٍ واستقرار.
من ذلك رَبَضَتِ الشاة وغيرها تَرْبِض رَبْضا. والرَّبيض: الجماعةُ من الغَنم الرَّابضة ورَبَض البطنِ: ما ولِيَ الأرضَ من البعيرِ وغيره حين يَرْبِضُ. والرَّبَض: ما حَولَ المدينة؛ ومسكن كلِّ قومٍ رَبَض. والرِّبْضة: مَقتل كلِّ قومٍ قُتلوا في بُقْعَةٍ واحدة.
فأمّا قولُهم قِرْبَةٌ(1) رَبوضٌ، للواسعة، فمن الباب، كأنّها تُمْلأُ فتَرْبِضُ، أو تُروِي فتُرْبِض. فأما الرَّبوض فهي الدَّوْحة والشجرةُ العظيمة، وسميت بذلك لأنه يُؤوَى إليها ويُرْبَض تحتها. قال ذو الرمة:
* تَجَوَّفَ كُلَّ أرطاةٍ ربوضٍ(2) *
ربط
والأرباض: حِبال الرَّحْل؛ لأنّها يشد بها فيسكن. ومأوى الغنم: رَبَضها؛ لأنّها تربض [فيه]. وقال قوم: أرْبَضَتِ الشمس، إذا اشتدَّ حَرُّها، حتى تُرْبِض الشاةَ والظبي. ورَبْضُ الرّجُل ورُبْضُه(3): امرأته؛ والقياس مطّرد، لأنها سَكَنُه. والدّليل على صحة هذا القياس أنَّهم يُسَمُّون المسكن كله رَبضاً. وقال الشاعر:
يا ويحَ كَفِّيَ من حَفْرِ القَرامِيصِ(4)
__________
(1) قربة، بالباء، كما في الأصل والمجمل والتفسير بعدها يؤيدها. وفي اللسان (9: 11): "وقرية ربوض" عظيمة مجتمعة. وفي الحديث أن قوماً من بني إسرائيل باتوا بقرية ربوض... وقربة ربوض واسعة". فجعل الوصف للقرية والقربة.
(2) ديوان ذي الرمة 432 واللسان (ربض). وتمامه:
* من الدهنا تفرغت الحبالا *
... وقبله:
علته الشمس فادرع الضلالا
وفي الأظعان مثل مها رماح
(3) يقال بالفتح والتحريك، وبضم وبضمتين.
(4) البيت في اللسان (ربض، قرمص)(2/396)
جاء الشِّتاءُ ولَمَّا أتَّخِذْ رَبَضاً
فأما الرُّوَيْبِضَة، الذي جاء في الحديث: "وتنطِق الرُّوَيْبِضَة" فهو الرجُل التافِه الحقير. وسمِّي بذلك لأنه يَربِض بالأرض؛ لقلّته وحقارته، لا يُؤبه له.
(ربط) الراء والباء والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شدٍّ وثَبات. من ذلك رَبَطت الشيء أربِطه ربْطاً؛ والذي يشدُّ به رِباط.
ومن الباب الرِّباط: ملازمة ثَغْرِ العدوّ، كأنهم قد رُبِطوا هناك فثَبَتوا به ولازَموه. ورجل رابطُ الجأش، أي شديد القَلْب والنَّفْس. قال لبيد:
أعطِفُ الجَوْن بمَرْبُوع مِتلّ(1)
رابطُ الجأشِ عَلَى فَرْجِهِمُِ
وقال ابن أحمر:
إِذا قَلَّصَتْ عما تُوَارِي الأُزُرْ
أربَط جأشاً عن ذرى قومِهِ
ويقال ارتبطتُ الفَرسَ للرِّباط. ويقال إنّ الرِّباط من الخَيل الخَمْس من الدوابِّ فما فوقَها. ولآلِ فُلانٍ رِباطٌ من الخيل، كما يقال تِلاد(2)، وهو أصل ما يكون عندَه من خَيل. قالت ليلى الأخيليّة:
ربع
وأسِنّةٌ زُرْقٌ يُخَلْنَ نُجومَا
قومٌ رِباطُ الخَيْلِ وَسْطَ بُيوتِهمْ
ويقال: قطع الظَّبْيُ رِباطَه، أي حِبالَتَه. وذكر عن الشَّيبانيّ: ماءٌ مترابِط، أي دائمٌ لا يَبرح. قالوا: والرَّبيط: لقب الغَوْث بن مُرّ(3). فأمّا قولُهم للتّمر رَبِيطٌ، فيقال إنه الذي يَيْبَس فيصبُّ عليه الماء. ولعل هذا من الدَّخيل، وقيل إنه بالدال، الرَّبيد، وليس هو بأصل.
(ربع) الراء والباء والعين أصولٌ ثلاثة، أحدها جزءٌ من أربعة أشياء، والآخر الإقامة، والثالث الإشالة والرَّفْع.
__________
(1) ديوان لبيد 14 طبع 1881 واللسان (تلل). وقد سبق في (تل 339).
(2) التلاد: القديم. وفي الأصل: "بلاد"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) في القاموس (ربط): "لقب الغوث بن مر بن طابخة؛ لأن أمه كانت لا يعيش لها ولد فنذرت لئن عاش لتربطن برأسه صوفة ولتجعلنه ربيط الكعبة".(2/397)
فمَّا الأوَّل فالرُّبْع من الشيء. يقال رَبَعْتُ القومَ أرْبَِعهم، إذا أخَذْتَ رُبْعَ أموالِهم ورَبَعتُهْم أربَُِعهم(1)، إذا كنت لهم رابعاً. والمِرْباع من هذا، وهو شيءٌ كان يأخذه الرئيس، وهو رُبع المَغْنَم. قال عبد الله(2) بن عَنمة الضّبّي:
وحُكمك والنَّشيطة والفضولُ(3)
لك المِرْباع منها والصفايا
وفي الحديث: "لَمْ أجْعَلْك تَرْبَُِع"، أي تأخذ المِرْباع. فأما قول لبيد:
* أعطِفُ الجَوْنَ بمربُوعٍ مِتَلّ(4) *
قولان: أحدهما أنه أراد الرُّمح وهو الذي ليس بطويل ولا قصير، كما يقال رجل رَبْعَة من الرِّجال. ومَن قال هذا القولَ ذهب إلى أنّ الباء بمعنى مع، كأنه
ربع
قال: أعطف الجونَ - وهو فرسه- ومعي مربوعٌ مِتَلٌّ. وقياس الرَّبْعَة* من الباب الثاني. والقولُ الثاني أنّه أراد عِناناً على أربع قُوىً. وهذا أظهرُ الوجهين. ومن الباب رَبَاعِيَاتُ الأسنان ما دون الثَّنايا. والرِّبع في الحمَّى والوِرْدِ ما يكون في اليوم الرابع، وهو أن تَرِد يوماً وتَرعى يومَين ثم تردَ اليومَ الرابع. ويقال: رَبَعت عليه الحُمّى وأرْبَعت. والأربِعاء على أفعِلاء؛ من الأيّام. وقد ذُكر الأرْبَعاء بفتح الباء(5). ومن الباب الرَّبيع، وهو زمانٌ من أربعة أزمنة والمَرْبَعُ: مَنزِل القَوم في ذلك الزمان. والرُّبَع: الفصيل يُنتَج في الربيع. وناقةٌ مُرْبِع، إذا نُتِجت في الربيع؛ فإن كان ذلك عادتَها فهي مِرباع. ومن الباب أرْبَعَ الرّجُل، إذا وُلد له في الشباب، وولده رِبْعيُّون.
__________
(1) يقال فيها بضم ياء المضارع، وفتحها وكسرها.
(2) في الأصل: "عبيد الله"، تحريف. انظر المفضليات (2: 178).
(3) البيت من أبيات ثمانية رواها أبو تمام في الحماسة (1: 420).
(4) صدره كما سبق في (ربط):
* رابط الجأش على فرجهم *
(5) وبضمها أيضاً؛ فهن ثلاث لغات.(2/398)
والأصل الآخر: الإقامة، يقال رَبَعَ يَرْبَع. والرَّبْع: مَحَلَّة القوم. ومن الباب: القومُ على رَبِعَاتهم، أي على أمورهم الأُوَل، كأنه الأمرُ الذي أقامُوا عليه قديماً إلى الأبد. ويقولون: "ارْبَع على ظَلْعك" أي تمكَّثْ وانتظِرْ. ويقال: غَيْثٌ مُرْبِعٌ مُرْتِع. فالمُرْبِع: الذي يَحبِس مَن أصابَه في مَرْبَعِه عن الارتيادِ والنُّجْعة. والمُرْتِع: الذي يُنْبِتُ ما تَرتَعُ فيه الإبل.
والأصل الثالث: رَبَعْتُ الحجر، إِذا أشَلْتَه(1). ومنه الحديث: "أنَّه مَرّ بقوم يَربَعُون حَجَراً"، و"يرتبعون". والحجر نفسه رَبِيعةٌ. والمِرْبَعة: العصا التي تُحمَل بها الأحمال حتَّى تُوضَعَ على ظُهور الدوابّ. وأنشد:
ربغ - ربق
وأيْنَ وَسْقُ النّاقةِ المطَبَّعَهْ(2)
أيْنَ الشِّظاظانِ وأيْنَ المِرْبَعة
الشِّظاظان: العودان اللذان يُجعَلان في عُرَى الجُوالِق. والمطبَّعة: المُثْقَلة.
والوَسْق: الحِمْل. ويقال الرَّبيعة: البَيضة من السِّلاح. ويقال رابَعَنِي فلانٌ، إذا حمل معك الحِمْل بالمِرْبَعة.
ومما شذّ عن الأصول الرَّبْعَة، وهي المسافة بين أثافِي القِدر.
(ربغ) الراء والباء والغين كلمة واحدة إِنْ صحّت. يقولون ربيعٌ رابغ، أي خَصيب؛ حُكِيَتْ عن أبي زيد. وحُكي عن ابن دُريد(3): الرَّبْغ التراب المُدَقَّق(4).
__________
(1) يقال أشلت الحجر، وشلت به، وشاولته.
(2) رواية اللسان (شظظ، ربع، جلفع): "الناقة الجلفعة". وفي مادة (طبع): "المطبعة" كما هنا.
(3) الجمهرة (1: 267).
(4) وكذا في الجمهرة. وفي المجمل: "الدقيق".(2/399)
(ربق) الراء والباء والقاف أصلٌ واحد، وهو شيءٌ يدور بشيء. كالقِلادة في العنق، ثم يتفرَّع. فالرِّبْقة: الخيط في العنُق. وفي كلامهم: "ربَّدَتِ(1) الضَّأن فربِّق رَبّق": إِذا أضرَعَ الشاءُ فهيِّئ الرِّبَق لأولادها، فإنها تُنزِل لبنَها عند الوِلادة(2). والرَّبيقة: البَهيمة المربوقة في الرِّبْقة. وجاء في الحديث: "لكمُ الوفاءُ بالعَهد مالم تأكلوا الرِّباق"، وهو جمع رِبق، وهو الحَبْل، وأراد العهد. شبّه ما لزِم الأعناقَ بالرِّبْق الذي يجعل في أعناق البَهْم. ويقال: رَبَقْتُ فلاناً في هذا
ربك - ربل - ربن
الأمر، إِذا أوقعتَه فيه(3) حتّى ارتَبَق. وأمُّ الرُّبَيْق: الداهية، كأنّها تدور بالناس حتّى يرتبِقوا فيها.
(ربك) الراء والباء والكاف كلمةٌ تدلُّ على خَلْطٍ واختلاط. فالرَّبْك: إصلاح الثريد وخلطه. ويقال له حين يُفعل به ذلك الرَّبيكة. ويقال ارتبك في الأمر، إذا لم يكد يتخلص منه.
(ربل) الراء والباء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تجمُّع وكثرةٍ في انضمام. يقال رَبَل القومُ يَرْبُلون. والرّبيلة: السِّمَن. قال الشاعر(4):
ولم يَكُ مثلوجَ الفؤادِ مُهبَّجاً
أضاعَ الشَّبابَ في الرَّبيلةِ والخَفْضِ
ومن الباب الرَّبَْلَة: باطن الفخذ، والجمع الرَّبَلات. وامرأةٌ مُتَرَبِّلة(5): كثيرة اللحم؛ وقد تربَّلتْ. والاسم الرَّبَالة.
__________
(1) يقال أيضاً "رمدت" بالميم، كما في اللسان (رمد، ربق).
(2) في المجمل "يقول: إذا أضرعت فهيئ الربق لأولادها؛ فإنها تلد عن قريب".
(3) في الأصل: "أوقفه فيه"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) هو أبو خراش الهذلي، كما في اللسان (ربل). وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 75، وحماسة أبي تمام (1: 326).
(5) في الأصل: "مربلة"، والسياق يأباها، وصوابها من المجمل واللسان.(2/400)
وممّا يقارب هذا البابَ الرَّبْل، وهو ضروبٌ من الشجر، إذا بَرَدَ الزّمانُ عليها وأدبَرَ الصيف، تفَطَّرَتْ بورقٍ أخضرَ مِن غير مطر. يقال تربَّلت الأرض. ومِن الذي يقارب هذا: الرِّئبال، وهو الأسد؛ سمِّي بذلك لتجمُّع خلقه.
(ربن) الراء والباء والنون إن* جُعِلت النونُ فيه أصليّةً فكلمةٌ واحدة، وهي الرُّبَّان. يقال أخَذْتُ الشّيء برُبَّانِهِ، أي بجميعه. وقال آخَرون:
ربي/أ
رُبّان كُلِّ شيءٍ: حِدْثانُه. وقال ابنُ أحمر:
وأنتَ من أفْنَانِه مُعْتَصِرْ(1)
وإنّما العَيْش برُبّانِهِ
يريد برُبّانِه: بجِدَّتِه وطَراءَته.
(ربي/أ) الراء والباء والحرف المعتل وكذلك المهموز منه يدلُّ على أصلٍ واحد، وهو الزِّيادة والنَّماء والعُلُوّ. تقول مِن ذلك: ربا الشّيءُ يربُو، إذا زاد. وربَا الرّابيةَ يَربُوها، إذا علاها. ورَبَا: أصابه الرَّبْو؛ والرَّبْو: علُوُّ النفَسِ. قال:
رفَّهَ عن أنفاسِها وما ربَا
حَتَّى عَلاَ رأسَ يَفاعٍ فَرَبَا(2)
أي رَبَاها وما أصابه الرَّبو.
والرَّبوة والرُّبْوة (3): المكانُ المرتفع. ويقال أرْبَت الحنطة: زَكَتْ، وهي تُرْبِي. والرِّبْوة بمعنى الرَّبْوة أيضاً. ويقال ربَّيْتُهُ وتربَّيْتُه، إذا غذَوْته. وهذا مِمّا(4) يكون على معنيين: أحدهما مِن الذي ذكرناه، لأنّه إذا رُبِّي نَما وزكا وزاد. والمعنى الآخر مِن ربّيْته من التَّربيب. ويجوز [أن يكون أصل] إحدى الباءات ياءً. والوجهان جيِّدان.
ربي/أ
__________
(1) في اللسان (ربب): "مفتقر" وقال. "ويروى معتصر". وقد ورد بهذه الرواية في اللسان (عصر). ولم ينشده في (ربن). وسيعيده ابن فارس في (عصر).
(2) كلمة "حتى" ليست في الأصل، وإثباتها من المجمل.
(3) اقتصر في المجمل على لغة الفتح، وهنا ضبط في النسخة في هذا الموضع بالفتح ثم الضم. ويقال أيضاً "ربوة" بالكسر، كما سيأتي، فالكلمة مثلثة.
(4) في الأصل: "ما".(2/401)
والرِّبا في المال والمعاملة معروف، وتثنيته رِبَوَان ورِبَيَان(1). والأُرْبِيَّة من هذا الباب، يقال هو في أُرْبِيَّة قَومِه، إذا كان في عالي نسبِه من أهل بيته. ولا تكون الأُرْبِيّة في غيرهم. وأنشد:
إلى أُرْبِيَّةٍ نبتَتْ فُروعا(2)
وإني وَسْطَ ثعلبَةَ بنِ غَنْمٍ
والأُرْبِيَّتَانِ: لَحمتان عند أصول الفخذِ من باطن. وسُمِّيتا بذلك لعُلُوّهما على ما دونهما.
وأما المهموز فالمربَأ والمَرْبَأة من الأرض، وهو المكان العالي يقف عليه عَينُ القَوم. ومَربأة البازِي: المكانُ يقف عليه. قال امرؤ القيس:
وكلٌّ بمَرْبَأةٍ مُقْتَفِرْ(3)
وقد أغتدِي ومعي القَانِصانِ
وأنا أربأ بك عن هذا الأمر، أي أرتفِع(4) بك عنه. وذكر ابن دريد: لفُلانٍ على فُلانٍ رَبَاء، ممدود، أي طَوْلٌ(5). قال أبو زيد: رَابَأْتُ الأمرَ مُرابأةً، أي حَذِرْتُه واتَّقَيْتُه. وهو من الباب، كأنّه يرقُبه. قال ابن السِّكِّيت: ما ربأتُ رَبْأََ فُلانٍ، أي ما علِمتُ به. كأنّه يقول: ما رقَبته. ومنه: فعل فِعلاً ما ربأتُ به، أي ما ظننتُه.
والله أعلم بالصواب.
رتج
{باب الراء والتاء وما يثلثهما}
__________
(1) في اللسان: "وأصله من الواو، وإنما ثني بالياء للإمالة السائغة فيه من أجل الكسرة".
(2) البيت في المجمل واللسان (ربا).
(3) ديوان امرئ القيس 10. والمقتفر: المتتبع الآثار.
(4) في الأصل: "أرفع".
(5) في الجمهرة (3: 203): "أي طول وعلو". والطول، بالفتح، كما ضبط بالأصل: الفضل. وضبط في المجمل بالضم، وليس بشيء. وزاد في المجمل بعده: "وهو مردود".(2/402)
(رتج) الراء والتاء والجيم أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على إغلاقٍ وضِيق. من ذلك أُرْتِجَ على فُلان في منطقه، وذلك إذا انغلق عليه الكلامُ. وهو من أرتَجْتُ البابَ، أي أغلقتُه. يقال رَتِجَ الرّجل في منقطه رَتَجاً. والرِّتاج: البابُ الغُلُق(1)، كذا قال الخليل. وروي في الحديث: "مَن جَعَل مالَهُ في رِتَاج الكعبة"، قالوا: هو البابُ، ولم يُرِد البابَ بعينه، لكنّه أراد أنّه جعل مالَه هَدْياً للكعبة، يريد النَّذْر. [قال(2)]:
إذا أحْلَفُوني في عُليّةَ أُجْنِحَتْ
يَميني إلى شَطْر الرِّتاجِ المضبَّبِ(3)
قال الأصمعيّ: أرْتَجَتِ النّاقة، إذا أَغلقت رحمَها على الماء. وأرْتَجَت الدّجاجة، إذا امتلأ بطنُها بيضاً. ويقال إنّ المَرَاتج الطُّرقُ الضيِّقة. والرَّتائج: الصخور المتراصِفة(4).
رتخ - رتع - رتب
(رتخ) الراء والتاء والخاء ليس بشيء. على أنَّهم يقولون: رَتخَ العجينُ رَتْخاً، إذا رَقَّ. وكذلك الطِّين.
__________
(1) الغلق بضمتين، كما في اللسان: والقاموس: "المغلق، وباللفظ الأخير وردت في المجمل. وضبطت في الأصل بفتحتين خطأ. قال في اللسان: "وباب غلق: مغلق، وهو فعل بمعنى مفعول، مثل قارورة وباب فتح، أي واسع ضخم؛ وجذع قطل".
(2) هذه من المجمل.
(3) أجنحت: أمليت. وفي الأصل: "أحجنت" صوابه في المجمل واللسان (رتج).
(4) زاد في المجمل: "الواحدة رتاجة". وقد أورد في اللسان "الرتاجة" وفسرها بأنها "كل شعب ضيق كأنما أغلق من ضيقه". وفي القاموس: "والرتائج: الصخور، جمع رتاجة".(2/403)
(رتع) الراء والتاء والعين كلمةٌ واحدة؛ وهي تدلُّ على الاتِّساع في المأكل. تقول: رَتَعَ يَرْتَع، إذا أكل ما شاء، ولا يكون ذلك إلاّ في الخِصب. والمراتِع: مواضع الرَّتْعَة، وهذه المنزلة يستقرُّ فيها الإنسان(1).
(رتب) ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... (2).
ومن هذا الباب قولهم: أَمْر تُرْتَبٌ؛ كأنه تُفْعَل، من رَتَبَ إذا دامَ. والرَّتَب: الشدّة والنَّصَب. قال ذو الرُّمَّة:
* ما في عيشه رَتَبُ(3) *
والرَّتَب: ما أشْرَف من الأرض كالدَّرَج. تقول: رَتَبَةٌ ورَتَبٌ، كقولك دَرَجة ودَرَج. فأمّا قولهم في الرَّتَب، إنّه ما بين السَّبَّابة والوسطى، فمسموع، إلاّ أنّه وما أشبهه ليس من مَحْض اللغة.
رثد - رثع
{باب الراء والثاء وما يثلثهما}
(رثد) الراء والثاء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَضْدٍ وجَمع. يقال منه رَثَدْتُ المتاعَ، إذا نَضَدْتَ بعضَه على بعض. والمتاعُ المنضود رَثَد. وبذلك سُمِّي الرجل مَرْثداً. ومتاع رثِيدٌ ومرثود. وهو قوله:
ألقتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ(4)
فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما
__________
(1) كذا وردت هذه المادة. وفي الكلام بعدها سقط بلا ريب. وقد أورد في المجمل مواد كثيرة بين هذه المادة وتاليتها، هي (رتق، رتك، رتل، رتم، رتو/أ).
(2) أول هذه المادة ساقط من الأصل. وأولها في المجمل: "رتب إذا استقر ودام. وأمر ترتب: دائم ثابت".
(3) البيت بتمامه كما في الديوان 17 واللسان (رتب):
تروح البرد ما في عيشه رتب
تقيظ الرمل حتى هر خلفته
(4) البيت لثعلبة بن صعير المازني، من قصيدة في المفضليات (1: 126- 129). وأنشده في اللسان (رثد) بهذه الرواية أيضاً. وفي المفضليات: "فتذكرت".(2/404)
وحكَى الكسائيُّ: أرثَدَ الرّجُل بالأرض كذا، أي أقامَ، ويقال: إنَّ المَرْثَدَ الكريمُ من الرِّجال(1). فأمّا قولُ القائل: إنَّ الرّثَد ضَعَفة الناس فذلك بمعنى التَّشبيه، كأنَّهم شُبِّهوا بالمتاع الذي يُنضَد بعضُه فوق بعض. يقولون: تركْنا على الماء رَثَداً ما يُطِيقون تَحَمُّلاً(2). والرَّثَد(3) أيضاً: ما يتلبّد من الثَّرى. يقال: احتفر القومُ حتَّى أرثَدُوا، أي بلغوا ذلك.
(رثع) الراء والثاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَشَعٍ وطَمَع. كذا قال الخليل: إنّ الرّثَع الطَّمَع والحِرْص. قال الكسائيّ: رجلٌ راثِع، وهو الذي يرضَى من العطيّة بالطَّفيف ويُخادِنُ أخدانَ السَّوء. يقال رثِع رثَعاً.
رثم - رثن - رثي
(رثم) الراء والثاء والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيء. يقال: رثَمَت المرأة أنْفَها بالطِّيب: طَلَتْه. قال:
* شَمّاءَ مارِنُها بالمِسك مَرثُومُ(4) *
ومن هذا الباب: رُثِم أنفُه، وذلك إذا ضُرِب حتَّى يسيل دمُه. ومن الباب الرَّثَم: بياضٌ في جَحْفلة الفَرَس العُلْيا. وهي الرُّثْمَة. وهو القياس؛ كأن الجحفلة قد رُثِمَت ببياض.
(رثن) الراء والثاء والنون ليس بشيءٍ. وربما قالوا: أرضٌ مرثونةٌ. الرَّثَان، وهو ممّا زَعَموا: شِبْه الرَّذَاذ.
(رثي) الراء والثاء والحرف المعتل أُصَيْلٌ على رِقّة وإشفاق. يقال رثَيْتُ لفُلان: رقَقْتُ. ومن الباب قولُهم رَثَى الميِّت بشعرٍ. ومن العرب من يقول: رَثَأْت. وليس بالأصل, ومن الباب الرَّثْيَة: وجعٌ في المَفاصل.
__________
(1) في القاموس: "وكمسكن: الرجل الكريم". ولم تذكر في اللسان.
(2) وكذا في اللسان. لكن في المجمل: "لا يطيقون محملاً".
(3) في الأصل: "وارثد". ولم أجد هذه الكلمة بهذا المعنى في غير المقاييس.
(4) البيت لذي الرمة في ديوانه 572 واللسان (رثم). وصدره:
* تثني النقاب على عرنين أرنبة *(2/405)
فأمّا المهموز فهو أيضاً أُصَيْلٌ يدلُّ على اختلاطٍ. يقال أَرْثَأَ اللَّبَن: خَثُر. والاسم الرّثيئة. قالوا في أمثالهم: "إِنَّ الرَّثِيئة مما يُطفِئُ الغَضَبَ". قال أبو زيد: يقال ارْتَثَأَ عليهم أمْرُهُم: اختَلطَ. ومنه الرثيئة. ويقال: ارتَثَأَ في رأيه، أي خَلَط. وهم يَرْثَؤُون رَثْأً. ويقال الرَّثِيئة أن يخلط اللبن الحامض بالحُلْو(1).
والله أعلم بالصواب.
رجح - رجز
{باب الراء والجيم وما يثلثهما}
(رجح) الراء والجيم والحاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على رَزَانةٍ وزِيادة. يقال: رَجحَ الشيء، وهو راجِح، إذا رَزَن، وهو من الرُّجْحان، فأمّا الأُرْجُوحة فقد ذُكِرَتْ في مكانها(2). ويقال أرجَحْتُ، إذا أَعْطَيتَ راجحاً. وفي الحديث: "زنْ وَأرجح". وتقول: ناوَأْنَا قَوْماً فرجَحْناهم، أي كُنَّا أرزَنَ منهم. وقومٌ مَراجيحُ في الحِلْم؛ الواحد مِرجاحٌ. ويقال: إنّ الأراجِيح الإبلُ؛ لاهتزازها في رَتَكانِها إذا مَشَتْ. وهو من الباب؛ لأنها تترجّح وتترجّح أحمالُها. وذكر بعضُهم أنّ الرَّجَاحَ المرأةُ العظيمة العَجُز. وأنشد:
* ومِن هَوَايَ الرُّجُح الأثَائثُ(3) *
(رجز) الراء والجيم والزاء أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ. من ذلك الرَّجَزُ: داءٌ يصيبُ الإبلَ في أعجازِها، فإذا ثارت النّاقةُ ارتعشَتْ فَخِذاها.
ومن هذا اشتقاق الرَّجَزِ من الشِّعر؛ لأنه مقطوع مضطرب(4). والرِّجازة: كِساءٌ يُجْعَل فيه أحجارٌ [تعلّق(5)] بأحد جانِبَي الهَودج إذا مالَ؛ وهو يَضطَرِبُ. والرِّجَازة أيضاً: صوفٌ يعلّق على الهَودج يُزَيَّن به. فأما الرِّجْز الذي
__________
(1) في الأصل: "الخلة"، صوابه من المجمل.
(2) كذا في الأصل. ولعل كلمة "ذكرت" محرفة.
(3) البيت لرؤبة. ديوانه 29 واللسان (أثث، وعث، رجح). وقد سبق إنشاده في (أث).
(4) في المجمل: "وذكر ناس أن الخليل كان ينكر أن يكون شعراً". وانظر تحقيق هذا الرأي في اللسان (رجز).
(5) التكملة من المجمل.(2/406)
رجس – رجع
هو العذاب، والذي هو الصَّنَم، في قوله جلّ ثناؤه: { والرِّجْزَ فاهْجُرْ }
[المدثر 5]، فذاك من باب الإبدال؛ لأن أصلَه السّينُ؛ وقد ذُكِر.
(رجس) الراء والجيم والسين أصلٌ يدلُّ* على اختلاطٍ. يقال هُمْ في مَرْجُوسَةٍ مِن أمرِهم، أي اختِلاط. والرَّجْس: صوت الرَّعد، وذلك أنه يتردَّد. وكذلك هَدِيرُ البعيرِ رَجْسٌ. وسَحابٌ رَجّاسٌ، وبعيرٌ رَجّاس. وحكى ابنُ الأعرابيِّ: هذا رَاجِسٌ حَسَنٌ، أي راعِدٌ حَسن. ومن الباب الرِّجْس: القَذَر؛ لأنّه لَطْخٌ وخَلْط.
(رجع) الراء والجيم والعين أصلٌ كبيرٌ مطّرد مُنْقاس، يدلُّ على رَدّ وتَكرار. تقول: رَجَع يرجع رُجوعاً، إذا عادَ. ورَاجَعَ الرّجُل امرأتَه، وهي الرَّجْعَة والرِّجْعَةُ. والرُّجْعَى: الرجوع. والرَّاجعة: الناقة تُباع ويُشتَرى بثمنها مِثلُها، والثانية هي الراجعة. وقد ارتُجِعَتْ. وفي الحديثُ: "أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في إبلِ الصَّدقةِ ناقةً كَوْماءَ، فسَأل عنها فقال المُصَدِّق: إنِّي ارتَجعتُها بإِبلٍ". والاسمُ مِن ذلك الرِّجْعة. قال:
أوْرَقِ لا رِجْعَةٌ ولا جَلَبُ(1)
جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفَات على الْ
وتقول: أعطيتُه كذا ثمَّ ارتجعتُه أيضاً صحيح بمعناه. قال الشاعر(2):
واستَرْجَعَتْ نُزّاعَها الأمصارُ
نُفِضَتْ بك الأحلاسُ نَفْضَ إقامةٍ
وامرأةٌ راجع: ماتَ زوجُها فرجَعت إلى أهلها. والترجيع في الصوت: تردِيدُه. والرَّجْع: رَجْع الدّابةِ يدَيْها في السَّير. والمرجوع: ما يُرجَع إِليه من الشيء. والمرجوع، جواب الرِّسالة. قال حُمَيد:
رجف
أشار إِليَّ الرَّبْعُ أو لَتَكَلما(3)
__________
(1) البيت للكميت يصف الأثافي. انظر الهاشميات 56 واللسان (رجع 476).
(2) هو مسلم بن الوليد . ديوانه 238 والبيان (3: 141، 260).
(3) في الأصل: "لت كلما" تحريف. وفي ديوانه المخطوط بتحقيق العلامة الميمني: "أو لتفهما".(2/407)
ولو أنَّ رَبْعاً رَدَّ رَجْعاً لسائلٍ
وأرْجَعَ الرَّجلُ يده في كِنانته، ليأخُذ سهماً. وهو قولُ الهُذَليّ(1):
* فَعَيَّثَ في الكِنانة يُرْجِعُ(2) *
والرّجاع: رُجوع الطَّير بعد قِطاعِها. والرَّجيع: الجِرَّة؛ لأنه يُرَدَّد مضْغُها. قال الأعشى:
ليس إلا الرَّجِيعَ فيها عَلاَقُ(3)
وفلاةٍ كأنّها ظَهرُ تُرْسٍ
والرَّجِيع من الدوابّ: ما رجَعْتَه من سفرٍ إلى سَفَر. وأَرجَعَتِ الإبلُ، إذا كانت مَهَازِيلَ فسَمِنَتْ وحَسُنَتْ حالُها، وذلك رُجوعُها إلى حالِها الأولَى. فأمّا الرَّجْع [فـ] الغيثُ، وهو المطرُ في قوله جلّ وعزّ: { وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ } [الطارق 11]، وذلك أنها تَغِيث وتصُبّ ثم تَرجِع فتَغِيث. وقال:
ولا صَدْعٌ فتَحْتلِبَ الرِّعاءُ(4)
وجاءت سِلْتمٌ لا رَجْعَ فيها
(رجف) الراء والجيم والفاء أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ. يقال رجَفَتِ الأرْضُ والقَلبُ. والبَحْرُ رَجّافٌ لاضطرابه. وأَرْجَفَ الناسُ في الشيءِ، إذا خاضوا فيه واضطَرَبُوا.
رجل
(رجل) الراء والجيم واللام مُعظم بابِه يدلُّ على العُضو الذي هو رِجْلُ كلِّ ذي رِجْل. ويكون بعد ذاك كلماتٌ تشِذُّ عنه. فمعظم الباب الرِّجل: رِجْلُ الإِنسانِ وغيره. والرَّجْل: الرَّجّالة. وإنما سُمُّوا رَجْلاً لأنهم يمشون على أرجُلِهم، والرُّجَّال والرَُّجَالَى: الرِّجَال. والرَّجْلانُ: الراجِل، والجماعة رَجْلى. قال:
__________
(1) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه 9 والمفضليات (2: 225) واللسان (رجع 487).
(2) انظر (عيث). والبيت بتمامه كما في المراجع المتقدمة:
عجلا فعيث في الكنانة يرجع
فبدا له أقراب هذا رائغا
(3) ديوان الأعشى 141 واللسان (رجع، علق). وسيعيده في (علق).
(4) السلتم، كزبرج: الداهية والسنة الصعبة. وفي الأصل: "سليم" صواب إنشاده من اللسان (رجع، سلتم). وفي الأصل أيضاً: "فينجر الرعاء"، وأثبت ما في اللسان.(2/408)
زِيارَةُ بيتِ الله رَجْلاَنَ حافيا(1)
عَليَّ إذا لاقَيْتُ لَيْلَى بخَلْوَةٍ
رَجَلْتُ الشَّاةَ: عَلَّقْتُها برجلها. ويقال: كان ذاك على رِجْلِ فُلانٍ، أي في زمانِه. والأرجَل من الدوابِّ: الذي ابيضَّ أحَدُ رِجْليه مع سوادِ سائرِ قوائمه؛ وهو يُكْرَه(2). والأرجَلُ: العظيم الرِّجْل. ورجلٌ رَجِيلٌ وذُو رُجْلَةٍ، أي قويٌّ على المَشْي. ورَجِلْتُ أَرْجَل رَجَلاً. وترَجَّلْتُ في البئر(3)، إِذا نزَلْتَ فيها من غير أن تُدَلَّى. وارتَجَلَ الفَرَسُ ارتجالاً، إِذا خَلَط العَنَق بالهَمْلَجةِ(4). وأرْجَلْتُ الفصيلَ: تركْتُه يمشِي مع أمِّه، يرضَع متى شاء. ويقال راجِلٌ بَيِّن الرُّجْلَة.
وارتَجَلْتُ الرَّجلَ: أَخذْت برِجْله. قال الخليل: رِجْل القَوس: سِيَتُها العُليا ورِجْلُ الطائر: ضربٌ من المِيسم. ورِجْلُ الغُرابِ: ضَربٌ من صَرِّ أخْلاف النُّوق. وحَرَّةٌ رَجْلاء: يصعُب المشْيُ فيها. وهذا كلُّه يرجِع إلى الباب الذي ذكرناه.
رجم
ومما شذّ عن ذاك(5) الرّجُل: الواحد من الرِّجال، وربما قالوا للمرأة الرَّجُلَة(6). ومما شذّ * عن الأصل أيضاً الرِّجْلة، هي التي يقال لها البَقْلة الحَمْقاء. قالوا: وإنما سُمِّيت الحمقاءَ لأنها لا تنبُت إِلا في مَسيلِ ماء. وقال قومٌ: بل الرِّجَل(7) مَسايِلُ الماء، واحدتها رِجْلَة.
__________
(1) أنشده في اللسان (رجل 284) بدون نسبة أيضاً برواية: "أن ازدار بيت الله".
(2) في اللسان: "ويكره إلا أن يكون به وضح غيره".
(3) يقال أيضاً: "ترجل البئر". انظر القاموس واللسان (رجل 288).
(4) في الأصل: "بالهمجلة" تحريف. والهملجة: السير في سرعة وبخترة.
(5) في الأصل: "وبعد ذاك".
(6) من شواهده قوله:
لم يبالوا حرمة الرجله
خرقوا جيب فتاتهم
(7) الرجل، كعنب، كما نص في القاموس. وقيدت بأنها مسايل الماء من الحرة إلى السهل.(2/409)
فأما قولهم: تَرجّل النهار، إذا ارتفع، فهو من الباب الأوَّل، كأنه استعارة، أي إنه قام على رِجْله. وكذلك رَجَّلْت الشَّعْرَ، هو من هذا، كأنه قُوِّي. والمِرْجَلُ مشتقٌّ من هذا أيضاً؛ لأنه إِذا نُصِب فكأنه أقيم على رِجْلٍ.
ومما شذ عن هذه الأصول ما رواه الأُمَويّ، قال: إذا ولدتِ الغَنَم بعضُها بعد بعض قالوا: ولَّدْتُها الرُّجَيْلاَء(1).
(رجم) الراء والجيم والميم أصلٌ واحدٌ يرجِع إلى وجهٍ واحد، وهي [الرَّمْي بـ] الحجارة، ثم يستعار ذلك. من ذلك الرِّجام، وهي الحجارة. يقال رُجم فلانٌ، إذا ضُرِب بالحجارة. وقال أبو عُبيدة وغيرُه: الرِّجام: حجَرٌ يشَدُّ في طرف الحَبْل، ثم يدَلَّّى في البئر، فَتُخَضْخَضُ الحمأةُ حتى تَثُور ثم يُسْتَقى ذلك الماء فتُسْتَنْقَى البِئر(2). والرُّجْمَة: القبر، ويقال هي الحجارة التي تجمع على القَبر ليُسَنم. وفي الحديث: "لا تُرَجِّمُوا قَبْري"، أي لا تجعلوا عليه الحجارةَ، دَعُوه
رجن - رجي
مستوِياً. وقال بعضُهم: الرّجام حجرٌ يشَدُّ بطَرَف عَرْقُوَةِ الدّلو، ليكون أسرَعَ لانحدارها.
والذي يستعار من هذا قولُهم: رَجَمْتُ فلاناً بالكلام ، إذا شَتَمْتَه. وذُكِر في تفسير ما حكاه عزّ وجلّ في قصة إبراهيم عليه السلام: { لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ } [مريم 46] أي لأشتُمنَّك؛ وكأنه إذا شتَمه فقد رجَمَه بالكلام، أي ضرَبَه به، كما يُرجَم الإنسان بالحجارة. وقال قوم: لأرجُمَنَّك: لأقتُلنّك . والمعنى قريبٌ من الأول.
(رجن) الراء والجيم والنون أصلان: أحدهما المُقَام، والآخر الاختلاط.
فالأول قولهم: رَجَنَ بالمكان رُجُوناً: أقام. والرَّاجِن: الآلِف من الطَّير وغيره.
والثاني قولهم ارْتَجَنَ أمْرُهم: اختلَط. وهو من قولهم ارْتَجَنَتِ الزّبدة، إذا فسَدتْ في المَخْض.
__________
(1) انظر اللسان (رجل 287).
(2) في الأصل: "فتستقي البئر"، صوابه في المجمل واللسان.(2/410)
(رجي) الراء والجيم والحرف المعتلّ أصلان متباينان، يدلُّ أحدُهما على الأمَل، والآخَر على ناحية الشيء.
فالأول الرَّجاءُ، وهو الأمل. يقال رجَوت الأمْرَ أرجُوه رجاءً. ثم يُتَّسع في ذلك، فربما عُبِّر عن الخوف بالرَّجاء. قال الله تعالى: { مَالَكُمْ لاَ تَرْجُونَ ِللهِ
وَقَاراً } [نوح 13]، أي لا تخافون له عَظَمَةً. وناسٌ يقولون: ما أرجو، أي ما أبالي. وفسَّروا الآية على هذا، وذكروا قول القائل:
رجب
وخالَفَها في بيت نُوبٍ عَوَامِلِ(1)
إذا لَسَعَته النحلُ لم يَرْجُ لَسْعَها
قالوا: معناه لم يكترِثْ. ويقال للفرَس إذا دنا نِتاجها: قد أرْجَتْ تُرْجِي إرجاءً.
وأمَّا الآخَر فالرَّجَا، مقصور: النَّاحية من البئر؛ وكل ناحيةٍ رَجاً. قال الله جلّ جلاله: { وَالمَلَكُ عَلى أَرْجَائِهَا } [الحاقة 17]. والتثنيةُ الرَّجَوَانِ. قال:
أقَلُّ الناس مَن يُغني غَنائِي(2)
فلا يُرْمَى بيَ الرَّجَوَانِ إنِّي
وأما المهموز فإِنّه يدلُّ على التأخير. يقال أرجأْتُ الشيءَ: أخّرته. قال الله جلّ ثناؤُه: { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ } [الأحزاب 51]؛ ومنه سمِّيت المُرْجئة.
قال الشيبانيّ: أَرْجَأَتْ(3).
__________
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 143 واللسان (عسل). وصواب روايته: "عواسل" كما في اللسان والديوان. وأنشد في المجمل صدره فقط. ويروى: "وحالفها" بالحاء المهملة.
(2) في اللسان (رجا 24): "من يغني مكاني".
(3) كذا وردت هذه العبارة، وحقها أن توضع بعد قوله "ترجي إرجاء" س3 من هذه الصفحة. وفي المجمل: "ويقال للناقة أو الفرس إذا دنا نتاجها قد أرجت إرجاء. قال الشيباني: "هو أرجأت".(2/411)
(رجب) الراء والجيم والباء أصلٌ يدلُّ على دَعْم شيءٍ بشيءٍ وتقويتِه. من ذلك الترجِيب، وهو أن تُدْعَم الشجرةُ إذا كثُر حملُها، لئلا تنكسِر أغصانُها. ومن ذلك حديثُ الأنصاريّ(1): "أنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيْقُها المرجَّب(2)" يريد أن يُعوَّل على رأيه كما تعوِّلُ النَّخلةُ على الرُّجْبة التي عُمِدَتْ بها.
ومن هذا الباب: رجَّبْتُ الشيء، أي عظّمته. كأنك جعلته عُمدةً تعمِده لأمرك، يقال إنّه لمُرَجَّب. والذي حكاه الشيبانيُّ يقرُب من هذا؛ قال: الرَّجْبُ:
رجد - رحض
الهَيْبَة. يقال رَجَبْتُ الأمر، إذا هِبْتَه. وأصل هذا ما ذكرناه من التعظيم، والتّعظيم يرجع* إلى ما ذكرناه من السّيد المعظّم، كأنه المعتمد والمعوَّل. والكلام يتفرَّع بعضُه من بعضٍ كما قد شرحناه. ومن الباب رَجَبٌ، لأنَّهم كانوا يعظِّمونه؛ وقد عظَّمَتْه الشّريعة أيضاً. فإذا ضمُّوا إليه شعبانَ قالوا رجَبانِ.
ومن الذي شذَّ عن الباب الأرْجاب: الأمْعاء. ويقال: إنّه لا واحدَ لها من لفظها. فأما الرّواجب فمفاصل الأصابع، ويقال: بل الراجبة ما بين البُرْجُمتين من السُّلامَى بين المَفْصِلَين.
(رجد) الراء والجيم والدال ذكرت فيه كلمةٌ. قالوا: الإرجاد: الإرعاد.
{باب الراء والحاء وما يثلثهما}
(رحض) الراء والحاء والضاد أصلٌ يدلُّ على غَسْل الشيء. يقال رحَضْتُ الثَّوبَ، إذا غسَلْتَه. قال:
مُلاءٌ بأيدي الغاسِلات رحيضُ(3)
__________
(1) هو الحباب بن المنذر، انظر اللسان والإصابة 1547.
(2) في الأصل: "المجرب"، تحريف.
(3) البيت للعديل بن الفرخ العجلي من أبيات ثلاثة في حماسة ابن الشجري 199، والأغاني (20: 18)، والكامل 287، والشعراء لابن قتيبة. وقبله:
يحرك عظم في الفؤاد مهيض
أخوف بالحجاج حتى كأنما
بساط لأيدي الناعجات عريض
ودون يد الحجاح من أن تنالني
... وفي الأصل: "بأيدي الغانيات"، صوابه من المصادر المتقدمة.(2/412)
مَهَامِهُ أَشْباهٌ كأنَّ سَرابَها
ويقال للمغْتَسَل(1) المِرحاض. فأما عَرَقُ الحمَّى فإِنَّه يسمّى الرُّحَضاء؛ وهو ذاك القياس، كأنّها رحضَتِ الجسمَ، أي غَسَلْتَه.
رحق - رحل
(رحق) الراء والحاء والقاف كلمةٌ واحدة. وهي الرَّحيق: اسمٌ من أسماء الخمر، ويقال هي أفضَلُها.
(رحل) الراء والحاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مُضيٍّ في سفَر. يقال: رَحَل يَرْحَل رِحْلَة. وجملٌ رحِيل: ذو رُِحْلة(2)، إذا كان قويّاً على الرِّحلة، والرِّحلة: الارتحال. فأمّا الرَّحْل في قولك: هذا رَحْلُ الرّجلِ، لِمَنزِلهِ ومأواهُ، فهو من هذا، لأنّ ذلك إنّما يقال في السَّفَر لأسبابه التي إذا سافر كانت معه، يرتحل بها وإليها عند النزول. هذا هو الأصل، ثمَّ قيل لمأوَى الرّجل في حَضَرِه هو رحْلُه. فأمّا قولهم لِما ابيَضَّ ظَهْرُه من الدوابّ: أرحَلُ، فهو من هذا أيضاً؛ لأنّه يُشبَّه بالدابة التي على ظهرها رِحالة. والرِّحالة: السَّرج. ويقال في الاستعارة إن فلاناً يَرْحَلُ فُلاناً بما يكره(3). والمُرَحَّل. ضَربٌ من برود اليمن؛ وتكون عليه صُوَرُ الرِّحال. ويقال أرْحَلَت الإبلُ: سَمِنَت بعد هُزالٍ فأطاقَت الرِّحْلة. والرِّحال: الطّنَافس الحِيرِيّة. قال:
* نَشَرَتْ عليه بُرودَها ورِحالَها(4) *
والرَّاحلة: المَرْكَب من الإبل، ذكراً كان أو أنثى. ويقال رَاحَلَ فلانٌ فلاناً إذا عاوَنَه على رِحْلته. ورَحَّله، إذا أظْعَنَه مِن مكانه. وأرْحَلَه: أعطاه راحِلة.
رحم - رحي
ورجل مُرْحِل: كثير الرّواحِل. ويقولون في القَذْف: "يا ابنَ مُلْقَى أرحُلِ الرُّكْبان"، يشيرون به إلى أمْرٍ قبيح.
__________
(1) في الأصل: "للمفتل"، صوابه في المجمل.
(2) الرحلة بالضم والكسر: القوة على السير.
(3) زاد في المجمل: "إذا آذاه". وفي اللسان: "أي يركبه".
(4) البيت للأعشى في ديوانه 23 واللسان (رحل 295). وصدره:
* ومصاب غادية كأن تجارها *(2/413)
(رحم) الراء والحاء والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الرّقّة والعطف والرأفة. يقال من ذلك رَحِمَه يَرْحَمُه، إذا رَقَّ له وتعطَّفَ عليه. والرُّحُْم والمَرْحَمَة والرَّحَْمة بمعنىً. والرَّحِم: عَلاقة القرابة، ثم سمِّيت رَحِمُ الأنثى رَحِماً من هذا، لأنّ منها ما يكون ما يُرْحَمُ وَيُرَقّ له مِن ولد. ويقال شاةٌ رَحُومٌ(1)، إذا اشتكَتْ رحِمَها بعد النِّتاج؛ وقد رَحُمَتْ رَحَامَة، ورُحِمَت رَحْما(2). وقال الأصمعيّ: كان أبو عمرو بن العلاء يُنشد بيتَ زُهير:
مِن سيِّئ العَثَرات اللهُ والرُّحُمُ(3)
ومَن ضرِيبته التّقوَى ويَعصِمُه
قال: ولم أسمَعْ هذا الحرفَ إلاّ في هذا البيت. وكان يقرأ: { وَأَقْرَبَ رُحُماً(4) } [الكهف 81]، وكأن أبا عمروٍ ذهب إلى أنّ الرُّحُمَ الرَّحْمة. ويقال إنّ مكّة كانت تسمَّى أمَّ رُِحْم(5).
(رحي) الراء والحاء والحرف المعتلُّ أصلٌ واحد، وهي الرَّحَى الدائرة. ثم يتفرّع منها ما يقاربُها في المعنى. من ذلك رَحَى الحرب، وهي حَوْمَتُها. والرَّحى: رَحَى السَّحاب، وهو مُسْتَدَارُهُ. ورَحَى القوم: سيِّدهم. وسمي بذلك
رحب
لأنَّ مَدارَهم عليه. والرَّحَى: سَعْدانة البعير(6)؛ لأنّها مستديرة. قال:
* رَحَى حَيزُومِها كرَحَى الطَّحينِ(7) *
__________
(1) ويقال كذلك للمرأة والناقة والعنز.
(2) وكذينك: رحمت رحما، كتعبت تعبا.
(3) ديوان زهير 162 واللسان (رحم 123).
(4) انظر اللسان (رحم 132).
(5) نص في اللسان والقاموس ومعجم البلدان أنها بضم الراء. لكن في المجمل: "أم رحم وأم رحم" بكسر الراء أولاً وضمها ثانياً.
(6) سعدانة البعير: كركرته.
(7) للشماخ. وصدره كما في ديوانه 92 واللسان (رحا):
* فنعم المعترى ركدت إليه *(2/414)
قال الخليل: الرَّحَى والرَّحيانِ. و*ثلاثُ أَرْحٍ(1). والأرحاء، الكثيرة. والأَرْحِيَة كأنه جمع الجمع. والأرحاء: الأضراس. وهذا على التشبيه، أي كأنها تطحَن الطّعام. ويقال على التشبيه أيضاً للقِطعة من الأرض الناشِزَة على ما حولَها مثل النَّجَفة رَحىً(2). وناسٌ من أهل اللُّغة يقولون: رحىً ورحَوَان قالوا: والعرب تقول رحَتِ الحيَّة تَرْحُو، إِذا استدارت.
(رحب) الراء والحاء والباء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلُّ على السَّعَة. من ذلك الرُّحْب. ومكانٌ رَحْبٌ. وقولهم في الدعاء: مَرْحَباً: أَتيتَ سَعةً. والرُّحْبَى: أعرض الأضلاع في الصَّدر. والرَّحِيب: الأكُول؛ وذلك [لسَعةِ] جوفِه. ويقال رَحُبَت الدّارُ، وأَرْحَبَت. وفي كتاب الخليل: قال نصر بنُ سيَّار: "أَرَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة الكِرمانيّ(3)"، أي أَوَسِعَكُمْ؟ قال: وهي كلمةٌ شاذّة على فَعُل مجاوِزاً(4). والرَّحْبة: الأرضُ المِحلالُ المِئْناث(5). ويقال للخيل: "أَرْحِبِي" أي توسَّعي.
رخص - رخف - رخل - رخم
{باب الراء والخاء وما يثلثهما}
(رخص) الراء والخاء والصاد أصلٌ يدلُّ على لِينٍ وخلافِ شِدّة. من ذلك اللّحْمُ الرَّخْص، هو الناعم. ومن ذلك الرُّخْص: خِلاف الغَلاء. والرُّخْصَة في الأمر: خَلاف التَّشْديد. وفي الحديث: "إنَّ الله جلّ ثناؤه يحبُّ أن يؤخذ برُخَصِهِ كما يحبُّ أن تُؤتَى عزائِمهُ".
__________
(1) الرحى مؤنثة. وفي الأصل والمجمل: "وثلاثة أرح"، صوابه ما أثبت.
(2) النجفة، بالتحريك: أرض مستديرة مشرفة.
(3) تكلم صاحب اللسان في تعدية هذا الفعل مع كونه على (فعل) وهو وزن من أوزان اللزوم، ثم ذكر أن الأزهري قال إن نصراً ليس بحجة.
(4) مجاوزاً، أي متعدياً. وعبارته هنا مطابقة لعبارة المجمل.
(5) في الأصل: "المناث"، صوابه في المجمل واللسان. وفي اللسان: "وأرض مئناث وأنيثة: سهلة منبتة خليقة بالنبات ليست بغليظة".(2/415)
(رخف) الراء والخاء والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على رَخاوةٍ ولِين. فيقال: إن الرَّخْفَة: الزُّبدة الرَّقيقة. ويقال أرْخَفْتُ العَجين، إذا كثَّرْتَ ماءَه حتَّى يَستَرخِيَ. ويقال منه رَخَف يَرْخُف. ويقولون صار الماءُ رُخْفةً، أي طينا رقيقاً. والرَّخْفة: حجارةٌ خِفافٌ جُوفٌ.
(رخل) الراء والخاء واللام كلمةٌ واحدة، وهي الرّخل(1): الأنثى من أولاد الضَّأنِ، والذّكرُ حَمَلٌ، ويجمع الرخل رخالا.
(رخم) الراء والخاء والميم أصلٌ يدلُّ على رقّةٍ وإشْفاق. يقال ألقى فلانٌ على فلانٍ رَخْمَتَه، وذلك إذا أظهَرَ إِشفاقاً عليه ورقَّة له. ومن ذلك الكلام الرَّخيم، هو الرقيق. قال امرؤ القيس:
مِ تفتَرُّ عن ذي غُروبٍ خَصِر(2)
رَخِيمُ الكلامِ قَطِيع القِيا
رخو
والرَّخَمة: الطائر الذي يقال له الأنوق، يقال سمِّي بذلك لرَخْمتِه على بَيضَتِه، يقال إنّه لم يُرَ له بيضٌ قطّ. وهو الذي أراده الكميت بقوله:
تُحمَّقُ وهي بَيِّنة الحَويلِ(3)
وذات اسمَيْنِ والألوانُ شَتَّى
ومن هذا الباب قول أهل العربية: "الترخيم"، وذلك إسقاط شيءٍ من آخر الاسم في النِّداء، كقولهم: يا مالك، يا مالِ؛ ويا حارث، ويا حارِ. كأنّ الاسمَ لما ألقي منه ذلك رَقّ. قال زُهير:
لم يَلْقَهَا سُوقَةٌ قبلي ولا مَلِكُ(4)
يا حارِ لا أُرْمَيَنْ منكم بداهيةٍ
ومما شذّ عن هذا الأصل قولُهم: شاةٌ رَخْماء، وهي التي ابيضَّ رأسها.
__________
(1) الرخل، بالكسر وككتف.
(2) كلمة "ذي" ليست في الأصل، وإثباتها من الديوان 58 وفيه:
* فتور القيام قطيع الكلام *
(3) في الحيوان (7: 18، 22) واللسان (حول): "وهي كيسة الحيل". وقد سبقت روايته في (حول) برواية: "بينة الحويل".
(4) ديوان زهير 180. وهو يعني الحارث بن ورقاء الصيداوي، وكان قد استاق إبل زهير وراعيه يساراً.(2/416)
(رخو) الراء والخاء والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على لِينٍ وسخافةِ عقل. من ذلك شيءٌ رِخْوٌ بكسر الراء. قال الخليل: رَُخْوٌ أيضاً(1)، لغتانِ.
يقال منه رَخِيَ يَرْخَى، ورَخُوَ، إذا صار رَُِخْواً. ويقال: أرخَتِ الناقة، إذا استَرخَى صَلاَها. وفرسٌ رِخْو، إذا كانت سهلة مسترسلة، في قول أبي ذؤيب:
* فهي رِخْوٌ تمزَعُ(2) *
ويقال استرخى به الأمرُ واسترخت به حالُه، إذا وقع في حالٍ حسنةٍ غير شديدة. وتراخَى عن الأمر، إذا قعد عنه وأبطأ. ومن الباب الرُّخاء، وهي الريح
رخد - ردس - ردك - ردع
الليِّنة. قال الله تعالى: { فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ } [ص 36]. والإرخاء مِن رَكْضِ الخيل* ليس بالحُضْر المُلْهَب(3). يقال فرسٌ مِرْخاءٌ من خَيل مَرَاخٍ، وهو عَدْوٌ فوق التَّقْرِيب(4). قال أبو عبيدٍ: الإِرخاء أن يخلّى الفرسُ وشَهوتَه في العَدْوِ، غير متعبٍ له. وهذه أُرْخِيّة، لِما أرْخَيْتَ مِن شيءٍ.
(رخد) الراء والخاء والدال كلمة واحدة ليس لها قياس. ويقال: الرِّخْوَدّ: الليِّن العِظام.
{باب الراء والدال وما يثلثهما}
(ردس) الراء والدال والسين أُصَيلٌ يدلُّ على ضربِ شيءٍ بشيء. يقال ردَسْتُ الأرض بالصّخرةِ وغيرها، إذا ضربْتَها بها. والمِرْدَاس: صَخْرة عظيمة، مِفْعال من رَدَسْت. قال الأصمعيُّ: ما أدرِي أين رَدَس؟ أي ذَهب. والقياسُ واحدٌ، لأنَّ الذاهبَ يقال له: ذَهَب في الأرض، وضَرَب في الأرض.
__________
(1) الضبط بضم الراء عن المجمل. على أن الكلمة مثلثة، تقال أيضاً بفتح الراء.
(2) البيت بتمامه كما في ديوانه 16 والمفضليات (2: 227) واللسان (رخا):
حلق الرحالة فهي رخو تمزع
تغدو به خوصاء تقطع جريها
(3) في الأصل: "المهلب"، صوابه في المجمل.
(4) في الأصل: "القريب". والتقريب: ضرب من العدو.(2/417)
(ردك) الراء والدال والكاف ليس أصلاً، لكنهم يقولون: خَلْقٌ مُرَوْدَكٌ؛ أي سمين. قال:
* قامت تُرِيك خَلْقَهَا المُرَوْدَكا *
(ردع) الراء والدال والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَنْع وصَرْع. يقال ردَعْتُه عن هذا الأمرِ فارتدَع. ويقال للصَّريع: الرَّدِيع. حكاه ابنُ الأعرابيّ(1).
ردغ - ردف
والمرتدع من السِّهام: الذي [إذا] أصاب الهدف انفضَخَ عُودُه. والمُرْتدع: المتَلَطِّخ بالشيء. قال ابنُ مقبِل:
* يَجْرِي بديباجَتَيْه الرَّشْحُ مُرتَدِعُ(2) *
فالمرتدِع المتلطِّخ؛ ويقال إنّه من الرَّدْع، والرَّدْع: الدم. قال بعضُ أهل اللُّغة. ومنه يقال للقتيل: "رَكِبَ رَدْعَه". والأصل في هذا كلِّه ما ذكرناه أن الرَّدْع الصَّرْع، وإذا صُرِع ارتَدَع بدمِه إن كان هناك دَم. قال ابن الأعرابيّ: ركِبَ رَدْعَه، إذا خَرَّ لِوَجهِهِ. ومن الباب الرُّدَاع وهو وجع الجسم أجْمَع، وهذا صحيحٌ لأن السقيم صريع. قال:
وكان فِراقُ لُبْنَى كالخِدَاع(3)
فواحَزَنِي وعاوَدَني ردَاعِي
(ردغ) الراء والدال والغين أُصَيلٌ يدلُّ على استرخاء واضطراب. من ذلك الرَّدَْغُ: الماء والطين. ومنه الرَّديغ، وهو الأحمق، والأحمق مضطرِب الرأي.
ومما شذّ عن ذلك المَرَادِغ: ما بَين الْعنق والتَّرقُوة.
(ردف) الراء والدال والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلُّ على اتبِّاع الشيء. فالتَّرادف: التتابع. والرَّدِيف: الذي يُرادِفُك. وسُمِّيت العجيزَةُ رِدْفاً من ذلك. ويقال: نَزَلَ بهم أمرٌ فرَدِفَ لهم أعظَمُ منه، أي تبِع الأوَّلَ ما كان أعظَمَ منه. والرِّدَاف: مَوضع مَرْكَب الرِّدف. وهذا بِرذَونٌ لا يُرادِفُ، أي لا يَحمِل رَدِيفا.
ردم
__________
(1) زاد في المجمل: "ويقال هو بالغين".
(2) سبق إنشاده في (دبج). وصدره كما في اللسان (دبج، رشح، ردع):
* يخدي بها بازل فتل مرافقه *
(3) لقيس بن ذريح، كما في اللسان (ردع).(2/418)
وأردافُ النُّجوم: تَوَالِيها. ويقال أتينا فلاناً فارتدفْناهُ ارْتِدافاً، أي أخذناه أَخْذاً. والرَّدِيف: النجم الذي يَنُوء مِن المشرق إذا انغمَسَ رقِيبُه في المغرب: وأرداف الملوك في الجاهلية: الذين كانوا يَخْلُفُون الملوك. والرِّدْفانِ: الليل والنهار. وفي شعر لبيدٍ "الرِّدْف(1)"، وهو مَلاّح السَّفينة. وهذا أمرٌ ليس له رِدْف، أي ليست له تَبِعة. قال الأصمعيّ: تعاونوا عليه وترادَفُوا وتَرَافَدوا، بمعنىً. ويقال رَادَف الجرادُ؛ والمُرادفة: ركوب الذكرِ الأُنثى. قال أبو حاتم: الرّديف: الذي يجيء بقِدْحه بعد أن فاز مِن الأيسار واحد أو اثنانِ، ويسألُهم أن يدخلوا قِدْحَه في قِدَاحِهم. قال الأصمعيّ: الرُّدَافَى، هم الحُداة، لأنَّهم إِذا أعيا أحدُهم خَلَفَه الآخر. قال الرَّاعي:
قريضَ الرُّدَافَى بالغِناءِ المُهَوِّدِ(2)
وَخُودٌ مِن اللائي يُسَمَّعْنَ بالضُّحى
والرَّوَافد: رواكِيب النَّخل.
(ردم) الراء والدال والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَدّ ثُلْمة. يقال رَدَمْت البابَ والثُّلْمة. والرَّدْم: مصدرٌ، والرَّدْم اسم(3). والثوب المُرَدَّم هو الخَلَق المُرَقَّع. فأما قوله:
أم هل عَرَفْتَ الدارَ بعد توهُّمِ(4)
*هل غادَرَ الشُّعراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
على رواية من رواه كذا، فإِنّه فيما يقال الكلام يُلْصَق بعضُه ببعض.
ردن
ومن الباب: أردَمَتْ عليه الحُمَّى: دامت وأَطبَقَتْ، يقال وِرْدٌ مُرْدِمٌ، وسَحاب مُرْدِم.
__________
(1) يعني قول لبيد في ديوان 66 طبع 1880 واللسان (ردف 16):
ما إن يقوم درأها ردفان
فالتام طائقها القديم فأصبحت
(2) البيت في صفة ناقة. انظر اللسان (وخد، ردف، هود).
(3) الاسم والمصدر سواء، كما في اللسان والقاموس.
(4) البيت مطلع معلقة عنترة.(2/419)
(ردن) الراء والدال والنون هذا بابٌ متفاوتُ الكَلِم لا تكاد تلتقي منه كلمتانِ في قياسٍ واحد، فكتبناه على ما به، ولم نَعْرِضْ لاشتقاق أصلِه ولا قياسِه. فالرُّدْن: مقدَّم الكُمّ. يقال أرْدَنْتُ القَميصَ جعلْتُ له رُدْناً.، والجمع أَرْدَان. قال:
ءِ ينفَحُ بالمسك أردانُها(1)
وعَمْرةُ مِن سَرَوَاتِ النِّسا
ويقولون إن الرَّدَن الخزُّ، في قول الأعشى:
على صَحصَحٍ ككِساءِ الرَّدَن(2)
فأفنيتُها وتعَلَّلْتُها
والرُّمْح الرُّدينيّ، منسوبٌ إلى امرأة كانت تسمَّى رُدَيْنَةَ. ويقال للبعير إذا خالطَتْ حمرتَه صُفرةٌ: هو أحمرُ رادِنيٌّ، والناقة رادِنِيَّة. ويقولون إنَّ المِرْدَن المِغزل الذي يُغزَل به الرَّدَن، وليس هذا ببعيدٍ، ويقال إن الرَّادِن الزَّعفران. وينشد:
* وأخذَتْ من رادِنٍ وكُرْكُمِ(3) *
وحُكي عن الفرّاء: رَدِن جِلدُه رَدَنا، أي تقبَّض. والأردُنّ: النُّعاس الشديد. قال:
* قَدْ أَخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ(4) *
رده - ردي
ولم يسمع من أُرْدُنّ فِعْل. قال قطرب: الرَّدَن: الغِرس الذي يخرج مع الولد من بطن أمِّه، وتقول العرب: هذا مِدْرَع الرَّدَن. قال: الرَّدْن: النَّضْد. تقول: رَدَنْتُ المتاع. قال: والرَّدْن: صوتُ وَقْعِ السلاحِ بعضِه على بعض.
__________
(1) لقيس بن الخطيم الأنصاري في ديوانه 8 واللسان (ردن).
(2) ديوان الأعشى 16. ويروى: " تعاللتها" و:" كرداء الردن".
(3) للأغلب العجلي، كما في اللسان (ردن).
(4) لأباق الدبيري، كما في اللسان (ردن).(2/420)
(رده) الراء والدال والهاء أُصَيلٌ يدل على هَزْمٍ في صَخرةٍ أو غيرها. قالوا: الرَّدْهَة: قَلْتٌ في الصَّفا يجتمع فيه ماء السماء؛ والجمع رِدَاه. فأما الذي حُكِي عن الخليل فمخالفٌ لما ذكَرْناه؛ قال: الرَّدَه(1): شِبهُ آكامٍ خشنةٍ كثيرة الحجارة، الواحدة رَدْهَةٌ. قال وهي تِلال القِفاف. قال رُؤبة:
* مِن بَعْد أَنْضاد التلال الرُّدَّهِ(2) *
(ردي) الراء والدال والياء(3) أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رَمْيٍ أو تَرَامٍ وما أشبه ذلك. يقال ردَيْتُه بالحجارة أَردِيه: رميتُه. والحجر مِرْداةٌ. والرَّدْي ثلاثة مواضع ترجع إلى قياس [ما] قد ذكرناه. فالأول رَدَى الحجرَ. والثاني رَدَى الفرسُ: أسرع. وَرَدَتِ الجارية، إذا رفعَتْ إحدى رجلَيها وقفزت بواحدة، وهو الثالث. وكلُّ ذلك يرجِع إلى الترامِي. والرَّدَيَان: عدْوُ الحمار بين آرِيِّه ومُتمعَّكِه. ومن الباب الرَّدَى، وهو الهَلاك؛ يقال رَدِيَ يَرْدَى، إذا هلَك. وأرْدَاه الله: أهلَكَه. والتَّردِّي: التَّهَوُّر في المَهْوَى. يقال رَدِيَ في البئر كما يقال تَرَدَّى.
ردج
قالها أبو زيد. ويقال: ما أدري أين رَدَى، أي أين ذَهَب. وهو من الباب، معناه ما أدرِي أين رَمَى بنفسِه. ومن الباب الرَّدَاةُ: الصخرة، وجمعها الرَّدَى. قال:
* فَحْل مَخَاضٍ كالرِّدَى المنقَضِّ(4) *
وإذا قالوا للناقة مِرْداةٌ، فإنما شبّهوها بالصَّخرة. ويقال رادَيتُ عن القوم، إذا رَامَيْتَ عنهم. فأما قول طُفَيل:
__________
(1) في اللسان: "بفتح الراء والدال. هذا قول أهل اللغة. قال ابن سيده: والصحيح أنه اسم للجمع".
(2) ديوان رؤبة 167 واللسان (رده). والذي في الديوان:
عنها وأثباج الرمال الوره
تعدل أنضاد القفاف الرده
... وقد أشير في حواشي اللسان إلى رواية التكملة: "يعدل أَنضاد القفاف".
(3) في الأصل: "رود، الراء والواو والدال"، تحريف.
(4) البيت في اللسان (ردي 33).(2/421)
يُرادَى على مِرْقَاةِ جِذْعٍ مشذَّبِ(1)
يُرَادَى على فَأْسِ اللِّجام كأنما
فليس هذا من الباب؛ لأنَّ هذا مقلوبٌ. ومعناه يُراوَد. وقد ذكر في موضعه. ومما شذّ عن الباب الرِّداء الذي يُلبَس، ما أدري مِمّ اشتقاقُه، وفي أيِّ شيءٍ قياسُه. يقال فلانٌ حسَنُ الرِّدْية، من لُبْس الرداء. ومما شذّ أيضاً قولُهم: أردَى على الخمسين، إذا زاد عليها.
فأما المهموز فكلمتانِ متباينتان جِدّاً. يقال أَردأْتُ: أَفسدْتُ. ورَدُؤَ الشيءُ فهو ردِيءٌ. والكلمة الأخرى أردأت، إذا أَعَنْتَ. وفلان رِدْءُ فلانٍ، أي مُعِينه. قال الله جلّ جلالُه* في قصة موسى: { فَأَرْسِلْهُ معِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُني }
[القصص 34].
(ردج) الراء والدال والجيم ليس بشيء. على أنَّهم يقولون إنّ الرَّدَج ما يُلقيه [المُهْر(2)] من بطنه ساعةَ يُولَد. وينشدون:
إذا جاءها يوماً من الدّهر خاطبُ(3)
لها رَدَجٌ في بيتها تستعدُّه
ردح - ردخ - ردب - رذم
(ردح) الراء والدال والحاء أصَّل فيه ابنُ دُريدٍ أصلاً. قال: أصله تراكُمُ الشيءِ بعضِه على بعض. ثم قال: كتيبة رَدَاحٌ: كثيرة الفُرسان. وقال أيضاً: يقال أصل الرَّدَاحِ الشجرة العظيمة الواسعة. ومن الباب فلانٌ رَدَاحٌ أي مخصِب. ومن الباب الرَّدَاحُ: المرأة الثَّقيلة الأوراك. ومنه ردَحْتُ البيت وأَرْدَحْتُه، من الرُّدْحة، وهو قطعةٌ تُدخَل فيه، أو زيادةٌ تزاد في عَُمَُده. وأنشد الأصمعي:
* بَيْتَ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمَائِرُه(4)*
__________
(1) ديوان طفيل 11 واللسان (ردي 34).
(2) التكملة من المجمل.
(3) البيت لجرير كما في اللسان (ردج).
(4) من رجز لحميد الأرقط، كما في اللسان (حمر). وقد سبق إنشاده في (حمر). وأنشده في اللسان (ردح) أيضاً. وقبله:
* أعد للبيت الذي يسامره *(2/422)
قال ابن دريد(1): رَدَحْت البيتَ، إذا ألقيتَ عليه الطِّين.
(ردخ) الراء والدال والخاء ليس بشيء. على أنَّهم حكَوْا عن الخليل أن الرَّدْخ: الشَّدْخ.
(ردب(2)) الراء والدال والباء ليس بشيءٍ. ويقولون للقِرْمِيدة الإِردَبة. والإردَبُّ: مكيالٌ لأهل مِصرَ ضخمٌ.
{باب الراء والذال وما يثلثهما}
(رذم) الراء والذال والميم أُصَيلٌ يدلُّ على سَيَلانِ شيءٍ. يقال حَفْنَة رَذُمٌ، إذا سالَتْ دَسَماً. وعَظْمٌ رَذُوم، كأنّه من سِمَنه يسيل دَسَماً. قال:
رذا - رذل
* وفي كفِّها كِسْرٌ أَبحّ رَذُومُ(3) *
(رذا) الراء والذال والحرف المعتل يدلُّ على ضعفٍ وهزال. فالرّذِية: الناقة المهزولة من السَّير، والجمع رَذَايا. قال أبو دُواد:
كعِيدانٍ من القَضْبِ(4)
رَذَايا كالبَلاَيا أو
يقال منه: أرذَيْتُها.
(رذل) الراء والذال واللام قريبٌ من الذي قبله. فالرَّذْل: الدُّون مِن كلِّ شيء، وكذلك الرُّذَال.
انقضى الثُّلاثي من الراء.
{باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف}
وهذا شيء يقِلُّ في كتاب الراء، والذي جاء منه فمنحوتٌ أو مزيدٌ فيه. من ذلك (رَعْبَلْتُ) اللّحمَ رعْبَلةً؛ إذا قطَّعتَه، قال:
* ترى الملوكَ حولَه مُرَعْبَلَهْ(5)
__________
(1) الجمهرة (2: 121). ونصها: "والردح من قولهم ردحت البيت بالطين أردحه ردحاً وأردحته إرداحاً، لغتان فصيحتان، إذا كاثفت عليه الطين".
(2) الترتيب الصحيح لهذه المادة أَن تكون بعد مادة (ردي)، لكن هكذا وضعت في المجمل والمقاييس. ويبدو أنه قد انساق مع ترتيب المجمل.
(3) في الأصل: " وفي يدها"، صوابه مما سبق في مادة (بح) حيث الكلام على البيت.
(4) القضب، بالفتح: شجر تتخذ منه القسي، ويقال إنه جنس من النبع. وقد أنشد البيت في السان (قضب) وفسره.
(5) ويروى أيضاً "مغربله" كما في اللسان (رعبل، غربل) والمخصص (6: 114). وفي اللسان (غربل) والأغاني (13: 140-141).
يوم الهباءات ويوم اليعمله
أحيا أباه هاشم بن حرمله
ورمحه للوالدات مثكله
ترى الملوك حوله مغربله
يقتل ذا الذنب ومن لا ذنب له
ج(2/423)
*
باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف
فهذا ممَّا زِيدت فيه الباء، وأصله من رَعَل، وقد مضى. يقال لما يُقْطَع من أُذُن الشَّاة ويترك معلَّقاً ينوسُ كأنه زَنمَةٌ [رَعْلَة]. فالرَّعْبَلَة من هذا.
ومن ذلك (الرَّهْبَلة): مَشْيٌ بِثِقَلٍ. وهذا منحوتٌ من رَهَل ورَبَل، وهو التجمُّع والاسترخاء، فكأنها مِشْيَةٌ بتثاقُل.
ومن ذلك (المرجَحِنُّ)، وهو المائل، فالنون فيه زائدة، لأنّه من رَجَح. وليس أكثَر من هذا في الباب. والله أعلم بالصواب.
ـــــــــ
تم الجزء الثاني من مقاييس اللغة بتقسيم محققه
ويليه الجزء الثالث وأوله "كتاب الزاء"
مراجع التحقيق والضبط
مراجع التحقيق والضبط
يضاف إلى المراجع المثبتة في نهاية الجزء الأول:
أمالي الزجاجي. طبع السعادة 1324 القاهرة.
أمالي ابن الشجري. طبع 1349 حيدر أباد.
البيان والتبيين، تحقيق عبد السلام هارون. طبع لجنة التأليف 1369.
ديوان تميم بن مقبل. مديرية إحياء التراث بدمشق 1381.
ديوان الحادرة. نسخة الشنقيطي رقم 34 أدب ش بدار الكتب المصرية.
ديوان حميد بن ثور. مخطوط بتحقيق العلامة الميمني معد للطبع بدار الكتب المصرية.
ديوان زهير بشرح الشنتمري. طبع النعساني 1347 القاهرة.
ديوان طفيل بن عوف. طبع 1927م لندن.
ديوان عبد الله بن الدمينة. طبع المنار 1337 القاهرة.
ديوان عروة بن حزام. مخطوط برقم 70 ش بدار الكتب المصرية.
رسائل الجاحظ. طبع الساسي 1324 القاهرة.
شرح الشافية للرضي. طبع مطبعة حجازي 1358 القاهرة.
الشعر والشعراء لابن قتيبة. طبع دار إحياء الكتب العربية 1366.
الفهرست لابن النديم. طبع الرحمانية بالقاهرة.
لامية العرب للشنفرى. طبع الجوائب 1300 تركيا.
المجمل لابن فارس. مخطوط برقم 382 لغة بدار الكتب المصرية.
محاضرات الأدباء للراغب. طبع الشرقية 1326 القاهرة.
مختارات ابن الشجري. طبع المطبعة العامرة 1306 القاهرة.(2/424)
معاهد التنصيص للعباسي. طبع البهية 1316 القاهرة.
منتهى الطلب لابن ميمون. مخطوط برقم 53 ش بدار الكتب المصرية.
المؤتلف والمختلف للآمدي. طبع القدسي 1354 القاهرة.
نهاية الأرب للنويري. طبع دار الكتب المصرية 1342.
همع الهوامع للسيوطي. طبع السعادة 1327 القاهرة.
وقعة صفين لنصر بن مزاحم. طبع دار إحياء الكتب العربية 1365.
ــــــــ
الأخطاء المطبعية للجزء الثاني
من كتاب "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
حاشية 2
4
(2) السيب
(1) السيب
حاشية 6
6
(5)
(6)
1
8
الحرّ
الحرَّ
5
11
الكفُّ
الكفَّ
11
17
وَلكنْ حَقَّتْ
وَحَقَّتْ
13
23
الألية
الأليه
حاشية 5
27
خبب
خبخب
6
30
ألا
ألاَّ
4
31
يَرُضْن
يَرْضُن
حاشية 4
40
المفضليات
المفضليان
حاشية 4
40
المقلع
المقلعم
8
44
آذَوْني
آدَوْني
2
48
بعَقْوَته
بَعَقْوَته
5
55
كُلُّ
كَلُّ
3
61
وَ يُرْسِلَ
أَوْ يُرْسِلَ
1
64
لَعَمْرُكَ
لَعَمْرُكُ
11
82
مُقَصَّبُ
مَقَصَّبُ
13
83
حَافٍ
خَافٍ
9
87
الأحفاض
الأحفاص
8
92
أجْلَ
أجْلِ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
15
98
لا لاحمراره
لا لااحمراره
حاشية 2
111
الروض الأُنُف
الروض الأ ف
الترويسة
134
حتأ
حقأ
7
134
حتأ
حتا
12
152
مضمومة
مضمومه
حاشية 5
153
في
وفي
14
154
الرّجُل
الرّجَل
حاشية 2
157
الحاديين
ديين
12
162
أوظِفَتُها
أوظِفُتُها
3
165
أعْسَرَا(1)
أعْسَرَا(2)
4
166
يَخْذُلُ
يَحْذُلُ
13
166
أخْذَأَتْها
أخَذْأَتْها
2
175
خرت
خرث
2
176
خرجتْ
خرجْت
12
177
ارتزازِه
اتزازِه
حاشية 3
180
14 : 180
14 18
1
189
وإنّما
وإنّا
حاشية 1
200
هو أبو بكر
وأبو بكر
12
202
أَكَادُ(2/425)
أَكَادَ
10
208
لُمَعاً
لَمُعاً
10
209
لأنّها
لأ ّ
13
211
بعد(6) هذا
بعد هذا
18
214
مُخَلَّقٌ
مَخَلَّقٌ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
15
219
فأينَ
فأينُ
2
224
أجرَدَا
أجَرَدَا
4
224
أردأ
أرادأ
5
229
العَرْفَج
العَرَفْج
3
236
تغيُّرُ
تغيُّرٌ
حاشية 1
238
من مال
من مل
4
242
فسِمَةٌ
فسِمَةُ
حاشية 3
248
بالباء
بالتاء
11
257
(2)
(3)
حاشية 1
257
2
3
حاشية 3
261
دن
ذبن
حاشية 5
266
ثنائي
ننائي
حاشية 1
273
درأ
دأر
8
283
الزَّنْد الأدْعَر
الزَنْد الأدْعُر
16
283
لأنَّ
لأنَ
2
285
الآخر
الأخر
5
285
لا تُعذِّبْنَ
لا تُعذَّبْنَ
13
288
مدفَّع
مدقَّع
حاشية 1
299
رشاش
رشاس
14
301
منها
منهما
حاشية 1
303
البيت في اللسان
البيت اللسان
حاشية 2
308
مادة
ماة
7
314
يَفْتَحُ اللهُ
يَفْتَحُ اللهَ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
حاشية 1
318
القيس
لقيس
11
320
تعرِفَ
تعرِفُ
12
320
تعرِفُ
تعرِفَ
7
322
يَكونَ
يَكونُ
6
323
*
"
حاشية 2
323
دبج
دبح
4
324
قُبُلِه
قَبُلِه
1
326
غُروبُها(1)
غُروبُها
9
330
المطرُ
المطرُّ
حاشية 3
330
الزاي
الراي
5
332
دَحَضَتْ
دَحْضَتْ
12
334
دَخْشَم
دَخْسَم
2
343
وما معها
وما معهما
13
345
اذلِيلاءً
إذلِيلاءً
1
346
حِميَرِيّاتٍ
حِمَيرِيّاتٍ
17
351
أذرَقت
أذرقَتَ
12
358
ذَكَرْتُ
دَكَرْتُ
10
360
يذْمَُر
يْذَمُر
11
360
واللام
والهاء واللام
11
364
تُذِيبها
تُذِبيها
8
367
تجنُّب
تحنُّب
14
409
ومِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ
ثُمَّ يُرَدُّ
13
411
أرْعَدْنا
أرَعَدْنا
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ(2/426)
1
422
الرَّفُود
الرَّفُوذ
12
439
بالحجَر
بالحجرَ
14
440
رَبَض
رَبَص
1
444
يترنَّحُ
يترنَّحَ
2
453
أُسْلِفَتْ
أَسْلِفَتْ
2
454
شبَّه
شبِّه
7
458
السَّير
السِّير
7
463
ولا أنسٍ
ولا أنسٌ
حاشية 2
466
وصدره في الجمهرة
وصدره الجمهرة
14
480
يُنْبِتُ
يُنْبِتْ
11
487
جَشَعٍ
جَشَعَ
15
490
الشاعر(2)
الشاعر
13
499
المئناث
المئنات
15
505
الأردُنّ
الاردُنّ
- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم -(2/427)
بسم الله الرحمن الرحيمِ
ــــــ
كتاب الزّاي
(باب ماجاء من كلام العرب أوله زاءٌ في المضاعف والمطابق)
(زط) الزاء والطاء ليس بشيء. وزُطّ(1): كلمةٌ مولَّدة.
(زع) الزاء والعين أصلٌ يدلُّ على اهتزازٍ وحركة. يقال: زَعْزَعْتُ الشيءَ وتَزعْزَعَ هو، إذا اهتزّ واضطرب. وسيرٌ زعزعٌ: شديد تهتز له الرِّكاب.
قال الهُذََليّ(2):
وتَرْمَدُّ هَمْلَجَةً زَعْزَعاً
كما انخَرَطَ الحَبْلُ فوق المَحَالِ
(زغ) الزاء والغين ليس بشيء. ويقولون: الزغزغة: السُّخْرِيَة.
زف - زق - زل
__________
(1) الزط، بالضم: جيل من الهند، معرب "جت" بالفتح. قال صاحب القاموس: "والقياس يقتضي فتح معربه". وقال الخوارزمي الكلام على طبقات الهند: "الزط هم حفاظ الطرق، وهم جنس من السند يقال لهم: جتان". انظر مفاتيح العلوم ص 74. وفي معجم استينجاس 356 أن "جت" اسم لجنس هندي حقير.
(2) هو أميّة بن أبي عائذ الهذلي. اللسان (زعع). وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ومخطوطة الشنقيطي 79.(3/1)
(زف) الزاء والفاء أصلٌ يدلُّ على خِفَّةٍ في كل شيء. يقال زَفَّ الظَّليم زفيفاً، إذا أسرع. ومنه زُفَّتِ العَروسُ إلى زوجها. وزفَّ القومُ في سَيرهم: أَسْرَعُوا. قال جلّ ثناؤه: { فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ } [الصافات 94]. والزَّفْزافة: الرِّيح الشديدة لها زفزفةٌ، أي خِفَّة. وكذلك الزَّفزَف(1). ويقولون لمن طاشَ حِلْمُهُ: قد زَفَّ رَأْلُه. وزِفُّ الطائر: صِغَار ريشه؛ *لأنه خفيف.
(زق) الزاء والقاف أصلٌ يدل على تضايُقٍ. من ذلك الزُّقاق، سمِّي بذلك لضيقهِ عن الشوارع.
ومن ذلك : زَقَّ الطائرُ فرخَهُ. ومنه الزِّقّ. والتزقيق في الجلد: أن يسلخ مِنْ قِبَلِ [العُنُق(2)].
(زل) الزاء واللام أصل مطّرد منقاسٌ في المضاعَف، وكذلك في كل زاءٍ بعدها لامٌ في الثلاثي. وهذا من عجيب هذا الأصل. تقول: زلَّ عن مكانه زَليلاً وزَلاًّ. والماء الزُّلال: العَذْب؛ لأنه يَزِلّ عن ظَهْرِ اللِّسانِ لِرقَّته. والزَّلَّة: الخطأ؛ لأن المخطئ زلَّ عن نَهْج الصَّواب، وتزلزَلت الأرضُ: اضطرَبت، وزُلْزِلَتْ زِلْزَالاً. والمِزَلَّة(3): المكان الدَّحْضُ. فأما الذِّئْبُ الأَزَلُّ، وهو الأَرْسَح، فقال ابنُ الأعرابيّ : سمِّي بذلك مِنْ قولهم زَلَّ إذا عدا. وهو القياس الصَّحيح ثم شُبِّهَتْ به المرأةُ الرَّصْعاء فقيل زَلاَّء. وإن كان الأَرْسَح كما قيل فهو قياسُ ما ذكرناهُ
زم - زن – زب
أيضاً، لأن اللّحم قد زلَّ عن مؤخَّره، وكذلك عن مؤخَّر المرأة الرَّسْحاء.
ومن الباب الزُّلْزُل(4) كالقَلِق؛ لأنَّه لا يستقرُّ في مكانه.
ومما شذّ عن الباب الزَّلَزِلُ: الأثاث والمتاع، على فَعَلِلٍ.
__________
(1) ويقال أيضاً ريح زفزفة وزفزاف.
(2) التكملة من المجمل.
(3) بكسر الزاي وفتحها.
(4) الزلزل بضم الزاءين : الغلام الخفيف. وفي المجمل: "الزلز" وليس هذا بابه.(3/2)
(زم) الزاء والميم أصلٌ واحدٌ، وهو يدلُّ على تقدُّم في استقامةٍ وقَصْد، من ذلك الزِّمام لأنه يتقدَّم إذا مُدَّ به، قاصداً في استقامة. تقول زَمَمْتُ البعير أزُمُّه. ويقال أمْرُ بني فلانٍ زَمَمٌ، كما يقال أَمَمٌ، أي قصدٌ. ويحلفون فيقولون: "لا والذي وجْهِي زَمَمَ بَيْتِه(1)"، يريدون تلقاءَه وقَصْدَه. والزَّمُّ: التقدُّم في السَّير.
ومما شذّ عن هذا الأصل الزِّمْزِمة: الجماعة من الناس. وقال الشيباني: الزِّمزيم: الجِلَّة من الإبل(2).
(زن) الزاء والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يُتفرّع ولا يُقاس عليها. يقال أَزنَنْتُ فلاناً بكذا، إذا اتَّهمتَهُ به. وهويُزَنُّ به. قال:
إن كنتَ أزنَنْتَنِي بها كَذِبَاً
جَزْءُ فلاقَيْتَ مِثلَها عَجِلاَ(3)
(زب) الزاء والباء أصلان: أحدهما يدل على وُفُورٍ في شَعَرٍ، ثم يحمل عليه. فالزَّبَب: طُول الشَّعَْر، وكثرتُهُ. ويقال بعيرٌ أزَبُّ. قال الشاعر:
زت
أثَرْت الغَيَّ ثم نزَعْت عَنْهُ
كما حادَ الأزبُّ عن الطِّعانِ
ومن ذلك عامٌ أَزَبُّ، أي خصيب.
والأصل الآخر: الزَّبيب، وهو معروف، ثم يشبَّه به، فيقال للنُّكتَتَيْنِ السّوداوينِ فوقَ عينَي الحيّة زبيبتان؛ وهو أخبثُ ما يكون من الحيّات: وفي الحديث: "يجيء كَنْزُ أحدِهِم يومَ القيامة شجاعاً أقرعَ له زَبيبتان". وربّما سمَّوا الزَّبَدَتَيْنِ زَبيبتين، يقال أنشَدَ فلانٌ حتَّى زَبَّبَ شِدْقاه، أي أزبدا.
قال الشاعر:
إنِّي إذا ما زَبَّبَ الأشداقُ
وكَثُرَ الضِّجاجُ واللَّقْلاقُ
__________
(1) انظر هذا اليمين في أيمان العرب للنجيرمي 15، والأمالي (3: 51)، واللسان (زمم 165)، والمخصص (13: 118)، والمزهر (2: 262).
(2) شاهده قول نصيب:
يعل بنيها المحض من بكراتها
ولم يحتلب زمزيمها المتجرثم
(3) لحضرمي بن عامر، كما في اللسان (زنن).(3/3)
ثَبْتُ الْجَنانِ مِرْجَمٌ وَدَّاقُ(1)
ومما شذَّ عن الباب الزَّبَاب: الفارُ، الواحدُ زبابة. وقد يحتمل، وهو بعيدٌ، أن يكون من الزَّبيب، وقد ذكرناه.
ومما هو شاذٌّ لا قياس له: زَبَّتِ الشمس وأزَبّت: دنت للغروب.
(زت) الزاء والتاء كلمةٌ لا قياس لها. يقال زَتَتُّ العروسَ، إِذا زيَّنتَها. قال:
بَنِي تَميمٍ زَهنِعُوا فتاتَكُمْ
إنَّ فتاةَ الحيِّ بالتَّزَتُّتِ(2)
وقد تزتَّتَتْ، أي تزيَّنت.
زج – زح – زخ - زر
(زج) الزاء والجيم أصلٌ يدلُّ على رِقَّةٍ في شيء، من ذلك زُجُّ الرُّمْح والسّهمِ، وجمعه زِجاج بكسر الزاء. يقال زَجَّجْتُه: جعلت له زُجّاً فإذا نزَعْت زُجَّهُ قلت: أزجَجْتُه(3).والزَّجَج: دِقَّةُ الحاجبينِ وحُسْنُهما. ويقال أنَّ الأزَجَّ من النعام: الذي فوق عينه ريشٌ أبيض.
(زح) الزاء والحاء يدلّ على البعد. يقال زُحْزِحَ عن كذا، أي بُوعِدَ. قال الله تعالى: { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ } [آل عمران 185]. أي بُوعِد.
(زخ) الزاء والخاء أُصَيلٌ يدلُّ على الدَّفْع والمبايَنَة. يقال زَخَخْتُ الشيءَ، إذا دفعتَهُ. وفي الحديث: "مَنْ نَبذَ القُرآنَ وراء ظَهرِهِ زُخَّ في قَفاه". وزَخَّها: جامَعَها. و*المِزَخَّة: المرأة. ومن الباب الزَّخَّة: الحِقد والغَيظ. قال:
فلا تَقْعُدَنّ على زَخَّةٍ
وتُضْمِرَ في القلبِ وَجْداً وَخِيفَا(4)
__________
(1) الرجز في اللسان (زبب، لقق)، وقائله هو أبو الحجناء نصيب الأصغر. انظر البيان والتبيين
(1: 125).
(2) البيت من تام الرجز. أنشده في اللسان (زهنع، زتت)، والمخصص (4: 54).
(3) ويقال زججه وأزجه بمعنى ، ولا يقال أزجه إذا نزع زجه.
(4) البيت لصخر الغي الهذلي. انظر ما سبق في حواشي (خيف: 235).(3/4)
(زر) الزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على شِدَّة. وشذَّ مِنْ ذلك الزِّرّ: زِرُّ القميص. ثم يشتقّ منه الزِّرُّ، يقال إنّه عظمٌ تحت القَلْب. قال ابن السكّيت: يقال للرّجلِ الحسن الرِّعْية للإبل: إنّه لَزِرٌّ من أزرارها. ومن الباب: زَرَّتْ عينهُ، إذا توقَّدَت. يقال عَيْناه تَزِرَّانِ في رأسهِ، إذا تَوقَّدَتا. ومن الباب الزَّرُّ: الشَّلُّ والطَّرد. يقال هو يزُرُّ الكتائبَ بسيفهِ زَرَّا. ومنه الزَّرُّ وهو العضُّ. يقال: حِمارٌ مِزَرٌّ. ويقال الزَّرّة الحَرْبَة(1). ومن الباب الزَّرِير، وهو الحَصيف السَّديد الرأي. والله أعلم بالصَّواب.
زعف – زعق
(باب الزاء العين وما يثلّهما)
(زعف) الزاء والعين والفاء أصيلٌ. يقال سُمٌّ زُعافٌ: قاتل. وموتٌ زُعافٌ: عاجل. ويشبه أنْ يكون هذا من الإبدال، وتكون الزاء مبدلةً من ذال. ويقال أزْعفته وزَعَفْتُهُ، إذا قتلتهُ. وحُكِيَ: زَعَفَ في حديثه. أي كذَب.
(زعق) الزاء والعين والقاف أصلٌ يدلُّ على شِدّةٍ في صياحٍ أو مرارةٍ أو مُلوحة. يقال طعام مزعوقٌ، إذا كُثِّرَ مِلْحُه. والماء الزُّعاق: المِلْح. فهذا في باب الطُّعوم.
وأما الآخَر فيقال زَعَقْتُ به، أي صِحْتُ به. وانْزَعَقَ، إذا فَزِعَ. والزَّعِق: النشيط الذي يَفْزَع معَ نشاطهِ. وفلان يَزْعَق دابّتَه، إذا طردهُ طرداً شديداً. ورجلٌ زَاعِق. وأزْعقه الخوفُ حتَّى زعق. قال:
*من غائلاتِ اللَّيلِ والهَوْلِ والزَّعِقْ(2)*
ويقال الزُّعاق النِّفار. يقال منه وَعِل زَعّاق. ومُهْرٌ مزعوق: نشيط يفزَع مَعَ نشاطِهِ. قال(3):
يارُبَّ مُهْرٍ مَزْعُوق
مُقَيَّلٍ أومَغبوقْ
من لَبَن الدُّهْمِ الرُّوقْ
__________
(1) لم ترد الكلمة بهذا المعنى في المعاجم المتداولة.
(2) البيت في اللسان (زعق). وهو لرؤبة في ديوانه 105. وقبله:
*تحيدُ عن أظلالها منَ الفرق*
(3) الرجز في اللسان: (زَعق، روقَ، ذَعْلَق)، والمخصص: (3: 115).(3/5)
زعك - زعل
حتَّى شتا كالذُّعْلُوقْ
أَسْرَعَ مِنْ طَرْفِ المُوقْ
وطائرٍ وذي فُوقْ(1)
وكلِّ شيءٍ مخلوقْ
(زعك) الزاء والعين والكاف أُصَيلٌ إن صحّ يدلُّ على تلبُّثٍ وحَقارةٍ ولُؤم. يقولون إنَّ الأَزْعَكِيَّ: الرَّجُلُ القصير اللئيم. وكذلك الزُّعْكُوك. قال الكِسائيّ: يقال للقوم زَعْكة، إِذا لَبِثُوا ساعةً(2). والزَّعاكيك من الإبل: المتردِّدَة الَخَلْق(3)، الواحدة زُعْكُوك. قال:
* تستنُّ أولادٌ لها زَعاكِيكْ(4) *
(زعل) الزاء والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على مَرَحٍ وقلّة استقرارٍ، لنشاطٍ يكون. فالزَّعَل: النّشاط. والزَّعِل: النشيط. ويقال أَزْعَلَهُ السِّمَنُ والرَّعْي. قال الهُذليّ(5):
أَكَلَ الجميمَ وطاوعتْه سَمحجٌ
مثلُ القَناةِ وأزعَلَتْهُ الأَمْرُعُ
وقال طرفة:
ومَكانٌ زَعِلٍ ظِلْمانُهُ
كالمَخَاض الْجُرْبِ في اليَوْمِ الخَصرْ(6)
زعم
ورُبَّما حُمِلَ على هذا فسُمِّي المتضوِّر من الجُوعِ زَعِلاً.
(زعم) الزاء والعين والميم أصلان: أحدهما القولُ من غير صِحَّةٍ ولا يقين، والآخر التكفُّل بالشيء.
__________
(1) في الأصل: "وطائر ذي" صوابه من المجمل. وذو الفوق: السهم، والفوق: موضع الوتر منه. يقول: قد غدا ذلك المهر أسرع من كل هذه الأشياء.
(2) في المجمل: "تلبثوا ساعة". وهذا المعنى لم يرد في اللسان. وفي القاموس: "ولهم زعكة لبثة".
(3) المترددة: المجتمعة الخلق.
(4) وكذا جاءت روايته في المجمل. لكن في اللسان: "زعاكك"؛ وعليه استشهاده.
(5) هو أبو ذؤيب الهذلي من قصيدته العينية في أول ديوانه؛ وفي المفضليات. وأُنشد البيت في اللسان (زعل، سعل، مرع). والمخصص: ( 3 : 114/ 13: 298).
(6) ديوان طرفة 66 واللسان (خدر).(3/6)
فالأوَّل الزَّعْم والزُّعْم(1). وهذا القولُ على غير صحّة. قال الله جلَّ ثناؤُهُ:
{ زَعَمَ الَّذِينَ كفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا } [التغابن 7]. وقال الشاعر:(2)
زَعمتْ غُدانَةُ أنَّ فيها سيِّدا
ضَخْمَاً يُوَارِيهِ جَناحُ الجُنْدَُبِ
ومن الباب: زَعَم في غير مَزْعَم، أي طمِع في غيرمَطْمَع. قال:
* زَعْماً لَعَمْرُ أبيكِ ليس بِمَزْعَمِ(3) *
ومن الباب الزَّعُوم، وهي الجَزُور التي يُشَكُّ في سِمنها فتُغْبَطُ بالأيدي(4). والتَّزَعُّم: الكذب.
والأصل الآخر: زَعَم بالشّيء، إذا كَفَلَ به. قال:
تُعاتِبُني في الرِّزْق عِرسي وإِنّما
على الله أرزاقُ العبادِ كما زَعَمْ(5)
أي كما كَفل. ومن الباب الزَّعَامة، وهي السِّيادة؛ لأنّ السيِّد يَزْعُمُ
زعب
بالأمورِ، أي يتكفل بها. وأصدَقُ مِنْ ذلك قولُ الله جلَّ ثناؤُهُ: { قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ المَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } [يوسف 72]. ويقال الزّعامة حَظّ السيِّد من المَغْنَم، ويقال بل هي أفضل المال. قال لبيد:
تَطِيرُ عَدائِدُ الإشراكِ وَِتْراً
وشَفْعَاً والزَّعامةُ للغُلامِ(6)
__________
(1) والزعم أيضاً، بالكسر، هو مثلث الزاي.
(2) هو الأبيرد الرياحي يهجو حارثة بن بدر الغداني. انظر الأغاني (12: 10) والحيوان (3: 398/ 6: 351)، وثمار القلوب: 325. وقيل هو زياد الأعجم. انظر الكنايات للجرجاني: 129.
(3) لعنترة بن شداد في معلقته. وصدره:
* علقتها عرضاً وأقتل قومها *
(4) غبط الشاة والناقة يغبطهما غبطاً، إذا جسهما لينظر سمنهما من هزالهما.
(5) لعمرو بن شاس، كما في اللسان. (زعم)، ورواية صدره فيه:
* تقول هلكنا إن هلكت وإنما *
(6) ديوان لبيد 129 طبع 1880 واللسان (عدد، شرك، زعم).(3/7)
(زعب) الزاء والعين والباء أصلٌ واحد يدلُّ على الدَّفْعِ والتّدافع. يقال من ذلك الزَّعْب الدَّفْع. يقال زعَبْتُ له زَعْبَةً من المال. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "وأَزْعَبُ لك زَعْبَةً من المال". ويقال جاء سيلٌ يَرْعَبُ الوادِي ـ هذا غير معجم ـ إذا مَلأَه. وجاء سيلٌ يَزْعَبُ، بالزَّاء، إذا تدافَعَ. ويقال إنَّ الزَّاعب السَّيَّاح في الأرض. قال ابن هَرْمَة:
* يكادُ يَهْلِكُ فيها الزّاعبُ الهاِدي(1) *
والزَّاعِبِيَّة: الرّماح. قال الخليل: هي منسوبة إلى زاعب. ولم يَظْهَرْ(2)عِلْمُ زاعبِ: أَرَجُلٌ أم بلد، إِلاّ أَنْ يولِّده مولّد. وقال غيره: الزَّاعِبيُّ هو الذي إذا هُزَّ تدافَعَ من أوّله إلى آخرِهِ، كأنَّ ذلك مَقِيسٌ على تزاعُب الماء في الوادي، وهو تدافُعُه. وهذا هو الصحيح. ويقال زَعَب الرَّجُلُ المرأةَ، إذا جامعها. وهذا هو بالراء أحسَنُ. وقد مضى.
وبقي في الباب كلمةٌ واحدةٌ إنْ صحّتْ فهي من باب الإبدال. يقولون: الزُّعْبُوب القصِير من الرِّجال، ولعلَّهُ أن يكون الذُّعبوب.
زعج – زعر – زغف - زغل
(زعج) الزاء والعين والجيم أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على الإقلاق وقلّة الاستقرار. يقال أَزْعَجْتُه أزْعِجُه إزعاجاً. ويقال أَزْعَجْتُه فشَخَص. قال الخليل: لو قيل انْزَعَجَ لكان صواباً.
(زعر) الزاء والعين والراء أُصَيلٌ يدلُّ على سُوء خُلُق وقلَّةِ خَير. فالزّعارة(3): شراسَة الخُلُق. وهو على وزن فَعالة. ومن الباب الأَزْعر: المكان القليل النَّبات. ويقال إنَّ الزعارة لا يُبنَى منها تصريفُ فعلٍ. ومن الباب الأزعر: القليل الشَّعر. والمرأة زَعْرَاء؛ وقد زَعِرَ يَزْعَر. واللهُ أعلم.
(باب الزاء والغين وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "يهلك فيه" صوابه من المجمل واللسان.
(2) في المجمل: "ولا أدري".
(3) يقال زعارة بتشديد الراء وتخفيفها.(3/8)
(زغف) الزاء والغين والفاء أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَعةٍ وفَضْل. من ذلك الزَّغْفة: الدرع؛ والجمع الزَّغْف، وهي الواسعة. وربما قالوا زَغَفة وزَغَف. قال:
أيمنَعُنا القومُ ماءَ الفُراتِ
وَفينا السُّيوفُ وفينا الزَّغَفْ(1)
ويقال رجل مِزْغَفٌ: نَهِمٌ رَغِيبٌ. قال الأصمعيّ: زَغَفَ في حديثه: زاد.
(زغل) الزاء والغين واللام أصلٌ يدلُّ على رَضاع وزَقٍّ وما أشبهه. يقال أَزْغَلَ الطّائِرُ فَرخَه، إذا زَقّه. قال ابن أحمر:
زغم – زغب – زغد – زغر
فأَزْغَلَتْ في حَلْقِهِ زُغْلَةً
لم تُخْطِئ الجِيدَ ولم تَشْفَتِرّْ(2)
قال: وهو من قولهم: أَزْغِلي له زُغْلةً من سِقائِك، أي صُبِّي له شيئاً مِنْ لَبَن. ويقال أَزْغَلَت المرأةُ من عَزْلائِها، أي صَبَّت.
ومما شذّ عن الباب: الزُّغلول من الرِّجال: الخفيف.
(زغم) الزاء والغين والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على ترديد صوتٍ خفيّ. قالوا: تزغَّمَ الجملُ، إذا ردَّدَ رُغَاءَه في خَفاءٍ ليس شديدا. ومنه التزَغم، وهو التَّغَضُّب، كأنه في غَضَبِهِ يردِّدُ صوتاً في نفسه. وذكرَ ناسٌ: تَزغَّمَ الفصيلُ لأمِّه، إذا حنَّ حنيناً خفياً.
(زغب) الزاء والغين والباء أُصَيْلٌ صحيح، وهو الزّغَب، أوّلُ ما ينبتُ من الرِّيش. وقد يُزْغِبُ الكَرْمُ، بعد جَرْيِ الماءِ فيه.
(زغد) الزاء والغين والدال أُصَيْلٌ يدل على تعصُّر في صوتٍ.
من ذلك الزَّغْد، وهو الهدير يتعصَّر فيه الهادرُ. وأصلهُ زغد عُكَّتَه، إذا عَصَرَها ليُخرِجَ سَمْنَها.
__________
(1) سبق البيت برواية أخرى في مادة (حجف). وهو هنا ملفق من بيتين. وفي وقعة صفين 184:
أيمنعنا القوم ماء الفرات
وفينا الرماح وفينا الحجف
وفينا الشوازب مثل الوشيج
وفينا السيوف وفينا الزغف
(2) الاشفترار: التفرق. وفي الأصل: "لم تشتفر"، صوابه من المجمل، واللسان (زغل، شفتر). وفي المجمل: "لم تظلم الجيد".(3/9)
(زغر) الزاء والغين والراء أُصَيْلٌ. يقال زَغَر الماءُ وزَخَر. وليس هذا عندي من جهةِ الإبدال؛ لأن قياسَ زَغَر قياسٌ صحيح، وسيجيء *في الرباعيّ ما
زفن - زفي – زفر
يصحِّحه. وذكر ابن دُريد(1) أنَّ الزّغر الاغتصاب؛ يقال زَغَرْت الشيء زَغْراً. قال: والزغْر فعلٌ مُماتٌ. وزُغَر: اسمُ امرأةٍ، يقال أن عين زُغَر إليها تُنْسَب(2).
(باب الزاء والفاء وما يثلثهما)
(زفن) الزاء والفاء والنون ليس عندي أصلاً، ولا فيه ما يُحتاج إليه. يقولون: الزَّفْن: الرَّقْص. ويقولون: الزّيفن(3): الشّديد. وليس هذا بشيء.
(زفي) الزاء والفاء والحرف المعتل يدلّ على خفّةٍ وسُرعة. من ذلك زَفَتِ الرِّيح التُّرابَ، إذا طردَتْهُ عن وجهِ الأرضِ. والزَّفيانُ: شِدَّة هُبوب الريح. ويقال ناقةٌ زَفَيانٌ: سريعة. وقوسٌ زَفيانٌ: سريعة الإرسال للسَّهم. ويقال زَفَى الظَّليمُ زَفْياً، إذا نشر جنَاحَه.
(زفر) الزاء والفاء والراء أصلان: أحدُهما يدلُّ على حِمْل، والآخر على صَوْتٍ من الأصوات.
فالأول الزِّفْر: الحِمْل، والجمع أزفار. وازْدَفَرَه(4)، إذا حمله، وبذلك سمِّي
زفل – زفت
الرجل زُفَر،لأنه يزدَفِر(5) بالأموال مطيقاً لها(6)، ومن الباب الزَّافرة: عشيرةُ الرَّجُل؛ لأنهم قد يتحمَّلون بعضَ ما ينُوبُهُ. وزَُفْرَة الفَرس: وسطُه. والزَّفْرُ:(7) القِرْبة، ومنه قيل للإماء التي تحمل القِرَب زوافر. ويقولون : الزُّفَر: الرجل السيِّد. قال:
__________
(1) الجمهرة (2 : 322).
(2) ذكر ابن دريد أن عين زعم: موضع بالشام. وقال ياقوت: "بمشارف الشام".
(3) زيفن، بكسر الزاء وفتح الفاء وتشديد النون، وبكسر الزاء وفتح الياء وسكون الفاء.
(4) في الأصل: "وازفره"، صوابه من المجمل.
(5) في الأصل "يزفر" صوابه من المجمل.
(6) في المجمل واللسان: "مطيقاً له" أي لذلك.
(7) في الأصل: " الزفرة"، وصوابه بطرح التاء، كما في المجمل واللسان والقاموس.(3/10)
* يأبى الظُّلامةَ منه النَّوْفلُ الزُّفَر(1) *
والقياس فيه كلِّه واحد. وزِفْر المسافر: جِهازه. ويقال الزُّفَر: النَّهر الكبير، ويكون سمِّي بذلك لأنَّه كثير الحملِ للماءِ.
(زفل) الزاء والفاء واللام هي الأَزْفَلة، وهي الجماعة. يقال جاؤوا بأَزْفَلَتهم، أي جماعتهم.
(زفت) الزاء والفاء والتاء ليس بشيء، إلاَّ الزِّفْت، ولا أدري أعربيٌّ أم غيره. إلاَّ [أنَّهُ] قد جاء في الحديث: "المُزَفَّت"(2)، وهو المطليُّ بالزِّفت. والله أعلم بالصواب.
زقم – زقل – زقو – زقب – زقن
(باب الزاء والقاف وما يثلثهما)
(زقم) الزاء والقاف والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على جِنْسٍ من الأَكْلِ. قال الخليل: الزَّقْمُ: الفِعْل، من أكل الزَّقُّومِ. والازْدِقَام: الابتلاع. وذكر ابن دريد(3) أنَّ بعض العرب يقول: تزقّم فلانٌ اللّبن، إذا أفرطَ في شُرْبِهِ.
(زقل) الزاء والقاف واللام ليس بشيء. على أنَّه حكِيَ عن بعض العرب: زَوْقَلَ فلانٌ عِمَامتَه، إذا أرخىطرَفَيْها من ناحيتَيْ رأسِه.
(زقو) الزاء والقاف والحرف المعتل أُصَيْلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. فالزَّقْو: مصدرُ زَقَا الدِّيك يَزْقُو، ويقال إن كلَّ صائحٍ زَاقٍ. وكانت العرب تقول: "هو أَثْقَلُ من الزّواقي"، وهي الدِّيَكة؛ لأنهم كانوا يَسْمُرون فإذا صاحت الدِّيكة تفرَّقُوا. والزُّقَاء: زُقَاء الدِّيك.
__________
(1) البيت لأعشى باهلة، في اللسان (زفَر) من قصيدة يرثي بها المنتشر بن وهب الباهلي. انظر الأصمعيات 89 طبع المعارف، وجمهرة أشعار العرب 135، ومختارات ابن الشجري 10 وأمالي المرتضى 3: 105-113 والخزانة: (1: 89-97). وسيعيده في (نفل). وصدره :
* أخو رغائب يعطيها ويسألها *.
(2) في اللسان: "في الحديث أنه نهى عن المزفت من الأوعية".
(3) الجمهرة (3: 14).(3/11)
(زقب) الزاء القاف والباء كلمة. يقال طريقٌ زَقَبٌ(1). أي ضيِّق.
(زقن) الزاء والقاف والنون ليس بشيء، على أنَّهم ربَّما قالوا: زَقَنْتُ الحِمْلَ أزقُنُه، إذا حَمَلْتَه.وأزقَنْتُ فلاناً: أعنتُهُ على الحِمْل. والله أعلم
بالصواب.
زكل – زكم – زكن - زكي
(باب الزاء والكاف وما يثلثهما)
(زكل) الزاء والكاف واللام ليس بأصل، وقد جاءت فيه كلمة: الزَّوَنْكَل من الرجال: القصير.
(زكم) الزاء والكاف والميم ليس فيه إلا الزُّكمَة والزُّكَام(2)، ويستعيرون ذلك فيقولون: فُلان زُكْمَة أبويه، وهو آخر أولادهما.
(زكن) : الزاء والكاف والنون أصلٌ يُختلَف في معناه. يقولون هو الظّنُّ، ويقولون هو اليقين. وأهل التحقيق من اللغويِّين يقولون: زكِنْتُ منك كذا، أي علِمْته. قال:
ولن يُراِجعَ قلبي حبَّهم أبداً
زَكِنْتُ منهم على مثل الذي زَكِنوا(3)
قالوا: ولا يقال أَزْكَنْت، على أن الخليل قد ذكر الإِزْكان. ويقال: إنَّ الزَّكَن الظَّنّ.
(زكي) الزاء والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدل على نَمَاءٍ وزيادة. ويقال الطَّهارة زكاة المال. قال *بعضهم: سُمِّيت بذلك لأنَّها مما يُرجَى به زَكاءُ المال، وهو زيادتهُ ونماؤه. وقال بعضُهم:سمِّيت زكاةً لأنّها طهارة. قالوا: وحُجّة ذلك قولُهُ جلَّ ثناؤُه: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }
[التوبة 103]. والأصل في ذلك كلِّه راجع إلى هذين المعنيين، وهما النَّماء
زكر – زكت - زلم
والطهارة. ومن النَّماء: زرْع زاكٍ، بيِّن الزكاء. ويقال هو أمْرٌ لا يَزْكُو بفلانٍ، أي لا يليق به. والزَّكا: الزَّوْج، وهو الشّفع.
__________
(1) وقيل الزقب. الطرق الضيقة. واحدتها زقبة. وقيل الواحد والجمع سواء.
(2) الزكمة والزكام، هو ذاك الداء المعروف في الأنف، ويقال له الأرض.
(3) البيت لقعنب بن أم صاحب، اللسان (زكن)، عدي الفعل بعلى لتضمينه معنى اطلعت.(3/12)
فأمَّا المهموز فقريبٌ من الذي قبله. قال الفرّاء: رجلٌ زُكَأةٌ(1): حاضِر النَّقد كثيرُهُ. قال الأصمَعيّ: الزُّكَأَةُ: الموسِر.
وممّا شذَّ عن الباب جميعاً قولهم: زَكَأَتِ الناقة بولدها تَزْكَأُ به زَكْأً، إذا رمَتْ به عند رجليها.
(زكر) الزاء والكاف والراء أُصَيلٌ إن كان صحيحاً يدلُّ على وِعاء يسمى الزُّكْرة. ويقال زَكَّرَ الصبيُّ وتزكَّر:امتلأ بطنُهُ.
(زكت) الزاء والكاف والتاء أصلٌ إن صحَّ. يقال زَكَتُّ الإناء: ملأته. والله أعلم.
(باب الزاء واللام وما يثلثهما)
(زلم) الزاء واللام والميم أصلٌ يدل على نَحَافةٍ ودِقّة في ملاسة. وقد يشذّ عنه الشيء. فالأصل الزَّلَمْ والزُّلَم: قِدْح يُسْتَقْسَمُ به. وكانوا يفعلون ذلك في الجاهليّة، وحُرِّمَ ذلك في الإسلام، بقوله جلّ ثناؤه: { وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا
بالأَزْلاَم } [المائدة 3]. فأمَّا قول لبيد:
* تَزِلُّ عن الثَّرَى أزلامُها (2) *
زلج - زلح
فيقال إنّه أراد أظلاف البقرة؛ وهذا على التشبيه.
ويقولون: رجلٌ مُزَلَّمٌ: نَحيف. والزَّلَمة: الهَنَة المتدلِّية من عُنُق الماعزة، ولها زَلمتان. والزَّلَمُ أيضاً: الزَّمَع التي تكون خَلْفَ الظِّلْف. ومن الباب المُزَلَّم: السيِّئ الغِذاء، وإِنَّما قيل له ذلك لأنه يَنْحَُف ويَدِقُّ. فأمَّا قولهم: "هو العبد زَُلْمَةً"(3)، فقال قومٌ: معناه خالصٌ في العُبودية، وكان الأصل أنَّه شُبِّه بِما خَلف الأظلاف من الزَّمَع . وأمَّا الأزْلَم الجَذَع، فيقال إنَّه الدَّهر، ويقال إنَّ الأسَد يسمَّى الأزلم الجَذَع.(4)
__________
(1) ضبطه في القاموس كصرد، وهمزة، وزكاء ـ كغراب.
(2) قطعة من بيت له في معلقته. وهو بتمامه:
حتى إذا انحسر الظلام وأسفرت
بكرت تزل عن الثرى أزلامها
(3) هو كغرفة وتمرة وشجرة ولمزة.
(4) كذا في الأصل: ولم أجده لغيره.(3/13)
(زلج) الزاء واللام والجيم أُصَيْلٌ يدلُّ على الاندفاع والدَّفْع. من ذلك المُزَلَّج من العيش، وهو المُدَافعُ بالبُلْغَة. والمُزَلَّج: الذي يُدفَع عن كلِّ خيرٍ من كِفَايةٍ وغَناء. قال:
دعَوْتُ إلى ما نابني فَأَجابَني
كريمٌ من الفِتْيانِ غيرُ مُزَلَّجِ
والزَّلْج: السُّرْعَة في المشْيِ وغيرِه، وكلُّ سريعٍ زالجٌ. وسَهْمٌ(1) زالجٌ: يتزَلّج من القَوس. والمُزَلَّج: المدفوع عن حَسَبه. فأمّا المِزْلاج فالمرأة الرَّسْحَاء، وكأنها شُبِّهت في دِقّتها بالسَّهم الزّالج.
(زلح) الزاء واللام والحاء ليس بأصل في اللغة منقاسٍ، وقد جاءت فيه كلماتٌ الله أعلَمُ بصحَّتها، يقولون: قَصعة زَلَحْلَحَةٌ، وهي التي لا قَعْرَ لها.
زلخ - زلع
وقال ابن السِّكيت: الزَّلَحْلَحُ من الرِّجال: الخفيف(2). وقالوا: الزَّلَحْلَحُ الوادي الذي ليس بعميقٍ: فإن كان هذا صحيحاً فالكلمةُ تدلُّ على تبسُّط الشَّيءِ من غير قعر يكون له.
(زلخ) الزاء واللام والخاء أصلٌ إنْ صحَ يدلُّ على تزلُّق الشَّيء. فالزَّلْخ: المَزَِلَّة. ويقال بئرٌ زَلُوخٌ، إذا كان أعلاها مَزَِلّة يُزْلِق مَنْ قام عليه. ويقال إنَّ الزَّلْخ: رفْعُك يدَك في رَمْي السهم إلى أقصى ما تقدِرُ عليه، تريد به الغَلْوة(3). قال:
* مِنْ مائةٍ زَلْخ بِمِرِّيخٍ غالْ(4) *
وقال بعضهم الزَّلْخُ: أقصى غايةِ المغَالي، ويقولون: إن الزُّلَّخَة عِلّة(5). وهو كلامٌ يُنْظَرُ فيه.
__________
(1) في الأصل: "ومنهم" صوابه في المجمل واللسان.
(2) ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.
(3) الغلوة: قدر رمية بسهم. وفي اللسان والتاج: "تريد به بعد الغلوة". لكن ورد هكذا في الأصل والمجمل.
(4) البيت في المجمل واللسان (مرخ، غلا).
(5) قال ابن سيده: وهو داء يأخذ في الظهر والجنب، وأنشد:
كأن ظهري أخذته زلخه
لما تمطى بالفرى المفضخه(3/14)
(زلع) الزاء واللام والعين أصلٌ يدلُّ على تَفَطُّرٍ وزَوَالِ شيء عن مكانه. فالزَّلَع: تفطُّر الجِلد. تَزَلَّعَت يدُهُ: تشقَّقَت. ويقال: زَلِعَت جراحته: فسدَتْ. قال الخليل: الزَّلَع: شُقاقُ ظاهِرِ الكفّ. فإن كانَ في الباطن فهو كَلَع. والزَّلْع: استلابُ شيءٍ في خَتْل.
زلف - زلق
(زلف) الزاء واللام والفاء يدلُّ* على اندفاعٍ وتقدمٍ في قرب إلى شيء. يقال من ذلك ازدَلَف الرجلُ: تقدَّم. وسمِّيَت مُزْدَلِفَة بمكة، لاقترابِ الناس إلى مِنَىً بعد الإفاضة من عَرَفات. ويقال لفُلانٍ عند فلانٍ زُلفَى، أي قرْبى. قال الله جلَّ وعزَّ: { وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى } [ص 25 و 40]. والزَّلف والزُّلْفَة: الدَّرجة والمنْزلة. وأزْلَفت الرجلَ إلى كذا: أدنَيته. فأما قولُ القائل:
حتى إذا ماءُ الصَّهاريجِ نَشَفْ
من بَعدِ ما كانت مِلاَءً كالزَّلَفْ(1)
فقال قومٌ: الزَّلَف: الأجاجِينُ الخُضْر. فإن كان كذا فإِنما سُمِّيَت بذلك لأن الماء لا يثبُت فيها عند امتلائِها، بل يندفع. وقال قومٌ: المزالف هي بلادٌ بين البرِّ والرِّيف. وإنّما سُمِّيت بذلك لقُرْبِها من الرِّيف. وأما الزُّلَف من الليل، فهي طوائفُ منه؛ لأنَّ كلَّ طائفةٍ منها تقربُ من الأخرى.
(زلق) الزاء واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تزلُّج الشيء عن مقامهِ. من ذلك الزَّلَق. ويقال أَزْلَقَتِ الحامل، إذا أَزْلَقَتِ ولدَها. ويقال ـ وهو الأصحُّ ـ إِذا ألقَتِ الماء ولم تقبَلْهُ رَحِمُها. والمَزْلَقَة والمَزْلَق: الموضع لا يُثْبَت عليه. فأمَّا قَولُه جلَّ ثناؤُه: { وَإِنْ يَكَادُ الَّذينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ } [القلم 51]. فحقيقة معناه أنَّه مِنْ حِدّة نظرِهما حَسَدَاً، يكادون يُنحُّونَك عن مكانِك. قال:
__________
(1) الرجز للعماني ، كمافي اللسان (زلف).(3/15)
* نظراً يُزيل مواطئ الأقدامِ(1) *
زمن
ويقال إنَّ الزَّلِق: الذي إذا دنا من المرأة رَمَى بِمائِهِ قبل أن يَغْشاها. قال:
* إنَّ الزُّبير زَلِقٌ وَزُمَّلِق(2) *
وقال ابنُ الأعرابيّ: زَلَقَ الرَّجلُ رأسه: حَلَقه. فأما قولُ رُؤبة:
* كَأَنّها حَقْبَاءُ بَلْقَاءُ الزَّلَقْ(3) *
فيقال إنّ الزَّلَق العَجُز منها ومِنْ كلِّ دابة. وسُمِّيت بذلك لأنَّ اليدَ تَزْلَقُ عنها، وكذلك ما يصيبُها من مَطَرٍ وندى. والله أعلم.
(باب الزاء والميم وما يثلثهما)
(زمن) الزاء والميم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على وَقتٍ من الوقت. من ذلك الزَّمان، وهو الحِين، قليلُهُ وكثيرُهُ. يقال زَمانٌ وزَمَن، والجمع أَزمانٌ وأزمنَة. قال الشَّاعر في الزّمن:
وكنتُ امرأً زَمَناً بالعرَاقِ
عَفيف المُناخِ طويلَ التَّغَنّْ(4)
وقال في الأزمان:
*أزمانَ لَيْلَى عامَ لَيْلَى وَحَمي(5)*
زمت – زمج – زمح – زمخ - زمر
__________
(1) البيت في البيان والتبيين: (1: 11)، من مكتبة الجاحظ. وأنشده في اللسان (قرض، زلق)، وصدره:
* يتقارضون إذا التقوا في موطن *.
(2) هو للقلاخ بن حزن المنقري. وكذا أنشده في اللسان (زملق)، والمخصص (5: 115): "إن الحصين". على أنه ذكر أن صواب روايته: "إن الجليد" وهو الجليد الكلابي. وذلك لأن في الرجز:
* يدعى الجليد وهو فينا الزملق *.
(3) سبق إنشاد البيت في (حقب)، وسيعيده في (غني). وهو في ديوانه 104 واللسان (حقب، زلق)، والمخصص (6: 143).
(4) التغني: الاستغناء. والبيت للأعشى في ديوانه 22 واللسان (غنا) والمخصص ( 12: 276).
(5) أنشده في اللسان (وحم). وقال: "والوحم: اسم الشيء المشتهى". وكذا أنشده في المخصص
(1: 19)، قال: "يقول : ليلى هي التي تشتهيها نفسي". وهو للعجاج في ديوانه 58.(3/16)
ويقولون: "لقيتُهُ ذات الزُّمَيْن" يُراد بذلك تراخِي المُدّة. فأما الزّمانة التي تصِيب الإنسانَ فتُقْعِده، فالأصلُ فيها الضّاد، وهي الضَّمَانة. وقد كُتِبَتْ بقياسها في الضّاد.
(زمت) الزاء والميم والتاء ليس أصلاً؛ لأنَّ فيه كلمةً وهي من باب الإبدال. يقولون رجلٌ زَمِيت وزِمِّيت، أي سِكّيت. والزاء في هذا مبدلة من صاد، والأصل الصَّمْت.
(زمج) الزاء والميم والجيم ليس بشيء. ويقولون: الزُّمَّج: الطائر(1). والزِّمِجَّى: أصل ذَنَب الطّائر. والأصل في هذا الكاف: زِمِكَّى. ويقال زَمَجْتُ السِّقاء: ملأتُهُ. وهذا مقلوبٌ، إنما هو جَزَمْتُهُ. وقد مضى ذِكرُه.
(زمح)(2) الزاء والميم والحاء كلمةٌ واحدة. يقولون للرّجُل القَصير: زُمَّح.
(زمخ) الزاء والميم والخاء ليس بأصل. قال الخليل: الزامخ الشّامخ بأنفه. والأُنُوف الزُّمّخ: الطوال. وهذا إن كان صحيحاً فالأصل فيه الشين "شمخ".
(زمر) الزاء والميم والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على قِلّة الشيء، والآخر جنسٌ من الأصوات.
فالأوّل الزَّمَر: قلّة الشِّعَْر. والزَّمِر: قليل الشَّعرْ. ويقال رجلٌ زَمِرُ المروءة، أي قليلها.
زمع
والأصل الآخر الزَّمْر والزِّمار: صوت النعامة. يقال زَمَرت تَزْمُر وتَزْمِر زِماراً.
وأما الزَّمَّارة التي جاءت في الحديث: "أنَّه نَهَى عن كسْب الزَّمَّارة" فقالوا: هي الزَّانية. فإنْ صحَّ هذا فلعل نَغْمتها شُبّهت بالزَّمْر. على أنهم قد قالوا إنما هي الرّمّازة: التي ترمِز بحاجبيها للرجال. وهذا أقرب.
(زمع) الزاء والميم والعين أصلٌ واحد يدلّ على الدُّون والقِلّة والذِّلّة.
__________
(1) أي الطائر المعهود، وهو طائر دون العقاب يصاد به. وفي المجمل: "طائر".
(2) وردت هذه المادة في الأصل بعد (زمت)، ورددتها إلى هذا الترتيب وفقاً لنظام ابن فارس ولما ورد في المجمل.(3/17)
من ذلك الزَّمَع، وهي التي تكون خَلف أظلاف الشّاء. وشبه بذلك رُذَال الناس. فأمّا قول الشمَّاخ:
* عكرِشَةٍ زَمُوعِ(1) *
فالعِكرشة الأُنثى من الأرانب. والزَّمُوع: ذات الزَّمَعات. فهذا هذا الباب.
وأمّا قولهم في الزَّماع، وأزْمَع كذا، فهذا له وجهان: أحدهما أن يكون مقلوباً من عزم، والوجه الآخَر أن تكون الزاء [مبدلةً] من الجيم، كأنّهُ مِن إجماع القوم وإجماع الرأي.
ومن الباب قولهم للسّريع(2) : زميع. وينشدون:
زمق – زمك – زمل
* داعٍ بعاجلةِ الفِراقِ زَميعُ(3) *
قالوا: والزّميع الشجاع الذي يُزْمِع ثم لا ينثني، والجميع الزُّمَعاء. والمصدر الزَّمَاع. قال الكسائيّ: رجلٌ زَمِيع الرّأي، أي جيِّده. والأصلُ فيه ما ذكرتُهُ من القلب أو الإبدال.
وأمَّا الزَّمَع الذي يأخذُ الإنسانَ كالرِّعدة، فهو كلامٌ مسموع، ولا أدري ما صحَّتُهُ، ولعلَّهُ أن يكون من الشاذّ عن الأصل الذي أصَّلتُهُ.
(زمق) الزاء والميم والقاف ليس بشيء، وإن كانوا يقولون: زَمَقَ شَعَره، إذا نَتَفه. فإنْ صَحَّ فالأصل زَبقَ. وقد ذكر.
(زمك) الزاء والميم والكاف. ذكر ابنُ دريد وغيره أنَّ الزاء والميم والكاف تدلُّ على تداخُل الشيء بعضه في بعض. قال: ومنه اشتقاق الزِّمِكَّى، وهي مَنْبِت ذنَب الطائر.
(زمل) الزاء والميم واللام أصلان: أحدهما يدلُّ علىحَملِ ثِقْل من الأثقال، والآخر صوتٌ.
__________
(1) جزء من بيت له ديوانه 61 واللسان (زمع)، وهو:
فما تنفك بين عويرضات
تجر برأس عكرشة زموع
(2) في الأصل (للسرمع) صوابه من المجمل واللسان.
(3) البيت بتمامه كما في اللسان (زمع):
ودعا ببينهم غداة تحملوا
داع بعاجلة الفراق زميع(3/18)
فالأول الزَّامِلة، وهو بعيرٌ يستظهِرُ به الرَّجل، يحملُ عليه متاعَه. يقال ازدَمَلْت(1) الشّيءَ، إذا حملتَه. ويقال عِيالاتٌ أَزْمَلَةٌ، أي كثيرة. وهذا من الباب، كأنَّهُمْ كَلُّ أحمالٍ، لا يضطلعون ولا يطيقون أنفسَهم.
زني
ومن الباب الزُّمَّيل، وهو الرجل الضعيف، الذي إِذا حَزَبهُ أمرٌ تَزَمَّلَ، أي ضاعَفَ عليه الثِّياب حتَّى يصير كأنّه حِمْل. قال أُحيحة:
لا وأبيك ما يُغنِي غَنائِي
من الفِتيانِ زُمَّيل كَسُولُ(2)
والمُزَامَلة: المعادلة(3) على البعير.
فأمّا الأصل الآخَر فالأزْمَلُ، وهو الصّوتُ في قول الشاعر:
* لها بعد قِرَّاتِ العَشيّاتِ أَزْمَلُ *
ومما شذّ عن هذين الأصلين الإِزْمِيل: الشَّفْرَة(4). ومنه أخذت الشيءَ بأَزْمَلِه.
(باب الزاءِ والنون والحرف المعتل)
(زني) الزاء والنون والحرف المعتل لا تتضايف، ولا قياس فيها لواحدةٍ على أخرى. فالأوَّل الزِّنَى، معروف. ويقال إنّه يمدّ ويقصر. وينشد للفرزدق:
أبا حاضِرٍ مَنْ يَزْنِ يُعرَف زنَاؤُهُ
ومن يَشْرَبِ الخمر لا بدّ يَسْكرُ(5)
زنج – زنح – زند
ويقال في النسبة إلى زِنَىً زِنَويّ، وهو لزِنْيَةٍ وزَنْيَةٍ، والفتح أفصح.
والكلمة الأخرى مهموز. يقال زَنَأت في الجبل أزنأ زُنُوءَاً وزَنْأً. والثالثة: الزَّنَاء، وهو القصير من كلِّ شيء. قال:
__________
(1) في الأصل: "أزملت"، صوابه من اللسان (13-331).
(2) أنشده في المجمل (زمل).
(3) المعادلة: أن يكون عديلاً له. وفي الأصل: "المعاملة". صوابها من المجمل واللسان.
(4) قيده في اللسان بشفرة الحذّاء. وأنشد لعبدة بن الطبيب:
عيرانة ينتحي في الأرض منسمها
كما انتحى في أديم الصرف إزميل
(5) كذا ورد إنشاده في الأصل محرفاً. والذي في الديوان 383 واللسان (زنا، سكر):
*ومن يشرب الخرطوم يصبح مسكرا *.
وقبله:
أبا حاضر ما بال برديك أصبحا
على ابنةِ فروج رداء ومئزرا(3/19)
وتُولجُ في الظِّلِّ الزَّنَاء رؤوسَها
وتحسَِبُها هِيماً وهنَّ صحائحُ(1)
وقال آخر(2):
وإِذَا قُذِفْتُ إلى زَنَاءٍِ قعْرُها
غبراءَ مُظْلِمةٍ منَ الأحْفارِ(3)
والرابعة: (الزَّنَاء)(4): الحاقن بولَه. ونهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنْ يصلي الرجل وهو زَنَاء.
(زنج) الزاء والنون والجيم ليس بشيء. على أَنهم يقولون الزَّنَج: العطش، ولا قياس لذلك.
(زنح) الزاء والنون والحاء كالذي قبله. وذكر بعضهم أن التزَنُّح التفتُّح في الكلام.
(زند) الزاء والنون* والدال أصلان: أحدهما عضو من الأعضاء، ثم يشبه به. والآخَر دليلُ ضيقٍ في شيء.
زنر - زنق
فالأوَّل الزَّند، وهو طَرَف عظم الساعد، وهما زَنْدان، ثم يشبه به الزند الذي يُقدَح به النار، وهو الأعلى، والأسفل الزَّنْدَة.
والأصل الآخر: المُزَنَّد؛ يقال ثوبٌ مُزَنَّد، إذا كان ضيّقاً؛ وحوضٌ مُزنّدٌ مثله. ورجلٌ مزنَّد: ضيِّق الخُلُقِ. قال ابن الأعرابي: يقال(5) تزنَّد فلانٌ، إذا ضاقَ بالجوابِ وغضِب. قال عديّ:
* فقُلْ مثلَ ما قالوا ولا تتَزَنَّدِ *
ومن الباب المُزَنَّد، وهو الحمِيل،(6) يقال زنَّدْتُ الناقة، إذا خَلَّلت أشاعرها بأخِلّة صغار، ثُمَّ شددتَها بشَعر، وذلك إذا انْدحفت رحِمُها بعد الولادة.
__________
(1) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (زنأ).
(2) هو الأخطل. ديوانه 81 واللسان (زنأ).
(3) الأحفار: جمع حفر بالتحريك، وهو المكان المحفور. وقبل البيت في ديوانه:
بأبي سليمان الذي لولا يد
منه علقت بظهر أحدب عاري
(4) الزّناء كسحاب، بتخفيف النون.
(5) في الأصل: "مقابل".
(6) الحميل: بالحاء المهملة، وهو الدعي في النسب. في الأصل: "الجميل" صوابه في المجمل.(3/20)
(زنر) الزاء والنون والراء ليس بأصلٍ؛ لأنّ النون لا يكون بعدها راء. على أنّ في الباب كلمة. يقولون: إن الزَّنانِير الحصى الصِّغار إذا هبَّت عليها الريحُ سمعتَ لها صَوتاً. [والزَّنَانِير: أرضٌ بقرب جُرَشَ].(1) وقال ابن مقْبل:
*زَنَانِيرُ أَرواحَ المصيفِ لها (2) *
(زنق) الزاء والنون والقاف أصل يدلُّ على ضيقٍ أو تضْييق. يقولون: زَنَقْت الفَرسَ، إذا شَكَلْته في قوائمه الأربع. والزَّنقَة كالمدخل في السِّكّة(3) وغيرها في ضيق وفيها مَيل. ويقال لضربٍ من الحُليّ زِنَاقٌ.
زنك – زنم - زهو
(زنك) الزاء والنون والكاف ليس أصلاً ولا قياسَ له. وقد حُكِيَ الزَّوَنَّك: القصير الدَّميم.
(زنم) الزاء والنون والميم أصلٌ يدلُّ على تعليق شيء بشيء. من ذلك الزَّنيم، وهو الدَّعِيُّ. وكذلك المُزَنَّمُ؛ وشُبّه بزنَمَتَي العنز، وهما اللتان تتعلَّقان من أذنها. والزَّنَمة: اللَّحمة المتدلّية في الحلْق. وقال الشاعر في الزَّنيم:
زَنيمٌ تَداعاهُ الرِّجالُ زيادةً
كما زِيدَ في عَرضِ الأديمِ الأكارعُ(4)
(باب الزاءِ والهاءِ والحرف المعتل)
(زهو) الزاء والهاء والحرف المعتل أصلان: أحدها يدلُّ على كِبْر وفَخْر، والآخر على حُسْن.
فالأوَّل الزَّهْو، وهو الفخر. قال الشاعر(5):
مَتى ما أشأ غير زَهْوِ الملوكِ
أجعلْكَ رَهطا على حُيَّضِ
ومن الباب: زُهِيَ الرجل فهو مَزْهوٌّ، إذا تفخَّر وتعظّم.
__________
(1) التكملة من الجمل، ويقتضيها الاستشهاد بالبيت التالي.
(2) قطعة من بيت له، وهو بتمامه كما في اللسان ومعجم البلدان (406) :
تهدى زنانير أرواح المصيف لها
ومن ثنايا فروج الغور تهدينا
ج
(3) في الأصل: "التكة"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) للخطيم التميمي. وهو شاعر جاهلي، كما في اللسان (زنم).
(5) هو أبو المثلم الهذلي، كما في اللسان (رهط، زهو)، وقد سبق البيت في (2: 450).(3/21)
ومن الباب: زَهَتِ الريح النباتَ، إذا هَزَّتْهُ، تَزْهاه. والقياس فيه أن المعْجَب(1) ذَهَبَ بنفسه متمايلاً(2).
زهد
والأصل الآخر: الزَّهو، وهو المنظر الحسَن. من ذلك الزَّهْو، وهو احمرار ثمر النخل واصفرارُهُ. وحكى بعضهم زَهَى وأَزْهَى. وكان الأصمعيُّ يقول: ليس إلاَّ زَهَا. فأمَّا قول ابن مُقْبِل:
ولا تقولَنَّ زَهْوَاً ما تُخَبِّرُني
لم يترك الشيبُ لِي زَهْوَاً ولا الكِبرُ(3)
فقال قوم: الزَّهو: الباطل والكَذِب، والمعنى فيه أنَّه من الباب الأول، وهو من الفخر والخُيَلاء.
وأما الزُّهَاء فهو القَدْر في العَدَد، وهو ممّا شذ عن الأصلين جميعاً.
(زهد) الزاء والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على قِلّةِ الشيء. والزّهِيد: الشيء القليل. وهو مُزْهِدٌ: قليل المال.(4) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أفضلُ النّاسِ مؤْمِنٌ مُزْهِدٌ" وهو المُقِلُّ، يقال منه: أَزْهَد إِزْهَاداً. قال الأعشى:
فلَنْ يَطْلبُوا سِرَّها للغِنَى
ولن يسلِموها لإزهادها(5)
قال الخليل: الزَّهادة في الدُّنيا، والزُّهْد في الدِّين خاصة. قال اللِّحياني: يقال رجل زَهيدٌ: قليل المَطعَم، وهو ضيِّق الخُلُقِ أيضاً. وقال بعضهم الزَّهِيد: الوادي القليل الأخذ للماء. والزَّهَاد: الأرض التي تَسيلُ من أدنى مطر.
وممّا يقرُبُ من الباب قولهم: "خُذْ زَهْدَ ما يكفِيكَ"، أي قَدْرَ ما يكفِيك
زهر – زهم
ويُحكى عن الشيبانِيّ ـ إن صح فهو شاذٌّ عن الأصل الذي أصّلناه ـ قال: زَهَدْت النَّخْلَ، وذلك إذا خَرَصْتَه.
__________
(1) في الأصل "المعجب".
(2) في الأصل: "زهت بنفسه متمائلا".
(3) روايته في اللسان: "ولا العور". ورواية الصحاح تطابق رواية ابن فارس.
(4) في الأصل: "الماء" صوابه من المجمل واللسان.
(5) ديوان الأعشى 56 واللسان (زهد). وفي شرح الديوان: "قرأت على أبي عبيدة لإزهادها، فلما قرأتُ عليهِ الغريب قال: لأزهادها، بالفتح".(3/22)
(زهر) الزاء والهاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حُسنٍ وضِياء وصفاء. من ذلك الزُّهَرة: النجم. ومنه الزَّهْر، وهو *نَور كلِّ نبات؛ يقال أزهر النّبات. وكان بعضهم(1) يقول: النّور الأبيضُ، والزّهر الأصفر، وزَهْرَة الدُّنيا: حُسْنها. والأزهر: القمر. ويقال زَهَرَت النّارُ: أضاءت، ويقولون: زَهَرَتْ بك ناري.
ومما شذّ عن هذا الأصل قولُهم: ازدهرتُ بالشيء، إذا احتفظتَ به. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي قَتادة في الإناء الذي أعطاه: "ازْدَهِرْ بِهِ فإنَّ له شأناً"، يريد احتفظ به . وممكنٌ أن يُحمَل هذا على الأصل أيضاً؛ لأنه إذا احتفظ به فكأنّه من حيثُ استحسنه. وقال:
* كما ازْدَهَرَت (2)*
ولعل المِزْهَر الذي هو العُود محمولٌ على ما ذكرنَاه من الأصل؛ لأنّه قريب منه.
(زهم) الزاء والهاء والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَمِن وشحمٍ وما أشبه ذلك. من ذلك الزَّهَم، وهو أن تَزْهَم اليدُ من اللّحم. وذكر ناسٌ أنَّ الزُّهْم شَحم الوحش، وأنَّه اسمٌ لذلك خاصَّة، ويقولون للسَّمين زَهِمٌ. فأمّا قولُهم في
زهق
الحكاية عن أبي زيدٍ أن المزَاهَمة القُرب، ويقال زَاهَمَ فلانٌ الأربعينَ، أي داناها، فممكنٌ أن يُحمَل على الأصل الذي ذكرناه، لأنّه كأنّه أراد التلطُّخ بها ومُماسّتها. ويمكن أنْ يكون من الإبدال، وتكون الميم بدلاً من القاف، لأنَّ الزاهق عَيْنُ السّمين(3). وقد ذكرناه.
__________
(1) هو ابن الأعرابي ، كما في اللسان (زهر).
(2) قطعة من بيت في اللسان (زهر) وهو بتمامه:
كما ازدهرت قينة بالشراع
لأسوارها عل منها اصطباحا
(3) في الأصل: "عند السمين"، وانظر س 13 من هذه الصفحة.(3/23)
(زهق) الزاء والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدّم ومضيّ وتجاوز. من ذلك زَهَقَتْ نفسه. ومن ذلك: [زَهَقَ] الباطل، أي مضى. ويقال زَهَقَ الفرسُ أمامَ الخيل، وذلك إذا سَبَقَها وتقدَّمها. ويقال زَهَقَ السّهم، إذا جَاوَزَ الهَدَف. ويقال فرسٌ ذات أَزَاهيقَ، أي ذات جَرْيٍ وسَبْقٍ وتقدم.
ومن الباب الزَّهْق، وهو قَعْرُ الشيء؛ لأن الشيء يزهق فيه إذا سقط. قال رؤبة:
* كأنَّ أيديَهنَّ تَهْوِي بالزَّهَق(1) *
فأمَّأ قولهم: أَزْهَقَ إِناءَه، إذا ملأَه، فإن كان صحيحاً فهو من الباب؛ لأنه إذا امتلأ سَبَقَ وفاضَ ومَرَّ. ومن الباب الزَّاهق، وهو السَّمِين، لأنَّه جاوزَ حدّ الاقتصاد إلى أن اكتنَزَ من اللحم(2). ويقولون: زَهَقَ مخُّه: اكتنَز. قال زُهير في الزَّاهق:
القائدُ الخيلَ منكوباً دوابِرُها
منها الشَّنُونُ ومنها الزَّاهِقُ الزَّهِمُ(3)
ومِنَ الباب الزَّهُوق، وهو البئر البعيدة القعر.
زهف – زهل – زهك
فأما قولهم: النَّاسُ زُهاقُ مائة، فممكن إن كان صحيحاً أن يكون من الأصل الذي ذكرنا، كأنَّ عددَهم تقدَّمَ حتَّى بلغ ذلك. وممكن أن يكون من الإبدال، كأنَّ الهمزة أُبْدِلَتْ قافاً. ويمكن أن يكون شاذّاً.
(زهف) الزاء والهاء والفاء أصلٌ يدلُّ على ذهاب الشيء. يقال ازدهَفَ الشيءَ، وذلك إذا ذَهَبَ به. قالت امرأةٌ من العرب:
يا من أحسَّ بُنَيَّيَّ اللذين هما
سَمعِي ومُخّي فمُخّي اليوم مزدَهَفُ(4)
ويقال منه أَزْهَفَهُ الموتُ، ومن الباب ازدَهَفه، إذا استعجَلَه. قال:
قولك أقوالاً مع التَّحلافِ
فيه ازدهافٌ أيما ازدهافِ(5)
__________
(1) ديوان رؤبة 106 واللسان (زهق).
(2) في الأصل: "إلى أكثر من اللحم".
(3) ديوان زهير 153 واللسان (زهق).
(4) في اللسان (زهف):
بل من أحسَّ بريمي اللذين هما
قلبي وعقلي فعقلي اليوم مزدهف.
(5) الرجز لرؤبة في ديوانه ص 100.(3/24)
وقال قوم: الازدهاف التزيُّد في الكلام. فإن كان صحيحاً فلأنّه ذَهابٌ عن الحقّ ومجاوزةٌ له.
(زهل) الزاء والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على ملاسةِ الشَّيء. يقال فرس زُهْلول، أي أملس.
(زهك) الزاء والهاء والكاف ليس فيه شيء إلا أن ابنَ دريد ذكر أنهم يقولون: زَهَكت الرِّيح التّرابَ، مثل سَهَكَتْ.
زوي
(باب الزاء والواو وما يثلثهما)
(زوي) الزاء والواو والياء أصلٌ يدلُّ على انضمامٍ وتجمُّع. يقال زوَيت الشَّيءَ: جمعته. قال رسول الله *صلى الله عليه وآله: "زُوِيتِ الأرضُ فأُرِيتُ مَشارِقَها ومغارِبَها، وسيبلغُ مُلْكُ أمّتي ما زُوِيَ لي منها". يقول: جُمِعَت إِليّ الأرضُ. ويقال زَوَى الرجلُ ما بين عينيه، إِذا قبضَه. قال الأعشى:
يزيدُ يَغضُّ الطَّرْف دُوني كأنَّما
زَوَى بين عينيه عليَّ المحاجمُ(1)
فلا ينبسِطْ مِن بين عينَيكَ ما انزَوَى
ولا تَلقَني إلاّ وأنفُكَ راغمُ
ويقال انْزَوتِ الجِلدةُ في النار، إذا تَقَبَّضت. وزَاوية البيت لاجتماع الحائِطَين(2). ومن الباب الزِّيّ: حُسْن الهيئة. ويقال زوى الإِرثَ عن وارثِه يَزوِيه زَيّاً.
ومما شذَّ عن هذا الأصل ولا يُعلم له قياسٌ ولا اشتقاق: الزَّوْزَاة: حُسن الطرد(3)، يقال زَوْزَيْتُ به.
ويقال الزِّيزَاء: أطراف الرِّيش. والزِّيزاةُ: الأكَمة، والجمع الزِّيزاء، والزَّيازِي، في شعر الهذليّ(4):
زوج - زوح
* ويوفِي زَيازِيَ حُدْبَ التّلالِ *
ومن هذا قدرٌ زُوَزِيَةٌ، أي ضخمة(5).
__________
(1) ديوان الأعشى 58 واللسان (زوى).
(2) في المجمل: "وزاوية البيت سميت للاجتماع".
(3) في المجمل واللسان: "شبه الطرد".
(4) هو أسامة بن الحارث الهذلي من قصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ونسخة الشنقيطي 79. وصدر البيت:
* وظل يسوف أبوالها *
(5) حق هذه الكلمة وما قبلها من أول هذه الفقرة أن يكون في مادة (زبز).(3/25)
وممَّا لا اشتقاقَ له الزَّوْء، وهي المَنِيّة(1).
(زوج) الزاء والواو والجيم أصلٌ يدلُّ على مقارنَة شيءٍ لشيء. من ذلك [الزّوج زوج المرأة. والمرأةُ(2)] زوج بعلِها، وهو الفصيح. قال الله جل ثناؤه:
{ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ } [البقرة 35، الأعراف 19]. ويقال لفلانٍ زوجانِ من الحمام، يعني ذكراً وأنثى. فأمّا قولُه جلّ وعزّ في ذِكْر النبات: { مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [الحج 5، ق7]، فيقال أراد به اللَّون، كأنَّه قال: من كل لونٍ بهيج. وهذا لا يبعد أن يكون مِن الذي ذكرناه؛ لأنه يزوَّج غَيْرَه ممّا يقاربه. وكذلك قولهم للنَّمَط الذي يُطرَح على الهودج زَوج؛ لأنَّه زوجٌ لما يُلْقَى عليه. قال لبيد:
مِن كل محفوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ
زَوْجٌ عليه كِلّةٌ وقِرامُها(3)
(زوح) الزاء والواو والحاء أصلٌ يدلُّ على تنَحٍّ وزوال . يقول زاح عن مكانه يزُوح، إذا تنحَّى، وأزحتُه أنا. وربَّما قالوا: أزاح يُزِيح.
زود – زور
(زود) الزاء والواو والدال أصلٌ يدل على انتقالٍ بخير، من عملٍ أو كسبٍ. هذا تحديدٌ حَدَّهُ الخليل. قال كلُّ مَن انتقل معه بخيرٍ مِنْ عملٍ أو كسب فقد تزوَّد. قال غيره: الزَّود: تأسيس الزّاد، وهو الطعام يُتَّخَذ للسَّفر. والمِزْوَد: الوعاء يُجْعَل للزاد. وتلقب العَجم برِقاب المَزاوِدِ.
(زور) الزاء والواو والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على المَيْل والعدول. من ذلك الزُّور: الكذب؛ لأنه مائلٌ عن طريقَةِ الحق. ويقال زوَّرَ فلانٌ الشَّيءَ تزويراً. حتَّى يقولون زوَّر الشيءَ في نفْسه: هيّأَهُ، لأنَّهُ يَعدِل به ِعن طريقةٍ تكون أقربَ إلى قَبولِ السامعِ. فأمَّا قولهم للصَّنم زُور فهو القياس الصحيح. قال:
* جاؤوا بزُورَيْهِمْ وجئنا بالأَصَمّْ(4) *
__________
(1) في الأصل: "المسنة"، تحريف.
(2) التكملة من المجمل.
(3) من معلقة لبيد.
(4) الرجز للأغلب، أو ليحيى بن منصور. انظر اللسان (زور).(3/26)
والزَّوَر: الميل. يقال ازورَّ عن كذا، أي مالَ عنه.
ومن الباب : الزائر، لأنّه إذا زارَك فقد عدَلَ عن غيرك.
ثم يُحمل على هذا فيقال لرئيس القوم وصاحِب أمرهم: الزُّوَيْر، وذلك أنهم يعدِلون عن كلِّ أحدٍ إليه. قال:
بأيدِي رجالٍ لا هَوادةَ بينهمْ
يَسُوقون للموت الزُّوَيْر اليَلَنْدَدا(1)
ويقولون: هذا رجلٌ ليس له زَوْرٌ، أي ليس له صَيُّورٌ يرجِع إليه. والتزوير: كرامة الزَّائِر. والزَّوْرُ: القومُ الزُّوَّار؛ يقال ذلك في الواحد والاثنين والجماعة والنِّساء. قال الشاعر:
زوع – زوف – زوق – زوك
ومشيُهنَّ بالخُبَيْبِ المَوْرُ(2)
كما تَهَادى الفَتَياتُ الزَّوْرُ
فأمَّا قولهم إن الزِّوَرَّ القويّ الشديد، فإنما هو من الزَّوْر، وهو أعلى الصدر شاذٌّ عن الأصل الذي أصّلْناه.
(زوع) الزاء والواو والعين كلمةٌ واحدة. يقال زَاعَ الناقة بزمامها زَوْعاً. إذا جذبها. قال ذو الرّمة:
* زُعْ بالزِّمام وجَوْزُ الليلِ مرْكومُ *(3)
(زوف) الزاء والواو والفاء ليس بشيء، إلاّ أنّهم يقولون موتٌ
*زُوَاف: وحِيٌّ.
(زوق) الزاء والواو والقاف ليس بشيء. وقولهم زَوَّفْتُ الشيءَ إذا زَيّنتهُ وموّهته، ليس بأصل، يقولون إنّهُ من الزَّاوُوق، وهو الزِّئبق. وكلُّ هذا كلام.
(زوك) الزاء والواو والكاف كلمةٌ إن صحت. يقولون إنَّ الزَّوْكَ مِشية الغُراب. وينشدون:
* في فُحْشِ زانيةٍ وزَوْكِ غُرَابِ(4) *
زول - زون
ويقولون من هذا زَوْزَكَت المرأة، إذا أسرعت في المشي. وهذا باب قريبٌ من الذي قبلَه.
__________
(1) أنشده في اللسان (5: 427).
(2) الخبيب: مصغر الخُب بالضم، وهو الغامض من الأرض، وفي اللسان: "ومشيهن بالكثيب مور".
(3) صدره كما في ديوانه 579 واللسان (زوع):
*وخافق الرأس فوق الرحل قلت له*
... لكن في اللسان: "مثل السيف قلت له".
(4) البيت لحسان في ديوانه 59 والحيوان (3: 424)، وهو في اللسان (زوك) بدون نسبة.(3/27)
(زول) الزاء والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تنحّي الشيءِ عن مكانه. يقولون: زال الشيءُ زَوالاً، وزالت الشمس عن كبد السماء تزُول. ويقال أزَلْتُهُ عن المكان وزوّلته عنه. قال ذو الرمة:
وبيضاءَ لا تَنحاشُ مِنّا وأُمُّها
إذا ما رأتْنا زِيل منا زَوِيلُها(1)
ويقال إنّ الزّائلة كلُّ شيء يتحرك. وأنشد:
وكنت امرأً أرمي الزّوائِلَ مَرَّةً
فأصبحْتُ قد ودَّعْت رَمْيَ الزّوائِل(2)
ومما شذّ عن الباب قولُهم: شيءٌ زوْل، أي عَجَب. وامرأةٌ زَولة، أي خفيفة. وقال الطرِمّاح:
وألقَتْ إليَّ القولَ منهنَّ زَوْلةٌ
تُخَاضِنُ أو ترنُو لقول المُخاضِنِ(3)
(زون) الزاء والواو والنون ليس هو عندي أصلاً. على أنّهم يقولون: الزَّون: الصّنَم. ومرّة يقولون: الزَّوْن بيت الأصنام. وربما قالوا(4) زانَه يَزُونه بمعنى يَزِينه(5).
زيب – زيت - زيح
ومن الباب الزِّوَنَّة: القصيرة من النِّساء. والرجل زِوَنّ. وربما قالوا: الزَّوَنْزَى: القصير. وكله كلام.
(باب الزاي والياء وما يثلثهما)
(زيب) الزاي والياء والباء أصلٌ يدلُّ على خفّةٍ ونشاط وما يشبه ذلك. والأصلُ الخِفّة. يقولون: الأَزْيَبُ النشاط. ويقولون: مَرّ فلانٌ وله أزْيَبٌ إذا مَرَّ مَرّاً سريعاً. ومن ذلك قولهم للأمر المنكَر: أَزْيَبٌ. وهو القياس، وذلك أنّه يُستخفّ لمن رآه أو سمعه قال:
تُكلّفُ الجارةَ ذَنْبَ الغُيّبِ
وهي تُبيتُ زوجَها في أزيَبِ(6)
__________
(1) البيت في ديوانه 554 واللسان (8: 180/ 13: 337/ 20: 165) والحيوان (5: 574). وقد سبق في (2: 119).
(2) أنشده في اللسان (زول).
(3) ديوان الطرماح 164 واللسان (خضن، لحن) والمقاييس (2: 193).
(4) في الأصل: "قاله".
(5) في اللسان: "محمد بن حبيب: قالت أعرابية لابن الأعرابي: إنك تزوننا إذا طلعت".
(6) البيت الأخير في المجمل.(3/28)
ومن الباب قولهم للرجل الذّليل والدّعِيِّ أَزْيَب. ويقولون لمن قارَبَ خَطْوَه: أَزْيَب. وقد أعلمْتُكَ أنَّ مرجع البابِ كلِّه إلى الخِفّة وما قاربها.
وممّا يصلُح أن يقال إنّه شذّ عن الباب، قولهم للجَنُوب من الرِّياح: أَزْيَب.
(زيت) الزاء والياء والتاء كلمةٌ واحدة، وهي الزّيت، معروف. ويقال زِتُّه، إذا دهنْتَه بالزّيت. وهو مَزْيوت.
(زيح) الزاء والياء والحاء أصلٌ واحد، وهو زَوال الشيء وتنحِّيه. يقال زاح الشيءُ يَزيحُ، إذا ذهَب؛ وقد أزَحْتُ عِلَّته فزاحت، وهي تَزِيح.
زيج – زيد – زير - زيغ
(زيج) الزاء والياء والجيم ليس بشيء. على أنهم يسمُّون خيطَ البنَّاءِ زِيجاً(1). فما أدري أعربيٌّ هو أم لا.
(زيد) الزاء والياء والدال أصلٌ يدلُّ على الفَضْلِ. يقولون زاد الشيء يزيد، فهو زائد. وهؤلاء قومٌ زَيْد على كذا، أي يزيدون. قال:
وأنتمُ مَعْشرٌ زَيدٌ على مائةٍ
فأجمِعُوا أمرَكُمْ كيداً فكيدوني(2)
ويقال شيءٌ كثير الزَّيايد، أي الزّيادات، وربما قالوا زوائد. ويقولون للأسد: ذو زوائد. قالوا: وهو الذي يتزيَّد في زَئِيرِهِ وصَولتهِ. والناقة تَتَزَيَّد في مِشيتها، إذا تكلفَتْ فوق طاقتها، ويروون:
* فقل [مثل] ما قالُوا ولا تَتزَيَّد(3) *
بالياء، كأنّه أراد التّزيّد في الكلام.
(زير) الزاء والياء والراء ليس بأصلٍ. يقولون: رجلٌ زِيرٌ: يحبُّ مجالسَةَ النِّساء ومحادثتَهن. وهذا عندي أصلُهُ الواو، من زَارَ يزورُ، فقلبت الواو ياءً للكسرة التي قبلها، كما يقال هو حِدْثُ نِساء. قال في الزِّير:
مَنْ يَكُنْ في السِّوادِ والدَّدِ* والإغْـ
__________
(1) ذكر في المعرب 169 أنه فارسي، عربيته "المطمر".
(2) البيت لذي الإصبع العدواني من قصيدة له في المفضليات (1/158).
(3) التكملة من المجمل واللسان. وصدره في اللسان:
* إذا أنْتَ فاكهت الرجال فلا تلع *.(3/29)
رامِ زيراً فإنني غيرُ زيرِ(1)
(زيغ) الزاء والياء والغين أصلٌ يدل على مَيَل الشيء. يقال زاغ يَزيغُ زَيْغاً.
زيم – زيل – زين
والتَّزَيُّغ: التَّمايُل(2)، وقوم زاغَةٌ، أي زائغون، وزاغَت الشمس، وذلك إذا مالت وفاء الفيء(3). وقال الله جلَّ ثناؤه: { فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ }
[الصف 5 ]، فأمَّا قولهم: تزيّغت المرأةُ، فهذا من باب الإبدال، وهي نونٌ أبدلت غيناً.
(زيم) الزاء والياء والميم أصلٌ يدلُّ على تجمّعٍ. يقال لحم زِيَمٌ، أي مُكتنِز. ويقال اجتمع الناسُ فصاروا زِيَما. قال الخليل:
* والخيل تعدُوا زِيَماً حولنا *
(زيل) الزاء والياء واللام ليس أصلاً، لكنّ الياء فيه مبدلةٌ من واو، وقد مضى ذِكره، وذُكِرَتْ هنالك كلماتُ اللَّفظِ. فالتَّزايل: التباين. يقال زَيَّلْتُ بينه، أي فرّقْت، قال الله تعالى: { فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ } [يونس 28] ويقال إن الزَّيَل تباعُدُ ما بين الفَخِذين، كالفَحَجِ. وذُكرَ عن الشيبانيّ إن كان صحيحاً تزايلَ فلانٌ عن فلانٍ، إِذَا احتشَمَه. وهو ذاك القياسُ إن صحّ.
(زين) الزاء والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسن الشيء وتحسينه. فالزَّيْن نَقيضُ الشَّيْن. يقال زيَّنت الشيء تزييناً. وأزْيَنتِ الأرضُ وازّيَّنتْ وازدانت(4) إذا حَسَّنَها عُشْبُها. ويقال إن كان صحيحاً ـ إنّ الزَّين: عُرْف الدِّيك. ويُنشدون:
زيف - زأر
وجئتَ على بغلٍ تَزُفُّكَ تِسعةٌ
كأنّكَ دِيكٌ مائلُ الزَّين أعْوَر(5)
__________
(1) أنشده في اللسان (سود). والسواد، بالكسر: المسارة.
(2) في الأصل : "والتماثل"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "وذلك إذا فاءت الفيء" صوابه من المجمل واللسان.
(4) ويقال أيضاً: "ازبنت" كاحمرت، و "ازبأنت".
(5) البيت للحكم بن عبدل، كما في الحيوان (2: 305) واللسان (زين).(3/30)
(زيف) الزاء والياء والفاء فيه كلام، وما أظنُّ شيئاً منه صحيحاً. يقولون درهم زائِف وزَيْف. ومن الباب زَافَ الجملُ في مَشيه يزيف، وذلك إذا أسرع. والمرأة تَزِيف في مَشيها، كأنها تستدير. والحمامة تَزِيف عند الحَمَام. فأمّا الذي يُروَى في قول عديّ:
تَرَكونِي لدَى قُصورٍ وأعرا
ضِ قصورٍ لزَيْفهنّ مَرَاقِ(1)
فيقولون إِنّ الزَّيف الطُّنُف الذي يقي الحائط: ويقال "لزيْفهن(2)". وكلُّ هذا كلام. والله أعلم.
(باب الزاء والهمزة وما يثلثهما)
(زأر) الزاء والهمزة والراء أصلٌ واحد. زأر الأسد زأراً وزئِيرا.
قال النابغة:
نُبِّئتُ أنّ أبا قابوسَ أوعَدَنِي
ولا قَرَارَ على زأر من الأسَدِ(3)
ومنه قوله:
حَلّتْ بأرضِ الزَّائِرِينَ فأصْبَحتْ
عَسِراً عليَّ طِلابُكِ ابنةَ مَخْرَم(4)
زأب – زأد – زأم - زبد
ومن الباب الزَّأرَة: الأَجَمة، وهو كالاستعارة؛ لأنّ الأُسْدَ تأوي إليها فتزأَر.
(زأب) الزاء والهمزة والباء كلمتان. يقال زَأَبَ الشيءَ، إذا حَمله. والازدئاب: الاحتمال. والكلمة الأخرى زَأَبَ، إذا شَرِب شُرباً شديداً. ولا قياسَ لهما.
(زأد) الزاء والهمزة والدال كلمة واحدة، تدلُّ على الفزع. يقال زُئِد الرّجُل، إذا فَزِع، زُؤداً. قال:
حَملَتْ به في ليلةٍ مَزؤُودةٍ
كَرْها وعَقدُ نِطاقِها لم يُحْلَلِ(5)
(زأم) الزاء والهمزة والميم أصلٌ يدلُّ على صوتٍ وكلام. فالزَّأْمة: الصَّوت الشديد. ويقال زأمَ لي فلانٌ زأْمةً، إذا طَرَح لي كلمةً لا أدري أحقٌّ هي أم باطل.
__________
(1) الكلمتان الأخيرتان من البيت في المجمل. وأنشده في اللسان (زيف).
(2) كذا في الأصل.
(3) ديوان النابغة 26.
(4) البيت لعنترة بن شداد في معلقته المعروفة، واللسان (زأر).
(5) البيت لأبي كبير الهذلي، من قصيدة له في نسخة الشنقيطي من الهذليين 61. وهو في حماسة أبي تمام
(1: 20).(3/31)
ومما يُحمَل عليه الزَّأَم: الذُّعر. ويقال أزأَمْتُه على كذا، أي أكرهْتُه.
ومما شذّ عن الباب الزّأْم: شِدّة الأكل. والله أعلم.
(باب الزاء والباء وما يثلثهما)
(زبد) الزاء والباء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تولُّد شيءٍ عن شيء. من ذلك زَبَدُ الماءِ وغيرِه. يقال أزْبَدَ إزْباداً. والزُّبد من ذلك أيضاً. يقال زَبَدْتُ الصبي أزبُده، إذا أطعمتَه الزُّبد.
زبر
وربَّما حملوا على هذا واشتقّوا منه. فحكى الفرّاءُ عن العرب: أَزْبَدَ السِّدرُ، إذا نَوَّر. ويقال زَبَدَتْ فلانةُ سِقاءَها، إِذا مَخَضَتْه حتَّى يُخرِج زُبْدَه.
ومن *الباب الزَّبْد، وهو العطيّة. يقال زَبَدْتُ الرّجلَ زَبْدا: أعطيتُهُ. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّا لا نَقْبل زَبْد المُشركين" يريد هداياهم.
(زبر) الزاء والباء والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على إحكام الشيء وتوثيقه، والآخَر يدلُّ على قراءةٍ وكتابةٍ وما أشبه ذلك.
فالأوّل قولهم زَبَرْت البِئر، إِذا طويتَها بالحجارة. ومنه زُبْرة الحديدِ، وهي القطعة منه، والجمع زُبَر. ومن الباب الزُّبْرة: الصّدر. وسُمّي بذلك لأنه كالبئر المزبورة، أي المطويّة بالحجارة. ويقال إنَّ الزُّبْرة من الأسد مُجتمع وَبَرِه في مِرفقيْهِ وصدرهِ. وأسد مَزْبَرانيٌّ، أي ضخم الزُّبْرة.
ومن الباب الزَّبير، وهي الدَّاهية. ومن الباب: أخَذَ الشَيءَ بزَوْبَرِه، أي كُلِّه. ومنه قول ابن أحمر(1) في قصيدته:
* عُدَّتْ عليَّ بِزَوْبَرَا(2)
__________
(1) في الأصل: "ابن الحمر"، صوابه من المجمل واللسان.
(2) البيت بتمامه كما في اللسان:
وإن قال عاو من معد قصيدة
بها جرب عدت عليّ بزوبرا
... وفي الصحاح:"إذا قال غاو من تنوخ". وكلمة "زوبر" إحدى الكلمات التي لم تسمع إلا في شعر ابن أحمر، ومثلها "ماموسة" علم للنار، جاءت في قوله يصف بقرة:
تطايح الطل عن أعطافها صعدا
كما تطايح عن ماموسة الشرر
... وكذلك سمى حوار الناقة "بابوسها" ولم يسمع في شعر غيره. وهو قوله:
حنت قلوصي إلى بابوسها جزعا
فماذا حنينك أم ما أنت والذكر
... وسمى ما يلف على الرأس "أرنة"، ولم توجد لغيره، وهو قوله:
وتلفع الحرباء أرنته
متشاوساً لوريده نعر(3/32)
*
زبق – زبل
فيقال إنَّ معناهُ نُسِِبتْ إليَّ بكمالها. ومن الباب: ما لِفلاَنٍ زَبْرٌ، أي ما له عقلٌ ولا تماسُك. ومنه ازبأَرَّ الشّعر، إذا انتفَش تقوى(1).
والأصل الآخر: زَبَرْتُ الكتابَ، إذا كتبتَه. ومنه الزبور. وربَّما قالوا: زبَرتَه، إذا قرأتَهُ. ويقولون في الكلمة:"أنا أعرفُ تَزْبِرَتِي(2)". أي كتابتي.
(زبق) الزاء والباء والقاف ليس من الأصول التي يُعوّل على صحّتها، وما أدري ألِما قيل فيه حقيقةٌ أم لا؟ لكنّهم يقولون: زَبَقَ شَعره، إذا نَتَفَه. ويقولون: انْزَبَق في البيت: دخل. وزَبَقْت الرّجلَ:حبستُه.
(زبل) الزاء والباء واللام كلمةٌ واحدة. يقولون: ما أصبت مِنْ فلان زُِبالاً(3)، قالوا: هو الذي تحمله النّملة بفيها. وليس لها اشتقاق. وذكر ناسٌ إن كان صحيحاً ـ : ما في الإناء زُبَالة، إذا لم يكن فيه شيء. وأما قولهم زَبَلْتَ الزّرعَ، إذا سَمَّدته بالزِّبل، فإن كان صحيحاً فهو من الباب أيضاً، لأن الزِّبْل من الساقط الذي لا يُعْتَدّ به.
وحكى أنَّ الزَّأْبَل: الرجلُ القصير. وينشدون:
* حَزَنْبَلُ الْخُصْيَيْنِ فَدْمٌ زَأْبَل(4) *
وهذا وشِبهه مما لا يُعرَّج عليه.
زبن - زبي - زبع
(زبن) الزاء والباء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الدّفع. يقال ناقة زَبُون، إذا زَبَنَتْ حالبَها. والحرب تزبِنُ النّاسَ، إذا صَدَمتهم. وحربٌ زَبُون. ورجلٌ ذو زَبُّونةٍ، إذا كان مانعاً لجانبِه دَفُوعاً عن نفسه. قال:
بذَبِّي الذَّمَّ عن حَسبِي بمالِي
وزَبُّوناتِ أشْوسَ تَيَّحانِ(5)
__________
(1) كذا وردت هذه الكلمة في الأصل، وليست في المجمل.
(2) في اللسان: "إني لا أعرف تزبرتي".
(3) الزبال، بالكسر والضم.
(4) الرجز في المجمل واللسان (زبل).
(5) لسوار بن المضرب، كما في اللسان (زبن). وروايته: "عن أحساب قومي".(3/33)
ويقال فيه زَبُّونَةٌ، أي كِبر، ولا يكونُ كذا إلاّ وهو دافعٌ عن نفسه. والزَّبانِيَةُ سُمُّوا بذلك، لأنّهم يدفعون أهلَ النار إلى النار. فأمَّا المُزابَنَة فبيع الثمر في رؤوس النّخل، وهو الذي جاء الحديث بالنَّهي عنه. وقال أهل العلم: إنّه مما يكون بعد ذلك من النِّزاع والمدافَعة. ويقولون إن الزَّبْن البُعْد. وأما زُبَانَى العقرب فيجوز أن يكون من هذا أيضاً، كأَنّها تدفَع عن نفسها به، ويجوز أن يكون شاذّاً.
(زبي) الزاء والباء والياء يدلُّ على شرٍّ لا خير. يقال: لقيت منه الأَزابِيَّ، إذا لقي منه شرّاً. ومن الباب: الزُّبْية: حفيرة يُزَبِّي فيها الرجلُ للصيد، وتحفر للذئب والأسد فيصادان فيها. ومن الباب: زَبَيْت أَزْبِي، إذا سقت إليه ما يكرهه. [قال]:
تلك استقِدْها وأَعطِ الحُكْم وَاليَها
فإنّها بعضُ ما تَزْبي لك الرَّقِمُ(1)
(زبع) الزاء والباء والعين قريبٌ من الذي قبله، وهو يدلُّ على تغيُّظٍ
زجر – زجل
وعزيمةِ شرّ. يقال تزبّع فلانٌ، إذا تهيَّأ للشر. وتزبّع: تغيَّر. وهو في شعر
متمّم:
وإنْ تَلقَه في الشَّرْبِ لا تَلقَ فاحشاً
من القوم ذا قاذُورة متزبِّعَا(2)
قال الشيبانيّ: الأزْبَع(3) الدّاهية، والجمع الأزابع*. وأنشد:
وعَدْتَ ولم تُنْجِزْ وقِدْماً وعدتَني
فأخلفْتَني وتلك إحدى الأزابعِ
وهذا إنْ صح فهو من الإبدال، وهو من الباب قبله.
(باب الزاءِ والجيم وما يثلثهما)
(زجر) الزاء والجيم والراء كلمة تدل على الانتهار. يقال زَجَرت البعيرَ حتَّى مضَى، أزجُره. وزجَرْت فلاناً عن الشيء فانْزَجر. والزَّجور من الإبل: التي تعرف بعينها وتُنكر بأنْفها.
__________
(1) في اللسان: "تلك استفدها" بالفاء.
(2) أنشده في اللسان (زبع، قذر). وهو من قصيدة في المفضليات (2: 65-70) وجمهرة أشعار العرب 141- 143.
(3) لم أجدها في المعاجم المتداولة. لكن في اللسان: "الزوابع: الدواهي".(3/34)
(زجل) الزاء والجيم واللام أصلٌ يدلُّ على الرمْي بالشيء والدفعِ له. يقال قَبَحَ اللهُ أمّاً زَجَلَتْ به. والزَّجْل: إرسال الحمام الهادِي. والمِزْجل: المِزْرَاق. وزَجَلَ الفَحْل، إذا ألْقى ماءَه في الرَّحِم. ويقال أن الزَّاجَلُ(1): ماءُ الظليم؛ لأنه يزْجُل به. قال ابنُ أحمر:
زجم – زجي
وما بيضاتُ ذِي لِبَدٍ هِجَفٍّ
سُقِينَ بِزَاجَلٍ حَتى رَوِينا(2)
ويقال بل الزَّاجَل مُخُّ البيض، والأول أقيس.
ومما شذّ عن الباب الزُّجلة: القطعة من كل شيء، وجمعها زُجَل.والزِّئجِيل(3): الرجل الضَّعيف.
ومن هذا، إن كان صحيحاً، الزَّاجَل: حَلقة تكون في طَرف حبل الثقَل(4).
(زجم(5)) الزاء والجيم والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صوتٍ ضعيف .يقال: ما تكلم بِزَجْمَةٍ، أي بِنَبْسة. والزَّجوم: القوس ليست بشديدة الإرنان. والله أعلم بالصواب.
(زجي) الزاء والجيم والحرف المعتلّ يدلُّ على الرّمي بالشيء وتسييره من غير حبس(6). يقال أزجتِ البقرةُ ولدَها، إذا ساقته. والرِّيح تُزْجِي السَّحابَ: تسوقهُ سَوْقاً رفِيقاً. فأمّا المُزْجَى فالشيء القليل، وهو من قياس الباب، أي يُدفع به الوقت. وهذه بضاعة مُزْجَاة، أي يسيرة الاندفاع.
ومن الباب زجا الخراجُ يزجُو، أي تيسَّرت جِبايته.
زحر – زحل – زحم – زحن - زحف
(باب الزاءِ والحاءِ وما يثلثهما في الثلاثي)
__________
(1) الزاجل، بفتح الجيم، يهمز ولا يهمز.
(2) البيت في الحيوان (4: 328، 341)، واللسان (هجف، زجل)، والمخصص (8: 55). وفي الأصل: "بعجف"، بدل "هجف"، تحريف.
(3) والزنجيل أيضاً، يقال بالهمز وبالنون كما في اللسان.
(4) الثقل، بالتحريك. متاع المسافر. وفي المجمل: "في طرف الحبل حبل الثقل".
(5) وردت هذه المادة في الأصل مؤخرة عن (زجي) ورددتها إلى موضعها المطابق لموضعها من المجمل.
(6) حبس، أي إمساك. وفي الأصل: "جنس".(3/35)
(زحر) الزاء والحاء والراء تنفُّسٌ بشدّة ليس إلاّ هذا. يقال زَحَرَ يَزْحَرُ زحيراً، وهو صوتُ نَفَسِهِ إذا تنفّس بشدة. وزَحَرَت المرأة بولدها عند الولادة.
(زحل) الزاء والحاء واللام أصلٌ يدلُّ على التنحِّي. يقال زَحَل عن مكانه، إذا تنحّى. وزَحَلت النّاقةُ في سَيرها. والمَزْحَل: الموضع الذي تَزْحَل إليه.
(زحم) الزاء والحاء والميم أصلٌ يدلُّ على انضمامٍ في شدّة. يقال زَحمَه يَزْحَمُه، وازْدَحم الناس.
(زحن) الزاء والحاء والنون أصلٌ يدل على الإبطاء. تقول : زَحَنَ يَزْحَن زَحْناً، وكذلك التَّزحُّن. يقال تزَحَّن على الشيء، إذا تكارَهَ عليه وهو لا يشتهيه.
(زحف) الزاء والحاء والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الاندفاع والمضيّ قُدُماً. فالزَّحف: الجماعة يَزْحَفون إلى العدوّ. والصبيّ يزحَف على الأرض قبل المشي. والبعير إذا أعيا فجرَّ فِرْسِنَه فهو يزحَف. وهي إبلٌ زواحفُ، الواحدة زَاحفة. قال:
* على زَوَاحف نُزْجِيَهَا مَحَاسِيرِ(1) *
زخر – زرع
ويقال زَحَفَ الدَّبَا، إذا مضى قُدُماً. والزاحف: السهم الذي يقع دون الغَرَض ثم يزحَف. والله أعلم بالصواب.
(باب الزاء والخاء وما يثلثهما)
(زخر) الزاء والخاء والراء أصلٌ صحيح، يدلُّ على ارتفاع. يقال: زَخَرَ البحر، إذا طما؛ وهو زاخرٌ. وزخَر النّبات، إذا طال. ويقال أخذ المكان زُخَارِيَّه، وذلك إذا نَمَا النبات وأخرجَ زَهْره. قال ابن مقبل:
زُخارِيَّ النّبات كأنَّ فيهِ
جيادَ العبقريّة والقُطوعِ(2)
(باب الزاء والدال وما يثلثهما)
__________
(1) للفرزدق في ديوانه 263 واللسان (زحف) وصدره:
*على عمائمنا تلقى وأرحلنا *.
(2) قبله في اللسان (زخر):
ويرتعيان ليلهما قرارا
سقته كل مدجنة هموع.(3/36)
هذا بابٌ لا تكاد تكون الزاء فيه أصليَّة؛ لأنهم يقولون: جاء فلانٌ يضرب أَزْدَرَيْه، إذا جاء فارغاً. وهذا إنما هو أَصْدَرَيْه. ويقولون: الزَّدْو في اللعب، وإنما هو السَّدْو. ويقولون : مِزْدَغَة*، وإنما هي مِصْدَغة. والله أعلم.
(باب الزاء والراء وما يثلثهما)
(زرع) الزاء والراء والعين أصلٌ يدلُّ على تنمية الشيء. فالزّرع معروف، ومكانه المُزْدَرَع. وقال الخليل: أصل الزّرع التنمية. وكان بعضهم يقولُ: الزَّرع
زرف – زرم – زرب
طرح البَذْر في الأرض. والزَّرْع اسمٌ لِمَا نبت. والأصل في ذلك كلّه واحد. وزارِع: كلبٌ.
(زرف) الزاء والراء والفاء أصلٌ يدلُّ على سعيٍ وحركة. فالزَّرُوف: النَّاقة الواسعة الخَطو الطويلةُ الرِّجْلين. ويقال: زَرَف، إذا قَفَزَ. ويقال زَرَفْت الرّجلَ عن نفسي إذا نحّيتَه. ومن الباب: الزَّرافات: الجماعات وهي لا تكون كذا إلا إذا تجمّعت لسعيٍ في أمر. ويقال زَرَافَّة، مثقّلة الفاء، وكان الحجّاج يقول: "إيّايَ وهذه الزّرَافات". يريد المتجمّعين المضطربين لفتنةٍ وما أشبهها. ومن الباب زَرِف الجُرح، إذا انتقض بعد البُرْء.
(زرم) الزاء والراء والميم أصلٌ يدلُّ على انقطاع وقلّة. يقال زَرِم الدمعُ، إذا انقطَع؛ وكذلك كلُّ شيء. ومن ذلك حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين بال عليه الحسَنُ عليه السلام فقال: "لا تُزْرِمُوا ابني" يقول: لا تَقطَعوا بولَه. زَرِمَ البولُ نفسُه، إذا انقطع. قال:
أو كماء المثمودِ بعد جِمامٍ
زَرِمَ الدّمعِ لا يؤوبُ نَزُورا(1)
ويقال إنَّ الزَّرِم البخيل. وهو من ذاك.[و] يقال زَرِمَ الكلب، إذا يبس جَعْرُهُ في دُبُرِه.
(زرب) الزاء والراء والباء أصلٌ يدلُّ على بعض المأْوَى. فالزَّرْب زَرب الغنم، وهي حظيرتها. ويقال الزَّرِيبة الزُّبْية. والزَّريبة: قُتْرَة الصائد.
زرد – زرح – زري
__________
(1) البيت لعدي بن زبد كما في اللسان (زرم) وقد سبق في (ثمد، جم).(3/37)
(زرد) الزاء والراء والدال حرف واحد، وهو يدلُّ على الابتلاع، والزّاء فيه مبدلةٌ من سين. يقال ازدَرَدَ اللقمة يَزْدَرِدها(1). وممكنٌ أن يكون الزَّرَد من هذا، على أن أصله السين، ومعنى الزّرَّاد السَّرَّاد.
(زرح) الزاء والراء والحاء كلمة واحدة. فالزّراوِح: الرَّوابي الصِّغار(2).
(زري) الزاء والراء والحرف المعتل يدلُّ على احتقارِ الشيء والتّهاون به. يقال زَرَيْت عليه، إذا عِبْتَ عليه. وأَزْريْتَ به: قصَّرت به.
(باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله زاء)
وسبيلُ هذا البابِ سبيلُ ما مضى. فمنه المشتقُّ البيِّنُ الاشتقاق، ومنه ما وُضع وضْعاً.
فمن المشتق الظّاهرِ اشتقاقُه قولهم (الزُّرْقُم)، أجمع أهلُ اللغة أنَّ أصله من الزَّرَق، وأن الميم فيه زائدة.
ومن ذلك (الزُّمَّلِق) و(الزُّمَالِق)، وهو الذي إذا باشر أراق ماءَه قبل أن يجامِع. وهذا أيضاً مما زيدت فيه الميم؛ لأنه من الزَّلَق. وهو من باب أَزْلَقَتِ الأنثى، وذلك إذا لم تقبل رحمُها ماءَ الفحل ورَمت به.
ومن ذلك (الزَّهْمَقَة) وهي الزَّهَم، أو رائحة الزُّهُومة. فالقاف فيه زائدة.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله زاء)
ومن ذلك قولهم (ازْمَهَرَّت) الكواكبُ، إذا لَمَعَتْ. وهذا مما زيدت فيه الميم؛ لأنه من زَهَرَ الشيء، إذا أضاء.
فأما (الزَّرَجُون) ففارسية معرّبة(3)، واشتقاقه من لون الذَّهَب.
__________
(1) بعدها في الأصل: "وزرد يزدردها" وهو كلام مقحم.
(2) واحدها "زروح" بفتح الزاي وسكون الراء.
(3) هي بالفارسية "زركون". و"زر" بمعنى الذهب. و"كون" لون، فمعناه لون الذهب. انظر اللسان والمعرب 165، ومعجم استينجاس 615. والزرجون في العربية: الخمر، وقضبان الكرم في لغة أهل الطائف وأهل الغور. وقال ابن شميل: الزرجون شجر العنب، كل شجرة زرجونة.(3/38)
ومن ذلك سيل (مُزْلَعِبٌّ)، وهو المُتدافع الكثير القَمْش. وهذا ممّا زِيدت فيه اللام. وهو من السَّيل الزّاعب، وهو الذي يتدافع.
ومن ذلك (الزُّلقوم)، وهو الحلقوم فيما ذكره ابن دريد(1). فإن كان صحيحاً فهو منحوت من زَلِقَ وزقم، كأنَّ اللقمة تزلَق فيه.
ومن ذلك (الزُّهلُوق(2)) وهو الخفيف، وهو منحوت من زلق وزهق(3)، وذلك إذا تهاوى سِفْلاه.
ومن ذلك (الزُّعْرور) السَّيِّئُ الخُلُق. وهذا ممّا اشتقاقُه ظاهر؛ لأنه من الزّعارَة، والراء *فيه مكرَّرة.
ومن ذلك (الزَّمْجَرة): الصَّوت. والميم فيه زائدة، وأصله من الزّجر.
ومن ذلك قول الخليل: (ازَلَغَبّ(4)) الشعر، وذلك إذا نَبَتَ بعد الحلْق. وازلغَبَّ الطائر. إذا شوَّك(5). وهذا مما نُحِت من كلمتين، من زَغَب ولَغَب.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله زاء)
والزَّغب معروف، واللَّغْب: أضعف الريش.
ومن ذلك (الزَّغْدَب)، وهو الهدير الشديد، حكاه الخليل. وأمرُ هذا ظاهر. لأن الباء فيه زائدة. والزَّغْد: أشدّ الهدير.
ومن ذلك (الزَّغْبَد)(6).
ومن ذلك (الزَّرْدَمَة(7)): موضع الازدرام، وهو الابتلاع. فهذا مما زيدت فيه الميم. لأنّه من زَرِدت الشيء.
ومن ذلك (ازْرَأَمَّ) الرجلُ فهو (مزرئمّ)، إذا غضب. وهذا مما زيدت فيه الهمزة، وهو من زَرِم، إذا انقطع، كذلك إذا غضب تغيَّر خُلقه وانقطع عمّا عُهد منه.
__________
(1) الجمهرة: (3: 379).
(2) هذه الكلمة مما فات صاحب اللسان. وقد وردت في المجمل والقاموس والجمهرة (3: 381).
(3) في الأصل: "زعق"، تحريف.
(4) وردت في الأصل بالعين المهملة في هذا الموضع وتاليه. والصواب ما أثبت.
(5) في اللسان: "ازلغب الطائر: شوك ريشه قبل أن يسود".
(6) لم يفسره. وفي اللسان "الزغبد: الزبد"، وأنشد:
صبحونا بزغبد وحتى
بعد طرم وتامك وثمال
(7) الزردمة: الغلصمة، وقيل هي فارسية.(3/39)
ومن ذلك (الزَّغْرَب) وهو الماء الكثير. فهذا مما زِيدت فيه الزّاء، والأصل راجع إلى الغَرَب، وهو من باب كثرة الماء.
ومما وُضع فيه وضعا (الزَّنْتَرَة): ضِيق الشيء. و(الزَّعْفقة(1)): سوء الخُلق. و(الزِّعْنِف): الرجل اللئيم. و(زعانف) الأديم: أطرافه.
ومما وُضع وضعاً وبعضُه مشكوك في صحته (الزِّبرج)، و(الزَّعْبَج). فالزِّبرِج: الزينة. والزَّعْبَج: سحاب رقيق.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله زاء)
حدثنا عليّ بن إبراهيم، قال: حدثنا عليّ بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد، قال: قال الفراء: الزَّعبج السحاب الرقيق. قال أبو عبيد: وأنا أنكر أن يكون الزَّعبَج من كلام العرب، والفرّاء عندي ثِقة.
وأمّا (الزَّمْهَرير) فالبرد، ممكنٌ أن يكون وضع وضعاً، وممكنٌ أن يكون مما مضى ذكره، من قولهم: ازمهرَّت الكواكب؛ وذلك أنّه إذا اشتدَّ البرد زَهَرت إذاً [و] أضاءت.
ومن ذلك (الزَّرْنَب): ضرب من الطِّيب(2). و(الزَّبَنْتَر(3)) القصير. و(الزِّخْرِط): مُخاط النعجة. و(الزُّخْرُف): الزينة. ويقال الزُّخْرُف الذهب. وزخارف الماء: طرائقُ تكونُ فيه.
و(زمْخَرَ) الصوت: اشتد. والزَّمْخَرة: الزَّمَّارة. و(الزَّمْخَر(4)): القصب الأجوف الناعم من الرّيّ. والزَّمْخر: نُشَّاب العَجَم. والزَّمْخَر: الكثير الملتفّ من الشجر. وممكن أن يكون الميم فيه زائدة، ويكون من زَخَرَ النبات. وقد مضى ذكره. والله أعلم.
ــــــــ
(تم كتاب الزاء)
سع – سغ - سف
كتاب السّين
(باب ما جاء من كلام العرب وأوله سين في المضاعف والمطابق)
__________
(1) الزعفقة: بالعين المهملة. ووردت في الأصل بالمعجمة محرفة.
(2) هو الزعفران. وقيل الزرنب: ضرب من النبات طيب الرائحة.
(3) في الأصل: "الزبتر" تحريف، صوابه من المجمل واللسان.
(4) وردت هذه الكلمة والكلمتان قبلها بالجيم، صوابهما بالخاء المعجمة كما أثبت.(3/40)
(سع) السين والعين في المضاعف والمطابق يدلُّ على أصل واحد، وهو ذَهاب الشيء. قال الخليل: يقال تَسَعْسَع الشَّهر، إذا ذهب أكثره، ويقال: تَسَعْسَع الرجل من الكِبَر، إذا اضطرب جسمه. قال:
* يا هندُ ما أسرعَ ما تَسَعسعا(1) *
(سغ) السين والغين أصلٌ يدل على دَرْج الشيء في الشيء باضطرابٍ وحركة. من ذلك سَغْسَغْتُ رأسي بالدُّهْنِ، إذا روَّيته. قال الخليل وغيره: سغسغت الشَّيء في التراب، إذا دَحدحتَه فيه. وأما قولهم: تَسَغْسَغَت ثَنِيّته، فممكنٌ أن يكون من الإبدال، ومن الباب الذي قبل هذا.
(سف) السين والفاء أصلٌ واحد، وهو انضمام الشيء إلى الشيء ودنوُّه منه، ثم يُشتَقّ منه ما يقاربه.
من ذلك أسفَّ الطائرُ، إذا دنا من الأرض في طيرانه. وأسفَّ الرجل للأمر، إذا قارَبَهُ. ويُقال أسفَّت السحابةُ، إذا دَنَت من الأرض. قال أوسٌ يصف السّحاب:
سك
دانٍ مِسفٌّ فويق الأرض هَيْدَبُه
يكاد يدفعُهُ مَنْ قام بالرّاحِ(2)
ومن الباب: أَسَفَّ الرجل النَّظرَ، إذا أدامَه. ومنه السَّفْساف: الأمر الحقير. وسمِّي بذلك لأنَّه مِنْ أسَفَّ الرجل للأمر الدنيّ. ومن ذلك المُسَفْسِفَةُ، وهي الريح التي تجري فوَيقَ الأرض. والسِّفّ(3): الحَيَّة التي تسمَّى الأرقم، وذلك أنّه يلصق بالأرض لُصوقاً في مَرِّهِ. فالقياس في هذا كلِّه واحد. وأمّا* سَففت الخوص والسَّفيف: بِطانٌ يشدُّ به الرَّحْل، فمن هذا؛ لأنَّه إذا نُسِجَ فقد أدْنِيَتْ كلُّ طاقةٍ منه إلى سائرها.
__________
(1) لرؤبة في ديوانه 88 واللسان (سعع) وقبله.
* قالت ولم تأل به أن يسمعا *
وبعده: ... ... ... * من بعد ما كان فتى سرعرعا *.
(2) سبق البيت وتخريجه في (2: 457).
(3) السف: بكسر السين وضمها.(3/41)
ومما يجوز أن يُحمَل على الباب ويجوزُ أن يكون شاذّاً، قولك: سفِفْتُ الدواء أسَفّه. ويقال أَسَفَّ وجهَه، إذا ذرَّ عليه الشيء(1). قال ضابئ(2) يذكر ثورا:
شديد بريقِ الحاجبَينِ كأنّما
أُسِفَّ صَلَى نارٍ فأصبَحَ أكحلا
(سك ) السين والكاف أصلٌ مطّرد، يدلُّ على ضِيق وانضمام وصِغَر. من ذلك السَّكَك، وهو صِغَر الأُذُن. وهذه أذنٌ سَكَّاء. ويقال استكَّت مسامعه؛ إذا صَمَّت. قال النابغة:
سل
وخُبِّرْتُ، خَيْرَ الناسِ، أنَّك لُمتَني
وتلك التي تسْتَكّ مِنْها المسامِعُ(3)
والسّكّة: الطريقة المصطفّة من النخل. وسمّيت بذلك لتضايقها في استواء. ومن هذا اشتقاق سكّة الدراهم، وهي الحديدة؛ لتضايُق رَسم كتابتها. والسَّكّ: أن تَضُبَّ البابَ بالحديد. والسَّكّيّ: النّجّار(4). ويقال إن السُّكَّ من الرّكايا المستوية الجِرَاب(5). ويقال السُّكُّ: جُحر العقرب. ويقال للدِّرع الضّيقة أو الضيقة الحَلَق: سُكٌّ. ويقال للنبت إذا انسدَّ خَصَاصُه(6): قد استَكّ. والقياس مطّردٌ في جميع ما ذكرناه.
ومما حُمل عليه ماحكاه ابنُ دريد(7): سَكَّه يَسُكُّه سَكّاً، إذا اصطلَمَ أذنَيه.
ومما شذّ عن الباب: السُّكاك: اللُّوح بين السّماء والأرض. والسُّكُّ: الذي يُتطيَّبُ به. ويقال إنَّه عربيٌّ صحيح.
__________
(1) في المجمل: "إذا ذر عليه شيء"، وفي اللسان: "وأسف وجهه النؤور، أي ذر عليه".
(2) ضابئ بن الحارث البرجمي. وفي الأصل: "الصابي" صوابه من المجمل واللسان، حيث أنشد البيت.
(3) ديوان النابغة 52، والمجمل واللسان (سكك)، برواية: "أتاني أبيت اللعن".
(4) السكي، بالفتح والكسر، وقيل هو المسمار وقيل الدينار، وقيل البريد، وقيل الحداد، وقيل البواب، وقيل الملك.
(5) في الأصل" الخراب"، صوابه من المجمل واللسان.
(6) في الأصل: "للبيت إذا اشتد خصاصه"، صوابه من المجمل واللسان.
(7) الجمهرة (1: 94).(3/42)
(سل) السين واللام أصلٌ واحد، وهو مدُّ الشيء في رِفْق وخَفاء، ثم يُحمَل عليه. فمن ذلك سَلَلْتُ الشيء أسلُّه سَلاًّ. والسَّلَّة والإسلال: السَّرقة. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم حين كتب: "لا إِغْلاَلَ ولا إِسْلاَل"(1). فالإغلال : الخيانة. والإسلال: السرقة.
سن
ومن الباب: السَّليل: الولد؛ كأنَّه سُلَّ من أُمّه سَلاًّ. قالت امرأةٌ من العرب في ابنها:
سُلَّ مِنْ قلبي ومن كبدي
قمراً مِن دونه القَمرُ
وممّا حُمل عليه السِّلْسِلَة، سمّيت بذلك لأنها ممتدة في اتّصال. ومن ذلك تَسَلْسَل الماء في الحلْق، إذا جرى. وماءٌ سَلْسَلٌ وسَلْسَالٌ وسُلاسِل. قال الأخطل:
إذا خاف مِنْ نجمٍ عليها ظَمَاءَةً
أمَالَ إليها جدوَلاً يَتَسَلْسَلُ(2)
قال بعضُ أهل اللغة: السَّلْسَلَة اتّصال الشيء بالشيء، وبذلك سُمّيت سِلسلة الحديد، وسِلسِلة البرق المستطيلة في عَرض السحاب. والسَّالُّ: مَسِيل في مَضيق الوادي، وجمعه سُلاّنٌ، كأنَّ الماء ينسَلُّ منه أو فيه انْسِلالا. ويقال: فرسٌ شديد السَّلَّة، وهي دَفعته في سِباقه(3). ويقال: خَرَجَت سَلَّته على جميع الخيل. والمِسلَّة معروفة؛ لأنّها تسلّ الخيط سَلاًّ. والسُّلاَّءَة من الشوك مِنْ هذا أيضاً، لأن فيها امتداداً. ومنه السُّلاَل من المرض، كأن لحمه قد سُلَّ سَلاًّ منه، أسَلّه الله.
__________
(1) من كتاب الحديبية حين وادع أهل مكة.
(2) ديوان الأخطل. والمجمل (سلل).
(3) في الأصل: "ساقته"، صوابه من المجمل واللسان.(3/43)
(سن(1)) السين والنون أصلٌ واحد مطرد، وهو جريَان الشيء وإطرادُهُ في سهولة، والأصل قولهم سَنَنْتُ الماءَ على وجهي أَسُنُّهُ سَنَّاً، إذا أرسلتَه إرسالاً. ثمَّ اشتُقَّ منه رجل مسنون الوجه، كأنَّ اللحم قد سُنَّ على وجهه. والحَمَأُ المسنون من ذلك، كأنه قد صُبَّ صَبّاً.
سن
ومما اشتقَّ منه السُّنَّة، وهي السّيرة. وسُنَّة رسول الله عليه السلام: سِيرته. قال الهذلي(2):
فلا تَجْزَعَنْ من سُنَّةٍ أنت سرْتَها
فأوَّلُ راضٍ سُنَّةً من يسيرُها
وإنّما سمِّيَت بذلك لأنها تجري جرياً. ومن ذلك قولهم: امضِ على سَنَنِك وسُنَنِك(3)، أي وجهك. وجاءت الريح سَنائِنَ، إذا جاءتْ على طريقة واحدة. *ثمَّ يحمل على هذا: سنَنْتُ الحديدة أسُنُّها سَنّاً. إذا أمْرَرْتَها على السِّنان. والسِّنَان هو المِسَنّ. قال الشاعر:
* سِنَانٌ كحدِّ الصُّلَّبيِّ النَّحِيضِ(4) *
والسِّنان للرُّمح من هذا؛ لأنّه مسنون، أي ممطول محدّد. وكذلك السَّناسِنُ، وهي أطراف فَقار الظهرِ، كأنَّها سُنّت سَنّاً.
ومن الباب: سِنُّ الإنسانِ وغيره مشبّه بسنان الرّمح. والسَّنون: ما يُسْتاك به؛ لأنَّه يُسَنُّ به الأسنان سَنّاً. فأمّا الثّور(5). فأمّا قولهم: سَنَّ إبلَه، إذا رعاها، فإنّ معنى ذلك أنّه رعاها حَتى حسُنَت بَشَرتُها، فكأنّها قد صُقِلَتْ صَقْلاً، كما تُسنّ الحديدة. هذا معنى الكلام، ويَرجِعُ إلى الأصل الذي أصّلناه.
سم
__________
(1) كذا وردت هذه المادة سابقة لتاليتها، وهي في المجمل على الترتيب المطرد.
(2) هو خالد بن زهير الهذلي. انظر ديوان أبي ذؤيب 157، ونسخة الشنقيطي من الهذليين 30، وفي اللسان: "خالد بن عتبة الهذلي".
(3) ويقال أيضاً بفتح فكسر، وبضمتين.
(4) لامرئ القيس في ديوانه 110 واللسان (نحض، صلب). وصدره:
* يباري شباة الرمح خد مذلق *.
(5) كذا في الأصل(3/44)
(سم(1)) السين والميم الأصل المطّرد فيه يدلُّ على مدخلٍ في الشيء، كالثَّقب وغيره، ثم يشتقّ منه. فمن ذلك السَّم والسُّم: الثّقب في الشّيء. قال الله عز ذكره: { حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ في سَمِّ الخِيَاطِ } [الأعراف 40]، والسُّم القاتل، يقال فتحاً وضمّاً. وسمِّي بذلك لأنّه يرسُب في الجسم ويداخلُهُ، خِلافَ غيرهِ ممّا يذاق.
والسَّامّة: الخاصّة، وإنّما سُمّيت بذلك لأنّها تَدَاخَلُ بأُنْسٍ لا يكون لغيرها والعرب تقول: كيف السَّامّة والعامّة؟ فالسَّامَّة: الخاصّة.
والسَّموم: الريح الحارّة، لأنَّها أيضاً تُداخِل الأجسامَ مداخَلةً بقوة. والسّمّ: الإصلاح بين الناس، وذلك أنّهم يتباينون ولا يتداخلون، فإذا أُصلح بينهم تداخَلُوا.
وممّا شذَّ عن الباب: السَّمّ: شيءٌ كالوَدَعِ يخرج من البحر. والسَّمْسام: طائر. والسَّمْسَم: الثّعلب. والسُّمْسُمَانِيّ: الرجل الخفيف. والسَّماسم: النَّمل الحُمْر، الواحدة سِمْسِمَة. والسِّمْسِمُ: حبّ.
ويمكن أن يَحمِل هذا الذي ذكرناه في الشذوذ أصلاً آخر يدلُّ علىخفّة الشيء. ومما شذّ عن الأصلين جميعاً قولهم: "ما لَهُ سَُمٌّ ولا حَُمٌّ غيرك"، أي ما لَه همٌّ سواك.
سب
(سب) السين والباء حَدّهُ بعضُ أهل اللغة ـ وأظنّه ابنَ دريد(2) ـ أنَّ أصل هذا الباب القَطع، ثم اشتقَّ منه الشَّتم. وهذا الذي قاله صحيح. وأكثر الباب موضوعٌ عليه. من ذلك السِّبّ: الخِمار، لأنّه مقطوع من مِنْسَجه.
فأمّا الأصل فالسَّبّ العَقْر؛ يقال سَبَبْت الناقة، إذا عقرتَها. قال الشاعر(3):
فما كان ذنبُ بني مالكٍ
بأنْ سُبّ منهم غلامٌ فَسبّْ
__________
(1) كذا وردت هذه المادة، وحقها التقدّم على سابقتها، وآثرت إبقاءها في الترتيب كما هي محافظة على أرقام الأصل.
(2) هو ابن دريد كما ظن، انظر الجمهرة: (1: 31).
(3) هو ذو الخرق الطهوي، كما في اللسان (سبب).(3/45)
يريد معاقرة غالب بن صعصعة وسُحيم(1). وقوله سُبَّ أي شُتِمَ. وقوله سَبّ أي عَقَر. والسَّبّ: الشتم، ولا قطيعة أقطع من الشَّتِم. ويقال للذي يُسابّ سِبّ. قال الشاعر(2):
لا تَسُبَّنَّنِي فلستَ بِسبّي
إنَّ سَبِّي من الرجال الكريمُ(3)
ويقال: "لا تسبُّو الإِبلَ، فإنَّ فيها رَقوءَ الدّم(4)"، فهذا نهيٌّ عن سبّها، أي شتمها. وأما قولهم للإبل: مُسَبَّبَة فذلك لما يقال عند المدح: قاتلَها الله فما أكرمها مالاً! كما يقال عند التعجُّب من الإنسان: قاتله الله! وهذا دعاءٌ لا يراد به الوقوع. ويقال رجل سُبَبَة، إذا كانَ يسُبُّ الناسَ كثيراً. ورجل سُبَّة، إذا كان يُسَبُّ كثيراً. ويقال بين القوم أُسْبُوبة يتسابُّون بها. ويقال مضت سَبَّة من الدهر، يريد مضت قطعة منه.. (5)
ست – سج
* وذكرك سَبَّاتٍ إليَّ عجيبُ(6) *
وأما الحبل فالسّبب، فممكن أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه، ويمكن أن يقال إنَّه أصلٌ آخَر يدلُّ على طول وامتداد.
ومن ذلك السَّبَب. ومن ذلك السِّبُّ، وهو الخِمار الذي ذكرناه. ويقال للعمامة أيضاً سِبّ. والسِّبّ: الحبل أيضاً في قول الهذليّ(7):
* تدلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطة(8) *
__________
(1) سحيم بن وثيل الرياحي، انظر الخزانة (1: 129، 462).
(2) هو عبد الرحمن بن حسان، يهجو مسكيناً الدارمي.
(3) في الأصل: "الكرام"، صوابه من المجمل واللسان والمخصص (12: 175).
(4) تمام الحديث في اللسان (رقأ): "مهر الكريمة". أي إنها تعطى في الديات بدلاً من القود، فتحقن بها الدماء ويسكن بها الدم.
(5) في الكلام سقط، تقديره: "والسبة: العار. وأنشد".
(6) لحميد بن ثور في ديوانه 51. وانظر ما سبق في (تلع).
(7) هو أبو ذؤيب الهذلي ديوانه 79 واللسان (سبب، خيط، وكف). وقد سبق في (1: 234).
(8) عجزه: ... ... ... ... * بجرداء مثل الوكف يكبو غرابها *.(3/46)
ومن هذا الباب السِّبسب، وهي المفازة الواسعة، في قول أبي دُؤاد:
وخَرْقٍ سَبْسَبٍ يجري
عليه مَوْرُهُ سَهْبِ(1)
فأمّا السَّباسِب فيومُ عيدٍ لهم. ولا أدري مِمَّ اشتقاقه. قال:
* يُحَيَّوْن بالرَّيحانِ يومَ السَّباسبِ(2) *
(ست) السين والتاء ليس فيه إلا ستّة* وأصل التاء دال. وقد ذكر في بابه.
(سج) السين والجيم أصلٌ يدلُّ على اعتدالٍ في الشيء واستواء. فالسَّجْسج: الهواء المعتدل الذي لا حرَّ فيه ولا بردَ يُؤذي.
ومن ذلك الحديث: "إنَّ ظِلَّ الجنة سَجْسَجٌ". ويقال أرض سجسج، وهي السَّهلة التي ليست بالصُّلْبة. قال:
سح
*والقوم قد قطعوا مِتَانَ السَّجْسَجِ*(3)
ويقال ـ وهو من الباب ـ سَجَّ الحائطَ بالطِّين، إذا طلاهُ به وسوَّاه. وتلك الخشبة المِسَجَّة. والسَّجَاج: اللّبَن الرقيق الصّافي.(4)
ومما يقرب من هذا الباب الكبشُ السّاجِسِيُّ، وهو الكثير الصُّوف.
__________
(1) البيت مطلع قصيدة له في الأصمعيات 8 ليبسك.
(2) للنابغة الذبياني كما سبق (1: 140). وصدره:
*رقاق النعال طيب حجزاتهم *
(3) للحارث بن حلزة اليشكري، كما في اللسان (رجل، متن، سجج). وصدره:
* أنى اهتديت وكنت غير رجيلة *
... والبيت من قصيدة له في المفضليات (2: 55).
(4) وقيل الذي ثلثه لبن وثلثاه ماء. وأنشد:
يشربه محضاً ويسقي عياله
سجاجا كأقراب الثعالب أورقا(3/47)
ومما شذّ عن الأصل قولُهم: لا أفعل ذلك سَجِيسَ الليالي، وسَجِيسَ الأوْجَسِ، أي أبداً. وماءٌ سَجَِس(1)، أي متغيّر. والسَّجَّة: صنمٌ كان يُعبَد في الجاهلية. وفي الحديث: "أخرِجوا صدقاتِكم؛ فإنَّ الله عزَّ ذكرُهُ قد أراحكم من الجَبْهَة والسَّجَّة والبَجَّة"(2). وتفسيره في الحديث أنها أسماءُ آلهة كانوا يعبدونها في الجاهليَّة.
(سح) السين والحاء أصلٌ واحد يدلُّ على الصَّبّ، يقال سححت [الماء] أسُحُّ سَحّاً. وسَحَابَةٌ سحوح، أي صَبَّابة. وشاةٌ ساحٌّ، أي سمينة، كأنّها تَسُحّ الودكَ سَحّاً. وفرس مِسَحٌّ، أي سريعةٌ يشبه عدوُها انصبابَ المطر. ويقال سَحسَح الشيء، إذا سال. ويقال إن السحسحة هي السَّاحة(3).
سخ - سد
(سخ) السين والخاء أصلٌ فيه كلمة واحدة. يقال إن السَّخَاخ. الأرض اللَّيِّنة الحُرَّة. وذكروا ـ إن كان صحيحاً ـ سَخَّت الجرادة، إذا غرزت بذنبها في الأرض.
(سد) السين والدال أصل واحد، وهو يدلُّ على ردم شيء ومُلاءَمَته من ذلك سدَدت الثُّلمة سدَّاً. وكلُّ حاجزٍ بين الشيئين سَدٌّ. ومن ذلك السَّديد، ذُو السَّداد، أي الاستقامة(4)؛ كأنّه لا ثُلْمة فيه. والصَّواب أيضاً سَداد. يقال قلتُ سَدَاداً. وسَدَّدَهُ الله عزَّ وجلَّ. ويقال أسَدَّ الرجلُ، إذا قال السَّداد. ومن الباب: "فيه سِدادٌ من عَوَز" بالكسرة. وكذلك سِداد الثُّلمة والثَّغر. قال:
أضاعُوني وأيَّ فتىً أضاعُوا
ليومِ كريهةٍ وسِدَادِ ثغرِ(5)
__________
(1) بالتحريك، وبفتح فكسر، ويقال سجيس: أيضاً. على أن حق هذه الكلمات أن تكون في مادة (سجس)، لكن هكذا وردت في الأصل والمجمل.
(2) ورد في الحديث في مادة (بجج، سجج، جبه). وروي في الموضع الأول: "من الشجة والبجة"، وقد فسر بتفاسير أخر.
(3) في الأصل: "سمى الساحة". وفي المجمل: "ويقال إن السحسحة الساحة".
(4) في الأصل: "والسداد إلى الاستقامة".
(5) للعرجي، كما في اللسان (سدد).(3/48)
والسُّدَّة كالفِناء حول البيت. واستدَّ الشيء، إذا كان ذا سَداد. ويقال: السُّدَّة الباب. وقال الشاعر:
تَرَى الوفودَ قياماً عند سُدَّتِهِ
يَغْشَوْنَ بابَ مَزُورٍ غيرِ زَوَّارِ(1)
والسُّدَاد: داءٌ يأخذ في الأنف يمنع النَّسيم. والسَّدّ والسُّدُّ: الجراد يملأ الأفق. وقولهم السُّدة: الباب، لأنَّه يُسَدّ، وفي الحديث في ذكر الصَّعاليك: "الشعث رؤوساً الذين لا يُفْتَحُ لهم السُّدَد".
سر
(سر) السين والراء يجمع فروعَه إخفاءُ الشيء. وما كان من خالصه ومستقرِّه. لا يخرج شيءٌ منه عن هذا. فالسِّرّ: خلاف الإعلان. يقال أسْرَرت الشيءَ إسراراً، خلاف أعلنته. ومن الباب السِّرّ، وهو النِّكاح، وسمِّي بذلك لأنَّه أمرٌ لا يُعْلَن به. ومن ذلك السِّرَار والسَّرَار، وهو ليلةَ يستسرّ الهلال، فربما كان ليلة، وربماكان ليلتين إذا تمّ الشهر. ومن ذلك الحديث: "أنّه سأل رجلاً هل صُمْتَ مِنْ سِرَارِ الشَّهر شيئاً؟"، قال: لا، فقال: "إذا أفطرتَ رمضانَ فصُمْ يومين". قال في السِّرار:
نحنُ صَبَحْنا عامراً في دارِها
جُرداً تَعَادَى طَرَفي نهارِها
عَشِيَّةَ الهِلال أو سَِرَارها(2)
وحدّثني محمد بن هارون الثّقفي، عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي الحسن الأثرم، عن أبي عبيدة قال: أسررت الشيء: أخفيته. وأسررته: أعلنته. وقرأ:
{ وأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا العَذَابَ } [يونس 54]. قال: أظهروها. وأنشد قول امرئ القيس:
* لو يُسِرُّون مَقْتَلي(3) *
__________
(1) أنشد البيت في المجمل أيضاً.
(2) الرجز في اللسان (سرر).
(3) من معلقته والبيت بتمامه:
تجاوزت أحراساً إليها ومعشراً
علي حراصاً لو يسرون مقتلي(3/49)
أي لو يُظهرون. ثم حدّثني بعضُ أهل العلم، عن أبي الحسن عبد الله بن سفيان النحويّ قال: قال الفرَّاء: أخطأ أبو عبيدة التفسيرَ، وصحّف في الاستشهاد. أمَّا *التفسير فقال: أَسَرُّو النّدامة أي كتموها خوف الشَّماتة. وأمّا التصحيف فإنما قال امرؤ القيس:
سر
* لو يُسِرُّون مَقتلي *
أي لو يظهرون. يقال أشْرَرت الشيءَ، إذا أبرزتَه، ومن ذلك قولهم أشْرَرت اللحمَ للشّمسِ. وقد ذُكِر هذا في بابه.
وأمّا الذي ذكرناه من مَحض الشيء وخالِصِهِ ومستقرّهِ، فالسِّر: خالص الشيء. ومنه السُّرور؛ لأنه أمرٌ خالٍ من الحزْنِ. والسُّرَّة: سُرَّة الإنسان، وهو خالص جسمه وليّنه. ويقال قطع عن الصبي سَِرَرُه(1)، وهو [السُّرُّ](2)، وجمعه أسِرَّة. قال أبو زيد: والسِّرَر: الخطّ من خطوط بطن الراحة. وسَرَارَة الوادي وسِرُّه: أجوده. وقال الشاعر:
هَلاَّ فوارسَ رحرحانَ هجوتَهم
عُشَراً تناوَحَ في سَرارَةِ وادِ
يقول: لهم منظر وليس لهم مخبر. والسَّرَرُ: داءٌ يأخذ البعير في سُرَّتِهِ. يقال: بعيرٌ أَسَرّ. والسَّرُّ: مصدر سررت الزَّنْدَ، وذلك أن يبقى أَسَرَّ، أي أجوف، فيُصلَح. يقال سُرَّ زَنْدُكَ فإنّه أسرُّ. ويقال قَنَاة سَرَّاءُ، أي جوفاء. وكل هذا من السُّرَّة والسَّرَر، وقد ذكرناه.
فأمَّا الأسارير، وهي الكسور التي في الجبهة، فمحمولةٌ على أساريرَ السُّرَّة، وذلك تكسُّرها. وفي الحديث: "أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على عائشة تبرقُ أساريرُ وجهه". ومنه أيضاً مما هو محمولٌ على ما ذكرناه: الأسرار: خطوط باطن الراحة، واحدها سِرّ. والأصل في ذلك كلّه واحد، قال الأعشى:
سر
فانظرْ إلى كفٍّ وأسرارِها
هل أنتَ إن أوعدتَني ضائري(3)
__________
(1) يقال بالتحريك، وبكسر ففتح.
(2) التكملة من المجمل.
(3) ديوان الأعشى 107 واللسان (سرر 24).(3/50)
فأمّا أطرافُ الرّيحان فيجوز أن تسمَّى سُروراً لأنّها أرطَبُ شيء فيه وأغضَّه. وذلك قوله(1):
كَبَردِيَّة الغِِيل وَسْطَ الغَرِيفِ
إذا خالطَ الماءُ منها السرورا(2)
وأمَّا الذي ذكرناه من الاستقرار، فالسَّرير، وجمعهُ سرُر وأَسِرَّة. والسرير: خفض العيش؛ لأنّ الإنسان يستقرّ عنده وعندَ دَعَتَه. وسرير الرأس: مستقَرُّهُ. قال:
* ضرباً يُزيل الهامَ عن سريرِه *(3)
وناسٌ يروُون بيت الأعشى:
* إذا خالطَ الماءُ منها السريرا *
بالياء(4)، فيكون حينئذٍ تأويله أصلَها الذي استقرّت عليه، وأنشدوا قول القائل:
وفارقَ منها عِيشةً دَغْفَلِيّةً
ولم تَخْشَ يوماً أن يزولَ سريرُها(5)
والسِّرر من الصبي والسَّرر: ما يقطع. والسُّرة: ما يبقى. ومن الباب السَّرير: ما على الأكمَة من الرَّمل.
سطع
ومن الباب الأول سِرّ النسب، وهو محضُهُ وأفضلُهُ. قال ذو الأصبع:
وهم مَنْ وَلَدُوا أَشبَوْا
بسِرِّ النّسب المحضِ(6)
__________
(1) الأعشى، ديوانه 67، واللسان (سرر).
(2) ويروى: "السريرا" أي شحمة البردي.
(3) بعده في اللسان (سرر): * إزالة السنبل عن شعيره *.
(4) ويروى أيضاً: "السرورا"، بالواو كما سبق.
(5) في اللسان (6: 26): "ولم تخش يوماً".
(6) وكذا في المجمل (سر)، وأشبوه: رفعوه. وفي اللسان (شبا): "إن ولدوا أشبوا"، يقال أشبى الرجل، إذا أنجب ولداً مثل شبا الحديد. وبعض هذه القصيدة في الأصمعيات 37 ليبسك.(3/51)
ويقال السُّرسُور: العالم الفطن، وأصله من السِّر، كأنّه اطّلع على أسرار الأمور. فأما السُّرِّيَّة فقال الخليل: هي فُعليّة. ويقال يتسرَّر، ويقال يتسرَّى. قال الخليل: ومن قال يتسرَّى فقد أخطأ. لم يزد الخليلُ على هذا. وقال الأصمعي السُرِّية من السِّرّ، وهو النّكاح؛ لأنَّ صاحبها اصطفاها للنكاح لا للتجارة فيها. وهذا الذي قاله الأصمعيّ، وذكر ابن السِّكيت في كتابه. فأمّا ضمّ السين في السُّرّية فكثيرٌ من الأبنية يغيَّر عند النسبة، فيقال في النسبة إلى الأرض السَّهلة سُهْليّ، وينسب إلى طول العمر وامتدادِ الدَّهر فيقال دُهريّ. ومثل ذلك كثير. والله أعلم.
(باب السين والطاء وما يثلثهما)
(سطع) السين والطاء والعين أصلٌ يدلُّ على طول الشيء وارتفاعِهِ في الهواء. فمن ذلك السَّطع، وهو طول العنق. ويقال ظليم أسطَعُ، ونَعامة سَطْعاء. ومن الباب السِّطاع، وهو عمود من عُمُد البيت. قال القطاميّ:
أليسُوا بالأُولى قَسَطوا جميعاً
على النُّعمانِ وابتدروا السِّطاعا(1)
سطل – سطم – سطن - سطا
ويقال سَطَع الغبارُ* وسطعت الرائحة، إذا ارتفعت. والسَّطْع: ارتفاع صوت الشيء إذا ضربتَ عليه شيئاً. يقال سطعَه. ويقال: إنَّ السَّطيع الصبح. وهذا إنْ صحَّ فهو من قياس الباب؛ لأنه شيء يعلو ويرتفع. فأما السِّطاع في شعر هذيل فهو جَبَل بِعينه(2).
(سطل ) السين والطاء واللام ليس بشيء. على أنَّهم يسمُّون إناء من الآنية سَطلاً وسَيْطلا.
__________
(1) ديوان القطامي 41 واللسان (سطع). وفي شرح الديوان: "أراد قتل عمرو بن كلثوم عمرو بن هند".
(2) يعني في قول صخر الغي الهذلي. اللسان (سطع):
فذاك السطاع خلاف النجا
ء تحسبه ذا طلاء نتيفا
... وقصيدته في شرح السكري للهذليين 42 ونسخة الشنقيطي 57.(3/52)
(سطم) السين والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على أصل شيء ومجتمَعِهِ. يقولون: الأسطمّ: مجتمع البحر. ويقال هذه أُسْطُمَّةُ الحَسَب، وهي واسطته. والناس في أُسطُمّة الأمر. ويقال إنَّ الأسطمّ والسِّطام: نَصل السيف. وفي الحديث: "سِطَام الناس" أي حَدُّهم.
(سطن) السين والطاء والنون، هو على مذهب الخليل أصلٌ، لأنه يجعل النون فيه أصلية. قال الخليل: أُسْطُوانة أُفْعُوَالة. تقول هذه أساطينُ مُسَطَّنة. قال: ويقال جملٌ أُسطوانٌ، إذا كان مرتفعاً. قال:
* جَرَّبْنَ منِّي أُسطواناً أَعْنَقَا(1) *
(سطا) السين والطاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على القهر والعلوّ. يقال سطا عليه يسطو، وذلك إذا قهره ببطش. ويقال فرسٌ ساطٍ، إذا سطا على
سطح - سطر
سائر الخيل. والفحلُ يسطو على طَرُوقته. ويقال سطا الرَّاعي على الشاة، إذا مات ولدُها في بطنها فسطا عليها فأخرجَه. ويقال سطا الماء، إذا كثُر. وقال بعض أهل اللغة في الفرس السَّاطي: هو الذي يرفع ذنبه في الحُضْر. قال الشيبانيّ: السَّاطي: البعير إذا اغتلم خرج من إبلٍ إلى إبل. قال:
* هامته مثل الفَنيق السَّاطِي(2) *
(سطح) السين والطاء والحاء أصلٌ يدلّ على بسط الشيء ومَدّه، من ذلك السَّطْح معروف. وسَطح كلِّ شيء: أعلاه الممتدُّ معه. ويقال انْسَطَح الرجلُ، إذا امتدَّ على قفاه فلم يتحرَّك، ولذلك سمِّي المنبسط على قفاه من الزَّمانة سَطيحاً. وسطيحٌ الكاهن سُمّي سطيحاً لأنه كذلك خُلِقَ بلا عَظْم. والمَسْطَح، بفتح الميم: الموضع الذي يبسط فيه التَّمر. والمِسطح، بكسر الميم: الخِباء، والجمع مساطح. قال الشاعر:
تَعَرَّضَ ضَيْطَارُو خُزاعةَ دوننا
وما خير ضَيْطارٍ يقلِّبُ مِسطَحا(3)
__________
(1) لرؤبة في اللسان (سطن).
(2) لزياد الطماحي، كما في اللسان (سطا).
(3) البيت لمالك بن عوف النصري، كما في اللسان (سطح، ضطر). وقد سبق في (2: 102).(3/53)
وإّنّما سمِّيَ بذلك لأنه تمدُّ الخيمةُ به مَدَّا. والسَّطيحة: المزادة، وإنّما سمِّيت بذلك لأنّه إذا سقط انسطح، أي امتَدَّ. والسُّطَّاح: نبت من نبات الأرض، وذلك أنّه ينبسط على الأرض.
(سطر) السين والطاء والراء أصلٌ مطّرد يدلُّ على اصطفافِ الشيء، كالكتاب والشجر، وكلِّ شيء اصطَفَّ. فأمَّا الأساطير فكأنها أشياءُ كُتبت من
سعف – سعل
الباطل فصار ذلك اسماً لها، مخصوصاً بها. يقال سَطَّر فلانٌ علينا تسطيراً، إذا جاء بالأباطيل. وواحد الأساطير إسطار وأُسطورة.
ومما شذ عن الباب المُسَيطِر(1)، وهو المتعهّد للشيء المتسلّط عليه.
(باب السين والعين وما يثلثهما)
(سعف) السين والعين والفاء أصلان متباينان، يدلُّ أحدُهما على يُبْس شيء وتشعُّثه، والآخر على مواتاة الشيء.
فالأوَّل السّعف جمع سَعَفة، وهي أغصان النخلة إذا يبست. فأما الرَّطْب فالشَّطْب. وأما قول امرئ القيس في الفرس:
* كَسَا وجْهَهَا سَعَفٌ منتشر(2) *
فإنّه إنّما شبّه ناصيتها به. ومن الباب: السَّعْفَة: قروح تخرج برأس الصبيّ. ومنه قول الكسائيّ: سَُعِفت يدُه، وذلك هو التشعّث حول الأظفار، والشُّقاق. *ويقال ناقةٌ سَعْفاء، وقدسُعِفَتْ سَعفا، وهو داءٌ يتمعّط منه خُرطومها. وذلك في النُّوق خاصّة.
والأصل الثاني: أَسْعَفْت الرجل بحاجته، وذلك إذا قضيتَها له. ويقال أسعفته على أمره، إذا أعنْتَه.
(سعل) السين والعين واللام أصل يدل على صخب وعلوِّ صوت.
سعم – سعن – سعو
يقال للمرأة الصّخّابة قد استسعَلَتْ، وذلك مشبّه بالسِّعلاة. والسَّعالى: أخبثُ الغِيلان. والسُّعال، مشتقّ من ذلك أيضاً؛ لأنه شيءٌ عالٍ. فأما قول الهذليّ(3) في وصف الحمار:
__________
(1) في الأصل: "المسطير"، صوابه من المجمل.
(2) صدره كما في اللسان (سعف) والديوان 12:
* وأركب في الروع خيفانة *
(3) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوانه ص 4 والمفضليات (2: 223)، واللسان (سعل، مرع).(3/54)
* وأسعلته الأمرُعُ(1) *
فإنه يريد نَشّطته الأمرُعُ حتى صار كالسِّعلاة، في حركته ونشاطه.
(سعم) السين والعين والميم كلمةٌ واحدة. فالسَّعْم: السَّير. يقال سَعَم البعيرُ، إذا سار.. وناقةٌ سَعُوم.
(سعن) السين والعين والنون كلمة واحدة. يقولون ماله سَعْنة ولا مَعْنَة، أي ما له قليلٌ ولا كثير. ويقال إن كان صحيحاً إنَّ السُّعْن شيء كالدَّلو.
(سعو) السين والعين والحرف المعتل وهو الواو، كلمتان إن صحّتا. فذكر عن الكسائي: مضى سَعْوٌ من الليل، أي قِطْع منه. وذكر ابن دريد(2) أن السَّعْوَ الشَّمَع، وفيه نظر. [والمَسْعاة(3)] في الكرم والجُود. والسِّعاية في أخذ الصدقات. وسِعاية العَبد، إذا كُوتِبَ: أن يسعى فيما يفُكُّ رقبتَه.
ومن الباب ساعَى الرّجلُ الأمَةَ، إذا فَجَرَ بها، كأنَّه سعى في ذلك وسَعَتْ فيه. قالوا: لا تكون المساعاة إلاّ في الإماء خاصّة.
سعد - سعر
__________
(1) البيت بتمامه:
أكل الجحيم وطاوعته سمحج
مثل القناة وأسعلته الأمرع
(2) الجمهرة (3: 34).
(3) التكملة من المجمل.(3/55)
(سعد) السين والعين والدال أصلٌ يدل على خير وسرور، خلاف النَّحْس. فالسَّعْد: اليُمْن في الأمر. والسَّعْدان: نبات من أفضل المرعى. يقولون في أمثالهم: "مرعى ولا كالسَّعدان". وسعود النجم عشرة(1): مثل سعد بُلَعَ، وسعد الذابح. وسمِّيت سُعوداً ليُمنها. هذا هو الأصل، ثم قالوا لساعد الإنسان ساعد، لأنَّه يتقوَّى به على أموره. ولهذا يقال ساعده على أمره، إذا عاونَه، كأنه ضم ساعده إلى ساعِده. وقال بعضهم: المساعدة المعاونة في كل شيء، والإسعاد لا يكون إلاَّ في البكاء. فأما السَّعْدانة، التي هي كِركِرة البعير، فإنما سمِّيت بذلك تشبيهاً لها في انبساطها على الأرض بالسَّعْدان الذي ينبسط على الأرض في منبِتِه(2). والسَّعْدانة عقدة الشِّسْع(3) التي تلي الأرض. و السَّعْدانات: العقَد التي تكون في كِفَّة الميزان. وسُعْد: موضع. قال جرير:
ألاَ حَيِّ الدِّيار بسُعْد إنِّي
أحبُّ لحبِّ فاطمةَ الدِّيارا(4)
ويقال إنَّ السَّعدانة: الحمامة الأنْثى، وهو مشتقٌّ من السَّعْد.
(سعر) السين والعين والراء أصل واحدٌ يدل على اشتعال [الشيء] واتّقاده وارتفاعه. من ذلك السعير سعير النار. واستعارها: توقُّدها. والمِسْعر:
سعر
__________
(1) في اللسان: "وهي عشرة أنجم، كل واحد منها سعد. أربعة منها منازل ينْزل بها القمر، وهي سعد الذابح، وسعد بلع، وسعد السعود، وسعد الأخبية، وهي في برجي الجدي والدلو. وستة لا ينْزل بها القمر وهي سعد ناشرة، وسعد الملك، وسعد البهام، وسعد الهمام، وسعد البارع، وسعد مطر. وكل سعد منها كوكبان، بين كل كوكبين في رأي العين قدر ذراع".
(2) في الأصل: "الذي يبسط على الأرض في تنبته"، تحريف.
(3) الشسع، بالكسر: قبال النعل الذي يشد إلى زمامها. وفي الأصل: "السبع"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) ديوان جرير 280 ومعجم البلدان (سعد) وهو بضم السين.(3/56)
الخشب الذي يُسْعر به(1). والسُّعار: حَرّ النار. ويقال سُعِر الرَّجُل، إذا ضربته السَّموم. ويقال إِنَّ السِّعْرارة هي التي تراها في الشّمس كالهباء. وسَعَرتُ النّارَ وأسْعَرْتُها، فهي مُسْعَرَة ومسعُورة. ويقال استَعَرَ اللُّصوص كأنهم اشتعلوا. واستعر الجَرَب في البعير. وسمِّي الأسعر الجُعفيّ(2) لقوله:
فلا يَدْعُني الأقوامُ من آل مالكٍ
لئن أنا لم أَسْعَر عليهم وأُثْقِبِ(3)
قال ابن السِّكيت: ويقال سَعَرهم شَرَّا، ولا يقال أَسْعَرَهُم.
ومن هذا الباب: السُّعْر(4)، وهو الجنون، وسمِّي بذلك لأنّه يَسْتَعِر في الإنسان. ويقولون نَاقة مسعورة. وذلك لِحِدّتها كأنّها مجنونة. فأمّا سِعْر الطعام فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّه يرتفع ويعلو. فأمَّا مساعِر البعير فإنَّها مشاعِرُهُ(5). ويقال هي آباطه وأرفاغه وأصل ذنبِهِ حيث رَقَّ وَبَرُهُ، وإنّما سُمِّيت بذلك لأنّ الجرب يستَعِر فيها أولاً ويستعر فيها أشدّ. وأما قول عروة بن *الورد:
* فطاروا في بلاد اليَستَعور(6) *
فقالوا: أراد السعير. ويقال إنه مكان، ويقال إنَّه شجرٌ يقال له اليستعور يُستاك [به].
سعط – سغل – سغم - سغب
__________
(1) في اللسان : "ويقال لما تحرك به النار من حديد أو خشب مسعر ومسعار".
(2) اسمه مرثد بن أبي حمران بن معاوية. المؤتلف 47.
(3) البيت في المجمل واللسان (سعر) والمؤتلف 47.
(4) السعر، بضم وبضمتين. وفي الكتاب: { إنا إذاً لفي ضلال وسعر } [القمر 24].
(5) في الأصل: "مشافره" تحريف. وفي المجمل: "ومساعر البعير مشاعره، وهي آباطه وأرفاغه وأصل ذنبه حيث رق وبره، ويقال بل تلك المشاعر لأن عليها شعراً وسائر جسده وبر".
(6) البيت من أبيات تروى أيضاً للنمر بن تولب، كما في ديوان عروة 89، وصدره:
* أطعت الآمرين بصرم سلمى * ... ورواية الديوان: "في عضاه اليستعور".(3/57)
(سعط) السين والعين والطاء أصل، وهو أن يُوجَر الإنسانُ الدواء، ثم يحمل عليه. فمن ذلك أسعطته الدواءَ فاسْتَعطَه(1). والمُسْعُط(2): الذي يجعل فيه السَّعوط. والسَّعوط هو الدواء، وأصل بنائه سَعَطَ. ومما يحمل عليه قولهم طعنته فأسعَطْتُه(3) الرُّمح، والله أعلم.
(باب السين والغين وما يثلثهما)
(سغل) السين والغين واللام أصلٌ يدل على إساءة الغِذاء وسوء الحال فيه. من ذلك السَّغِل: الولد السيِّئ الغذاء. وكلُّ ما أسيء غذاؤه فهو سَغِل. قال سلامة بن جندل يصف فَرساً:
ليس بأسْفَى ولا أقْنى ولا سَغِلٍ
يُسقى دواء قَفِيّ السَّكْنِ مربُوبِ(4)
ويقال: بل السَّغِل: الدقيق القوائم الصغير. وقال ابن دريد: السغِل: المتخدِّد لحمه، المهزول المضطرب الخَلْق.
(سغم) السين والغين والميم ليس بشيء. على أنّهم يقولون للسغِل سَغِم.
(سغب) السين والغين والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الجوع. فالمَسْغَبَة: المجاعة، يقال سَغِبَ يَسْغَبُ سُغُوباً، وهو ساغب وسغبان. قال ابن دريد(5):
سفق – سفك – سفل - سفن
قال بعض أهل اللغة: لا يكون السَّغَب إلا الجوعَ مع التعب. قال وربَّما سمي العطَش سَغَباً؛ وليس بمستعمل.
(باب السين والفاء وما يثلثهما)
(سفق) السين والفاء والقاف أصَيلٌ يدلُّ على خلاف السخافة. فالسَّفيق لغة في الصفيق، وهو خلاف السخيف. ومنه سَفَقْتُ الباب فانْسَفَقَ، إذا أغلقته. وهو يرجع إلى ذاك القياس. ومنه رجل سَفيق الوجه، إذا كان قليل الحياء. ومن الباب: سفَقْت وجهَه، لطمتَه.
(سفك) السين والفاء والكاف كلمة واحدة. يقال سَفَكَ دمَه يسفِكه سفْكاً ، إذا أساله، وكذلك الدّمع.
__________
(1) في الأصل: "فأسعطه".
(2) كمنبر، وبضم الميم والعين.
(3) في الأصل: "فأسعته"، صوابه في المجمل.
(4) كلمة "ولا أقنى" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان (سغل) وديوان سلامة 8 والمفضليات
(1: 119).
(5) الجمهرة (1: 286).(3/58)
(سفل) السين والفاء واللام أصلٌ واحد، وهو ما كان خلافَ العلوّ. فالسُّفل(1) سُِفل الدارِ وغيرها. والسُّفُول: ضدّ العُلُوّ. والسَّفِلة: الدُّون من الناس، يقال هو من سَفِلة الناس ولا يقال سَفِلة(2). والسَّفَال:نقيض العَلاء. وإنّ أمرهم لفي سَفَال. ويقال قَعَدَ بسُفالة الرّيح وعُلاوتها. والعُلاوة من حيث تَهُبُّ، والسُّفالة ما كان بإزاء ذلك.
(سفن) السين والفاء والنون أصلٌ واحد يدلُّ على تنحية الشيء عن وجه
سفه
الشيء، كالقَشْر، قال ابن دريد(3): السفينة فعيلة بمعنى فاعلة، لأنَّها تسفِن الماء، كأنّها تقشِره. والسَّفّان: ملاّح السفينة. وأصل الباب السَّفْن، وهو القشر، يقال سَفَنْتُ العودَ أسفِنُه سَفْناً. قال امرؤ القيس:
فجاء خفِيَّاً يسفِنُ الأرضَ بطنُهُ
تَرَى التُّربَ منه لاصقاً غير مَلْصَقِ(4)
والسَّفَن: الحديدة التي يُنحَت بها. قال الأعشى:
وفي كلِّ عامٍ له غزوةٌ
تَحُكّ الدّوابِرَ حَكَّ السَّفَنْ(5)
وسفنتِ الريح التراب عن وجه الأرض.
(سفه) السين والفاء والهاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على خفّة وسخافة. وهو قياس مطَّرد. فالسَّفَه: ضدّ الحِلْم. يقال ثوب سفيه، أي رديء النسج. ويقال تَسَفَّهَت الريحُ، إذا مالت. قال ذو الرمة:
مَشَيْن كما اهتَزَّت رياحٌ تسفَّهت
أعالِيَها مَرُّ الرِّياحِ الرواسِمِ(6)
وفي شعره أيضاً:
__________
(1) يقال بالضم والكسر.
(2) في اللسان: "يقال هو من السفلة ولا يقال هو سفلة، لأنها جمع".
(3) الجمهرة (3: 39).
(4) في الأصل: ("خفيفاً")، صوابه من المجمل واللسان. وفي اللسان: "وإنما جاء متلبداً على الأرض لئلا يراه الصيد فينفر منه". ورواية اللسان في عجزه الذي لم ينشد في المجمل: "لاصقاً كل ملصق".
(5) ديوان الأعشى 19 والمجمل واللسان (سفن).
(6) وكذا رواية المجمل. وفي الديوان 616 واللسان : "الرياح النواسم".(3/59)
* سَفيهٍ جَديلُها(1) *
سفو
يذكر الزّمام واضطرابه. ويقال تسفّهتُ فلاناً عن ماله، إذا خدعْتَه، كأنَّك مِلت به عنه واسْتَخْفَفْتَه. قال(2):
تَسَفَّهْتَهُ عن ماله إِذْ رأيته
غلاماً كغُصنِ البانةِ المتغايِدِ(3)
وذكر ناسٌ * أنَّ السَّفَه أن يُكثِر الإنسانُ من شُربِ الماءِ فلا يَروَى. وهذا إن صحَّ فهو قريبٌ من ذاك القياس.
وكان أبو زيد يقول: سافَهْتُ الوَطْبَ أو الدّنَّ، إذا قاعَدْتَه فشربتَ منه ساعةً بعد ساعة. وأنشد:
أبِنْ لي يا عُمَيْرُ أذُو كعوبٍ
أصَمُّ، قناتُهُ فيها ذُبُولُ
أحَبُّ إليكَ أم وَطْبٌ مُدَوٍّ
تُسافِهُهُ إذا جَنَح الأَصِيلُ(4)
(سفو) السين والفاء والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة في الشيء. فالسَّفْو: مصدر سَفَا يَسْفو سَفْواً(5)، إذا مشى بسُرعة، وكذلك الطائر إذا أَسْرَعَ في طيرانه. والسَّفَا: خِفّة النّاصية، وهو يُكرَه في الخيلِ ويُحمَد في البِغال، فيقال بغلةٌ سفواء. وسَفت الريحُ التّراب تَسفيه سَفْياً. والسَّفا: ما تَطَايَرُ به الرِّيحُ من التُّراب. والسَّفا: شوك البُهْمَى، وذلك [أنه] إذا يبس خَفّ وتطايرت به الرّيح. قال رؤبة:
سفح - سفد
__________
(1) البيت بتمامه كما في الديوان 553 واللسان (سفه):
وأبيض موشيّ القميص نصبته
على ظهر مقلات سفيه جديلها
... وفي شرح الديوان :"أبيض، يعني السيف. وقميصه، يعني جفنه. موشى: منقوش".
(2) البيت من قصيدة لمزرد بن ضرار في المفضليات (1: 76).
(3) المتغايد: المتثني، من قولهم رجل أغيد وامرأة غيداء، إذا كانت أعناقهما تتثنى للنعمة. وفي الأصل: "المتفائد"، تحريف.
(4) دوى اللبن والمرق تدوية: صار عليه دواية، أي قشرة.
(5) كذا ضبط في الأصل والجمهرة (3: 40)، لكن في المجمل واللسان (19: 111 س 24): "سفوا" بضم السين والفاء وتشديد الواو.(3/60)
* واسْتَنَّ أعراف السَّفَا على القِيَقْ *(1)
ومن الباب: السَّفا، وهو تُراب القَبر. قال:
وحالَ السّفا بيني وبينكِ والعِدَا
ورَهْنُ السّفا غَمْرُ الطبيعة ماجدُ(2)
والسَّفاءُ، مهموز: السَّفَه والطَّيش. قال:
كم أزلّتْ أرماحُنا من سفيهٍ
سافَهونا بغِرّة وسَفَاءِ
(سفح) السين والفاء والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إِراقة شيء. يقال سفح الدّمَ، إذا صبَّه. وسفح الدّم: هَرَاقه. والسِّفاح: صبُّ الماء بلا عَقد نكاح، فهو كالشيء يُسفَح ضَياعاً. والسَّفّاح: رجلٌ من رؤساء العرب(3)، سَفَح الماء في غزوةٍ غزاها فسُمّي سفَّاحاً. وأمَّا سَفْح الجبل فهو من باب الإبدال، والأصل فيه صَفح، وقد ذُكر في بابه. والسَّفيح: أحد السِّهام الثلاثة التي لا أنصباءَ لها، وهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه.
(سفد) السين والفاء والدال ليس أصلاً يتفرّع منه، وإنّما فيه كلمتان متباينتان في الظاهر، وقد يمكن الجمع بينهما من طريق الاشتقاق. من ذلك
سفر
سِفاد الطَّائر، يقال سَفِد يَسْفَد، وكذلك التَّيس. والكلمة الأخرى السّفُّود، وهو معروف. قال النابغة:
كأنَّه خارجاً من جَنب صَفحته
سَفُّود شَرْبٍ نَسُوه عند مفتأدِ(4)
__________
(1) في الأصل "الفتق"، صوابه من الديوان 105 واللسان (قيق).
(2) البيت لكثير عزة كما في اللسان (سفا). وأنشده في المجمل مقدم العجز على الصدر. وفي اللسان: "غمر النقيبة".
(3) هو السفاح بن خالد، واسمه سلمة. وكان جراراً للجيوش، وإنما سمي السفاح لأنه سفح المزاد، أي صبها يوم كاظمة، وقال لأصحابه: قاتلوا، فإنّكم إن هزمتم متم عطشاً. ذكره ابن دريد في الاشتقاق 203، وأنشد:
وأخوهما السفاح ظمأَ خيله
حتى وردت جبا الكلاب نهالا
(4) ديوان النابغة 20 واللسان (فأد).(3/61)
(سفر) السين والفاء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانكشاف والجَلاء. من ذلك السَّفَر، سمِّي بذلك لأنَّ الناس ينكشفون عن أماكنهم. والسَّفْر: المسافرون. قال ابن دريد(1): رجلٌ سَفْرٌ وقوم سَفْرٌ.
ومن الباب، وهو الأصل: سَفَرتُ البَيت كنستُه. ومنه الحديث: "لو أمَرْتَ بهذا البيت فسُفِر(2)". ولذلك يسمَّى ما يسقُطُ من ورق الشّجر السَّفِير. قال:
وحائل مِنْ سَفير الحولِ جائلهُ
حولَ الجراثيمِ في ألوانه شَهَبُ(3)
وإنّما سمّي سفيراً لأنَّ الرّيح تسفره. وأما قولهم: سَفَر بَيْن القوم سِفارة، إذا أصلح، فهو من الباب؛ لأنَّه أزال ما كان هناك من عَداوة وخِلاف. وسَفَرتِ المرأةُ عن وجهها، إذا كشفَتْهُ. وأسفر الصبح، وذلك انكشاف الظّلام، ووجه مُسفِر، إذا كان مُشرِقاً سروراً. ويقال استفَرَت الإبل: تصرفت وذهبَتْ في
سفط – سفع
الأرض. ويقال للطعام الذي يُتّخذ للمسافر سُفْرة. وسمِّيت الجِلدة سُفْرة(4). ويقال بعير مِسفَر، أي قويٌ على السَّفر.
ومما شذّ عن الباب السِّفار: حديدةٌ تُجعَل في أنف الناقة. وهو قوله:
ما كان أجمالي وما القِطارُ
وما السِّفار، قُبِحَ السِّفارُ
وفيه قول آخر؛ أنه خيطٌ يشدُّ طرَفُه على خطام البعير فيدارُ عليه، ويُجعَل بفيه زِماماً، والسَّفْر: الكتابة. والسفَرَة: الكَتبة، وسُمّي بذلك لأنَّ الكتابة تُسفِرُ عما يُحتاج إليه من الشيء المكتوب.
__________
(1) الجمهرة (2: 333).
(2) في اللسان: "وفي الحديث أنَّ عمر رضي الله عنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو أمرت بهذا البيت فسفر".
(3) البيت لذي الرمة في ديوانه 19 واللسان (سفر). والشهب، بالتحريك، والشهبة بالضم: لون بياض يصدعه سواد في خلاله.
(4) في اللسان: "السفرة طعام يتخذه المسافر، وأكثر ما يحمل في جلد مستدير". وفي المجمل: "والسفرة طعام يتخذ للمسافر؛ وبه سميت الجلدة سفرة". في الأصل: "مسفرة"، تحريف.(3/62)
(سفط) السين والفاء والطاء ليس بشيء، وما في بابه ما يعوّل عليه، إلاّ أنّهم سمّوا هذا السَّفَط. ويقولون: السفيط السخيّ من *الرجال. وأنشدوا:
* ليس بذي حزم ولا سَفيطِ(1) *
وهذا ليس بشيء.
(سفع) السين والفاء والعين أصلان: أحدهما لونٌ من الألوان، والآخر تناوُل شيءٍ باليد.
فالأوّل السُّفْعَة، وهي السَّوَاد، ولذلك قيل للأثافيّ سُفْعٌ. ومنه قولهم: أرى به سُفْعَةً من غضب، وذلك إذا تَمَعَّرَ لونُهُ. والسَّفْعاء: المرأة الشاحبة؛ وكلُّ صَقْرٍ أسْفَعُ. والسَّفْعَاء: الحمامة، وسُفعتُها في عنقِها، دُوَينَ الرّأس وفُوَيقَ الطّوق. والسُّفْعة: في آثار الدار: ما خالَفَ من رَمادها سائرَ لونِ الأرض. وكان
سقل – سقم – سقي
الخليل يقول: لا تكون السُّفْعَةُ في اللَّوْن إلاّ سواداً مشْرَباً حُمْرَة.
وأمّا الأصل الآخر فقولهم: سَفَعْتُ الفرسَ، إذا أخذْتَ بمقدّم رأسه، وهي ناصيته، قال الله جلَّ ثناؤه: { لَنَسْفَعنْ بالنَّاصِيَةِ } [العلق 15]، وقال الشاعر:
* من بين مُلجِمِ مُهرِهِ أو سافِعِ(2) *
ويقال سَفَعَ الطائرُ ضريبتَه، أي لَطَمَه. وسَفَعْتُ رأس فلان بالعصا، هذا محمولٌ على الأخْذ باليد. وفي كتاب الخليل: كان عُبيد الله بن الحسن قاضي البصرة مولعاً بأن يقول: "اسفَعا بيده فأقيماهُ"، أي خُذا بيده.
(باب السين والقاف وما يثلثهما)
(سقل) السين والقاف واللام ليس بأصل، لأنَّ السين فيه مبدلة عن صاد.
(سقم) السين والقاف والميم أصلٌ واحد، وهو المرض: يقال سُقْمٌ وسَقَمٌ وسَقامٌ، ثلاثُ لغات.
__________
(1) لحميد الأرقط كما في اللسان (سفط). وأنشده في المجمل بدون نسبة. في الأصل: "ليس بيني" صوابه في المجمل واللسان.
(2) البيت لعمرو بن معد يكرب، كما في تفسير أبي حيان (8: 491)، وصدره:
* قوم إذا كثر الصياح رأيتهم *(3/63)
(سقي) السين والقاف والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ، وهو إشراب الشيء الماء وما أشبَهَه. تقول: سقيته بيدي أَسقيهِ سَقيا، وأَسْقيته، إذا جعلتَ له سِقياً. والسُّقْي: المصدر، وكم سِقيُ أرضك، أي حظُّها من الشرب. ويقال:
سقب
أسقيتُك هذا الجِلدَ، أي وهبتُهُ لك تتّخذه سِقاء. وسَقَيْتُ على فلان، أي قلتَ: سقاه الله. حكاه الأخفش. والسِّقاية: الموضع الذي يُتَّخذ فيه الشراب في الموسم. والسِّقاية: الصُّواع، وفي قوله جلَّ وعزَّ: { جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ
أَخِيهِ } [يوسف 70]، وهو الذي كان يَشرَب فيه الملك. وسَقَى بَطْنُ فلان، وذلك ماء أصفر يَقَع فيه. وسَقَى فلانٌ على فلانٍ بما يكره، إذا كرّره عليه. والسَّقِيُّ: البَرديّ في قول امرئ القيس:
* وساقٍ كأنبوبِ السَّقِيِّ المَذَلَّلِ(1) *
والسَّقِيّ، على فعيل أيضاً: السَّحابة العظيمة القَطْر. والسِّقاء معروف، ويشتق من هذا أسقيت الرَّجل، إذا اغتبْتَه. قال ابن أحمر:
* ولا أيّ من عاديت أسقى سقائيا(2) *
(سقب) السين والقاف والباء أصلان: أحدهما القرب، والآخر يدلُّ على شيء مُنْتَصِب. فالأوَّل السَّقَب، وهو القُرْب. ومنه الحديث: "الجار أحقُّ بسَقَبِه". يقال منه سقبتِ الدّارُ وأسْقبت. والساقب: القريب. وقال قوم: السّاقب القريب والبَعيد. فأمّا القريب فمشهور، وأما البعيد فاحتجُّوا فيه بقول القائل:
تَرَكْتَ أباكَ بأرضِ الحجاز
ورُحتَ إلى بَلدٍ ساقبِ
وأما الأصل الآخر فالسقْب والصَّقْب، وهو عمود الخِباء، وشُبّه به السقب ولدُ الناقة. ويقال ناقة مِسقاب، إذا كان أكثر وضْعِها الذّكور، وهو قوله:
سقر - سقط
* غَرَّاءَ مِسقاباً لفحلٍ أَسْقَبا(3)
__________
(1) صدره كما في معلقته: ... * وكشح لطيف كالجديل مخصر *.
(2) صدره كما في اللسان: ... * ولا علم لي ما نوطة مستكنة *
(3) البيت لرؤبة في ديوانه 170 واللسان (سقب). يمدح أبوي رجل ممدوح، وقبله:
* وكانت العرس التي تنخبا *(3/64)
*
هذا فعلٌ لا نعت.
(سقر) السين والقاف والراء أصلٌ يدل على إحراق أو تلويح بنار. يقال سقَرتْه الشَّمسُ، إذا لوّحتْه. ولذلك سمِّيت سَقَر. وسَقَرات الشمس: حَرُورها. وقد يقال بالصَّاد، وقد ذكر في بابه.
(سقط) السين والقاف والطاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الوقوع، وهو مطّرد. من ذلك سَقط الشيءُ يسقُطُ سقوطاً. والسَّقَط: رديء المتاع. والسِّقاط والسَّقَط: الخطأ من القول والفعل. قال سويد:
*كيف يرجُونَ سِقاطي بعدما
جَلَّلَ الرأسَ مَشيبٌ وصَلَعْ(1)
قال بعضهم: السقاط في القول: جمع سَقْطة، يقال سِقاط كما يقال رَملة ورمال. والسّقط: الولد يسقُط قبل تمامه، وهو بالضم والفتح والكسر. وسَُِقْط النار: ما يسقط منها من الزَّند. والسَّقَّاط: السيف يسقُط من وراء الضريبة، يقطعها حتى يجوزَ إلى الأرض. والسّاقطة: الرجل اللئيم في حَسبه. والمرأة السَّقِيطة: الدَّنيئة. وحُدِّثنا عن الخليل بالإسناد الذي ذكرناه في أول الكتاب، قال: يقال سقطَ الولدُ من بطن أمه، ولا يقال وقَع. وسُقط الرمل وسِقطه وسَقطه: حيث ينتهي إليه طَرَفه، وهو مُنقَطَعه. وكذلك مَسقِط رأسِه، حيث وُلد. وهذا مَسقط السّوط حيث سقط. وأتانا في مَسقِط النَّجم، حيث
سقع - سقف
سقط. وهذا الفعل مَسقَطة للرّجُل من عيون الناس. وهو أن يأتي ما لا ينبغي. والسِّقاط في الفَرَس: استرخاء العَدْو. ويقال أصبحت الأرض مُبْيضّة من السقيط، وهو الثّلج والجليد. ويقال إن سِقْط السحاب حيث يُرى طرَفُه كأنَّه ساقط على الأرض في ناحيةِ الأفقِ، وكذلك سِقْط الخِباء. وسِقْطا جناحَيِ الظليم: ما يُجَرُّ منهما على الأرض في قوله:
* سِقطانِ مِنْ كَنَفَيْ ظليمٍ نافِرِ(2) *
__________
(1) البيت في اللسان (سقط) وهو من قصيدة طويلة له في المفضليات (1: 188 ـ 200).
(2) البيت لثعلبة بن صعير المازني في المفضليات (1: 127). وصدره:
* وكأنَّ عيبتها وفضل فتانها *.(3/65)
قال بعض أهل العلم في قول القائل:
حتَّى إذا ما أضاءَ الصُّبح وانبعَثَتْ
عنه نَعامةُ ذي سِقْطين مُعْتَكِرِ(1)
يقال إنَّ نعامة الليل سوادُهُ، وسِقْطاه: أوَّلُهُ وآخره. يعني أنّ الليل ذا السقطينِ مضَى وصَدَقَ الصُّبْحُ.
(سقع) السين والقاف والعين ليس بأصل؛ لأنّ السين فيه مبدلة من صاد. يقال صُقْع وسُقْع. وصَقَعْته وسَقَعته. وما أدري أين سَقَعَ أي ذهب.
(سقف) السين والقاف والفاء أصل يدلُّ على ارتفاعٍ في إطلال وانحناء. من ذلك السقف سقف البيت، لأنه عالٍ مُطلٌّ. والسقيفة: الصُّفّة. والسقيفة: كلُّ لوحٍ عريض في بناء إذا ظهر من حائط. والسَّماء سقفٌ، قال الله تعالى:
{ وجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً } [الأنبياء 32]. ومن الباب الأسْقَفُ من الرِّجال، وهو الطويل المنحني؛ يقال أسقَفُ بيِّنُ السقَف. والله أعلم بالصواب.
سكم – سكن – سكب
(باب السين والكاف وما يثلثهما)
(سكم) السين والكاف والميم ليس بشيء. على أنَّ بعضهم ذكر أن السكم مقَارَبة الخطو.
(سكن) السين والكاف والنون أصلٌ واحد مطّرد، يدلُّ على خلاف الاضطراب والحركة. يقال سَكَن الشّيءُ يسكُن سكوناً فهو ساكن.
والسَّكْن: الأهل الذين يسكُنون الدّار. وفي الحديث: "حتَّى إنَّ الرُّمّانَة لَتُشْبِعُ السَّكْن". والسَّكَن: النار، في قول القائل:
* قد قُوِّمَتْ بسَكَنٍ وأَدْهانْ(2) *
__________
(1) البيت للراعي كما في اللسان (9: 192).
(2) البيت في وصف قناة ثقفها بالنار والدهن. اللسان (17: 75).(3/66)
وإنّما سمّيت سَكَنا للمعنى الأوّل، وهو أنَّ النّاظر إليها يَسْكُن ويَسْكُن إليها وإلى أهلها. ولذلك قالوا: "آنَسُ من نار". ويقولون: "هو أحسن من النّار في عين المقرور". والسَّكَن: كلُّ ما سكنتَ إليه من محبوب. والسِّكِّين معروف، قال بعضُ أهل اللغة: هو فِعِّيل لأنّه يسكّن حركةَ المذبوح به. ومن الباب السّكينة، وهو الوقار، وسُكان السفينة سمِّي لأنَّه يُسكّنها عن الاضطراب، وهو عربيٌّ.
(سكب) السين والكاف والباء أصلٌ يدلُّ على صبّ الشيء. تقول: سكب الماء يسكبه. وفرسٌ سَكْبٌ، أي ذرِيعٌ، كأنّه يسكُبُ عدْوَه سكبا، وذلك كتسميتهم إيّاه بحراً.
سكت - سكر
(سكت) السين والكاف والتاء يدلُّ على خِلاف الكلام. تقول: سكت يَسْكُت سكوتاً، ورجلٌ سِكِّيت. ورماه بُسكاتَة، أي بما أسكته. وسَكَت الغضبُ، بمعنى سكن. والسُّكْتَةُ: ما أسكتَّ به *الصبيّ. فأمّا السُّكيت(1) فإنه من الخيل العاشر عند جريها في السّباق. ويمكن أن يكون سمِّي سُكَيتاً لأنَّ صاحبَه يسكت عن الافتخار، كما يقال أجَرَّه كذا، إذا منعه من الافتخار، وكأنَّه جَرَّ لسانَه.
(سكر) السين والكاف والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَيرة. من ذلك السُّكْر من الشراب. يقال سَكِر سُكْراً، ورجلٌ سِكِّير، أي كثير السُّكْر. والتَّسْكير: التَّحيير في قوله عزَّ وجل: { لَقَالُوا إنَّما سُكِّرَتْ أَبْصَارُنا }
[الحجر 15]، وناس يقرؤونها { سُكِرَتْ } مخففة(2). قالوا: ومعناه سُحِرت. والسِّكْر: ما يُسكَر فيه الماء من الأرض. والسَّكْر: حَبْس الماء، والماء إذا سُكِر تحيَّر. وأمّا قولهم ليلة ساكرة، فهي السَّاكنة التي [هي] طلقةٌ، التي ليس فيها ما يؤذِي. قال أوس:
تُزادُ ليالِيَّ في طُولِها
فليست بطَلْقٍ ولا ساكِرهْ(3)
__________
(1) بضم السين وفتح الكاف مشددة ومخففة.
(2) هي قراءة ابن كثير، انظر إتحاف فضلاء البشر 274.
(3) ديوان أوس بن حجر 10 والمجمل واللسان (سكر).(3/67)
ويقال سَكَرت الرِّيح، أي سكَنت. والسَّكَر: الشَّراب. وحكى ناسٌ سكَره إذا خَنَقَه. فإنْ كان صحيحاً فهو من الباب. والبعير يُسَكِّر الآخر بذراعه حتى يكاد يقتلُه. قال:
سكف - سلم
* غَثَّ الرِّباعِ جَذَعاً يُسَكَّرُ *
(سكف) السين والكاف والفاء ليس أصلاً، وفيه كلمتان: أحدهما أُسْكُفَّة الباب: العَتَبة التي يُوطأ عليها. وأُسْكُفّ العين، مشبّه بأُسْكُفَّة الباب. وأمّا الإسكاف فيقال إن كلَّ صانعٍ إسكافٌ عند العرب. وينشد قول الشمّاخ:
* وشُعْبَتَا مَيْسٍ بَرَاها إسكافْ(1) *
قالوا: أراد القَوَّاس.
(باب السين واللام وما يثلثهما)
(سلم) السين واللام والميم معظم بابه من الصّحّة والعافية؛ ويكون فيه ما يشذُّ، والشاذُّ عنه قليل، فالسّلامة: أن يسلم الإنسان من العاهة والأذَى. قال أهلُ العلم: الله جلَّ ثناؤُه هو السلام؛ لسلامته مما يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء. قال الله جلَّ جلاله: { واللهُ يَدْعُو إلى دَارِ السَّلاَمِ } [يونس 25]، فالسلام الله جلَّ ثناؤه، ودارُهُ الجنَّة. ومن الباب أيضاً الإسلام، وهو الانقياد؛ لأنَّه يَسْلم من الإباء والامتناع. والسِّلام: المسالمة. وفِعالٌ تجيءُ في المفاعلة كثيراً نحو القتال والمقاتلة. ومن باب الإصحاب والانقياد: السَّلَم الذي يسمَّى السَّلف، كأنَّه مالٌ أسلم ولم يمتنع من إعطائه. وممكن أن تكون الحجارة سمِّيت سِلاماً لأنّها أبعدُ شيء في الأرض من الفَناء والذَّهابِ؛ لشدّتها
سلو/ي
وصلابتها. فأمّا السَّليم وهو اللّديغ ففي تسميته قولان: أحدهما أنَّه أُسلم لما به. والقول الآخر أنّهم تفاءلوا بالسَّلامة. وقد يسمُّون الشيءَ بأسماء في التفاؤُل والتطيُّر. والسُّلَّم معروف، وهو من السلامة أيضاً؛ لأنَّ النازل عليه يُرْجَى له السَّلامة. والسَّلامة: شجر، وجمعها سَلاَم.
__________
(1) ديوان الشَّماخ 103. وهو في اللسان (سكف 58) بدون نسبة.(3/68)
والذي شذَّ عن الباب السَّلْم: الدلو التي لها عروة واحدة. والسَّلَم: شجر، واحدته سَلَمة. والسَّلامانُ: شجرٌ(1).
ومن الباب الأول السَِّلْم وهو الصُّلح، وقد يؤنَّث ويذكَّر. قال الله تعالى:
{ وإِنْ جَنَحُوا لِلْسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا } [الأنفال 61]. والسَّلِمَة: الحجر، فيه يقول الشاعر:
ذاكَ خليلي وذو يعاتِبُني
يَرمِي ورائيَ بالسهمِ والسَّلِمَهْ(2)
وبنو سلِمَة: بطنٌ من الأنصار ليس في العرب غيرهم. ومن الأسماء سَلْمَى: امرأةٌ. وسلمى: جبلٌ. وأبو سُلمى أبو زُهَير، بضم السين، ليس في العرب غيره.
(سلو/ي) السين واللام والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خفض وطيب عيش. ومن ذلك قولهم فلان في سَلْوَةٍ من العيشِ، أي في رَغدٍ يسلِّيهِ الهم. ويقول: سَلاَ المحب يَسْلوا سُلُوَّاً، وذلك إذا فارقه ما كان به من همٍّ
سلب
وعشق. والسُّلْوانة: الخَرزة، وكانوا يقولون إنَّ من شرب عليها سَلاَ ممّا كان به، وعَمَّن كان يحبه. قال الشاعر:
شربت* على سُلْوانة ماءَ مُزنةٍ
فلا وَجديدِ العيش يا مَيَّ ما أسلُو(3)
قال الأصمعيّ: يقول الرجل لصاحبه: سقيتَني منك سَلْوَةً وسُلواناً، أي طيَّبت نفسي وأذهلْتَها عنك. وسَلِيت بمعنى سلوت. قال الراجز:
* لو أشربُ السُّلوانَ ما سَليتُ(4) *
ومن الباب السَّلا، الذي يكون فيه الولد، سمي بذلك لنَعمته ورقَّته ولينه. وأما السين واللام والهمزة فكلمة واحدة لا يقاس عليها. يقال سَلأَ السّمن يَسْلؤُه سلأ، إذا أذابه وصفّاه من اللَّبن، قال:
ونحن منعناكم تميماً وأنتم
__________
(1) في الأصل: "شجرة"، صوابه في المجمل واللسان. وواحده "سلامانة".
(2) البيت لبجير بن عنمة الطّائي، كما في اللسان (15: 189) والمشهور في روايته: "بامسهم وامسلمة" على لغة حمير في إبدال لام "أل" ميماً.
(3) البيت في اللسان (سلا) بدون نسبة .
(4) ديوان رؤبة 25 واللسان (سلا).(3/69)
موالِيَ إلاَّ تُحْسِنُوا السَّلْءَ تُضرَبوا
(سلب) السين واللام والباء أصلٌ واحدٌ، وهو أَخْذُ الشَيء بخفّة واختطاف. يقال سلبتُهُ ثوبَهُ سلْباً. والسَّلَب: المسلوب. وفي الحديث: "مَنْ قَتَل قتيلاً فله سَلَبُه". والسَّليب: المسلوب. والسَّلوب من النوق: التي يُسلَبُ ولدها والجمع سُلُب. وأسلبت الناقةُ، إذا كانت تلك حالَها. وأمّا السَّلَب وهو لِحاء الشجر فمن الباب أيضاً؛ لأنَّه تَقَشَّرَ عن الشَّجر، فكأنَّما قد سُلِبَته. وقول ابن مَحْكانَ:
فَنشنش الجلدَ عنها وهي باركةٌ
كما تُنَشْنِشُ كَفَّا قاتِلٍ سَلَبا(1)
ففيه روايتان: رواه ابن الأعرابي "قاتل" بالقاف. ورواه الأصمعي بالفاء.
سلت – سلج
وكان يقول: السَّلَب لحاء الشَّجَر، وبالمدينة سوقُ السَّلابين، فذهب إلى أنَّ الفاتل هو الذي يَفتِل السَّلَب. فسمعتُ عليّ بن إبراهيم القطان يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى ثعلباً يقول: أخطأ ابنُ الأعرابيّ، والصحيح ما قاله الأصمعيّ.
ومن الباب تسلّبَت المرأة، مثل أَحَدَّتْ. قال قوم: هذا من السُّلُب، وهي الثياب السُّود. والذي يقرب هذا من الباب الأوّل [أنَّ] ثيابَها مشبّهة بالسَّلَب، الذي هو لِحاء الشّجر. قال لبيد:
* في السُّلُب السُّود وفي الأمساحِ(2)*
وقال بعضهم : الفرق بين الإحداد والتَّسلُّب، أنَّ الإحداد على الزّوج والتَّسَلُّب قد يكون على غير الزّوج.
فأمّا قولهم فرس سَلِيبٌ، فيقال إنَّه الطويل القوائم. وقال آخرون: هو الخفيف نَقل القوائم؛ يقال رجلٌ سليب اليدين بالطَّعن، وثورٌ سليب القرن بالطَّعن. وهذا أجود القولَين وأَقيسُهما؛ لأنَّه كأنَّه يسلب الطّعنَ استلابا.
__________
(1) ديوان الحماسة (2: 255). واللسان (سلب).
(2) ديوان لبيد 50 طبع 1881، واللسان (سلب).(3/70)
(سلت) السين واللام والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو جلْفُ الشيء عن الشيء وقَشره. يقال سلتت المرأةُ خضابَها عن يدها. ومنه سَلَتَ فلانٌ أنفَ فلانٍ بالسيف سَلْتاً، وذلك إذا أخذه كلَّه. والرَّجُل أسْلَتُ. ويقال إنَّ المرأة التي لا تتعهَّد الخضاب يقال لها السَّلْتاء. ومن الباب السُّلْت: ضربٌ من الشعير لا يكاد [يكون] له قشر، والعرب تسمّيه العُرْيان.
(سلج) السين واللام والجيم أصلٌ يدل على الابتلاع. يقال سلج الشيء
سلح - سلخ – سلس
يَسلَجُه، إذا ابتلعه سَلْجَاً وسَلَجَاناً. وفي كلامهم: "الأخْذُ سَلَجَانٌ والقَضَاءَ لَِيَّانٌ". ومن الباب: فلان يتسلَّج الشراب، أي يُلِحُّ في شُرْبه.
(سلح) السين واللام والحاء السلاح، وهو ما يُقَاتَل به، وكان أبو عبيدة يفرِقُ بين السّلاح والجُنة، فيقول: السلاح ما قُوتِلَ به، والجُنّة ما اتُّقي به، ويحتج بقوله:
حيثُ تَرى الخيلَ بالأبطال عابسة
يَنْهَضْنَ بالهندوانيّاتِ والجُنَنِ(1)
فجعل الجُنَن غَيْرَ السُّيوف(2). والإسليح: شجرةٌ تغزُرُ عليها الإِبل. وقالت الأعرابية: "الإسليح(3)، رُغوَةٌ وسَريح، وسَنامٌ وإطريح".
(سلخ) السين واللام والخاء أصلٌ واحد، وهو إخراج الشيء عن جلده. ثم يُحْمَل عليه. والأصل سلخْتُ جلدةَ الشاةِ سلخاً. والسِّلْخ: جلد الحية تنسلخ. ويقال أسود سالخ لأنَّه يسلخ جلده كلَّ عام فيما يقال. وحكى بعضُهم سلختِ المرأة دِرْعَها: نزعَتْهُ. ومن قياس الباب: سلخت الشَّهرَ، إذا صرتَ في آخر يومه. وهذا مجاز. وانسلخَ الشَّهرُ، وانسلخ النَّهارُ من الليل المقْبِل. ومن الباب نخلة مِسْلاخٌ، وهي التي تنثُر بُسرَها أخضر.
__________
(1) سبق البيت في (1: 422).
(2) في الأصل "عن السيوف".
(3) في اللسان: "قالت أعرابية، وقيل لها: ما شجرة أبيك؟ فقالت: شجرة أبي الإسليح".(3/71)
(سلس) السين واللام والسين يدلُّ على سهولة في الشيء. يقال هو سَهْلٌ سَلِسٌ. والسَّلْس: جنس من الخَرز، ولعلَّه سمِّي بذلك لسلاسته في نَظْمه. قال:
سلط – سلع – سلغ - سلف
* وقلائدٌ مِنْ حُبْلَةٍ وسُلوسِ(1) *
(سلط) السين واللام والطاء أصلٌ واحدٌ، وهو القوّة والقهر. من ذلك السَّلاطة، من التسلط وهو القَهْر، ولذلك سمِّي السُّلْطان سلطاناً. والسلطان: الحُجَّة. والسَّليط من الرجال: الفصيح اللسان الذَّرِب. والسَّليطة: المرأة الصَّخَّابة.
ومما شذَّ عن الباب السَّلِيط: الزّيت بلغة أهل اليَمَن، وبلغة غيرهم دهن السِّمسِم.
(سلع) السين واللام والعين أصلٌ يدلُّ على انصداع الشيء وانفتاحه. من ذلك السَّلْع؛ وهو شقٌّ في الجبل كهيئة الصَّدْع، والجمع سُلوع. ويقال تَسَلّع عَقِبُه، إذا تشقّقَ وتَزَلَّع. ويقال سَلَعَ رأسه، إذا فَلَقَه. والسِّلعة: الشيء المبيع، وذلك أنَّها ليست بِقُِنْيَةٍ تُمْسك، فالأمر فيها واسعٌ. والسَّلَع: شجر.
(سلغ) السين واللام والغين ليس بأصلٍ، لكنه من باب الإبدال فسينُهُ مُبْدَلة من صاد. يقال سَلَغَت البقرةُ، إذا خرجَ نابُها، فهي سالغ. ويقولون لحمٌ أسلَغُ، إذا لم ينضج. ورجلٌ أسلَغُ: شديد الحمرة.
(سلف) السين واللام والفاء أصلٌ يدلُّ على تقدُّم وسبْق. من ذلك السَّلَف: الذين مضَوا. والقومُ السُّلاَّف: المتقدِّمون. والسُّلاَف: السائل من عصير العنب قبل أن يُعصَر. والسُّلْفَة: المعجَّل من الطَّعام قبل الغَدَاء. والسّلوف:
سلق
__________
(1) سبق البيت وتخريجه في (2: 132). وصدره:
* ويزينها في النحر حَليٌ واضحٌ *(3/72)
الناقة تكون في أوائل الإبل إذا وَرَدَت. ومن الباب السَّلَف في البيع، وهو مالٌ يقدَّم لما يُشتَرى نَساءً(1). وناس يسمُّون القَرضَ السَّلَف، وهو ذاك القياسُ لأنَّه شيءٌ يُقدَّم بعوض يتأخّر. ومن غير هذا القياس السِّلْف سِلْف الرِّجال، وهما اللذان يتزوّج هذا أُخْتاً وهذا أُخْتاً. وهذا قياس السَّالفتين، وهما صفحتا العنق، هذه بحذاء هذه.
ومما شذَّ عن البابين السَّلْف وهو الجراب. ويقال إنَّ القلفة تَسمَّى سَلْفاً(2).
ومنه أسْلَفتُ الأرضَ للزَّرْع(3)، إذا سوَّيتها. وممكن أن يكون هذا من قياس الباب الأوّل: لأنه أمرٌ قد تقدّم في إصلاحه.
(سلق) السين واللام والقاف فيه كلماتٌ متباينة لا تكاد تُجمع منها كلمتانِ في قياسٍ واحد؛ وربُّك جلُّ ثناؤُهُ يفعل ما يشاء، ويُنْطِقُ خَلْقه كيف أراد.
فالسَّلَق: المطمئنّ من الأرض. والسِّلْقَة: الذِّئبة. وسَلَقَ: صاح. والسَّلِيقة: الطبيعة. والسَّليقة: أثر النِّسع في جنب البعير. وسَلُوق: بلدٌ. والتَّسلُّق على الحائط: التَّوَرُّد عليه إلى الدار. والسّلِيق: ما تَحَاتَّ من الشجر. قال الرَّاجز:
تَسْمَعُ منها في السَّليقِ الأشهبِ
مَعمعةً مثل الضِّرَام المُلْهَبِ(4)
سلك – سمن
والسُّلاَق: تقشُّر جِلد اللِّسان. وسَلَقْت المزَادةَ، إذا دهنْتَها. قال امرؤ القيس:
كأنّهما مزادتا متعجِّلٍ
فَرِيّانِ لَمَّا يُسلَقَا بدِهانِ(5)
والسَّلْقُ:أن تُدخِل إحدى عُروتي الجُوالِق في الأخرى، ثم تثنيَها مرَّةً أخرى.
__________
(1) النساء، بالفتح: اسم من نسأت الشيء: أخرته.
(2) القلفة، بالضم والتحريك: غرلة الصبي. والسلف، كذا وردت في الأصل والمجمل. وفي اللسان
(11 : 61) أنها "السلفة" بالضم.
(3) في الأصل: "للذراع"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) الرجز بدون نسبة في اللسان (سلق).
(5) ديوان امرئ القيس 124 واللسان (سلق).(3/73)
(سلك) السين واللام والكاف أصلٌ يدلُّ على نفوذ شيءٍ في شيء. يقال سلكت الطَّريقَ أَسلُكُه. وسَلكت الشيء في الشيء: أنفذْته. والطَّعْنَة السُّلْكَى، إذا طَعَنَه تِلقاءَ وجهِه. والمسلَكَة: طُرَّةٌ تُشَقُّ من ناحية الثوب(1). وإنّما سمّيت بذلك لامتدادها. وهي كالسِّكَك.
ومما شذَّ عن الباب السُّلَكَة: الأنثى من ولد الحَجَل، والذكر سُلَك، *وجمعه سِلْكانٌ. والله أعلم.
(باب السين والميم وما يثلثهما)
(سمن) السين والميم والنون أصلٌ يدل على خلاف الضُّمْر والهزال. من ذلك السِّمَن، يقال هو سمين. والسَّمْن من هذا.
ومما شذَّ عن هذا الأصل كلامٌ يقال إن أهل اليمن يقولونه دونَ العرب، يقولونَ: سَمّنْتُ الشّيءَ، إِذا بَرّدْتَه. والتَّسْمِين: التَّبْريد. ويقال إنَّ الحجّاج قُدِّمت إليه سمكة فقال للذي عمِلها: "سَمِّنْها" يريد بَرِّدْها(2).
سمه - سمو
(سمه) السين والميم والهاء أصلٌ يدلُّ على حَيْرة وباطل. يقال سَمَه إذا دُهِشَ، وهو سَامِهٌ وقومٌ سمّهٌ. ويقولون: سَمَه البعيرُ، إذا لم يعرف الإعياء(3). وذهبت إبلُهم السُّمَّهَى، إذا تفرَّقَت. والسُّمَّهَى(4): الباطل والكذب. فأما قولُ رؤبة:
* جَرْيَ السُّمَّه(5) *
__________
(1) في المجمل: "من ناحيتي الثوب". ونص المقاييس يطابق نص القاموس. وهذه الكلمة "المسلكة" مما فات صاحب اللسان.
(2) في اللسان: "والتسمين: التبريد، طائفية. وفي حديث الحجاج أنّه أتى بسمكة مشوية فقال للذي حملها: سمنها. فلم يدرِ ما يريد، فقال عَنْبَسة بن سعيد: إنه يقول لك: بردها قليلاً".
(3) الإعياء: التعب، وفي الأصل: "الأحياء"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) في الأصل "السهمى" في هذا الموضع وسابقه، صوابها من المجمل، ويقال أيضاً "السميهى" كخليطى.
(5) في الكلام نقص. والبيت بتمامه، كما في ديوانه 165 واللسان:
*ياليتنا والدهر جري السمه*(3/74)
(سمو) السين والميم والواو أصلٌ يدل على العُلُوِّ. يقال سَمَوْت، إذا علوت. وسَمَا بصرُه: عَلا. وسَمَا لي شخصٌ: ارتفع حتّى استثبتُّه(1). وسما الفحلُ: سطا على شَوله سَماوَةً. وسَمَاوَةُ الهلال وكلِّ شيءٍ: شخصُهُ، والجمع سَماوٌ(2). والعرب تُسمِّي السّحاب سماءً، والمطرَ سماءً، فإذا أريدَ به المطرُ جُمع على سُمِيّ. والسَّماءة: الشَّخص. والسماء: سقف البيت. وكلُّ عالٍ مطلٍّ سماء، حتَّى يقال لظهر الفرس سَماء. ويتَّسِعون حتَّى يسمُّوا النَّبات سماء. قال:
إذا نَزَلَ السَّماءُ بأرضِ قومٍ
رَعَيْناهُ وإن كانوا غِضابا(3)
ويقولون: "ما زِلْنا نطأُ السَّماءَ حتَّى أتيناكم"، يريدون الكلأ والمطر. ويقال إن أصل "اسمٍ" سِمْو، وهو من العلوّ، لأنَّه تنويهٌ ودَلالةٌ على المعنى.
سمت – سمج - سمح
(سمت) السين والميم والتاء أصلٌ يدل على نَهجٍ وقصدٍ وطريقة. يقال سَمَتَ، إذا أخذ النَّهْج. وكان بعضُهم يقول: السَّمْت: السّير بالظنّ والحَدْس. وهو قول القائل:
* ليس بها ربعٌ لِسَمْتِ السَّامِت *
ويقال إنَّ فلاناً لحَسنُ السَّمْتِ، إذا كان مستقيمَ الطريقةِ متحرِّياً لفعل الخَير. والفعل منه سَمَت. ويقال سَمَت سَمْتَه، إذا قصد قصده.
(سمج) السين والميم والجيم أصلٌ يدلُّ على خِلاف الحُسن. يقال هو سَمِجٌ وسَمْجٌ(4)، والجمع سِمَاجٌ وسَمَاجَى. ومن الباب السَّمْج من الألبان، وهو الخبيث الطَّعْم.
(سمح) السين والميم والحاء أصلٌ يدلُّ على سَلاسةٍ وسُهولة. يقال سَمَح له بالشيء. ورجلٌ سَمْحٌ، أي جواد، وقومٌ سُمَحاء ومَسامِيح. ويقال سَمَّح في سيره، إذا أسرع. قال:
__________
(1) وكذا في اللسان. لكن في المجمل "استبنته".
(2) في الأصل "سمو"، تحريف. وفي اللسان: "والجمع من كل ذلك سماء وسماو".
(3) البيت لمعود الحكماء معاوية بن مالك، كما في اللسان.
(4) وسميج أيضاً.(3/75)
* سَمَّحَ واجتابَ فلاةً قِيّا(1) *
ومن الباب: المُسامَحة في الطِّعان والضَّرب، إذا كان على مُساهَلة. ويقال رُمْحٌ مسَمَّحٌ: قد ثُقِّفَ حتَّى لانَ.
سمخ – سمد - سمر
(سمخ) السين والميم والخاء ليس أصلاً؛ لأنَّه من باب الإبدال. والسين فيه مبدلة من صاد. والسِّمَاخ في الأذن: مَدْخَله. ويقال سَمَخْت فلاناً: ضربت سِمَاخَه. وقد سَمَخني بشدة صوتِهِ.
(سمد) السين والميم والدال أصلٌ يدلُّ على مضيٍّ قُدُماً من غير تعريج. يقال سمَدت الإبلُ في سيرها. إذا جَدّتْ(2) ومَضَت على رؤوسها. وقال الرَّاجز:
* سَوَامِدُ الليلِ خفافُ الأزوادْ(3) *
يقول: ليس في بطونها عَلَف. ومن الباب السُّمود الذي هو اللَّهو. والسَّامد هو اللاهي. ومنه قوله جلَّ وعلا: { وأَنْتُمْ سَامِدُونَ } [النجم 61]، أي لاهون. وهو قياس الباب؛ لأنَّ اللاهي يمضي في أمره غير معرِّج ولا مُتَمَكِّث. وينشدون:
قيل قُمْ فانظر إليهم
ثمّ دَع عنكَ السُّمودا(4)
فأمَّا قولهم سَمَّد رأسه، إذا استأصل شَعره، فذلك من باب الإبدال؛ لأن أصله الباء، وقد ذكر.
(سمر) السين والميم والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف البياض في اللون. من ذلك السُّمْرة من الألوان، وأصله قولهم: "لا آتيك السَّمَر والقَمَر"، فالقَمر: القمر. والسَّمَر: سواد الليل، ومن ذلك سمِّيت السُّمْرَة. فأمّا السَّامر فالقوم
سمط
*يَسْمُرُون. والسامر: المكان الذي يجتمعون فيه للسَّمَر. قال:
* وسامِرٍ طالَ لهم فيه السَّمَرْ(5) *
__________
(1) في اللسان (3: 320): "بلادا قيا".
(2) في الأصل "أخذت"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) البيت في المجمل مضبوطاً بهذا الضبط.
(4) البيت في اللسان بدون نسبة.
(5) وكذا وردت روايته في المجمل. وفي اللسان (6: 43):
* وسامر طالَ فيه اللهو والسمر *(3/76)
والسَّمراء: الحِنطة، للَوْنها. والأسمر: الرُّمح. والأسمر: الماء. فأمَّا السَّمَار فاللّبن الرقيق، وسمِّي بذلك لأنَّه إذا كان [كذلك كان] متغيِّر اللون. والسَّمُر: ضربٌ من شجر الطَّلْحِ، واحدته سَمُرة، ويمكن أن يكون سمِّي بذلك للونه. والسَّمار: مكان في قوله:
لَئنْ وَردَ السَّمَارَ لنَقْتُلَنْه
فلا وأبيكِ ما وَرَدَ السَّمَارا(1)
(سمط) السين والميم والطاء أصلٌ يدلُّ على ضمّ شيء إلى شيء وشدِّه به. فالسَّميط: الآجُرُّ القائم بعضُهُ فوقَ بعض. والسِّمْط: القِلادة، لأنَّها منظومةٌ مجموعٌ بعضُها إلى بعض. ويقال سَمَّط الشيء على مَعاليق السَّرْج. ويقال خُذْ حقَّك مُسَمَّطاً، أي خُذْهُ وعلِّقْه على مَعاليق رَحْلِكَ. فأما الشِّعْر المُسَمَّط، فالذي يكون في سطر البيت(2) أبياتٌ مسموطةٌ تجمعها قافيةٌ مخالفةٌ مُسمَّطة ملازمة للقصيدة. وأما اللبن السَّامط، وهو الحامض، فليس من الباب؛ لأنَّه من باب الإبدال، والسين مبدلة من خاء.
سمع – سمق – سمك - سمل
(سمع) السين والميم والعين أصلٌ واحدٌ، وهو إيناسُ الشيء بالأُذُن، من النّاس وكلِّ ذي أُذُن. تقول: سَمِعْت الشيء سَمْعاً. والسَِّمع : الذِّكْر الجميل. يقال قد ذَهَب سَِمْعُهُ في الناس، أي صِيته. ويقال سَمَاعِ بمعنى استمِعْ. ويقال سَمَّعْتُ بالشيء، إذا أشعتُهُ ليُتَكلَّم به. والمُسْمِعَة: المُغَنِّية. والمِسْمَع: كالأذن للغَرْبِ؛ وهي عُروةٌ تكون في وسط الغَرْبِ يُجْعَل فيها حبلٌ ليعدل الدّلو. قال الشاعر:
ونَعدِل ذا المَيْل إن رامَنا
كما عُدِل الغَرْبُ بالمِسمعِ(3)
ومما شذّ عن الباب السِّمْع: ولد الذّئب من الضَّبُع.
__________
(1) لعمرو بن أحمر الباهلي، كما في اللسان (6: 46).
(2) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "صدر البيت".
(3) البيت لعبد الله بن أوفى، كما في اللسان (سمع).(3/77)
(سمق) السين والميم والقاف فيه كلمة. ولعلَّ القاف أن تكون مبدلة من الكاف. سَمَق، إذا عَلاَ.
(سمك) السين والميم والكاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على العُلُوِّ. يقال سَمَك، إذا ارتفَعَ. والمسموكات: السماوات. ويقال سَمَكَ في الدَّرَج. واسمُكْ، أي اعْلُ. وسَنَامٌ سامك، أي عالٍ. والمِسْمَاك: ما سَمَكْتَ به البيتَ. قال ذو الرّمة:
كأنَّ رِجلَيْهِ مِسماكانِ مِنْ عشَرٍ
سَقْبَانِ لم يتقشَّرْ عنهما النَّجَبُ(1)
والسِّماك نجم. ومما شذَّ عن الباب وباين الأصل: السَّمَك.
(سمل) السين والميم واللام أصلٌ يدلُّ على ضعفٍ وقلّة. من ذلك السَّمَل، وهو الثَّوْب الخَلَق. ومنه السَّمَل: الماء القليل يَبقى في الحوض، وجمعه أسمال.
سنه - سني
وسَمَّلت(2) البئر: نقَّيتها. وأما الإسمال، وهو الإصلاح بين النَّاس. فمن هذه الكلمة الأخيرة، كأنَّه نَقَّى ما بينهم من العَداوةِ. والله تعالى أعلم.
(باب السين والنون وما يثلثهما)
(سنه) السين والنون والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على زمانٍ. فالسَّنَة معروفة، وقد سقطت منها هاء. ألا ترى أنّك تَقول سُنيْهَة. ويقال سَنَهَتِ النخلةُ، إذا أتت عليها الأعوام(3). وقوله جل ذكره: { فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ } [البقرة 259]، أي لم يصر كالشيء الذي تأتي عليه السنُون فتغيِّره. والنَّخْلة السَّنْهاء(4).
__________
(1) ديوان ذي الرمة 28 واللسان (سقب، سمك).
(2) يقال بالتخفيف والتشديد.
(3) وكذلك تسنهت.
(4) لم يصرح بتفسيرها. والسنهاء: التي أصابتها السنة المجدبة.(3/78)
(سني) السين والنون والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سقْي، وفيه
ما يدل على العلوّ والارتفاع. يقال سَنَتِ النَّاقَةُ، إذا سقت الأرض، تسنُو وهي السَّانِيَة. والسَّحابةُ تسنُو الأرضَ، والقوم يَسْتَنُون(1) لأنفسهم إذا اسْتَقَوا.
ومن الباب سانيت الرَّجُلَ، إذا راضَيتَه، أُسانيه؛ كأنَّ الوُدَّ قد كان ذَوِي ويَبِس، كما جاء في الحديث: "بُلُّوا أرحامَكم ولو بالسَّلام".
وأمّا الذي يدلُّ على الرِّفعة فالسَّناء ممدود، وكذلك إذا قصرته دلَّ على
سنب – سنت – سنج - سنح
الرفعة، إلاّ أنَّه لشيءٍ مخصوص، *وهو الضَّوْء. قال الله جلَّ ثناؤُه: { يَكَادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بالأَبْصَارِ } [النور 43].
(سنب) السين والنون والباء كلمتان متباينتان فالسَّنْبَةُ: الطائفة من الدَّهْر. والكلمة الأخرى السَّنِب، وهو الفرس الواسع الجَري.
(سنت) السين والنون والتاء ليس أصلاً يتفرّع منه، لكنّهم يقولون السَّنُوت(2)، فقال قوم: هو العسل، وقال آخرون: هو الكَمُّون. قال الشاعر:
هم السَّمْن والسَّنُّوتُ لا أَلْسَ فيهمُ
وهُمْ يمنَعون جارهُمْ أنْ يُقَرَّدا(3)
(سنج) السن والنون والجيم فيه كلمة. ويقولون: إن السِّناج أثرُ دُخَان السِّرَاج في الحائط.
(سنح) السين والنون والحاء أصلٌ واحدٌ يُحمَل على ظهور الشيء من مكانٍ بعينهِ، وإن كان مختلَفَاً فيه. فالسّانح: ما أتاك عن يمينك من طائرٍ أو غيره، يقال سَنَحَ سُنُوحاً. والسانح والسَّنيح واحد. قال ذو الرمة:
ذكَرْتُكِ أنْ مَرت بنا أُمُّ شادنٍ
__________
(1) في المجمل: "يسنون". وفي اللسان: "والقوم يسنون لأنفسهم، إذا استقوا. ويستنون، إذا سنوا لأنفسهم".
(2) وفيه لغة أخرى: "سنوت" كسنور.
(3) البيت للحصين بن القعقاع. كما في اللسان (سنت، قرد)، وروايته في (سنت، قرد، ألس): "هم السمن بالسنوت".(3/79)
أمام المطايا تشرئبُّ وَتسنَحُ(1)
ثم استُعير هذا فقيل: سنح لي رأيٌ في كذا، أي عَرَض.
سنخ – سند
(سنخ) السين والنون والخاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على أصل الشيء. فالسِّنْخ: الأصل. وأَسْنَاخُ(2) الثنايا: أصولُها. ويقال سَنَخَ الرجل في العِلم سُنوخاً أي عَلِمَ أصولَه. فأمَّا قولهم سَنِخَ الدُّهْن، إذا تغيَّر، فليس بشيء.
(سند) السين والنون والداء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انضمام الشيء إلى الشيء. يقال سَنَدتُ إلى الشيء أَسْنُدُ سنوداً، واستندت استناداً. وأسندتُ غيري إسناداً. والسِّناد: النّاقة القويّة، كأنها أُسنِدت من ظهرها إلى شيءٍ قويّ. والمُسْنَدُ: الدهرُ؛ لأن بعضَه متضامّ. وفَلان سَنَدٌ، أي معتمَدٌ. والسَّنَد: ما أقبل عليك من الجبل، وذلك إذا علا عن السَّفْح. والإسناد في الحديث: أن يُسْنَد إلى قائله، وهو ذلك القياس. فأمَّا السِّناد الذي في الشعر فيقال إنَّهُ اختلافُ حركتي الرِّدفين. قال أبو عبيدة: وذلك كقوله:
* كأنَّ عيونَهن عيونُ عِينِِ(3) *
ثم قال:
* وأصبح رأسُهُ مثلَ اللُّجَيْنِ(4) *
وهذا مشتق من قولهم: خرج القوم متسانِدين، إذا كانوا على راياتٍ شتى. وهذا من الباب؛ لأنَّ كلَّ واحدةٍ من الجماعة قد ساندت رايةً.
سنط – سنع - سنف
(سنط) السين والنون والطاء ليس بشيء إلاّ السِّناط، وهو الذي لا لِحْيَة له.
__________
(1) ديوان ذي الرمة 79 برواية : "إذ مرت".
(2) في الأصل والمجمل: "سناخ"، صوابه من اللسان والجمهرة.
(3) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 45 واللسان (سند). وصدره: * فقد ألج الخباء على جوار *
(4) صواب إنشاد البيت بتمامه:
فإن يَكُ فاتني أسفاً شبابي
وأضحى الرأس مني كاللجين
... لكن كذا ورد إنشاده في المجمل والمقاييس والصحاح، ويروى: "كاللجين" بفتح اللام، وهو ورق الشجر يخبط، فهو لونان: رطب ويابس.(3/80)
(سنع) السين والنون والعين إن كان صحيحاً فهو يدلُّ على جَمَالٍ وخيرٍ ورِفعةٍ. يقال شرفٌ أسنعُ، أي عالٍ مرتفع. وامرأة سنيعة: أي جميلة.
(سنف) السين والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على شدّ شيءٍ. أو تعليق شيء على شيء. فالسِّنَاف: خيط يُشدّ من حَِقْو البعير إلى تصديره ثم يشدُّ في عنقه. قال الخليل: السِّنَاف للبعير مثل اللَّبَبِ للدابّة. بعيرٌ مِسْناف، وذلك إذا أُخّر الرجل فجعل له سناف. يقال أسنفت [البعير(1)]، إذا شددتَه بالسِّناف. ويقال أسنَفُوا أمرَهم، أي أحكَموه. ويقال في المثل لمن يتحيّر في أمره: "قد عَيَّ بالأسناف". قال:
إذا مَا عَيَّ بالأسنافِ قومٌ
من الأمر المشبَّه أن يكُونا(2)
وحكى بعضهم: سَنَفْتُ البعير، مثل أَسنفْت. وأبى الأصمعيُّ إلاّ أسنفت. وأما السِّنْف فهو وعاء ثَمَر المَرْخِ يشبه آذانَ الخيل. وهو من الباب؛ لأنَّهُ مُعلَّق على شجرة. وقال أبو عمرو: السِّنْف: الورقة. قال ابن مُقبل:
* تَقَلْقُلَ سِنْفِ المَرْخِ في جَعبةٍ صِفْرِ(3) *
سنق – سنم – سهو - سهب
(سنق) السين والنون والقاف فيه كلمةٌ واحدة، وهي السَّنَق، وهو كالبَشَم. يقال شرِب الفَصيل حتى سَنِق. وكذلك الفرس، من العلَف. وهو كالتُّخَم في الناس.
(سنم) السين والنون والميم أصلٌ واحد، يدلُّ على العلوّ والارتفاع.فالسَّنَام معروف. وتسنَّمت: علَوت. وناقة سَنِمَةٌ: عظيمة السَّنام. وأسنمتُ النارَ : أعلَيْتُ لهبَها. وأَسْنُمَةُ: موضع.
(باب السين والهاء وما يثلثهما)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) لعمرو بن كلثوم في معلقته واللسان.
(3) صدره كما في اللسان (سنف):
* تقلقل من ضغم اللجام لهاتها *.(3/81)
(سهو) السين والهاء والواو معظم الباب [يدلّ] على الغفلة والسُّكون. فالسَّهْو: الغفلة، يقال سَهَوْتُ في الصلاة أسهو سَهْواً. ومن الباب المساهاة: حُسْن المُخَالَقَة، كأنَّ الإنسانَ يسهو عن زَلَّةٍ إن كانت من غيره. والسَّهْو: السُّكون. يقال جاء سَهْواً رَهْواً.
ومما شَذَّ عن هذا الباب [ السَّهْوَة(1)]، وهي كالصُّفَّة تكون أمامَ البيت.
وممّا يبعُد عن هذا وعن قياس الباب: قولهم حملت المرأةُ ولدَها سَهْواً، أي على حَيْضٍ. فأمًَّا السُّهَا فمحتمل أن يكون من الباب الأول: لأنَّه خفيٌّ جدّاً فيُسهَى عن رؤيته.
(سهب) السين والهاء والباء أصلٌ يدلُّ على الاتّساع في الشيء. والأصل السَّهْب، وهي الفَلاة الواسعة، ثم يسمَّى الفرس الواسعُ الجري سَهْباً.
سهج – سهد - سهر
ويقال بئر سَهْبَةٌ، أي بعيدة القعر. ويقال حفر القوم فأسهبوا، أي بلغوا الرَّمْل. وإذا كان كذا كان أكثر للماء وأوسَعَ له. ويقال للرّجُل الكثير الكلام مُسْهَب، بفتح الهاء. كذا جاء عن العرب أَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ، وهو نادر(2).
(سهج) السين والهاء والجيم أصلٌ يدلُّ على دوامٍ في شيء. يقال سَهَجَ القوم لَيْلَتَهم، أي ساروا سيراً دائماً. ثمَّ يقال سَهَجَت الرِّيحُ، إذا دامت وهي سَيْهَجٌ، وسَيْهُوجٌ. ومَسْهَجُها: مَمرُّها.
(سهد) السين والهاء والدال كلمتانِ متباينتان تدلُّ إحداهما على خلاف النّوم، والأخرى على السكون.
فالأولى السُّهاد، وهو قِلَّة النوم. ورجل سُهُدٌ، إذا كان قليلَ النّوم. قال:
فأتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ مبطَّناً
سُهُداً إذا ما نام ليلُ الهَوْجَلِ(3)
وسَهَّدْتُ فلاناً، إذا أطرتَ نومَه.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) يقال أيضاً:"مسهب" بكسر الهاء. وقيل بفتحها للإكثار من الخطأ، وبكسرها للإكثار من الصواب.
(3) البيت لأبي كبير الهذلي، كما في اللسان (سهد)، وسيعيده في (هجل). وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 61.(3/82)
والكلمة الأخرى قولُهم شيءٌ سَهْدٌ مَهْد، أي ساكن(1) لا يُعَنِّي. ويقال ما رأيت من فلان سَهْدَةً، أي أمراً أعتمد عليه من خبر أو كلام، أو أسكُن إليه.
(سهر) السين والهاء والراء معظم بابه الأرَق، وهو ذَهاب النوم. يقال سَهَرَ يَسْهَرُ سَهَراً. ويقال للأرض: السّاهرة، سمِّيت بذلك لأن عملها في النَّبت
سهف
دائماً ليلاً ونهاراً. ولذلك يقال:"خَير المالِ عينٌ خَرّارة، في أرض خوَّارة، تَسْهَرُ إذا نِمتَ، وتشهَد إذا غِبْتَ". وقال أميّة بن أبي الصلت:
وفيها لَحْمُ ساهرةٍ وبحرٍ
وما فاهُوا بِهِ لهمُ مقيم(2)
وقال آخر، وذكر حَميرَ وحْش:
يرتَدْنَ ساهرةً كأنَّ عميمَها
وجَمِيمَها أسدافُ ليلٍ مظلمِ(3)
ثم صارت السّاهرةُ اسماً لكلِّ أرض. قال الله جلَّ جلالُهُ: { فإنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ. فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ } [النازعات 13-14] والأسهران: عِرقان في الأنف من باطن، إذا اغتلم الحِمارُ سالا ماءً. قال الشَّمّاخ:
تُوائِلُ من مِصَكٍّ أنْصَبَتْهُ
حوالبُ أسهريهِ بالذَّنِينِ(4)
وكأنَّما سمِّيتا بذلك لأنّهما يسيلان ليلاً كما يسيلان نهاراً. ويروى "أسهرته". ويقال رجلٌ سُهَرَةٌ: قليل النّوم. وأمّا السَّاهور فقال قوم: هو غلاف القمر؛ ويقال هو القمر. وأيَّ ذلك كان فهو من الباب؛ لأنَّه يسبح في الفَلَك دائباً، ليلاً ونهاراً.
(سهف) السين والهاء والفاء تقلّ فروعه. ويقولون إنَّ السَّهَف(5): تشحُّط القتيلِ في دمِهِ واضطرابُهُ. ويقال إن السُّهَاف: العطش.
سهق – سهك – سهل
__________
(1) في الأصل: "ساكت"، تحريف. وفي المجمل واللسان: "أي حسن".
(2) البيت في اللسان (سهر) بدون نسبة.
(3) البيت لأبي كبير الهذلي، كما في اللسان (سهر)، وقصيدته في نسخة الشنقيطي من الهذليين 66.
(4) ديوان الشماخ 93، وقد سبق في (2: 348).
(5) ضبط في الأصل والمجمل بفتح الهاء، وفي اللسان والقاموس بسكونها.(3/83)
(سهق) السين والهاء والقاف أصلٌ يدلُّ على طول وامتداد. وهو صحيح. فالسَّهْوَق: الرَّجُلُ الطويل. والسَّهْوق الكذَّابُ، وسُمِّيَ بذلك لأنَّه يغلو في الأمر ويزيدُ في الحديث. والسَّهْوقُ من الرياح: التي تَنْسِج العَجَاج. *والسَّهْوق: الرَّيَّان من سُوق الشَّجر؛ لأنّه إذا رَوِيَ طال.
(سهك) السين والهاء والكاف أصلان: أحدهما يدلُّ على قَشْر ودقٍّ، والآخر على الرَّائحة الكريهة.
فالأوّل قولُهم: سَهَكَت الرِّيحُ التّرابَ، وذلك إذا قَشَرتْه عن الأرض. والمَسْهَكَة: الذي يشتدّ مرُّ الرّيح عليه. ويقال سَهَكْتُ الشّيءَ، إذا قشرتَه، وهو دونَ السَّحْق. وسَهَكَت الدَّوابُّ، إذا جرت جرياً خفيفاً. وفَرَسٌ مِسْهَكٌ، أي سريع. وإنما قيلَ لأنَّه يسهَك الأرضَ بقوائمه.
والأصل الثاني السَّهَك، قال قوم: هو رائحة السمك من اليَد. ويقال بل السَّهَك: ريحٌ كريهة يجدُها الإنسان إذا عَرِقَ. ومن هذا الباب السَّهَك: صدأ الحديد. ومنه أيضاً قولهم: بِعينِه ساهكٌ، أي عائرٌ من الرَّمَد. قال الشاعر في السَّهَك:
سَهِكِينَ مِنْ صَدأ الحديدِ كأنّهم
تحت السَّنَوَّرِ جِنّةُ البَقَّارِ(1)
(سهل) السين والهاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على لينٍ وخلاف حُزونة.
سهم
والسَّهْل: خلاف الحَزْن. ويقال النّسبةُ إلى الأرض السَّهلة سُهْليٌّ. ويقال أسْهَلَ القومُ، إذا ركبوا السَّهل. ونهرٌ سَهِلٌ: فيه سِهْلَةٌ، وهو رملٌ ليس بالدُّقَاق. وسُهَيْلٌ: نجم.
(سهم) السين والهاء والميم أصلان: أحدهما يدلُّ على تغيُّرٍ في لون، والآخرُ على حظٍّ ونصيبٍ وشيءٍ من أشياء.
__________
(1) البيت للنابغة في ديوانه 35 واللسان (سهك)، وسبق تخريجه في مادة (بقر).(3/84)
فالسُّهْمَة: النَّصيب. ويقال أسَهم الرَّجُلانِ، إذا اقْترعا، وذلك من السُّهْمَة والنّصيبِ، أن يفُوز(1) كلُّ واحد منهما بما يصيبه. قال الله تعالى: { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ المُدْحَضِينَ } [الصافات 141]. ثمّ حمل على ذلك فسُمِّي السَّهمُ الواحد من السِّهَام، كأنّه نصيبٌ من أنصباء وحظٌّ من حظوظ. والسُّهْمَة: القرابة؛ وهو من ذاك؛ لأنّها حَظٌّ من اتّصال الرحم. وقولهم بُرْدٌ مسهَّم، أي مخطّط، وإنّما سمِّي بذلك لأنّ كلَّ خَطٍّ منه يشبّه بسهم.
وأمّا الأصلُ الآخَر فقولهم: سَهَُمَ وجْهُ الرّجلِ(2)، إذا تغيَّرَ يَسْهَُم، وذلك مشتقٌّ من السَُّهَام، وهو ما يصيب الإنسانَ من وَهَج الصّيف حتى يتغيَّرَ لونُه. يقال سهمَ الرَّجُل، إذا أصابَه السَُّهَام. والسَُّهَام أيضاً: داء يصيب الإبل، كالعُطَاش. ويقال إِبلٌ سَواهِمُ، إذا غيَّرها السّفَر(3). والله أعلم.
سوي
(باب السين والواو وما يثلثهما)
(سوي) السين والواو والياء أصلٌ يدلُّ على استقامةٍ واعتدالٍ بين شيئين. يقال هذا لا يساوي كذا، أي لا يعادله. وفلانٌ وفلانٌ على سَوِيّةٍ من هذا الأمر، أي سواءٍ. ومكان سُوىً، أي مَعْلَمٌ قد عَلِمَ القومُ الدّخولَ فيه والخروج منه. ويقال أسْوَى الرّجلُ، إذا كان خَلَفُهُ وولدُهُ سَوِيّاً.
وحدَّثنا علي بن إبراهيم القَطّان، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عُبيد، عن الكسائيّ قال: يقال كيف أمسيتم؟ فيقال: مَستوُون صالحون. يريدون أولادُنا ماشيتُنا سَوِيَّةٌ صالحة.
ومن الباب السِّيُّ: الفضاء من الأرض، في قول القائل(4):
__________
(1) في الأصل: "يقول".
(2) يقال سَهم من بابي فتح وظرف، وسهم بهيئة المبني للمفعول.
(3) في الأصل: "غمرها"، صوابه من المجمل.
(4) هو زيد الخيل كما في الحيوان (4: 339)، والشعر والشعراء في أثناء ترجمة الأعشى، ونقد الشعر
39. وروي أيضاً من قصيدة لمعقر البارقي في الأغاني (10: 44).(3/85)
* كأنَّ نَعَامَ السِّيِّ باضَ عليهمُ(1) *
والسِّيّ: المِثْل. وقولهم سِيّانِ، أي مِثلان.
ومن ذلك قولهم: لا سيّما، أي لا مثلَ ما. هُوَ من السِّين والواو والياء، كما يقال ولا سَواء. والدَّليل على أن السّيَّ المِثل قولُ الحطيئة:
فإيّاكم وحَيّةَ بطنِ وادٍ
هَمُوزَ النّابِ لكم بسِيِّ(2)
ومن الباب السَّواء: وسَط الدَّارِ وغَيرِها، وسمِّي بذلك لاستوائه. قال الله جلَّ ثناؤه: { فاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ } [الصافات 55].
سوء - سوح
وأمَّا قولُهم: هذا سِوَى ذلك، أي غيرُهُ، فهو من الباب؛ لأنَّه إذا كان سِواه فهما كلُّ واحدٍ منهما في حَيِّزِه على سواء. والدّليل على ذلك مدُّهم السِّواء بمعنى سِوى. *قال الأعشى:
* وما عدلَتْ من أهلِها لِسوائكا(3) *
ويقال قصدتُ سِوَى فلانٍ: كما يقال قصدت قصده. وأنشد الفراء:
فَلأَصْرِفَنّ سِوَى حُذيفة مِدْحتي
لِفَتى العَشيِّ وفارسِ الأجرافِ(4)
(سوء) فأمّا السين والواو والهمزة فليست من ذلك، إنّما هي من باب القُبح. تقول رجلٌ أسوَأُ، أي قبيحٌ، وامرأةٌ سَوآء، أي قبيحة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سوْآءُ(5) وَلودٌ خيرٌ مِنْ حَسناءَ عقيم". ولذلك سمّيت السَّيِّئة سيّئة. وسمِّيت النار سُوأَى، لقُبْح منظرها. قال الله تعالى : { ثُمَّ كاَنَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤوا السُّوأَى } [الروم 10]. وقال أبو زُبَيْد:
__________
(1) عجزه: * فأحداقهم تحت الحديد خوازر *.
(2) ديوان الحطيئة 69 واللسان (سوا).
(3) ديوان الأعشى 66. وقد سبق تخريجه في (جنف). وصدره:
* تجانف عن جل اليمامة ناقتي *
(4) في اللسان (19: 143) : "فارس الأحزاب"، تحريف. والبيت من أبيات فائية في الأغاني (14:
127) منسوبة إلى رجل من بني الحارث بن الخزرج، أو إلى حسان بن ثابت. وانظر تنبيه البكري على الأمالي 67.
(5) ويروى أيضاً: "سوداء".(3/86)
لم يَهَبْ حُرْمَةَ النَّدِيم وحُقَّتْ
يا لَقَومِي للسَّوأةِ السَّوآءِ(1)
(سوح) السين والواو والحاء كلمةٌ واحدةٌ. يقالُ ساحة الدار، وجمعها ساحات وسُوح.
سوخ – سود
(سوخ) السين والواو والخاء كلمةٌ واحدة. يقال ساخت قوائمه في الأرض تسوخ. ويقال مُطِرْنا حتى صارت الأرض سُوَّاخَى، على فُعَّالَى، وذلك إذا كثرت رِزاغُ المطر. وإذا كانت كذا ساخت قوائمُ المارّة فيها.
(سود) السين والواو والدال أصلٌ واحد، وهو خلاف البياضِ في اللّونِ، ثم يحمل عليه ويشتقّ منه. فالسَّواد في اللّون معروف. وعند قومٍ أن كلَّ شيءٍ خالف البياضَ، أيَّ لونٍ كان، فهو في حيّز السواد. يقال: اسودّ الشيء واسوادَّ. وسوادُ كلِّ شيء: شخصه. والسِّواد: السِّرار؛ يقالُ ساوده مساودةً وسِواداً، إذا سارّه. قال أبو عبيد: وهو من إدناء سَوادِكَ من سَواده، وهو الشَّخص. قال:
مَنْ يكنْ في السِّواد والدَّدِ والإغْـ
ـرامِ زِيراً فإنّني غيرُ زيرِ(2)
والأساود: جمع الأسود، وهي الحيّات. فأمّا قول أبي ذَرّ رحمة الله عليه: "وهذه الأساودُ حولي"، فإنّما أراد شخص آلاتٍ كانت عنده؛ [وما حولَه(3)] إلا مِطْهرةٌ وإِجّانةٌ وجَفْنة. والسَّواد: العدد الكثير، وسمِّي بذلك لأن الأرض تسوادُّ له.
فأمَّا السِّيادة فقال قوم: السيِّد: الحليم. وأنكر ناسٌ أن يكونَ هذا من الحِلم، وقالوا: إنّما سمِّي سيِّداً لأنَّ الناس يلتجِئون إلى سَواده. وهذا أقيس من الأوَّل وأصحّ. ويقال فلانٌ أسوَد من فلانٍ، أي أَعْلَى سِيادةً منه. والأسودان: التَّمر
سور - سوط
والماء. وقالوا: سَوَاد القَلب وسُوَيداؤُه، وهي حَبّته. ويقال سَاوَدَني فلانٌ فسُدْته، من سَوَاد اللونِ والسّؤدُد جميعا. والقياسُ في الباب كلِّه واحد.
__________
(1) البيت في اللسان (سوأ).
(2) سبق البيت في مادة (زير).
(3) التكملة من اللسان. وفي المجمل "من" بدل "إلا".(3/87)
(سور) السين والواو والراء أصلٌ واحد يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. من ذلك سَار يَسُور إذا غضب وثار. وإنَّ لغضبِهِ لَسَورةً. والسُّور: جمع سُورة، وهي كلُّ منْزلةٍ من البناء. قال:
ورُبَّ ذِي سُرادقٍ محجورِ
سُرْتُ إليه في أعالي السُّورِ(1)
فأمّا قول الآخر(2):
وشاربٍ مُرْبحٍ في الكأسِ نادَمَني
لا بالحَصُور ولا فيها بسَوَّارِ
فإنّه يريد أنّه ليس بمتغضّب. وكان بعضهم يقول: هو الذي يَسُور الشَّرابُ في رأسِهِ سريعاً. وأما سِوار المرأة، والإسوار(3) من أساورة الفُرس وهم القادة، فأُراهما غيرَ عربيَّين. وسَورة الخمر: حِدّتُها وغلَيانها.
(سوط) السين والواو والطاء أصلٌ يدلُّ على مخالطة الشَّيءِ الشيءَ. يقال سُطت الشّيءَ: خلطتُ بعضَهُ ببعض. وسَوَّط فلانٌ أمرَهُ تسويطاً، إذا خَلَطَه. قال الشَّاعر:
فَسُطْها ذَميمَ الرّأيِ غيرَ موفَّقٍ
فلستَ على تسويطها بمُعان(4)
سوع – سوغ - سوف
ومن الباب السَّوط، لأنّه يُخالِط الجِلدة؛ يقال سُطْتُهُ بالسَّوط: ضربتُهُ. وأمَّا قولهم في تسمية النَّصيب سَوطاً فهو من هذا. قال الله جلَّ ثناؤه: { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } [الفجر 13]، أي نَصيباً من العذاب.
__________
(1) البيت في اللسان (6: 55).
(2) هو الأخطل. ديوانه 116. وقد سبق في (2: 73).
(3) ضبط في الأصل والمجمل بكسر الهمزة، ويقال أيضاً بضمها.
(4) البيت في المجمل واللسان (سوط).(3/88)
(سوع) السين والواو والعين يدلُّ على استمرار الشّيء ومُضيِّه. من ذلك السَّاعة *سمِّيت بذلك. يقال جاءنا بعد سَوْعٍ من الليل وسُوَاعٍ، أي بعد هَدْءٍ منه. وذلك أنَّه شيءٌ يمضي ويستمرّ. ومن ذلك قولهم عاملته مُساوعةً، كما يقال مياومَة، وذلك من السَّاعة. ويقال أَسَعْتُ الإبلَ إساعةً، وذلك إذا أهملتَها حتَّى تمرَّ على وجهها. وساعت فهي تَسُوع. ومنه يقال هو ضائع سائع. وناقة مِسياعٌ، وهي التي تذهب في المرعى. والسِّياع: الطِّين فيه التِّبن.
(سوغ) السين والواو والغين أصلٌ يدلُّ على سهولة الشيء واستمراره في الحلق خاصّة، ثم يحمل على ذلك. يقال ساغ الشَّرابُ في الحَلْق سَوغاً. وأساغَ الله جلَّ جلالُهُ. ومن المشتقّ منه قولُهم: أصاب فلانٌ كذا فسوَّغْتُهُ إياه. وأمَّا قولُهُم هذا سَوْغُ هذا، أي مثله، فيجوز أن يكونَ من هذا، أي إنه يَجري مجراه ويستمرُّ استمراره. ويجوز أن يكون السّين مُبدَلة من صادٍ، كأنَّه صِيغَ صياغَته. وقد ذُكِرَ في بابه.
(سوف) السين والواو والفاء ثلاثة أصول: أحدها الشَّمُّ . يقال سُفْت الشَّيءَ أَسُوفُه سَوْفاً، وأَسَفْتُهُ. وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنّ قولهم: بيننا وبينهم مَسافةٌ، مِنْ هذا. قال: وكان الدَّليل يَسُوف التُّرَابَ ليعلمَ على قصدٍ هو أم على جَور. وأنشدوا:
سوق – سوك
* إذا الدّليلُ استافَ أخلاقَ الطُّرُق(1) *
أي شَمّها.
والأصل الثّاني: السُّوَاف: ذَهاب المال ومَرَضُه. يقال أساف الرّجُلُ، إذا وقع في مالِهِ السُّواف. قال حُميد بن ثور:
* أَسَافا من المال التِّلادِ وأَعْدَما(2) *
وأمّا التأخير فالتسويف. يقال سوَّفتُه، إذا أخّرتَه، إذا قلتَ سوف أفعلُ كذا.
__________
(1) البيت لرؤبة في ديوانه 104 واللسان (سوف).
(2) صدره كما في اللسان (سوف):
* فيا لهما من مرسلين لحاجة *(3/89)
(سوق) السين والواو والقاف أصل واحد، وهو حَدْوُ الشَّيء. يقال ساقه يسوقه سَوقاً. والسَّيِّقة: ما استيق من الدوابّ. ويقال سقتُ إلى امرأتي صَدَاقها، وأَسَقْتُهُ. والسُّوق مشتقّةٌ من هذا، لما يُساق إليها من كلِّ شيء، والجمع أسواق. والساق للإنسان وغيره، والجمع سُوق، إنّما سمّيت بذلك لأنَّ الماشي ينْساق عليها. ويقال امرأة سَوْقاء، ورجلٌ أَسوَق، إذا كان عظيمَ السّاق. والمصدر السَّوَق. قال رؤبة:
* قُبٌّ من التَّعْداء حُقْبٌ في سَوَق(1) *
وسُوق الحرب: حَومة القِتال، وهي مشتّقةٌ من الباب الأول.
(سوك) السين والواو والكاف أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ واضطراب.
سول - سوم
يقال تساوَقَت الإبل: اضطرَبَتْ أعناقُها من الهُزال وسوء الحال. ويقال أيضاً: جاءت الإِبل ما تَسَاوَكُ هُزالاً، أي ما تحرِّك رؤوسَها. ومن هذا اشتق اسم السِّواك، وهو العُود نفسُه. والسِّواك استعماله أيضاً. قال ابن دريد: سُكْتُ الشيءَ سَوكاً، إذا دَلكتَه. ومنه اشتقاق السِّواك، يقال ساك فاهُ، فإذا قلت استاك لم تذكر الفم.(2)
(سول) السين والواو واللام أصلٌ يدلُّ على استرخاءٍ في شيء يقال سَوِلَ يَسْوَل سَوَلا. قال الهذليّ(3):
كالسُّحْلِ البيض جَلا لونَها
سَحُّ نِجَاءِ الحَمَل الأَسْوَلِ
فأَمّا قولهم سَوّلتُ له الشيءَ، إذا زيّنْتَه له، فممكن أن تكون أعطيته سُؤلَه، على أن تكون الهمزة مُليَّنَةً من السُّؤل.
__________
(1) ديوان رؤبة 106.
(2) الجمهرة (3: 48).
(3) هو المتنخل الهذلي، كما في اللسان (سول) من قصيدة في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 81، ونسخة الشنقيطي 44.(3/90)
(سوم) السين والواو والميم أصلٌ يدل على طلب الشيء. يقال سُمت الشيءَ، أَسُومُهُ سَوْمَاً. ومنه السَّوام في الشِّراء والبيع. ومن الباب سامت الرَّاعيةُ تسوم، وأَسَمْتُهَا أنا. قال الله تعالى: { فِيهِ تُسِيمُونَ } [النحل 10]، أي تُرعُون. ويقال سّوَّمْت فلاناً في مالي تسويماً، إذا حكَّمتَه في مالك. وسَوَّمْتُ غُلامي: خَلّيته وما يُريد. والخيل المُسَوَّمَة: المرسلة وعليها رُكبانُها. وأصل ذلك كلِّه واحد.
ومما شذَّ عن الباب السُّومَةُ، وهي العلامةُ تُجْعَل في الشيء. والسِّيما
سوس - سيب
مقصور من ذلك *قال الله سبحانه: { سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ } [الفتح 29]. فإذا مدُّوه قالوا السيماء.
(سوس) السين والواو والسين أصلان: أحدهما فسادٌ في شيء، والآخر جِبلّة وخليقة. فالأوّل ساس الطّعامُ يَساسُ، وأساس يُسِيسُ، إذا فَسَدَ بشيء يقال له سُوس. وساست الشّاة تَسَاس، إذا كثر قَمْلها. ويقال إنَّ السَّوَسَ داءٌ يصيب الخيل في أعجازها.
وأمّا الكلمةُ الأخرى فالسُّوس وهو الطّبع. ويقال: هذا من سُوس فلان، أي طبعه.
وأمَّا قولهم سُسْته أسُوسُه فهو محتملٌ أن يكون من هذا، كأنه يدلُّه على الطبع الكريم ويَحمِله عليه.
والسِّيساء(1): مُنتَظَم فَقَار الظهر. وماء مَسُوسٌ وكلأٌ مَسُوسٌ(2)، إذا كان نافعاً في المال(3)، وهي الإبل والغنم. والله أعلم بالصواب.
(باب السين والياء وما يثلثهما)
(سيب) السين والياء والباء أصلٌ يدلُّ على استمرارِ شيءٍ وذهابِهِ. من ذلك سَيْبُ الماء: مجراه. وانْسَابت الحَيَّة انسياباً. ويقال سيَّبت الدّابّة: تركته حيث شاء. والسائبة: العبد يُسَيَّب من غير وَلاءٍ، يَضَعُ مالَهُ حيث شاء.
سيح – سيد – سير
__________
(1) حقه أن يكون في مادة (سيس).
(2) وصواب هاتين أن يكونا في مادة (مسس).
(3) النافع الذي يشفي غلة العطش. وفي الأصل : "ذفعا" تحريف.(3/91)
ومن الباب [السَّيْب(1)]، وهو العَطاء، كأنَّه شيءٌ أُجْرِيَ له. والسُّيُوب: الرِّكاز، كأنَّه عطاءٌ أجراه الله تعالى لمن وَجَده.
وممّا شذّ عن هذا الأصل السَّيَابُ، وهو البلح، الواحدة سَيَابةٌ.
(سيح) السين والياء والحاء أصلٌ صحيح، وقياسه قياسُ ما قبلَه. يقال ساح في الأرض. قال الله جلّ ثناؤه: { فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ } [التوبة 2]، والسَّيْح: الماء الجاري، والمساييح في حديث علي كرَّم الله وجهه في قوله: "أولئك مصابيح الدُّجَى، ليسوا بالمَذَاييع ولا المساييح البُذُر(2)"، فإنَّ المذاييع جمع مِذْيَاع، وهو الذي يُذيع السرّ لا يكتُمهُ. والمساييح، هم الذين يَسِيحون في الأرض بالنَّميمة والشّرّ والإفساد بين الناس.
ومما يدلُّ على صحّة هذا القياس قولُهم ساح الظّلُّ، إذا فاء. والسَّيْح: العَباءة المخطَّطة. وسمِّي بذلك تشبيهاً لخطوطها بالشَّيء الجاري.
(سيد) السين والياء والدال كلمةٌ واحدةٌ، وهي السِّيد. قال قومٌ: السِّيد الذئب. وقال آخرون: وقد يسمَّى الأسَد سِيداً. وينشدون:
* كالسِّيد ذي اللِّبْدة المستأسِدِ الضّاري(3) *
(سير) السين والياء والراء أصلٌ يدلُّ على مضيٍّ وجَرَيان، يقال سار يسير سيراً، وذلك يكونُ ليلاً ونهاراً. والسِّيرة: الطَّريقة في الشيء والسُّنّة، لأنَّها تسير وتجري. يقال سارت، وسِرْتُها أنا. قال:
سيع - سيف
فلا تجزَعَنْ مِنْ سُنّة أنْتَ سِرتَها
فأوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يسيرُها(4)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) البذر: جمع بذور، كصبر وصبور، وهو الذي يذيع الأسرار.
(3) الشطر في المجمل واللسان (سيد).
(4) هو خالد بن زهير، أو خالد بن أخت أبي ذؤيب. انظر قصة الشعر في اللسان (سير).(3/92)
والسَّيْر:الجِلْد، معروف، وهو من هذا سمِّي بذلك لامتداده؛ كأنَّه يجري. وسَيَّرتُ الجُلَّ عن الدَّابَّة، إذا ألقيتَهُ عنه. والمُسَيَّر مِنَ الثِّيَاب: الذي فيه خطوط كأنَّه سيور.
(سيع) السين والياء والعين أصلٌ يدلُّ على جريانِ الشيء. فالسَّيْع: الماء الجاري على وجْه الأرض، يقال ساع وانساع. وانساع الجَمَد: ذاب. والسَّيَاع: ما يُطيَّن به الحائط. ويقال إنَّ السَّياع الشحمة تُطلَى بها المزادة. وقد سَيَّعَت المرأةُ مَزادتَها.
(سيف) السين والياء والفاء أصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيء وطول. من ذلك السَّيف، سمِّيَ بذلك لامتداده. ويقال منه امرأةٌ سَيفانةٌ، إذا كانت شَطْبة وكأنَّها نَصْلُ سَيف. قال الخليل بن أحمد: لا يُوصَف به الرَّجُل.
وحدَّثني عليُّ بن إبراهيم* عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، عن الكسائيّ: رجلٌ سيفانٌ وامرأةٌ سيفانة.
ومما يدلُّ على صحَّة هذا الاشتقاق، قولُهم سِيف البحر، وهو ما امتدَّ معه من ساحله ومنه السِّيف، ما كان ملتصقاً بأصول السَّعَف من الليف، وهو أردؤُه. قال:
سيل
* والسِّيفُ واللِّيف على هُدَّابِها(1) *
فأمَّا السَّائفة من الأرض فمن هذه أيضاً، لأنَّه الرَّمل الذي يميل في الجَلَد ويمتدُّ معها. قالوا: وهو الذي يقال له العَدَاب(2). قال أبو زِياد: السَّائفة(3)من الرَّمل ألينُ ما يكون منه. والأوَّل أصحّ. وهو قول النّضر؛ لأنّه أقيس وأشْبَه بالأصل الذي ذكرناه. وكلُّ ما كان من اللُّغة أقيَسَ فهو أصحُّ. وجمع السائفة سوائف. قال ذو الرمة:
تَبَسَّمُ عن أَلْمَى اللِّثاتِ كأنَّه
ذُرَى أُقْحُوانٍ من أقاحِي السوائفِ(4)
وقال أيضاً:
..................... كأنَّها
__________
(1) البيت من أبيات في اللسان (سيف).
(2) العداب، بالدال المهملة. وفي الأصل: "العذاب"، تحريف.
(3) أوردها اللسان في مادة (سوف).
(4) ديوان ذي الرمة 279 واللسان (سوف) برواية: "تبسم عن".(3/93)
بسائفةٍ قفرٍ ظهورُ الأراقمِ(1)
فأمَّا قولهم أَسَفْتُ الخَرْزَ، إذا خَرمْتَه، فقد يجوزُ أن يكون شاذاً عن هذا الأصل، ويجوز أن يكونَ من ذوات الواو وتكون من السُّواف، وقد مضى ذِكره. يقال هو مُسيفٌ، إذا خَرَمَ الخرْز. قال الرَّاعي:
مَزَائدُ خَرقاءِ اليدينِ مُسيفةٍ
أخَبَّ بهنَّ المَخْلِفان وأحفَدَا(2)
(سيل) السين والياء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على جريانٍ وامتدادٍ. يقال
سأب – سأد
سال الماء وغيرُهُ يسيل سَيْلاً وسَيلاناً. ومَسيل الماء. إذا جعلت الميم زائدة فمن هذا، وإذا جعلت الميم أصليّةً فمن بابٍ آخر، وقد ذكر.
فأمَّا السِّيلان من السَّيف والسِّكِّين، فهي الحديدةُ التي تُدخَل في النصال.
وسمعت عليّ بن إبراهيم القطّان يقول: سمعت عليَّ بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا عُبيدٍ يقول: السِّيلان قد سمعتُه، ولم أسمَعْهُ من عالم.
وأمّا سِيَةُ القَوس(3)، وهي طرفها، فيقال إنَّ النسبة إليها سِيَويٌّ. والله أعلم.
(باب السين والهمزة وما يثلثهما)
(سأب) السين والهمزة والباء ليس أصلاً يتفرّع، لكنّهم يقولون سأبَهُ سأْبا، إذاخَنَقَه. والسأب: السِّقاء، وكذلك المِسْأَبُ.
فأمَّا التاء(4) فيقولون أيضاً سأتَهُ إذا خَنَقه. وفي جميع ذلك نظر.
(سأد) السين والهمزة والدال كلمتان لا ينقاسان. فالإسْآد: دأَب السَّير بالليل.
والكلمة الأخرى السَّأَد: انتقاض الجُرح. وأنشد:
فبتُّ مِن ذاك ساهراً أرِقاً
ألقى لِقاءَ اللاقي من السَّأَدِ(5)
__________
(1) البيت بتمامه كما في ديوان ذي الرمة 613:
وهل يرجع التسليم ربع كأنه
بسائفة قفر ظهور الأراقم.
(2) البيت في اللسان (سوف 67).
(3) لم يعقد لهذه الكلمة مادة، ومادتها (سيو). وعقد لها في المجمل مادة (سيه) وزاد على ما هنا:"وكان رؤبة ربما همزها".
(4) ولم يعقد لهذه الكلمة مادة، وهي (سأت).
(5) البيت في المجمل واللسان (سأد).(3/94)
وربما قالوا: سأدتِ الإِبلُ الماءَ: عافَتْه.
سأل – سأو - سبت
(سأل) السين والهمزة واللام كلمةٌ واحدةٌ. يقال سأل يسأل سؤالاً ومَسْأَلةً. ورجل سُؤَلةٌ: كثير السؤال.
(سأو) السين والهمزة والواو كلمةٌ مختلَفٌ في معناها. قال قوم: السّأو: الوطن. وقال قوم: السَّأو: الهمّة. قال:
كأنّني من هَوَى خَرْقاءَ مُطَّرَفٌ
دامِي الأَظَلِّ بعيدُ السَّأوِ مَهيُومُ(1)
والله أعلم بالصواب.
(باب السين والباء وما يثلثهما)
(سبت) السين والباء والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على راحةٍ وسكون. يقال للسَّير السهل اللّين. سَبْتٌ. قال:
ومطوِيّة الأقرابِ أمّا نَهارُها
فسَبْتٌ وأما ليلُها فَذَمِيل(2)
ثمّ حُمل على ذلك السَّبْت: حلق الرّأس. ويُنشَد في ذلك ما يصحح هذا القياسَ، وهو قولُه:
* يُصبح سكرانَ ويُمسِي سَبْتَا(3) *
لأنَّه يكون في آخر النهار مُخْثِراً(4) قليلَ الحركة فلذلك يقال للمتحيِّر
سبج - سبح
مَسْبُوت. وأمَّا السَّبْت بعد الجمعة، فيقال إنَّه سمِّيَ بذلك لأنَّ الخلْق فُرغ منه يومَ الجمعة وأكمل، فلم يكن اليومُ الذي بعد الجمعة يوماً خُلِق فيه شيء. والله أعلم بذلك. هذا بالفتح. فأمَّا السِّبْت فالجلود *المدبوغة بالقَرَظِ، وكأنَّ ذلك سمِّي سِبْتاً لأنّه قد تناهى إصلاحُه، كما يقال للرُّطَبَة إذا جرى الإرطابُ فيها: مُنْسَبِتة.
__________
(1) المهيوم: الذي أصابه الهيام، وهو داء يصيب الإبل من ماء تشربه. وفي الأصل: "مهموم"، صوابه من ديوان ذي الرّمة 569 واللسان (سأى).
(2) كلمة "ليلها" ساقطة من الأصل، وإثباتها من اللسان (سبت)، حيث نسب البيت إلى حميد بن ثور.
(3) في اللسان: "يصبح مخمورا".
(4) المخثر: الذي يجد الشيء القليل من الوجع والفترة.(3/95)
(سبج) السين والباء والجيم ليس بشيء ولا له في اللغة العربيَّة أصلٌ. يقولون السُّبْجة: قميصٌ له جَيب. قالوا: وهو بالفارسية "شَبِي(1)". والسَّبج: أيضاً ليس بشيء. وكذلك قولهم إنَّ السَّبَج حجارةُ الفضّة. وفي كل ذلك نظر.
(سبح) السين والباء والحاء أصلان: أحدهما جنسٌ من العبادة، والآخر جنسٌ من السَّعي. فَالأوَّل السُّبْحة، وهي الصَّلاة، ويختصّ بذلك ما كان نفلاً غير فَرض. يقول الفقهاء: يجمع المسافرُ بينَ الصَّلاتين ولا يُسبِّح بينهما، أي لا يتنفَّل بينهما بصلاةٍ. ومن الباب التَّسبيح، وهو تنْزيهُ الله جلَّ ثناؤه من كلِّ سوء. والتَّنْزيه: التبعيد. والعرب تقول: سبحان مِن كذا، أي ما أبعدَه. قال الأعشى:
سُبحانَ مِنْ علقمةَ الفاخِر(2)
أقولُ لمّا جاءني فخرُهُ
وقال قوم : تأويلُهُ عجباً له إِذَا يَفْخَر. وهذا قريبٌ من ذاك لأنَّه تبعيدٌ له من الفَخْر. وفي صفات الله جلَّ وعز: سُبَّوح. واشتقاقه من الذي ذكرناه أنّه تنَزَّه من كل شيء لا ينبغي له. والسُّبُحات الذي جاء في الحديث(3): جلال اللّه جلَّ ثناؤه وعظمته.
سبخ - سبد
والأصل الآخر السَّبْح والسِّباحة: العَوم في الماء. والسّابح من الخيل: الحَسَنُ مدِّ اليدين في الجَرْي. قال:
وقد قابَلَتْ أذْنَيه منك الأخادعُ(4)
فولَّيْتَ عنه يرتَمِي بِكَ سابحٌ
يقول : إنّك كنتَ تلتفتُ تخافُ الطّعنَ، فصار أخْدَعُك بحذاء أذُن فرسِك.
__________
(1) فسرت هذه الكلمة في معجم استينجاس 732 بأنها قميص يلبس في المساء.
(2) ديوان الأعشى 106 واللسان (سبح).
(3) هو حديث : "إن لله دون العرش سبعين حجاباً لو دنونا من أحدها لأحرقتنا سبحات وجه ربنا".
(4) أنشده في المجمل أيضاً.(3/96)
(سبخ) السين والباء والخاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خفّة في الشَّيء. يقال للذي يسقط مِنْ ريش الطّائرِ السَّبِيخ. ومنه الحديث: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمِع عائشة تدعو على سارقٍ سَرَقَها، فقال: "لا تُسبِّخي عنه بدعائك عليه"، أي لا تخفِّفي. ويقال في الدّعاء: "اللهمَّ سَبِّخْ عنه الحُمَّى"، أي سُلَّها وخَفِّفْها. ويقال لما يتطاير من القُطن عند النَّدْف: السَّبِيخ. قال الشاعر يصف كِلاباً:
يُذْرِي سَبائخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوتَارِ(1)
فأرسلوهُنَّ يُذْرِينَ التُّرَابَ كما
وقد رُوِيَ عن بعضهم(2) أنَّه قرأ: { إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْخَاً طَوِيلاً } [المزمل 7]، قال: وهو معنى السَّبْخ، وهو الفَراغ؛ لأنَّ الفارغ خفيف الأمر.
(سبد) السين والباء والدال عُظْمُ بابِهِ نبات شعرٍ أو ما أشبهه. وقد يشذُّ الشيء اليسير. فالأصلُ قولُهم: "ماله سَبَدٌ ولا لَبَدٌ". فالسَّبَد: الشعر. واللَّبَد: الصوف. ويقولون: سَبَّدَ الفَرْخُ، إذا بدا رِيشُهُ وشَوَّكَ. ويقال إنَّ السُّبدَة العانة. والسُّبَد: طائر، وسمِّيَ بذلك لكثرة ريشه. فأمَّا التَّسبيد فيقال إنَّه استئصال شَعر
سبر
الرأس، وهو من الباب لأنَّه كأنّه جاء إلى سَبَدِهِ فحلَقَه واستأصَله. ويقال إنَّ التسبيد كثرةُ غَسْل الرأس والتدهُّن.
والذي شذَّ عن هذا قولُهم: هو سِبْدُ أسبادٍ، أي داهٍ مُنْكَر. وقال:
* يعارض سِبْدا في العِنانِ عَمَرَّدا(3) *
(سبر) السين والباء والراء، فيه ثلاث كلماتٍ متباينةُ القياس، لا يشبهُ بعضُها بعضاً.
__________
(1) البيت للأخطل في ديوانه 115 واللسان والتاج (سبخ).
(2) هي قراءة يحيى بن يعمر، كما في اللسان.
(3) للمعذل بن عبد الله. وصدره كما في اللسان (سبد):
* من السح جوالا كأن غلامه *(3/97)
فالأوَّلُ السَّبْر، وهو رَوْزُ الأمْرِ وتعرُّف قدْرهِ. يقال خَبَرْتُ ما عند فلان وسَبَرْتُهُ. ويقال للحديدة التي يُعرف بها قدرُ الجِراحة مِسْبار.
والكلمة الثانية: السِّبْر، وهو الجمال والبهاء. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يخرج من النار رجلٌ قد ذهَبَ حِبره وسِبْرُهُ"، أي ذهب جمالُهُ وبهاؤُه. وقال أبو عمرو: أتيتُ حيّاً من العرب فلمَّا تكلّمتُ قال بعضُ مَنْ حضر: "أما اللسانُ فبدويٌّ، وأما السِّبْر فحضريّ". وقال ابنُ أحمر:
لأعمالٍ وآجالٍ قُضِينا(1)
لبِسنا حِبْرهُ حتى اقتُضِينا
وأما الكلمة الثالثة فالسَّبْرَة، وهي الغَدَاة الباردة. وذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَضْلَ إسباغ الوُضوء في السَّبَرَات(2).
سبط - سبع
(سبط) السين والباء والطاء أصلٌ يدلُّ على امتداد شيء، وكأنه مقاربٌ لباب الباء والسين والطاء، يقال شعر سَبْط وسَبَِطٌ، إذا لم يكن جَعداً. ويقال أَسْبَطَ الرَّجلُ إِسباطاً، إذا امتدَّ وانبسط بعدما يُضرَب. والسُّباطة: الكُناسة، وسمِّيت بذلك لأنَّها لا يُحتَفَظُ بها ولا تحْتَجن. ومنه الحديث: "أتى سُبَاطَةَ قومٍ فبال قائماً؛ لوجعٍ كان بمأبِضه"(3). والسَّبَط: نباتٌ في الرمل، ويقال إنَّه رَطب الحَلِيِّ؛ ولعلَّ فيه امتداداً.
(سبع) السين والباء والعين أصلان مطردان صحيحان: أحدهما في العَدَد، والآخر شيءٌ من الوحوش.
__________
(1) في الأصل: "وآل قضينا".
(2) في الأصل: "فضل له سباغ الوضوء في السبرات"، تحريف. وفي اللسان: "وفي الحديث: فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد؟ فسكت. ثم وضع الرب تعالى يده بين كتفيه فألهمه. إلى أن قال: في المضي إلى الجمعات، وإسباغ الوضوء في السبرات".
(3) المأبض: بكسر الباء: باطن الركبة والمرفق.(3/98)
فالأوّل السَّبْعة. والسُّبْع: جزءٌ من سبعة. ويقال سَبَعْت القومَ أسْبَعُهم إذا أخذت سُبْع أموالهم أو كنتَ لهم سابعاً. ومن ذلك قولهم: هو سُباعيُّ البدَن، إذا كان تامَّ البدن. والسِّبع: ظمءٌ من أظماء الإبل، وهو لعددٍ معلوم عندهم. وأما الآخر فالسَّبُع واحدٌ من السّباع. وأرض مَسْبَعَةٌ، إذا كثُر سِباعُها.
ومن الباب سَبعْتُهُ، إذا وقَعتَ فيه، كأنه شبّه نفسه بسبُع في ضرره وعَضّه. وأسبعته: أطعمته السَّبع. وسَبعتِ الذّئابُ الغنَم، إذا فرستْها وأكلَتْها.
فأمّا قول أبي ذؤيب:
عبدٌ لآلِ أبي ربيعةَ مُسْبَعُ(1)
صَخِبُ الشَّواربِ لا يزالُ كأنَّهُ
ففيه أقاويل: أحدهما المُتْرَف، كأنَّه عبد مترف، له ما يتمتَّعُ به، فهو دائم
سبغ – سبق – سبك - سبل
النَّشاط. ويقال إنَّه الرَّاعي، ويقال هو الذي تموت أمُّه فيتولى إرضاعَهُ غيرُها. ويقال المُسبَع مَنْ لم يكن لِرشْدة. ويقال هو الراعي الذي أغارت السباع على غنمه فهو يصيحُ بالكلاب والسِّباع. ويقال هو الذي هو عبدٌ إلى سبعة آباء. ويقال هو الذي وُلد لسبعة أشهر. ويقال المُسبَع: المُهمَل. وتقول العرب: لأفعلنَّ به فِعْل سَبْعة؛ يريدون به المبالغة في الشر. ويقال أراد بالسَّبعة اللَّبُؤة، أراد سَبعةٍ فَخَفّف.
(سبغ) السين والباء والغين أصلٌ واحد يدلُّ على تمامِ الشيء وكماله. يقال أَسْبَغْتُ الأمر، وأسْبَغَ فلان وضوءَه. ويقال أسبغ الله عليه نِعَمَه. ورجل مُسْبِغ، أي عليه درعٌ سابغة. وفحل سابغٌ: طويل الجُرْدَان(2)، وضدُّه الكَمْش. ويقال سَبَّغَت الناقةُ، إذا ألقت ولدَها وقد أَشْعَرَ.
(سبق) السين والباء والقاف أصل واحد صحيح يدل على التقديم. يقال سَبَقَ يَسْبِق سَبْقاً. فأما السَّبَق فهو الخَطَر الذي يأخذه السَّابق.
__________
(1) ديوان أبي ذؤيب: 4 واللسان (سبع).
(2) الجرادن بضم الجيم وبعد الراء دال مهملة: قضيبه. في الأصل: "الجرذان"، تحريف.(3/99)
(سبك) السين والباء والكاف أُصَيلٍ يدل على التناهي في إمهاء الشيء(1). من ذلك: سَبَكْتُ الفضة وغيرَها أَسْبِكُها سَبْكَاً. وهذا يستعار في غير الإذابة أيضاً. [والسُّنبُك: طرف الحافر(2)]. فأما السُّنْبُك من الأرض فاستعارةٌ، طَرفٌ غليظٌ قليل الخير.
(سبل) السين والباء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على إرسال شيءٍ من عُلو إلى سُفل، وعلى امتداد شيء.
سبه - سبي
فالأوّل من قِيلِكَ: أسبلتُ السِّتْرَ، وأسبلَتِ السَّحابةُ ماءَها وبمائِها. والسَّبَل: المطر الجَوْد. وسِبال الإنسان من هذا، لأنّه شعر منسدل. وقولهم لأعالي الدَّلو أسبْال، من هذا، كأنَّها شُبِّهَت بالذي ذكرناه من الإنسان. قال:
إِذْ أرسَلوني ماتحاً بدلائهمْ
فملأْتُها عَلَقَاً إلى أسبالِها(3)
والممتدُّ طولاً: السّبيل، وهو الطَّريق، سمِّي بذلك لامتداده. والسَّابلة: المختلِفَةُ في السُّبُل جائيةً وذاهبة. وسمِّي السُّنْبُل سُنْبُلا لامتداده. يقال أَسبَلَ الزّرعُ، إذا خَرَج سُنبله. قال أبو عبيد: سَبَلُ الزَّرعِ وسُنْبُلُه سواء. وقد سَبَلَ(4) وأَسْبَلَ.
(سبه) السين والباء والهاء كلمةٌ، وهي تدلُّ على ضعف العقل أو ذَهابه. فالسبَه: ذهاب العقل من هَرَم، يقال رجل مَسْبُوهٌ ومُسَبَّه، وهو قريب من المسبوت، والقياس* فيهما واحد.
__________
(1) الإمهاء: الإسالة. وفي الأصل: "إنهاء الشيء".
(2) التكملة من المجمل.
(3) البيت لباعث بن صريم اليشكري، كما في اللسان (سبل).
(4) وكذا في المجمل، والمعروف بدلها "سنبل".(3/100)
(سبي) السين والباء والياء أصلٌ واحد يدلُّ على أخذِ شي من بلد إلى بلد آخر كرْهَاً(1). من ذلك السَّبْيُ، يقال سَبَى الجاريَةَ يَسبيها سبْياً فهو سابٍ، والمأخوذة سَبِيَّة. وكذلك الخمرُ تُحمَل من أرضٍ إلى أرض. يَفْرِقُونَ بين سَبَاهَا وسَبَأها. فأما سِباؤها فاشتراؤُها. يقال سَبَأْتها، ولا يقال ذلك إلاَّ في الخمر. ويسمون الخَمَّار السَّبَّاء. والقياس في ذلك واحد.
سبي
ومما شذَّ عن هذا الأصل السَّابياء، وهي الجِلْدة التي يكون فيها الولد. والسَّابِيَاء: النِّتَاج(2). يقال إنَّ بني فلان ترُوح عليهم من مالهم سَابِياء. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "تسعة أعشارِ الرِّزق في التجارة. والجزء الباقي في السَّابياء".
ومما يقرب من الباب الأوّل الأسابيّ، وهي الطرائق. ويقال أسابيُّ الدِّماء، وهي طرائقها، قال سلامة:
والعادِيَاتُ أسابيُّ الدِّماء بها
كأنَّ أعناقَها أنصابُ ترجيبِ(3)
وإذا كان ما بعدَ الباء من هذه الكلمة مهموزاً خالف المعنى الأوَّل، وكان على أربعةِ معانٍ مختلفة: فالأول سبأت الجِلد، إذا محَشْته حتى أُحرِق شيئاً من أعاليه. والثّاني سبأت جلده: سلختُهُ. [والثالث سَبَأَ فلانٌ(4)] على يمين كاذبةٍ، إذا مرَّ عليها غير مكترث.
ومما يشتق من هذا قولهم : انْسبَأ اللّبن، إذا خَرج من الضَّرع. والمَسبْأ: الطَّريق في الجبل.
والمعنى الرابع قولهم: ذهبوا أيادي سبأ، أي متفرِّقين. وهذا من تفرُّقِ أهل اليمن. وسبأ: رجل يجمع(5) عامّة قبائل اليمن، ويسمَّى أيضاً بلدُهم بهذا الاسم. والله أعلم بالصواب.
ستر - ستن
(باب السين والتاء وما يثلثهما)
__________
(1) بعدها في الأصل: من "المأخوذة" مقحمتان.
(2) في الأصل: "السباج"، صوابه ما أثبت من اللسان.
(3) ديوان سلامة 8 واللسان (سبي).
(4) تكملة استضأت بالمجمل في إثباتها.
(5) في الأصل: "بجميع"، صوابه في المجمل.(3/101)
(ستر) السين والتاء والراء كلمةٌ تدلُّ على الغِطاءِ. تقول: سترت الشيء ستراً. والسُّتْرَة: ما استترت به، كائناً ما كان. وكذلك السِّتَار(1). فأمَّا الإستار، وقولهم إستار الكعبة، فالأغلبُ أنه من السِّتْر، وكأنَّه أراد به ما تُستَر به الكعبة من لباسٍ. إلاَّ أنَّ قوماً زعموا أنْ ليس ذلك من اللِّباس، وإنما هو من العَدَد. قالوا: والعرب تسمِّي الأربعة الإستار(2)، ويحتجُّون بقول الأخطل:
لعمرك إنَّني وابنَيْ جُعَيْلٍ
وأُمَّهُمَا لَإِسْتَارٌ لئيمُ(3)
ويقول جرير:
قُرِنَ الفرزدقُ والبَعيثُ وأمُّه
وأبُو الفرزدق قُبِّحَ الإستارُ(4)
قالوا: فأستار الكعبة: جُدرانها وجوانبها، وهي أربعة، وهذا شيءٌ قد قيل، والله أعلم بصحته.
(ستن) السين والتاء والنون ليس بأصل يتفرَّع، لأنَّه نبت، ويقال له الأسْتَنُ. وفيه يقول النابغة:
سجح - سجد
تَنِفرُ مِن أَسْتَنٍ سُودٍ أسافلُهُ
مثل الإماءِ اللّواتي تَحمِل الحُزَما(5)
(سجح) السين والجيم والحاء أصل منقاس، يدلُّ على استقامةٍ وحسن. والسُّجُح: الشّيء المستقيم. ويقال: "مَلَكْتَ فأَسْجِحْ"، أي أَحْسِن العَفْو. ووجهٌ أَسْجَحُ، أي مستقيم الصُّورة. قال ذو الرمَّة:
* ووجهٌ كمرآةِ الغريبة أسجحُ(6) *
__________
(1) والستارة ، بالهاء أيضاً.
(2) ذكر في اللسان والمعرب 42 أنه معرب "جهار" الفارسية، بمعنى أربعة. على أن اللفظ "استار" في الفارسية يظن أنَّه مأخوذ من اليونانية. انظر استينجاس 49.
(3) ديوان الأخطل 297 واللسان (ستر) . وابنا جعيل، هما كعب وعمير.
(4) كذا وردت الرواية في الأصل والمجمل والديوان 208. ورواية اللسان:
إن الفرزدق والبعيث وأمه
وأبا البعيث لشر ما إستار
(5) ديوان النابغة 68 واللسان (ستن).
(6) صدره كما في الديوان 88 واللسان (حشر): * لها أذنٌ حشرٌ وذِفْرَى أسيلة *(3/102)
وهذا كلُّه من قولهم: تنَحَّ عن سُجُْح الطَّريقِ(1)، أي عن جادّته ومستقيمه.
(سجد) السين والجيم والدال أصلٌ واحدٌ مطّرد يدلّ على تطامُن وذلّ. يقال سجد، إذا تطَامَنَ. وكلُّ ما ذلَّ فقد سجد. قال أبو عمرو: أسْجَدَ الرَّجُل، إذا طأطأَ رأسَهُ وانحنى. قال حُميد:
فُضُولَ أزِمّتِها أسْجَدَتْ
سُجودَ النَّصارى لأربابِها(2)
وقال أبو عبيدة مثلَه، وقال: أنشدَني أعرابيٌّ أسديّ:
* وقُلنَ له أَسْجِدْ لليلَى فأسْجَدَا(3) *
يعني البعيرَ إذا طأطأَ رأسه. وأما قولهم: أسجَدَ إِسجاداً، إذا أدام النَّظر،
سجر
فهذا صحيحٌ، إلاَّ أن القياسَ يقتضي ذلك في خَفض، ولا يكون *النّظرَ الشّاخصَ ولا الشزْر. يدلُّ على ذلك قولُهُ:
أَغَرَّكِ مِنِّي أنَّ دَلَّكِ عندنا
وإِسجادَ عينيكِ الصَّيُودَينِ رابحُ(4)
ودراهم الإسجاد: درَاهمُ كانت عليها صورٌ، فيها صورُ ملوكهم، وكانوا إذا رأوها سَجَدُوا لها. وهذا في الفُرس. وهو الذي يقول فيه الأسود:
مِنْ خَمرِ ذِي نُطَفٍ أغَنَّ مُنَطّقٍ
وافَى بها لِدراهم الإِسجادِ(5)
(سجر) السين والجيم والراء أصولٌ ثلاثة: المَلء، والمخالطة، والإيقاد.
فأمّا الملء، فمنه البحر المسجور، أي المملوء. ويقال للموضع الذي يأتي عليه السّيلُ فيملؤه: ساجر. قال الشّمّاخ:
* كُلَّ حِسْيٍ وسَاجِرِ(6) *
__________
(1) سجح الطريق، بالضم وبضمتين.
(2) ذكر ابن بري أن صواب إنشاده: "لأحبارها". وقبله:
فلما لوين على معصم
وكف خضيب وأسوارها
(3) الشطر في المجمل واللسان (سجد).
(4) البيت لكثير عزة كما في اللسان (سجد).
(5) البيت في اللسان (سجد). وقصيدة الأسود بن يعفر في المفضليات (2: 16-20).
(6) البيت لم يرد في الديوان. وهو بتمامه كما في اللسان (سجر):
وأحمى عليها ابنا يزيد بن مسهر
ببطن المراض كل حسي وساجر
ج(3/103)
ومن هذا الباب، الشَّعر المنْسجِرُ، وهو الذي يَفِرُ(1)حتى يَسترسلَ من كثرته. قال:
سجع
* إذا ما انثَنَى شَعْرُها المنْسجِرْ(2) *
وأمَّا المخالَطة فالسّجير: الصاحب والخليط، وهو خلاف الشَّجير. ومنه عينٌ سَجْراءُ، إذا خالط بياضَها حمرة.
وأمَّا الإيقاد فقولهم : سجرت التّنُّور، إذا أوقدتَه، والسَّجُور: ما يُسجَرُ به التّنُّور. قال:
ويوم كتَنُّور الإماءِ سَجَرْنَهُ
وألَقْيَنَ فيه الجَزْلَ حَتَّى تأجَّمَا(3)
ويقال للسَّجُور السجار(4).
ومما يقارب هذا استَجَرَت(5)الإِبل على نَجَائِها، إذا جدّت، كأنَّها تتَّقد في سيرها اتّقاداً. ومنه سَجَرَت النّاقةُ، إذا حَنَّتْ حنيناً شديداً.
(سجع) السين والجيم والعين أصلٌ يدلُّ على صوت متوازن. من ذلك السَّجع في الكلام، وهو أن يُؤتَى به وله فواصلُ كقوافِي الشِّعر، كقولهم: "مَنْ قَلَّ ذَلّ، ومن أَمِِرَ فَلّ"، وكقولهم: "لا ماءَكِ أَبقيْتِ، ولا دَرَنَكِ أنْقَيْت". ويقال سجَعت الحمامةُ، إذا هَدَرَتْ.
سجف – سجل - سجم
(سجف) السين والجيم والفاء أصلٌ واحد، وهو إسبال شيءٍ ساتر. يقال أسجفت السِّتر: أرسلتُهُ. والسَّجْف والسِّجف(6): سِتر الحَجَلة. ويقال أسجَفَ اللّيلُ، مثل أسدَفَ.
__________
(1) وفر يفر، كوعد يعد، ويقال أيضاً وفر يوفر من باب كرم، أي كثر.
(2) وكذا روايته في المجمل. وفي اللسان (6: 9): "شعره المنسجر". لكن في اللسان (6: 10):
* إذا ثنى فرعها المسجر *.
... بعد أن ذكر قبله:" المسجر: الشعر المسترسل". على أنه يقال المسجّر، بتشديد الجيم، والمنسجر، والمسوجر أيضاً.
(3) البيت لعبيد بن أيوب العنبري، "كما في اللسان (أجم)". وتأجم، مثل تأجج، وزناً ومعنى. وبعده:
رميت بنفسي في أجيج سمومه
وبالعنس حتى جاش منسمها دما
(4) لم أجد هذه الكلمة في غير المقاييس. ولا أدري ضبطها.
(5) في اللسان والمجمل: "انسجرت".
(6) في الأصل: "السجيف"، محرف.(3/104)
(سجل) السين والجيم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على انصبابِ شيءٍ بعد امتلائِهِ. من ذلك السَّجْل، وهو الدَّلو العظيمة. ويقال سَجَلت الماءَ فانسجَلَ، وذلك إذا صَبْبَته. ويقال للضَّرْع الممتلئ سَجْل(1). والمساجلة: المفاخرة، والأصل في الدِّلاء، إذا تساجَلَ الرجلان، وذلك تنازعُهما، يريد كلُّ واحدٍ منهما غلبةَ صاحبه. ومن ذلك الشّيء المُسْجَل، وهو المبذول لكلِّ أحد، كأنَّه قد صُبَّ صبّاً. قال محمّد بن علي في قوله تعالى: { هل جَزَاءُ الإحْسَانِ إلاَّ الإحْسَانُ } [الرحمن 60]: هي مُسْجَلَة للبَرِّ والفاجر. وقال الشاعر في المُسْجَل:
* وأصَبَحَ معروفي لقومِيَ مُسْجَلا *
فأما السِّجِلّ فمن السَّجْل والمساجلة، وذلك أنَّه كتَابٌ يجمَع كتباً ومعانيَ. وفيه أيضاً كالمساجلة، لأنّه عن منازعةٍ ومُداعاة. ومن ذلك قولهم: الحرب سِجَالٌ، أي مباراةٌ مرَّة كذا ومرةً كذا. وفي كتاب الخليل: السَّجْل: ملء الدلو. وأما السِّجِّيل فمن السِّجِلّ، وقد يحتمل أن يكون مشتقاً من بعض ما ذكرناه. وقالوا: السِّجِّيل: الشديد.
(سجم) السين والجيم والميم أصلٌ واحدٌ، وهو صبُّ الشّيء من الماء
سجن - سجو
والدَّمعِ. يقال سَجَمَت العينُ دَمعَها. وعينٌ سَجوم، ودمعٌ مسجوم. ويقال أرض مسجومة: ممطورة.
(سجن) السين والجيم والنون أصلٌ واحد، وهو الحَبْس. يقال سجنته سَجناً. والسِّجن: المكان يُسجَن فيه الإنسان. قال الله جلَّ ثناؤه في قصّة يوسف عليه السلام: { قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ } [يوسف 33]. فيقرأ فتحاً على المصدر، وكسراً على الموضع(2)، وأما قولُ ابنِ مُقْبل:
__________
(1) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "السجيل"، و"الأسجل".
(2) قرأ بالفتح عثمان ومولاه طارق، وزيد بن علي، والزهري، وابن أبي إسحاق، وابن هرمز، ويعقوب. تفسير ابن حيان (5: 306).(3/105)
* ضرباً تَوَاصَى به الأبطالُ سِجِّينا(1) *
فقيل إنَّهُ أراد سِجِّيلاً. أي شديداً. وقد مضى ذِكرُهُ. وإِنَّما أبدل اللام نوناً. والوجه في هذا أنَّهُ قياس الأوَّل من السَّجن، وهو الحبس؛ لأنَّه إذا كان ضرباً شديداً ثبت المضروب، كأنَّه قد حبسه.
(سجو) السين والجيم والواو أصلٌ يدلُّ على سكونٍ وإطباق. يقال* سَجَا اللّيلُ، إذا ادلهمَّ وسكَن. وقال:
يا حبَّذَا القَمراءُ واللَّيْلُ السَّاجْ
وطُرقٌ مثلُ مُلاءِ النُّسَّاجْ(2)
وطرف ساجٍ، أي ساكن.
سحر - سحط
(باب السين والحاء وما يثلثهما)
(سحر) السين والحاء والراء أصولٌ ثلاثة متباينة: أحدها عضْوٌ من الأعضاء، والآخر خَدْعٌ وشِبههُ، والثالث وقتٌ من الأوقات.
فالعُضْو السَّحْر، وهو ما لَصِقَ بالحُلقوم والمَرِيء من أعلى البطن. ويقال بل هي الرِّئة. ويقال منه للجبان: انتفَخَ سَحْرُه. ويقال له السُّحْر والسَّحْر والسَّحَر.
وأمّا الثّاني فالسِّحْر، قال قوم: هو إخراج الباطل في صورة الحقِّ، ويقال هو الخديعة. واحتجُّوا بقول القائل:
فإِنْ تسألِينا فيمَ نحنُ فإننا
عصافيرُ من هذا الأنام المسحَّرِ(3)
كأنَّه أراد المخدوع، الذي خدعَتْه الدُّنيا وغرَّتْه. ويقال المُسَحَّر الذي جُعِلَ له سَحْر، ومن كان ذا سَحْر لم يجد بُدَّاً من مَطعَم ومشرب.
وأمَّا الوقت فالسَّحَر، والسُّحْرة، وهو قَبْل الصُّبْح(4). وجمع السَّحَر أسحار. ويقولون: أتيتُك سَحَرَ، إذا كان ليومٍ بعينه. فإن أراد بكرةً وسَحَراً من الأسحار قال: أتيتك سَحَراً.
__________
(1) في اللسان "تواصت به". وصدره: * ورجلة يضربون الهام عن عرض *.
(2) الرجز لأحد الحارثيين، كما في اللسان (سجا).
(3) البيت للبيد بن ربيعة كما في ديوانه 81 طبع 1880 والبيان (1: 179 مكتبة الجاحظ)، والحيوان:
(5: 229/ 7: 63) واللسان (سحر).
(4) في المجمل: "والسحر قبيل الصبح".(3/106)
(سحط) السين والحاء والطاء كلمة. يقولون: السَّحط: الذَّبْح الوَحِيّ.(1)
سحف – سحق
(سحف) السين والحاء والفاء أصلٌ واحدٌ صحيح، وهو تنحِيَة الشّيء عن الشيء، وكشفُه. من ذلك سَحفْت الشَّعرَ عن الجلدِ، إذا كشطْتَه حتّى لا يبقى منه شيء. وهو في شعر زهير:
* وما سُحِفَتْ فيه المقاديمُ والقَمْلُ(2) *
والسَّيْحَفُ: نصالٌ عِراض، في قول الشّنفَرَى:
لها وفْضَةٌ فيها ثلاثونَ سَيْحَفاً
إِذا آنَسَتْ أُولَى العديِّ اقشعرَّتِ(3)
والسَّحيفة(4): واحدة السحائف، وهي طرائق الشَّحم الملتزقة بالجلد، وناقةٌ سَحْوفٌ من ذلك. وسمِّيت بذلك لأنّها تُسحَفُ أي يمكن كشْطها. والسَّحِيفة: المَطْرة تجرُف ما مَرَّت به.
(سحق) السين والحاء والقاف أصلان: أحدهما البعد، والآخر إنهاك الشَيء حتى يُبلغ به إلى حال البِلَى.
فالأوّل السُّحْق، وهو البُعد، قال الله جلَّ ثناؤه: { فَسُحْقاً لأَصْحابِ
السَّعِيرِ } [الملك 11]. والسَّحُوق: النَّخلة الطويلة، وسمِّيت بذلك لبعد أعلاها عن الأرض.
والأصل الثاني: سَحَقت الشيء أسحَقُهُ سَحقاً. والسَّحْق: الثوب البالي. ويقال سَحَقه البِلى فانسحق. ويستعار هذا حتَّى يقال إنَّ العين تسحق الدَّمع سحقاً. وأسحق الشَّيءُ، إذا انضمر وانضمّ. وأسحَقَ الضَّرعُ، إذا ذهب لبنُهُ وبَلِيَ.
سحل
(سحل) السين والحاء واللام ثلاثة أصول: أحدها كَشْط شيءٍ عن شيء، والآخَر من الصَّوت، والآخر تسهيلُ شيءٍ وتعجيلُه.
__________
(1) الوحي: العاجل السريع.
(2) في الأصل: "المقالم"، تحريف، صوابه من الديوان 99، واللسان (سحف)، وصدره:
* فأقسمت جهداً بالمنازل من منى *
(3) البيت في اللسان (سحف). وقصيدته في المفضليات: (1: 106).
(4) في الأصل: "والسحف"، صوابه من المجمل.(3/107)
فالأوَّل قولهم: سَحَلت الرِّياحُ الأرضَ، إذا كشطت عنها أَدَمتَها. قال ابن دريدٍ وغيره: ساحل البحر مقلوب في اللفظ، وهو في المعنى مَسحُولٌ، لأنَّ الماءَ سَحله. وأصلُ ذلك قولهم سَحلت الحديدةَ أسحَلُها. وذلك إذا بَرَدْتَها. ويقال للبُرادة السُّحالة. والسحْل: الثّوب الأبيض، كأنّه قد سُحِل من وسَخِه ودَرَنِهِ سَحْلا. وجمعه السُّحُل. قال:
كالسُّحُلِ البِيضِ جَلا لونَها
سَحُّ نِجَاءِ الحَمَل الأَسْوَلِ(1)
والأصل الثاني: السَّحيل: نُهاق الحمار، وكذلك السُّحال. ولذلك يسمَّى الحِمارُ مِسْحَلاً.
ومن الباب المِسحَل لِلسانِ الخطيب، والرَّجُلِ الخطيب.
والأصل الثالث: قولهم سَحَلَهُ مائةً، إذا عَجّل له نَقْدَها. ويستعار هذا فيقال سحله مائةً، إذا ضربه مائةً عاجلاً.(2)
ومن الباب السَّحِيل: الخيط الذي فُتِلَ فَتْلاً رِخْوا. وخِلافُهُ المبرَمِ والبريم، وهو في شعر زهير:
* مِن سَحِيلٍ ومُبْرَمِ(3) *
سحم - سحن
ومما شَذَّ عن هذه الأصول المِسْحلان، وهما حَلْقتان على طرفَيْ شَكِيمِ اللِّجام. والإِسْحِلُ: شجر.
(سحم) السين والحاء والميم* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سواد. فالأسحم: [ذو] السواد، وسوادُهُ السُّحْمَة. ويقال للَّيل أسحم. قال الشاعر:
رضيعَيْ لِبَانٍ ثَدْي أمٍّ تقاسما
بأسحَمَ داجٍ عَوضُ لا نتفرّق(4)
والأَسحم: السحاب الأسود. قال النابغة:
* بأَسْحَمَ دانٍ مُزْنُهُ متصوّبُ(5) *
والأَسحم: القرن الأسود، في قول زهير:
__________
(1) البيت للمتنخل الهذلي، وقد سبق إنشاده في (سول).
(2) جعله في اللسان من القشر، قال: "سحله مائة سوط سحلا: ضربه فقشر جلده".
(3) من بيت في معلقته. وهو بتمامه:
يميناً لنعم السيدان وجدتما
على كل حال من سحيل ومبرم.
(4) للأعشى في ديوانه 150 واللسان (سحم) وسيأتي منسوباً في (عوض).
(5) ليس في ديوانه. وصدره كما في اللسان (سحم):
* عفا آيه صوب الجنوب مع الصبا *.(3/108)
*وتَذْبيبُها عنها بأَسحَمَ مِذْوَدِ(1) *
(سحن) السين والحاء والنون ثلاثة أصول: أحدها الكسر، والآخَر اللَّون والهيئة، والثالث المخالطة.
فالأوَّل قولهم: سَحَنْت الحجر، إذا كَسَرتَه. والمِسْحَنة، هي التي تُكسَر بها الحِجارة، والجمع مَساحن. قال الهذليّ(2):
* كما صَرَفَتْ فوق الجُذَاذ المساحنُ(3) *
سحو - سحب
والأصل الثاني: السَّحنة: لِينُ البَشَرة. والسَّحناء: الهيئة. وفرسٌ مُسْحَنَة(4) أي حسنة المنظر. وناسٌ يقولون: السَّحَناء على فَعَلاء بفتح العين، كما يقولون في ثَأْداء ثَأَداء(5). وهذا ليس بشيء، ولا له قياس، إنّما هو ثأْدَاء وسَحْناء على فعلاء. وأما الأصل الثالث فقولهم: ساحَنتُك مساحنةً، أي خالطتُكَ وفاوضتُك.
(سحو) السين والحاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على قشر شيء عن شيء، أو أخذِ شيءٍ يسير. من ذلك سَحَوت القِرطاسَ أسحوه. وتلك السِّحاءَة.(6) وفي السماء سِحَاءَة من سحاب. فإذا شددته بالسِّحاءَة قلتَ سَحَيْتُه، ولو قلت سحوتُهُ ما كان به بأس. ويقال سَحَوت الطِّينَ عن وجه الأرض بالمسْحاة أسحوه سَحواً وسَحياً، وأسحاه أيضاً، وأَسحِيه: ثلاث لغات. ورجلٌ أُسْحُوانٌ: كثير الأكل كأنَّه يسحو الطّعامَ عن وجه المائدة أكلاً، حتَّى تبدُوَ المائدة. ومَطْرةٌ ساحية: تقشِر وجه الأرض.
__________
(1) في الأصل: "وتذيبها"، صوابه في الديوان 229 واللسان (سحم). وصدره * نجاء مجد ليس فيه وتيرة *. عنها، أي عن نفسها. وفي اللسان: "عنه"، تحريف.
(2) هو المعطل الهذلي. وقد سبق إنشاد البيت في (جذ).
(3) صدره: ... ... * وفهم بن عمرو يعلكون ضريسهم *.
(4) ضبطت بفتح الحاء في الأصل والمجمل. وفي اللسان بالكسر ضبط قلم، وقيد في القاموس "كمحسن". ثم قال: "وهي بهاء".
(5) نسب القول إلى الفراء في اللسان، وقال: "قال أبو عبيد: ولم أسمع أحداً يقولهما بالتحريك غيره".
(6) السحاءة والسحاية: ما انقشر من الشيء.(3/109)
(سحب) السين والحاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جرِّ شيء مبسوطٍ ومَدِّه. تقول: سحبتُ ذيِلي بالأرضِ سحبا. وسمِّي السَّحابُ سحاباً تشبيهاً له بذلك، كأنه ينسحب في الهواء انسحاباً. ويستعيرون هذا فيقولون: تسحّب فلانٌ على فلانٍ، إذا اجتَرَأَ عليه، كأنَّه امتدَّ عليه امتداداً. هذا هو القياس
سحت – سحج
الصحيح. وناسٌ يقولون: السَّحْب: شدّة الأكل. وأظنُّهُ تصحيفاً؛ لأنّه لا قياس له، وإِنّما هو السَّحْت.
(سحت) السين والحاء والتاء أصلٌ صحيح منقاس. يقال سُحِت الشيء، إذا استُؤصل، وأُسْحِت. يقال سحت الله الكافر بعذابٍ، إذا استأصله. ومال مسحوتٌ ومُسْحَت في قول الفرزدق:
وعَضُّ زمانٍ يا بنَ مروانَ لم يَدَعْ
من المال إلاّ مُسْحَتاً أو مُجَلَّفُ(1)
ومن الباب: رجلٌ مسحوت الجوف، إذا كان لا يشبَع، كأنَّ الذي يبلعه يُستأصل من جوفِه، فلا يبقى. المال السُّحْت: كلُّ حرامٍ يلزمُ آكلَه العارُ؛ وسمِّي سُحتاً لأنّه لا بقاء له. ويقال أَسْحَت في تجارته، إذا كَسَبَ السُّحت. وأسْحَت مالَهُ: أفسده.
(سحج) السين والحاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على قشر الشيء. يقال انْسَحج القِشر عن الشيء. وحمار مُسَحَّج، أي مكدَّم، كأنه يكدّم حتى يُسحجَ جلدُه. ويقال بعيرٌ سَحَّاج، إذا كان يَسحَج الأرضَ بخفّه، كأنّه يريد قشر وجهها بخفّه، وإذا فعل ذلك لم يلبث أن يَحْفَى. وناقة مِسْحاجٌ، إذا كانت تفعل ذلك.
سخد - سخر – سخف
(باب السين والخاء وما يثلثهما )
__________
(1) ديوان الفرزدق 556 واللسان (سحت، جلف)، والخزانة (2: 347) وقبله:
إليك أمير المؤمنين رمت بنا
هموم المنى والهوجل المتعسف(3/110)
(سخد) السين والخاء والدال أصلٌ. فيه السَّخْد، وهو الماء الذي يخرج مع الولد. ولذلك يقال: أصبح فلان مُسْخَداً، إذا أصبح خاثِر النفس ثقيلاً. وربَّما قالوا للذي يخرج من بطن المولود قبل أن يأكل: السُّخْد. وهذا مُختلَف فيه، فمنهم من يقول سُخْد، ومنهم من يقول بالتاء سُخْت. وكذلك حُدِّثنا به عن ثَعْلب في آخر كتابه الذي أسماه الفصيح(1). وقال بعض أهل اللُّغة: إنَّ السُّخْد الورَم، وهو ذلك القياس.
(سخر) السين* والخاء والراء أصلٌ مطّرد مستقيم يدلُّ على احتقار واستذلال. من ذلك قولنا سَخَّر الله عزَّ وجَلَّ الشيء، وذلك إذا ذَلَّلَه لأمره وإرادته. قال الله جلّ ثناؤه: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } [الجاثية 13]. ويقال رجل سُخْرةُ: يُسَخَّر في العمل، وسُخْرةٌ أيضاً، إذا كان يُسْخَر منه. فإن كان هو يفعل ذلك قلت سُخَرَة، بفتح الخاء والراء. ويقال سُفُنٌ سواخِرُ مَوَاخِرُ. فالسَّواخر: المُطِيعة الطيِّبة الرِّيح. والمواخر: التي تمخَر الماءَ تشُقّه. ومن الباب: سَخِرت منه، إذا هزئت به. ولا يزالون يقولون: سخِرت به، وفي كتاب الله تعالى: { فإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُون } [هود 38].
(سخف) السين والخاء والفاء أصلٌ مطَّرد يدلُّ على خفّة. قالوا: السُّخْفُ: الخفّة في كلِّ شيء، حتّى في السَّحاب. قال الخليل: السُّخْف في العقل خاصة، والسَّخافة عامّةٌ في كلِّ شيء. ويقال وجدت سَخْفَة من جوع، وهي خِفّةٌ تعتري الإنسانَ إذا جاعَ.
سخل - سخم
__________
(1) نص ثعلب في آخر كتاب الفصيح 98: "ويقال له من ذوات الخف السخت والسخد".(3/111)
(سخل) السين والخاء واللام أصلٌ مطرد صحيح ينقاس، يدلُّ على حَقَارة وضَعف. من ذلك السَّخْل من ولد الضّأن، وهو الصّغير الضَّعيف، والأنثى سَخلة. ومنه سَخّلتِ النَّخلة(1)، إذا كانت ذاتَ شِيص، وهو التَّمر الذي لا يشتدُّ نواه. والسُّخَّل: الرّجال الأراذل، لا واحد له من لفظه. ويقال كواكبُ مَسخُولة، إذا كانت مجهولة. وهو قول القائل:
ونحنُ الثُّرَيَّا وجَوزاؤُها
ونحنُ الذّراعانِ والمِرْزمُ
وأنتم كواكبُ مسْخُولةٌ
تُرَى في السماءِ ولا تعلمُ(2)
وذكر بعضُهم أنَّ هذيلاً تقول: سخَلْت الرجلَ، إذا عبتَه.
(سخم) السين والخاء والميم أصلٌ مطَّرد مستقيم، يدلُّ على اللِّين والسواد. يقال شَعرٌ سُخَاميّ: أسود لَيِّن. كذا حُدِّثنا به عن الخليل. وحدّثني عليّ بن إبراهيم القطَّان، عن علي بن عبد العزيز، عن أبي عُبيد، قال: قال الأصمعي: وأما الشَّعر السُّخام، فهو الليِّن الحَسن، وليس هو من السَّواد. ويقال للخمر سُخامِيَّة إذا كانت ليِّنة سَلِسَة. قال ابن السكِّيت: ثوب سُخَامٌ: ليِّن. وقطنٌ سُخامٌ(3). قال:
* قطنٌ سُخامِيٌّ بأَيْدِي غُزَّلِ(4) *
سخن - سخي
ومما شذَّ عن هذا الأصل السَّخيمة، وهي الموجدة في النَّفس. ويقال سَخَّم الله وجهه، وهو من السُّخام، وهو سواد القِدْر.
__________
(1) في الأصل: "الناقة"، صوابه من المجمل واللسان.
(2) في الأصل: "الراكب"، صوابه من المجمل واللسان وما يقتضيه السياق.
(3) البيتان سبق إنشادهما في (2: 182) في مادة (خسل) على أنه يقال: "كواكب مخسولة".
(4) كذا ورد إنشاده، وفي اللسان (سخم) مع نسبته إلى جندل بن المثنى الطهوي:
* قطن سخام بأيادي غزل *(3/112)
(سخن) السين والخاء والنون أصل صحيح مطَّرد منقاس، يدل على حرارةٍ في الشيء. من ذلك سخّنت الماء. وماءٌ سُخْن وسَخِينٌ. وتقول: يوم سُخْنٌ وساخن وسَُخْنانٌ، وليلة سُخْنة وسَُخْنَانة. وقد سَخُن يومُنا. وسخِنَتْ عينهُ بالكسر تَسخَن. وأسخن الله عينَه. ويقولون إنَّ دَمعة الغَمِّ تكون حارّة. واحتُجَّ بقولهم: أقرّ الله عينَه. وهذا كلامٌ لا بأس به. والمِسْخَنة: قُدَيرةٌ كأنَّهَا تَوْر. والسَّخينة: حَسَاءٌ يُتّخَذُ من دقيق. وقال: قريشٌ(1) يعيَّرُون بأكل السَّخينة، ويُسَمَّون بذلك، وهو قولهم:
يا شَدَّةً ما شَدَدْنا غيرَ كاذبةٍ
على سَخِينةَ لولا اللَّيْلُ والحَرَمُ(2)
والتَّساخين: الخِفَاف(3). وممكنٌ أن تكون سمِّيَت بذلك لأنها تُسَخِّن على لُبسها القَدَم. وليس ببعيد.
(سخي) السين والخاء والحرف المعتلّ أصلٌ واحد، يدلُّ على اتّساعٍ في شيءٍ وانفراج. الأصل فيه قولهم: سَخَيْتُ القِدر وسَخَوتُها، إذا جعلتَ لِلنارِ تحتها مَذْهباً.
سخب - سخت
ومن الباب: سَخَاوِيُّ الأرض، قال قوم: السَّخاويّ: سعة المفازة. وقول بعضهم "سَخَاوَِى الفلا"(4)، قال ابن الأعرابيّ: واحدةُ السخاوَِى سَخْواةٌ. وقال أيضاً: السَّخْواءُ(5) الأرض السَّهلة. قال أهل اللغة: ومن هذا القياس: السّخاء: الجُود؛ يقال سخا يسخُو سَخَاوةً وسَخَاء، يمدّ ويقصر. * والسَّخِيّ: الجواد.
__________
(1) في الأصل: "قوم".
(2) البيت لخداش بن زهير العامري كما في العمدة : (1: 46)، وحماسة ابن الشجري 31. وهو أول من لقب قريشاً "سخينة".
(3) ذكر في اللسان أن مفردها "التسخان" بالفتح، وأنه معرب من "تَشْكَنْ" الفارسية. وهو اسم غطاء من أغطية الرأس كان العلماء والموابذة يأخذونه على رؤوسهم خاصة دون غيرهم، وأنَّ اللغويين من العرب أخطؤوا في تفسيره بالخف.
(4) في المجمل: "الفلاة".
(5) في الأصل: "السخوة"، صوابه من المجمل.(3/113)
ومما شذَّ عن الباب: السَّخا، مقصورٌ: ظَلْع يكون من أن يثِبَ البعيرُ بالحِمْل فتعترض ريحٌ بين جِلْدِهِ وكَتِفه، فيقال بعيرٌ سَخٍ.
(سخب) السين والخاء والباء كلمةٌ لا يقاس عليها. يقولون: السِّخاب: قِلاَدَةٌ من قَرنفُلٍ أو غيره، وليس فيها من الجواهر شيء، والجمع سُخُب.
(سخت) السين والخاء والتاء ليس أصلاً، وما أحسَِب الكلام الذي فيه من محض اللغة. يقولون للشيء الصُّلب سَخْتٌ وسِخْتيتٌ. ثم يقولون أمرٌ مِسخاتٌ(1) إذا ضعُف وذهب. وهذان مختلفانِ، ولذلك قُلْنا إنَّ البابَ في نفسه ليس بأصل. على أنَّهم حكوا عن أبي زيد: اسْخَاتّ الجُرح: ذهب ورَمُه. فأمّا السُّخْت الذي ذكرناه عن ثعلب في آخر كتابه، فقد قيل إنَّه السُّخْد(2). وهو على ذلك من المشكوك فيه.
سدر – سدع - سدف
(باب السين والدال وما يثلثهما)
(سدر) السين والدال والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِبه الحَيْرة واضطراب الرأي. يقولون: السادر المتحيِّر. ويقولون سَدِرَ بصرُهُ يَسْدَر، وذلك إذا اسمدَّ وتحيَّرَ. ويقولون: السَّادر هو الذي لا يبالي ما صَنَعَ، ولا يهتمُّ بشيء. قال طرفة:
سادراً أحْسَِب غَيِّي رَشَداً
فتناهَيتُ وقد صَابَتْ بقُرّْ(3)
فأمَّا قولهم: سَدَرت المرأة شعرها، فهو من باب الإبدال، مثل سدلتُ، وذلك إذا أرسلَتْه. وكذلك قولهم: "جاء يضربُ أسدرَيْه"، وهو من الإبدال، والأصل فيه الصاد، وقد ذُكر.
__________
(1) هذه الكلمة لم أجدها في غير المقاييس.
(2) السخت، بالضم، والسخد كذلك: الماء الذي يكون على رأس الولد.
(3) البيت في اللسان (سدر) بدون نسبة. وهو في ديوان طرفة 75.(3/114)
(سدع) السين والدال والعين ليس بأصلٍ يُعوَّل عليه ولا يقاس عليه، لكنَّ الخليل ذكر الرجل المِسْدَع، قال: وهو الماضي لوجهه. فإن كان كذا فهو من الإبْدال؛ لأنَّه من صَدَعت، كأَنَّه يصدع الفلاةَ صدعاً. وحكى أنَّ قائلاً قال: "سَلامَةً لك من كلِّ نكبة وسَدْعَةٍ(1)"، وقال: هي شبه النَّكبة. هذا شيء لا أصل [له].
(سدف) السين والدال والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إرسال شيءٍ على شيء غِطَاءً له. يقال أَسْدَفَت القناعَ: أرسلتْه. والسُّدْفَة: اختلاط الظَّلام. والسَّديف: شحمُ السَّنام، كأنَّه مُغَطٍّ لما تحته؛ وجمع السُّدْفة سُدَف. قال:
نحن بغَرس الوَدِيِّ أعلمُنا
مِنَّا بركض الجيادِ في السُّدَفِ(2)
سدك – سدس – سدل – سدم
وحكى ناسٌ: أسْدَف الفجر: أضاء، في لغةِ هَوَازنَ، دونَ العرب. وهذا ليس بشيء، وهو مخالفٌ القياس.
(سدك) السين والدال والكاف كلمةٌ واحدة لا يقاس عليها. تقول: سَدِك به، إِذَا لزِمَه.
(سدس) السين والدال والسين أصلٌ في العدد، وهو قولهم السُّدُْس: جزءٌ من ستَّة أجزاء. وإزارٌ سَدِيس، أي سُداسيّ. والسِّدْس من الوِرد في أظماء الإِبل: أن تنقطع الإبل عن الوِرد خمسةَ أيام وتَرِدَ السّادس. وأسدَسَ البعير، إذا ألَقى السّنّ بعد الرُّباعِيَة، وذلك في السنة الثامنة. فأمّا الستة فمن هذا أيضاً غير أنَّها مُدْغمة، كأنَّها سِدْسَة.
ومما شذَّ عن هذا السُّدُوس: الطَّيلَسان. واسم الرّجل سَدُوس. قال ابن الكلبيّ: سَدوس في شيبان بالفتح، والذي في طيٍّ بالضمّ.
__________
(1) في اللسان: "نقذاً لك من كل سدعة" أي سلامة لك من كل نكبة.
(2) لسعد القرقرة، كما في اللسان (سدف)، وهو من شواهد النحو في الجمع بين إضافة أفعل وبين من. انظر العيني (4: 55).(3/115)
(سدل) السين والدال واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نزول الشيء من عُلْوٍ إلى سُفْلٍ ساتراً له. يقال منه(1) أرخى اللَّيل سُدُولَه، وهي سُتُرُه. والسَّدْل: إرخاؤك الثّوب في الأرض. وشَعْر مُنْسَدلٌ على الظَّهْر. والسُِّدْل: السِّتْر. والسِّدْل: السِّمط من الجواهر، والجمع سُدُول. والقياس في ذلك كلِّه واحد.
(سدم) السين والدال والميم أصلٌ في شيءٍ لا يُهتدَى لوجهه. يقال رَكِيَّةٌ سُدُم، إذا ادَّفَنَتْ. ومن ذلك البعير الهائج يسمَّى سَدِماً، أنَّه إذا هاجَ لم يَدرِ من حاله * شيئاً، كالسَّكران الذي لا يَهتدي لوجهٍ. ومن ذلك قول القائل:
سدن – سدو
يا أيُّها السّدِم المَلَوِّي رأسَه
ليقودَ مِنْ أهل الحجازِ بَريمَا(2)
(سدن) السين والدال والنون أصلٌ واحد لشيء مخصوص. يقال إنَّ الِسَّدانة الحِجابة. وسَدَنة البيت: حَجبَتُه. ويقولون: السَّدَن(3) السِّتر. فإنْ كان صحيحاً فهو من باب الإِبدال، والأصل السُِّدْل.
__________
(1) في الأصل: "له".
(2) البيت لليلى الأخيلية، كما سبق في (1: 232). وانظر التحقيق هناك.
(3) ضبط في المجمل بسكون الدال، وفي اللسان والقاموس بفتحها.(3/116)
(سدو) السين والدال والواو أصلٌ واحد يدلُّ على إِهمال وذَهابٍ على وجه. من ذلك السَّدْو، وهو ركوبُ الرأس في السَّير. ومنه قولُهُ جلَّ ثناؤه:
{ أيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً } [القيامة 36]، أي مُهْمَلاً لا يؤمر ولا يُنْهَى. قال الخليل: زَدْوُ الصِّبيان بالجوز إنَّما هو السَّدو. فإن كان هذا صحيحاً فهو من الباب؛ لأنَّه يخلّيه من يده. ومن الباب: أسْدَى النّخلُ، إذا استرخت ثَفاريقُه(1)، وذلك يكون كالشَّيء المخلَّى من اليَدِ، والواحدة من ذلك السَّدِية. وكان أبو عمرو يقول: هو السَّداء ممدود، الواحدة سَداءة. قال أبو عبيد: لا أحفظ الممدود. والسَّدَى: النَّدَى؛ يقال سَدِيَتْ ليلتُنا، إذا كثُر نَداها. وهو من ذاك، لأن السحاب يُهمِله ويُهمَل به.
ومن الباب السَّدَى، وهو ما يُصطنع من عُرْف؛ يقال أسدى فلانٌ إلى فلان معروفاً. ومن الباب: تسدَّى فلانٌ أَمَتَه، إذا أخذها من فَوقها؛ كأنه رمى بنفسه عليها. قال:
سدج – سدح
فَلَمَّا دَنَوْتُ تسدَّيتُها
فثوباً نسيتُ وثوباً أجُرّْ(2)
وقال آخر:(3)
تَسَدَّى مع النَّوم تِمثالُها
دُنُوَّ الضَّبَابِ بطلٍّ زُلالِ(4)
(سدج) السين والدال والجيم، يقولون إنَّ المستعمَل منه حرفٌ واحد، وهو التسدُّج، يقال [رجلٌ] سدّاجٌ، إذا قال الأباطيل وألّفها.
__________
(1) الثفاريق: جمع ثفروق، كعصفور، وهو قمع البسرة. في الأصل: "تفاريقه"، صوابه بالثاء المثلثة.
(2) البيت في اللسان (سدا) بدون نسبة أيضاً. وهو لامرئ القيس في ديوانه 9. ويروى: "فثوب نسيت وثوب". وللنحاة في الرواية الأخيرة كلام.
(3) لم يرو في اللسان. وهو لأمية بن أبي عائذ الهذلي، من قصيدة له في شرح السكري للهذليين180 ونسخة الشنقيطي 79.
(4) الزلال: البارد الصافي. والرواية في المصدرين السابقين: "مع الليل".(3/117)
(سدح) السين والدال والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بسطٍ على الأرض، وذلك كَسَدْح القِربة المملوءة، إذا طَرَحَها بالأرض. وبها يشبَّه القتيل. قال أبو النَّجم يصف قتيلاً:
* مُشَدّخَ الهامةِ أو مسدُوحا(1) *
فأما رواية المفضَّل:
بينَ الأراكِ وبين النّخل تَشدخُهم
زُرق الأسنّة في أطرافِها شَبَمُ(2)
فيقال إنَّه تصحيف، وإنَّما هو "تسدحُهم". والسَّدحُ: الصَّرْع بَطْحاً على الوجه وعلى الظهرِ، لا يقع قاعداً ولا متكوِّراً.
سدخ – سرط - سرع
وأمَّا قولُهم فلانٌ سادحٌ، أي مُخصِب، فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّه إذا أخصب انسدحَ مستلقياً. وهو مَثَلٌ.
(سدخ) السين والدال والخاء لا أصلَ له في كلام العرب. ولا معنى لقول من قال: انسدخَ مثل انسدح، إذا استلقى عند الضرب أو انبطح. والله أعلم.
(باب السين والراء وما يثلثهما)
(سرط) السين والراء والطاء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على غَيبة في مَرٍّ وذَهاب. من ذلك: سَرَطْتُ الطّعام، إذا بَلعْته؛ لأنَّه إذا سُرِطَ غاب. وبعضُ أهل العلم يقول: السِّراط مشتقٌّ من ذلك، لأنَّ الذاهبَ فيه يغيب غيبةَ الطعام المُستَرَط. والسِّرِطْراط على فِعِلاّل(3): الفالوذُ؛ لأنَّه يُستَرط. والسُّراطُ: السّيف القاطع الماضِي في الضَّريبة. قال الهذليّ(4) يصف سيفاً:
كلون المِلح ضربتُه هَبِيرٌ
يُتِرُّ اللَّحمَ سَقّاطٌ سُراطِي(5)
__________
(1) قبله، كما في اللسان (سدح):
* ثم يبيت عنده مذبوحا *.
(2) البيت لخداش بن زهير، كما في اللسان (سدح).
(3) كذا. وصواب وزنه "فعلعال".
(4) وهو المتنخل الهذلي كما في اللسان (سرط). وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 89 ونسخة الشنقيطي 47.
(5) جاء "سراطي" على لفظ النسب وليس بنسب، يقال سيف سراط وسراطي، كما يقال أحمر وأحمري.(3/118)
(سرع) السين والراء والعين أصل صحيح يدلُّ على خلاف البطء. فالسَّريع: خلاف البطيء. وسَرْعَان(1) النَّاس: أوائِلهم الذين يتقدمون سِراعاً.
سرف
وتقول العرب: لَسَرْعان(2) ما صنعتَ كذا، أي ما أسرع ما صَنَعتَه. وأما السَِّرْع من قُضبان الكرْم، [فهو] أسرعُ ما يطلُعُ منه. ومثله السَّرَعْرَع، ثم يشبَّه به الإنسان الرَّطِيب الناعم.
(سرف) السين والراء والفاء * أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تعدِّي الحدّ والإِغفالِ أيضاً للشيء. تقول: في الأمر سرَفٌ، أي مجاوزَةُ القدر. وجاء في الحديث: "الثالثة في الوضوء شَرف، والرَّابعة سَرف". وأمّا الإِغفال فقول القائل: "مررتُ بكم فَسرِفتكم"، أي أغفلتكم. وقال جرير:
أعطَوْا هُنيدَةَ يحدُوها ثمانيةٌ
ما في عطائِهم مَنٌّ ولا سَرَفُ(3)
ويقولون إنَّ السَّرَف: الجهل. والسَّرِف: الجاهل. ويحتجُّون بقول طرفة:
إنّ امرأً سرِف الفؤادِ يَرَى
عسلاً بماء سحابةٍ شَتْمِي(4)
وهذا يرجع إلى بعض ما تقدَّم. والقياس واحد. ويقولون: إنَّ السَّرفَ أيضاً الضَّرَاوة. وفي الحديث: "إنَّ للحم سَرَفَاً كسَرف الخَمْر"، أي ضَرَاوة. وليس هذا بالبعيد من الكلمة الأولى.
ومما شذَّ عن الباب: السُّرْفة: دويْبَّة تأكل الخشَب. ويقال سَرَفت السُّرْفةُ الشَّجرَة سَرْفاً، إذا أكلَتْ ورقها، والشجرةُ مسروفة. يقال إنَّها تبني لنفسها بيتاً
سرق - سرو
حسناً. ويقولون في المثل: "أصنَعُ من سُرْفة(5) ".
__________
(1) يقال بفتح السين، وبالتحريك أيضاً.
(2) يقال هذا بالفتح وبفتح فضم، وبالكسر.
(3) ديوان جرير 389 واللسان (سرف).
(4) ديوان طرفة 61 واللسان (سرف).
(5) انظر الحيوان (1: 220/ 2 : 147/ 6: 385/ 7: 10).(3/119)
(سرق) السين والراء والقاف أصلٌ يدلُّ على أخْذ شيء في خفاء وسِتر. يقال سَرَقَ يَسْرق سَرِقَةً. والمسروق سَرَقٌ. واستَرَقَ السَّمع، إذا تسمَّع مختفياً. ومما شذَّ عن هذا الباب السَّرَق: جمعَ سَرَقة، وهي القطعة من الحرير.
(سرو) السين والراء والحرف المعتل بابٌ متفاوت جداً، لا تكاد كلمتان منه تجتمعان في قياسٍ واحد. فالسَّرو: سخاءٌ في مروءَة؛ يقال سَرِي وقد سَرُو. والسَّرْو: محلّة حمير. قال ابن مقبل:
بِسَرْوِ حِميرَ أبوالُ البِغَال به
أنّى تسدّيتِ وهناً ذلك البِينَا(1)
والسَّرْو: كشْف الشّيءِ عن الشيء. سَرَوت عنّي الثوبَ أي كَشفتُهُ. وفي الحديث في الحَسَاء(2): "يَسْرُو عن فؤاد السَّقِيم(3)" أي يكشف. وقال ابن هَرْمة:
سَرَى ثَوبَه عنك الصِّبا المتخايلُ
وقَرَّبَ للبَينِ الحبيبُ المزايلُ(4)
ولذلك يقال سُرِّيَ عنه. والسِّروة: دويْبَّة(5)، يقال أرض مسرُوّة، من السِّروة إذا كثُرت بالأرض. والسَّاريَة: الأسطُوانة. والسُّرَى: سير اللَّيل، يقال سَرَيْت وأسريت. قال:
* أَسْرَتْ إِليكَ ولم تكن تَسْرِي(6) *
سرب
والسَّراء: شجرٌ. وسَرَاة الشيء: ظَهْره. وَسَراة النَّهار: ارتفاعُهُ. وهذا الذي ذكرناه بعيدٌ بعضُهُ من بعض، فلذلك لم نحمله على القياس.
وإذا همز كان أبعد، يقال سرأت الجرادة: ألقَتْ بيضَها. فإذا حان ذلك منها قيل: أسرأتْ.
__________
(1) سبق البيت في مادة (بول، بين).
(2) في الأصل: "الحياء"، صوابه من اللسان (19: 105).
(3) في اللسان: "إنّه يرتو فؤاد الحزين، ويسرو عن فؤاد السقيم".
(4) البيت في اللسان (سرا). قرب، أي قرب الرواحل. اللسان: "ووَدَّعَ".
(5) هي الجرادة أول ما تكون وهي دودة.
(6) لحسان بن ثابت في ديوانه 168 واللسان (19: 103). وصدره: * حي النضيرة ربة الخدر *(3/120)
(سرب) السين والراء والباء أصلٌ مطرد، وهو يدلُّ على الاتّساع والذهاب في الأرض. من ذلك السِّرْب والسُّرْبة، وهي القطيع من الظِّباء والشاء. لأنَّه ينسرب في الأرض راعياً. ثمَّ حُمل عليه السِّرب من النِّساء. قالوا: والسرْب بفتح السين، أصله في الإبل. ومنه تقول العرب للمطلَّقة: "اذهبي فلا أنْدَهُ سَرْبَك"، أي لا أردُّ إبلَك، لتذهب حيث شاءت. فالسِّرب في هذا الموضع: المال الرّاعي. وقال أبو زيد: يقال خلِّ سرْبه، أي طريقه يذهب حيث شاء. وقالوا: يقال أيضاً سِرْب بكسر السين. ويُنشَد بيت ذي الرّمّة:
* خَلَّى لها سرْبَ أُولاَهَا(1) *
وقال: يعني الطريق. ويقال انسرَبَ(2) الوحشيُّ في سربه. ومن هذا الباب: السَّرَب والسَّرِب، وهو الماء السائل من المزادة، وقد سَرِبَ سَرَباً. قال ذو الرّمة:
ما بال عَينِكَ منها الماءُ ينسكبُ
كأنّه من كُلَى مَفْرِيّةٍ سَرَبُ(3)
سرج
بفتح الراء وكسرها. ويقال : سَرَّبت القربةَ، إذا جعلتَ فيها ماءً حتى ينسدّ الخَرْز. والسَّرْب: الخَرْز؛ لأن الماء ينسرب منه، أي يخرج. والسارب: الذَّاهب في الأرض. وقد سَرَب سروباً. قال الله جلَّ ثناؤه: { وَسَارِبٌ بِالنَّهار } [الرعد 10]. قال الشاعر:
أنّى سَرَبْتِ وكنتِ غيرَ سروبِ
و*تُقَرِّبُ الأحلامُ غيرَ قريبِ(4)
__________
(1) البيت بتمامه كما في الديوان 586 واللسان (سرب، همم):
خلّى لها سرب أولاها وهيجها
من خلفها لاحق الآطال همهيم
(2) في الأصل: "السرب" صوابه من المجمل واللسان.
(3) ديوان ذي الرمة ص 1 ـ وهو أول بيت في ديوانه ـ واللسان (سرب). وفي الأصل: "عينيك".
(4) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 5 واللسان (سرب).(3/121)
والمَسْرَبة: الشّعر النابت وسط الصدر، وإنما سمِّي بذلك لأنَّه كأنه سائل على الصدر جارٍ فيه. فأمّا قولهم:آمِنٌ في سِرْبِه، فهو بالكسر، قالوا: معناه آمنٌ في نفسه. وهذا صحيح ولكن في الكلام إضماراً، كأنه يقول: آمِنَة نفسه حيث سَرِب، أي سعى. وكذلك هو واسع السِّرب؛ أي الصدر. وهذا أيضاً بالكسر. قالوا: ويراد به أنّه بطيء الغضب. وهذا يرجع إلى الأصل الذي ذكرناه. يقولون: إنَّ الغضب لا يأخذ فيَقْلَق؛ وينسدّ عليه المذاهب.
(سرج) السين والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على الحسن والزّينة والجمال. من ذلك السِّراج، سمِّي لضيائه وحُسْنه. ومنه السرج للدّابّة. هو زينته. ويقال سَرَّج وجهَه، أي حَسَّنه، كأنه جعله له كالسِّراج. قال:
* وفاحِماً ومَِرْسَِنَاً مُسَرَّجا(1) *
ومما يشذُّ عن هذا قولُهم للطَّريقة: سُرْجُوجَة.
سرح - سرد
(سرح) السين والراء والحاء أصلٌ مطّرد واحد، وهو يدلُّ على الانطلاق. يقال منه أمر سريح، إذا لم يكن فيه تعويق ولا مَطْل. ثمَّ يحمل على هذا السَّراح وهو الطَّلاق؛ يقال سَرَّحت المرأةَ. وفي كتاب الله تعالى: { أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } [البقرة 231]. والسُّرُح: النّاقة السريعة. ومن الباب المنْسرح، وهو العريانُ الخارج من ثيابه. والسَّرْح: المال السَّائم. والسارح: الرَّاعي. ويقال السَّارح: الرجل الذي له السَّرْح. وأمَّا الشجرة العظيمة فهي السَّرْحة، ولعلَّه أن يكون شاذاً عن هذا الأصل. ويمكن أن تسمَّى سَرْحة لانسراح أغصانها وذَهابها في الجهات. قال عنترة:
بَطلٍ كأنّ ثيابَه في سرحَةٍ
يُحذَى نِعالَ السِّبتِ ليس بتَوأَمِ(2)
__________
(1) للعجاج في ديوانه 8 واللسان (رسن، سرج). والمرسن، كمجلس ومنبر، أصله موضع الرسن من أنف الفرس، ثم كثر حتى قيل مرسن الإنسان، أي أنفه.
(2) البيت من معلقته المشهورة.(3/122)
ومن الباب السِّرحانُ: الذِّئب، سمِّي به لأنَّه ينسرح في مَطالبه. وكذلك الأسدُ إذا سُمِّي سِرحانا.
وأما السَّريحة فقطعةٌ من الثِّياب.
(سرد) السين والراء والدال أصلٌ مطّرد منقاس، وهو يدلُّ على تَوالِي أشياء كثيرةٍ يتّصل بعضُها ببعض. من ذلك السَّرْد؛ اسمٌ جامعٌ للدروع وما أشبهها من عمل الحَِلَق. قال الله جلَّ جلالُه، في شأن داود عليه السلام:
{ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ } [سبأ 11]، قالوا: معناه ليكنْ ذلك مقدَّراً، لا يكونُ الثَّقْب ضيّقاً والمِسمارُ غليظاً، ولا يكون المسمار دقيقاً والثقب واسعاً، بل يكون على تقدير. قالوا: والزّرَّاد إنّما هو السّرّاد. وقيل ذلك لقُرب الراء من السين. والمِسْرَد: المِخْرز: قياسُه صحيح.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)
من ذلك (المُسْمَقِرُّ(1)): اليوم الشديد الحرّ، فهذا من باب السَّقَرات سَقَراتِ الشَّمسِ، وقد مضى ذكره، فالميم الأخيرة فيه زائدة.
ومن ذلك (السَّحْبل): الوادي الواسع، وكذلك القِرْبة الواسعة: سَحْبلة. فهذا منحوت من سحل إذا صبَّ، ومن سَبَل، ومن سَحَبَ إذا جرى وامتدّ. وهي منحوتةٌ من ثلاث كلمات، تكون الحاء زائدة مرَّة، وتكون الباء زائدة، وتكون اللام زائدة.
ومن ذلك (السَّمادِيرُ): ضَعف البَصَر، وقد اسمدَرَّ. ويقال هو الشيء يتراءَى للإنسان من ضَعف بصره عند السُّكر من الشراب وغيره. وهذا ممّا زِيدت فيه الميم، وهو من السَّدَرِ وهو تحيُّر البَصر، وقد مضى ذِكْره بقياسه.
ومن ذلك فرسٌ (سُرْحُوب)، وهي الجَوادُ، وهي منحوتةٌ من كلمتين: من سرح وسرب، وقد مضى ذكرُهما.
__________
(1) لم يعقد له صاحب اللسان مادة خاصة، بل ذكره في مادة (سقر). وأما صاحب القاموس فقد عقد له، والوجه ما صنع صاحب اللسان فإن الميم فيه زائدة.(3/123)
ومن ذلك ناقة (سِرْداحٌ): سريعة كريمة، فالدّال زائدة، وإنّما هي من سَرَحَت.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)
ومن ذلك (اسْلَنْطح) الشَّيء، إذا انبسط وعَرُض(1)، وإنما أصلُه سطح، وزيدت فيه * اللام والنون تعظيماً ومبالغَة.
ومن ذلك (اسمَهَدَّ) السَّنام، إذا حسُن وامتلأ. وهذا منحوتٌ من مهد، ومن مهدت الشَّيءَ إذا وثَّرْته(2)، قال أبو النَّجْم:
* وامتَهَدَ الغاربُ فِعْلَ الدُّمْلِ(3) *
ومن قولهم هو سَهْد مَهْد. وقد فسَّرناه.
ومن ذلك (السَّمْهريَّة): الرِّماح الصِّلاب، والهاء فيه زائدة، وإنّما هي من السُّمْرَة(4).
ومن ذلك (المُسْلَهِبُّ): الطويل، والهاء فيه زائدة، والأصل السَّلب، وقد مضى.
ومن ذلك قولهم (اسْلَهَمَّ)، إذا تغيَّرَ لونُه. فاللام فيه زائدة، وإنّما هو سَهُمَ وجهه يسْهُم، إذا تغيَّرَ. والأصل السُّهام.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)
ومن ذلك العجوز (السَّمْلَق): السَّيئة الخُلُق، والميم فيه زائدةٌ، وإنّما هي من السِّلْقَة.
ومن ذلك (السَِّرطَِم): الواسع الحَلْقِ، والميم فيه زائدة، وإنّما هو من سَرَِطَ، إذا بَلِع.
ومن ذلك (السَّرمَد): الدائم، والميم فيه زائدة، وهو من سَرَدَ، إذا وَصَل، فكأنَّه زمان متّصل بعضُه ببعض.
ومن ذلك (اسْبَغَلَّ) الشّيءُ اسْبِغلالاً، إذا ابتلَّ بالماء. واللام فيه زائدة، وإنما ذلك من السُّبوغ، وذلك أنَّ الماءَ كثُر عليه حتَّى ابتلَّ.
__________
(1) عرض يعرض عرضاً، مثل صغر يصغر صغراً.
(2) وثرت الشيء: وطأته وسهلته. وفي الأصل "وترته"، تحريف.
(3) سبق إنشاد البيت في (دمل) وسيأتي في (مهد).
(4) تذكر المعاجم أن السمهرية من الرماح منسوبة إلى "سمهر": رجل كان يصنع الرماح بالخط، وامرأته "ردينة" التي تنسب إليها الرماح الردينية.(3/124)
ومما وُضِع وضعاً وليس قياسُه ظاهراً: (السِّنَّوْرُ)، معروف. و(السَّنَوَّر): السِّلاح الذي يُلبس. و(السَّلْقَع) بالقاف(1): المكان الحزْن. و(السَّلْفَع) بالفاء(2): المرأة الصَّخَّابة. و(السَّلْفَع) من الرِّجال: الشجاع الجَسور. قال الشاعر:
بَينا يُعانِقُهُ الكماةُ ورَوْغِهِ
يوماً أُتِيحَ له جرِيءٌ سَلْفَعُ(3)
وقال في المرأة:
فما خَلَفٌ عن أُمِّ عِمران سلفع
من السُّود وَرهاء العِنان عَروبُ(4)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)
(والسِّمْحاق) : جِلْدةٌ رقيقةٌ في الرأس، إذا انتهت الشّجَّة إليها سمِّيت سِمْحاقاً. وكذلك سَمَاحيق السَّلَى، وسماحيق السَّحاب: القطع الرّقاق منه.
ومن ذلك (اسْحَنكَك) الظّلام. و(اسحَنْفَرَ) الشّيء: طال وعَرُض. وسَنامٌ (مُسرْهَدٌ): مقطوع قِطعاً. و(اسمَهَرَّ) الشوك: يَبِس. ويقال للظلام إذا اشتدَّ: اسمَهَرَّ. و(السَّرْهَفَة). و(السَّرعَفَة): حسن الغِذاء.
و(السَّخْبَر(5)): شجر. و(السَّماليخ): أماسيخ النَّصِيّ(6)، الواحدة سُملوخ. و(السَّمْسَق): الياسَمِين. و(السَّفَنَّجُ): الظّليم. و(السَّلْجَم): الطويل. و(السَّرَوْمط): الطويل. و(السِّلْتِم): الغُول. و(السِّلْتِم): السّنة الصّعبة.
قال الشاعر:
وجاءت سِلتمٌ لا رَجْعَ فيها
__________
(1) في المجمل: "بنقطتين".
(2) في المجمل: "بنقطة".
(3) رواية الديوان 18 والمفضليات (2: 228) "بينا تعنقه"، مصدر تعنقه تعنقاً. وفي رواية المقاييس عطف الاسم على الفعل، وهو مسموع. انظر همع الهوامع (2: 140).
(4) في اللسان (سلفع): "وما بدل من أم عثمان".
(5) في الأصل: "السنجر"، صوابه من المجمل واللسان.
(6) في اللسان: "وسماليخ النصي: أماصيخه، وهو ما تنزعه منه مثل القضيب". والأماسيح وردت بالسين في كل من المقاييس والمجمل، فلعلها مما جاء بالإبدال من الصاد.(3/125)
ولا صَدْعٌ فينجر الرِّعَاءُ(1)
و(السِّلْتِم) الداهية. و(السَّبَنْتَى): النَّمِر، وكذلك (السَّبَنْداةُ). قال في السَّبَنْتَى:
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)
وما كنتُ أخشى أن تكون وفاتُهُ
بكفَّيْ سَبَنْتَى أزرقِ العينِ مُطرِقِ(2)
و(السِّربال): القميص. و(اسْرَنْدَانِي) الشَّيءُ: غلَبني. و(السِّفْسِير): الفَيْج والتابع. و(السَُّوْذَق) و(السَّوْذَنِيق(3)) و(السُّوذَانِق): الصّقر.
و(السَّبَاريت): الأرض القَفر. و(السُّبْروت): الرَّجل القصير. و(السَّرْبَخُ): الأرض الواسعة. و(السِّنْدَأْوة): الرَّجل الخفيف. و(السَّجَنْجَل): المرآة. وغلام (سَمَهْدَرٌ): كثير اللَّحم. و(المُسْمَهِرُّ): المعتدل. و(المُسْجَهِرُّ): الأبيض. و(المُسْمغِدّ): الوارم. و(المُسْلَحِبّ): المستقيم. و(السُّرادِق): الغبار. و(السَّمْحَج): الأتَانُ الطَّويلة الظهر. و(السِّجِلاَّط): نَمَط الهَوْدج، ويقال إنَّه ليس بعربيّ(4). و(السَّمَهْدَر): البعيد، في قول الراجز:
* ودُونَ ليلَى بَلدٌ سَمَهْدَرُ(5) *
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله سين)
__________
(1) سبق البيت في مادة (رجع)، ولست أحق كلمة "فينجر"، ورواية اللسان (فتحتلب)، ولعلها هنا "فيتجر الرعاء"، من الوجور.
(2) البيت للشماخ من مقطوعة في الحماسة (1: 454). وأنشده في اللسان (سبت) والمخصص
(1: 124/ 16: 8). ولم يرو في ديوان الشماخ.
(3) ويقال أيضاً "سيذنوق". واللفظ معرب من الفارسية. انظر المعرب للجواليقي 186-187. والسان (سذق)، وأدّي شير.
(4) في اللسان أنه معرب عن الرومية: "سجلاطس".
(5) البيت لأبي الزحف الكليبي الراجز، ابن عم جرير. انظر اللسان (سمهدر). وفي اللسان "الكليني" وهو تحريف أوقع مصحح اللسان في خطأ.(3/126)
ويقال (سَرْدَجْته) فهو مُسردَج(1)، أي أهملتُهُ، فهو مُهمل. قال أبو النجم:
قد قَتَلَتْ هِنْدُ ولمَ تَحَرَّجِ
وتركَتْكَ اليومَ كالمُسَرْدَجِ
و(اسبَكَرَّ) الشَّيء: امتدَّ. والله أعلم.
ــــــــ
(تم كتاب السين)
شص - شط
كتاب الشين
(باب ما جاء من كلام العرب أوله شين في المضاعف والمطابق)
(شص) الشين والصاد أصلٌ واحدٌ مطّرد. يدلُّ على شدّة وَرَهق. من ذلك قولهم: شَصَّتْ مَعِيشتُهم * وإنَّهم لفي شَصَاصَاء، أي في شِدّة. وأصله من قولهم شَصَّ الإنسان، إذا عَضَّ بنواجذه على الشيء عَضّاً. ويقال في الدعاء: نَفَى الله عنك الشَّصائص، وهي الشّدائد.
ومن الباب الشَّصّ: شيء لا يُصاد به السّمك. ويقال للِّصِّ الذي لا يَرَى شيئاً إلاَّ أتى عليه: شِصّ. قال الكسائيّ: يقال إنَّ فلاناً على شَصَاصاء، أي على عَجَلة. قال:
نحنُ نَتَجْنا ناقةَ الحَجّاجِ
على شَصَاصاء من النِّتاجِ(2)
(شط) الشين والطاء أصلان صحيحان: أحدهما البُعد. والآخر يدلُّ على المَيل.
فأما البُعد فقولهم: شطّت الدارُ، إذا بعُدت تَشُطّ شُطوطا. والشَّطَاط: البُعد. والشَِّطاط: الطُّول؛ وهو قياسُ البُعد؛ لأنَّ أعلاه يبعُد عن الأرض.
شظ
ويقال أَشَطَّ فلانٌ في السَّوْم، إذا أَبْعَدَ وأتَى الشَّطَط، وهو مجاوزة القَدْر. قال جلَّ ثناؤه: { وَلا تُشْطِطْ } [ص 22]. ويقال أشطَّ القومُ في طلبِ فلانٍ، إذا أمعَنُوا و أَبعَدوا.
__________
(1) لم تذكر مادة (سردج) بالجيم في اللسان، وذكرها صاحب القاموس.
(2) الرجز في اللسان (شصص).(3/127)
وأمَّا الميل فالميل في الحُكم. ويجوز أن يُنقل إلى هذا الباب الاحتجاجُ بقوله تعالى: { وَلاتُشْطِطْ } [ص 22]. أي لا تَمِلْ. يقال [شَطَّ، و(1)] أَشَطّ، وهو الجور والميل في الحكم. وفي حديث تميمٍ الداريّ: "إنّك لشاطِّي حتَّى أحملَ قوّتَك على ضعفي"(2)، شاطِّي، أي جائر في الحكم عليَّ. والشَّطُّ: شَطّ السَّنام، وهو شِقُّه، ولكلِّ سَنامٍ شَطَّانِ. وإنّما سمِّيَ شطّاً لأنَّه مائل في أحد الجانبين. قال الشاعر(3):
كأنَّ تحتَ دِرعِها المُنْعَطِّ
شطّاً رميتَ فوقَه بشَطِّ
وناقة شَطَوْطَى من هذا. وشَطُّ النَّهر يسمى شَطّاً لذلك، لأنَّه في الجانبين.
(شظ) الشين والظاء أصلٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيء. من ذلك الشِّظَاظانِ: العُودان اللذان يُجعَلان في عُرَى الجُوالِق. قال:
شع
أين الشِّظاظانِ وأين المِرْبَعهْ
وأين وَسَقُ الناقةِ المُطَبَّعهْ(4)
ويقولون: أَشَظَّ الرجُل، إذا تحرَّك ما عنده. ويقولون: أشَظَّ البعيرُ، إذا مدَّ بذنَبه.
(شع) الشين والعين في المضاعف أصلٌ واحد يدلُّ على التفرُّق والانتشار. من ذلك الشعاع شُعاع الشّمس، سمِّي بذلك لانبثاثه(5) وانتشاره، يقال أَشَعّت الشّمسُ تُشِعُّ، إذا طرحَتْ شُعَاعَها. والشَّعَاع بالفتح: الدّم
المتفرِّق. قال قيس بن الخطيم:
__________
(1) التكملة يقتضيها الاستشهاد التالي، وكذا جاء في المجمل: "قال أبو عبيد: شططت فلان وأشططت، وهو الجور في الحكم". ثم استشهد بحديث تميم الداري.
(2) في اللسان: "وفي حديث تميم الداري أن رجلاً كلمه في كثرة العبادة فقال: أرأيت إن كنت أناً مؤمناً ضعيفاً وأنت مؤمن قوي إنك لشاطّي حتى أحمل قوتك على ضعفي فلا أستطيع فأنبت". يقول: إذا كلفتني مثل عملك وأنت قوي وأنا ضعيف فهو جور منك.
(3) هو الراجز أبو النجم العجلي. اللسان (شطط، عطط).
(4) سبق البيتان في مادة (ربع).
(5) في الأصل: "لابتشائه"، تحريف.(3/128)
طعنتُ ابنَ عبدِ القَيسِ طعنةَ ثائرٍ
لها نَفَذٌ لولا الشُّعَاعُ أضاءَها(1)
وشعاع(2) السُّنْبُل: سَفَاه إذا يَبِس. قال أبو النَّجم:
* لِمَّةَ فَقْرٍ كشعاع السُّنبلِ(3) *
ويقال نَفْسٌ شَعاعٌ، إذا تَفرَّقَ هِمَمُها، قال:
فَقدتُكِ من نَفْسٍ شَعاعٍ ألم أكنْ
نَهيتُكِ عن هذا وأنتِ جميعُ(4)
شغ
والشَّعُّ: رمي الناقة بولَها على فَخذِها. يقال شَعَّتْ تَشُعُّ شَعّاً. ويقال ظلٌّ شَعْشَعٌ، إذا لم يكن كثيفاً. وقال الراجز في التفرُّق:
* صَدْقُ اللِّقاءِ غيرُ شَعْشاع الغَدَرْ(5) *
يقول: هو جميع الهِمَّة غيرُ متفرِّقِها.
ومن هذا الباب الشَّعشاع والشَّعشَعان من النّاس والدوابّ: الطويل. يقال بَعيرٌ شعشاعٌ وناقةٌ شَعْشَاعةٌ وشَعْشَعَانةٌ. قال ذو الرّمة:
هيهاتَ خَرقاءُ إلاَّ أنْ يقرِّبَها
ذُو العرش والشّعشعاناتُ العَياهيمُ(6)
ومن الباب: شَعْشَعْتُ الشّرابَ، إذا مزجتَه؛ وذلك أن المِزاج ينبثُّ وينتشر فيه. قال:
مشعشعةً كأنَّ الحُصَّ فيها
إذا ما الماءُ خالَطَها سَخِينَا(7)
(شغ) الشين والغاء أصلٌ يدل على القلّة. قال أهل اللُّغة: الشّغشغة في الشرب: التّصريد، وهو التقليل. قال رؤبة:
لو كنتُ أَسْطِيعُك لم يُشَغْشَغِ
شُرْبي وما المشغولُ مِثْلُ الأَفْرغِ(8)
__________
(1) ديوان قيس بن الخطيم 3 واللسان (شعع).
(2) شعاع السنبل بتثليث حركات الشين. في الأصل: "شعا"، تحريف.
(3) البيت في أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمي العربي، السنة الثامنة ص 475. وقبله:
* تفرى له الريح ولما يقمل *.
(4) البيت في المجمل، وهو لقيس بن ذريح، كما في اللسان (شمع).
(5) البيت في المجمل واللسان (شعع).
(6) ديوان ذي الرّمة 579 واللسان (شعع). وسيعيده في (عهم).
(7) البيت لعمرو بن كلثوم في معلقته.
(8) ديوان رؤبة 97 واللسان (شغغ).(3/129)
هذا هو الأصل. وفيه كلمةٌ طريقتُها طريق الحكاية، وذلك ربَّما حُمل
شف
على القياس وربما لا يُحمَل. يقولون إنَّ الشَغشغة صَوت الطَّعْن، في قول الهذليّ(1):
فالطعن شَغْشغةٌ والضَّرب هَيْقعةٌ
ضربَ المُعَوِّل تحت الدِّيمة* العَضَدا
والشغشغة: ضربٌ من هدير الإبل.
(شف) الشين والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على رقّة وقلّة، لا يشذ منه شيءٌ عن هذا الباب. من ذلك الشَِّفّ: السِّتْر الرّقيق. يقولون: سُمِّي بذلك لأنَّه يُستَشفُّ ما وراءه. والأصل أن السِّتر في نفسه يشفُّ(2) لرقّته إِذْ كان كذا. وإن كان ما قاله القومُ صحيحاً فهو قياسٌ أيضاً؛ لأنَّ الذي يُرى من ورائه هو القليل المتفرِّق في رأي العين والبصر. ومن ذلك الشَِّفّ الزيادة؛ يقال لهذا على هذا شَِفٌّ، أي فضْل. ويقال: أَشففتَ بعضَ ولدك على بعضٍ، أي فضّلت. وإنما قيل ذلك لأنَّ تلك الزيادة لا تكاد تكثُر، فإنْ أَعطَى أحدَهما مائةً والآخرَ مائتين لم يُقَل أَشففتَ، لكن يقال أَفْضَلْتَ وأَضْعَفت وضعَّفت، وما أشبَهَ ذلك.
وقولُ مَنْ قال: الشَِّف: النُّقصان أيضاً محتمل، كأنَّه ينقُص الشيءَ حتى يصيِّرَه شُفافَة(3). والشُّفُوف: نُحول الجِسم، يقال شفَّه المرضُ يشُفُّه شَفّاً. فأما الشَّفيف فلا يكون إلا بَرْدَ ريح في نُدُوّة قليلة، فسمِّي شفيفاً لتلك النُّدُوّة وإن قَلَّتْ. ويقال لذلك الشَّفَّانُ أيضاً، قال:
شق
* ألجاهُ شَفَّانٌ لها شَفِيفُ(4) *
__________
(1) هو عبد بن مناف بن ربع الهذلي، كما في اللسان (شغغ). وقصيدته في بقية أشعار الهذليين
3 ونسخة الشنقيطي 51، وانظر ما سيأتي في (عضد).
(2) في الأصل: "شفّ".
(3) الشفافة، بالضم: البقية من الشيء.
(4) البيت في المجمل (شف).(3/130)
والاستشفاف في الشَّراب: أن يستقصِيَ ما في الإِناء لا يُسْئِرُ(1) فيه شيئاً، كأنَّ تلك البقيَّة شُفافة، فإذا شربَها الإنسان قيل اشتفَّها وتَشَافَّها. وفي حديث أمّ زرع: "إنْ أكلَ لَفَّ، وإِنْ شرِبَ اشتَفَّ". وكلُّ شيءٍ استوعَبَ شيئاً فقد اشتفَّه. قال الشَّاعِر:(2)
له عنق تُلْوِي بما وُصِلَتْ به
ودَفَّانِ يشتَفّان كلَّ ظِعانِ
الظِّعَان: الحبل. يقول: جَنْباه عريضانِ، فما يأخُذان الظِّعانَ كلَّه. وأما قول الفرزدق:
* ويُخْلِفْن ما ظَنَّ الغَيورُ المشَفْشَفُ(3) *
فيقال: الرَّجل الشديد الغَيرة. وهذا صحيح، إلاَّ أنّه الذي شفّتْه الغَيرة حتّى نَحَلَ جسمُه.
(شق) الشين والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على انصداعٍ في الشيء، ثم يحمل عليه ويشتقُّ منه على معنى الاستعارة. تقول شقَقت الشيء أَشُقه شقَّا، إذا صدعتَه. وبيده شُقوق، وبالدابّة شُقاق. والأصل واحد. والشِّقَّة: شَظِيَّةٌ تُشَظَّى من لوحٍ أو خشبة.
شق
__________
(1) في الأصل: "لا تسار"، صوابه من المجمل.
(2) هو كعب بن زهير. والبيت سبق إنشاده في (دف).
(3) أنشد هذا الصدر في اللسان (شفف). وصدره في الديوان 552:
* موانع للأسرار إلا لأهلها *.(3/131)
ومن الباب: الشِّقَاق، وهو الخِلاف، وذلك إذا انصدعت الجماعةُ وتفرَّقتْ يقال: شَقُّوا عصا المسلمين، وقد انشقّت عصا القومِ بعد التئامها، إذا تفرَّقَ أمرُهم. ويقال لنِصف الشيء الشِّقّ. ويقال أصابَ فلاناً شِقٌّ ومَشقّة، وذلك الأمر الشديد كَأنَّه من شدّته يشقُّ الإنسان شقّا. قال الله جل ثناؤه { وتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إلاَّ بِشِقِّ الأَنْفُس } [النحل 7]. والشِّقّ أيضاً: الناحية من الجبل. وفي الحديث: "وَجَدني في أهل غُنَيْمَةٍ بِشَقّ". والشِّقّ: الشقيق، يقال هذا أخي وشقيقي وشِقُّ نفسي. والمعنى أنه مشبَّه بخشبةٍ جعلت شِقّيْنِ. ويقولون في الغضبان: احتدَّ فطارت منه شِقَّةٌ، كَأنه انشقّ من شدة الغضب. وكلُّ هذه أمثال.
والشُّقَّة: مسيرٌ بعيدٌ إلى أرض نطيَّة. تقول: هذه شُقّةٌ شاقّة. قال الله سبحانه: { ولَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّة } [التوبة 42]. والشُّقة من الثياب، معروفة. ويقال اشتقَّ في الكلام في الخصومات يميناً وشِمالاً مع ترك القَصْد، كأنَّه يكون مرةً في هذا الشِّق، ومرَّة في هذا. وفرسٌ أَشَقُّ، إذا مالَ في أحد شِقَّيه عند عَدْوِهِ. والقياس في ذلك كلِّه واحد.
والشّقِيقة: فُرْجَةٌ بين الرمال تُنْبِتُ. قال أبوخَيْرَة: الشَّقيقة: لَيِّن من غلظ الأرض، يطول ما طال الحَبْل. وقال الأصمَعيّ: هي أرضٌ غليظةٌ بين حَبْلَينِ من الرَّمل. وقال أبو هشامٍ الأعرابيّ: هي ما بين *الأمِيلَين. والأمِيل والحَبْل سواء. وقال لبيد:
شق
خَنْسَاء ضيَّعتِ الفريرَ فلم يَرِمْ
عُرْضَ الشقائقِ طَوْفُها وبُغَامُها(1)
__________
(1) البيت من معلقة لبيد.(3/132)
وقال الأصمعيُّ: قِطعٌ غِلاظٌ بين كلّ حَبْلَيْ رمْل. وفي رواية النَّضْر: الشقيقة الأرض بين الجبلَين على طَوَارهما، تنقاد ما انقاد الأرض، صلبة يَسْتَنْقِعُ الماء فيها، سَعَتُها الغَلْوَةُ والغَلْوتان. قلنا: ولولا تطويلُ أهل اللُّغَةِ في ذكر هذه الشَّقائق، وسلوكُنا طريقَهم في ذلك، لكان الشّغل بغيره مما هو أنفع منه أولى، وأيُّ منفعةٍ في علم ما هي حتى تكون المنفعة في علم اختلاف الناس فيها. وكثيرٌ مما ذكرناه في كتابنا هذا جارٍ هذا المجرى، ولاسيما فيما زاد على الثلاثيّ، ولكنَّه(1) نَهج القوم وطريقَتُهم.
ومن الباب الشِّقْشِقَة: لَهَاة البعير، وهي تسمَّى بذلك لأنّها كأنَّها منشقَّة. ولذا قالوا للخطيب هو شقشقة، فإنما يشبّهونه بالفحل. قال الأعشى:
فاقْنَ فإني طَبِنٌ عالمٌ
أقطعُ من شِقشقة الهادِرِ(2)
وفي الحديث: "إنَّ كثيراً من الخطب شقاشقُ الشَّيْطان"(3).
ومما شذَّ عن هذا الباب: الشَّقيق، قالوا: هو الفَحْلُ إذا استَحْكَم وقوِيَ. قال الشاعر:
* أبوكَ شَقِيقٌ ذو صَياص مذَرَّبُ *
شك
(شك) الشين والكاف أصل واحدٌ مشتقٌّ بعضُه من بعض، وهو يدلُّ على التَّداخُل. من ذلك قولهم شكَكْتُه بالرُّمح، وذلك إذا طَعنتُه فداخَل السِّنانُ جسمَه. قال:
فشككت بالرُّمح الأصَمِّ ثيابَه
ليس الكريمُ على القنا بمحرَّمِ(4)
ويكون هذا من النَّظْم بين الشيئين إذا شُكّا.
ومن هذا الباب الشكُّ، الذي هو خلاف اليقين، إنما سمِّي بذلك لأنَّ الشَّاكَّ كأنه شُكَّ له الأمرانِ في مَشَكٍّ واحد، وهو لا يتيقن واحداً منهما، فمن ذلك اشتقاق الشك. تقول: شككت بين ورقتين، إذا أنت غَرَزْتَ العُود فيهما فجمعتَهما.
__________
(1) في الأصل: "ولكن".
(2) ديوان الأعشى: 107 واللسان (شقق). وفي الديوان: "واسمع فإنّي".
(3) في اللسان: "من شقاشق الشيطان".
(4) البيت من معلقة عنترة العبسي.(3/133)
ومن الباب الشِّكَّةُ، وهو ما يلبسه الإنسان من السّلاح، يقال هو شاكٌّ في السّلاح. وإنما سمِّي السّلاحُ شِكَّة لأنه يُشَكُّ به، أوْ لأنه كأنه شُكَّ بعضُه في بعض. فأمّا قول ذي الرُّمَّة:
وَثْبَ المُسَحَّج مِن عاناتِ مَعْقُلةٍ
كأنّه مُستَبانُ الشَّكِّ أو جَنِبُ(1)
فالشك يقال إنّه ظلْع خفيف؛ يقال بعيرٌ شاكٌّ، وقد شَكّ شَكّاً. وهذا قياس صحيح؛ لأنّ ذلك وَجَع(2) يداخِله. ويقال بل الشَّكّ: لُصوق العَضد بالجنْب. فإن صحَّ هذا فهو أظهر في القياس. والشكائك: الفِرَق من الناس،
شل
الواحدة شَكِيكة، وإنما سمِّيت بذلك لأنها إذا افترقت فكلُّ فِرقةٍ منها يداخل بعضُهم بعضاً.
(شل) الشين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تباعُد، ثم يكون ذلك في المسافة، وفي نسج الثَّوب وخياطته وما قارب ذلك. فالشلُّ: الطرْد، يقال شَلَّهم شَلاًّ، إذا طَرَدهم. ويقال أصبح القوم شِلاَلاً، أي متفرِّقين. قال الشاعر:
أما والذي حَجَّت قريشٌ قَطينةً
شِلالاً ومولَى كلِّ باقٍ وهالكِ(3)
والشَّلل: الذي قد شُلّ، أي طُرِد. ومنه قوله:
* لا يَهُمُّون: بإِدْعاق الشَّلَلْ (4) *
ويقال شَللت الثوب أشُلُّه، إذا خِطته خياطةً خفيفة متباعدة.
ومن الباب الشلل: فساد اليد، يقال: لا تشْلل ولا تَكْللْ، ورجلٌ أَشَلُّ وقد شَلَّ يَشَلّ. والشلل: لَطْخ يُصيب الثوبَ فيبقى فيه أثر. والشلشَلة: قَطَرَانُ(5) الماء متقطعاً. والشُّلة(6): النَوَى نوى الفِراق. وهو من الباب، وذلك حيثُ ينتوي القومُ. قال أبو ذؤيب:
__________
(1) البيت في ديوان ذي الرمة 10 واللسان (جنب، شكك). وقد سبق في (جنب).
(2) في الأصل: "رجع".
(3) البيت لابن الدمينة في اللسان (شلل).
(4) عجز بيت للبيد، سبق إنشاده في (دعق). وسيأتي في (عور) وصدره:
* في جميع حافظي عوراتهم *.
(5) القطران، بفتح الطاء: مصدر قطر. وفي الأصل: "قطرات"، تحريف.
(6) ويقال أيضاً "الشُّلَّى" بالقصر.(3/134)
وقلتُ تجنَّبَنْ سُخْطَ ابنِ عمٍّ
ومَطلبَ شُلَّةٍ وهي الطَّروحُ(1)
شم
فأما الشَّليل فقال قوم: هو الحِلْس، وهو لا يكون محقق النَّسْج. وأمَّا الجُنَنُ(2) ففيها الشَّليل، فقال قوم: هو ثوبٌ يُلبَس تحت الدِّرع *ولا يكون ضعيفاً، وقال آخرون: هي الدِّرع القصيرة، وتُجمع أشِلّة. قال أوس:
وجاؤُوا بها شَهباءَ ذاتَ أَشِلَّةٍ
لها عارضٌ فيه المنيَّةُ تلمعُ(3)
وأيّ ذلك كان فإنما هو تشبيهٌ واستعارة.
(شم) الشين والميم أصلٌ واحد يدلُّ على المُقارَبة والمداناة. تقول شَمَمت الشيءَ فأنا أشمُّهُ(4). والمشامَّة: المفاعلة من شاممته، إذا قاربتَهَ ودنوتَ منه. وأشمَمْتُ فلاناً الطيبَ. قال الخليل: تقول للوالي أشمِمني يدك، وهو أحسنُ من قولك: ناوِلْني يدَك. وأمّا الشمم فارتفاعٌ في الأنف، والنعت منه الأشمُّ؛ في الظاهر كأنه بعيدٌ من الأصل الذي أصَّلناه، وهو في المعنى قريبٌ، وذلك أنه إذا كان مرتفعَ قصبة الأنف كان أدنى إلى ما يريد شَمَّهُ. ألا تراهم يقولون: [آنفُهُمْ(5)] تنال الماء قبل شفاههم. وإذا كان هذا كذا كان منه أيضاً ما حُكي عن أبي عمرو: أشمَّ فلانٌ، إذا مرَّ رفعاً رأسه. وعرضت عليه كذا فإذا هو مُشِمٌّ(6). وبينا هُمْ في وجهٍ أشَمُّوا، أي عدَلوا؛ لأنه إذا باعدَ شيئاً قاربَ غيره. وإذا أشمَّ عن شيءٍ قارَبَ غيره، فالقياسُ فيه غير بعيد.
شن
__________
(1) ديوان أبي ذؤيب 69 واللسان (شلل).
(2) الجنن: جمع جنة، وهو ما استترت به من السلاح. وفي الأصل: "الحسن"، تحريف، صوابه من المجمل.
(3) ديوان أوس بن حجر 11 واللسان (شلل).
(4) يقال من بابي علم ونصر.
(5) تكملة يفتقر إليها الكلام.
(6) في الأصل: "متشم"، صوابه في المجمل واللسان.(3/135)
(شن) الشين والنون أصلٌ واحد يدلُّ على إخلاقٍ ويُبْس. من ذلك الشَّنُّ، وهو الجِلد اليابس الخَلَق البالي، والجمع شِنانٌ. وفي الحديث في ذكر القرآن: "لا يَتفه ولا يتشَانُّ(1)"، أي لا يَقِلُّ ولا يُخْلِق. والشنين: قَطَرانُ الماء من الشَنّة. قال الشاعر:
* يا مَن لِدمعٍ دائم الشَّنينِ(2) *
ومن الباب: الشِّنْشِنَة، وهي غريزة الرَّجُل. وفي أمثالهم: "شِنْشِنة أعرفُها من أخزم"، وهي مشتقة مما ذكرناه، أي هي طبيعتُه التي وُلِدَت معه وقَدُمَت، فهي كأنها شَنّة. والشَّنُون، مختلف فيه، فقال قوم: هو المهزول، واحتجُّوا بقول الطرِمَّاح في وصف الذئب الجائع:
* كالذّئب الشّنونِ(3) *
وقال آخرون: هو السَّمين. ويقال إنّه الذي ليس بسمينٍ ولا مهزُول. وإذا اختلفت الأقاويل نُظِرَ إلى أقربها من قياس الباب فأُخِذَ به. وقد قال الخليل: إن الشَّنُون الذي ذهب بعضُ سِمَنه، [شُبّهَ(4)] بالشَّنّ. وقال: يقال للرّجُل إذا هُزِلَ: قد استَشَنّ. وأمّا إِشْنانُ(5) الغارةِ فإنما هو مشتقٌّ من الشَّنين، وهو قَطَران الماء من الشَّنَّة، كأنهم تفرَّقوا عليهم فأتَوْهم من كلِّ وجه. ويقال شننت الماءَ، إذا صَبَبْته متفرِّقاً. وهو خلافُ سَنَنْت.
شب - شت
__________
(1) سبق الاستشهاد بالحديث في (تفه) برواية أخرى حيث فسر التافه بالقليل.
(2) البيت في اللسان (شنن 108).
(3) وكذا ورد إنشاد هذه القطعة في المجمل. والبيت بتمامه في الديوان 178 واللسان (شنن):
يظل غرابها ضرما شذاه
شج بخصومة الذئب الشنون
(4) التكملة من المجمل.
(5) في الأصل: "شنان"، تحريف، وإنما هو "إشنان" مصدر "أشن".(3/136)
(شب) الشين والباء أصلٌ واحد يدلُّ على نَمَاء الشيء، وقوّته في حرارةٍ تعتريه. من ذلك شَبَبْتُ النّارَ أَشُبُّها شَبّاً وشُبُوباً. وهو مصدر شُبَّت. وكذلك شَبَبْتُ الحرب، إذا أوقدتَها. فالأصل هذا. ثم اشتقَّ منه الشَّباب، الذي هو خلاف الشَّيْب. يقال: شَبَّ الغلامُ شَبِيباً وشَباباً(1)، وأَشَبَّ الله قَرْنَهُ(2) والشَّبَاب أيضاً: جمع شابّ، وذلك هو النَّماء والزيادةُ بقوّة جسمِه وحرارته. ثم يقال فَرقاً: شَبَّ الفرسُ شِباباً، بكسر الشين، وذلك إذا نَشط ورفَع يديه جميعاً. ويقولون: بَرِئْت إليكَ من شِبابه وعِضَاضِه(3). والشَّبيبة: الشَّباب(4). ومن الباب: الشَّبَبُ: الفتيُّ من بقر الوحش. قال ذو الرّمة:
* ناشِطٌ شَبَبُ(5) *
ومن هذا القياس: أُشِبّ له الشيءُ، إذا قُدِّرَ وأُتيح؛ وكأنّه رُفع وأُسْمِيَ له(6).
(شت) الشين والتاء أصلٌ يدلُّ على تفرُّق وتزيُّل، من ذلك تشتيت الشيء المتفرّق، تقول: شَتّ شَعْبُهم شَتَاتاً وشَتّاً، أي تفرَّقَ جَمْعُهم. قال الطرِمّاح:
شث – شج - شح
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامْ
وشَجَاكَ الرّبعُ رَبعُ المُقامْ(7)
ويقال: جاء القوم أشتاتاً. وثَغْر شَتِيتٌ: مفلَّجٌ حَسَن. وهو من هذا، كأنَّه يقال إنَّ الأسنانَ ليست بمتراكِبة. وشتّانَ ما هما، يقولون إنّه الأفصح، وينشدون:
وشَتّانَ ما يومِي على كُورِها
__________
(1) وشبوبا أيضاً.
(2) في اللسان: "وأشبّه الله وأشبّ الله قرنه. والقرن زيادة في الكلام".
(3) ويقال أيضاً: "من شبيبه وعضيضه".
(4) في الأصل: "الشاب"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) البيت بتمامه كما في الديوان 17 واللسان (نمش، نشط)، وما سيأتي في (نشط):
أذاك أم نمش بالوشي أكرعُهُ
مسفع الخد هاد ناشط شبب
(6) أسماه له: رفعه. وفي الأصل: "سمى به له".
(7) ديوان الطرماح 95 واللسان (شتت).(3/137)
ويومُ حَيَّانَ أخِي جابرِ(1)
و* رّبما قالوا: شَتَّانَ ما بينهما، والأوّل أفصح.
(شث) الشين والثاء ليس بأصل، إنما هو الشّثُّ: شَجر.
(شج) الشين والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على صَدْع الشيء. يقال شَجَجْتُ رأسَهُ أَشُجُّه شَجّاً. وكان بين القوم شِجاجٌ ومشاجّة، إذا شجَّ بعضُهم بعضاً. والشَّجَجُ: أثر الشَّجّة في الجبينِ؛ والنّعت منه أَشَجّ. وشجَجت المفازةَ شَجّاً، إذا صَدَعْتَها بالسَّير. وشَجَجْتُ الشَّرابَ بالمِزَاج(2). وشَجَّت السفينةُ البحر. والشَّجِيج: المشجوج. والوَتِد شجيج.
(شح) الشين والحاء، الأصل فيه المنع، ثم يكون منعاً مَعَ حِرص. من ذلك الشُّحُّ، وهو البُخل مع حِرص. ويقال تَشَاحَّ الرّجلانِ على الأمر، إذا أراد كلُّ واحدٍ منهما الفوزَ به ومنْعَه من صاحبه. قال الله جلَّ ثناؤه: { وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ } [الحشر 9، التغابن 16]. والزّنْد الشَّحَاحُ: الذي لا يُورِي.
شخ - شد
قال ابن هَرْمَة:
وإِنِّيَ وتركي نَدى الأكرمينَ
وَقَدْحِي بكفَّيَّ زَنْداً شَحَاحا(3)
هذا هو الأصل في المضاعف.
فأمَّا المطابَقُ فقريبٌ من هذا. يقولون للمواظِب على الشيء: شَحْشَحٌ. ولا يكون مواظبتُه عليه إلاَّ شُحّاً به. ويقولون للغَيور: شَحْشَح، وهو ذاك القياس؛ لأنّه إذا غار مَنَع. وكذلك الشُّجَاع، وهو المانع ما وراءَ ظهرِه. وأمَّا الماضي في خطبته فيقال له شَحشح؛ كأنّه محمولٌ على الشُّجاع مشبَّه به.
(شخ) الشين والخاء ليس بأصل، إنما يقولون شَخَّ الصبيُّ ببوله، إذا بال وكان له صوت. وشَخَّتْ رجلُه دماً، أي سالت.
__________
(1) للأعشى في ديوانه 108 واللسان (شتت).
(2) في الأصل: "بالمزج" مع ضبط الميم بالكسر، صوابه من المجمل.
(3) اللسان (شحح) والحيوان (1: 199) ، والموشح: 237، وثمار القلوب 353.(3/138)
(شد) الشين والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قوةٍ في الشيءِ، وفُروعُه ترجِع إليه. من ذلك شَدَدْتُ العقد شَدّاً أشُدُّه. والشَّدّة: المرّة الواحدة. وهذا القياسُ في الحرْب أيضاً. يَشُدُّ شَدّاً. قال:
يا شَدَّةً ما شددنا غيرَ كاذبةٍ
على سَخِينَةَ لولا اللّيلُ والحرَمُ(1)
ومن الباب: الشّديد والمتشدّد: [البَخِيل(2)]. قال الله سبحانه: { وَإِنَّهُ لِحُبِّ الخَيْرِ لَشَدِيدٌ } [العاديات 8]. [و] قال طرَفة في المتشدّد:
أَرَى الموتَ يعتامُ الكِرامَ ويَصْطَفي
عَقيلةَ مالِ البَاخِلِ المتشدِّدِ(3)
شذ – شر
وحُكِي عن أبي زيد: أصابتني شُدَّى، أي شِدَّة. ويقال: أَشَدَّ القومُ، إذا كانت دوابُّهم شِداداً(4). وشَدُّ النّهارِ: ارتفاعه(5). والأَشُدُّ: العشرون، ويقال أربعون سنة. وبعضهم يقولون لا واحدَ لها، ويقال بل واحدها شَدٌّ.
(شذ) الشين والذال يدلُّ على الانفراد والمفارَقة. شَذّ الشيء يَشِذُّ شذوذاً. وشُذَّاذُ الناس: الذين يكونون في القوم وليسوا من قبائلهم ولا مَنَازِلهم(6). وَشُذَّانِ الحصى(7): المتفرِّق منه. قال امرؤ القيس:
تُطَايِرُ شُذّانَ الحصى بمَنَاسمٍ
صلابِ العُجى ملثومُها غَيرُ أَمْعَرا(8)
__________
(1) لخداش بن زهير، كما سبق في حواشي مادة (سخن).
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) البيت من معلقته المعروفة.
(4) منه الحديث: "يرد مشدهم على مضعفهم".
(5) منه قول عنترة في معلقته:
عهدي به شد النهار كأنما
خضب البنان ورأسه بالعظلم.
(6) في الأصل: "مساولهم"، صوابه في المجمل واللسان.
(7) شذان، بالضم: جمع شاذ، كشاب وشبان. وبالفتح: صفة على فعلان.
(8) ديوان امرئ القيس 98 واللسان (شذذ).(3/139)
(شر) الشين والراء أصلٌ واحد يدلُّ على الانتشار والتّطايُر. مِن ذلك الشرّ خلاف الخير. ورجلٌ شِرِّير، وهو الأصل؛ لانتشاره وكثرته. والشَّرُّ: بسْطُك الشيءَ في الشمس. والشّرارة، والجمع الشّرَارُ. والشّرَر: ما تطاير من النّار، الواحدة شَرَرَة. قال الله جلَّ وعلا: { إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كالقَصْرِ }
[المرسلات 32]. ويقال: شرشَرَ الشيءَ، إذا قطّعه. والإِشرارة: ما يُبْسَط عليه الشيء. والشِّواء الشّرْشار(1): الذي يتقاطر دَسَمُه. والشَّرشرة: أن تنفُض الشَّيء من فيك بعد عضِّك إِيَّاه. وشراشر الأذناب: ذَباذِبُها. وأنشد:
شر
فعوين يَستعجِلْنه ولَقِينَه
يَضْرِبْنَه بِشراشر الأَذْنابِ(2)
فإن قال قائل: فعلى أيِّ قياسٍ من هذا البابُ يُحمل الشَّراشر، وهي النَّفْس، يقال ألقى عليه شراشِرَه، إذا ألقى عليه نفسه حرصاً ومحبّة. وهو قوله:
* ومِنْ غَيَّةٍ تُلقَى عليها الشَّراشرُ(3) *
فالجوابُ أنَّ القياس في ذلك صحيح، وليس يُعنَى بالشّراشر الجسمُ والبدَن، إنّما يراد به النَّفْس. وذلك عبارةٌ عن الهِمم والمَطَالب * التي في النَّفْس. يقال ألقى عليه شراشِرَه، أي جَمَع ما انتشر من هِمَمه لهذا الشيء، وشَغَلَ همومَه كلَّها به. فهذا قياس.
ويقال أشررتُ فلاناً، إذا نسبتَه إلى الشرّ. قال طرفة:
وما زال شُربِي الرّاحَ حتّى أَشَرّنِي
صديقي وحَتَّى ساءني بعضُ ذلِكِ(4)
ويقال أشررت الشّيءَ، إذا أبرزْتَه وأظهرتَه. قال:
__________
(1) وكذا في المجمل. وفي اللسان والقاموس: " الشرشر" .
(2) في المجمل: "يعوين".
(3) لذي الرمة. وصدره في ديوانه 251 واللسان (شرر): * وكائن ترى من رشدة في كريهة *.
(4) ديوان طرفة 55 واللسان (شرر). وفي الأصل: "شرب الراح"، وصوابه في الديوان واللسان. وفي اللسان: "بعض ذلكا"، تحريف. ومطلع القصيدة:
ففي قبل وشك البين يا ابنة مالك
وعوجي علينا من صدور جمالكِ(3/140)
* وَحَتَّى أُشِرّتْ بالأكفِّ المصاحفُ(1) *
وقال:
شز - شس - شصب
إِذا قِيلَ أيُّ النّاسِ شرٌّ قبيلةً
أَشَرَّت كليباً بالأكفّ الأصابع(2)
وقال امرؤ القيس:
تجاوزتُ أحراساً عليها ومَعْشَراً
عليَّ حِراصاً لو يُشِرُّون مَقتَلي
(شز) الشين والزاء أصلٌ واحد ضعيف. يقولون: إنّ الشَّزازة: اليُبْس الشَّديد.
(شس) الشين والسين قريب من الذي قبله. فالشَّسُّ: الأرض الصُّلْبة، والجمع شِسَاس وشُسوس.
(باب الشين والصاد وما يثلثهما)
(شصب) الشين والصاد والباء أصلٌ يدلُّ على شِدَّة في عيشٍ وغيره. يقال: الشَّصائب: الشَّدائد. ويقال عيشٌ شاصبٌ، أي شديد. وقد شَصَب شُصوباً. ويقال أَشْصَب اللهُ عيشَهُ.
ومن هذا الباب، إن كان صحيحاً: شَصَبت النّاقةُ على الفَحل(3)، وذلك إذا أَكْثَرَ ضرابَها فلم تَلْقَحَ له.
شصر - شطن
وما بعد ذلك من قولهم أنَّ الشِّصْبَ(4): النَّصِيب، وأنَّ المَشْصوبَةَ(5) المسلُوخة، فكلُّ ذلك مشكوكٌ فيه، غيرُ معوَّل عليه.
__________
(1) لكعب بن جعيل كما في وقعة صفين 336 واللسان (شرر). ونسب في وقعة صفين 411 إلى أبي جهمة الأسدي. وذكر في اللسان نسبته إلى الحصين بن الحمام المري.
(2) للفرزدق في ديوانه 520 والخزانة (3: 669). ويروى: "أشارت كليب" بنَزع "إلى" وإبقاء عملها. و"أشارت كليباً " بالنصب بعد نزع الخافض.
(3) هذه الكلمة مما فات صاحب اللسان، وذكرت في المجمل والقاموس.
(4) وهذه أيضاً مما فات صاحب اللسان، وذكرت في القاموس، وقال: "كالشصيب".
(5) ذكرت في اللسان عن ثعلب. وقد ذكر في المجمل بدلها "الشصب" بضمتين. وفي القاموس: "وكعنق: الشاة المسلوخة".(3/141)
(شصر) الشين والصاد والراء أصلٌ إن صحَّ يدلُّ على وصلِ شيء بشيء. من ذلك الشِّصَار: خشبة تشدُّ مِن مَنْخِرَي الناقة. تقول: شَصَّرتها أُشصِّرها تشصيراً. وقريبٌ من هذا: الشَّصْر: الخياطة ويكون فيها بعض التّباعُد. وأمّا قولهم شَصَرَ بصرُ فلان، فهو من باب الإِبدال، وإِنّما الصاد [مبدلة] من الطاء، وقد ذُكَر في بابه.
ومما شذّ عن ذلك: الشَّصَر، يقال إنَّه الظَّبْي الشّادن. وربما سمَّوه الشَّاصِر. وقد ذكره جرير(1).
(باب الشين والطاء وما يثلثهما)
(شطن) الشين والطاء والنون أصلٌ مطّرد صحيح يدلُّ على البُعد. يقال شَطَنت الدار تَشْطُن شطوناً إذا غَرَبَت. ونوىً شَطونٌ، أي بعيدة.
قال النابغة:
شطن
نَأَتْ بسعادَ عنك نوىً شَطونُ
فبانتْ والفؤادُ بها رهينُ(2)
ويقال بئرٌ شَطون، أي بعيدة القَعر، والشَّطَن: الحَبْل. وهو القياس، لأنَّه بعيدُ ما بينَ الطَّرَفين. ووصَفَ أعرابيٌّ فرساً فقال: "كأنّه شيطانٌ في أشطان". قال الخليل: الشَّطَن: الحبل الطويل. ويقال للفرس إذا استعصى على صاحبه: إنه لَينْزُو(3) بين شَطَنين. وذلك أنّه يشده موثقاً بين حَبْلَين(4).
وَأمَّا الشَّيطان فقال قوم: هو من هذا الباب، والنون فيه أصليّة، فسُمِّي بذلك لبُعده عن الحقّ وتمرُّده. وذلك أنّ كلَّ عاتٍ متمرّدٍ من الجنّ والإنس والدوابّ شيطان. قال جرير:
أيَّامَ يَدْعُونَني الشّيطانَ مِنْ غَزَلي
__________
(1) في المجمل: "وهو في شعر جرير". وقد عثرت على الشاهد الذي أشار إليه في ديوان جرير 306 وهو:
عرقت وجوه مجاشع وكأنها
عقل تدلع دون مدرى الشاصر
(2) البيت بهذه النسبة في اللسان (شطن)، وليس في ديوان النابغة.
(3) ينْزو: يثب. وفي الأصل: "ينْز"، صوابه من اللسان (شطن : 103).
(4) في اللسان: "يقال للفرس العزيز النفس: إنه لينْزو بين شطنين. يضرب مثلاً للإنسان الأشر القويّ".(3/142)
وهنّ يَهوَيْنَني إِذْ كُنتُ شيطانا(1)
وعلى ذلك فُسِّرَ قولُهُ تعالى: { طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِين }
[الصافات 65]. وقيل إنّه أرادَ الحيّات: وذلك أنَّ الحيَّة تسمَّى شيطاناً. قال:
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَميٍّ كأنّه
تَعَمُّجُ شيطانٍ بذي خِرْوعٍ قَفْرِ(2)
شطأ - شطب
ويشبه أن يكون مِنْ حُجّة من قال بهذا القول، وأنَّ النون في الشيطان أصليةٌ قولُ أميَّة:
أيُّما شاطنٍ عَصَاهُ عَكاهُ
ورماهُ في القَيد والأغلالِ(3)
أفلا تراه بناه على فاعلٍ وجعل النّونَ فيه أصلية؟! فيكون الشيطان على هذا القول بوزن فَيْعال. ويقال إنَّ النون *فيه زائدة، [على(4)] فعلان، وأنَّه من شاط، وقد ذكر في بابه.
(شطأ) الشين والطاء والهمزة فيه كلمتان: إحداهما الشَّطْء شَطءُ النَّبات، وهو ما خرج من حول الأصل، والجمع أشطاء. وقد شَطَأت الشَّجرة. قال الله جلَّ ثناؤه: { كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ } [الفتح 29]. والأصل شاطئ الوادي: جانبه. وشاطأتُ(5) الرّجُل: مشيت على شاطئٍ ومشى هو على الشاطئِ الآخر. وهما متبايِنَتَان.
__________
(1) ديوان جرير 597 واللسان (شطن).
(2) لطرفة بن العبد، كما في الحيوان (4: 133). وأنشده في الحيوان (1: 153/ 6: 192)، بدون نسبة، وكذا في اللسان (3: 153 / 17: 105). وليس في ديوانه. وسيعيده في (عمج) بدون نسبة.
(3) أنشده في اللسان (شطن، عكا)، وذكر أنه في صفة سليمان.
(4) التكملة من المجمل.
(5) في الأصل: "وشطأت"، صوابه في المجمل واللسان.(3/143)
(شطب) الشين والطاء والباء أصلٌ مطَّرد واحد، يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ رَخص، ثم يقال في غير ذلك. فالشَّطْبة: سَعَفَة النَّخل الخضراء، والجمع شَطْبٌ(1). وفي حديث أمِّ زرع: "كَمَسَلّ شَطْبة(2)". ويقال للجارية الغَضَّة
شطر
شَطْبة. وفرسٌ أيضاً شَطْبة. وعلى ذلك الذي ذكرناه من سَعَف النّخْل يُحمَل الشّطبة من شُطب السّيف؛ والشّطبة(3): طريقة في متنه، والجمع شُطُب. ويقال سيف مُشَطَّب. ويقال إنَّ الشُّطبة أو الشِّطبة القطعة من السَّنام تُقطَع طولاً، يقال شَطبت السَّنام. والشَّواطب من النساء: اللواتي يَقْدُدن الأديمَ طويلاً. والشواطب: اللاتي يشقّقن السَّعَف للحُصْر، في قوله:
* نَشْطَ الشَّواطِبِ بينهنَّ حَصيرَا(4) *
وقال آخر:
تَرَى قِصَدَ المُرَّان تُلقَى كأنَّها
تَذَْرُّع خرصانٍ بأيدي الشَّواطِب(5)
والواحدة شاطبة. ويقال للفرس السَّمين الذي انبتر مَتْناه وتباينَتْ غُرورُه(6): هو مشطوب المَتْن والكَفَل، وذلك أنَّه يكون على ظهوره كالطَّرائق، فكلُّ طريقةٍ منها كأنَّها شَطْبة. ويقال أرضٌ مشطّبة، إِذا خَطّ فيها السّيلُ خَطّاً(7).
__________
(1) في الأصل: "أشطب"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) المسل: مصدر ميمي أريد به اسم المفعول، أي المسلول. وفي الأصل: "كمثل"، صوابه في المجمل واللسان. وانظر حديث أم زرع في المزهر (2: 532 ـ 536).
(3) الشطبة، بالضم، وبالكسر وبضم ففتح. وجمعها شطب بضم ففتح وبضمتين.
(4) في المجمل: "بسط الشواطب".
(5) لقيس بن الخطيم كما سبق في حواشي (ذرع)، حيث أنشد عجز البيت. وفي الأصل: "كأنَّه"، تحريف.
(6) الغرور: جمع غر، بالفتح، وهو الكسر في الجلد من السمن. وفي الأصل: "عروقه". صوابه من اللسان (شطب).
(7) في المجمل: "خطاء ليس...." مع تآكل الكلمة الأخيرة. والكلمة وردت في القاموس وفسرها بقوله: "مشطبة كمعظمة: خط فيها السيل قليلاً". ولم تذكر في اللسان.(3/144)
(شطر) الشين والطاء والراء أصلان، يدلُّ أحدهما على نِصف الشيء، والآخر على البُعد والمواجهة.
فالأوَّل قولُهم شَطَر الشيء، لِنصفه، وشاطرت فلاناً الشيءَ، إذا أخذتَ
شطر
منه نصفه وأخذ هو النِّصف. ويقال شاةٌ شَطور، وهي التي أَحَدُ طبييها أطولُ من الآخر.
ومن هذا الباب قولهم: شَطَر بصرُهُ شُطوراً وشَطْراً، وهو الذي ينظُر إليك وإلى آخَر. وإنّما جُعِلَ هذا من الباب لأنَّه إذا كان كذا فقد جَعل لكلِّ واحدٍ منهما شَطرَ نظرِه. وفي قول العرب: "حلَب فلانٌ الدّهرَ أشطُرَه"، فمعناه أنّه مرّت عليه ضروبٌ من خيرِهِ وشرِّه. وأصله في أخلاف الناقة: خِلْفان قادمان، وخِلفان آخِران، وكلُّ خِلفَين شَطر؛ لأنّه إذا كانت الأخلاف أربعة فالاثنان شطر الأربعة، وهو النصف. وإذا يبس أحدُ خِلفَي الشّاة فهي شَطور، وهي من الإبل التي يَبِس خِلْفان من أخلافها؛ وذلك أنّ لها أربعةَ أخلافٍ، على ما ذكرناه.
وأما الأصل الآخر: فالشَّطير: البعيد. ويقولون: شَطَرت الدّارُ، ويقول الرّاجز:
* لا تتركَنِّي فيهمُ شطيرا(1) *
ومنه قولهم: شَطَرَ فلانٌ على أهله(2)، إذا تركهم مُراغما مخالِفا. والشَّاطر: الذي أعيا أهلَه خُبْثا. وهذا هو القياس؛ لأنَّه إذا فَعل ذلك بعُد عن جَماعَتِهم ومُعظَم أمرِهم.
ومن هذا الباب الشَّطْر الذي يقال في قَصْد الشّيءَ وجِهَتِهِ. قال الله تعالى في شأن القِبْلة: { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } [البقرة 144
و150] أي قَصْدَه. قال الشّاعر:
شظف - شظم
أقولُ لأمِّ زِنباعٍ أقيمي
صُدورِ العِيسِ شَطْرَ بني تميم(3)
__________
(1) أنشده في اللسان (شطر) وذكره العيني في شرح شواهد شروح الألفية (3: 383). ولم يعرف نسبته.
(2) وكذا في المجمل. وفي اللسان والقاموس: "عن أهله".
(3) البيت لأبي زنباع الجذامي، كما في اللسان (شطر).(3/145)
وقال آخر(1):
وقد أظلَّكُم من شَطْرِ ثَغْرِكُم
هَولٌ له ظُلَمٌ تغشاكُم قِطَعا
ولا يكون شطر ثغركم(2) تلقاءه، إلاّ وهو بعيدٌ عنه، مباينٌ له، والله أعلم بالصواب.
(باب الشين والظاء وما يثلثهما)
(شظف) الشين والظاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على الشّدّة في العيشِ وغيره. والأصل من ذلك الشَّظيف * من الشَّجر: الذي لم يجِدْ رِيَّهُ فيبِس وصلُب، فيقال من هذا: فلانٌ هو في شَظَف من العَيش، أي ضِيق وشِدّة. وجاء في الحديث: "لم يشبَعْ من خُبزٍ ولحم إلاَّ على شظف". وقال ابن الرِّقَاع:
ولقد أَصبتُ من المعيشةِ لَذَّةً
ولقيتُ من شَظَفِ الأمور شدادَها(3)
ويقال في هذا الباب من الشدة: بعيرٌ شَظف الخِلاط، أي يُخالِط الإبلَ مخالَطة شديدة. وشَظِف السّهمُ، إذا دخل بين الجلد واللّحم.
(شظم) الشين والظاء والميم كلمة واحدة. يقال للفرس الطويل: شَيْظَم، ثم يستعار للرّجُل.
شظي – شعف - شعل
(شظي) الشين والظاء والحرف المعتل أصلٌ يدلُّ على تصدُّع الشيء من مواضع كثيرة، حتى يصيرَ صُدُوعاً متفرّقة، من ذلك الشَّظِيّة من الشيء: الفِلْقة. يقال تَشَظَّت العصا، إذا كانت فِلَقا(4). قالت فَروةُ بنتُ [أبانَ بن(5)] عبدِ المَدَان.
يا مَنْ أحسَّ بُنَيَّيَّ اللّذِينَ هما
كالدُّرَّتين تَشظّى عنهما الصَّدفُ(6)
(باب الشين والعين وما يثلثهما)
__________
(1) هو لقيط بن يعمر الإيادي، وقصيدة البيت هي أولى مختارات ابن الشجري.
(2) في الأصل: "شطركم".
(3) البيت في اللسان (شظف).
(4) كانت، هنا بمعنى صارت. وفي المجمل: "صارت".
(5) التكملة من المجمل.
(6) البيت في اللسان ( شظى) بدون نسبة.(3/146)
(شعف) الشين والعين والفاء يدلُّ على أعالي الشيء ورأسه. فالشَّعَفة: رأس الجبل، والجمع شَعَفات وشَعَفٌ. وضُرب فلانٌ على شَعفات رأسه، أي أعالي رأسِه. وشَعَفةُ القلب: رأسُه عند مُعَلَّق النِّياط. ولذلك يقال شَعَفه الحُبَّ، كأنَّه غَشّى قلبَه من فَوقه. وقرأها ناس(1): { قد شَعَفَهَا حُبَّاً } [يوسف 30]، وهو من هذا. وجاء في الحديث: "خيرُ النّاسِ رجُلٌ في شَعَفَةٍ في غُنَيْمةٍ"، يريد: أعلى جَبَل.
(شعل) الشين والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشارٍ وتفرُّق في الشيء الواحد من جوانبه. يقال أشعلْتُ النّار في الحطب، واشتعلت النّارُ. واشتعل الشّيب. قال الله تباركَ وتعالى: { وَاشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْباً } [مريم 4].
شعي – شعن - شعب
والشَّعِيلة: النار المُشْعَلة في الذُّبَال. وأشعلْنا الخيلَ في الإِغارة: بَثَثْناها. والشُّعْلة من النّار، معروفة. والشَّعَل: بياضٌ في ناصيةِ الفَرَس وذَنبه؛ يقال فرس أشعل، والأنثى شَعْلاء.
ومن الباب: تفرَّقَ القومُ شعاليلَ، أي فِرَقاً كأنَّهم اشتعلوا. وشَعْل: لقب، ويقال اسم امرأة(2).
ومما شذَّ عن الباب المِشْعَل، وهو شيءٌ من جلود، له أربعُ قوائم يُنْتَبذ فيه. قال ذو الرُّمَّة:
أَضَعْنَ مَوَاقِتَ الصَّلَواتِ عَمْداً
وحالَفْنَ المشاعِلَ والجِرارا(3)
(شعي) الشين والعين والحرف المعتل، أصلٌ يَدُلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الذي قَبْلَه. يقال أَشْعَى القومُ الغارةَ إشعاء، إذا أَشْعَلُوها. وغارةٌ شَعْواء: فاشية. قال ابنُ قيس الرّقيَّات:
كيفَ نَومِي على الفِراشِ ولمَّا
تَشْمَل الشّامَ غارةٌ شعواءُ(4)
__________
(1) هي قراءة الحسن وابن محيصن. إتحاف فضلاء البشر 264.
(2) في المجمل: "وشعل رجل، وأم شعل: اسم امرأة".
(3) ديوان ذي الرمة 200 واللسان ( شعل).
(4) ديوان ابن قيس الرّقيات 183 واللسان (شعا).(3/147)
(شعن) الشين والعين والنون كلمة. يقولون: هو مُشْعَانُّ الرأس، إذا كان ثائر الرأس.
(شعب) الشين والعين والباء أصلان مختلفان، أحدهما يدلُّ على الافتراق، والآخر على الاجتماع. ثمَّ اختلف أهلُ اللغة في ذلك، فقال قومٌ: هو من باب
شعب
الأضداد. وقد نصَّ الخليلُ على ذلك. وقال آخرون: ليس ذلك من الأضداد، إنّما هي لغات. قال الخليل: من عجائب الكلام ووُسْع العربيَّة، أنَّ الشَّعْب يكون تفرُّقاً، ويكون اجتماعاً. وقال ابن دريد(1): الشَّعب: الافتراق، والشَّعْب: الاجتماع. وليس ذلك من الأضداد، وإنّما هي لغةٌ لقوم. فالذي ذكرناه من الافتراق. وقولهم للصَّدْعِ في الشيء شَعْب. ومنه الشَّعْب: ما تشعّبَ من قبائل العرب والعجم، والجمع شعوب. قال جل ثناؤه: { وَجَعلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ } [الحجرات 13]. ويقال الشَّعب: الحَيُّ(2) العظيم. قالوا: ومَشعب الحقّ: طريقُه.
قال الكميت:
فما لِيَ إلاَّ * آلَ أحمدَ شيعةٌ
وما لي إلاّ مَشعَب الحقِّ مَشْعَبُ(3)
ويقال: انشعبت بهم الطُّرق، إذا تفرَّقَتْ، وانشعبت أغصانُ الشجرة. فأمَّا شُعَب الفَرَس، فيقال إنَّه أقطارُهُ التي تعلُو منه، كالعنق والمَنْسِج، وما أشرف منه. قال:
* أشمُّ خِنذيذٌ منيفٌ شُعَبُهْ(4) *
ويقال ظبيٌ أشعبُ، إذا تفرَّق قرناه فتبايَنَا ببينونةً شديدة. قال أبو دُؤاد:
وقُصْرَى شَنجِ الأنسا
ءِ نَبّاحٍ من الشُّعْبِ(5)
شعث
__________
(1) الجمهرة (1: 291-292).
(2) في الأصل: "الحق"، صوابه من المجمل.
(3) الهاشميات 39 واللسان (شعب).
(4) لدكين بن رجاء الراجز، كما في اللسان (شعب).
(5) اللسان (شعب، قصر، شنج) والحيوان: (1: 349 / 5: 214).(3/148)
والشِّعب: ما انفرَجَ بين الجبلَين. وشَعوبُ: المنِيّة؛ لأنَّها تَشعَب، أي تفرِّق. ويقال شَعبتْهم المنيّة فانشعبوا، أي فرّقتْهم فافترقوا. والشَّعِيب: السِّقاء البالي، وإنَّما سمِّي شَعِيباً لأنَّهُ يَشْعَب الماء الذي فيه، أي لا يحفظُهُ بل يُسيله. قال:
* ما بالُ عَيْنِي كالشَّعيب العَيَّن(1) *
قال ابن دريد(2): "وسمِّي شعبانُ لتشعُّبِهم فيه، وهو تفرُّقُهم في طلب المياه". وفي الحديث: "ما هذه الفُتْيا التي شعَّبت الناس؟". أي فرّقتهم.
وأما الباب الآخر فقولهم شَعَبَ الصَّدْعَ، إذا لاءمَه. وشَعَبَ العُسَّ وما أشبهه. ويقال للمِثْقَب المِشْعَب. وقد يجوز أن يكون الشَّعْب الذي في باب القبائل سمِّي للاجتماع والائتلاف. ويقولون: تفرَّق شَعْب بني فلان. وهذا يدلُّ على الاجتماع. قال الطّرِمَّاح:
* شَتَّ شعبُ الحَيِّ بعدَ التئامْ(3) *
ومن هذا الباب وإن لم يكن مشتقاً شَعَبْعَب، وهو موضعٌ. قال:
هل أَجْعلنَّ يدِي للخَدّ مِرْفَقةً
على شَعَبْعَب بين الحوض والعَطَنِ(4)
وُشعَبَى(5): موضع أيضاً.
(شعث) الشين والعين والثاء أصل يدل على انتشارٍ في الشَّيء. يقولون: لمّ اللهُ شَعثَكم، وجَمَعَ شَعَثَكم. أي ما تفرَّق من أمركم. والشَّعَث شَعَثُ رأس السِّواكِ والوتِد. ويسمُّون الوتِدَ أشعثَ لذلك.
شعذ – شعر
(شعذ) الشين والعين والذال ليس بشيء. قال الخليل: الشَّعْوَذة ليست من كلام أهل البادية، وهي خِفّة في اليدين، وأُخْذةٌ كالسِّحر.
(شعر) الشين والعين والراء أصلان معروفان، يدلُّ أحدهما على ثَباتٍ، والآخر على عِلْمٍ وعَلَم.
__________
(1) العين، بفتح الياء المشددة. والرجز لرؤبة في ديوانه 160 واللسان (عين).
(2) الجمهرة (1: 292).
(3) ديوان الطرماح 95 واللسان (شعب). وقد سبق إنشاد البيت في (شت).
(4) البيت للصمة بن عبد الله القشيري، كما في اللسان (شعب).
(5) في الأصل: "شعباء". صوابه في المجمل.(3/149)
فالأوّل الشَّعَْر، معروف، والجمع أشعار، وهو جمع جمعٍ، والواحدة شَعَْرة. ورجلٌ أَشْعَرُ: طويل شَعَْر الرّأس والجسد. والشَّعار: الشَّجر، يقال أرض كثيرة الشَّعار. ويقال لِمَا استدار بالحافر من مُنتهى الجلد حيثُ ينبت الشَّعر حوالَيِ الحافر: أَشْعَرٌ، والجمع الأشاعر. والشَّعراء من الفاكهة: جنسٌ من الخَوْخِ، وسمي بذلك لشيءٍ يعلوها كالزَّغَب. والدليل على ذلك أنَّ ثَمَّ جنساً ليس عليه زَغَب يسمُّونه: القَرْعَاء. والشَّعْراء: ذبابةٌ كأنَّ على يديها زَغَبا.
ومن الباب: داهيةٌ شَعْراء، وداهيةٌ وَبْرَاء. قال ابن دريد: ومن كلامهم إذا تكلَّمَ الإنسانُ بما استُعْظِمَ(1): "جئت بها شَعراءَ ذاتَ وبَر". وروضةٌ شَعْراء: كثيرة النَّبْت. ورملةٌ شَعْرَاء: تُنبِت النَّصِيَّ وما أشبهه. والشَّعراء: الشَّجَر الكثير.
ومما يقرب من هذا الشَّعير، وهو معروف، فأمَّا الشعيرة: الحديدة التي تُجعَل مِسَاكاً لنصل السّكِّين إذا رُكّب، فإنّما هو مشبَّه بحبّة الشَّعير. والشَّعارير: صِغار القِثَّاء. والشِّعار: ما وَلِيَ الجسدَ من الثِّياب؛ لأنّه يَمُسُّ الشَّعر الذي على البشَرة.
شعر
والباب الآخر: الشِّعار: الذي يتنادَى به القومُ في الحرب ليَعرِف بعضُهم بعضاً. والأصلُ قولُهم شَعَرتُ بالشّيء، إذا علمتَه وفطِنْتَ له. ولَيْتَ شِعْرِي، أي ليتني علِمْتُ. قال قومٌ: أصله من الشَّعْرة(2) كالدُّرْبة والفِطنة، يقال شَعَرَت شَُِعْرة. قالوا: وسمِّي الشَّاعر لأنه يفطِن لما لا يفطن له غيرُهُ. قالوا: والدليل على ذلك قولُ عنترة:
هل غادَرَ الشُّعراءُ من مُتَرَدَّمِ
أم هل عَرَفْتَ الدَّارَ بَعد توهُّم(3)
__________
(1) في الجمهرة: (2: 342): "ومن كلامهم للرجل إذا تكلم بما ينكر عليه".
(2) نص في القاموس على أنها مثلثة، بالكسر والفتح والضم.
(3) مطلع معلقة عنترة. وفي الأصل: "من مترنم"، تحريف.(3/150)
يقول: إنَّ الشّعراء لم يغادِرُوا شيئاً إلاّ فطِنُوا له. ومَشَاعِرُ الحجّ: مواضِع المَناسك، سمِّيت بذلك لأنَّها مَعالم الحجّ. والشعِيرة: واحدة الشَّعائر، وهي أعلامُ الحجّ وأعمالُه. قال الله جل جلالُه: { إنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ }
[البقرة 158]. ويقال الشعيرة أيضاً: البَدَنَة تُهدَى. ويقال إشعارها أنْ يُجَزَّ أصل سَنامها حتَّى يسيلَ الدّمُ فيُعلَم أنّها هَدْي. ولذلك يقولون للخليفة إن قُتِلَ: قد أُشْعِر، يُختَصّ بهذا من دون كلِّ قتيل. والشِّعْرى: كوكبٌ، وهي مُشتهِرة. ويقال أَشْعَرَ فلانٌ فلاناً شرّاً، إذا غَشِيه به.
وأشعَرَه الحبُّ مَرَضاً، فهذا يصلُح أن يكون من هذا الباب إذا جعل ذلك عليه كالعَلَم، ويصلح أن يكون من الأوّل، كأنّه جُعِلَ له شِعاراً.
فأمّا قولهم: تفرّق القومُ شعاريرَ، فهو عندنا من باب الإبدال، والأصل شَعاليل، وقد مضى.
شغف – شغل – شغم – شغن
(باب الشين والغين وما يثلثهما)
(شغف) الشين والغين والفاء كلمةٌ واحدة، وهي الشَّغَاف، وهو غِلاف القلب. قال الله تعالى: { قَدْ شَغَفَهَا حُبَّاً } [يوسف 30]، أي أوصَلَ الحبَّ إلى شَغاف قلبها.
(شغل) الشين والغين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الفَراغ. تقول: شَغَلْتُ فلاناً فأنا شاغِلُهُ، وهو مشغول. وشُغِلْت عنك بكذا، على لفظ ما لم يسمَّ فاعلُه. قالوا: ولا يقال أُشغِلْت. ويقال شُغْل شاغلٌ. وجمع الشُّغْل أشغال. وقد جاء عنهم: اشتُغِلَ فلانٌ بالشيء(1)، وهو مشتَغَل. وأنشد:
حَيَّتكَ ثُمَّت قالت إنّ نَفْرَتَنَا
اليومَ كلَّهم يا عُرْوَ مشتَغَلُ(2)
وحكى ناسٌ: أشْغَلَني بالألف.
__________
(1) في الأصل: "الشيء"، تحريف.
(2) أنشده في المجمل. وفي المجمل: "يا زيد".(3/151)
(شغم) الشين والغين والميم أصلٌ قليلُ الفروع صحيح، يدلُّ على حُسن. يقال الشُّغْموم: الحَسن. والشُّغموم: المرأة الحَسناء. والشُّغموم من الإبل: الحسن المنظرِ التامُّ.
(شغن) الشين والغين والنون ليس بشيء، وليس لما ذكره ابنُ دريدٍ: أنَّ الشغْنة الكارَةُ(1)، أصلٌ ولا معنىً.
شغو - شغب - شغر
(شغو) الشين والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على عَيب في الخِلْقة لبعض الأعضاء. قالوا: الشُغوُّ، من قولك رجلٌ أشغى وامرأة شَغْواء، وذلك إذا كانت أسنانه العُليا تتقدم السُّفْلَى. وقال الخليل: الشَّغا: اختلاف الأسنان، ومنه يقال للعُقاب شَغْواء، وذلك لفَضْل منقارها الأعلى على الأسفل. وزعم ناسٌ أنّ الشَّغَا الزيادة على عدد الأسنان.
(شغب) الشين والغين والباء أصلٌ صحيح يدلّ على تهييج الشر، لا يكون في خير. قال الخليل: الشَّغَْب: تهييج الشرّ، يقال للأتان إذا وَحِمَتْ(2) واستعصَتْ على الجَأْب: إِنَّها لذات شَغْب وضِغْن. قال أبو عبيد: يقال شَغَبْت على القوم وشَغْبتُهم وشَغبْتُ بهم.
(شغر) الشين والغين والراء أصلٌ واحد يدلُّ عَلى انتشارٍ وخلوٍّ من ضبط، ثم يُحمَل عليه ما يقاربُه. تقول العرب: اشتَغَرت(3) الإِبلُ، إذا كثرت حتى لا تكاد تُضبَط. ويقولون: تفرَّقوا شَغَرَ بَغَر، إذا تفرَّقوا في كلِّ وجه. وكان أبو زيد يقول: لا يقال ذلك إلاّ في الإقبال.
ومن الباب: شَغَرَ الكلبُ، إذا رَفَعَ إحدى رجليه ليبول. وهذه بلدة شاغرةٌ برجلها، إذا لم تمتَنِعْ من أحدٍ أن يُغِيرَ عليها.
__________
(1) نص الجمهرة (3: 64) : "الشغنة: الحال، وهي التي تسميها العامة كارة. ويمكن أن تكون الكارة عربية من قولهم كورت الشيء، إذا لففته وجمعته، فكأن أصلها كورة". والحال: الشيء يحمله الرجل على ظهره، يقال: تحول كساءه: جعل فيه شيئاً ثم حمله على ظهره.
(2) في الأصل "أوجمت"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في الأصل "أشغرت"، صوابه في المجمل واللسان.(3/152)
والشِّغَار الذي جاء في الحديث، المنهيُّ عنه: أنْ يقول الرجل للرجل زوِّجني أختَك على أن أزوِّجك أُختي، لا مهر بينهما إلا ذلك. وهذا من الباب لأنَّهُ أمرٌ
شفق
لم يُضْبَط بمهرٍ ولا شرطٍ صحيح. وهو من شَغَر الكلبُ، إذا صار في ناحيةٍ من المَحَجَّة بعيداً عنها.
واشتغَرَ على فلانٍ حسابُه، إذا لم يهتدِ له. واشتغَرَ فلان في الفلاة، إذا دوّم فيها وأَبْعَد. وحكى الشيبانيّ: شَغَرْتُ بني فلانٍ من موضع كذا، أي أخرجتُهم. قال:
ونحن شَغَرْنَا ابني نزار كليهما
وكلباً بوَقْعٍ مُرهبٍ متقاربِ(1)
والله أعلم.
(باب الشين والفاء وما يثلثهما)
(شفق) الشين والفاء والقاف أصلٌ واحد، يدلُّ على رِقَّةٍ في الشيء، ثم يشتقُّ منه. فمن ذلك قولهم: أشفقت من الأمر، إذا رَقَقْت وحاذَرت. وربَّما قالوا: شَفِقت: وقال أكثر أهل اللغة: لا يقال إلا أشفقت وأنا مُشْفِق. فأمَّا قول القائل:
* كما شَفِقَتْ على الزّادِ العِيالُ(2) *
فمعناه بَخِلَت به.
ومن الباب الشَّفَق من الثياب، قال الخليل: الشَّفَق: الرديء من الأشياء.
شفن
ومنه الشَّفَق: النُّدأة(3): التي تُرَى في السَّماء عند غُيُوبِ الشَّمس، وهي الحمرة. وسمِّيت بذلك للونها ورقّتها.
وحدَّثنا عليُّ بن إبراهيمَ القَطَّان، عن المَعْداني، عن أبيه، عن أبي مُعاذ، عن اللَّيث عن الخليل قال: الشَّفَق: الحمرة التي بين غروب الشمس إلى وقت صلاةِ العشاء الآخرة.
وروى ابن نَجيح، عن مجاهدٍ قال: هو النَّهار في قوله جلَّ ثناؤه:
{ فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ } [الانشقاق 16]. وروى العَوّامُ بن حوشبٍ، عن مجاهد قال: هي الحمرة.
__________
(1) البيت في المجمل واللسان (شغر).
(2) أنشده أيضاً في المجمل. وصدره في اللسان:
* فإني ذو محافظة لقومي *.
(3) الندأة، بضم النون وفتحها: الحمرة تكون في الغيم. وقد بيض لهذه الكلمة في اللسان (12: 47).(3/153)
وفي تفسير مقاتل، قال: الشَّفَق: الحمرة. قال الزّجاج: الشَّفَق هي الحمرة التي تُرَى في المغرِبِ بعد سُقوطِ الشمس.
وأخبرنا عليُّ بن إبراهيم، عن محمَّد بن فَرَج قال: حَدَّنا سَلَمة، عن الفَرَّاء قال: الشَّفَق الحمرة.
قال: وحدثني ابن [أبي(1)] يحيى، عن حُسَين(2) بن عبد الله بن ضُمَيرة عن أبيه عن جدهِ يرفعه، قال: الشَّفَق الحمْرة.
قال الفرّاء: وقد سمعت بعضَ العرب يقول: عليه ثوب مصبوغ كأنَّه الشفق، وكان أَحْمَر. قال: هذا شاهدٌ لمن قال إنَّه الحمرة.
(شفن) الشين والفاء والنون أصلٌ يدلُّ على مداومة النّظَر، والأصل فيه
شفي
قولهم للغَيُور الذي لا يَفْتُرُ عن النَّظَرِ(3): شَفُون. ومن الناس من يقول شَفَنَ يَشْفِنُ، إذا نظر بمُؤْخر عينه، وشَفِن أيضاً يشفَن شَفْناً، وهو شَفُونٌ وشافن. وأنشد الخليل:
* حِذَار مرتقبٍ شَفُونِ(4) *
قال الأمويّ: الشَّفِن: الكيِّس العاقل. وكلُّ ذلك يقرُب بعضُهُ من بعض.
(شفي) الشين والفاء والحرف المعتل يدل على الإشراف على الشيء؛ يقال أشفى على الشيء إذا أشرفَ عليه. وسمِّي الشِّفاء شفاءً لغلَبته للمرض وإشفائه عليه. ويقال استشفَى فلانٌ، إذا طَلَبَ الشِّفاء. وشَفَى كلِّ شيء: حَرْفه. وهذا ممكنٌ أن يكون من هذا الباب، وممكنٌ أن يكون من الإبدال، وتكون الفاءُ مبدلةً من ياء.
ويقال أعطيتك الشّيءَ تستشفي به، ثم يقال أَشْفَيتُكَ الشيءَ، وهو الصحيح. ويقال أَشْفَى المريضُ على الموت، وما بَقيَ منه إلا شَفىً أي قليل. فأمَّا قول العجاج:
__________
(1) التكملة من المجمل، وهو محمد بن أبي يحيى، وابناه إبراهيم، وعبد الله.
(2) كذا ورد مضبوطاً في المجمل. وفي الأصل: "حسن".
(3) في الأصل: "الذي يغير عن النظر"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) قطعة من بيت للقطامي في ديوانه واللسان (شفن)، وهو بتمامه:
يسارقن الكلام إليّ لما
حسسن حذار مرتقب شفون(3/154)
* أوْفَيْتُهُ قَبْلَ شَفىً أو بِشَفَى(1) *
شفر
قالوا: يريد إذا أشفت الشّمس على الغروب.
وأما الشَّفَة فقد قيل فيها إن الناقص منها واوٌ، يقال ثلاث شَفَوات. ويقال رجلٌ أشْفَى، إذا كان لا ينضمّ شفتاه، كالأرْوَق. وقال قوم: الشَّفَة حذفت منها الهاء، وتصغيرها شُفَيْهة. والمشافهة بالكلام: مواجهةٌ من فيك إلى فيه. ورجل شُفاهِيٌّ: عظيم الشفتين. والقولان محتملان، إلاَّ أنَّ الأول أجود لمقاربة القياس الذي ذكرناه، لأنَّ الشفتين تُشفِيان على الفم.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: شَفَهني فلانٌ عن كذا، أي شَغَلني.
(شفر) الشين والفاء والراء أصلٌ واحد يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرْفِهِ. من ذلك شَفْرَة السَّيف: حَدُّه. وشَفير البئر وشَفيرُ النَّهر: الحدّ. والشُّفْر: مَنْبِت الهُدْب من العين، والجمع أشفار. وشُفْر الفَرْج: حروفُ أشَاعرِهِ. ومِشْفَر البعير كالجَحْفَلة(2) من الفَرَس. والشَّفْرَة معروفة(3). هذا كلُّه قياس واحد. وأمّا قولُهم: ما بالدار* شُفْر(4)، وقولُ من قال: معناه ليس بها أحدٌ فليس الأمر كذلك، إنما يراد بالشُّفْر شُفر العين، والمعنى ما بها ذو شُفْر، كما يقال ما بها عينٌ تطرف، يراد ما بها ذُو عين. والذي حُكِيَ عن أبي زيد أنَّ شَفْرَة القوم أصغَرهم، مثل الخادم، فهذا تشبيهٌ، شُبِّهَ بالشَّفْرَة التي تُسْتَعمَل.
شفع - شقل
__________
(1) ديوان العجاج 83 واللسان (شفي).
(2) في الأصل: "الجحفلة"، صوابه في المجمل.
(3) الشفرة، بالفتح: السكين العريضة.
(4) مقتضى تفسيره هنا أن يُضبط بالضم. وقد رواها ابن سيده بالضم والفتح، وقال الأزهري بفتح الشين. قال شمر: ولا يجوز شفر بضمها.(3/155)
(شفع) الشين والفاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مقارنة الشيئين. من ذلك الشَّفْع خلاف الوَتْر. تقول: كان فرداَ فشفَعْتُه. قال الله جل ثناؤه:
{ وَالشَّفْعِ وَالوَتْرِ } [الفجر 3]، قال أهل التفسير: الوَتْر الله تعالى، والشَّفْع الخلق. والشُّفْعَة في الدار من هذا. قال ابن دريد(1): سُمِّيَتْ شُفْعةً لأنَّه يَشفَع بها مالَه. والشاة الشَّافع: التي معها ولدُها. وشَفَعَ فلانٌ لفلانٍ إذا جاء ثانِيه ملتمساً مطلبه ومُعِيناً له.
ومن الباب ناقَةٌ شَفُوع، وهي التي تجمع بين مِحْلَبَيْن(2) في حَلْبَةٍ واحدة. وحُكِيَ: إنَّ فلاناً يشفع [لي(3)] بالعداوة، أي يعين عليَّ. وهذا قياس الباب، كأنَّه يصيِّر مَنْ يعاديه [شَفْعاً]. ومما شذَّ عن هذا الباب ولا نعلم كيف صحّتُه: امرأةٌ مشفوعة، وهي التي أصابتها شُفْعَة، وهي العَين. وهذا قد قيل، ولعلّهُ أنَّ يكون بالسِّين غير معجمة. والله أعلم.
وبنو شافع، من بني المطّلِب بن عبد مناف، منهم محمد بن إدريس الشّافعيّ والله أعلم.
(باب الشين والقاف وما يثلثهما)
(شقل) الشين والقاف واللام ليس بشيء، وقد حُكيَ فيه ما لا يعرَّج عليه.
شقن – شقو - شقب – شقح - شقذ
(شقن) الشين والقاف والنون. يقولون إنَّ الشَِّقْن(4): القليل من العطاء؛ تقول: شَقَنْتُ العَطِيَّة(5)، إذا قلّلتَها.
(شقو) الشين والقاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على المعاناة وخلاف السُّهولة والسّعادة.
__________
(1) الجمهرة: (3: 60).
(2) في الأصل: "مجلسين"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) التكملة من المجمل.
(4) يقال بالفتح، وبفتح فكسر، وشقين أيضاً.
(5) زاد في المجمل: "وأشقنتها".(3/156)
والشِّقوة: خلاف السعادة. ورجلٌ شقيٌّ بين الشَّقاء والشِّقوة والشَّقاوة. ويقال إنَّ المشاقاة: المعاناة والممارسة. والأصل في ذلك أنَّه يتكلّف العَناء ويَشقَى به، فإذا هُمِزَ تَغيَّر المعنى. تقول: شقأ نابُ البعير يَشْقَأ، إذا بدا. قال: الشَّاقئ: النَّاب الذي لم يَعْصَل(1).
(شقب) الشين والقاف والباء كلمةٌ تدل على الطُّول. منها الرَّجُل الشّوقب. ويقولون: إنَّ الشَِّقْب كالغار في الجبَل.
(شقح) الشين والقاف والحاء أُصَيْل يدل على لونٍ غيرِ حسَن. يقال: شَقَّحَ النَّخْل، وذلك حين زُهُوِّه، ونُهِي عن بيعه قبل أَنْ يشقِّح. والشَّقيح إتباع القبيح، يقال قبيحٌ شقيح.
(شقذ) الشين والقاف والذال أُصَيل يدلُّ على قلَّة النَّوم. يقولون: إنَّ الشَّقِْذ العينِ، هو الذي لا يكاد ينام. قالوا: وهو الذي يُصيب النَّاسَ بالعينِ. فأما قولهم: أَشْقَذْتُ فلاناً إذا طردتَه، واحتجاجُهم بقول القائل:
شقر
إِذَا غَضِبُوا عليَّ وأشقَذُوني
فَصِرتُ كأنّني فَرَأٌ مُتارُ(2)
فإنّ هذا أيضاً وإن كان معناه صحيحاً فإنه يريد رَمَزوني بعيونهم بِغضَةً، كما ينظر العدوُّ إلى من لا يحبُّه.
ومن الباب الشَّقْذاء: العُقاب الشديدة الجُوع، سمّيت بذلك لأنَّها إذا كانت كذا [كان ذلك] أشدَّ لنظرها. وقد قال الشُّعراء في هذا المعنى ما هو مشهور. وذكر بعضهم: فلانٌ يشاقِذُ فلاناً، أي يُعادِيه. فأمَّا قولُهم: ما به شَقَذ ولا نَقَذٌ. فمعناه عندهم: ما به انطلاق. وهذا يبعد عن القياس الذي ذكرناه. فإنْ صحَّ فهو من الشاذّ.
__________
(1) عصل يعصل عصلا: التوى. وبابه تعب. وفي الأصل: "يعضل" بالضاد المعجمة، صوابه في المجمل.
(2) البيت لعامر بن كثير المحاربي، كما في اللسان (شقذ، تور).(3/157)
(شقر) الشين والقاف والراء أصلٌ يدلُّ على لون. فالشقرة من الألوان في الناس: حُمرة تعلو البياض. والشُّقرة في الخَيل حُمرةٌ صافية يَحمَرُّ معها السَّبيب والناصية والمَعْرَفة. ويمكن أن يحمل على هذا الشَّقِر، وهو شقائق النُّعمان. قال طرفة:
* وعَلاَ الخَيْلَ دماءٌ كالشَّقِرْ(1) *
ومما ينفرد عن هذا الأصل كلماتٌ ثلاثٌ: قولهم: أخبرتُ فلاناً بشقُوري، أي بحالي *وأمري. قال رؤبة:
شقص – شفع - شكل
جارِيَ لا تَستنكري عَذيرِي
سَيرِي وإِشفاقي على بعيري
وكثرة الحديث عن شُقوري(2)
والكلمة الثانية: قولهم: جاء بالشُّقَر والبُقَر، إذا جاء بالكذب.
والثالثة: المِشْقَر، وهو رملٌ متصوِّبٌ في الأرض، وجمعه مَشَاقِر(3).
(شقص) الشين والقاف والصاد ليس بأصلٍ يتفرّع منه أو يُقاس عليه. وفيه كلمات. فالشِّقْصُ طائفةٌ من شيء. والمِشْقَص: سهمٌ فيه نصلٌ عريض. ويقولون: إن كان صحيحاً إنَّ الشَّقِيص في نعت الفرس: الفارِهُ الجَواد.
(شقع) الشين والقاف والعين كلمةٌ واحدة. يقولون شَقَع الرَّجُل في الإناء، إِذا شرِب. وهو مثل كرَع.
(باب الشين والكاف وما يثلثهما)
__________
(1) رسمت "علا" في الأصل رسماً مزدوجاً يجمع بين الألف والياء بعد اللام، إشارة إلى الروايتين فيها. ورواية الديوان 67: "وعلى". أما اللسان (شقر) فقد أشار إلى الروايتين. وصدره:
* وتَساقى القوم كأساً مرة *.
(2) الصواب نسبته إلى العجاج. انظر اللسان (شقر) حيث نسب إلى العجاج، وديوان العجاج 26.
(3) لم يذكر واحده في القاموس، وذكر في اللسان وضبط بالقلم "مشقر"، بفتح الميم. وقد اعتمدت ضبط المجمل لها بكسر الميم.(3/158)
(شكل) الشين والكاف واللام مُعظمُ بابِهِ المُماثَلة. تقول: هذا شَِكل هذا، أي مِثله. ومن ذلك يقال أمرٌ مُشْكِل، كما يقال أمر مُشْتبِه، أي هذا شابَهَ هذا، وهذا دخل في شِكل هذا، ثم يُحمل على ذلك، فيقال: شَكَلتُ الدّابةَ بِشكالِهِ، وذلك أنَّه يجمع بين إحدى قوائمهِ وشِكْلٍ لها. وكذلك دابّة بها شِكال، إذا كان إحدى يديه وإحدى رجليه مُحَجَّلا. وهو ذاك القياس؛ لأنَّ البياض أخذَ واحدةً وَشَِكْلَها.
شكل
ومن الباب: الشُّكلة، وهي حُمرةٌ يخالطها بياض. وعينٌ شَكْلاء، إذا كَانَ في بياضها حُمرة يسيرة. قال ابن دريد(1): ويسمَّى الدَّمُ أشكلَ، للحمرة والبياض المختلطين منه. وهذا صحيح، وهو من الباب الذي ذكرناه في إشكال هذا الأمر، وهو التباسه؛ لأنَّها حُمرةٌ لابَسَها بياض.
قال الكسائيّ: أشكلَ النَّخْل، إِذا طابَ رُطَبُه وأَدرَك. وهذا أيضاً من الباب؛ لأنَّه قد شاكل التَّمر في حلاوَتِه ورُطوبَتهِ وحُمرته. فأمَّا قولُهم: شَكَلت الكتاب أشْكُله شكْلاً، إِذا قيَّدْتَه بعلامات الإعراب فلستُ أحْسِبه من كلام العرب العاربة، وإِنما هو شيءٌ ذكره أهلُ العربيَّة، وهو من الألقاب المولَّدة. ويجوز أن يكون قد قاسوه على ما ذكرناه؛ لأنَّ ذلك وإن لم يكن خطّاً مستوياً فهو مُشاكلٌ له(2).
وممّا شذّ عن هذا الأصل: شاكِل الدَّابَّة وشاكلتُه، وهو ما عَلاَ الطِّفْطِفَةَ منه. وقال قُطرب: الشَّاكِل: ما بين العِذار والأُذن من البياض.
ومما شذّ أيضاً: الشَّكلاء، وهي الحاجة، وكذلك الأَشْكَلَة. وبنو شَكَل: بطنٌ من العرب.
ومن هذا الباب: الأَشْكَل، وهو السِّدْر الجبَليّ. قال الراجز:
* عُوجاً كما اعوَجَّت قِياسُ الأَشْكَلِ(3) *
شكم
__________
(1) الجمهرة: (3: 68).
(2) في الأصل: "مشكل له".
(3) للعجاج في ديوانه 51 واللسان (شكل). والقياس: جمع قوس. ورواية الديوان:
* معج المرامي عن قياس الأشكل *(3/159)
(شكم) الشين والكاف والميم أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على عطاء، والآخر يدلُّ على شِدَّةٍ في شيءٍ وقوّة.
فالأوّل: الشَّكْمُ وهو العطاء والثَّواب. يقال شَكَمني شَكْماً، والاسم الشُّكْم. وجاء في الحديث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم [احتَجَمَ(1) ثم قال: "اشْكُمُوه"]، أي أعطوه أَجْره. وقال الشاعر:
أم هل كبيرٌ بكَى لم يَقْضِ عَبْرته
إِثْرَ الأَحِبَّة يومَ البينِ مشكومُ(2)
وقال آخر:
أبلِغْ قتادةَ غيرَ سائِلِهِ
منه العطاءَ وعاجلَ الشُّكْمِ(3)
والأصل الآخر: الشّكيمة: أي شِدة النفس(4). والشكيمة شكيمة اللِّجام، وهي الحديدة المعترضة التي فيها الفأس، والجمع شكائم. وحكى ناس: شكَمه، أي عضّه. والشَّكيم: العَضّ في قول جرير:
* أَصابَ ابن حمراءِ العِجانِ شكيمُها(5) *
وشكيم القدر: عُراها.
شكه – شكو – شكد - شكر
(شكه) الشين والكاف والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مشابَهةٍ ومقارَبة. يقال: شاكَهَ الشيءُ [الشيءَ(6)] مشاكهةً وشِكاهاً، إِذا شابَهه وقاربَه. وفي المثل: "شاكِهْ، أبا يسارٍ(7)" أي قارِبْ. وحُكي عن أبي عمرو بن العلاء: أشْكَه الأمر، إذا اشْتَبه الأمر.
__________
(1) التكملة من المجمل. وفي اللسان: "أن أبا طيبة حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اشكموه".
(2) البيت لعلقمة بن عبدة الفحل في ديوانه 129 من خمسة دواوين العرب، والمفضليات (2: 197).
(3) البيت في المجمل واللسان (شكم) بدون نسبة، وروايتهما: "جزل العطاء".
(4) في الأصل: "شديد النفس"، تحريف.
(5) صدره في الديوان 450، واللسان (شكم):
* فأبقوا عليكم واتقوا ناب حية *.
(6) التكملة من المجمل.
(7) أبا يسار، نصب على النداء، انظر أمثال الميداني.(3/160)
(شكو) الشين والكاف والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على توجُّع من شيء. فالشّكو المصدر؛ شكوته [شكْواً(1)، و] شَكاةً، وشِكايةً. وشكوتُ فلاناً فأشكاني، أي أعتبني من شَكواي(2). وأشكاني، إذا فعل بك ما يُحوِجُك إلى شكايته. والشَّكاة والشِّكاية بمعنى. والشكِيّ: الذي يشتكي وجعاً. والشكِيُّ المشكوِّ أيضاً؛ شكَوتُه فهو شَكِيٌّ ومشكوٌّ.
(شكد) الشين والكاف والدال أصلٌ. يقولون: إنَّ الشُّكد: الشُّكر. وسمعت علي بن إبراهيم القطّان يقول: سمعت عليّ بن عبد العزيز يقول: سمعت أبا عبيد يقول: سمعت الأمويّ يقول: الشُّكد: العَطاء، والشُّكم: الجَزاء، والمصدر: الشَّكْد. وقال الكسائيّ: الشُّكم: العِوَض. والأصمعيُّ يقول الشُّكم والشُّكْد: العطاء.
(شكر) الشين والكاف والراء أصولٌ أربعةٌ متباينةٌ بعيدة القياس. فالأول: الشُّكر: الثَّناء على الإنسان بمعروف يُولِيكَهُ. ويقال إنَّ حقيقة الشُّكر الرِّضا
شكع
باليسير. يقولون : فرسٌ شَكور، إذا كفاه لسِمَنِه العلفُ القليل. وينشدون قول الأعشى:
ولابُدَّ مِنْ غَزوةٍ في المَصِيـ
ـف رَهْبٍ تُكِلُّ الوَقَاحَ الشَّكُورا(3)
ويقال في المثل: "أَشْكَرُ مِنْ بَرْوَقَة"، وذلك أنَّها تخضرّ من الغيم من غير مطَر.
والأصل الثاني: الامتلاء والغُزْر في الشيء. يقال حَلُوبة(4) شَكِرَةٌ إِذا أصابت حَظّاً من مرعىً فَغزُرت. ويقال: أشكر القومُ، وإنهم ليحتلبون شَكِرَةً، وقد شَكِرت الحَلُوبة. ومن هذا الباب: شَكِرَت الشّجرةُ، إذا كَثُر فيئُها.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) الإعتاب: الإرضاء. وفي الأصل: "اعتنى"، صوابه في المجمل.
(3) ديوان الأعشى 72 واللسان (شكر). برواية: "في الربيع حجون". وأنشده في (رهب) بروايتنا هذه بدون نسبة. وفي الأصل: "في الصيف"، تحريف.
(4) في الأصل: "خلفة"، صوابها من اللسان. وفي المجمل: "ناقة".(3/161)
والأصل الثالث: الشَّكير من النبات، وهو الذي ينبُت من ساق الشَّجرة، وهي قُضبان غضّة. ويكون ذلك في النَّبات أوّلَ ما ينبُت. قال:
* حَمَّم فرخٌ كالشَّكير الجَعْدِ *
والأصل الرابع: الشَّكْر، وهو النِّكاح. ويقال بل شَكْر المرأةِ: فَرْجها. وقال يحيى بن يعمر، لرجلٍ خاصمته امرأتُه: "إن سأَلَتْكَ ثَمن شَكْرِها وشَبْرِك أَنشأْتَ تطُلُّها وتَضْهَلها".
(شكع) الشين والكاف والعين أصلٌ يدل على غضَب وضجرٍ وما أشبه ذلك. يقال شَكِعَ الرَّجُل، إذا كثُر أنينُه. وكذلك الغضبان إذا اشتدَّ غضبُهُ، يَشْكَع شَكَعاً.
شلو
وقد حكَوْا كلمتين أخريين ما أدري ما صحتهما؟ قالوا: شَكَعَ رأسَ بعيرِهِ بزمامه، إذا رَفَعَه. ويقولون: شَكِعَ الزَّرعُ(1)، إِذا كَثُر حَبُّه.
(باب الشين واللام وما يثلثهما)
(شلو) الشين واللام والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على عضوٍ من الأعضاء، وقد يقال الجسدُ نفسه. فيقول أهلُ اللُّغة: إنَّ الشِّلو العُضو. وفي الحديث عن عليّ عليه السلام: "ايتِني بِشلوها الأيمن". ويقال إنَّ بني فلانٍ أشلاءٌ في بني فلان، أي بقايا فيهم. وكان ابن دريد يقول(2): "الشِّلو شِلو الإنسان، وهوجَسَدُه بعد بِلاهُ". والذي ذكرناه من حديث عليّ "ايتني بشِلْوها الأيمن" يدلُّ على خلاف هذا القول. فأمَّا إشلاء الكلب، فيقولون: إشلاؤه: دعاؤه. وحُجّته قولُ القائل:
* أشليتُ عَنزِي ومسحتُ قَعْبِي(3) *
وهذا قياسٌ صحيح، كأنّك لمّا دعوتَه أشليته كما يُشتَلى الشِّلو من
القِدر، أي يرفع. وناسٌ يقولون: أشليتُه بالصَّيد: أغريتُهُ، ويحتجُّون بقول
زيادٍ الأعجم:
شلح - شمت
أتينا أبا عمروٍ فأَشْلَى كلابَه
__________
(1) هذه الكلمة والتي قبلها مما فات صاحب اللسان. وقد ذكرهما في القاموس.
(2) الجمهرة (3: 71).
(3) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (قأب). وأنشده في (شلا) بدون نسبة. وبعده:
* ثم تهيأت لشرب قأب *.(3/162)
علينا فكِدْنا بين بَيْتَيْهِ نُؤكَلُ(1)
وحدّثَنا عليُّ بن إبراهيمَ القطان، عن ثعلب، عن ابن الأعرابيّ قال: يقال: أشليتُهُ، إذَا أغريْتَه.
(شلح) الشين واللام والحاء ليس بشيء. يقولون: إنَّ الشَّلْحاء: السَّيف(2).
(باب الشين والميم وما يثلثهما)
(شمت) الشين والميم والتاء أصلٌ صحيح، ويشذُّ عنه بعضُ ما فيه إشكالٌ وغموض. فالأصل فرَحُ عدوٍّ ببليّةٍ تصيبُ مَنْ يعاديهِ. يقال: شَمِتَ به يَشْمَت شَماتةً، وأشمَتَه الله عزّ وجلّ بعدوِّه. وفي كتاب الله تعالى: { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَعْداءَ } [الأعراف 149]،. ويقال بات فلانٌ بليلةِ الشَّوامت، أي بليلة سَوء تُشمت به الشَّوامت. قال:
فارتاعَ مِن صوتِ كَلاَّبٍ فبات له
طَوعَُ الشَّوامتِ مِنْ خوفٍ ومن صَرَدِ(3)
شمج
ويقال: رجع القوم شَمَاتَى أو شِمَاتاً من متوجَّههم، إِذا رَجَعُوا خائبين. قال ساعدة في شعره(4).
__________
(1) كلمة : "علينا" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل واللسان. وأشار صاحب اللسان إلى رواية: "فأغرى كلابه".
(2) زاد في اللسان: "بلغة أهل الشحر".
(3) للنابغة، في ديوانه 19 واللسان (شمت).
(4) في المجمل وصحاح الجوهري: "وهو في شعر ساعدة". قال ابن بري: ليس هو في شعر ساعدة كما ذكر الجوهري، وإنما هو في شعر المعطل الهذلي، وهو:
فأبنا لنا مجد العلاء وذكره
وآبوا علينا فلها وشماتها
... قلت: وقصيدته هذه في شرح السكري للهذليين 277 ونسخة الشنقيطي 109. لكن هذا البيت روي أيضاً منسوباً لساعدة بن جؤية في ملحق القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 45.(3/163)
والذي ذكرتُ أنَّ فيه غموضاً واشتباهاً فقولهم في تشميت العاطس، وهو أَنْ يقالَ عند عُطاسه: يرحُمُك الله. وفي الحديث: "أنَّ رجُلين عَطَسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فشمَّتَ أحدَهما ولم يشمِّت الآخر، فقيل له في ذلك، فقال: إنَّ هذا حمِدَ الله عزَّ وجلَّ وإنَّ الآخرَ لم يَحمَد الله عزَّ وجلَّ". قال الخليل: تشميت العاطِس دعاءٌ له، وكلُّ داعٍ لأحدٍ بخير فهو مشمِّتٌ له. هذا أكثرُ ما بلَغَنَا في هذه الكلمة، وهو عِندي من الشّيء الذي خفيَ عِلْمُهُ، ولعلّه كانَ يُعلَم قديماً ثمَّ ذَهَبَ بذهاب أهله.
وكلمة أخرى، وهو تسْمِيَتهم قوائم الدّابّة: شوامت. قال الخليل: هو اسمٌ لها. قال أبو عمرو: يقال: لا ترك الله له شامِتة: أي قائمة. وهذا أيضاً من المشِكل؛ لأنَّه لا قياس يقتضي أن تسمَّى قائمةُ ذي القوائم شامتة. والله أعلم.
(شمج) الشين والميم والجيم أصلٌ يدل على الخلْط وقلّة ائتلافِ الشيء. يقال شَمَجه يَشْمُجُه شَمْجاً، إذا خلطه. وما ذاق شَمَاجاً، أي شيئاً من طعام. ويقولون: شَمَجوا، إذا اختبزوا خبزاً غِلاظاً، ويستعار هذا حتَّى يقال للخياطة
شمخ – شمر - شمس
المتباعدة شَمْج. يقال شمج الثوبَ شَمْجَاً يَشْمُج. وقياس ذلك كله واحد.
(شمخ) الشين والميم والخاء أصلٌ صحيح يدل على تعظُّم وارتفاع. يقال جَبَلٌ شامخٌ، أي عالٍ. وشَمَخَ فلانٌ بأنفه، وذلك إذا تَعَظَّمَ في نفسه. وشَمْخٌ: اسم رجل.
(شمر) الشين والميم والراء أصلان متضادّان، يدلُّ أحدُهما على تقلّص وارتفاع، ويدلُّ الآخر على سَحْبٍ وإِرسال.
فالأوّل قولهم: شمَّر للأمر أذياله. ورجل شَمّرِيٌّ: خفيف في أمره جادٌّ قد تشمَّرَ له. ويقال شاةٌ شامرٌ(1): انضمَّ ضَرْعُها إلى بَطْنها. وناقة شِمِّير: مشمِّرة سريعة، في شعر حُميد(2).
__________
(1) يقال شامر وشامرة أيضاً، كما في القاموس، واقتصر في اللسان على "شامرة".
(2) زاد في المجمل: "والشماخ".(3/164)
والأصل الآخر: يقال شَمَرَ يَشْمُر، إِذا مَشَى بخُيَلاء. ومَرَّ يَشْمُر. ويقال منه: شَمَّرَ الرَّجُل السَّهمَ، إِذا أَرسَلَه.
(شمس) الشين والميم والسين أصلٌ يدلُّ على تلوُّنٍ وقِلَّة استقرار. فالشَّمس معروفة، وسمِّيت بذلك لأنَّها غير مستقرّة، هي أبداً متحرّكة. وقُرئَ:
{ والشَّمْسُ تَجْرِي لاَ مُسْتَقَرَّ لَهَا(1) } [يس 38]. ويقال شَمَسَ يومُنا،
شمص
وأشمس، إذَا اشتدّت شمسُهُ. والشَّموس من الدوابّ: الذي لا يكاد يستقرّ. يقال شَمَسَ شِماساً. وامرأةٌ شَموسٌ، إِذا كانت تنفر من الرِّيبَة(2) ولا تستقرُّ عندها؛ والجمع شُمُس. قال:
شمُسٌ مَوَانِعُ كلِّ ليلةِ حُرَّةٍ
يُخْلِفْن ظنَّ الفاحش المِغيارِ(3)
ورجلٌ شموسٌ، إِذا كان لا يستقرُّ على خُلُق، وهو إلى العُسْر ما هو. ويقال شمِسَ لي فلانٌ، إِذا أبدَى لك عداوتَهُ. وهذا محمولٌ على ما ذكرناهُ من تغيُّر الأخلاق. فهذا قياسُ هذا الاسم، وأمَّا ما سمَّت العرب به فقال ابن دريد: "وقد سمَّت العرب عَبد شمسٍ". قال: "وقال ابنُ الكلبيّ: الشّمس صَنَمٌ قديم. ولم يذكرْه غيره". قال: "وقال قوم: شَمْسُ: عين *ماءٍ معروفة. وقد سمت العرب عَبْشَمس، وهم بنو تميم، وإليهم يُنسَب عبشمِيّ"(4).
__________
(1) هي قراءة ابن مسعود، وابن عباس، وعكرمة، وعطاء، وزين العابدين، والباقر، وابنه الصادق، وابن أبي عبلة. قرؤوا جميعاً بالنفي وبناء "مستقر" على الفتح، ما عدا ابن أبي عبلة فقرأها بالرفع على إعمال "لا" عمل ليس، كقوله:
تعز فلا شيء على الأرض باقيا
ولا وزر مما قضى الله واقيا
... انظر تفسير أبي حيان (7: 336).
(2) في الأصل: "الزينة"، تحريف.
(3) للنابغة في ديوانه 36، وقد سبق في (2: 6).
(4) هذه النصوص الثلاثة من الجمهرة (3: 23).(3/165)
(شمص) الشين والميم والصاد كلمةٌ واحدة. يقال شَمَصْتُ الفَرس، إِذا نَزَّقْتَه(1) ليتحرَّك. ويقال شمَّص إبلَه، إذا طردها طرداً عنيفاً.
شمط - شمع
(شمط) [وأما] الشين والميم والطاء فقياس صحيحٌ يدلُّ على الخُلْطَة. من ذلك الشَّمَط، وهو اختلاطُ الشَّيب بسَواد الشّباب.
ويقال لكل خليطين خلطتهما: قد شَمَطتُهما، وهما شَمِيط(2). وقال : وبِهِ(3) سُمّي الصّباح شَمِيطاً لاختلاطه بباقي ظُلمة اللَّيل. وقالوا: قال أبو عمرو: يقال أشمَطُوا حديثاً مرّة وشِعراً مَرّة.
ومن الباب: الشَّمَاطيط: الفِرق؛ يقال جاء(4) الخَيل شَماطِيطَ. ويقولون: هذه القدر تَسَعُ شاةً بشَمْطِها وَبِشِمْطِها(5)، أي بما خُلِطَ معها من تَوابلها.
(شمع) الشين والميم والعين أصلٌ واحد وقياسٌ مطّرد في المِزاح وطِيب الحديث والفَكاهة وما قاربَ ذلك، وأصلُهُ قولهم: جاريةٌ شَموع، إِذا كانت حسنةَ الحديثِ طَيِّبة النَّفْس مَزَّاحة. وفي الحديث: "مَنْ تَتَبَّع المَشمَعة يُشَمِّع الله به". وقال بعض أهل العلم: المَشْمَعَة: المِزاحُ والضّحك، ومعنى ذلك أنَّ من كانت هذه حالَه وشأنَه؛ لا أنَّه كرِهَ المِزاح والضَّحك جملةً إذا كانا في غير باطلٍ وتهزُّؤ. قال الهذليُّ وذكر ضَيْفَهُ:
سَأَبْدَؤُهُمْ بِمَشْمَعَةٍ وآتِي
__________
(1) وكذا في المجمل. وعبارة اللسان: "وشمص الفرس: نخسه أو نزقه ليتحرك"، مع ضبط "شمص" بالتشديد. والفعل يقال بالتخفيف وبالتشديد، كما في القاموس: ويقال نزق الفرس بالتشديد، وأنزقه أيضاً، إذا ضربه حتى ينْزو وينْزق.
(2) في الأصل: "شمط" مع ضبط الميم بالكسر، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "رؤية" صوابه في المجمل.
(4) في المجمل: "جاءت".
(5) في اللسان: "الناس كلهم على فتح الشين من شمطها إلا العكلي فإنه يكسر الشين".(3/166)
بِجُهْدِي مِنْ طعامٍ أو بِساطِ(1)
شمق - شمل
يريد أنَه يبدأ ضِيفَانَه عند نزولهم بالمزاح والمضاحكة؛ ليُؤنسَهم بذلك.
ومن الباب: أَشْمَعَ السِّرَاجُ، إِذا سَطَعَ نورُه. قال:
* كَلَمعِ بَرقٍ أو سِرَاجٍ أَشْمَعا(2) *
وأمَّا الشَّمَْعُ فيقال بسكون الميم وفتحها، وهو معروف، وهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرته.
(شمق) الشين والميم والقاف يقولون إِنَّه أصلٌ صحيح، ويذكرون فيه الشَّمَق، وهو إما النَّشَاط، وإِمَّا الوَلوع بالشيء.
(شمل) الشين والميم واللام أصلان منقاسان مطّردان، كل واحدٍ منهما في معناه وبابه.
فالأوّل يدلُّ على دَوَران الشيء بالشيء وأخْذِهِ إيّاه من جوانبه. من ذلك قولهم: شَمَِلَهم الأمرُ(3)، إذا عمَّهم. وهذا أمرٌ شاملٌ. ومنه الشَّملَة، وهي كساءٌ يُؤتَزَرُ به ويُشْتَمَل. وجمع الله شَمْله، إِذا دَعَا له بتألُّف أموره، وإِذا تألَّفَتْ اشتمل كلُّ واحدٍ منهما بالآخر(4).
ومن الباب: شملت الشاة، إِذا جعلتَ لها شِمالاً، وهو وعاء كالكيس يدُخَل فيه ضرعُها فيشتمل عليه. وكذلك شَمَلْتُ النَّخلَة، إِذا كانت تنفضُ حَمْلَها فشُدَّت أعذاقُها بقِطَع الأكسية.
ومن الباب: المِشْمل: سيفٌ صغير يَشْتَمِل الرَّجُل عليه بثوبه.
شمل
__________
(1) للمتنخل الهذلي، كما في اللسان (شمع). وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 89 ونسخة الشنقيطي 47.
(2) في اللسان: "كلمح برق". وفي المخصص (11: 39): "كمثل برق".
(3) يقال من بابي نصر وفرح.
(4) في الأصل: "إذا تألف اشتمل كل واحد منهما بالآخر"، تحريف.(3/167)
والأصل الثاني يدلُّ على الجانب الذي يخالف اليمين. من ذلك: اليد الشِّمال، ومنه الرِّيح الشِّمال لأنها تأتي عن شمال القِبلة إذا استند المستنِد إليها من ناحية قِبلة العراق. وفي الشمول، وهي الخمر، قولان: أحدهما أنَّ لها عَصْفَةً كعَصْفَة الريح الشمال. والقول الثّاني: أنّها تَشمَل العقل. وجمع شِمال أَشْمُل. قال أبو النجم:
* يأتي لها من أَيْمُنٍ وأَشْمُلِ(1) *
ويقال غديرٌ مشمول: تضرِبُهُ ريحُ الشِّمال حتى يبرُد. ولذلك تسمَّى الخمر مشمولة، أي إِنَّها باردة الطَّعم. فأمَّا قول ذي الرُّمَّة:
وبالشَّمائل من جَِلاّنَ مُقتِنصٌ
رَذْل الثِّياب خفيُّ الشَّخصِ مُنْزَرِبُ(2)
فيقال إنَّه أراد القُتَر(3)، واحدتها شمالة. فإن كان أراد هذا فكَأنَّه شَبَّه القُتْرَة بالشِّمالة(4) التي تُجعَل للضَّرع. وقد ذكرناها. ويقال: إنَّه أراد بناحية الشِّمال.
وممّا شذَّ عن هذين البابين، الشَّمَلةَ: ما بقي في النَّخلة من رُطَبها. يقال: ما بقي فيها إلاَّ شماليل. ويقال: إنَّ الشَّماليل ما تشعَّبَ من الأغصان. و*الشَّمْلَلَة: السرعة، ومنه الناقة الشِّملال والشِّمْليل. قال:
حرفٌ أخُوها أبوها من مُهجَّنةٍ
وعمُّها خَالُها قَوْداءُ شِمليلُ(5)
شنأ - شنب
(باب الشين والنون وما يثلثهما)
__________
(1) البيت في اللسان (13: 387) وأمالي ابن الشجري (1: 306).
(2) ديوان ذي الرمة 14 واللسان (زرب، شمل). و"جلان" ضبط في اللسان والقاموس بفتح الجيم، وفي الديوان والاشتقاق 196 والمجمل بالكسر.
(3) القتر : جمع قترة، كغرف وغرفة، وهي حفرة يكمن فيها الصائد.
(4) لم يذكر في المعاجم المتداولة إلا "الشمال" بدون هاء.
(5) لكعب بن زهير كما سبق في (أشر، حرف).(3/168)
(شنأ) الشين والنون والهمزة أصلٌ يدلُّ على البِغضة والتجنُّب للشيء. من ذلك الشَّنُوءَة، وهي التقزُّز؛ ومنه اشتقاق أَزْدِشَنوءة. ويقال: شَنِئَ فُلانٌ فلاناً إِذا أَبغَضَه. وهو الشَّنَآن، وربما خَفَّفوا فقالوا: الشَّنَان. وأنشدوا:
فما العيشُ إلاَّ ما تَلَذُّ وتَشْتَهي
وإِنْ لاَمَ فيه ذو الشَّنَانِ وأَفْنَدَا(1)
والشنْءُ: الشَّنَآن أيضاً. ورجلٌ مِشناءٌ على مِفعال، إِذا كان يُبْغِضُه النَّاسُ(2). وأمَّا قولهم شَنِئْت للأمر وبه، إِذا أَقرَرْت، وإِنشادُهم:
فلو كان هذا الأمرُ في جاهليَّةٍ
شَنِئْتَ به أو غَصَّ بالماء شاربُه(3)
..................(4)
(شنب) الشين والنون والباء أصلٌ يدلُّ على بردٍ في شيء. يقولون: شَنِب يومُنا، فهو شَنِب وشانب، إِذا برد.
ومن ذلك الثّغر الأشنب، هو البارد العذب. قال:
* يا بِأبي أنتِ وفُوكِ الأَشْنَبُ(5) *
شنث – شنج – شنح – شنص - شنع
(شنث) الشين والنون والثاء ليس بأصل، وفيه كلمة. يقولون: شَنِثَت مَشافِر البعير، إِذا غلظت من أكل الشَّوْك.
(شنج) الشين والنون والجيم كلمةٌ واحدةٌ، وهو الشَّنَجُ، وهو التقبُّض في جلدٍ وغيره.
__________
(1) البيت للأحوص، كما في اللسان (شنأ). وروايته: "وفندا". يقال فنده وأفنده: لامه وضعف رأيه.
(2) في هذا التفسير كلام. انظر اللسان (1: 96).
(3) البيت ملفق من بيتين للفرزدق في ديوانه 56. وهما:
فلو كان هذا الحكم في جاهلية
عرفت من المولى القليل حلائبه
ولو كان هذا الأمر في غير ملككم
لأديته أو غص بالماء شاربه
ورواه في اللسان (شنأ):
ولو كان في دين سوى ذا شنئتم
لنا حقنا أو غص بالماء شاربه
(4) هنا سقط لم يبيض له. وتقديره: "فكلام فيه نظر".
(5) البيت من شواهد ابن هشام في أوضح المسالك وقطر الندى، في (باب اسم الفعل)، ورواه: "وابأبي"، ونسب إلى راجز من بني تميم. وانظر العيني (4: 310).(3/169)
(شنح) الشين والنون والحاء كلمة واحدة، وهي الشَّناحِيُّ، وهو الطويلُ، يقال هو شَنَاحٌ كما ترى.
(شنص) الشين والنون والصاد كلمة إن صحت. يقولون: فَرَس شَناصِيٌّ، أي طويل. قال:
* وشَنَاصيٌّ إِذا هِيجَ طَمَرْ(1) *
ويقال: إنما هو نَشَاصيٌّ. وحكى : شَنَِصَ به، مثل سَدِك.
(شنع) الشين والنون والعين أصلٌ واحد يدلُّ على رفْع الذِّكر بالقبيح. من ذلك الشَّناعة. يقال شَنُع الشيءُ فهو شنيع. وشَنَعتُهُ، إذا قهرتَه بما يكرهه. وذكر ناسٌ شَنَعَ فلانٌ فلاناً، إِذا سَبَّه. وأنشدوا لكُثَيِّر:
وأسماءُ لا مَشنوعةٌ بمَلالةٍ
لَدَيْنا......................(2)
شنف – شنق
ويحملون على هذا فيقولون: تشنَّعت الإبل في السير، إذا جدَّت. وإنما يكون ذلك في أرفعِ السَّير، فيعود القياسُ إلى ما ذكرناهُ من الارتفاع وإن لم يكن في ذلك قبح.
(شنف) الشين والنون والفاء كلمتان متباينتان: أحدهما الشَّنْف، وهو من حَلْي الأذُن. والكلمة الأخرى: الشَّنَف: البُغض. يقال شَنِف له يَشْنَف شنَفاً.
(شنق) الشين والنون والقاف أصلٌ صحيح منقاس، وهو يدلُّ على امتدادٍ في تعلّقٍ بشيء، من ذلك الشِّناق، وهو الخيط الذي يُشَدُّ به فمُ القربة. وشَنَقَ الرَّجل بزمام ناقته، إذا فعل بها كما يفعل الفارسُ بفرسه، إذا كَبَحَه بلجامه. ويقال إنَّ الشَّنَق: طولُ الرأس، كأنما يمتدُّ صُعُداً. وفرسٌ مشنوق: طويل.
ومن الباب وهو قياسٌ صحيح: الشَّنَق نِزَاع القلب إلى الشيءِ، وذلك أنَّه لا يكون إلاّ عن عَلَقٍ، فقد يصحُّ القياس الذي ذكرناه.
__________
(1) للمرار بن منقذ في المفضليات (1: 82) واللسان (شنص). وفي المفضليات: "فإذا طؤطئ طيار طمر". وصدره:
* شندف أشدف ما روعته *.
(2) وكذا ورد إنشاده منقوصاً في المجمل. وتمامه، كما في اللسان:
* لدينا ولا مقلية باعتلالها *(3/170)
فأمَّا الأشناق فواحدها شَنَق، وهو ما دون الدِّية الكاملة، وذلك أن يسوق ذُو الحمالة ديةً كاملةً، فإذا كانت معها دياتُ جراحاتٍ دون التمام فتلك الأشناق، وكأنّها متعلِّقة بالدِّية العُظمى. والذي أراده الشاعر هذا بقوله:
قَرْمٌ تُعَلَّقُ أشناقُ الدِّيات به
إِذا المئُون أُمِرَّتْ فَوقَه حَمَلاَ(1)
والشَّنَق، في الحديث: ما دون الفريضتين، وذلك في الإبل والغنم والبقر.
شهو - شهب
وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا شِناق"، أي لا يُؤخذ في الشَّنَق فَريضة حتى تتمّ.
ومن الباب اللحم المشَنَّق، وهو المشَرَّح المقطَّع طُولاً. قال الأمويّ: يقال للعجين الذي يُقطَّع ويعمل بالزيت * : مشَنّق. ولا يكون ذلك إلا وفيه طول.
(باب الشين والهاء وما يثلثهما)
(شهو) الشين والهاء والحرف المعتل كلمة واحدة، وهي الشّهوة. يقال: رجلٌ شَهْوانُ، وشيءٌ شَهِيّ.
(شهب) الشين والهاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بياض في شيءٍ من سواد، لا تكون الشُّهبةُ خالصةً بياضاً. ومن ذلك الشُّهبة في الفرَس، هو بياضٌ يخالطُهُ سَواد. ويقال كَتِيبةٌ شَهباء، إِذا كانت عِليتُها بياضَ الحديد، ويقال لليوم ذي البرد والصُّرَّاد(2): أشهبُ، والليلة الشّهباءُ. ويقال: اشهابَّ الزَّرْع، إذا هاجَ وبَقي في خِلاله شيءٌ أخضر. ومن الباب: الشِّهاب، وهو شُعلة نارٍ ساطعة. وإنَّ فُلاناً لَشِهابُ حربٍ، وذلك إذا كان معروفاً فيها مشهوراً كشُهرة الكواكب اللّوامع. ويقال إنَّ النّصل الأشهبَ الذي قد بُرِدَ بَرْداً خفيفاً حتى ذهب سوادُهُ. ويقال إنَّ الشّهاب اللّبَنَ الضَّيَاح، وإِنما سمِّيَ بذلك لأنَّ ماءَه (3) قد كثر فصار كالبياض الذي يخالطه لونٌ آخر.
شهد
__________
(1) للأخطل في ديوانه 143 واللسان (شنق).
(2) الصراد: ريح باردة مع ندى.
(3) في الأصل: "لأنه ما"(3/171)
(شهد) الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه. من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام. يقال شَهد يشهد شهادةً. والمَشهد: محضر النّاس.
ومن الباب: الشُّهود: جمع الشاهد، وهو الماء الذي يخرج على رأس الصبيّ إِذا وُلد، ويقال بل هو الغِرْس(1). قال الشاعر:
فجاءَت بمثل السّابرِي تَعجَّبُوا
لهُ والثَّرَى ما جفَّ عنه شُهودها(2)
وقال قوم: شهود النّاقة: آثار موضع مَنْتَجِها من دمٍ أو سَلَىً. والشَّهيد: القتيل في سبيل الله، قال قومٌ: سمِّيَ بذلك لأنّ ملائكة الرحمة تشهده، أي تحضُره. وقال آخرون: سمِّي بذلك لسقوطه بالأرض، والأرض تسمَّى الشاهدة. والشاهد: اللِّسان، والشَّاهد: المَلَك. وقد جمعهما الأعشى في بيت:
فلا تحسَِبَنّي كافراً لك نعمةً
عَلَى شاهِدِي يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ(3)
فشاهده: اللسان: وشاهد الله جلَّ ثناؤه، هو المَلَك، فأمَّا قوله جلَّ وعزَّ:
{ شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُو } [آل عمران 18]، فقال أهلُ العِلم: معناه أَعلَمَ الله عزَّ وجلَّ، بيَّن اللهُ، كما يقال: شَهِدَ فلانٌ عند القاضي، إذا بيَّنَ وأعلَمَ لمن
شهر - شهق
الحقُّ وعلى مَنْ هو. وامرأةٌ مُشْهِد، إِذا حضر زوجها، كما يقال للغائب زوجُها: مُغِيب. فأمَّا قولهم أشْهَدَ الرّجُلُ، إِذا مَذَى، فكأنَّهُ محمولٌ على الذي ذكرناه من الماء الذي يخرج على رأس المولود.
ومما شذّ عن هذا الأصل: الشُّهْد: العسلُ في شَمَعِها؛ ويجمع على الشِّهاد. قال:
إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاءٍ
__________
(1) في الأصل : "الفرس"، صوابه في المجمل واللسان. والغِرس، بكسر الغين: جلدة رقيقة تخرج مع الولد عند خُروجه.
(2) لحميد بن ثور الهلالي، كما في اللسان (شهد).
(3) ديوان الأعشى 133، واللسان (شهد).(3/172)
لُبابَ البُرِّ يُلبَكُ بالشِّهادِ(1)
(شهر) الشين والهاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على وضوحٍ في الأمر وإِضاءة. من ذلك الشَّهر، وهو في كلام العرب الهِلال، ثمَّ سمِّي كلُّ ثلاثين يوماً باسم الهلال، فقيل شهر. قد اتَّفق فيه العربُ والعجم؛ فإنَّ العجم يسمُّون ثلاثين يوماً باسم الهلال في لغتهم. والدليل على هذا قولُ ذي الرّمّة:
فأَصْبَحَ أَجْلَى الطرفِ ما يستزيدُهُ
يَرَى الشَّهرَ قبلَ الناسِ وهو نحيلُ(2)
والشُّهرة: وضوح الأمر. وشَهَرَ سيفَه، إِذا انتضاه. وقد شُهِر فلانٌ في الناس بكذا، فهو مشهور، وقد شَهَرُوه. ويقال: أَشْهَرْنا بالمكان، إِذا أَقَمنا به شهراً. وشَهْرانُ: قبيلة.
(شهق) الشين والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على علوّ. من ذلك جبلٌ شاهِق، أي عال. ثمَّ اشتُقَّ من ذلك الشَّهيق: ضدّ الزَّفير؛ لأنَّ الشَّهيق ردُّ النّفَس،
شهل – شهم
والزّفير إخراج النَفَس. والأصل في ذلك ما ذكرناه. وقال بعضهم: فلان ذو شاهقٍ، إِذا اشتدَّ غضبُه. ولعلَّه أن *يكون مع ذلك صوت.
(شهل) الشين والهاء واللام أصلٌ في بعض الألوان، وهي الشُّهْلة في العين، وذلك أن يَشُوبَ سوادَها زُرْقة.
ومما ليس في هذا الباب: امرأةٌ شهلة، قالوا: هي النَّصَف العاقلة. قالوا: وذلك اسمٌ لها خاصّةً، لا يوصَف به الرجل. كذا قال أهل اللُّغة. فأمَّا العرب فقد سمَّت بشَهْل، وهو الفِند الزِّمَّانيّ، يقال إنّ اسمَه شَهْل بن شيبان.
ومما شذَّ أيضاً: المشاهَلة: المُشَارَّة، وأظنُّ الشين مبدلةً من جيم. وكذلك قولهم للحاجَةِ: شهلاء، وهو من باب الإبدال، والأصل الكاف: الشَّكْلاء.
__________
(1) لأمية بن أبي الصلت، وقد سبق إنشاده وتخريجه في (2: 312).
(2) ديوان ذي الرمة 671، وأنشد عجزه في اللسان (شهر).(3/173)
(شهم) الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء. يقال من ذلك: رجلٌ شَهْمٌ. وربَّما قالوا للمذعور: مَشهوم، وهو قياسٌ صحيح لأنَّه إذا تَفَزَّعَ بَدَا ذكاءُ قلبِه(1). ويقولون: إنَّ الشَّهامَ السِّعلاة. فإنْ صحَّ هذا فهو أيضاً من الذكاء. والشَّيهم: القنفذ؛ وليس ببعيدٍ أن يكون من قياس الباب. وفيه يقول الأعشى:
لَئِنْ جَدَّ أسبابُ العداوةِ بيننا
لترتَحِلَنْ منِّي على ظهر شَيهمِ(2)
والله أعلم.
شوي
(باب الشين والواو وما يثلثهما)
(شوي) الشين والواو والياء يدلُّ على الأمر الهيِّن. من ذلك الشَّوى وهو رُذال المال. قال:
أَكَلْنا الشَّوَى حَتَّى [إِذا لم تَجِدْ شَوىً(3)]
أَشَرْنا إلى خيراتها بالأصابعِ
__________
(1) في الأصل: "إذا تفرع ذكاء قلبه".
(2) ديوان الأعشى 95 واللسان (شهم).
(3) التكملة من اللسان (شوا) والمخصص (14: 29/ 15: 166). والبيان (3: 342).(3/174)
ومن ذلك الشَّوَى: جمع شَواة، وهي جِلْدة الرأس. والشَّوَى: الأطراف، وكلُّ ما ليس بمَقتل. وكلُّ أمرٍ هَيّنٍ شَوىً. ويقولون في الإتباع: عَيِيٌّ شَوِيٌّ. قال ابن دريد(1): هو من الشَّوى، وهو الرُّذَال. ويقال رميتُ الصَّيدَ فأَشْوَيْتُهُ، إِذا أَصَبْتَ شَواهُ، وهي أطرافه. والشَّوايا: بقيَّة قومٍ هَلَكوا، الواحِد شَوِيَّة؛ وإِنَّما سمِّيت بذلك لقلَّتها وهُونِها. قالوا: والشّواية(2) الشيء الصغير من الكبير، كالقِطعة من الشّاة. ويقال: ما بَقِيَ من المال إِلا شَُِوايَة، أي شيءٌ يسير. والذي لا نشكُّ فيه أنَّ الشِّواء مشتقٌّ من هذا؛ لأنّه إِذا شُوِيَ فكأنَّه قد أهين. فإن قال قائل: فينبغي أن يكون إِذا قُدِر وكبِّب(3): شِواءٌ لأنَّه قد أهين. قيل له: نحن نعلِّل ما يقوله العربُ حتَّى نردَّه إلى أصلٍ مطَّرد متّفَقٍ عليه، فأمَّا ما سوى ذلك فليس لنا ما نفعلَه. وتقول: شَوَيتُ اللَّحمَ شَيَّاً واشتويتُهُ، فأنا مشتوٍ. قال الشاعر:
شوب – شوذ
* فاشتوَى ليلةَ ريحٍ واجْتَمَلْ(4) *
ويقال انْشَوَى اللَّحم. قال:
قَد انشَوى شِواؤنا المرَعْبل(5)
فاقترِبوا إلى الغَداءِ فكلُوا
قال الخليل: الإشواء: الإبقاء أو في معناه(6)، حتى يقول بعضهم: تعشَّى فلانٌ فأَشْوَى من عَشَائِه، أي أبقى. قال:
فإنَّ من القول التي لا شَوى لها
__________
(1) الجمهرة (3: 430).
(2) الشواية، بتثليث حركات الشين.
(3) قدر: طبخ في القدر. كبب عمل كباباً، وهو ضرب من اللحم المقلي يعرفُ بالطباهجة. وفي الأصل: "كتب"، تحريف.
(4) البيت للبيد في ديوانه 12 طبع 1881 واللسان (شرا). وصدره: * أو نهته فأتاه رزقه *.
(5) في الأصل: "فلما انشوى"، صوابه من المجمل واللسان.
(6) في المجمل: "وفي معناها".(3/175)
إِذا زلَّ عن ظهر اللِّسان انفلاتها(1)
أي لا بقيَّةَ لها. والأصلُ يَرجع إلى ما أصَّلناه.
(شوب) الشين والواو والباء أصلٌ واحدٌ، وهو الخَلْط. يقال: شُبْتُ الشيءَ أشوبُه شَوباً. قال أهلُ اللُّغة: وسمِّي العَسَل شَوباً، لأنَّه كان عندهم مِزاجاً لغيره من الأشربة. والشِّياب: اسمٌ لما يُمزَج به. ويقولون: ما عنده شوبٌ ولا رَوب. فالشَّوب: العَسَل. والرّوب: اللبن الرائب.
(شوذ) الشين والواو والذال ليس فيه إلاَّ المِشْوَذ، وهي العمامة. قال الوليد بن عقبة:
شور
إِذا ما شددتُ الرأس مِنّي بِمشوذٍ
فَغَيَّكِ مِنِّي تغلبَ ابنةَ وائلِ(2)
(شور) الشين والواو والراء أصلان مطَّردان، الأوَّل منهما إبداء شيء وإِظْهارُهُ وعَرْضه، والآخر أخْذ شيء.
فالأوَّل قولهم: شُرت [الدَّابّة(3) ] شَوْراً، إِذا عَرضْتَها. والمكان الذي يُعْرض فيه الدَّوابّ هو المِشوار. يقولون: "إِيَّاكَ والخُطَبَ * فإنَّها مِشْوارٌ كثير
العِثار".
قال بعض أهل اللغة في قولهم شَوّرَ بِهِ، إذا أخجله: إِنما هو من الشُّوار، والشُّوار: فَرْج الرّجُل. ومن ذلك قولهم: أَبْدَى الله شُواره. قال: فكأنَّ قولَه شَوّر به، أراد أَبْدَى شواره حتَّى خَجِل. قال: والشَّوار(4): مَتاع البيت أيضاً. فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه مِن الذي يُصان كما يصُون الرّجلُ ما عنده.
والباب الآخر: قولهم: شُرْت العسلَ أَشُوره. وقد أجاز ناسٌ: أَشَرْت العسَل، واحتجُّوا بقوله:
وَسَمَاعٍ يأذَنُ الشّيخُ لهُ
__________
(1) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 163، وأنشده في اللسان (شوا) بدون نسبة. وفي الأصل: "الذي
لا شوى"، صوابه من المجمل واللسان والديوان.
(2) أنشده في اللسان (شوذ) قال: "وكان قد ولي صدقات تغلب". وعقب عليه بقوله: "يريد غياً لك ما أطوله مني". في الأصل: "غيك عني".
(3) التكملة من المجمل.
(4) الشوار هذا بتثليث الشين.(3/176)
وحديثٍ مثلِ ماذِيّ مُشَارِ(1)
شوس - شوص
[وقال الأصمعيّ: إنما هو "ماذيِّ مَشارِ"](2) على الإضافة. قال: والمَشار: الخليَّة يُشتار منها العَسَل.
قال بعض أهلُ اللُّغة: من هذا الباب شاورتُ فلاناً في أمري. قال: وهو مشتقٌّ من شَوْر العسل(3)، فكأنَّ المستشير يأخذ الرأيَ من غيره.
قالوا: ومما اشتُقّ من هذا قولهم في البعير: هو مُستشِير، وهو البعير الذي يعرف الحائلَ من غير الحائل. وأنشد:
أَفزَّ عنها كلَّ مستشيرِ
وكلَّ بَكْرٍ داعِرٍ مِئْشِيرِ(4)
ويقال : بل هو السَّمين.
(شوس) الشين والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَظَرٍ بتغيُّظ. من ذلك الشَّوَس: النَّظَرَ بأحد شِقَّي العين تغيُّظاً. ورجلٌ أشوسُ من قومٍ شُوس. ويقال هو [الذي (5)] يصغِّر عينيه ويضمُّ أجفانه.
(شوص) الشين والواو والصاد أصلٌ يدلّ على زعزعةِ شيءٍ وَدَلْكِه. من ذلك الشَّوْص، وهو التسوُّك بالسِّواك. وفي الحديث: "أنَّه كان يَشُوص فاه بالسِّواك". وقال امرؤ القيس:
بأَسوَدَ ملتفِّ الغدائرِ واردٍ
وذي أُشُرٍ تَشُوصه وتمُوصُ(6)
شوط – شوظ – شوع - شوف
والشّوْص: الدلْك، وقد يقال في الثَّوْب أيضاً. ويقال شاص الشيء، إِذا زَعزَعَه. وأما الشَّوْصة فداءٌ يقال إنَّه يتعقَّد في الأضلاع.
(شوط) الشين والواو والطاء أصلٌ يدلُّ على مضيٍّ في غير تثبُّت ولا في حَقٍّ. من ذلك قولُهم جَرى شَوطاً أي طَلَقاً. ويقولون للضَّوءِ الذي يدخل البيوتَ من الكُوّة: شَوط باطلٍ. وكان بعض الفقهاء يكره أن يقال: طاف بالبيت أشواطاً، وكان يقول: الشَّوط باطل، والطّوافُ بالبيت من الباقيات الصالحات.
__________
(1) لعدي بن زيد، كما في اللسان (شور، أذن)، برواية: "في سماع".
(2) التكملة من المجمل. ونحوها في اللسان.
(3) في الأصل: "شوار العسل"، تحريف.
(4) الرجز في اللسان (شور).
(5) التكملة من المجمل.
(6) ماص الشيء يموصه: غسله.(3/177)
(شوظ) الشين والواو والظاء كلمة واحدة صحيحة، فالشوَاظ: شُواظُ اللّهب من النار لا دُخانَ معه. قال تعالى: { شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ } [الرحمن 35].
(شوع) الشين والواو والعين أصلٌ يدل على انتشارٍ وتفرُّق. من ذلك: الشَّوَع، وهو انتشار الشَّعْر وتفرُّقه. والشُّوع: شَجَر(1) ولَعله متفرِّق النبت.
(شوف) الشين والواو والفاء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على ظهور وبُروز. من ذلك قول العرب: تَشَوَّفَت الأوعالُ، إذا عَلَتْ مَعاقل الجبال. ثم حُمِل على ذلك واشتُقَّ منه: تشوَّفَ فُلانٌ للشَّيء، إذا طَمَح به، ثمَّ قِيلَ لجَلْو الشيء شَوف. تقول: شُفْتُه أشوفُهُ شَوفاً. والمَشُوف: المجلُوّ. والدِّينار المَشُوف من ذلك. وفيه يقول عنترة:
شوق – شوك
* رَكَدَ الهواجرُ بالمَشُوفِ المُعْلَمِ(2) *
وإِنَّما سمِّيَ ذلك شَوفاً لأنَّه يبرز به عن وجهِهِ ولونه. ويقال من ذلك: تشوَّفَت المرأةُ، إِذا تزيَّنَت. ويقال إنَّ الجَمل المَشُوف: الهائج. قال:
* مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَه بعَصِيمِ(3) *
وقال قوم في البيت: إنَّما هو "المَسُوف" بالسين، وهو الفَحل الذي تَسوفُه الإِبل، أي تشمّه(4). ويقال اشتافَ فلانٌ، إِذا تطاوَلَ ونظَر. وأشافَ على الشيء، إِذا أَوفَى عليه وأَشْرَفَ. ومن ذلك سُمِّي الطَّليعةُ الشَّيِّفَة.
__________
(1) في المجمل: "الشوع: شجر البان". وفي اللسان: "والشوع بالضم: شجر البان، وهو جبلي".
(2) لعنترة في معلقته: وصدره:
* ولقد شربت من المدامة بعدما *
(3) البيت للبيد في ديوانه 88 طبع 1880 واللسان (شوف). وصدره :
* بخطيرة توفي الجديل سريحة *.
(4) في الأصل: "تسوقه الإبل أي تشبه"، تحريف.(3/178)
(شوق) الشين والواو والقاف يدلُّ على تعلُّق الشّيء بالشيء، يقال شُقتُ الطُّنُب، أي الوتِد، واسم ذلك الخيط الشِّيَاق. والشَّوْق مثل النَّوْط، ثم اشتقَّ من ذلك الشَّوق، وهو نزاعُ النَّفْس إلى الشيء. ويقال شاقَنِي يَشُوقُني، وذلك لا يكون إلاَّ *عن عَلَق حُبّ.
(شوك) الشين والواو والكاف أصلٌ واحِدٌ يدلُّ على خشونةٍ وحدَّةِ طرَفٍ في الشّيء. من ذلك الشَّوك، وهو معروف. يقال شجرةٌ شَوِكَة وشائكة ومُشِيكة(1). ويقال شاكَني الشّوكُ. وأَشَكْتُ فلاناً، إِذا آذَيتَه بالشَّوك. وشوَّكَ
شول
الفرخ، إِذا أَنْبَت(2). ويشتقُّ من ذلك الشَّوْكة، وهي شدة البَأس. ويقال جاء بالشَّوك والشَّجر(3)، أي في العدد الجَمّ. ويقال بُرْدةٌ شَوكاء، وهي الخَشِنة المَسِّ من جِدّتها، وقيل هي الخشنة النَّسْج. ويقال: شَوَّكَ ثَديُ المرأةِ، إذا انتصب وتَحدَّد طَرَفه. ويقال شوَّك البعير، إِذا طالت أنيابُهُ.
(شول) الشين والواو واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الارتفاع. من ذلك شالَ المِيزان، إِذا ارتفعت إحدى كِفّتَيه. وأَشَلْت الشّيءَ: رفعتُهُ، والشَّول من الإِبل: التي ارتفت ألبانُها، الواحدة شائلة. والشوَّل: اللواتي تَشُول بأذنابها عند اللِّقاح، الواحدة شائل. وزعم قومٌ أنّ شَوّالاً سمِّي بذلك لأنَّه وافق وقتَ أن تشولَ الإبل. والشَّوْلة: نجم، وهي شَوْلة العقرب، وهي ذَنَبها. وتسمَّى العقربُ شَوّالة(4). ويقال تشاوَلَ القَومُ بالسِّلاح عند القتال، وذلك أَنْ يُشيل كلٌّ السِّلاح لصاحِبه. فأمَّا الماء القليل فيسمى شَولاً، لأنَّه إِذاً قد خف وسَرُع ارتفاعه وذهابه. قال:
__________
(1) وشاكة أيضاً.
(2) وكذا في المجمل، وفي اللسان: "وشوك الفرخ تشويكا: خرجت رؤوس ريشه".
(3) هذه العبارة بعينها في المجمل، ولم تذكر في اللسان والقاموس. وذكرها الزمخشري في أساس البلاغة.
(4) في اللسان: "وشولة وشوالة: العقرب: اسم علم لها".(3/179)
* وصَبَّ رُواتُها أشوالَها(1) *
شوه - شيأ
ويسمَّى الخادم الخفيف في الخِدمة: شَوِلاً؛ لسرعة ارتفاعه فيما ينهض فيه.
(شوه) الشين والواو والهاء أصلان: أحدهما يدلُّ على قُبح الخِلقة، والثاني نوعٌ من النَّظَر بالعين.
فالأوّل الشَّوَه: قُبح الخلقة؛ يقال شاهَت الوجوه أي قَبُحت. وشوَّهه الله فهو مشوَّه. وفي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رَمَى المشركين بالتُّراب وقال: "شاهت الوُجوه". وأمَّا الفرس الشَّوهاء فالتي في رأسها طُول.
وأمّا الأصل الآخر فقالوا: رجل شائِهُ البصر، إذا كان حديد البصَر. ويقال شاهِي البَصَر أيضاً، وكأنه من المقلوب. ويقال الأشْوَه الذي يُصيب النَّاسَ بالعين. ويقولون: لا تَشَوَّه عَلَيَّ(2)، إِذا قال ما أحَسَنَك، أي لا تُصِبْني بعينك.
ومما شذّ عن الباب: الشَّاة. قالوا: أصل بنائها من هذا، يقال تشوَّهْت شاةً، أي أخذتها.
(باب الشين والياء وما يثلثهما)
(شيأ) الشين والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. يقال شَيَّأ الله وجْهَه؛ إِذا دعا عليه بالقُبح. ووجهٌ مُشَيَّأٌ.وأنشد:
شيب
إِنَّ بَنِي فزارةَ بنِ ذُبيانْ
قد طَرَّقَتْ ناقتُهم بإنسانْ
مُشَيَّأٍ أعجِبْ بِخَلْقِ الرَّحمن(3)
__________
(1) للأعشى في ديوانه 26 واللسان (شول). وهو بتمامه:
حتى إذا لمع الدليل بثوبه
سقيت وصب رواتها أشوالها
(2) تشوه أي تتشوه، بحذف إحدى التاءين، كذا ضبطت في الأصل والمجمل. ويقال أيضاً: لا تشوه، من التشويه. كما في اللسان.
(3) الرجز لسالم بن دارة، كما في الخزانة (1: 293).(3/180)
(شيب) الشين والياء والباء. هذا يقرب من باب الشين والواو والباء، وهما يتقاربان جميعاً في اختلاط الشّيء بالشيء. من ذلك الشَّيب: شَيب الرأس؛ يقال شاب يَشيب. قال الكسائيّ: شيّب الحُزنُ رأَسَه وبرأسه، وأشابَ الحُزْن رأسَه وبرأْسه. والرجل إِذا شابَ فهو أَشْيَب. والشِّيب: الجبال يسقُط عليها الثلج، وهو من الشَّيْب. وقال الشاعر:
شيوخٌ تَشِيب إِذا ما شتَت
وليسَ المشيبُ عليها معيبا
يريد الجبال إِذا ابيضَّت من الثلج. ووجدت في تفسير شعر عبيد في قوله:
* والشَّيبُ شَينٌ لمن يشِيبُ(1) *
أنَّ الشَّيب والمَشِيب واحد. قال: وقال الأصمعيّ: الشَّيب: بياض الشَّعر، والمشيبُ: دخولُ الرَّجُل في حدِّ الشِّيبِ من الرِّجال ذوي الكِبَر والشَّيب. وقال أيضاً في هذا الموضع: قال ابن السّكّيت في قول عديٍّ:
* والرأسُ قد شابَهُ المَشِيبُ(2) *
شيح
أراد بَيّضه المَشيب، وليس معناه خالَطَه، وأنشد:
قد رابَه ولِمِثْلِ ذلك رابَهُ
وَقَعَ المَشيبُ على المشيبِ فشابَهُ(3)
أي بَيَّضَ مسوَدَّه. وشِيبان ومِلْحان: شهرا *قِماح، وهما أشدُّ الشتاء برداً؛ سمِّيا بذلك لبياض الأرض بما عليها من الصَّقيع.
ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم: باتت فلانة بليلةِ شَيْباءَ، إِذا افْتُضَّت. وباتَتْ بليلةِ حُرّةٍ، إِذا لم تُفْتَضّ.
(شيح) الشين والياء والحاء أصلان متباينان، يدلُّ أحدهما على جِدٍّ وحَذَرٍ، والآخر على إعراض.
فأمَّا الأوَّل فقول العرب: أشاحَ على الشيءِ، إِذا واظَبَ عليه وَجَدّ فيه قال الراجز:
__________
(1) ديوان عبيد بن الأبرص 6 والقصائد العشر 304 وصدره:
* إِما قتيل وإما هالك *
(2) صدره في اللسان (شيب):
* تصبو وأنى لك التصابي*
... على أنَّ الصواب نسبته إلى عبيد بن الأبرص. انظر المرجعين السابقين.
(3) البيت في المجمل واللسان (شيب).(3/181)
* قُبَّاً أطاعَت راعياً مُشِيحاً(1) *
وقال آخر:
* وشايَحْتَ قبل اليَومِ إِنَّكَ شِيحُ(2) *
وأمَّا الشِّياح فالحِذَار. ورجل شائحٌ. وهو قوله:
شيخ – شيد – شيص – شيط
* شايَحْن منه أَيَّما شِيَاحِ(3) *
والمَشْيُوحاء: أَنْ يكون القومُ في أمرٍ يَبْتَدِرونه؛ يقال هم في مَشْيُوحاءَ.
وأما الآخر فيقال: أشاحَ بوجهه، أي أعرض. ويقال إِنَّ اشتقاقَه من قولهم أشاحَ الفرسُ بذنَبه، إذا أرخاه.
ومما شذَّ عن البابين جميعاً: الشِّيح، وهو نبتٌ.
(شيخ) الشين والياء والخاء كلمة واحدة، وهي الشَّيخ. تقول: هو شيخٌ، وهو معروف، بيِّن الشَّيخوخة(4) والشَّيَخ والتّشييخ. وقد قالوا أيضاً كلمةً، قالوا: شَيَّخت عليه(5).
(شيد) الشين والياء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رفعِ الشّيء. يقال شِدْت القَصر أَشِيدُهُ شَيْداً. وهو قصرٌ مَشِيدٌ، أي معمولٌ بالشِّيد. وسمِّي شِيداً لأنَّ به يُرفَعُ البناء. يقال قَصرٌ مَشِيدٌ أي مُطَوّل. والإشادة: رفْع الصَّوت والتنويه.
(شيص) الشين والياء والصاد. يقال إنَّ الشِّيص أردأ التَّمْر.
(شيط) الشين والياء والطاء أصلٌ يدلُّ على ذَهاب الشيء، إمّا احتراقاً وإما غَيْرَ ذلك. فالشَّيْط مِنْ شاط الشَّيءُ، إِذا احترق. يقال شيَّطت اللَّحم. ويقولون: شَيَّطه، إذا دَخَّنه ولم يُنْضِجْه. والأوَّلُ أصحُّ وأقيَس.
شيع
ومن المشتقّ من هذا : استشاط الرَّجلُ، إذا احتدَّ غضَباً. ويقولون: ناقةٌ مِشياط، وهي التي يطير فيها السِّمَن.
__________
(1) لأبي النجم العجلي، كما في اللسان (شيح).
(2) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 116، واللسان (شيح) وصدره:
* بدرت إلى أولاهم فسبقتهم *
(3) لأبي السوداء العجلي، كما في اللسان (شيح). وقبله :
* إذا سمعن الرز من رباح *.
(4) في المجمل: "الشيخ معروف، وهو بين الشيخوخة".
(5) في المجمل: "وذكر أبو عبيد: شيَّخت عليه، أي عبت وشنعت".(3/182)
ومن الباب الشَّيطان، يقارب الياء فيه الواو، يقال شَاط يَشِيط، إِذا بَطَل. وأشاطَ السُّلطانُ دمَ فلانٍ، إِذا أبطَلَه. وقد مضى الكلامُ في اشتقاقِ اسم الشَّيطان.
(شيع) الشين والياء والعين أصلان، يدلُّ أحدُهما على معاضدة ومساعفة، والآخر على بَثٍّ وإشادة.
فالأوّل: قولُهم شَيَّعَ فلانٌ فلاناً عند شُخوصه. ويقال آتِيكَ غداً أو شَيْعَه، أي اليوم الذي بعده، كأنَّ الثاني مُشَيِّع للأوّل في المضيّ. وقال الشّاعر(1):
قال الخليطُ غداً تَصَدُّعُنا
أو شَيْعَه أفلا تُوَدِّعُنا
وقال للشجاع : المشيَّع؛ كأنَّه لقُوَّته قد قَوِي وشُيِّع بغيره، أو شُيِّع بقُوّة.
وزعم ناسٌ أنَّ الشَّيْعَ شِبل الأسد، ولم أسمْعه من عالمٍ سَماعاً. ويقول ناس: إنَّ الشَّيْع المِقدار، في قولهم: أقام شهراً أو شَيْعَه. والصَّحيح ما قلته، في أنَّ المشيِّع هو الذي يُساعِد الآخَر ويقارنه. والشِّيعة: الأعوان والأنصار.
وأما الآخر [فقولهم] : شاع الحديث، إِذا ذاع وانتشر. ويقال شَيَّع الراعي إِبلَه، إِذا صاح فيها. والاسم الشِّيَاع: القصبة التي ينفُخُ فيها الراعي. قال:
* حنينَ النِّيبِ تَطربُ للشِّياع *
ومن الباب قولهم في ذلك: له سهم شائع، إذا كان غير مقسومٍ. وكأنَّ من
شيق - شيم
له(2) سهمٌ ونَصِيب انتشرَ في السَّهم حتَّى أخذه، كما يَشِيعُ الحديثُ في الناس فيأخذ سَمع كلِّ أحد.
ومن هذا الباب: شيَّعت النّارَ في الحطب، إِذا ألهَبْتَها.
(شيق) الشين والياء والقاف كلمة. يقال إنَّ الشِّيق الشّق الضّيق في رأس الجبل. قال:
* شغْواء تُوطنُ بين الشِّيقِ والنِّيقِ(3) *
(شيم) الشين والياء والميم أصلان متباينان، وكأنَّهما من باب الأضداد إِذْ أحدُهما يدلُّ على الإظهار، والآخَر يدلُّ على خلافه.
__________
(1) هو عمرو بن أبي ربيعة. ديوانه 106 واللسان (شيع).
(2) في الأصل: "وكأنَّه من الأول".
(3) أنشده في اللسان (شيق).(3/183)
فالأول قولهم: شِمْت السّيفَ، إذا سللَتَه. ويقال للتُّراب الذي يُحفَر فيستخرج من الأرض الشِّيمة، والجمع الشِّيَم.* ومن الباب: شِمْت البرقَ أشِيمُه شَيماً، إِذا رَقَبْتَه تنظر أينَ يَصُوب. وهذا محمول على الذي ذكرناه من شَيْم السَّيف. وقال الأعشى:
فقلتُ للشَّرْبِ في دَُرْنا وقد ثَمِلوا
شيموا وكيف يَشيم الشَّارِبُ الثَّمِلُ(1)
كأنّه لما رَقَبَ السَّحاب شام بَرقَه كما يُشامُ السَّيف.
والأصل الآخَر: قولُهم شِمت السّيفَ، إِذا قَرَبْتَه(2). ومن الباب الشِّيمة: خَلِيقة الإنسان، سمِّيت شيمةً لأنَّها كأنها مُنْشامة فيه داخلةٌ مستكِنّة. والانشيام: الدُّخول في الشيء؛ يقال: انشام في الأمر، إذا دخلَ فيه. والمَشِيمَة: غِشاءُ وَلَدِ
شين – شأت – شأز - شأس
الإنسان، وهو الذي يقال له مِنْ غيرِهِ السَّلَى. وسمِّيت بذلك كأن الولد قد انشام فيها.
فأمَّا الشَّامَة فيمكن أن يكون من الباب الأول؛ لأنَّها شيء بارزٌ، يقال منها رجلٌ أشيم، وهو الذي به شامة.
(شين): الشين والياء والنون كلمةٌ تدلُّ على خلاف الزينة. يقال شانَه خلافُ زانه. والله أعلم بالصواب.
(باب الشين والهمزة وما يثلثهما)
(شأت) الشين والهمزة والتاء. إنَّ الشئِيت من الأفراس: العَثُور.
* كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئِيتُ(3) *
(شأز) الشين والهمزة والزاء أُصَيْلٌ يدل على قلق وتَعَادٍ(4) في مكان. من ذلك المكان الشّأْز، وهو الخشِن المتعادِي. قال رؤبة:
* شأزٍ بمَنْ عَوَّه جدْبِ المنطَلَق(5) *
__________
(1) البيت من معلقته المشهورة.
(2) قرب السيف: جعله في قرابه، وهو الغمد.
(3) لرجل من الأنصار، أو عدي بن خرشة الخطمي. وقد سبق في (حق).
(4) التعادي: التفاوت وعدم الاستواء. في الأصل: "ويقاد"، تحريف.
(5) ديوان رؤبة 104. وأنشده في اللسان (شأز) بلفظ "شاز" بترك الهمز.(3/184)
ويقال أشْأَزهُ(1) الشيءُ، إِذا أقْلَقَه.
(شأس) الشين والهمزة والسين، هو كالباب الذي قَبلَه، وليس يبعُد أن يكونَ من باب الإِبدال. فشأْسٌ: اسم رجل، والشَّأْس: المكان الغليظ.
شأف – شأن – شأو
(شأف) الشين والهمزة والفاء كلمةٌ تدل على البِغْضة. من ذلك الشّآفَة(2) وهي البِغْضَة؛ يقال شأفْتُهُ شَأَفاً. قال: ومن الباب الشَّأْفة، وهي قَرْحة تخرج بالأسنان فتُكوَى وتذهب، يقولون: استأصَلَ الله شأفَته، يقال شُئِفَت رجلُه، فمعناه أَذْهَبَه الله كما أذهب ذاك. وإِنّما سمِّيت شأفةً لِمَا ذكرناه من الكراهة والبغضة.
(شأن) الشين والهمزة والنون أصلٌ واحد يدلُّ على ابتغاءٍ وطلب. من ذلك قولُ العرب: شَأنْتُ شأنَهُ، أي قصدت قصده. وأنشدوا:
يا طالبَ الجُودِ إنَّ الجُود مكرُمةٌ
لا البخلُ منك ولا من شأنك الجُودَا(3)
قالوا: معناه ولا من طلبك الجودَ.
ومن ذلك قولُهم: ما هذا من شأني، أي ما هذا مِنْ مَطْلَبِي والذي أبتغيه(4). وأمّا الشؤون فَمَا بينَ قبائل الرأس، الواحد شأن. وإِنَّما سمِّيتْ بذلك لأنَّها مَجارِي الدَّمع، كأنَّ الدَّمعَ يطلبُها ويجعلُها لنفسه مَسِيلاً.
(شأو) الشين والهمزة والواو كلمتان متباعدتان جدّاً.
فالأول السَّبْق، يقال شأوته أي سَبَقْتُه.
والكلمة الأخرى الشَّأْوُ: ما يخرجُ من البئر إذا نُظِّفَت. ويقال للزَّبيل الذي يُخرَج به ذلك المِشْآة(5).
شأي - شأم – شبث
__________
(1) في الأصل: "الشأز"، تحريف وفي المجمل: "أشأزني".
(2) شاهده قوله:
وما لشآفة في غير شيء
إِذا ولى صديقك من طبيت
(3) كتب تحت البيت في حاشية المجمل: "مفعول به، أعني الجودا".
(4) ف ي الأصل: "والذي أبتغيه الجودا". وكلمة "الجود" مقحمة.
(5) في الأصل: "الشاة"، صوابه من المجمل واللسان.(3/185)
(شأي) الشين والهمزة والياء كلمةٌ من باب الإِبدال، على اختلافٍ فيها. قال قوم: شأيت مثل شأوت في السَّبْق؛ يقال منه شأى واشتأى. [قاله المفضّل](1) وأنشد:
فأيِّهْ بكِنْدِيرٍ حِمار ابنِ واقِع
رآكَ بِكِيرٍ فاشْتأَى من عُتَائِدِ(2)
وقال قوم: اشتأى: أشرفَ. والذي قاله المفضَّل أصوب وأقيَس.
(شأم) الشين والهمزة والميم أصلٌ واحد يدلُّ على الجانب اليَسار. من ذلك المشأمة، وهي خلاف الميمنة. والشَأم: أرضٌ عن مَشْأَمة القِبلة. يقال الشَّأمُ والشَّآم. ويقال رجل شآمٍ وامرأةٌ شآمِيَة. قال:
أُمِّي شآمِيَةً إِذْ لا عَرَاقَ لنا
قوماً نودُّهُمُ إِذْ قومُنا شُوسُ(3)
ورجل مشؤوم من الشُّؤم.
(باب الشين والباء وما يثلثهما)
(شبث) الشين والباء والثاء أُصَيلٌ يدل على تعلق الشيءِ بالشيء. من ذلك قولُهم تشبّثْت، أي تعلّقت. ومن ذلك الشَّبَثُ، وهي دويْبَّة من أحْناش الأرضِ، كأنها تشبَّثت بما مرَّت. والجمع شِبْثَانٌ. قال:
شبح - شبر
* مدارجُ شِبْثانٍ لهنَّ هميمُ(4) *
أي دبيب.
(شبح) الشين والباء والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على امتداد الشيء في عِرَض. من ذلك الشَّبَح، وهو الشَّخْص، سمِّي بذلك لأنَّ فيه امتداداً وعِرَضاً. والمشبوح: الرجلُ العُظَام. قال أبوذُؤَيبٍ الهذليّ:
* وذلك مشبوحُ الذِّراعينِ خلجمٌ(5) *
__________
(1) التكملة من المجمل. والكلام بعد يتطلبها.
(2) كير: جبل في أرض غطفان. وعتائد: ماء بالحجاز.
(3) البيت للمتلمس في ديوانه 5 مخطوطة الشنقيطي. أمي، أي اقصدي تلك الجهة الشآمية، يخاطب بذلك ناقته. وقد يكون فهم ابن فارس أن المتلمس عنى أن أمه شآمية، ولكني أجل قدره عن ذلك.
(4) لساعدة بن جؤية في اللسان (شبث) وديوانه 230، وسيأتي في (هم). وصدره:
* ترى أثره في صفحتيه كأنه *.
(5) صدر بيت لأبي ذؤيب في ديوانه 30. وعجزه: * خشوف إذا ما الحرب طال مرارها *.(3/186)
وشبَحْتُ الشيءَ: مددتُه. و[من] ذلك شَبْحُه ذراعَيه في الدُّعاء وغيرِهِ. ويقال للحرباء إِذا امتدَّ على العود: قد شَبَحَ.
(شبر) الشين والباء والراء أصلان: أحدهما بعض الأعضاء، والآخر الفَضْل والعطاء.
فالأول: الشِّبر: شِبر الإنسان، وهو مذكر، يقال: شَبَرْتُ الثّوبَ شَبراً. والشِّبر: الذي يُشبَر به. ويقال للرّجُل القصير المتقارِب الخلْق: هو قصير الشَّبر. والمَشَابِر: أنهارٌ تنخفض فيتأدَّى إليها الماء. وكأنَّها إِنما سمِّيت مشابِرَ لأنَّ عَرْضَها قليل.والأصل الثاني الشّبَرُ: الخير والفضل والعطاء. قال عديّ:
* لم أخُنْهُ والذي أَعطَى الشَّبَرْ(1) *
شبص - شبع
ويقال : أَشْبَرتُه بكذا، أي خَصَصْتُهُ. ورُويَ عن بعضهم أنَّه قال: الشَّبَر: شيء يعطيه النّصارى بعضُهم بعضاً على معنى القُربان(2). وليس هذا بشيء. وقياس الشَّبَر ما ذكرناه.
ومن الباب قولُهم: أعطاها شَبْرَها، وذلك في حقِّ النِّكاح إِذا أعطاها حقَّها. وجاء في الحديث أنَّه نهى عن شَبْر الجَمَل، وذلك كِراؤه والذي يُؤخَذ على ضرابه، وذلك كعَسْب الفحل. ويقال من الباب شُبِّرَ، إِذا عُظِّم.
(شبص) الشين والباء والصاد ليس بشيء. وحكى ابنُ دريدٍ(3): الشَّبَص الخُشونة. وليس هو بشيءٍ. قال: ويقال: تَشَبَّصَ الشجر: دخل بعضُهُ في بعضٍ(4).
__________
(1) قبله في اللسان (شبر): * إذا أتاني نبأ من منعمر *.
(2) ذكر هذا المعنى في القاموس، ولم يذكر في اللسان.
(3) الجمهرة (1: 291).
(4) زاد بعده في الجمهرة: "لغة يمانية"، وكذا في اللسان.(3/187)
(شبع) الشين والباء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على امتلاءٍ في أكل وغيره. من ذلك شَبِعَ الرجل شِبَعاً وشِبْعاً، ورجلٌ شبعانُ. ثمَّ اشتُقَّ من ذلك أشبعت الثّوبَ صِبْغاً. ويقال امرأة شَبْعَى الخَلخال، أي ممتلئة، وذلك مِنْ كَثْرَة لحمِ ساقها. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "المتشبِّع بما ليس عنده كلابسِ ثَوْبَيْ زُورٍ"، يريد المتكَثِّر بما ليس عنده، وهذا مَثَلٌ، كأنَّه أرادَ: يُظهر شِبَعاً وهو جائع، وذلك كما تقول العرب: "تَجَشَّأَ لُقْمَانُ من غير شِبَع". ومن الباب قولُهم: [ثوبٌ(1)] شَبِيع الغَزْلِ، أي كثيرُهُ.
شبق – شبك – شبل - شبم
ومما يجري مَجرى التّشبيه من هذا الباب: قولهم: شبِعت من هذا الأمر ورَوِيت، وذلك [إِذا] كرهتَه.
(شبق) الشين والباء والقاف كلمةٌ واحدة: الشَّبَق، وهو شهوة النِّكاح.
(شبك) الشين والباء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تداخلُ الشيء. يقال شبَّكَ أصابعَهُ تشبيكاً. ويقال: بين القوم شُبْكَةُ نَسَبٍ، أي مُداخَلة. ومن ذلك الشَّبَكة.
(شبل) الشين والباء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عطفٍ ووُدٍّ. يقال لكل عاطفٍ على شيء وادّ له: مُشْبِل. ومنه اشتقاق الشِّبْل، وهو ولد الأَسَد. لعطف أَبَوَيْه عليه. ويقال لبؤةٌ مُشْبِلٌ، إِذا كان معها أولادُها. وأشبلتِ المرأةُ، إِذا صَبَرتْ على أولادها فلم تتزوَّجْ. وقال الكميت:
* المُلَبْلِبُ والمُشْبِلُ(2) *
وحكي عن الكسائيّ: شَبَلْت في بني فلانٍ، إِذا نَشَأتَ فيهم. وقد شَبَل الغلامُ أحْسَنَ الشُّبول، إِذا أدْرَكَ. وهذا على السَّعة والمجاز، لأنَّه يُشبَل عليه أي يُعطَف.
__________
(1) التكملة من المجمل واللسان.
(2) جزء من بيت له في اللسان (لبب، شبل). وسيأتي في (لب). وهو بتمامه:
ومنا إذا حزبتك الأمور
عليك المبلب والمشبل(3/188)
(شبم) الشين والباء والميم كلمتان متباينتان جدّاً. إحداهما الشَّبَم: البَرْد، والشّبِم : البارد. والأخرى الشِّبَام: خشبة تُعَرَّضُ في *فم الجدْي لئَلا يرضع، ثمّ
شبه – شبو
يشبَّه بذلك فيقال الشِّبامان: خيطانِ في البرقع، تشدُّهما المرأةُ في
قفاها.
(شبه) الشين والباء والهاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تشابُه الشّيء وتشاكُلِهِ لوناً وَوَصْفاً. يقال شِبْه وشَبَه وشَبيه. والشّبَهُ(1) من الجواهر: الذي يشبه الذّهَب. والمُشَبِّهَات(2) من الأمور: المشكلات. واشتبه الأمرانِ، إذا أَشْكَلاَ.
ومما شذ عن ذلك الشّبَهَانُ(3).
(شبو) الشين والباء والحرف المعتل أصلان، أحدهما يدل على حَدٍّ وحِدّة، والآخر يدل على نَمَاءٍ(4) وفضلٍ وكرامة.
فالشّبَاةُ حَدُّ كلِّ شيء شَبَاتُهُ، والجمع الشّبَا والشَّبَوَات. والشَّبْوَةُ(5): اسم للعقرب، وإِنّما سمِّيت بذلك لِشَبَاةِ إِبْرَتها. قال:
* قد جَعلَتْ شَبْوَةُ تزبَئِرُّ(6) *
شتر – شتم
وذكر اللِّحياني أنَّ الجاريةَ الفحّاشة يقال لها شَبْوة. وإِنّما سمِّيت بذلك تشبيهاً لها بالعقرب.
والأصل الآخر الإشباء: الإكرام: يقال أتى فلانٌ فلاناً فأَشْبَاهُ، أي أكرمَه. ويقال أَشَبَيْتُ الرَّجُلَ، إِذا رفعتَه للمجد والشّرف. قال ذو الإصبع:
وهم مَنْ ولدوا أَشبَوْا
__________
(1) ويقال أيضاً الشبه بالكسر. وتحقيقه أنه ضرب من النحاس يلقى عليه مادة أخرى فيصفر ويشبه الذهب.
(2) وكذا في المجمل مع هذا الضبط. وفي اللسان "المشتبهات". وفي القاموس: "وأمور مشتبهة ومشبهة، كمعظمة: مشكلة". فهن ثلاث لغات.
(3) الشبهان: ضرب من العضاه أو من الرياحين.
(4) في الأصل: "ماء"، تحريف.
(5) في اللسان: "والنحويون يقولون: شبوة العقرب، معرفة لا تنصرف، ولا تدخلها الألف واللام".
(6) بعده في اللسان (شبا):
* تكسو استها لحماً وتقشعر *(3/189)
بسِرِّ النّسبِ المَحضِ(1)
والمُشْبِي: الذي يُولَد له ولدٌ ذكيٌّ، وقد أَشْبَى. وأَشْبَت الشَّجرةُ: طالت. ويقال أَشبَى فلاناً ولدُهُ، إِذا أَشْبهوه. وأنشدوا:
أنا ابنُ الذي لم يُخْزِنِي في حياته
قديماً ومن أشَبى أباه فما ظَلَمْ(2)
والله أعلم.
(باب الشين والتاء وما يثلثهما)
(شتر) الشين والتاء والراء يدلُّ على خرقٍ في شيء. من ذلك الشتَر في العين: انقلابٌ في جفنها الأسفل مع خرقٍ يكون. ويشتقُّ من ذلك قولهم: شَتَّر به، إِذا انتقصَه وعابَه ومزّقه.
(شتم) الشين والتاء والميم يدلُّ على كراهةٍ وبِغضة. من ذلك الأسد الشتيم، وهو الكريه الوَجه. وكذلك الحِمار الشتيم. واشتقاقُ الشتم منه، لأنَّه كلامٌ كريه.
شتو – شثن - شجذ
(شتو) الشين والتاء والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ لزمانٍ من الأزمنة، وهو الشِّتاء: خلافُ الصَّيف. وهي الشَّتْوة، بفتح الشين. والموضع المَشْتاة والمَشْتَى. قال طَرَفة:
نَحْنُ في المشتاةِ نَدعُو الجَفَلَى
لا تَرَى الآدِبَ فينا ينتقِرْ
وقال الخليل: الشِّتاء معروف، والواحد الشَّتوة. وهذا قياسٌ جيِّد، وهو مثل شَكوة وشِكاء. ويقال أشتى القوم، إِذا دخَلوا في الشتاء؛ وشَتَوا؛ إذا أصابهم الشِّتاء.
(باب الشين والثاء وما يثلثهما)
(شثن) الشين والثاء والنون. الشَّثْن: الغليظ الأصابع. وكلُّ ما غلُظ من عُضوٍ فهو شَثْن. وقد شَثُن وَشَثِن. والله أعلم.
(باب الشين والجيم وما يثلثهما)
(شجذ) الشين والجيم والذال كلمةٌ واحدة. يقال أشْجَذَت السماء، إِذا سَكَنَ مطرُها، قال امرؤُ القيس:
تُظهِرُ الوَدَّ إِذا ما أَشْجَذَتْ
وتُواريهِ إذا ما تَشْتكِرْ(3)
شجر
__________
(1) سبق الكلام على هذا البيت في مادة (سر) ص 70.
(2) في الأصل: "فقد ظلم"، وليس يقولها العرب.
(3) ديوان امرئ القيس 143 واللسان (شجذ، شكر).(3/190)
قال ابن دريد(1): "الوَدّ: جبلٌ معروف. وتشتكر: يشتدُّ مطرُها، من قولهم اشتكر الضَّرعُ، إِذا امتلأَ لَبَناً". وأَمَّا نُسختي مِن كتاب العين للخليل، ففيها أنَّ الشّين والجيم والذال مهمل، فلا أدرِي أهي سَقَطٌ في السَّماع، أم خفيت الكلمةُ على مؤلِّف الكتاب(2). والكلمة صحيحة(3).
(شجر) الشين والجيم والراء أصلان متداخلان، يقرُب بعضُهما من بعض، ولا يخلو معناهما من تداخُل الشيء بعضِه في بعض، ومن عُلُوٍّ في شيءٍ وارتفاع. وقد جمعنا بين فروع هذين البابين، لما ذكرناه من تداخُلِهما.
فالشَّجَر مَعروفٌ، الواحدةُ شَجرة، وهي لا تخلو من ارتفاعٍ وتداخُلِ أغصان. ووادٍ شَجِر(4): كثير الشجر. ويقال: هذه الأرضُ أَشجَرُ من غيرها، أي أكثر شَجَراً. والشَّجَر: كلُّ نبتٍ له ساقٌ. قال الله تعالى: { وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ } [الرحمن 6]. وشَجَرَ بين القوم الأمرُ، إِذا اختلف أو اختَلَفوا وتشاجَرُوا فيه، وسمِّيت مشاجرةً(5) لتداخُلِ كلامِهم بعضِه في بعض. واشتَجَروا: تنازَعوا. قال الله سبحانه وتعالى: { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } [النساء 65].
شجع
وأمَّا شَجْرُ الإنسان، فقال قوم: هو مَفْرَج الفم. وكان الأصمعيّ يقول: الشَّجْر الذَّقَنُ بعينه. والقولان عندنا متقاربان؛ لأنَّ اللَّحيين إِذا اجتمعا، فقد اشتجرا، كما ذكرناهُ من قياس الكلمة. ويقال اشتَجَرَ الرَّجُل، إذا وضع يده على شَجْرِهِ(6). قال:
إِنِّي أَرِقْتُ فَبِتُّ اللّيلَ مشتجِراً
__________
(1) الجمهرة (2: 72).
(2) في الأصل: "أعني سقط" الخ، والصواب ما أثبت. وفي المجمل: "فلا أدري أسقط من كتابي أم خفي على مؤلفه".
(3) زاد في المجمل: "لا شك فيها".
(4) المجمل: "شجير"، وكلاهما صحيح. اللسان (شجر 62).
(5) في الأصل: "مشاجرتهم".
(6) في الأصل: "شجرة"، تحريف.(3/191)
كأَنَّ عَيْنِيَ فيها الصَّابُ مذبوحُ(1)
ويقال: شجرتُ الشّيءَ، إِذا تدلّى فرفعتَه. والشَِّجار: خشب الهَوْدَج. والمعنيان جميعاً فيه موجودان، لأنّ ثمَّ ارتفاعاً وتداخُلاً. والمِشْجَر سمِّي مِشْجَراً لتداخُل بعضِهِ في بعض. وتشاجَرَ القومُ بالرِّماح: تطاعَنُوا بها. والأرض الشَّجْراء والشَّجِرةُ: الكثيرة الشجَر. قال ابنُ دريد: ولا يقال وادٍ شجراء.
(شجع) الشين والجيم والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على جُرأةٍ وإقدام، وربَّما كان هناك ببعض الطُّول، وهو بابٌ واحدٌ. من ذلك الرَّجُلُ الشجاع، وهو المِقدام، وجمعه شجْعةٌ(2) وشجَعاء. قال ابن دريد(3): "ولا تلتفت إلى قولهم شُجْعانٌ، فإنّه خطأ. قال أبو زيد: سمعت الكِلابيِّين يقولون: رجلٌ شُجاع، ولا يوصف به المرأة. هذا قول أبي زيد".
شجن
وحُدِّثْنا عن الخليل بإسنادِ الكتاب: رجلٌ شجاعٌ وامرأةٌ شُجاعة ونسوةٌ شُجاعات. وقد ذَكر أيضاً الشجعانَ في جمع شجاع. والشجاع: الحيَّة. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يجيءُ كَنْزُ أحدهم يومَ القيامة شُجاعاً أَقْرَعَ". فأمَّا الشَّجَع في الإِبل فقال قوم: هو سرعةُ نَقْلِ القوائمِ، ثم يقال جمل شَجِع وناقةٌ شجِعة. ويقال هو الطُّول، وأنشد:
فَرَكِبْناها على مَجهولها
بِصِلاب الأرضِ فيهنَّ شَجَع(4)
__________
(1) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، في ديوانه 104 واللسان (شجر).
(2) الشجعة، هذه بتثليث حركات الشين.
(3) الجمهرة (2: 96).
(4) البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكري، في المفضليات (1: 188)، واللسان (شجع).(3/192)
ويقال: إنَّ الشَّجَع الجُنون. وقال أهلُ اللغة: وهذا خطأ، ولو كانَ الشَّجع جُنوناً [ما(1)] وصفَ قوائمها. والشَّجِعة من النِّساء: الجريئة. واللّبُؤة الشجْعاء هي الجريئة، وكذلك الأسد أَشْجَع. فيقال إنَّ الأَشْجَعَ من الرِّجال: الذي كأَنَّ به جنوناً. والأشجع: العصب الممدود في الرِّجل فوق السُّلاَمَى.
(شجن) الشين والجيم والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اتّصال الشيء والتفافِهِ. من ذلك الشِّجْنة، وهي الشجَر الملتفّ. ويقال بيني وبينه شِجْنةُ رَحمٍ، يريد اتّصالَها والتفافَها. ويقال للحاجة الشجَن، وإِنّما سمِّيت بذلك لالتباسها وتعلُّق القلبِ بها؛ والجمع شجون. قال:
* والنّفس شتَّى شجونُها(2) *
والأشجان: جمع شجَن. قال:
شجو/ي - شجب
لي شَجَنانِ شَجَنٌ بنجدِ
وشجَنٌ لي ببلادِ الهِنْدِ(3)
والشواجن: أوديةٌ غامضة كثيرةُ الشجَر. وسمِّيت به لتشاجُنِ الشجَر. قال الطرمّاح:
كَظَهْرِ الّلأى لو تُبتَغَى رَيَّةٌ بِها
نَهاراً لعَيَّتْ في بطون الشَّواجِنِ(4)
(شجو/ي) الشين والجيم والحرف المعتل يدلُّ على شِدَّةٍ وصُعوبة، وأن يَنْشَب الشَّيءُ في ضيقٍ. من ذلك الشَّجْو: الحُزْن والهَمّ، يقال شجاه يشجوه. وشجاني الشيء، إِذا حَزَنَكَ(5). والشَّجَى: ما نَشِبَ في الحَلْقِ من غُصَّةِ هَمٍّ. ومفازةٌ شَجْواء: ضيّقة المسلك.
(شجب) الشين والجيم والباء كلمتان، تدلُّ إحداهما على تداخلٍ، والأخرى تدلُّ على ذَهابٍ وبُطلان.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) البيت بتمامه، كما في اللسان رواية عن ابن بري:
ذكرتك حيث استأمن الوحش والتقت
رفاق به والنفس شتى شجونها
(3) وكذا في اللسان (شجن). وفي الصحاح: "ببلاد السند".
(4) ديوان الطرماح 165 واللسان (شجن) برواية: "رية به". وسيأتي في (لأي).
(5) في الأصل: "حزنه".(3/193)
الأولى: قول العرب تشاجَبَ الأمر، إِذا اختلطَ ودخل بعضُهُ في بعض. قالوا: ومنه اشتقاق المِشجَب، وهي خشباتٌ متداخلة موثَّقة تُنصَب وتُنْشَر عليها الثِّياب. والشُّجُوب: أعمدةٌ من عَُمَُد البيت. قال:
* وهُنَّ معاً قِيَامٌ كالشُّجُوبِ(1) *
شحذ – شحر - شحص
ويقال ـ * وهو ذلك المعنى ـ إن الشجاب السِّداد، يقال شجبه بشجابٍ، أي سدَّه.
وأمّا الأصل الآخر فالشجِب، وهو الهالك. يقال قد شَجِب. وقال:
فَمَنْ يَكُ في قتلِهِ يمترى
فإنَّ أبا نوفل قد شجِبْ(2)
وربَّما سمَّوُا المحزون شَجِباً. ويقولون شجَبَه، إِذا حَزَنه. وشجبه الله، أي أهلكه الله. قال ابن السِّكِّيت: شَجَبَهُ يَشْجُبُهُ شَجْبَاً، إِذا شغله، وأصل الشَّجْب ما ذكرناه، وكلُّ ما بعدَه فمحمولٌ عليه.
(باب الشين والحاء وما يثلثهما)
(شحذ) الشين والحاء والذال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفَّة وحِدّة. من ذلك شَحَذْتُ الحديدَ، إذا حَدَّدتَه. ويقال إنَّ المشاحيذ رؤوس الجبال، وإِنّما سمِّيت بذلك للحِدَّة التي ذكرنَاها. ومن الخِفّة قولهم للجائع: شَحْذان. ويقال إنَّ الشحْذان الخفيف في سَعيه.
(شحر) الشين والحاء والراء ليس بشيء، وهو لعلّه اسم بلد(3).
(شحص) الشين والحاء والصاد كلمةٌ واحدة، يقال إنَّ الشحَص الشاةُ لا لبَنَ لها، ويقال هي التي لم يُنْزَ عليها قط. وفي كتاب الخليل: الشّحْصاء.
شحط – شحم - شحن
(شحط) الشين والحاء والطاء أصلان: أحدهما البُعد، والآخر اختلاطٌ في شيءٍ واضطراب.
فالأوّل: قولهم شَحَطَتِ الدّار تَشْحَطُ شَحْطَاً وشحوطاً، وهي شاحطة.
__________
(1) البيت لأبي رعاس الهذلي، أو أسامة بن الحارث الهذلي. انظر اللسان (شجب، هدن)، وملحق القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 110. وصدره:
* فسامونا الهدانة من قريب *
(2) نسب لعنترة في شرح الحماسة للمرزوقي 420.
(3) يعني (الشحر) بالكسر، وهو بلاد بين عدن وعمان.(3/194)
وأمّا الأصل الآخر فالشَّحْط، وهو الاضْطرابُ في الدَّمِ. ويُقال للولدِ إِذا اضْطربَ في السَّلى: هو يتشحط في دمه. ومنه اللّبن المشحوط، وهو الذي يُصَبُّ عليه الماء. ومن الباب: الشَّحْطَة: داءٌ يأخذ الإِبلَ لا تكاد أن تنجوَ منه. ومن الباب المِشحط: عُوَيدٌ يُوضَع عند قضيب الكرم يَقِيهِ الأرضَ.(1) وقال قوم: إنَّ الشَّحْطَ ذَرْقُ الطّير. وأنشدوا:
ومُلْبِدٍ بين مَوْماةٍ بِمَهْلَكَةٍ
جاوزتُهُ بِعَلاةِ الخَلْقِ عِلْيانِ(2)
كأنَّما الشحْط في أعلى حَمائره
سبائِب الرَّيْط من قَزٍّ وَكَتّانِ
فإن صح هذا فهو أيضاً من الاختلاط.
(شحم ) الشين والحاء والميم أصلٌ يدلُّ على جِنسٍ من اللّحم. من ذلك الشَّحْم، وهو معروف. وشَحْمة الأُذُنِ: مُعَلَّق القُرْطِ. ورجلٌ مُشْحِمٌ كثير الشَّحْم، وإن كان يحبُّه قيل شَحِم، وإن كان يطعمه أصحابَه قيل شاحم، فإن كان يبيعه قيل شَحَّام.
(شحن) الشين والحاء والنون أصلانِ متباينانِ، أحدُهما يدلُّ على المَلء، والآخر على البُعْدِ.
شحو/ي – شحب
فالأوّل قولهم: شَحَنْتُ السّفينةَ، إِذا مَلأتَها. ومن الباب أشحن فلان للبكاء، إِذا تَهيّأ لَهُ كأنَّه اجتمع له(3).
وأما الآخر فالشَّحْن الطَّرْد، يقال شَحَنَهم إِذا طَرَدَهم. ويقال للشّيءِ الشديد الحموضة: إِنَّهُ لَيَشْحَن الذِّبّانَ، أي يطردُها، ومن الباب الشَّحْناء، وهي العداوة. وعدُوٌّ مشاحِنٌ، أي مُباعِد. والعداوةُ تَبَاعُدٌ.
__________
(1) في الأصل: "يقيد الأرض"، تحريف. وفي المجمل: "يقيه من الأرض".
(2) البيتان في اللسان (بلد، علا، حمر)، وسبق إنشادهما في (بلد، حمر).
(3) في الأصل: "أجمع له".(3/195)
(شحو/ي) الشين والحاء والحرف المعتلّ يدلُّ على أصلٍ، وهو فَتْحُ الشَّيء. فالشَّحْوَة: ما بينَ الرِّجلين إِذَا خَطَا الإنسان. ويقال للفَرَسِ الواسع الخَطْو: وهو بعيدُ الشَّحْوة. وشَحَا الرَّجلُ فاه. وشَحا الفمُ نفسُه. ويصلح في مصدرهِ الشَّحْيُ والشَّحْو. ويقال شَحَى اللِّجامُ فمَ الفرسِ شَحْياً. ويقال جاءت الخيل شواحِيَ، أي فاتحاتٍ أفواهَها. قال:
* شاحِيَ لَحْيَيْ قَعْقُعانيِّ الصَّلَقْ(1) *
(شحب) الشين والحاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تغيُّر اللَّون، والمصدر منه الشُّحوب. يقال شَحَبَ وَشَحُب يَشْحَُب. ولونٌ شاحب. قال:
تقول ابنتي لمَّا رأتنيَ شاحباً
كأنّك فينا يا أَباتَ غَرِيبُ(2)
ويقال، حكاه الدريدي: شَحَبتُ الأرضَ: قشرتُها. فإِذا كانت الرواية صحيحةً فهو القياس.
شحج – شخر - شخز
(شحج) الشين والحاء والجيم أصلٌ يدلُّ على صوتٍ. من ذلك شَحَجَ الغراب يَشْحَج، وكذلك البغل. [والبغال] بَناتُ شاحج(3). ويقولون للحمار الوحشيّ مِشحج وشَحَّاج. والله أعلم بالصواب.
(باب الشين والخاء وما يثلثهما)
(شخر) الشين والخاء والراء. الأصل الصحيح يدلُّ على صوت. وقد حُكِيت فيه كلمةٌ أخرى إِنْ صحَّتْ.
فالأصل الشَّخير: تردُّدُ الصَّوت في الحَلْق. ويقال الشَّخير: رفْع الصوت بالنّخْر. وهذا مشهورٌ.
والكلمة الأخرى قولهم إنَّ الشَّخير ما تحاتَّ من الجَبَل، إِذا وَطِئَتْه الأقدام. قال الشاعر:
__________
(1) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 106 واللسان (قعع).
(2) البيت في اللسان (أبي 8، 10).
(3) التكملة قبله من المجمل. وفي المجمل: "بنات شحاج". وفي القاموس أيضاً: "والبغال بنات شحاج ككتان"، ولم تذكر في اللسان (شحج)، وذكرت في (بني 14: 93)، قال: "وبنات شحاج: البغال". أما ابن سيده فقد ذكر في باب البنات من المخصص (13: 212) "ابن السكيت: بنات شحاج البغال، وبنات صهال الخيل". وكذا في المزهر: (1: 525).(3/196)
بنُطفةِ بارقٍ في رأسِ نِيقٍ
مُنيفٍ دونَها منه شَخير(1)
(شخز) الشين والخاء والزاء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على عَنَاءٍ وأَذَىً. قالوا: الشَّخْز: المشقّة والعَناء. قال الراجز(2):
شخس – شخص - شخل
* إذا الأمور أُولِعَتْ بالشَّخْزِ *
ويقال إنَّ الشّخْز الطّعْن.
(شخس) الشين والخاء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على اعوجاج وزوالٍ عن نهج الاستقامة. من ذلك الأسنان المتشاخسة، وذلك أن يَميل بعضُها ويسقُطَ بعضُها، ويكون ذلك من الهَرَمِ. قال الطرِمّاح:
* وَشَاخَسَ فاه الدّهرُ حتَّى كأنَّه(3) *
ويقال ضربَه فتشاخَسَ، أي تمايل. وكلُّ متمايلٍ متشاخِس.
(شخص) الشين والخاء والصاد أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاع في شيء. من ذلك الشّخص، وهو سوادُ الإنسان إذا سما لكَ مِن بُعد. ثم يحمل على ذلك فيقال شَخَصَ من بلدٍ إلى بلد. وذلك قياسُهُ. ومنه أيضاً شُخُوص البَصَر. ويقال رجلٌ شَخِيصٌ وامرأةٌ شَخِيصة، أي جَسيمة. ومن الباب: أَشْخَصَ الرّامي، إذا جاز سَهْمُه الغرضَ من أعلاه، وهو سهمٌ شَاخِص. ويقال، إذا ورد عليه أمر أقلقه: شُخِص به(4)، وذلك أنَّه إِذا قَلِقَ نَبَا به مكانُهُ فارتفع.
(شخل) الشين والخاء واللام ليس بشيء، وحكيت فيه كلمةٌ ما أراها من كلام العرب، على أنّها في كلام الخليل، قال: الشَّخْل: الغلام يصادق الرّجُل.
شخم – شخب – شخت – شدف – شدق
(شخم) الشين والخاء والميم كلمةٌ تدلُّ عَلَى تغيّرٍ في شيء. من ذلك: أشخم اللّبن، إِذا تغيّرت رائحتُهُ. وشَخُِمَ الطَّعامُ: فَسَد(5).
__________
(1) البيت في اللسان (شخر).
(2) هو رؤبة بن العجاج. ديوانه 64، واللسان (شخر).
(3) عجزه في الديوان 370 واللسان (شخس، نمس، كرص):
* منمس ثيران الكريص الضوائن *
(4) في الأصل: "أشخص به"، صوابه من المجمل واللسان والقاموس.
(5) في الأصل : "فيه". صوابه من المجمل واللسان والقاموس.(3/197)
(شخب) الشين والخاء والباء أصيلٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ يجري ويسيل. من ذلك الشُّخْب، وهو ما امتدَّ من اللّبَن حين يُحلَب. وشخَبتْ أوداجُ القَتْلَى دماً.
(شخت) الشين والخاء والتاء كلمةٌ واحدة، وهو الشيء الشّخْت، وهو الدقيقُ من خشبٍ وغيره. وقال:
وهل تَسْتوِي المُرّانُ تَخْطِرُ في الوَغَى
وسَبعةُ عِيدانٍ من العوسج الشَّخْتِ
(باب الشين والدال وما يثلثهما)
(شدف) الشين والدال والفاء يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء. من ذلك الشَّدَف وهو الشَّخص، وقد قلنا إن الشَّخْصَ يدلُّ على سُمُوٍّ وارتفاع. وجمع الشَّدَف شُدوف. ومنه فرسٌ أشدفُ وشُنْدُفٌ. وناسٌ يقولون: الشَّدَف كالمَيل في أحد الشِّقَّيْن والصواب هو الأوّل، وهو أقْيَس. ويقال للقوس: الشَّدْفاءُ؛ لاعوجاجها.
(شدق) الشين والدال والقاف أصلٌ يدلُّ على انفراج في شيء. من ذلك الشِّدق للإنسان وغيره. والشَّدَق: سَعة الشِّدق. ورجلٌ أشدقُ، وخطيبٌ أشدَقُ. والأصل في ذلك شِدْقُ الوادي: عُرْضُه. ويقال نزلنا شِدْقَ العراق، أي ناحيتَه، وهو الشِّدْقُ(1).
شدن – شده – شدو – شدح - شدخ
(شدن) الشين والدال والنون أُصيل يدلُّ على صلاحٍ في جسم. يقال شَدَن الظبيُ يشدُن شدوناً، إذا صَلَحَ جسمه. ويقال للمُهْر أيضاً شَدَنَ. فإذا أفردْتَ الشادنَ فهو ولد الظّبْي. وظبيةٌ مُشْدِنٌ. فأمّا الشّدَنية فيقال إنّها المنسوبة إلى موضعٍ باليمن، قال عنترة:
هل تُبَلغَنِّي دارَها شَدَنِيَّةٌ
لُعِنَتْ بمحروم الشَّرَابِ مُصَرَّمِ(2)
(شده) الشين والدال والهاء كلمة من الإبدال. يقال شُدِهَ الرجل مثل دَُهِش.
__________
(1) أي يقال بفتح الشين أيضاً. وذكر في القاموس لغة ثالثة، وهي "الشديق".
(2) البيت في معلقته المشهورة.(3/198)
(شدو) الشين* والدال والحرف المعتلّ أصيلٌ يدلُّ على أخْذٍ بطَرَف من عِلم. من ذلك الشَّدْو، أنْ يحسِن الإِنسانُ من العلم أو غيره شيئاً. يقال يَشْدُو شيئاً من عِلْم. وقال بعضهم: كلُّ مَن عَلِم شيئاً واستدلَّ ببعضه على بعض فذلك الشَّدْو.
(شدح) الشين والدال والحاء ليس بشيء. وحُكي أنّ الشَّوْدَح: الطّوِيل من النُّوق. ويقال بل هي السَّريعة. وانشَدَحَ الرجل، إذا استلقَى على ظهره. وهذا ليس بشيءٍ، ولعلّه أن يكون انسدَح. وقد ذكرناه(1).
(شدخ) الشين والدال والخاء كلمةٌ تدلُّ على كسرِ شيءٍ أجوفَ. من ذلك شدخت الشيءَ شَدْخاً. والمُشَدَّخ: البسر يُغمَز حتى ينشدخ. ومن ذلك الغُرّة الشَّادِخة: التي تَغْشَى الوجهَ من أصل النّاصية إلى الأنف.
شذر - شذم
(باب الشين والذال وما يثلثهما)
(شذر) الشين والذال والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على تفرُّقِ شيءٍ وتميُّزِه. والآخَر على الوعيد والتسرُّع. من ذلك قولُ العرب: تفرّق القومُ شَذَر مذَر، إذا تبدَّدُوا في البلاد. ومنه الشُّذْرة: قطعة من ذَهَب.
وأمّا الأصل الآخَر فالتشذُّر، وهو كالنَّشاط والتسرُّع للأمر. وتشذَّرَ القومُ في الحرب: تطاوَلوا. وتشَذّرت النّاقة: حَرّكَتْ رأسَها فَرَحا. والتشذُّر: الوعيد؛ ومنه حديث سليمان بن صُرَد، أنَّه بلغه عن عليّ عليه السلام قولٌ "تَشَذَّرَ فيه(2)".
فأما قولهم إنّ التشذُّر الاستثفار بالثَّوب، فذلك من قياس الباب الذي ذكرناه، وكأنَّه وُصِف بالجِدّ في أمره فقيل تشذَّر. ومنه: أتَى فلان فرسَه فتشذَّره، أي ركِبه من ورائه.
(شذم) الشين والذال والميم ليس بشيء، وذكروا فيه كلمةً يقال إنّها من المقلوب. قالوا: الشَّيذمان الذي في قول الطرماح:
__________
(1) انظر ما سبق في (سدح).
(2) في اللسان: "بلغني عن أمير المؤمنين ذرء من قول، تشذر لي فيه بشتم وإيعاد، فسرت إليه جواداً. أي مسرعاً".(3/199)
* فَرَاها الشَّيذُمانُ عن الجَنِينِ(1) *
يقال إنّما هو الشَّيْمُذان.
شذي - شذب
(شذي) الشين والذال والحرف المعتل أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على الحَدّ والحِدّة. يقال إنّ فيه شَذَاةً، أي حِدّةً وجُرأة. وقال الخليل: يقال للجائع إذا اشتد جُوعه: ضَرِم شَذاهُ(2). والشَّذَى: الأذى والشّرّ. ويقال إنّ الشَّذَا ذُباب الكَلْب. والشَّذا: كِسَرُ العُود، وأحسَبُه سمِّي بذلك لحِدّة رائحته. قال الشّاعر:
إذا ما مشَت نَادَى بما في ثيابِها
رياحُ الشَّذا والمَنْدَليُّ المَطَّيرُ(3)
فأمّا الذي من السُّفُن يُعرف بالشَّذَا فما أُراه عربيّاً.
(شذب) الشين والذال والباء أصلٌ يدلُّ على تجريدِ شيءٍ من قِشره، ثم يُحمَل عليه. فالشَّذْب: قَشْر اللَّحم. وكلُّ شيءٍ نحَّيتَه عن شيءٍ فقد شَذَبته. ومن الباب: التَّشذيب: التقطيع. فأَمَّا الشوْذَب فمن هذا الباب أيضاً، وهو الطَّوِيلُ من كلِّ شيء، كأنّه في طوله مشذّب، أي مجرَّد؛ وإذا جُرِّد الشّيءُ من قِشرِه كانَ أظهَرَ لطُوله. وفرسٌ مشذّب: طويل، بمنْزلة الجذْع المشذّب.
شرز – شرس – شرص
(باب الشين والراء وما يثلثهما)
(شرز) الشين والراء والزّاء أصلٌ يدلُّ على خلافِ الخَير، في جميع فروعهِ: من هلاك، ومنازَعة وغير ذلك. ومن ذلك قول العرب للعدوّ: أَشْرزَه الله، أي أهلكَه. ورماه بِشَرْزةٍ، أي مَهلكة. ويقال إنَّ المشارَزة كالمصاحبة والمنازعة. والمشارِز: الرجل السيِّئ الخلُق، الشَّديد الخَلْق.
ومن الباب : أَشْرزت [الشيء(4)]، إِذا قطعتَه فلم تصلْه.
__________
(1) صدره في الديوان 179 واللسان (شذم):
* على حولاء يطفو السخد منها *
(2) في الأصل: "ضرم شذواه"، صوابه من اللسان.
(3) هو العجير السلولي، أو عمرو بن الإطنابة. اللسان (شذا، طير).
(4) التكملة من المجمل. وقبلها في الأصل: "شرزت"، صوابه من المجمل.(3/200)
(شرس) الشين والراء والسين أصلٌ قريبٌ من الذي قبله. من ذلك الشَّرْس: شِدّة الدَّعْكِ للشّيء. يقال شرَسْتُهُ شَرساً. والشَّريس: الشَّكِس الكثير الخِلاف(1). ويقال تَشَارَسَ القومُ، إِذا تَعَادَوا(2). ويقال إنَّ الشِّرْس نبتٌ بَشِع الطّعم. والأشرس: الرَّجُل الجريء على القتال. ويقال إن الشِّراس الرِّباق(3).
(شرص) الشين والراء والصاد ما أحسب فيه شيئاً * صحيحاً، لأنِّي لا أرى قياسَهَ مطّرِداً. على أنَّهم يقولون إن الشِّرْصَتَيْن(4): ناحيتا النّاصية مما رقَّ
شرط
فيه الشَّعَر. ويقال لكلِّ ضخمٍ رِخْو: شِرْواص(5). ويقال إنَّ الشَّرَص الغَلْظَ من الأرض.
(شرط) الشين والراء والطاء أصلٌ يدلُّ على عَلَمٍ وعلامة، وما قارب ذلك من عَلَم. من ذلك الشَّرَط العَلاَمة. وأشراط الساعة: علاماتُها. ومن ذلك الحديث حين ذكر أشراط الساعة، وهي علاماتها. وسمِّي الشُّرَط لأنّهم جعلوا لأنفسهم عَلامةً يُعرَفون بها. ويقولون: أَشرَطَ فلاَنٌ نفسَه للهَلكة، إِذا جعلَها عَلَمَاً للهلاك. ويقال أَشْرَطَ من إِبله وغنمه، إِذا أعدَّ منها شيئاً للبيع. قال الشاعر:(6)
فأَشْرَطَ فيها نفسَه وهو مُعْصِمٌ
وألقى بأسبابٍ له وتوكُّلا
__________
(1) ويقال: "شرس" و"أشرس" أيضاً.
(2) في الأصل:" تهادوا"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) كذا وردت الكلمة بضبطها في الأصل. فإن صحت كانت جمع ربق، بالكسر، وهو الحبل والحلقة يشد بها الغنم الصغار.
(4) في الأصل:" الصرشصتين"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) ذكرت في القاموس، ولم تذكر في اللسان.
(6) هو أوس بن حجر. ديوانه 21 واللسان (شرط، عصم).(3/201)
ومن الباب شَرْط الحاجم، وهو معلومٌ، لأنَّ ذلك علامةٌ وأَثَر. ويقال إنَّ أشراطَ السّاعة أوائِلُها. ومن الباب الشّريط، وهو خَيط يُرْبَق به البَهْم. وإِنّما سمِّي بذلك لأنَّها إذا رُبِطَتْ به صار لذلك أَثَر. ومن الباب الشَّرَط، وهو المَسِيل الصَّغير يجيء من قدر عشر أذرع، وسمِّي بذلك لأنَّه أثّر في الأرض كَشَرْط الحاجم.
ومن الباب الشَّرَطانِ : نجمانِ يقال إنَّهما قرنا الحَمَل، وهما مَعْلَمانِ مُشْتَهِران. ويقال جملٌ شِرواطٌ، أي ضَخْم. وإِنّما سُمِّيَ شِرواطاً لأنَّه إِذا كان مع إِبل تبيَّن كأنَّه عَلَم. قال حسّانٌ:
شرط
في نَدَامَى بيضِ الوجوهِ كرامٍ
نُبِّهُوا بعد هَجْعَةِ الأَشراطِ(1)
ففيه أقوال: قال قوم: أراد به الشّرَطينِ والثالثَ بين يديهما، ويكون على هذا قول من سمّى الثلاثة أشراطاً(2). قال العجاج:
* من باكِرِ الأشراطِ أشْرَاطِيُّ(3) *
وقال قوم: أراد بالأشراط الحَرَس. ويقال: الأشراط سِفْلة القوم. قال الشاعر:
أشاريط من أَشْراطِ أشراطِ طَيِّئٍ
وكانَ أبوهُم أَشْرَطاً وابنَ أَشْرَطا(4)
ومن ذلك شَرَط المِعْزَى، وهي رُذَالُها، في قول جرير:
ترى شَرَطَ المِعْزَى مُهورَ نسائِهمْ
وفي شَرَط المِعزَى لهُنَّ مُهورُ(5)
__________
(1) ديوان حسان 235 واللسان (شرط). وفي الديوان: "خفقة الأشراط".
(2) في المجمل: "وعلى ذلك تأويل من يسمي تلك الثلاثة أشراطاً".
(3) ديوان العجاج 69 واللسان (شرط).
(4) أنشده في اللسان (شرط).
(5) ديوان جرير 266 واللسان (شرط).(3/202)
وقال قوم: اشتقاق الشُّرَط من هذا لأنَّهم رُذَال. وقال آخرون: إِنَّما سُمُّوا شرَطاً لأنَّهم جَعَلوا لأنفسهم علامةً يُعرَفون بها، فأمَّا الشَّرَط التي هي الرُّذَال فإنّ وجهَ القياس فيها أنَّها تُشْرَط، أي تقدّم أبداً للنّوائب قبل الجُبار، فهي كالذي قُلْنَاهُ في قوله: "فأشرط فيها نَفْسَه"، أي جعلها عَلَماً للهلاك.
شرع
(شرع) الشين والراء والعين أصلٌ واحدٌ، وهو شيءٌ يُفتَح في امتدادٍ يكون فيه. من ذلك الشّريعة، وهي مورد الشَّارِبة الماء. واشتُقّ من ذلك الشِّرْعة في الدِّين، والشَّريعة. قال الله تعالى: { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجَاً }
[المائدة 48]، وقال سبحانه: { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ }
[الجاثية 18]. وقال الشَّاعر في شريعة الماء:
ولمَّا رأتْ أنَّ الشَّرِيعة همُّها
وأنَّ البياضَ من فرائِصها دامِي(1)
ومن الباب: أشرعت الرُّمَح نحوه إشراعاً. ورَّبما قالوا في هذا شَرَعْت. والإبْل الشُّرُوع: التي شَرَعَت ورَوِيَت. ويُقال أشرعْتُ طريقاً، إِذا أنفذتَه وفتحتَه، وشرعت أيضاً. وحِيتانٌ شُرَّع: تَخفِض رؤوسَها تشرب(2). وشَرَعْت الإِبلَ، إِذا أمكنتَها من الشّريعة. هذا هو الأصل ثم حُمِل عليه كلُّ شيءٍ يُمدُّ في رفعةٍ وغير رفعة. من ذلك الشِّرَع، وهي الأوتار، واحدتها شِرْعة، والشراع جمع الجمع. قال الشاعر:
* كما ازدهرت قَينةٌ بالشِّراع(3) *
ومن ذلك شِرَاع السَّفينة، وهو ممدودٌ في علوٍّ، وشُبّه بذلك عنقُ البعير
شرف
__________
(1) البيت لامرئ القيس، وليس في ديوانه، هو في معجم البلدان، في رسم (ضارج) مع قصة تتعلق به.
(2) في المجمل: "والحيتان الشرع: الرافعة رؤوسها، ويقال بل الخافضة".
(3) سبقت قطعة منه في (زهر)، وتمام إنشاده في الحواشي.(3/203)
فقيل شرَعَ البعيرُ عنقَه. وقد مَدَّ شِراعَه إذا رفَعَ عُنقَه. وقيل في التَّفسير في قوله تعالى: { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً } [الأعراف 163]: إِنّها الرافعةُ رؤوسَها، ومنه قولهم: رُمْحٌ شُرَاعيٌّ، أي طويل، في قول الهُذَليّ(1). ومن الفتح الذي ذكرناه أوّلاً روايةُ ابنِ السِّكّيت: شرعت الإهاب، إِذا شقَقتَ ما بين رِجلَيه.
(شرف) الشين والراء والفاء أصلٌ يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. فالشَّرَف: *العُلُّوّ. والشريف(2): الرجل العالي. ورجلٌ شريفٌ من قوم أشراف، يقال إِنَّه جمعٌ نادر، كحبيب وأحباب، ويتيم وأيتام. ويقال للذي غَلَبَهُ غيرُه بالشَّرَف مشروف. ويقال استشرفتُ الشّيءَ، إِذا رفعتَ بصرك تنظرُ إليه. ويقال للأنوف الأشراف، الواحدُ شرف. والمَشْرَف(3): المكان تُشرِف عليه وتعلوه. ومشارف الأرض: أعاليها. والمشرفيّة: منسوبة إلى مَشَارف الشام. ويقال إنَّ الشُّرْفَة: خِيار المال، واشتقاقه من الشُّرْفة التي تُشَرَّفُ بها القصور، والجمع شُرَف. والمُستشرِف من الخيل: العظيم الطَّويل. قال الخليل: سهمٌ شارف: دقيق طويل، وأُذُنٌ شَرْفاءُ: طويلةُ القُوف(4). ومَنْكِبٌ أشرفُ:عالٍ. فأَمَّا النّاقة الشَّارفُ فهي المُسِنَّة الهَرِمَة من الإِبل، وهذا ممكنٌ أن يكون من العلوّ في السّنّ. وذُكِر عن الخليل أنَّ
شرق
__________
(1) هو قول ساعدة بن جُؤَيَّة:
أنحى عليها شُرَاعيَّاً فغادرها
لدى المزاحِفِ تلَّى في نضوخ دمِ
(2) في الأصل: "والشرف"، صوابه في المجمل.
(3) ضبطت في اللسان بضم الميم، من أشرف. وضبطت في المجمل بفتحها.
(4) قوف الأذن، بضم القاف، أعلاها، أو مستدار سمها. وفي الأصل: "الفوق"، تحريف. وفي المجمل: "طويلة" فقط.(3/204)
السَّهْم الشارف من هذا، وهو الذي طال [عهدُهُ] بالصِّيان(1) فانتكث عَقَبُهُ وريشُهُ. قال أوس:
يُقلِّبُ سَهماً راشَهُ بمناكِبٍ
ظُهَارٍ لُؤامٍ فهو أعجفُ شارفُ(2)
ويزعمون أن شُرَيْفَاً أطولُ جَبَلٍ في الأرض.
(شرق) الشين والراء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إضاءةٍ وفتحٍ. من ذلك شَرَقَت الشّمسُ، إذا طلعت. وأشرقت، إذا أضاءت. والشُّرُوق: طُلوعها. ويقولون: لا أفعل ذلك ما ذرَّ شارقٌ، أي طَلَعَ، يُرَاد بذلك طُلُوع الشمس. وأيّام التَّشْريق سمِّيت بذلك لأنَّ لحوم الأضاحِي تُشرَّق فيها للشَّمس. وناسٌ يقولون: سمِّيت بذلك لقولهم: "أشرِقْ ثَبِير، لكيما نُغير". والمَشْرِقَانِ: مَشْرِقَا الصَّيفِ والشِّتاء. والشَّرْق: المَشْرِق. وقال قوم: إنَّ اللحمَ الأحمرَ يُسمَّى شَرْقاً. فإنْ كان صحيحاً فلأنَّه من حُمرته كأنه مُشْرِق.
ومن قياس هذا الباب: الشّاةُ الشّرقاء: المشقوقة الأُذُن، وهو من الفَتح الذي وصفناه.
ومما شذَّ عن هذا الباب قولهم: شَرِقَ بالماء، إِذا غَصَّ به شَرَقَاً. قال عديّ:
لو بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ
كنتُ كالغَصَّانِ بالماء اعتصارِي(3)
شرك - شرم
(شرك) الشين والراء والكاف أصلانِ، أحدُهما يدلُّ على مقارنَة وخِلاَفِ انفراد، والآخر يدلُّ على امتدادٍ واستقامة.
__________
(1) الصيان والصيانة والصون والحفظ بمعنى. وفي الأصل: "بالصبيان"، صوابه في المجمل. وفي اللسان:
(11: 74): "بالصيانة". وكلمة "عهده" من المجمل.
(2) ديوان أوس بن حجر 16 واللسان (شرف).
(3) اللسان (عصر، شرق)، والحيوان ( 5: 138، 593)، والأغاني (2: 24).(3/205)
فالأول الشِّرْكة، وهو أن يكون الشيءُ بين اثنين لا ينفردُ به أحدهما. ويقال شاركتُ فلاناً في الشيء، إذا صِرْتَ شريكه. وأشركْتُ فلاناً، إذا جعلتَه شريكاً لك. قال الله جلَّ ثناؤهُ في قِصَّةِ موسى: { وَأَشْرِكْهُ في أَمْرِي }
[طه 32]. ويقال في الدُّعاء: اللهم أشرِكْنا في دعاء المؤمنين، أي اجعلنا لهم شركاءَ في ذلك، وشَرِكتُ الرَّجُلَ في الأمرِ أشْرَكُه.
وأمّا الأصل الآخر فالشرَك: لَقَم الطّريق، وهو شِرَاكُه أيضاً. وشِرَاك النَّعْل مشبَّه بهذا. ومنه شَرَكُ الصّائِدِ، سمِّي بذلك لامتداده.
(شرم) الشين والراء والميم أصلٌ واحدٌ لا يُخْلف، وهو يدلُّ على خَرْقٍ في الشيء ومَزْق. من ذلك قولُهم: تشرّم الشيء، إذا تمزّق. ومنه الحديث: "أَنَّهُ أُتِيَ بِمُصْحَفٍ قد تَشَرَّمتْ حواشيه". ومن الباب الشّرِيم، وهي المرأة المُفْضاة. والشَّرْم: قَطْعٌ من الأرنبة، وقَطْعٌ من ثَفْر النَّاقة(1). والشَّارم: السهم الذي يَشرِمُ جانبَ الغَرَض. ويقال شَرَم له من ماله، إِذا قَطَع له من ماله قطعةً قليلة. والشَّرْم يقال إِنّه لُجَّة في البحر. وسَمِعت مَن يقول إِن الشَّرْمَ كالخَرْق في جانب البحر، كالمدخَل إلى البحر. وهذا أقيَسُ من القول الأوّل. قال:
تَمنّيتُ مِنْ حُبِّي بُثينَة أنّنا
على رَمَثٍ في الشَّرْمِ ليس لنا وَفْرُ(2)
شري
ويقال عُشْب شَرْمٌ، إِذا شُرِمَ أعلاه، أي أُكِل.
(شري) الشين والراء والحرف المعتل أصولٌ ثلاثة: أحدها يدلُّ على تعارضٍ من الاثنين في أمرين أخذاً وإِعطاءً مُمَاثَلةً، والآخر نبتٌ، و*الثالث هَيْجٌ في الشيء وعلُوّ.
__________
(1) في الأصل: "من فقر الناقة"، تحريف. وفي المجمل: "قطع الأرنبة وثفر الناقة".
(2) البيت لأبي صخر الهذلي من قصيدة في بقية أشعار الهذليين 93، وأمالي القالي (1: 148). ويروى: "على رمث في البحر".(3/206)
فالأوّل قولهم: شَرَيت الشيء واشتريتُه، إِذا أخذتَه من صاحبه بثَمنه. وربما قالوا: شَريتُ: إِذا بعتَ. قال الله تعالى: { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ } [يوسف
20]. ومما يدلُّ على المماثلة قولهم: هذا شَرْوَى هذا، أي مِثْلُهُ. وفُلاَنٌ شَروَى فلانٍ. ومنه حديث شريح في قوسٍ كَسَرَها رجلٌ لرجُل فقال شُريح: "شَرواها" أي مثلُها. وأشراء الشيء: نواحيه، الواحد شَرىً، وسمِّي بذلك لأنَّه كالنّاحية الأخرى. والشِّرَى مقصور، يقال شَرَى الشيءَ شِرىً. وأمَّا النَّبْت فالشّرْيُ، يقال إِنّه الحنظل. ويقولون الشَّرْية: النَّخْلة التي تنبُت من النَّواة. قال رُؤبة:
* وشرية في قرية *
والشَّرَى : موضع كثير الدّغَل والأُسْدِ. قال:
أسودُ شَرَى لاقت أُسودَ خفِيَّةٍ
تَسَاقَوْا على حَرْدٍ دِماءَ الأساوِدِ(1)
والشِّريان من شجر القِسِيّ.
والأصل الثالث: قولهم شَرِيَ الرّجلُ شَرَىً، إِذا استُطِيرَ غَضَبَاً، ويقال شَرِيَ البعيرُ في سيرهِ شَرىً، إِذا أسرع. وشَرِي البرقُ، إِذا استطار. قال الشاعر:
شرب
أصاحِ تَرَى البرقَ لم يغتمضْ
يموتُ فُواقاً ويَشْرَى فُواقا(2)
ويقال استشرى الرجُل، إِذا لجَّ في الأمر. ويقال شَرِي زِمامُ النّاقة يَشْرى شَرىً، إِذا كثُر اضطرابُهُ. ويقولون: "كلُّ مُجْرٍ في الخَلاءِ يَشْرَى"(3).
__________
(1) هو الأشهب بن رميلة، كما في البيان (2: 242)، والكامل 33، 348 والعقد (1: 53)، واللسان (حرد). وانظر الحيوان (4: 245).
(2) البيت في اللسان (شرى).
(3) المعروف: "كل مجر في الخلاء يسر". انظر الحيوان (1: 88/ 4: 207).(3/207)
(شرب) الشين والراء والباء أصلٌ واحد منقاسٌ مطّرد، وهو الشُّرب المعروف، ثمّ يُحمل عليه ما يقاربُه مجازاً وتشبيهاً. تقول: شربت الماءَ أشرَبُهُ شَرْباً، وهو المصدر. والشُّرْب الاسم. والشَّرب: القوم الذين يَشْرَبون. والشِّرب: الحظُّ من الماء. قال الشاعر(1) في الشَّرْب:
فقلتُ للشَّرب في درنا وقد ثَمِلُوا
شِيمُوا وكيف يَشِيم الشارب الثملُ
والشَّرَبَة: ماءٌ يجمع حول النَّخلة يكون منها شُربها، والجمع شَرَبٌ. والمَشْرَبة: الموضع الذي يَشْرب منه النّاس، وفي الحديث: "ملعونٌ من أَحاطَ على مَشْرَبةٍ". والمَشْرَب: الوجه الذي يُشرب منه، ويكون موضعاً ويكون مصدراً. والشَّريب: الذي يُشارِبُكَ. ويقال أَشْرَبتَنِي ما لم أَشْرَبْ، أي ادَّعيتَ عليَّ شُربَه، وهذا مَثَلٌ، وذلك إِذا ادَّعَى عليه ما لم يفعَلْه. وماء شَروبٌ وشَريبٌ، إذا صلَح أن يُشْرَبَ وفيه بعضُ الكراهة. والإشراب: لونٌ قد أُشْرِبَ من لَون، يقال: [فيه(2)] شُرْبَةُ حُمْرةٍ. ويقال أُشْرِبَ فلانٌ حبَّ فلانٍ، إِذا خالطَ قلبه. قال
شرث - شرج
__________
(1) هو الأعشى، ديوانه 43، وشرح القصائد العشر للتبريزي 283، وقد سبق في (شيم).
(2) التكملة من المجمل. وفي اللسان (1: 473): "وفيه شربة من حمرة، أي إشراب".(3/208)
الله جلَّ ثناؤه: { وَأُشْرِبُوا في قُلُوبِهِمُ العِجْلَ } [البقرة 93]، قال المفسرون حُبَّ العِجْل. قال الشيباني: الشَّرْب الفَهْم، يقال شَربَ يَشْرُب شَرْباً، إِذا فَهِم. ويقال اسْمَع ثم اشْرُبْ(1). والشاربة: القوم يكونون على ضَفّةِ نهر، ولهم ماؤُه. وشارب الإنسان معروف، ويجمع على شواربَ. والشَّوارب أيضاً: عروقٌ مُحدقةٌ بالحُلْقوم. وحمارٌ صَخِب الشَّوارب من هذا، إِذا كان شديدَ النَّهيقِ. والشارب في السيف(2).
وأمّا اشرأبَّ فليس ببعيدٍ أن يكون من هذا القياس كأنّه كالمتهيِّئ للشُّرب، فيمدُّ عنقَه له. ثم يقاس على ذلك فيقال اشرأبّ لينظر شُرَأْبِيبَةً. وإنمّا زيدت الهمزةُ فرقاً بين المعنيين. وشَرَبَّةُ: مكان.
(شرث) الشين والراء والثاء أصلٌ واحدٌ، وهو الشَّرَث، وهو غِلظ الأصابع والكَفّيْن.
(شرج) الشين والراء والجيم أصلٌ منقاس يدُلُّ على اختلاطٍ ومُداخَلة. من ذلك الشَّرَجُ وهي العُرَى، سُمِّيت بذلك لأنّها تتداخل. ويقال شَرَجْتُ اللَّبنَ ، إِذا نضَدْته. ويقال شَرَّجْتُ الشرابَ، إِذا مَزَجْتَه. ويقال: إنَّ الشَّريجة القوسُ يكون عودُها لونَين. ويقال تَشَرَّجَ اللّحمُ باللّحمِ، إِذا تداخَلاَ. هذا هو الأصل. قولهم: أصبَحَ الناسُ في هذا الأمر شَرْجَيْنِ، فيُظَنُّ أنّهم أصبحوا فِرْقَين. وهذا كذا يقال، وهو يرجع إلى المعنى الذي ذكرناه؛ لأنهم إذا اختلفوا اختلَطَ * الرّأيُ والكلامُ وصارت مراجعاتٌ، كما قال زُهير:
شرح – شرخ - شرد
رَدَّ القِيانُ جِمَالَ الحيِّ فاحتملوا
إلى الظهيرة أمرٌ بينَهمْ لَبِكُ(3)
__________
(1) في اللسان: "ويقال للبليد: احلب ثم اشرب، أي ابرك ثم افهم. وحلب، إذا برك".
(2) في اللسان: "الشاربان في السيف أسفل القائم، أنفان طويلان، أحدهما من هذا الجانب والآخر من هذا الجانب".
(3) ديوان زهير 164 واللسان (لبك). واللبك: المختلط.(3/209)
وأمّا شَرَج الوادي فمنفَسَحُه، والجمع أشراج.
(شرح) الشين والراء والحاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الفتح والبيان. من ذلك شرحت الكلام وغيرَهُ شَرْحاً، إِذا بيَّنتَه. واشتقاقهُ من تشريح اللحم.
(شرخ) الشين والراء والخاء أصلان: أحدهما رَيْعان الشيء، وذلك يكون في النّتاج في غالب الأمر. والآخَر يدلُّ على تساوٍ في شيئين متقابلين.
فالأوّل شَرخ الشّباب: أوّلُه ورَيْعانه. وشَرخُ كلِّ سنةٍ: نِتاجها من أولاد الأنعام. وقد شَرَخَ نابُ البعيرِ، إذا شقَّ البَضْعة وخرج. وقال الشاعر(1):
إنَّ شَرخَ الشَّبابِ والشَّعَرَ الأسـ
ـودَ ما لم يُعَاصَ كان جُنونا
والأصل الآخر: الشَّرْخانِ، يقال لآخِرةِ الرّحْل وواسطتِه شَرخانِ. وَشَرْخَتَا السَّهمِ: زَنَمَتَا فُوقِه(2)، و[هو(3)] موضِعُ الوتر بينهما.
(شرد) الشين والراء والدال أصلٌ واحدٌ، وهو يدلُّ على تنفيرٍ وإِبعاد، وعلى نِفَارٍ وبُعدٍ، في انتشار. وقد يقال للواحد(4). من ذلك شَرَد البعيرُ شُرودا. وشَرّدْتُ الإبلَ تشريداً أُشرِّدُهَا. ومنه قوله جلَّ ثناؤه: { فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ } [الأنفال 57]، يريد نكِّل بهم وسَمِّع. وهو ذلك المعنى، أنَّ المُذْنِب إذا أَذْنَبَ
شزغ – شزن – شزب
وعُوقِبَ عليه، فقد شُرِّدَ بتلك العقوبة غيرُهُ، لأنَّه يحذرُ مثلَ ما وقع بالمذْنِبِ فَيَشْرُد عن الذَّنْبِ وَينْكُلُ. والله أعلم.
(باب الشين والزاء وما يثلثهما)
(شزغ) الشين والزاء والغين ليس بشيء. ويقولون إنَّ الشِّزْغ الضِّفْدَع. وهذا ممّا لا معنَى له.
__________
(1) هو حسان بن ثابت. ديوانه 413 واللسان (شرخ)، والحيوان: (3: 108 / 6: 244).
(2) في الأصل: "وشرختا السهم زينا فوقه". صوابه من المجمل، ونحوه في اللسان.
(3) التكملة من المجمل.
(4) كذا وردت هذه الجملة، وأراها مقحمة.(3/210)
(شزن) الشين والزاء والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتدادٍ في شيء، من ذلك قولهم للأرض الغليظة شَزَنٌ(1). ويقولون: تَشَزَّنَ الشَّيء، إِذا امتدَّ. فأمَّا قولهم نَزَلَ شَُزَُناً من الدار، أي ناحيةً، فهو قريبٌ من الذي ذكرناه. قال ابن أحمر:
* فلا يَرمين عَنْ شُزُنٍ حَزِينَا(2) *
ويقولون إن الشَّزَنَ الإِعياء من الحَفَا(3)، وذلك ممّا يشتدُّ على الإنسان.
(شزب) الشين والزاء والباء ليس بأصلٍ، لأنَّه من باب الإِبدال. ويقال للشيء إذا يَبِس: شَزَب، والزاء مبدلةٌ من السين، وقد ذُكِرَ في موضعه. وربّما قالوا: مكان شازِبٌ، أي جافٍ(4) صُلب.
شزر - شسع – شسف
(شزر) الشين والزاء والراء أصلٌ صحيحٌ مُنْقَاس، يدلُّ على انفتالٍ(5) في الشيء عن الطريقة المستقيمة. من ذلك قولُهم: نظر إليه شَزْرَاً، إِذا نظر بِمُؤْخِر عينهِ متبغِّضاً. والطَّعنُ الشَّزْر: الذي ليس بِسَحِيج الطّريقة. والحبل المَشْزُور: المفتول مما يلي اليَسار.
فأَمّا أبو عبيد فقال: طَحَنَ بالرَّحَى شَزْراً، إذا ذَهَبَ بيدِهِ عن يمينه، وَبَتّا(6)؛ إذا ذهب عن شِماله.
(باب الشين والسين وما يثلثهما )
__________
(1) في الأصل: "شُزْن وشَزْن"، بضم الشين في الأولى وفتحها في الثانية مع إسكان الزّاي فيهما. ولم أجد لذلك سنداً. وأثبت ما في المجمل واللسان والقاموس وسائر المعاجم المتداولة.
(2) صدره في اللسان (شزن) ومجالس ثعلب (262): * ألا ليت المنازل قد بلينا *
... وفي الأصل: "من شزن"، صوابه في المجمل والمرجعين السالفين.
(3) في الأصل: "من الجفاء"، صوابه من المجمل واللسان. وفي اللسان: "شزنت الإبل شزناً: عيت من الحفاء".
(4) كذا ورد ضبطه في الأصل. والجفوة من لوازم اليبس أيضاً. ويصح أن تقرأ من الجفوف.
(5) الانفتال: الانصراف. وفي الأصل: "القتال"، تحريف.
(6) في الأصل: "تبا"، صوابه بتقديم الباء كما في المجمل واللسان (بتت).(3/211)
(شسع) الشين والسين والعين يدلُّ على أمرين: الأَوَّلَ قلّةٌ والآخرَ بُعد.
فالأوّلُ: قولُ العربِ: له شسْعٌ من المال، أي قليل. ولعل شِسْعَ النَّعل من ذلك، لقلَّته. يقال شَسَّعْتُ النَّعلَ.
والآخَر: الشاسع: البعيد. وَقَدْ شَسَعت الدّارُ. وذكر ابن دريد كلمةً إن صحَّتْ فهو من القياس. قال: يقال شَسِعَ [الفرس(1)]، إِذا كان بين ثناياه انفراج.
(شسف) الشين والسين والفاء يدلُّ على قَحَل ويُبْس. يقال للشيء القاحل شاسف، وقد شَسَفَ يَشْسِف. ولحم شسيفٌ: قد كادَ يَيْبَس.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوله شين)
(شسب) الشين والسين والباء هو من الذي قبله. يقال شَسِبَتِ القَوس، إذا قُطِعت حتَّى يذبُل قضيبها.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوله شين)
فأوَّلُ ذلك: (الشَّرْجَب)، وهو الطّويل. فالراء فيه زائدةٌ، وقد قلنا إنَّ الشُّجوب أعمِدة البُيوت، فالطويل * مشبَّه بذلك العمودِ الطويل.
ومنه (الشَّوْقَب) والواو زائدة، وقد مضى ذكره.
ومن ذلك قولهم: (شَبْرَقْتُ) اللّحمَ، إِذا قَطّعته، فالقاف منه زائدة، كأنّك قَطّعتَه شِبراً شِبرا. وشَبْرَقْتُ الثّوبَ، إِذا مَزّقتَه.
ومن ذلك (الشَّفَلَّحُ): العظيم الشّفتين. وهذا ممّا يزيدون فيه للتقبيح والتّهويل. وإلاَّ فالأصل الشَّفَة، كما يقولون: الطِّرِمَّاح، وإِنّما هو من طرح، وقد ذكرنا مِثْله.
ومن ذلك (الشُّمْرُج): الرَّقيق من الثِّياب وغَيره في قول القائل(2):
* غَداةَ الشّمالِ الشُّمرُجُ المتنصَّحُ(3) *
فهذا مما زِيدت فيه الرّاء. وقد قلنا إِنّهم يقولون: شَمَجَ الثّوبَ، إِذا خاطَ خياطةً متباعدة. فهذا إذا رقَّ فكأنَّ سِلكَه يتباعد بعضُه عن بعض.
__________
(1) التكملة من المجمل وجمهرة ابن دريد (3: 23).
(2) هو ابن مقبل: كما في ديوانه 36 واللسان والصحاح (شمرج)، واللسان والتاج (نصح).
(3) صدره:
* ويرعد إرعاد الهجين أضاعه *.(3/212)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوله شين)
ومن ذلك (الشَّرَنْبث): الغليظ الكفَّين. والأصل الشَّرَثُ، وهو غِلظ الأصابعِ والكَفّينِ، وزيدت فيه الزِّيادات للتقبيح.
ومن ذلك (الشَّماريخ): رؤوس الجِبال، فالراء فيه زائدة، وإِنّما هو من شَمَخ، إِذا عَلا.
ومن ذلك (الشَّناعِيف)، الواحد شِنْعَاف، وهي رؤوسٌ تخرُج من الجبل. وهذا منحوتٌ من كلمتين، من شعَف ونعَف. فأمَّا الشَّعَفة فرأسُ الجبل، والنَّعْف: ما ينسدُّ بين الجبلين، وقد ذكر في النون.
ومن ذلك (الشُّرْسُوف)، والجمع الشَّراسِيف، وهي مَقَاطُّ الأضلاع حيث يكون الغُضْرُوف الدَّقيق. فالرَّاء في ذلك زائدة، وإِنّما هو شسف، وقد مرَّ.
ومن ذلك (الشِّرْذِمة)، وهي القليل من الناس، فالذّال زائدة، وإِنّما هي من شَرَمْتُ الشَّيء، إذا مَزَّقْتَه، فكأنَّها طائفةٌ انمزَقَت وانمارت عن الجماعة الكثيرة. ويقال ثوب (شَرَاذِمُ) أي قِطَعٌ.
ومن ذلك (الشَّمَيْذَر)، وهو الخفيف السَّريع. وهذا منحوتٌ من كلمتين من شمذ وشمر، وقد مر تفسيرهما.
ومن ذلك (الشِّنذارة): الرَّجل المتعرِّض لأعراض الناس بالوقيعة(1)، والنون فيه زائدة، والأصل التشذر الوَعيد، وقد مضى، ثمَّ أُبْدِلت الذَّالُ ظاءً فقيل (شِنْظِيرة)، وقد (شَنْظر شَنْظَرةً).
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف وأوله شين)
ومن ذلك (الشُّبْرُمُ) وهو القَصير من الرجال، والميم فيه زائدة كأنَّه في قدر الشِّبرْ.
ومن ذلك (الشَّمَرْدَل): وهو الرَّجل الخفيف في أمره، ويقال [الفتيُّ القويُّ من الإِبل(2)]. وأيَّ ذلك كانَ، فهو من شَمر.
__________
(1) فسر في اللسان بأنه الغيور، ويقابله في المجمل: "الشنظير: الفاحش". وفي القاموس: "رجل شنذارة: غيور أو فاحش، كشنذيرة".
(2) التكملة من المجمل.(3/213)
فأمَّا ما يقال، أن (الشَّناتِر) الأصابعُ بلغة اليمانيِّين فلعل قياسهم غيرُ قياس سائر العرب، ولا معنى للشُّغْل بذلك.
ومما وُضعَ وضعاً (شَمَنصير)، وهو موضع، قال:
مستأرضاً بين بَطنِ اللَّيثِ أيمَنُهُ
إلى شَمَنْصِيرَ غَيثاً مرسَلاً مَعِجا(1)
ـــــــ
(تم كتاب الشين)
صع - صف
كتاب الصَّاد
(باب الصاد وما معها في الذي يقال في المضاعف والمطابق)
(صع) الصاد والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على تفرُّق وحرَكة. يقال تصعصع القومُ، إذا تفرَّقوا. قال الخليل: يقال ذهبت الإبل صَعاصِعَ، أي فِرَقاً. ويقولون: صَعْصَعْتُ الشّيءَ فَتَصَعْصَع، وذلك إِذا حرّكتَه فتحرّك.
(صف) الصاد والفاء يدلُّ على أصلٍ واحدٍ، وهو استواءٌ في الشيء وتساوٍ بين شَيئين في المَقَرّ. من ذلك الصَّفُّ، يقال وقفَا صفَّاً، إِذا وَقَفَ كلُّ واحدٍ إلى جنْب صاحبه. واصطفَّ القومُ وتصافُّوا. والأصل في ذلك الصَّفْصَف، وهو المستوي من الأرض، فيقال للمَوقِف في الحرب إِذا اصطفَّ القومُ: مَصَفٌّ، والجمع المصافّ. والصَّفوف: النّاقة التي تَصُفُّ، أي تجمع بين مِحْلَبَين في حَلْبة. والصَّفُوفُ أيضاً: التي تصفُّ يدَيْها عند الحَلَب.
وممّا شذَّ عن الباب، وقد يمكن أن يُتطَلَّب له في القياس وجهٌ، غيرَ أنَّا نكره القياسَ المتمَحَّل المستَكْرَه، وهذا الذي ذكرناه، فهو الصفيف، قال * قومٌ: هو القَديد. وقال آخرون: هو اللَّحم يُحْمَل في الأسفار طبيخاً أو شِواءً فلا يُنْضَجُ. قال:
صك - صل
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحمِ مِنْ بين مُنضجٍ
صَفِيفَ شِواءٍ أو قديرٍ مُعَجَّلِ(2)
__________
(1) البيت لساعدة بن جُؤَيَّة الهذلي. اللسان (معج، شمصر). وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 37، وشرح السكري للهذليين 87. وسيأتي في (ليث).
(2) لامرئ القيس في معلقته.(3/214)
(صك) الصاد والكاف أصلٌ يدلُّ على تلاقِي شيئين بقوَّة وشِدَّة، حتَّى كأنَّ أحدَهما يضرِبُ الآخر. من ذلك قولهم: صَكَكْتُ الشيءَ صكَّا. والصَّكَك: أن تَصْطَكَّ رُكبتا [الرَّجُل(1)]. [وصَكَّ البابَ(2)]: أغْلقه بعنفٍ وشِدَّة. ويقال بعير مُصَكَّكٌ(3)، إذا كان اللَّحمُ قد صُكَّ فيه صَكّاً. ورجلٌ مِصكٌّ: شديد. ويقال ذلك في الخَيل والحُمُر وغيرها.
وأمَّا قولُهم: "جئتُهُ صَكَّةَ عُمَيٍّ(4)" فإِنَّما يُراد أنَّ الأعمى يلقى مثلَهُ فيصطكّانِ، أي يصكُّ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه. وذلك كلامٌ وضَعوه في الهاجرة وعند اشتداد الحرِّ خاصَّة.
(صل) الصاد واللام أصلان: أحدهما يدلُّ على ندىً وماء قليل، والآخر على صوت.
فأمَّا الأول فالصَّلّة، وهي الأرضُ تسمَّى الثَّرَى لِنداها. على أنَّ من العرب من يسمِّي الصَّلّة التُّرابَ الندِيّ. ولذلك تُسمَّى بقيَّةُ الماء في الغدير صُلْصُلة.
صم
ومن الباب: صِلال المَطَر: ما وقع منه شيءٌ بعد شيء. ويقال للعُشْب المتفرِّق صِلالٌ، لأنَّه يسمَّى باسم المطرِ المتفرِّق. قال:
* كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا(5) *
ومن الباب صَلّ اللحمُ، إِذا تغيَّرَتْ رائحتُهُ وهو شواءٌ أو طبيخ. وإِنّما هو من الصَّلّة، كأنَّه دُفِنَ في الصّلّة فتغيَّر. ومصدر ذلك الصُّلول. قال:
ذاك فتىً يبذُلُ ذا قِدْرِهِ
لا يُفْسِدُ اللَّحمَ لديه الصُّلولْ(6)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) التكملة من المجمل. وبين هاتين التكملتين في المجمل: "يقال منه صكك. والصكة: أشد الهاجرة".
(3) في المجمل: "مِصَكّ"، وكلاهما صحيح، يقال : مصك ومصكوك ومصكك.
(4) عُمَيّ، هنا: تصغير ترخيم للأعمى.
(5) البيت للراعي، كما في معجم البلدان (لبن). وصدره في اللسان (صلل):
* سيكفيك الإله بمُسنَمات *
(6) للحطيئة في ديوانه 84 واللسان (صلل).(3/215)
وأمَّا الصَّوت فيقال صَلَّ اللِّجام وغيرُهُ، إِذا صَوَّت. فإِذا كثُر ذلك منه، قيل صَلْصَلَ. وسمِّيَ الَخَزَفُ صَلصَالاً لذلك، لأنَّه يصوّت ويصلصِل.
وممّا شذّ من هذين البابين الصِّلّ: الدَّاهية؛ والجمع أصلال. ويقال صَلَّتْهم الصَّالَّة. إذا دَهَتْهم الدَّاهية.
(صم) الصاد والميم أصلٌ يدلُّ على تَضَامِّ الشِّيءِ وزوالِ الخرْق والسَّمّ. من ذلك الصَّمَم في الأُذن. يقال صَمِمْت، وأنت تَصَمُّ صَمَما. وربَّما قالوا صُمَّ بمعنى صَمّ. ويقال: أصممتُ الرَّجُلَ، إِذا وَجدته أصمَّ. قال ابنُ أحمر:
صم
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى
بآخِرِنا وتَنْسَى أوَّلينَا(1)
والصَّمّاء: الدَّاهية، كأنَّه من الصَّمَم. أي هو أمرٌ لا فُرجَةَ له فيه. ومن ذلك اشتمالُ الصَّمّاء: أنْ تلتحفَ بثوبك ثم تُلقيَ الجانبَ الأيسر على الأيمن. والعرب تقول في تعظيم الأمر: "صَمِّي صَمَامِ". والأصل في ذلك قولهم: "صَمّت حصاةٌ بِدَمٍ"، وذلك أنَّ الدِّماءَ تكثُر في الأرض عند الوغَى، حتَّى لو أُلْقِيَتْ حصاةٌ لم يُسْمَع لها وَقْع، وهو في قول امرئ القيس:
بُدِّلتُ مِنْ وائلٍ وكِندةَ عَدوا
نَ وفهْمَاً صَمِّي ابنةَ الجبَلِ(2)
يريد تعظيمَ ما وقع فيه وأُدِّيَ إِليه. وصِمام القارورة سمِّيَ بذلك لأنّه يسُدُّ الفُرْجَة. وقولهم: صَمَّم في الأمر، إِذا مضى فيه راكباً رأسَه، فهو من القياس الذي ذكرناه، كأنَّه لما أراد ذلك لم يسمع عَذْلَ عاذلٍ ولا نَهْيَ ناهٍٍ، فكأَنّهُ أَصمُّ.
واشتُقَّ منه السَّيف الصَّمصام والصَّمصامة. ومنه صَمَّم، إِذا عَضَّ في الشيء فأثبت أسنانه فيه. والصَّمَّانُ: أرضٌ. وقال بعضهم: كلُّ أرضٍ إلى جنبِ رَمْلة فهي صَمَّانةٌ. وهذا صحيح؛ لأنَّ الرّمل فيه خَلَل، والصَّمَّانةُ ليست كذلك.
__________
(1) البيت في اللسان (صمم؛ حجا).
(2) البيت في اللسان (صمم)، وليس في ديوانه.(3/216)
ومن الباب: الصِّمْصِم(1): الرَّجلُ الغليظ، وسمِّي بذلك لما ذكرناه، كأنَّه ليست في لحمه فُرجة ولا خَرْق. وكذلك الأسد صِمَّةٌ، كأنَّه لا وصول إليه من وجه.
صن – صه – صي
ومن الباب الصِّمصِمة: الجماعة، سمِّيت بذلك، كأنَّها اجتمعت حتى لا خلل فيها ولا خَرْق.
(صن) الصاد والنون أصلان: أحدهما يدلُّ على إِباء وصَعَرٍ من كِبر. من ذلك الرّجلُ المُصِنُّ، قالوا: هو الرَّافعُ رأسَهُ لا يلتفت إلى أحدٍ. وقالوا: هو السَّاكت. وقالوا: هو الممتلئ غيظاً. قال الرَّاجز(2):
* أَإِبلِي تأخذُها مُصِنَّا *
أي أتأخُذُ إبلي لا يمنعُكَ زَجْرُ زاجر ولا تلتفت إلى أحد.
والأصل الآخر يدلُّ على خُبْث رائحة. من ذلك الصِّنُّ، و* هو بول الوَبْرِ، في قول جرير:
تَطَلَّى وهي سيِّئةُ المعَرَّى
بِصِنِّ الوَبْرِ تَحسَِبُهُ مَلاَبا(3)
ثم اشتق منه [الصُّنَان]: ذَفَر الإبط. فأمَّا قولُهم إنَّ أحدَ أيّام العَجُوز يقال له الصَّنُّ فهذا شيءٌ ما رأيتُ أحداً يَضبِطه ولا يعلم حقيقتَهُ، فلذلك لم أذكره.
(صه) الصاد والهاء كلمة تقال عند الإسكات، وهي صه(4)، ولا قياسَ لها.
(صي) الصاد والياء كلمة واحدة مُطَابَقة، وهي كلُّ شيءٍ يُتَحَصَّنُ به. من ذلك تسميتُهم الحصونَ صَياصِيَ، ثمَّ شُبِّه بذلك ما يُحارِب ويتَحصَّن به الدِّيك [وسُمِّي] صيصِيَة، وكذلك قَرن الثور يسمَّى بذلك؛ لأنه يَتحصَّن ويُحارِب به.
صأ - صب
__________
(1) ويقال أيضاً "صمصم" كعلبط.
(2) هو مدرك بن حصن. اللسان (صنن، شنن)، ونوادر أبي زيد 50 .
(3) ديوان جرير 73، واللسان (صنن).
(4) تقال بالسكون، وبالكسر مع التنوين.(3/217)
(صأ) الصاد والهمزة كلمة واحدة. يقال صأصأ الجَرْوُ، إِذا حرَّك عينَيه ليفتحَهما. وفي حديث بعض التابعين(1): "فقَّحْنا وصأصأتم". ويقال صأصأت النَّخْلة، إذا لم تقبل اللَّقاح.
(صب) الصاد والباء أصلٌ واحدٌ، وهو إراقة الشيء، وإليه ترجع فروعُ البابِ كلِّه.
من ذلك صَبَبت الماءَ أصبُّه صَبّاً. ويُحمَل على ذلك فيقال لِمَا انحدرَ من الأرض صَبَبٌ، وجمعه أصبابٌ، كأنَّه شيءٌ منصبٌّ في انحداره. وفي الحديث: "أنَّه كان صلى الله عليه وآله وسلم إِذا مشى فكأنَّما يمشي في صَبَب". وقال الراجز(2):
* بل بَلَدٍ ذي صُعُدٍ وأصبابْ *
والصُّبَّة: القِطعةُ من الخيل، كأنَّها تنصبُّ في الإِغارَةِ انصباباً، والقِطعةُ من الغَنَم أيضاً صُبَّة، لذلك المعنى. ويقال للحيَّات الأساودِ: الصُّبُّ، وذلك أنها إِذا أرادت النكْزَ انصبَّتْ على الملدوغ انصباباً. فأما الصَّبيب فيقال إِنه ماءُ ورق السِّمسِم، ويقال بل هو عُصارة الحِنّاء. وقال الشَّاعر(3)، وهو يدلُّ على صحّة القول الأوّل:
فأوردتُها ماءً كأنَّ جِمَامه
من الأَجْنِ حِنّاءٌ مَعَاً وصَبيبُ
صت – صح – صخ
وقال قومٌ: الصَّبيب: الدَّم الخالص، والعُصفُر المُخْلَص. والصُّبَابة: البقيَّة من الماء في الإناء. والصَّبَابة مِنْ صَبَّ إليه. ورجلٌ صَبٌّ، إِذا غَلبَه الهوى، وهو من انصباب القَلْب. ويقال تصبَّبَ الحرُّ: اشتدَّ، كأَنَّه شيء صُبَّ على الأرض صَبّا. وتصبصب(4)
__________
(1) هو عبيد الله بن جحش، كان أسلم وهاجر إلى الحبشة، ثم ارتد وتنصر بالحبشة، فكان يمرُّ بالمهاجرين فيقول ذاك. اللسان (صأصأ).
(2) هو رؤبة. ديوانه 6، واللسان (صبب).
(3) هو علقمة بن عبدة الفحل. ديوانه 132، والمفضليات (2: 193)، واللسان (صبب).
(4) في الأصل: "تصبب"، صوابه في المجمل والقاموس واللسان. وأنشد للعجاج:
* حتى إذا ما يومها تصبصبا *.(3/218)
الشَّيء: ذَهَبَ ومُحِقَ، كأنَّهُ صُبَّ صبّاً. ويقال تصابَبْتُ الإناء، إِذا شربتَ صُبَابَتَه. وكذلك تصابَبتُ الشّيء، إذا نِلتَه قليلاً. قال الشّمّاخ:
لَقَومٌ تَصَابَبْتُ المعيشة بعدَهم
أحبُّ إليَّ من عِفاءٍ تَغَيَّرَا(1)
(صت) الصاد والتاء أصلٌ يدلُّ على نِزاعٍ وخصومةٍ وافتراق، يقال للجَلَبَة الصَّتيت. وما زلتُ أُصَاتُّ فلاناً، أي أخاصِمُهُ. والصَّتُّ، فيما يقال: الصَّدْم. والصَّتِيت: الفِرْقَة. ويقولون إِنَّ الصَّت الصَّدُّ.
(صح) الصاد والحاء أصل يدلُّ على البَراءَة من المرض والعَيب، وعلى الاستواءِ. من ذلك الصِّحَّة: ذَهاب السُّقْم، والبراءةُ من كلِّ عَيب. والصَّحِيح والصَّحَاح بمعنىً. والمُصِحُّ: الذي أهلُهُ وإبلُه صِحَاحٌ وأَصِحَّاء. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يُورِدَنَّ ذو عاهةٍ على مُصِحّ"، أي الذي إبلُهُ صِحاحٌ. والصَّحْصح والصَّحصَحانُ والصَّحصَاحُ: المكان المستوِي.
(صخ) الصاد والخاء أصلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. من ذلك الصَّاخَّة يقال إِنَّها الصَّيحةُ تُصِمُّ الآذان. ويقال ضَرَبْتُ الصخرةَ بحجرٍ فسمعتُ
صد - صر
لها صَخّا(2). ويقال صَخَّ الغُرابُ بمنقارِهِ في دَبَرة البَعير، إِذا طَعَن.
__________
(1) ديوان الشمَّاخ 27 واللسان (صبب). وروي في اللسان أنه ينسب للأخطل.
(2) في المجمل واللسان: "صخة"، وكلاهما صحيح؛ فإن "الصخ"، كذلك والصخيخ بمعنى الصوت.(3/219)
(صد) الصاد والدال معظمُ بابِهِ يَؤولُ إلى إِعراضٍ وعُدول. ويجيء بعد ذلك كلماتٌ تَشِذّ. فالصَّدُّ: الإعراض. يقال صَدَّ يصُدُّ، وهو مَيلٌ إلى أحد الجانبين. ثم تقول: صَدَدْتُ فلاناً عن الأمر، إِذا عَدَلْتَه عنه. والصَُّدَّانِ: جانِبا الوادي، الواحد صَُدٌّ، وهو القياس، لأنَّ الجانب مائلٌ لا محالة. ويقولون: إنّ الصَّدَدَ ما استَقْبَلَ(1). يقال: هذه الدَّارُ على صَدَدِ هذه. ويقولون: الصَّدد: القُرب. والصُّدَّاد(2): الطَّريق إلى الماء. والصَُّدُّ: الجبَل. وهذه الكلماتُ التي ذكرتُها فليست عندي أصلاً؛ لبُعدها عن القياس، وإنْ صحَّتْ فهي محمولةٌ *على الأصل.
ومما هو صحيحٌ وليس من هذا الباب، قولهم : صَدَّ يَصِدُّ، وذلك إِذا ضَجَّ. وقرأ قومٌ(3): { إِذا قَوْمُكَ منه يَصِدُّون } [الزخرف 57]، قالوا: يَضِجُّون. والصَّديد: الدَّم المختلِط بالقَيْح، يقال منه أَصَدَّ الجُرْح.
(صر) الصاد والراء أصولٌ: الأول قولهم صَرَّ الدَّرَاهمَ يصُرُّها صَرّاً. وتلك الخِرقة صُرَّة. والذي تعرفه العربُ الصِّرَار، وهي خِرقةٌ تُشدُّ على أَطْباء النّاقة لئلا يرضَعَها فَصِيلُها. يقال صَرَّها صَرَّا. ومن الباب: الإِصرار: العَزْم على الشيء.
صر
وإنما جعلْناه من قياسِه لأن العَزْم على الشيء والإجماعَ عليه واحد وكذلك الإصرار: الثَبَات على الشيء.
ومن الباب: هذه يمين صِرِّي(4) أي جدّ، إنا ثابتٌ عليها مُجمِع.
ومن الباب :الصَّرَّة، يقال للجماعة صَرَّةٌ. قال امرؤُ القَيس:
فأَلحَقَنَا بالهادياتِ ودونه
__________
(1) في اللسان: "ما استقبلك".
(2) ضبط في الأصل والمجمل بضم الصاد، وضبط في القاموس كرمان وكتاب.
(3) قرأ بضم الصاد نافع وابن عامر والكسائي وأبو جعفر وخلف، وقرأ الباقون بكسرها. إتحاف فضلاء البشر 386 في سورة الزخرف.
(4) في المجمل: "صِرِّي وأصِرِّي". ويقال أيضاً: "صِرَّى" و"أصِرَّى"، و"صُرِّي" و "صُرَّى".(3/220)
جَوَاحِرُها في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ(1)
ومن الباب: حافرٌ مصرورٌ، أي منقبضٌ. ومنه الصُّرْصُور، وهو القَطيع الضَّخْم من الإبل.
وأَمَّا الثاني، وهو من السُّمُو والارتفاع، فقولهم: صَرَّ الحمارُ أُذُنَه، إِذا أقامها. وأَصَرَّ إذا لم تذكر الأُذُن، وإن ذكرتَ الأُذُن قلتَ أَصَرَّ بأذنه. وأظنُّه نادراً. والأصل في هذا الصِّرَار، وهي أماكنُ مرتفعةٌ لا يكَادُ الماء يعلوها. فأما صِرَارٌ فهو اسمُ علَمٍ، وهو جَبَلٌ. قال:
إنَّ الفرزدقَ لن يُزايل لؤمَه
حتى يَزُولَ عن الطريقِ صِرَارُ(2)
وأمَّا الثالث: فالبرد والحَرُّ، وهو الصِّرُّ. يقال أصاب النَّبتَ صِرٌّ، إذا أصابَه بردٌ يُضرُّ به. والصِّرُّ: صِرُّ الرّيح الباردة. وربما جعلوا في هذا الموضع الحَرَّ. قال قوم: الصَّارَّةُ شدة الحرِّ حرِّ الشمس. يقال قطع الحِمار صارَّتَه. إِذا شرِب شُرْباً
صر
كَسَرَ عطشَه. والصَّارَّة: العَطَش، وجمعها صَوَارُّ. والصَّرِيرة: العطش، والجمع صرائر. قال:
* وانصاعت الحُقْبُ لم يُقْصَعْ صَرائرُها(3) *
وذكر أبو عبيدٍ: الصَّارّة العطش، والجمع صرائر. وهو غلط، والوجه ما ذكرنا.
وأما الرَّابع، فالصَّوت. من ذلك الصَّرَّة: شِدَّة الصِّياح. صَرَّ الجُنْدَب صرِيراً، وصَرْصَرَ الأَخْطَبُ صَرصرة. والصَّرَارِيُّ: الملاَّح، ويمكن أن يكون لرفعِه صوتَه.
__________
(1) البيت من معلقته المشهورة.
(2) البيت لجرير في ديوانه 206 واللسان (صرر)
(3) لذي الرمة في ديوانه 588 واللسان (صرر، قصع، نشح)، وسيأتي في (قصع). وعجزه:
* وقد نشحن فلا ري ولا هيم *(3/221)
ومما شذَّ عن هذه الأصول كلمتان، ولعلَّ لهما قياساً قد خَفِيَ علينا مكانُه فالأولى: الصّارَّة، وهي الحاجةُ. يقال لي قِبَلَ فلانٍ صَارَّةٌ، وجمعها صَوَارُّ، أي حاجة. والكلمةُ الأخرى الصَّرورة، وهو الذي لم يحجُجْ، والذي لم يتزوَّج. ويقال الصَّرُورة: الذي يَدَعُ النكاح متبتِّلاً. وجاء في الحديث: "لا صَرْورة في الإسلام".
قال أبو بكر محمّد بن الحسن بن دُريد(1): "الأصل في الصَّرورة أنَّ الرجلَ في الجاهلية كانَ إذا أحدَثَ حدَثاً فلجأ إلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إِذا لقِيَه وليُّ الدَّمِ بالحرَم قيل له: هو صرورة فلا تَهِجْه. فكثُر ذلك في كلامهم حتَّى جعلوا المتعبِّد الذي يجتنِب النِّساء وطِيبَ الطعام صَرورةً، وصروريَّاً. وذلك عَنَى النابغةُ بقوله:
صعف – صعق
لو أنَّها عَرَضَتْ لأشمَطَ راهبٍ
عَبَدَ الإِله صرورةٍ متعبِّدِ(2)
أي مُنْقَبضٍ عن النِّساء والطِّيب(3). فلما جاء الله تعالى بالإسلام وأوجَبَ إِقامةَ الحدود بمكَّة وغيرِها سُمِّي الذي لم يحجَّ صَرورةً وصَرُوريّاً، خلافاً لأمر الجاهلية. كأنَّهم جَعلُوا أنَّ تَرْكَه الحجَّ في الإِسلام، كترك المتأَلِّهِ إِتيانَ النِّساء والتّنعّمَ في الجاهليَّة".
وهذا الذي ذكرناه في معنى الصَّرورة يحتمل أنَّه من الصِّرار، وهو الخِرقة التي تُشَدُّ على أَطْباء النّاقة لئلا يرضَعَها فصيلها. والله أعلم بالصَّواب.
(باب الصاد والعين وما يثلثهما)
(صعف) الصاد والعين والفاء ليس بشيء. على أنهم يقولون الصَّعَْف: شرابٌ(4).
__________
(1) في الجمهرة: (3 :428).
(2) ديوان النابغة 31 وشرح المعلقات للزوزني 198. واللسان (صرر).
(3) في نسخة الجمهرة: "والتنعم".
(4) في اللسان: "الصَّعْف والصَّعَف: شراب لأهل اليمن، وصناعته أن يشدخ العنب ثم يلقى في الأوعية حتى يغلي".(3/222)
(صعق) الصاد والعين والقاف أصلٌ واحدٌ *يدلُّ على صَلْقَةٍ وشِدَّة صَوت. من ذلك الصَّعْق، وهو الصَّوت الشَّديد. يقال حِمارٌ صَعِقُ الصَّوتِ، إِذا كان شديدَه. ومنه الصَّاعقة، وهي الوقع الشّديدُ من الرَّعْدِ. ويقال إنَّ الصُّعاق الصَّوت الشديد. ومنه قولهم: صَعِق، إِذا ماتَ، كأنَّه أصابته صاعقةٌ.
صعل – صعن – صعو - صعب
قال الله تعالى: { وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرضِ إلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ } [الزمر 68].
(صعل) الصاد والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على صِغَرٍ وانجراد. من ذلك الصَّعْل، وهو الصَّغير الرَّأْس من الرِّجال والنَّعام. قال:
* صَعْلِ الرَّأْسِ قُلتُ له(1) *
ويقال حمار صَعْل: ذاهب الوبر. ويقال رجلٌ أصعَلُ، وامرأةٌ صَعلاءُ. والصَّعْلة من النَّخْل: العَوجاء الجَرداءُ أصول السَّعَف.
(صعن) الصاد والعين والنون أُصَيلٌ يدلُّ على لُطْف في الشيء. يقال: فلانٌ صِعْوَنُّ الرأس: دقِيقُه. ويقال أُذُنٌ مُصْعَنَّة. قال:
* والأذْن مُصْعَنَّةٌ كالقَلَمْ(2) *
(صعو) الصاد والعين والحرف المعتل كلمةٌ واحدةٌ، وهي الصَّعْوَة، وهي عصفورة، والجمع صِعاء.
(صعب) الصاد والعين والباء أصلٌ صحيح مطَّرد، يَدَلُّ على خِلاف السهولة. من ذلك الأمر الصَّعْب، خلاف الذَّلول، يقال صعُبَ يصعُب صُعوبةً، ويقال أَصْعَبْتُ الأمر: ألفَيْتُهُ صعباً.
صعد
__________
(1) لم أجد تتمته. ولعله التبس عنده ببيت لذي الرُّمة:
وخافق الرأس فوق الرحل قلت له
زع بالزمام وجوز الليل مركوم
(2) لعدي بن زيد في اللسان (صعن). ويروى "مُصَعَّنة". والبيت بتمامه:
له عنق مثل جذع السحوق
وأذن مصعنة كالقلم(3/223)
ومن الباب المُصْعَب، وهو الفَحل، وسمِّي بذلك لقُوَّته وشدَّته. ويقال أَصْعَبنا الجمل، إِذا تركناه فلم نركبْه، وذُكر أنَّهم يقولون: أَصْعَبتُ الناقة، إِذا تركتَها فلم تَحمِل عليها. وهذه استعارة. وفي الرَّمْل مَصَاعِبُ.
(صعد) الصاد والعين والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ارتفاعٍ ومشقّة. من ذلك الصَّعُود خلاف الحَدُور، ويقال صَعِدَ يَصْعَد. الإِصعاد مقابلة الحَدُور من مكانٍ أرفع. والصَّعود: العقَبة الكَؤود، والمشقّة من الأمر، قال الله تعالى:
{ سَأُرْهِقُهُ صَعُودَاً } [المدثر 17]. قال:
نَهَى التَّيْمِيَّ عُتْبةُ والمعلَّى
وقالا: سوف يَنهرك الصَّعُودُ
وأما الصُّعُدات فهي الطُّرُق، الواحد صَعيد. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :"إِيّاكم والقعودَ بالصُّعُدات إِلاَّ من أدَّى حَقَّها". ويقال صعيد وصُعْد وصُعُدات، وهو جمع الجمع، كما يقال طريق وطُرُقٌ وطُرُقات. فأمَّا الصعيد فقال قَومٌ: وجه الأرض. وكان أبو إسحاقَ الزَّجَّاجُ يقول: هو وجه الأرض، والمكانُ عليه ترابٌ أو لم يكن. قال الزَّجّاج: ولا يختلف أهلُ اللَّغة أنَّ الصَّعيد ليس بالتراب. وهذا مذهبٌ يذهب إليه أصحابُ مالكِ بن أَنَس. وقولهم إنَّ الصَّعيد وجهُ الأرض سواءٌ كان ذا ترابٍ أو لم يكُنْ، هُو مذهبُنا، إلاَّ أنَّ الحقَّ أحقُّ أن يُتَّبع، والأمر بخلاف ما قاله الزّجّاج. وذلك أنَّ أبا عبيدٍ حَكى عن الأصمعيّ أنَّ الصّعيدَ التراب. وفي الكتاب المعروف بالخليل، قولهم تيمَّمْ بالصَّعيد، أي خُذْ من غُبارِهِ. فهذا خلافُ ما قاله الزَّجّاج.
صعر
ومن الباب الصُّعَداء، وهو تنفُّسٌ بتوجُّع، فهو نَفَسٌ يعلو، فهو من قياس الباب، وأما الصَّعود من النُّوق فهي التي يموت حُوارها فتُرْفَع إلى ولدها الأوَّل فتدرُّ عليه. وذلك فيما يقال أطيَبُ للبنها. ويقال: بل هي التي تُلقي ولدها. وهو تفسير قوله:(3/224)
* لها لَبَنُ الخَلِيّةِ والصَّعودِ(1) *
ويقال: تَصَعَّدَني الأمرُ، إِذا شقَّ عليكَ. قال عمر: "ما تصعَّدتْني خطبةُ النكاح(2)". وقال بعضهم: "الخطبةُ صُعُد، وهي على ذي اللُّبِّ أَرْبَى". ومما يُقارب هذا قولُ أبي عمروٍ: أَصْعَدَ في البِلاد: ذهب أينما توجَّه. ومنه قولُ الأعشى:
فإنْ تسألي عنِّي فيا رُبَّ سائلٍ
حَفِيٍّ عن الأعشى به حيث أَصْعَدَا(3)
ومما لا يبعد قياسه الصَّعْدة من النِّساء: المستقيمةُ القامةِ، فكأنها صَعْدَةٌ، وهي القناةُ المستوِيةُ تنبت كذلك، لا تحتاج إلى تثقيف.
(صعر) الصاد والعين والراء أصل مطرد يدلُّ على مَيَل في * الشيء. من ذلك الصَّعَر، وهو المَيَل في العُنُق. والتصعير: إمالة الخدِّ عن النّظَرِ عُجْبا. وربَّما كان الإنسان والظَّليمُ أَصْعَرَ خِلقة. قال الله تعالى: { وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ } [لقمان 18]، وهو من الصَّيعِريّة، وهو اعتراضُ البَعِير في سيره. والصَّيْعِريّةُ: سِمَةٌ من سِمات النوق في أعناقها، ولعلًَّ فيها اعتراضاً. قال المسيّب:
صغو/ي
* بِنَاجٍ عليه الصَّيْعريَّةُ مُكْدَمِ(4) *
فأما الحديث: "ليس فيهم إلاَّ أصعَرُ أو أبتر"، فمعناه ليس إلاّ معجبٌ ذاهب أو ذَليل. ويقال سَنامٌ صَيْعَرِيٌّ، أي عظيم. وإِنّما قيل له ذلك لأنَّه إذا عظم مالَ.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: قَرَبٌ مُصْعَرٌّ، أي شديد. قال:
* وقد قَرَبْنَ قَرَباً مُصْعَرَّا(5) *
والله أعلم بالصَّواب.
(باب الصاد والغين وما يثلثهما )
__________
(1) لخالد بن جعفر الكلابي. وصدره كما في اللسان (صعد): * أمرت لها الرعاء ليكرموها *
(2) القول بتمامه: "ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح".
(3) ديوان الأعشى 102 واللسان (صعد).
(4) صدره كما في اللسان (صعر):
* وقد أتناسى الهم عند احتضاره *
(5) بعده في اللسان :
* إذا الهدان حار واسبكرا *(3/225)
(صغو/ي) الصاد والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على المَيْل، من ذلك قولُهم: صِغْو فلانٍ معك، أي ميلُه. وصَغتِ النجوم: مالت للغُيوب. وأصغى إليه، إِذا مال بسمعِهِ نحوَه. وأَصْغَيت الإِناءَ أَمَلْتُهُ. ومنه قولهم للذين يَميلون مع الرَّجُل من أصحابِهِ وذوي قُرْباه: صاغِيةٌ. وحُكي: صَغَوْتُ إليه أَصْغَى صَغْواً وصَغىً، مقصور.
صغر – صغل - صفق
(صغر) الصاد والغين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على قِلَّةٍ وحقارة. من ذلك الصِّغَر: ضدّ الكِبَر. والصَّغير: خلاف الكبير. والصاغِر: الرَّاضي بالضَّيمِ صُغْراً وصَغاراً. ويقال أصغَرت النَّاقةُ وأكبَرَتْ. والإِصْغار: حنينُها [الخفيض. والإِكبار(1):] العالي. قالت الخنساء:
* لها حنينان إِصْغارٌ وإِكبارُ(2) *
(صغل) الصاد والغين واللام ليس بشيء، إِنَّما الصَّغِل السَّيِّئ الغِذاء. والأصل فيه السين: سَغِلٌ. والله أعلم بالصواب.
(صفق) الصاد والفاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاقاةِ شيءٍ ذي صَفْحةٍ لشيءٍ مثله بقُوَّة. من ذلك صَفَقْتُ الشَّيءَ بيدي، إِذا ضربتَه بباطن يدكِ بقُوّة. والصَّفْقَة: ضربُ اليدِ على اليدِ في البَيْعِ والبَيْعةِ، وتلك عادةٌ جاريةٌ للمتبايِعين. وإذا قيل أصفَق القومُ على الأمر، إِذا اجتمعوا عليه، فهو من ذلك، وإِنَّما شُبِّهوا بالمتصافِقين على البيع.
وممّا حُمِل على ذلك الصَّفَقُ، وهو الماء يُصَبُّ على الأديمِ الجديد فيخرُج مُصْفرَّا.
ومن الباب أيضاً: الشَّراب المصفَّق، وهو أن يُحوَّل من إِناءٍ إلى إِناءٍ، كأنَّه صَفَقَ الإِناءَ إذا لاقاه، وصُفِقَ به الإِناء. ومنه صَفَقَ الإِبلَ، إِذا حوَّلها مِن مرعَىً إلى مرعَىً.
صفن
__________
(1) هذه التكملة من المجمل.
(2) صدره كما في الديوان 42 واللسان (صغر):
* فما عجول على بوٍّ تطيفُ به *(3/226)
ثم حُمِل على ذلك فقيل لكلِّ منبسطٍ صَفقٌ وإن لم يُضربْ به على شيء. فيقال لجانِبَي العُنُق صفقانِ، ولكلِّ ناحيةٍ صَفْق وصُفْق(1). ويقال للجِلدِ الذي يلي سوادَ البطنِ صُفْق.
ومما شذَّ عن الباب، وقد يمكن أن يُخرّج له وجه، قولهم: قَوسٌ صَفوقٌ، إِذا كانت ليّنة راجعة.
(صفن) الصاد والفاء والنون أصلانِ صحيحانِ، أحدهما جنسٌ من القيامِ، والآخر وِعاءٌ من الأوعية.
فالأوّل: الصُّفون، وهو أن يقومَ الفرسُ على ثلاثِ قوائمَ ويرفعَ الرَّابعة، إلاَّ أنَّه ينالُ بطرَف سُنْبُكِها الأرض. والصَّافن: الذي يصفُّ قدمَيه. وفي حديث البَرَاء: "قمنا خَلْفَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صُفُوناً". ومنه تَصَافَنَ القومُ [الماء(2)]، وذلك إِذا اقتسموه بالصُّفْن، والصُّفْن: جلدةٌ يُسْتَقَى بها. قال:
فلما تصافَنَّا الإداوةَ أجهشَتْ
إِلَيَّ غُصونُ العنبريِّ الجُراضِمِ(3)
ويقال إنَّ ذلك إِنَّما يكون على المَقْلَة، يُسقى أحدُهم قَدْر ما يغمُرها.
ومما شذَّ عن الأصلين: الصَّافن، وهو عِرْقٌ(4).
صفو
(صفو) الصاد والفاء والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلوصٍ من كل شَوب. من ذلك الصَّفاءُ، وهو ضدُّ الكَدَرِ؛ يقال صفا يصفو، إذا خَلص. يقال لكَ صَفْوُ هذا الأمرِ وصِفْوته. ومحمَّد صِفوة الله تعالى وخِيرَتُه من خَلْقِه، ومُصْطفاهُ صلَّى الله عليه * وآلهِ وسلّم. والصَّفِيُّ: ما اصطفاه الإمام من المَغْنم(5) لنفسه، وقد يسمَّى بالهاء الصَّفِيَّة، والجمع الصَّفَايا. قال:
لك المِرْبَاعُ منها والصَّفَايا
__________
(1) وصفق أيضاً، بالتحريك، كما في المجمل.
(2) التكملة من المجمل واللسان.
(3) البيت للفرزدق في اللسان (صفن، جرضم).
(4) في اللسان: "عرق في باطن الصلب طولاً، متصل به نياط القلب، ويسمى الأكحل".
(5) في الأصل: " من الغنم"، وأثبت ما في المجمل.(3/227)
وحُكْمُكَ والنَّشيطةُ والفُضُولُ(1)
والصَّفِيَّة والصَّفِيّ، وهو بغير الهاء أشهر: النّاقةُ الكثيرة اللّبَن، والنَّخْلة الكثِيرةُ الحَمْل، والجمع الصَّفَايا. وإِنَّما سُمِّيت صفيّاً لأنَّ صاحِبَها يصطفيها.
ومن الباب قولهم: أَصْفت الدَّجاجةُ، إِذا انقطع بيضُها، إِصفاءً. وذلك كأنَّها صَفَتْ أي خَلَصت من البَيْضِ، ثم جُعِلَ ذلك على أَفْعَلتْ فرقاً بينها وبين سائرِ ما في بابها، وشبّه بذلك الشَّاعِرُ إذا انقطع شِعْرُهُ.
ومن الباب الصَّفَا، وهو الحجر الأَمْلَسُ، وهو الصَّفْوانُ، الواحدة صَفوانةٌ، وسمِّيت صفوانَةً لذلك، لأنَّها تَصْفُو من الطِّين والرَّمْل. قال الأصمعيُّ: الصَّفْوان والصَّفْواءُ والصَّفَا، كله واحد. وأنشد:
* كما زَلَّتِ الصَّفْواء بالمتنَزِّلِ(2) *
ويقال يومٌ صفوانُ، إِذا كان صافِيَ الشَّمسِ شديدَ البَرْدِ.
صفح - صفد
(صفح) الصاد والفاء والحاء أصلٌ صحيحٌ مطَّرد يدلُّ على عَرْض وعِرَض. من ذلك صَُفْح الشَّيء: عُرْضُهُ. ويقال رأس مُصْفَحٌ: عريض. والصفيحة: كلُّ سيفٍ عريض. وصَفْحَتا السَّيف: وَجْهاه. وكلُّ حجرٍ عريضٍ صفيحةٌ، والجمع صَفائِح. والصُّفَّاح: كلُّ حجرٍ عريض. قال النّابغة:
تقدُّ السَّلوقيَّ المضاعفَ نسجُهُ
ويُوقِدْن بالصُّفّاحِ نارَ الحُباحِبِ(3)
__________
(1) البيت لعبد الله بن عنمة الضبي، كما سبق في (ربع)، وهو من أبيات ثمانية رواها أبو تمام في الحماسة:
(1: 420). وأنشده في اللسان (ربع، صفا، نشط، فضل)، وسيأتي في (نشط).
(2) لامرئ القيس في معلقته. وصدره: * كميت يزلُّ اللِّبد عن حال متنه *.
(3) ديوان النابغة 7 برواية : "وتوقد".(3/228)
ومن الباب: المُصافحةُ باليد، كأنَّه ألصقَ يدَه بصَفحةِ يدِ ذاك. والصَّفْح: الجنْب. وصَفحا كلِّ شيء: جانباه. فأمَّا قولهم: صَفَح عنه، وذلك إِعْراضُهُ عن ذنْبِهِ، فهو من البابِ؛ لأنَّه إِذا أعرضَ عنه فكأنَّه قد ولاَّه صَفْحتَه وصُفحه، أي عُرضه وجانِبَه، وهو مَثَلٌ.
ومن الباب: صَفحت الرَّجلَ وأصفحتُهُ، إِذا سألك فمنعتَه(1). وهو من أنّك أريتَه صَفْحَتَك مُعْرِضاً عنه. ويقال: صَفحتُ الإِبلَ على الحوض، إِذا أمررتَها عليه، وكأنَّكَ أَرَيْتَ الحوضَ صَفَحَاتِها، وهي جُنوبُها.
ومما شذَّ عن الباب قولُهم: صفحت الرَّجل صفحاً، إِذا سَقيتَه أيَّ شرابٍ كان ومتى كان.
(صفد) الصاد والفاء والدال أصلان صحيحان: أحدُهما عَطاءٌ، والآخَر شَدٌّ بشيء.
صفر
فالأوَّل الصَّفَد؛ يقال أَصفدتُهُ، إِذا أعطيتَه. قال:
هذا الثناءُ فإِنْ تَسمعْ لقائِلِهِ
فماعَرَضتُ أبيتَ اللَّعنَ بالصَّفَدِ(2)
وأمَّا الصَّفْد فالغُلّ، ويقال الصَّفْد التقييد(3). والأصفاد: الأقْياد. والصِّفاد: القَيد أيضاً. قال:
هَلاَّ مننتَ على أَخيكَ مَعْبَدٍ
والعامِريُّ يقودُه بِصِفادِ(4)
وفي الحديث: "إذا دخل شهرُ رمضانَ صُفِّدت الشياطين".
(صفر) الصاد والفاء والراء ستّة أوجه:
__________
(1) فرق بينهما ابن الأثير فقال: "يقال صفحته، إذا أعطيته، وأصفحته إذا حرمته".
(2) للنابغة في ديوانه 27 واللسان (صفد)، والرواية فيهما: "فلم أعرض".
(3) كذا ضبطت العبارة في المجمل. وفي اللسان بفتح فاء الصفد. والظاهر أن التقييد بسكون الفاء، والغل بفتحها. يؤيده عبارة اللسان: "والاسم من العطية الصفد ـ أي بالتحريك ـ وكذلك من الوثاق".
(4) البيت لعوف بن عطية التيمي، يعير لقيط من زرارة بموت أخيه معبد في الأسر. اللسان (بدد). وروايته في (بدد): "ألا كررت على ابن أمك معبد". وروايته في (صفد) كروايته هنا، مع تحريف في عجز البيت.(3/229)
فالأصل الأوَّل لونٌ من الألوان. والثاني الشَّيء الخالي. والثالث جوهرٌ من جواهر الأرضِ. والرَّابع صَوت. والخامس زَمان. والسادس نَبْت.
فالأوَّلُ: الصُّفْرة في الألوان. وبنو الأصفر: مُلوكُ الرُّومِ؛ لِصُفْرةٍ اعتَرَتْ أبَاهم. والأصفر: الأسود في قوله:
تلكَ خَيْلِي منه وتلك ركابي
هنَّ صُفْرٌ أولادُها كالزَّبيبِ(1)
صفع
والأصل الثاني: الشيء الخالي، يقال هو صِفْر. ويقولون في الشتم: ما له صَفِر إِناؤه. أي هلكت ماشيتُهُ. ومن الباب قولُهم للذي به جنونٌ: إنه لفي صُفْرَةٍ وصِفْرة بالضم والكسر، إِذا كان في أيامٍ يزول فيها عقلُهُ. والقياس صحيح؛ لأنه كأنه خالٍ بين عقله.
والأصل الثالث: الصُّفْر من جواهر الأرض، يقال إنَّه النُّحاس. وقد يقال الصِّفْر. وقد أخبرني عليُّ بن إبراهيمَ القطانُ، عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عُبيد قال: قال الأصمعي: النُّحاس الطَّبيعة والأصل، والنُّحاس هو الصُّفر الذي تعمل منه الآنية، فقال "الصُّفْر"، بضم الصاد. قال أبو عبيدٍ مثلَهُ، إلاَّ أنَّه قال الصِّفْر، بكسر الصاد.
وأمَّا الرَّابع فالصَّفير للطّائر. وقولهم: ما بها صافرٌ، من هذا، أي كأنَّه يصوِّت.
وأمَّا الزمان فصَفَر: اسم هذا الشهر. قال ابنُ دريد(2): الصَفَرَانِ * شهرانِ في السَّنة، سمِّي أحدُهما في الإِسلام المحرَّم. والصَّفَريّ، نباتٌ يكون في أوّلِ الخريفِ. والصَّفَريّ في النَّتاج بعد اليقظيّ.
وأمَّا النَّبات فالصَّفَار، وهو نبتٌ، يقال إنَّه يبيس البُهْمَى. قال:
فبتنا عُرَاةً لدى مُهرِنا
ننزِّعُ من شَفَتيهِ الصَّفَارا(3)
(صفع) الصاد والفاء والعين كلمةٌ واحدة معروفة.
صقل - صقب
(باب الصاد والقاف وما يثلثهما)
__________
(1) البيت للأعشى في ديوانه 219، واللسان (صفر).
(2) الجمهرة (2: 355).
(3) البيت لأبي دُوَاد الإِيادي، كما في حواشي الجمهرة. وسيأتي منسوباً في (عري).(3/230)
(صقل) الصاد والقاف واللام أُصَيلٌ يدلُّ على تمليسِ شيء، ثم يقاس على ذلك. يقال صَقَلْتُ السَّيْفَ أَصقُله، وصائغ ذلك الصَّيقل. والصَّقِيل: السَّيف. ويقال: الفرسُ في صِقاله، أي صِوَانِهِ، وذلك إِذا أُحسنَ القيامُ عليه، كأنَّهُ يُصقَل صَقلاً ويُصنَع.
ومن الباب الصُّقل من الإنسان والفرس، وهو الجنْب، والجنب أشدُّ الأعضاء ملاسةً، فلذلك سمِّي صُقلاً، كأنَّه قد صُقِل. ويقال منه فرس صَقِلٌ، أي طويل الصُّقْلين.
(صقب) الصاد والقاف والباء لا يكاد يكون أصلاً؛ لأنَّ الصَّاد يكون مرَّةً فيه السين، والبابان متداخلان، مرّةً يقال بالسين ومرَّةً بالصاد، إِلاَّ أنَّه يدلُّ على القرب ومع الامتداد مع الدّقَّة.
فأمَّا القُرب فالصَّقَب. وجاء في الحديث:"الجار أحقُّ بِصَقَبِه"، يراد في الشُّفْعة. والصَّاقب: القريب. والرَّجُلان يتصاقبان في المحلّة، إِذا تقارَبا.
وأما الآخر فالصَّقْب: العمودُ يُعمَد به البيت، وجمعه صقوب. قال ذو الرُّمَّة:
* صَقْبانِ لم يتقشَّرْ عنهما النَّجَبُ(1) *
وأما قولهم: صقبت الشيء، إِذا ضَربته فلا يكون إلاَّ على شيءٍ مُصْمَتٍ
صقر - صقع
يابس. فممكنٌ أن يكونَ من الإِبدال، كأنه من صَقعته، فيكون الباء بدلاً من العين.
(صقر) الصاد والقاف والرَّاء أُصَيلٌ يدلُّ على وقع شيء بشدّة. من ذلك الصَّقْر. وهو ضربُكَ الصَّخرةَ بِمعولٍ، ويقال لِلمعْول الصَّاقُور. ويجوز أن يدخل فيه الهاء فيقال الصَّاقُورة.
والصَّقْر هذا الطائرُ، وسمِّي بذلك لأنه يَصقُْر الصّيد صقراً بقُوّة. وصَقَرات الشَّمس: شدّة وقْعِها على الأرض. قال:
إِذا ذابت الشَّمسُ اتَّقى صَقَرانِها
بأفنانِ مَربوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ(2)
__________
(1) صدره كما في ديوان ذي الرمة 28 والحيوان (4: 312): * كأن رجليه مسماكان من عشر *.
(2) البيت لذي الرمة، وقد سبق بتخريجه في (ذوب).(3/231)
وحكي عن العرب(1): جاء فلان بالصُّقَر والبُقَر، إِذا جاء بالكذِب.
فهذا شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه. وكذلك الصَّاقورة في شعر أميّة بن أبي الصَّلت(2) من الشاذّ. ويقال إِنَّها السَّماء الثالثة. وما أحسب ذلك من صحيح كلام العرب. وفي شعر أميَّةَ أشياءُ. فأما الدِّبْس وتسميتُهم إيّاهُ صَقْراً فهو من كلام أهل المدَر، وليس بذلك الخالِص من لغة العرب.
(صقع) الصاد والقاف والعين أصول ثلاثة: أَحدها وقْع شيءٍ على شيءٍ كالضَّرب ونحوه، والآخر صَوت، والثالث غِشْيانُ شيءٍ لشيء.
فالأوَّل: الصَّقْع وهو الضَّرْب بِبُسْط الكفِّ. يقال صَقعه صَقْعاً.
صقع
وأمَّا الصَّوت(3) فقولهم صَقَع الدِّيك يصقَع. ومن الباب خطيب مِصْقعٌ، إِذا كان بليغاً، وكأنَّه سمِّي بذلك لجهارة صوته.
وأمَّا الأصل الثالث، في غِشيان الشَّيءِ الشيءَ، فالصِّقَاعِ، وهي الخرْقة التي تتغشَّاها المرأةُ في رأسها، تقي بها خِمارَها الدُّهنَ. والصَّقيع: البَرْد المحرِق للنَّبات فهذا يصلح في هذا، كأنَّه شيءٌ غَشَّى النَّبات فأحرَقه، ويصلح في باب الضَّرب.
ومن الباب العُقاب الصَّقْعاء: البيضاء الرّأس: كأنَّ البياضَ غشَّى رأسَها. ويقال الصِّقَاع البُرْقُع. والصِّقَاع: شيءٌ يشدُّ به أنفُ الناقة. قال القُطاميّ:
إِذا رأسٌ رأيتُ به طِماحاً
شددتُ له الغمائمَ والصِّقاعا(4)
ومنه الصَّقَع، مثل الغَشْي يأخذ الإنسانَ من الحرِّ، في قول سويد:
* يأخُذ *السَّائرَ فيها كالصَّقَعْ(5) *
__________
(1) بدله في المجمل: "قال ابن دريد". انظر الجمهرة (2: 357).
(2) هي في قول أمية في ديوانه 24:
لمصفدين عليهم صاقورة
صماء ثالثة تماع وتجمد
(3) في الأصل: "الصقع"، تحريف.
(4) ديوان القطامي 45 واللسان (صقع).
(5) صدره كما في المفضليات (1: 191). واللسان (صقع): * في حرور ينضج اللحم بها *.(3/232)
ومن الباب الصَّاقِعة، فممكن أن تُسمَّى بذلك لأنَّها تَغْشى. وممكن أن يكون من الضَّرْب. أما قولُ أوس:
يا بَا دُلَيْجَةَ من لِحَيٍّ مفرَدٍ
صقِع من الأعداءِ في شَوَّالِ(1)
فقال قومٌ: هذا الذي أصابه من الأعداء كالصَّاعقة. والصَّوقَعة: العِمامة؛ لأنَّها تُغَشِّي الرأس.
صكم – صلم
وما بقي من الباب فهو من الإِبدال؛ لأنَّ الصُّقْع النَّاحية. والأصل، فيما ذكر الخليل، السِّين كأنه في الأصل سقع. ويكون من هذا الباب قولهم: ما أدري أين صقَع، أي ذهب، والمعنى إلى أيِّ صقْعٍ ذهبَ. وقال في قول أوسٍ "صقع من الأعداء" هو المُتَنَحِّي الصُّقع.
(باب الصاد والكاف وما يثلثهما)
(صكم) الصاد والكاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على ضربِ الشَّيْء بشدة. فالصَّكْمة: الصَّدْمة الشديدة. والعرب تقول: صكمتهم صواكم الدَّهر. والفرس يصْكُم، إِذا عَضَّ على لجامه مادَّاً رأسه. وقال الفراء: صكمه، إِذا ضَرَبَه ودَفعه.
(باب الصاد واللام وما يثلثهما)
(صلم) الصاد واللام والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قطع واستئصال. يقال صَلَمَ أُذُنَه، إذا استأصَلها. واصْطُلِمَت الأُذُن. أنشد الفرّاء:
مثل النَّعامةِ كانت وهي سالمةٌ
أذْنَاءَ حتَّى زَهَاهَا الحَيْنُ والجُبُنُ(2)
جاءت لتشرِيَ قَرناً أو تعوِّضَه
والدّهر فيه رَبَاحُ البيع والغَبَنُ
فقيل أُذْناكِ ظَلْمٌ ثُمّت اصطُلِمَتْ
إلى الصِّماخ فلا قَرْنٌ ولا أُذُنُ
__________
(1) في ديوان أوس بن حجر 23 واللسان (صقع): "أأبا دليجة". ورواية المقاييس هذه بحذف همزة الأب، كما جاء في قوله:
يا با المغيرة والدنيا مغيرة
وإن من غرت الدنيا لمغرور
(2) كذا جاء على الصواب في الأصل واللسان (جنن). والجنن بضمتين: الجنون. وفي المجمل : "والجبن" تحريف. وفي أمثال الميداني عند قولهم: (كطالب القرن جدعت أذنه): "حتى زهاها الحين والحبن"، تحريف أيضاً.(3/233)
والصَّيْلم: الدَّاهِية، والأمر العظيم، وكأنَّه سمِّي بذلك لأنَّه يَصْطَلِم. فأمَّا
صلي
الصَّلامَة، ويقال بالكسر الصِّلاَمة، فهي الفِرقة من النّاس، وسمّيت بذلك لانقطاعِها عن الجماعة الكثيرة. قال:
لأمِّكم الويلاتُ أنّى أتيتُم
وأنتم صَِلاَماتٌ كثيرٌ عديدُها(1)
(صلي) الصاد واللام والحرف المعتل أصلان: أحدهما النار وما أشبهها من الحُمَّى، والآخر جنسٌ من العبادة.
فأمَّا الأوّل فقولهم: صَلَيْتُ العُودَ بالنار(2). والصَّلَى صَلَى النّار. واصطّليتُ بالنَّار. والصِّلاَء: ما يُصْطَلَى بِهِ وما يُذكَى به النَّار ويُوقَد. وقال(3):
تَجْعَلُ العودَ واليَلَنْجُوجَ والرَّنْـ
ـدَ صِلاَءً لَها على الكَانونِ(4)
وأمَّا الثاني : فالصَّلاَةُ وهي الدُّعاء. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذا دُعِيَ أحدُكم إلى طَعامٍ فليُجِبْ، فإِنْ كان مفطراً فليأكلْ، وإِنْ كانَ صائماً فليصلّ"، أي فليَدْعُ لهم بالخير والبركة. قال الأعشى:
تقول بِنْتي وقد قرَّبتُ مُرْتَحَلاً
ياربِّ جنِّبْ أبي الأوصابَ والوَجَعَا(5)
عليكِ مثلُ الذي صَلَّيتِ فاغتَمِضِي
نوماً فإنَّ لِجَنْبِ المرءِ مُضْطَجَعا
وقال في صفة الخمر:
وقابَلَها الرِّيحُ في دَنِّها
وصلَّى على دَنِّها وارتَسمْ(6)
صلب
__________
(1) في الأصل: "أي أتيتم صلامات"، وتصحيحه وإكماله من المجمل.
(2) زاد في المجمل: "إذا لينته".
(3) هو أبو دهبل الجمحي كما في شرح القصائد السبع لابن الأنباري في البيت السابع من القصيدة السادسة.
(4) الرند: العود الذي يتبخر به. وفي الأصل: "الزند"، تحريف.
(5) ديوان الأعشى 73.
(6) ديوان الأعشى 29 واللسان (رسم). وروي في الديوان: "وارتشم".(3/234)
والصلاة هي التي جاء بها الشَّرع من الركوع والسُّجود وسائرِ حدودِ الصلاة. فأمَّا الصَّلاة من الله تعالى فالرَّحمة، ومن ذلك الحديث: "اللهمَّ صلِّ على آل أبي أوْفى". يريد بذلك الرَّحمة.
ومما شذَّ عن الباب كلمةٌ جاءت في الحديث: "إنَّ للشّيطان فُخوخاً وَمَصَالِيَ"، قال: هي الأشراك، واحدتها مِصْلاَةٌ.
(صلب) الصاد واللام والباء أصلان: أحدهما يدلُّ على الشدّة والقوّة، والآخر جنس من الوَدَك.
فالأوَّل الصُّلب، وهو الشيء الشَّديد. وكذلك سُمِّيَ الظَّهر صُلْباً لقوّته. ويقال إنَّ الصَّلَبَ الصُّلْبُ. ويُنشَد:
* في صَلَبٍ مثلِ العِنانِ المُؤْدَم(1) *
ومن ذلك الصَّالب من الحُمَّى، وهيَ الشَّديدة. قال:
وماؤُكما العذب الذي لو شربتُهُ
وبي صالبُ الحمَّى إِذاً لَشَفَاني(2)
وحكى الكسائيّ: صَلَبَتْ عليه الحمَّى، إذا دامت عليه واشتدَّت، فهو مصلوبٌ عليه.
ومن الباب الصُّلّبيَّة: حجارة المِسَنّ(3)، يقال سِنان مصَلَّبٌ، أي مسنون. ومنه التّصليب، وهو* بلوغ الرُّطَب اليُبس؛ يقال صَلَّبَ. ومن الباب الصَّليب، وهو العَلَم. قال النابغة:
صلت
ظلَّتْ أقاطيعُ أنعامٍ مؤبّلةٍ
لدى صَلِيبٍ على الزوراءِ منصوبِ(4)
وأما الأصل الآخر فالصَّليب، وهو وَدَك العَظْم. يقال اصطَلَبَ الرجُل، إِذا جَمَع العظامَ فاستخرج وَدَكها ليأْتدِم به. وأنشد:
* وباتَ شَيخ العِيال يَصطَلِبُ(5) *
__________
(1) البيت للعجاج كما في إصلاح المنطق 46، 98. وليس في ديوانه.
(2) لطهمان بن عمرو الكلابي، كما في معجم البلدان (دمخ)، من أبيات سبق أحدها (دمخ).
(3) شاهده قول امرئ القيس:
* كحد السنان الصلبي النحيض *
... أراد بالسنان: المسن.
(4) ديوان النابغة: 11.
(5) للكميت الأسدي، في اللسان (صلب 16)، وإصلاح المنطق 46. وصدره:
* واحتل برك الشتاء منزله *.(3/235)
قالوا: وسمِّيَ المصلوبُ بذلك كأنَّ السِّمَن يجري على وجهه.(1)[والصليب: المصلوب]، ثمَّ سمِّي الشيء الذي يُصلَب عليه صَليباً على المجاورة. وثوب مُصَلَّبٌ، إذا كان عليه نقشُ صَليب. وفي الحديث في الثوب المصلَّب، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "كان إِذا رآه في ثوبٍ قَضَبه"، أي قَطَعَه. فأمَّا الذي يقال، إنَّ الصَّولَبَ البَذْر يُنْثَر على وجه الأرض ثم يُكرَبُ عليه، فمن الكلام المولّد الذي لا أصلَ له.
(صلت) الصاد واللام والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بروزِ الشيء ووضوحه. من ذلك الصُّلْت، وهو الجبين الواضح؛ يقال صَلْت الجبين، يُمدَح بذلك. قال كُثَيِّر:
صَلْت الجبين إِذا تبسَّم ضاحكاً
غلِقَتْ لِضَحْكَتِهِ رقابُ المالِ
وهذا مأخوذٌ من السَّيف الصَّلْت والإِصليت، وهو الصَّقيل. يقال: أَصْلَتَ فلانٌ سيفَهُ، إِذا شامَهُ من قِرابِهِ.
صلج – صلح – صلخ - صلد
ومن الباب الصُّلت(2) وهو السّكّين، وجمعه أصلات. ويقال: ضَرَبَهُ بالسيف صَلْتاً وصُلْتاً. ومن الباب: الحمار الصَّلَتان، كأنَّه إذا عدا انصلت، أي تبرَّز وظَهَرَ. ومن الباب قولهم: جاء بمرَق يَصْلِت، إِذا كان قليلَ الدَّسَمِ كثيرَ الماءِ. وإِنَّما قيل ذلك لبُروزِ مائِهِ وظُهورهِ، من قلّة الدَّسَمِ على وجهه.
(صلج) الصاد واللام والجيم ليس بشيءٍ، لقلّة ائتلافِ الصاد مع الجيم. وحكيت فيه كلماتٌ لا أصل لها في قديم كلام العرب. من ذلك الصَّولَج، وهي فيما زعموا الفضَّة الجيدة. يقال هذه فضَّةٌ صوْلج. ومنه الصَّولَجان. ويقال: الأصلج: الأملس الشَّديد. وكلُّ ذلك لا معنى له.
(صلح) الصاد واللام والحاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِلاف الفَساد. يقال صلُحَ الشَّيءُ يصلُحُ صلاحاً. ويقال صَلَح بفتح اللام. وحكى ابنُ السكِّيت صلَحَ وصلُح. ويقال صَلَح صُلوحاً. قال:
__________
(1) في المجمل: "لأن ماء السمن يجري فيه".
(2) يقال بفتح الصاد وضمها.(3/236)
وكيف بأطْرافي إِذا ما شتمتَني
وما بعد شَتْم الوالِدَينِ صُلوحُ(1)
وقال بعض أهل العلم: إنَّ مكة تسمَّى صَلاحاً(2).
(صلخ) الصاد واللام والخاء فيه كلمة واحدة. يقال إنَّ الأَصلَخَ الأصمّ. قال سَلَمَة: قَال الفرّاء: "كان الكميتُ أصمَّ أَصْلَخَ".
(صلد) الصاد واللام والدال أصلٌ واحدٌ صحيح، يدلُّ على صلابةٍ ويُبْس. من ذلك الحجر الصَّلْد، وهو الصُّلْب. ثم يُحْمَل [عليه] قولُهم: صَلِدَ الزّندُ، إِذا صلع
لم يُخرِج نارَه. وأصْلَدته أنا. ومنه الرّأسُ الصَّلْد الذي لا يُنبِتُ شعراً، كالأرضِ التي لا تُنبِتُ شيئاً. قال رؤبة:
* برّاقَ أصلادِ الجبينِ الأجلهِ(3) *
ويقال للبخيل أَصْلَد، فهو إمَّا من المكان الذي لا يُنبِت، أو الزَّنْد الذي لا يُورِي. ويقال ناقةٌ صلودٌ، أي بكِيئَةٌ قليلة اللّبَن غليظةُ جلدِ الضَّرع. ومنه الفَرسُ الصَّلُود، وهو الذي لا يَعرَق. فإِذا نُتِجَت النّاقةُ ولم يكن لها لبنٌ قيل ناقة مِصلادٌ.
(صلع) الصاد واللام والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاسةٍ. من ذلك الصَّلَع في الرّأْس، وأصله مأخوذٌ من الصُّلاَّع، وهو العريض من الصَّخر الأملس، الواحد صُلاَّعة. وجبلٌ [صليع(4)]: أملس لا ينبت شيئاً. قال عمرو بن
معد يكرب:
[وزَحفُ كتيبةٍ للقاء أخرى
كأنَّ زهاءَها رأسٌ صليع](5)
__________
(1) إصلاح المنطق 124. وقال: وأطرافه: أبواه وإخوته وأعمامه وكل قريب له محرم". وفي اللسان (صلح): "بإطراقي"، تحريف. وسيأتي في (طرف).
(2) ويقال أيضاً: "صلاح" كقطام.
(3) قبله في ديوانه 165 واللسان (جله):
* لما رأتني خلق المموه *.
(4) التكملة من جمهرة ابن دريد (3: 77).
(5) البيت ساقط من الأصل، وليس في المجمل. وإثباته من الجمهرة في الموضع السالف. وفي الأصمعيات 44: "وسوق كتيبة دلفت لأخرى".(3/237)
ويقال للعُرفُطةِ إِذا سقطت رؤوسُ أغصانِها: صَلْعَاء. وتسمَّى الداهية صلعاء، أي بارزة ظاهرة لا يَخْفَى أمرُها. والصَّلْعة(1): موضع الصَّلَع من الرَّأْس. والصَّلْعاء من الرمال: ما لا يُنبِتُ شيئاً من نَجْم ولا شجر. ويقال * لجنسٍ من الحيات: الأُصَيْلِع، وهو مثل الذي جاء في الحديث: "يجيء كَنْزُ أحدهم يومَ
صلغ - صلف
القيامة شجاعاً أَقْرَع(2)". ويريد بذلك الذي انمارَ (3) شعَر رأسه، لكثرة سِمَنه. قال الشاعر:
قَرَى السُّمَّ حتَّى انمارَ فروةُ رأسِهِ
عن العظم صِلٌّ فاتكُ اللَّسْعِ ماردُ(4)
(صلغ) الصاد واللام والغين ليس بأصلٍ؛ لأنّه من باب الإِبدال. يقال للذي تَمَّ سِنُّه من الضَّأنِ في السَّنةِ الخامسة: صالغ. وقد صَلَغ صُلُوغاً.
(صلف) الصاد واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّةٍ وكَزازة. من ذلك الصَّلَف، وهو قِلّة نَزَلِ الطّعام(5). ويقولون في الأمثال: "صَلَفٌ تحت الرّاعِدة"، يقال ذلك لمن يُكثِر كلامه ويَمدح نفسَه ولا خير عنده.
ومن الباب: قولهم: صَلِفَت المرأةُ عند زوجها، إِذا لم تَحْظَ عنده. وهي بيِّنة الصَّلَف. قال:
* وآبَ إِليها الحزْنُ والصَّلَفُ(6) *
صلق
__________
(1) تقال بالتحريك، وبالضم أيضاً.
(2) سبق الحديث في مادة (شجع) ص 248.
(3) في الأصل: "انماز" في هذا الموضع والبيت التالي، تحريف. وانمار الشعر: انتتف.
(4) قرى السم: جمعه. وفي الأصل: "ترى"، تحريف.
(5) النّزل، بالتحريك وبالضم: البركة. وفي الأصل: "ترك الطعام"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.
(6) من بيت للأعشى، وهو بتمامه كما في الديوان 210 والجمهرة (3: 81):
إذا آب جارتها الحسناء قيمها
ركضا وآب إليها الحزن والصلف
... ويروى : "الثكل والتلف".(3/238)
قال الشيبانيّ: يقال للمرأة : أَصلَفَ اللهُ رُفْغَها(1). وذلك أن يبغّضَها إلى زوجها.
والأصل في هذا الباب قولهم للأرض الصُّلْبَة صَلْفاء، وللمكان الصُّلب أصلف. والصَّلِيفُ(2): عُرْض العُنُق، وهو صلْبٌ. والصَّلِيفان: عُودانِ يعترضانِ على الغَبيطِ تَشَدُّ بهما المَحامِل. قال:
* أقبُّ كأنَّ هادِيَهُ الصَّليفُ(3) *
فأمّا الرَّجل الصَّلِف فهو من هذا، وهو من الكَزازة وقِلّة الخير. وكان الخليل يقول: الصَّلف مجاوزة قدر الظَّرف، والادِّعاءُ فوق ذلك.
(صلق) الصاد واللام والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على صيحةٍ بقوّة وصَدْمةٍ وما أشبَهَ ذلك. فالصَّلْق: الصوت الشَّديد. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس مِنَّا مَنْ صَلَقَ أو حَلَقَ". يريد شدّة الصِّياح عند المصيبةِ تَنْزِل. والصَّلاَّق والمِصلاق: الشديد الصوت. والصَّلْقة: الصَّدْمة والوقعة المُنكَرة. قال لبيد:
فصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقةً
وصُداءٍ ألحَقَتْهم بالثَّلَلْ(4)
قال الكسائي: الصَّلْقة الصِّياح، وقد أصلَقُوا إصلاقاً. واحتجَّ بهذا البيت.
صلق
وقال أبو زيد: صَلَقَه بالعصا: ضَرَبَه. والصَّلْق : صَدم الخَيل في الغارة. ويقال صَلَقَ بنو فلانٍ بني فلان، إِذا أوقعوا بهم فقتلوهم قتلاً ذَريعاً. ويقال تصلَّقت الحاملُ، إِذا أخذها الطَّلْق فألقت بنفسها [على] جَنْبَيْها(5) مرَّةً كذا ومرَّة كذا. والفحل يُصْلِق بنابه إِصلاقاً، وذلك صَريفُهُ. والصَّلَقات: أنياب الإِبل التي تَصْلِق. قال:
__________
(1) الرفغ، بالضم: واحد الأرفاغ، وهي المغابن من الآباط وأصول الفخذين، وفي الأصل: "رفعها" تحريف. وفي المجمل واللسان:"رفغك".
(2) بدلها في الأصل: "وهو"، وأثبت ما في المجمل واللسان.
(3) صدره في تاج العروس:
* ويحمل بزه في كل هيجا *.
(4) سبق البيت وتخريجه في (1: 369).
(5) في الأصل: "جبينها"، وتصحيحها والتكملة قبلها من المجمل واللسان.(3/239)
لم تَبْكِ حولك نِيبُها وتقاذفَتْ
صَلَقاتُها كَمَنابتِ الأشجارِ(1)
فأمَّا القاع المستدير فيقال له الصَّلَق، وليس هو من هذا، لأنَّه من باب الإبدال وفيه يقال السَّلَق، وقد مضى ذِكره. وينشد بيت أبي دؤاد بالسين والصاد:
تَرى فاه إذا أقبـ
ـل مثل الصَّلَقِ الجَدْبِ(2)
ولا انكر أن يكون هذا البابُ كلُّه محمولاً على الإِبدال. فأمَّا الصَّلائق فيقال هو الخبز الرّقيق، الواحدة صليقة، فقد يقال بالراء الصريقة، ويقال بالسين السَّلائق. ولعلَّه من المولّد.
صمي – صمت
(باب الصاد والميم وما يثلثهما )
(صمي) الصاد والميم والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على السُّرعة في الشيء. يقال للرَّجُل المبادِر إلى القتال شَجاعةً: هو صَمَيانٌ. وهو من الصَّمَيان وهو الوثْب والتقلُّب. ويقال انصمى الطائر، إِذا انقضَّ. ويقال أصمى الفَرسُ، إِذا مضى على وجْهه عاضّاً على لجامه.
ومن الباب: رمى الرَّجُل الصّيدَ فأصمى، إذا قتله مكانه، وهو خلاف أنْمَى.
(صمت) الصاد والميم والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على إبهام وإغلاق. من ذلك صَمَتَ الرّجُل، إذا سَكَتَ، وأَصْمَت أيضاً. ومنه قولهم: "لقيتُ فلاناً ببلدة إِصْمِتَ"، وهي القَفر التي لا أحد بها، كأنها صامتةٌ ليس بها ناطق. ويقال "ماله صامتٌ ولا ناطق". فالصَّامت: الذّهب والفِضّة. والنَّاطق: الإِبل والغنم والخيل. والصَّمُوت: الدِّرْع * الليّنة التي إِذا صَبَّها(3) الرَّجُل على نفسه لم يُسمَع لها صوت. قال:
وكلِّ صموتٍ نثرةٍ تُبّعيَّةٍ
ونسج سليمٍ كل قَضَّاءَ ذائِلِ(4)
__________
(1) في الأصل: "لمنابت الأشجار"، صوابه من اللسان (صلق).
(2) البيت مع قرين له في اللسان (صلق).
(3) صبها، أي لبسها. وفي الأصل: "صلبها"، تحريف. وفي المجمل: "إذا صبت".
(4) البيت للنابغة في ديوانه 64 واللسان (صمت). ورواية الديوان واللسان: "نثلة" وهما سيان.(3/240)
وبابٌ مُصْمَت: قد أُبْهِمَ إغلاقه. والصامت من اللبن: الخاثر؛ وسمِّي بذلك لأنه إذا كان كذا فأفرغ في إناء لم يُسمع له صوت. ويقال: بِتُّ على صِمات ذاكَ، أي على قَصْدِهِ. فيمكن أن يكون شاذّاً، ويمكن أن يكون من الإِبدال، كأنّه مأخوذٌ من السَّمْت، وهي الطَّريقة. قال:
صمج – صمح – صمخ – صمد
وحاجةٍ بتُّ على صِمَاتِها(1)
أتيتُها وَحْدِيَ مِنْ مَأْتاتها
ويقال : رمَاه بصِماتِهِ، أي بما أصمته. وأعطى الصَّبيَّ صُمْتَةً، أي ما يسكّنه.
(صمج) الصاد والميم والجيم ليس بشيء، على أنَّهم يقولون: الصَّمَج: القناديل، الواحدة صَمَجة. وينشدون:
* والنَّجم مثل الصَّمَج الرُّوميَّاتْ(2) *
(صمح) الصاد والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على قوّةٍ في الشيء، أو طُول. يقال الصَّمَحْمَح: الطَّويل. ويقولون: إنَّ الصُّمَاح الكيّ. والصُّمَاح: النَّتن. والصِّمحاءَةُ: المكان الخَشن.
(صمخ) الصاد والميم والخاء أصلٌ واحد وكلمة واحدة، وهو الصِّماخ: خَرْق الأُذُن. يقال صَمَخْتُهُ، إِذا ضَربتَ صِماخَه.
(صمد) الصاد والميم والدال أَصلان: أحدهما القَصْد، والآخَر الصَّلابة في الشَّيء.
فالأوَّل: الصَّمْد: القصد. يقال صَمَدْتُه صَمْداً. وفلان مُصَمَّدٌ، إِذا كان سيِّداً يُقصَدُ إليه في الأمور. وصَمَدٌ أيضاً. والله جلَّ ثناؤه الصَّمَد؛ لأنه يَصْمِد إليه عبادُهُ بالدُّعاء والطَّلَب. قال في الصَّمَد(3):
صمر – صمع
علوتُهُ بحُسامٍ ثم قلتُ له
خذْها حُذَيفَُ فأنت السيِّد الصَّمَدُ(4)
وقال في المصَمَّد طَرَفَة:
وإِنْ يَلْتَقِي الحيُّ الجميعُ تُلاقِني
__________
(1) البيت في اللسان (صمت 361).
(2) البيت للشماخ، كما في اللسان (صمج). وفي ديوانه 103 أرجوزة البيت وليس فيها البيت.
(3) بدله في المجمل: "أنشدني أبي رحمه الله".
(4) أنشده في اللسان (صمد) بدون نسبة.(3/241)
إلى ذِروةِ البيت الرَّفيعِ المُصمَّدِ(1)
والأصل الآخر الصَّمْد، وهو كلُّ مكانٍ صُلْب. قال أبو النَّجم:
* يغادِرُ الصَّمْدَ كظَهْر الأَجزَلِ(2) *
(صمر) الصاد والميم والراء، قال ابن دريد(3): فعلٌ ممات، وهو أصل بناء الصَّمِير. يقال رجل صَمِير: يابس اللَّحم على العِظام.
ويقال الصَّمْر: النَّتْن. ويقال المتصمِّر: المتشمِّس. ويقولون: لقيتُه بالصُّمَير، أي وقتَ غُروب الشّمس. وفي كلِّ ذلك نظَر.
(صمع) الصاد والميم والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على لطافةٍ في الشّيء وتضامٍّ. قال الخليلُ وغيره: كلُّ منضمٍّ فهو متصمِّع. قال: ومن ذلك اشتقاق الصَّومعة. ومن ذلك الصَّمع في الأُذنَين. يقال هو أصمعُ، إِذا كان أَلصَق(4) الأذنين. ويقال: قلبٌ أصمع، أي لطيف ذكيّ. ويقال للبُهْمَى إِذا ارتفعت ولم تتفَقأ: صَمْعاء. وذلك أنَّها [إِذا] كانت كذا كانت منْضَمَّةً لطيفة. وإِذا تلطَّخَ الشَّيء بالشيء فتجمَّعَ كريش السَّهم فهو متصمِّع. قال:
صمغ - صمك – صمل
فرمَى فأنفَذَ من نَحُوصٍ عائطٍ
سهماً فخرّ وريشُه مُتصمِّعُ(5)
أي متلطّخ بالدّم منْضمّ. والكلاب صُمْعُ الكعوب، أي صغارُها ولِطافُها قال النابغة:
* صُمْعُ الكُعوبِ بريئاتٌ من الحَردِ(6) *
__________
(1) البيت من معلقته المشهورة.
(2) أنشده في اللسان (صمد، جزل). وقد سبق في (جزل) حيث نبهت على أن صواب روايته: "تغادر" بالتاء. ويؤيد هذا الصواب أيضاً أنها رويت بالتاء في "أم الرجز" المنشورة في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق في العدد 8 سنة 1347.
(3) في الجمهرة: (2: 359).
(4) كذا وردت هذه التكملة، وفي المجمل: "الأصمع: اللاصق الأذنين".
(5) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 8، والمفضليات (2: 225) واللسان (صمع).
(6) صدره كما في الديوان 19 واللسان (صمع):
* فبثهن عليه واستمر به *.(3/242)
(صمغ) الصاد والميم والغين كلمةٌ واحدة، هي الصَّمغ(1).
(صمك) الصاد والميم والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على قوةٍ وشِدة. من ذلك الصمكْمَك، وهو القويّ. وكذلك الصَّمْكُوك: الشَّيء الشديد. والصَّمكيك: كلُّ شيءٍ لزِج كاللُّبان ونحوِه. ويقال اصْمَاكَّ الرَّجلُ، إذا تغضّبَ(2). وهو ذاك القياس. واصماكّ اللّبنُ، إِذا خثُر حتَّى يشتدّ فيصير كالجبْن.
(صمل) الصاد والميم واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِدّة وصلابة. يقال صَمَلَ الشيء صُمُولاً، إِذا صلُب واشتدَّ. ورجل صُمُلٌّ: شديد البَضْعة . وكان الخليل يقول: لا يقال ذلك إلاّ للمجتمع السنّ. واصمألَّ النّباتُ، إِذا قوِيَ والتفّ. والصَّامل مِنْ كلِّ شيء: اليابس. وصَمَل الشّجر، إِذا لم يجد رِيّاً فَخشُن. ويقال صَمَله بالعصا، إِذا ضَربَهُ. والله أعلم بالصواب.
صنو – صند - صنر
(باب الصاد والنون وما يثلثهما)
(صنو) الصاد والنون والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على تقارُب بين شيئين، قرابةً أو مسافةً. من ذلك الصِّنو: الشَّقيق. وعمُّ الرّجل صِنوُ أبيه. وقال الخليل، يقال فلانٌ صِنْوُ فلانٍ، إذا كان أخاه وشقيقَه لأمِّه وأبيه. والأصل في ذلك النَّخلتانِ تخرجان(3) من أصلٍ واحدٍ، فكلُّ واحدة منهما على حيالها صِنوٌ، والجمع صِنوانٌ. قال الله تعالى: { وَنَخِيل صِنْوانٌ وغيرُ صِنْوانٍ } .[الرعد 4]. قال أبو زيد رِكيَّتانِ صِنْوانِ، وهما المتقاربتان حتى لا يكونَ بينهما من تقارُبهما حَوْض.
ومما شذَّ عن هذا الأصل الصِّنو: مثل الرّدْهَة تُحفَر في الأرض، وتصغيره، صُنَيٌّ. قالت ليلى:
أنابِغَ لم تَنْبَغْ ولم تكُ أوَّلاً
وكنْتَ صُنَيَّاً بين صُدَّيْن مَجْهَلا(4)
__________
(1) الصمغ، بسكون الميم، وقد تفتح.
(2) في الأصل، "تغضت"، صوابه في المجمل.
(3) في الأصل: "تخرج".
(4) أنشده في اللسان (صنا). تقوله للنابغة الجعدي.(3/243)
(صند) الصاد والنون والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على عظم قدْر وعظم جِسْم. من ذلك الصِّندِيد، وهو السَّيّد الشَّريف، والجمع صناديد. ويقال صناديد البَرَدِ: باباتٌ منه ضِخام. وغيثٌ صِنديدٌ: عظيم القَطْر. ويقال للدَّواهِي الكبارِ صناديد. ويروى عن الحسن في دعائِة: "نعوذُ بك من صناديد القَدَر" أي دواهِيه.
(صنر) الصاد والنون والراء ليس بأصلٍ، ولا فيه ما يعوَّل عليه لقلَّة الرَّاء
صنع – صنف
مع النون. على أنَّهم يقولون الصِّنَارة بلغة اليمن: الأذُن. والصِّنَارة: حديدةٌ في المِغْزَل مُعَقَّفَة. وليس بشيء.
(صنع) الصاد والنون والعين أصلٌ صحيح واحد، وهو عملُ الشيء صُنْعَاً. وامرأة صَنَاعٌ ورجلٌ صَنَعٌ، إِذا كانا حاذقَين فيما يصنعانه. قال:
خَرقاء بالخيرِ لا تهْدِي لوِجْهَتِهِ
وهي صَنَاعُ الأَذى في الأهلِ والجارِ
والصَّنِيعة: ما اصطنعتَه مِنْ خير. والتصنُّع: حُسن السَّمْت. وفرسٌ صَنِيعٌ: صَنَعَه أهلُه بحُسْن القِيام عليه. والمَصانع: ما يُصنَعُ من بئرٍ وغيْرِها للسَّقي.
ومن الباب: المُصانَعة، وهي كالرِّشْوة.
وممّا شذَّ عن هذا الأصل الصِّنْع، يقال إِنَّه السَّفُّود. وقال المَرّار(1):
(صنف) الصاد والنون والفاء أَصلٌ صحيح مطّرد في معنيين، أحدهما الطّائفة من الشّيء، والآخر تمييز الأشياء بعضها عن بعض.
فالأوَّل الصِّنْف، قال الخليل: الصِّنْف طائفةٌ من كلِّ شيء. وهذا صِنفٌ من الأصناف أيْ نوع. فأمّا صنفة الثَّوب(2) فقال قوم: هي حاشيتُهُ. وقال آخرون: بل هي النّاحية ذات الهُدْب.
والأصل الآخَر، قال الخليل: التَّصنيف: تمييز الأشياءِ بعضها عن بعض.
صنق - صنم – صنج – صهو
__________
(1) كذا ورد الكلام مبتوراً. وفي المجمل: "والصنع في شعر المرار السفود". ولم أجد شاهداً إلا قول الشاعر في اللسان (صنع):
* صنع اليدين بحيث يكوى الأصيد *
(2) يقال صنفة، بفتح فكسر، وبكسر فسكون.(3/244)
ولعَّل تصنيف الكتاب من هذا. والغريب المصنَّف من هذا، كأنَّه مُيِّزَت أبوابُه فجُعِلَ لكلِّ بابٍ حَيِّزُه. فأمَّا أصله في لغة العرب فمن قولهم صَنّفَت الشَّجرةُ، إذا أخرجت ورقَها. قال ابن قيسِ الرُّقيّات:
سَقْياً لِحُلْوانَ ذي الكُرومِ وما
صَنَّفَ من تينه ومن عِنَبِه(1)
(صنق) الصاد والنون والقاف كلمة إن صحَّت. يقولون إنَّ الصَّنَق: الذَّفر. وحكى بعضُهم : أَصْنَقَ الرجلُ في ماله، إِذا أحسَنَ القيامَ عليه.
(صنم) الصاد والنون والميم كلمةٌ واحدةٌ لا فرعَ لها، وهي الصَّنَم. وكان شيئاً يُتَّخَذُ من خشبٍ أو فضّة أو نُحاسٍ فيُعبَد.
(صنج) الصاد والنون والجيم ليس بشيء. والصَّنْج دَخِيل.
(باب الصاد والهاء وما يثلثهما)
(صهو) الصاد والهاء والحرف المعتلّ أُصَيْلٌ يدلُّ على علوّ. من ذلك الصَّهْوَة، وهو مَقعد الفارس مِنْ ظَهْر الفَرَس. والصَّهَوات: أعالي الرَّوَابِي، ربما اتُّخِذَت فوقَها بُرُوج، الواحدة صَهْوَة. وقال الشيباني: الصِّهاء: مناقع الماء الواحد صهوة. وهذا وإن كان صحيحاً فإنّ القِياس أن يكون مناقِعَ في أماكنَ عالية.
ومن الباب أن يصيب الإنسان جُرْحٌ ثم يَنْدَى دائماً، فيقال صَهِيَ يَصْهَى، وهو ذلك القِياس؛ لأنَّه ندىً يعلو الجُرح.
صهر - صهد
(صهر) الصاد * والهاء والراء أصلان: أحدهما يدلُّ على قُربَى، والآخر على إِذابة شيء.
فالأوّل الصِّهْر، وهو الخَتَن. قال الخليل: لا يقال لأهلِ بيت الرجل إلاَّ أَخْتَانٌ، ولا لأهل بيت المرأة إلاَّ أصهار. ومن العرب من يجعلهم أصهاراً كلَّهُم. قال ابن الأعرابيّ: الإصهار: التَّحَرُّم بجِوارٍ أو نَسَب أو تَزَوُّج. وفي كلِّ ذلك يُتأَوَّل قولُ القائل:
قَود الجياد وإِصهارُ الملوك وصَبـ
ـرٌ في مواطنَ لو كانوا بها سئموا(2)
__________
(1) ديوان ابن قيس الرقيات 82 واللسان (صنف).
(2) البيت لزهير في ديوانه 161 واللسان (صهر). وقبله:
فضله فوق أقوام ومجده
ما لن ينالوا وإن جادوا وإن كرموا(3/245)
والأصل الآخر: إِذابة الشَّيء. يقال صَهَرْتُ الشَّحمةَ. والصُّهارة: ما ذاب منها. واصطهرتُ الشَّحمة. قال:
وكنتَ إِذا الوِلدانُ حَانَ صَهيرُهم
صَهَرْتَ فلم يَصْهَرْ كصهرِكَ صاهر(1)
يقال صَهَرْتَه الشَّمْسُ، كأنّها أذابته. يقال ذلك للحِرباء إِذا تلألأ ظَهْرُه من شدّة الحرّ. ويقال إِنّهم يقولون: لأَصْهَرنَّه بيمينٍ مُرَّة. كأنه قال: لأُذِيبَنَّه.
(صهد) الصاد والهاء والدال بناءٌ صحيح يدلُّ على ما يُقارب الباب الذي قبله. يقولون: صَهَدَته الشَّمس مثل صَهَرَتْه الشَّمْس. ثم يقال على الجِوار
صهب – صهل - صهم
للسَّرابِ الجاري صَيْهَد. قال الهذلي(2)في صيهد الحَرِّ:
وذكَّرها فَيْحُ نَجْمِ الفُرو
عِ من صَيْهدِ الصَّيْفِ بَرْدَ الشَّمالِ(3)
(صهب) الصاد والهاء والباء بناءٌ صحيح، وهو لونٌ من الألوان من ذلك الصُّهْبَة: حُمرةٌ في الشَّعر، يقال رجلٌ أصهب. والصَّهْباء: الخمْر؛ لأنَّ لونَها شبيبهٌ بهذا، والمُصَهَّب من اللحم: ما اختلطت حُمرتُهُ ببياض الشَّحم وهو يابس. وأمَّا الصُّخور فيقال الصَّياهِب، فممكنٌ أن يكون ذلك اللّون، ويمكن أن يكون لشدتها، أو يكون من الصَّيْخَد ويصير من باب الإِبدال. ويقولون لليوم الشَّديد البرد: أصهب، وذلك لما يعلو الأرض من الألوان.
(صهل) الصاد والهاء واللام أصلٌ صحيحٌ، وفروعه قليلة، ولعلّه ليس فيه إلاّ صَهَل الفرس، وفرسٌ صَهَّال.
__________
(1) أنشده في المجمل أيضاً.
(2) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ونسخة الشنقيطي 79.
(3) في اللسان (صهر): "فأوردها فيج". وأنشده في (فرع) بروايتنا هذه وقال: "هي فروع الجوزاء بالعين، هو أشد ما يكون من الحر. فإذا جاءت الفروغ بالغين، وهي من نجوم الدلو، كان الزمان حينئذٍ بارداً ولا فيح يومئذٍ".(3/246)
(صهم) الصاد والهاء والميم أصلٌ صحيح قليل الفروع، لكنَّهم يقولون: الصِّهْميم: السيِّئُ الخُلق من الإِبل، ويشبِّهون به الرَّجُلَ الذي لا يثبت على رأيٍ واحد. والله أعلم.
صوي - صوب
(باب الصاد والواو وما يثلثهما)
(صوي) الصاد والواو والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ وصَلابة ويُبْس. عن ابن دريد(1): "صَوَى الشَّيء، إذا يَبِس، فهو صاوٍ. ويقال صوِيَ يَصوَى". والصَّوَّانُ: حجارةٌ فيها صلابة. وربَّما استُعِير من هذا وحُمِلَ عليه فقيل صَوَّيْت لإِبلي فَحْلاً، إذا اخترتَه لها. ولا يكون الاختيارُ وحدَه تصويَةً، لكن يُصنَع لذلك حتَّى يقوَى ويصلُب. قال:
* صَوَّى لها ذا كَِدْنَةٍ جُلْذيَّا(2) *
وهذا مشتقٌّ من التَّصوية في الشتاء، وذلك أن يُيَبَّس أخلافُ الشَّاة ليكون أسمَنَ لها. يقال صَوَّاها أصحابُها.
ومن الباب الصُّوَى، وهي الأعلام من الحجارة. وقول من قال إنّها مُخْتَلَف الرِّياح فالأعلام لا تكون إلاّ كذا. قال:
* وَهَبَّتْ له ريحٌ بمختلَفِ الصُّوى(3) *
(صوب) الصاد والواو والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على نزولِ شيءٍ واستقرارِهِ قَرَارَه. من ذلك الصَّوَابُ في القول والفعل، كأنَّه أمرٌ نازلٌ مستقِرٌّ قرارَه. وهو خلاف الخطأ. ومنه الصَّوْب، وهو نزول المطر. والنازل صَوبٌ أيضاً. والدّليلُ على صحّة هذا القياس تسميتُهم للصَّواب صَوْباً. قال الشاعر(4):
صوت
ذَرِيني إِنَّما خطئي وصَوبِي
عليَّ وإِنَّما أَنفقتُ مالِي(5)
__________
(1) الجمهرة (3: 91).
(2) الكدنة، بضم الكاف وكسرها. والبيت للفقعسي، كما في اللسان (صوي). وأنشده في (جلذ)، بدون نسبة.
(3) لامرئ القيس. وعجزه في الديوان 54 واللسان (صوي):
* صبا وشمال في منازل قفال *.
(4) هو أوس بن غلفاء، كما في اللسان (صوب).
(5) كذا ورد إنشاده. وصوابه: "وإن ما أهلكت مال"، بالقافية المرفوعة الروي. وقبله كما في اللسان:
ألا قالت أمامة يوم غول
تقطع بابن غلفاء الحبال(3/247)
ويقال الصَّيِّب السّحاب ذو الصَّوْب. قال الله تعالى: { أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ } [البقرة 19]. والصَّوْب: النُّزول. قال:
فَلَسْتَ لأنسيٍّ ولكن لملأَكٍ
تَنَزَّلَ من جوِّ السَّماءِ يَصوبُ(1)
ويقال للأمر إذا استقرَّ قرارَه على الكلام الجارِي مَجْرى الأمثال: "قد صابت بِقُرّ". قال طرَفة:
سادراً * أحسَبُ غَيِّي رشَداً
فتناهيتُ وقد صابَت بِقُرّْ(2)
والتَّصويب: حَدَب في حَدور، لا يكون إلاَّ كذا. فأمَّا الصُّيَّابة فالخِيار من كلِّ شيء، كأنَّه من الصَّوب، وهو خالصُ ماءِ السَّحاب، فكأنَّها مُشْتقّةٌ من ذلك.
(صوت) الصاد والواو والتاء أصلٌ صحيح، وهو الصَّوت، وهو جنسٌ لكلِّ ما وَقَرَ في أُذنِ السَّامعِ. يقال هذا صوتُ زَيد. ورجل صيِّت، إِذا كان
صوح - صور
شديدَ الصَّوت؛ وصائتٌ إذا صاحَ. فأمَّا قولهم: [دُعيَ(3) ] فانصات(4)، فهو من ذلك أيضاً، كأنه صُوِّتَ به فانفَعل من الصَّوت، وذلك إِذا أجاب. والصِّيت: الذِّكر الحسَن في النَّاس. يقال ذهب صِيتُهُ.
(صوح) الصاد والواو والحاء أُصَيْلٌ يدلُّ على انتشارٍ في شيء بعد يُبْس. من ذلك تصوَّحَ البقلُ، وذلك إِذا هاجَ وانتثرَ بعد هَيجه. وصوَّحتْه الرِّيح، إذا أيبسَتْه وشقَّقته ونثَرتْه. قال ذو الرمة:
وصَوّح البَقْلَ نَآّجٌ تجيءُ به
هَيْفٌ يمانيةٌ في مرّها نَكبُ(5)
ومن الباب أنَّهم يسمُّون عَرَق الخيل الصُّوَاح. فإن كان صحيحاً فلا يكون إلاَّ إذا يَبِس، ويُسمُّونه اليبيس يبيس الماء. قال الشاعر في الصُّواح:
جَلَبْنا الخيل دامِيةً كُلاَها
__________
(1) قال ابن بري: "البيت لرجل من عبد القيس يمدح النعمان. وقيل هو لأبي وجزة يمدح عبد الله بن الزبير، وقيل هو لعلقمة بن عبدة".
(2) ديوان طرفة 75.
(3) التكملة من المجمل.
(4) في الأصل: "وانصاتا"، صوابه من المجمل.
(5) ديوان ذي الرمة 11 واللسان (صوح).(3/248)
يُسَنُّ على سنابكها الصُّواحُ(1)
ثم يقال تصوَّح الشعَر، إذا تشقَّقَ وتناثر.
ومما يجوز أن يُحمَل على هذا القياس الصُّوح: حائط الوادي، وله صُوحانِ. وإِنّما سُمِّيَ صُوحاً لأنَّه طينٌ يتناثر حتّى يصير ذلك كالحائط.
(صور) الصاد والواو والراء كلماتٌ كثيرةٌ متباينة الأصول. وليس هذا الباب ببابِ قياسٍ ولا اشتقاق. وقد مضى فيما كتبناه مثله(2).
صور
ومما ينقاس منه قولُهم صوِرَ يَصْوَر، إذا مال. وصُرْت الشَّيءَ أُصُورُهُ، وأَصَرْتُه، إِذا أَمَلته إليك. ويجيء قياسُه تَصَوَّر، لِمَا ضُرِب، كأنًّه مال وسَقط. فهذا هو المنقاس، وسِوى ذلك فكلُّ كلمةٍ منفردةٌ بنفسها.
من ذلك الصُّورة صُورة كلِّ مخلوق، والجمع صُوَر، وهي هيئةُ خِلْقته. والله تعالى البارئ المُصَوِّر. ويقال: رجلٌ صَيِّرٌ إذا كان جميل الصورة. ومن ذلك الصَّور: جماعةُ النَّخْل، وهو الحائش. ولا واحدَ للصَّوْر من لفظه. ومن ذلك الصُِّوار، وهو القَطيع من البقر، والجمع صِيران. قال:
فَظَلَّ لصيران الصَّريم غَماغِمٌ
يُدَاعِسُها بالسَّمْهرِيِّ المعلَّبِ(3)
ومن ذلك الصُِّوار، صُِوار المِسْك، وقال قوم: هو ريحُهُ، وقال قوم: هو وعاؤه. ويُنشِدون بيتاً وأخلِقْ به أن يكون مصنوعاً، والكلمتان صحيحتان:
إِذا لاح الصُِِّوار ذكرتُ ليلَى
وأذكرُها إِذا نَفَحَ الصِّوارُ(4)
__________
(1) أنشده في اللسان (صوح) بدون نسبة.
(2) أي في تباين أصوله.
(3) البيت لامرئ القيس في ديوانه 87 واللسان (علب) بدون نسبة.
(4) وكذا أنشده في المجمل واللسان بدون نسبة.(3/249)
ومن ذلك قولهم: أَجِدُ في رأسي صَوْرة، أي حِكَّة. ومن ذلك شيءٌ حكاه الخليل، قال : عصفور صَوَّار، وهو الذي إِذا دُعِيَ أجابَ. وهذا لا أحسبه عربيَّاً، ويمكن إنْ صحّ أن يكون من الباب الذي ذكرناه أوّلاً؛ لأنه يميل إلى داعِيه. فأمَّا شَعَر النّاصية من الفَرَس فإنه يسمى صَوْراً. وهذا يمكن أن يكون على معنى التشبيه بصَوْر النَّخل، وقد ذُكِرَ. قال:
* كأنَّ عِرقاً مائلاً من صَوْرهِ(1) *
صوع - صوغ
ويقال: الصَّارَةُ: أرض ذات شَجَر.
(صوع) الصاد والواو والعين أصلٌ صحيح، وله بابان: أحدهما يدلُّ على تفرُّقٍ وتصدُّع، والآخر إناء.
فالأوَّل قولُهم: تصوَّعُوا، إِذا تفرَّقوا. قال ذو الرُّمَّة:
* تظَلُّ بها الآجالُ عَنِّي تَصَوَّعُ(2) *
ويقال : تصوّع شَعَره، إذا تشقق. كذا قال الخليل. وقال أيضاً: تصوَّعَ النَّبْت: هاج. ويقال انصاع القوم سِراعاً: مَرُّوا.
فأمَّا الإناء فالصَّاع والصُّوَاع، وهو إناءٌ يشرب به. وقد يكون مكيالٌ من المكاييل صاعاً، وهو من ذات الواو، وسمِّيَ صاعاً لأنَّه يدور بالمَكِيل.
ويقال إنَّ الكَمِيَّ يَصُوع بأقرانه صَوْعاً، إِذا أتاهم من نَواحيهم. والرَّجلَ يَصُوع الإبل.
ومن الباب: الصَّاع، وهو بطنٌ من الأرض، في قوله:
* بكَفَّيْ ماقِطٍ في صاعِ(3) *
ومنه صاعُ جؤجُؤِ* النَّعامة، وهو موضعُ صَدْرِها إِذا وضعَتْهُ بالأرض.
(صوغ) الصاد والواو والغين أصلٌ صحيح، وهو تهيئة على شيءٍ على مثالٍ مستقيم. من ذلك قولهم: صاغ الَحَلْيَ يصوغُهُ صَوغاً. وهما صَوْغان، إِذا
صوف - صول
__________
(1) في اللسان (صور):
كأن جذعاً خارجاً من صوره
ما بين أذنيه إلى سنوره
(2) صدره في الديوان 346: * عسفت اعتساف الصدع كل مهيبة *
... وفي اللسان (صوع):
* عسفت اعتسافاً دونها كل مجهل *.
(3) البيت للمسيب بن علس من قصيدة في المفضليات: (1: 60). وهو بتمامه:
مرحت يداها للنجاء كأنما
تكرو بكفي لاعب في صاع(3/250)
كان كلُّ واحدٍ منهما على هيئة الآخَر. ويقال للكذَّابِ: صاغ الكذبَ صَوغاً، إِذا اختلقَه. وعلى هذا تفسير الحديث: "كِذْبة كذَبَتْها الصَّوَّاغُون"، أراد الذين يصُوغُون الأحاديثَ ويَختلقونها.
(صوف) الصاد والواو والفاء أصلٌ واحد صحيح، وهو الصُّوف المعروف. والباب كله يَرجِع إليه. يقال كبش أَصْوَفُ وصَوِفٌ وصائفٌ وصَافٌ، كلُّ هذا أن يكونَ كثيرَ الصُّوف. ويقولون: أخذ بصُوفَةِِ قَفاه، إذا أَخَذَ بالشَّعَر السائِل في نُقْرته. وصُوفةُ: قومٌ كانوا في الجاهليّة، كَانوا يَخْدُمون الكعبة، ويُجِيزون الحاجَّ. وحُكي عن أبي عُبيدةَ أنَّهم أفناء القبائل تجمَّعُوا فتشبَّكُوا كما يتشبَّك الصُّوف. قال:
وَلاَ يَرِيمُون في التَّعريفِ مَوقِفَهم
حتَّى يقالَ أَجِيزُوا آلَ صُوفانا(1)
فأمَّا قولهم: صاف عن الشَّرِّ(2)، إذا عَدَل، فهو من باب الإبدال، يقال صَابَ(3) إذا مال. وقد ذُكِر في بابه.
(صول) الصاد والواو واللام أصلٌ صحيحٌ، يدلُّ على قَهْرٍ وعُلُوّ. يقال: صال عليه يَصُول صَولةً، إذا استطال. وصال العَيْر، إِذا حَمَلَ على العانة يَصُول صَوْلاً وصِيالاً. وحُكِيَ عن أبي زيد شيءٌ إن صحَّ فهو شاذٌّ. قال: المِصْول: هو الذي يُنقَع فيه الحنظلُ لتَذهب مرارتُه.
صوك - صوم
(صوك) الصاد والواو والكاف كلمةٌ واحدةٌ. يقال لقيتُه أوَّل صَوْكٍ، أي أوّلَ وَهْلة.
__________
(1) البيت لأوس بن مغراء السعدي، كما في اللسان (صوف).
(2) في الأصل: "الشعر"، وفي اللسان:"صاف عني شر فلان، وأصاف الله عني شره".
(3) في الأصل: "صاف".(3/251)
(صوم) الصاد والواو والميم أصلٌ يدلُّ على إِمساكٍ وركودٍ في مكان. من ذلك صَوم الصَّائم، هو إمساكُهُ عن مَطعَمه ومَشربه وسائرِ ما مُنِعَهُ. ويكون الإمساك عن الكلام صوماً، قالوا في قوله تعالى: { إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحمنِ صَوْماً } [مريم 26]، إنَّه الإمساكُ عن الكلامِ والصَّمتُ. وأمَّا الرُّكود فيقال للقائم صائم، قال النابغة:
خيلٌ صيامٌ وخيلٌ غيرُ صائمةٍ
تحتَ العَجَاجِ وخيلٌ تَعلُك اللُّجُما(1)
والصَّوم: رُكود الرِّيح. والصَّوم: استواء الشَّمس انتصافَ النَّهار، كأنَّها ركدت عند تدويمها(2). وكذا يقال صامَ النَّهارُ. قال امرؤ القيس:
* إذا صامَ النَّهارُ وهَجَّرَا(3) *
ومَصَامُ الفَرَسِ: موقِفه، وكذلك مَصَامَتُه. قال الشَّماخ:
* إذا ما استافَ منها مَصَامَةً(4) *
صون – صيأ – صيح
(صون) الصاد والواو والنون أصلٌ واحدٌ، وهن كَنٌّ وحفْظ. من ذلك صُنتُ الشّيءَ أصونُه صوناً وصِيانة. والصُِّوان: صُِوان الثَّوب، وهو ما يُصان فيه. فأمَّا قولهم للفرس القائم صائن. فلَعلَّه أن يكون من الإِبدال، كأنّه أريد به الصَّائم، ثمّ أبدلت الميم نوناً. قال النابغة:
وما حاولتُما بِقِيادِ خيلِ
يَصونُ الوَردُ فيها والكُميتُ(5)
وممّا شذَّ عن الباب الصَّوَّان، وهي ضربٌ من الحجارة، الواحدةُ صَوَّانة.
(باب الصاد والياء وما يثلثهما)
__________
(1) البيت في اللسان (صوم) وليس في قصيدته التي على هذا الروي في ديوانه 65 . وسيأتي في (علك).
(2) في الأصل: "نديمها"، تحريف. وتدويمها: دورانها.
(3) قطعة من بيت لامرئ القيس في ديوانه 97 واللسان (صوم). وهو بتمامه:
فدعها وسل الهم عنك بجسرة
ذمول إذا صام النهار وهجرا
(4) قطعة من بيت للشماخ في ديوانه 67. وهو بتمامه.
كروف إذا ما استاف منها مصامة
له من ثرى أبوالهن نشوق.
(5) البيت في اللسان (صون)، وليس في ديوان النابغة.(3/252)
(صيأ) الصاد والياء والهمزة. يقال صيَّأت رأسي تصييئاً، إِذا بَلَلْتَه.
(صيح) الصاد والياء والحاء أصلٌ صحيح، وهو الصَّوت العالي. منه الصِّياح، والواحدة منه صَيْحة. يقال: لقيتُ فلاناً قبلَ كلِّ صَيْحٍ ونَفْر. فالصَّيْح: الصِّياح. والنَّفْر: التفرُّق. وممّا يُستعار من هذا قولهم: صاحت الشَّجرةُ، وصاحَ النَّبْت، إذا طال، كأنَّه لمَّا طالَ وارتفعَ جُعِلَ طولُهُ كالصِّياح الذي يدلُّ على الصَّائح. وأمَّا التصيُّح، وهو تشقُّق الخشَب، فالأصل فيه الواو، وهو التصوُّح، وقد مضى. ومنه انصاحَ البَرق انصياحاً، إذا تصدَّعَ وانشقَّ. قال:
* مِنْ بَينِ مُرتَتِقٍ منها ومُنصاحِ(1) *
صيخ - صيد – صير
(صيخ) الصاد والياء والخاء كلمةٌ واحدةٌ. يقال أصاخَ يُصيخ، إذا استمع. قال:
* إصاخةَ النَّاشد للمُنْشِد(2) *
(صيد) الصاد والياء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على معنىً واحد، وهو ركوبُ الشَّيء رأسَه ومُضِيُّه غيرَ ملتفتٍ ولا مائل. من ذلك الصَّيَدُ، وهو أن يكون الإنسانُ ناظراً أمامَه. قال أهلُ اللُّغة: الأَصْيَد: المَلِك، وجمعه الصِّيد. قالوا: وسمِّيَ بذلك لقلَّة التفاتِه. ومن الناس مَنْ يكونُ أصيَدَ خِلقةً. واشتقاق الصَّيْد من هذا، وذلك أنَّه يمرُّ مرَّاً لا يعرِّج، فإذا أُخِذَ قيل قد صِيد. فاشتُقَّ ذلك من اسمه. كما يقال رأَسْت الرّجُلَ، إِذا ضَربتَ رأسَه؛ وبطَنْتُهُ، إذا ضربتَ بطنَه. كذلك إذا وقَعْتَ بالصَّيد فأخذتَه قلتَ صِدتُه. وممّا يدلُّ على صِحّة هذا القياس قولُ ابن السّكّيت إن الصَّيْدانةَ من النِّساء: السيِّئة الخُلُق. وسمِّيت بذلك لقلّة التفاتِها. ومن الباب: الصَّيدانة: الغُول.
__________
(1) لعبيد بن الأبرص في ديوانه 77 واللسان (صيح). وصدره:
* وأمست الأرض والقيعان مثرية *.
(2) للمثقب العبدي، كما في البيان والتبيين (2: 288)، وحواشي الجمهرة (2: 270). وصدره:
* يصيخ للنبأة أسماعه *(3/253)
(صير) الصاد والياء والراء أصلٌ صحيح، وهو المآلُ والمرجِع. من ذلك صار يصير صَيْراً وصَيرورة. ويقال: أنا على صِيرِ أمرٍ، أي إشرافٍ من قضائه، وذلك هو الذي يُصار إليه. فأمَّا قولُ زهير:
وقد كنت من سَلْمَى سنينَ ثمانياً
على صِيرِ أمرٍ ما يُمِرُّ وما يَحلُو(1)
صيف
فإنّ صِير الأمر مَصِيرُهُ وعاقبتُهُ. والصِّير(2) كالحظائر يُتخذ للبقر، والواحدة صيرة، وسمِّيت بذلك لأنَّها تصير إليه. وصَيُّور الأمرِ: آخِره، وسمِّيَ بذلك لأنّه يُصار إليه. ويقال: لا رأْيَ لفلانٍ ولا صَيُّورَ، أي لا شيء يَصِيرُ إليه من حزمٍ ولا غيرِهِ. وتصَّيرَ فلانٌ أباه: إِذا نَزَعَ إليه في الشَّبه. وسمِّي كذا كأنه صار إلى أبيه.
ومما شذَّ عن الباب الصِّير، وهو الشَّقّ. وفي الحديث: "مَنْ نَظَرَ في صِيرِ بابٍ بغير إذْنٍ فعينُهُ هَدَر". فأمَّا الصِّير، وهو شيءٌ يقال له الصِّحْناة، فلا أحسبه عربيّاً، ولا أحسب العربَ عرفَتْهُ. وقد ذكرهُ أهلُ اللُّغة، ولا معنى له.
(صيف) الصاد والياء والفاء أصلان: أحدهما يدلُّ على زمانٍ، والآخر يدلُّ على مَيْلٍ وعُدول.
فالأوَّل الصَّيف، وهو الزَّمانُ بعد الرَّبيع الآخِر. ويقال للمطر الذي يأتي فيه: الصَّيِّف. وهذا يومٌ صائف، وليلةٌ صائفة. وعاملته مُصايفةً، أي زمانَ الصَّيف، كما يقال مُشَاهَرَة. والصَّيفيُّون: أولاد الرَّجُل بعد كِبَرهِ. وَوَلَدُ فلانٍ صيفيُّون. قال:
إنَّ بَنِيَّ صِبْيَةٌ صيفيُّونْ
أَفْلَحَ مَنْ كان له رِبْعيُّونْ(3)
وأمَّا الآخَر فصاف عن الشيء، إذا عَدَلَ عنه. [وَصَافَ السَّهْمُ عن الهدفِ(4)] يَصِيفُ صَيْفاً، إذا مال، قال أبو زُبَيْد:
صيق - صيك
كلَّ يومٍ ترميه منها برِشْقٍ
__________
(1) ديوان زهير 96، واللسان (صير).
(2) يقال صير، بالكسر، وبكسر ففتح.
(3) الرجز لأكثم بن صيفي، أو سعد بن مالك بن ضبيعة. اللسان (صيف).
(4) التكملة من المجمل.(3/254)
فمصيبٌ أو صَافَ غيرَ بعيدِ(1)
فأمَّا صائف، في قول أوس:
* تَنَكَّرَ بَعدي من أُمَيْمَةَ صائفُ(2) *
فاسمُ موضع.
(صيق) الصاد والياء والقاف. يقال فيه إنَّ الصَّيْق الغُبار، وقد فتح رؤبةُ ياءَه فقال: "الصَّيَقْ(3)". ويقال إنَّ الصِّيق الرِّيحُ المنتنة من الدَّوابّ.
(صيك) الصاد والياء والكاف، يقال صاكَ يَصِيكُ، إِذا لَزِمَ ولصِق. قال الأعشى:
ومثلك مُعْجَبَة بالشَّبا
ب صاكَ العبيرُ بأجسادِها(4)
وقال الخليل: أراد صَئِكَ فليَّن الهمزة. ويقال صَئِكَ الدّمُ، إِذا جَمَد.
***
واعلم أنَّ الألِف في هذا الباب مُبدَلةٌ؛ فالصَّاب : شجر مُرٌّ، محتملٌ أن يكون من الواو. قال:
إنِّي أَرِقْتُ فَبِتُّ اللَّيْلَ مرتفقاً
كَأَنّ عَيْنِيَ فيها الصَّابُ مذبوحُ(5)
صبح
والصَّادُ : قدور النُّحاس، والألف مُبدَلة. قال حسان:
*رأيتَ قُدُورَ الصَّادِ حولَ بُيُوتِنا (6) *
(باب الصاد والباء وما يثلثهما)
(صبح) الصاد والباء والحاء أصلٌ واحدٌ مطّرد. وهو لونٌ من الألوان قالوا أصله الحُمْرة. قالوا: وسمِّيَ الصُّبْحُ صُبْحاً لحُمْرَته، كما سمِّيَ المِصْباح مِصباحاً لحُمْرَته. قالوا: ولذلك يقال وجهٌ صَبيحٌ. والصَّباح: نُورُ النَّهارِ. وهذا هو الأصل ثمُ يُفَرَّع. فقالوا: لِشُرْب الغَداة الصَّبوح، وقد اصطَبَحَ، وتلك هي الجاشِرِيَّة. قال:
__________
(1) سبق البيت وتخريجه في (رشق).
(2) مطلع قصيدة له في ديوانه 14. وعجزه: * فبون فأعلى تولب فالمخالف *.
(3) يعني قوله في ديوانه 106 واللسان (صيق): * يتركن ترب الأرض مجنون الصيق *.
(4) وكذا في المجمل مادة (صاك). وفي مادة (صيك) "بأجلادها"، كما جاء في اللسان (صيك). ورواية الديوان 51 تطابق رواية المقاييس.
(5) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 104 واللسان (صوب، ذبح، شجر)، وقد سبق في (شجر).
(6) عجزه في الديوان 370 واللسان (صيد):
* قنابل سحما في المحلة صيما *.(3/255)
إِذا ما اصطبحنا الجاشريّة لم نُبَلْ
أميراً وإن كان* الأميرُ من الأَزْدِ(1)
ويقال: "أكذَبُ من الأخيذ الصَّبْحَان"، يعنون الأسير المصطَبِح، وأصله أنَّ قوماً أسرُوا رجلاً فسألوه عن حَيِّه فكَذَبَهُمْ وأومَأَ إلى شُقَّةٍ بعيدة، فطعنوهُ فسَبقَ اللّبَنُ الذي كان اصطبحه الدّمَ، فقالوا: "أكذَبُ من الأخيذ الصَّبْحَان". والمِصباح: الناقة تَبْرُك في معرَّسِها فلا تَنْبَعِثُ حتى تُصْبِح. والتَّصَبُّح: النَّوْم بالغداة. ويوم الصَّباح: يوم الغَارة. قال الأعشى:
به تَرْعُفُ الألفَ إِذ أُرْسِلَتْ
غَدَاةَ الصَّبَاحِ إِذا النَّقْعُ ثارا(2)
صبر
ويقال أتيتهُ أصبوحةَ كلِّ يومٍ، ولقيتُهُ ذا صَبوح. والمصابيح: الأقداح التي يُصطَبَح بها. ويقال أتانا لصُبْح خامسةٍ وصِبْحِ خامسة.
ومن الكلمة الأولى: الصَّبَح: شدَّة حُمرةٍ في الشعَر؛ يقال أسدٌ أصبَحُ.
(صبر) الصاد والباء والراء أصولٌ ثلاثة، الأول الحَبْس، والثاني أعالي الشيء، والثالث جنسٌ من الحجارة.
فالأول: الصَّبْر، وهو الحَبْس. يقال صَبَرْتُ نفسي على ذلك الأمر، أي حَبَسْتُها. قال:
فَصَبَرْتُ عارفةً لذلك حُرَّةً
ترسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ(3)
والمصبورة(4) المحبوسة على الموت. ونَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل شيءٍ من الدوابّ صَبْراً.
__________
(1) للفرزدق في اللسان (جشر). وليس في ديوانه.
(2) ديوان الأعشى 40. وقد سبق مع تخريجه في (رعف).
(3) البيت لعنترة في ديوانه 158 واللسان (صبر).
(4) في الأصل: "والصبورة"، صوابه في المجمل واللسان.(3/256)
ومن الباب: الصَّبِير، هو الكَفِيل، وإنِّما سمِّي بذلك لأنَّهُ يَصبر على الغرم. يقال صَبَرْتُ نفسي به أَصبُر صَبْراً، إذا كَفَلْتَ(1) به، فأنا به صبير. وصبرتُ الإنسانَ، إذا حلَّفْتُهُ بالله جَهْدَ القَسَم.
وأمَّا الثاني فقالوا: صُبْر كلِّ شيءٍ: أعلاه. قالوا: وأصبار الإناء: نواحيه، والواحد صُبْر. وقال:
* فملأتها عَلَقاً إلى أصبارِهَا *
صبع
وأمَّا الأصل الثالث فالصُّبْرة من الحجارة: ما اشتدَّ وغلُظ، والجمع صِبَارٌ، وفي كتاب ابن دريد(2): "الصُّبَّارة: قطعةٌ من حديدٍ أو حجر" في قول الأعشى(3):
منْ مَبْلغ عَمْرَاً بأنَّ المرءَ لم يخْلَق صُبَارَه.
قال ابنُ دُريد: وروى البغداديُّون: "صَبارهْ"، وما أدري ما أرادوا بهذا. قلنا: والذي أراده البغداديُّون ما رُوِيَ أنَّ الصِّبَار ما اشتدَّ وغلُظ. وهو في قول الأعشى:
* قُبيلَ الصُّبح أصواتُ الصِّبَارِ(4) *
فالذي أراده البغداديون هذا، وتكون الهاء داخلةً عليه للجمع.
قال أبو عُبيد: الصُّبْرُ: الأرض التي فيها حصباءُ وليست بغليظة، ومنه قيل للحرّة: أمُّ صَبَّار.
ومما حُمِلَ على هذا قول العرب: وقعَ القومُ في أمّ صَبُّور، إذا وقعوا في أمر عظيم.
(صبع) الصاد والباء والعين أصل واحد، ثم يستعار، فالأصل إصبع الإنسان، واحدةُ أصابعه. قالوا: هي مؤنّثة.وقالوا: قد يذكَّر. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: "هل أنت إلاّ إصبعٌ دميتِ، وفي سبيل الله
صبغ - صبي
__________
(1) في الأصل: " كلفت به"، صوابه في المجمل. وأول العبارة في المجمل: "صبرت بفلان أصبر به صبرا".
(2) في الجمهرة (1: 260).
(3) الذي في الجمهرة أنه عمرو بن ملقط الطائي. وكذا صحح نسبة الشعر ابن بري، كما في اللسان. وانظر ديوان الأعشى 111 حيث قصيدة البيت ولم يرو فيها.
(4) صدره كما في ديوان الأعشى 244 واللسان (صبر):
* كأن ترنم الهاجات فيها *(3/257)
ما لقيتِ(1)" هكذا على التأنيث . ويقال: صَبَعَ فلان بفلانٍ، إذا أشار نحوه بإصبعه، مُغتاباً له.
والإصبع: الأثر الحسَن، وهذا مستعارٌ. ومثلٌ يقال: لفلانٍ في ماله إِصبَع، أي أثَرٌ جميل. ويقال للرَّاعي الحسنِ الرِّعْيَة للإِبل، الجميلِ الأَثَر فيها: إن له عليها إصبعاً. قال الرَّاعي يَصِفُ راعياً:
ضعيف العَصَا بادِي العُروقِ ترى له
عليها إِذا ما أجدَبَ النَّاسُ إِصبعا(2)
والصَّبْع: إِراقتُك ما في الإناء من بين إصبعَيك.
(صبغ) الصاد والباء والغين، أصلٌ واحدٌ، وهو تلوين الشَّيء بلونٍ ما. تقول: صبغته أصبغه(3). ويُقال للرُّطَبة: قد صَبَّغَتْ. فأمَّا قولُه تعالى: { صِبْغَةَ
الله } [البقرة 138] فقال قوم: هي فِطرتُهُ لخلْقِهِ. وقال آخرون: كلُّ ما تُقُرِّب به إلى الله تعالى صِبغة. والأصبغ: الفرس في طرف ذَنَبِه بياض. وذلك دون الأشكل(4)، والأوَّل مشبَّه بالشيء يُصْبَغ طرَفُهُ.
(صبي) الصاد والباء والحرف المعتلّ ثلاثةُ أصولٍ صحيحة: الأول يدلُّ على صغر السّنّ، والثاني ريحٌ من الرياح، والثالث [الإِمالة(5)].
صتع
فالأوّل واحد الصِّبْيةَ والصِّبيان. ورأيته في صباه، أي صغره. والمصْبي: الكثير الصِّبيان. والصَّباء، ممدود الصِّبا، ويمدُّ مع الفتح(6). أنشد أبو عمرو:
أصبحتُ لا يَحمِلُ بعضي بعضَا
كأنما كانَ صَبَائي قَرْضَا(7)
__________
(1) هذا من الحديث الذي وافق وزن الشعر، وليس به.
(2) أنشده في اللسان (صبع) وقال: "أي حاذق الرعية لا يضرب ضرباً شديداً".
(3) في الأصل: "يقول لصبغه". ومُضارعه يقال بفتح الباء وكسرها وضمها.
(4) الأشعل، بالعين المهملة. وفي الأصل: "الأشغل"، تحريف.
(5) هذه الكلمة مبيض لها في الأصل. والكلام بعد يقتضيها أو يقتضي شبيهها.
(6) أي إذا مد كان مفتوح الصاد.
(7) أنشده في المجمل أيضاً، وقال: "وهذا لو قصر لم يضر".(3/258)
ومن الباب: صبا إلى الشّيء يصبُو؛ إذا مال قلبُهُ إليه. والاشتقاق واحد، والاسم الصَّبْوة. وقال العجَّاج في الصِّبا:
* وإنما يأتي الصِّبا الصَّبيُّ(1) *
والثاني: ريح الصَّبَا، وهيَ التي تستقبل القبلة. يقال صبَتْ تصبُو.
الثالث: قول العرب: صَابيْتُ الرُّمح(2).
فأمَّا المهموز فهو يدلُّ على خروجٍ وبروز. يقال صبأٍ من دينٍ إلى دين، أي خرج. وهو قولهم: صبأ نابُ البعير، إذا طلعَ. والخارجُ من دينٍ إلى دين صابئٍ، والجمع صابئون وصُبَّاءٌ.
(باب الصاد والتاء وما يثلثهما)
(صتع) الصاد والتاء والعين كلمتان: إحداهما مُخْتلفٌ في تأويلها، والأخرى تردُّدٌ في الشَّيء.
قال ابن دريد: "الصَّتَع، أصل بناء الصُّنْتع(3)". ثم اختلف قولُهُ وقولُ الخليل: الصَّتَع: الشَّابّ الغليظ. وأنشد:
صتم – صحر
* وما وِصال الصَّتَع القُمدِّ(4) *
وقال ابن دريد: الصُّنْتع الظَّليم الصّغير الرأس.
والكلمة الأخرى: التَّصَتُّع: التردّد في الأمر مجيئاً وذهاباً.
(صتم) الصاد والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تمام وقوة. قال ابن دريد(5): الصَّيْتَمة(6): الصَّخَرة. قال: وأَعطيتُهُ ألفاً صَتْماً. وأمَّا الصَّتَم فالشَّاب القويُّ الخَلْق.
(باب الصاد والحاء وما يثلثهما)
(صحر) الصاد والحاء والراء أصلان: أحدهما البَرَاز من الأرض، والآخر لونٌ من الألوان.
__________
(1) ديوان العجاج 66. وأنشده في اللسان (19: 173) بدون نسبة.
(2) فسره في المجمل بقوله: "هيأته للطعن". وفي اللسان: "أملته للطعن".
(3) بعده في الجمهرة (2: 18): "النون زائدة. ظليم صنتع: صغير الرأس دقيق العنق".
(4) قبله في اللسان (صتع):
يا ابنة عمرو قد منحت ودي
والحبل مالم تقطعي فمدي
(5) الجمهرة (2: 19).
(6) وكذا في المجمل. وفي اللسان والجمهرة والقاموس: "الصتيمة".(3/259)
فالأوَّل الصحراء: الفضاء من الأرض. ويقال أصحر القَوْمُ، إذا بَرَزُوا. ومن الباب قولُهُم: لقيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ(1)، إذا لم يكن بينك وبينه سِتْر. والصُّحْرة: الصَّحراء في قول أبي ذؤيب:
سَبيٌّ مِن يَرَاعَتِهِ نفاه
أَتِيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ(2)
صحف – صحل – صحم
والأصل الآخر: الصُّحْرة، وهو لونٌ أبيضُ مُشربٌ حمرةً. وأتانٌ صحراءُ: في لونها صُحْرة، وهي كُهبةٌ في بياضٍ وسواد. ويقال: اصحارَّ النّبتُ، إذا هَاج؛ وذلك أنَّ لونَهُ يتغيَّر ويختلط.
(صحف) الصاد والحاء والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انبساطٍ في شيءٍ وسَعَةٍ. يقال إنَّ الصَّحِيفَ: وجهُ الأرضِ. والصَّحِيفة: بَشَرَةُ وجهِ الرجل. قال البَعِيث:
وكلُّ كُلَيْبيٍّ صحيفةُ وجْهِهِ
أذَل لأقدامِ الرِّجال مِن النَّعلِ
ومن الباب الصَّحيفة، وهي التي يُكتَب فيها، والجمع صحائف، والصُّحفُ أيضاً، كأنَّه جمع صحيف. قال:
لما رأَوْا غُدوَةً جَبَاهَهُمُ
حنّتْ إلينا الأرحام والصُّحُفُ
والصَّحْفَة: القَصْعة المُسْلنطِحَة. وقال الشَّيبانيّ: الصِّحاف مَناقِعُ صغارٌ تُتَّخَذ للماء، الجمع صُحُف.
(صحل) الصاد والحاء واللام كلمة، وهي بَحَحٌ في الصَّوت. يقال للأَبحِّ الأصحل، والمصدر الصَّحَل، وهو صَحِلٌ، قال الأعشى:
* صَحِل الصوت أَبَحّ(3) *
__________
(1) صحرة بحرة بالتركيب، كما ضبط في المجمل. وقال في اللسان: "وهي غير مجراة. وقيل لم يجريا لأنهما اسمان جعلا اسماً واحداً". ويقال أيضاً بالتنوين فيهما، كما في اللسان والقاموس. وبضم أولهما أيضاً في لغة.
(2) ديوان أبي ذؤيب 92 واللسان (صحر).
(3) البيت من قصيدة للأعشى في ديوانه 159. وهو بتمامه:
فتراه زيما من خلفها
ذا رنين صحل الصوت أيح(3/260)
(صحم) الصاد والحاء والميم أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على لونٍ. فالأَصْحَم: الأغبر إلى السَّواد. وبلدةٌ صَحْمَاءُ: مُغْبَرَّة. واصحامَّت البَقْلة: اخضارَّت. وإنَّما قيل لها ذاك لأنَّها إذا رَوِيت فكأنها سوداء. ولذلك يقال: إدْهامَّتْ.
صحن – صحو – صحب
(صحن) الصاد والحاء والنون أُصَيلٌ يدلُّ على اتّساعٍ في شيء. من ذلك الصَّحْن: وَسْطُ الدَّارِ. ويقولون: جَوْبَة تنجاب في الحَرَّة. وبذلك شُبِّه العُسُّ العظيم فقيل له صَحْن.
ومما شَذَّ عن الباب قولهم: صَحَنْتُ بينَ القومِ، إذا أصلحتَ بينهم. وربَّما قالوا صحنتُهُ شيئاً، إذا أعطيتَهُ. ويقولون: صَحَنَه صَحَناتٍ، أي ضَرَبَه. ضَرَباتٍ. وناقةٌ صَحُونٌ، أي رَمُوح.
(صحو) الصاد والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على انكشاف شيءٍ. من ذلك الصَّحْو: خِلاف السُّكْر. يقال صحا يصحو السَّكْرانُ فهو صاحٍ. ومن الباب: أَصْحَت السَّماءُ فهي مُصْحِيَة. وروي عن أبي حاتم قال: العامّة تظنُّ أنَّ الصَّحو لا يكون إلاَّ ذهابَ الغَيم، وليس كذلك، إنَّما *الصحو ذَهاب البَرْدِ، وتفرُّقُ الغَيم.
ومما شذَّ عن هذا الأصل المِصحاةُ، كالجام يُشرَبُ فيه.
(صحب) الصاد والحاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مقارَنة(1) شيءٍ ومقاربته. من ذلك الصَّاحب والجمع الصَّحْب، كما يقال راكبٌ ورَكْبٌ. ومن الباب: أصحب فلانٌ، إِذا انقاد. وأَصْحَبَ الرَّجُل، إذا بلغَ ابنُهُ. وكلُّ شيءٍ لاءم شيئاً فقد استصحبه. ويقال للأديم إِذا تُرِكَ عليه شَعَرُه مُصْحَبٌ. ويقال أَصحبَ الماءُ، إذا علاهُ الطُّحْلَب.
صخد - صخر – صخب – صخم – صخي
(باب الصاد والخاء وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "مقاربة" فيكون ما بعده تكراراً.(3/261)
(صخد) الصاد والخاء والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ في حَرٍّ وغيره. فالصَّيْخَد: شدّة الحَرّ. ويقال الصَّيخَد: عين الشَّمْس. واصطَخَدَ الحِرْباءُ: تَصَلَّى بحرِّ الشَّمْسِ. ويومٌ صَخَدان، على فَعَلان(1): شديد الحَرِّ. ويقال: صَخَد النهار يَصْخَد من شدّة الحرّ، وصَخِدَ يَصْخَد(2). والصَّخْرة الصَّيخود: الشَّديدة.
ومما يقارب هذا في باب الشِّدّة قولهم: صَخَد الصُّرَد، إِذا صاح صِياحاً شديداً. وكذلك صَخَد الرَّجُل.
(صخر) الصاد والخاء والراء كلمةٌ صحيحة، وهي الصَّخْرَة: الحَجَرةُ العظيمة. ويقال صَخْرَةٌ وصَخَرَة.
(صخب) الصاد والخاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صوتٍ عالٍ. من ذلك الصَّخَب: الصَّوْتُ والجَلَبَة. وقال بعضُهم: رجلٌ صَخْبَانُ: كثير الصَّخْب. وماءٌ صَخِبُ الآذِيِّ(3)، إِذا كانَ له صوت.
(صخم) الصاد والخاء والميم كلمة. يقال: للمنتصب مُصْطَخِم.
(صخي) الصاد والخاء والياء كلمة، يقال: صَخِيَ الثَّوبُ يَصْخَى؛ وهو وَسَخٌ ودَرَنٌ، فهو صَخٍ. والاسم الصَّخَى.
صدر - صدع
(باب الصاد والدال وما يثلثهما)
(صدر) الصاد والدال والرَّاء أصلان صحيحان، أحدُهما يدلُّ على خلاف الوِرْد، والآخر صَدْر الإنسان وغيره.
فالأوّلُ قولُهم: صَدَرَ عن الماءِ، وصَدَرَ عن البِلاد، إذا كان وَرَدَها ثمَّ شَخَصَ عنها.
وقال الأَحْمَر(4): يقال صَدَرْتُ عن البِلادِ صَدَراً، وهو الاسم، فإن أردْتَ المصدر جزمت الدَّال. وأنشد:
وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحُ موعدَها
__________
(1) كذا ضبطت الكلمتان في المجمل. وأجازوا إسكان الخاء عن ثعلب.
(2) في الأصل: "وصخد يصخِد يصخَد"، بضبط المضارع الأول بكسر الخاء والثاني بفتحها. وأرى فيه تحريفاً وتكراراً.
(3) في الأصل: "وما صخب الأذى".
(4) هو خلف الأحمر. وفي الأصل: "الآخر"، صوابه في المجمل.(3/262)
صَدْرَ المطيَّة حتَّى تعرِفَ السَّدَفا(1)
صَدْر المطية مصدر.
وأمَّا الآخر فالصَّدر للإنسان، والجمع صُدور، قال الله تعالى: { ولَكِنْ تَعْمَى القُلُوبُ الَّتِي في الصُّدور } [الحج 46]، ثم يشتقُّ منه. فالصِّدار: ثوبٌ يُغطِّي الرَّأس والصَّدْر. والصِّدَار: سِمةٌ على صدر البعير. والتَّصدير: حبل يُصدَّر به البعير لئلاَّ يُرَدَّ حِمْلُهُ إلى خَلْفه. والمُصَّدر: الأَسَد، سُمِّيَ بذلك لقوّة صَدْرِهِ. والمصدور: الذي يشتكى صَدْرَهُ.
(صدع) الصاد والدال والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انفراجٍ في الشيء. يقال صَدَعْتُهُ فانصدَعَ وتصدَّعَ. وصَدَعْتُ الفلاةَ: قطعتُها. ودليلٌ هادٍ مِصدَع.
صدغ - صدف
والصَّدْع: النَّبات؛ لأنه يَصدَع الأرض، [في] قوله تعالى: { وَالأَرْضِ ذَاتِ
الصَّدْعِ } [الطارق 12].
ومن الباب: صَدَع بالحقِّ، إِذا تكلَّمَ به جهاراً. قال سُبحانَهُ لنبيِّه عليه السلام: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } [الحجر 94]. ويقال تصدَّعَ القَوْمُ، إِذا تفرّقُوا. والصِّدْعَة من الإِبل: قِطعةٌ كالسِّتِّين ونحوِها، كأنَّها انصدعت عن العسكَر العظيم.
ومما شذَّ عن الباب: الصَّدَع، الفتِيُّ من الأوعال.
(صدغ) الصاد والدال والغين أصلان ، أحدهما عضوٌ من الأعضاء، والآخَر يدلُّ على ضَعْف.
فالأوّل الصُّدْغ، وهو ما بين خَطِّ العين إلى أصلِ الأُذُن. يقال صَدَغْت الرّجل، إذا حاذيتَ صُدْغَه بِصُدْغِكَ في المشي. والصِّداغ: سِمَة في الصُّدْغ.
والأصل الآخَر الصَّدِيغ: الرجل الضَّعيف. يقال ما يَصْدَغ نملةً من ضَعْف(2)، أي ما يقتُل. ويقال إنَّ الصَّديغ الولدُ إلى أن يستكملَ سبعةَ أيام(3).
ومما شذَّ عن البابين قولُهم: صدغتُهُ عن الشيء، أي كففتُهُ عنه.
__________
(1) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (صدر).
(2) في المجمل: "من ضعفه".
(3) في اللسان: "سمي بذلك لأنَّه لا يشتد صدغاه إلا إلى سبعة أيام.(3/263)
(صدف) الصاد والدال والفاء أصلان: [الأوَّل] يدلُّ على المَيْلِ، والثاني عَرَضٌ من الأعراض.
فالأوَّلُ قولهم: صَدَفَ عن الشيء، إِذا مال* عنه وولى ذاهباً. قال الله تعالى: { سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفونَ عَنْ آياتِنَا } [الأنعام 158]. والصَّدَف من
صدق
البعير: أَنْ يميل خُفُّهُ من اليد أو الرِّجْل إلى الجانب الوَحْشيّ(1)؛ وقد صَدِفَ. ويقال للإِبلِ التي تقف عند أعجاز الإِبل على الحوضِ تنتظر انصرافَ الشّاربةِ لتدخُل: هي الصَّوادِف. قال:
* النّاظراتُ العُقَبَ الصَّوادفُ(2) *
والصَّدَف: جانب الجَبَل، وإِنّما سُمِّيَ لميْله إلى إحدى الجِهَتين.
وأمّا الآخر فالصَّدَف المَحَارة، هي معروفة.
__________
(1) في الأصل: "من جانب الوحشي"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) أنشده في المجمل واللسان، وسيأتي في (عقب). وقبله في تاج العروس:
* لا ريّ حتى تنهل الروادف *.(3/264)
(صدق) الصاد والدال والقاف أصلٌ يدلُّ على قوّةٍ في الشيء قولاً وغيرَه. من ذلك الصِّدْق: خلاف الكَذِبَ، سمِّيَ لقوّته في نفسه، ولأنَّ الكذِبَ لا قُوَّة له، هو باطلٌ. وأصل هذا من قولهم شيءٌ صَدْقٌ، أي صُلْب. ورُمْح صَدْقٌ. ويقال صَدَقُوهم القِتالَ، وفي خلاف ذلك كَذَبوهم. والصِّدِّيق: الملازم للصِّدْق. والصَّدَاق: صَدَاقَ المرأة، سُمِّيَ بذلك لقوّته وأنَّه حقٌّ يَلزمُ. ويقال صَدَاقٌ وصُدْقة وصَدُقة(1). قال الله تعالى: { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتهنَّ نِحْلَةً } [النساء 4]. وقرئت: { صدقاتِهِنَّ(2) } . و[من] الباب الصَّدَقة: ما يتصدَّق به المرءُ عن
نفسه وماله. وأمَّا المُصَدِّق فخبّرَنا أبو الحسن علي بن إبراهيم، عن المفسِّر،
صدم – صدن - صدي
__________
(1) كذا ضبطت الكلمتان في الأصل. وزاد في اللسان والقاموس: "صدقة" بالفتح، وبفتحتين وبضمتين. ويقال أيضاً: "صداق" ككتاب.
(2) لم تضبط أي كلمة منهما في الأصل. وقد قرأ الجمهور: "صدقاتهن" بفتح الصاد وضم الدال. وقرأ قتادة بإسكان الدال وبضم الصاد، وقرأ مجاهد وموسى بن الزبير وابن أبي عبلة وفياض ابن غزوان بضمهما. تفسير ابن حيان (3: 166).(3/265)
عن القُتَيْبِيّ قال: ومما يضَعُهُ النّاسُ غير موضعه قولهم: هو يتصدَّق، إِذا أعطى، ويتصدّقُ إِذا سأل. وذلك غلطٌ، لأن المتصدِّق المُعطي. قال الله تعالى في قصّة من قال: { وَتَصَدَّقْ علينا } [يوسف 88]. وحدَّثَنا هذا الشيخ عن المَعْدَانيِّ عن أبيه، عن أبي مُعاذٍ، عن اللَّيْث، عن الخليل قال: المُطْعِم مُتصَدِّق والسَّائلُ متصدِّق. وهما سواء. فأمَّا الذي في القرآن فهو المعطِي. والمُصَدِّق: الذي يأخذ صَدَقات الغنم. ويقال: هو رجلُ صِدقٍ(1). والصَّدَاقة مشتقّة من الصِّدق في المودّة. ويقال صَدِيق للواحد وللاثنين وللجماعة، وللمرأة. وربما قالوا أصدقاء، وأصادق. قال:
فلا زِلْنَ حَسْرَى ظُلَّعاً لِمْ حَمَلْنَها
إلى بلدٍ ناءٍ قليل الأصادقِ(2)
(صدم) الصاد والدال والميم كلمةٌ واحدةٌ، وهي الصَّدْم، وهو ضَرْب الشَّيءِ الصُّلْبِ بمثله.
(صدن) الصاد والدال والنون أصلٌ ضعيف. يقولون: الصَّيْدَن: الثَّعْلَب.
(صدي) الصاد والدال والحرف المعتل فيه كلمٌ متباعدةُ القياس، لا يكاد يلتقي منها كلمتانِ في أصل. فالصَّدَى: الذَّكَرُ من البُومِ، والجمع أصداء. قال:
فليس الناسُ بعدَكَ في نقيرِ
وما هم غيرَ أصداءٍ وهامِ (3)
صدح
والصَّدَى: الدِّماغُ نفسُه، ويقال بل هو الموضع الذي جُعِلَ فيه السَّمْع من الدِّماغ، ولذلك يقال: أَصَمَّ اللهُ صَدَاهُ. ويقال بل هذا صَدَى الصَّوْت، وهو الذي يُجيبُك إذا صِحْتَ بقُرْبِ جَبَل. وقال يصف داراً:
صَمَّ صداها وعفا رسمُها
__________
(1) كذا ضبط في المجمل بالإضافة. ويقال أيضاً: "رجل صدق". بالوصف، مع كسر الصاد وفتحها.
(2) لم، أي لماذا. وفي الأصل: "لم يحملنها"، صوابه من المخصص (17: 30)، حيث أنشد البيت. وأوله عنده: "فلا زلن دبرى".
(3) البيت للبيد في ديوانه 135 واللسان (صدى، نقر). في نقير، أي ليسوا بعدك في شيء. وفي الأصل: "من نقر"، صوابه في الديوان واللسان.(3/266)
واستعجمَتْ عن منطقِ السَّائِلِ(1)
والصَّدَى: الرَّجُلُ الحَسَنُ القِيام على ماله، يقال هو صَدَى مالٍ. ولا يقال إلاَّ بالإِضافة. والصَّدَى: العَطَش، يقال رجلٌ صَدٍ وصادٍ، وامرأة صادية. وتصدَّى فُلانٌ للشَّيء يستشرفُهُ ناظراً إليه. والتَّصدية: التَّصفيق باليدين. قال الله تعالى: { وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ البَيْتِ إلاَّ مُكاءً وَتَصْدِيَةً } [الأنفال 35]. فأمَّا الصَّوادي من النَّخْلِ فهي الطِّوال. ويقال: صاديتُ فلاناً، إِذا دارَيْتَه. وصاديت [فلاناً مُصاداةً: عاملتُهُ بمثل صَنيعه(2)].
وإِذا كان بعد الدَّال همزة تغيَّر المعنى، فيكون من الصَّدَأ صدإ الحديد. يقولون: صاغِرٌ صَدِئٌ من صدأ العار(3).
(صدح) الصاد والدال والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على صوت. يقال صدح الدِّيك والغُراب. وكان اللِّحياني يقول: إِنَّهُ لَصَيْدَحٌ، أي مرتفع الصَّوت. ويقولون: ـ وليس هو من هذا القِياس: إنَّ الصُّدْحَة خَرَزة يُؤَخَّذُ بِها. ويقال الصَّدَح: الإِكام(4). والله أعلم.
صرع - صرف
(باب الصاد* والراء وما يثلثهما)
(صرع) الصاد والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سقوطِ شيءٍ إلى الأرض عن مراس اثنين، ثم يُحمَلُ على ذلك ويشتقُّ منه. من ذلك صَرَعْتُ الرَّجلَ صَرْعَاً، وصارعتُهُ مصارَعة، ورجلٌ صَرِيع. والصَّريع من الأغصانِ: ما تَهدَّلَ وسقط إلى الأرض، والجمع صُرُع. وإذا جُعِلَتْ من ذلك السَّاقط قَوْسٌ فهي صَرِيع.
__________
(1) لامرئ القيس في الديوان 148 واللسان (صدي).
(2) التكملة من المجمل، وقد بيض لها في الأصل.
(3) في اللسان: "وفلان صاغر صدئ إذا لزمه صدأ العار واللوم".
(4) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "الأزهري: الصدحان آكام صغار صلاب الحجارة واحدها صدح".(3/267)
وأمَّا المحمول على هذا فقولُهم: هما صِرْعان، يقال إنَّ معنى ذلك أنَّهما يقعان معاً. وهذا مَثَلٌ وتشبيه. وكذلك مِصْرَاعا البابِ مأخوذانِ من هذا، أي هما متساويان يقعان معاً. والصَّرعانِ: إبلان يختلفان في المشْي، فتذهب هذه وتجيءُ هذه لكثرتها. قال:
فَرَّجْتُ عنه بِصَرْعينا لأرملةٍ
أو بائس جاء معناه كمعناه(1)
ومَصَارع النَّاس: مَساقِطُهم. وقال أبو زيد: أتانا صَرْعَي النَّهار، غُدْوةً وعَشيَّة. وهذا محمولٌ على ما ذكرناه، من أنَّ الصَِّرعَين المِثلان. والقياس فيه كله واحد.
(صرف) الصاد والراء والفاء معظم بابِهِ يدلُّ على رَجْع الشيء. من ذلك صَرفْتُ القومَ صَرْفاً وانصرفوا، إذا رَجَعْتَهم فرَجَعوا. والصَّرِيف: اللّبَن ساعةَ يُحلَب ويُنصرَف به. والصَّرْف في القُرْآنِ: التَّوبة(2)؛ لأنَّه يُرجَع به عن رتبة
صرف
__________
(1) البيت مع قرين له في اللسان (صرع).
(2) في الآية 19 من سورة الفرقان: { فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بما تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً ولا نَصْرا } .(3/268)
المذنبين. والصَّرْفة: نجم. قال أهلُ اللّغة سمِّيت صرفةً لانصراف البرد عند طلوعها. والصَّرْفة: خَرَزة يؤخَّذ بها الرِّجال، وسمِّيت بذلك كأنَّهم يصرفون بها القلبَ عن الذي يريده منها. قال الخليل: الصَّرْف فَضْل الدِّرهم على الدِّرهم في القِيمة. ومعنى الصَّرف عندنا أنَّه شيءٌ صُرِف إلى شيء، كأنَّ الدِّينارَ صُرِف إلى الدراهم، أي رُجِع إليها، إِذا أخذتَ بدلَه. قال الخليل: ومنه اشتُقَّ اسمُ الصَّيرفيّ، لتصريفه أحدَهما إلى الآخَر. قال: وتصريف الدَّراهِم في البِياعات كلِّها: إنفاقُها. قال أبو عُبيدٍ: صَرْف الكلام: تزيينهُ والزِّيادةُ فيه، وإِنَّما سُمِّيَ بذلك لأنَّه إِذا زيِّن صرف الأسماعَ إلى استماعه. ويقال لِحَدَث الدَّهْر صَرْفٌ، والجمع صُروف، وسمِّي بذلك لأنه يتصرَّف بالناس، أي يقلِّبهم ويردِّدهم. فأمّا حِرْمةَ الشَّاءِ والبقَر والكلاب، فيقال لها الصِّرَاف، وهو عندنا من قياس الباب، لأنَّها تَصَرَّف أي تَرَدّدَ وتُراجِع فيه. ومن الباب الصَّريف، وهو صوت نابِ البعيرِ. وسمِّي بذلك لأنَّه يردِّده ويرَجِّعه. فأمَّا قول القائل:
بَنِي غُدَانةَ ما إنْ أنتمُ ذهباً
ولا صريفاً ولكن أنتم الخزَفُ(1)
فقال قومٌ: أراد بالصَّريف الفِضّة. فإن كان صحيحاً فسمِّيت صريفاً من قولهم: صَرَفت الدِّينارَ دراهمَ، ليس له وجهٌ غير هذا.
وممّا أحسَِبه شاذّاً عن هذا الأصل: الصَّرَفَانُ، وهو الرَّصاص. والصَّرَفَانُ في قوله:
* أمْ صرفاناً بارداً شديدا(2) *
صرم
مختلفٌ فيه، فقال قوم هو الرَّصاص. وقال آخَرون: الصَّرَفانُ: جنْس من التَّمر. وأنشدوا:
* أَكَلَ الزُّبد بالصَّرَفان(3)
__________
(1) البيت في اللسان (صرف) والخزانة (2: 124). بدون نسبة فيهما.
(2) من الرجز المقول على لسان الزباء. اللسان (صرف).
(3) قطعة من بيت لعمران الكلبي في اللسان (صرف). وهو بتمامه:
أكنتم حسبتم ضربنا وجلادنا
على الحجر أكل الزبد بالصرفان(3/269)
*
قالوا: ولم يكن يُهدَى للزّبّاء شيءٌ من الطُّرف كان أحبَّ إليها من التَّمر. وأنشدوا:
ولما أتتْها العير قالت أباردٌ
من التَّمْرِ أم هذا حديدٌ وجندلُ(1)
ومما شذَّ أيضاً الصِّرْف: شيء من الصِّبْغ يُصبَغ به الأديم. قال:
كمَيْتٌ غير مُحْلِفةٍ ولكنْ
كلون الصرْفِ عُلَّ به الأديمُ(2)
وعلى هذا يُحمَلُ قولهم: شرِب الشَّرابَ صِرْفَاً، إذا لم يمزُجْه؛ كأنَّهُ تُرِكَ على لونِهِ وحُمْرَتِه.
(صرم) الصاد والراء والميم أصلٌ واحدٌ صحيحٌ مطَّرد، وهو القَطْع. من ذلك صُرْم الهِجران. والصَّريمة: العزيمة على الشيء، وهو قَطْعُ كلِّ عُلْقَةٍ دونَه. والصُّرام: آخر اللَّبَن بعد التغزير، إِذا احتاجَ الرّجل إليه حلبَه ضرورةً. قال بشر:
ألاَ أَبْلِغْ بني سعدٍ * رسولاً
ومولاهُمْ فقد حُلِبَتْ صُرامُ(3)
صرم
وهذا مَثَلٌ، كأنَّه يقول: قد بُلِغَ من الشر آخِرُهُ، وآخر الشيء عند انقطاعه. ويقال: أكل فلانٌ الصَّيْرَم، وهي الوَجْبَة؛ لأنَّه إِذا أكلها قطع سائر يومه. ويقال صَرَمْتُهُ صَرْماً، بالفتح وهو المصدر، والصُّرْم الاسم. فأمَّا الصَّريم فيقال إنّهُ اسمُ الصُّبْح واسم اللّيل. وكيف كان فهو من القياس؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يَصْرِمُ صاحبَهُ ويَنصرِم عنه. قال الله تعالى: { فأَصْبَحَتْ كالصَّرِيم } [القلم 20]. يقول: احترقت فاسوادَّت كاللَّيلِ. فهذا فيمن قاله إنَّه اللّيل. وأمَّا الصُّبح فقال بشر:
فباتَ يقول أَصبِحْ ليلُ حَتَّى
تَجَلَّى عن صَريمتِهِ الظَّلامُ(4)
__________
(1) البيت في المجمل واللسان (صرف).
(2) لسلمة بن الخرشب الأنماري في المفضليات (1: 38). ونسب في اللسان (صرف) إلى الكلحبة اليربوعي.
(3) المفضليات (2: 135) واللسان (صرم).
(4) المفضليات (2: 135). واللسان (صرم).(3/270)
والصَّريم: الرَّمل ينقطع عن الجدَدِ والأرض الصُّلْبة. والصِّرام: وقت صَرْم الأعذاق. وقد أَصْرَمَ النَّخْلُ: حان صِرامُهُ. والصِّرْمة: القطيع من الإِبل نحوٌ من الثَّلاثين. والصِّرَم: القِطَع من السَّحاب، واحدتها صِرْمة. قال النابغة:
وهبَّت الريحُ من تِلقاءِ ذي أُرُلٍ
تُزْجِي من اللَّيل من صُرَّادِها صِرَما(1)
والصِّرْم: طائفةٌ من القوم ينزلون بإبلهم ناحيةً من الماء، فهم أهل صرم. والرَّجُل الصَّارم: الماضي في الأمور كالسَّيف الصَّارم. وناقة مصرَّمة، أي يُصَرَّم طبْيُها فيفْسُدُ الإحليل فييْبس، فذلك أقوى لها؛ لأنَّ اللبن لا يَخرج. ويقال إنَّ التَّصريم يكون بكَيِّ خِلفَينِ. والصَّرماء: الأرض لا ماء بها. ويقال إنَّ الصَّريمة الأرض المحصودُ زرعُها(2). فأمّا قوله:
صري
ومَوْماةٍ يَحَارُ الطَّرْفُ فيها
إِذا امتنعَتْ علاها الأصرَمانِ(3)
فإنَّ الأصرمَينِ الذِّئب والغراب، سُمِّيا بذلك لقطعهما الأنيس.
(صري) الصاد والراء والحرف المعتل أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على الجمع. يُقال: صَرَى الماءَ يصرِيه، إذا جمعه. وماءٌ صَرىً: مجموع. قال:
رأت غلاماً قد صَرَى في فقرتهْ
ماءَ الشَّبابِ عُنفوانُ شِرَّتهْ(4)
__________
(1) وكذا في ديوانه 66 ومعجم البلدان (أول). وفي اللسان: "ذي أرك"، تحريف.
(2) في الأصل: "أرضها" وصوابه في المجمل.
(3) أنشده المحبّي في جنى الجنتين 20.
(4) للأغلب العجلي. وقد سبق الكلام عليه وعلى تخريجه في (رد 387).(3/271)
وكأنَّ الصَّرَاةَ(1) مشتقَّة مأخوذة من هذا. وسمِّيت المُصَرَّاةُ من الشَّاءِ وغيرِها لاجتماعِ اللبن في أخلافها. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم. ومَنْ اشترى مصرَّاةً فهو بآخر النَّظَرَين(2)، إن شاء ردَّها وردَّ معها صاعاً من تمر". ويقال صَرَيْت ما بينهم: أصلحته، وذلك هو القِياس؛ لأنه يجمع الكلمةَ المشتَّتَة. وتقول: صَرَيت الرّجُل، إذا منعتهُ ما يريدُه. قال:
* وليسَ صَارِيَهُ عن ذِكْرِها صارِ(3) *
والقِياس ذلك؛ لأنَّه إذا مُنع الشيءَ فقد حُبِس(4) دونه وجُمِعَ عنه ويقولون: صراه الله، كما يقولون: وقاه، أي لا نَشرَ أمرَه، بل جَمَعَ مالَه. وصَرَى فلانٌ [في يدِ فلانٍ، إذا بقيَ(5)] في يده رَهْنَاً محبوساً.
صرب - صرح
وشذَّ عن الباب الصَّرَاية: الحنظل، في قوله:
* أو صَرَايةُ حَنْظَلِ(6) *
(صرب) الصاد والراء والباء أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه الباب الذي قبله. وزاد الخليل فيه وصفاً آخر، قال: الصرِيب: اللَّبن الذي قد حُقِنَ: والوَطْب مُصرَّب. وقال ابنُ دُريد: كلُّ شيءٍ أملسَ فهو صرَب. وهذا الذي قاله ابنُ دريدٍ أَقْيَس؛ لأنَّهم يسمُّون الصَّمْغ الصرَب، وينشدون:
أرض عن الخير والسُّلطانِ نائيةٌ
والأطيبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّربُ(7)
__________
(1) الصراة: نهران ببغداد، الصراة الكبرى والصراة الصغرى. ياقوت.
(2) في اللسان: "فهو بخير النظرين".
(3) لابن مقبل في اللسان (صري). وصدره: * ليس الفؤاد براء أرضها أبداً *.
(4) في الأصل: "حين".
(5) التكملة من المجمل.
(6) لامرئ القيس في معلقته. والبيت بتمامه:
كأن سراته لدى البيت قائماً
مداك عروس أو صراية حنظل
(7) أنشده في اللسان (صر) وإصلاح المنطق 45.(3/272)
والصَّمغ فيه مَلاسَة. والذي قاله الخليل فَفرْعُه قولُهم للصبيِّ إذا احتبسَ بَطْنُهُ: صرَب ليَسْمَن، وذلك عند عَقْدِهِ شَحْمه. والصَّرَْب: اللَّبَن الحامض.
(صرح) الصاد والراء والحاء أصلٌ منقاسٌ، يدلُّ على ظهور الشَّيء وبُروزه. من ذلك الشَّيء الصريح. والصَّريح: المحض الحسَب، وجمعه صُرَحاء. قال الخليل: ويجمع الخيلُ على الصرائح. وقال: وكلُّ خالصٍ صريح. يقال هو بَيِّنُ الصَّراحة والصُّروحة. وصرَّحَ بما في نفسه: أَظهَرَه. ويقال كأس صراحٌ، إذا لم تُشَبْ بِمزاج. وصرَّحت الخمرُ، إذا ذهب عنها الزَّبد. قال الأعشى:
كُمَيتٌ تكشَّف عن حُمْرَةٍ
إذا صَرَّحَتْ بعد إِزْبادِها(1)
صرخ – صرد
ويقال: جاء به صُِرَاحا، أي جِهارا. ولقيت فلاناً مُصارَحة وصِراحاً، أي كِفاحا. ويقال صرَّح الحقُّ عن مَحْضِه، أي انكشف الأمرُ بعد غُيوبهِ. والصَّرْحة: المكان، ويقال بل هو المَتْن من الأرض. ويقال يومُ مُصرِّح، إذا كان لا سحابَ فيه، وهو في شعر الطِّرِمَّاح(2). والصَّرح: بيتٌ واحدٌ يُبنى منفرداً ضخماً طويلاً في السَّماء. وكلُّ بناءٍ عالٍ فهو صرْح.
(صرخ) الصاد والراء والخاء أُصَيلٌ يدلُّ على صوتٍ رفيع. من ذلك الصُّراخ، يقال صَرَخ يَصرُخ، وهو إذا صوّت. ويقال الصَّارخ: المستغيث، والصارخ: المغيث، ويقال بل المُغيث مُصرِخ؛ لقوله تعالى في قصة من قال: { ما أَنَا بِمُصرِخِكم وما أنتم بِمُصْرِخِيَّ } [إبراهيم 22].
(صرد) الصاد والراء والدال أصولٌ ثلاثة: أحدها البرد، والآخر الخلوص، والآخر القِلّة.
فالأوَّل: الصَّرْد: البَرْد، ويومٌ صرِدٌ؛ وقد صرِدَ الرَّجُل. ورجلٌ مِصرادٌ: جَزُوعٌ من البَرْد. والاسم الصَّرَد. قال الشاعر:
__________
(1) في ديوان الأعشى 52، واللسان (صرح): "كميتاً".
(2) يعني قوله في ديوانه 85 واللسان (صرح):
إذا امتل يهوي قلت ظل طخاءة
ذرى الريح في أعقاب يوم مصرح(3/273)
نِعْمَ شِعارُ الفَتى إِذا بَرَدَ اللَّيـ
ـلُ سُحيراً وقفقَف الصَّرِدُ(1)
ومن الباب قولهم: صرِدَ القلبُ عن الشيء، إذا انتهى عنه. وذلك أنَّهُ يسلو عنه ويبرد ويَصرَد. والصُّرَّاد: غَيم رقيق.
صرط
وأمَّا الخلوص فالصَّرْد: البَحْت الخالص. ويقال كذِبٌ صرْد. وأُحِبُّك حُبّاً صَرْداً. وشرابٌ صرْد: خالص. قال:
فإنَّ النَّبيذ الصردَ إنْ شُرْبَ وحده
على غير شيءٍ أوجع الكِبْدَ جُوعُها(2)
ومن الباب: صرَد السَّهْمُ من الرّميَّة، إِذا نفذَ حَدُّه. ونَصْلٌ صارد. وأنا أصردته، وهو الخلوص من الرَّميَّة.
والباب الثالث: التصريد في السّقْي دون الرِّيّ. وشرابٌ مصرّد، أي مقلَّلٌ. وصرَّدَ له العَطاءَ، إذا قلَّلهُ.
ومما شذَّ عن الباب الصُّرَد: طائر. والصُّرَدَانِ: عِرقانِ تحت اللِّسان.
(صرط) الصاد والراء والطاء وهو من باب الإِبدال، وقد ذكر في السين، وهو الطَّرِيق. قال:
أَكُرُّ على الحرورِيِّينَ مُهْري
وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ (3)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد)
فالذي جاء منه على القياس، الذي تقدَّم ذكره. [وأمَّا المنحوت] فقولهم (الصَّعْنب) الصَّغير الرّأس، فهذا مما زيدت فيه الباء، وأصله الصاد والعين والنون، وقد قلناه في الصِّعْوَنّ، ومضى تفسيره(4).
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد)
__________
(1) أنشده الكامل في المبرد 137 ليبسك. وبعده:
زينها الله في الفؤادِ كما
زين في عين والد ولد.
(2) في الأصل: "الصردان يشرب وحده"، صوابه في المجمل واللسان (صرد). وشرب، هي شرب، بالبناء للمجهول سكن منه الراء للضرورة كقوله: * لو عصر منه البان والمسك انعصر *.
(3) أنشده في المجمل واللسان (صرط).
(4) مادة (صعن). ص 286.(3/274)
ومن الباب: (اصْمَقَرَّ) اللَّبنُ، إذا اشتدَّتْ حُموضته. وهذا منحوتٌ من كلمتين. من صقر ومقر. أمَّا مقر فهو الحامض، ومن ذلك يقال سمكٌ ممقور. وأما صقر فمن الخُثورة، ولذلك سمِّيَ الدِّبْس صقراً، وقد مرَّ.
ومن ذلك قولهم: بعير (صلخد(1))، أي صُلْب، فاللام فيه زائدة، وإنّما هو من صَخَدَ والصَّخْرَة الصَّيْخُود، وقد فسرناه.
ومن ذلك: (الصَِّلْقَم)، وهو الشديد العضّ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من صَلَقَ ولَقَمَ، كأنّه يجعل الشَّيءَ كاللُّقمة. والصَّلْق من الأنياب الصَّلَقات، وقد مضى.
ومن ذلك: (الصِّرْداح) و(الصَّرْدَح)، وهي الناقةُ الصُّلْبَة. وهذا مما زِيدت فيه الدَّال. وأصله من الصَّرْح، وهو البناء العالي القويّ.
ومن ذلك كلمةٌ ذكرها ابن دريد(2)، وهي في القياس جيّدة صحيحة. قال: "ناقة صَيْلَخود: صُلْبة شديدة"، وقد فسرناها في الصَّلخد.
ومن ذلك (اصمَعَدَّ) الرَّجل: ذهب في الأرض. وهذا مما زيدت فيه الميم، وإِنَّما هو من أَصْعَد في الأرض، وقد فسَّرناه.
ومن ذلك (صَلْفَع) رأسَه، إِذا حلقه. والفاء فيه زائدة، وهو من الصَّلَع. وقال قومٌ: صلفَعَه، إِذا ضرب عنقَه. وهو قريبٌ، إلاَّ أنَّ الأوّل أَقْيَس.
ومن ذلك قول الأحمر: (صَلْمعتُ) الشيء، إذا قلعتَه من أصله. وقال الفرَّاء: صلْمَعَ رأسَه، إِذا حلق شعره. والميم في الكلمتين زائدة. ويقال إن *(الصَّلْمَعة) و(الصَّلْفعة): الإِفلاس. وهو القياس.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد)
ومن ذلك (الصِّمْرِد): النّاقة القليلة اللَّبن، والميم فيه زائدة، وهو من صرد. وقد قلنا إنَّ التَّصريد: التَّقليل.
ومن ذلك (الصُّمَّلِك): الشديد القُوّة، والكاف فيه زائدة، والأصل الصُّمُلّ.
__________
(1) يقال (صَلْخَد) و(صِلَخْد) و(صِلْخَدّ).
(2) الجمهرة (3: 403).(3/275)
ومن الباب (الصَّهْصَلِق): الشَّديد الصَّوت الصَّخّاب. يقال امرأة صَهْصَلِق: صخّابة. وهذا منحوتٌ من كَلمتين: من صهل وصلق، وقد ذكرناهما. قال ابنُ أحمر:
صَهْصَلِق الصَّوت إذا ما غَدَتْ
لم يَطْمَع الصَّقرُ بها المنكدِرْ(1)
ومن ذلك (المصمئِلَّة): الدَّاهية. والأصل صَمَل، وقد مضى ذكره.
ومن ذلك (الصَّفاريت)، وهم الفُقَراء، الواحد صِفْريت. قال ذو الرُّمّة:
* ولا خُورٍ صَفَارِيتِ(2) *
والتاء فيه زائدة، وإنَّما هو الصِّفْر، وهو الخالي.
ومن ذلك (الصَّعْنَبة)، أي تَصَوْمُع الثَّريدة. والباء فيه زائدة، وهو من المُصْعَنّ(3) والصِّعْوَنّ، وقد ذكرناه.
ومن ذلك (الصَّمْعَرةُ(4))، وهو ما غلُظَ من الأرض. و(الصَّمْعَريّة) من الحيّات. الخبيثة. و(الصَّمعريُّ): اللئيم. وقياس هؤلاء الكلماتِ واحد، وهي
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد)
منحوتةٌ من صَمَر ومَعَر. أمَّا صمر فاشتدّ. وأمَّا معر فقلّ نبته وخَيره. وقد ذُكِر في بابه.
ومن ذلك (الصِّمْلاَخ): خَرْق الأُذُن، واللام فيه زائدة، وإنّما هو الصِّماخ، وقد ذكرا. ومن ذلك (الصُّمَالخ): اللبن الخاثر المتلبِّد(5). فهذا من صلخ وصمل. أمّا صمل فاشتدّ، وأمَّا صَلَخَ فمن الصَّمَم. فكأنَّ اللّبَن إِذا خثُر لم يكنْ له عند صبِّه صَوت.
__________
(1) في الأصل: "إذا ما عذب * لم يطمع الصفو"، صوابه في المجمل.
(2) قطعة من بيت لذي الرُّمة في ملحقات ديوانه 663 واللسان (صفر). وهو بتمامه:
بفتية كسيوف الهند لا روع
من الشباب ولا خور صفاريت.
(3) في الأصل: "الصعن"، تحريف.
(4) وكذا في المجمل. ولم تذكر في اللسان. وذكر في القاموس: "الصمعر".
(5) في الأصل: "المتكبد"، صوابه في اللسان.(3/276)
ومن ذلك (الصِّقَعْل)، وهو التَّمر اليابس(1). وهذا من الصَّقْل. والعين فيه زائدة، وذلك أنَّه إِذا يَبِسَ صار كالشَّيءِ الصَّقِيل(2).
ومن ذلك (الصِّلْدمَة): الفَرَس الشَّديدة. وهذه من صَلَد وصَدَمَ. أمَّا الصَّلْد فالشَّديد، وهو من الصَّخْرة الصَّلْد. والصَّدْم من صَدْم الشّيء، وقد مرّ ذكره، فأمَّا (الصِّنْتِيت): وهو السيِّد، فمضى ذكرُهُ؛ لأنَّه من باب الإِبدال، وهو الصِّنْديد.
ومن ذلك (الصَّقْعب): الطّويل من الرِّجال. فهذا منحوتٌ من كلمتين من صَقَب وصَعَب. أما الصَّقْب فالطَّويل، والصَّعب من الصُّعوبة.
ومن ذلك (الصَّلْهب): الرَّجُل الطَّويل، فهذا معنيان: الإِبدال والزِّيادة. أمَّا الإِبدال فالصاد بدل السين، وهو السَّلْهَب. وإِذا كانت الهاء زائدة فهو من السَّلِب، وهو الطَّويل.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله صاد)
وأمَّا الذي وُضع وَضْعاً، وهو غيرُ منقاسٍ عندي، (فالصُّنْبُور) النَّخلة تبقى منفردةً ويَدِقُّ أسفلُها. والصُّنْبور: مَثْعَب الحوض. والصُّنبور: الرَّجل الفَرْد الذي لا ولدَ له ولا أخ. والصُّنْبور: القَصَبة التي تكون في الإداوة من حديد أو رَصاصٍ يُشرَب بها. وأمَّا (الصِّنَّبْر) وهو البرد الشديد، فالنون والباء فيه زائدتان، وهو من الصِّرّ.
ومما وُضِعَ وضعاً، ولعله أن يكون كالنَّبَز: (الصَّعافقة)، يقال الذين ليست معهم رؤوس أموال، يحضرون الأسواق فإذا اشترى واحدٌ شيئاً دخَلُوا معه فيه.
ــــــــ
(تم كتاب الصاد)
ضع – ضغ - ضف
كتاب الضاد
(باب الضاد في المضاعف [والمطابق])
(ضع) الضاد والعين في المضاعف أصلٌ واحدٌ صحيحٌ، يدلُّ على الخضوع والضَّعْفِ. يقال تضعضعَ، إِذا ذلَّ وخَضَع. قال أبو ذؤيب:
وتجلُّدِي للشَّامِتِين أرِيهِمُ
__________
(1) زاد في اللسان: "ينقع في المخض"، وأنشد: * ترى لهم حول الصقعل عثيره *.
(2) في الأصل: "الصفقل".(3/277)
أنِّي لرَيْبِ الدَّهرِ لا أتضعضعُ(1)
وكلُّ ضعيفٍ ضَعْضَاعٌ، إِذا لم يكن ذا رأيٍ ولا قُوَّةٍ.
(ضغ) الضاد والغين ليس بشيء، ولا هو أصلاً يفرّع منه أو يقاس عليه، لكنَّهم يقولون: إنَّ الضَّغْضَغة: حِكايةُ أكلِ الذئبِ اللحْم. وقال الخليل: الضَّغْضَغة: لوك الدَّ رداء. ويقولون: الضَّغَّاغة(2): الأحمق. والضغيغة: العجينُ *الرَّقيق. وأقاموا في عيشٍ ضغيغٍ، أي خَصيب. وليس هذا كلُّه بشيءٍ وإنْ ذُكِر.
(ضف) الضاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أمرين: أحدهما الاجتماع، والآخر القِلة والضَّعف.
[فأمَّا الأوَّل فهو الضَّفف]، وهو اجتماع النَّاس على الشيءِ. ويقال ماء
ضك – ضل
مضفوف، إذا كثُر عليه الناس. وطعامٌ مضفوف. وفي الحديث: "أنه عليه السلام لم يشبَع من خُبزٍ ولحم إلاَّ على ضَفَف". يراد بذلك كثرةُ الأيدي على الطَّعام. وقال في الماء:
لا يَسْتَقِي في النَّزَحِ المضفوفِ
إلاَّ مُدَارَاتُ الغُروبِ الجُوفِ(3)
وجانبا النَّهْرِ: ضَفَّتَاهُ، لاجتماعهما عليه، قال الخليل: ناقةٌ ضَفوفٌ، أي كثيرةُ اللَّبنِ لا تُحلَبُ إلاَّ ضَفَّاً. والضَّفُّ: الحَلَب بالكفِّ كلِّها.
وأمّا الآخر فقولُهم: في رأيِ فلانٍ ضَفَفٌ، أي ضَعف. ولقيتُهُ على ضَفَفٍ، أي عَجَلةٍ لم أتمكَّنْ منه.
(ضك) الضاد والكاف أُصَيلٌ صحيح فيه كلمتان: امرأةٌ ضكضاكة ورجل ضكْضاكٌ، يراد به القِصَر واكتنازُ اللَّحم. والكلمة الأخرى: الضَّكْضَكة سُرعة المَشي.
__________
(1) ديوان أبي ذؤيب 3 والمفضليات (2: 222)، واللسان (ضعع).
(2) هذا اللفظ مما انفرد به في المجمل والمقاييس.
(3) الرجز في اللسان (ضفف).(3/278)
(ضل) الضاد واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو ضَياع الشيء وذهابُهُ في غيرِ حَقِّه. يقال ضَلَّ يَضِلّ ويَضَلّ، لغتان. وكلُّ جائرٍ عن القصد ضالٌّ. والضَّلاَل والضَّلالَة بمعنى. ورجلٌ ضِلِّيل ومُضلَّل، إذا كان صاحبَ ضَلاَلٍ وباطل. وممّا يدُلُّ على أنّ أصل الضّلاَل ما ذكرناهُ، قولُهم أُضِلّ الميّتُ، إِذا دُفِنَ. وذاكَ كأنَّهُ شيءٌ قد ضاع. ويقولون: ضَلَّ اللَّبَنُ في الماءِ، ثم يقولون استُهْلِكَ. وقال في أُضِلَّ الميّت:
وآبَ مُضِلُّوهُ بعينٍ جَلِيَّةٍ
وغودِرَ بالجَوْلان حَزمٌ ونائلُ(1)
ضم - ضن – ضأ – ضب
قال ابنُ السكِّيت: يقال أَضلَلْتُ بعيري، إذا ذهبَ منك؛ وضللت المسجد والدَّارَ، إِذا لم تهتدِ لهما. وكذلك كلُّ شيءٍ مُقيمٍ لا يُهتَدَى له. ويقال: أرضٌ مَضِلّة ومَضَلّة. ووقعوا في وادي تُضَُلِّلَ، إذا وَقعوا في مَضَِلَّة.
(ضم) الضاد والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مُلاءَمةٍ بين شيئين. يقال ضَمَمت الشّيءَ إلى الشيء فأنا أضُمُّه ضمّاً. وهذه إِضْمامةٌ من خَيل، أي جماعة. وفرسٌ سَبّاق الأضاميم، أي الجماعات. وإِضمامةٌ من كُتُب مثل إِضْبارة.
ومن الباب: أسدٌ ضَمْضَم وضُماضِمٌ: يضمُّ كلَّ شيءٍ.
(ضن) الضاد والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على بُخْلٍ بالشيء. يقال ضَنِنْتُ بالشّيءِ أَضَنُّ به ضَنّاً وضَنانةً، ورجلٌ ضَنين. وهذا عِلْقُ مَضَنَّةٍ ومَضِنّة، إذا كان نفيساً يُضَنُّ به. وفلانٌ ضِنِّي مِنْ بين إخواني، إذا كان النّفِيسَ الذي يُضَنُّ به. وربما قالوا ضَنَنْتُ بفتح النون.
__________
(1) البيت للنابغة، كما أسلفت في حواشي (جول).(3/279)
(ضأ) الضاد والهمزة كلمة صحيحة، وهي الضِّئْضئُ، وهو الأصل. وفي الحديث: "يخرج من ضِئْضِئِ هذا قومٌ يمرُقون من الدِّين"(1).
وأمَّا الضاد والحرف المعتل فهو يدلُّ على صِياحٍ وجَلَبَة. من ذلك الضَّوَّة والضَّوْضَاة(2): أصوات النّاس وجَلَبَتهم. يقال ضَوْضَوْا بلا همز.
(ضب) الضاد والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ عُظْمُه على الاجتماع. قال أبو زيد:
ضب
أَضَبَّ القومُ إضباباً، إذا تكلّموا جميعاً. ثمّ يُحْمَل على هذا الأصلِ أكثرُ البابِ. من ذلك ضَبَّة الحديد، والجمع ضَبَّات. والضَّبّ: الغِلُّ في القلب. وقد أَضَبَّ على غِلٍّ في صدره، إذا جَمَعَه في صدرهِ. ومنه الضَّبَاب، وهو الذي كأنَّه غبارٌ يجتمع فيَستُر. وهذا يومٌ مُضِبٌّ. وضَبِبَ البلدُ: كثُر ضَبابه.
ومن الباب: التَّضَبُّب، وهو السِّمَن. والضَّبِيبة: سمنٌ ورُبٌّ(3) يُجمع بينهما، يقال ضَبِّبُوا لصبيِّكم. والضبُّ من دوابِّ الأرضِ معروف، وسمِّي لتجمُّع خَلْقِهِ ولحْمِه؛ والجمع ضِباب: وربَّما شبِّه الطَّلْع به. قال:
أطَافَ بِفُحَّالٍ كأنَّ ضِبابَهُ
بُطونُ الموالي يومَ عِيدٍ تَغَدَّتِ
__________
(1) في اللسان: "وفي الحديث أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقسم الغنائم فقال له: اعدل فإنك لم تعدل. فقال: يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
(2) والضوضاء، بالهمز أيضاً.
(3) في الأصل: "وربما"، تحريف. وفي المجمل: "والضبيبة: السمن والرب يجمع بينهما ويؤكل".(3/280)
يقول: طَلْعُها ضخمٌ كأنَّه ضِبابٌ ممتلئة. ثم شَبَّه تلك الضِّبابَ ببطونِ موالٍ تغدَّوْا فتضَلَّعُوا. ويقال: وقَعْنا في مَضَابَّ مُنْكَرة، أي قِطَعٍ من الأرض كثيرة الضِّباب. والضُّبَاضِب: الرّجل *القصير السمين. فأمَّا قولهم: ضبَّ النّاقة، فهو مِثل ضَفَّها(1) إِذا حَلَبَها بالكفّ جميعاً. قال الكسائيّ: فَطَرت النّاقةَ أفطرُها، إذا حلبتَها بطرف أصابعك. وضَبَبْتُها أَضُبُّها ضبّاً، إذا حَلَبْتَها بالكفِّ كلِّها. قال الفرَّاء: هذا هو الضَّفُّ. فأمَّا الضَّبُّ فأنْ تجعل إِبهامك على الخِلْف وأصابعَك على الإبهامِ والخِلْف معاً.
ومما شذَّ عن هذا الأصل قولُهم: ناقةٌ ضَبَّاءُ وبعيرٌ أضبُّ، وهو وجعٌ يأخذهما
ضج – ضح
في الفِرْسِن(2). فأمَّا قولُهم: ضَبّت لِثَتُه دماً، وضبَّت يدُهُ إذا سالت دماً، فليس من هذا الباب، إنّما هو مقلوب من بَضَّ(3)، وقد مرَّ.
(ضج) الضاد والجيم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صِياحٍ بِضَجَر. من ذلك ضجَّ يضِجُّ ضجيجا، وضجَّ القوم ضِجَاجاً. قال أبو عبيد: أَضجَّ القوم إِضجاجاً، إذا جَلبُوا(4) وصَاحُوا. فإِذا جزعوا من شيءٍ وغُلِبوا قيلَ ضَجُّوا. وقال: الضِّجَاج: المشاغَبة والمشارَّة. قال غيره، الضَّجُوج من الإِبل؛ التي تضجُّ إِذا حُلِبَت.
ومما شذَّ عن هذا الباب: الضَّجاج(5)، وهو خَرَز(6).
__________
(1) في الأصل: "ضبها" صوابه في المجمل.
(2) في الأصل: " الفرس"، صوابه في المجمل.
(3) في الأصل: "بضن".
(4) يقال جلب، وأجلب، بالتشديد.
(5) ضبطه في القاموس كسحاب، وفي المجمل بتشديد الجيم. وهذا اللفظ لم يرد في اللسان.
(6) في القاموس: "خرزة".(3/281)
(ضح) الضاد والحاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رقَّةِ شيءٍ بعينه. من ذلك الضَّحضاح: الماء إلى الكَعبَين، سمِّي بذلك لرقّته. والضَّحضحة: تَرقرُقُ الشَّراب. ومنه الضِّحّ، وهو ضَوء الشَّمس إذا استمكَنَ من الأرض. وكان ابنُ الأعرابيِّ يقول: هو لون الشَّمس. ويقولون: جاء فلانٌ بالضِّحِّ والرِّيح، يُراد به الكَثْرة، أي ما طلَعت عليه الشَّمس وما جَرَتْ عليه الرِّيح. قال: ولا يقال [الضِّيح(1)].
ضخ – ضد - ضر
(ضخ) الضاد والخاء ليس بشيء. على أنَّهم يقولون: الضَّخّ: امتداد البَول. والمِضَخَّة: قَصَبةٌ يرمَى بها الماء فيمتدّ.
(ضد) الضاد والدال كلمتان متباينتان في القياس.
فالأولى: الضِّدّ ضِدّ الشيء. والمتضادّان: الشَّيئان لا يجوز اجتماعهما في وقتٍ واحد، كالليل والنَّهار.
والكلمةُ الأخرى الضَّدُّ، وهو المَلْء، بفتح الضاد، يقال ضَدَّ القِربَة: ملأها، ضَدّاً.
(ضر) الضاد والراء ثلاثةُ أصول: الأوّل خلاف النَّفْع، والثاني: اجتماعُ الشَّيء، والثالث القوّة.
فالأوَّل الضَّرّ: ضدُّ النَّفْع. ويقال ضَرَّه يضُرُّه ضَرّاً. ثمَّ يحمل على هذا كلُّ ما جانَسَه أو قارَبَه. فالضُّرُّ: الهُزال. والضِّرّ: تزوُّج المرأة على ضَرَّة. يقال نكحَتْ فلانةُ على ضِرّ، أي على امرأةٍ كانت قَبْلَها. وقال الأصمعيّ: تزوّجَت المرأةُ على ضُرٍّ وضِرّ. قال: والإِضرار مثلُه، وهو رجلٌ مُضِرٌّ. والضَّرَّة: اسمٌ مشتقٌّ من الضَّرِّ، كأنَّها تضرُّ الأخرى كما تضرُّها تلك. واضطُرَّ فلانٌ إلى كذا، من الضرورة. ويقولون في الشِّعر "الضَّارُورة". قال ابنُ الدُّمينة:
أثيِبِي أخا ضارورةٍ أشفَقَ العِدَى
عليه وقَلّت في الصديق مَعاذرُهْ(2)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) في الأصل: "أتتني"، صوابه في اللسان (ضرر) حيث ورد البيت بدون نسبة. ولم أجد البيت في ديوان ابن الدمينة.(3/282)
والضَّرِير: المُضَارَّة. وأكثر ما يُستعمَل في الغَيْرة؛ يقال ما أشدَّ ضريره عليها.
ضز – ضطر
وشُبِّه الحَجَرانِ للرَّحَى بالضَّرَّتينِ فقيل لهما الضَّرَّتانِ. والضَّرِير: الذي به ضَرَرٌ من ذَهاب عَيْنِه. أو ضَنَى جِسْمِه.
وأمّا الأصلُ الثاني فَضَرَّة الضَّرع: لَحْمتُه. قال أبو عُبيد: الضَّرَّة: التي لا تخلو من اللَّبن. وسمِّيت بذلك لاجتماعِها. وضَرَّةُ الإبهام : اللحم المجتمع تحتَها. ومن الباب: المُضِرّ: الذي له ضَرَّةٌ من مال، وهو من صِفَة المال الكثير. قال:
بِحَسْبِكَ في القومِ أن يَعلموا
بأنَّكَ فيهم غَنِيٌّ مُضِرّْ(1)
وأمّا الثالث فالضرير: قُوَّة النّفْس. ويقال: فلانٌ ذو ضرير على الشيء، إذا كان ذا صبرٍ عليه ومقاساة، في قول جرير:
* جُرأةً وضَرِيرا(2) *
ويقال للفرس: أضرَّ على فأس اللِّجامِ، إذا أَزَم عليه.
(ضز) الضاد والزاء كلمةٌ واحدةٌ، وهي الضَّزز، وهو لُصوق الحنَك الأعلى بالأسفل؛ رجلٌ أَضَزُّ.
(باب الضاد والطاء وما يثلثهما)
(ضطر) الضاد والطاء والراء كلمةٌ تدلُّ على ضِخَم. ويقولون: ويكون مع ذلك لُؤم. وقال أبو عُبيد: الضَّيطر: العظيم، وجمعه ضَيطارُون وضَياطِرة. وأنشد:
ضعف – ضعو
تعرَّضَ ضَيطارُو فُعَالةَ دوننا
وما خَير ضَيطارٍ يقلِّب* مِسْطَحَا(3)
(باب الضاد والعين وما يثلثهما)
(ضعف) الضاد والعين والفاء أصلانِ متباينانِ، يدلُ أحدُهما على خلاف القُوَّة، ويدلُّ الآخر على أن يزاد الشَّيءُ مِثلَه.
__________
(1) البيت للأشعر الرقبان الأسدي، جاهلي، يهجو ابن عمه رضوان. اللسان (ضرر).
(2) قطعة من بيت له في ديوانه 290 واللسان (ضرر). وهو بتمامه:
من كل جرشعة الهواجر زادها
بعد المفاوز جرأة وضريرا
(3) البيت لمالك بن عوف النصري، كما سبق في حواشي (حمر، سطح)، وفعالة بالضم: كناية عن خزاعة.(3/283)
فالأوَّل: الضَّعف والضُّعف، وهو خلاف القُوَّة. يقال ضَعُفَ يضعُف، ورجلٌ ضعيف وقوم ضُعفاءُ وضِعافٌ.
وأمَّا الأصل الآخَر فقال الخليل: أضعفت الشَّيءَ إِضعافاً، وضعَّفتُهُ تضعيفاً، وضاعْفتُهُ مُضاعَفة، وهو أن يُزادَ على أصل الشَّيء فيُجعلَ مثلين أو أكثر. قال غيره: المضعوف الشَّيء المضاعَف. قال أبو عمرو: المضعوف من أضعفْتُ الشَّيء. وذكر أبو عبيدٍ ذلك في باب أفعلتُهُ فهو مفعول. والمضاعَفَة: الدِّرع نُسِجَتْ حَلْقَتينِ.
(ضعو) الضاد والعين والواو كلمةٌ واحدةٌ، وهي الضَّعة: شجرة، حُذِفت واوُها؛ والجمع ضَعَوات. قال:
* متّخِذاً في ضَعَواتِ تَوْلجا(1) *
ضعس – ضغت – ضغث – ضغب - ضغم
(ضعس) الضاد والعين والسين ليس بشيء. وذكر ابن دُريد أنهم يقولون للحريص النَّهم: ضَعْوَس(2).
(باب الضاد والغين وما يثلثهما)
(ضغت) الضاد والغين والتاء ليس بشيء(3).
(ضغث) الضاد والغين والثاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على التباسِ الشَّيءِ بعضه ببعض. يقال للحالم: أَضْغَثْتَ الرُّؤيا. والأضغاث: الأحلام الملتبِسة. والضِّغْث: قُبضة(4) [من(5)] قُضْبان أو حشيش، قال الخليل: أصلٌ واحدٌ. ويقال ناقة ضَغوثٌ، إِذا شَكَكْتَ في سِمَنِها فلمستَ أَبِها طِرْقٌ. والضَّغْثُ كالمَرْس.
__________
(1) البيت لجرير في ديوانه 92 واللسان (ضعا) من رجز يهجو به البعيث المجاشعي.
(2) الجمهرة (3: 24) والكلمة لم تذكر في اللسان ولا في القاموس، وبدلها في اللسان: "الضَّعْرَس"، وفي القاموس: "الضَّغْرَس".
(3) في اللسان:"الضغت: اللوك بالأنياب والنواجذ". وحق هذه المادة واللتين بعدها أن تكون بين مادتي (ضغن) و(ضغط).
(4) في الأصل وكذا في المجمل: "قضية"، صوابه في اللسان.
(5) هذه الكلمة من المجمل واللسان.(3/284)
(ضغب) الضاد والغين والباء ليس بأصل، بل هو بعضُ الأصوات. يقولون: إنَّ الضَّغيب تضوُّرُ الأرنب إذا أُخِذَت؛ ومثله: الضُّغَاب. والضَّاغب: الذي يختبئ في الخَمَر يفزِّعُ النَّاس.
(ضغم) الضاد والغين والميم أُصَيْلٌ واحد يدلُّ على العَضِّ. يقال: ضَغَمَه.
ضغن - ضغط
ومنه اشتُقَّ الضَّيغم، وهو الأَسَد. قال أبو عُبيد: الضَّيْغَم الذي يَعَضُّ. والياء زائدة. وذكر ابنُ دُريد: الضُّغَامة: ما ضَغَمْتَه ولفظتَه.
(ضغن) الضاد والغين والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تغطية شيءٍ في ميل واعوِجاج، ولا يدلُّ على خَير. من ذلك الضِّغْن والضَّغْن: الحِقْد. وفرسٌ ضاغن، إِذا كان لا يُعطِي ما عندهُ من الجري إلاّ بالضَّرب. ويقال ضَغِنَ صَدرُ فلانٍ ضِغْنَاً وضَغَناً. وقناةٌ ضَغِنةٌ: عَوجاء. ويقولون: ناقةٌ ذات ضِغْن، عند نزاعها إلى وطَنِها.
فأمَّا الخليل فقال: يقال للنَّحُوص(1) إِذا وَحِمَتْ فاستعصَتْ على الجأْب: إِنَّها لَذَاتُ شَغْبٍ وضِغْن. ويقال ضَغَنَ فلانٌ إلى الدُّنيا: ركَنَ ومالَ. وضِغْنِي إلى فلانٍ، أي ميلي إِليه. والذي دلَّ على ما ذكرناهُ من تغطية الشيء قولُهم إنَّ الاضطغانَ الاشتمالُ بالثَّوب. قال:
* كأنَّه مضطغِنٌ صَبِيّاً(2) *
ويقال اضطَغْنتُ الشَّيء تحت حِضْنِي. قال ابنُ مُقْبِل:
إذا اضطغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضها
ومِرْفَقٍ كرِيَاسِ السَّيف إِذْ شَسَفا(3)
(ضغط) الضاد والغين والطاء أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على مُزاحَمَةٍ
ضغز - ضفن
__________
(1) النحوص: الأتان الوحشية. وفي الأصل: "النحوض"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) نسبه في اللسان (ضغن 124)، إلى "العامرية". وقبله:
لقد رأيت رجلاً دهرياً
يمشي وراء القومِ سيتهيا
(3) أنشده في اللسان (ضغن، رأس، شسف)، وقد سبق في (ريس).(3/285)
بِشِدة. يقال ضَغَطَهُ، إذا زَحَمَهُ إلى حائط. والضَّغِيط: بئرٌ تُحفَر إلى جنْبِها بئر أخرى فيقل ماؤها. والمَضَاغِط: أَرَضُونَ منخفِضة. وبعيرٌ بهِ ضاغط، وهو لُزوقُ العضُد بالجَنْبِ حَكاًّ حَتَّى يضغط ذلك بعضُهُ بعضاً ويتدلَّى جِلْدُه. قال أبو عبيدٍ: الضَّاغط والضَّبّ شيءٌ واحدٌ، وهو انفتاقٌ من الإِبط وكثرةٌ من اللَّحم. ويقال: اللَّهمَّ ارفَعْ عنَّا هذه الضَّغطة، يريدون الشدَّةَ والمشقّة. ويقال: أرسلْتُهُ ضاغِطاً على فلان، وهو شِبْه الرّقيبِ يمنعُهُ من الظُّلم.
(ضغز) الضاد والغين والزاء ليس بأصلٍ صحيح، إلاّ أن يأتي به شِعْر. غير أنَّ الخليل ذكر أنَّ الضِّغْز من السِّباع: السيّئ الخُلُق(1). والله أعلم بالصواب.
(باب الضاد والفاء وما يثلثهما)
(*ضفن) الضاد والفاء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رمْي الشَّيءِ بخفاء. والأصل فيه ضَفَنت بالرّجُل الأرضَ، إِذا رميتَه وضربتَ الأرض به. ومنه ضَفَن البعيرُ برِجْله: خبط بها. وضَفَن بغائِطِه: رمى به. وضَفَن الحِمْلَ على ناقته: حَمَله عليها. وضَفَنَه برِجْله: ضَربه. والقياس في ذلك كلِّه واحد.
ومن الباب: ضَفَنَ إلى القوم، إِذا لجَأَ إليهم فجلس عندهم. وهذا عندي مما ينبغي أن يزاد فيه وصْف، فيقال: "وهم لا يريدونه"، كأنَّه رمى بِنَفسِه عليهم. والدَّليل على هذا قولهم للطفيليّ الذي يجيء مع الضّيف: ضَيْفَن. وهذا فَيْعَل من
ضفو – ضفر
ضَفَن. وقد سمعتُ ولم أسمعه من عالم، أنَّ الذي يجيء مع الضَّيفن الضَّيْفنَانُ(2)، ولا أدري كيف صحّتُه. والقِياس يُجيزه. قال في الضَّيْفَن:
إذا جاءَ ضيفٌ جاء للضَّيف ضيفنٌ
فأودى بما يُقرَى الضُّيوفُ الضَّيافنُ(3)
__________
(1) أنشده في اللسان:
فيها الجريش وضغز ما بنى ضئزاً
يأوي إلى رشف منها وتقليص
(2) لم يذكر هذا اللفظ في اللسان ولا في القاموس.
(3) أنشده في اللسان (ضيف، ضفن) بدون نسبة.(3/286)
ومن الباب الضِّفَنّ، وهو الأحمق مع عِظَم خَلْق.
(ضفو) الضاد والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سبوغ وتمام. يقال: ثوبٌ ضافٍ، وفرسٌ ضافي السَّبيب، إِذا كان شَعَر ذَنبه وافياً. وفلانٌ في ضَفْو وضَفْوةٍ من عَيْشِه. قال الأخطل(1):
إذا الهَدَفُ المِعزالُ صَوَّبَ رأسَه
وأعجبَه ضَفْوٌ من الثَّلّةِ الخُطْلِ(2)
الخُطْل: المُسترخية الآذان. ورجلٌ ضافي الرأس، أي كثير شَعَر الرأْس، قال:
* إذا استغَثْتَ بضافي الرَّأس نَعَّاق(3) *
وضَفَْوَى: موضعٌ.
(ضفر) الضاد والفاء والراء أصلٌ صحيح، وهو ضمُّ الشَّيءِ إلى الشَّيءِ نسجاً أو غيره عريضاً. ومن الباب ضَفائِر الشّعَر، وهي كل شَعَر ضُفِر حتى يصيرَ ذُؤابة. ومن الباب قولُهم: تضافَرُوا عليه، أي تعاوَنُوا. وأصله عندي من ضفائر الشعر، وهو أن يتقاربوا حتى كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم قد شدَّ ضفيرتَه
ضفز - ضفس – ضفط – ضفع
بضفيرة الآخر. وهذا قِياسٌ حسَن في المساعدة والمظاهَرة وغيرهما. يقال إنَّ الضفِر: حِقْفٌ من الرّمل. والذي نحفظه في كتاب أبي عُبيدٍ العَقِدة والضَّفِرة الرمل المُنْعَقد. ويقال كِنانةٌ ضَفِرةٌ، أي ممتلئة. وأصلها من تَضافُرِ ما فيها من السِّهام، وهو تجمُّعها. والضَّفيرة، هي التي يقال لها المُسَنّاة، وسمِّيت بذلك كأنما ضُفِرَتْ ضَفْراً، كالشَّيء يُضَمُّ بعضُهُ إلى بعضٍ نسجاً وغيرَه.
__________
(1) سيأتي في (هدف).
(2) كذا في الأصل. وفي المجمل: "الهذلي"، وهو الصواب؛ إذا البيت التالي لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 43 واللسان (هدف، عزل، ضفا) كما سبق في حواشي (خطل).
(3) لتأبطَ شراً من القصيدة الأولى في المفضليات، ويروى أيضاً "نغاق" بالمعجمة وصدره:
* فذاك همي وغزوي أستغيث به *(3/287)
(ضفز) الضاد والفاء والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَفْعِ شيءٍ بشيءٍ تلقمه، ثمَّ يُحمَل على ذلك. من ذلك [الضَّفز] : لَقْم البعير. ويقال الضَّفَر: أن تُلقِمه إِيّاه وإن كرِهَه. والعرب تقول ضَفزْتُهُ حقَّه فما قَبِلَه، أي إِنِّي أكرهتُه عليه. ومن الباب: ضفَزت الفرسَ لجامَه، أي أدخَلتُهُ في فيه. وقد يقال الضَّفْز: الجِماع، وهو قريب من الباب.
(ضفس) الضاد والفاء والسين ليس بشيء، إلاَّ أنَّ ابنَ دُريد ذكر أن الضَّفْس مثل الضَّفْز.
(ضفط) الضاد والفاء والطاء أُصَيلٌ يقولون إنّه صحيحٌ، وأَصلهُ الحُمق والجَفَاء. يقال للأحمق ضَفِيطٌ بيِّن الضَّفَاطة. ويقال: الضَّفَّاط: الذي يُكْرِي الإِبل. والضَّفَّاطة فيما يقال: الإِبل تحمل المتاع. وأحسب أنَّ البابَ كلُّه مما لا يعوَّل عليه.
(ضفع) الضاد والفاء والعين ليس بشيء. على أنَّ الخليل حكى ضَفَع: جَعس. والسلم(1).
ضكع – ضكل - ضلع
(باب الضاد والكاف وما يثلثهما)
(ضكع) الضاد والكاف والعين فيه كلمةٌ لا قياسَ لها. يقال رجل ضَوْكَعةٌ، إِذا كان كثيرَ اللَّحم ثقيلاً.
(ضكل) الضاد والكاف واللام. يقولون: إنَّ الضَّيْكَل: العُرْيان.
(باب الضاد واللام وما يثلثهما)
(ضلع) الضاد واللام والعين أصلٌ واحدٌ صحيح مطّرد، يدلُّ على ميل واعوجاج. فالضِّلَع: ضِلَعَ الإِنسان وغيرِهِ، سمِّيت بذلك للاعوجاج الذي فيها. ويقول القائل في وصف امرأة:
هي الضِّلع العوجاءُ لستَ تقيمها
ألا إنّ تقويمَ الضُّلوع انكسارُها(2)
__________
(1) كذا وردت هذه الكلمة في الاصل.
(2) البيت لحاجب بن دينار، كما في اللسان (ضلع).(3/288)
وقولهم: دابّةٌ ضليعٌ مُجْفَر الجَنْبَين، إِنّما هو عندي من قوّة الأضلاع، واستعير ذلك في كلِّ شيء، حتَّى قيل لكل قويٍّ: *ضليع. وفي حديث عمر لما صَارَعَ الجنّيّ فقال له: "إِنِّي من بينهم لَضليع(1)". والرُّمح الضَّلِع(2): المائل. قال:
* فَليقُه أجردُ كالرُّمح الضَّلِع(3) *
ضلع
ومن الباب: ضَلَعَ فلانٌ عن الحقِّ: مال. ومنه قولهم: كلَّمت فلاناً فكان ضَلْعُكَ عليَّ، أي مَيْلك.
قال ابنُ السِّكّيت: ضَلعت تضلع، إِذا مِلْت، ويقولون في المثل: "لا تنقُش الشَّوكة بالشَّوكة؛ فإِنَّ ضَلْعَها معها".
وأمَّا قولهم: تضلَّعَ الرَّجُل: امتلأَ أكلاً، فهو من هذا، أي إنَّ الشّيءَ من كثرته ملأ أضلاعَه. وأمَّا قولهم حِمْلٌ مُضْلِع، أي ثقيل، فهو من هذا، أي إنّ ثقله يصل إلى أضلاعه. وفلانٌ مُضْطَلِعٌ بهذا الأمر، أي إِنّهُ تَقْوَى أضلاعُهُ على حملهِ. فأمَّا قولُ سُوَيد:
* سَعَةَ الأخلاقِ فينا والضَّلَعْ(4) *
فأصله من هذا، يريد القوّة على الأمور. قال المفضَّل: الضَّلَع الاتِّساع. وقال الأصمعيّ: هو احتمال الثِّقَلِ والقُوّةِ.
ومن الباب، وهو يقوِّي هذا القياس، قولهم: [هم عليه(5)] ضَلْعٌ واحد، يعنى ميلَهُمْ عليه بالعداوة. والله أعلم بالصَّواب.
ضمد
(باب الضاد والميم وما يثلثهما)
__________
(1) في اللسان: "وفي الحديث أن عمر رضي الله عنه صارع جنياً فصرعه عمر ثم قال له: ما لذراعيك كأنهما ذراعا كلب؟ يستضعفه بذلك. فقال له الجني: أما إني منهم لضليع".
(2) في الأصل: "الضليع"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "فليلقها"، صوابه من إصلاح المنطق 321 واللسان (فلق).
(4) صدره كما في المفضليات (1: 195) واللسان (ضلع):
* كتب الرحمن والحمد له*
(5) التكملة من المجمل.(3/289)
(ضمد) الضاد والميم والدَّال: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جمعٍ وتجمُّع. من ذلك ضَمَدت الشيءَ أَضْمِده، إِذا جَمَعتَه. والضِّمَاد: العِصابة، يقال ضَمَدت الجُرْح. ويقولون الضَّمْد، بسكون الميم: أن تتَّخذ المرأة صديقين. قال الهذلي:
تريدين كَيْمَا تَضْمُِدِيني وخالداً
وهل يُجمَع السّيفانِ وَيْحَكِ في غِمْدِ(1)
ويقال شبعت الإبل من ضَمْد الأرض، إِذا شَبعت من الرَّطيب واليبيس، والقديم والحديث. قالوا: ويقول الرجل للغريم: أقضيك من ضَمْدِ هذه الغَنَم، أي من خِيارها ورُذَالها، وكبارها وصغارها. ومن الباب: أَضْمَدَ العرفجُ، إذا تَجوّفَتْه الخوصةُ ولم تَنْدُر منه، أي كانت في جوفه. وهو من هذا، كأنَّها جمعته في جوفها.
ومن الباب الضَّمَد، بفتح الميم، وهو الغَيظ يُجمَع في الصدر ولا يُزاح فيخفّ. قال النابغة:
ومَنْ عَصاكَ فعاقِبْهُ مُعاقبةً
تَنهى الظَّلومُ ولا تقْعُدْ على ضَمَدِ(2)
يقال ضَمِدَ يَضْمَدْ ضَمَداً. قال أبو بكر(3): وفصَل قومٌ بين الغَيظِ
ضمر - ضمز
والضَّمَد. فقالوا: الضَّمد: أن يغتاظ على من لا يقدر عليه والغيظ أن يغتاظ على من يقدر عليه ومن لا. واحتجُّوا بقول النابغة. والقِياس في هذه الكلمات واحد. ويقال الضَّمَد، بفتح الميم: الغابر من الحقّ. يقال لنا عند فلان ضَمَدٌ، أي غابر حقٍّ، من مَعْقُلةٍ أو دين. وأصله شيءٌ قد تجمَّع عندهم وبقي.
(ضمر) الضاد والميم والراء أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على دقّةٍ في الشَّيء، والآخر يدلُّ على غَيبةٍ وتستُّر.
__________
(1) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 159 واللسان (ضمد).
(2) البيت في ديوانه 22 واللسان (ضمد).
(3) أبو بكر بن دريد في الجمهرة (2: 276).(3/290)
فالأوّل قولهم: ضَمَرَ الفرس وغيرُهُ ضموراً، وذلك من خِفّة اللَّحمِ، وقد يكون من الهُزَال. ويقال للموضع الذي تُضمَّر فيه الخيل: المِضْمَار. ورجل ضَمْرٌ: خفيف الجسم. واللؤلؤ المضْطمِر: الذي في وسطهِ بعضُ الانضمام والانضمار(1).
والآخر الضِّمَار، وهو المال الغائب الذي لا يُرجَى. وكلُّ شيءٍ غابَ عنك فلا تكونُ منهُ عَلَى ثقَةٍ فهو ضِمَارٌ. [قال الشاعر](2):
وأَنْضَاءٍ أُنِخْنَ إلى سعيد
طُروقاً ثم عَجَّلْنَ ابتكارَا
حمِدْنَ مَزارَهُ وأَصَبْنَ منه
عطاءً لم يكن عِدَةً ضِمارا
ومن هذا الباب: أَضْمَرتُ(3) في ضميري شيئاً؛ لأنَّه يُغيِّبه في قلبه وصدره.
(ضمز) الضاد والميم والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ في كلام أو إِمساكٍ على شيءٍ بفم وما أشبَهَ ذلك. من ذلك ضَمَز البَعِيرُ: أَمسك عن الجِرّة. والضَّامِز: السّاكت. وقال بشر:
ضمس – ضمن
وقد ضَمَزَتْ بِجِرّتها سُلَيْمٌ
مخافتَنا كما ضَمَزَ الحِمارُ(4)
والضَّمْز: ضرب من الأكل، لأنَّه إِذا أكل أمسَكَ عليه في فمه. وضَمَز فلانٌ على مالي، أي لزمه(5).
ومما شذَّ عن هذا الأصل: الضَّمْزَة: الأَكَمة الخاشعة، والجمع ضَمْزٌ.
(ضمس) الضاد والميم والسين ليس بشيء. وذكر ابن دريد كلمةً إن صحَّت فهي من باب الإِبدال. قال(6): الضَّمْس: المَضْغ. فإن كان كذا *فهو من الضَّمْز.
__________
(1) في الأصل: "الإضمار".
(2) التكملة من المجمل. والبيتان للراعي في اللسان (ضمر).
(3) في الأصل: "ضمرت" صوابه في اللسان.
(4) البيت منسوب إلى بشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 142)، لكنه نُسِب في اللسان أيضاً إلى ابن مقبل، وهذه النسبة الأخيرة غير صحيحة.
(5) في المجمل: "إذا جمد عليه ولزمه".
(6) في الجمهرة: (3: 24).(3/291)
(ضمن) الضاد والميم والنون أصلٌ صحيح، وهو جَعْل الشَّيء في شيءٍ يحويه. من ذلك قولهم: ضمَّنت [الشيء]، إِذا جعلته في وعائه. والكَفَالة تسمَّى ضَمَاناً من هذا؛ لأنَّه كأنَّه إذا ضمِنَه فقد استوعَبَ ذمّته. والمَضَامِين: ما في بطون الحوامل. ومنه الحديث أنَّه نهى عن المَلاقيح والمَضامين. وذلك أنَّهم كانوا يبيعون الحَبَل(1)، فنَهَى عن ذلك. وأما قوله: "لكم الضَّامِنة من النَّخْل"، فإنَّه يريد ما تضمّنَتْه قُراهم. فهذا الباب مطّرد.
وأمَّا الضَّمانة، وهي الزَّمانة. والضَّمِن: الزَّمِن، فإنَّهُ عندي من باب الإبدال كأنَّ الضاد مبدلة من زاي. وفي الحديث: "مَنْ اكتتب ضَمِناً بعثَهُ الله تعالى ضَمِناً"، أي من كتب نفسه من الزَّمْنَى.
ضمج - ضني – ضنط – ضنك
(ضمج) الضاد والميم والجيم ليس بشيء، وكذلك ما أشبهه. فأمَّا الضَّمْخ بالخاء فصحيح. يقال تضمَّخ بالطِّيب، وهو متضمِّخ.
(باب الضّاد والنون وما يثلثهما)
(ضني) الضاد والنون والحرف المعتل أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على مرضٍ، والآخر يتردَّد بين مهموزٍ وغيره، ويدلُّ ذلك على شيئين: إمَّا أصلٍ وإِمَّا نِتاج، والأصل والنِّتاج متقارِبان.
فالأوّل الضَّنَى في المرض، يقال ضَنِيَ يَضْنَى ضَنَىً شديداً، إِذا كانَ به داءٌ مُخامِر، كلَّما ظنَّ أنَّه قد بَرَأَ نُكِس. وأَضْنَاهُ المرضُ يُضْنيه.
وأمَّا الآخر فيقال ضَنَأتِ المرأة ضَنْأً، وهي ضانئة، وأضنأت إذا كثُر ولدها. والضِّنء: الأصل والمعدِن. وفلانٌ من ضِنْءِ صِدق. وأضنأ القومُ، إِذا كثُرت ماشيتُهم. وضَنَأ المالُ: كثر.
__________
(1) الحبل والحمل بمعنى، وهو اسم لما تحمل المرأة. قال:
ذا جرأة تسقط الأحبال رهبته
مهما يكن من مسام مكره يسم.(3/292)
وأخبرَنا علي بن إبراهيمَ، عن عليّ بن عبد العزيز، عن أبي عمرو: الضَّنْو الولد ويقال الضِّنو. قال الأمويّ عن أبي المفضّل من بني سلامة: الضَّنْو الولد بالفتح، والضِّنْء: الأصل، مهموز.
ومما شذَّ عن هذا كله: أَضْنَأَ فلانٌ من كذا، استحيا منه.
(ضنط) الضاد والنون والطاء، يقولون فيه إنَّ الضِّنَاط: الزِّحام الكثير.
(ضنك) الضاد والنون والكاف أصلان صحيحان وإن قلَّ فروعُهما فالأوّل الضِّيق، والآخر مرضٌ.
ضهي – ضهب - ضهر
فالأوَّل الضَّنْك: الضِّيق. ومن الباب امرأةٌ ضِناكٌ: مكتنِزة اللحم، إذا اكتنَزَ تَضَاغَطَ.
والأصل الآخر المضنوك: المزكوم. والضُّنَاك الزُّكام. والله أعلم.
(باب الضاد والهاء وما يثلثهما)
(ضهي) الضاد والهاء والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مشابهة شيءٍ
لشيء(1). يقال ضاهاه يُضاهِيهِ، إِذا شاكَلَهُ؛ وربما هُمِزَ فقيل يُضاهِئُ. والمرأة الضَّهْياء، هي التي لا تَحِيض؛ فيجوز على تمحُّلٍ واستكراه، أن يقال كأنَّها قد ضاهت الرِّجالَ فلم تَحِضْ.
(ضهب) الضاد والهاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شَيءٍ وما أشبَه ذلك. فمن ذلك اللحم المضَهَّب: الذي يُشْوَى. وقال قومٌ: هو الذي يُشوى ولا يُنضَج. وقال امرؤ القيس:
نَمُشُّ بأعرافِ الجِيادِ أكفَّنا
إِذا نحن قُمنا عن شواءٍ مُضَهَّبِ(2)
وقالوا: الضَّيْهَب: المكان يُحمَى ليُشوَى عليه اللحم. وقال قومٌ: اللحم المضهّب: المقطّع. وليس هذا بشيء إلاَّ أن يكونَ مقطعاً مشويّاً؛ لأن القياس كذا هو. تقول: ضهّبت القَوْسَ [و] الرُّمح بالنار عند التَّثقيف(3).
(ضهر) الضاد والهاء والراء ليس بشيء، ولا فيه شاهدُ شعرٍ، لكنهم يقولون: إنَّ الضَّهْرَ: خِلْقَةٌ في الجبل من صخرٍ يخالف جِبِلّته.
ضهس – ضهل – ضهد - ضوأ
__________
(1) في الأصل: "بشيء".
(2) ديوان امرئ القيس 88 واللسان (ضهب).
(3) في المجمل: "ضهبت القوس بالنار والرمح، إذا عرضتهما عليها عند التثقيف".(3/293)
(ضهس) الضاد والهاء والسين ليس بشيء. على أنَّ ابنَ دُرَيد(1) ذكر أن العضَّ بمقدَّم الفم يسمى ضَهْساً، يقال منه ضَهَسَ ضَهْساً. قال: وفي الدُّعاء على الإنسان: "لا تأكُل [إلاّ] ضاهساً ولا تشربُْ إلاَّ قارساً"، أي إنَّه لا يأكل ما يتكلَّف مضغَه، إِنَّما يَأكل النَّزْر من نبات الأرض. والقارس: البارد، أي لا يشرب إلاّ الماء.
(ضهل) الضاد والهاء واللام * أصلان صحيحان، أحدُهما يدلُّ على قِلّةٍ والآخر على أوبةٍ.
فالأوّل: ضَهَلَت الناقةُ إِذا قلَّ لبنُها. وهي ناقة ضَهُولٌ. وعينٌ ضاهلة: قليلة الماءِ. وفي حديث يحيى بن يَعمر: "إنْ سَأَلَتْكَ ثمنَ شَكْرها وشَبْرِك أنشأتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها". ومن الباب ضَهَلَ الشّرابُ: قلَّ ورقّ.
والأصل الآخر: هل ضَهَل إليكم خَبرٌ، أي عادَ. قال الأصمعي: ضَهَلْتُ إلى فلان: رجعت على وجه المقاتَلة والمغالبة.
وممّا شذَّ عن البابين: أضْهَلَت النّخلةُ: أرطبَتْ.
(ضهد) الضاد والهاء والدال كلمةٌ واحدةٌ. ضَهَدْتُ فلاناً: قهرتُهُ، فهو مضْطَهَدٌ ومضْهُودٌ.
(باب الضّاد والواو وما يثلثهما)
(ضوأ) الضاد والواو والهمزة أصلٌ صحيح، يدلُّ على نورٍ. من ذلك
ضوي
الضَّوء والضُّوء بمعنىً، وهو الضِّياء والنُّور. قال الله تعالى: { فَلَمَّا أَضَاءَتْ ما حَوْلَهُ } [البقرة 17]. قال أبو عبيد: أَضاءَت النَّارُ وأضاءت غيرَها. وأنشد:
أضاءَت لنا النَّار وجهاً أغـ
ـرَّ ملتبِساً بالفؤاد التباسا(2)
(ضوي) الضاد والواو والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هُزَالٍ. يقال غُلامٌ ضاوِيٌّ: مهزول؛ وزنه فاعول. وجاريةٌ ضاوِيّة. وكانت العرب تقول: إذا تقارَبَ نسبُ الأبوين خرج الولدُ ضاويّاً. وجاء في الحديث: "اسْتَغْرِبُوا لا تُضْوُوا(3)". وقال ذو الرُّمَّة:
__________
(1) في الجمهرة: (3: 25).
(2) البيت للنابغة الجعدي في اللسان (ضوأ) وشروح سقط الزند 646.
(3) وكذا في المجمل. ويروى: "اغتربوا".(3/294)
أخوها أبوها والضَّوَى لا يَضِيرُها
وساقُ أَبِيها أمُّها عُقِرَتْ عَقْرَا(1)
يقال منه ضَوِيَ يَضْوَى ضَوَىً.
وممّا حُمِلَ على هذا قولُهم: أضويتُ الأمرَ، إذا لم تُحْكِمْه. ويقال: أضوَيْتُهُ إِذا انتقَصتَه(2) واستضعفته. قال:
* وكيف أضَوَى وبلالٌ حِزْبِي(3) *
فأمَّا الضَّواة فشيءٌ يقال إنَّه يخرجُ مِنْ حَياء النّاقة قبل أن يخرُجَ الولَد. ويقال الضَّوَاة: ورمٌ يُصِيبُ البعيرَ في رأسه. قال:
* فصارت ضَواةً في لهازِم ضرْزِمِ(4) *
ضوج - ضوع
ومما شذَّ عن هذا الباب: ضَوَيت إليه أضوِي ضُوِيّاً وأوَيت بمعنىً. ويجوز أن يكون من الإِبدال، أن يقام الضَّاد مقام الهمزة.
(ضوج(5)) الضاد والواو والجيم حرف واحد، وهو الضَّوْج: مُنعَطَف الوادي، وجمعه أضواج.
(ضوع) الضاد والواو والعين كلمةٌ واحدة تتفرّع، وهي تدلُّ على التحريك والإِزعاج. يقال ضَاعَني لك الشيءُ يَضُوعُني، إذا حرَّكني. قال:
* ولكنها ريحُ الدِّماء تَضُوعُ(6) *
وتضوّعَتْ رائحتهُ: نَفَحَتْ. قال:
تَضَوَّعَ مِسكاً بطنُ نَعْمَانَ أنْ مشت
به زينبٌ في نسوةٍ عَطِرَاتِ(7)
__________
(1) ديوان ذي الرُّمة 175 واللسان (ضوا).
(2) في الأصل: "انتضته".
(3) لرؤبة في ديوانه 16 برواية "ولست أضوى"، من أرجوزة يمدح بها بلال بن أبي بردة.
(4) صدره في اللسان (ضوا): * قذيفة شيطان رجيم رمى بها *.
(5) وردت هذه المادة وسائر مفرداتها بالحاء، صوابها الجيم.
(6) البيت لبشار كما في حماسة ابن الشجري 113. وصدره كما في شروح سقط الزند 700، 708، 857:
* وأسيافكم مسك محل أكفكم *
... وفي الحماسة ... ... * وبيض بها مسك لمس أكفهم *
(7) البيت لعبد الله بن نمير الثقفي، كما في اللسان (ضوع)، وإصلاح المنطق 287، والحماسة بشرح المرزوقي 1289.(3/295)
وضَاعَت الرِّيحُ الغُصنَ: ميَّلَتْه. وقال قوم: هذا الأمر لا يَضُوعُني، أي لا يُثْقِلُني، والأقيس أن يقال لا يُحَرِّكُ منِّي ولا أعبأ به. ويقال ضاع يضوع ويَنْضَاع، إذا تضّور. قال:
فُرَيْخَانِ ينضاعانِ بالفجرِ كلَّما
أحسَّا دَوِيَّ الرِّيح أو صوتَ ناعبِ(1)
قال أبو عبيد عن أبي عمرو: ضاعني الشّيء: أَفْزَعَنِي. وهذا صحيحٌ؛ لأنَّ الفزع يُزْعِجُهُ ويُقْلِقُهُ.
ضون – ضوض – ضوط - ضور – ضوز
(ضون) الضاد والواو والنون ليس بشيء. لكنهم يقولون: إنَّ الضَّيْونَ دُوَيْبَّة تشبه السِّنَّوْر.
(ضوض) الضاد والواو والضاد، الضَّوْضاة قد مضى ذِكْرُهُ(2)، والأصل مُضَاعَف.
(ضوط) الضاد والواو والطاء كلمةٌ واحدةٌ، وهي الضَّوِيطة. يقال للعجين إِذا كثُر ماؤُه حتَّى يسترخِيَ: الضَّويطة.
(ضور) الضاد والواو والراء أُصَيْلٌ صحيح وفيه بعض الإِبدال. فالتضوُّر: الصِّياح والتلوِّي عند الضَّرب. ويقال هو التقلُّب ظهراً لبَطن. ويقال الضَّوْر: الجُوع الشديد.
وأمّا الإِبدال فقال الكسائي: لا يَضُورني كذا، بمنزلة لا يَضِيرني. ورجل ضُورَة: ذليل، من هذا.
(ضوز) الضاد والواو والزاء أصلان صحيحان، أحدهما نوعٌ من الأكل، والآخر دالٌّ على اعوجاج.
فالأول ضازَ التَّمْر يَضُوزُهُ ضَوزاً، إِذا أكله بِجَفاء وشِدّة. قال:
فظَلَّ يضُوز التّمر والتّمرُ ناقعٌ
بوَردٍ كلون الأرجوانِ سَبائِبُه(3)
قال ابنُ دُريد: هو * أن يأخذ التَّمرة في فمه حتّى تلين. ومعنى البيت هو أن يأخذ الدِّية تَمْراً بدلاً عن الدم الذي لونُهُ لونُ الأُرجوان.
ضوب - ضيل – ضيح – ضير – ضيز
والأصل الآخر: القِسمةُ الضِّيزَى.(4)
__________
(1) لأبي ذؤيب الهذلي في اللسان (ضوع) وإصلاح المنطق 287، وليس في ديوانه.
(2) في نهاية مادة (ضأ).
(3) البيت بدون نسبة أيضاً في اللسان (ضوز)، والجمهرة (3: 4).
(4) زاد في المجمل: "الجائرة".(3/296)
(ضوب) الضاد والواو والباء شيءٌ يقال ما أدري ما صحّتُه. الضُّوَبانُ: الجَمَل القويّ، ويقال بل الضوبان كاهل البعير.
(باب الضاد والياء وما يثلثهما)
(ضيل) الضاد والياء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَباتٍ معروف. من ذلك الضَّالُ: السِّدْرُ البَرّيّ.الواحدة ضالة. قال الفرَّاء: أَضَالَت الأرض، وأضْيَلَت، إِذا صارَ فيها الضَّالُ. ويقال إنَّ الضَّالَةَ: بُرَة النّاقة. قال ابنُ ميّادة:
قطعتُ بمِصلالِ الخِشاشِ يردُّها
على الكَرْهِ منها ضالةٌ وجديلُ(1)
(ضيح) الضاد والياء والحاء أُصَيلٌ صحيح، وهو اللَّبن الممزوج، وهو الضَّيَاح. يقال ضِحت اللّبن ضَيْحا، وضَيَّحت أكثَر.
(ضير) الضاد والياء والراء كلمةٌ واحدةٌ، وهو من الضَّير والمضَرَّة. ولا يَضِيرني كذا، أي لا يضرُّني. قال الله تعالى: { وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضِرْكُم كيدُهم شيئاً(2) } [آل عمران 120].
(ضيز) الضاد والياء والزاء قد مضى ذكره، وأصله فيما يقال الواو. وقد قيل إنَّه من بَنات الياء، فلذلك ذكرناه هاهنا. فالقِسمة الضّيزى: النّاقصة.
ضيع - ضيف
يقال ضِزْته حقَّه، إِذا منعتَه. وحكى ناس ضَأَزَه، مهموز. وأنشدوا:
* فَحَقُّكَ مَضْؤوزٌ وأنفُكَ راغمُ(3) *
ليس في الباب غيرُ هذا.
__________
(1) أنشده في اللسان (ضيل).
(2) من الآية 120 في سورة آل عمران. وهذه قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو ويعقوب، ووافقهم ابن محيصن واليزيدي. وقراءة الباقين: (لايَضُرُّكم). إتحاف فضلاء البشر 178.
(3) صدره كما في اللسان (ضأز):
* إن تنأَ عنا ننتقصك وإن تقم *.(3/297)
(ضيع) الضاد والياء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَوت الشّيء وذَهابِه وهلاكه. يقال ضاعَ الشَّيءُ يَضيعُ ضَياعاً وضَيْعَةً، وأَضَعْتُهُ أنا إضاعة. فأمّا تسميتُهم العَقَار ضيعة فما أحسَبُها من اللُّغة الأَصِيلة(1)، وأظنّهُ من مُحْدَث الكلام. وسمعت من يقول: إنَّما سمِّيت بذلك لأنَّها إذا تُرِكَ تعهُّدِها ضاعت.
فإن كان كذا فهو دليلُ ما قلناهُ أنَّه من الكلام المحْدَث. ويقال أَضَاعَ فهو مُضِيعٌ، إِذا كثُر ضِياعُهُ. فأمَّا قول الشَّماخ:
* أعائِشَُ ما لأهلكِ لا أُراهم(2) *
وبقيت كلمة ليست من الباب وهي من باب الإبدال، حكى ابنُ السِّكيت: تضيَّعت الرِّيح، مثلُ تضوَّعت.
(ضيف) الضاد والياء والفاء أصلٌ واحدٌ صحيح، يدلُّ على مَيل الشيء إلى الشيء. يقال أَضَفْتُ الشَّيءَ إلى الشَّيء: أمَلْتهُ. وضافت الشمس تَضِيف:
ضيف
مالت؛ وكذلك تضيَّفَتْ، إذا مالت للغروب. وفي الحديث: "أنَّه نَهى عن الصَّلاة إِذا تضيَّفت الشَّمسُ للغروب". وقال امرؤ القيس:
فلمّا دخَلْناه أضفْنا ظُهُورَنا
إلى كلِّ حاريٍّ جديدٍ مشَطَّبِ(3)
أي أَسْنَدْنا ظهورَنا. ويقال ضَافَ السَّهم عن الهدف يَضِيف. قال أبو زُبيد:
كلَّ يومٍ ترميهِ منها برِشْق
فمصيبٌ أو ضافَ غيرَ بعيدِ(4)
__________
(1) في الأصل: "الأصلية"، وليس يقولها.
(2) كذا ورد الكلام مبتوراً. ويستشهدون بهذين البيتين للشماخ:
أعائشَُ ما لأهلكِ لا أراهم
يُضِيعون السوام مع المُضيعِ
وكيف يُضِيعُ صاحبَ مدفآتٍ
على أثباجهنَّ من الصَّقيعِ
... ولعل بقية الكلام بعدهما عند ابن فارس: "فهذا من الإضاعة بمعنى التضييع".
(3) ديوان امرئ القيس 88 واللسان (ضيف).
(4) سبق البيت وتخريجه في (رشق، صيف).(3/298)
والضَّيف منْ هذا، يقال ضِفْتُ الرَّجُل: تعرَّضْت له ليَضِيفَني. وأَضَفْتُهُ: أنْزلتُه عليَّ. ويقال ضَيَّفْته مثل أضفْتُهُ، إذا أنزلتَه بك. وفلانٌ يتضيَّفُ النّاسَ، إذا كان يتّبعهم ليُضِيفوه. وهو قولُ الفرزدق:
* وَمَنْ هو يرجو فَضْلَهُ المتضيِّفُ(1)*
والضَّيف يكون واحداً وجمعاً. ويقال أيضاً أضياف وضِيفانٌ. ويقال لناحية الوادي ضِيفٌ، وهما ضِيفانِ. وتَضايَفنا الوادِيَ: أتيناه من ضِيفيه(2). وكذلك تَضَايَفَ الكلابُ [الصَّيدَ (3)]، إذا أتوه من جوانبه(4). قال:
ضيف
* رِيمٌ تضايَفَهُ كلابٌ أَخْضَعُ(5) *
والمضاف: الذي قد أُحِيط به في الحرب. قال:
ويَحمِي المضافَ إِذا ما دعا
إذا فَرَّ ذو اللِّمّة الفَيْلَمُ(6)
وهو من هذا القِياس. ويقال تضَيَّفُوه، إذا اجتمعوا عليه من جوانبه. قال:
* إذا تضيَّفْن عليه انسلاَّ(7) *
فأمَّا قول القائل:
لَقىً حملتْه أمُّهُ وهي ضَيفةٌ
فجاءت بِنَزٍّ للنَّزَالةِ أَرْشَمَا(8)
فهي الضَّيفةُ المعروفة من الضِّيافة. وقال قومٌ: ضافت المرأة: حاضت. وهذا ليس بشيء، ولا مما هو يدلُّ عليه قِياسٌ، ولا وجهَ للشُّغْل به.
__________
(1) صدره في ديوانه 560:
* وجدت الثرى فينا إذا يبس الثرى *
وفي اللسان (ضيف) كذلك. ومرة أخرى: * ومنا خطيب لا يعاب وقائل *.
(2) في الأصل: "ضيفه"، وأثبت ما في المجمل.
(3) التكملة من المجمل.
(4) جعل للكلاب ضمير العاقل.
(5) لمتمم بن نويرة في المفضليات: (1: 94) وصدره: * وكأنَّه فوت الجوالب جابئا *
(6) للبريق الهذلي في اللسان (ضيف، فلم)، من قصيدة في بقية أشعار الهذليين 22 وشرح السكري للهذليين 110 وسيأتي في (فلم).
(7) قبله في اللسان (ضيف): * يتبعن عوداً يشتكي الأظلا *.
(8) للبعيث يهجو جريراً، كما سبق في (رشم) حيث تخريج البيت في الحواشي.(3/299)
فأمَّا قولهم أضاف من الشيء، إذا أشفقَ منه، فيجوز أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه*، ويمكن أن يتَمَحَّل(1) له بأن يقال أضاف من الشيء، إِذا أشفق منه، كأنَّه صار في الضِّيف، وهو الجانب، أي لم يتوسَّط إِشفاقاً. وهو بعيد، والأولى عندي أن يقال إنَّه شاذّ. والكلمة مشهورة. قال:
* وكانَ النَّكيرُ أن تُضيفَ وتجأرا(2) *
ضيق – ضيك - ضيم
وقال الهذليّ(3): ... ... * إذا يغزو تُضِيفُ (4) *
أي تشفِق. قال أبو سعيد: ضاف الهمُّ، إِذا نَزَلَ بصاحبه. والقياس أنَّه إذا نزل به فقد مال نحوه.
(ضيق) الضاد والياء والقاف كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على خلافِ السَّعة، وذلك هو الضِّيق والضَِّيقة: الفَقْر. يقال أضاق الرّجلُ: ذهب مالُهُ. وضاقَ، إِذا بخل. وشيءٌ ضَيْقٌ، أي ضَيِّق. والباب كلُّه قياس واحد. فأما قول القائل:
* بضيقَةَ بينَ النَّجْمِ والدّبَرانِ(5) *
فيقال إنَّ الضِّيقة منزلٌ في منازل القمر. قال أبو عمرو: الضِّيقة هاهنا من الضِّيق.
(ضيك) الضاد والياء والكاف كلمةٌ لا تتفرَّع. يقولون الضَّيَكانُ: مشْي الرَّجُل الكثيرِ لحمِ الفخِذين، فهو ربما يتفحَّج. ويقال هذه إِبلٌ تَضِيك، أي تفرّج أفخاذها من عِظَم ضُروعها.
(ضيم) الضاد والياء والميم أصلٌ صحيحٌ، وهو كالقهر والاضطهاد.
يقال ضامه يَضِيمُهُ ضَيْماً. فهو اسمٌ ومصدر. والرجل المَضِيم: المظلوم.
وبقيت في الباب. كلمةٌ واحدةٌ، يقال إنَّ الضِّيم، بكسر الضاد: جانب الجبل.
ضأد – ضأل – ضأن – ضبث
__________
(1) في الأصل: "يتحمل".
(2) للنابغة الجعدي، وصدره كما في اللسان (ضيف): * أقامت ثلاثاً بين يوم وليلة *.
(3) هو أبو ذؤيب الهذلي، والبيت في ديوانه 99.
(4) البيت بتمامه، كما في الديوان:
وما إن وجد معولة رقوب
بواحدها إذا يغزو تضيف.
(5) الأخطل في ديوانه 233 واللسان (ضيق). وصدره:
* فهلا زجرت الطير ليلة جئتها *.(3/300)
قال الهذَليّ(1):
(باب الضاد والهمزة وما يثلثهما)
(ضأد) الضاد والهمزة والدال أُصَيلٌ قليل الفُروع، يدلُّ على مَرض من الأمراض. قالوا: الضُّؤْد: الزكام، وكذلك الضُّؤْدَة. رجلٌ مَضْؤُود، أي مزكوم. وحُكِيت كلمةٌ أخرى عن أبي زيد، إنْ صحّت، قالوا: ضَأَدْت الرَّجُل ضأداً، إذا خَصمتَه.
(ضأل) الضاد والهمزة واللام أُصَيْلٌ يدلُّ على ضَعف ودِقَّةٍ في جسم. من ذلك الضَّئيل، وهو الضَّعيف. والفعل منه ضَؤُل يَضْؤُل. ورجل ضُؤَلَةٌ: ضعيف. والضَّئيلة: الحيَّة الدَّقيقة.
(ضأن) الضاد والهمزة والنون أُصَيلٌ صحيح، وهو بعض الأنعام. من ذلك الضأن. يقال أَضْأَنَ الرجلُ، إِذا كَثُرَ ضأنُهُ. والضائنة الواحدة من الضأن. وحكى بعضُهم: فلانٌ ضائن البطنِ: مسترخِيهِ.
(باب الضاد والباء وما يثلثهما )
(ضبث) الضاد والباء والثاء أصل صحيحٌ يدلُّ على قَبْض. يقال ضبث إِذا قبض على الشَّيء. ويقال ناقةٌ ضَبُوث: يُشَكُّ في سِمَنِها، فتُضْبَث بالأيدي. ويقولون: ضُبِثَ، أي ضُرِبَ. وهو قريب مما ذكرناه.
ضبح - ضبد
(ضبح) الضاد والباء والحاء أصلانِ صحيحان: أحدهما صوتٌ، والآخَرُ تغيُّرُ لون من فعلِ نار.
فالأَوَّل قولُهم: ضَبَحَ الثّعلبُ يَضْبَح ضَبْحاً. وصَوْتُهُ الضُّبَاح، وهو ضابح. قال:
دعوتُ ربِّي وهو لا يُخَيِّبُ
بأنَّ فيها ضابحاً ثعَيلِب
فأمَّا قولُه تعالى: { وَالعَادِيَاتِ ضَبْحاً } [العاديات 1]. فيقال هو صوتُ أنفاسها، وهذا أقيَسُ، ويقال: بل هو عَدْوٌ فوق التَّقْريب. وهو في الأصل ضَبَع، وذلك أنْ يَمُدّ ضَبْعَيْهِ، حتى لا يجدَ مَزِيداً. وإن كان كذا فهو من الإِبدال.
__________
(1) بدله في المجمل: "وهو في شعر الهذلي: فضيمها". والهذلي الذي عناه هو ساعدة ابن جؤية. وبيته، كما في اللسان (دبب، ضيم)، وديوان الهذليين 207:
وما ضَرَبٌ بيضاء يَسقي دَبوبَها
دُفَاقٌ فعُروانُ الكَرَاثِ فضِيمُها(3/301)
وأمَّا الأصل الثاني فالضَّبْح: إحراقُ أعالي العُود بالنار. والضِّبْح: الرَّماد. والحجارة المضبوحة هي قَدَّاحة النّار، التي كأنها محترقة. قال:
* والمرْوَ ذَا القَدَّاحِ مضبوحَ الفِلَق(1) *
ويقال الانضباح تغيُّرُ اللون إلى السواد.
(ضبد) الضاد والباء والدال ليس بشيء، وإن كان ما ذكره ابنُ دريد صحيحاً، من أن الضَّبَد الضَّمَد. فهو من باب الإِبدال. قال: يقال أَضْبَدْتُه، إِذا أنت أغضبْتَه(2).
ضبر - ضبس – ضبز – ضبط
(ضبر) الضاد والباء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدل على جمعٍ وقُوّةٍ. يقال ضَبرَ الشَّيءَ: جَمَعه، وضَبَر الفرسُ قوائِمَه، إذا جَمَعَها ليَثِب. وفرسٌ ضِبِرٌّ من ذلك. وإضبارة الكُتُب(3) من ذلك. واشتقاق ضَبَارَة منه، وهو أبو عامر بن ضَبَارة. وناقةٌ *مضبَّرةٌ ومضبورةُ الخَلْق، أي شديدة. وقال في صفة فرس:
مُضَبَّرٌ خَلْقها تضبيراً
ينشقُّ عن وجهها السَّبيبُ(4)
والضَّبْر : الجماعة. قال الهُذَليّ:
* ضَبْرٌ لباسُهم القَتير مؤلَّبُ(5) *
وأمَّا الرُّمّانُ الجبليّ فيقال إنَّهم يسمونه الضَّبْر. وقد قلنا إنَّ النباتَ والأماكنَ لا تكادُ تنقاس.
(ضبس) الضاد والباء والسين أُصَيلٌ إنْ صَحَّ فليس إلاَّ في شيءٍ مذمومٍ غير محمود. قال الخليل: الضَّبِيس: الحريص، والضَّبِيس: القليل الفِطنة لا يهتدي لشيء. ويقال الضَّبِيس الجَبان.
__________
(1) لرؤبة بن العجاج. وقبله في ديوانه 106 واللسان (ضبح):
* يتركن ترب الأرض مجنون الصيق *
(2) في الجمهرة (1: 244): "ضبدت الرَّجل تضبيداً: ذكرته بما يغضبه". ومثله في القاموس. وفي اللسان: "ضبدته" مخفف الباء.
(3) في الأصل: "الكب"، صوابه في اللسان.
(4) البيت لعبيد بن الأبرص، من بائيته المشهورة، انظر ديوانه 9 وشرح التبريزي للمعلقات 310.
(5) لساعدة بن جؤية الهذلي في ديوان الهذليين: (1: 185)، واللسان (ضبر). وصدره:
* بينا هم يوماً كذلك راعهم *.(3/302)
(ضبز) الضاد والباء والزاء. يقولون الضَّبْز: شدّة اللَّحظ ولا معنَى لهذا.
(ضبط) الضاد والباء والطاء أصلٌ صحيحٌ. ضَبَطَ الشَّيء ضَبْطاً. والأضبط: الذي يَعمل بيديه جميعاً. ويقال ناقةٌ ضبطاء. قال:
ضبع
عُذافرة ضَبْطاء تَخْدِي كأنَّها
فَنِيقٌ غَدَا يَحوي السَّوامَ السَّوارحا(1)
وفي الحديث: "أنَّه سُئِل عن الأضبط".
(ضبع) الضاد والباء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معانٍ ثلاثة: أحدها جنسٌ من الحيوان، والآخر عضو من أعضاء الإنسان، والثالث صِفة من صِفة النُّوق.
فالأوَّل الضَّبُع، وهي معروفة، والذكر ضِبْعان، وفي الحديث: "فإذا هو بِضبْعانٍ أَمْدَر(2)"، ثم يستعار ذلك فيُشبَّه السنةُ المجدِبة به، فيقال لها الضَّبُع. وجاء رجلٌ فقال: "يا رسولَ الله، أكلَتْنَا الضَّبُع"، أراد السَّنةَ التي تسميها العرب الضَّبُع؛ كأنَّها تأكلهم كما تأكل الضَّبُعُ. قال:
أبا خُراشةَ أمّا أنتَ ذا نَفَرٍ
فإنّ قوميَ لم تأكُلْهم الضَّبعُ(3)
وأمَّا العُضو فضَبْع اليد، واشتقاقها من ضَبْع اليد وهو المدّ. والعرب تقول: ضَبَعتِ الناقة وضَبَّعت تضبيعاً، كأنَّها تمدُّ ضَبْعَيها. قال أَبُو عُبيد: الضَّابِع: التي ترفع ضَبْعَها في سيرها.
ومما يشتقُّ من هذا: الاضطباع بالثَّوب: أن يُدْخِل الثَّوبَ من تحت يده اليمنى فيلقيَه على مَنكِبه الأيسر. ومنه الضِّباع، وهو رفع اليدين في الدُّعاء. قال رؤبة:
ضبن
* وما تَنِي أيدٍ علَينا تَضَبعُ(4) *
__________
(1) لمعن بن أوس المزني في اللسان (ضبط). وكلمة (غذا) ساقطة من الأصل.
(2) الأمدر: الذي في جسده لمع من سلحه. ويقال لون له.
(3) لعباس بن مرداس، كما في اللسان (ضبع). وهو من شواهد النحويين لحذف "كان" بعد أن وتعويض "ما" عنها.
(4) ديوان رؤبة 177 واللسان (ضبع).(3/303)
أي تمد أضباعَها بالدُّعاء. قال ابن السّكّيت: ضَبَعُوا لنا من الطَّريق، إِذا جعلوا لنا قسماً، يَضْبَعون ضَبْعا. كأنَّه أراد أنَّهم يقدِّرونه فيمدُّون أضباعَهم به. وضَبَعت الخيلُ والإِبلُ، إِذا مدَّت أضباعَها في عَدْوِها، وهي أعضادُها(1). وقول القائل(2):
* ولا صُلحَ حتَّى تضبعونا ونَضْبَعا (3) *
أي تمدُّون أضباعَكم إلينا بالسّيوف ونمدّ أضْبَاعَنا بها إليكم. قال أبو عمرو: ضَبَعَ القومُ للصُّلْحِ، إِذا مالوا بأضباعهم نحوه. وحَكى قومٌ: كنَّا في ضَبْعِ فلانٍ، أي كَنَفِهِ. وهو ذاك المعنى؛ لأنَّ الكَنَفين جناحا الإنسان، وجناحاه ضَبْعاه. [وَضَبَعت الناقةُ تضبع ضَبْعاً وضَبَعةً(4)]، إِذا أرادت الفحل.
(ضبن) الضاد والباء والنون أصلٌ صحيحٌ، وهو عُضوٌ من الأعضاء. فالضَّبْن: ما بين الإبط والكَشْح. يقال أَضطبنته: جعلته في ضِبْني. والضبْنَة(5): أهل الرّجُل، يضطبِنها. وناسٌ يقولون: المضبون الزَّمِن، وهو عندي من قلب الميم. ومكان ضَبْنٌ : ضيّق. وهذه الكلمةٌ من الباب الأوّل.
ضبأ
(ضبأ) الضاد والباء والهمزة أصلٌ واحدٌ صحيح، وهو قريبٌ من الاستخفاء وما شاكلَه، من سُكُوتٍ ومِثلِه. قال أبو زيد: أَضْبأَ الرجُل على الشَّيء إِضْباءً، إِذا سَكَتَ عليه، وهو مُضْبِئٌ عليه. وقد أَضْبَأَ على داهية. وضَبَأْت: استخفَيت. ويقال في هذا إِنّما هو أَضْبَى غير مهموز، والأوّل أجود.
قال أبو سعيد: ضبأ يضبَأُ ضَبْأً، إِذا لصِق بالأرض، والمَضْبَأ: الذي يُضْبَأ فيه، أي يختفي. قال الكميت:
* إِذا علا سِطَةَ المضبَأَيْن(6) *
__________
(1) في الأصل: "وفي أعضادها"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) هو عمرو بن شأس، كما في اللسان (ضبع) والخزانة (3: 599).
(3) صدره:
* نذود الملوك عنكم وتذودنا *
(4) التكملة من المجمل.
(5) بتثليث الضاد ، وكفرحة، كما في القاموس.
(6) استشهد في المجمل بكلمتي "سطة المضبأين" فقط.(3/304)
وسمِّيَ الرَّجُل ضابئاً لذلك. ويقال ضَبَأْتُ إليه، أي لجأت(1). والضابِئ: الرَّماد(2)، سمِّيَ بذلِكَ لأنَّهُ يَضْبَأُ، كأنَّهُ يَستخفي.
وإِذا ليّنت الهمزةَ تغيَّر المعنى، ويكون من صفات النَّار؛ يقال: ضَبَتْه النَّار، إذا شَوته، تَضْبُوه ضَبْوا. والمَضْباة: خُبز المَلَّة(3). والله أعلم بالصَّواب.
ضجر – ضجع
(باب الضاد والجيم وما يثلثهما)
(*ضجر) الضاد والجيم والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اغتمامٍ بكلام. يقال ضَجِرَ يَضْجَر ضَجَراً. وضجِرت النَّاقةُ: كثر رغاؤها. ويقولون في الشعر: ضجْرَ، بسكون الجيم. قال:
* فإن أهجُهُ يَضْجَرْ كما ضَجْرَ بازلٌ(4) *.
(ضجع) الضاد والجيم والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على لُصوقٍ بالأرض على جنْب، ثم يُحمَل على ذلك. يقال ضَجَعَ ضُجوعاً. والمرَّة الواحدة الضَّجْعة. ويقال: اضطَجَع يضطجع اضطجاعاً. وضجيعُك: الذي يُضاجِعك. وهو حسن الضِّجْعة كالرِّكْبة.
ومن الباب: ضجَّعَ في الأمر، إِذا قصَّر، كأنَّه لم يقُم بهِ واضطجَعَ عنه. ويقال رجلٌ ضَجُوع، أي ضعيف الرّأي. ورجل ضُجَعَة: عاجزٌ لا يكاد يبرح. والضَّجوع: النَّاقة التي ترعى ناحية. ويقال تضجَّع السحاب، إذا أرَبّ بالمكان. وهو في شعر هذيل. ويقال أكَمَة ضَجُوع، إذا كانت لاصقةً بالأرض. والضجوع: أكمة بعينها. والضَّواجع: موضع في قوله:
* راكسٌ فالضَّواجع(5) *
__________
(1) في الأصل "الجأت"، صوابه في المجمل.
(2) في الأصل: "الرماة"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في اللسان : "وبعض أهل اليمن يسمون خبزة الملة مضباة من هذا، قال ابن سيده: ولا أدري كيف ذلك، إلا أن تسمّى باسم الموضع".
(4) للأخطل يهجو كعب بن جعيل، وليس في ديوانه، وعجزه كما في اللسان (ضجر):
* من الأدم دبرت صفحتاه وغاربه *.
(5) قطعة من بيت للنابغة في ديوانه 51 واللسان (ضجع). وهو بتمامه:
وعيد أبي قابوس في غير كنهه
أتاني ودوني راكس فالضواجع(3/305)
والضَّاجعة والضَّجعاء: الغنم الكثيرة، وإنما هو من الباب لأنَّها ترعى وتضطجع. والضَّجُوع: ناقة ترعى ناحيةً وتضطجع وحْدَها.
ضجم - ضجن - ضحل - ضحي
(ضجم) الضاد والجيم والميم أصلٌ صحيحٌ يدل على عِوَج في الشّيء. فالضَّجَم: العِوَج. يقال تَضَاجَم الأمرُ بالقومِ، إذا اختلف. والضَّجَم: اعوجاجٌ في الأنفِ وأن يميل إلى أحد جانِبي الوجه. وضُبَيْعةُ أضجَمَ: قومٌ من العرب، كأنّ أباهم أَضجم. ويقال الضَّجَم أيضاً اعوجاجُ المَنْكِبَين.
(ضجن) الضاد والجيم والنون، ليس بشيء، إلاَّ أنَّهم يقولون: [الضَّجَن]: جبلٌ معروفٌ. وقد قلنا في هذا. وقال الأعشى:
* كَخَلْقَاءَ مِنْ هَضَباتِ الضَّجَنْ(1) *
وضَجْنانُ: جبلٌ بتهامة.
(باب الضاد والحاء وما يثلثهما)
(ضحل) الضاد والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ، وهو الماء القليل وما أشبهه. من ذلك الضَّحْل: الماء القليل، ومكانه المَضْحَل، والجمع مَضاحل. ويقال ضَحِل الماء: رقَّ وقلَّ، وهو من الكلام الفصيح الصحيح. وأتَان الضَّحْل: صَخرة بعضها في الماءِ وبعضُها خارج.
(ضحي) الضاد والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على بُروز الشيء. فالضَّحَاء: امتداد النَّهار، وذلك هو الوقت البارز المنكشف. ثمَّ يقال للطعام الذي يُؤكل في ذلك الوقت ضَحاء. قال:
ضحي
* تَرَى الثَّوْرَ يمشي راجعاً مِنْ ضَحائِهِ(2) *
ويقال ضحِي الرَّجلُ يَضْحَى، إذا تعرَّضَ للشَّمْس، وضَحَى مثلُهُ. ويقال اضْحَ يا زيد، أي ابرُزْ للشَّمْس. والضَّحِيَّة معروفة، وهي الأُضْحِيَّة.
__________
(1) في الأصل: "بحلقاء"، صوابه في المجمل واللسان والديوان ص16 وصدره:
* وطال السنام على جبلة *.
(2) لذي الرمة في ديوانه 503 واللسان (19: 210). وعجزه:
* بها مثل مشي الهبرزي المسرول *.(3/306)
قال الأصمعي: فيها أربع لغات: أُضْحِيَّة وإضْحيَّة، والجمع أضَاحِيّ؛ وضَحِيَّة، والجمع ضحايا؛ وأَضْحاةٌ، وجمعها أُضْحىً(1). قال الفرّاءُ : الأَضْحَى مؤنّثة وقد تذكّر، يُذهَب بها إلى اليوم. وأنشد:
* دنا الأَضْحَى وصَللت اللِّحامُ(2) *
وإِنما سُمِّيت بذلك لأنَّ الذّبيحة في ذلك اليوم لا تكون إلاَّ في وقت إشراق الشَّمس. ويقال ليلَةٌ إِضحيَانةٌ وضَحْيَاءُ، أي مضيئةٌ لا غيمَ فيها. ويقال: هم يتضحَّوْنَ، أي يتغدَّوْن. والغَداء: الضَّحاء. ومن ذلك حديث سلمة بن الأكوع: "بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم نتضَحَّى"، يريد نتغدَّى. وضاحية كلِّ بلدةٍ: ناحيتُها البارزة. يقال هم ينزلون الضَّوَاحيَ. ويقال: فعل ذلك ضاحيةً، إِذا فعله ظاهراً بيّناً. قال:
عَمِّي الذي منعَ الدِّينارَ ضاحيةً
دينارَ نَخَّةِ كلبٍ وهو مشهودُ(3)
وقال:
ضحك
وقد جزتْكُم بنو ذُبيانَ ضاحيةً
بما فعلتم ككيل الصَّاع بالصّاعِ(4)
فأمَّا قولُ جرير:
فما شَجَرات عِيصِكَ في قريشٍ
بعَشَّات الفُرُوع ولا ضَواحِ(5)
فإنَّه يقول: ليست هي في النَّواحي، بل هي [في] الواسطة. ويقال للسَّماوات كلِّها الضَّواحي. وقال تأبَّطَ شرّاً:
وقُلّةٍ كسِنانِ الرُّمح بارزةٍ
ضحيانة…………(6)
فهي البارزة للشمس.
__________
(1) زاد في اللسان: "مثل أرطاه وأرطى" فألفها للإلحاق.
(2) لأبي الغول الطهوي في اللسان (19: 211)، وإصلاح المنطق 193، 330، 397. وصدره:
* رأيتكم بي الخذواء لما *.
(3) أنشده في اللسان (نخخ، ضحا) وسيأتي في (نخ).
(4) البيت للنابغة، كما في اللسان (ضحا)، وليس في ديوانه. وعجزه في اللسان:
* حقاً يقيناً ولما يأتنا الصدر *.
(5) ديوان جرير 99 واللسان (ضحا).
(6) من القصيدة الأولى في المفضليات. وتمام البيت: "في شهور الصيف محراق".(3/307)
قال أبو زيد: ضَحَا الطريق يَضْحُو ضَحْواً وضُحُوّاً(1)، إِذا بدا وظَهَر. فقد دَلَّت هذه الفروعُ كلُّها على صحة ما أصّلناه * في بروزِ الشَّيء ووُضوحه. فأمَّا الذي يُروى عن أبي زيدٍ عن العرب: ضحَّيت عن الأمر(2) إذا رفقت، فالأغلب عندي أنَّه شاذٌّ في الكلام. قال زَيد الخيل:
لو أنَّ نصراً أصلحَتْ ذاتَ بينِها
لضحَّت رُويداً عن مصالحها عمرُو(3)
(ضحك) الضاد والحاء والكاف قريبٌ من الباب الذي قبله، وهو دليل الانكشاف والبروز. من ذلك الضَّحِك ضَحِك الإنسان. ويقال أيضاً
ضخم
الضَّحْك(4)، والأوَّل أفصح. والضَّاحكة: كل سنٍّ تبدو من مُقَدَّم الأسنان والأضراس عند الضَّحِك.
قال ابنُ الأعرابيّ: الضَّاحِك من السَّحاب مثلُ العارض، إلاَّ أنَّه إِذا بَرَقَ يقال فيه ضَحِك. والضَّحُوك: الطَّريق الواضح. ويقال أَضْحَكْتَ حوضَك، إِذا ملأتَه حتى يفيض. قال ابن دُريد(5): الضَّاحك حجرٌ شديد البَرِيقِ يبدو في الجَبَل، أيَّ لونٍ كان. ويقال في باب الضَّحِك: الأُضحوكة ما يُضحِك منه. ورجلٌ ضُحْكة: يُضْحَك منه. وضُحَكَة: يكثر الضَّحَك. فأمَّا الضَّحْك فيقال إنَّه العَسل. ويُنشَد:
فَجاءَ بمزجٍ لم يَرَ الناسُ مثلَهُ
هو الضَّحْكُ إلاَّ أنَّهُ عملُ النَّحْلِ(6)
ويقال هو البَلَح، قال الشَّيبانيُّ: الطَّلْعُ هو الكافور والضَّحْكُ جميعاً حين ينفتق.
(باب الضاد والخاء وما يثلثهما)
__________
(1) ويقال أيضاً "ضُحِيَّاً".
(2) في الأصل: "في الأمر"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) نصر وعمرو ابنا قعين، بطنان من بني أسد، كما في اللسان عند إنشاد البيت.
(4) ويقال أيضاً: "الضحك"، بالكسر، وبكسرتين.
(5) في الجمهرة (2: 167).
(6) لأبي ذؤيب في ديوانه 42 واللسان (ضحك)، وسيأتي في (مزج).(3/308)
(ضخم) الضاد والخاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على عِظَمٍ في الشَّيء. يقال هذا ضَخْمٌ وضُخَامٌ. ويقال: إنَّ الأضخومة شيءٌ تعظِّم به المرأة عجيزتها.
ضرز – ضرس - ضرع
(باب الضاد والراء وما يثلثهما)
(ضرز) الضاد والراء والزاء كلمةٌ واحدةٌ. يقال إنَّ الضِّرِزّة: المرأة القصيرة اللئيمة.
(ضرس) الضاد والراء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قوّةٍ وخشونة وقد يشِذُّ عنه ما يخالفه. فالضِّرْس من الأسنان، سمِّي بذلك لقوّته على سائر الأسنان. ويقال ضَرَسَه يَضْرُسُهُ، إذا تناوله بضِرْسِه. وقال:
إِذا أنتَ عاديتَ الرّجالَ فلا تكن
لهم جَزَرَاً واجرَحْ بنابك واضْرُسِ
والضِّرْس: ما خَشُنَ من الآكام. ويقال: تضارَسَ البِناء، إذا لم يستَوِ. وقال بعضُهم: ضَرّستْ فلاناً الخطوبُ. ويقال بئرٌ مضروسة: مطوّية بحجارة. وناقة ضَروسٌ: تَعَضُّ حالِبَها. ورجل ضَرِسٌ: صعب الخُلق. ويقال أضرَسه الأمر، إِذا أقلقه. والمضرَّس: ضربٌ من الرَّيْط، وكأنَّه سمِّي بذلك لأنَّه فيه صوراً كأنَّها أضراس. والضَّرَس: خَورٌ في الضِّرْس.
وممّا شذَّ عن الباب وقد يمكن أن يُتمحَّل له قياسٌ: الضِّرْس: المَطْرة القليلة، والجمع ضُروس.
(ضرع) الضاد والراء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على لينٍ في الشَّيء. من ذلك ضَرَعَ الرجل ضَراعةَ، إذا ذلَّ. ورجلٌ ضَرَعٌ. ضعيف: قال ابنُ وَعْلة:
ضرف – ضرك – ضرم
أناةً وحلماً وانتظاراً بهم غداً
فما أنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغُمْرِ(1)
__________
(1) البيت من أبيات نسبت في حماسة البحتري 104 إلى عامر بن مجنون الجرمي. وفي حماسة ابن الشجري 70 لكنانة بن عبد ياليل. قال: وتروى للحارث بن وعلة الشيباني. وسيأتي في (غمر).(3/309)
ومن الباب ضَرْعَ الشّاة وغيرِهِ، سمِّيَ بذلك لما فيه من لِين. ويقال: أضْرَعَت النّاقة، إذا نَزَلَ لبنُها عند قرب النَّتاج. فأمَّا المضارعة فهي التشابُه بين الشيئين. قال بعض أهلِ العلمِ: اشتقاق ذلك من الضَّرْع، كأنهما ارتضعا من ضَرعٍ واحد. وشاةٌ ضَرِيعٌ: كبيرة الضَّرْع، وضريعةٌ أيضاً. ويقال لناحِل الجسمِ: ضارع. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ابني جعفر: "مالي أراهما ضارعَين؟".
ومما شذَّ عن هذا الباب: الضَّريع، وهو نبتٌ. وممكنٌ أن يُحمَل على الباب فيقال ذلك لضَعْفِهِ، إِذا كان لا يُسمِنُ ولا يُغنِي من جوع. وقال:
وتُرِكْن في هَزْم الضَّريع فكُلُّها
حدباءُ داميةُ اليدينِ حَرودُ(1)
(ضرف) الضاد والراء والفاء شيءٌ من النَّبْت. يقال إنَّ الضِّرف من شجرِ الجبال، الواحدة ضِرْفة.
قال الأصمعيّ: يقال فلانٌ في ضِرْفَة خيرٍ، أي كَثْرَة.
(ضرك) الضاد والراء والكاف * كلمةٌ واحدةٌ لا قِياسَ لها. يقال: الضَّريك: الضَّرير، والبائس السيِّئ الحال.
(ضرم) الضاد والراء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حرارةٍ والتهاب. من ذلك الضِّرَام من الحطب: الذي يلتهب بسرعة. قال:
ضري - ضرب
ولكن بهذَاكِ اليَفَاعِ فأوقِدِي
بجزل إِذا أوقَدْتِ لا بِضِرامِ(2)
ويقال ضَرِم الشَّيء: اشتدّ حرُّه.
ومن الباب فرس ضَرِم: شديد العَدْو. والضَّرِيم والضِّرام: اشتعال النَّار. ومما شذَّ عن الباب فيما يقولون، أنَّ الضَّرِم فَرْخ العُقاب. ولعلّه أن يكون ذلك اسمَهُ إِذا اشتدَّ جُوعه، فكأنَّه يضطرم.
(ضري) الضاد والراء والحرف المعتل أصلان: أحدهما شبه الإغراء بالشَّيء واللَّهَج به، والآخر شيء يستر.
__________
(1) لقيس بن عيزارة الهذلي في اللسان (ضرع)، وقصيدته في شرح السكري للهذليين 115.
(2) البيت في اللسان (ضرم) بدون نسبة، ونسبه الزمخشري في أساس البلاغة إلى حاتم الطائي، وليس ديوانه.(3/310)
فالأوّل قولُ العرب: ضَرِيَ بالشَّيءِ، إذا أُغْرِيَ به حتى لا يكاد يصبِر عنه. ويقال: لهذا الشَّيء ضَرَاوة: أي لا يكاد يُصبَر عنه. والضَّارِي من أولاد الكلاب، والجمع الضِّراء، وسمِّي ضارياً لأنَّه يَضْرَى بالشَّيء. والضِّرو: الضَّاري. ومن الباب: [الضَّارِي، و(1)] هو العِرق السائل. وقد ضَرَا يَضْرُو ضَرْوَاً، كأنَّه لهجَ بالسَّيَلان.
قال الخليل. الضَّرْو: اهتِزازُ الدَّمِ عند خروجه من العِرق.
وأمَّا الأصل الآخر فالضَّرَاء: مَشْيٌ فيما يُوارِي من شجرٍ أو غيرِهِ. يقال: هو يمشي له الضَّرَاء، إِذا كان يُخاتِلهُ أو يُخادِعه.
ومن الباب الضِّرْو: شجر، لأنَّه يستُر بورَقِهِ.
(ضرب) الضاد والراء والباء أصلٌ واحدٌ، ثم يُستعار ويحمل عليه.
ضرب
من ذلك ضَرَبت ضرباً، إِذا أوقعت بغيرك ضرباً. ويستعار منه ويشبَّه به الضَّرب في الأرض تجارةً وغيرها من السَّفر. قال الله تعالى: { وإِذا ضَرَبْتُم في الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } [النساء 101]. ويقولونَ إِن الإسراع إلى السَّير أيضاً ضرب. قال:
فإنَّ الذي كنْتُم تحذرونَ
أَتَتْنا عيونٌ به تَضْرِبُ(2)
والطَّير الضَّوارِب: الطَّوالِب للِرِّزق. ويقال رجلٌ مِضْربٌ: شديد الضَّرْب. ومن الباب: الضَّرْب: الصِّيغة. يقال هذا من ضَرْب فلان، أي صيغته؛ لأنَّه إِذا صاغَ شيئاً فقد ضربه. والضَّريب: المِثْل، كأنَّهما ضُرِبَا ضَرْباً واحداً وصِيغا صياغةً واحدة. والضَّرِيب الصَّقِيع: كأن السماء ضربت به الأرض. ويقال للذي أصابه الضريب مضروب. قال:
ومضروبٍ يَئِنُّ بغيرِ ضربٍ
يُطاوِحُهُ الطِّرافُ إلى الطِّراف
__________
(1) استأنست في هذه التكملة بما ورد في المجمل من قوله: "والضاري: العرق السائل".
(2) نسب في اللسان (ضرب) إلى المسيب، وهو المسيب بن علس.(3/311)
والضَّريب من اللبن: ما خُلِطَ مَحْضه بحقينه، كأنَّ أحدَهما قد ضُرِبَ على الآخر. والضَّرِيب: الشَّهْد، كأنَّ النَّحل ضربه. ويقال للسجِيَّة والطبيعة الضريبة، كأنَّ الإنسان قد ضُرِبَ عليها ضرباً وصيغ صِيغة. ومَضْرَب السّيف ومَضْرِبه: المكان الذي يُضرَب به منه. ويقال للصِّنْف من الشيء، الضَّرْب، كأنه ضُرب على مثالِ ما سواه من ذلك الشيء. والضّريبة: ما يُضرَب على الإنسان من جزيةٍ وغيرها. والقِياس واحد، كأنَّه قد ضُرِبَ به ضَرْبَاً. ثم يتّسعون فيقولون: ضَرَبَ فلانٌ على يدِ فلان، إذا حَجَرَ عليه، كأنَّه أرادَ بَسْطَ يدَه فضرب الضاربُ على يده فقبض يدَه. ومن الباب ضِراب الفَحل النّاقة.
ضرج
ويقال أضْرَبْت النّاقةَ: أنْزَيت عليها الفحل. وأضرب فلان عن الأمر، إذا كفَّ، وهو من الكفّ، كأنَّه أراد التبسُّط فيه ثم أضرب، أي أوقع بنفسه ضرباً فكفها عما أرادت.
فأمَّا الذي يُحكى عن أبي زيد، أنَّ العرب تقول: أَضْرَبَ الرَّجُل في بيته: أقامَ، فقياسُهُ قياس الكلمة التي قبلها.
ومن الباب الضَّرَب: العَسَلُ الغليظة، كأنَّها ضَرِبت ضَرْبَاً، كما يقال نَفَضَت الشيء نَفْضَاً، والمنفوض نَفَض. ويقال للموكَّل بالقِداح: الضَّرِيب. وسمِّيَ ضَريباً لأنَّهُ مع الذي يضربُها، فسمِّي ضريباً كالقعيد والجليس.
ومما استُعير في هذا الباب قولهم للرَّجُل الخفيف الجسم: ضَرْب، شُبِّه في خفّته بالضَّرْبة(1) التي يضربُها الإنسان. قال:
أنا الرَّجُلُ الضَّرْبُ الذي تعرفونه
خَشَاشٌ كرأس الحيّة المتوقِّدِ(2)
والضَّارب: المتَّسَع في الوادي، كأنَّهُ نَهْجٌ يَضْرِبُ في الوادِي ضَرْباً.
(ضرج) الضاد والراء والجيم أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على تفتُّح الشيء. تقول العرب: انضرجت عن البَقْل لفائِفُهُ، إِذا انفتحت. والانشقاق كله انضراج. قال:
__________
(1) في الأصل: "بالضريبة".
(2) البيت لطرفة من معلقته المشهورة.(3/312)
* وانضرجَتْ عنه الأكاميم(1) *
ضرح – ضزن
ويقال تضرَّجَ البَرْق: تشقَّق. وعينٌ مضروجةٌ: واسعة الشَّقّ. ويقال إن الإضريج من الخيل: الكثير العرق الجواد، وذلك من الباب لأنَّه كأنَّه يتفتح بالعرق تفتُّحاً. وعَدْو ضريج: شديد. ومن الباب تضرَّج بالدم.
ومما شذّ عن الباب الإضريج: أكسيةٌ تتخذ من أجود المِرعِزَّى، ويقال هو الخَزّ.
(ضرح) الضاد والراء والحاء أصلان: أحدُّهما رمْي الشّيء، والآخَر لونٌ من الألوان.
فالأوَّلُ قولهم: ضرَحت الشَّيءَ، إِذا رَميتَ به. والشيء المُضْطرَح: المرميّ. والفَرس الضَّروح: النَّضوح برجلهِ. وقوسٌ ضَروح: شديدةُ الدَّفْعِ للسَّهمِ. والضَّرِيح: القبرُ يُحْفَرُ من غير لَحْدٍ، كأنَّ الميت قد رُمِيَ فيه.
وأمّا الآخَر فالأبيض من كلِّ شيء، يقال له المَضْرَحيّ. والصَّقْر مضرحيٌّ، والسيِّد مضرحيّ.
(باب الضاد والزاء وما يثلثهما)
(ضزن) الضاد والزاء والنون أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على الضَّغْطِ والمزاحَمة. يقولون للذي يُزاحِمُ أباه في امرأته: ضَيْزَن. قال أوس:
* فكلكم لأبيهِ ضَيزَنٌ سَلِفُ(2) *
ويقال الضَّيْزَن: العدوّ. وإذا اتَّسع قَبُّ البَكَرة فضُيِّق بخشبةٍ فذلك هو الضَّيْزن. والضَّيزن: الذي يُزاحِم عند الاستقاء والإيراد.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله ضاد)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله ضاد)
__________
(1) لذي الرّمة في ديوانه 584 واللسان (ضرج، كمم)، وهو بتمامه:
مما تعالت من البهمى ذوائبها
بالصيف وانضرجت عنه الأكاميم
(2) إنشاد البيت كما في الديوان 17 واللسان (ضزن):
والفارسية فيهم غير منكرة
فكلهم لأبيه ضيزن سلف
... وانظر أدب الكاتب 282 والاقتضاب 384 والبيان (3: 256).(3/313)
من ذلك الضِّرغام: الأسد، فهذا منحوتٌ من كلمتين: من ضغم، وضرم. كأنَّه يلتهب حتَّى يَضْغَم. وقد فسَّرنا الكلمتين. ويقال ضَرْغَم الأبطالُ بعضُهم بعضاً في الحرب.
من ذلك (الضُّبَارِك) و(الضِّبْراك)، وهو الرّجلُ الضخْم. وهذا مما زِيدت فيه الكاف، وأصله من الضَّبْر وهو الجمْع؛ وقد مضى.
ومن ذلك (الضَّرْزَمة)، وهو شدّة العضّ. وأفْعَى (ضِرْزِمٌ): شديدة العضّ. وهذا مما زيدت فيه الميم، وهو من ضرز، وهو أن يشتدَّ على الشيء. وقد فُسِّر.
ومن ذلك (الضّفندد)، وهو الضَّخْم، والدال فيه زائدة. وهو من الضفن. ومنه (الضِّبَطْر)، وهو الشديد. وهي منحوتةٌ من كلمتين، من ضبط وضطر.
ومنه (الضَّيْطَر)، وقد مضى ذكره(1).
ومنه (الضُّبارِم): الأسد، والميم فيه زائدة، وهو من الضَّبر.
ومنه (الضَّبْثَم)، وهو الشديد، وهو ممّا زِيدت فيه الميم، وهو من ضَبَث على الشيء، إِذا قَبَضَ عليه.
ومن ذلك (الضَّبَغْطَى): كلمة يفزّع بها، وهو ممّا زِيدت فيه الباء، وهو من الضَّغْط.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله ضاد)
ومن ذلك (الضَّبَنْطَى): القويّ، وقد زيدت فيه النون، وهو من ضبط.
ومن ذلك (المُضْرَغِطُّ): الضَّخم، والغضبان. وهو أيضاً ممّا زيدت فيه الراء.
ومن ذلك (الضِّرْسامة) وهو اللئيم، والميم فيه زائدة، وهو من الضّرس.
ومما وُضِعَ وضعاً ولا أظنُّ له قياساً (الضَّمْعَج)، وهو الضَّخمة من النوق، ولا يقال ذلك للبعير. وامرأةٍ ضَمعجٌ: ضخمة.
ومن ذلك (الضُّغْبُوس)، وهو الرَّجُل الضَّعيف. قال جرير:
قد جَرّبت عَرَكِي في كلِّ مُعْتَرَكٍ
غُلْبُ الليوث فما بالُ الضَغابيسِ(2)
__________
(1) انظر مادة (ضطر) ص 361.
(2) ديوان جرير 324. واللسان (ضغبس).(3/314)
والضَّغابيس: صِغار القِثّاء، وفي الحديث: "أنَّه أُهديت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضَغَابيس". والسين فيه زائدة، والدليل على ذلك قولُهم للذي يأكلها كثيراً ضَغِْبٌ.
ومن ذلك (اضمحلَّ) الشَّيء: ذهب. واضمحلَّ السحاب: تقشع.
ومن ذلك (الضِّفْدِع(1))، وهي معروفة.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله ضاد)
ومن ذلك ما رواه الكسائيّ: (اضبَأكّت) الأرض و(اضمأكّت)، إِذا خَرَجَ نَبْتُها.
ومن ذلك (الضِّئبِل)، وهي الدَّاهية.
*ويقال (اضْفَأَدَّ)، إِذا انتفخَ من الغضب، اضفئداداً. والله أعلم.
ـــــــــ
(تم كتاب الضاد)
طع - طف - طل
كتاب الطاء
(باب [الطاء في المضاعف والمطابق] )
(طع) الطاء والعين ليس بشيء. فأمَّا ما حكاه الخليل، من أن الطَّعطعة حكاية صوت اللاطع فليس بشيء.
(طف) الطاء والفاء يدلُّ على قِلّةِ الشيء. يقال: هذا شيءٌ طفيف. ويقال: إِناءٌ طَفَّانُ، أي ملآن. والتَّطْفِيف: نقص المكيال والميزان. قال بعض أهل العلم: إِنّما سمِّي بذلك لأنَّ الذي ينقصه منه يكون طفيفاً. ويقال لِمَا فوق الإِناء الطَِّفَاف والطُّفافة. فأمَّا قولهم: طفّفت بفلانٍ موضعَ كذا، أي رفعتُهُ إليه وحاذيته(2). وفي الحديث: "طَفَّفَ بي الفرسُ مسجدَ بني فلان(3)" فإنَّه يريد وثَب حتى كاد يساوي المسجد ـ فهذا على معنى التشبيه بطَفاف الإناء وطَفافته. والقياس واحد.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: أطفَّ فلانٌ بفلان، إذا طَبَن له وأراد ختله. ومنه استطفَّ الأمرُ، إِذا أمكنَ وأُكْمِلَ(4)، وهذا من باب الإبدال، وقد ذكر في بابه.
__________
(1) فيه لغات، كزبرج، وجعفر، وجندب، ودرهم. وهذا الأخير أقل، أو مردود.
(2) وكذا في المجمل، وفي اللسان: "دفعته" بالدال.
(3) في المجمل واللسان: "بني زريق".
(4) في المجمل: "إذا استقامَ وأمكن".(3/315)
(طل) الطاء واللام يدل على أصولٍ ثلاثة: أحدها غضاضة الشَّيء وغضارَته، والآخَر الإشراف، والثالث: إِبطال الشَّيء.
طم
فالأول الطّلّ: وهو أضعف المطر، إِنّما سمِّي به لأنَّه يحسِّن الأرض. ولذلك تسَمّى امرأة الرَّجل طَلّته.
قال بعضهم: إنَّما سمِّيت بذلك لأنَّها غضّةٌ في عينه [كأنّها] طَلّ. ومن الباب في معنى القلَّة، وهو محمولٌ على الطّلّ، قولهُم: ما بالنّاقة طُلّ، أي ما بها لبن، يراد ولا قليلٌ منه. وضُمَّت الطاء فرقاً بينه وبين المطر.
والباب الآخر: الطّلَل، وهو ما شَخَص من آثار الديار. يقال لِشَخْصِ الرَّجل طَلَلُهُ. ومن ذلك أَطَلَّ على الشَّيء، إذا أَشْرَفَ. وطَلَل السَّفِينة: جِلالها، والجمع أطلال. ويقال: تَطَالَلْت، إِذا مددتَ عنقَكَ تنظُرُ إلى الشيءِ يبعُد عنك. قال:
كَفَى حَزناً أنِّي تطاللت كي أرَى
ذُرى عَلَمَيْ دَمْخٍ فما يُريَانِ(1)
وأمّا إبطال الشيء فهو إطلال الدِّماء، وهو إبطالها، وذلك إِذا لم يطلب لها. يقال طُلَّ دمه فهو مطلول، وأُطِلّ فهو مُطَلّ، إِذا أُهْدِر.
ومما شذَّ عن هذه الأصول، وما أدري كيف صحّته قولهم: إنَّ الطِّلَّ(2): الحيَّة. والطَّلاَطِلَة: داءٌ يأخذ في الصُّلْب.
(طم) الطاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تغطيةِ الشَّيءِ للشَّيءِ حتى يسوّيهِ به، الأرض أو غيرها. من ذلك قولهم طمَّ البئر بالتراب: ملأها وسَوَّاها. ثم يحمل على ذلك فيقال للبحر الطِّمُّ، كأنَّه طَمَّ الماءُ ذلك القرار. ويقولون: "له الطِّمّ والرِّم". فالطِّمّ: البحر، والرِّمّ الثَّرَى. ومن ذلك قولهم: طَمَّ الأمر، إِذا علا وغَلَبَ، ولذلك سُمِّيت القيامة: الطَّامَّة. فأمَّا قولهم: طَمَّ شَعَره، إذا أخذَ منه،
طن – طه – طأ - طب
__________
(1) لطهمان بن عمرو الكلابي، كما سبق في حواشي (دمخ). وأنشده في اللسان في (طلل).
(2) يقال أيضاً بفتح الطاء، كما في اللسان (طلل 432).(3/316)
ففيه معنى التَّسويَة وإنْ لم يكن فيه التغطية.
ومن الباب: الطِّمْطِم: الرجل الذي لا يُفصح، كأنَّه قد طُمَّ كما تُطَمّ البئر. ومما شذَّ عن هذا الأصل شيءٌ ذكرهُ ابنُ السكّيت، قال: يقال طَمَّ الفرسُ إذا عَلا. وطمَّ الطّائرُ إذا علا الشجرة.
(طن) الطاء والنون أصلٌ يدلُّ على صوت. يقال: طنَّ الذباب طنيناً. ويقولون: ضرب يدَه فأطنّها، كأنَّه يُراد به صوتُ القَطْع.
ومما ليسَ عندي عربياً قولهم للحُزمة من الحطب وغيرِه: طُنّ. ويقولون: طَنَّ، إذا مات، وليس بشيء.
(طه) الطاء والهاء كلمةٌ واحدةٌ. يقال للفرسِ السريع: طَهطاهٌ.
(طأ) الطاء والهمزة، وهو يدلُّ على هَبْط شيءٍ. من ذلك قولهم: طأطأ رأسَه. وهو مأخوذٌ *من الطَّأْطاءِ، وهو منهبطٌ من الأرض. وهو في قول الكُميت(1).
(طب) الطاء والباء أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على عِلمٍ بالشيء ومَهارَةٍ فيه. والآخر على امتدادٍ في الشيء واستطالة.
فالأول الطِّبّ، وهو العلم بالشيء. يقال رجلٌ طَبٌّ وطبيب، أي عالم حاذق. قال:
فإنْ تسألوني بالنِّسَاءِ فإنّني
بصيرٌ بأدواء النِّساءِ طبيب(2)
ويقال فحلٌ طَبٌّ، أي ماهر بالقِرَاع. ويقال للذي يتعهّد موضِعَ خُفِّه أَينَ يَطَأُ به: طَبٌّ أيضاً. ولذلك سمِّيَ السِّحْر طِبّاً؛ يقال مطبوب، أي مسحور. قال:
طث – طح – طخ
فإنْ كنت مطبوباً فلا زِلْت هكذا
وإِنْ كُنت مسحوراً فلا برأ السِّحرُ
__________
(1) في ديوانه (2: 22). وأنشده في اللسان والجمهرة (3: 285) بدون نسبة :
منها اثنتان لما الطأطاء يحجبه
والأخريان لما يبدو به القبل
(2) البيت لعلقمة الفحل في ديوانه 131 والمفضليات (3: 192).(3/317)
وأمَّا الذي يقال في قولهم: ما ذاك بِطِبِّي، أي بدهري، فليس بشيء، إِنَّما معناهُ ما ذاك بالأمر الذي أَمْهَرُه، ما ذاك بالشيء الذي أقتلُهُ علماً(1)، كما جاء في الحديث: "فما طهوي إذاً(2)". وقد ذكرناه في بابه.
وأمَّا الأصل الآخَر: فالطِّبَّة: الخِرْقَة المستطيلة من الثَّوب، والجميع طِبَب. وطِبَب شُعاع الشَّمْس: الطَّرَائق الممتّدة تُرَى فيها حين تطلُع. والطِّبابة: السَّير بين الخُرْزَتين. والطِّبّة: مستطيل من الأرض دقيقٌ كثير النَّبات.
ومن ذلك قولُهم: تلقَى فلاناً عن طِبَبٍ كثيرةٍ، أي ألوان كثيرة.
(طث) الطاء والثاء ليس بشيء. ويزعمون أنّ الطَّثَّ لُعْبَةٌ بِخشبةٍ تدعى المِطَثَّة.
(طح) الطاء والحاء قريبٌ من الذي قبله على أنّهم يقولون: الطَّحُّ: أن تسحَجَ الشيء بِعَقِبك(3). ويقال طَحْطَح بهم، إِذا بَدّدهم. وطَحْطَحَهم: غَلَبَهم.
(طخ) الطاء والخاء ليس [له] عندي أصلٌ مطرد ولا منقاس. وقد ذُكِرَ عن الخليل: طَخْطَخَ السَّحابُ: انضمَّ بعضه إلى بعض. والطَّخْطخة: تسوية
الشَّيء. وهذا إِنَّما يُحتاج في تصحيحه إلى حُجّة، فأمَّا الحكاية في هذا الباب
طر
فيقال إنّ الطّخْطَخَة الضَّحك؛ والحكايات لا تُقاس.
ومما يقرب من هذا في الضَّعف قولهم: إنَّ المتطَخطِخ: الضعيف البصر. وقالوا أيضاً: والطُّخوخ: سوء الخُلُق والشَّراسَة.
(طر) الطاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حِدّة في الشيء واستطالةٍ وامتدادٍ من ذلك قولهم: طرَّ السِّنَان، إِذا حدّده. وهذا سنان مطرور، أي محدَّد. ومن الباب الرّجل الطَّرير: ذو الهَيْئَة، كأنَّه شيءٌ قد طُرَّ وجُلِيَ وحُدِّدَ. قال:
__________
(1) في الأصل: "أقله علما".
(2) انظر ما سيأتي في (طهي). وفي اللسان (طها): "وقيل لأبي هريرة: أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: وما كان طهوي ـ أي ما كان عملي ـ إن لم أحكم ذلك".
(3) في الأصل: "يعقل"، صوابه في المجمل واللسان.(3/318)
ويُعجِبك الطّريرُ فتبتليه
فيُخلِفُ ظنَّك الرجلُ الطّريرُ(1)
ومن الباب فَتَىً طارٌّ: طرَّ شاربُهُ. والطُّرَّةُ: كُفّة الثَّوب. ويقال: رمى فأطَرَّ، إِذا أنفَذ. وكلُّ شيء حُسِّن فقد طُرَّ، حتى يقال طَرّ حوضَه(2)، إذا طيّنه. والطُّرَّة من الغيم: الطريقة المستطيلة. والخُطَّة السّوداء على ظهر الحمار طُرَّة. وطُرَّة النهر: شَفيرُه. وطَرَّ النّبتُ، إِذا أنبت؛ وهو مِنْ طَرّ شاربُهُ. قال:
منّا الذي هو ما إنْ طَرَّ شاربُهُ
والعانسون ومنّا المُرْدُ والشِّيبُ(3)
فأمَّا الطَّرّ الذي في معنى الشَّلّ(4) والطَّرد، فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّ مَنْ طرد شيئاً وشَلّه فقد أَذْلَقه حتى يحتدّ في شَدِّهِ وعَدْوِه. فأمَّا قول الحطيئة:
غَضِبْتُم علينا أن قتلْنا بخالدٍ
بني مالِكٍ ها إنَّ ذا غَضَبٌ مُطِرّ(5)
طس - طش - طعم
فقال أبو زيد: الإطرار الإِغراء. وهذا قريبُ القِياسِ من الباب، لأنَّه إِذا أغراه بالشَّيءِ فقد أَذْلَقه وأحدَّه. وقال آخَرون: المُطِرُّ: المدِلّ. والأوّل أحسن وأقيس. ويقال الغضب المطرّ الذي جاء من أطرار الأرض، أي هو غضب لا يُدرى من أين جاء. وهو صحيح؛ لأنَّ أطرار الأرض أطرافها وطرف كلِّ شيءٍ: الحادّ منه.
(طس) الطاء والسين ليس أصلاً. والطَّسُّ لغةٌ في الطَّسْت.
(طش) الطاء والشين أُصَيلٌ يدلُّ على قِلّةٍ في مَطَر، ويجوز أن يُستعار في غيرهِ أصلاً. من ذلك الطّشّ، وهو المطر الضَّعيف. وقال رؤبة:
__________
(1) البيت من أبيات رويت في الحماسة: (2: 20). منسوبة إلى العباس بن مرداس. وذكر في اللسان (طرر) أن البيت يروى أيضاً للمتلمس.
(2) في الأصل: "خوصته" ، صوابه في المجمل واللسان.
(3) البيت لأبي قيس بن رفاعة. اللسان (عنس)، وشرح شواهد المغني 244. وسيأتي في (عنس).
(4) في الأصل: "الشك"، تحريف.
(5) ديوان الحطيئة 49 واللسان (طرر) وإصلاح المنطق 320.(3/319)
* ولا نَدَى وَبْلِكَ بالطَّشيشِ(1) *
والله أعلم بالصواب.
(باب الطاء والعين وما يثلثهما)
(طعم) الطاء والعين والميم أصلٌ مطَّرد منقاسٌ في تذوُّقِ الشَّيء. يقال طَعِمْتُ الشيءَ طَعْماً. والطَّعام هو المأكول. وكان بعضُ أهلِ اللّغةِ يقول: الطَّعام هو البُرُّ خاصّة، وذكر حديث أبي سعيد(2): "كُنّا نُخرج صدقةَ الفِطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، صاعاً من طعامٍ أو صاعاً من كذا(3)". ثم يُحمَلُ على باب الطعام استعارةً ما ليس من باب التذوُّق، فيقال:
طعم
استطعَمَني فلانٌ الحديثَ، إذا أرادكَ على أن تحدِّثه. وفي الحديث: "إذا استطعَمَكم الإمامُ فأطْعِمُوه"، يقول: إذا أُرْتِجَ عليه واستَفْتَح فافتحُوا عليه. والإطعام يقع في كل ما يُطعَم، حتَّى الماء. قال الله تعالى: { وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي } [البقرة 249]. وقال عليه السلام في زمزم: "إنّها طَعامُ طُعْم، وشِفاء سُقْم"، وعِيب خالدُ بن عبد الله القسريّ بقوله: "أطعِمُوني ماءً"، وقال [بعضهم] في عيبه بذلك شعراً(4)، وذلك عندنا ليس بعيب، لما ذكرناه. ويقال رجلٌ طاعم: حسن الحال في المَطْعَم. وقال الحُطيئة:
دَعِ المَكارمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها
واقْعُدْ فإنّك أنتَ الطَّاعُم الكاسِي(5)
ورجلٌ مِطْعامٌ: كثير القِرَى. وتقول: هو مُطعَم، إذا كان مرزوقاً. والطُّعْمة: المأكُلة. وجَعَلْتُ هذه الضيعة لفلانٍ طعمة. فأما قول ذي الرُّمّة:
وفي الشِّمال من الشِّريان مُطعمة
__________
(1) في اللسان : ... ... * ولا جدا نيلك بالطشيش *.
... وفي الديوان: 78: ... * وما جدا غيثك بالطشوشِ *.
(2) هو أبو سعيد الخدري، سعد بن مالك بن سنان، الإصابة 2189.
(3) الذي في المجمل واللسان: "أو صاعاً من شعير".
(4) انظر الحيوان (2: 267 ـ 268 / 4: 323 / 6: 390).
(5) ديوان الحطيئة 54 واللسان (طعم).(3/320)
كبداءُ في عَجْسِها عطفٌ وتقويمُ(1)
فإنَّه يروى بفتح العين "مُطعَمة": أنَّها قوسٌ مرزوقة. ويروى: "مُطعِمة"، فمن رواها كذا أراد أنّها تُطعِمُ صاحبَها الصَّيد.
ويقال للإصبع الغليظة المتقدِّمة من الجارحة مُطعِمة؛ لأَنَّها تُطعمه إذا صادَ بها. ويقولون إنَّ المطَعَّم من الإبل: الذي يوجد في مُخِّه طَعم الشحم من السِّمَن. ويقال للنَّخلة إذا أدركَ ثمرُها: قد أطعَمَتْ. والتَّطعُّم: التذوُّق. يقال: "تَطَعَّمْ تَطْعَم"، أي ذُق الطعام تشتَهِهِ وتأكُلْه. ويقال: فلانٌ خبيث الطُّعمة، إذا كان رديء الكسب. ويقال: اُدْنُ فاطْعَم، فيقول: ما بي طُعْم، كما يقال من الشَّراب: ما بي شُرْب. ويقال شاةٌ طَعوم، إذا كان فيها بعضُ السِّمن.
طعن - طغي
(طعن) الطاء والعين والنون أصلٌ صحيحٌ مطَّرد، وهو النَّخْس في الشَّيءِ بما يُنْفِذُهُ، ثمّ يُحْمَل عليه ويستعار. من ذلك الطَّعْن بالرُّمح. ويقال تطاعن القوم واطَّعَنوا، وهم مطاعينُ في الحرب. ورجلٌ طَعّان في أعراض الناس. وفي الحديث: "لا يكون المؤمن طعَّاناً"، وحَكَى بعضُهم: طعنتُ في الرَّجُل طَعَناناً لا غير، كأنَّهُ فَرَقَ بينه وبين الطَّعَن بالرُّمح. وقال:
وأَبَى ظاهرُ الشَّناءَةِ إلاَّ
طَعَناناً وقولَ ما لا يُقالُ(2)
وطعن في المفازة: ذهب. وقال بعضهم: طعن بالرُّمح يطعُن بالضمِّ، وطعن بالقول يطْعَن، فتحاً(3).
(باب الطاء والغين وما يثلثهما)
__________
(1) ديوان ذي الرِّمة 587 والمجمل واللسان (طعم).
(2) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في اللسان (طعن) وليس في ديوانه. ورواية اللسان: "وأبى المظهر العداوة" وهي رواية الصحاح والمحكم والمخصص (6: 87 / 12: 170). ورواية التّهذيب: "وأبى الكاشحون يا هند إلاَّ".
(3) في الأصل: "طعن بالرمح يطعن ويطعن بالقول"، صوابه من المجمل.(3/321)
(طغي) الطاء والغين والحرف المعتل أصلٌ صحيح منقاس، وهو مجاوَزَة الحدِّ في العِصيان. يقال هو طاغٍ. وطَغَى السّيلُ، إذا جاء بماءٍ كثير. قال الله تعالى: { إِنَّا لَمَّا طَغَى الماءُ } [الحاقة 11]، يريد والله أعلم خروجَه عن المقدار. وطَغَى البحر: هاجت أمواجُه. وطغى الدَّمُ: تبيَّغَ. قال الخليل: "الطُّغْيان والطُّغْوان لغة. والفعل منه طَغَيْتُ وطَغَوت.
وممّا شذَّ عن هذا الأصل قولهم إنَّ الطَّغْيَة: الصَّفاة المَلْساء.
طغم – طفق - طفل
(طغم) الطاء والغين والميم كلمةٌ ما أحسبها من أصل كلام العرب. يقولون لأوغاد الناس : طَغَام.
(باب الطاء والفاء وما يثلثهما)
(طفق) الطاء والفاء والقاف كلمةٌ صحيحة. يقولون: طفِقَ يفعل كذا كما يقال ظلَّ يفعلُ. قال اللهُ تعالى: { فَطَفِقَ مَسْحَاً بالسُّوقِ والأعناقِ }
[ص 33]، { وَطَفِقا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ } [الأعراف 22].
(طفل) الطاء والفاء واللام أصل صحيحٌ* مطّرد، ثم يقاس عليه، والأصل المولود الصغير؛ يقال هو طِفْلٌ، والأنثى طِفلة. والمُطْفِل: الظَّبْية معها طِفْلُها. وهي قريبة عهدٍ بالنِّتاج. ويقال طَفَّلْنا إبلَنا تطفيلاً، إذا كان معها أولادُها فرفَقْنا بها في السَّير. فهذا هو الأصل. ومما اشتُقَّ منه قولهم للمرأة الناعمة: طَفْلة، كَأنَّها مشبَّهة في رُطوبتها ونَعمتها بالطِّفلة، ثم فرق بينهما بفتح هذه وكسر الأولى. ومن الباب أو قريب منه: طِفْل الظَّلام، وهو أوَّلُه، وإِنَّما سمِّيَ طِفلاً لقلَّته ودقته؛ وذلك قبل مجيء مُعظَم الليل. قال لبيد:
فتدلَّيْتُ عليه قافلاً
وعلى الأرضِ غَياياتِ الطَّفَلْ(1)
ويقال: طَفَلَ اللَّيل: أقبل ظلامُهُ. وأمَّا قول القائل:
__________
(1) سبق البيت وتخريجه في (1: 167) مادة (أيي).(3/322)
* لوَهْدٍ جادَه طَفَلُ الثُّريّا(1) *
طفو
(طفو) الطاء والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح، وهو يدلُّ على الشَّيء الخفيف يَعلُو الشَّيء. من ذلك قولهم طَفَا الشَّيءُ فوق الماء يطفو طَفْوَاً وطُفُوَّاً، إذا علاهُ ولم يرسُب، وحتَّى يقولوا: طَفَا الثَّور فوقَ الرَّمْلة.
ومن الباب: الطُّفْية، وهي خُوصة المُقْلِ، وسمِّيت بذلك لأنها تَعظم(2) حتى تغطِّيَ الشجرة. وفي كتاب الخليل: الطُّفْية: حيَّة خبيثة. وهذا عندنا غلطٌ إنما الطُّفية خُوصة المقل، والجمع طُفْيٌ، ثم يشبَّه الخطُّ الذي على ظهرِ الحيَّة بها. وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحيَّات: "اقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأَبْتَر". ألا تَراهُ جعله ذا طُفيَتَيْنِ، لأنَّهُ شبَّهَ الخطَّينِ اللذين على ظهره بذلك. وقال الهُذَ ليّ في الطُّفْي:
عفت غيرَ نُؤْيِ الدارِ ما إنْ تُبينُه
وأقطاعِ طُفْيٍ قد عفَتْ في المعاقِلِ(3)
فأمَّا قولُ القائل:
* كما تَذِلُّ الطُّفَى مِنْ رُقْيَةِ الرَّاقي(4) *
فإنه أراد ذوات الطُّفَى. والعرب قد تتوسَّع بأكثر من هذا. كما قال:
* إذا حملتُ بِزَّتِي على عَدَسْ(5) *
أراد: على التي يقال لها عَدَسْ؛ وذلك زْجرٌ للبغال.
طفح – طفر – طفس – طفن – طلم
__________
(1) أنشده في المجمل واللسان (طفل 429). والكلام بعد مبتور، تقديره: "فالطفل هنا المطر". وفي المجمل قبل إنشاد البيت: "والطفل مطر. قال".
(2) في الأصل: "تعلم".
(3) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 140 واللسان (طفا). ورواية الديوان واللسان: "عفا غير نؤى الدار"، يعود الضمير إلى "طلل" في بيت قبله. وفي الديوان أيضاً: "ما إن أبينه".
(4) صدره في اللسان (طفا): * وهم يذلونها من بعد عزتها *.
(5) انظر اللسان (عدس).(3/323)
فإذا هُمِزَت كان في معنى آخر، يقال طَفِئَت النار تَطْفَأُ، وأنا أطفَأْتُها. فأمَّا الطَّفاء مثل الطَّخاء، وهو السَّحابُ الرَّقيقِ، فهو من الباب الأول، كأنَّه شيءٌ يطفو.
(طفح) الطاء والفاء والحاء. وهو شبيهٌ بالباب الذي قبله. يقال الطُّفَاحة: ما طَفَحَ فوق الشَّيءِ يُطْبَخُ من زُبْدٍ أو غيره، ثمَّ يُحْمَلُ عليهِ فيسمَّى كلُّ شيءٍ عَلاَ شيئاً فغطَّاهُ طافحاً. يقال طَفَحَ النهرُ: امتلأ. طَفَحَ السَّكرانُ من ذلك، فهو طافح. وطفَّحت الرِّيح القُطنةَ في الهواء، إذا سطعَت بها.
(طفر) الطاء والفاء الراء كلمةٌ صحيحةٌ، يقال طَفَر: وثَب.
(طفس) الطاء والفاء والسين، يقولون طفس: مات، والطَّفَس الدَّرَن.
(طفن) الطاء والفاء والنون ليس بشيء. على أنهم يقولون: الطُّفَانِيَة نعتُ سَوءٍ في الرّجل والمرأة. والله أعلم بالصواب.
(باب الطاء واللام وما يثلثهما)
(طلم) الطاء واللام والميم أصلٌ صحيحٌ، وهو ضَربُ الشَّيءِ بِبَسْط الشيء المبسوط. مثال ذلك الطَّلْم، وهو ضَربُكَ خُبْزَة المَلَّة بيدك تنفُضُ ما عَليها من الرَّماد. وما أقرَبَ ما بين الطّلْم واللَّطْم. والدَّليلُ على ذلك قول حسّان:
طله - طلي
* تُطَلِّمهن بالخُمُر النِّساءُ(1) *
فإنَّ ناساً يرونه كذا، وآخرونَ يرونه: "تلطِّمُهنَّ". وذلك دليلٌ على أن المعنى واحد. ويقال إنَّ الطلْمة الخُبْزَة، وإِنِّما سمِّيت بذلك تُلْطَم.
(طله) الطاء واللام والهاء ليس عندي بأصل يفرع منه، ولا قياسه بذلك الصَّحيح، لكنهم يقولون: طَلَهَ في البلاد، إذا ذهب، يَطْلَه طَلْهاً. ويقولون الطُّلْهة: القليل من الكلام. ويقال الطُّلْهة: الأسمال من الثِّياب؛ يقال: تَطَلَّهْ هذا [الخَلَق(2)] حَتَّى تَسْتَجِدَّ غيرَه.
__________
(1) صدره كما في ديوانه 5 واللسان (طلم، مطر): * تظل جيادنا متمطرات *.
وفي الأصل: "تلطمهن"، صوابه في المجمل.
(2) التكملة من المجمل.(3/324)
(طلي) الطاء واللام والحرف المعتل أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على لطْخ شيءٍ بشيءٍ، والآخر على شيءٍ صغيرٍ كالولدِ للشَّيءِ.
فالأوَّلُ طَليْتُ الشَّيءَ بالشَّيء، * أَطْليه. [واطَّليتُ(1)] بالشَّيءِ أَطَّلِي به. والطِّلاء: جنسٌ من الشَّراب، كأنَّه ثَخُنَ حتَّى صارَ كالقَطِران الذي يُطلى به. والمِطلاء: أرضٌ مِئْناثٌ، والجمع المَطَالِي، وهو من القِياس وذلك أنَّها قد طُليتْ بشيءٍ حتَّى لانت.
ومن الباب: كلامٌ لا طَلاَوَةَ لَه، إذا كان غثّاً(2)، كأنَّه إذا كان خلاف ذلك فقد طُلِيَ بشيءٍ يُحلِّيهِ. وبأسنانهِ طَلِيٌّ وطِلْيَانٌ. وقد طَلِيَ فوه يَطْلَى طَلاً، وهي الصُّفْرَة، كأنها طُلِيَتْ به.
طلب
والأصل الآخر الطِّلْوَة: ولد الوحشيّة الأنثى، والذكر طِلاً. ويقولونَ الطِّلْو: الذِّئْب، ولعله أن يكون ولده؛ لما ذكرناه.
ثم يَشتَقّ من هذا فيقال للحبْل الذي يشدُّ به الطِّلاَ طِلْوَة. كذا قال ابن دريد(3). فأمَّا أحمد بن يحيى ثعلب فأنشدني عنه القَطَّان:
ما زال مذْ قُرِّف عنه جُلَبُه
له من اللّؤم طَلِيٌّ يجْذبُه(4)
قال الفرّاء: طَلَيْتُ الطِّلا وطَلَوْتُهُ، إِذا ربطتَهُ بِرِجْله.
وقد بقي في الباب ما يبعُد عن هذا القِياس، إلاَّ أنَّهُ في بابٍ آخر. قال الشَّيباني: الطّلاَ: الشَّخص؛ يقال إنَّه لجميل الطَّلا. وأنشد:
وخدٍّ كمَتْنِ الصُّلَّبيِّ جَلَوْتَه
جميلِ الطَّلاَ مستشرِبِ الوَرْسِ أكحلِ(5)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) الطلاوة مثلثة الطاء، وفي الأصل: "إذا كان غبا"، صوابه في المجمل.
(3) في الجمهرة: (3: 117).
(4) في الأصل: "عنه حبله له من الطلى يجذبه"، وتصحيحه من المجمل.
(5) عجزه في المجمل، وهو بتمامه في اللسان (طلى).(3/325)
فهذا إن صحَّ فهو عندي من الإِبدال، كأنَّه أراد الطَّلَل ثم أبدل إحدى اللامين حرفاً معتلاً. وهو من باب: "تقضِّي البَازِي(1)" وليس ببعيد. ومنه أيضاً الطُّلْيَة والجمع الطُّلَى: الأعناق. وإنَّما سمِّيت كذا لأنَّها شاخصةٌ، محمولة على الطَّلا الذي هو الشَّخْص.
(طلب) الطاء واللام والباء أصلٌ واحد يدلُّ على ابتغاء الشَّيء. يقال طلبتُ الشيء أطلبه طَلَبَاً. وهذا مَطْلَبِي، وهذه طَلِبَتِي. وأَطلبتُ فلاناً بما ابتغاهُ،
طلح - طلخ – طلس
أي أسعفته به. وربما قالوا أَطْلَبْتُهُ، إذا أحوجتَهُ إلى الطَّلَب. وأَطْلَبَ الكلأ: تباعد عن الماء، حتّى طلبه القوم، وهو ماء مُطْلِب. قال ذو الرّمّة:
[أَضَلَّهُ راعيا كَلْبيَّةٍ صَدَرَا
عن مُطْلِبٍ قاربٍ وُرَّادُهُ عُصبُ(2)]
(طلح) الطاء واللام والحاء أصلانِ صحيحان، أحدهما جنسٌ من الشجر، والآخر بابٌ من الهزال وما أشبهه.
فالأوّل الطَّلْح، وهو شجرٌ معروف، الواحدةُ طَلحة، وذو طُلُوحٍ: مكان، ولعلَّ به طَلْحَاً. ويقال إِبل طَلاَحَى وطَلِحة، إِذا شَكَتْ عن أكل الطَّلْح.
والثاني: قولهم ناقةٌ طِلْح أسفارٍ، إِذا جهَدَها السَّير وهَزَلَهَا؛ وقد طَلِحَتْ. والطِّلْح؛ المهزول من القِرْدان. قال:
إذا نام طِلْحٌ أشعثُ الرّأس خلفَها
هداه لها أنفاسها وزفيرُها(3)
ومن الباب الطَّلاح: ضدُّ الصَّلاح، وكأنَّه من سوء الحال والهُزَال.
(طلخ) الطاء واللام والخاء ليس بشيء، وذكروا فيه كلمةً كأنَّها مقلوبة. قال الخليل: الطَّلْخ: اللَّطْخ(4) بالقَذَر. ويقال الغِرْيَن الذي يبقى في أسفل الحوض.
__________
(1) أي تقضضه. أنشد في اللسان (قضض) للعجاج: * تقضِّيَ البازي إذا البازي كسر*.
(2) البيت ساقط في الأصل، وإثباته من الديوان 30 واللسان (طلب).
(3) للحطيئة في ديوانه 100 واللسان (طلح).
(4) في الأصل: "واللطخ بالقدر"، صوابه في المجمل.(3/326)
(طلس) الطاء واللام والسين أصلٌ صحيح، كأنَّه يدلُّ على ملاسة. يقال لفخِذ البعيرِ إِذا تساقطَ عنه شعره: طِلْس. ومنه طَلسْت الكتابَ(1)، إِذا محوته،
طلع
كأنَّك قد مَلّسته(2). فأمَّا الذّئب الأطلس فيقولون الأغبر، والقياس يدلُّ على أنَّه الذي قد تمعَّط شعره، فإِنْ كان ما يقولونه صحيحاً فكأنَّهُ من غُبْرته قد أُلبس طيلساناً. والطَّيْلَسان بفتح اللام صحيح(3)، وفيه يقول الشاعر:
وليلٍ فيه يُحسَبُ كلّ نجمٍ
بدَا لكَ من خَصَاصَة طَيلسانِ(4)
(طلع) الطاء واللام والعين أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على ظهورٍ وبُروز، يقال طلعت الشمس طُلوعاً ومَطْلَعاً. والمَطْلِع: موضع طلوعها. قال الله تعالى: { حَتَّى مَطْلَِعِ الفَجْر } [القدر 5]. فمن فتح اللام أراد المصدر، ومن كسر أراد الموضع الذي تطلعُ منه. ويقال طَلَعَ علينا فلانٌ، إذا هجم. وأَطْلَعْتُك على الأمر إِطْلاعاً. وقد أطلعتُك طِلْعَهُ. والطِّلاع: ما طَلعت عليه الشمس من الأرض. وفي الحديث: "لو أنَّ لي طِلاَعَ الأرض ذهباً". ونَفْسٌ طُلَعَةٌ: تتطلَّعُ للشيء. وامرأةٌ طُلَعَةٌ، إذا كانت تكثر الاطّلاع. والطَّلْع: طَلْعُ النّخلة، وهو الذي يكونُ في جوفه الكافُور، وقد أطلعت النخلة. وقوس طِلاَعُ الكفِّ، إذا كان عَجْسها* يملأ الكفّ. قال أوس:
كَتُومٌ طِلاَعُ الكفِّ لا دونَ مِلْئِها
ولا عَجْسُها عن موضِعِ الكفِّ أفضلا(5)
ومن الباب: استطلعتُ رأيَ فلانٍ، إذا نظرتَ ما الذي يَبْرُزُ إليك منه. وطَلْعة الإنسان: رؤيته؛ لأنَّها تطلُع، ورمى فلان فأَطْلَعَ وأشْخَص، إذا مرَّ سهمُه
طلف – طلق
__________
(1) يقال بتشديد اللام وتخفيفها.
(2) في الأصل: "طلسته".
(3) الحق أنه فارسي معرب من "تالسان".
(4) في الأصل: "يحسب فيه"، ولا يستقيم به الوزن.
(5) ديوان أوس 21 واللسان (طلع). وسيأتي في (عجس).(3/327)
برأسِ الغَرَض. وطليعة الجيش: من يطَّلِع طِلْعَ العدوّ، والمُطَّلَع: المأْتَى؛ يقال أين مُطَّلع هذا الأمر، أي مأْتاه. فأمَّا قوله عليه السَّلام: "لافتدَيْتُ به من هول المُطَّلع"(1). ومن الباب الطُّلَعاء: القيء؛ يقال أطْلَع: إذا قاء.
(طلف) الطاء واللام والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إهانة الشَّيء وطَرْحه، ثم يُحمَل عليه. فالطَّلَف: الهَدَر من الدِّماء. وكلُّ شيء لم يُطْلَب فهو هَدَر. قال:
حَكَمَ الدّهرُ علينا إنه
طَلَفٌ ما نال منا وجُبارُ(2)
والمحمول عليه الطَّلَف: العطاء، ولا يُعطى الشَّيءُ حتّى يكون أمره خفيفاً عند المعطِي. يقال أَطْلَفَني وأَسْلَفَني. فالطَّلَف: العطاء. والسَّلَف: ما يُقتضَى. والطَّلَف: الهيِّن. قال:
وكلُّ شيءٍ من الدُّنيا نُصَاب به
ما عِشت فينا وإنْ جلَّ الرُّزَى طَلَفُ(3)
والطَّليف والطَّلَف متقاربان. وقولهم إنَّ الطَّلَفَ الفَضْل، ليس بشيء، إلا أن يراد أنَّه الفاضل عن الشيء، لما ذكرناه.
(طلق) الطاء واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ مطّرد واحد، وهو يدلُّ على التَّخلية والإرسال. يقال انطلقَ الرّجل ينطلق انطلاقاً. ثمَّ ترجع الفروع إليه، تقول أطْلَقْتهُ إطلاقاً. والطِّلْق: الشيء الحلال، كأنَّه قد خُلِّيَ عنه فلم يُحظَر.
طلق
__________
(1) الكلام بعده مبتور. وفي اللسان: "يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت".
(2) للأفوه الأودي في ديوانه 9 مخطوطة الشنقيطي واللسان (طلف).
(3) أنشده في المجمل أيضاً بهذا الضبط.(3/328)
ومن الباب عَدَا الفرس طَلَقاً أو طَلَقين. وامرأة طالقٌ: [طَلَّقها زوجُها](1)، وطالقةٌ غداً. وأطلَقْتُ النّاقةَ من عِقالها وطَلّقتها فطلَقت. ورجل طَلْق الوَجه وطليقُه، كأنَّه منطلق. وهو ضدُّ الباسر؛ لأنَّ الباسر الذي لا يكاد يَهَشّ ولا ينفسِحُ ببشاشة. وأهل اليمن يقولون: أبسر المركب، إذا وقف(2). ويقال طَلَقَ يدَه بخير وأطْلَقَ بمعنى. وأنشد ثعلب:
اُطْلُقْ يديك تنفعاكَ يا رجُلْ
بالرَّيث ما أرويتَها لا بالعَجَلْ(3)
والطَّالق: النّاقة تُرسَل ترعى حيث شاءت. ويقال للظَّبْي إذا مرَّ لا يُلوِي على شيء: قد تَطلَّق. ورجل طَِلْق اللسان وطَلِيقُه. وهذا لسانٌ طلق ذلق(4).
وتقول: هذا أمرٌ ما تَطَلَّقُ نفسي له، أي لا تنشرح له. ويقال طُلِّق السَّليم، إذا سكن وجعُه بعد العِداد. قال:
* تطلِّقه طَوْراً وطوْراً تُرَاجِعُ(5) *
فأمَّا قوله:
* كما تعتري الأهوالُ رأسَ المطلَّقِ(6) *
فإنه يُروى كذا بفتح اللام: المطلَّق، وهو الذي طُلِّق من وجع السّمّ.
طمن – طمي - طمث
ومن النّاس(7) من يرويه "المطلِّق" بكسر اللام، فمعناه أنَّهم يسمُّون الرَّجلُ الذي يريد أن يُسابِقَ بفرسه المطلِّق، فالأهوالُ تعتريه، لأنَّه لا يدري أَيَسْبِق أم يُسْبَق.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) كذا وردت هذه العبارة.
(3) البيت في اللسان (طلق). قال:" ويروى: أَطْلِقْ".
(4) هذان يقالان وكل منهما ككتف وصرد، وبضمتين.
(5) للنابغة في ديوانه 52، واللسان (طور). وصدره:
* فبت كأني ساورتني ضئيلة *.
(6) صدره في اللسان (طلق):
* تبيت الهموم الطارقات يعدنني *.
(7) في الأصل: "ومن الباب".(3/329)
قال الشيباني: الطالق من [الإِبل](1) التي يتركُها الراعي لنفسه، لا يحلبها على الماء. يقال: استطلق الرّاعي لنفسه ناقةً. وليلة الطَّلَق: [ليلةَ](2) يخلِّي الرَّاعي إِبلَه إلى الماء. وهو يتركها مع ذلك ترعى ليلتَئذ. يقال أطلقْتُها حتَّى طَلَقَتْ طَلَقاً وطُلوقاً، وهي قبل القَرَب وبعد التحويز.
(باب الطاء والميم وما يثلثهما)
(طمن) الطاء والميم والنون أُصَيْلٌ بزيادة همزة. يقال: اطمأنَّ المكان يطمئنّ طمَأنينة. وطامنت مِنه: سَكَّنت.
(طمي) الطاء والميم والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على علو وارتفاع في شيءٍ خاص. يقال طما البحرُ يطمو ويَطْمِي لُغتان، وهو طامٍ، وذلك إذا امتلأ وعلا. ويقال طَمَى الفرسُ، إذا مرَّ مُسرِعاً. ولا يكون ذلك إلاَّ في ارتفاع.
(طمث) الطاء والميم والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مسِّ الشيء. قال الشَّيباني: الطَّمْث في كلام العرب المسُّ، وذلك في كلِّ شيء. يقال: ما طَمَث
طمح – طمر
ذا المرتعَ قبلنا أحد. قال: وكلُّ شيء يُطمث. ومن ذلك الطَّامث *وهي الحائض. طَمِثَتْ وطَمَثَتْ. ويقال طَمَثَ الرَّجُل المرأةَ: مسَّها بجماع. وهذا في هذا الموضع لا [يكونُ] بجماع وحدهُ(3). قال الله تعالى: { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ } [الرحمن 56 و74]، قال الخليل: طمثْتُ البعير طَمْثاً، إذا عقلتهُ(4). ويقال: ما طمث هذه الناقةَ حَبْلٌ قط. أي ما مسَّها. وأمَّا قول عديّ:
* أو طَمْثِ العَطَنْ(5) *
فقال قوم: الطَّمْث: الدَّنَس.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) التكملة من المجمل.
(3) في الأصل: "إلا بجماع وحده". والمفهوم من صنيع اللسان أن الطمث الافتضاض بالتدمية، أي جماع البكر.
(4) في الأصل: "علقته"، صوابه من المجمل واللسان.
(5) قطعة من بيت له في اللسان (طمث). وهو بتمامه:
طاهر الأثواب يحمي عرضه
من خنثى الذمة أو طمث العطن(3/330)
(طمح) الطاء والميم والحاء أصل صحيح يدلُّ على علوٍّ في شيء. يقال طَمَحَ ببصرهِ إلى الشيء: علا. وكلُّ مرتفعٍ طامح. وطمَح ببوله. إذا رماه في الهواء. قال:
طويلٍ طامحِ الطّرف
إلى مَفْزَعَةِ الكَلْبِ(1)
ومن الباب طَمَحات الدّهر: شدائِدُه.
(طمر) الطاء والميم والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنيين: أحدهما الوثب، والآخر وهو قريبٌ من الأوَّل: هَوِيّ الشَّيء إلى أسفل.
طمس – طمش
فالأوَّل: طَمَرَ: وثَب؛ فهو طامر. ويقال للفرسِ طِمِرٌّ، كأنَّهُ الوثّاب. وطامرُ بن طامرٍ: البرغوث.
والأصل الآخر طَمَرَ، إِذا هَوَى. والأمر المطمِّر: المهلك. والأمور المُطَمِّرات: المهلكات. وطمارِ(2): مكان يُرْفَع إليه الإنسان ثم يُرْمَى به. قال:
إلى رجلٍ قد عَقَرَ السَّيْفُ وجهَه
وآخرَ يَهوي من طَمَارَِ قتيلِ(3)
ومن الباب: طمرت الشَّيءَ: أخفيتُه. والمطمورة: حفرةٌ تحتَ الأرض يُرمى فيها الشيء.
ومن الباب: طَمَرت الغِرارةَ، إِذا ملأْتَها؛ كأنَّ الشيءَ قد رُمِيَ بها.
ومما شذَّ عن الباب الطِّمْر: الثّوب الخَلَق. وقولهم إنَّ المِطْمَر زِيجٌ للبنَّاء، فهو ممّا أعلمتك أنَّه لا وجهَ للشُّغلِ به.
__________
(1) لأبي دواد الإيادي، كما في الحيوان (2: 168)، واللسان (طمع). وحقق البكري في التنبيه أنه لعقبة بن سابق الهزاني. انظر شرح الحيوان (2: 168). وسيأتي في (فزع).
(2) طمار، بفتح الطاء، مثل قطام بالبناء على الكسر، ويقال أيضاً بالإعراب مع منعه من الصرف. وضبط هذه الكلمة غامض في اللسان والقاموس. انظر معهما معجم البلدان في رسمه.
(3) لسليم بن سلام الحنفي، يقوله في مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وهانئ بن عروة المرادي. انظر اللسان (طمر)، ومعجم البلدان. وقبله فيهما:
فإن كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري
إلى هانئ في السوق وابن عقيل(3/331)
(طمس) الطاء والميم والسين أصلٌ يدلُّ على محوِ الشيء ومسحِهِ. يقال طَمَسْتُ الخَطَّ، وطَمست الأثرَ. والشيءُ طامسٌ أيضاً. وقد طَمَسَ هو بنفسهِ.
(طمش) الطاء والميم والشين لا قياسَ له، ولولا أنَّه في الشَّعر لكان من المشكوك فيه؛ لأنّه لا يُشِبه كلامَ العربِ. على أنَّهم يقولون: ما أدري أيُّ الطمْشِ هو؟ أيْ أيُّ النّاس والخلْقِ هو. قال:
طمع – طمل - طني
* وَحْشٌ ولا طَمْشٌ من الطُّمُوش(1) *
(طمع) الطاء والميم والعين أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على رجاءٍ في القلبِ قويٍّ للشَّيء. يقال طَمِعَ في الشيءِ طَمَعاً وطَمَاعة(2) وطماعِيَة. ولَطَمُعْتَ يازيد(3) كما يقولون: لَقَضُو القاضي. هذا عند التعجُّب. ويقال امرأةٌ مِطْماعٌ، للتي تُطمِع ولا تُمْكِن.
(طمل) الطاء والميم واللام أُصَيْلٌ يدل على ضَعَةٍ وسَفالٍ. وأصله الذي يبقى في أسفل الحوضِ من الماء القليل والطِّينِ، يقال لذلك الطَّمْلَة. يقال اطُّمِلَ ما في الحوضِ، وقد اطَّمَلَهُ، إذا لم يترك فيه قَطْرَة(4). ثم يحملون على هذا فيقولون للمرأة الضَّعيفة: طِمْلَة، وللرجل اللصّ طِمْل. ويقولون: إنَّ الطِّمْل: الفاحش. والله أعلم بالصواب.
(باب الطاء والنون وما يثلثهما)
(طني) الطاء والنون والحرف المعتل كلمةٌ تدلُّ على مرضٍ من أمراضِ الإِبل. يقال طَنِيَ البعير، إذا التصقت رئتُهُ بجنْبِهِ فمات، يَطْنَى طَنَى. ويقال ما طَنِيتُ بهذا الأمر، أي ما تعرَّضْتُ له، كأنَّه يقول: ما لصق بي ولا تلطَّخت به.
وأمَّا المهموز فليس من الباب في البناء، لكنه في المعنى متقارب. يقولون: إنَّ الطِّنْءَ: الرِّيبة. قال:
__________
(1) لرؤبة كما سبق في (حشر 66).
(2) في الأصل: "ولا طماعة". وكلمة "لا" مقحمة، ليست في المجمل.
(3) في الأصل: "وأطمعت يا زيد"، وفي المجمل: "وقال بعضهم: لطمع الرجل بضم الميم تعجباً، وكذلك لقضو القاضي".
(4) في الأصل: "وطرة"، صوابه من المجمل واللسان.(3/332)
طنب - طنخ – طنف
كأنَّ على ذي الطِّنْءِ عَيْناً رَقِيبةً
بِمقْعَده أو منظرٍ وهو ناظرُ(1)
وإِنما سميت بذلك لأنَّ الريبة مما يلطَّخ ويتلطَّخ به.
ومما شذَّ عن الباب الطنْء: المنزل، وقد يهمز(2)، وهو يبعد عن الذي ذكرناه بعداً.
ومما شذَّ أيضاً قولهم: تركته بِطنْئِهِ، أي بِحُشاشةِ نفسِه.
(طنب) الطاء والنون والباء أصلٌ يدلُّ على ثَبات الشَّيء و تمكنه في استطالة. من ذلك الطُّنُب: طُنُبُ الخِيام، وهي حبالُها التي تشدّ *بها. يقال طَنَّبَ بالمكان: أقام. والإطْنابة: المِظلّة، كأنَّها إفْعالة من طَنَبَ؛ لأنها تثبت على ما تُظلِّله(3). والإِطْنابة: سيرٌ يشدُّ في طَرَف وترِ القَوْسِ.
ومن الباب قولهم: أطنب في الشيء إذا بالغ، كأنَّهُ ثبت عليه إرادةً للمبالغة فيه. ويقولون: طَنِبَ الفَرَسُ، وذلك طول المَتن وقوَّته، فهو كالطُّنُب الذي يمدُّ ثم يثبَّتُ به الشيء. وكذلك أَطَنَبَت الإِبل، إذا تَبِعَ بعضُها بعضاً في السيرِ. وأطنبت الرِّيح إِطْناباً، إذا اشتدّت في غُبار. ومعنى هذا أن ترتفع الغَبَرة حتى تصير كالإطنابة، وهي كالمظلَّة.
(طنخ) الطاء والنون والخاء كلمةٌ إن صحت. يقولون طَنِخ، إذا بَشِم، ويقال إذا سَمِن.
(طنف) الطاء والنون والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَوْرِ شيءٍ على شيء. يقولون الطُّنُف: حَيد في الجبَل يطنّف به. ويقولون الطُّنُف: إفريز الحائط.
طهي
والطنف(4): السُّيور. فأمَّا الطَّنَف في التُّهَمَة فهو من المقلوب، كأنَّه من النَّطَف، وقد ذكرناه في بابه.
ومما شذَّ عن الباب شيءٌ حُكيَ عن الشيباني، أن الطنف الذي يأكل القليل(5). يقال ما أَطْنَفه.
(باب الطاء والهاء وما يثلثهما)
__________
(1) صدره في اللسان (طنأ) برواية: "عينا بصيرة".
(2) كذا وردت هذه العبارة.
(3) في الأصل: "على ما تظلل به".
(4) هذا يقال بفتحتين وبضمتين.
(5) ذكر هذا المعنى في القاموس، ولم يذكر في اللسان.(3/333)
(طهي) الطاء والهاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على أمرين إمّا على معالجة شيء، وإما على رِقّة.
فالأول: علاج اللحم في الطَّبْخ. والطَّاهي: فاعل، وجمعه طُهاة. قال:
فَظَلَّ طُهَاةُ اللّحْمِ من بين مُنْضِجٍ
صَفِيفَ شِواءٍ أو قديرٍ مُعَجَّلِ(1)
وقال أبو هريرة في شيء سُئِلَ عنه: "فما طَهْوِي إذاً ـ أي ما عملي ـ إن لم أحْكِمْ ذلك". وحكى بعضُهم طَهَت الإِبلُ تَطْهَى، إذا نَفَشَت باللَّيلِ ورعت، طَهْياً(2)، كأنَّها في ذلك تُعالجُ شيئاً. قال:
ولسنا لباغي المُهْمَلاتِ بقِرْفةٍ
إذا ما طَهَى بالليلِ منتشراتُها(3)
طهر – طهش – طهف – طهل
والأصل الآخر الطَّهَاء، وهو غيم رقيق، وطُهَيَّةُ: حيٌّ من العرب، ومن ذلك اشتُقَّ. والنسبة إليهم طَهَوِيّ وطُهْوِيّ(4).
(طهر) الطاء والهاء والراء أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على نقاءٍ وزوالِ دَنَسٍ. ومن ذلك الطُّهْر: خلاف الدَّنَس. والتطهُّرُ: التنزُّه عن الذمِّ وكلِّ قبيح. وفلانٌ طاهر الثِّياب، إذا لم يدنَّس. [قال]:
ثيابُ بني عوفٍ طَهَارَى نقيّةٌ
وأوجُهُهمْ عند المَسَافرِ غُرّانُ(5)
والطَّهور: الماء. قال الله تعالى: { وأَنْزَلْنَا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً } [الفرقان 48]. وسمعتُ محمّد بن هارونَ الثَّقَفِي يقول: سمعتُ أحمد بن يحيى ثعلباً يقول: الطَّهور: الطاهر، في نفسه، المُطَهِّرُ لغيرهِ.
(طهش) الطاء والهاء والشين ليس بشيء. وذُكِرتْ كلمةٌ فيها نظر، قالوا: الطَّهْش: فَساد العمل.
__________
(1) لامرئ القيس في معلقته.
(2) وطهوا، بالفتح، وطهوا على فعول.
(3) للأعشى في ديوانه 62 والمجمل واللسان (طها). وفي الأصل: "ولست"، تحريف. وفي الحيوان:
(5: 434): "إذا ما طما".
(4) ويقال أيضاً طهوي، بالفتح، وبالتحريك.
(5) لامرئ القيس في ديوانه 115 واللسان (طهر، غرر).(3/334)
(طهف) الطاء والهاء والفاء كالذي قبله. على أنَّهم يقولون: الطَّهَْفَ طعامٌ يتَّخذ من الذُّرة، ويقال هي أعالي الصِّلِّيان. ويقولون: الطُّهافة: الذُّؤابة. وكلُّ ذلك كلام.
(طهل) الطاء والهاء واللام كلمةٌ إنْ صحَّت. يقولون طَهِلَ الماء: أَجَنَ. والطهْلِئة(1): الطين الذي يَنْحَتُّ منَ الحوضِ في الماءِ.
طهم - طوي
(طهم) الطاء والهاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على شيءٍ في خَلْقِ الإنسان وغيرهِ. فحكى أبو عبيدة أنَّ المُطَهَّم: الجميل التامّ الخَلْق من الناس والأفراس. وقال غيره: المَطَهَّم: المكلْثَم المجتَمِع. وهذا عندنا أصحُّ القولين؛ للحديث الذي رواه عليٌّ عليه السلام في وصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لم يكن بالمطهَّم ولا المكلْثم"، وحكيت كلمةٌ إن صحّت، قالوا: تطهَّمْتُ الطَّعامَ: كرهته.
(باب الطاء والواو وما يثلثهما)
(طوي) الطاء والواو والياء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إدراج شيءٍ حتَّى يدرَج بعضُه في بعض، ثم يحمل عليه تشبيهاً. يقال طويت الثَّوبَ والكِتاب طَيّاً أطويه. ويقال طَوَى الله عُمر الميّت. والطَّوِيّ: البئر المطوية. قال:
فقالت له: هذا الطَّوِيُّ وماؤه
ومحترقٌ من يابسِ الجِلْدِ قاحِلُ(2)
ومما حمل على هذا الباب قولهم *لمن مضى على وجهه: طوى كَشْحَه. وأنشد:
وصاحبٍ لي طوى كشحاً فقلتُ له
إنَّ انطواءَكَ عنِّي سوف يَطْوِيني(3)
وهذا هو القِياس؛ لأنَّه إذا مضى وغاب عنه فكأنه أُدرج.
ومن الباب أطواء النّاقة، وهي طرائقُ شحم جنبيْها. والطَّيَّانُ: الطَّاوِي البطن. ويقال طوِيَ؛ وذلك أنَّه إذا جاع وضَمُر صار كالشَّيءِ الذي لو ابتُغِيَ طيُّه لأمكن. فإنْ تعمَّدَ للجوُع قال: طَوَى يَطْوِي طَيَّاً، وذلك في القياس
__________
(1) في الأصل: "والطهيلة"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) البيت لمزرد بن ضرار، من مقطوعة في الحيوان (2: 18-19).
(3) في اللسان (طوي): "هذا عنك يطويني".(3/335)
طوب – طوح – طود – طور
صحيح، لأنَّه أدرج الأوقاتَ فلم يأكلْ فيها، قال الشاعر(1) في الطَّوَى:
ولقد أبيتُ على الطَّوَى وأظلُّهُ
حتَّى أنالَ به كريمَ المأكلِ
ثم غَيَّرُوا هذا البناءَ أدنى تغييرٍ فزال المعنى إلى غيرهِ فقالوا: الطَّاية(2)؛ وهي كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على استواءٍ في مكان. قال قوم: الطَّاية: السَّطْح. وقال آخرون: هي مِرْبَد التَّمر. وقال قوم: هي صخرةٌ عظيمة في أرضٍ ذات رمل.
(طوب) الطاء والواو والباء ليس بأصل؛ لأنَّ الطوب فيما أحسب هذا الذي يسمى الآجُرّ، وما أَظُنُّ العربَ تعرفه. وأمَّا طُوبَى فليس من هذا، وأصله الياء، كأنها فعلى من الطِّيب، فقلبت الياء واواً للضمَّة.
(طوح) الطاء والواو والحاء ليس بأصل، وكأنه من باب الإِبدال. يقال طاحَ يَطيح. ثم يقولون: طاحَ يَطُوح، أي هَلَكَ.
(طود) الطاء والواو والدال أصلٌ صحيح، وفيه كلمةٌ واحدةٌ. فالطَّود: الجَبَل العظيم. قال الله سبحانه: { فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيْمِ } [الشعراء 63]. ويقولون: "طَوَّدَ في الجبل، إذا طَوَّف، كأنه فعل مشتقٌّ من الطود.
(طور) الطاء والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو الامتداد في شيءٍ من مكانٍ أو زمان. من ذلك طَوَار الدَّار، وهو الذي يمتدُّ معها من فِنائِها. ولذلك [يقال] عدا طَوْره، أي جاز الحدَّ الذي هو له من دارِهِ. ثم استعير ذلك في كل شيء يُتعدَّى. والطُّور: جبلٌ، فيجوز أن يكون اسماً عَلَمَاً
طوس - طوع
__________
(1) هو عنترة. وفي ديوانه 181، أن النبي صلى الله عليه وسلم أنشد هذا البيت، فقال: "ما وصف لي أعرابيٌّ قط، فأحببت أن أراه إلا عنترة".
(2) جعلت في اللسان في مادة (طي)، وفي القاموس في (طوى).(3/336)
موضوعاً، ويجوز أن يكون سمِّي بذلك لما فيه من امتدادٍ طولاً وعَرضاً. ومن الباب قولهم: فعل ذلك طَوْراً بعد طَوْر. فهذا هو الذي ذكرناه من الزَّمان، كأنَّه فَعَلَه مَدَّةً بعد مدة. وقولهم للوحشيِّ من الطَّير وغيرها طُورِيّ وطُورانيٌّ، فهو من هذا، كأنَّه توحَّشَ فعدا الطَّورَ، أي تباعد عن حدِّ الأنيس.
(طوس) الطاء والواو والسين ليس بأصل، إنّما فيه الذي يقال له الطَّاوُوس. ثم يشتقّ منه فيقال للشَّيء الحسن: مُطوَّس. وحُكيَ عن الأصمعيّ: تطوَّست المرأةُ: تزينَت. وذكر في الباب أيضاً أنَّ الطَّوْس: تغطيةُ الشّيء. يقال طُسْته طَوْساً، أي غطَّيته. قالوا: وَطَوَاس(1): ليلةٌ من ليالي المَُِحَاق.
(طوع) الطاء والواو والعين أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على الإصحابِ والانقيادِ. يقال طاعَه يَطُوعه، إذا انقاد معه ومضى لأمره. وأطاعه بمعنى طاعَ له. ويقال لمن وافَقَ غيرَه: قد طاوعه.
والاستطاعة مشتّقةٌ من الطَّوع، كأنها كانت في الأصل الاستطواع، فلما أسقطت الواو جعلت الهاء بدلاً منها، مثل قياس الاستعانة والاستعاذة.
والعرب تقول: تطاوَعْ لهذا الأمر حتى تستطيعَه. ثم يقولون: تطوَّعَ، أي تكلَّف استطاعتَه، وأمَّا قولهم في التبرُّع بالشيء: قد تطوَّعَ بهِ، فهو من الباب لكنَّه لم يلزمه، لكنَّه انقاد مع خيرٍ أحبَّ أن يفعله. ولا يقال هذا إلاَّ في باب الخير والبِرّ. ويقال للمجاهِدَةِ الذين يتطوَّعون بالجِهاد: المُطَّوِّعة، بتشديد الطاء والواو، وأصله المتطوّعة، ثم أدغمت التاء في الطاء. قال الله تعالى:
طوف
{ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المؤمِنِينَ } [التوبة 79]، أراد ـ والله أعلم ـ المتطوِّعين.
__________
(1) كذا ضبط في المجمل، ومثله في القاموس، إذ ضبطه كسحاب. وفي اللسان ضبط بالضم ضبط قلم.(3/337)
(طوف) الطاء والواو والفاء أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على دَوَران الشيء على الشيء، وأن يُحفَّ به. ثم يُحمل عليه، يقال طاف * به وبالبيت يطوف طَوْفَاً وطَوَافاً، واطَّاف به، واستطاف. ثم يقال لما يدور بالأشياء ويُغَشِّيها من الماء طُوفان. قال الخليل: وشبَّه العجّاج ظلامَ الليلِ بذلك، فقال:
* وعمَّ طُوفانُ الظَّلاَمِ الأثْأَبَا(1) *
و"غَمَّ" أيضاً. ومن الباب: الطَّائف، وهو العاسُّ. والطَّيْفُ والطَّائف: ما أَطافَ بالإنسان من الجِنَّان. يقال طاف واطَّاف. قال الله تعالى: { إِذا مَسَّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ } (2) [الأعراف 200]، و(طائِفٌ) أيضاً. قال الأعشى:
وتُصْبِحُ عن غِبِّ السُّرَى وكأنَّما
ألمَّ بها من طائفِ الجنِّ أولَقُ(3)
ويقولون في الخيال: طافَ وأطافَ. ويُرْوَى:
أنَّى أَلَمَّ بكَ الخيالُ يُطيف
وطوافه بك ذِكرةٌ وشُعوف(4)
ويروى: "ومطافه لك ذِكرة وشُغوف". فأمَّا الطائفة من النّاس فكأنَّها جماعةٌ تُطِيفُ بالواحد أو بالشيء. ولا تكاد العرب تحدُّها بعدَدٍ معلومٍ، إلاَّ أن
طوق - طول
__________
(1) للعجاج، في ديوانه 74 واللسان (طوف).
(2) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ويعقوب. وقراءة الباقين: "طائف". إتحاف فضلاء البشر 234، وهي الآية 200 من سورة الأعراف.
(3) ديوان الأعشى 147، واللسان (طوف، ولق).
(4) نسب في اللسان (طيف) إلى كعب بن زهير، وهو في ديوانه 113 طبع دار الكتاب.(3/338)
الفقهاء والمفسِّرين يقولون فيها مرّة: إنَّها أربعةٌ فما فوقها، ومرَّة إنَّ الواحد طائفةٌ(1)، ويقولون: هي الثَّلاثة، ولهم في ذلك كلامٌ كثير، والعربُ فيه على ما أعلمتك، أنّ كلَّ جماعةٍ يمكن أن تحُفَّ بشيء فهي عندهم طائفة، ولا يكاد هذا يكون إلاَّ في اليسير هذا في اللغة والله أعلم. ثم يتوسَّعون في ذلك من طريق المجاز فيقولون: أخَذْتُ طائفةً من الثَّوبِ، أي قطعة منه، وهذا على معنى المجاز، لأنَّ الطَّائفة من النَّاس كالفِرقة والقِطعة منْهم. فأمَّا طائفُ القوسِ [فهو] ما يلي أَبْهَرها.
(طوق) الطاء والواو والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الباب الذي قبلَه. فكلُّ ما استدار بشيء فهو طوق. وسمِّي البِناءُ طاقاً لاستدارته إذا عُقِدَ. والطَّيلَسان طاقٌ، لأنَّه يدور على لابِسه. فأمَّا قولهم أطاق هذا الأمر إِطاقةً، وهو في طَوقه، وطوَّقْتُكَ الشَّيءَ، إذا كَلَّفْتُكَه(2) فكلُّه من الباب وقياسِه؛ لأنَّه إِذا أطاقَه فكأنَّه قد أحاط به ودار به من جوانبه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل قولُهم: طاقةٌ من خيط أو بَقْل، وهي الواحدة الفَردةُ منه، وقد يمكن أن يتمحَّل فيقاس على الأوَّل، لكنَّه يبعُد.
(طول) الطاء والواو واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَضْلٍ وامتداد في الشيء. من ذلك: طالَ الشَّيءُ يطُولُ طُولاً. قال أحمد بن يحيى ثعلبٌ: الطُّول: خلاف العَرض. ويقال طاوَلْت فلاناً فطُلْتُه، إذا كنتَ أطوَلَ منه. وطال
طوط
فلاناً فلانٌ، أي إنه أطول منه. قال:
إنَّ الفرزدقَ صخرةٌ ملمومةٌ
طالت فليس تنالها الأوعالا(3)
وهذا قياسٌ مطَّرد في كلِّ ما أشبه ذلك، فيقال للحبل الطِّوَل؛ لطوله وامتداده. قال طرفة:
__________
(1) في الأصل: "طائفة فما فوقها". والكلمتان الأخيرتان مقحمتان.
(2) في الأصل: "كلفته"، صوابه في المجمل.
(3) البيت لسنيح بن رياح الزنجي، كما في اللسان (طول). وانظر حواشي الحيوان: (7: 205).(3/339)
لعمرُكَ إنَّ الموتَ ما أخطأ الفتى
لكالطِّوَل المُرخَى وثِنياهُ في اليدِ(1)
ويقولون: لا أكلِّمه طَوَالَ الدَّهر. ويقال جملٌ أطوَلُ، إذا طالت شفتُهُ العليا. وطاولَني فلانٌ فطُلْتُه، أي كنت أطولَ منه. والطُّوَال: الطَّويل. والطِّوَال: جمع الطَّويل. وحكى بعضهم: قَلانِسُ طِيال(2)، بالياء. وأمرٌ غير طائلٍ، إذا لم يكن فيه غَناء. يقال ذلك في المذكَّر والمؤنث. قال:
* وقد كلَّفُوني خُطَّةً غيرَ طائِلِ(3) *
وتطاولتُ في قِيامي، إذا مددتَ رِجليكَ لتنظر. وطوِّلْ فرسَك، أي أَرْخِ طويلتَه في مرعاه(4). واستطالُوا عليهم، إذا قتلوا منهم أكثر ممَّا قتلوا.
(طوط) الطاء والواو والطاء كلمتان إن صحَّتا. يقولون: إنَّ الطَّوطَ القطْن. والطوط: الرَّجلُ الطَّوِيل.
طيب – طيخ - طير
(باب الطاء والياء وما يثلثهما)
(طيب) الطاء والياء والباء أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على خلافِ الخَبيث. من ذلك الطيِّب: ضدّ الخبيث. يقال سبيّ طِيبَةٌ، أي طيِّبٌ. والاستطابة: الاستنجاء؛ لأنَّ الرجل يطيِّب نفسَه مما عليه من الخُبث بالاستنجاء. ونهى رسول الله * صلى الله عليه وآله أن يَستَطِيب الرَّجُل بيمينه. والأطيبانِ: الأكل والنِّكاح. وطَيْبَة(5) مدينة الرسول صلى الله عليه وآله. ويقال: هذا طعام مَطْيَبةٌ للنَّفْس. والطَّيِّب:الحلال، والطَّاب: الطِّيب: قال:
مُقابَلَ الأعراقِ في الطَّابِ الطَّابْ
__________
(1) البيت من معلقته المشهورة.
(2) في اللسان: "ابن جني: لم تقلب إلا في بيت شاذ، وهو قوله:
تبين لي أن القماءة ذلة
وأن أعزاء الرجال طيالها".
(3) أنشد هذا العجز في اللسان (طول). والطائل يقال للذكر والأنثى.
(4) وهذا أيضاً نص الجوهري في الصحاح. قال أبو منصور: "ولم أسمع الطويلة بهذا المعنى من العرب، ورأيتهم يسمونه الطول".
(5) يقال أيضاً طيبة، بتشديد الياء، وطابة، والمطيبة، بتشديد الياء المفتوحة.(3/340)
بين أبي العاص وآلِ الخطّابْ(1)
(طيخ) الطاء والياء والخاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تلطّخٍ بغير جميل. قالوا طاخَ يَطِيخُ وتَطيَّخ، إذا تلطَّخ بالقبيح. وقالوا: الطِّيخ: الخِفَّة، وهو بمعنى الطَّيش، قال الحارث:
[فاتركوا الطَّيْخ والتَّعدّي وإمَّا
تتعاشَوا ففي التَّعاشِي الدَّاءُ(2)]
(طير) الطاء والياء والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خِفّة الشَّيءِ في الهواءِ.
طيس
ثمَّ يستعار ذلك في غيرِهِ وفي كلِّ سُرعة. من ذلك الطَّير: جمع طائر، سمِّيَ ذلك لما قُلناه. يقال طارَ يَطير طَيَراناً. ثمَّ يقال لكلِّ مَنْ خفَّ: قد طار. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "خيرُ النَّاسِ رجلٌ مُمْسِكٌ بِعِنان فرسِهِ في سبيل الله، كلَّما سمِعَ هَيْعَةً طار إليها". وقال:
* فَطِرْنَا إليهم بالقنابل والقَنَا *
ويقال مِنْ هذا: تَطَايَرَ الشَّيءُ : تفرَّق. واستطار الفجر: انتشر. وكذلك كلُّ منتشِر. قال الله تعالى: { يَخَافُونَ يَوْمَاً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً } [الدهر 7]. فأمَّا قولهم: تطيَّر من الشيء، فاشتقاقه من الطَّيرِ كالغراب وما أشبهه. ومن الباب: طائر الإنسانِ، وهو عمَلُهُ. وبئر مُطارَةٌ، إذا كانت واسعة الفم. قال:
* هُوِيُّ الرِّيح في جَفْرٍ مُطارِ(3) *
ومن الباب : الطَّيْرة: الغضَب، وسمِّي كذا لأنَّه يُستطَار له الإنسان. ومن الباب قولهم: خذ ما تطَايَرَ من شعر رأسك، أي طال. قال:
__________
(1) الرجز لكثير بن كثير النوفلي، يمدح به عمر بن عبد العزيز. وقبله:
* يا عمر بن عمر بن الخطاب *.
... وذاك أن أم عمر بن عبد العزيز، هي أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وأبوه عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص.
(2) موضع البيت بياض في الأصل، وأنشد في المجمل الكلمتين الأوليين من البيت.
(3) صدره في المجمل واللسان (طير): * كأن حفيفها إذ بركوها *.(3/341)
* وطارَ جِنّيُّ السَّنَامِ الأَطْوَلِ(1) *
(طيس) الطاء والياء والسين كلمةٌ واحدة. قال:
* عددتُ قومِي كعَديدِ الطَّيْسِ(2) *
طيش – طين - طبخ
أراد به العدد الكثير.
(طيش) الطاء والياء والشين كلمةٌ واحدة، وهي الطَّيْش والخِفَّة. وطاشَ السَّهم من هذا، إذا لم يُصِبْ، كأنَّه خَفَّ وطاشَ وطار.
(طين) الطاء والياء والنون كلمةٌ واحدة، وهي الطِّين، وهو معروف. ويقال طيَّنْت البيتَ، وطِنت الكتابَ. ويقال طانَه الله تعالى على الخَيْر، أي جَبَله. وكأَنَّ معناه، والله أعلم، من طِنت الكتاب، أي ختمته؛ كأنَّه طبعه على الخير وختم أمرَهُ بهِ.
(باب الطاء والباء وما يثلثهما)
(طبخ) الطاء والباء والخاء أصلٌ واحد، وهو الطَّبخ المعروف، يقال طَبَخت الشَّيءَ أطبُخه طَبْخاً، وأنا طابخ، والشَّيء مطبوخ وطَبِيخ. والطُّبَّخ: جمع الطَّابخ. وقول العجّاج:
* والله لولا أن تَحُشَّ الطُّبَّخُ(3) *
أراد به الملائكة الموكَّلين بالنَّار. ويقال لسَمائمِ الحرِّ: طبائخُه. وطابخة: لقبُ رجلٍ من العرب، لأنَّه طبخ طَبْخَاً فسمِّي بذلك. ويقال الطُّبَاخَة: ما فار من رُِغوة القِدر إذا طبخت، وهي الطُّفَاحة والفُوَارة. ويقال للحُمَّى الصَّالبِ: طابخ.
طبس – طبع
__________
(1) لأبي النجم، كما في المجمل، وهو من أم الرَّجز، مجلة المجمع العلمي بدمشق 1347. والرواية فيها وفي الحيوان (6: 185): "وقام جنى السنام الأميل".
(2) لرؤبة بن العجاج في ملحقات ديوانه 175 واللسان (طيس). وبعده:
* إذا ذهب القوم الكرام ليسي *.
(3) ديوان العجاج 14 واللسان (طبخ). وبعده:
* بي الجحيم حيث لا مستصرخ *.(3/342)
ومما يُحمَلُ على هذا، ولعلّه أن يكون من الكلام المولَّد، قولهم: ليس به طَُباخٌ(1)، للشّيء لا قُوَّةَ له، فكأنهم يريدون ما تناهى بَعدُ ولم ينضَج.
ومما شذَّ عن الباب قولُهم، وهو من صحيح الكلام، لفَرخ الضبّ: مُطَبِّخ، وذلك إذا قوي. يقولون: هو حِسْل، ثم مطبِّخ، ثم خُضَرِمٌ، ثم ضَبّ.
(طبس) الطاء والباء والسين ليس بشيء. على أنهم يقولون: الطَّبَسانِ: كُورتان. وهذا وشِبهه ممَّا لا معنى لذكره؛ لأنَّه إِذا ذكر ما أشبه كلُّه حُمِلَ على كلام العرب ما ليس هو منه. وكذلك قول من قال(2): إنَّ التَّطبيس: التَّطبين(3).
(طبع) الطاء والباء والعين أصلٌ صحيح، وهو مثلٌ على نهايةٍ ينتهي إليها الشيء حتى يختم عندها يقال طبَعت على الشيء طابَعاً. ثم يقال على هذا طَبْعُ الإنسان وسجيَّتُه. ومن ذلك طَبَعَ اللهُ على قَلْب الكافر، كأنَّه ختم عليه حتى لا يصل إليه هُدىً ولا نُور، فلا يوفَّق لخير. ومن ذلك أيضاً طبْع السَّيف والدِّرهم، وذلك إذا ضربه حتى يكمّله. والطَّابع: الخاتم يُختَمُ به *. والطَّابِع: الذي يَختِم.
ومن الباب قولُهم لملْءِ المِكيال طَبع. والقياسُ واحدٌ؛ لأنه قد تكامل وخُتم. وتطبَّع النَّهر، إذا امتلأ؛ وهو ذلك المعنى. وكذلك إذا حُمِّلت النّاقة حِمْلَها الوافِيَ الكاملَ، فهي مطبَّعة. قال:
طبق
أينَ الشِّظاظانِ وأيْنَ المِرْبَعَهْ
وأيْنَ وَسْقُ النَّاقَةِ المطبَّعهْ(4)
قال ابنُ السكِّيت: الطِّبع: النَّهر، والجمع: الطِّباع. قال:
فتولَّوْا فاتراً مشيُهم
__________
(1) في اللسان: "وجد بخط الأزهري طُباخ بضم الطاء، ووجد بخط الإيادي طَباخ بفتح الطاء". وضبط في الأصل والمجمل بفتح الطاء.
(2) هو الخليل كما صرح بذلك في المجمل.
(3) التطبين، بالنون، كما في الأصل والمجمل والقاموس. لكن في اللسان:"التطبيق" بالقاف.
(4) سبق البيتان في (ربع، شظ).(3/343)
كروايا الطِّبْع همَّتْ بالوَحَلْ(1)
ولعلَّ الذي قالُوه في وصف النّهر، أن يكون ممتلئاً، حتى يكون أقيس.
ومما شذَّ عن هذا الأصل وقد يمكن أن يُقارَب بينهما، إلاَّ أنَّ ذلك على استكراه، قولهم للدَّنَس: طَبَع. يقال رجلٌ طَبِعٌ. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استَعيذوا بالله من طمَعٍ يَهدِي إِلَى طَبَعٍ". وقال:
له أكاليلُ بالياقوت فَصَّلَها
صَوَّاغُها لا ترى عَيْبَاً ولا طَبَعا
ومن هذه الكلمة قولهم للرجل إذا لم ينفُذْ في الأمر: قد طَبِعَ.
(طبق) الطاء والباء والقاف أصلٌ صحيحٌ واحد، وهو يدلُّ على وضع شيء مبسوط على مِثله حتى يُغطِّيَه. من ذلك الطَّبَق. تقول: أطبقْت الشيءَ على الشيء، فالأول طَبَق للثاني؛ وقد تطابَقَا. ومن هذا قولهم: أطبَقَ الناسُ على كذا، كأنَّ أقوالهم تساوَتْ حتى لو صُيِّرَ أحدُهما طِبْقاً للآخر لَصَلح. والطَّبَق: الحال، في قوله تعالى: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَق } [الانشقاق 19]. وقولهم: "إحدى بناتِ طَبَق" هي الدّاهية، وسمّيت طَبَقاً، لأنَّها تعمُّ وتشمل. ويقال لما علا الأرضَ حتى غطَّاها: هو طَبَق الأرض(2). ومنه قول امرئ القيس يصف الغيث:
ديمةٌ هطلاءُ فيها وَطَفٌ
طَبَقُ الأرضِ تَحَرَّى وتَدُرّْ(3)
طبل
وقولهم: طَبَّق الحقَّ، إذا أصابه، من هذا، ومعناه وافقه حتى صار ما أراده وَفْقاً للحقّ مطابِقاً له. ثم يُحمَل على هذا حتى يقال طبَّقَ، إذا أصاب المَفْصِل ولم يخطئْه. ثم يقولون: طَبَّقَ عُنقَه بالسيف: أبانَها.
فأمَّا المُطابقة فمشْى المقيَّد، وذلك أن رجليه تقعانِ(4) متقاربتين كأنَّهما متطابقتين. ومنه قول الجَعْدِيّ:
__________
(1) البيت للبيد في ديوانه 17، طبع فينا 1881 وإصلاح المنطق 9 واللسان (طبع).
(2) في الأصل: "طباق الأمر".
(3) ديوان امرئ القيس 143، واللسان (طبق).
(4) في الأصل: "يقسمان"، تحريف.(3/344)
* طِباقَ الكِلاَبِ يَطَأْنَ الهَرَاساَ(1) *
والطبَق: عظمٌ رقيق(2) يفصل بين الفَقارتَين. ويد طَبِقة، إذا التزقَتْ بالجنْب. وطابقت بين الشيئين، إذا جعلتَهما على حَذْوٍ واحد. ولذلك سمَّينا نحن ما تضاعف من الكلام مرَّتين مُطابَقاً. وذلك مثل جَرجَر، وصَلْصَل، وصَعْصَع. والطَّبَق: الجماعة من الجراد؛ وإنما شبِّه ذلك بطبَقٍ يغطِّي الأرض. ويقالَ وَلدت الغنمُ طبقاً وطبقةً، إذا ولد بعضُها بعد بعض. والقياس في ذلك كله واحد.
فأمَّا قولهم للعييِّ من الرِّجال: الطَّبَاقاء، وللبعير لا يُحسن الضِّرَابَ طَباقاءُ، فهو من هذا القِياس، كأنَّه سُتر عنه الشَّيءُ حتى أطبق فصار كالمغطَّى. قال جميل:
طَبَاقاءُ لم يشهد خُصوماً ولم يَقُدْ
رِكاباً إلى أكوارها حين تُعْكَفُ(3)
(طبل) الطاء والباء واللام ثلاث كلمات ليست لها طَُِلاَوَةُ كلامِ العرب، وما أدري كيف هي؟ من ذلك الطَّبل الذي يُضْرَب. ويقولون إنَّ الطّبل:
طبن – طبي
الخَلْق(4). والثالثة الطُّوبالة، ولولا أنها جاءت في بعض الشِّعر ما كان لذكرها معنىً، وما أحسبها في غير هذا البيت:
نَعَاني حَنَانهُ، طُوبالةً
تُسَفُّ يبيساً من العِشْرِقِ(5)
ويقال هي النَّعْجة.
__________
(1) سيأتي في (هرس). وصدره في اللسان (طبق، هرس): * وخيل يطابقن بالدارعين *.
(2) في المجمل: "دقيق" بالدال.
(3) اللسان (طبق) والبيان والتبيين (1: 110)، بشرح محقق المقاييس.
(4) شاهده ما أنشده في اللسان:
قد علموا أنا خيار الطبل
وأننا أهل الندى والفضل
(5) البيت لطرفة في ديوانه 16 واللسان (طبل، حنن)، والمجمل (طبل). وذكر في (حنن)، أن "حنانة" اسم راع. وطوبالة منصوب على الذم، أي أذم طوبالة، عنى بذلك حنانة. وبعد البيت:
فنفسك فانع ولا تنعني
وداو الكلوم ولا تبرق(3/345)
(طبن) الطاء والباء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ثباتٍ. ويقال اطبأنَّ، إذا ثبت وسكَن، مثل اطمأنَّ، ويقولون: طَبَنت النار: دفنتُها لئلا تَطفَأ، وذلك الموضعُ الطَّابون. ويقال طابِنْ هذه الحَفيرةَ: طاطئْها. ويقولون: إنَّ الخير في بني فلانٍ كثابت الطَّبْن، أي هو تليدٌ قديم.
ومن الباب الطَّبَن، وهو الفِطْنة؛ وذلك قياس الباب، لأنَّ في ذلك كالثَّبات في العِلمِ به.
(طبي) الطاء والباء والحرف المعتل أُصَيْلٌ يدلُّ على استدعاء شيء. من ذلك قولهم اطَّبى * بَنُو فُلانٍ فلاناً إذا خالُّوه وقَبَِلوه. وربما قالوا: طَبَاه واطَّباه، إذا دعاه، فإنْ حُمِلَ الطَّبيُ(1) من أَطْبَاء النَّاقة، وهي أخلافها، على هذا وعلى أنَّه يُطَّبَى منه اللبن، لم يبعُد.
طثر
وذُكر أن العرب تقول: هذا خِلْفٌ طِبِيٌّ، أي مُجيب(2). فإن كان هذا صحيحاً فهو يدلُّ على صحَّة القياس الذي قِسْناه.
(باب الطاء والثاء وما يثلثهما)
(طثر) الطاء والثاء والراء أُصَيل صحيح يدلُّ على غَضارةٍ في الشَّيء وكثرةِ ندى. يقولون: فلان في طَثْرة من العَيش، أي في غَضارة. قالوا: واشتقاقه من اللبن الطاثر، وهو الخاثر. ويشبَّه بذلك فيقال للحَمْأة طَثْرة، وقياسُه ما ذكرناهُ(3). وسمِّيَ طَثْرَة من العَرب.
ومما شذَّ عن الباب وما ندري كيف صحَّةُ هذا، قولهم: إنَّ الطَّيْثار: البعوض. والله أعلم.
طجن – طحر
(باب الطاء والجيم وما يثلثهما)
__________
(1) الطبي، بكسر الطاء وضمها.
(2) في اللسان والقاموس: "مجيَّب"، بضم الميم وتشديد الياء المفتوحة، ولا وجه له، فإن المجيب بمعنى المقور والأجوف، وقد أثبت الضبط الصحيح من نسخة المجمل، ومن تهذيب الصحاح، وهو من الإجابة كما يدل عليه ما سبق. وفي الصحاح "مجبب".
(3) في الأصل: "ويأخذ ما ذكرناء"، وقد اقتبست تصحيحه من مألوف عباراته.(3/346)
(طجن(1)) يقولون في الطاء والجيم والنون: إنَّ الطَّاجَن(2): الطَّابَق(3). وهو كلام، والله أعلم.
(باب الطاء والحاء وما يثلثهما)
(طحر) الطاء والحاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الحَفز والرَّمْي والقذْف. يقولون: طَحَرَتِ العينُ قَذاها، إذا قذَفَتْ به. يقال طَحَرتْ عينُ الماء العِرمِضَ، إذا رمت به. وقوس مِطحَرٌ، إذا حَفَزت سَهْمَها فرمت به صُعُداً. وحربٌ مِطحرةٌ: زَبُون. والطَّحِير: النَّفَس العالي، وسمِّيَ بذلك لأنَّ صاحبه يَطحَر. قال الكميت:
بأهازيجَ من أغانيِّها الجُـ
ـشِّ وإتباعها الزَّفيرَ الطَّحِيرَا(4)
طحل – طحم – طحن
فأمَّا المُطْحَر من النِّصال، فهو المُطوَّل المسال(5). قال الهُذَليّ(6):
* من مُطْحَراتِ الإِلالِ(7) *
__________
(1) الكلام من أول الباب إلى هنا مبيض له في الأصل، وأثبت ما يقتضيه الكلام وما هو ثابت في المجمل أيضاً.
(2) ضبطه في القاموس كصاحب، وزاد في تاج العروس: "وكهاجر". وضبط في الأصل والمجمل بفتح الجيم لا غير.
(3) الطاجن والطابق معربان كما في القاموس، وضبط الطابق في المجمل بفتح الباء، وفي القاموس: "كهاجر وصاحب". قلت: أما الطاجن، فهو معرب من اليونانية "تيكانون" كما في الألفاظ الفارسية 111 نقلاً عن فرنكل 67. وفي الجمهرة (3: 357): الطيجن. الطابق، لغة شامية وأحسها سريانية أو رومية. انظر المعرب 221. وأما الطابق، فهو معرب "تابه" بالفارسية كما في المصادر السابقة، ومعجم استيجناس.
(4) في الهاشميات ص 93 أبيات من هذا الوزن والروي.
(5) كذا وردت الكلمة في الأصل، وليست في المجمل.
(6) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي؛ وقصيدته في شرح السكري للهذليين 180 ونسخة الشنقيطي 79.
(7) البيت بتمامه فيها:
فلما رآهن بالجلهتين
يكبون في مطحرات الإلال.(3/347)
(طحل) الطاء والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على لونٍ غير صافٍ ولا مُشرقٍ. من ذلك الطُّحْلة، وهو لون الغُبْرة. ويقال رمادٌ أطحل، وشرابٌ أطحل، إذا لم يكن صافياً. والطِّحال معروف، وممكنٌ أن يكون سمِّيَ بذلك لكُدْرَةِ لونه. ويقال طَحِلَ الماء: فسد وتغيَّر.
(طحم) الطاء والحاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّع وتكاثف. من ذلك الطّحمة(1) من النَّاس، وهي الجماعة الكثيفة. وطُحْمة اللَّيل وطَحْمَتهُ، وطُحْمة السَّيل وطَحمته: مُعْظَمه. قال الخليل: طَحْمَة الفتنة: جَوْلَةُ النَّاس عندها. ويقال للرَّجُل الشَّديد العِراك: طُحَمَة. والباب كلُّه واحد.
(طحن) الطاء والحاء والنون أصلٌ صحيحٌ، وهو فتُّ الشيء ورَفْتُهُ(2) بما يدور عليه من فوقِهِ. يقال طَحَنَتِ الرَّحَى طَحْناً. والطّحْن: الدَّقيق. ويقولون: "أسمعُ جَعْجَعَةً ولا أرى طِحْناً". والجعجعة: صوت الرَّحَى. ومن الباب: كتيبةٌ طَحُونٌ: تطحَنُ ما لَقِيَت. ويقال للأضراسِ الطَّواحِن.
طحو
ومن الباب الطُّحَن(3): دويْبَّة تغيِّب نفسَها في ترابٍ قد سوَّتْهُ وأدارته.وَطَحَنتِ الأفعى، إذا تلوَّت(4) مستديرة.
(طحو) الطاء والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على البسط والمدِّ. من ذلك الطَّحْو وهو كالدَّحْو، وهو البَسْط. قال الله تعالى: { وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا(5) } ، أي بَسَطها، وقال تعالى في موضع آخر: { وَالأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحَاهَا(6) } ، ويقال طحا بك هَمُّكَ يطحو، إذا ذَهَبَ بك في الأمر ومدَّ بك فيه. قال علقمة:
__________
(1) الطحمة مثلثة الطاء، ولكن يفهم من صنيعه بعد أنه يعرف فيها لغتين فقط: الضم والفتح، وهما ما نص عليه صاحب اللسان. أما صاحب القاموس فيروي اللغات الثلاث.
(2) الرفت: الدق والكسر. وفي الأصل: "ورقته"، تحريف.
(3) ويقال أيضاً: "الطحنة".
(4) في الأصل: "تولت".
(5) الآية 6 من سورة الشمس.
(6) الآية 30 من سورة النازعات.(3/348)
طحا بك قلبٌ في الحِسانِ طَروبُ
بُعَيدَ الشَّبابِ عَصْرَ حان مشيبُ(1)
والمُدوِّمة الطَّواحِي: النُّسور تستدير حول القَتْلَى. وقال الشَّيْبَاني: طَحَيْت: اضطجَعْت. والطَّاحِي: الجمع الكثير، وسمِّيَ بذلك لأنَّهُ يجرُّ على الشيء، كما يسمَّى جرَّاراً. قال:
* من الأَنَسِ الطاحِيْ عليكَ العَرمْرَمِ(2) *
والله أعلم.
طخف – طخر - طخي – طخم – طرز
(باب الطاء والخاء وما يثلثهما)
(طخف) الطاء والخاء والفاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الشَّيء الرَّقيق. من ذلك الطَّخَاف، وهو الغَيم الرَّقيق. والطَّخْف كالهَمِّ يغشَى القلب.
(طخر) الطاء والخاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خفّةٍ في شيء. من ذلك * الطَّخَارير: المتفرِّقون، يشبَّه بذلك الرَّجُل الخفيف الخَطَّاف.
(طخي) الطاء والخاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ظُلْمة وغِشاء، من ذلك الطَّخْوة والطَّخْية: السَّحابة الرَّقيقة. والطَّخْياء: اللَّيْلة المُظْلمة. ويقال ظلام طاخٍ. ومن الباب: وَجَدَ على قلبه طَخَاء، وهو شبه الكَرْب. ويقال: كَلَّمَني كلمةً طَخْياء، أي أعجَميّة.
(طخم) الطاء والخاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سوادٍ في شيء. من ذلك الطُّخْمَة: سوادٌ في مقدَّمِ الأنفِ. يقال كبشٌ أطْخَمُ، وأسدٌ أطخَم. والله أعلم بالصواب.
(باب الطاء والراء وما يثلثهما)
(طرز) الطاء والراء والزاء كلمةٌ يظنُّ أنَّها فارسيّةٌ معرّبةٌ، وهي في شعر حَسَّان:
بَيضُ الوُجوهِ كريمةٌ أحسابُهُمْ
شمُّ الأنوفِ من الطِّرَازِ الأوّلِ(3)
طرس – طرش – طرط - طرف
ويقولون: طِرْزُه، أي هيئَتُه.
__________
(1) ديوان علقمة 131 والمفضليات (2: 191).
(2) لصخر الغي الهذلي من قصيدة في شرح السكري للهذليين 21 ونسخة الشنقيطي 91. وصدره:
* وخفض عليك القول واعلم بأنني *.
(3) ديوان حسان 310 واللسان (طرز).(3/349)
(طرس) الطاء والراء والسين فيه كلامٌ لعلّه أن يكون صحيحاً. يقولون الطِّرْس: الكتاب الممحُوّ. ويقال: كلُّ صحيفةٍ طِرس. ويقولون: التَّطرُّس: أن لا يَطعَمُ الإنسانُ ولا يشربَ إلاَّ طيّباً.
(طرش) الطاء والراء والشين كلمةٌ معروفةٌ، وهي الطَّرَش، معروف(1). وقال أبو عمرو: تطرَّش(2) النَّاقِهُ من المرض، إذا قام وقعَد.
(طرط) الطاء والراء والطاء كلمةٌ. يقولون الأطرط: الدَّقيق الحاجبين؛ وقد طرِطَ.
(طرف) الطاء والراء والفاء أصلان(3): فالأوَّل يدلُّ على حدِّ الشيء وحَرفهِ، والثاني يدلُّ على حركةٍ في بعض الأعضاء.
فالأوَّل طَرَفُ الشيء والثوب والحائط. ويقال ناقةٌ طَرِفَة: ترعى أطرافَ المرعَى ولا تختلطُ بالنُّوق.
وقولهم: عينٌ مطروفة، من هذا؛ وذلك أن يصيبَها طَرَف شيءٍ ثوبٍ أو غيره فتَغْرَوْرِقَ دمعاً. ويُستعار ذلك حتى يقال: طَرَفَها الحُزْن.
فأمَّا قولُهم: هو كريم الطَّرَفين، فقال قومٌ: يُراد به(4) نَسَب الأب والأمّ. ولا يُدْرَى أيُّ الطَّرَفين أطول، هو من هذا. وجمع الطَّرَف أطراف. قال:
طرف
وكيف بأطرافي إذا ما شَتَمْتَنِي
وما بعدَ شَتْمِ الوالدينِ صُلُوح(5)
ويقال إنَّ الطِّرَاف: ما يُؤخَذ من أطراف الزَّرع(6).
__________
(1) الطرش: الصمم، وقيل أهونه . وقيل هو مولد. يقال في الوصف منه أطرش وأطروش، بضم الهمزة والراء فيهما، كما في اللسان.
(2) هذه الكلمة في القاموس، ولم ترد في اللسان.
(3) في الأصل: "أصول". وليس كذلك.
(4) في الأصل:"فقال قومٌ أراد قوم أراد به".
(5) البيت لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كما في اللسان (طرف). وأنشده في (صلح). بدون نسبة، وكذا في إصلاح المنطق 124. وقد سبق في (صلح)
(6) هذا المعنى لم يذكر في اللسان، وذكر في القاموس. وفي المجمل: "مأخوذ" بدل "يؤخذ".(3/350)
ومن الباب: الطَّوَارِف من الخِباء، وهي ما رفعتَ من جوانبه لتنظُر، فأمَّا قولهم: جاء فلانٌ بطارفةِ عينٍ فهو من الذي ذكرناه في قولهم: طُرِفت العين، إذا أصابَها طَرَف شيءٍ فاغرورَقَتْ. وإذا كان كذا لم تكد تُبْصِر. فكذلك قولهم: بِطارِفةِ عينٍ، أي بشيءٍ تَتَحيَّر له العينُ من كَثْرتهِ.
ومن الباب قولُهم للشيء المستحدَث: طريف؛ وهو خلافُ التَّليد، ومعناه أنَّهُ شيءٌ أُفِيدَ الآنَ في طَرَف زمانٍ قد مضى. يقولون منه اطَّرَفْتُ الشيءَ، إذا استحدثتَه، أطَّرِفه، اطِّرَافاً.
ومن الباب: الرَّجُل الطَّرِف: الذي لا يثبُت على امرأةٍ ولا صاحب. وذلك القياسُ؛ لأنَّه يطلُب الأطراف فالأطراف. والمرأة المطروفة، يقولون إنَّها التي لا تثبُت على رجلٍ واحدٍ، بل تَطّرِف الرِّجال. وهو قولُ الحُطيئة:
* بَغَى الودَّ من مطروفة الوُدِّ طامِحِ(1) *
ومن الباب الطِّرف: الفرس الكريم، كأنَّ صاحبَه قد اطّرَفه. وللمطَّّرَف فضلٌ على التَّليد.
طرق
وأمَّا الأصل الآخر فالطَّرْف، وهو تَحريك الجفون في النَّظَر. هذا هو الأصل ثم يسمُّون العينَ الطَّرْف مجازاً. ولذلك يسمَّى نجمٌ من النُّجُوم الطَّرْفة(2)، كأنَّه فيما أحسب طرْفُ الأسَد. قال جرير:
إنَّ العيونَ التي في طَرْفِهَا مرضٌ
قَتَلْنَنَا ثم لم يُحْيِينَ قتلانا(3)
__________
(1) وكذا إنشاده في المجمل والصحاح. وفي الديوان 63 واللسان (طمح، طرف): "مطروفة العين". وصدره:
* وما كنت مثل الكاهلي وعرسه *.
(2) وكذا في المجمل والقاموس. وفي اللسان (طرف)، والأزمنة والأمكنة: (1: 191، 318): "الطرف" بدون هاء. قال المرزوقي: "وأما الطرف فكوكبان يبتدان الجبهة بين يديها، يقولون: هما عين الأسد".
(3) ديوان جرير 595، والعمدة (1: 135). ويروى: "في طرفها حورٌ"، كما في زهر الآداب (4: 215). والأغاني (7: 37). والبيت من المائة المختارة في الأغاني (7: 35).(3/351)
فأما الطِّرَاف فإنه بيتٌ من أَدَم، وهو شاذٌّ عن الأصلين اللذين ذكرناهما.
(طرق) الطاء والراء والقاف أربعة أصول: أحدها الإتيان مَسَاءً(1)، والثاني الضَّرْب، والثالث جنسٌ من استرخاء الشيء، والرابع خَصْف شيء على شيء.
فالأوَّلُ الطُّرُوق. ويقال إنَّه إتيان المنزلِ ليلاً. قالوا: ورجلٌ طُرَقَةٌ، إذا كان يَسْرِي حتى يطرُقَ أهلَهُ ليلاً. * وذُكِرَ أنَّ ذلك يقال بالنَّهار أيضاً، والأصل اللَّيل. والدَّليل على أنَّ الأصلَ اللَّيل تسميتُهم النَّجم طارقاً؛ لأنَّه يَطلُعُ ليلاً. قالوا: وكلُّ من أتى ليلاً فقد طَرَق. قالت:
* نحنُ بناتُ طارق(2) *
طرق
وهو قول امرأةٍ. تريد: إنَّ أبانا نجمٌ في شرفه وعلوّه(3).
ومن الباب، والله أعلم: الطَّريق، لأنه يُتَوَرَّدُ. ويجوزُ أن يكون من أصلٍ آخَر، وهو الذي ذكرناه من خَصْف الشيء فوق الشيء.
ومن الباب الأوَّل قولهم: أتيتُه طَرْقَتين، أي مَرَّتين(4). ومنه طارِقةُ الرَّجُل، وهو فَخِذه التي هو منها؛ وسمِّيت طارقة لأنها تطرُقه ويطرُقها. قال:
شكوت ذَهابَ طارقتي إليه
وطارِقَتِي بأكناف الدُّرُوبِ(5)
__________
(1) في الأصل: "مكاناً".
(2) الرجز لهند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإيادي كما في اللسان (طرق). وبعده:
لا ننثني لوامق
نمشي على النمارق
المسك في المفارق
والدر في المخانق
إن تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق
فراق غير وامق
(3) وقد يكون أيضاً أنها تعتز بأبيها طارق الإيادي.
(4) في القاموس: "وأتيته طرقين وطرقتين، ويضمان".
(5) لابن أحمر، كما في اللسان (طرق) وكذا جاءت رواية البيت في المجمل، وفي اللسان: "إليها" موضع "إليه".(3/352)
والأصل الثَّاني: الضَّرْب، يقال طَرَقَ يَطْرُقُ طَرْقاً. والشيء مِطْرَق ومِطْرَقة. ومنه الطَّرْق، وهو الضَّرْب بالحصى تكهُّناً، وهو الذي جاء في الحديث النَّهْيُ عنه، وقيل: "الطَّرْق والعيافة والزَّجر من الجِبت(1)". وامرأةٌ طارقةٌ: تفعل ذلك؛ والجمع الطَّوارق. قال:
لعمرك ما تَدْرِي الطَّوَارِقُ بالحصى
ولا زاجراتُ الطيرِ ما الله صانعُ(2)
والطرْق: ضرب الصُّوف بالقضيب، وذلك القضيبُ مِطرَقةٌ. وقد يفعلُ الكاهن ذلك فيطرُق، أي يخلط القُطْنَ بالصُّوفِ إذا تكهَّنَ. ويجعلون هذا مثلاً فيقولون: "طَرَقَ وماشَ". قال:
طرق
عاذلَ قد أولِعتِ بالتّرْقيشِ
إليَّ سِرّاً فاطرُقي ومِيشِي(3)
ويقال: طرَقَ الفحلُ الناقةَ طَرقاً، إذا ضربها. وطَروقةَ الفَحل: أنثاه. واستطرقَ فلانٌ فلاناً فَحَلَه، إذا طَلَبَه منه ليضربَ في إبله، فأطْرَقَه إِيّاه، ويقال: هذا النَّبْل طَرْقَةُ رجلٍ واحد، أي صِيغة رجلٍ واحد(4).
والأصل الثالث: استرِخاء الشيء. من ذلك الطَّرَق، وهو لِينٌ في ريش الطائر. قال الشاعر:
.....................
..................(5)
ومنه أطْرَق فلانٌ في نَظَره. والمُطْرِق: المسترخِي العَين. قال:
وما كنتُ أخشَى أن تكون وفاتُه
__________
(1) في اللسان: "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: الطرق والعيافة من الجبت".
(2) البيت للبيد في ملحقات ديوانه 55 طبع 1881 واللسان (طرق) وبعده في الديوان:
سلوهن إن كذبتموني متى الفتى
يذوقُ المنايا أو متى الغيث واقعُ
(3) لرؤبة بن العجاج، في ديوانه 77 واللسان (رقش، طرق، ميش). وسبق في (رقش).
(4) يقال سهام صيغة، أي صنعة رجل واحد. في المجمل: "صنعة رجل واحد"، وفي القاموس: "وهذا طرقة رجل، أي صنعته".
(5) بياض في الأصل: وشاهده في اللسان:
سكاء مخطومة وريشها طرق
سود قوادمها صهب خوافيها
... وانظر الحيوان (5: 579) والأغاني (7: 151).(3/353)
بكفَّيْ سَبَنْتَى أزرقِ العَينِ مُطْرِقِ(1)
وقال في الإطراق:
فأطرَقَ إطراقَ الشُّجاعِ ولو يَرَى
مَساغاً لِناباه الشجَاعُ لصَمَّما(2)
طرق
ومن الباب الطِّرِّيقة، وهو اللِّين والانقياد. يقولون في المثل: "إنّ تحت طِرِّيقَته لَعِنْدَأْوَةً". أي إنّ في لِينه بعضَ العُسر أحياناً. فأمَّا الطَّرَق فقال قوم: هذا اعوجاجٌ في الساق من غير فَحَج. وقال قوم: الطّرَق: ضَعف في الرُّكبتين. وهذا القول أَقْيَسُ وأشبه لسائر ما ذكرناهُ من اللِّينِ والاسترخاء.
__________
(1) لمزرد بن ضرار أخي الشماخ، يرثي عمر بن الخطاب، كما في اللسان (طرق، سبت). وجعله أبو تمام في الحماسة (1: 454) في مقطوعة للشماخ، وليست في ديوانه. على أنَّه روي من شعر منسوب للجن. زهر الآداب (4: 107). وقال أبو محمد الأعرابي إنه لجزء أخي الشماخ، وهو الصحيح. حواشي اللسان (سبت). وقد سبق البيت في ص 162، من هذا الجزء.
(2) البيت للمتلمس في ديوانه 2 مخطوطة الشنقيطي والحيوان (4: 263)، وحماسة البحتري 15 ولباب الآداب 393 وأمثال الميداني (1: 395). وبالبيت يستشهد النحويون على إلزام المثنى الألف في أحوال الإعراب الثلاث عند بعض القبائل. انظر الخزانة (3: 337). وقد أخذه عمرو بن شأس فقال: (انظر معجم المرزباني 213):
فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى
مساغاً لنابيه الشجاع لقد أزم(3/354)
والأصل الرابع: خَصْفُ شيء على شيء. يقال: نعلٌ مُطارَقة، أي مخصوفة. وخُفّ مُطارَق، إذا كان قد ظُوهِر له نعلان. وكلُّ خَصْفةٍ طِراق. وتُرسٌ مُطرَّق، إذا طورِق بجلدٍ على قَدْره. ومن هذا الباب الطِّرْق، وهو الشحم والقُوّة، وسمِّي بذلك لأنّه شيءٌ كأنّه خُصِف به. يقولون: ما به طِرْق، أي ما به قُوّة. قال أبو محمد عبد الله بن مسلم: أصل الطِّرْق الشّحم؛ لأنّ القوّة أكثر ما تكون [عنه(1)]. ومن هذا الباب الطَّرَق: مَناقع المياه؛ وإِنَّما سمِّيت بذلك تشبيهاً بالشيء يتراكبُ بعضهُ على بعض. كذلك الماء إذا دام تراكب. قال رؤبة:
* للعِدِّ إذْ أخْلفَه ماءُ الطَّرَقْ(2) *
ومن الباب، وقد ذكرناه أوَّلاً وليس ببعيد أن يكون من هذا القياس: الطَّريق؛ وذلك أنَّه شيءٌ يعلو الأرضَ، فكأنَّها قد طُورِقَتْ به وخُصِفت به. ويقولون: تطارَقَت الإِبلُ، إذا جاءت يتبع بعضُها بعضاً. وكذلك الطَّرِيق، وهو النَّخْل الذي على صفٍّ واحد، وهذا تشبيهٌ، كأنَّه شُبِّه بالطَّرِيق في تتابُعه وعلوّه الأرض. قال الأعشى:
طرم
ومِنْ كلِّ أحوَى كجِذْعِ الطَّريقِ
يزينُ الفِناءَ إذا ما صَفَنْ(3)
__________
(1) التكملة من اللسان (طرق 92).
(2) وكذا إنشاده في المجمل واللسان. والوجه: "إذ أخلفها"، كما في الديوان، 104. وقبله:
* قواربا من واحف بعد العبق *.
(3) ديوان الأعشى 17 ورواية البيت وسابقه في الديوان:
هو الواهب المائة المصطفا
ة كالنخل زينها بالرجن
وكل كميت كجذع الخضاب
يزين الغناء إذا ما صَقن(3/355)
ومنه [ريشٌ(1)] طِراق، إذا كان تطارق بعضه فوقَ بعض، وخرج القومُ مَطارِيقَ، إذا جاؤوا مُشاةً لا دوابَّ لهم، فكأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يَخْصِف بأثر قدَميه أثَر الذي تقدَّم. ويقال: جاءت الإِبلُ على طَرْقَة واحدة، وعلى خُفٍّ واحد؛ وهو الذي ذكرناه من أنَّها *تَخصف بآثارها آثارَ غيرها. واختضَبت المرأةُ طَرْقَتينِ، إذا أعادت الخِضاب، كأنَّها تَخصِف بالثَّاني الأوَّل. ثم يشتقُّ من الطَّريق فيقولون: طَرَّقت المرأةُ عند الوِلادة، كأنَّها جَعلتْ للمولودِ طريقاً. ويقال ـ وهو ذلك الأوَّل ـ لا يقال طَرَّقت إلاَّ إذا خرج من الولد نصفُه ثمَّ احتبَس بعضَ الاحتباسِ ثمَّ خرج. تقول(2): طرّقت ثم خلَصت.
وممّا يُشْبِه هذا قولُهم طَرَّقت القطاة، إذا عَسُر عليها بيضُها ففحصت الأرضَ بجُؤجُئِها.
(طرم) الطاء والراء والميم أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على تراكُمِ شيءٍ. يقولون: الطُّرَامة(3): الخُضْرَة على الأسنان. ويقولون: الطِّرْم(4): العَسَل. والطِّرْيَم: السَّحاب الغليظ.
طري - طرب
(طري) الطاء والراء والحرف المعتلُّ أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على غضاضةٍ وجِدّة. فالطَّرِيّ: الشيء الغَضّ؛ ومصدره الطَّرَاوة والطَّراءة، ومنه أَطْرَيْتُ فلاناً، وذلك إذا مدحتَهُ بأحسنِ ما فيهِ.
فإذا هُمِزَ قيل طرَأَ فلانٌ، إذا طلع. وأحسَِب هذا من باب الإبدال، وإنّما الأصل دَرَأ وقد ذُكِر.
(طرب) الطاء والراء والباء أُصَيْلٌ صحيحٌ. يقولون: إنَّ الطّرَب خِفّة تُصيب الرَّجُلَ من شدةِ سرور أو غيره. ويُنشدون:
وقالوا قد طرِبْتَ فقلتُ كلاَّ
وهل يبكي من الطَّرَبِ الجليدُ
وقال نابغة بني جعدة:
وأُراني طَرِبَاً في إِثْرِهمْ
__________
(1) التكملة من اللسان (طرق 88).
(2) في الأصل: "يقول".
(3) في الأصل: "الطّرامية"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) يقال بكسر الطاء وفتحها، ويقال طويم أيضاً كدرهم. وفي الأصل: "الطّرام"، صوابه في المجمل واللسان.(3/356)
طرَبَ الوالهِ أو كالمُخْتَبَلْ(1)
قالوا: وطرَّب في صوته، إذا مدَّه. وهو من الأوَّل. والكريم طَروبٌ. ومما شذَّ عن هذا الباب المَطَارِب؛ وهي طرقٌ ضيِّقة متفرِّقةٌ. وأراها(2) من باب الإبدال، كأنها مدارب، مشتقة من الدَّرْب.
وأمَّا قولهم في الطُّرْطُبّ، إنَّه الثَّدي المسترخِي، وكذلك الطَّرْطَبَة: صوت الحالب بالمِعزى، فكلُّه وما أشبهه كلام.
طرث – طرح - طرد
(طرث) الطاء والراء والثاء كلمةٌ صحيحةٌ، وهي الطََُّرثُوث(3)، وهي نبْت.
(طرح) الطاء والراء والحاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على نَبْذ الشَّيءِ وإِلقائِهِ. يقال طَرَحَ الشَّيْءَ يطرحُه طرحا. ومن ذلك الطَّرَح، وهو المكان البعيد(4). وطَرَحتِ النَّوَى بفلانٍ كلَّ مَطرَحٍ، إذا نأتْ به ورمت به. قال:
أَلِمَّا بميٍّ قبل أن تطرَحَ النَّوى
بنا مَطْرَحاً أو قبل بينٍ يُزِيلُها
ويقال فحل مِطْرَحٌ؛ بعيدُ موقع الماءِ في الرَّحِم. ومن الباب: نخلةٌ طروحٌ: طويلة العَراجين. وسَنامٌ إطريحٌ: طويلٌ. وقوسٌ طَروح: شديدة الحفْزِ للسَّهم. والقياس في كلِّه واحد.
__________
(1) أنشده في اللسان (خبل) بدون نسبة. وقبله في (طرب):
سألتني أمتي عن جارتي
وإذا ما عيّ ذو اللب سأل
سألتني عن أناس هلكوا
شرب الدهر عليهم وأكل
(2) في الأصل: "وأرى".
(3) شاهده ما أنشده في إصلاح المنطق 45 واللسان (طرث):
أرض عن الخير والسلطان نائية
والأطيبان بها الطرثوث والصرب
(4) شاهده قول الأعشى في ديوانه 161 واللسان (طرح):
يبتني المجد ويحتاز النهى
وترى ناره من ناء طرح
وفي اللسان:
تبتني الحمد وتسمو للعلا
ونرى نارك من ناء طرح(3/357)
(طرد) الطاء والراء والدال أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على إبعاد. يقال طردْتهُ طرداً. وأَطْرَدَه السُّلطانُ وطَرَّدَه، إذا أخرجه عن بلده. والطَّرْد: معالجة أخْذ الصّيد. والطرِيدة: الصَّيْد. ومُطارَدَة الأقرانِ: حملُ بعضِهم على بعض؛ وقيل ذلك لأنَّ هذا يَطْرُد ذاك. والمِطْرَد: رمح صغير. ويقال لمحَجّة الطَّريق مَطْرَدَة(1). ويقال: اطَّرد الشَّيء اطراداً، إذا تابَعَ بعضُه بعضاً، وإِنما قيل ذلك تشبيهاً، كأنَّ الأوَّل يطرُدُ الثَّاني. ومنه قولُه:
طست
أتعرِف رسماً كاطِّراد المذاهبِ
لعمرةَ وحشَّا غيرَ موقفِ راكبِ(2)
ومُطَّرَدُ النَّسيم: الأنْف. أنشدَنا علي بن إبراهيم القَطَّان، عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابيّ:
وكأنَّ مُطّرَدَ النَّسيم إذا جَرَى
بعد [الكلالِ خليَّتَا زُنبورِ(3)
واطرَدَ] الأمر: استقام. وكلُّ شيءٍ امتدَّ فهذا قياسُهُ. يقال طرِّدْ سَوْطَكَ: مدِّدْه. والطَّرِيد: الذي يُولَد بعد أخيه، فالثَّاني طريدُ الأوَّل. وهذا تشبيه، كأنَّه طرَدَه وتَبِعه(4)، وطريدٌ بمعنى طارِد.
(باب الطاء والزاء وما يثلثهما)
هذا بابٌ يضيقُ الكلام فيه، على أنهم يقولون الطَّزِع؛ الرَّجُل لا غَيْرة له. والله أعلم.
(باب الطاء والسين وما يثلثهما)
(طست) الطاء والسين والتاء ليس بشيء، إلاَّ الطَّسْت، وهي معروفة.
__________
(1) ذكرت في القاموس، بفتح الميم وكسرها، ولم تذكر في اللسان. وقد ضبطت في المجمل بفتح الميم كما أثبت.
(2) لقيس بن الخطيم في ديوانه 10 واللسان (طرب) . وقصيدة البيت في جمهرة أشعار العرب 123 ـ 125 في القصائد المذهبات.
(3) التكملة إلى هنا من المجمل واللسان (طرد). وبقية التكملة من اللسان (طرد 257). وقد ضبط "مطرد" في اللسان بكسر الراء، وهو خطأ، وإنما هو مكان اطراد النسيم، وهو الأنف. والضمير في "جرى" للفرس.
(4) في الأصل: "كأنه طرده ربيعه".(3/358)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله طاء)
(طسأ) الطاء والسين والهمزة كلمةٌ واحدةٌ. يقولون: طَسِئَتْ نفسي فهي طَسِئة.
(طسل) الطاء *والسين واللام فيه كلمات، ولعلَّها أن تكون صحيحة غير أنَّها لا قِياس لها. يقولون: الطَّسْل: اضطراب السَّراب. والطَّيْسَل: الكثير، يقال ماءٌ طَيْسَل. ويقولون: الطَّيْسَل: الغُبار.
(طسم) الطاء والسين والميم كلمةٌ واحدةٌ. يقال: طَسَمَ، مثل طَمَسَ. وطََسْم: قبيلةٌ من عاد.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله طاء)
من ذلك (الطَّلَنْفح)، وهو السَّمِين. وهذا إنِّما هو تهويلٌ وتقبيحٌ، والزائد فيه اللام والنون، وهو من طفح، إذا امتلأَ. ومنه السَّكران الطَّافح، وقد مرَّ.
ومن ذلك (الطُّحْلب)(1)، معروف. والباء فيه زائدة، وإنّما هو من طَحَل، وهو من اللَّون. وقد ذكرناه.
ومن ذلك (طَحْمَر)، إذا وَثَب، والحاء زائدة، وإِنَّما هو طمر.
ومن ذلك (طَرْمَحَ) البناء: أطاله. ومنه اسم الطِّرِمّاح. والأصل فيه الطَّرَح، وهو البعيدُ والطَّوِيل، وقد فسرناه.
ومن ذلك (طَرْفََشَتْ) عينُه: أظلَمَتْ. والشّين زائدة، وأصله من طُرِفَت: أصابها طَرَفُ شيءٍ فاغرورقَتْ، وعند ذلك تُظْلِمُ، وقد مرَّ.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله طاء)
ومن ذلك (الطلخف(2)): الشديد. واللام زائدة، وهو الطَّخَف، وهو الشِّدَّة(3).
ومن ذلك (الطُّلْخُوم)، وهو الماء الآجِن(4). والميم زائدة، وإنما هو من الطّلْخ، وقد ذكرناه.
ومن ذلك الشَّباب (المُطْرَهِمّ(5)
__________
(1) بضم الطاء مع ضم اللام وفتحها، ويقال أيضاً، كزبرج، وهو الخضرة تعلو الماء المزمن.
(2) يقال بكسر الطاء مع فتح اللام خفيفة أو مشددة، ويقال بفتح الطاء واللام أيضاً.
(3) لم يذكر ابن فارس ولا غيره من أصحاب المعجمات هذا المعنى في مادة (طخف).
(4) والطلخوم أيضاً، العظيم الخلق.
(5) قال ابن أحمر:
أرجى شباباً مطرهما وصحة
وكيف رجاء المرء ما ليس لاقيا(3/359)
). وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله مُطَهَّمٌ، وقد مضى.
ومن ذلك قولهم: ما في السماء (طَحْرَبة(1))، أي سحابة، والباء زائدة، كأنَّه شيءٌ يَطْحَر المطرَ طَحْراً ، أي يدفعُه ويرمِي به.
ومن ذلك الرَّغِيف (الطَّملَّس): الجافّ، وهي منحوتةٌ من كلمتين: طَلَسَ وطَمَسَ، وكلاهما يدلُّ على ملاسةٍ في الشيء.
***
ومما وُضِعَ ولا يكاد يكون له قياس: (الطَّفَنَّش): الواسع صُدورِ القَدَمين.
و(طَرسَم) الرَّجُّل: أطرق.
و(الطِّرْفِسَانُ): الرَّملة العظيمة.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله طاء)
(والطّثْرَج) فيما يقال: النَّمْل(2). قال:
* أَثْرٌ كآثارِ فِراخ الطَّثْرَجِ(3) *
و(طَلْسَم) الرَّجُلُ: كرَّه وجهَه.
ويقولون: (الطِّلْخام): الفِيل(4).
و(اطْرَخَمَّ): تَعَظَّمَ.
ويقولون: (الطُّمْرُوس): الكذَّاب. و(الطُّرْمُوس) خُبز المَلَّة؛ و(الطِّرْمِساء): الظلمة. ويجوز أن تكون هذه الكلمة مما زيدت فيه الرَّاء، كأنَّها من طَمَس.
ويقولون: (طَرْبَلَ) الرَّجُل، إذا مدَّ ذُيولَه.
وكلُّ الذي ذكرناه مما لا قياس له، وكأنَّ النّفس شاكّة في صحّته(5)، وإن كنّا سمعناه. والله أعلم بالصواب.
ــــــ
(تم كتاب الطاء)
ظل
كتاب الظاء
(باب الظاء وما معها في المضاعف والمطابق(6))
__________
(1) يقال بفتح الطاء والراء، وكسرهما وضمهما.
(2) في الأصل: "فيما يقال له الرمل"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) لمنظور بن مرثد الأسدي، وكلمة "فراخ"، من المجمل واللسان. وقبله في اللسان:
* والبيض في متونها كالمدرج *.
(4) قيده في اللسان بأنه الفيل الأنثى، وكذا في القاموس.
(5) في الأصل: "وكأن النفس شاكلة في صحته".
(6) بدله في الأصل: "باب الظاء واللام وما يثلثهما"، وهي عبارة ناسخ غافل، أثبت مألوف عبارته في مثل هذا.(3/360)
(ظل) الظاء واللام أصلٌ واحد، يدلُّ على ستر شيءٍ لشيءٍ، وهو الذي يُسمَّى الظّلّ. و[كلمات] البابِ عائدةٌ إليهِ. فالظِّل: ظِلّ الإنسان وغيرِه، ويكونُ بالغداةِ والعَشيّ، والفيءُ لا يكون إلا بالعشيّ. وتقول: أَظلَّتْني الشَّجرة. وظِلٌّ ظليل: [دائمٌ(1)]. واللَّيل ظِلٌّ(2). قال:
قد أَعْسِفُ النّازحَ المجهولَ مَعْسِفُه
في ظل أخضَرَ يدعو هامَهُ البومُ(3)
يريدُ في سترِ ليلٍ أخضر. وأظَلَّكَ فلانٌ، كأنَّه وقاكَ بِظلِّه، وهو عزُّه ومَنَعَتُهُ. والمِظَلَّةُ معروفة. وأَظَلَّ يومُنا: دامَ ظِلُّه، ويقال إنَّ الظُّلَّة: أوّلَ سحابةٍ تُظِلّ. والظُّلَّة: كهيئةِ الصُّفَّةِ. قال الله تعالى: { وإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } [الأعراف 170].
ومن الباب قولهم: ظلَّ يفعل كذا، وذلك إذا فعله نهاراً. وإنما قلنا إنّه من الباب لأنَّ ذلك شيءٌ يخصّ به النهار، وذلك أن الشيء يكون له ظلٌّ نهاراً، ولا يقال ظلَّ يفعلُ كذا ليلاً؛ لأنّ الليلَ نفسه ظِلّ.
ظن
ومن الباب، وقِياسُهُ صحيح: الأَظَلّ، وهو باطنُ خُفِّ البعيرِ. ويجوز أن يكون كذا لأنَّه يستُر ما تحتَه، أو لأنَّه مُغَطَّى بما فوقه. قال:
* في نَكِيبٍ مَعِرٍ دامِي الأَظَلّ(4) * .
فأمَّا قول الآخر(5):
* تشكو الوَجَى من أَظْلَلٍ* وَأَظلَلِ *
فهو الأظلّ، لكنه أظهر التَّضْعِيفَ ضرورة.
(ظن) الظاء والنون أُصَيْل صحيحٌ يدلُّ على معنينِ مختلفين: يقين وشكّ.
__________
(1) في المجمل: " والظل الظليل: الدائم" وبه استأنست في إثبات هذه الكلمة.
(2) في الأصل: "والظل ظل"، صوابه في المجمل. وفي اللسان: "وسواد الليل كله ظل" وانظر ما سيأتي في س 13.
(3) لذي الرمة، كما سبق في حواشي (يوم).
(4) للبيد في ديوانه 11 وصوابه روايته: "بنكيب" كما في اللسان والديوان. وصدره:
* وتصك المرو لما هجرت *.
(5) هو العجاج. ديوانه 47 واللسان (ظلل).(3/361)
فأمَّا اليقين فقولُ القائل: ظننت ظناً، أي أيقنتُ. قال الله تعالى: { قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أنَّهُمْ مُلاَقُو اللهِ } [البقرة 249] أرادَ، والله أعلم، يوقِنون. والعربُ تقول(1) ذلك وتعرفه. قال شاعرهم(2):
فقلت لهم ظُنُّوا بأَلَْفَيْ مُدَجَّجٍ
سراتُهم في الفارسيِّ المُسَرَّدِ(3)
أراد: أيقِنُوا. وهو في القرآن كثير.
ومن هذا الباب مَظِنَّة الشيء، وهو مَعْلَمه ومكانُه. ويقولون: هو مَظِنَّةٌ
ظب
لكذا. قال النَّابغة:
* فإنَّ مَظِنَّة الجهلِ الشَّبابُ(4) *
والأصل الآخر: الشَّك، يقال ظننتُ الشيءَ، إذا لم تتيقّنْه، ومن ذلك الظِّنَّة: التُّهْمَةَ. والظَّنِين: المُتّهم. ويقال اظَّنَّنِي(5) فلانٌ. قال الشاعر:
ولا كُلُّ من يَظَّنُّنِي أنا مُعْتِبٌ
ولا كُلُّ ما يُرْوَى عليَّ أَقُول(6)
__________
(1) في الأصل: "يقولون".
(2) هو دريد بن الصمة. الأصمعيات 32 ليبسك واللسان (ظنن).
(3) البيت وما قبله، كما في الأصمعيات:
وقلت لعارض وأصحاب عارض
ورهط بني السوداء والقوم شهدى
علانية: ظنوا بألفي مدجج
سراتهم في الفارسي المسرد
... وهما كما في الحماسة: (1/ 336):
نصحت لعارض وأصحاب عارض
ورهط بني السوداء والقوم شهدى
فقلت لهم ظنوا بألفي مدجج
سراتهم في الفارسي المسرد
(4) البيت أول بيت في مقطوعة له بالديوان 14. وكذا أنشده في اللسان (ظنن). وصدره:
* فإن يك عامر قد قال جهلا *
(5) اظن، بوزن افتعل، أصلها اظتن، قلبت التاء ظاء معجمة ثم أدغمت في نظيرتها. ومثله "اظلم" في قول القائل:
هو الجواد الذي يعطيك نائله
عفواً ويظلم أحياناً، فيظلم
(6) أنشده في اللسان (ظنن) والمخصص (12: 319). وفي المجمل: "ولا كل من يروى".(3/362)
وربَّما جُعلت طاء، لأنَّ الظَّاء أُدغمت في تاء الافتعال. والظَّنُون: السَّيِّئُ الظنّ. والتَّظَنِّي: إِعمال الظَّنّ. وأصل التظَنِّي التظنُّن. ويقولون: سُؤت به ظنَّاً وأسأْت به الظّنّ، يدخلون الألف إذا جاؤوا بالألف واللام. والظَّنُون: البِئر لا يُدرَى أَفيها ماءٌ أمْ لا. قال:
ما جُعِلَ الجُدُّ الظُّنُونُ الذي
جُنِّبَ صَوبَ اللّجِبِ الماطرِ (1)
والدَّيْن الظَّنُون: الذي لا يُدرى أيقضى أم لا. والباب كلُّه واحد.
([ظب) الظاء والباء] ما يصحُّ منه إلاَّ كلمةٌ واحدةٌ، يقال ما به ظَبْظَابٌ، أي مابه قَلَبَة، قال ابن السكِّيت: ما به ظبظابٌ(2)، أي ما به عيبٌ ولا وَجع. قال الراجز:
ظر
* بُنَيَّتي ليس بها ظبظابُ(3) *
ويقولون: الظَّباظِب: صليل أجواف الإِبل(4) من العطش؛ وليس بشيءٍ؛ وقيل: هو تصحيف، وهو بالطّاء. فأمَّا الذي في الكتاب الذي للخليل: أنَّ الظَّابَّ السِّلْف(5) فأراه غلط على الخليل. لأنَّ الذي سمعناه الظَّأْب، بالتخفيف، وقد ذُكر في بابه.
(ظر) الظاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على حَجَرٍ محدَّد الطَّرَف. يقولون: إنَّ الظُّرَر: حجرٌ محدَّد صُلب، والجمع ظِرَّانٌ(6). قال:
بِجَسْرَةٍ تَنْجُل الظِّرَّانَ ناجيةٍ
إذا توقَّدَ في الدّيمومةِ الظُرَرُ(7)
__________
(1) البيت للأعشى، كما سبق في (جد 407).
(2) في إصلاح المنطق 426: "مابه وذية ولا ظبظاب".
(3) إصلاح المنطق 426 واللسان (ظبب).
(4) في المجمل فقط: "أجواف البقر".
(5) السلف، بالكسر: واحد السلفين، وهما زوجا الأختين، وفي الأصل: "السليف"، محرف.
(6) نظيره في الجموع: جرذ وجرذان، وصرد وصردان.
(7) البيت للبيد في ديوانه 38 طبع 1880 واللسان (ظرر، نجل).(3/363)
وأظرَّ الرَّجُل: مَشَى على الظرَار. ويقولون: "أَظِرِّيَ إِنَّك ناعلة". يقولون: امْشِي على الظُّرَر، فإنَّ عليك نَعلين، يُضرَب مثلاً لمن يُكلَّف عملاً يقوَى عليه. ويقال المَظَرّةُ: الحجر يُقدح به، ويقال بل هو حجرٌ يُقطع به شيءٌ يكون في حياة النّاقةِ كالثُؤلول. ويقال أرضٌ مَظَرَّةٌ: كثيرة الظُّرَر.
ومما شذَّ عن هذا الباب قولهم: اظْرَوْرَى(1)، أي انتفخ. والله أعلم.
ظعن - ظفر
(باب الظاء والعين وما يثلثهما)
(ظعن) الظاء والعين والنون أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على الشُّخوص من مكانٍ إلى مكان. تقول: ظَعَنَ يظعَن ظَعْناً وظَعَنَاً، إذا شَخَصَ. قال الله سبحانه: { وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ(2) } . والظَّعينة، ممَّا يقال فيه(3) فقال قوم: هي المرأة، وقال آخرُونَ: الظَّعائِنُ الهوادِجُ، كان فيها نساءٌ أو لم يكن. وهذا أصحُّ القولين؛ لأنَّه من أدوات الرَّحِيل. والظَّعُون: البعير الذي يُعَدُّ للظَّعْن. ومن الباب الظِّعَان، وهو الحبل الذي يُشَدُّ به القَتَبُ على البعيرِ، وسمِّيَ بذلك ظِعَاناً(4)لأنه أحدُ أدواتِ السَّير والظّعن. قال:
له عُنقٌ تُلوِي بما وُصِلَت به
وَدفَّانِ يشتفّان كلَّ ظِعَانِ(5)
(باب الظاء والفاء وما يثلثهما)
__________
(1) حق هذه الكلمة أن تكون في (ظرا) المعتل، كما صنع اللسان والقاموس، ومثله "اقلولى" في (قلو)، و"اعرورى"، في (عري)، و"احلولى"، في (حلو).
(2) الآية 80 من سورة النحل، قرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وخلف، بإسكان العين، والباقون بفتحها، إتحاف فضلاء البشر 285.
(3) في الأصل: "والظعنة امرأة يقال فيه".
(4) في الأصل: "وسمي بذلك قاما".
(5) البيت لكعب بن زهير في اللسان (شفف). وهو بدون نسبة في (ظعن). وقد سبق في (دف، شف).(3/364)
(ظفر) الظاء والفاء والراء أصلان صحيحان، يدلُّ أحدُهما على
القَهر والفَوز والغَلَبة، والآخر على قُوَّةٍ في الشيءِ. ولعلَّ الأصلين يتقاربان في القياس.
ظفر
فالأوّل الظَّفَر، وهو الفَلْج والفَوْز بالشَّيء. يقال ظَفِرَ يظفَرُ ظَفَراً. والله تعالى أَظْفَرَه. وقال تعالى: { مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } [الفتح 24]. ورجل مُظَفَّر.
والأصل الآخَر الظُّفْرُ ظُفْرُ الإنسان(1). ويقال ظَفَّرَ في الشَّيء، إذا جعل ظُفْره *فيه. ورجلٌ أظفَرُ، أي طويل الأظفار، كما يقال أَشْعَر أي طويل الشَّعر. ويقال للمَهِين: هو كَليل الظُّفر. وهذا مَثلٌ. قال طَرفة:
لا كليلٌ دالفٌ من هَرَمٍ
أَرْهَبُ اللّيلَ وَلا كَلُّ الظّفُرْ (2)
ويقال ظَفَّرَ النَّبتُ تظفيراً، إذا طَلَعَ. وذاك أن يَطْلُع منه كالأظفار بقوّة. وأمّا قولهم في الجُلَيدة تغشى العَين ظَفَرة، فذلك على طريق التَّشبيهِ. ويقال ظُفِرت العينُ، إذا كان بها ظفَرة. قال أبو عُبيدٍ: وهي التي يقال لها ظُفْر.
ومن الباب ظُفْر القَوس، وهما الجزءان اللذان يكون فيهما الوَتَر في طرفَيْ سِيَتَي القَوس. وربَّما قالوا الظَّفَرة: ما اطمأنَّ من الأرض وأنبَت(3). وهذا أيضاً تشبيه. والأظفار: كواكِبُ صغار(4)، وهي على جهة الاستعارة. فأمَّا ظَفَارِ، وهي مدينةٌ باليمن، فممكن [أن تكون] من بعض ما ذكرناه، والنسبة إليها ظَفَارِيٌّ. والله أعلم.
ظلع - ظلف
(باب الظاء واللام وما يثلثهما)
__________
(1) يقال بضمة وبضمتين، وبالكسر أيضاً، وقرئ به شاذاً.
(2) ديوان طرفة 66 واللسان (ظفر).
(3) في الأصل: "متن من الأرض نبت"، صوابه من المجمل واللسان.
(4) يقال لها "أظفار الذئب". كما في الأزمنة والأمكنة (3: 374). وفي الأصل: "الصغار"، صوابه في المجمل واللسان.(3/365)
(ظلع) الظاء واللام والعين أُصَيْلٌ يدلُّ على مَيْل في مَشي(1). يقال: دابَّةٌ بِهِ ظَلْعٌ، إذا كانَ يَغمِز فيميل(2). ويقولون: هو ظالع، أي مائلٌ عن الطَّريقِ القويم. قال النابغة:
أتُوعِدُ عبداً لم يخُنْكَ أمانةً
وتَتْرُكَ عبداً ظالماً وهو ظالعُ (3)
(ظلف) الظاء واللام والفاء أصل صحيحٌ يدلُّ على أدنى قوّةٍ وشِدّة. من ذلك ظِلْف البَقرة وغيرِها. ورُبَّما استُعير للفرسِ. قال:
* وَخَيلٍ تَطَأْكُمْ بأظلافها(4) *
وإذا رميتَ الصَّيْدَ فأصبتَ ظِلفه قلت: قد ظَلَفْتُهُ، وهو مظلوف. والظّلف(5) والظَّليف: كلُّ مكانٍ خَشِن. وقال الأمويّ: أرضٌ ظَلِفَةٌ: غليظة لا يُرَى أثرُ مَنْ مشَى فيها، بيِّنة الظَّلَف. ومنه أُخذ الظَّلَف في المعيشةِ.
وقول الناس: هو ظَلِفٌ عن كذا، يراد التشدُّد في الورع والكَفُّ، وهو من هذا القياس.
ظلم
وأمَّا حِنْو القَتَب فسمِّيَ ظَلِفة لقُوَّتِه وشدَّته. ويقال أخذ الجزورَ بظَلَفها وظَلِيفتها، أي كلّها.
(ظلم) الظاء واللام والميم أصلانِ صحيحانِ، أحدهما خلافُ الضِّياء والنور، والآخَر وَضْع الشَّيءِ غيرَ موضعه تعدِّياً.
__________
(1) في الأصل: "يدل على شيء".
(2) في الأصل: "فميل".
(3) ديوان النابغة 55 والمجمل واللسان (ظلع).
(4) أنشد هذا الشطر في المجمل واللسان (ظلف). وفي كل منهما قبل الإنشاد: "واستعاره عمرو بن معد يكرب للأفراس فقال".
(5) ضبط في المجمل بالكسر، وفي اللسان والقاموس بفتح الظاء وكسر اللام.(3/366)
فالأوَّل الظُّلْمة، والجمع ظلمات. والظَّلام: اسم الظلمة؛ وقد أظْلَمَ المكان إظلاماً. ومن هذا الباب ما حكاه الخليل من قولهم: لقيته أوَّلَ ذِي ظُلْمة(1). قال: وهو أوَّلُ شيءٍ سَدَّ(2) بصرَك في الرُّؤْية، لا يشتقُّ منه فِعل. ومن هذا قولهم: لَقيته أدنى ظَلَمٍ (3)، للقريب. ويقولونه بألفاظٍ أُخَرَ مركبةٍ من الظاء واللام والميم، وأصل ذلك الظُّلمة، كأنَّهم يجعلون الشَّخْصَ ظُلْمَةً في التشبيهِ، وذلك كتسميتهم الشَّخصَ سواداً. فعلى هذا يُحمل الباب، وهو من غريب ما يُحمل عليه كلامُهم.
والأصل الآخَر ظلَمَه يظلِمُه ظُلْماً. والأصل وضعُ الشَّيْءِ [في] غير موضعه؛ ألا تَراهم يقولون: "مَنْ أشْبَهَ [أباه] فما ظَلَمَ"، أي ما وضع الشَّبَه غيرَ موضعه. قال كعب:
أنا ابنُ الذي لم يُخْزِني في حياته
قديماً ومَنْ يشبهْ أباهُ فما ظلمْ(4)
ظلم
ويقال ظَلَّمت فلاناً: نسبتُه إلى الظُّلم. وظَلَمْتُ فلاناً فاظَّلَم وانظلم(5)، إذا احتملَ الظُّلْم. وأُنشد بيت زُهَير:
هو الجوادُ الذي يُعطيك نائلَهُ
عَفْواً ويُظْلَمُ أحياناً فَيَظَّلِمُ(6)
بالظاء والطاء. والأرض المظلومة: التي لم تُحفَر قطُّ ثمَّ حفرت؛ وذلك التُّرابُ ظَليم. قال:
فأصبح في غَبْراءَ بعد إِشاحةٍ
على العيشِ مردودٍ عليها ظليمُها(7)
__________
(1) ويقال أيضاً: "أدنى ذي ظلم"، بالتحريك أيضاً.
(2) في الأصل: "مد"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "القريب".
(4) سبق إنشاده في (شبي). والذي في ديوان كعب 65 طبع دار الكتب:
أنا ابن الذي لم يخزني في حياته
ولم أخزهِ حتى تغيب في الرجم
أقول شبيهات بما قال عالماً
بهن ومن يشبه أباه فما ظلم
(5) في الأصل: "وأظلم". صوابه في اللسان.
(6) ديوان زهير 152 واللسان (ظلم).
(7) يعني حفرة القبر يرد عليها ترابها بعد الدفن. والبيت في اللسان (ظلم).(3/367)
وإِذا نُحِرَ البعيرُ من غيرِ عِلَّةٍ فقد ظُلِمَ. ومنه قوله:
عادَ الأَذِلَّةُ في دارٍ وكان بها
هُرْتُ الشَّقاشِقِ ظَلاَّمون للجُزُرِ(1)
والظُّلاَمة: ما تطلبه من مَظْلِمَتك عند الظَّالم. ويقال: سقانا ظَلِيمَةً طيِّبة. وقد ظَلَمَ وطْبَه، إِذا سَقَى منه قبل أن يروبَ ويُخرِج زُبَده. ويقال لذلك اللَّبن ظليمٌ أيضاً. قال:
وَقائِلةٍ ظلمتُ لكم سِقائي
وهل يَخْفَى على العَكِدِ الظَّليمُ
والله أعلم بالصَّواب.
ظمأ - ظنب
(باب الظاء والميم وما يثلثهما)
(ظما) الظاء والميم والحرف المعتل والمهموز أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ذبولٍ وقلّة ماء. من ذلك: الظَّمَا، غيرمهموز: قلّة دم اللِّثة. يقال امرأةٌ ظمياء اللثاث. وعينٌ ظمياء: رقيقة الجَفن. ثم يحمل عليه فيقال ساقٌ ظمياء: قليلة اللحم.
ومن المهموز: الظَّمَأ، وهو العطش، تقول: ظمئت أظمأ ظمَا. فأما الظِّمْء فما بين الشَّربتين. والقياس في ذلك كلِّه واحد. ويقولون: رمحٌ أظْمَى: أسمر رقيق. وإنما صار كذلك لذهاب مائه.
(باب الظاء والنون وما يثلثهما)
(ظنب) الظاء والنون والباء كلمةٌ صحيحةٌ، وهو العظم اليابس من ساقٍ وغيره، ثم يتمثَّل به فيقال للجادِّ في الأمر: قد قرع ظنبوبَه. وقول سلامةَ بنِ جندل:
كُنَّا إِذا ما أَتَانا صارخٌ فزع
كان الصُّراخُ له قَرعَ الظَّنابِيبِ (2)
فقال قومٌ: تقرع ظنابيب الخيل بالسِّياط ركضاً إلى العدوِّ. وقال قوم: الظُّنْبوب: مسمار جُبَّة السِّنَان، أي إِنَّا نركِّب الأسنّة.
ظهر
(باب الظاء والهاء وما يثلثهما)
__________
(1) البيت لابن مقبل في اللسان (دور، ظلم)، ودار: اسم موضع.
(2) ديوان سلامة بن جندل 11، والمفضليات (1: 122)، واللسان (ظنب، فزع).(3/368)
(ظهر) الظاء والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قوّةٍ وبروز. من ذلك ظَهَرَ الشيءُ يظهرُ ظهوراً فهو ظاهر، إذا انكشفَ وبرزَ. ولذلك سمِّيَ وقت الظُّهرِ والظَّهيرة، وهو أظهر أوقات النّهار وأَضْوَؤُها. والأصل فيه كلّه ظهر الإنسان، وهو خلافُ بطنه، وهو يجمع البُروزَ والقوّة. ويقال للرِّكاب الظَّهر، لأنَّ الذي يَحمِل منها الشيءَ ظهورُها. ويقال رجلٌ مظهَّر، أي شديد الظَّهْر. ورجلٌ ظَهِر(1): يشتكي ظهره.
ومن الباب: أظهرْنا، إذا سرنا في وقت الظُّهْرِ. ومنه: ظهرتُ على كذا، إذا اطلَّعتَ عليه. والظَّهِير: البعير القويّ. والظَّهيرِ: المُعين، كأنَّه أسندَ ظَهْرَه إلى ظهرك. والظُّهور: الغَلبة. قال الله تعالى: { فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِين } [الصف 14]. والظَّاهرة: العين الجاحظة. والظِّهار: قولُ الرَّجل لامرأته: أنتِ عَلَيَّ كظهرِ أُمِّي. وهي كلمةٌ كانوا يقولونها، يريدونَ بها الفراق. وإِنَّما اختصُّوا الظَّهْر لمكان الرُّكوب، وإلاَّ فسائر أعضائِها في التَّحريمِ كالظَّهْرِ. والظُّهار من الرِّيش: ما يظهر منه في الجَناح. والظِّهريُّ: كلُّ شيءٍ تجعله بظَهْرٍ ، أي تنساه، كأَنَّكَ قد جعلتَه خلف ظهرِكَ ، إِعراضاً عنه وتركاً له. قال الله سبحانه: { وَاتّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً } [هود 92]. وقد جعل فلانٌ حاجتي بظهرٍ، إذا لم يُقْبِل عليها، بل جعلها وراءه. وقال الفرزدق:
ظهر
تميمَ بنَ بدر لا تكوننَّ حاجتي
بظهرٍ فلا يَخْفَى عليكَ جوابُها(2)
__________
(1) في اللسان والقاموس: "ظهير"، والصواب ما أثبت من الأصل مطابقاً ما ورد في مجالس ثعلب
218 س 2 وصحاح الجوهري (ظهر).
(2) في اللسان (ظهر): "فلا يعيا علي جوابها". وفي الأغاني (19: 36): "فلا يخفى علي". وفي ديوان الفرزدق 95:
تميم بن زيد لا تهونن حاجتي
لديك ولا يعيا علي جوابها(3/369)
ومن الباب: هذا أمرٌ ظاهرٌ عنك عارُهُ. أي زائل، كأنَّهُ إذا زالَ فقد صارَ وراء ظهرك. وقال أبو ذؤيب:
وعَيَّرَها الواشون أنِّي أحبُّها
وتلك شَكاةٌ ظاهرٌ عنك عارُها(1)
ويقولون: إنَّ الظَّهَرَة(2): متاع البيت. وأحسب هذه مستعارة من الظَّهر أيضاً؛ لأنَّ الإنسان يستظهِر بها، أي يتقوَّى ويستعين على ما نابَه. والظَّاهرة: أن ترِدَ الإِبلُ كلَّ يومٍ نصفَ النَّهار. ويقولون: سلكْنا الظًَّهْر: يريدون طريقَ البَرِّ، وذلك لظهورهِ وبروزه. ويقولون: جاء فلانٌ في ظَهْرَته وناهضتِهِ، أي قومه. وإِنّما سُمُّوا ظَهْرَةً لأنَّه يتقوَّى بهم. وقريشُ الظَّواهِر سُمُّوا بذلك لأنهم ينزلون ظاهرَ مكة. قال:
* قُريشِ البطاحِ لا قريشِ الظَّواهِرِ(3) *
وأقران الظَّهْر: الذين يجيئون من ورائك.
وحكى ابن دريد(4): "تظاهر القوم، إذا تدابَرُوا، وكأنَّه من الأضداد".
ظأر - ظأب - ظأم
وهذا المعنى الذي ذكره ابن دريد صحيح؛ لأنَّه أراد أنَّ كلّ واحدٍ منهما أدبَرَ عن صاحبهِ، وجعل ظهرَهُ إليهِ. والله أعلم.
(باب الظاء والهمزة وما يثلثهما)
__________
(1) ديوان أبو ذؤيب 31 واللسان (ظهر).
(2) الظهر، بالتحريك، وفي الأصل: "الظهيرة"، صوابه في المجمل والقاموس واللسان.
(3) لأبي خالد ذكوان، مولى مالك الدار. انظر معجم البلدان (2: 213). حيث أنشد له:
فلا شهدتني من قريش عصابة
قريش البطاح لا قريش الظواهر
ولكنهم غابوا وأصبحت شاهدا
فقبحت من مولى حفاظ وناصر
... وقد سبق إنشاد البيت في (بطح).
(4) في الجمهرة (2: 379).(3/370)
(ظأر) الظاء والهمزة والراء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على العطف والدنُوّ. من ذلك الظِّئر. وإِنّما * سمِّيت بذلك لعَطْفها على من تُربيِّه. وأظَّأَرت لولدي ظِئْرا، كما مرَّ في اظَّلم بالظَّاء. والظُّؤُور من النُّوق: التي تعطف على البَوّ. وظأَرَنِي فلانٌ على كذا، أي عطَفَني. والظَّؤَار تُوصَفُ به الأثافيّ، كأنَّها متعطِّفة على الرَّماد(1). والظِّئار: أن تُعالَج النَّاقة بالغِمامةِ في أنفها لكي تَظْأَر. وقولهم: "الطَّعْن يَظْأَر(2)"، أي يَعطِف على الصُّلح. ويقال ظِئر وظُؤَار، وهو من الجمع الذي جاءَ على فُعال، وهو نادر.
(ظأب) الظاء والهمزة والباء كلمتان متباينتان: إحداهما الظّأب، وهو سِلْف الرَّجُل. والأُخرى الكلام والجَلَبَة(3). قال:
يَصُوعُ عُنوقَها أَحوَى زنيمٌ
له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَريمُ (4)
(ظأم) الظاء والهمزة والميم من الكلام وَالجَلبَة، وهو إبدال. فالظَّأْم والظأب بمعنىً. والله أعلم.
ظبي – ظرف
(باب الظاء والباء وما يثلثهما)
(ظبي) الظاء والباء والحرف المعتل كلمتان، إحداهما الظَّبْي، والأخرى ظُبَةُ السيف، وما لواحدةٍ منهما قياس. فالظَّبْي: واحدُ الظِّباء، معروف، والأنثى ظَبية، وقد يُجمع على ظُِبىً. وإذا قَلَّتْ فهي أظْبٍ. و[أمَّا ما] جاء في الحديث: "إذا أتيتَهُم فاربِضْ في دارِهمْ ظَبْيَاً". فإنّه يقول: كن آمِناً فيهم كأنَّك ظَبْيٌ آمن في كِناسِه لا يرى أنيساً. ويقولون: به داءُ ظبْيٍ. قالوا: معناه أنَّه لا داءَ به، كما لا داءَ بالظبْي. قال:
لا تَجهَمينا أمَّ عمروٍ فإِنَّنا
__________
(1) من شواهده قوله:
سفعاً ظؤاراً حول أورق جاثم
لعب الرياح بتربه أحوالا
(2) ويروى أيضاً : "الطعن يظئره". ويقال ظأره، وأظأره.
(3) زاد في المجمل: "ولا أدري أمهموز هو أم لا".
(4) البيت للمعلى بن جمال العبدي، كما في اللسان (صوع، ظأب)، ويروى لأوس بن حجر. انظر
ديوانه 25.(3/371)
بنا داءُ ظبيٍ لم تَخُنْهُ قوائمُه(1)
والظَّبْيَة على معنى الاستعارة: جَهازَ المرأة، وحياءُ النَّاقة. والظَّبْية: جِرَاب صغير عليه شَعر. وكلُّ ذلك تشبيه.
وأمَّا الأصلُ الآخَر فالظُّبَة: حَدُّ السيف، ولا يُدرى ما قياسُها، وتجمع على ظُبِين وظُباتٍ. قال قومٌ: هو من ذواتِ الواو، وهو من قولنا ظَبَوْت. وهذا شيءٌ لا تدُلُّ عليه حُجّة. وقال في جمعِ ظِبةٍ ظِبين:
يرى الرَّاؤونَ بالشَّفَرات منها
كَنَارِ أبي حُباحِبَ والظُّبينا(2)
(باب الظاء والراء وما يثلثهما)
(ظرف) الظاء والراء والفاء كلمةٌ كأنَّها صحيحة. يقولون: هذا وعاء الشيء وظَرْفُه، ثمَّ يسمُّون البراعةَ ظَرْفاً، وذكاءَ القَلْبِ كذلك. ومعنى ذلك أنّه
ظرب
وعاءٌ لذلك. وهو ظريفٌ. وقد أظْرَفَ الرَّجُلُ. إذا وَلَد بنين ظُرَفاء. وما أحسبُ شيئاً من ذلك من كلام العرب.
(ظرب) الظاء والراء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شيءٍ ثابتٍ أو غير ثابت مع حِدَّةٍ. من ذلك الظِّرَاب، وهو جمع ظَرِب، وهو النّابت من الحجارة مع حدَّة في طرَفه. ويقال: [إنَّ الأظراب: أسناخُ الأسنان. ويقال: بل(3)] هي الأربعة خلف النَّواجذ. وأمَّا ابنُ دريد(4) فزعم أنَّ الأظراب في اللّجام: العُقَد التي في أطراف الحديدة. وأنشد:
* بادٍ نواجذُهُ على الأظرابِ (5) *
ويقال: إنَّ الظُّرُبَّ: القصير اللَّحيم، وهذا على التَّشبيهِ. قال:
* لا تَعْدِلِيني بظُرُبٍّ جَعْدِ(6)
__________
(1) لعمرو بن الفضفاض الجهني ، كما سبق في حواشي (3: 490).
(2) للكميت، كما في اللسان (ظبا) برواية: بالشفرات منا وقود.
(3) التكملة من المجمل.
(4) في الجمهرة (1: 263).
(5) للبيد بن ربيعة في ديوانه 145. ونسب أيضاً إلى عامر بن الطفيل خطأ في اللسان (ظرب). وصدره:
* ومقطع حلق الرحالة سابح *.
(6) قبله في اللسان (ظرب):
يا أم عبد الله أم العبد
يا أحسن الناس مناط عقد
... وبعده في (عدد):
*كز القصيرى مقرف المعد *.(3/372)
*
والظَّرِبانُ: دُوَيْبَّة(1).
(باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ظاء)
(باب ما جاءَ من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ظاء)
لم نجد إلى وقتنا شيئاً(2).
تم كتاب الظاء، والله أعلم بالصواب
ـــــ
تم الجزء الثالث من مقاييس اللغة، بتقسيم
محققه ويليه الجزء الرابع وأوله : "كتاب العين".
- -
مراجع التحقيق والضبط
مراجع التحقيق والضبط
ـــــــ
يضاف إلى المراجع المثبتة في نهاية الجزأين السابقين:
ـ إصلاح المنطق، لابن السكيت. طبع دار المعارف 1368 القاهرة.
ـ الأصمعيات، للأصمعي. طبع دار المعارف 1367 القاهرة.
ـ الألفاظ الفارسية لأدّي شير. طبع الكاثوليكية 1908 م. بيروت.
ـ أوضح المسالك، لابن هشام. طبع التجارية 1354 القاهرة.
ـ أيمان العرب، للنجيرمي. طبع السلفية 1343 القاهرة.
ـ بقية أشعار الهذليين. طبع 1884 برلين.
ـ البيان والتبيين، للجاحظ، بتحقيق عبد السلام هارون. طبع لجنة التأليف 1367.
ـ ديوان عروة بن الورد، من مجموع خمسو دواوين. طبع الوهبية 1293 القاهرة.
ـ ديوان كعب بن زهير، رواية السكري. طبع دار الكتب 1368.
ـ شرح الحماسة للمرزوقي. طبع لجنة التأليف 1372هـ.
ـ شرح شواهد الألفية للعيني، بهامش خزانة الأدب للبغدادي. طبع بولاق 1299.
ـ شروح سقط الزند، بتحقيق لجنة إحياء آثار أبي العلاء. طبع دار الكتب.
ـ الفصيح لثعلب. طبع السعادة 1325 القاهرة.
ـ قطر الندى وبل الصدى، لابن هشام. طبع السعادة 1355 القاهرة.
ـ لباب الآداب، لأسامة بن منقذ. طبع الرحمانية 1354 القاهرة.
ـ مجالس ثعلب، بتحقيق عبد السلام هارون. طبع المعارف 1367 القاهرة.
ـ مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1347.
__________
(1) جاءت هذه العبارة بعد كلمة "شيئاً" في الباب التالي، وبهذه الصورة: "والظربان دويبة، من باب الظاء والراء والباء".
(2) أورد من هذا الباب في المجمل: "الظيان: ياسمين البر".(3/373)
ـ مفاتيح العلوم، للخوارزمي. طبع محمد منير 1342 القاهرة.
ـ الموشح، للمرزباني. طبع السلفية 1343 القاهرة.
ـ نقد الشعر، لقدامة. طبع الجوائب 1302 القسطنطينية.
ـ الهاشميات، للكميت. طبع شركة التمدن 1330 القاهرة.
ـــــــ
الأخطاء المطبعية للجزء الثالث
من كتاب "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
الخطأ
الصواب
الصفحة
السطر
وأزَمَع
وأَزمَع
24
13
بزَنَمتِي
بزَنَمتَي
29
5
الزاء والقاف
الزاء والهاء والقاف
32
5
يُغضُّ
يَغضُّ
34
7
المُخاصِنِ
المُخاضِنِ
38
11
حضن
خضن
38
حاشية 3
وحئتَ
وجئتَ
42
1
الأنثي
الأنثى
75
12
مُعْتِكِرِ
مُعْتَكِرِ
87
7
وأصلٌ
أصلٌ
91
14
سَهَُمُ
سَهَُمَ
111
12
يُسوقه
يسُوقه
117
9
كلَّ
كلِّ
117
10
أسَوق
أسوَق
117
12
الغِطاءُ
الغِطاءِ
132
2
أسجَدَا
أسجَدَ
133
14
المنْسِجرْ
المنْسجِرْ
135
1
وئوب
وثوب
151
حاشية 2
الخطأ
الصواب
الصفحة
السطر
أنّي
أنّى
154
8
بِمَعْرُفٍ
بِمَعْرُوفٍ
157
4
فيحتلب
فتحتلب
161
17
أن
إن
166
17
يُستَشُّف
يُستَشفُّ
169
7
وسيأتي في (دعق)
وسيأتي في (عور)
174
حاشية 2
وشُدَّاذُ
وشُذَّاذُ
180
5
(2)
182
5
(3)
(2)
182
14
ذَكر
ذُكر
183
7
شطف
شظف
188
حاشية 4
الشَّعر
الشِّعر
193
17
شدَّ
شذَّ
201
8
بِساطٍ
بِساطِ
214
14
شنا
شنأ
217
2
المشتققّ
المشتقّ
235
1
كالشُّجوبِ *
كالشُّجوبِ * (4)
249
14
سَعِيه
سَعيِه
250
12
100
14: 93
253
حاشية 1
الخبل
الحبل
259
حاشية 4
كذا ورد
(4) كذا ورد
270
حاشية 3
يرمها
يومها
281
حاشية 1
الخطأ
الصواب
الصفحة
السطر
باب والصاد
باب الصاد
285
9
صُعبَ
صعُبَ
286
14
تسجُه
نسجُه(3/374)
293
5
تقاريا
تقاربا
296
13
فخُشن
فخشُن
311
14
صَهَرَت
صَهَرْت
315
11
الصاد والدال والهاء
الصاد والهاء والدال
315
15
ضوي
صوي
317
حاشية 3
غلب
علب
320
حاشية 1
والأرْضَ
والأرضِ
338
1
صّرَفت
صرَفت
343
15
عدل
اعدل
357
حاشية 1
الضِّاغط
الضَّاغط
365
4
(4)
383
8
نتضَّحَى
نتضَحَّى
392
11
ابنا قنين
ابنا قعين
393
حاشية 6
ضَرَ
ضَرَا
397
11
ويقولونَّ
ويقولونَ
398
3
الأخر
الآخر
398
13
طُلُّ
طُلَّ
406
11
لأنّهم
لأنّها
414
4
نوئِ
نؤي
414
10
متش رِبِ
مستشرِبِ
417
10
الخطأ
الصواب
الصفحة
السطر
طامحٍ
طامحِ
423
11
المَكلْثَم
المُكلْثَم
429
3
إنِّك
إنَّك
464
8
مَظَرَّةَ
مَظَرَّةٌ
464
11
(5)
469
12
والدنوُّ
والدنُوّ
473
5
- -(3/375)
كتاب العين:
ـ (باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم)
ـ (باب العين والفاء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والقاف وما يثلثهما في الثلاثي)
ـ (باب العين والكاف وما يثلثهما في الثلاثي)
ـ (باب العين واللام وما يثلثهما)
ـ (باب العين والميم وما يثلثهما)
ـ (باب العين والنون وما يثلثهما)
ـ (باب العين والهاء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والواو وما يثلثهما)
ـ (باب العين والياء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والباء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والتاء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والثاء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والجيم وما يثلثهما)
ـ (باب العين والدال وما يثلثهما)
ـ (باب العين والذال وما يثلثهما)
ـ (باب العين والراء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والزاء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والسين وما يثلثهما)
ـ (باب العين والشين وما يثلثهما)
ـ (باب العين والصاد وما يثلثهما)
ـ (باب العين والضاد وما يثلثهما)
ـ (باب العين والطاء وما يثلثهما)
ـ (باب العين والظاء وما يثلثهما)
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله عين)
كتاب الغين:
ـ (باب الغين وما معها في المضاعف والمطابق)
ـ (باب الغين والفاء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين واللام وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والميم وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والنون وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والهاء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والواو وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والياء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والألف وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والباء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والتاء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والثاء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والدال وما يثلثهما)(4/1)
ـ (باب الغين والذال وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والراء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والزاء وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والسين وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والشين وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والصاد وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والضاد وما يثلثهما)
ـ (باب الغين والطاء وما يثلثهما)
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله غين)
كتاب الفاء:
ـ (باب الفاء وما بعدها في المضاعف والمطابق)
ـ (باب الفاء والقاف وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والكاف وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء واللام وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والنون وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والهاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والواو وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والياء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والألف وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والتاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والثاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والجيم وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والحاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والخاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والدال وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والذال وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والراء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والزاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والسين وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والشين وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والصاد وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والضاد وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والطاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والظاء وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والعين وما يثلثهما)
ـ (باب الفاء والغين وما يثلثهما)
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله فاء)
كتاب العين:
ـ (باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم)
(عف) العين والفاء أصلان صحيحان: أحدُهما الكفُّ عن القبيح، والآخر دالٌّ على قلّة شيء.
فالأول: العِفّة: الكفُّ عمّا لا ينبغي. ورجلٌ عفٌّ وعفيف. وقد عَفَّ يَعِفُّ [عِفّةً] وعَفَافة وعَفافاً.(4/2)
والأصل الثاني: العُفَّة: بقيّة اللّبن في الضَّرع. *وهي أيضاً العُفافة. قال الأعشى:
لا تَجَافَى عنه النَّهارَ ولا تَعْـ *** ـجُوهُ إلاَّ عُفافةٌ أو فُوَاقُ([1])
ويقال: تَعافَّ ناقَتك، أي احلُبْها بعد الحلْبة الأولى ودعْ فصلَيها يتعفّفها، كأنَّما يَرتضع تلك البقيَّة. وعفّفت فلاناً([2]) : سقيتُه العفافة. فأمّا قولهم: جاء على عِفّانِ ذاك، أي إبّانه، فهو من الإبدال، والأصل إفّان، وقد مرّ.
(عق) العين والقاف أصل واحد يدلُّ [على الشَّقّ]، وإليه يرجع فروع الباب بلطف نظر. قال الخليل: أصل العقّ الشقّ. قال: وإليه يرجع العُقوق.
قال: وكذلك الشَّعَْر ينشقّ عنه الجِلد([3]) . وهذا الذي أصَّلَه الخليل رحمه الله صحيح. وبسط الباب بشرحه هو ما ذكره فقال: يقال عقّ الرّجلُ عن ابنه يُعقّ عنه، إذا حلق عقيقته([4]) ، وذبح عنه شاةً. قال: وتلك الشاة عقيقة. وفي الحديث: "كلُّ امرئٍ مرتهَنٌ بعقيقته". والعقيقة: الشَّعر الذي يولد به. وكذلك الوَبَر([5]) . فإذا سقط عنه مرّةً ذهب عنه ذلك الاسم. قال امرؤ القيس:
يا هندُ لا تَنْكِحي بُوهةً *** عليه عقيقته أَحْسَبَا([6])
يصفه باللؤْم والشُّحّ. يقول: كأنَّه لم يُحلق عنه عقيقتُه في صِغَره حتى شاخ. وقال زهيرٌ يصف الحِمار:
أذلك أم أقبُّ البَطْنِ جأبٌ *** عليه من عقيقته عِفاءُ([7])
قال ابن الأعرابيّ: الشُّعور والأصواف والأوبار كلها عقائق وعقِق، واحدتها عِقّة. قال عديّ:
صَخِبُ التَّعشير نَوَّام الضُّحى *** ناسِلٌ عِقَّتُه مثل المَسَدْ ...
وقال رؤبة:
* طيّر عنها اللَّسّ حَوْلِيَّ العِقَقْ([8]) *(4/3)
ويقال أعقَّتِ النعجةُ، إذا كثر صُوفها، والاسم العقيقة. وعَقَقْتُ الشّاة: جززت عقيقها، وكذلك الإبل. والعَقُّ: الجَزُّ الأوَّل. ويقال: عُقُّوا بَهْمَكم فقد أعَقَّ، أي جُزُّوه فقد آن له أن يُجَزّ. وعلى هذا القياس يسمَّى نبْت الأرض الأوّلُ عقيقة. والعُقوق: قطيعة الوالدين وكلّ ذي رحمٍ مَحْرم. يقال عقَّ أَباه فهو يعقُّه عَقّاً وعُقوقاً. قال زُهير:
فأصبحتُما منها على خيرِ موطنٍ *** بعيدَينِ فيها من عقوقٍ ومَأثمِ([9])
وفي المثل: "ذُقْ عُقَقُ". وفي الحديث أنّ أبا سفيانَ قال لحمزة رضي الله عنه وهو مقتول: "ذُقْ عُقَقُ" يريد يا عاقُّ. وجمعُ عاقٍّ عَقَقة. ويقولون: "العُقُوق ثُكْلُ من لم يَثْكَل"، أي إنَّ مَن عقّه ولدُه فكأنَّه ثَكِلهم وإنْ كانوا أحياءً. و"هو أعقُّ مِن ضَبّ"؛ لأنَّ الضَّبّ تقتُل ولدَها([10]) . والمَعَقَّة: العقوق.
قال النابغة:
أحلامُ عادٍ وأجسادٌ مطهَّرة *** من المَعقَّة والآفاتِ والأثَم([11])
ومن الباب انعقَّ البرقُ. وعَقّت الرِّيحُ المُزْنة، إذا استدرَّتْها، كأنّها تشقُّها شقَّا. قال الهُذَلي([12]) :
حارَ وعَقتْ مُزنَهُ الرّيحُ وانقـ *** ـارَ به العَرض ولم يُشمَلِ([13])
وعقيقةُ البَرق: ما يبقى في السَّحاب من شُعاعه؛ وبه تشبَّه السُّيوف فتسمَّى عقائق. قال عمرو بن كلثوم:
بسُمرٍ من قَنا الخَطِّيِّ لُدْنٍ *** وبِيضٍ كالعَقائقِ يختلينا([14])
والعَقّاقة: السَّحابة تنعقُّ بالبَرق، أي تنْشقّ. وكان معقِّر بن حمارٍ كُفَّ بصرُه، فسمِع صوتَ رعدٍ فقال لابنته: أيَّ شيءٍ ترين؟ قالت: "أرى سَحْماءَ عَقَّاقة، كأنَّها حُِوَلاءُ ناقة، ذاتَ هيدبٍ دانٍ، وسَيْرٍ وان". فقال: "يا بنتاه، وائِلِي بي إلى قَفْلة فإنها لا تنبُت إلاّ بمنجاةٍ من السَّيل([15]) ". والعَقوق: مكانٌ ينعقُّ عن أعلاه النَّبت. ويقال انعَقّ الغُبار. إذا سَطَعَ وارتفَع. قال العجّاج:(4/4)
* إذا العَجَاجُ المستطار انعقَّا([16]) *
ويقال لفِرِنْد السَّيف: عَقيقة. فأمّا الأعِقَّة فيقال إنّها أودَيةٌ في الرِّمال. والعقيق: وادٍ بالحجاز. قال جرير:
فهيهاتَ هيهاتَ العقيقُ ومَن بِهِ *** وهيهات خِلٌّ بالعقيق نواصلُه([17])
وقال في الأعِقَّة:
دعا قومَه لما استُحلَّ حرامُه *** ومن دونهم عَرضُ الأعِقَّة فالرَّملُ
وقد قلنا إنَّ الباب كلَّه يرجع إلى أصلٍ واحدٍ. [و] من الكلام الباقي في العقيقة والحمل قولُهم: أعَقّتِ الحاملُ تُعِقُّ إعقاقاً؛ وهي عقوق، وذلك إذا نَبَتت العقيقةُ* في بطنها على الولد، والجمع عُقُق. قال:
* سِرّاً وقد أوَّنَ تأوينَ العُقُقْ([18]) *
ويقال العَقاق الحمْلُ نفسه([19]) . قال الهذليّ([20]) :
أبَنَّ عَقاقاً ثم يَرمَحْنَ ظَلْمَه *** إباءً وفيه صولةٌ وذميلُ ...
يريد: أظهَرْنَ حملاً. وقال آخر:
جوانِح يَمزَعْنَ مزعَ الظِّباءِ *** لَمْ يَتْرِكْنَ لِبَطْنٍ عَقَاقا([21])
قال ابن الأعرابيّ. العَقَق: الحَمْل أيضاً. قال عدِيّ:
وتركْتُ العيرَ يدمَى نَحْرُه *** ونَحُوصاً سَمْحَجاً فيها عَقَقْ([22])
فأمّا قولهم: "الأبلق العَقوق" فهو مَثَلٌ يقولونه لما لا يُقدَر عليه، قال يونس: الأبلق ذكَر، والعَقوق: الحامل، والذّكر لا يكون حاملاً، فلذلك يقال: "كلَّفْتَني الأبلقَ العقوق"، ويقولون أيضاً: "هو أشهَرُ من الأبلَق العَقوق" يعنون به الصُّبح؛ لأنّ فيه بياضاً وسواداً. والعَقُوق: الشَّنَق([23]) . وأنشد:
فلو قَبِلوني بالعَقوق أتيتُهمْ *** بألفٍ أُؤَدِّيه من المال أقرَعا([24])
يقول: لو أتيتُهم بالأبلق العَقوق ما قبِلوني. فأمَّا العَوَاقّ من النَّخل فالرَّوادف، واحدها عاقّ، وتلك فُسْلانٌ تنبُت في العُشْب الخضر، فإذا كانت في الجِذْع لا تمسّ الأرض فهي الرَّاكبة. والعقيقة: الماء القليل في بطن الوادي. قال كُثَيّر:(4/5)
إذا خرجَتْ من بيتها راقَ عينَها *** مُعَوَِّذُهُ وأعجبَتْها العَقائقُ([25])
وقياسُ ذلك صحيح؛ لأن الغدير والماء إذا لاحا فكأنَّ الأرضَ انشقَّت. يقول: إذا خرجت رأتْ حولها نبتها من معوَِّذ النَّبات والغُدْرانِ ما يروقُها. قال الخليل: العَقْعَق: طائرٌ معروفٌ أبلقُ بسوادٍ وبياض، أذْنَبُ([26]) يُعَقْعِقُ بصوته، كأنّه ينشق به حلقُه. ويقولون: "هو أحمق من عَقْعَق"، وذلك أنه يضيِّع ولدَه.
ومن الكلام الأوَّل "نَوَى العَقوق": نَوىً هَشٌّ رِخوٌ لَيِّن المَمْضَغة([27]) تأكلُه العجوز أو تلوكه، وتُعلَفُه الإبل. قال الخليل: وهو من كلام أهل البصرة، لا تعرفه البادية.
قال ابن دريد([28]) العَقَّةُ: الحُفْرة في الأرض إذا كانت عميقة. وهو من العَقِّ، وهو الشَّقُّ. ومنه اشتُقَّ العقيق: الوادي المعروف. فأمّا قول الفرزدق:
نصبتُم غداةَ الجَفْرِ بِيضاً كأنَّها *** عقائق إذْ شمسُ النَّهار استَقَلّتِ([29])
فقال الأصمعيّ: العقائق ما تلوِّحه الشّمس على الحائط فتراه يلمع مثلَ بريق المرآة. وهذا كلُّه تشبيه. ويجوز أن يكون أراد عقائق البرق. وهو كقول عمرو:
* وبيض كالعقائق يَخْتلينا([30]) *
وأمّا قول ابنِ الأعرابيّ: أعَقّ الماءَ يُعِقّه إعقاقاً، فليس من الباب، لأن هذا مقلوبٌ من أقَعّه، أي أمَرَّه. قال([31]) :
بحرُك عذبُ الماءِ ما أعَقَّه([33]) *** ربُّك والمحرومُ من لم يلقَهُ([32])
(عك) العين والكاف أصولٌ صحيحة ثلاثة: أحدها اشتداد الحرّ، والآخر الحَبْس، والآخر جِنْسٌ من الضرب.
فالأوّل العَكّة([34]) : الحرّ، فورة شديدةٌ في القيظ، وذلك أشدُّ ما يكون من الحرَّ حين تركُد الرِّيح. ويقال: أكّة بالهمزة. قال الفرّاء: هذه أرض عَكَّةٍ وعُكّة. قال:
* ببلدةِ عُكَّةٍ لَزِجٍ نداها([35]) *(4/6)
قال ابن دريد([36]) : عَكَّ يَومُنا، إذا سكنت رِيحُه واشتدَّ حرُّه. قال ابنُ الأعرابيّ: العُكَّة: شدّة الحرِّ مع لثَقٍ واحتباسِ ريح. قال الخليل: العُكَّة أيضاً: رملةٌ حَمِيت عليها الشمس.
قال أبو زيد: العُكَّة: بِلّةٌ تكون بقرب البحر، طَلٌّ وندىً يُصيب باللَّيل؛ وهذا لا يكون إلاّ مع حَرّ. والعرب تقول: "إذا طَلَعَتْ العُذرة([37]) ، فعُكَّة بُكرة([38]) ، على أهل البصرة، وليس بعُمَان بُسْرة، ولا لأَكّارٍ بها بَذْرة([39]) ". قال اللِّحياني: يَوْمٌ عَكٌّ أكٌّ: شديد الحرّ. وتقول العرب في أسجاعها: "إذا طلَع السِّماك، ذهبت العِكَاك، وقلَّ على الماء اللِّكاك". ويوم ذوِّ عَكيكٍ، أي حارّ. قال طرفة:
تطرُد القُرَّ بحَرٍّ ساخنٍ *** وعكيكَ القَيظ إنْ جاء بقُرّْ([40])
وأمّا الأصل الآخَر فقال الفراء: إبلٌ معكوكة، أي محبوسة. وعُكَّ فلانٌ حُبِس. قال رؤبة:
يا ابن الرَّفيع حَسَباً وبُنْكا *** ماذا ترى رأيَ أخٍ قد عُكَّا([41])
ومن الباب عككتُه بكذا* أعُكُّه عَكّا، أي ماطلته. ومنه عَكَّني فلانٌ بالقول، إذا رَدَّدَه عليك حتَّى يتعبَك([42]) .
ومن الباب: العُكَّة السَّمْن: أصغر من القِربة، والجمع عُكَك وعِكاك. وسمِّيت بذلك لأنَّ السَّمْن يُجمع فيها كما يُحبَس الشيء.
ومن الباب: العكَوَّك: القصير المُلَزَّز الخلْق، أي القصير. قال:
* عكوَّكاً إذا مَشَى دِرْحايهْ([43]) *
وإنّما سمِّي بذلك تشبيهاً بعُكَّة السَّمْن. والعَكَوَّكانُ، مثل العكَوَّك. قال:
* عَكَوَّكان ووَآةٌ نَهْدَه([44]) *
ومن الباب المِعَكُّ من الخيل: الذي يَجرِي قليلاً ثم يحتاج إلى الضَّرب، وهو من الاحتباس.
وأمَّا الأصل الثَّالث فقال ابنُ الأعرابيّ: عَكَّه بالسَّوط، أي ضربَه. و[يقال] عكّه وصَكَّه. ومن الباب عكَّتْه الحُمَّى، أي كسَرتْهُ. قال:
وهَمٍّ تأخُذُ النُّجَواءُ منه *** تَعُكُّ بصالبٍ أو بالمُلاَلِ([45])(4/7)
وممكنٌ أن يكون من الباب الأوَّل، كأنَّها ذُكِرت بذلك لحرِّها. ويقال في باب الضَّرْب: عكَّهُ بالحُجّة، إذا قهره بها. وقد ذكر في الباب أن عُكّة العِشَار: لونٌ يعلوها من صُهْبَةٍ في وقت أو رُمْكَةٍ في وقت. وأنّ فلاناً قال: ائتزر فلانٌ إزْرة عَكَّى وَكَّى([46]) . وكلُّ هذا مما لا معنَى له ولا مُعرَّج عليه.
وقد ذُكر عن الخليل بعضُ ما يقارب هذا: أنَّ ا لعَكَنْكَع([47]) : الذَّكَر الخبيثُ من السَّعَالي. وأنشد:
كَأَنَّها وهُوْ إذا استَبَّا معا *** غولٌ تُدَاهِي شَرِساً عَكَنْكَعَا
وهذا قريبٌ في الضَّعْف من الذي قبله. وأرى كتابَ الخليل إنَّما تطامَنَ قليلاً عند أهل العلمِ لمِثل هذه الحكايات.
(عل) العين واللام أصول ثلاثة صحيحة: أحدها تكرُّرٌ أو تكرير، والآخر عائق يعوق، والثالث ضَعف في الشَّيء.
فالأوَّل العَلَل، وهي الشَّرْبة الثانية. ويقال عَلَلٌ بعد نَهَل. والفعل يَعُلُّون عَلاًّ وعَلَلاً([48]) ، والإبل نفسها تَعُلّ عَلَلا. قال:
عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهُما *** إنَّما يُعْطِن من يرجو العَلَلْ([49])
وفي الحديث: "إذا عَلَّهُ ففيه القَود"، أي إذا كرَّر عليه الضَّربَ. وأصله في المشْرَب. قال الأخطل:
إذا ما نديمي عَلَّنِي ثمَّ عَلَّني *** ثلاثَ زُجاجاتٍ لهنَّ هديرُ([50])
ويقال أعلَّ القومُ، إذا شربت إبلُهم عَلَلا. قال ابنُ الأعرابيّ: في المثل: "ما زيارتُك إيّانا إلاَّ سَوْمَ عالَّة" أي مثل الإبل التي تَعُلّ. و"عَرَض عليه سَوْم عالّة". وإنّما قيل هذا لأنها إذا كرَّرَ عليها الشُّرْب كان أقلَّ لشُربها الثاني.
ومن هذا الباب العُلاَلة، وهي بقيّة اللَّبن. وبقيّةُ كلِّ شيء عُلالة، حتى يقالُ لبقيّة جَري الفرس عُلالة. قال:
إلاّ عُلالة أو بُدَاهةَ *** قارحٍ نهدِ الجُزارَه([51])(4/8)
وهذا كلُّه من القياس الأول؛ لأنَّ تلك البقيَّة يُعاد عليها بالحلب. ولذلك يقولون: عالَلْتُ النّاقة، إذا حَلبتها ثم رفَقت بها ساعةً لتُفِيق، ثم حلبتها، فتلك المُعَالّة والعِلاَل. واسم اللَّبن العُلالة. ويقال إنَّ عُلالَة السَّير أن تظنَّ الناقةَ قد ونت فتضربَها تستحثُّها في السَّير. يقال ناقةٌ كريمة العُلالة. وربما قالوا للرّجُل يُمدح بالسَّخاء: هو كريم العُلالة، والمعنى أنَّه يكرِّر العطاءَ على باقي حالِه. قال:
فإلاَّ تكنْ عُقبي فإنَّ عُلاَلةً *** على الجهد من ولد الزّناد هَضومُ
وقال منظور بن مَرثد([52]) في تعالِّ النّاقة في السَّير:
وقد تعاللتُ ذَمِيل العَنْسِ *** بالسَّوط في ديمومةٍ كالتُّرْسِ ...
والأصل الآخَر: العائق يعوق. قال الخليل: العِلّة حدَثٌ يَشغَلُ صاحبَه عن وجهه. ويقال اعتلَّه عن كذا، أي اعتاقه. قال:
* فاعتلَّهُ الدّهرُ وللدّهرِ علَلْ *
والأصل الثالث: العِلّةُ: المرض، وصاحبُها مُعتلّ. قال ابنُ الأعرابيّ: عَلّ المريض يَعِلُّ عِلّة فهو عليل([53]) . ورجل عُلَلَة، أي كثير العِلَل.
ومن هذا الباب وهو باب الضَّعف: العَلُّ من الرِّجال: المُسِنّ الذي تَضاءل وصغُر جسمُه. قال المتَنَخِّل:
ليس بعلٍّ كبيرٍ لا حَرَاكَ به *** لكن أُثيلةُ صافي اللَّوْن مقتَبَلُ([54])
قال: وكلُّ مسِنٍّ من الحيوان عَلٌّ. قال ابنُ الأعرابيّ:*العَلّ: الضعيف من كِبرَ أو مرض. قال الخليل: العَلُّ: القُرَاد الكبير. ولعلّه أن يكون ذهب إلى أنّه الذي أتت عليه مُدّةٌ طويلةٌ فصار كالمُسِنّ([55]).
وبقيت في الباب: اليعاليل، وقد اختلفوا فيها، فقال أبو عَبيد: اليعاليل: سحائبٌ بِيضٌ. وقال أبو عمرو: بئرٌ يعاليلُ صار فيها المطرُ والماءُ مرّةً بعد مرة. قال: وهو من العَلَل. ويَعاليلُ لا واحدَ لها. وهذا الذي قاله الشَّيبانيّ أصحّ؛ لأنّه أقْيَس.(4/9)
ومما شذَّ عن هذه الأصول إن صحَّ قولُها إنّ العُلْعُل: الذّكر من القنابر. والعُلْعُل. رأس الرَّهَابة مما يلي الخاصرة. والعُلْعُل: عُضو الرّجُل. وكلُّ هذا كلام وكذلك قولُهم: إنّه لعلاّن بركوب الخيل، إذا لم يكُ ماهراً. ويُنشدون في ذلك ما لا يصحُّ ولا يُعوَّل عليه.
وأمّا قولهم: لعلَّ كذا يكون، فهي كلمةٌ تقرُب من الأصل الثالث، الذي يدلُّ على الضَّعف، وذلك أنّه خلاف التَّحقيق، يقولون: لعلَّ أخاك يزورنا، ففي ذلك تقريبٌ وإطماعٌ دون التحقيقِ وتأكيدِ القول. ويقولون: علّ في معنى لعلّ. ويقولون لعلّني ولَعَلِّي. قال:
وأُشرِف بالقُورِ اليَفَاع لعَلَّني *** أرى نارَ ليلى أو يراني بصيرُها([56])
البصير: الكلب.
فأمّا لعلَّ إذا جاءت في كتاب الله تعالى، فقال قوم: إنَّها تقويةٌ للرَّجاء والطَّمع. وقال آخرون: معناها كَيْ. وحَمَلها ناسٌ فيما كان من إخبار الله تعالى، على التَّحقيق، واقتضب معناها من الباب الأوَّل الذي ذكرناه في التكرير والإعادة. والله أعلم بما أراد من ذلك.
(عم) العين والميم أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على الطُّول والكَثرة والعُلُوّ. قال الخليل: العميم: الطَّويل من النَّبات. يقال نخلةٌ عميمة، والجمع عُمٌّ. ويقولون: استوى النَّبات على عَُمَُمه، أي على تمامه. ويقال: جارية عميمة، أي: طويلةٌ. وجسم عَمَمٌ. قال ابن شأس:
وإنَّ عِراراً إنْ يكنْ غير واضح *** فإنِّي أحبُّ الجَوْنَ ذا المَنكِبِ العَمَم([57])
قال ابن الأعرابيّ: رجل عَمَمٌ وامرأة عَمَم، ويقال عُشْبٌ عميم، وقد اعْتمّ. قال الهذليّ([58]) :
يرتدن ساهِرَةً كأنَّ عميمَها *** وجميمَها أسدافُ ليلٍ مُظلمِ([59])
وقال بعضهم: يقال للنَّخلة الطويلة عَمَّة، وجمعها عَمٌّ. واحتجَّ بقول لبيد:
سُحُقٌ يمتِّعُها الصَّفَا وَسرِيُّهُ *** عَمٌّ نواعمُ بينهن كرومُ([60])
قال أبو عمرو: العميم([61]) من النخل فوق الجَبَّار. قال:(4/10)
فَعُمٌّ لعُمِّكُمُ نافعٌ *** وطِفْلٌ لِطفلكم يُوهَلُ ...
أي صغارُها لصغاركم، وكبارُها لكباركم. وقال أبو دُواد([62]) :
مَيَّالةٌ رُودٌ خَدَّلَجةٌ *** كعَميمة البَرديِّ في الرَّفْضِ([63])
العميمة: الطَّويلة. والرَّفض: الماء القليل.
ومن الباب: العمامة، معروفة، وجمعها عِمامات وعمائم. ويقال تعمَّمت بالعِمامة واعتممت، وعمَّمني غيري. وهو حسن العِمَّة، أي الاعتمام. قال:
تنجو إذا جَعلَتْ تَدْمَى أخِشَّتُها *** واعتمّ بالزَّبَدِ الجعدِ الخراطيمُ([64])
ويقال عُمِّمَ الرجُل: سُوِّد؛ وذلك أنّ تِيجان القوم العمائم، كما يقال في العجم تُوِّجَ يقال في العرب عُمِّمَ. قال العجاج:
* وفيهمُ إذْ عُمِّمَ المعْتَمُّ([65]) *
أي سُوِّد فأُلبس عمامةَ التَّسويد. ويقال شاة مُعمَّمة، إذا كانت سوداء الرَّأس. قال أبو عبيد: فرس مُعَمَّمٌ، للذي انحدَرَ بياضُ ناصيته إلى منْبِتها وما حولها من الرأْس. وغُرَّةٌ معمَّمة، إذا كانت كذلك. وقال: التعميم في البَلَق: أن يكون البياضُ في الهامة ولا يكون في العُنق. يقال أبلقُ مُعَمَّمٌ.
فأمّا الجماعة التي ذكرناها في أصل الباب، فقال الخليلُ وغيره: العمائم: الجماعات واحدها عَمٌّ. قال أبو عمرو: العمايم بالياء: الجماعات. يقال قوم عمايم .قال: ولا أعرف لها واحداً. قال العجاج:
* سالت لها من حِميَر العمايمُ([66]) *
قال ابن الأعرابيّ: العَمّ: الجماعة من النّاس. وأنشد:
فأُبْنا بحاجاتٍ وليس بذي مال([67])
يُريح إليه العمُّ حاجةَ واحدٍ *** يريد الحجر الأسود([68])
وقال آخر([69]) .
والعَدْوَ بين المجلسَينِ إذا *** آدَ العَشِيُّ وتنادى العَمّْ([70])
ومن الجمع قولهم: عَمَّنا هذا الأمر يُعُمّنا* عموماً، إذا أصاب القَوم([71]) أجمعين. قال: والعامَّة ضدّ الخاصّة. ومن الباب قولهم: إنّ فيه لعُمِّيَّةً، أي كِبْراً. وإذا كان كذا فهو من العلوّ.(4/11)
فأمّا النَّضْر فقال: يقال فلانٌ ذو عُمِّيّة، أي إنَّه يعمُّ بنصره أصحابَه لا يخُصّ. قال:
فذادَها وهو مخضرٌّ نواجذُه *** كما يذود أخُو العُمِّيَّة النَّجِدُ ...
قال الأصمعيّ: هو [من([72]) ] عميمِهم وصميمهم، وهو الخالص الذي ليس بمُؤتَشَب. ومن الباب على معنى التشبيه: عمّم اللّبنُ: أرغَى. ولا يكون ذلك إلاّ إذا كان صريحاً ساعةَ يُحلَب. قال لَبيد:
تَكَُرُّ أحاليبُ اللّدِيدِ عليهمُ *** وتُوفَى جفانُ الضَّيف مَحْضاً مُعَمَّما([73])
ومما ليس له قياس إلاّ على التمحُّل عَمَّان: اسم بلد. قال أبو وجزة:
حَنَّت بأبواب عَمَّانَ القطاةُ وقد *** قضى به صحبها الحاجاتِ والوطرا([74])
القطاة: ناقته.
ــــــــــــــــ
([1]) ديوان الأعشى 141 واللسان(عفف، عجا، عدا) . ورواية الديوان واللسان: "وتعادى عنه".
([2]) هذه الكلمة لم ترد في المعاجم المتداولة ولا المجمل.
([3]) في الأصل: "عند الجلد" تحريف. وفي اللسان: "العقيقة: الذي يولد به الطفل، لأنه يشق الجلد".
([4]) في الأصل: "عقيقة"، صوابه في المجمل واللسان.
([5]) في الأصل: "الوتر"، صوابه في اللسان.
([6]) ديوان امرئ القيس 154 واللسان (بوه، عقق، حسب). وقد سبق في(بوه، حسب) .
([7]) ديوان زهير 65.
([8]) ديوان رؤبة 105 واللسان (عقق) مع تحريف فيهما.
([9]) البيت من معلقته المشهورة.
([10]) في الأصل: "ثقل ولدها"، تحريف. وفي أمثال الميداني (أعق من ضب): قال حمزة: أرادوا ضبة، فكثر الكلام بها فقالوا ضب. قلت: يجوز أن يكون الضب اسم الجنس كالنعام والحمام والجراد. وإذا كان كذلك وقع على الذكر والأنثى".
([11]) ديوان النابغة 74 واللسان (عقق). وقد ضبط "الأثم" في اللسان كذا بالتحريك، ولم أجد سنداً غيره لهذا الضبط.
([12]) هو المتنخل الهذلي، وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 81، ونسخة الشنقيطي 44 وديوان الهذليين (2 :1).(4/12)
([13]) أنشده في اللسان(عقق، قور، شمل) .
([14]) البيت من معلقته المشهورة، وهذه رواية غريبة. انظر روايته في نسختي الزوزني والتبريزي.
([15]) الخبر في مجالس ثعلب 347، 665 واللسان (12: 138/14: 79) وصفة السحاب لابن دريد
7 ليدن.
([16]) في الديوان 40: "إذا السراب الرقرقان".
([17]) ديوان جرير 479، وشرح الحماسة للمرزوقي.
([18]) لرؤبة في ديوانه 108. وهو في اللسان (عقق) بدون نسبة.
([19]) في المجمل: "ويقال إن العقاق الحمل نفسه. ويكسر أوله".
([20]) هو أبو خراش، ديوان الهذليين (2: 117).
([21]) أنشده في اللسان (عقق) بدون نسبة.
([22]) أنشده في اللسان (عقق) بنسبته المذكورة.
([23]) الشنق، بالتحريك: الدية يزاد فيها. وفي الأصل: "المنشق" تحريف.
([24]) أنشده في اللسان (عقق، قرع).
([25]) سبق الكلام على البيت في (أنق) وفي الأصل: "معوذها" تحريف حققته فيما مضى.
([26]) الأذنب: الطويل الذنب.
([27]) في الأصل: "المضغة"، وإنما يقولون "الممضغة" بمعنى المضغ، كما ورد في اللسان (عقق).
([28]) الجمهرة (2: 112) والقيد بالعمق لم يذكر في النسخة المطبوعة من الجمهرة.
([29]) البيت مما لم يرو في ديوان الفرزدق.
([30]) انظر ما سبق من إنشاد البيت قريباً.
([31]) في اللسان (عقق) أنه قول "الجعدي". وأنشده في التاج واللسان(ملح) .
([32]) في اللسان: "من لم يسقه".
([33]) في اللسان: "بحرك بحر الجود".
([34]) العكة، مثلثة العين.
([35]) عجزه كما في اللسان:
* تضمنت السمائم والذبابا *
([36]) في الجمهرة:(1: 112) .
([37]) العذرة: خمسة كواكب تحت الشعرى العبور.
([38]) في اللسان: (12: 357): "نكرة" بالنون، ثم نبه على أن رواية الباء هي الصحيحة .
([39]) في اللسان: "برة".
([40]) في اللسان (عكك). وليس في قصيدته التي على هذا الروي والوزن من ديوانه 63-75.(4/13)
([41]) كلمة "بنكا" غير واضحة في الأصل، وإثباتها واضحة من تاج العروس وبدلها في الديوان "سمكا". وبين البيتين في ديوانه 119:
* في الأكرمين معدنا وبنكا *
([42]) في الأصل: "حتى تبعك"، صوابه في اللسان.
([43]) لدلم أبي زغيب العبشمي، كما سبق في حواشي (درح). وفي الأصل: "عكوك" صوابه بالنصب كما في اللسان (درح، عكك) وكما سبق.
([44]) الوآة: السريعة الشديدة من الدواب. وفي الأصل: "وواه"، تحريف.
([45]) لشبيب بن البرصاء، كما في اللسان (نجا، نحا). وأنشده في "ملل" بدون نسبة، ونبه في (نجا) أن صواب روايته "النحواء" بالحاء المهملة وهي الرعدة. ويروى: "يعل بصالب".
([46]) في الأصل: "إزاره"، تحريف. يقال إزرة عك وك، وإزرة عكى وكى، وهو أن يسبل طرفي إزاره ويضم سائره.
([47]) يقال أيضاً "الكعنكع". وقد ذكرا في باب العين من اللسان والقاموس.
([48]) بدله في المجمل: "وهم يعلون إبلهم".
([49]) البيت للبيد في ديوانه 13 واللسان (عطن).
([50]) ديوان الأخطل 154 يقوله لعبد الملك. وبعده:
جعلت أجر الذيل مني كأنني *** عليك أمير المؤمنين أمير
([51]) سبق تخريج البيت في (بده).
([52]) في الحيوان (3: 74، 363) أن الرجز لدكين، أو لأبي محمد الفقعسي.
([53]) في القاموس: "عَلَّ يَعِلّ، واعتلَّ، وأعلَّه الله فهو مُعَلّ".
([54]) البيت في اللسان (علل 497). وقصيدته في القسم الثاني من مجموعة أشعار الهذليين 97 ونسخة الشنقيطي50. وسيأتي في (قبل).
([55]) وفي اللسان أيضاً: "أبو سعيد: والعرب تقول: أنا علان بأرض كذا وكذا، أي جاهل".
([56]) البيت لتوبة بن الحمير من مقطوعة في أمالي القالي (1: 88)، ومنها بيتان في الحماسة (2: 132) وأنشده في اللسان (بصر).
([57]) البيت من مقطوعة لعمرو بن شأس في الحماسة (1: 99). وأنشده في اللسان (عمم).
([58]) هو أبو كبير الهذلي. وقصيدته في ديوان الهذليين (2: 111). وأنشده في اللسان (سهر)، وسبق إنشاده في (سهر).(4/14)
([59]) في ديوان الهذليين: "كأن جميمها وعميمها".
([60]) ديوان لبيد 193 واللسان (عمم 321 سرا 102). وفي الأصل: "أو سرية" تحريف.
([61]) في الأصل: "العمم"، صوابه من اللسان.
([62]) في الأصل: "أبو درداء".
([63]) الرفض، بالفتح والتحريك. وفي الأصل: "الرخص" في هذا الإنشاد والتفسير بعده. والصواب ما أثبت.
([64]) البيت لذي الرمة في ديوانه 575. وكلمة "تنجو" ساقطة من الأصل.
([65]) ديوان العجاج 63. وفي اللسان (عمم 320): "المعمم" تحريف. وبعده في الديوان:
* حزم وعزم حين ضم الضم *
([66]) البيت مما لم يرو في ديوان العجاج ولا ملحقاته.
([67]) يريح، أي يرد ويرجع. وفي اللسان (عمم 322): "يريغ" بمعنى يطلب.
([68]) في اللسان بعد إنشاده: "يقول: الخلق إنما حاجتهم أن يحجوا، ثم إنهم آبوا مع ذلك بحاجات وذلك معنى قوله: فأبنا بحاجات، أي بالحج".
([69]) هو المرقش الأكبر. وقصيدته في المفضليات (2: 37-41).
([70]) قبله في المفضليات واللسان (عمم):
لا يعبد الله التلبب والـ ***ـغارات إذ قال الخميس نعم
([71]) في الأصل: "القود".
([72]) التكملة من اللسان (عمم 323).
([73]) ديوان لبيد 43 طبع 1881. واللديد: جانب الوادي.
([74]) في الأصل: "والموطر".
(عن) العين والنون أصلان، أحدهما يدلُّ على ظهورِ الشيء وإعراضه، والآخر يدلُّ على الحَبْس.
فالأوّل قول العرب: عَنَّ لنا كذا يَعِنّ عُنُونا، إذا ظهر أمامك. قال:
فَعَنَّ لنا سِربٌ كأنّ نعاجَه*** عذارى دَُوَارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ([1])
قال ابن الأعرابيّ: العَنان: ما عَنَّ لك من شيء. قال الخليل: عَنان السَّماء: ما عَنَّ لك منها إذا نظرتَ إليها. فأمّا قولُ الشمّاخ:
طوى ظِمْأها في بَيضة القيظ بعدما *** جرت في عَنانِ الشِّعريَينِ الأماعزُ([2])
فرواه قوم كذا بالفتح: "عَنان"، ورواه أبو عمرو: "في عِنان الشِّعر بَين"، يريد أوّل بارحِ الشّعريَين.(4/15)
قال أبو عبيدة: وفي المثل: "معترضٌ لعَنَن لم يَعْنِه([3]) ".
وقال الخليل: العَنُون من الدَّوابّ وغيرِها: المتقدّم في السَّيْر. قال:
كأنَّ الرّحْلَ شُدَّ به خَنوفٌ *** من الجَوْنات هاديةٌ عَنونُ([4])
قال الفرّاء: العِنان: المُعَانّة، وهي المعارَضة والمعانَدة. وأنشد:
ستَعلم إنْ دارت رحى الحربِ بيننا *** عِنانَ الشِّمالِ من يكونَنَّ أضْرعا
قال ابنُ الأعرابيّ: شارك فلانٌ فلاناً شِركةَ عِنان، وهو أن يَعِنَّ لبعضِ ما في يده فيشاركه فيه، أي يعرِض. وأنشد:
مابدَلٌ من أُمِّ عثمانَ سَلْفَعٌ *** من السُّود ورهاءُ العِنان عَرُوبُ([5])
قال: عَروب، أي فاسدة. من قولهم عَرِبَتْ معدته، أي فسدت. قال أبو عبيدة: المِعَنُّ من الخيل: الذي لا يرى شيئاً إلاَّ عارَضَه. قال: والمِعنُّ: الخطيب الذي يشتدُّ نظرُه ويبتلُّ ريقه ويبعُد صوتُه ولا يُعْييه فنٌّ من الكلام. قال:
* مِعَنٌّ بخطبَته مِجْهرُ([6]) *
ومن الباب: عُنوان الكتاب؛ لأنه أبرز ما فيه وأظهَرُه. يقال عَنَنْت الكتابَ أعُنُّه عَنّاً، وعَنْوَنْتُه، وعنَّنته أعنِّنُه تعنينا. وإذا أَمرت قلتَ عَنِّنْه.
قال ابن السِّكِّيت: يقال لقيته عينَ عُنَّةٍ([7]) ، أي فجأة، كأنّه عرَضَ لي من غير طَلَب. قال طُفيل:
* إذا انصرفت من عُنَّةٍ بعد عُنَّةٍ([8]) *
ويقال إنّ الجبلَ الذاهبَ في السّماء يقال [له] عان، وجمعها عَوَانّ.
وأمّا الأصل الآخر، وهو الحبس، فالعُنَّة، وهي الحظيرة، والجمع عُنَن. قال أبو زياد: العُنَّة: بناء تبْنيه من حجارة، والجمع عُنَن. قال الأعشى:
ترى اللّحمَ من ذابِلٍ قد ذوَى *** ورَطْبٍ يُرفَّع فوقَ العُنَنْ([9])
يقال: عَنَّنْت البعير: حبسته في العُنَّة. وربَّما استثقلوا اجتماعَ النُّونات فقلبوا الآخرة ياء، كما يقولون:
* تَقضِّيَ البازِي إذا البازِي كَسَرْ([10]) *
فيقولون عَنَّيْت. قال:(4/16)
قطعتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى *** تُهدِّر في دِمشقَ ولا تَريمُ([11])
يراد به المعنّن. قال بعضهم: الفحل ليس بالرِّضا عندهم يعرّض على ثَِيلهِ عود، فإذا تَنوّخَ النّاقةَ ليطرُقها منعه العُود. وذلك العُود النِّجَاف. فإذا أرادوا ذلك نحَّوه وجاؤوا بفحلٍ أكرمَ منه فأضربوه إيّاها، فسمَّوا الأوّلَ المُعَنَّى. وأنشد:
* تَعَنّيتُ للموتِ الذي هو نازِل *
يريد: حبست نفسي عن الشّهوات كما صُنِعَ بالمعَنّى*. وفي المثل: "هو كالمُهَدِّر في العُنَّة([12]) ". قال: والرواية المشهورة: تَعَنَّنتُ، وهو من العِنِّين الذي لا يأتي النِّساء .
ومن الباب: عِنَانُ الفَرَس، لأنّه يَحتبِس، وجمْعه أعِنَّة وعُنُنٌ. الكسائيّ: أعْنَنْتُ الفَرسَ: جعلتُ له عِناناً. وعنَّنْتُه: حبسته بعِنانه. فأمّا المرأة المعنَّنَة فذلك على طريقة التشبيه، وإنما هي اللطيفة البطن، المهفهفة، التي جُدِلت جَدل العِنان. وأنشد: وفي الحيّ بيضاتُ دارّية *** دَهَاس معنَّنَة المرتدَى([13])
قال أبو حاتم: عِنان المتن حَبْلاه([14]) . وهذا أيضاً على طريقة التشبيه. قال رؤبة:
* إلى عِنانَيْ ضامرٍ لطيفِ([15]) *
والأصل في العِنان ما ذكرناه في الحبْس.
وللعرب في العِنان أمثال، يقولون: "ذلّ لي عنانُه"، إذا انقاد. و"هو شديد العِنان"، إذا كان لا ينقاد. و"أَرْخِ من عِنانه" أي رفِّهْ عنه. و"ملأتُ عِنان الفرس"، أي بلغت مجهودَه في الحُضْر. قال:
حرف بعيد من الحادي إذا ملأت *** شمسُ النهارِ عِنان الأبرَق الصَّخبِ([16])
يريد إذا بلغت الشَّمسُ مجهود الجندب، وهو الأبرق. ويقولون: "هما يجريانِ في عِنانٍ واحد" إذا كانا مستويين في عملٍ أو فضْل. و"جرى فلانٌ عِناناً أو عنانين"، أي شوطاً أو شَوطين. قال الطِّرِمّاح:
سيعلمُ كلهم أنّي مُسِنٌّ *** إذا رفعوا عناناً عن عِنانِ([17])(4/17)
قال ابن السِّكّيت: "فلان طَرِبُ العِنان" يراد به الخفّة والرّشاقة. و "فلانٌ طويل العِنان"، أي لا يُذَاد([18]) عما يريد، لشرفه أو لماله. قال الحطيئة:
* مجدٌ تليدٌ وعِنانٌ طويل([19]) *
وقال بعضهم: ثنيت على الفرس عِنانَه، أي ألجمته. واثْنِ على فرسك عِنانَه، أي ألجِمْه. قال ابنُ مقبل:
وحاوَطَنِي حتَّى ثنيتُ عِنانَه *** على مُدبِرِ العِلْباء ريَّانَ كاهِلُهْ([20])
وأمَّا قولُ الشّاعر:
ستعلم إن دارت رحَى الحرب بيننا *** عِنانَ الشِّمال من يكونَنَّ أَضْرَعا
فإنَّ أبا عبيدة قال: أراد بقوله: عِنان الشِّمال، يعني السَّير الذي يعلَّق به في شِمال الشَّاة، ولقَّبه به. وقال غيره: الدّابّة لا تُعطف إلاَّ من شِمالها. فالمعنى: إنْ دارت مدارَها على جهتها. وقال بعضهم: عِنان الشمال أمر مشؤوم كما يقال لها:
* زجَرْتُ لها طَير الشِّمال([21]) *
ويقولون لمن أنجَحَ في حاجته: جاء ثانياً عِنَانَه.
(عب) العين والباء أصل صحيح واحد يدلُّ على كثرة ومعظمٍ في ماءٍ وغيره. من ذلك العَبُّ، وهو شُرب الماء من غير مصّ. يقال عَبَّ في الإناء يَعُبُّ عَبّاً، إذا شرب شُرباً عنيفاً. وفي الحديث: "اشربوا الماء مصّاً ولا تَعُبُّوه عَبّاً؛ فإنّ الكُبادَ من العَبِّ". قال:
* إذا يعُبُّ في الطَّوِيِّ هَرهَرا([22]) *
ويقال عَبَّ الغَرْب يَعُبّ عَبّاً، إذا صوَّتَ عند غَرف الماء. والعُباب في السَّير: السُّرعة([23]) . قال الفرّاء: العُباب: معظَم السَّيل. ومن الباب اليَعبوبُ: الفرس الجواد الكثير الجري، وقيل: الطَّويل، وقيل: هو البعيد القَدْر في الجري، وأنشد:
بأجشِّ الصَّوتِ يعبوبٍ إذا *** طُرِقَ الحيُّ من الغَزو صَهَلْ
واليعبوب: النّهر الكثير الماء الشّديد الجِرية. قال:
تخطُو على بَرديَّتينِ غذاهما *** غَدِقٌ بساحة حائرٍ يعبوبِ([24])(4/18)
ويقولون: إنّ العَبْعَب من الرِّجال: الذي يُعَبْعِب في كلامه ويتكلَّم في حَلْقه. ويقال ثوبٌ عَبْعَبٌ وعَبعاب، أي واسِعٌ. قال: والعبعاب من الرِّجال: الطويل. والعَبعَب: كساء من أكسية الصوف ناعم دقيق. وأنشد:
ولُبْسِكِ العَبعبَ بعد العبعبِ ***
بُدِّلتِ بعد العُرْيِ والتّذعلُبِ
مطارفَ الخَزّ فجرِّي واسحبي([25])
ومما شذّ عن هذا الباب العُبَب([26]) : شجرة تشبه الحَرمل إلاّ أنّها أطوَلُ في السَّماء، تخرج خيطاناً، ولها سِنَفَة مثل سِنَفَة الحرمل، وورقها كثيف. قال ابنُ مَيّادة:
كأنَّ بَرديَّةً جاشت بها خُلُجٌ *** خُضْرُ الشَّرائع في حافاتها العُبَبُ
ومما يقارب الباب الأوَّلَ ولا يبعد عن قياسه، ما حكاه الخليل أن العبعب: نَعْمة الشَّباب. والعَبعَب من الشُّبان: التامّ.
(عت) * العين والتاء أصلان: أحدهما صحيح يدلُّ على مراجعةِ كلامٍ وخصام، والآخر شيءٌ قد قيل من صفات الشُّبّان، ولعلّهُ أن يكون صحيحاً.
فالأوّل ما حكاه الخليل عتّ يعُتّ عتَّاً، وذلك إذا ردَّدَ القولَ مرَّة بعد مرة. وعَتَتُّ على فلانٍ قولَه، إذا ردّدتَ عليه القولَ مرَّةً بعد مرَّة. ومنه التَّعتُّت في الكلام، يقال تَعَتَّتَ يتعتَّت تعتُّتاً، إذا لم يستمرّ فيه. وأنشد:
خليليَّ عُتَّا لي سُهَيْلة فانظرا *** أجازعةٌ بعدي كما أنا جازعُ
يقول: رادَّاها الكلامَ. يقال منه عاتَتّه أُعاتُّه معاتّةً. قال أبو عبيد: مازِلت أُعاتُّ فلاناً وأُصاتُّه، عِتَاتاً وصِتاتاً، وهما الخصومة. وأصل الصَّت الصّدْم.
وأمَّا الأصل الذي لَعلّه أن يكون صحيحاً فيقولون: إن العُتْعُت: الشَّابّ.
قال:
لما رأته مُودَناً عِظْيرّا *** قالت أريد العُتعت الذِّفِرَّا([27])
الذّفِرّ: الطّويل. المُودَن والعِظْيَرّ: القصير. ويقولون: إنّ العُتعُت: الجدي.(4/19)
(عث) العين والثاء أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على دويْبَّة معروفة، ثم يشبَّه بها غيرها، والآخر يدلُّ على نَعمةٍ في شيء.
فأمَّا النَّعمة فقال الخليل: العَثعَث: الكثيب السَّهل. قال:
كأنَّه بالبحر من دون هَجَرْ *** بالعَثْعَث الأقصى مع الصُّبْح بَقَرْ
قال بعضهم: العَثْعَث من العَدَاب([28]) واللَّبَب، وهما مُسترَقّ الرَّمل([29]) ومكتنَزُه. والعَثْعَث من مكارم النَّبات([30]) . قال:
كأنّها بيضةٌ غَرّاء خُطّ لها في *** عَثْعَث يُنبِت الحَوْذان والعَذَما([31])
ومن الباب أو قريبٍ منه، تسميتُهم الغِناء عِثَاثاً، وذلك لحُسْنه ودَماثة اللفظ به([32]) . قال كثيِّر:
هَتُوفاً إذا ذاقها النّازعونَ *** سمعتَ لها بعد حَبْضٍ عثاثا([33])
وعَثْعَثُ الوَرِك: ما لان منه. قال ذو الرُّمَّة:
تريكَ وذا غدائرَ وارداتٍ *** يُصبْن عَثاعِث الحَجَبات سُودِ([34])
والأصل الآخر العُثَّة، وهي السُّوسة التي تلحس الصُّوف. يقال عَثَّتِ الصُّوفَ وهي تَعُثُّه، إذا أكلَتْه. وتقول العرب:
* عثَيثة تقرُمُ جِلداً أملسا([35]) *
يضرب مثلاً للضَّعيف يَجهَد أن يؤثِّر في الشّيء فلا يقدِر عليه.
ومما شُبِّه بذلك قولُ أبي زيدٍ: إنَّ العُثّة من النِّساء الخاملة([36]) ، ضاويّةً كانت أو غير ضاويّة، وجمعها عثائث. وقال غيره: هي العجوز. وأنشد:
فلا تحسبَنِّي مثلَ مَن هو قاعدٌ *** على عُثَّةٍ أو واثقٌ بكسادِ
ومما يُحمَل على هذا قولُهم: فلان عُثُّ مالٍ، أي إزاؤُه، أي كأنَّه يلزمه كما تلزم العُثَّة الصُّوف. ومنه عَثْعَث بالمكان: أقام به. وعثعثت إلى فلانٍ، أي ركنتُ إليه.(4/20)
(عج) العين والجيم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء، من صوتٍ أو غبارٍ وما أشبه ذلك. من ذلك العجُّ: رفْع الصَّوت. يقال: عجّ القومُ يَعِجُّون عَجّاً وعجيجاً وعجُّوا بالدُّعاء، إذا رفعوا أصواتَهم. وفي الحديث: "أفضل الحجّ العَجّ والثَّجّ"، فالعجّ ما ذكرنا. والثَّجُّ. صبُّ الدّم. قال وَرَقة:
وُلوجاً في الذي كَرِهت مَعدٌّ *** ولو عَجَّت بمكَّتها عجيجا([37])
أراد: دخولاً في الدِّين. وعجيج الماء: صوته؛ ومنه النهر العَجَّاج. ويقال عَجَّ البعير في هديره يَعَِجّ عجيجاً. قال:
* أنعَتُ قَرماً بالهَدير عاجِجَا *
فإن كرّرَ هديره قيل عَجْعج. ويقولون عَجَّت القَوس، إذا صوّتت. قال:
تَعُجُّ بالكفِّ إذا الرّامي اعتزم *** ترنُّمَ الشّارف في أُخرَى النعَمْ
قال أبو زيد: عَجَّت الرِّيح وأعَجَّت، إذا اشتدت وساقَت التُّراب. ويوم مِعَجٌّ أي ذو عَجَاج. والعَجاج: الغبار تَثُور به الرِّيحُ، الواحدة عَجَاجة. ويقال عجَّجت الرِّيح تعجيجاً. وعَجَّجْتُ البيتَ دخاناً حتَّى تَعَجَّج.
ومن الباب: فرس عجعاج، أي عَدَّاء. قال: وإنَّما سمِّي بذلك لأنه يثير العَجَاج. وأنشد:
وكأنَّه والرِّيح تضرب بُرْدَه *** في القوم فوق مخيَّسٍ عجعاجِ
والعَجَاجة: الكثيرة([38]) من الغَنم والإبل.
ومما يجري مَجرى المثلِ والتَّشبيه: فلانٌ يلفّ عجاجَتَه([39]) على فلان، إذا أغار عليه* وكأنَّ ذلك من عجاجة الحرب وغيرها. قال الشَّنفَرى:
وإني لأهوى أنْ أَلُفّ عَجاجتي *** على ذِي كِساءٍ من سَلامانَ أو بُرْدِ([40])
وحكى اللِّحياني: رجل عَجعاجٌ، أي صَيَّاح. وقد مرّ قياسُ الباب مستقيماً. فأمّا قولهم: إنّ العجعجة أن تجعل الياء المشدّدة جيماً، وإنشادُهم:
* يا ربِّ إِنْ كنتَ قبِلتَ حِجَّتِجْ *
فهذا مما [لا] وجْهَ للشُّغل به، ومما لا يدرى ما هو.(4/21)
(عد) العين والدال أصلٌ صحيح واحد لا يخلو من العَدّ الذي هو الإحصاء. ومن الإعداد الذي هو تهيئة الشَّيء. وإلى هذين المعنيين ترجع فروعُ الباب كلها. فالعَدُّ: إحصاء الشيء. تقول: عددت الشيءَ أعُدُّه عَدّاً فأنا عادٌّ، والشيء معدود. والعَديد: الكثرة. وفلانٌ في عِداد الصَّالحين، أي يُعَدُّ معهم. والعَدَد: مقدار ما يُعَدُّ، ويقال: ما أكثَرَ عديدَ بني فلان وعَدَدهم. وإنّهم ليتعادُّون ويتعدَّدُون على عشرة آلاف، أي يزيدون عليها. ومن الوجه الآخر العُدَّة. ما أُعِدَّ لأمرٍ يحدث. يقال أعددت الشيء أعِدُّه إعداداً. واستعددت للشيء وتعدَّدت له.
قال الأصمعيّ: وفي الأمثال:
* كلُّ امرئٍ يَعْدُو بما استعدَّا([41]) *
ومن الباب العِدَّة من العَدّ. ومن الباب: العِدّ: مجتَمع الماء، وجمعه أعداد. وإنما قلنا إنَّه من الباب لأنَّ الماء الذي لا ينقطع كأنَّه الشيء الذي أُعِدَّ دائماً. قال:
وقد أجَزْتُ على عَنْس مذكَّرة *** ديمومةً ما بها عِدٌّ ولا ثَمَدُ([42])
قال أبو عُبيدة: العِدَّ: القديمة من الرَّكايا الغزيرة، ولذلك يقال: حَسَبٌ عِدٌّ أي قديم، والجمع أعداد. قال: وقد يجعلون كلَّ رَكيّةٍ عِدّاً. ويقولون: ماءٌ عِدٌّ، يجعلونه صِفَةً، وذلك إذا كان من ماءِ الرَّكايا. قال:
لو كنتَ ماءً عِدّاً جَمَمْتُ إذا *** ما أوْرَدَ القوم لم يكُنْ وَشَلاَ([43])
قال أبو حاتم: العِدُّ: ماءُ الأرض، كما أنَّ الكَرَع ماءُ السَّماء. قال ذو الرّمّة:
بها العِينُ والآرامُ لا عِدَّ عندها *** ولا كَرَعٌ، إلاَّ المغاراتُ والرَّبْلُ([44])(4/22)
فأمّا العِدَاد فاهتياج وجَع اللّديغ. واشتقاقه وقياسه صحيح؛ لأنَّ ذلك لوقتٍ بعينه، فكأنّ ذلك الوقتَ يُعَدُّ عَدَّاً. قال الخليل: العِداد اهتياج وجَع اللّديغ، وذلك أنْ رُبَّ حيَّةٍ إذا بَلَّ سليمُها عادت. ولو قيل عادَّته، كان صواباً، وذلك إذا تمّت له سنةٌ مذْ يومَ لُدِغ اهتاج به الألم. وهو مُعادٌّ، وكأنَّ اشتقاقَه من الحساب من قِبَل عدَد الشَّهور والأيام، يعني أنّ الوجع كان يعدّ ما يمضي من السنة، فإذا تمّت عاوَدَ الملدوغ. قال الشّيباني: عِدَاد الملدوغ: أن يجد الوجَعَ ساعةً بعد ساعة. قال ابن السِّكيت: عِدَاد السَّليم: أن يُعَدَّ له سبعةُ أيام، فإِذا مضت رجَوْا له البُرْء وإذا لم تمضِ سبعة، فهو في عداد. قال ابن الأعرابي: العِداد يوم العطاء وكذلك كلُّ شيءٍ كان في السّنة وقتاً مؤقتاً. ومنه قوله عليه السلام:"ما زالت أُكْلةُ خَيبرَ تعادُّني فهذا أوَانَ قطعَتْ أبهَري"، أي تأتيني كلَّ سنةٍ لوقت. قال:
أصبح باقي الوصلِ من سُعادا *** عَلاقةً وسَقَماً عِدادا
ومن الباب العِدَّانُ: الزمان، وسمِّي عِدّاناً لأنَّ كلَّ زمانٍ فهو محدود معدود. وقال الفرزدق:
بكيتَ امرأً فَظَّاً غليظاً ملعَّنا *** ككِسرى على عِدَّانه أو كقيصرَا([45])
قال الخليل: يقال: كانَ ذلك في عِدَّان شبابه وعِدّان مُلْكه، هو أكثره وأفضله وأوّله. قال:
* والملك مخْبوٌّ على عِدّانه *
المعنى أنّ ذلك كان مهيّأ له مُعَدّاً. هذا قول الخليل. وذكر عن الشيباني أن العِداد أن يجتمع القومُ فيُخرجَ كلُّ واحدٍ منهم نفقةً. فأمّا عِداد القوس فناسٌ([46]) يقولون إنّه صوتُها، هكذا يقولون مطلقاً. وأصحُّ [من] ذلك ما قاله ابن الأعرابيّ، أنّ عداد القوس أن تنبِض بها ساعةً بعد ساعة. وهذا أقْيَس. قال الهذليُّ([47]) في عِدادها:
وصفراءَ* من نبعٍ كأنَّ عِدادَها *** مُزَعْزِعةٌ تُلقِي الثِّيابَ حُطومُ ...
فأمّا قول كُثَيِّر:(4/23)
فدَع عنك سُعْدى إنّما تُسْعِفُ النَّوى *** عِدَادَ الثُّرَيَّا مرَّةً ثم تأفُِلُ([48])
فقال ابنُ السّكّيت: يقال: لقيتُ [فلاناً] عِداد الثُّرَيَّا القمر، أي مرّةً في الشّهر. وزعموا أنّ القمر ينزل بالثُّرَيَّا مرّةً في الشّهر.
وأمّا مَعدٌّ فقد ذكره ناسٌ في هذا الباب، كأنّهم يجعلون الميم زائدة، ويزنونه بِمَفْعَل، وليس هذا عندنا كذا، لأنَّ القياس لا يوجبه، وهو عندنا فَعَلٌّ من الميم والعين والدال، وقد ذكرناه في موضعه من كتاب الميم.
(عر) العين والراء أصول صحيحة أربعة.
فالأول يدلُّ على لَطْخِ شيءٍ بغير طيّب، وما أشبه ذلك، والثاني يدلُّ على صوت، والثالث يدلُّ على سموٍّ وارتفاع، والرابع يدلُّ على معالجةِ شيء. وذلك بشرط أنّا لا نعدُّ النّباتَ ولا الأماكن فيما ينقاس من كلام العرب.
فالأوّل العَرُّ والعُرّ. قال الخليل: هما لغتان، يقال الجَرَب. وكذلك العُرَّة. وإنما سُمِّيَ بذلك لأنّه كأنَّه لطْخٌ بالجسَد. ويقال العُرَّة القَذَر بعينه. وفي الحديث: "لعن الله بائع العُرّة ومشتريها".
قال ابنُ الأعرابيّ: العَرُّ الجَرَب. والعُرّ: تسلّخ جلد البعير. وإنما يُكوَى من العَرّ لا من العُرّ. قال محمد بن حبيب: جمل أعَرُّ، أي أجرب. وناقة عَرّاء. قال النَّضر: جَمَلٌ عارٌّ وناقة عارّة، ولا يقال مَعرور في الجَرب، لأن المعرورة([49]) التي يُصيبها عَيْنٌ في لبنها وطَرْقها. وفي مثلٍ: "نَحِّ الجَرباء عن العارَّة". قال: والجرباء: التي عَمَّها الجربُ، والعارّة: التي قد بدأ فيها ذلك، فكأنّ رجلاً أراد أن يبعُد بإبله الجرباء([50]) عن العارّة، فقال صاحبُه مبكّتاً له بذلك، أي لِمَ يُنَحِّيها وكلُّها أجرب. ويقال: ناقةٌ معرورة قد مَسَّتْ ضرعَها نجاسةٌ فيفسُد لبنُها([51]) . ورجلٌ عارورة، أي قاذورة، قال أبو ذؤيب:
* فكلاًّ أراه قد أصابَ عُرورُها([52]) *(4/24)
قال الأصمعيّ: العَرُّ: القَرْح، مثل القُوَباء يخرج في أعناق الإبل، وأكثرُ ما يُصيب الفُِصلان:
قال أبو زيد: يقال: أعَرَّ فلانٌ، إذا أصاب إبلَه العُرّ.
قال الخليل: العُرَّة: القَذَر، يقال هو عُرّة من العُرَر، أي مَن دنا منه لَطَّخه بشرّ. قال: وقد يُستعمَل العُرَّة في الذي للطَّير أيضاً. قال الطِّرِمّاح:
في شَنَاظِي أُقَن بينَها *** عُرَّةُ الطَّير كصَومِ النَّعامْ([53])
الشَّناظِي: أطراف الجبل، الواحد شُنْظُوَة. ولم تُسمَع إلا في هذا البيت.
ويقال: استعرَّهم الشّرُّ، إذا فشا فيهم. ويقال عَرّهُ بشرّ يُعرُّه عَرَّا، إذا رماه به. قال الخليل: المَعَرَّة: ما يصيب الإنسانَ من إثم. قال الله سبحانه:{فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الفتح 25].
ولعل من هذا الباب ما رواه أبو عبيدٍ: رجلٌ فيه عَرَارةٌ، أي سُوء خُلُق.
فأمّا المعْتَرُّ الذي هو الفقير والذي يَعْتَرُّكَ ويتعرَّض لك، فعندنا أنّه من هذا، كأنَّه إنسان يُلاَزُّ ويلازم. والعَرَارة التي ذكرها أبو عبيدٍ من سوء الخُلُق، ففيه لغةٌ أخرى، قال الشيبانيّ: العُرْعُر: سوء الخُلُق. قال مالك الدُّبيريّ([54]) :
وركبَتْ صَوْمَها وعُرْعُرَها *** فلم أُصْلِحْ لها ولم أَكَِدِ([55])
يقول: لم أُصْلِح لهم ما صَنَعُوا([56]) . والصَّوم: القذر. يريد ارتكبَتْ سوءَ أفعالها ومذمومَ خُلُقها.
ومن الباب المِعْرَار، من النَّخْل([57]) . قال أبو حاتم: المعرار: المِحْشاف. ويقال: بل المِعْرَار التي يُصِيبُها [مثل العَرّ، وهو([58]) ] الجرب.
ــــــــــــــــ
([1]) لامرئ القيس في معلقته. ودوار: صنم، يقال بضم الدال وفتحها مع شدها وتخفيفها.
([2]) في الأصل: "في بيضة القيض" تحريف، صوابه في اللسان (بيض). وفي الديوان 44: "في بيضة الصيف".
([3]) في اللسان (عنن 163): "مُعْرِض".(4/25)
([4]) البيت للنابغة في اللسان (عنن 176 خذف 408). والخذوف: الأنان تخذف من سرعتها الحصى، أي ترميه. وفي الأصل: "خذروف" تحريف. ويروى أيضاً: "خنوف".
([5]) وكذا ورد إنشاده في اللسان (عنن 164) وذكر بعده قوله: "معنى قوله ورهاء العنان أنها تعتن في كل كلام وتعترض". وأنشده في (عرب 81): "فما خلف من أم عمران".
([6]) الشعر لطحلاء يمدح معاوية بالجهارة، كما في البيان والتبيين (1: 127) بتحقيقنا. وصدر البيت: * ركوب المنابر وثابها *
([7]) كذا ورد ضبطه في الأصل والمجمل.
([8]) كذا ضبط في الأصل، وهو ما يقتضيه الاستشهاد. وقد أنشده صاحب اللسان في (عنن) شاهداً لقوله: "والعنة، بالفتح: العطفة". وعجز البيت كما في اللسان وديوان طفيل 10: * وجرس على آثارها كالملوب *
([9]) ديوان الأعشى 19 واللسان (عنن 166).
([10]) العجاج في ديوانه 17 واللسان (قضض).
([11]) للوليد بن عقبة، كما في اللسان (سدم، عنا). وهو من أبيات يحض فيها معاوية على قتال علي، رواها صاحب اللسان في (حلم 36-37).
([12]) قال في اللسان (عنن 116): "يضرب مثلاً لمن يتهدد ولا ينفذ".
([13]) في الأصل: "دهالس"، تحريف. والدهاس: كل لين جداً من الرمال شبههن بالكثيب اللين.
([14]) في الأصل: "جلاه"، صوابه في المجمل واللسان.
([15]) ديوان رؤبة 102 واللسان (عنن 165) .
([16]) أنشده في اللسان (عنن) .
([17]) ديوان الطرماح 175 واللسان (عنن) وفي شرح الديوان:" المعنى سيعلم الشعراء أني قارح".
([18]) في الأصل: "لا يراد".
([19]) صدره في ديوانه 84: * بلغه صالح سعي الفتى *
([20]) البيت في اللسان (عنن).
([21]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 70 واللسان (شمل). والبيت بتمامه:
زجرت لها طير الشمال فإن تكن *** هواك الذي تهوى يصبك اجتنابها
([22]) في اللسان (هرر) والمخصص: (17: 26):
سلم ترى الدالي منه أزورا *** إذا يعب في السري هرهرا(4/26)
([23]) هذه الكلمة لم ترد في المتداولة، ولم تذكر في المجمل.
([24]) البيت لقيس بن الخطيم في ديوانه 6. وروي عجزه في اللسان (2: 63) محرفاً، وقد سبق في (2: 123) .
([25]) الرجز في اللسان (عبب).
([26]) لم ترد الكلمة في اللسان. وفي القاموس أنه "الردن"، وهو أصل الكم.
([27]) الرجز في اللسان (عتت).
([28]) العداب، بالدال المهملة: المستدق من الرمل. وفي الأصل: "العذاب" تحريف.
([29]) يقال مسترق ومستدق أيضاً بالدال. وهو ما رق ودق، وفي اللسان (دقق): "ومستدق كل شيء ما دق منه واسترق". وفي (رقق): "ومسترق الشيء: ما رق منه".
([30]) أي من المواضع التي يجود فيها النبات، جمع مكرمة، بفتح الميم والراء.
([31]) البيت للقطامي في ديوانه 69 واللسان (عثث، عذم).
([32]) يقال منه عاثَّ يعاثّ معاثّة وعثاثاً.
([33]) البيت في المجمل واللسان (عثث).
([34]) ديوان ذي الرمة 151 والمجمل (عث). وبعده في الديوان:
مقلد حرة أدماء ترمي *** بحدتها بقاترة صيود ...
([35])من أقدم من ضرب هذا المثل، الأحنف بن قيس، حين عابه حارثة بن بدر الغدافي، عند زياد، اللسان (عثث) والميداني (2: 424).
([36]) الخاملة، بالخاء المعجمة، وفي اللسان: "المحقورة الخاملة" وفي الأصل: "الحاملة".
([37]) البيت من أبيات له في سيرة ابن هشام 121 جوتنجن. وفيها "قريش" بدل "معد". وقبله:
فيا ليتي إذا ما كان ذاكم *** شهدت وكنت أكثرهم ولوجا
([38]) وكذا في المجمل، وفي اللسان: "الكثير".
([39]) في الأصل: "بجناحيه"، صوابه في المجمل واللسان: وفي المجمل أيضاً: "على بني فلان، إذا أغار عليهم". وفي اللسان: "على بني فلان، أي يغير عليهم".
([40]) البيت مع قرين له في الأغاني (21: 88). وقد أنشده في المجمل واللسان (عجج). انظر نوادر أبي زيد 164، وشرح شواهد الشافية للبغدادي 143 ومجالس ثعلب 143.
([41]) ورد المثل منثوراً في الميداني (2: 95).(4/27)
([42]) في الأصل: "عيس"، تحريف. وأنشد في اللسان للراعي:
في كل غبراء مخشي متالفها *** ديمومة ما بها عد ولا ثمد
([43]) البيت للأعشى في ديوانه 157. وروايته فيه: "إذا ما أورد القوم لم تكن". وقد أشار في الشرح إلى ما يطابق رواية ابن فارس.
([44]) ديوان ذي الرمة 458. وأوله فيه: "سوى العين". وفي الأصل: "لا عند عندها ولا الكرع المغارات والرمل"، وتصحيحه من الديوان. وفي شرح الديوان: "المغارات: مكانس الوحش. والربل: النبات الكثير".
([45]) البيت مما لم يرو في ديوان الفرزدق. وهو من أبيات له يهجو بها مسكيناً الدارمي، وكان مسكين قد رثى زياداً ابن أبيه. انظر اللسان (عدد) والأغاني (18: 68) ومعجم البلدان(رسم ميسان)والخزانة (1: 468).
([46]) في الأصل: "قياس". وصوبته من مألوف عباراته.
([47]) هو ساعدة بن جؤية الهذلي، من قصيدة في ديوانه 227.
([48]) سبق البيت بدون نسبة في (أفل) برواية: "قران الثريا". وأنشده في اللسان (عدد).
([49]) لم تذكر هذه الكلمة في اللسان، وذكرت في القاموس (عرر) مفسرة بقوله "التي أصابتها عين في لبنها" والطرق المذكورة في تفسير ابن فارس، هو ضراب الفحل.
([50]) وهذا شاهد آخر لوصف الجمع بفعلاء المفرد. انظر ما أسلفت من التحقيق في مجلة الثقافة 2151 والمقتطف نوفمبر سنة 1944 والمقاييس (حر).
([51]) هذا التفسير لم يرد في المجمل ولا في سائر المعاجم المتداولة.
([52]) كلمة " أراه" ساقطة من الأصل. وصدر البيت في ديوانه 154:
* خليلي الذي دلى لغي خليلتي *
وعجزه في اللسان:
* جهارا فكل قد أصاب عرورها *
وضبطت " عرورها" بالنصب، صوابه الرفع، فالقصيدة مضمومة الروي.
([53]) ديوان الطرماح 97 واللسان (شنظ، أقن). وقد سبق في (أقن).
([54]) في الأصل: "ملك الزبيري".
([55]) أنشد صدره في اللسان (عرر 236 س11).(4/28)
([56]) قد فهم أن المراد قبيلة من القبائل. لكن في اللسان: "في قول الشاعر يذكر امرأة".
([57]) في الأصل: "المعرار ومن النخل"، صوابه في اللسان.
([58]) التكملة من اللسان. ...
ومن الباب العَرِير، وهو الغريب. وإنما سمِّيَ عَرِيراً على القياس الذي ذكرناه لأنّه كأنَّه عُرَّ بهؤلاء الذين قَدِمَ عليهم، أي أُلصِق بهم. وهو يرجع إلى باب المعترّ.
ومن ذلك حديث حاطب، حين قِيل له: لِمَ كاتبتَ أهل مَكَّة؟ فقال: "كنتُ عريراً فيهم" أي غريباً لا ظَهْرَ لي.
ومن الباب المَعَرَّة في السَّماء، وهي ما وراء المَجَرّة من ناحية القطب الشَّماليّ. سُمّي مَعرَّةً لكثرة النُّجوم فيه. قال: وأصل المَعَرَّة موضعُ العَرّ، يعني الجَرَب. والعرب تسمِّي السّماءَ الجَرباءَ، لكثرة نجومها. وسأل رجلٌ رجلاً عن منزله *فأخبره أنّه ينزِل بين حَيّين عظيمين من العرب، فقال: "نَزَلْتَ بَينَ المَجَرَّة والمَعرَّة".
والأصل الثّاني: الصّوت. فالعِرَار: عِرَارُ الظَّليم، وهو صوتُه. قال لبيد:
تحمَّلَ أهلُها إلا عِراراً *** وعَزْفاً بعد أحياءٍ حِلالِ([1])
قال ابن الأعرابيّ: عارّ الظليم يُعارُّ. ولا يقال عَرَّ. قال أبو عمرو: العِرار: صوت الذّكر إذا أرادَ الأنثَى. والزِّمار: صوت الأنْثى إذا أرادت الذّكر. وأنشد:
متى ما تشأ تسمع عِراراً بقَفْرةٍ *** يجيب زِماراً كاليَرَاع المُثَقَّبِ([2])
قال الخليل: تعارَّ الرّجلُ يتعارُّ، إذا استيقظ من نومه. قال: وأحسب عِرارَ الظَّليم من هذا. وفي حديث سَلْمان: "أنّه كان إذا تعارّ من اللّيل سَبّح".
ومن الباب: عَرْعَارِ([3]) ، وهي لُعْبةٌ للصِّبْيان، يَخْرُج الصَّبيُّ فإذا لم يجِدْ صِبياناً رفع صوتَه فيخرجُ إليه الصِّبيان. قال الكميت:
حيث لا تنبِض القِسيُّ ولا تَلْـ *** ـقَى بعَرعارٍ ولِدةٍ مذعُورا ...
وقال النابغة:
متكنِّفَيْ جنْبَيْ عكاظَ كلَيْهما *** يدعو وليدُهم بها عرعارِ([4])(4/29)
يريد أنّهم آمنون، وصِبيانُهم يلعبون هذه اللُّعبة. ويُريد الكميتُ أنّ هذا الثّورَ لا يسمع إنباضَ القِسيِّ ولا أصواتَ الصِّبيان ولا يَذْعَره صوت. يقال عَرعَرة وعرعارِ، كما قالوا قرقرةٌ وقرقارِ، وإنّما هي حكاية صِبية العرب.
والأصل الثالث الدالُّ على سموٍّ وارتفاع. قال الخليل: عُرعُرة كلِّ شيء: أعلاه. قال الفرّاء: العُرْعُرة: المَعرَفَة([5]) من كلِّ دابة. والعُرعُرة: طَرَف السَّنام. قال أبو زيد: عُرعُرة السَّنام: عَصَبةٌ تلي الغَراضِيف.
ومن الباب: جَمل عُراعِرٌ، أي سَمين. قال النابغة:
له بفناء البيت جَوْفاء جَونةٌ *** تلقَّم أوصالَ الجَزورِ العُراعِر([6])
ويتّسعون في هذا حتى يسمُّو الرّجلَ الشَّريف عُراعِر. قال مُهَلهل([7]) :
خَلَعَ الملوكَ وسار تحت لوائِه *** شَجرُ العُرَى وعُراعِر الأقوامِ
ومن الباب: حمارٌ أعَرُّ، إذا كان السِّمن في صدره وعنقه. ومنه العَرارَة وهي السُّودد. قال:
إنّ العَرارَة والنُّبوحَ لدارمٍ *** والمستخفَُّ أخوهم الأثقالا([8])
قال ابنُ الأعرابيّ: العَرَارة العِزّ، يقال هو في عَرارة خير([9]) ، وتزوَّج فلانٌ في عَرارةِِ نساءٍ، إذا تزوَّج في نساءٍ يلِدْن الذُّكور. فأمّا العَررُ الذي ذكره الخليل في صِغَر السَّنام فليس مخالفاً لما قلناه؛ لأنّه يرجِع إلى الباب الأوّل من لُصوق الشَّيء بالشيء، كأنَّه من صِغَرِه لاصِقٌ بالظّهر. يقال جملٌ أعرُّ وناقة عَرَّاء، إذا لم يَضخُم سَنامُها وإن كانت سمينة؛ وهي بيِّنَة العَرَر وجمعها عُرٌّ. قال:
* أبدأْنَ كُوماً ورَجَعْنَ عُرَّا *
ويقولون: نعجةٌ عرّاء، إذا لم تسمن ألْيتُها؛ وهو القياس، لأنَّ ذلك كالشيء الذي كأنّه قد عُرَّ بها، أي أُلصِق.(4/30)
والأصل الرابع، وهو معالجةُ الشَّيء. تقول: عَرعَرتُ اللَّحمَ عن العظم، وشرشرتُه، بمعنىً. قالوا: والعَرعَرة المعالجة للشَّيء([10]) بعَجَلة، إذا كان الشّيءُ يعسُر علاجُه. تقول: عرعرت رأسَ القارورة، إذا عالجتَه لتُخرِجَه. ويقال إنَّ رجلاً من العرب ذبَح كَبْشاً ودعا قومَه فقال لامرأته: إنِّي دعوتُ هؤلاء فعالجِي هذا الكبشَ وأسْرِعِي الفراغَ منه، ثمَّ انطلَقَ ودعا بالقوم، فقال لها: ما صنعتِ؟ فقالت: قد فرغت منه كلِّه إلاَّ الكاهلَ فأنا أعَرْعِرُه ويُعرعِرُني. قال: تزوَّديه إلى أهلك. فطلَّقها. وقال ذو الرّمَّة:
وخضراءَ في وكرينِ عَرعرتُ رأسَها *** لأُبْلِي إذا فارقت في صُحبتي عُذْرَا([11])
فأمَّا العَرْعَر فشَجر. وقد قُلنا إنَّ ذلك [غير] محمول على القياس، وكذلك أسماء الأماكن نحو عُراعِر، [ومَعَرِّ]ين([12]) ، وغيرِ ذلك.
(عز) العين والزاء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على شدّةٍ وقوّةٍ وما ضاهاهما، من غلبةٍ وَقهر. قال الخليل: "العِزَّة لله جلّ ثناؤُه، وهو من العزيز. ويقال: عَزّ الشّيء حتى يكاد لا يوجد". وهذا وإنْ كان صحيحاً فهو بلفظ آخر أحسن، فيقال: هذا الذي لا يكادُ يُقدَر عليه. ويقال عزّ الرّجُل بعد *ضعفٍ وأعزَزْتُه أنا: جعلتُه عزيزاً. واعتزَّ بِي وتعزَّزَ. قال: ويقال عَزّه على أمرٍ يَعُِزُّه، إذا غلبَه على أمره. وفي المثل:"مَن عَزّ بَزّ"، أي من غلب سَلَب. ويقولون: "إذا عَزَّ أخوك فَهُن"، أي إذا عاسَرَك فياسِرْه. والمُعازَّة: المغالَبة. تقول: عازَّني فلان عِزازاً ومُعَازّة فعزَزْتُه: أي غالَبَني فغلبتُه. وقال الشاعر يصف الشَّيب والشباب:
ولما رأيت النَّسر عزَّ ابنَ دأيةٍ وعشَّش *** في وكريْه جاشت له نَفْسِي([13])(4/31)
قال الفرّاء: يقال عَزَزت عليه فأنا أعِزّ عِزَّاً وعَزَازةً، وأعززْتُه: قوَّيتُه، وعزّزْتُه أيضاً. قال الله تعالى:{فَعَزَّزْنَا بِثَالثٍ} [يس 14]. قال الخليل: تقول: أُعززْتُ بما أصاب فلاناً، أي عظُم عَلَيَّ واشتدّ.
ومن الباب: ناقةٌ عَزُوزٌ، إذا كانت ضيِّقة الإحليل لا تَدُِرّ إلاّ بجَهْد. يقال: قد تعزَّزَتْ عَزَازة. وفي المثل: "إنّما هو عَنْزٌ عَزوزٌ لها درٌّ جمٌّ". يضرب للبخيل الموسِر. قال: ويُقال عَزَّتِ الشَّاة تعُزُّ عُزوزاً، وعَزُزَتْ أيضاً عُزُزاً فهي عَزُوز، والجمع عُزُزٌ. ويقال استُعِزَّ على المريض، إذا اشتدَّ مرضُه. قال الأصمعيّ: رجلٌ مِعزازٌ، إذا كان شديدَ المرض؛ واستَعَزَّ به المرضُ. وفي الحديث: "أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام لمَّا قدِمَ المدينةَ نَزَلَ على كُلثوم بن الهِدْم([14]) وهو شاكٍ، فأقامَ عنده ثلاثاً، ثم استُعِزَّ بكُلثومٍ –أي مات- فانتقل [إلى سعد ابن خيْثمة([15]) ]".
ورجُلٌ معزوزٌ، أي اجتِيح مالُه وأُخذ. ويقال استَعَزّ عليه الشيَّطانُ، أي غَلَبَ عليه وعلى عَقْله. واستعَزَّ عليه الأمر، إذا لجَّ فيه. قال الخليل: العَزَازةُ: أرضٌ صلبة ليست بذاتِ حجارة، لا يعلوها الماء. قال:
من الصَّفا العاسِي ويَدْعَسْنَ الغَدَرْ *** عَزَازَهُ ويَهْتَمِرْن ما انْهَمَر([16])
ويقال العَزاز: نحوٌ من الجَهاد، أرض غليظةٌ لا تكاد تُنبِت وإن مُطِرت، وهي في الاستواء. قال أبو حاتم: ثمَّ اشتقَّ العَزَازُ من الأرض من قولهم: تعزَّزَ لحمُ النّاقة، إذا صَلُب واشتدّ.(4/32)
قال الزُّهريّ: كنت أختلِفُ إلى عُبيد الله بن عَبد الله بن عتبة، أكتُبُ عنه، فكنتُ أقوم له إذا دخل أوْ خرج، وأُسوِّي عليه ثيابَه إذا ركِب، ثمَّ ظننت أنِّي قد استفرغتُ ما عنده، فخرج يوماً فلم أقُمْ إليه، فقال لي: "إنَّك بعدُ في العَزَاز فقُمْ"، أراد: إنك في أوائلِ العلم والأطرافِ، ولم تبلغ الأوساط. قال أبو حاتم: وذلك أنَّ العَزازَ تكون في أطراف الأرض وجوانبها، فإذا توسَّطتَ([17]) صِرت في السُّهولة.
قال أبو زيد: أعزَزْنا: صِرنا في العَزَاز. قال الفَرَّاء، أرض عَزَّاء للصُّلبة، مثل العَزازِ. ويقال استعَزَّ الرَّمْل وغيرُه، إذا تماسَكَ فلم ينهلْ. وقال رؤبة:
باتَ إلى أرطاةِ حقْفٍ أحْقَفَا ***
متَّخِذاً منها إياداً هَدَفا
إذا رأى استعزازَه تعفَّفا([18])
ومن الباب: العَزَّاء: السّنَة الشديدة. قال:
* ويَعْبِطُ الكُومَ في العَزّاءِ إن طُرِقا([19]) *
والعِزُّ من المطر: الكثير الشّديد؛ وأرض معزوزة، إذا أصابها ذلك. أبو عمرو: عَزَّ المطر عزَازَةً([20]) . قال ابن الأعرابيّ: يقال أصابنا عِزٌّ من المطر، إذا كان شديداً. قال: ولا يُقال في السَّيل. قال الخليل: عَزَّزَ المطرُ الأرض: لبّدها، تعزيزاً. ويقال إنَّ العَزازَة دُفْعةٌ تَدفَع في الوادي قِيدَ رُمح([21]) . قال ابن السِّكِّيت: مطر عِزٌّ، أي شديد. قال: ويقال هذا سيلٌ عِزٌّ، وهو السَّيل الغالب.
ومن الباب: العُزَيزاء من الفرس: ما بين عُكْوَتِه وجاعرته. قال ثعلبة الأسديّ:
أُمِرَّتْ عُزَيزَاهُ ونِيطت كُرُومُهُ *** إلى كَفَلٍ رابٍ وصُلْب مُوَثّقِ([22])(4/33)
الكُروم: جمع كَرْمة، وهي رأس الفخِذ المستديرُ كأنَّه جُونة. والعُزيزاء ممدود، ولعلَّ الشَّاعر قَصَرها للشِّعر، والدَّليل على أنَّها ممدودة قولُهم في التثنية عُزيزاوان. ويقال هما طرَفا الورِك. والعُزَّى: تأنيث الأعَزّ، والجمع عُزَزٌ. ويقال العُزَّانُ: جمع عزيز، والذُّلاَّنُ: جمع ذليل. يقال أتاك العُزَّانُ. ويقولون: "أعزُّ من بَيض الأنوق"، و"أعزُّ من الأبلق العقوق"، و"أعزُّ من الغراب الأعصم" و "أعزُّ من *مُخَّة البَعوض". وقال الفرّاء: يقال عَزَّ عليَّ كذا، أي اشتدّ. ويقولون: أتحبّني؟ فيقول: لعَزَّ ما، أي لشَدَّ ما.
(عس) العين والسين أصلانِ متقاربان: أحدهما الدنوُّ من الشّيء وطلبُه، والثاني خِفَّةٌ في الشيء.
فالأوّل العَسُّ باللَّيل، كأنّ فيه بعضَ الطَّلَب. قال الخليل: العَسُّ: نَفْض اللَّيل عن أهل الرِّيبة. يقال عَسَّ يَعُسُّ عَسَّاً. وبه سمِّي العَسَس الذي يطوف للسُّلطان باللِّيل. والعَسَّاس: الذِّئب، وذلك أنَّه يَعُسّ بالليل. ويقال عَسعَسَ اللّيل، إذا أقبل. وعسعست السَّحابةُ، إذا دنت من الأرض ليلاً. ولا يقال ذلك إلاَّ ليلاً في ظُلمة. قال الشَّاعر يصف سحابا:
عسعَسَ حتَّى لو نشاءُ إذْ دنا *** كان لنا من نارِه مقتبسُ([23])
ويقال تَعَسْعَسَ الذّئب، إذا دنا من الشَّيء يشَمُّه. وأنشد:
* كمُنْخُر الذّئبِ إذا تَعَسْعسا([24]) *
قال الفرّاء: جاء فلانٌ بالمال من عَسِّهِ وبَسِّه. قال: وذلك أنَّه يعُسُّه، أي يطلبه. وقد يقال بالكسر. ويعتسُّه: يطلبه أيضاً. قال الأخطل:
وهل كانت الصَّمعاءُ إلاّ تعلَّةً *** لمن كان يعتسُّ النِّساء الزَّوانيا([25])(4/34)
وأمَّا الأصل الآخَر فيقال إنَّ العَسّ خفّة في الطعام. يقال عَسَسْتُ أصحابي، إذا أطعمتَهم طعاماً خفيفاً. قال: عَسَسْتُهم: قَريتهم أدنَى قِرىً. قال أبو عمرو: ناقةٌ ما تَدُِرّ إلاَّ عِساساً، أي كَرْهاً. وإذا كان كذا كان دَرُّها خفيفاً قليلاً. وإذا كانت كذا فهي عَسوس. قال الخليل: العَسُوس: التي تَضرِب برجلَيها وتصبُّ اللبنَ. يقولون: فيها عَسَسٌ وعِسَاسٌ. وقال بعضهم: العَسُوس من الإبل: التي تَرأم ولدَها وتدُِرّ عليه ما نَأَى عنها النَّاس، فإن دُنِيَ منها([26]) أو مُسَّت جذبت دَرَّها.
قال يونس: اشتق العَسُّ من هذا، كأنَّه الاتِّقاء باللَّيل. قال: وكذلك اعتساس الذِّئب. وفي المثل: "كلب عَسّ، خير من أسدٍ اندسَّ([27]) ".
وقال الخليل أيضاً: العَسُوس التي بها بقيَّةٌ من لبنٍ ليس بكثير.
فأمّا قولهم عسَعسَ اللَّيلُ، إذا أدبَرَ، فخارج عن هذين الأصلين. والمعنى في ذلك أنَّه مقلوب من سَعْسَع، إذا مضى. وقد ذكرناه. فهذا من باب سعّ. وقال الشّاعر في تقديم العين:
نجَوْتُ بأفراسٍ عِتاقٍ وفِتيةٍ *** مَغَاليس في أدبار ليلٍ مُعَسْعِسِ([28])
ومما شذَّ عن البابين: عَسْعَس، وهو مكان. قال امرؤ القيس:
ألم ترم الدار الكثيب بِعَسْعَسَا *** كأنِّي أنادِي أو أكلم أخْرَسا([29])
(عش) العين والشين أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على قِلّةٍ ودِقَّة، ثم يرجع إليه فروعُه بقياسٍ صحيح.
قال الخليل: العشُّ: الدقيقُ عظام اليدين والرِّجلين([30]) ، وامرأة عَشَّة. قال:
لعمْرُك ما ليلَى بورهاءَ عِنْفِصٍ *** ولا عَشَّةٍ خلخالُها يتقعقَعُ([31])
وقال العجّاج:
أُمِرَّ مِنها قَصَباً خَدَلَّجا *** لا قَفِرَاً عَشَّاً ولا مُهَبَّجَا([32])(4/35)
ويقال ناقة عَشَّةٌ: سقفاء القَوائم، فيها انحناء، بيِّنة العَشَاشةِ والعُشُوشَة. ويقال: فلانٌ في خِلقته عَشاشَة، أي قِلّة لحمٍ وعِوَجُ عِظام. ويقال تَعشَّش النَّخْل، إذا يَبِس، وهو بيِّنُ التّعشُّش والتّعشيش. ويقال شجرةٌ([33]) عَشَّةٌ، أي قليلةُ الورق. وأرض عشَّة: قليلة [الشَّجر([34]) ].
قال الشّيبانيّ: العَشُّ من الدّوابّ والناس: القليل اللَّحم، ومن الشَّجر: ما كان على أصلٍ واحد وكان فرعُه قليلاً وإن كانَ أخضر.
قال الخليل: العَشَّة: شَجرةٌ دقيقة القُضْبان، متفرِّقة الأغصان، والجمع عَشَّات. قال جرير:
فما شَجراتُ عِيصِكَ في قريشٍ *** بعَشَّات الفُروع ولا ضَواحِ([35])
ويقال عَشَّ الرجلُ القومَ، إذا أعطاهم شيئاً نَزْراً. وعَطِيّةٌ مَعشوشةٌ، أي قليلة. قال:
حارثُ ما سَجْلُكَ بالمعشُوشِ *** ولا جَدَا وبلِكَ بالطَّشيشِ([36])
وقال آخَر يصفُ القطا:
* يُسقَينَ لا عَشَّاً ولا مُصَرَّدَا([37]) *
أي لا مقلَّلاً.
قال ابنُ الأعرابيّ: قالت امرأةٌ من كِنانة: "فَقَدْناك فاعتَششْنا لك"، أي دخلَتْنا من ذلك ذِلّة وقلّة.
ومن هذا القياس العُشّ للغُراب على الشَّجرة* وكذلك لغيرهِ من الطَّير، والجمع عِشَشة. يقال اعتَشَّ الطَّائرُ يعتشُّ اعتشاشاً. قال:
* بحيث يَعْتَشُّ الغرابُ البائضُ([38]) *
إنّما نعَتَه بالبائض وهو ذكَرٌ لأنَّ له شِرْكةً في البيض، على قياسِ والد. قال أبو عمرو: وعَشَّش([39]) الطَّائر: اتَّخذ عُشَّاً. وأنشد:
وفي الأشاء النّابتِ الأصاغِرِ *** مُعَشَّشُ الدُّخَّلِ والتَّمامِرِ([40])
قال أبو عبيد: تقول العرب: "ليس هذا بعُشِّكِ فادرُجي"، يُضرَب مثلاً لمن ينزِل منزلاً لا يصلحُ لمثله. وإنما قلْنا إنَّ هذا من قياس الباب لأنَّ العُشّ لا يكاد يعتشُّه الطَّائر إلاَّ من دقيق القضبانِ والأغصان. وقال ابن الأعرابيّ: الاعتشاش: أن يمتارَ القوم مِيرَةٍ ليست بالكثيرة.(4/36)
ومن الباب ما حكاه الخليل: عَشَّش الخُبْز، إذا كَرَّج. وقال غيره: عَشّ فهو عاشٌّ، إذا تغيَّر ويَبِس. وعَشَّش الكلأ: يبِس. ويقال عشَّشت الأرض: يبِست.
ومما شذَّ عن هذا الأصل قولهُم: أعششتُ القَومَ، إذا نزلتَ بهم على كرهٍ حتَّى يتحوَّلوا من أجلك. وأنشد:
ولو تُرِكَتْ نامت ولكن أعَشَّها *** أذَىً من قِلاَصٍ كالحنِيِّ المُعطَّفِ([41])
ومن الأماكن التي لا تنقاس: أعشاشٌ، موضعٌ بالبادية، فيه يقول الفرزدق:
عَزَفْتَ بأعشاشٍ وما كِدْتَ تَعزِفُ *** وأنكرتَ من حَدْرَاءَ ما كنتَ تعرفُ([42])
وزعم ناسٌ عن اللّيث قال: سمعت راوِيةَ الفرزدق ينشد: "بإعشاش". وقال: الإعشاش: الكِبَر. يقول: عَزَفتَ بكِبَرِك عمّن تحبّ، أي صَرفتَ نفسَك عنه.
(عص) العين والصاد أصلٌ يدلُّ على شدّة وصلابةٍ في شيء.
قال ابن دريد([43]) : "عَصَّ الشيء يَعَصُّ، إذا صلُب واشتدّ". وهذا صحيح. ومنه اشتُقَّ العُصعُص، وهو أصل الذّنَب، وهو العَجْب، وجمعه عَصاعِص. قال ذو الرُّمّة:
تُوَصَّلُ منها بامرِئ القيس نسبةٌ *** كما نِيط في طُول العَسيبِ العَصاعصُ([44])
قال: ويسمَّى العُصعوصَ أيضاً: قال الكسائيّ: العُصُص: لغة في العُصْعُص. قال مَرّارٌ العُقَيليّ:
... فأَتى مَلَثَ الظلام على *** لَقَمِ الطَّريق وضَفَّتَيْ قَصَصِه
ذئبٌ به وَحْشٌ ليمنَعه *** مِن زدانا مُقعٍ على عُصُصِه ...
ويقال له العُصْعُوص أيضاً: كما يقال للبرقُع بُرقوع. قال:
ما لَقِيَ البيضُ من الحُرْقوص *** يدخل بين العَجْب والعُصْعُوصِ([45])
ومن الباب العُصْعُص([46]) : الرَّجُل الملزَّز الخَلْق، كالمُكتَّل.
(عض) العين والضاد أصلٌ واحدٌ صحيح، وهو الإمساك على الشيء بالأسنان. ثمّ يقاس منه كلُّ ما أشبَهَه، حتى يسمَّى الشيء الشَّديد والصُّلب والدَّاهي بذلك.(4/37)
فالأوّل العَضّ بالأسنان يقال: عَضِضتُ أعَضُّ عَضَّاً وعضيضاً، فأنا عاضٌّ. وكلبٌ عَضوض، وفرس عَضوض. وبرئْت إليك من العِضاض. وأكثر ما يجيء العيوبُ في الدوابِّ على الفِعال، نحو الخِراط والنِّفار، ثم يُحمَل على ذلك فيقال: عَضِضتُ الرّجلَ، إذا تناولْتَه، بما لا ينبغي. قال النَّضْر: يقال: ليس لنا عَضاضٌ([47]) أي ما يُعَضّ، كما يقال مَضَاغٌ لما يُمضَغ.
ابن الأعرابيّ: ما ذُقْتُ عَضاضاً، أي شيئاً يؤكل. قال أهل اللُّغَة: يقال هذا زمن عَضُوضٌ، أي شديد كلِب. قال:
إليك أشكو زمناً عَضوضاً *** مَن يَنْجُ منه ينقلب حَرِيضا
ويقولون: ركيَّةٌ عضوض، إذا بعُد قعرُها وشَقّ على السّاقي الاستسقاء منها. قال:
أبِيت على الماء العَضُوض كأنني *** رَقُوبٌ، وما ذُو سَبْعَةٍ يرقُوبِ
وقوس عضوضٌ: لازق وترُها بكبدها. قال الخليل: العِضّ: الرّجل السيِّئ الخلُق المنكَر. قال:
* ولم أكُ عِضَّاً في الندامَى مُلَوَّما([48]) *
ويقال: العِضّ: الدّاهية. يقال: هو عِضٌّ ما يُفْلِت منه شيء؛ وهو الشحيح، الذي يقع بيده شيءٌ فيَعضُّ عليه. وإنَّه لَعِضُّ شَرٍّ، أي صاحبه. قال أبو زيد: فلان عِضُّ سَفَرٍ وعِضُّ مالٍ، إذا كان قويَّاً عليه مجرِّباً له. وقد عَضَّ بماله يَعضّ به عُضُوضاً([49]) . قال الفرَّاء: رأيتُ رجلاً عِضَّاً، أي مارداً، وامرأةً عِضَّةً أيضاً. وهذا عِضُّ هذا، أي حِتْنُه وقِرْنُه([50]) . ويقال إنَّ العِضَّ([51]) : الدَّاهِي من الرِّجال. ويُنشَد فيه:
أحاديثَ من عادٍ وجُرْهُمَ جَمَّةً *** يثوِّرها العِضَّانِ زيدٌ ودَغْفلُ([52])
ومما شذَّ عن هذا الأصل إن كان صحيحاً، يقولون: العُضَّاض: عِرنينُ الأنف. وينشدون:
وألجَمه فأسَ الهوانِ فَلاَكَهُ *** وأغضَى على عُضَّاضِ أنفٍ مصلَّمِ([53])(4/38)
فأمّا ما جاء على هذا من ذكر النَّبات فقد قلنا فيه ما كَفَى، إلاّ أنّهم يقولون: إنّ العُضَّ، مضموم: علَفُ أهلِ القرى والأمصار، وهو النّوى والقَتُّ ونحوُهما. قال الأعشى:
مِنْ سَرَاةِ الهِجان صَلَّبَها العُـ *** ـضُّ ورَعْيُ الحِمَى وطُولُ الحِيالِ([54])
وقال الشَّيبانيّ: العُضّ([55]) : العَلف. ويقال بل العُضُّ الطَّلح والسَّمُر والسَّلَم، وهي العِضاهُ. قال الفرَّاء: أعضَّ القومُ فهُمْ مُعِضُّونَ، إذا رعَوا العضاهَ. وأنشد:
أقول وأهلي مُؤرِكُونَ وأهلُها *** مُعِضُّون إنْ سارَتْ فكيف أسيرُ([56])
وإنما جاز ذلك لمّا كان العِضَاهُ من الشَّجَر لا العُشْب صارت الإبل مادامت مقيمةً فهي بمنزلة المعلوفة في أهلها النَّوَى وشِبهَه. وذلك أنَّ العُضّ علَف الرِّيف من النّوى والقَتّ. قال: ولا يجوز أن يقال من العِضَاهِ مُعِضٌّ إلاّ على هذا التأويل. والأصل في المُعِضّ أنَّه الذي تأكل إبله العُضَّ. وقال بعضهم: العِضُّ، بكسر العين، العِضَاهُ. ويقال بعيرٌ غاضٍ، إذا كان يُعلَفه أو يُرعاه([57]) . قال:
والله ما أدري وإن أوعدتَنِي *** ومشيْتَ بين طَيالسٍ وبياضِ
أبَعيرُ عُضٍّ وارِمٌ ألغادُهُ *** شثنُ المَشافرِ أم بعيرٌ غاضِ([58])
قال أبو عمرو: العُضّ: الشّعير والحنطة. ومعنى البيت أنَّ العُضَّ عَلَف الأمصار، والغضَى علَف البادية. يقول: فلا أدري أعَرَبيٌّ([59]) أم هجين.
ومما يعود إلى الباب الأول العَضُوض من النِّساء: التي لا يكاد ينفُذ فيها عُضو الرّجُل. ويقال: إنَّه لعِضاض عيشٍ، أي صبور على الشّدّة. ويقال ما في هذا الأمر مَعَضٌّ، أي مُستمسَك.
وقال الأصمعيّ: يقال في المثل: "إنَّك كالعاطف على العاضّ". وأصل ذلك أنَّ ابن مَخاضٍ أتى أمَّه يريد أن يرضَعها؛ فأوجع ضَرعها فعضَّتْه، فلم يَنْهَهُ ذلك أنْ عاد. يقال ذلك للرجل يُمنَع فيعود.(4/39)
(عط) العين والطاء أُصَيْلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. من ذلك العَطْعطة. قال الخليل: هي حكايةُ صوت المُجّانِ إذا قالوا: عِيطَ عِيط.
وقال الدّريديّ([60]) : "العطعطة: حكاية الأصوات إذا تتابعت في الحرب".
ومن الباب قول أبي عمروٍ: إنّ العَطاط: الشُّجاع الجسيم، ويوصَف به الأسد. وهذا أيضاً من الأوّل، كأنّ زئيرَه مشبَّه بالعطعطة. قال المتنخِّل([61]) :
وذلك يقتل الفِتْيانَ شَفْعاً *** ويسلُبُ حُلَّةَ اللّيثِ العَطاط ...
ومن الباب أيضاً: العَطُّ: شَقُّ الثّوب عَرضاً أو طولاً من غير بَينونة. يقال جذبت ثوبَه فانعَطّ، وعططته أنا: شقَقْته. قال المتنخِّل:
بِضربٍ في القوانس ذي فُرُوغٍ *** وطعنٍ مثلِ تعطيطِ الرِّهاطِ ...
وقال أبو النجم:
كأنّ تحتَ دِرْعِها المنعَطِّ *** شَطَّاً رميتَ فوقَه بشطِّ([62])
والأصل في هذا أيضاً من الصّوت، لأنّه إذا عطّه فهناك أدنَى صوت.
(عظ) العين والظاء ذكر فيه عن الخليل شيءٌ لعله أن يكونَ مشكوكاً فيه. فإن صحَّ فلعله أنْ يكون من باب الإبدال، وذلك قوله: إن العَظَّ الشِّدَّة في الحرب؛ يقال عَظَّتْه الحرب، مثل عَضَّتْه([63]) . فكأنّه من عضّ الحرب إياه. فإن كان إبدالاً فهو صحيح، وإلاّ فلا وجهَ له. وربما أنشدوا:
* بصير في الكَريهة والعِظاظِ([64]) *
ومما لعلّه أن يكون صحيحاً قولُهم إنَّ العَظعَظة: التواءُ السَّهم إذا لم يَقْصِد للرّمِيَّة وارتعَشَ في مُضِيِّه. [عَظعَظ] يُعَظعِظ، عظعظةً وعِظعاظاً([65]) ، وكذلك عظعظ الدّابّة في المِشْية، إذا حَرّك ذَنَبه ومشى في ضِيقٍ من نَفَسِه. والرّجُل الجبانُ يُعظعِظُ عن مُقاتِلِه، إذا نكَص عنه ورجَع وحادَ. قال العجّاج:
* وعَظعظَ الجبانُ والزِّينيُّ([66]) *
قال أبو عبيد: ومن أمثالهم: "لا تَعِظِيني* وتعظْعظي([67]) ".
ـــــــــــــــ
([1]) ديوان لبيد 109 واللسان (عرر).(4/40)
([2]) البيت للبيد في ديوانه 44 طبع 1880. وانظر الحيوان (4: 384، 400).
([3]) عرعار، مبنية على الكسر، معدولة من عرعرة، مثل قرقار من قرقرة. وهذا مذهب سيبويه، ورد عليه أبو العباس هذا وقال: "لا يكون العدل إلا من بنات الثلاثة، لأن العدل معناه التكثير". انظر اللسان (عرر) وشرح ديوان النابغة 36.
([4]) أنشد عجزه في اللسان (عرر). وفي ديوان النابغة 35: "يدعو بها ولدانهم".
([5]) المعرفة، كمرحلة، موضع العرف من الفرس. وفي الأصل: "المعروفة".
([6]) البيت لم يرو في ديوان النابغة. وفي الأصل: "أوصاف البعير".
([7]) وكذا جاءت النسبة في اللسان (عرر، عرا). وزاد في (عرا) أن الصواب نسبته إلى شرحبيل بن مالك يمدح معد يكرب بن عكب.
([8]) البيت للأخطل في ديوانه: 51 واللسان (عرر، نبح). و"المستخف" يروى بالرفع والنصب فالرفع بالعطف على موضع إن واسمها، والنصب عطف على اسم إن. والأثقال مفعول؛ وفصل بين العامل والمعمول بخبر: "إن" للضرورة.
([9]) زاد في المجمل بعده "أي أصل خير".
([10]) في الأصل "بالشيء"
([11]) يصف قارورة طيب، كما في اللسان(عرر) . والبيت في ديوان ذي الرمة 180. وفي الديوان: "لأبلي إذ".
([12]) التكملة من معجم البلدان والقاموس.
([13]) البيت في اللسان (دأي). وابن دأية، هو الغراب، كني به عن الشعر الأسود.
([14]) ذكر في الإصابة 7438 أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه بقباء أول ما قدم المدينة. وأنه أول من مات من الأصحاب بالمدينة.
([15]) التكملة من اللسان (عزز 246).
([16]) الرجز للعجاج في ديوان 17 واللسان (عزز، همر). وفي الأصل: "ما اهتمر"، صوابه من الديوان واللسان.
([17]) والأصل: "توسط".
([18]) الشطر الثاني من هذه الأشطار فيما ألحق بديوان العجاج 84 مما ينسب إلى العجاج ورؤبة.
([19]) أنشد هذا العجز في اللسان (عزز 244).
([20]) في الأصل: "عززة".
([21]) هذه التكملة بهذا المعنى لم ترد في المعاجم المتداولة.(4/41)
([22]) البيت بدون نسبة في اللسان (عزز، كرم).
([23]) كذا ورد إنشاده في الأصل، فبحره الرجز. وأنشده في اللسان (عسس):
عسس حتى لو يشا ادنا *** كان لنا من ضوئه مقبس
بهذه الرواية يكون من السريع. وقال: ادنا: إذ دنا، فأدغم.
([24]) أنشده في المجمل واللسان (عسس).
([25]) في الأصل: "الروانيا"، صوابه من ديوان الأخطل 67. والصمعاء هي أم عمير بن الحباب كما في شرح الديوان.
([26]) في الأصل: "فإن دون منها".
([27]) في المثل روايات شتى. انظر اللسان والقاموس.
([28]) نسبه في اللسان (عسس) إلى الزبرقان برواية:
وردت بأفراس عتاق وفتية *** فوارط في أعجاز ليل معسعس
([29]) صواب إنشاد صدره في الديوان 140 واللسان (عسس): "ألما على الربع القديم".
([30]) في الأصل: "من عظام اليدين والرجلين". وكلمة "من" مقحمة.
([31]) أنشده في اللسان (عشش، عنفص).
([32]) ديوان العجاج 8 واللسان (قفر).
([33]) في الأصل: "رجل".
([34]) التكملة من اللسان.
([35]) ديوان جرير 99 من قصيدة يمدح بها عبد الملك بن مروان.
([36]) من أرجوزة في ديوان رؤبة 77-89 يمدح بها الحارث بن سليم الهجيمي. وفي اللسان: "حجاج ما نيلك بالمعشوش"، وصواب الرواية ما روى ابن فارس.
([37]) أنشده في اللسان (عشش).
([38]) من أشطار لأبي محمد الفقعسي في الحيوان (3: 457). وأنشدها في اللسان (عشش) بدون نسبة. وقبله:
يتبعها عدبس جرائض *** أكلف مربد هصور هائض ...
([39]) في الأصل: "وعشعش"، تحريف.
([40]) التمامر: جمع تمرة، بضم التاء وتشديد الميم المفتوحة، وهي طائر أصغر من العصفور.
([41]) للفرزدق كما في اللسان (عشش) يصف القطاة. والبيت ثاني بيتين أنشدهما في اللسان والحيوان.
(5: 287، 578). وأولهما:
وصادقة ما خبرت قد بعثتها *** طروقاً وباقي الليل في الأرض مسدف
([42]) ديوان الفرزدق 551 واللسان (عشش، عزف).
([43]) في الجمهرة (1: 100) .(4/42)
([44]) البيت لم يرو في ديوان ذي الرمة ولا في ملحقات ديوانه. ولم أجد له مرجعاً.
([45]) الرجز لأعرابية في اللسان (حرقص).
([46]) الكلمة لم ترد في اللسان. وفي القاموس (عصص): "وكقنفذ: النكد القليل الخير، والملزز الخلق".
([47]) في الأصل: "معاض"، صوابه من اللسان، وهو ما يقتضيه التنظير التالي.
([48]) لحسان بن ثابت في ديوانه 370 والحيوان (7: 148). وصدره:
* وصلت به كفي وخالط شيمتي *
([49]) وعضاضة أيضاً، بالفتح، كما في اللسان.
([50]) الحتن، بكسر الحاء وفتحها: القرن والمثل. وفي الأصل: "ختنة"، تحريف.
([51]) في الأصل: "في العض".
([52]) للقطامي في ديوانه 41 واللسان (عضض). وعجزه في اللسان (5: 179) مع تحريف وإهمال نسبته. والعضان هما زيد بن الكيس النمري، ودغفل النسابة. وكانا عالمي العرب بأنسابها وحكمها. ومطلع القصيدة:
ألا عللاني كل حي معلل *** ولا تعداني الشر والخير مقبل
([53]) البيت لعياض بن درة، كما في اللسان (عضض).
([54]) ديوان الأعشى 6 واللسان (عضض، حيل). وفي الأصل: "الجبال"، تحريف.
([55]) في الأصل: "العضيض"، تحريف.
([56]) أنشده في اللسان (عضض، أرك)، وفي الموضع الأخير: "نسير".
([57]) أي يرعى الغضى، ولم يجر له ذكر. وفي الأصل: "عاض" بالعين المهملة.
([58]) أنشده في اللسان (غضا) برواية: "أبعير عض أنت ضخم رأسه". وفي الأصل: "شنث المشافر أم بعير عاض"، محرف.
([59]) في الأصل: "أعرابي أم هجين".
([60]) الجمهرة (1: 117). ونصه: "وقالوا: العطعطة، وهي تتابع الأصوات في الحرب وغيرها".
([61]) في الأصل: "المخبل" تحريف. والبيت من قصيدة له في القسم الثاني من مجموع أشعار الهذليين 89 ونسخة الشنقيطي 47 وأنشده في المجمل بدون نسبة، ورواه صاحب اللسان في (عطط) منسوباً إلى المتنخل.
([62]) سبق إنشاد الرجز بدون نسبة في (شط). وأنشده في اللسان (عطط) والمخصص (4: 135).
([63]) في الأصل: "عظته".(4/43)
([64]) أنشد هذا العجز في اللسان (عظظ).
([65]) ويقال "عظعاظاً" أيضاً، بفتح العين، عن كراع، وهي نادرة.
([66]) ديوان العجاج 71 واللسان (عظظ) مع تحريف.
([67]) في الأصل: "وتعظظي"، صوابه في المجمل واللسان. وزاد بعده في المجمل: "أي لا توصيني ووصي نفسك. كذا جاء عن العرب". وفي اللسان: "معنى تعظعظي كفي وارتدعي عن وعظك إياي. ومنهم من يجعل تعظعظي بمعنى اتعظي، روى أبو عبيد هذا المثل عن الأصمعي في ادعاء الرجل علماً لا يحسنه". ...
ـ (باب العين والفاء وما يثلثهما)
(عفق) العين والفاء والقاف أصل صحيح، يدلُّ على مجيءٍ وذَهاب، وربما يدلُّ على صوت من الأصوات. قال الخليل: عفَق الرّجُل يَعْفِق عَفْقاً، إذا ركب رأسَه فمضَى. تقول: لا يزال يعفِق العفقةَ ثم يرجع، أي يغيب الغَيبة. والإبل تَعفِق عَفْقاً وعُفُوقاً، إذا أُرْسِلَتْ في مراعيها فَمرّت على وجوها. وربما عفَقَتْ عن المرعى إلى الماء، ترجع إليه بين كلِّ يومين. وكلُّ واردٍ وصادرٍ عافقٌ؛ وكلُّ راجع مختلفٍ عافِق. وقال ابنُ الأعرابيّ في قوله:
* حتَّى تَرَدَّى أربعٌ في المنعَفَقْ([1]) *
قال: أراد في المنُصَرَف عن الماء([2]) . قال: ويقال: عفَق بنو فلانٍ [بني فلانٍ]، أي رجَعوا إليهم. وأنشد:
* عَفْقاً ومن يرعى الحُمُوضَ يعْفِقِ([3]) *
والمعنى أنّ من يرعى الحموض تَعَطشُ ماشيتُه سريعاً فلا يجدُ بُدَّاً من أن يَعْفِق، أي يرجعَ بسُرعة.
ومن الباب: عَفَقَه عن حاجته، أي ردَّه وصَرَفه عنها. ومنه التعفُّق، وهو التصرُّف والأخْذ في كلِّ وجهٍ مشياً لا يستقيم، كالحيّة.
قال أبو عمرو: العَفْق: سرعة رَجع أيدي الإبل وأرجلِها. قال:
* يَعْفِقْنَ بالأرجل عَفْقاً صُلْبا *
قال أبو عمرو: وهو يعفِّق الغنم، أي يردُّها عن وجوهها. ورجلٌ مِعفاق الزِّيارة لا يزال يجيء ويذهب. ويذكر عن بعض العرب أنّه قال: "انتلي فيها تأويلات([4]) ثم أعْفِق"، أي أقضي بقايا من حوائجي ثم أنصرف.(4/44)
قال ابن الأعرابيّ: تَعَفَّقَ بالشيء، إذا رجع إليه مرّةً بعد أخرى. وأنشد:
تَعفَّقَ بالأرظَى لها وأرادَها ***رجالٌ فبذَّتْ نبلَها وكليبُ([5])
ومن الباب: قولهم للحَلَب عِفاق([6]) . وتلخيصُ هذا الكلام أنْ يحلبَها كلَّ ساعة. يقال عَفَقْتَ ناقتَك يومَك أجمعَ في الحَلَب. وقال ذو الخِرَق:
عليك الشاءَ شاءَ بني تميمٍ *** فعافِقْهُ فإِنّك ذُو عِفاقِ([7])
ومن الباب: عفَقت الرِّيحُ التُّرابَ، إذا ضربَتْه وفَرّقته. قال سُويد:
وإن تك نارٌ فهي نار بملتقَىً *** من الرِّيح تَمْرِيها وتَعْفِقها عَفْقا
وأمّا الذي ذكرناه من الصَّوت فيقولون: عَفَق بها، إذا أنبقَ بها وحَصَم([8]) .
ومما يقرُب من هذا الباب العَفْق ضربٌ بالعصا، والضِّرابُ([9]) ، وكأنَّ ذلك تَصْوِيت([10]) .
(عفك) العين والفاء والكاف أصل صحيح، وهو لا يدلُّ إلاّ على صفةٍ مكروهة. قال الخليل: الأعْفَك: الأحمق. قال:
صاحِ ألم تعَجبْ لذاك الضَّيْطَرِ *** الأعْفَكِ الأخرَقِ ثمّ الأعسَرِ([11])
الضيطر: الأحمق الفاحش، والأعفك أيضاً والأخرق: الذي لا خيرَ فيه ولا يُحسِنُ عَملاً، وهو المخلَّع من الرِّجال.
قال ابن دريد([12]) : "بنو تميمٍ يسمُّون الأعسَر الأعفَك".
(عفل) العين والفاء واللام كلمة تدلُّ على زيادةٍ في خلقة. قال الخليل: العَفَل يخرج في حياء النّاقة كالأُدرة، وهي عَفْلاء. ويقال: العَفْل شحمُ خُصْيَي الكَبْش. قال بشر:
* وارمُ العَفْل مُعْبَرُ([13]) *
قال الكسائيّ: العَفْل: الموضع الذي يُجَسُّ([14]) من الشاة إذا أرادوا أن يعرفوا سِمَنها.
(عفن) العين والفاء والنون كلمة تدلُّ على فسادٍ في شيء من نَدَى. وهو عَفِن الشَّيءُ يعفَن عَفَناً.
(عفو) العين والفاء والحرف المعتلّ أصلان يدلُّ أحدهما على تركِ الشيء، والآخر على طَلَبِه. ثم يرجع إليه فروعٌ كثيرة لا تتفاوَتُ في المعنى.(4/45)
فالأوّل: العَفْو: عَفْو الله تعالى عن خَلْقه، وذلك تركُه إيّاهم فلا يعاقبُهم، فَضْلاً منه. قال الخليل: وكلُّ مَن استحقَّ عُقوبةً فتركْتَه فقد عفوتَ عنه. يقال عفا عنه يعفُو عَفْواً. وهذا الذي قاله الخليل صحيح، وقد يكون أن يعفُوَ الإنسان عن الشَّيء بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق. ألا ترى أنّ النبيّ عليه الصلاة والسلام قال: "عفوت عنكم عن صَدَقة الخيل" فليس العفو هاهنا عن استحقاق، ويكون معناه تركت أن أُوجِب عليكم الصّدقةَ في الخيل.
ومن الباب العافية: دِفاع الله تعالى عن العبد، تقول عافاه اللهُ تعالى من مكروهةٍ، وهو يعافيه معافاةً. وأعفاه الله بمعنى عافاه*. والاستعفاء: أن تطلب إلى مَن يكلِّفك أمراً أن يُعفِيَك منه. قال الشَّيباني: عفَا ظهرُ البعير، إذا تُرِك لا يُركَب وأعفيتُه أنا.
ومن الباب: العِفاوة: شيء يُرفَع من الطعام يُتحَف به الإنسان. وإنِّما هو من العَفْو وهو الترك، وذلك أنّه تُرِك فلم يُؤكَل. فأمّا قول الكميت:
وظَلّ غُلامُ الحيِّ طيّانَ ساغباً *** وكاعبُهم ذاتُ العِفاوةِ أسْغَبُ([15])
فقال قوم: كانت تعطي عفو المال فصارت تسغب لشدّة الزمان. وهذا بعيد، وإنّما ذلك من العِفاوة. يقول: كما يُرْفَعُ لها الطّعامُ تُتحَف به، فاشتدَّ الزّمانُ عليهم فلم يَفْعلوا ذلك.
وأمّا العَافي من المرق فالذي يردُّه المستعير للقِدر. وسمِّي عافياً لأنّه يُترك فلم يؤكل. قال:
* إذا رَدّ عافِي القدر مَن يستعيرها([16]) *
ومن هذا الباب: العَفْو: المكان الذي لم يُوطأ. قال:
قبيلةٌ كشِراك النَّعل دارجةٌ *** إنْ يَهبِطوا العَفْوَ لا يوجدْ لهم أَثرُ([17])
أي إنّهم من قلتهم لا يُؤثِّرون في الأرض.
وتقول: هذه أرضٌ عَفْو: ليس فيها أثَر فلم تُرعَ. وطعامٌ عَفْو: لم يَمَسَّه قبلَك أحد، وهو الأُنُف.(4/46)
فأمَّا قولُهم عفا: درس، فهو من هذا؛ وذلك أنّه شيء يُترَك فلا يُتعهَّد ولا يُنزَل، فيَخفى على مرور الأيّام. قال لبيد:
عَفَتِ الدِّيار محلُّها فمُقامها *** بمِنىً تأبَّد غَوْلُها فِرجامُها([18])
ألا تراه قال "تأبَّد" فأعْلَمَ أنَّه أتى عليه أبَدٌ. ويجوز أن يكون تأبَّد، أي أَلِفَتْه الأوابد، وهي الوحش.
فهذا معنى العفو، وإليه يرجع كلُّ ما أشبهه.
وقول القائل: عفا، درس، وعفا: كثُر -وهو من الأضداد- ليس بشيء، إنّما المعنى ما ذكرناه، فإذا تُرِك ولم يُتعهَّد حتّى خَفِيَ على مَرّ الدهر فقد عفا، وإذا تُرِك فلم يُقطَع ولم يُجَزَّ فقد عفا([19]) . والأصل فيه كلِّه التَّرك كما ذكرناه.
ومن هذا الباب قولُهم: عليه العَفاء، فقال قومٌ هو التُّراب؛ يقال ذلك في الشَّتيمة. فإن كان صحيحاً فهو التُّراب المتروك الذي لم يُؤثَّر فيه ولم يُوطَأ؛ لأنّه إذا وُطِئ ولم يُترَك من المَشْي عليه تكدَّدَ فلم يكُ تراباً. وإن كان العَفاء الدّروس فهو على المعنى الذي فسّرناه. قال زُهير:
تحمّل أهلُها عنها فبانُوا *** على آثارِ مَن ذَهَب العَفاءُ([20])
يقال عفَت الدار فهي تعفو عَفاءً، والرِّيح تعفو الدّار عَفاءً وعَفْواً. وتعفَّت الدّارُ تَعَفِّياً([21]) .
قال ابنُ الأعرابيّ: العفو في الدّار: أن يكثُر التُّرابُ عليها حتّى يغطِّيَها. والاسم العَفاء، والعَفو.
ومن الباب العِفو والعُفو([22]) ، والجمع العِفاء، وهي الحُمُر الفِتاء([23]) ، والأنثى عفوة والجمع عِفَوَة. وإنّما سمِّيت بذلك لأنَّها تُترك لا تُركَب ولا يُحمل عليها. فأمّا العِفَوَة في هذا الجمع فلا يُعلَم في كلام العرب واوٌ متحرِّكة بعد حرفٍ متحرّك في آخر البناء غير هذه، وذلك أنَّهم كرهوا أن يقولوا عِفَاةٌ.
قال الفراء: العِفْوُ والعُفْو، والعِفْي والعُفْي: ولد الحمار، والأنثى عِفوة، والجمع عِفاء. قال:(4/47)
بضربٍ يُزيل الهامَ عن سَكِناتِه *** وطعنٍ كتَشهاق العَِفَا هَمَّ بالنّهْقِ([24])
ومن الباب العِفاء: ما كثُر من الوَبَر والرِّيش، يُقال ناقة ذات عِفاء، أي كثيرة الوَبَر طويلتُه قد كاد يَنْسِل. وسمِّي عِفاءً لأنّه تُرك من المَرْط والجَزّ. وعِفاء النّعامة: الرّيش الذي علا الزِّفّ الصّغار. وكذلك عِفاء الطَّير، الواحدةُ عِفاءة ممدود مهموز. قال: ولا يُقال للريشة عِفاءة حتى يكون فيها كثافةٌ. وقول الطِرمّاح:
فيَا صُبحُ كَمِّشْ غُبَّرَ اللَّيلِ مُصْعِدا *** بِبَمِّ ونبّه ذا العِفاء الموشَّحِ([25])
إذا صاح لم يُخْذَل وجاوَبَ صوتَه*** حِماشُ الشَّوى يَصدحنَ من كلِّ مَصدَحِ ...
فذو العِفاء: الرِّيش. يصف ديكاً. يقول: لم يُخذل، أي إنّ الدّيوكَ تجيبه من كلِّ ناحية. وقال في وَبَر الناقة:
أُجُد موثّقة كأنّ عِفاءَها *** سِقطانِ من كنَفَيْ ظليمٍ نافرِ([26])
وقال الخليل: العِفاء: السَّحاب كالخَمْل في وجهه. وهذا صحيح وهو تشبيه، *إنما شبّه بما ذكرناه من الوَبر والريش الكثيفَين. وقال أهل اللغة كلُّهم: يقال من الشّعر عَفَوْته وعَفيْته، مثل قلوته وقليته، وعفا فهو عافٍ، وذلك إذا تركتَه حتى يكثُر ويَطُول. قال الله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف 95]، أي نَمَوْا وكثُرُوا. وهذا يدلُّ على ما قلناه، أنّ أصل الباب في هذا الوجه التّرك.
قال الخليل: عفا الماء، أي لم يطأْه شيء يكدِّره. وهو عَفْوَة الماء([27]) . وعَفَا المَرعى ممن يحُلُّ به عَفَاءً طويلاً.
قال أبو زيد: عَفْوَة الشّرَاب: خيره وأوفره. وهو في ذلك كأنّه تُرك فلم يُتَنَقَّص ولم يُتَخَوَّنْ.(4/48)
والأصل الآخر الذي معناه الطَّلَب قول الخليل: إنّ العُفاةَ طُلاّب المعروف، وهم المعتَفُون أيضاً. يقال: اعتفيتُ فلاناً، إذا طلبتَ معروفه وفَضْله. فإنْ كان المعروف هو العَفو فالأصلان يرجعان إلى معنىً، وهو الترك، وذلك أنّ العَفو هو الذي يُسمح به ولا يُحْتَجَن ولا يُمسَك عليه.
قال أبو عمرو: أعطيته المال عَفْواً، أي عن غير مسألة.
الأصمعيّ: اعتفاه وعَفَاهُ بمعنىً واحد، يقال للعُفاة العُفَّى.
…………لا يَجدِبونني *** إذا هَرَّ دونَ اللحم والفَرث جازِرُهْ([28])
قال الخليل: العافية طُلاّب الرزق اسمٌ جامع لها. وفي الحديث: "مَن أحيا أرضاً ميْتَةً فهي له، وما أكَلَتِ العافِيَةُ [منها([29]) ] فهي له صَدَقةٌ".
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال ما أكثَرَ عافيةَ هذا الماء، أي واردتَه من أنواعٍ شتّى. وقال أيضاً: إبل عافية، إذا وردَت على كلأٍ قد وطئه النّاس، فإذا رعَتْه لم ترضَ به فرفعت رُؤُسَها عنه وطلبت غيرَه.
وقال النَّضر: استعفت الإبل هذا اليَبِيسَ بمشافرها، إذا أخذَتْه من فوق التُّراب.
(عفت) العين والفاء والتاء كلمة تدلُّ على كسر شيء، يقولون: عَفَتَ العظمَ: كَسَره. ثم يقولون العَفت في الكلام: كَسْرُه لُكنةً، ككلامِ الحبشيّ([30]) .
(عفج) العين والفاء والجيم كلمتان: إحداهما عُضو من الأعضاء والآخر ضَرْبٌ.
فالأولى الأعفاج: الأمعاء، ويقولون: إنّ واحدها عِفج وعَفْج([31]) .
وأمّا الأخرى فيقال عَفَج، إذا ضَرَب. ويقال للخشبة التي يَضرب بها الغاسلُ الثِّياب: مِعفاج. وسائر ما يقال في هذا الباب مما لا أصل له.
(عفر) العين والفاء والراء أصلٌ صحيح، وله معانٍ. فالأول لون من الألوان، والثاني نبت، والثالث شدّة وقُوّة، والرابع زَمان، والخامس شيءٌ من خَلْق الحيوان.(4/49)
فالأول: العُفرة في الألوان، وهو أن يَضرِب إلى غُبْرَة في حمرة؛ ولذلك سمّي التراب العَفَر. يقال: عفَّرت الشيءَ في التُّراب تعفيراً. واعتَفَر الشيء: سقَط في العَفَر. قال الشاعر([32]) يصف ذوائب المرأة، وأنّها إذا أرسلتها سقطَتْ على الأرض.
تهلك المِدْراةُ في أكنافِه *** وإذا ما أرسَلتْه يَعْتفِرْ([33])
قال ابن دريد([34]) : العَفْر ظاهر تراب الأرض، بفتح الفاء، وتسكينها. قال: "والفتح اللُّغة العالية".
ويقال للظّبي أعفَرُ للونهِ. قال:
يقول ليَ الأنباط إذْ أنا ساقطٌ *** به لا بظبيٍ في الصَّريمة أعفرا([35])
قال: وإنما ينسب إلى اسم التُّراب. وكذلك الرَّمْل الأعفر. قال: واليَعْفُور الخِشْف، سمِّي بذلك لكثرة لُزوقه بالأرض. قال ابن دريد([36]) : "العَفِير لحمٌ يجفَّف على الرَّمل في الشمس".
ومن الباب: شرِبت سَويقاً عَفِيراً، وذلك إذا لم يُلَتَّ بزَيت ولا سَمن.
فأمَّا الذي قاله ابن الأعرابيّ، من قولهم: "وقعوا في عافور شرّ" مثل عاثور، فممكن أن يكون من العَفَر، وهو التُّراب، وممكن أن يكون الفاء مبدلة من ثاء. وقد قال ابنُ الأعرابيّ: إنّ ذلك مشتقٌّ من عَفّرَه، أي صرعه ومرَّغه في التراب. وأنشد:
* جاءت بشرٍّ مَجْنَبٍ عافورِ([37]) *
فأمّا ما رواه أبو عبيدة أنّ العَفْر: بذر الناس الحبوب، فيقولون عَفَروا أي بذروا، فيجوز أن يكون من هذا؛ لأنّ ذلك يلقى في التُّراب.
قال الأصمعيّ: ورُوِي في حديث عن هلالِ بن أميّة: "ما قَرِبْت امرأتي منذ عَفّرنا".
ثم يحمل على هذا العَفَار، وهو إبَار النَّخل وتلقيحه. وقد قيل في عَفار النخل غيرُ هذا، وقد ذُكِر في موضعه.(4/50)
وقال ابن الأعرابيّ: العُفْر: الليالي البِيض. ويقال لليلةِ ثلاثَ عشرةَ من *الشَّهر عَفْراء، وهي التي يقال لها ليلة السَّوَاء. ويقال إنّ العُفْر: الغنمُ البِيض الجُرد، يقال قوم مُعْفِرُون ومضيئون. قال: وهذيل مُعْفِرَة، وليس في العرب قبيلة مُعْفِرَة غيرها.
ويقولون: ما على عَفَر الأرض مثلُه، أي على وجهها.
ومن الباب أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان إذا سَلّم جافَى عَضُديه عن جَنْبيه حتَّى يُرَى من خلفه عُفْرةُ إبطَيْه.
وأمّا الأصل الثاني فالعَفار، وهو شجرٌ كثير النّار تُتَّخذ منه الزِّناد، الواحدة عَفارة. ومن أمثالهم: "اقدَحْ بعَفارٍ أو مَرْخ، واشدُد إن شئت أو أرْخ".
قال الأعشى:
زنادُك خيرُ زِناد الملو *** كِ خالَطَ منهنّ مرْخٌ عَفارا([38])
ولعلَّ المرأة سمِّيت "عَفَارة" بذلك. قال الأعشى:
بانَت لتَحزُنَنا عَفارَهْ *** يا جارتا ما أنتِ جارهْ([39])
وكذلك "عُفيرة([40]) ". وقال بعضهم: العُفُر: جمع العَفار من الشَّجر الذي ذكرناه. وأنشدوا:
قد كان في هاشمٍ في بيت محضِهِم *** وارى الزِّناد إذا ما أصْلَد العُفُر
ويقولون: "في كلِّ شجرٍ نار، واستَمْجَد المَرْخُ والعَفار"، أي إنَّهما أخذا من النّار ما أحْسَبَهُما([41]) .
والأصل الثالث: الشِّدّة والقوّة. قال الخليل: رجل عِفْرٌ بيِّنُ العَفارة، يوصَف بالشَّيطنة، ويقال: شَيطانٌ عِفْرِيَة وعفريت، وهم العفاريَةُ والعفاريت. ويقال إنّه الكَيِّس الظَّريف. وإن شئتَ فعِفْرٌ وأعفارٌ، وهو المتمرّد. وإنِّما أُخِذ من الشّدّة والبَسالة. يقال للأسد عِفِرٌّ وعَفرْنَى، ويقال للخبيث عِفِرِّينُ، وهم العِفِرُّون. وأسَد عَفَرنَى ولبؤة عَفَرناة، أي شديدة. قال:
بِذاتِ لَوْثٍ عَفْرناةٍ إذا عَثَرت *** فالتَّعسُ أدنَى لها من أن أقول لَعا([42])(4/51)
ويسمُّون دويْبَّة من الدّوابّ "ليث عِفِرّين"، وهذا يقولون إنّ الأصل فيه البابُ الأوّل؛ لأنَّ مأوَى هذه الدويْبَّة التُّراب في السهل، تدوِّر دارةً ثم تندسُّ في جوفها، فإذا هِيجَ رمَى بالتُّراب صُعُدا.
قال الخليل: ويسمُّون الرّجُل الكاملَ من أبناء الخمسين: ليث عِفِرّين. يقولون: "ابنُ العَشْر لعّابٌ بالقُلِين([43]) ، وابنُ العِشرين باغي نِسِين([44]) ، وابن ثلاثين أسعى السَّاعين، وابن الأربعين أبطش الباطشين، وابن الخمسين ليثُ عِفِرِّين، وابن ستِّين مؤْنس الجلِيسِين، وابن السبعين أحكم الحاكمين، وابن الثَّمانين أسرع الحاسبين؛ وابن التسعين واحدُ الأرذَلِين، وابن المائة لا جاء ولا ساء([45])"، يقول: لا رجلٌ ولا امرأة.
قال أبو عُبيد: العِفريَة النفريَة: الخبيث المنكر. وهو مِثل العِفْر، يقال رجل عِفْرٌ، وامرأة عِفرة.
وفي الحديث: "إنَّ الله تعالى يُبغِض العِفريَة النِّفرية، الذي لم يُرْزَأ في ماله وجسمه". قال: وهو المصحَّح الذي لا يكاد يَمرَض.
وزعم بعضُهم أن العَفَرفَر([46]) مثل العَفَرنَى من الأُسود، وهو الذي يَصرع قِرنَه ويَعفِر. فإذا كان صحيحاً فقد عاد هذا البابُ إلى الباب الأوّل. وأنشد :
إذا مشَى في الحَلَق المُخَصَّرِ ***
وبَيْضَةٍ واسعةٍ ومِغفرِ
يَهُوس هَوسَ الأسدِ العَفَرفرِ ...
ويقال إنَّ عَفَار: اسم رجل، وإنَّه مشتق من هذا، وكان يُنسب إليه النِّصال. قال:
نصلٌ عَفارِيٍّ شديدٍ عَيرُه([48]) ويقال *** لم يبق مِِ النِّصال عادٍ غَيرُه([47]) للعِفِرّ عُفارية أيضاً. قال جرير:
قَرنْتُ الظَّالمِينَ بمرمريسٍ *** يذلُّ له العُفارِيَة المَريدُ([49])
والأصل الرَّابع من الزَّمان قولُهم: لقيته عن عُفْر: أي بعد شهر. ويقال للرّجُل إذا كان له شرف قديم: ما شرفُك عن عُفْر، أي هو قديم غير حديث.
قال كُثَيِّر:
ولم يك عن عَفْرٍ تفرُّعُك العُلَى *** ولكنْ مواريثُ الجدودِ تَؤُولُها(4/52)
أي تُصلِحها وترُبُّها وتَسُوسها.
ويقال في عَفار النخل: إنَّ النّخلَ كان يُترَك بعد التَّلقيح أربعين يوماً لا يُسقَى.
قالوا: ومن هذا الباب التّعفير: وهو أن تُرضع المُطْفِلُ ولدَها ساعةً وتتركه ساعة. قال لَبيد:
لِمُعَفَّر قَهْدٍ* تنازَعَ شِلْوَهُ *** غُبْرٌ كواسِبُ لا يُمنُّ طعامها([50])
وحُكي عن الفَرّاء أن العَفِير من النِّساء هي التي لا تُهدي لأحدٍ شيئاً. قال: وهو مأخوذٌ من التّعفير الذي ذكرناه. وهذا الذي قاله الفرّاء بعيدٌ من الذي شبّه به، ولعلَّ العفير هي التي كانت هدِيّتها تدوم وتَتَّصل، ثم صارت تهدى في الوقت. وهذا على القياس صحيح، ومما يدلُّ على هذا البيتُ الذي ذكر الفرّاء للكميت:
وإذا الخُرَّد اغبَرَرْن من المحْـ *** ـلِ وصارت مِهداؤُهن عَفِيرا([51])
فالمِهداء التي مِن شأنها الإهداء، ثم عادت عَفيراً لا تُديم الهديَّة والإهداء.
وأمّا الخامس فيقولون: إنَّ العِفرِيَة والعِفْراة واحدة، وهي شَعَر وسط الرّأس. وأنشد:
قد صَعَّد الدّهرُ إلى عِفراتِه *** فاحتصَّها بشفرتَيْ مِبراتِه([52])
وهي لغة في العِفريَة، كناصِيَة وناصاة. وقد يقولون على التّشبيه لعرف الديك: عِفريَة. قال: * كعِفريَة الغَيورِ من الدَّجاجِ *
أي من الدِّيَكة. قال أبو زيد: شعر القفا من الإنسان العِفرِيَة.
(عفز) العين والفاء والزاء ليس بشيء، ولا يُشبِه كلامَ العرب. على أنهم يقولون: العَفْز: ملاعَبة الرّجلِ امرأتَه، وإنّ العَفْز: الجَوز. وهذه لا معنى لذكره.
(عفس) العين والفاء والسين أصل صحيح يدلُّ على ممارسَة ومعالَجة. يقولون: هو يعافس الشّيء، إذا عالَجَه. واعتفَسَ القومُ: اصطرعوا. وعُفِسَ، إذا سُجِن. وهذا على معنى الاستعارة، كأنَّه لما حُبِس كان كالمصروع. والمعفوس: المبتَذَل. والعَفْس: سَوق الإبل. والمعنى في ذلك كلِّه متقارب.(4/53)
(عفص) العين والفاء والصاد أُصَيل يدلُّ على التواءٍ أوْ لَيٍّ. يقال: عَفَص يدَه: لوَاها. ويقولون: العَفَص: التواء في الأنف.
(عفط) العين والفاء والطاء أُصَيْل صحيح يدلُّ على صُوَيت، ثم يحمل عليه. يقولون: العَفْطَة: نَثْرة الضائنة بأنفها. يقال: "ما له عافطة ولا نافطة". ويقال إنّ العافطة الأمَة، والنافطة الشّاة. ثم يقولون للألْكَن العِفطِيّ([53]) ويقولون: عَفَط بغنمه، إذا دعاها. والله أعلم بالصواب.
ـــــــــــــــــــ
([1]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 108 واللسان (عفق، صفق) وقبله:
* فما اشتلاها صفقة في المنصفق *
([2]) في اللسان: "في منعفقها، أي في مكان عفق العير إياها. وعفق العير الأتان يعفقها عفقاً: سفدها. وعفقها عفقاً، إذا أتاها مرة بعد مرة".
([3]) في اللسان (حمض، عفق): "غبا" بدل "عفقا". والذي أنشده في المجمل: "من يرع الحموض يعفق"، بحذف الكلمة الأولى وجزم "يرع".
([4]) كذا وردت هذه الكلمات في الأصل.
([5]) البيت لعلقمة الفحل في ديوانه 132 والمفضليات (3: 192) واللسان (عفق). والرواية في جميعها: "فبذت نبلهم".
([6]) لم ترد هذه الكلمة في اللسان. وفي القاموس: "والعفق والعفاق: كثرة حلب الناقة، والسرعة في الذهاب".
([7]) لذي الخرق الطهوي، كما في مجالس ثعلب 184 ونوادر أبي زيد 116 واللسان (عفق، عقا). ونسبت بعض أبيات المقطوعة إلى قريط بن أنيف في اللسان (عنق).
([8]) في الأصل: "أثبق بها"، تحريف. وفي اللسان (نبق): "أبو زيد: إذا كانت الضرطة ليست بشديدة قيل: أنبق بها إنباقاً". وفي المخصص (5: 58): "خج بها: ضرط. أبو عبيد: فإن كانت ليست بشديدة قيل أنبق".
([9]) في المجمل: "والعفق كثرة الضراب"، وفي الأصل هنا: "والصوات"، تحريف.
([10]) في الأصل: "لصويت".
([11]) أنشد هذا الرجز في اللسان (عفك).
([12]) في الجمهرة (3: 126).
([13]) البيت بتمامه كما في اللسان (عبر، عفل):(4/54)
جزيز القفا شبعان يربض حجرة *** حديث الخصاء وارم العفل معير
([14]) في الأصل: "يحبس".
([15]) البيت في اللسان (عفا).
([16]) البيت لمضرس الأسدي كما في اللسان (عفا). وصدره:
* فلا تسأليني واسألي ما خليقتي *
([17]) للأخطل في ديوانه 289 واللسان (عفا). وهو من أبيات يهجو بها كعب بن جميل التغلبي.
([18]) البيت مطلع معلقته المشهورة.
([19]) يعني بذلك الصوف والشعر ونحوهما.
([20]) ديوان زهير 78 واللسان (عفا).
([21]) في الأصل: "تعفيفاً".
([22]) هو بتثليث العين، كما في اللسان والقاموس.
([23]) الفتاء: جمع فتيّ بفتح الفاء وتشديد الياء.
([24]) البيت لأبي الطمحان حنظلة بن شرقي، في اللسان (سكن، عفا). والسكنات، بكسر الكاف.
([25]) ديوان الطرماح 69 والحيوان (2: 254، 346/ 7: 59) واللسان (وشح 473 في نهاية الصفحة).
([26])البيت لثعلبة بن صعير المازني، من قصيدة في المفضليات (1: 126-129) برواية:
وكأنّ عيبتها وفضل فتانها *** فنان من كنفي ظليم نافر
([27]) في اللسان:"وعفوة المال والطعام والشراب، وعفوته بالكسر عن كراع: خياره وما صفا منه وكثر".
([28]) كذا ورد هذا البيت مبتوراً.
([29]) من اللسان (عفا 306).
([30]) في الأصل: "العفت الكلام كسره لكنه كلام الحبشي" وفي المجمل: "العفت: كسر الكلام، ويكون ذلك من اللكنة، ككلام الحبشي وغيره".
([31]) يقال بالفتح والكسر، وبالتحريك، وككبد.
([32]) هو المرار بن منقذ. وقصيدة البيت في المفضليات (1: 80-91)، وعدتها خمسة وتسعون بيتاً.
([33]) وكذا في اللسان (عفر). وفي المفضليات: "في أفنانه" و"ينعفر".
([34]) الجمهرة (2: 380).
([35]) هذا دعاء عند الشماتة، أي جعل الله ما أصابه لازماً له لا للظبي. وأنشد في اللسان للفرزدق في زياد:
أقول له لما أتانا نعيه *** به لا بظبي بالصريمة أعفرا
([36]) الجمهرة (2: 380).
([37]) المجنب، بفتح الميم: الكثير.
([38]) ديوان الأعشى 41 والجمهرة (عفر).(4/55)
([39]) ديوان الأعشى 111 واللسان والجمهرة(عفر) .
([40]) في القاموس(عفر) : و"كجهينة: امرأة من حكماء الجاهلية".
([41]) أحسبه الشيء: كفاه.
([42]) للأعشى في ديوانه 83 واللسان(لعا) . وسيأتي في(لعا) .
([43]) القلين: جمع قلة، بضم ففتح، وهي خشبة صغيرة تنصب قدر ذراع، تضرب بالمقلى، وهو عود كبير.
([44]) النسون: النساء، جمع امرأة من غير لفظه.
([45]) في اللسان (عفر 264) "لا جا ولا سا. يقول: لا رجل ولا امرأة، ولا جن ولا إنس".
([46]) في القاموس: "العفرفرة" بالتاء. ولم يذكر "العفرفر".
([47]) في الأصل: "سديده عيرة".
([48]) في الأصل: "من النصال".
([49]) ديوان جرير 163 واللسان (عفر). وكذا ورد إنشاده في الديوان. وفي اللسان: "يذل لها"، وهو الصواب. والمرمريس، الداهية.
([50]) من معلقته المشهورة. والرواية: "غبس كواسب".
([51]) في اللسان (عفر 266): "اعتررن من المحل".
([52]) احتصها، من الحص، وهو الحلق. وفي الأصل: "فاحتاصها".
([53]) في الأصل: "العفاطي"، صوابه في المجمل واللسان. ويقال أيضاً في معناه "عَفّاط".
ـ (باب العين والقاف وما يثلثهما في الثلاثي)
(عقل) العين والقاف واللام أصلٌ واحد منقاس مطرد، يدلُّ عُظْمُه على حُبْسة في الشَّيء أو ما يقارب الحُبْسة. من ذلك العَقْل، وهو الحابس عن ذَميم القَول والفِعل.
قال الخليل: العَقل: نقيض الجهل. يقال عَقَل يعقِل عَقْلا، إذا عرَفَ ما كان يجهله قبل، أو انزجَر عمّا كان يفعلُه. وجمعه عقول. ورجل عاقلٌ وقوم عُقَلاء. وعاقلون. ورجل عَقُول، إذا كان حسَنَ الفَهم وافر العَقْل. وما له مَعقولٌ، أي عقل؛ خَرج مَخرجَ المجلود للجَلادة، والمَيْسور لليُسْر. قال:
فقد أفادت لهم عقلاً وموعِظةً *** لمن يكون له إرْبٌ ومعقولُ([1])(4/56)
ويقال في المثل: "رُبَّ أبْلَهَ عَقول". ويقولون: "عَلِمَ قتيلاً وعَدِم معقولاً". ويقولون: فلانٌ عَقُولٌ([2]) للحديث، لا يفلت الحديث سَمْعُه، ومن الباب المَعقِل والعَقْل، وهو الحِصن، وجمعه عُقول. قال أحيحَة:
وقد أعددت للحِدْثان صَعْباً *** لو أنّ المرءَ تنفعُه العقُول
يريد الحصون.
ومن الباب العَقْل، وهي الدِّيَة. يقال: عَقَلْتُ القتيلَ أعْقِله عقلاً، إذا أدّيتَ ديَته. قال:
إنِّي وقتلي سُلَيكاً ثمَّ أَعْقِلَه *** كالثّور يُضرَب لمّا عافت البقرُ([3])
الأصمعيّ: عقلت القتيلَ: أعطيتُ دِيتَه. وعقَلت عن فلانٍ، إذا غَرِمْتَ جنايتَه. قال: وكلَّمت أبا يوسف القاضيَ في ذلك بحضرة الرشيد، فلم يفرِق بين عَقَلته وعقَلت عنه، حتَّى فَهَّمْته.
والعاقلة: القوم تُقَسَّم عليهم الدّية في أموالهم إذا كان قتيلُ خطأ. وهم بنو عمِّ القاتل الأدنَون وإخوتُه. قال الأصمعيّ: صار دم فلان مَعْقُلة على قومه، أي صاروا يَدُونه.
ويقول بعض العلماء: إن المرأة تُعاقِل الرّجُلَ إلى ثلث ديتها*. يعنون أنّ مُوضِحتَها وموضحتَهُ سواء([4]) ، فإذا بلغ العَقْلُ ما يزيد على ثُلث الدية صارت ديةُ المرأة على نصف دِيَة الرّجل.
وبنو فلانٍ على معاقلهم التي كانوا عليها في الجاهلية، يعني مراتبَهم في الدِّيات، الواحدة مَعْقُلة. قالوا أيضاً: وسمِّيت الدّية عَقْلاً لأنّ الإبل التي كانت تُؤخَذ في الدِّيات كانت تُجمَع فتُعقَل بفناء المقتول، فسمِّيت الدّيةُ عقلاً وإن كانت دراهم ودنانير. وقيل سمِّيت عقلاً لأنَّها تُمْسِك الدّم.
قال الخليل: إذا أخذ المصَدِّق صدقةَ الإبل تامّةً لسنة قيل: أخذ عقالاً، وعقالين لسنتين. ولم يأخذ نقداً، أي لم يأخذ ثمناً، ولكنه أخَذَ الصّدقةَ على ما فيها. وأنشد:
سعى عقالاً فلم يترُكْ لنا سَبَداً *** فكيف لو قد سعى عمروٌ عِقالينِ([5])(4/57)
وأهل اللغة يقولون: إنَّ الصّدقة كلَّها عِقال. يقال: استُعمِل فلانٌ على عِقال بني فلان، أي على صدقاتهم. قالوا: وسمِّيت عقالاً لأنّها تَعقِل عن صاحبها الطَّلبَ بها وتَعقِل عنه المأثَمَ أيضاً.
وتأوَّلُوا قولَ أبي بكر لمَّا منعت العربُ الزكاةَ "والله لو منعوني عِقالاً ممّا أدّوه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتُهم عليه"، فقالوا([6]) : أراد به صدقةَ عام، وقالوا أيضاً: إنما أراد بالعِقال الشَّيء التافِه الحقير، فضَرَب العِقال الذي يُعقَل به البعير لذلك مثلاً. وقيل إنّ المصدِّقَ كان إذا أعطى صدقة إبلِهِ أعطى معها عُقُلها وأرويَتَها([7]) .
قال الأصمعيّ: عَقَل الظّبي يَعْقِلُ عُقولاً([8]) ، إذا امتنع في الجبل. ويقال: عَقَل الطَّعامُ بطنَه، إذا أمسَكَه. والعَقُولُ من الدّواء: ما يُمسِك البطن. قال: ويقال: اعتقل رمحَه، إذا وضَعَه بين رِكابه وساقه. واعتقَلَ شاتَه، إذا وضعَ رجلَها بين فخذه وساقه فحلبها. ولفلان عُقْلة يَعتقِل بها النّاسَ، إذا صارعَهم عَقَلَ أرجُلَهم. ويقال عقَلْت البَعيرَ أعقِلُه عقلاً، إذا شَدَدتَ يدَه بعِقاله، وهو الرِّباط. وفي أمثالهم:
* الفحلُ يحمي شولَه معقولا([9]) *
واعتُقل لسانُ فلانٍ، إذا احتبس عن الكلام.
فأمّا قولُهم: فلانةُ عقيلةُ قومِها، فهي كريمتُهم وخيارهم. ويُوصَف بذلك السيِّد أيضاً فيقال: هو عقيلة قومه. وعقيلةُ كلِّ شيءٍ: أكرمُه. والدُّرّة: عَقيلة البحر. قال ابنُ قيس الرُّقَيَّات:
درّةٌ مِن عقائِل البحر بكرٌ *** لم يَشِنْها مَثاقب الّلآلِ([10])
وذُكِر قياس هذا عن ابن الأعرابيّ، قالوا عنه: إنما سمِّيت عقيلةً لأنها عَقَلت صواحبَها عن أن يبلُغْنها. وقال الخليل: بل معناه عُقِلت في خدرها. قال امرؤ القيس:
عقيلة أخدانٍ لها لا دميمةٌ *** ولا ذات خُلْقٍ أن تأمَّلْتَ جَأْنَبِ([11])
قال أبو عبيدة: العقيلة، الذكر والأنثى سواء. قال:(4/58)
بَكْرٌ يُبذّ البُزْلَ والبِكارا *** عقيلةٌ من نُجُبٍ مَهَارَى
ومن هذا الباب: العَقَل في الرّجلين: اصطكاك الرُّكبتين، يقال: بعيرٌ أعقُلُ، وقد عَقِل عَقَلاً. وأنشد:
أخو الحَرْب لَبَّاسٌ إليها جِلالَها *** وليس بولاّج الخوالف أعقلا([12])
والعُقَّال: داء يأخذ الدوابَّ في الرِّجلين، وقد يخفف. ودابّة معقولة وبها عُقّال، إذا مشَتْ كأنَّها تَقلَع رجليها من صخرة. وأكثر ما يكون في ذلك في الشَّاء.
قال أبو عبيدة: امرأة عَقْلاء، إذا كانت حَمْشة السّاقين ضخمةَ العضَلتين. قال الخليل: العاقول من النّهر والوادي ومن الأمور أيضاً: ما التبس واعوجَّ.
وذكِر عن ابن الأعرابيّ، ولم نسمعه سماعاً، أنَّ العِقال: البئر القريبة القعر، سمِّيت عِقالاً لقُرْب مائها، كأنَّها تُستَقَى بالعِقال، وقد ذُكر ذلك عن أبي عبيدةَ أيضاً.
ومما يقرب من هذا الباب العَقَنْقَل من الرَّمل، وهو ما ارتكم منه؛ وجمعه عقاقيل، وإنما سمِّي بذلك لارتكامه* وتجمُّعه. ومنه عَقنقَل الضّب: مَصِيرُه.
ويقولون: "أطعِمْ أخاك من عقنقل الضَّبّ"، يُتَمثَّل به. ويقولون إنَّه طيِّب. فأمّا الأصمعيّ فإنّه قال: إنّه يُرمَى به، ويقال: "أطعم أخاك من عقنقل الضب" استهزاء. قالوا: وإنما سُمِّي عقنقلاً لتحوِّيه وتلوِّيه، وكلُّ ما تحوَّى والتوى فهو عَقنقَل، ومنه قيل لقُضْبان الكَرْم: عقاقيل، لأنَّها ملتوية. قال:
نجُذّ رقابَ القومِ من كلِّ جانبٍ *** كجذِّ عقاقيل الكُرُومِ خبيرُها([13])
فأمّا الأسماء التي جاءت من هذا البناء ولعلَّها أن تكون منقاسة، فعاقِلٌ: جَبَل([14]) بعينه. قال:
لمن الدِّيارُ برامتَينِ فعاقلٍ *** درسَتْ وغيَّرَ آيَها القَطْرُ
قال أبو عبيدة: بنو عاقل رهط الحارث بن حُجْر، سُمُّوا بذلك لأنّهم نزلوا عاقلاً، وهم ملوك.
ومَعْقلةُ: مكان بالبادية. وأنشد:
وعينٍ كأنَّ البابليَّينِ لَبَّسَا *** بقلبك [منها] يوم مَعْقُلةٍ سِحرا([15])(4/59)
وقال أوس:
فبطنُ السُّليِّ فالسِّخالُ تَعَذَّرت *** فَمَعقُلةٌ إلى مُطارٍ فواحفُ([16])
قال الأصمعيّ: بالدَّهْناء خَبْرَاءُ يقال لها مَعْقُلة.
وذو العُقَّال: فرسٌ معروف([17]) . وأنشد:
فكأنما مسحوا بوجهِ حِمارِهم *** بالرَّقْمتين جَبِينَ ذي العُقّالِ([18])
(عقم) العين والقاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على غموضٍ وضيق وشِدّة. من ذلك قولهم حَرْبٌ عَقام وعُقَام: لا يَلوِي فيها أحدٌ [على أحد([19]) ] لشِدّتها. وداءٌ عَُقَامٌ: لا يُبرَأ منه.
ومن الباب قولهم: رجل عَقام، وهو الضيِّق الخُلُق. قال:
أنت عَقامٌ لا يُصابُ له هوَىً *** وذو همّة في المَطْلِ وهو مُضَيِّعُ([20])
ومن الباب عَقِمت الرّحمُ عُقماً، وذلك هَزْمَةٌ تقع في الرّحِم فلا تقبل الولَد. ويقال: عَقِمَت المرأة وعُقِمَت، وهي أجودُهما. وفي الحديث: "تُعقَم أصلابُ المنافقين فلا يقدِرون على السجود"، والمعنى يُبْسُ مفاصِلهم([21]) . ويقال رجلٌ عقيم، ورجال عُقَماء، ونسوةٌ معقومات وعقائم وعُقُم.
قال أبو عمرو: عُقِمت المرأة، إذا لم تلد. قال ابنُ الأعرابي: عُقِمَت المرأة عَُقْماً، وهي معقومة وعقيم، وفي الرّجل أيضاً عُقِم فهو عقيم ومعقوم. وربما قالوا: عَقَمت فلانةَ، أي سحرتُها حتى صارت معقومةَ الرّحِم لا تَلِد.
قال الخليل: عقلٌ عقيم، للذي لا يُجدي على صاحبه شيئاً.
ويروى أنّ العقل عقلان: فعقل عقيمٌ، وهو عقل صاحب الدنيا؛ وعقلٌ مثمر، وهو عقل [صاحب] الآخرة.(4/60)
ويقال: المُلْك عقيم، وذلك أنّ الرّجلَ يقتلُ أباه على الملك، والمعنى أنّه يَسُدّ بابَ المحافظة على النّسب([22]) . والدنيا عقيم: لا تردُّ على صاحبها خيراً. والرِّيح العَقيم. التي لا تُلقِح شجراً ولا سَحاباً. قال الله تعالى: {وَفِي عَادٍ إذْ أَرْسَلْنَا عَليْهِمُ الرِّيحَ العَقِيم} [الذاريات 41]، قيل: هي الدَّبور. قال الكسائيّ: يقال عَقِمت عليهم الرّيح تَعقَم عُقْماً. والعقيم من الأرض: ما اعتقمتَها فحفَرْتها. قال:
تزوَّدَ منّا بين أُذْناه ضَربةً *** دَعَتْه إلى هابي التُّراب عقِيم([23])
قال الخليل: الاعتقام: الحفر في جوانب البئر. قال ربيعة بن مقروم:
وماءٍ آجِنِ الجَمّات قَفرٍ *** تَعقَّمُ في جوانبه السِّباعُ([24])
وإنما قيل لذلك اعتقامٌ لأنَّه في الجانب، وذلك دليل الضِّيقِ الذي ذكرناه.
ومن الباب: المُعاقِم: المُخاصِم، والوجه فيه أنه يضيِّق على صاحبه بالكلام. وكان الشيبانيّ يقول: هذا كلام عُقْمِيّ، أي إنَّه من كلام الجاهلية لا يُعرف. وزَعم أنَّه سأل رجلاً من هُذيل يكنى أبا عِياض، عن حرفٍ من غريب هُذيل، فقال:
هذا كلامِ عُِقميّ، أي من كلام الجاهليّة لا يُتكلَّم به اليوم. ويقولون: إنّ الحاجز بين التِّبْن والحَبِّ إذا ذُرِّي الطعامُ مِعْقَم([25]) .
(عقو) العين والقاف والحرف المعتل كلماتٌ لا تنقاس وليس يجمعُها أصلٌ، وهي صحيحة. وإحداها العَقْوة: ما حولَ الدّار. يقال ما يَطُور بعَقْوَةِ فلانٍ أحد. والكلمة الأخرى: العِقْيُ: ما يخرُج من بطن الصبيّ حين يُولَد. والثالثة: العِقْيان، *وهو فيما يقال: ذهبٌ ينبت نباتاً، وليس مما يحصَّلَ من الحِجارة.
والاعتقاء مثل الاعتقام في البئر، وقد ذكرناه. ويقال عَقَّى الطائر، إذا ارتفع في طيرَانه. وعقَّى بسهمه في الهواء. وينشد:
عَقَّوْا بسهم فلم يَشعُر به أحدٌ *** ثم استفاؤوا وقالوا حبّذا الوَضَحُ([26])(4/61)
ومن الكلمات أعقى الشَّيءُ، إذا اشتدَّت مرارتُه.
(عقب) العين والقاف والباء أصلانِ صحيحان: أحدُهما يدلُّ على تأخير شيء([27]) وإتيانِه بعد غيره. والأصل الآخَر يدلُّ على ارتفاعٍ وشدّة وصُعوبة.
فالأوّل قال الخليل: كلُّ شيء يَعقُبُ شيئاً فهو عَقيبُه، كقولك خَلفٍ يَخلف، بمنزلة اللَّيل والنهار إذا مضى أحدُهما عَقَبَ الآخَر. وهما عَقيبانِ، كلُّ واحدٍ منهما عَقيبُ صاحبِه. ويعقِّبان، إذا جاء اللّيلُ ذهب النَّهارُ، فيقال عَقَّب اللّيلُ النّهارُ وعقّب النهارُ اللّيل. وذكر ناسٌ من أهل التفسير في قوله تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِه} [الرعد 11] قال: يعني ملائكةَ اللّيلِ والنّهار، لأنهم يتعاقبون. ويقال إنَّ العَقِيب الذي يعاقب آخَرَ في المركَب، وقد أعقَبْتُه، إذا نزلْتَ ليركب. ويقولون: عَقِبَ عليَّ في تلك السِّلعة عَقَب، أي أدركني فيها دَرَكٌ([28]) . والتَّعقِبَة: الدَّرَك.
ومن الباب: عاقبت الرجل مُعاقَبة وعُقوبةً وعِقاباً. واحذَر العقوبةَ والعَقب. وأنشَد:
فنعمَ والِي الحُكْمِ والجارُ عمر *** لَيْنٌ لأهل الحقِّ ذَوَ عَقْبٍ ذكَرْ([29])
ويقولون: إنّها لغةُ بني أسد. وإنّما سمِّيت عقوبة لأنَّها تكون آخراً وثانيَ الذَّنْب. وروي عن [ابن] الأعرابيّ: المعاقِب الذي أدْرك ثأره. وإنَّما سمي بذلك للمعنى الذي ذكرناه([30]) . وأنشد:
ونحنُ قَتلنا بالمُخارِق فارساً *** جزاءَ العُطاسِ لا يموتُ المعاقِبُ([31])
أي أدركنا بثأره قَدْرَ ما بين العُطاس والتّشميت. ومثله:
ففَتلٌ بقَتلانا وجَزٌّ بجَزّنا *** جزاءَ العُطاسِ لا يموت مَن اتّأرْ([32])
قال الخليل: عاقبةُ كلِّ شيءٍ: آخره، وكذلك العُقَب، جمع عُقْبة. قال:
* كنتَ أخي في العُقَبِ النَّوائب *(4/62)
ويقال: استعقَبَ فلانٌ من فِعلهِ خيراً أو شرَّاً، واستعقَبَ من أمرهِ ندماً، وتَعقَّب أيضاً. وتعقَّبْت ما صنَعَ فلانٌ، أي تتبَّعت أثره. ويقولون: ستَجِد عقِبَ الأمر كخيرٍ أو كشرٍّ، وهو العاقبة.
ومن الباب قولهم للرجل المنقطع الكلام: لو كان له عَقِبٌ تكلّم، أي لو كان عنده جواب. و قالوا في قول عمر:
فلا مالَ إلاَّ قد أخذنا عقابَه *** ولا دمَ إلاّ قد سفكنا به دَما
قال: عِقابَه، أراد عُقباه وعُقْبانَه. ويقال: فلانٌ وفلانٌ يعتقبان فلاناً، إذا تعاوَنَا عليه.
قال الشَّيباني: إبلٌ معاقِبَةٌ: تَرْعَى الحَمْضَ مَرّةً، والبقلَ أخرى. ويقال: العواقب من الإبل ما كان في العِضاهِ ثم عَقَبَتْ منه في شجر آخر. قال ابنُ الأعرابيّ: العواقب من الإبل التي تُداخِل الماءَ تشربُ ثم تعود إلى المَعْطِن ثم تعود [إلى الماء([33]) ] وأنشد يصف إبلاً:
* روابع خَوامس عواقب *
وقال أبو زياد: المعقِّبات: اللواتي يَقُمن عند أعجاز الإِبل التي تعترك على الحوض، فإذا انصرفَتْ ناقةٌ دخلت([34]) مكانَها أخرى، والواحدةُ مُعَقِّبة. قال:
* الناظراتُ العُقَب الصَّوادِف([35]) *
وقالوا: وعُقْبة الإبل: أن ترعى الحَمض [مَرَّةً] والخَلّة أخرى. وقال ذو الرُّمَّة:
ألْهاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبتُه *** مِن لائح المرو والمرعى له عُقَب([36])
قال الخليل: عَقبت الرّجُل، أي صرت عَقِبَه أعقُبه عَقْبا. ومنه سمِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "العاقب" لأنَّه عَقبَ مَن كان قبلَه من الأنبياء عليهم السلام. وفعلْتُ ذلك بعاقبةٍ، كما يقال بآخِرة. قال:
أرَثَّ حديثُ الوصلِ من أمِّ مَعبدِ *** بِعاقبةٍ وأخلفَتْ كلَّ مَوعِد([37])(4/63)
وحكي عن الأصمعيّ: رأيتُ عاقبةً من الطَّير، أي طيراً يَعقُب بعضها بعضاً، تقع هذه مكانَ التي قد كانت طارت قبلَها. قال أبو زيد: جئتُ في عُقب الشهر وعُقْبانِه، أي بعد مُضِيِّه، العينان مضمومتان. قال: وجئت في عَقب الشهر وعُقبه [و]* في عُقُبِه. قال:
[وقد] أروح عُقُبَ الإصدار *** مُخَتَّراً مسترخِيَ الإزارِ
قال الخليل: جاء في عَقِب الشهر أي آخرِه؛ وفي عُقْبه، إذا مضى ودخل شيءٌ من الآخر. ويقال: أخذت عُقْبَةً من أسيرِي، وهو أن تأخذ منه بدلاً. قال:
* لا بأس إنِّي قد عَلِقت بعُقْبة *
وهذا عُقْبةٌ من فلانٍ أي أُخِذَ مكانه. وأمّا قولهمِ عُِقْبَةُ القمر([38]) ........
ومن الباب قولهم: عُقبْة القِدر، وهو أن يستعير القِدرَ فإذا ردَّها ترك في أسفلها شيئاً. وقياس ذلك أن يكون آخرَ ما في القدر، أو يبقى بعد أن يُغرف منها. قال ابن دريد([39]) :
إذا عُقَب القُدور يكنَّ مالاً *** تحبّ حلائلَ الأقوام عِرسي
وقال الكميت:
……………ولم يكن *** لعُقْبةِ قِدرِ المستعيرين مُعْقِبُ([40])
ويقولون: تصدَّقْ بصدقةٍ ليست فيها تَعقِبة، أي استثناء. وربّما قالوا: عاقب بين رجليه. إذا راوَحَ بينهما، اعتمد مرّةً على اليمنى ومرّةً على اليُسرى.
وممّا ذكره الخليل أن المِعقاب: المرأة التي تلد ذكراً بعد أنثى، وكان ذلك عادتَها. وقال أبو زيد: ليس لفُلان عاقبة، يعني عَقِباً. ويقال عَقَب للفرس جَرْيٌ بعد جري، أي شيءٌ بعد شيء. قال امرؤ القيس:
على العَقْبِ جياشٌ كأنَّ اهتزامَه *** إذا جاش منه حَمْيُه غَلْيُ مِرجلِ([41])
وقال الخليل: كلُّ مَن ثَنَّى شيئاً فهو معقِّب قال لبيد:
حَتَّى تَهَجَّرَ للرّواح وهاجَها *** طَلَب المعقِّبِ حقَّه المظلوم([42])(4/64)
قال ابن السّكيت: المعَقِّب: الماطِل، وهو هاهنا المفعول به، لأنَّ المظلوم هو الطالب، كأنّه قال: طلب المظلوم حَقّه من ماطله. وقال الخليل: المعنى كما يطلب المعقِّبُ المظلومَ حقَّه، فحمل المظلومَ على موضع المعقِّب فرفعه.
وفي القرآن: {وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ} [النمل 10]، أي لم يعطف. والتَّعقيب، غزوة بعد غزوة. قال طفيل:
وأطنابُه أرسانُ جُرْدٍ كأنَّها *** صدورُ القنا من بادئٍ ومُعقِّبِ([43])
ويقال: عقَّبَ فلانٌ في الصَّلاة، إذا قام بعد ما يفرُغ النّاسُ من الصَّلاة في مجلِسه يصلِّي.
ومن الباب عَقِبُ القدَم: مؤخَّرها، وفي المثل: "ابنُكِ مَن دَمَّى عَقِبيكِ"، وكان أصل ذلك في عَقيل بن مالك، وذلك أن كبشة بنت عُروة الرّحّال تبَنَّتْه، فعرَم([44]) عقيلٌ على أمِّه يوماً فضربته، فجاءتها كبشةُ تمنعها، فقالت: ابني ابني، فقالت القَينيَّة - وهي أمَةٌ من بني القَين-: "ابنُكِ من دَمَّى عَقِبيكِ"، أرى ابنك هو الذي نُفِسْتِ به ووَلَدْتِه حَتّى أدمى النّفاس عَقِبَيْك، لا هذا.
ومن كلامهم في العُقوبة والعِقاب، قال امرؤ القيس:
* وبالأشْقَينَ ما كان العقابُ([45]) *
ويقال: أعقب فلانٌ، أي رجَع، والمعنى أنه جاء عُقَيب مضيّه. قال لبيد:
فجال ولم يُعْقِب بغُضْفٍ كأنَّها *** دُقاق الشَّعيل يبتدِرْن الجعائلا([46])
قال الدريدي: المُعْقب: نجم يعقُب نجماً آخَر، أي يطلُع بعده. قال:
* كأنها بينَ السُّجوف مُعْقِبُ([47]) *
ومن الباب قولهم: عليه عُقْبَة السَّرْو والجمال، أي أثره. قال: وقومٌ عليهم عُِقْبة السَّرْو.....([48]) وإنما قيل ذلك لأنَّ أثَرَ الشَّيء يكونُ بعد الشيء.(4/65)
وممّا يتكلمون به في مجرى الأمثال قولهم: "من أين جاءت عَقِبُك" أي من أين جئت. و"فلانٌ مَوَطَّأ العَقِب" أي كثير الأتباع. ومنه حديث عمّار([49]) : "اللهُمَّ إن كان كَذَب فاجعله مُوطّأَ العَقِب". دعا أن يكون سلطاناً يطأ النّاس عَقِبه، أي يتبعونه ويمشون وراءَه، أو يكون ذَا مالٍ فيتبعونه لمالِه. قال:
عهدي بقيسٍ وهُمُ خير الأمَمْ *** لا يطؤون قدماً على قَدَمْ
أي إنَّهم قادةٌ يتبعهم الناس، وليسوا أتباعاً يطؤون أقدامَ مَن تقدَّمهم.
وأما قول النَّخَعي: "المعتقب ضامنٌ لما اعتَقب" فالمعتقِب: الرجل يَبيع الرّجُلَ شيئاً فلا ينقدُه المشترِي الثّمَن، فيأبَى البائع أن يُسلِّم إليه السّلعة حتى ينقُده، فتضيعَ السّلعةُ عند البائع. يقول: فالضَّمان على البائع. وإنّما سُمِّي معتقباً لأنَّه أتى بشيء بعد البيع، وهو إمساك* الشَّيء.
ويقولون: اعتقبت الشيء، أي حبَستُه.
ومن الباب: الإعقابة([50]) : سِمَة مثل الإدبارة، ويكون أيضاً جلدةً معلّقة من دُبُر الأذن.
وأمّا الأصل الآخر فالعَقَبة: طريقٌ في الجبل، وجمعها عِقابٌ. ثمّ رُدّ إلى هذا كلُّ شيءٍ فيه عُلوٌّ أو شدّة. قال ابنُ الأعرابيّ: البئر تُطوَى فيُعْقب وَهْيُ أواخِرها بحجارةٍ من خَلفْها. يقال أعقبت الطَّيَّ. وكلُّ طريقٍ يكون بعضُه فوقَ بعض فهي أَعْقاب.
قال الكسائيّ: المعْقِب: الذي يُعْقب طَيّ البئر: أن يجعل الحصباءَ، والحجارةَ الصِّغار فيها وفي خللها، لكي يشدَّ أعقاب الطيّ. قال:
* شدّاً إلى التَّعقيب مِن ورائها *
قال أبو عمرو: العُقَاب: الخزَف الذي يُدخَل بين الآجُرّ في طيِّ البئر لكي تشتدّ.
وقال الخليل: العُقَاب مرقىً في عُرْض جبل، وهو ناشزٌ. ويقال: العُقاب: حجرٌ يقوم عليه السّاقي، ويقولون إنّه أيضاً المَسِيل الذي يَسِيل ماؤه إلى الحَوض. ويُنشَد:
كأنَّ صوتَ غَرْبِها إذَا انثَعَبْ *** سَيْلٌ على مَتْنِ عُقَابٍ ذي حَدَبْ([51])(4/66)
ومن الباب: العَقَب: ما يُعْقَب به الرّماحُ والسِّهام. قال: وخِلافُ ما بينَه وبين العَصَب أنَّ العصَب يَضرِبُ إلى صُفرة، والعَقَب يضرِب إلى البياض، وهو أصلبُهما وأمتنُهما. والعَصَب لا يُنْتَفَع به([52]) . فهذا يدلّ على ما قلناه، أنَّ هذا البابَ قياسُه الشِّدَّة.
ومن الباب ما حكاه أبو زيد: عَقِب العَرْفج يَعْقَب أشدَّ العَقَبِ. وعَقَبُه أن يَدِقَّ عُوده وتصفرَّ ثمرتُه، ثم ليس بعد ذلك إلاَّ يُبْسه.
ومن الباب: العُقاب من الطَّير، سمِّيت بذلك لشدَّتها وقُوّتها، وجمعه أَعْقُبٌ وعِقبانٌ([53]) ، وهي من جوارح الطَّير. ويقال عُقابٌ عَقَبناةٌ([54]) ، أي سريعة الخَطفة. قال:
عُقاب عَقَبْناةٌ كَأَنَّ وظيفَها *** وخُرطومَها الأعْلَى بنارٍ ملوَّحُ([55])
خرطومها: مِنْسَرها. ووظيفها: ساقُها. أراد أنَّهما أسودان.
ثمّ شُبِّهت الرّاية بهذه العُقاب، كأنَّها تطير كما تَطير([56]) .
(عقد) العين والقاف والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شَدٍّ وشِدّةِ وُثوق، وإليه ترجعُ فروعُ البابِ كلها.
من ذلك عَقْد البِناء، والجمع أعقاد وعُقود. قال الخليل: ولم أسمع له فِعْلاً. ولو قيل عَقَّد تَعقِيداً، أي بنى عَقْداً لجاز. وعَقَدت الحبلَ أعقِده عَقْداً، وقد انعقد، وتلك هي العُقْدة.
ومما يرجع إلى هذا المعنى لكنَّه يُزَاد فيه للفصل بين المعاني: أعقَدْت العَسَل وانعقد، وعسلٌ عقيد ومُنعقِد. قال:
كأنّ رُبَّاً سال بعد الإعقادْ *** على لدِيدَيْ مُصْمَئِلٍّ صِلْخَادْ([57])(4/67)
وعاقَدته مثل عاهدته، وهو العَقْد والجمع عُقود. قال الله تعالى: {أوْفُوا بالعُقود} [المائدة 1]، والعَقْد: عَقْدُ اليمين، [ومنه] قوله تعالى: {ولكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ([58])} [المائدة 89]. وعُقْدَة النكاح وكلِّ شيء: وُجوبُه وإبرامُه. والعُقْدة في البيع: إيجابه. والعُقْدَة: الضَّيْعة، والجمع عُقَد. يقال اعتقد فلانٌ عُقْدةً، أي اتَّخذها. واعتقد مالاً وأخاً، أي اقتناه. وعَقَد قلبَه على كذا فلا يَنزِع عنه. واعتَقَد الشيءُ: صَلُب. واعتَقَد الإخاءُ: ثَبَتَ([59]) . والعَقِيد: طعام يُعْقَد بعسل. والمَعَاقِد: مواضع العَقْد من النِّظام. قال:
* معاقِدُ سِلكِه لم تُوصَلِ([60]) *
وعِقْدُ القِلادة ما يكون طُوَارَ العُنق، أي مقدارَه. قال الدريديّ: "المِعقاد خيط تنظم فيه خَرَزَات([61]) ".
قال الخليل: عَقَد الرَّمل: ما تراكم واجتمع، والجمع أعقاد. وقلَّما يقال عَقِد وعَقِدات، وهو جائز. قال ذو الرّمّة:
بين النهار وبين الليل من عَقَد *** على جوانبه الأسباط والهَدَبُ([62])
ومن أمثالهم: "أحمق من تُرْب العَقَد" يعنون عَقَد الرَّمل؛ وحُمْقُه أنّه لا يثبت فيه التّراب، إنما ينهار. و"هو أعطش من عَقَد الرّمْل"، و"أشْرَبُ من عَقَد الرّمل" أي إنّه يتشرَّب كلَّ ما أصابه من مطر ودَثَّة([63]) .
* قال الخليل: ناقةٌ عاقدٌ، إذا عَقَدتْ ([64]) .
قال ابنُ الأعرابيّ: العُقْدة من الشّجر: ما يكفي المالَ سنَتَه. قال غيرُه: العُقْدَة من الشّجَر: ما اجتمع وثبَتَ أصلُه. ويقال للمكان الذي يكثر شجرُه([65]) عُقدة أيضاً. وكلُّ الذي قيل في عُقدة الشَّجَر والنَّبْت فهو عائد إلى هذا. ولا معنى لتكثير الباب بالتكرير.
ويقولون: "هو آلَفُ من غُراب العُقْدة". ولا يطير غُرابها. والمعنى أنّه يجد ما يريده فيها.(4/68)
ويقال: اعتقدَت الأرضُ حَيَا سنَتِها، وذلك إذا مُطِرَت حتى يحفِر الحافر الثَّرَى فتذهبَ يدُه فيه حتى يَمَسَّ الأرض بأُذُنه وهو يحفر والثَّرَى جَعْد.
قال ابنُ الأعرابيّ: عُقَد الدُّورِ والأرَضِينَ مأخوذةٌ من عُقَد الكلأ؛ لأنَّ فيها بلاغاً وكِفاية. وعَقَد الكَرْمُ، إذا رأيتَ عُودَه قد يَبس ماؤُه وانتهى. وعَقَدَ الإفطُ. ويقال إنّ عَكَد اللسان، ويقال له عَقَد أيضاً، هو الغِلَظ في وسطه. وعَقِد الرّجلُ، إذا كانت في لسانه عُقدة، فهو أعقَدُ.
ويقال ظبيةٌ عاقدٌ، إذا كانت تَلْوي عنقَها، والأعقد من التُّيوس والظباء: الذي في قَرْنه عُقْدة أو عُقَد، قال النَّابغة في الظباء العواقد:
ويضربن بالأيدي وراءَ بَرَاغِزٍ *** حسانِ الوجوه كالظِّباءِ العَوَاقِدِ([66])
ومن الباب ما حكاه ابن السكّيت: لئيمٌ أعقد، إذا لم يكن سهلَ الخلق. قال الطّرِمّاح:
ولو أنِّي أشاء حَدَوْتُ قولاً *** على أعلامِه المتبيِّناتِ([67])
عشيرتُه له خِزْيَ الحَيَاةِ *** لأعْقَدَ مُقْرِف الطَّرَفين بَيْنِي
يقال إنّ الأعقد الكلب، شبَّهه به.
ومن الباب: ناقةٌ معقودة القَرَى، أي موَثَّقةُ الظهر. وأنشد:
مُوَتَّرَة الأنساء معقودة القَرَى *** ذَقُوناً إذا كَلَّ العِتاق المرَاسِلُ ...
وجملٌ عَقْدٌ، أي مُمَرُّ الخَلْقِ. قال النابغة:
فكيفَ مَزارُها إلا بعَقْدٍ *** مُمَرٍّ ليس يَنْقُضُه الخَؤُونُ([68])
ويقال: تعقَّد السَّحابُ، إذا صار كأنّه عَقْد مضروبٌ مبنيّ. ويقال للرجل: "قد تَحلَّلت عُقَده"، إذا سكنَ غضبَهُ. ويقال: "قد عقد ناصيتَه"، إذا غَضِب فتهيَّأ للشَّر. قال:
* بأسواط قومٍ عاقدِينَ النَّواصِيا([69]) *
ويقال: تعاقَدت الكلابُ، إذا تعاظَلَت. قال الدريديّ: "عَقَّدَ فلان كلامَه، إذا عمَّاه وأعْوَصه([70]) ". ويقال: إنّ المعقِّد السّاحر. قال:
يعقِّد سحرَ البابليَّيْنِ طرفُها *** مِراراً وتسقينا سُلافاً من الخَمْرِ(4/69)
وإنما قيل ذلك لأنّه يعقِّد السِّحر. وقد جاء في كتاب الله تعالى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ في الْعُقَد} [الفلق 4]: من السَّواحر اللواتي يُعقِّدن في الخُيُوط. ويقال إذا أطبق الوادي على قوم فأهلكهم: عقد عليهم.
وممّا يشبه هذا الأصل قولُهم للقصير أعْقَد. وإنما قيل له ذلك لأنّه كأنّه عُقْدَة. والعُقْد: القِصَار. قال:
ماذيّة الخُرْصان زُرق نصالها *** إذا سَدَّدُوها غير عُقْدٍ ولا عُصْلِ([71])
(عقر) العين والقاف والراء أصلان متباعدٌ ما بينهما، وكلُّ واحد منهما مُطَّرِدٌ في معناه، جامعٌ لمعاني فُروعه. فالأول الجَرْح أو ما يشبه الجَرح من الهَزْم في الشيء. والثاني دالٌّ على ثباتٍ ودوام.
فالأوّل قول الخليل: العَقْرُ كالجَرْح، يقال: عَقَرت الفرسَ، أي كَسَعْتُ قوائمَه بالسَّيف. وفرسٌ عقير ومعقور. وخَيلٌ عَقْرَى. قال زياد([72]) :
وإذا مررت بقبرِهِ فاعقِرْ به *** كُومَ الهِجان وكلَّ طِرفٍ سابحِ
وقال لبيد:
لَمَّا رأى لُبَدُ النُّسُورَ تطايرت *** رَفَع القوادمَ كالعقير الأعزلِ([73])
شبَّه النَّسرَ بالفرس المعقور. وتُعقَر النّاقة حتى تسقط، فإذا سقطت نَحَرَها مستمكناً منها. قال امرؤ القيس:
ويوم عقَرتُ للِعذارى مَطِيَّتي *** فيا عجباً لرَحلِها المُتَحمِّلِ([74])
والعَقّار: الذي يعنُف بالإبل لا يرفُق بها في أقتابها فتُدْبِرها. وعَقَرْتُ ظهر الدابّة: أدبرته. قال ابن امرؤ القيس:
تقول وقد مال الغبيطُ* بنا معاً *** عقَرْتَ بعيري يا امرأ القَيس فانزلِ([75])
وقول القائل: عَقَرْتَ بي، أي أطَلتَ حبسي، ليس هذا تلخيصَ الكلام، إنما معناه حَبَسه حتى كأنّه عقر ناقتَه فهو لا يقدِر على السَّير. وكذلك قول القائل:(4/70)
قد عقَرتْ بالقوم أمُّ الخزرجِ([76]) ويقال *** إذا مشَت سالت ولم تَدَحرجِ ... تَعقَّر الغَيث: أقام، كأنَّه شيء قد عُقِر فلا يَبْرَح. ومن الباب: العاقِرُ من النِّساء، وهي التي لا تَحمِل. وذلك أنّها كالمعقورة. ونسوةٌ عواقر، والفِعل عَقَرت تَعْقِر عَقْراً، وعقِرت تَعْقَر أحسن([77]) . قال الخليل: لأنَّ ذلك شيءٌ ينزل بها من غيرها، وليس هو من فِعلها بنفسها. وفي الحديث: "عُجُزٌ عُقَّر".
قال أبو زيد: عَقَرت المرأةَ وعقِرَتْ، ورجل عاقر، وكان القياس عَقُرت لأنَّه لازم، كقولك: ظرُف وكرُم.
وفي المثل: "أعقر من بَغلة". وقول الشاعر([78]) يصف عقاباً:
لها ناهضٌ في الوكر قد مَهَّدت له *** كما مهَّدت للبَعْل حسناءُ عاقرُ([79])
وذلك أنَّ العاقرَ أشدُّ تصنُّعاً للزَّوج وأحفى به، لأنَّه [لا] وَلَدَ لها تدُلّ بها، ولا يَشغلُها عنه.
ويقولون: لَقِحت الناقة عن عُقْر، أي بعد حِيال، كما يقال عن عُقْمٍ.
وممّا حُمِل على هذا قولُهم لدِيةِ فَرْج المرأة عُقر، وذلك إذا غُصِبت. وهذا ممّا تستعمله العرب في تسمية الشيء باسم الشيء، إذا كانا متقاربَين. فسمِّيَ المهر عُقْراً، لأنَّه يُؤخذ بالعُقْر. وقولهم: "بيضة العُقْر" اسم لآخِر بيضةٍ تكون من الدَّجاجة فلا تبيضُ بعدها، فتضرب مثلاً لكل شيء لا يكون بعدَه شيءٌ من جِنْسه.
قال الخليل: سمعت أعرابياً من أهل الصَّمَّان يقول: كلُّ فُرْجةٍ بين شيئين فهو عَقْر وعُقر، ووضع يدَه على قائمتي المائدة ونحن نتغدَّى فقال: ما بينهما عُقر. ويقال النخلة تُعْقَر، أي يُقطع رأسها فلا يخرج من ساقها أبداً شيء. فذلك العَقْر، ونخلة عَقِرَة. ويقال كَلأٌ عقار([80]) ، أي يعقِر الإبلَ ويقتُلها.(4/71)
وأمّا قولهم: رفع عقيرتَه، إذا تَغنَّى أو قرأ، فهذا أيضاً من باب المجاورة، وذلك فيما يقال رجلٌ قُطِعت إحدى رجليه فرفَعَها ووضَعَها على الأُخرى وصَرَخ بأعلى صوته، ثمَّ قيل ذلك لكلِّ مَن رفع صوتَه. والعقيرة هي الرِّجل المعقورة، ولمَّا كان رفْعُ الصَّوت عندها سمِّي الصّوتُ بها.
فأمّا قولُهم: ما رأيتُ عقيرةً كفلان، يراد الرَّجُل الشَّريف، فالأصل في ذلك أن يقال للرّجُل القتيل الكبير([81]) الخطير: ما رأيتُ كاليوم عَقِيرةً وسْطَ قوم! قال:
إذا الخَيْل أجلى شاؤها فقد *** عقر خير من يَعقِره عاقر([82])
قال الخليل: يقال في الشَّتيمة: عَقْراً له وجَدْعاً. ويقال للمرأة حَلْقَى عَقْرى. يقول: عقرها الله، أي عَقَر جسدَها؛ وحَلَقها، أي أصابها بوجعٍ في حلقها. وقال قوم: تُوصَف بالشُّؤْم، أي إنَّها تَحلِق قَومَها وتعقِرهم. ويقال عَقَّرْتُ الرّجل، إذا قلتَ له: عَقْرَى حَلْقى([83]) .وحُكي عن بعض الأعراب: "ما نتشتُ الرُّقْعة ولا عَقَرتها" أي ولا أتيت عليها. والرُّقعة: الكلأ المتلبِّد([84]) . يقال كلؤُها يُنتَش ولا يُعْقَر.
ويقولون: عُقَرة العلم النِّسيان، على وزن تُخَمة، أي إنّه يَعقِره. وأخلاط الدّواء يقال لها العقاقير، واحدها عَقّار. وسمّي بذلك لأنّه كأنّه عَقَر الجوف. ويقال العَقَر: داءٌ يأخذ الإنسان عند الرَّوع فلا يقدرُ أن يَبرحَ، وتُسْلِمُه رجلاه.
قال الخليل: سَرْجٌ مِعْقَرٌ، وكلب عَقُور.
قال ابن السِّكّيت: كلبٌ عَقُورٌ، وسَرْج عُقَرَةٌ ومِعْقَرٌ([85]) . قال البَعيث:
* ألحَّ على أكتافِهم قَتبٌ عُقَرْ([86]) *
ويقال سرج مِعْقَر وعَقّارٌ ومِعْقار.
وأمّا الأصل الآخرَ فالعَقْر القصر الذي يكون مُعتَمداً لأهل القرية يلجؤون إليه. قال لبيد:
كعَقْر الهاجريِّ إذِ ابْتناهُ *** بأشباهٍ حُذِينَ على مِثالِ([87])
الأشباه: الآجر؛ لأنّها مضروبةٌ على مِثال واحد.(4/72)
قال أبو عُبيد: العَقْر كلُّ بناء مرتفع. قال الخليل: عُقَر الدّار: مَحَلّة القَوم بين الدّار* والحوض، كان هناك بناءٌ أو لم يكن. وأنشد لأوس بن مَغْراء:
أزمانَ سُقناهمُ عن عُقْر دارِهِم *** حتَّى استقرّ وأدناهُم لحَوْرانا ...
قال: والعُقر أصل كلِّ شيء. وعُقْرُ الحوض: موقف الإبل إذا وردَتْ. قال ذُو الرُّمّةْ:
بأعقارِه القِردانُ هَزْلَى كأنَّها *** نوادِرُ صَيصاء الهَبيدِ المحطّم([88])
يعني أعقار الحَوض. وقال في عقر الحَوض:
فرماها في فرائِصها *** من إزاء الحوض أو عُقُرِه([89])
ويقال للنّاقة التي تَشرب من عُقْر الحوض عَقِرة، وللتي تشرب من إزائه أَزِيَة.
ومن الباب عُقر النّار([90]) : مجتمع جَمرها. قال:
وفي قَعر الكِنانة مرهفاتٌ *** كأنَّ ظُباتِها عُقُر بَعيج([91])
قال الخليل: العَقَار: ضَيعة الرَّجُل، والجمع العَقارات. يقال ليس له دارٌ ولا عَقارٌ. قال ابن الأعرابيّ: العَقار هو المتاع المَصُون، ورجلٌ مُعْقِر: كثير المتاع.
قال أبو محمد القُتَيبيّ: العُقَيْرَى اسمٌ مبنيّ من عُقْرِ الدّار، ومنه حديث أم سلمة لعائشة: "سكّني عُقَيراكِ فلا تُصْحِريها([92]) "، تريد الْزَمِي بيتَك.
ومما شُبّه بالعَقر، وهو القصر، العَقْر: غيمٌ ينشأ من قِبَل العَين([93]) فيغشَى عينَ الشمس وما حَولَها. قال حُميد([94]) :
فإذا احزأَلَّت في المُناخِ رأيتَها *** كالعَقْر أفرَدَه العَماءُ الممطرُ ...
وقد قيل إنّ الخمر تسمَّى عُقاراً لأنّها عاقرت الدَّنَّ، أي لازمَتْه. والعاقر من الرَّمل: ما يُنبت شيئاً كأنّه طحينٌ منخول. وهذا هو الأصل الثاني.
وقد بقيت أسماءُ مواضعَ لعلَّها تكون مشتقَّة من بعض ما ذكرناه.
من ذلك عَقَارَاء: موضع، قال حميد:
رَكُودُ الحُميّا طَلَّةٌ شاب ماءَها *** بها من عَقَارَاء الكُروم رَبيبُ([95])(4/73)
والعَقْر: موضعٌ ببابل، قتل فيه يزيد بن المهلَّب، يقال لذلك اليوم يومُ العَقْر. قال الطّرِمّاح:
فخَرْتَ بيوم العَقر شرقيَّ بابلٍ *** وقد جَبُنت فيه تميم وقَلّتِ([96])
وعَقْرى: ماء([97]) . قال:
ألاَ هل أتى سلمى بأنَّ خليلها *** على ماء عَقْرى فوق إحدى الرَّواحلِ
(عقز) العين والقاف والزاء بناء ليس يشبه كلامَ العرب، وكذلك العين والقاف والسين، والقاف والشين، مع أنّهم يقولون العَقْش: بقلة أو نبتٌ. وليس بشيء.
(عقص) العين والقاف والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على التواءٍ في شيء قال الخليل: العَقَص: التواءٌ في قرن التَّيس وكلِّ قرن. يقال كبشٌ أعقَصُ، وشاةٌ عَقْصاء.
قال ابنُ دريد: العَقَص: كزَازة اليدِ وإمساكُها عن البَذْل. يقال: هو عَقِصُ اليدينِ وأعقَصُ اليدينِ، إذا كان كَزَّاً بخيلاً([98]) .
قال الشَّيبانيّ: العَقِص من الرِّجال: المُلْتَوي الممتنع العَسِر، وجمعه أعقاص.
قال:
* مَارَسْت نَفْساً عَقِصاً مِراسُها *
قال الخليل: العَقْص: أن تأخُذَ كلَّ خُصلة من شعرٍ فتلويَها ثم تعقِدَها حتى يبقى فيها التواءٌ، ثم ترسِلَها. وكلُّ خُصْلَةٍ عقيصة، والجمع عقائص وعِقاصٌ. ويقال عَقَصَ شَعْرَه، إذا ضَفَرَه وفتَله. [ويقال] العَقْصُ أن يَلْوِيَ الشَّعر على الرَّأْس ويُدخِل أطرافَه في أصوله، من قولهم: قرنٌ أعْقَصُ([99]) . ويقال لكل لَيَّةٍ عِقْصة وعَقيصة. قال امرؤ القيس:
غدائرُه مستشزراتٌ إلى العُلَى *** تَضِلُّ العِقاصُ في مُثنَّى ومُرسَلِ([100])
ويقال: العِقاص الخَيط تُعقَص به أطراف الذّوائب.
ومن الباب: العَقِص من الرِّمال: رملٌ لا طريقَ فيه. قال:
كيف اهتدَتْ ودونها الجزائرُ *** وعَقِص من عالجٍ تَياهِرُ([101])(4/74)
قال ابنُ الأعرابي: المِعْقَص: سهمٌ ينكسر نَصْله ويبقى سِنْخُه([102]) ، فيُخرَج ويُضرب أصلُ النَّصل حتّى يطولَ ويردُّ إلى موضعه فلا يسدُّ الثَّقب الذي يكون فيه، لأنَّه قد دُقِّق؛ مأخوذٌ من الشاة العَقْصاء.
ومن الحوايا واحدةٌ يقال لها العُقَيصاء([103]) . ويقولون: العَقِص([104]) : عُنق الكَرِش. وأنشد:
هل عندكم مما أكلتمْ أمسِ *** من فَحِثٍ أو عَقِص أو رَأْسِ([105])
وقال الخليل في قول امرئ القيس:
* تضلُّ العِقاصُ في مثنى ومُرسلِ([106]) *
هي المرأةُ ربَّما* اتخذت عقيصةً من شعر غيرها تَضِلُّ في رأسها. ويقال: إنّه يعني أنّها كثيرةُ الشعر، فما عُقِص لم يتبيَّنْ في جميعه، لكثرة ما يبقى.
(عقف) العين والقاف والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطْفِ شيءٍ وحَنْيه. قال الخليل: عقفتُ الشّيءَ فأنا أُعقِفهُ عَقْفاً، وهو معقوف، إذا عطفتَه وحنوته([107]). وانعقف هو انعقافاً، مثل انعطف. والعُقَّافة كالمِحجَن. وكلُّ شيءٍ فيه انحناءٌ فهو أعْقف. ويقال للفَقير أعقَف، ولعلّه سُمِّي بذلك لانحنائه وذِلَّته. قال:
يا أيُّها الأعقَفُ المزجِي مطيَّتَه *** لا نعمةً [تبتغِي] عندي ولا نَشَبَا([108])
والعُقَاف: داءٌ يأخذ الشاة في قوائمها حتَّى تعوجّ، يقال شاةٌ عاقفٌ ومعقوفة الرِّجْلين. وربَّما اعترى كلَّ الدوابّ، وكلٌّ أعقف. وقال أبو حاتم: ومن ضروع البقر عَقُوف([109]) ، وهو الذي يخالف شَخْبُهُ عند الحَلَب. ويقال: أعرابيٌّ أعقَفُ، أي مُحرَّم جافٍ لم يَلِنْ بعد([110]) ، وكأنّه مُعَوّج بعدُ لم يستقِم. والبعير إذا كان فيه جَنَأٌ([111]) فهو أعقَفُ. والله أعلم.
ــــــــــــــ
([1]) أنشده في اللسان (عقل) بدون نسبة. وفي الأصل: "له عقلاً".
([2]) أي حصناً ومعقلاً صعباً. وكذا ورد إنشاده في المجمل. وفي اللسان (عقل): "عقلاً".
([3]) البيت لأنس بن مدركة، كما في الحيوان (1: 18).
([4]) الموضحة: الشجة التي تبلغ العظم فتوضح عنه.(4/75)
([5]) البيت لعمرو بن العداء الكلبي، يقوله في عمرو بن عتبة بن أبي سفيان، وكان معاوية استعمله على صدقات كلب، فاعتدى عليهم. اللسان (عقل، سعى) والخزانة (3: 387) والأغاني (18: 49). وانظر مجالس ثعلب 171 حيث الكلام على البيت.
([6]) في الأصل: "فقال".
([7]) الأروية: جمع رواء، بالكسر، وهو الحبل يشد به الحمل والمتاع فوق البعير.
([8]) وعقلاً أيضاً، كما في اللسان.
([9]) انظر الحيوان (2: 249) وأمثال الميداني (2: 16).
([10]) ديوان ابن قيس الرقيات 207 برواية: "لم تنلها".
([11]) ديوان امرئ القيس 73 والمجمل واللسان (جنب).
([12]) للقلاخ بن حزن في سيبويه (1: 57) والعيني (3: 535).
([13]) البيت في مجالس ثعلب 93 واللسان (خبر، عقل) برواية: "رقاب الأوس". وفي (خبر) من اللسان: "تجز" و "كجز".
([14]) في الأصل: "حبلى".
([15]) البابليان: هاروت وماروت الملكان. وكلمة "منها" يتطلبها الوزن والمعنى.
([16]) ديوان أوس بن حجر 14.
([17]) هو ابن أعوج بن الديناري بن الهجيسي بن زاد الركب. اللسان (عقل)، وابن الكلبي 7-9 وابن الأعرابي 52، 63 وأبو عبيدة 66 والمخصص (6: 195) ونهاية الأرب (10: 36، 37، 41) والعمدة (2: 182).
([18]) الفرزدق في ديوانه 727 برواية: "ذي الرقمتين".
([19]) التكملة من المجمل واللسان.
([20]) في اللسان والمجمل (عقم): "وأنت" بدون الخرم، وفي اللسان فقط: "في المال".
([21]) في اللسان: "تيبس مفاصلهم".
([22]) في المجمل: "فكأنه سد باب الرعاية والمحافظة".
([23]) البيت لهوبر الحارثي كما في اللسان (هبا) برواية: "أذنيه". وسيأتي في (هبو).ورواية ابن فارس هذه هي التي يستشهد بها النحويون لإلزام المثنى الألف مطلقاً، وهي لغة بلحارث بن كعب وخثعم وزبيد وكنانة. انظر شذور الذهب وهمع الهوامع، في إعراب المثنى.
([24]) البيت في اللسان (عقم). وهو من قصيدة في المفضليات (1: 183-187).(4/76)
([25]) كتبت في المجمل لتقرأ بالوجهين: "مَعقِم" و "ومعِقَم".
([26]) البيت للمتنخل الهذلي في ديوان الهذليين (2: 31) واللسان (عقا). ونسب في (وضح) إلى أبي ذؤيب الهذلي، وليس بالصواب.
([27]) في الأصل: "آخر شيء"، تحريف.
([28]) هذا اللفظ ومعناه مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
([29]) البيتان أشبه بأن يكونا من أرجوزة العجاج التي يمدح بها عمر بن عبيد الله بن المعمر. وليسا في ديوانه المطبوع. والبيت الثاني في اللسان (عقب 110).
([30]) في الأصل: "ذكره".
([31]) أنشده في اللسان (عقب 110).
([32]) البيت لمهلهل، كما في اللسان (3: 320) بتحقيقنا. وهو في الحيوان (3: 276) بدون نسبة. والرواية فيهما: "فقتلا بقتيل وعقرا بعقركم".
([33]) التكملة من المجمل.
([34]) في الأصل: "دلت"، صوابه من المجمل واللسان.
([35]) سبق ف ي(صدف). وأنشده في المجمل واللسان (صدف). وقبله في تاج العروس: * لاري حتى تنهل الروادف *
([36]) ديوان ذي الرمة 29 والحيوان (4: 312، 343) واللسان (عقب) والمخصص (12: 13).
([37]) البيت لدريد بن الصمة من قصيدة في الأصمعيات 23 ليبسك وجمهرة أشعار العرب 117. وأنشده في اللسان (رثث).
([38]) كذا بيض بعدها في الأصل. ولم تذكر في المجمل. وفي اللسان: "وعقبة القمر: عودته بالكسر، ويقال عقبة بالفتح، وذلك إذا غاب ثم طلع. ابن الأعرابيّ: عقبة القمر بالضم: نجم يقارن القمر في السنة مرة".
([39]) كذا ورد في الأصل، فلعل بعده سقطا هو نقل من الجمهرة. أو لعل صوابه "دريد" وهو دريد بن الصمة.
([40]) اللسان (حرد، عقب). وأوله: "وحاردت النكد الجلاد".
([41]) البيت من معلقته المشهورة. ويروى: "على الذبل".
([42]) ديوان لبيد 99 طبع 1880 واللسان والجمهرة (عقب). ويروى: "وهاجه".
([43]) ديوان طفيل ص 40.
([44]) عرم، بالراء المهملة، من العرامة، وهي الشراسة والخبث. وفي الأصل: "فعزم".(4/77)
([45]) صدره في ديوانه 160: * وقاهم جدهم ببني أبيهم *
([46]) ديوان لبيد 20، طبع 1881.
([47]) بعده في اللسان(عقب) : * أو شادن ذو بهجة مربب *
([48]) بياض في الأصل.
([49]) الحديث في اللسان (وطأ 194)، قال: "وفي حديث عمار أن رجلاً وشى به إلى عمر فقال".
([50]) هذه الكلمة مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
([51]) في الأصل: "على مشي"، صوابه من المجمل.
([52]) في اللسان (2: 114): "والعصب: العلباء الغليظ ولا خير فيه".
([53]) وأعقبة أيضاً، عن كراع. وجمع الجمع عقابين.
([54]) بتقديم الباء على النون. ويقال أيضاً "عقنباة" بتقديم النون، و"بعنقاة" بتقديم الباء على العين. القاموس والمخصص (8: 146/ 16: 7).
([55]) أنشده في المخصص في الموضعين برواية: "كأن جناحها".
([56]) أرى أنها سميت بذلك لعزها وامتناعها.
([57]) الرجز لرؤبة في ديوانه 41، وثاني الشطرين في اللسان (لدد). وكلمة "ربا" في الشطر الأول ساقطة من الأصل، وإثباتها من الديوان.
([58]) من الآية 89 في سورة المائدة. والقراءة بتخفيف القاف هي قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي والأعمش، وسائر القراء "عقدتم" بتشديد القاف، وانفرد ابن ذكوان بقراءة "عاقدتم". إتحاف فضلاء البشر 202.
([59]) في اللسان: "وتعقد الإخاء: استحكم، مثل تذلل".
([60]) لعنترة بن شداد في ديوانه 178. وهو وما قبله:
أفمن بكاء حمامة في أيكة *** ذرفت دموعك فوق ظهر المحمل
كالدر أو فضض الجمان تقطعت *** منه معاقد سلكه لم توصل
وفي الديوان: "عقائد" بدل: "معاقد"، تحريف.
([61]) بعده في الجمهرة (2: 279): "تعلق في أعناق الصبيان أو في أعضادهم".
([62]) ديوان ذي الرمة ص4، واللسان (سبط).
([63]) الدثة: المطر الضعيف الخفيف. وفي الأصل: "ودنبه"، تحريف.
([64]) في اللسان: "وناقة عاقد: تعقد بذنبها عند اللقاح".
([65]) في الأصل: "يكتنز شجره"، تحريف. وبدله في المجمل: "ويقال بل هو المكان الكثير الشجر".(4/78)
([66]) ديوان النابغة 33 واللسان (برغز).
([67]) البيتان مما لم يرو في ديوان الطرماح. أنظر ديوانه 134-135.
([68]) أنشده في اللسان (عقد).
([69]) لابن مقبل في اللسان (عقد). وصواب إنشاده: "بأسواط قد". وصدره:
* أثابوا أخاهم إذ أرادوا زياله *
([70]) الجمهرة (2: 279).
([71]) في الأصل: "مازنة" بدل: "ماذية"، و "سددها" بدل "سددوها".
([72]) زياد هذا، هو زياد الأعجم. قصيدته خمسون بيتاً رواها القالي في ذيل أماليه 8-11، وروى معظمها ابن خلّكان (في ترجمة المهلب بن أبي صفرة). والقصيدة في رثاء المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة. وانظر الخزانة(4: 152) .
([73]) ديوان لبيد 34 طبع 1881، وروي في اللسان (فقر): "كالفقير".
([74]) البيت من معلقته المشهورة.
([75]) البيت من معلقته المشهورة.
([76]) البيت في اللسان (عقر).
([77]) مصدر هذا "العَقار". ويقال أيضاً: "عقُرت تعقُر عَقارة وعِقارة".
([78]) هو دريد بن الصمة، كما في الحيوان (7: 37-38)، أو معقر بن حمار البارقي، كما في الأغاني (10: 45)، والمزهر (2: 438).
([79]) في الأغاني والمزهر: "نهدت" في الموضعين.
([80]) يقال بتخفيف القاف وتشديدها، مع ضم العين فيهما.
([81]) في الأصل: "الكثير".
([82]) كذا ورد البيت مضطرباً.
([83]) في اللسان: "يحتمل أن يكونا مصدرين على فعلى، بمعنى العقر والحلق، كالشكوى للشكو".
([84]) لم يذكر هذا المعنى في المعاجم المتداولة.
([85]) وعقر أيضاً، بضم ففتح كما في إصلاح المنطق 314.
([86])أنشد هذا العجز في إصلاح المنطق. وصدره كما في اللسان(لحح، عقر) :
* ألد إذا لاقيت قوماً بخطة *
([87]) ديوان لبيد 12 طبع 1880 واللسان (عقر، هجر). ومعجم البلدان (العقر).
([88]) ديوان ذي الرمة 130.
([89]) لامرئ القيس في ديوانه 152 واللسان (عقر).
([90]) في الأصل: "الدار"، صوابه في اللسان. ويقال "عقر" بضمة وبضمتين.(4/79)
([91]) البيت لعمرو بن الداخل، كما في اللسان (عقر) ونسخة الشنقيطي من الهذليين 121. ونسبه السكري في شرح أشعار الهذليين 268 إلى أبيه الداخل بن حرام. ورواية جميعها "وبيض كالسلاجم مرهفات". ووجدته في بقية أشعار الهذليين ص16 منسوباً إلى أبي قلابة، وبرواية: "وبيض كالأسنة".
([92]) انظر اللسان (عقر 274).
([93]) أي من قبل عين القبلة قبلة أهل العراق. وعينها: حقيقتها. اللسان (عين 179).
([94]) حميد بن ثور، كما في اللسان (عقر) عند إنشاده.
([95]) في اللسان (عقر) بعد إنشاده: "قال شمر: ويروى: لها من عقارات الخمور. قال: والعقارات الخمور. ربيب: من يربها فيملكها". وفي الأصل هنا: "زبيب" تحريف. وورد البيت محرفاً كذلك في معجم البلدان في ترجمة (عقاراء)، ورواه في معجم ما استعجم.
([96])ديوان الطرماح 131. وفي الأصل: "وقد خبثت"، صوابه من الديوان. وفي حواشي الديوان إشارة إلى رواية: "وفلت" بالفاء. والبيت من قصيدة يرد بها على الفرزدق.
([97])ورد في معجم ما استعجم، ولم يذكره ياقوت.
([98])الجمهرة(3: 76) .
([99])في الأصل: "عقص"، تحريف.
([100])البيت من معلقته المشهورة.
([101])الرجز في اللسان (تهر، عقص)، وأنشده في المجمل (عقص).
([102])في الأصل: "سخنة"، تحريف. وسنخ النصل: الحديدة التي تدخل في رأس السهم.
([103])فسر في القاموس والمجمل بأنه "كرشة صغيرة مقرونة بالكرش الكبرى".
([104])هذا اللفظ بمعناه مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
([105])الفحث بوزن كرش: ذات الأطباق من الكرش. وفي الأصل: "فحس"، تحريف.
([106])سبق إنشاد هذا البيت في ص 97.
([107])يقال حنى الشيء يحنيه ويحنوه أيضاً.
([108])وكذا أنشده في اللسان(عقف)بدون نسبة. والبيت من قصيدة في الأصمعيات 46-50 طبع المعارف، منسوبة إلى سهم بن حنظلة الغنوي. وكلمة "تبتغي" ساقطة من الأصل، وإثباتها من الأصمعيات. ورواية أوله فيها: "يا أيها الراكب".(4/80)
([109])وردت هذه الكلمة في القاموس، ولم ترد في اللسان.
([110]) في الأصل: "لم يكن بعد".
([111]) في الأصل: "حناء"، تحريف.
ـ (باب العين والكاف وما يثلثهما في الثلاثي)
(عكل) العين والكاف واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وضمّ.
قال الخليل: يقال عَكَل السّائق الإبلَ يعكِلُ عَكْلاً، إذا ضمَّ قواصِيهَا وجَمَعها. قال الفرزدق:
وهُمُ على شَرَف الأمِيل تَدارَكُوا *** نَعَماً تُشَلُّ إلى الرئيس وتُعكَلُ([1])
ويقال عكلتُ الإبل: حبستُها. وكلُّ شيء جمَعتَه فقد عكلتَه. والعَوكل: ظهر الكثيب المجتمع. قال:
بكلِّ عقنقلٍ أو رأس بَرْثٍ *** وعَوكلِ كلِّ قَوزٍ مستطيلِ([2])
ويقال: العوكلة: العَظيمة من الرَّمْل. قال:
* وقد قابلَتْهُ عوكلاتٌ عَوازِلٌ([3]) *
فأمَّا قولهم: إنّ العَوْكلَ المرأةُ الحمقاء، فهو محمولٌ على الرَّمل المجتمع، لأنَّه لا يزال يَنهال، فالمرأةُ القليلةُ التّماسُك مشبَّهة بذلك، كما مَرَّ في تُرْب العَقِد. ويقال: العَوكل من الرِّجال: القصير. وذلك بمعنى التجمُّع. قال:
* ليس بِراعي نَعَجاتٍ عَوكل([4]) *
ويقال: إبلٌ معكولة، أي محبوسة مَعقولة. وهذا من القياسِ الصحيح. وعُكْلٌ: قبيلة معروفة.
ومن الباب: عكلت المتاع بعضَه على بعضٍ، إذا نَضَدْتَه.
(عكم) العين والكَاف والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على ضمٍّ وجمعٍ لشيء في وعاءٍ. قال الخليل: يقال عَكَمْت المتاعَ أَعكِمُه عَكماً، إذا جمعتَه في وعاءٍ. والعِكمانِ: العِدلان يُشدَّانِ من جانبي الهَودج. قال:
يا ربِّ زوِّجْني عجوزاً كبيرةً *** فلا جَدَّ لي يا ربِّ بالفَتَياتِ
تحدِّثُني عمّا مضى من شبابها *** وتُطعِمُني من عِكْمِها تَمَراتِ ...
ويقال في المثل للمتساويين: "وقَعَا كالعِكْمَين([5]) ". وأعْكَمت الرّجُل: أعنتُه على حَمل عِكْمه. وعاكمته: حملت معه([6]) . قال القُطاميّ في أعْكَمَ:(4/81)
إذا وَكّرتْ منها قطاةٌ سِقاءَها *** فلا تُعْكِمُ الأخرى ولا تستعينُها([7])
أي إنّها تَحمِل الماءَ إلى فراخها في حواصلها، فإذا ملأت حَوصلتَها لم تُعِن القطاةَ الأُخرى على حَمْلها.
وتقول: أعكِمْني، أي أعِنِّي على حمل العِكْم. فإنْ أمرْتَه بحمله قلت: اِعكِمْني مكسورة الألف إن ابتدأت، ومدرجةً إن وصلت. كما تقول أَبْغِني ثوباً، أي أعنِّي على طَلبِه.
ويقال عكّمَت النّاقةُ وغيرُها: [حَمَلت([8]) ] شحماً على شحم، وسِمَناً على سِمَن. واعتكم الشّيءُ وارتكَمَ، بمعنىً.
وأمّا قولهم عَكَم عنه، إذا عَدَلَ جُبْناً، فهو من البابِ، لأنَّ الفَزِعَ إلى جانبٍ يَتَضَامُّ. وقال:
ولاحَتْه مِن بعد الوُرودِ ظَمَاءَةٌ *** ولم يَكُ عن ورد المياه عَكُوما([9])
أي لم ينصرِفْ ولم يتضامَّ إلى جانب. فأمَّا قولُه:
فجال قلم يَعْكِم وشَيَّع إِِلفَه *** بمنقَطَع الغضراء شَدٌّ مُوالفُ([10])
فقوله: "لم يعكم" معناه لم يكُرَّ، لأنّ الكارَّ على الشيء متضامٌّ إليه.
ويقال: ما عَكَمَ عن شتمي، أي ما انقبض. ومنه قول الهذليّ([11]) :
أزُهيرُ هل عن شَيبةٍ من مَعْكِم *** أم لا خُلودَ لباذِلٍ متكرّمِ([12])
يريد بمعكِم: المَعْدِل.
وأمّا قول الخليل* يقال للدابّة إذا شربت فامتلأ بطنُها: ما بقِيتْ في جوفها هَزْمة ولا عَكْمةٌ إلاّ امتلأت، فإنَّه يريد بالعَكْمة الموضعَ الذي يجتمع فيه الماء فيَرْوَى. والقياسُ واحد. قال:
حتَّى إذا ما بلّت العُكوما *** من قَصَب الأجواف والهُزُوما([13])
ومن الباب: رجل مُعَكَّم([14]) ، أي صُلب اللَّحم.
(عكن) العين والكاف والنون أصلٌ صحيحٌ قريب من الذي قبله، قال الخليل: العُكَن: جمع عُكْنة، وهي الطَّيُّ في بطن الجارِية من السِّمَن. ولو قيلَ جاريةٌ عكْناء لجاز، ولكنهم يقولون: مُعَكَّنة. ويقال تعكَّن الشّيءُ تعكناً، إذا ارتكمَ بعضُه على بعض. قال الأعشى:(4/82)
إليها وإنْ فاته شُبْعَةٌ *** تأتّى لأخرَى عظيم العُكَنْ([15])
ومن الباب: النَّعَم العَكَنَانُ: الكثير المجتمع، ويقال عَكْنانٌ بسكون الكاف أيضاً. قال:
* وصَبَّحَ الماءَ بوِردٍ عَكْنان([16]) *
قال الدريديّ: ناقة عَكْناءُ، إذا غلُظَت ضَرَّتُها وأخلافُها([17]) .
(عكو) العين والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّع وغِلَظٍ أيضاً، وهو قريب من الذي قبله.
[العَُكوَة([18]) ]: أصل الذَّنب. وعكَوْتَ ذَنَب الدّابَّة، إذا عطَفتَ الذَّنَب عند العَُكْوة وعقَدتَه. ويقال: عَكَتِ المرأةُ شعرها: ضفَرته. وربما قالوا عَكَا على قِرْنِه، مثل عَكَر وعَطَفَ. فإنْ كان صحيحاً فهو القياس. وجمع عَُكوة الذَّنَب عُكىً قال:
* حَتَّى تُولِّيك عُكَى أذنابِها([19]) *
ويقال للشَّاة التي ابيضَّ مؤخَّرها وسائرها أسود: عَكواء. وإنِّما قيل ذلك لأن البياض منها عند العَُكوة. فأمّا قولُ ابنِ مقبل:
* لا يَعكُون بالأُزُرِ([20]) *
فمعناه أنّهم أشرافٌ وثيابُهم ناعمة، فلا يظهر لمعاقد أُزُرِهم عكىً. وهذا صحيح لأنَّه إذا عَقَد ثوبَه فقد عكاه وجمّعه. ويقال: عَكَت النّاقةُ: غلظت. وناقةٌ مِعكاءٌ، أي غليظةٌ شَديدة.
(عكب) العين والكاف والباء أصلٌ صحيح واحد، وليس ببعيدٍ من الباب
الذي قبلَه، بل يدلُّ على تجمُّعٍ أيضاً. يقال: للإبل عُكوبٌ على الحوض، أي ازدحام.
وقال الخليل: العَكَب: غِلظٌ في لَحْيِ الإنسان. وأمَةٌ عكباءُ: عِلْجَة جافية الخَلْق، من آمٍ عُكْبٍ. ويقال عَكَبت حولَهم الطّير، أي تجمَّعَتْ، فهي عُكُوبٌ. قال:
تظلُّ نُسورٌ من شَمَامِ عليهما *** عُكُوباً مع العِقبان عقبانِ يَذْبُل([21])
ويقال العَكَب: عَوَج إبهام القدم، وذلك كالوَكَع. وهو من التضامِّ أيضاً. وقال قومٌ: رجلٌ أعكب، وهو الذي تدانت أصابع رجلهِ بعضِها من بعض.
قال الخليل: العَكوب: الغُبار الذي تثِير الخيلُ. وبه سمِّي عُكَابة ابن صَعْب. قال بشر:(4/83)
نقَلناهُم نَقلَ الكلابِ جرَاءَها *** على كلِّ مَعلوبٍٍ يثور عَكُوبُها([22])
والغُبار عَكُوبٌ لتجمُّعه أيضاً. قال أبو زيد: العُكاب: الدُّخَان، وهو صحيح، وفي القياس الذي ذكرناه.
ومن الباب: رجل عِكَبٌّ، أي قصيرٌ. وكلُّ قصيرٍ مجتمعُ الخلق.
فأمّا قول الشيبانيّ: يقال: قد ثار عَكُوبُهُ، وهو الصَّخَب والقتال، فهذا إنما هو على معنى تشبيهِ ما ثار: الغبار الثائر والدُّخان. وأنشد:
لَبينما نحنُ نرجو أن نصبِّحكم *** إذْ ثار منكم بنصف الليل عَكُّوبُ([23])
والتشديد الذي تراه لضرورة الشِّعر.
(عكد) العين والكاف والدال أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على مثلِ ما دلَّ عليه الذي قبلَه. فالعكدة([24]) : أصل اللسان. ويقال اعتكَدَ الشيءَ، إذا لزِمَه([25]) .
قال ابن الأعرابيّ: وهو مشتقٌّ من عَكَدة اللِّسان. فأمَّا قول القائل:
سَيَصْلَى به القومُ الذين عُنُوا بها *** وإلاّ فمعكودٌ لنا أمُّ جندبِ([26])
فمعناه أنَّ ذلك ممكنٌ لنا مُعَدٌّ مُجمَع عليه. وأمّ جندب: الغَشْم والظُّلم. ويقال لأصل القلب عَكَدة.
ومن الباب عَكَدَ الضبُّ عَكَداً، إذا سَمِنَ وغلُظ لحمه. قال: والعَكد([27]) بمنْزلة الكِدْنة، وهي السِّمَن. ويقال: إنّ العَكَد في النَّبات غلظهُ وكثرتُه. وشجرٌ عكِدٌ، أي يابس* بعضُه على بعض. وناقة عَكِدةٌ: متلاحِمَةٌ سِمَنا. ويقال: استعكد الضبُّ، إذا لاذَ بحَجَر أو جُحْر. قال الطِّرِمَّاح:
إذا استعكدتْ منه بكلِّ كُدَايةٍ *** من الصَّخر وافاها لدى كلِّ مسرَحِ([28])
وعُكِد مثل حُبِس. والشيء المعَدّ معكود.
(عكر) العين والكاف والراء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على مثل ما دلَّ عليه الذي قبله من التجمُّع والتّراكُم. يقال اعتكر الليلُ، إذا اختلط سوادُه. قال:
* تطاوَلَ اللَّيلُ علينا واعتَكَرْ *
ويقال اعتَكَر المطرُ بالمكان، إذا اشتدَّ وكثُر. واعتكرت الرِّيح بالتُّرَاب، إذا جاءت به.(4/84)
ومن الباب العَكر: دُرْدِيُّ الزَّيت. يقال عَكِرَ الشَّرَاب يَعْكَر عكَراً. وعكَّرتُه أنا جعلت فيه عَكراً.
ومن الباب عكر على قِرنِه، أي عطَفَ؛ لأنَّه إذا فعل فهو كالمتضامِّ إليه. قال:
يازِمْلُ إنِّي إن تكن لي حادياً *** أعْكِر عليك وإن تَرُغْ لا نَسْبِقِ([29])
ويقال: ليس له مَعْكِر، أي مرجع ومَعطِف. ويقال: المَعكِر: أصل الشَّيء. وهو القياس الصحيح؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ يتَضامُّ إلى أصله. ورجع فلان إلى عِكْرِه، أي أصله. ويقولون: "عادت لعِكرِها لَمِيسُ". ومن الباب. العَكَر: القطيع الضَّخْم من الإبل فوق الخمسمائة. قال:
* فيهِ الصَّوَاهلُ والراياتُ والعَكَرُ *
ويقال للقِطعة عَكَرة، والجمع عَكَر، وربما زادوا في أعداد الحروف والمعنى واحدٌ، يقال: العَكَرْكَرُ: اللبن الغليظ. قال:
فجاءَهُمْ باللَّبَنِ العَكَرْكَرِ([31]) *** عِضٌّ لئيمُ المنتمَى والمَفْخَرِ([30])
وذكر ابن دريد([32]) : تعاكر القوم: اختلطوا في خصومةٍ أو نَحْوها.
(عكز) العين والكاف والزاء أُصَيلٌ يقرُب من الباب قبله. قال الدريديّ([33]): العَكْز: التقبُّض. يقال عَكِزَ يَعْكَزُ عَكْزاً. فأمَّا العُكَّازَة فأظنُّها عربيّة، ولعلَّها أن تكون سمِّيت بذلك لأنَّ الأصابع تتجمَّع عليها إذا قَبَضَت. وليس هذا ببعيد.
(عكس) العين والكاف والسين أصلٌ صحيح واحدٌ، يدلُّ على مثل ما تقدَّم ذكره من التجمّع والجَمْع.
قال الخليل: العَكيس من اللبن: الحليب تصَبُّ عليه الإهالة. قال:
فلما سقيناها العَكِيس تَمَلأَّتْ *** مذاخِرُها وارفضَّ رَشْحاً وريدُها([34])
المذاخر: الأمعاء التي تذْخرُ الطَّعام.
ومن الباب: العَكْس، قال الخليل: هو ردُّك آخرَ الشيءِ، على أوله، وهو كالعَطْف. ويقال تعكَّسَ في مِشْيَتِه. ويقال العَكس: عَقْل يدِ البعير والجمعُ بينهما وبين عنقه، فلا يقدرُ أن يرفعَ رأسه. ويقال: "مِن دون ذلك الأمر عِكاسٌ"، أي تَرادٌّ وتراجُع.(4/85)
(عكش) العين والكاف والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الذي تقدّمَ من التجمُّع. يقال عَكِشَ شعرُه إذا تلبَّد. وشعر مُتَعكِّش وقد تَعكَّش. قال دريد:
تمنَّيْتَنِي قيسَ بنَ سعدٍ سفاهةً *** وأنت امرؤٌ لا تحتويك المَقَانبُ
وأنت امرؤٌ جعد القفا متعكِّشٌ *** من الأَقِطِ الحَوليِّ شَبْعان كانبُ([35])
وأنشد ابنُ الأعرابيّ:
إذ تَسْتَبِيك بفاحمٍ متعكّشٍ *** فُلَّتْ مَدَاريهِ أحَمُّ رَفَالُ
وقد يقال ذلك في النبات. يقال: نباتٌ عكِشٌ، إذا التفَّ. وقد عَكِشَ عَكَشاً. والذي ذُكِر في الباب فهو راجعٌ إلى هذا كلّه.
وفي كتاب الخليل أنّ هذا البناء مهمل. وقد يشِذُّ عن العالِم البابُ من الأبواب. والكلام أكثر من ذلك.
(عكص) العين والكاف والصاد قريبٌ من الذي قبلَه، إلاّ أن فيه زيادةَ معنى، هي الشّدَّة. قال الفرّاء: رجل عَكِصٌ، أي شديد الخُلُق سيِّئُه. وعَكَصُ الرَّمل: شِدّة وُعوثتُه. يقال رملةٌ عَكِصَةٌ.
(عكف) العين والكاف والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مقابلةٍ([36]) وحبس، يقال: عَكَفَ يَعْكُفُ ويَعْكِفُ عُكوفاً، وذلك إقبالك على الشَّيء لا تنصرف عنه. قال:
فهن يعكفن به إذا *حجا *** عَكْف النَّبيط يلعبون الفَنْزَجا([37])
ويقال عكفَت الطَّيرُ بالقتيل. قال عمرو:
تركنا الخيلَ عاكفةً عليه *** مقلَّدةً أعنّتها صُفُونا([38])
والعاكف: المعتكف. ومن الباب قولهم للنَّظم إذا نُظم فيه الجوهر: عُكّف تعكيفاً. قال:
وكأنَّ السُّمُوطَ عَكَّفَها السِّلْـ *** كُ بعِطْفَيْ جَيداءَ أمِّ غزالِ([39])
والمعكوف: المحبوس. قال ابن الأعرابيّ: يقال: ما عَكَفَكَ من كذا، أي ما حبَسك. قال الله تعالى: {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أنْ يَبْلُغَ مَحِلَّه} [الفتح 25].
ــــــــــــــــ(4/86)
([1]) ديوان الفرزدق 818 برواية: "وهم الذين على الأميل". واللسان(عكل)برواية: "وهم على صدف الأميل". وقد جاء البيت برواية اللسان في معجم البلدان (ترجمة الأميل) بدون نسبة.
([2]) في اللسان(عكل) : "مستطير"، بالراء.
([3]) صدر بيت لذي الرمة في ديوانه 30 واللسان (عكل). وفيهما: "عوانك" موضع "عوازل".وعجزه: * ركام نفين النبت غبر المآزر *
([4]) بعده في اللسان: * أحل يمشي مشية المحجل *
([5]) في الأصل: "كالعكمتين"، تحريف.
([6]) في الأصل: "معكه".
([7]) البيت من أبيات رواها الجاحظ في الحيوان (5: 585-587) منسوبة إلى البعيث، وهي النسبة الصحيحة، وليست في ديوان القطامي.
([8]) التكملة من اللسان.
([9]) في اللسان: "عكوم" بفتح العين أيضاً وبالرفع. وفسر "العكوم" فيه بأنه المنصرف.
([10]) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 16 بهذه الرواية أيضاً. وفي المجمل مع نسبته إلى أوس كذلك: "وشيع نفسه". وفي اللسان مع النسبة: "وشيع أمره".
([11]) هو أبو كبير الهذلي. ديوان الهذليين (2: 111)، واللسان(عكم) . وصدره في المجمل بدون نسبة.
([12]) الباذل: الذي يبذل ماله. وفي اللسان: "بازل"، تحريف.
([13]) الرجز في اللسان (عكم، هزم).
([14]) كذا ضبط في الأصل والمجمل والجمهرة (3: 136). وضبطه في القاموس بلفظ "كمنبر". ومثله في اللسان: "ورجل معكم بالكسر: مكتنِز اللحم".
([15]) البيت مما لم يرو في ديوان الأعشى ولا ملحقات ديوانه.
([16]) أنشده في الصحاح واللسان (عكن).
([17]) نص الجمهرة (3: 137): "إذا غلظ لحم ضرتها وأخلافها". ومما يجدر ذكره أن "العكناء" لم تذكر في اللسان.
([18]) التكملة من المجمل واللسان.
([19]) قبله في اللسان (عكا) : * هلكت إن شربت في إكبابها *
([20]) وبهذه القطعة مع النسبة استشهد أيضاً في المجمل. والشعار بتمامه في اللسان(عكا)مع النسبة: * شم مخاميص لا يعكون بالأزر *(4/87)
وأنشده في المخصص (4: 97) برواية: "بيض مخاميص"، وفي (13: 30): "شم العرانين"، بدون نسبة في الموضعين.
([21]) البيت لمزاحم العقيلي، كما في اللسان (عكب).
([22]) البيت من قصيدة له في المفضليات (2: 129-133). وأنشده في اللسان(عكب، علب) . وفي الأصل: "كل العكوب"، صوابه باللام.
([23]) في الأصل: "أن نصححكم".
([24]) العكدة، بالضم وبالتحريك.
([25]) الكلمة وتفسيرها في القاموس والمجمل، ولم ترد في اللسان.
([26]) في المجمل: "سيصلى به القوم"، وفي اللسان: "سنصلى بها القوم".
([27]) في الأصل: "العكدة".
([28]) ديوان الطرماح 85 واللسان (عكد) بدون نسبة، ويروى: "إذا استترت".
([29]) البيت لسالم بن دارة، كما في الحماسة (1: 149)، وروي في الحيوان (3: 391). منسوباً إلى أرطاة بن سهية. وهو برواية أخرى في الأغاني (11: 137) مع نسبته إلى أرطاة.
([30]) الرجز لنجاد الخيبري، كما في اللسان (عضض). وروايته في (عكر، عضض): "فجعهم".
([31]) في الأصل واللسان (عكر): "غض"، تحريف. وفي اللسان: "المنتمي والعنصر".
([32]) في الجمهرة (2: 385).
([33]) الجمهرة (3: 6).
([34]) سبقت نسبته في (ذخر) إلى منظور الأسدي. وكذا جاءت نسبته في اللسان (رشح، عكس). ونسب في اللسان (مذح، ذخر) إلى الراعي.
([35]) هذا البيت في اللسان (كنب) والأصمعيات 12 ليبسك، من قصيدته التي مطلعها:
يا راكباً إما عرضت فبلغن *** أيا غالب أن قد ثأرنا بغالب ...
([36]) في الأصل: "مقامة".
([37]) للعجاج في ديوانه 8 واللسان (عكف، حجا، فنْزج).
([38]) البيت من معلقة عمرو بن كلثوم.
([39]) للأعشى في ديوانه 5 واللسان (عكف). ...
ـ (باب العين واللام وما يثلثهما)
(علم) العين واللام والميم أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على أثَرٍ بالشيء يتميَّزُ به عن غيره.(4/88)
من ذلك العَلامة، وهي معروفة. يقال: عَلَّمت على الشيء علامة. ويقال: أعلم الفارس، إذا كانت له علامةٌ في الحرب. وخرج فلانٌ مُعْلِماً بكذا. والعَلَم: الراية، والجمع أعلام. والعلم: الجَبَل، وكلُّ شيءٍ يكون مَعْلَماً: خلاف المَجْهَل. وجمع العلَم أعلامٌ أيضاً. قالت الخنساء:
وإنَّ صخراً لتَأتمُّ الهُداةُ به *** كأنَّه علمٌ في رأسه نارُ([1])
والعلَم: الشَّقُّ في الشَّفَة العليا، والرجل أعلَمُ. والقياس واحد، لأنَّه كالعلامة بالإنسان. والعُلاَّم فيما يقال: الحِنَّاء؛ وذلك أنّه إذا خضّب به فذلك كالعلامة. والعِلْم: نقيض الجهل، وقياسه قياس العَلَم والعلامة، والدَّليل على أنَّهما من قياسٍ واحد قراءة بعض القُرَّاء([2]) : {وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ للِسَّاعَةِ} [الزخرف61]، قالوا: يراد به نُزول عيسى عليه السلام، وإنَّ بذلك يُعلَمُ قُرب الساعة. وتعلّمت الشَّيءَ، إذا أخذت علمَه. والعرب تقول: تعلّمْ أنّه كان كذا، بمعنى اعلَمْ. قال قيس بن زهير:
تَعَلَّمْ أنَّ خيرَ النّاسِ حَيَّاً *** على جَفْر الهَباءة لا يريمُ([3])
والباب كلُّه قياس واحد.
ومن الباب العالَمُون، وذلك أنّ كلَّ جنسٍ من الخَلْق فهو في نفسه مَعْلَم وعَلَم. وقال قوم: العالَم سمِّي لاجتماعه. قال الله تعالى: {وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ([4])} [الأنعام 45، الصافات 182]، قالوا: الخلائق أجمعون. وأنشدوا:
ما إنْ رأيتُ ولا سمعـ *** ـتُ بمثلِهمْ في العالَمِينا ...
وقال في العالَم: * فخِنْدِفٌ هامةُ هذا العَالَمِ([5]) *
والذي قاله القائلُ في أنّ في ذلك ما يدلُّ على الجمع والاجتماع فليس ببعيد، وذلك أنّهم يسمون العَيْلم، فيقال إنّه البحر، ويقال إنّه البئر الكثيرةُ الماء.
(علن) العين واللام والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على إظهار الشَّيء والإشارة [إليه] وظهورِه. يقال عَلَنَ الأمر يَعْلُنُ([6]) . وأعلنته أنا. والعِلاَن: المَعالَنة.(4/89)
(عله) العين واللام والهاء أصلٌ صحيح. ويمكن أن يكون من بابِ إبدال الهمزةِ عيناً؛ لأنه يَجري مَجرى الأَلَه [والوَلَه]. وهؤلاء الكلماتُ الثّلاثُ من وادٍ واحد، يشتمل على حَيرة وتلدُّد وتسرُّع ومجيءٍ وذَهاب، لا تخلو من هذه المعاني.
قال الخليل: عَلِه الرّجل يَعْلَهُ عَلَهاً فهو عَلْهانُ، إذا نازعَته نفسهُ إلى شيء، وهو دائم العَلَهان. قال:
أجَدَّت قَرُونِي وانجلَتْ بعد حِقبةٍ *** عَمايةُ قلبٍ دائم العَلَهانِ
ومن الباب: عَلِهَ، إذا اشتدَّ جُوعه، والجائع عَلْهانُ، والمرأة عَلْهَى، والجمع عِلاَهٌ وعَلاَهَى. يقال عَلِهْتُ إلى الشيء، إذا تاقت نفسُك إليه. ومن الباب قولُ ابنِ أحمر:
عَلِهْنَ فما نرجو حنيناً لِحُرَّةٍ *** هِجانٍ ولا نَبني خِباءً لأيِّمِ
كأنه يريد: تحيَّرْن فلا استقرارَ لهن. قالوا: والعَلْهانُ والعالِهُ: الظَّليم([7]) . وليس هذا ببعيدٍ من القياس. ومن الذي يدلُّ على أنّ العَلَه: التّردُّد في الأمر كالحيرة، قول لبيد يصف بقرة:
عَلِهَتْ تبلّد من نِهَاءِ صُعائِدٍ *** سَبْعاً تُؤَاماً كاملاً أيّامُها([8])
ومنه قول أبي النَّجم يصف الفرسَ بنشاطٍ وطرب:
* من كلِّ عَلْهَى في اللجام جائل *
ومن الأسماء التي يمكن أن تكون مشتقَّةً من هذا القياس العَلْهَان: اسم فرسٍ لبعض العرب([9]) . قال جرير:
شَبَثٌ فخرتُ به عليك ومَعْقِلٌ *** وبمالكِ وبفارسِ العَلْهَانِ([10])
(علو) *العين واللام والحرف المعتل ياءً كان أو واواً أو ألفاً، أصلٌ واحد يدلُّ على السموّ والارتفاع، لا يشذُّ عنه شيء. ومن ذلك العَلاَء والعُلُوّ. ويقولون: تَعالى النّهارُ، أي ارتفع. ويُدْعَى للعاثر: لعاً لك عاليا! أي ارتفعْ في علاء وثبات. وعاليتُ الرّجُل فوق البعير: عالَيْتُه. قال:
وإلاّ تَجَلّلْهَا يُعَالُوكَ فوقها *** وكيف تَوَقَّى ظَهْرَ ما أنت راكبُهْ([11])(4/90)
قال الخليل: أصل هذا البناء العُلُوّ. فأمّا العَلاء فالرِّفعة. وأمّا العُلُوّ فالعظمة والتجبُّر. يقولون: علا المَلِك في الأرض عُلُوَّاً كبيراً. قال الله تعالى: {إنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ في الأرْضِ} [القصص 4]، ويقولون: رجلٌ عالي الكعب، أي شريف. قال:
* لما عَلاَ كعبك لي عَلِيتُ([12]) *
ويقال لكلِّ شيءٍ يعلُو: علا يَعْلُو. فإن كان في الرِّفعة والشرف قيل عَلِيَ يَعْلَى. ومن قَهَر أمراً فقد اعتلاه واستعلى عليه وبه، كقولك استولى. والفَرَس إذا جرى في الرِّهان فبلغ الغايةَ قيل: استَعلى على الغاية واستولَى. وقال ابن السِّكّيت: إنّه لمُعتَلٍ يحمله، أي مضطلعٌ به. وقد اعتلَى به. وأنشد:
إنّي إذا ما لم تَصِلْني خُلّتِي *** وتباعدَتْ مِنِّي اعتليتُ بعادَها([13])
يريد علوت بعادها([14]) . وقد عَلوتُ حاجتي أعلوها عُلُوَّاً، إذا كنتَ ظاهراً عليها. وقال الأصمعيّ في قول أوس:
* جَلَّ الرُّزْء والعالي([15]) *
أي الأمر العظيم الذي يَقهر الصّبرَ ويغلبُه. وقال أيضاً في قول أميّة بن أبي الصَّلت:
إلى الله أشكو الذي قد أرى *** من النّائبات بعافٍ وعالِ
أي بعفوي وجهدي، من قولك علاه كذا، أي غلبه. والعافي: السَّهل. والعالي: الشَّديد.
قال الخليل: المَعْلاة: كَسْبُ الشّرَف، والجمع المعالي. وفلانٌ من عِلْية النّاس أي من أهل الشَّرف. وهؤلاء عِلْيَةُ قومِهم، مكسورة العين على فِعلة مخفّفة. والسُِّفل والعُِلْو: أسفل الشيء وأعلاه. ويقولون: عالِ عن ثوبي، واعلُ عن ثوبي، إذا أردت قمْ عن ثوبي وارتفِعْ عن ثوبي؛ وعالِ عنها، أي تنحَّ؛ واعلُ عن الوسادة.
قال أبو مهديّ: أَعلِ عليَّ([16]) وعالِ عليّ، أي احملْ عليّ.(4/91)
ويقولون: فلانٌ تعلوه العين وتعلو عنه العين، أي لا تقبَله([17]) تنبو عنه. والأصل في ذلك كلِّه واحد. ويقال علا الفرَسَ يعلوه علوّاً، إذا ركبَه؛ وأعلى عنه، إذا نَزَل. وهذا وإن كان في الظاهر بعيداً من القياس فهو في المعنى صحيح؛ لأنّ الإنسانَ إذا نزل عن شيءٍ فقد بايَنَه وعلا عنه في الحقيقة، لكنّ العربَ فرّقت بين المعنيين بالفرق بين اللفظين.
قال الخليل: العَلياء: رأس كل جبلٍ أو شَرَفٍ. قال زُهير:
تبصَّرْ خليلِي هل ترى من ظَعائنٍ *** تحمّلنَ بالعلياء من فوق جُرْثُم([18])
ويسمَّى أعلى القناةِ: العالية، وأسفلها: السَّافلة، والجمع العوالي. قال الخليل: العالية من مَحَالّ العربِ منَ الحجاز وما يليها، والنسبة إليها على الأصل عاليٌّ، والمستعمَل عُلْويّ.
قال أبو عبيد، عالَى الرّجُل، إذا أتى العالية. وزعم ابنُ دريد([19]) أنّه يقال للعالية عُلْو: اسمٌ لها، وأنّهم يقولون: قدِم فلانٌ من عُلْو. وزَعَم أنّ النسب إليه عُلْويّ.
قالوا: والعُلِّيَّة: غرفةٌ، على بناء حُرِّيّة([20]) . وهي في التصريف فُعليّة، ويقال فُعلولة.
قال الفرّاء في قوله تعالى: {إنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} [المطففين 18]: قالوا: إنّما هو ارتفاعٌ بعد ارتفاعٍ إلى ما لا حدَّ له. وإنّما جُمِع بالواو والنون لأنَّ العرب إذا جمعت جمعاً لا يذهبون فيه إلى أنّ له بناءً من واحد واثنين، قالوه في المذكَّر والمؤنث نحوَ عليّين، فإنّه إنّما يراد به شيءٌ، لا يقصد به واحد و لا اثنان، كما قالت العرب: "أطعمنا مَرَقةَ مَرَقِينَ([21]) ". وقال:
* قليِّصاتٍ وأبَيكرِينا([22]) *
فجمع بالنون لما أراد العدد الذي لا يحدُّه. وقال آخر في هذا الوزن:
فأصبحت* المذاهبُ قد أذاعت *** بها الإعصارُ بعد الوابِلينا([23])(4/92)
أراد المطر بعد المطر، شيئاً غير محدود. وقال أيضاً: يقال عُلْيا مضر وسُفْلاها، وإذا قلت سُفْلٌ قلت عُلْيٌ والسموات العُلَى الواحدة عُلْيا.
فأمّا الذي يحكي عن أبي زيد: جئت من عَلَيْك، أي من عندك، واحتجاجُه بقوله:
غَدَت مِن عَلَيْهِ بعد ما تمَّ ظِمْؤُها *** تَصِلُّ وعن قَيضٍ بِزَيزاءَ مَجْهَلِ([24])
والمستعلي من الحالبَينِ: الذي في يده الإناء ويحلُب بالأخرى. ويقال المستعلي: الذي يحلُب الناقة من شِقِّها الأيسر. والبائن: الذي يَحلبُها من شِقِّها الأيمن. وأنشد:
يبشِّر مستعلياً بائنٌ *** من الحالِبَينِ بأنْ لا غِرارَا([25])
ويقال: جئتُك من أعلى، ومن عَلا، ومن عالٍ، ومن عَلِ. قال أبو النَّجم:
* أقَبُّ من تحتُ عريضٌ من عَلِ *
وقد رفعه بعضُ العرب على الغاية([26]) ، قال ابنُ رواحة:
شهدتُ فلم أكذِبْ بأنَّ محمداً *** رسولُ الذي فوق السموات من عَلُ ...
وقال آخر([27]) في وصف فرس:
ظمأى النَّسا من تحتُ رَيَّا من عالْ *** فهي تُفدَّى بالأبينَ والخالْ
فأمّا قول الأعشى([28]) :
إنِّي أتتني لسانٌ لا أُسَرُّ لها *** من عَلْوَ لا عَجبٌ فيها ولا سَخَرُ
فإنه ينشد فيها على ثلاثة أوجه: مضموماً، ومفتوحاً، ومكسوراً.
وأنشد غيره:
فهي تنوشُ الحوضَ نَوشاً من عَلاَ *** نَوشاً به تَقْطع أجوازَ الفَلا([29])
قال ابن السِّكِّيت: أتيتُه من مُعالٍ. وأنشد:
فرَّجَ عنه حَلَق الأغْلالِ *** جذبُ البُرَى وجِرية الجِبالِ
* ونَغَضان الرَّحْلِ من مُعَالِ([30]) *
ويقال: عُولِيَت الفرسُ، إذا كان خَلْقها معالَىً. ويقال ناقةٌ عِلْيانٌ، أي طويلة جسيمة. ورجل عِليانٌ: طويل. وأنشد:
أنْشدُ من خَوّارة عِلْيانِ *** ألقتْ طَلاً بملتقى الحَوْمانِ([31])
قال الفرّاء: جملٌ عِلْيانٌ، وناقةٌ عِلْيانٌ. ولم نجد المكسور أوّلُه جاء نعتاً في المذكر والمؤنّث غيرَهما. وأنشد:(4/93)
حمراء من مُعرِّضاتِ الغِربانْ *** تَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ([32])
ويقال لمُعالِي([33]) الصَّوت عِلْيانٌ أيضاً. فأمّا أبو عمرو فزَعَم أنَّه لا يقال للذّكر عِلْيان، إنّما يقولون جملٌ نبيل. فأمّا قولهم تَعَالَ، فهو من العلوّ، كأنَّه قال اصعد إليَّ؛ ثمّ كثُر حتّى قاله الذي بالحضيض لمن هو في علوه. ويقال تَعالَيا، وتَعالَوْا، لا يستعمل هذا إلاَّ في الأمر خاصَّة، وأُمِيتَ فيما سوى ذلك. ويقال لرأس الرّجُل وعُنقِه عِلاوة. والعِلاوة: ما يُحمَل على البعير بعد تمام الوِقْر. وقولُه:
ألا أيُّها الغادِي تحمَّلْ رسالةً *** خفيفاً مُعَلاَّها جزيلاً ثوابُها
مُعلاَّها: مَحْمِلها([34]) . ويقال: قَعَد في عُلاوة الرِّيح وسُفالتها. وأنشد:
تُهدِي لنا كُلما كانت عُلاوَتَنا *** ريحَ الخُزامى فيها الندى والخَضل([35])
قال: الخليل المُعلَّى: السّابع من القِداح، وهو أفضلها، وإذا فاز حاز سبعةَ أنصباءَ([36]) من الجزور، وفيه سبع فُرَض: علامات. والمُعلِّي: الذي يمدُّ الدلوَ إذا مَتَح. قال:
* هويّ الدَّلو نَزَّاها المعَلّ([37]) *
ويقال للمرأة إذا طَهُرت من نِفاسها: قد تعلَّت، وهي تتعلَّى. وزعموا أنَّ ذلك لا يُقال إلاَّ للنُّفساء، ولا يستعمل في غيرها. قال جرير:
فلا وَلدت بعد الفرزدق حاملٌ *** ولا ذات حمل من نِفاسٍ تَعَلَّتِ([38])
قال الأصمعيّ: يقال: عَلِّ رشاءَك، أي ألقِهِ([39]) فوق الأرشية كلِّها. ويقال إنَّ المعلَّى: الذي إذا زاغ الرِّشاء عن البَكَرة عَلاَّه فأعاده إليها. قال العُجَير:
ولي مائحٌ لم يُورِد الماءَ قبلَه *** مُعَلٍّ وأشطانُ الطّويِّ كثيرُ([40])
ويقولون في رجلٍ خاصمه [آخر]: إنَّ له من يعلِّيه عليه([41]) .(4/94)
وأمَّا عُلْوان الكتاب فزعم قومٌ أنّه غلط، إنّما هو عُنوان. وليس ذلك غلطاً، واللغتان صحيحتان وإن كانتا مولَّدَتَين ليستا من أصل كلام العرب. وأمّا عُنوان فمن عَنَّ. وأمّا عُلوان فمن العلوّ، لأنَّه أوّل الكتاب وأعلاه.
ومن الباب العَلاَةُ، وهي السَّنْدان، ويشبّه* به النّاقة الصلبة. قال:
ومُبْلِدٍ بين مَوْماةٍ بمهلَكةٍ *** جاوزتُه بعَلاة الخلقِ عِلْيانِ([42])
قال الخليل: عَلِيٌّ على فَعيل، والنسبة إليه عَلَوِيٌّ. وبنو عليٍّ: بطن من كِنانة، يقال هو عليّ بن سُودٍ([43]) الغَسَّاني، تزوّجَ بأمِّهم بعد أبيهم وربَّاهم فنُسِبوا إليه. قال:
وقالت رَبَايَانا ألا يالَ عامرٍ *** على الماء رأسٌ من عَلِيٍّ ملفّفُ([44])
وقال أبو سعيد: يقال ما أنت إلاَّ على أعلَى وأرْوَحَ، أي في سَعَةٍ وارتفاع. ويقال "أعلى": السموات. وأمّا "أرَوْح" فمَهَبّ الرِّياح من آفاق الأرض. قال ابن هرمة:
غَدَا الجُودُ يبغِي من يؤدِّي حقوقه *** فراح وأسرى بين أعلَى وأرْوَحا
أي راح وأسرى بين أعلى مالِه وأدْوَنِه، فاحتَكَم في ذلك كلِّه.
(علب) العين واللام والباء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على غِلظٍ في الشيء وجُسْأة، والآخر على أثَر.
فالأول قولهم: عَلِبَ النّباتُ: جَسَأ([45]) . ويقال: لحم عَلِبٌ([46]) : غليظ. ويقال: العَلِب: المكان الغليظ. ومن الباب العَلِب([47]) : الضَّبُّ المُسِنُّ. والعِلْباء: عصب العُنُق، سمِّي بذلك لصلابته. ويقال عَلِبَ البعيرُ، إذا أخذ داءٌ في أحد جانبي عنقِه. ويقال للرّجُل إذا أسن: قد تشنَّج عِلباؤُه. وتيسٌ عَلِبٌ: غليظ العِلباء، وعَلَّبْتُ السّكِّينَ بالعِلباء: جَلَزْتُه.
والأصل الآخر العَلْب، وهو الخَدْش والأثر. وطريق معلوبٌ: لاحِبٌ.
قال بشر:
نقلناهمُ نَقْلَ الكلاب جِراءها *** على كلِّ معلوبٍ يثور عَكوبُها([48])(4/95)
وعَلَّبت الشيءَ، إذا أثَّرت فيه. ومن الباب العِلاب: وسْمٌ في طول العنق، ناقةٌ مُعَلَّبَة.
ومما شذَّ عن هذين الأصلين: العُِلْبة([49]) . وعُلْيَب([50]) : واد.
(علث) العين واللام والثاء أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على خلْط الشَّيءِ بالشيء. من ذلك: العَلِيث، وهي الحنطة يُخلَط بها الشَّعير. وكلُّ شيءٍ غيرِ خالصٍ فهذا قياسُه. ومن ذلك أعلاث الزَّاد، وهو ما أُكِلَ غيرَ متخيَّرٍ من شيء. ويقال قَضيبٌ مُعْتَلَثٌ، إذا لم يُتَخَيَّر شجرُه. و"إنَّه ليعتلث الزِّناد". مَثَلٌ يُضرَب لمن لا يتخيَّر مَنكِحَه.
(علج) العين واللام والجيم أصل صحيح يدلُّ على تمرُّسٍ ومزاوَلة، في جفاء وغِلَظٍ. من ذلك العِلج، وهو حِمار الوَحش، وبه يشبَّه الرجل الأعجميّ.
ويقولون: إنَّه من المعالَجة، وهي مزاوَلَة الشّيء. هذا عن ابن الأعرابيّ. وقال الخليل: سمِّي عِلْجاً لاستعلاج خَلْقِهِ، وهو غِلظُه. قال: والرّجُل إذا خرَجَ وجههُ([51]) وغلُظ فقد استعلج. والعِلاج: مزاوَلَة الشّيء ومعالجتُه. تقول: عالجتُه عِلاجاً ومعالَجة. واعتلجَ القومُ في صِراعِهم وقتالهم. ويقال للأمواج إذا التطمت: اعتلجت. قال:
* يعتلج الآذِيُّ من حُبابِها *
أي يركب بعضُه بعضاً. وعالجت فلاناً فعلَجْته عَلْجاً، إذا غلبْتَه. وفلانٌ عِلْجُ مالٍ، أي يقوم عليه ويَسُوسه. والعُلَّج: الشّديد من الرجال قِتالاً وصِراعاً. قال:
* مِنّا خَراطيمَ ورأساً عُلَّجاً *
ويقولون: ناقة عَلِجة: غليظة شديدة. قال:
* ولم يُقاسِ العَلِجاتِ الحُنُفا *
وقال آخر:
هَنَاكَ منها عَلِجات نِيبُ *** أَكَلْنَ حَمْضاً فالوجوهُ شِيبُ([52])
وحكوا: أرض مُعتلِجة، وهي التي تراكَبَ نبتُها وطال، ودخل بعضُه في بعض.
ومما شذَّ عن هذا الباب وقد ذكرنا من أمر النبات ما ذكرناه: العَلَجانُ: شجرٌ أخضر، يقولون إنّ الإبل لا تأكله إلاّ مضطرّة([53]) . قال:(4/96)
يُسَلِّيك عن لُبْنَى إذا ما ذكرتَها *** أجارِعُ لم ينبُتْ بها العَلَجانُ ...
وزعموا أنَّ العَلجَ: أشاء النَّخْل. قال:
إذا اصطبَحتَ فاصْطَبِحْ مِسْواكا *** من عَلَجٍ إنْ لم تجِدْ أراكا
وقال عبدُ بني الحسحاس:
وبِتْنا وِسادانا إلى عَلَجانةٍ *** وحِقْفٍٍ تهادَاه الرِّياحُ تهادِيا([54])
(علد) العين واللام والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على قوّةٍ وشِدّة. من ذلك العَلْد، وهو الصُّلب من الشيء، *يقال لعصَب العنق عَلْد. ورجل عَِلْوَدٌّ: رزين. ويقال منه اعلوَّد. وما لم نذكره منه فهو هذا القياس.
(علز) العين واللام والزاء أُصَيل يدلُّ على اضطرابٍ من مرض. من ذلك: العَلَز: كالرعدة تأخذ المريض. وربما قالوا: عَلِز من الشَّيء: غَرِض([55]) . وعالِز: موضع. قال:
عفا بطن قَوٍّ من سُلَيْمى فعالزُ *** فذاتُ الغَضَا............([56])
(علس) العين واللام والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّة في شيء. يقال جَمَلٌ عَلَسيٌّ: شديد. قال:
* إذا رآها العَلَسيُّ أبْلَسَا([57]) *
ويقولون: المعلَّس: الرّجل المجَرَّب. والعَلَس: القُراد الضَّخْم.
(علش) العين واللام والشين ليس بشيء. على أنهم يقولون إن العِلَّوْش: الذّئب. وليس قياسه [صحيحاً] لأن الشين لا تكون بعد اللام.
(علص) العين واللام والصاد قريبٌ من الذي قبلَه. على أنهم يقولون: إنَّ العِلّوْص: التُّخَمة، وليس بشيء ولا له قياس. ويقولون إن العِلاص: المضارَبَة بالسَّيْف([58]) ، وهذا أيضاً لا معنَى له، وكل ما ذُكر في هذا البناء فمجراه هذا المجرى.
(علط) العين واللام والطاء مُعظَمه على صحّته إلصاق شيءٍ بشيء، أو تعليقُه عليه. تقول: عَلَطْته بسهم: أصبتُه. وإذا أصبْتَه به فقد ألصقته به. والعُلْطة: سواد تخطُّه المرأة في وجهها تَزَّيَّن به. والعُلطة: القلادة من الحنظل. ويقال: اعلَوَّطَنِي فلانٌ: لزمني.(4/97)
ومن الباب العِلاَط، وهي كَيٌّ أو سِمَةٌ تكون في مقدّم العنق عَرْضاً. وعَلَطْت البعيرَ أعْلِطه عَلْطاً. ويقال: إنَّ عِلاط الإبرة: خَيطُها. وعِلاَط الشّمس: الذي كأنَّه خيطٌ. والإعليط: وعاء ثَمَر المَرْخِ، وهو مُعلَّقٌ في شجَرهِ. قال:
[لها] أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشرةٌ *** كإعْليطِ مَرْخ إذا ما صَفِرْ([59])
والعِلاطان: صَفْقا العُنُقِ من الجانبين. فأمَّا البعير العُلُط والنَّاقةُ العُلط، وهي التي ليس في رأسها رَسَنٌ، فليس من هذا الباب، وإنما ذلك مقلوبٌ، والأصل عُطُل، وهي المرأة التي لا حَلْيَ لها. والقياس واحد. قال ابن أحمر:
ومنحتها قَوْلِي على عُرْضِيَّة *** عُلُطٍ أُدارِي ضِغْنَهَا بتودُّدِ([60])
(علف) العين واللام والفاء ليس بأصل كثير، إنما هو العَلَف. تقول: عَلفْت الدّابة. ويقال للغنم التي تُعْلَفُ: عَلُوفة. والعُلَّف: ثمر الطَّلْح([61]) .
(علق) العين واللام والقاف أصلٌ كبير صحيح يرجع إلى معنىً واحد، وهو أن يناط الشَّيء بالشيء العالي. ثم يتَّسع الكلام فيه، والمرجع كله إلى الأصل الذي ذكرناه.
تقول: عَلّقْتُ الشيءَ أعلِّقه تعليقاً. وقد عَلِق به، إذا لزِمَه. والقياس واحد. والعَلَق: ما تعلَّق به البَكَرة من القامة. ويقال العلَق: آلة البَكْرَة. ويقولون: البئر محتاجة إلى العَلَقِ. وقال أبو عبيدة: العَلق هي البَكرة بكل آلتِها دون الرِّشاء والدَّلو. والعَلَق: الدم الجامد، وقياسُه صحيح، لأنَّه يَعْلَقُ بالشيء؛ والقطعة منه عَلَقة. قال:
* ينْزُو على أهْدامه من العَلَق *
ويقول القائل في الوعيد: "لتفعلنَّ كذا أو لتَشْرَقَنّ بعَلَقة([62]) " يعني الدّم، كأنّه يتوعده بالقَتْل. والعَلَق: أن يُلَزَّ بعيرانِ بحبلٍ ويُسْنَى عليهما إذا عظُم الغَرْب. وأعلقتُ بالغَرب بعيرين، إذا قرنتَهُما بطَرَف رِشائه.(4/98)
قال اللِّحيانيّ: بئر فلانٍ تدوم على عَلَق، أي لا تنْزح، إذا كان عليها دلوانِ وقامة ورشاء. وهذه قامة ليس لها عَلَق، أي ليس لها حبل يعلَّق بها.
قال الخليل: العَلَق أن يَنَشِب الشيء بالشيء. قال جرير:
إذا عَلِقَتْ مخالبُه بقِرْنٍ *** أصابَ القلبَ أو هتك الحجابا([63])
وعَلِق فلانٌ بفلانٍ: خاصمه. والعَلق: الهوى. وفي المثل: "نظرة مِن ذي عَلَق"، أي ذي هَوىً قد عَلِق قلبُه بمن يهواه. وقال الأعشى:
عُلِّقْتُها عرَضاً وعُلِّقتْ رجلاً *** غيري وعُلِّق أخرى غيرَها الرّجُل([64])
ومن الباب العَلاَق، وهو الذي يجتزئ [به] الماشية من الكلأ إلى أوان الربيع. وقال الأعشى:
وفلاةٍ كأنّها ظهرُ تُرسٍ *** ليس إلاّ الرَّجيع فيها عَلاَقُ([65])
يقول: لا تجد الإبل فيها عَلاقاً إلاّ ما تردّده من جِرَّتها في أفواهها*. والظبية تعلُق عُلوقاً، إذا تناولت الشجرةَ بفيها. وفي حديث الشهداء: "إنَّ أرواحهم في أجواف طيرٍ خُضر([66]) تَعْلُق في الجنَّة". والعُلْقة: شجر يبقى في الشِّتاء تَعلُق به الإبلُ فتستغني به، مثل العَلاَق. ويقال: ما يأكل فلانٌ إلا عُلْقَة، أي ما يُمْسِك نَفْسَه.
قال ابن الأعرابيّ: العُلقة: الشَّيء القليل ما كان، والجمع عُلَق. ومن الباب: العَلَقة: دويْبة تكون في الماء، والجمع عَلَق، تَعْلَق بحَلْق الشَّارب([67]) .
ورجلٌ معلوق، إذا أخذت العَلَق([68]) بحلقِهِ. وقد علِقت الدابة عَلَقاً، إذا عَلِقتها العَلَقةُ عند الشرب.
ومن الباب على نحو الاستعارة، قولهم: عَلِق دَمُ فلان ثيابَ فلان، إذا كان قاتِلَه. ويقولون: دمُ فلانٍ في ثوب فلان. قال أبو ذؤيب:
تبرَّأُ من دَمِّ القتيل وبَزِّهِ *** وقد عَلِقت دمَّ القتيلِ إزارُها([69])(4/99)
قالوا: الإزار يذكّر ويؤنّث في لغة هذيل وبزّه: سلاحه. وقال قوم: "علِقت دمَّ القتيل إزارُها" مَثَل، يُقال: حَملتَ دمَ فلانٍ في ثوبك، أي قتلتَه. وهذا على كلامين، أراد علقت المرأةُ دمَ القتيل ثم قال: عَلِقَهُ إزارُها.
قالوا: والعَلاقة: الخصومة. قال الخليل: رجلٌ معلاقٌ، إذا كان شديدَ الخُصومة. قال مُهلهل:
إنّ تحت الأحجار حَزْماً وجوداً *** وخَصيماً ألدَّ ذا مِعلاقِ([70])
ورواه غيره بالغين، وهو الخَصْم الذي يَغْلَق عنده رَهْنُ خَصمه فلا يقدرُ على افتكاكِه منه، للَدَدِه.
وتعليق الباب: نَصْبُه. والمعاليق والأعاليق للعنب ونحوه([71]) ، ولا واحد للأعاليق. والعِلاقَة: [عِلاقة] السَّوْطِ ونحوه. والعَلاَقة للحبِّ([72]) . والعلاقة: ما ذكرناه من العَلاَق الذي يُتعلَّق به في معيشةٍ وغيرها. والعَليق: القَضيم([73]) ، من قولك أعلقته فهو عليق، كما يقال أعقدتُ العسلَ فهو عَقِيد.
وذُكر عن الخليل أنّه قال: يسمَّى الشراب عليقاً. ومثل هذا مما لعلّ الخليل لا يذكره، ولا سيّما هذا البيتُ شاهدُه.
واسق هذا وذا وذاك وعلِّق *** لا نسمِّي الشَّرَابَ إلاّ العليقا([74])
ويقولون لمن رضيَ بالأمر بدون تمامه: متعلِّق([75]) . ومن أمثالهم:
* عَلِقَتْ مَعالِقَها وصَرَّ الجُنْدَب([76]) *
وأصله أنَّ رجلاً انتهى إلى بئر فأعلقَ رشاءَه برِشائها، ثم صار إلى صاحب البئر فادَّعى جِوارَه، فقال له: وما سبب ذلك؟ فقال: عَلَّقْتُ رِشائي برِشائِك. فأمره بالارتحال عنه، فقال الرّجل: "علِقت معالِقَها وصرّ الجندب"، أي علقت الدّلو معالقَها وجاء الحرُّ ولا يمكن الذّهاب.(4/100)
وقد عَلِقت الفَسيلةُ إذا ثبتت في الغِراس. ويقولون: أعلقت الأمُّ من عُذْرَة الصبيِّ بيدها تُعْلق إعلاقاً، والعُذْرة قريبةٌ من اللَّهاة وهي وجع، فكأنّها لما رفعته أعلقته. ويقال هذا عِلْقٌ من الأعلاق، للشَّيء النفيس، كأنَّ كلَّ من رآه يَعْلَقه. ثمَّ يشبّهون ذلك فيسمُّون الخمر العِلْق. وأنشدوا:
إذا ما ذقت قلتَ عِلْقٌ مُدَمَّسٌ *** أريد به قَيْلٌ فغودر في سابِ([77])
ويقال للشَّيء النفيس: عِلْق مَضِنّة ومَضَنَّة. ويقال فلان ذو مَعْلَقة، إذا كان مُغِيراً([78]) يعلَق بكلِّ شيء. وأعْلَقْتُ، أي صادفت عِلقاً نفيساً، وجمع العِلْق عُلُوق. قال الكميت:
إن يَبِع بالشَّباب شيئاً فقد با *** عَ رخيصاً من العُلُوق بغالِ
والعَلاقة: الحبُّ اللازم للقلب. ويقولون: إنَّ العَلُوق من النِّساء: المُحبّة لزوجها. وقوله تعالى: {فَتَذَرُوهَا كالمُعَلَّقَة} [النساء 129]، هي التي لا تكون أيِّما ولا ذاتَ بعل، كأنَّ أمرَها ليس بمستقرّ. وكذلك قول المرأة في حديث أم زرع([79]) : "إنْ أَنْطِق أُطلَّق، وإنْ أسْكُت أُعلَّق". وقولهم: "ليس المتعلِّق كالمتأنّق" أي ليس من عيشُه قليلٌ كمن يتأنّق فيختار ما شاء. والعلائق: البضائع. ويقولون: جاء فلان بعُلَقَ فُلَقَ، أي بداهية. وقد أعْلَق وأفلق. وأصل هذا أنّها داهيةٌ تَعْلَق كُلاًّ. ويقال إن العَلُوق: ما تَعلقُه السّائمة من الشَّجر بأفواهها* من ورَق أو ثمَر. وما عَلَقت منه السَّائمة عَلُوق. قال:
هو الواهب المائة المصطفاة *** لاطَ العَلُوق بهن احمرارا([80])(4/101)
يريد أنّهنّ رَعَيْن في الشجر وعَلِقْنَه حتى سمِنَّ واحمرَرْن ولاطَ بهنّ. والإبل إذا رعَتْ في الطَّلْح ونحوِه فأكلت ورقَهُ أخصَبت عليه وسَمِنت واحمرَّت. والعُلَّيق: شجرٌ من شجر الشَّوك لا يعظُم، فإذا نَشِب فيه الشّيءُ لم يكد يتخلَّص من كثرة شَوكه، وشوكُهُ حُجْنٌ حِداد، ولذلك سمى عُلَّيقاً. ويقولون: هذا حديثٌ طويل العَوْلَق، أي طويل الذَّنَب.
وأمَّا العَلُوق من النُّوق، فقال الكسائيّ: العَلُوق: الناقة التي تأبى أن ترْأمَ ولدها. والمَعالِق([81]) مثلها. وأنشد:
أم كيف ينفَعُ ما تُعطِي العلوقُ به *** رِئمانََُِ أنف إذا ماضُنَّ باللّبنِ([82])
فقياسه صحيح، كأنَّها عَلِقَتْ لبنَها فلا يكاد يتخلَّص منها. قال أبو عمرو: العَلُوق ما يَعْلَق الإنسانَ. ويقال للمنيّة: عَلُوق. قال:
وسائلةٍ بثعلبة [بنِ سير *** وقد عَلِقت بثعلبةَ] العَلوقُ([83])
وعَلِقَ الظَّبيُ في الحِبالة يَعْلَق، إذا نَشِق فيها([84]) . وقد أعلَقَتْه الحِبالة. وأعْلَقَ الحابلُ إعلاقاً، إذا وقَع في حِبالتهِ الصَّيد. وقال أعرابيّ: "فجاء ظبيٌ يستطيف([85]) الكِفَّة فأعلقته". ويقال للحابِل: أعلَقْتَ فأدرك. وكذلك الظّبي إذا وَقَع في الشرك، أُعْلِق به([86]) . قال ذو الرُّمَّة:
ويومٍ يُزير الظَّبيَ أقصى كِناسِهِ *** وتنْزو كَنَزْو المُعْلَقاتِ جنادبُه([87])
ويقولون: ما ترك الحالبُ للنَّاقة عُلْقَةً([88]) ، أي لم يدع في ضَرعها شيئاً إلاَّ حَلَبه. وقلائد النُّحور، وهي العلائق. فأمَّا العليقة فالدّابَّة تُدفَع إلى الرّجُل ليَمتار عليها لصاحبها، والجمع علائق. قال:
وقائلةٍ لا تَركبنَّ عليقةً *** ومن لذّة الدُّنيا ركوبُ العلائقِ([89])
وقال آخر:
أرسَلَها عَليقةً وقد عَلِم *** أنَّ العَلِيقاتِ يُلاقِينَ الرَّقِمْ([90])(4/102)
ويقولون: عَلِق يفعل كذا، كأنَّه يتعلَّق بالأمر الذي يريده. وقد عَلِق الكِبَرُ منه مَعَالِقه. ومَعاليق العِقد والشُّنُوف: ما يُعَلَّق بهما ممّا يُحسِّنهما. ويقولون: عَلقِتِ المرأةُ: حَبِلت. ورجلٌ ذو مَعْلَقةٍ، إذا كان مُغِيراً يتعلّق بكلِّ شيء([91]) . قال:
* أخاف أن يَعْلَقها ذو مَعْلَقهْ([92]) *
والعَلاقِيَة: الرجل الذي إذا عَلِقَ شيئاً لم يكَدْ يدَعُه. وأمّا العِلْقة، فقال ابن السّكِّيت: هي قميصٌ يكون إلى السُّرَّة وإلى أنصاف السُّرَّة، وهي البَقِيرةُ. وأنشد:
وما هي إلاَّ في إزارٍ وعِلْقةٍ *** مُغارَ ابنِ هَمّامٍ على حيِّ خثعما([93])
وهو من القياس؛ لأنّه إذا لم يكن ثوباً واسعاً فكأنّه شيء عُلِّق على شيء. قال أبو عمرو: وهو ثوب يُجاب ولا يُخاط جانباه، تلبسه الجارية إلى الحُجْزَة، وهو الشّوذر.
(علك) العين واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على شيء شبه المضغ والقبض على الشَّيء. من ذلك قول الخليل: العَلْك: المضغ. ويقال: عَلَكت الدّابّةُ اللِّجامَ، وهي تعلُكُه عَلْكاً. قال: وسمِّي العِلْك عِلْكاً لأنّه يُمضَغ. قال النّابغة:
خَيلٌ صِيامٌ وأخرى غيرُ صائمةٍ *** تحت العَجاجِ وخيلٌ تعلُك اللُّجُما([94])
قال الدريديّ: طعام عَلِك: متين المَمْضَغة([95]) . ويقولون في لسانه عَوْلك، إذا كان يَمضَغُه ويَعلُكُه([96]) .
قال أبو زيد: أرضٌ عَلِكه: قريبةُ الماء. وطِينةٌ علكة: طيّبة خَضراءُ ليّنة. والله أعلم بالصواب.
ــــــــــــــــ
([1]) ديوان الخنساء 27.
([2]) هم: ابن عباس، وأبو هريرة، وأبو مالك الغفاري، وزيد بن علي، وقتادة، ومجاهد، والضحاك، ومالك ابن دينار، والأعمش، والكلبي. تفسير أبي حيان (8: 26). وفي الأصل: "قراءة القرآن من القراء".(4/103)
([3]) صدره في اللسان (علم)، وهو في معجم البلدان (الجفر، الهباءة). وفي أمالي القالي (1: 261) عند إنشاد الأبيات: "لم يرث أحد قتيلاً قتله قومه إلا قيس بن زهير، فإنه رثى حذيفة بن بدر، وبنو عبس تولت قتله".
([4]) هي الآية الأخيرة بتمامها من سورة الصافات، كما أنها جزء من الآية 45 في سورة الأنعام وأولها: {فقطع دابر القوم الذين ظلموا} .
([5]) صواب الإنشاد فيه بالهمز "العألم" وذلك أن أرجوزة البيت غير مؤسسة. وهي في ديون العجاج 58-62 وأولها:
* يا دار سلمى يا اسلمي ثم اسلمي *
وكان رؤبة ينشده بترك الهمز ويعيب أباه بذلك، فقيل له: "قد ذهب عنك أبا الجحاف ما في هذه، إن أباك كان يهمز العالم والخاتم"، يشار بذلك إلى أن قبل هذا البيت أيضاً في ديوان العجاج 60: * مبارك للأنبياء خأتم *
([6]) ويقال في مضارعه أيضاً "يعلن" كيضرب، وعلن يعلن من باب فرح كذلك.
([7]) فرق في اللسان بينهما فقال: "والعلهان: الظليم: والعاله: النعامة".
([8]) البيت من معلقة لبيد. وهذه الرواية تطابق رواية اللسان(بلد، عله) . والرواية المشهورة: "علهت تردد".
([9]) هو أبو مليل عبد الله بن الحارث، كما في اللسان والخيل لابن الأعرابي 64-65.
([10]) ديوان جرير 572 وابن الأعرابي 65. وشبث هذا هو شبث بن ربعي. ومعقل، هو معقل بن قيس الرياحي.
([11]) البيت من أبيات للمتلمس رواه التبريزي في تهذيب إصلاح المنطق 238، وليست في ديوان المتلمس. وأنشده في اللسان (علا) وإصلاح المنطق 163 بدون نسبة. وقبله:
عصاني ولم يلق الرشاد وإنما *** تبين من أمر الغوى عواقبه
فأصبح محمولاً على ظهر آلة *** يمج نجيع الجوف منه ترائبه(4/104)
([12]) أنشده في اللسان (علا 318) شاهداً للغة علي، كرضي، يعلى في الشرف، ويقال أيضاً فيه: علا يعلى، والبيت لرؤبة، كما في اللسان، وهو في ديوانه 25 من أرجوزة يمدح بها مسلمة بن عبد الملك قال ابن سيده: "ووجه إنشاده علا كعبك بي"، أي أعلاني.
([13]) البيت في مجالس ثعلب 413 واللسان (علا 326).
([14]) في الأصل: "علوتها بعادها". وفي اللسان: "علوت بعادها ببعاد أشد منه".
([15]) البيت في ديوان أوس بن حجر 32، وهو مطلع قصيدة:
يا عين لابد من سكب وتهمال *** على فضالة جل الرزء والعالي
([16]) في الأصل: "اعل عني". ونص أبي مهدي هذا نادر. وفي المجمل: "وعال علي: أي احمل" فقط.
([17]) في الأصل: "أي لا تقتله".
([18]) البيت من معلقته المشهورة.
([19]) في الجمهرة (3: 140).
([20]) أي على وزن "حرية". وتقال أيضاً بكسر العين.
([21]) في الأصل: "مرقتين" وفي اللسان (مادة مرق): "مرقين" بالتثنية، تحريف. وقد جاء في (علا 327): "مرقين" على الصواب بالجمع. قال: "وسمعت العرب تقول: أطعمنا مرقة مرقين، تريد اللحمان إذا طبخت بماء واحد".
([22]) أنشده في اللسان (بكر، علا) ، وأبيكرين، هو جمع مصغر "أبكر". وهذا جمع "بكر".
([23]) البيت في اللسان (وبل). أذاعت بها: أذهبتها وطمست معالمها.
([24]) البيت لمزاحم العقيلي، كما في اللسان (علا، صلل) والحيوان (4: 418) والاقتضاب 248 والخزانة (4: 253). وفي الكلام بعده نقص.
([25]) للكميت، كما في اللسان (علا).
([26]) الغاية: الظرف المنقطع عن الإضافة، سمي بذلك لأنه يكون بعد الانقطاع غاية في المنطق، كقوله تعالى: "لله الأمر من قبل ومن بعد".
([27]) هو دكين بن رجاء، كما في اللسان(علا)وإصلاح المنطق 30 وقبله:
ينجيه من مثل حمام الأغلال *** وقع يد عجلى ورجل شملال ...(4/105)
([28]) هو أعشى باهلة، كما في اللسان (علا) وإصلاح المنطق 30. وقصيدته في الأصمعيات 89 طبع المعارف، وجمهرة أشعار العرب 135-137، ومختارات ابن الشجري 10-12، وأمالي المرتضى (3: 105-113)، والخزانة (1: 89-97).
([29]) لأبي النجم، كما في اللسان(علا) . لكن نسب في (نوش) إلى غيلان بن حريث.
([30]) الرجز لذي الرمة، كما في اللسان (علا) وإصلاح المنطق 30. وهو في ديوانه 482.
([31]) بدل هذا الشطر في اللسان (علا): * مضبورة الكاهل كالبنيان *
([32]) الرجز للأجلح بن قاسط، في اللسان (عرض). وقال ابن بري: "وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ". قلت أنا: هما في أخرياته ص 116 منسوبان إلى الجليح بن شميذ رفيق الشماخ. وانظر الحيوان (3: 420).
([33]) في الأصل: "المغالي".
([34]) هذا اللفظ ومعناه مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
([35]) كذا ورد عجز هذا البيت.
([36]) في الأصل: "خمسة أنصباء"، صوابه من اللسان والقاموس والميسر والقداح 85.
([37]) في اللسان (علا): "كهوي الدلو"، مع نسبته إلى عدي بن زيد.
([38]) ديوان جرير 88، يرثي به الفرزدق مع بيت بعده، هو:
هو الوافد المجبور والحامل الذي *** إذا النعل يوماً بالعشيرة زلت ...
([39]) في الأصل: "لسفه".
([40]) البيت من أبيات في الحيوان (4: 391) ومجالس ثعلب 592 والأغاني (11: 150). وأنشده في الأزمنة والأمكنة (2: 159) وأشار إلى أنه عنى بالمائح من كان يميحه عند السلطان ويتسخرج له ما عنده ويعينه.
([41]) في الأصل: "من يعينه عليه".
([42]) سبق إنشاد البيت وتخريجه في (بلد).
([43]) في الأصل: "مصعود"، صوابه من الاشتقاق 285.
([44]) الربايا: جمع ربيئة، وهي الطليعة. في الأصل: "ريانانا"، تحريف.
([45]) جسأ: صلب. وفي الأصل: "جسأة"، تحريف.
([46]) ويقال أيضاً "علب" بفتح العين.
([47]) ويقال أيضاً فيه "علب" بالضم.
([48]) سبق الكلام على البيت وتخريجه في (عكب).(4/106)
([49]) هي بالضم قدح من خشب، أو من جلود الإبل. وبالكسر: غصن عظيم تتخذ منه مقطرة.
([50]) بضم فسكون ففتح وبكسر فسكون ففتح. والضم أعلى، وهو واد معروف على طريق اليمن.
([51]) خرج وجهه: أي خرجت لحيته وظهرت.
([52]) الرجز في اللسان (علج).
([53]) في الأصل: "مضطراً".
([54]) ديوان سحيم 19-20 طبع دار الكتب، واللسان (علج).
([55]) غرض هنا، بمعنى قلق.
([56]) البيت مطلع قصيدة للشماخ في ديوانه 43. وعجزه بتمامه كما في الديوان:
* فذات الصفا فالمشرفات النواشز *
([57]) للمرار، كما في اللسان (علس). وبعده: * وعلق القوم أداوى بيسا *
([58]) ذكرت هذه الكلمة في القاموس ولم ترد في اللسان.
([59]) سبق الكلام على البيت ونسبته في (حشر)، وأنشده في المجمل أيضاً.
([60]) يصف جارية، كما في اللسان (عرب).
([61]) في الأصل: "الجاهل"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
([62]) في الأصل: "لنفعلن بكذا أو لنشرقن بعلقة".
([63]) ديوان جرير 82.
([64]) ديوان الأعشى 141 واللسان والمجمل (رجع، علق). وقد سبق في (رجع).
([65]) ديوان الأعشى 43.
([66]) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "في حواصل طير خضر".
([67]) في الأصل: "لحلق الشارب".
([68]) في الأصل: "الحلق".
([69]) ديوان أبي ذؤيب 26 واللسان (أزر) حيث أنشده شاهداً لتأنيث الإزار.
([70]) في الأصل: "تحت الأشجار"، صوابه من المجمل واللسان (علق) .
([71]) في الأصل: "ومعاليق للعنب ونحوه"، وصوبت العبارة مستضيئاً بما في اللسان، وفيه: "والأعاليق كالمعاليق كلاهما ما علق، ولا واحد للأعاليق".
([72]) في الأصل: "للجنب". وفي المجمل: "والعلاقة في الحب".
([73]) في اللسان: "العليق القضيم يعلق على الدابة".
([74]) أنشده في اللسان (علق)، وذكر أنه للبيد، وأن إنشاده مصنوع.
([75]) ومن الأمثال في ذلك ما أورده في المجمل: "ليس المتعلق كالمتأنق" وسيأتي قريباً.(4/107)
([76]) المثل عند الميداني (2: 422). وأنشده في اللسان (علق).
([77]) أنشده في اللسان (سأب، دمس) والمخصص (11: 81).
([78]) انظر ما سيأتي في 131. ومثل العبارة في اللسان (علق 136). وأنشد:
* أخاف أن يعلقها ذو معلقه *
([79]) انظر المزهر (2: 532-536).
([80]) في الأصل: "لا العلوق"، صوابه من المجمل واللسان وديوان الأعشى. والبيت ملفق من بيتين في ديوانه 40 أحدهما:
هو الواهب المائة المصطفا *** ة إما مخاضا وإما عشارا
والآخر:
بأجود منه بأدم الركاب *** لاط العلوق بهن احمرارا
كما أن البيت الأخير مقدم على سابقه.
([81]) ضبطت في اللسان ضبط قلم بفتح الميم، ولم تذكر في القاموس.
([82]) البيت لأفنون بن صريم التغلبي من أبيات في البيان والتبيين (1: 9-10) والمفضليات (2: 62) وخزانة الأدب (4: 456). وانظر أمالي الزجاجي 35 والقالي (2: 51) واللسان (علق، رأم). وفي "رئمان" أوجه ثلاثة: الرفع والنصب والجر.
([83]) تكملة البيت من إصلاح المنطق 368 واللسان (علق). حيث ورد البيت فيهما منسوبة للمفضل النكري. وهو من قصيدة أصمعية له في الأصمعيات 53-55 ليبسك. قال في اللسان: "يريد ثعلبة بن سيار، فغيره للضرورة".
([84]) يقال نشق الصيد في الحبالة: نشب وعلق فيها.
([85]) يقال: استطافه، أي طاف به.
([86]) في الأصل: "علق به"، وأثبت ما يقتضيه الاستشهاد.
([87]) ديوان ذي الرمة 46.
([88]) بدله في المجمل: "علاقة".
([89]) أنشده في المجمل واللسان (علق)، وإصلاح المنطق 381.
([90]) الرجز في اللسان (علق، رقم)، وإصلاح المنطق 381 وقد سبق في (رقم).
([91]) هذا تكرار لما سبق في ص 129.
([92]) البيت في اللسان (علق).
([93]) البيت في اللسان (علق) بدون نسبة. ونسبه سيبويه في كتابه (1: 120) إلى حميد بن ثور. وليس في ديوانه طبع دار الكتب.
([94]) سبق البيت وتخريجه في (صوم)، وأنشده أيضاً في اللسان (علك) .(4/108)
([95]) في الأصل: "متن المضغ"، صوابه من الجمهرة (3: 136) واللسان (علك).
([96]) هذه العبارة وتفسيرها مما لم يرد في المعاجم المتداولة. وفي القاموس أن "العولك" لجلجة في اللسان. ...
ـ (باب العين والميم وما يثلثهما)
(عمن) العين والميم والنون ليس بأصل، وفيه عُمان: بلد. ويقولون أعْمَن، إذا أتى عُمَان. قال:
فإن تُتْهِمُوا أُنْجِد خلافاً عليكُم *** وإن تُعمِنُوا مستحقِبي الشَّرِّ أُعرِقِ([1])
(عمه) العين والميم والهاء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على حَيرة وقِلّة اهتداء. قال الخليل: عَمِهَ الرّجل يَعْمَهُ عَمَهاً، وذلك إذا تردَّد لا يدرِي أين يتوجَّه. قال الله: {وَيَذَرُهُم فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأعراف 186]. قال يعقوب: ذهبت إبله العُمَّيْهَى([2]) ، مشدّدة الميم، إذا لم يدْر أين ذهبت.
(عمي) *العين والميم والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على سَترٍ وتغطية. من ذلك العَمَى: ذَهاب البصر من العينين كلتيهما. والفعل منه عَمِي يَعْمَى عَمَىً. وربَّما قالوا اعمايَّ يعمايُّ([3]) اعمِيَاءً، مثل ادهَامّ. أخرجوه على لفظ الصحيح. رجلٌ أعمى وامرأة عمياء. ولا يقع هذا النعت على العين الواحدة. يقال عَمِيَتْ عيناه. في النساء عَمْيَاءُ وعَمْياوان وعمياوات. ورجل عَمٍ، إذا كان أعمى القلب؛ وقومٌ عمون. ويقولون في هذا المعنى: ما أعماه، ولا يقولون في عمى البصر ما أعماهُ؛ لأنّ ذلك نعتٌ ظاهر يُدْركُه البصر، ويقولون فيما خفي من النعوت ما أفعله. قال الخليل: لأنّه قبيحٌ أن تقول للمشارِ إليه: ما أعماه، والمخاطبُ قد شاركَكَ في معرفة عماه.
قال: والتَّعمِية: أن تعمِّيَ على إنسانٍ شيئاً فتَلْبِسَه عليه لَبْساً. وأمّا قولُ العجّاج([4]) :
* وبلدٍ عاميَةٍ أعماؤُهُ *(4/109)
فإنّه جعل عَمىً اسماً ثم جمعه على الأعماء([5]) . ويقولون: "حبك الشَّيءَ يُعمِي ويُصِمّ". ويقولون: "الحبُّ أعمى". وربَّما قالوا: أعميت الرّجُلَ إذا وجدتَه أعمى. قال:
فأصممت عَمْراً وأعميتُه *** عن الجُود والفَخْر يوم الفَخَارِ
وربما قالوا: العُمْيان([6]) للعَمَى، أخرجوه على مثال طُغيان. ومن الباب العُمِّيّة: الضلالة، وكذلك العِمِّيَّة. وفي الحديث: "إنّ الله تعالى قد أذهب عنكم عِمّيَّة الجاهليّة" قالوا: أراد الكِبْر. وقيل: فلانٌ في عَميْاء، إذا لم يدر وَجْهَ [الحقِّ وقتِيل عِمِّيَّا، أي لم يُدرَ من([7]) ] قتَلَه([8]) . والعَمَاية: الغَوَاية، وهي اللَّجاجة. ومن الباب العَمَاء([9]) : السَّحاب الكثيف المُطْبِق، والقِطعة منه عَمَاءة. وقال الكسائيّ: هو في عمايةٍ شديدةٍ وعَماءٍ، أي مُظلم.
وقال أهل اللغة: المَعَامِي من الأَرَضِينَ: الأغفالُ التي ليس بها أثرٌ من عمارة. ومنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأُكَيْدِر: "إِنَّ لنا المَعَاميَ وأغفال الأرض".
ومن الباب: العَمْي، على وزن رَمْي، وذلك دَفْع الأمواج القَذَى والزَّبَد في أعاليها. وهو القياس، لأنَّ ذلك يغطِّي وجهَ الماء. قال:
* لها زبدٌ يَعْمِي به الموجُ طامِيا([10]) *
والبعير إذا هَدَرَ عَمَى بلُغامِه على هامَتِه عَمْياً. قال:
* يَعْمِي بمثل الكُرْسُف المسَبَّخِ *
وتقول العرب. أتيتُه ظهراً صَكَّةَ عُمَيّ، إذا أتيتَه في الظَّهيرة. قال ابنُ الأعرابيّ: يُراد حِينَ يكاد الحر يُعمِي. وقال محمد بن يزيد المبرِّد: حين يأتي الظّبيُ كِناسَه فلا يُبصِر من الحرِّ. ويقال: العَماء: الغُبار. وينشد للمرّار:
تراها تدور بغِيرَانِها *** ويَهجُمُها بارح ذو عَماءِ(4/110)
(عمت) العين والميم والتاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على التباسِ الشيء والتوائه، ثم يشتقُّ منه ما أشبَهَه. قال الخليل: العَمْت: أن يَعْمِتَ الصُّوف فيلُفَّ بعضَه على بعضٍ مستطيلاً ومستديراً، كما يفعل الذي يَغزِل الصُّوف. يقال عَمَتَ يَعْمِت.
قال أبو عبيدة: العِمِّيت: الرَّجل الأعمى الجاهل بالأمور. وقال:
* كالخُرْس العماميت([11]) *
ويقولون: العِمِّيت: السَّكران([12]) . والعَمْتُ: أن يَضرِب ولا يُبالي مَن أصابه ضَرْبُه.
(عمج) العين والميم والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على التواءٍ واعوجاج. قال الخليل: التعمُّج: الاعوجاج في السَّير([13]) ، لا اعوجاجُ الطَّريق، كما يتعمَّج السّيل، إذا انقلَب بعضُه على بعض. ويقال: سهم عَمُوجٌ: يَلتوي في ذَهابه. قال الهذليّ:
كمَتْن الذِّئب لا نِكْسٌ قصيرٌ *** فأُغْرِقَه ولا جَلْسٌ عَموجُ([14])
ويقال: تعمَّجت الحيّة، إذا تلوَّتْ في سَيرها. قال:
تُلاعِب مَثْنَى حَضْرميٍّ كأنّه *** تَعمُّج شيطانٍ بذي خِروَعٍ قَفْرِ([15])
ويقال للحيَّةِ نفْسِه: العَمَج([16]) ، لأنه يتعمَّج. قال:
* يَتْبَعْنَ مثل العَمَجِ([17]) *
(عمد) العين والميم والدال أصلٌ كبير، فروعه كثيرة ترجع إلى معنىً، وهو الاستقامة([18]) في الشيء، منتصباً أو ممتدّاً، وكذلك في الرّأي وإرادةِ الشيء.
من ذلك عَمَدْتُ فلاناً وأنا أعْمِدُه عَمْداً، إذا قَصدتَ إليه. والعَمْد: نقيض الخطأ في القتل وغيره، وإنّما سمي* ذلك عمداً لاستواءِ إرادتك إيَّاه. قال الخليل: والعَمْد: أنْ تعمِد الشّيءَ بِعمادٍ يُمسكه ويَعتمِد عليه. قال ابن دُريد: عَمَدْت الشّيء: أسندتُه. والشَّيء الذي يسند إليه عِماد، وجمع العِماد عُمُد. ويقال عَمودٌ وعَمَد([19]) . والعَمود من خَشبٍ أو حديد، والجمع أعْمِدة؛ ويكون ذلك في عمد الخِبَاء. ويقال لأصحاب الأخبية الذين لا يَنْزلون غيرَها: هم أهل عَمُودٍ، وأهلُ عِمادٍ.(4/111)
قال الخليل: وعَمود السِّنان: متوسّط من شَفْرَتيه من أصله، وهو الذي فيه خَطُّ العَيْر. ويقال لرِجْلَي الظَّليم: عمودان. وعَمُود الأمر: قِوَامه الذي لا يستقيم إلاَّ به. وعَميد القوم: سيِّدهم ومُعْتَمَدُهم الذي يعتمِدونه إذا حَزَبهم [أَمرٌ] فزِعوا إليه. وعَمود الأذن: مُعظَمها وقِوامها الذي ثبتت إليه. فأمّا قولُهم للمريض عَميد، فقال أهل اللغة: العَميد: الرجل المعمود، الذي لا يستطيع الجلوسَ من مرضه حتى يُعْمَد من جوانبه بالوسائد. قالوا: ومنه اشتُقَّ القَلب العميد، وهو المعمود المشعوف الذي هدّه العِشْق وكَسَرَه، وصار كالشيء عُمِدَ بِشيء. قال الأخطل:
بانت سُعادُ فنومُ العين تسهيدُ ***والقلب مكتئبٌ حرّانُ مَعْمودُ([20])
ويقال: عَميد، ومعمود، ومُعَمَّد([21]) . قال الخليل: العَمْد: أن تكابِد أمراً بِجِدٍّ ويقِين. تقول: فعلت ذلك عَمْداً وَعَمْدَ عينٍ، وَتعمَّدت له وفعلته مُعتمِداً، أي متعمِّداً.
ومن الباب: السَّنَام العَمَِدُ [عَمِدَ] يَعْمَد عَمَداً. وهذا محمولٌ على ما ذكرناه من قولهم: قلبٌ عميد ومعمود، وذلك السَّنامُ إذا كان ضَخْماً وارياً فحُمِل عليه فكُسِر([22]) ومات فيه شحمُه فلا يستوي أبداً –والواري: السمين – كما يَعْمَد الجُرحُ إذا عُصِر قبل أن تَنْضَج بيضتُه فيَرِمَ، وبعيرٌ عَمِدٌ، وناقةٌ عَمِدةٌ، وسَنامُها عَمِد.
فأمّا قوله تعالى: {في عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} [الهمزة 9]، أي في شِبْه أخبيةٍ من نار ممدودة. وقال بعضهم:{في عَمَد} وقرئت {في عُمُد} وهو جمع عِماد.(4/112)
وقال المبرّد: رجل مُعمَد، أي طويل. والعِماد: الطُّول. قال الله تعالى:{إرَمَ ذَاتِ العِماد} [الفجر 7]، أي ذات الطُّول. وفي الحديث([23]) : "هو رفيع العماد، طَويل النِّجَاد". قال أبو عبيد: عَمَدْتُ الشيء: أقمته، فهو معمود. وأعْمدته بالألف إعماداً، أي جعلت تحته عَمَداً. ومن الباب: العُمُدّ، الدال شديدة والعين والميم مضمومتان: الشابُّ الممتلئ شباباً. وهو العُمُدَّانيّ، والجمع العُمُدَّانيُّون. وامرأةٌ عمُدَّانيّة، أي ذات جسمٍ وعَبالة. ومن الباب العَمود: عِرق الكَبِد الذي يَسقيها. ويقال للوَتين: عَمود السَّحْر. قال: وعمود البطن: شِبْهُ عِرقٍ ممدود من لَدُن الرُّهابة إلى دُوَيْن السُّرَّة في وسطه يُشقُّ عن بطن الشاة. ويقولون أيضاً: إنَّ عمودا البَطْن: الظَّهر والصُّلب؛ وإنما قيل عَمودَا البطنِ لأنّ كل واحدٍ منهما معتمِد على الآخر.
ومن الباب: ثرَىً عَمِدٌ، وذلك إذا بلّته الأمطار. قال:
وهل أَحْطِبَنَّ القومَ وهي عرِيّةٌ *** أُصولَ أَلاَءٍ في ثَرَىً عَمِدٍ جَعْدِ([24])
قال أبو زيد: عَمِدَت الأرض عَمَداً، أي رسخ فيها المطر إلى الثَّرَى حتى إذا قبضْتَ عليه تعقَّدَ في كفِّكَ وجَعُد. ويقولون: الزمْ عُمْدَتَك، أي قَصْدَك.
قد مضى هذا الباب على استقامةٍ في أصوله وفروعه، وبقيت كلمةٌ، أما نحن فلا ندري ما معناها، ومن أي شيء مأخذها، وفيما أحسب إنّها من الكلام الذي دَرَجَ بذَهاب مَن كان يحسِنُه، وذلك قولهم: إنَّ أبا جهل لما صُرِعَ قال([25]) : "أعْمَدُ من سيّدٍ قتله قومُه"، والحديث مشهور. فأما معناه فقالوا: أراد: هل زادَ على سيِّدٍ قتله قومُه([26]) ؟ ومعلومٌ أن هذه اللفظة لا تدلُّ على التفسير ولا تقاربه، فلستُ أدري كيف هي. وأنشدوا لابن مَيّادة([27]) :
وأَعْمَدُ من قومٍ كفاهم أخوهمُ *** صِدَامَ الأعادِي حين فُلَّتْ نُيُوبُها(4/113)
قالوا: معناه هل زِدْنا على أنْ كفَيْنا إخوتَنا([28]) . فهذا ما قيل في ذلك. وحُكي عن النَّضْر أنّ معناها أعجَبُ من سيّدٍ قتله قومُه. قال: والعرب تقول: أنا أعمَدُ من كذا، أي أعجب منه. وهذا أبعد من الأوَّل. والله أعلم كيف هو.
(عمر) العين والميم والراء أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على بقاءٍ وامتداد زمان، والآخر على شيءٍ يعلو، من صوتٍ أو غيره.
فالأوّل العُمْر وهو الحياة، وهو العَمْر أيضاً. وقول العرب: لعَمْرك، يحلف بعَُمْره أي حياته. فأمّا قولهم: عَمْرَك الله، فمعناه أُعَمّرك اللهَ أن تفعل كذا، أي أُذكِّركَ اللهَ، تحلِّفه بالله وتسأله طولَ عمره.*ويقال: عَمِرَ الناسُ: طالت أعمارُهم. وَعَمَّرَهم الله جلّ ثناؤُه تعميراً.
ومن الباب عِمارة الأرض، يقال عَمَرَ الناسُ الأرضَ عِمارةً، وهم يَعْمُرُونها، وهي عامرة معمورةٌ. وقولهم: عامرة، محمولٌ على عَمَرتِ الأرضُ، والمعمورة من عُمِرت. والاسم والمصدر العُمْران: واستَعمر الله تعالى الناسَ في الأرض ليعمرُوها. والباب كلُّه يؤول إلى هذا.
وأمّا الآخر فالعَوْمَرة: الصِّياح والجلَبة. ويقال: اعتَمَرَ الرّجُل، إذا أهَلَّ بعُمرته، وذلك رفْعُه صوتَه بالتَّلبية للعُمرة. فأمّا قول ابن أحمر:
يُهلُّ بالفَرقد رُكبانُها *** كما يُهلُّ الراكب المُعْتَمِرْ([29])
فقال قوم: هو الذي ذكرناه من رَفْع الصَّوت عند الإهلال بالعمرة. وقال قوم: المعتمِر: المعتمّ. وأيُّ ذلك كان فهو من العلوِّ والارتفاع على ما ذكرنا.
قال أهلُ اللغة: والعَمَار: كلُّ شيء جعلتَه على رأسك، من عِمامةٍ، أو قَلَنْسُوة أو إكليل أو تاجٍ، أو غير ذلك، كلُّه عَمار. قال الأعشى:
فلما أتانا بُعيدَ الكرَى *** سجَدْنا له ورفَعْنَا عَمارا([30])(4/114)
وقال قوم: العَمار يكون من رَيحَان أيضاً. قال ابنُ السِّكِّيت: العَمَار: التَّحيَّة. يقال عمَّرك الله، أي حيّاك. ويجوز أن يكون هذا لرفع الصوت. وممكن أن يكون الحيُّ العظيم يسمى عمارة لما يكون ذلك من جلبة وصياح. قال:
لكل أناسٍ من مَعَدّ عِمَارَةٌٍ *** عُرُوضٌ إليها يلجؤون وجانبُ([31])
ومما شذَّ عن هذين الأصلين: العَمْر: ضربٌ من النَّخل. وكان فلانٌ يستاك بعراجين العمْر. وربما قالوا العُمر([32]) .
ومن هذا أيضاً العَمْر: ما بدأ من اللِّثة، وهي العُمور. ومنه اشتُق اسم عمرو.
(عمس) العين والميم والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على شدّة في اشتباهٍ والتواءٍ في الأمر.
قال الخليل: العَماسُ: الحرب الشديدة. وكلُّ أمرٍ لا يُقام له ولا يُهتدَى لوجهه فهو عَمَاسٌ. ويوم عَمَاسٌ مِن أيَّام عُمُس. قال العجّاج:
في مرِّ أيَّامٍ مضَيْنَ عُمْسِ([33])
ونَزلُوا بالسَّهل بعد الشَّأْس([34])
ولقد عُمِسَ يومُنا عَمَاسَةً وعُموسة. قال العجاج:
* إذْ لَقِحَ اليومُ العَماسُ واقمطرّْ([35]) *
قال أبو عمرو: أتانا بأمور مُعَمَّسَاتٍ وَمُعَمِّسَاتٍ، أي ملتويات. ورجُلٌ
عَمُوسٌ: يتعسَّف الأشياء كالجاهل بها. قال الخليل: تعامَسْتُ عن الشيء، إذا أريت([36]) كأنك لا تعرفُه وأنت عالمٌ به وبمكانه. وتقول: اعمِسْه، أي لا تبيِّنْه حتى يشتبه. ويقال: اعْمِس الأمر، أي أَخْفِه. ومن الباب العَمَاس، وهي الداهية. قال ابن الأعرابيّ: التَّعامُس: أن تركبَ رأسَك فتَغْشِم وتَغَطْرَس. قال المخبل:
* تعامس حتَّى تحسب الناسُ أنّها *
قال الفراء: عَمَس الخَبَرُ: أظلم. وأعْمَس الطّريقُ: التبس. وعَمِس([37]) الكتابُ: درس. قال المرّار:
فوقَفتَ تعترِف الصَّحيفةَ بعدما *** عَمِس الكتابُ وقد يُرى لم يَعْمَسِ(4/115)
(عمش) العين والميم والشين كلمتانِ صحيحتان، متباينتان جدَّاً. فالأولى ضعفٌ في البصر، والأخرى صلاحٌ للجسم. فالأوّل العَمَش: ألاَّ تزالُ العينُ تسيل دمعاً، ولا يكاد الأعمش يُبصِر بها، والمرأةُ عَمْشاء، والفعل عَمِشَ يَعْمَشُ عَمَشاً.
والكلمةُ الأخرى: العَمْش، بسكون الميم: ما يكون فيه صلاحُ البدن. ويقولون: الخِتَانُ عَمْش الغُلام؛ لأنّك ترى* فيه بعد ذلك زيادةً. وهذا طعام عَمْشٌ لك، أي صالح مُوافق.
(عمص) وأما العين والميم والصاد فليس فيه ما يصلح أن يذكر.
(عمق) العين والميم والقاف أصلٌ ذكره ابنُ الأعرابيّ، قال: العُمْقُ إذا كان صفةً للطريق فهو البعد، وإذا كان صفةً للبئر فهو طول جِرابِها.
قال الخليل: بئرٌ عميقة، إذا بعُد قعرُها وأعْمَقَها حافرُها. ويقولون ما أبعَدَ عماقَةَ هذه الرّكيّة([38]) ، أي ما أبعدَ قعرها.
ومن الباب: تعمَّق الرّجلُ في كلامه، إذا تنطَّع. وذكر ابنُ الأعرابي عن بعضِ فُصحاء العرب: رأيت خَليقة فما رأيتُ أعمق منها. قال: والخليقة: البئر الحديثة الحفرِ.
والذي بَقي في الباب بعدما ذكرناه أسماء الأماكن، أو نباتٌ. وقد قلنا: إنَّ ذلك لا يكاد يجيء على قياسٍ، إلاّ أنَّا نذكرُه. فعَمْق: أرضٌ لمزينة. قال ساعدة:
[لمّا رأى عَمْقاً ورجَّع عُرضَه *** هَدْراً كما هدَر الفنيق المعصبُ([39])
والعِمْقى: موضع. قال أبو ذؤيب]:
لمّا ذكرتُ أخا العِمْقى تأوَّبَني *** هَمٌّ وأفْرَدَ ظهري الأغلبُ الشِّيحُ([40])
والعِمْقَى من النّبات مقصور. قال يونس: جملٌ عامق، إذا كان يَرعى العِمْقَى. ويقال: أُعَامِقُ: اسمُ موضعٍ. قال الأخطل:
وقد كان منها منزلاً نستلذُّه *** أُعامِقُ بَرْقاواته فأجاوله([41])
(عمل) العين والميم واللام أصلٌ واحدٌ صحيح، وهو عامٌّ في كلّ فِعْلٍ يُفْعَل.
قال الخليل: عَمِل يَعْمَل عَمَلاً، فهو عامل؛ واعتمل الرّجل، إذا عمِل بنفسه. قال:(4/116)
إنّ الكريم وأبيكَ يَعتَمِلْ *** إن لم يَجِد يوماً على مَن يتَّكِلْ([42])
والعمالة([43]) : أجر ما عُمِل. والمعاملة: مصدرٌ من قولك عاملته، وأنا أُعامِله معاملةً. والعَمَلَة: القوم يعملون بأيديهم ضُروباً من العمل، حفراً، أو طيَّاً أو نحوه. ومن الباب: عامِلُ الرُّمحِ وعامِلَتُه، وهو ما دون الثَّعلب قليلاً مما يلي السِّنان، وهو صدره. قال:
أطْعَن النَّجْلاءَ يَعوِي كَلْمُها *** عامِلُ الثَّعلبِ فيها مَرْجَحِنّْ
قال: والرّجل يعتمل لنفسِه، ويعمل لقَومٍ، ويستعمل غيره، ويُعْمِل رأيَه أو كلامه أو رُمْحه. والبنّاء يستعمل اللّبِن، إذا بَنى به. قال: واليَعْمَلة من الإبل: اسمٌ لها اشتُقَّ من العَمَل، والجمع يَعْمَلات. ولا يقال ذلك إلاَّ للأُنثى، وقد يجوز اليَعَامِل. قال ذو الرُّمّة([44]) أو غيرُه:
واليَعْمَلات على الوجى *** يَقطعن بيداً بعد بيدِ
والله أعلم.
ـــــــــــــــ
([1]) البيت للممزق العبدي من قصيدة له في الأصمعيات 47-48 ليبسك. وأنشده في اللسان (عمق، تهم). وقد سبق في (تهم).
([2]) ويقال أيضاً "العُمَّهى".
([3]) كذا في الأصل، واللغة الغالبة فيه بتخفيف الياء فيهما. وفي القاموس: "وقد تشدد الياء".
([4]) كذا، والصواب أنه رؤبة، كما في اللسان (عمي). والبيت مطلع أرجوزة له في أول ديوانه. وبعده:
* كأن لون أرضه سماؤه *
([5]) في الأصل: "فإنه جمل عمي اسما ثم جعله على الأعماء".
([6]) هذه الكلمة مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
([7]) التكملة بما اقترحته ليلتئم الكلام، اعتماداً على ما ورد في اللسان.
([8]) في الأصل: "قبله".
([9]) في الأصل: "ومن الباب العماية والعماء".
([10]) رواية هذا العجز في اللسان (عمي):
* رها زَبداً يعمي به الموج طاميا *
([11]) هذه القطعة في المجمل واللسان (عمت).
([12]) ذكر هذا المعنى في القاموس، ولم يذكر في اللسان.
([13]) في الأصل: "في السر"، تحريف.(4/117)
([14]) البيت لأبي قلابة الهذلي، كما في بقية أشعار الهذليين ص 16. وأنشده في اللسان (جلس) منسوباً إلى الهذلي. وروايته في البقية:
كما ألقى البراثن وسط ضحل *** من الرنقاء غرنيق عموج
([15]) نسب لطرفة، كما في الحيوان (4: 133). وانظر ما سبق من تخريجه في (شطن).
([16]) يقال بالتحريك، وبضم فميم مشددة مفتوحة.
([17]) كذا ضبط في الأصل والمجمل. وإنشاده في اللسان (عمج):
* يتبعن مثل العُمَّج المنسوس *
وأنشده كذلك في المجمل، لكن بفتح العين والميم.
([18]) في الأصل: "الاستفهامة".
([19]) كذا ضبطت الكلمتان في الأصل. والمعروف أن "العمد" بضمتين جمع للعماد والعمود، وأن "العمد" بالتحريك: اسم جمع لهما.
([20]) ديوان الأخطل 146، مطلع قصيدة يمدح بها يزيد بن معاوية. وروايته في الديوان:
بانت سعاد ففي العينين تسهيد *** واستحقبت لبه فالقلب معمود
([21]) وكذا وردت هذه الكلمة في القاموس، ولم تذكر في اللسان.
([22]) في الأصل: "فكسره".
([23]) هو حديث أم زرع. انظر المزهر (2: 532).
([24]) نسب في اللسان (حطب) إلى ذي الرمة، وليس في ديوانه. وأورده ناشره في ملحقاته ص 28، وورد في المخصص (11: 22) بدون نسبة.
([25]) في اللسان: "وفي حديث ابن مسعود أنه أتى أبا جهل يوم بدر وهو صريع، فوضع رجله على مذمره ليجهز عليه، فقال له أبو جهل: "أعمد من سيد قتله قومه". والحديث ورد في المجمل كما في المقاييس.
([26]) في الأصل: "قوم"، صوابه من اللسان.
([27]) وكذا في اللسان، ثم قال: ونسبه الأزهري لابن مقبل".
([28]) في الأصل: "إخواننا"، وصوابه في اللسان.
([29]) البيت في الحيوان (2: 25) واللسان (ركب، عمر، هلل). وقد نسب في هذه المواضع إلى ابن أحمر، إلا في مادة (هلل) من اللسان، ففيها: "وقال الراجز"، صواب هذه: "وقال ابن أحمر".(4/118)
([30]) وكذا في ديوان الأعشى 39. وفي المجمل واللسان (عمر) وفقه اللغة 16 وجمهرة ابن دريد (2: 387) : "العمارا".
([31]) البيت للأخنس بن شهاب التغلبي من قصيدة في المفضليات (2: 3-8). وأنشده في اللسان (عمر، عرض) .
([32]) يقال بالفتح، وبضمة، وبضمتين. ويقال أيضاً: "العمري" بفتح العين.
([33]) وكذا في اللسان (عمس). والصواب أنه بعد أبيات كثيرة تلي البيت التالي، وبينهما 18 بيتاً. والبيت الذي قبله هو: * ليوث هيجا لم ترم بأبس *
([34]) في اللسان (عمس) وملحقات ديوان العجاج 87: "ومر أيام". وسكن الميم للوزن.
([35]) في الأصل: "إذا لقح"، صوابه من ديوان العجاج 18.
([36]) في الأصل: "رويت" صوابه من اللسان.
([37]) كذا ضبط في الأصل بكسر الميم، وهو ضبط ابن القطاع في كتابه الأفعال (2: 373)، ونبه عليه شارح القاموس. وضبط في المجمل واللسان والقاموس بفتح الميم.
([38]) العماقة، ذكرت في القاموس ولم تذكر في اللسان.
([39]) ديوان الهذليين (1: 173)، واللسان (عمق)، وإيراد هذا الشاهد ضروري لصحة الكلام. وباقي التكملة بعده يقتضيها كذلك صحة الاستشهاد التالي. وقدا استأنست في رتق هذا الفتق بما ورد في اللسان.
([40]) ديوان الهذليين (1: 105)، واللسان (عمق).
([41])البيت بدون نسبة في المجمل واللسان (عمق). وهو في ديوان الأخطل 59. ورواية اللسان والمجمل: "كان منا" وفي الأصل:"منزل"، صوابه في المراجع المذكورة.
([42]) بعده كما في اللسان (عمل) نقلاً عن سيبويه (1: 443):
* فيكتسي من بعدها ويكتحل *
([43]) هي مثلثة العين.
([44]) البيت التالي لم يرد في ديوان ذي الرّمة، كما لم يرد في ملحقاته. ...
ـ (باب العين والنون وما يثلثهما([1]))
(عني) العين والنون والحرف المعتل أصولٌ ثلاثة: الأوّل القَصْد للشيء بانكماشٍ فيه وحِرْصٍ عليه، والثاني دالٌّ على خُضوع وذُلّ، والثالث ظهورُ شيء وبروزُه.(4/119)
فالأوّل منه([2]) عُنِيت بالأمر وبالحاجة. قال ابن الأعرابيّ: عَنِي بحاجتي وعُنِي- وغيره قال أيضاً ذلك. ويقال مثل ذلك: تعنّيت أيضاً، كل ذلك يقال –عِنايةً وعُنِياً فأنا مَعْنيّ به وعَنٍ به. قال الأصمعيّ: لا يقال عَنِيَ. قال الفرّاء: رجل عانٍ بأمري، أي مَعْنِيّ به. وأنشد:
عانٍ بِقصْوَاها طويلُ الشُّغْلِ *** له جَفيرانِ وأيُّ نَبْلِ([3])
ومن الباب: عَناني هذا الأمر يَعنينِي عِنايةً، وأنا معنِيٌّ [به] واعتنيت به وبأمره.
والأصل الثاني قولهم: عَنَا يَعنو، إذا خضَع. والأسيرُ عانٍ. قال أبو عمرو: أَعْنِ هذا الأسير([4]) ، أي دَعْه حتَّى ييبَس القِدّ عليه. قال زهير:
ولولا أن ينالَ أبا طَرِيفٍ *** إسارٌ من مَليكٍ أو عَنَاءُ([5])
قال الخليل: العُنُوّ والعَناء: مصدرٌ للعاني. يقال عانٍ أقرَّ بالعُنُوّ، وهو الأسير. والعاني: الخاضع المتذلّل. قال الله تعالى:{وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَيُّومِ} [طه 111] . وهي تَعنُو عُنوّاً. ويقال للأسير: عنا يعنو. قال:
* ولا يقال طَوَالَ الدَّهرِ عانيها *
وربّما قالوا: أَعْنُوه، أي ألقوه في الإسار. وكانت تلبية أهلِ اليمن في الجاهلية هذا:
جاءت إليك عانيه *** عبادُك اليمانِيَهْ
كيما تحجّ الثَانيهْ *** على قِلاصٍ ناجِيَه
ويقولون: العاني: العبد. والعانية: الأمَة. قال أبو عمرو: وأعنيته* إذا جعلتَه مملوكاً. وهو عانٍ بَيِّن العَناء. والعَنوة: القَهر. يقال أخذناها عَنْوة، أي قهراً بالسيف. ويقال: جئت إليك عانياً، أي خاضعاً. ويقولون([6]) : العَنوة: الطاعة. قال:
* هلَ أنتَ مُطيعِي أيُّها القلبُ عَنوةً *
والعناء معروف، وهو من هذا. قال الشيبانيُّ: رُبَّتْ عَنْوةٍ لك من هذا الأمر، أي عناء. قال القطاميّ:
وَنأتْ بحاجتنا ورُبَّتَ عَنوةٍ *** لك من مواعدها التي لم تَصدُقِ([7])(4/120)
قالوا: وتقول العرب: عَنَوْتُ عند فلانٍ عُنُوّاً، إذا كنتَ أسيراً عنده. ويقولون في الدعاء على الأسير: لا فَكَّ الله عُنْوَته! بالضم، أي إساره.
ومن هذا الباب، وهو عندنا قياسٌ صحيح: العَنِيَّة، وذلك أنها تُعنِّي كأنّها تُذِلّ وتَقْهَر وتشتدُّ على من طُلِيَ بها. والعَنِيَّة: أبوال الإبل تَخْثُر، وذلك إذا وُضعت في الشَّمس. ويقولون: بَل العَنِيّة بولٌ يُعْقَد بالبَعْر. قال أوس:
كأنّ كُحَيلاً مُعْقَداً أو عَنيَّةً *** على رَجْع ذفراها من اللِّيث واكفُ([8])
قال أبو عبيد من أمثال العرب: "عَنِيَّةٌ تَشِفي الجَرَب([9]) "، يضرب مثلاً لمن يُتداوَى بعقله ورأيه([10]) ، كما تُداوَى الإبل الجَرْبَى بالعنيَّة. قال بعضهم: عَنَّيت البعير، أي طليتُه بالعَنِيّة. وأنشد:
على كلِّ حرباء رعيل كأنّه *** حَمُولةُ طالٍ بالعَنيَّة ممهلِ([11])
والأصل الثالث: عُنْيان الكِتاب، وعُنوانه، وعُنْيانه. وتفسيره عندنا أنّه البارز منه إذا خُتم. ومن هذا الباب مَعنى الشَّيء. ولم يزد الخليل على أنْ قال: معنى كلِّ شيء: مِحْنَتُه وحاله التي يَصِير إليها أمره([12]) .
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال ما أعرِف معناه ومَعناته. والذي يدلُّ عليه قياسُ اللُّغة أنَّ المعنى هو القَصْد الذي يَبرُز ويَظهر في الشَّيْء إذا بُحث عنه. يقال: هذا مَعنَى الكلامِ ومعنى الشِّعر، أي الذي يبرز من مكنون ما تضمَّنه اللَّفظ. والدَّليل على القياس قول العرب: لم تَعْنِ هذه الأرضُ شيئاً ولم تَعْنُ أيضاً، وذلك إذا لم تُنبت، فكأنَّها إذ كانت كذا فإنّها لم تُفِد شيئاً ولم تُبْرِز خيراً. ومما يصحِّحه قولُ القائل([13]) :
ولم يَبقَ بالخلصاء مِمّا عَنَتْ به *** من البَقْل إلاَّ يُبْسُها وهَجيرُها ...
ومما يصحِّحه أيضاً قولهم: عَنَتِ القِرْبةُ تَعنُو، وذلك إذا سال ماؤها. قال المتنخِّل:
* تعنو بِمَخْرُوتٍ([14]) *(4/121)
قال الخليل: عنوانُ الكتابِ يقال منه: عَنَّيْت الكتاب، وعنَّنْته، وعَنْوَنته. قال: وهو فيما ذَكَروا مشتقٌّ من المعنَى. قال غيره: مَن جعل العنوان من المعنى قال: عَنَّيت بالياء في الأصل. وعُنوانٌ تقديرهُ فُعْوَال. وقولك عَنْونْت فهو فَعْولْت. قال الشَّيباني: يقال ما عَنَا من فلانٍ خيرٌ، وما يعنو من عملك هذا خيرٌ عَنْواً.
(عنب) العين والنون والباب أُصَيلٌ يدلُّ على ثمرٍ معروف، وكلمةٍ غير ذلك.
فالثَّمر العِنَب، واحدته عِنَبة. ويقولون: ليس في كلامهم فِعَلة إلاّ عِنَبة. وربمَّا قالوا للعِنَب العِنَباء. قال:
* العِنَباء المتَنَقّى والتِّينْ ([15]) *
وربَّما جمعوا العنب على الأعناب. ويقال رجل عانِبٌ، أي كثير العنب، كما يقال تامرٌ ولابنٌ.
والكلمة الأخرى: العَنَبان، على وزن فَعَلان: الوَعِل الطَّويل القرون. قال:
* يشدُّ شدّ العَنَبانِ البارِحِ *
ويقال للظَّبْي النَّشيط: العَنَبان، ولا يُبنَى منه فِعْل.
(عنت) العين والنون والتاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَشَقّة وما أشبَهَ ذلك، ولا يدلُّ على صحّة ولا سهولة.
قال الخليل: العَنَت: المشقّة تدخلُ على اللسان. تقول عَنِتَ فلان، أي لِقيَ عَنَتاً، يعني مشقّة. وأعْنَتَه فلانٌ إعناتاً، إذا أدخل عليه عَنَتاً. وتَعَنَّته تَعَنُّتاً، إذا سأله عن شيء أراد به اللَّبْسَ عليه والمشقّة.
قال ابن دريد([16]) : العَنَت: العَسْف والحمل على المكروه. أعْنَتَه يُعْنته إعناتاً.(4/122)
ويُحمَل على هذا ويقاسُ عليه([17]) ، فيقال للآثِم: عَنِت عَنَتاً، إذا اكتسب مأثماً. قال الفَرّاء في قوله تعالى: {ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء 25]، أي يرخّص لكم في تزويج الإماء إذا خافَ أحدُكم أن يَفجُر. قال الزّجَّاج: العَنَت في اللغة: المَشَقّة الشديدة. يقال أكَمَةٌ عَنوتٌ، أي شاقّة. قال المبرِّد: العَنَت هاهنا: الهلاك: وقال غيره: معناه ذلك لمن خاف أن تحمله الشَّهْوَةُ على الزِّنَى، فيلقى الإثمَ العظيمَ في الآخرة.
(عنج) العين والنون والجيم أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على جَذْبِ شيء بشيء يمتدّ، كحبلٍ وما أشبهه. قال الخليل: العِنَاح: سَيْر أو خيط يُشدُّ في أسفل الدّلو، ثمَّ يشَدُّ في عُروتها. وكلُّ شيء له ذلك فهو عِنَاج. فإذا انقطع الحبلُ أمسك العِناجُ الدَّلوَ أن تقع في البئر. قال: [وكلُّ] شيء تجذبه إليك فقد عَنَجتَه. قال:
قومٌ إذا عقَدوا عَقداً لجارهم *** شدوا العِنَاج وشدُّوا فوقه الكَرَبا([18])
وقال آخر:
وبعضُ القولِ ليس له عِناجٌ *** كسَيلِ الماء ليس له إتاءُ([19])
الإتاء: المادّة. وجمع العِناج عُنُج، وثلاثةُ أعنِجة. والرجل يَعْنُِج إليه رأسَ بعيره، أي يجذِبُه بخِطامه. ويقال: إنّ العِناج إنّما يكون في عُرَى الدَّلو، ولا يكون في أسفلها. وأنشد:
لها عِناجانِ وسِتُّ آذانْ([20]) *** واسعةُ الفَرْغ أديمان اثنانْ
قال ابنُ الأعرابيّ: عَنَجْت الدّلو وأعْنَجْتُها. قال أبو زيد: العَنْج: جذبُك رأسَها وأنت راكبُها. يعني النّاقة. قال أبو عُبيدة: من أمثالهم في الذي لا يَقبل الرّياضة: "عَوْدٌ يُعَلّم العَنْج". وأما الذي ذكرناه من قوله:
* وبعض القول ليس له عِناجٌ *(4/123)
فقال أبو عمرو بن العلاء: العِناج في القول: أن يكون [له] حصاةٌ فيتكلّم بعلمٍ ونَظر، وإذا لم يكن له عِناج خرجَ منه ما لا يريد صاحبُه. ومعنى هذا الكلام ألاَّ يكون لكلامه خِطام ولا زِمام، فهو يذهب بحيث لا معنى له. وتقول العرب: عِناج أمْرِ فلان، أي مَقَاده ومِلاك أمره. وأمّا العُنجوج فالرَّائِع من الخيل، والجمع عناجيج. قال الشّاعر:
نحنُ صَبَحْنا عامراً وعَبْسا *** جُرْداً عناجيجَ سبقْن الشَّمْسا([21])
فمحتملٌ أن يكون اسماً موضوعاً من غير قياس كسائر ما يشذُّ عن الأصول، ومحتمل أن يكون سمِّي بذلك لطوله أو طول عنقِه، فقياسٌ بالحبل الطويل.
قال أبو عبيدة: العُنجوج من الخيل: الطويل العُنق، والأنثى عنجوجة. ومما يؤيِّد هذا التَّأويلَ قولهم: استقام عُنْجُوج القومِ، أي سَنَنُهم. فهذا يصحِّح ذاك؛ لأن السَّنَن يمتدُّ أيضاً.
وممَّا حُمِل على هذا تشبيهاً قولُهم: عناجيج الشَّباب، وهي أسبابه. قال ابن أحمر:
* ومضَتْ عناجيجُ الشَّباب الأغْيَدِ *
ويقولون: رجل مِعْنَج، إذا تعرَّض في الأمور، كأنّه أبداً يمدُّ بسبب منها فيتعلَّق به.
(عند) العين والنون والدال أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على مجاوزةٍ وتركِ طريق الاستقامة. قال الخليل: عَنَد الرّجل، وهو عانِدٌ، يَعْنُد عُنودَاً، إذا عَتا وطَغى وجاوَزَ قَدْرَه. ومنه المعانَدة، وهي أن يعرف الرّجُل الشيءَ، ويأبى أن يقبله. يقال: عَنَدَ فلانٌ عن الأمر، إذا حادَ عنه. والعَنُود من الإِبل: الذي لا يخالط الإبل، إنما هو في ناحية. قال:
وصاحبٍ ذي رِيبةٍ عَنُودِ *** بَلّدَ عني أسوأ التبليدِ
ويقال: رجلٌ عنودٌ، إذا كان وحدَه لا يُخالِط الناس. وأنشد:
ومولى عَنودٍ ألحقته جريرةٌ *** وقد تُلْحِق المولى العَنودَ الجرائرُ([22])
قال: وأمّا العَنيد، فهو من التجبُّر، لذلك خالفوا بين العَنيد، والعَنود، والعاند. ويقال للجبّار العَنيدِ: لقد عَنَد عَنْداً وعُنُوداً.(4/124)
قال الخليل: العِرق العاند: الذي يتفجَّر منه الدّمُ فلا يكاد يَرقَأ. تقول: عَنِد عِرقُه.
قال ابن دُريد([23]) : طريقٌ عاند، أي مائل. وناقة عَنودٌ، إذا تنكّبت الطّريقَ مِن نشاطها وقوّتها. قال الراجز:
إذا ركبتمْ فاجعَلوني وَسَطا *** إنِّي كبيرٌ لا أُطيق العُنَّدَا([24])
ما عنه عُنْدَُدٌ([25]) : أي ما منه بدّ، فهذا من الباب. تفسير ما عنه عَنْدَُد، أي ما عنه مَيل ولا حَيدُودة. قال جندل:
ما الموتُ إلاّ مَنْهل مُستَوْرَدُ *** لا تأمَننْه ليس عنه عُنْدَُدُ
ويقال: *أعْنَدَ في قَيئِه، إذا لم ينقطع. قال يعقوب: عِرْقٌ عاند قد عَنَدَ يَعْنُد دمُه، أي بأخذ في شِقّ. قال:
وأيُّ شيء لا يحبُّ ولدَهُ *** حتى الحبارى ويَدُفُّ عَنَدَه([26])
أي ناحية منه يُراعيه. ويقال: استَعْنَدَ البعيرُ، إذا غَلَب قائدَه على الزِّمام فجرّه. ومن الباب مثلٌ من أمثالهم: "إنَّ تحت طِرِّيقَتِهِ لعِنْدَأْوَةً". الطِّرِّيقة: اللِّين. يقال: إن تحت ذلك اللِّين لعظمةً وتجاوُزاً وتعدِّياً.
فأمّا قولُهم: زيدٌ عِنْدَ عمرو، فليس ببعيدٍ أن يكون من هذا القياس، كأنَّه قد مال عن الناسِ كلِّهم إليه حتى قرُبَ منه ولزِقَ به.
(عنز) العين والنون والزاء أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على تنحّ وتعزُّل، والآخر جنسٌ من الحيوان.
فالأول: قولهم: اعتنَز فلانٌ، أي تنحَّى وترك النّاحيةَ اعتنازاً. ويقال: مالي عنه مُعْتَنَزٌ، أي مُعتَزَل، وأنشدوا:
كأنِّي سهيلٌ واعتنازُ محلِّه *** تعرُّضُه في الأفق ثم يجورُ(4/125)
والأصل الآخر العَنْز: الأنثى من المِعْزى ومن الأوعال والظِّباء. ويقال للأنثى من أولاد الظباء عَنْز، وثلاثُ أعنُز، والجمع عِنَازٌ. قال أبو حاتم: لم أسمع في الغَنَم إلاّ ثلاث أعنُز، ولم أسمع العِنَازَ إلاّ في الظباء. ويقولون: العَنْز: ضربٌ من السمك. وربما قالوا للأنثى من العِقبان عَنْز. قال بعضهم: العَنْز: العُقاب. وكلُّ ذلك مِمَّا حُمِل على العَنْز من الغنم.
ومما شذَّ عن هذا الباب وعن الأوَّل: العَنَزة، كهيئة العَصا. وبه سمِّيَ عَنَزَة من العرب.
ومن الباب الأوَّل قولهم مُعَنَّز الوجه، إذا كان خفيفَ لحمِ الوجه. وهذا كأنه مشبَّه بالعَنْز من الغنم. ومن الأماكن عُنَيزةُ، وهي أرضٌ. قال مهلهل:
كأنَّا غُدْوةً وبني أبِينا *** بجنب عُنَيزةٍ رَحَيَا مُديرِ([27])
(عنس) العين والنون والسين أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على شدّةٍ في شيء وقوَّة. قال الخليل: العَنْس: اسمٌ من أسماء الناقة، يقال إنما سميت عنساً إذا تمّت سنُّها، واشتدَّت قوَّتُها ووَفُرت عظامُها وأعضاؤها؛ واعنونَسَ ذنَبُها؛ واعنيناسُه: وفور هُلْبِه وطُوله. قال الطرِمَّاح يصف الثَّوْر:
يمسح الأرض بمُعْنَوْنِسٍ *** مثل مئلاة النِّياحِ القيامْ ([28])
وقال العجّاج:
كم قد حَسَرْنا من عَلاةٍ عَنْس *** كَبْدَاءَ كالقوس وأُخرى جَلْسِ([29])
ومن الباب: عَنسَت المرأة، وهي تَعْنُسُ عُنوساً، إذا صارت نَصَفاً وهي بعدُ بِكرٌ لم تَزَوَّجْ. وعَنَّسها أهلُها تعنيساً، إذا حبسوها عن الأزواج حتى جازت فَتَاءَ السّنّ، ولم تُعَجِّز بعدُ. وهذا قياسٌ صحيح، لأنَّ ذلك حين اشتدادها وقوّتها. ويقال امرأة معنَّسة، والجمع مَعانس ومُعَنَّسات، وهي عانِس والجمع عوانس. وأنشد:
وعِيطٍ كأسرابِ القطا قد تشوّفت *** معاصيرُها والعاتقات العوانسُ([30])
وجمع عانسٍ عُنَّس. قال:
* في خَلْقِ غرّاءَ تبذّ العُنَّسا([31]) *(4/126)
وذكر الأصمعيُّ أنه يقال في الرِّجال أيضاً: عانس، وهو الذي لم يتزوّجْ. وأنشد:
مِنَّا الذي هو ما إن طَرَّ شاربُه *** والعانسون ومِنَّا المُرْدُ والشِّيبُ([32])
وذكر بعضُهم أنَّ العنْس: الصَّخرة. وبها تُشَبَّه الناقة الصُّلْبة فتسمى عَنْساً. وليس ذلك ببعيد.
(عنش) العين والنون والشين أُصَيل لعلّه أن يكون صحيحاً. وإن صحَّ فهو يدلُّ على تمرُّسٍ بشيء. يقولون: فلانٌ يُعَانِشُ النَّاسَ، أي يقاتلهم ويتمرَّس بهم. ويُعانِش: يظالم. وينشدون:
إذاً لأتاه كلُّ شاكٍ سِلاحُه *** يُعانِشُ يومَ البأس ساعِدهُ جَزْلُ
ويقولون: عانشت الرّجل: عانقتُه. وينشدون لساعِدَة:
عِناشُ عَدُوٍّ لا ينالُ مُشَمِّراً *** بِرَجْلٍ إذا ما الحربُ شُبَّ سعيرُها([33])
وهذا إن لم يكن من باب الإبدال وأن يكون الشين بدلاً من القاف فما أدري كيف هو. ونرجو أن يكون صحيحاً إن شاء الله.
قال ابن دريد([34]) : عنَشت الشيءَ أعنِشُهُ عَنْشاً، إذا عطفتَه. *وهذا أيضاً قريبٌ من الذي ذكرناه.
(عنص) العين والنون والصاد أُصَيل صحيحٌ على شيء من الشَّعَْر. قال الخليل: العَُِنْصُوة: الخُصْلة من الشَّعر. قال الشاعر:
عناصِيَ رأسي فهي من ذاك تعجب ... لقد عَيَّرَتْنِي الشَّيبَ عرسي ومَسَّحت
ومما يُقاس على هذا قولُهم: بأرضِ بني فلانٍ عَنَاصٍ من النَّبت؛ وكذلك الشَّعر إذا كان قليلاً متفرِّقاً، الواحد عُنصُوَة. قال أبو النَّجم:
إن يُمْسِ رأسي أشمطَ العَناصِي *** كأنما فرَّقَه مُناصِي([35])
قال الفرّاء: يقال: ما بقي من مالِه إلاّ عَنَاصٍ، وذلك إذا بقِي منه اليسير. قال ابنُ الأعرابي: العُنْصُوة: قُنْزُعة في جانب الرأس.
(عنط) العين والنون والطاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على طول جسمٍ وحُسنِ قوام.
قال الخليل: العَنطْنط، اشتقاقه من عَنَط، ولكنَّه قد أُردِف بحرفين في عَجُزه. قال رؤبة:
* يَمطُو السُّرَى بعنُق عَنَطْنَطِ([36]) *(4/127)
وامرأة عَنَطْنطة: طويلة العُنُق مع حُسْن قَوام. قال يصف رجلاً وفرساً:
عَنَطْنَطٌ تعدو به عَنطنطهْ *** للماء تحت البطن منْه غطمطهْ([37])
(عنف) العين والنون والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الرِّفق. قال الخليل: العُنْف: ضدُّ الرِّفق. تقول عَنُفَ يعنُف عُنْفاً فهو عنيف، إذا لم يَرفُق في أمره. وأعنفته أنا. ويقال: اعتنفْت الشّيء، إذا كرهتَه ووجدتَ له عُنْفاً عليك ومشَقّة. ومن الباب: التعنيف، وهو التَّشديد في اللوم. فأمَّا العُنْفُوان فأوَّل الشّيء، يقال عُنفُوان الشَّباب، وهو أوَّله، فهذا ليس من الأوّل، إنّما هذا من باب الإبدال، وهو أنّ العينَ مبدلةٌ من همزة، والأصل الأنْف؛ وأنفُ كلِّ شيء: أوّله. قال:
وقد دَعاها العُنفوانُ المُخْلِسُ ... ماذا تقول بِنتَها تلمَّسُ
وقال آخَر:
تلومُ امرأً في عنفوانِ شبابِه *** وتترك أشْياعَ الضَّلال تحين
(عنق) العين والنون والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيء، إمَّا في ارتفاعٍ وإمَّا في انسياح.
فالأوَّل العنُق، وهو وُصْلة ما بين الرّأس والجسد، مذكّر ومؤنَّث، وجمعه أعناق. ورجلٌ أعنق، أي طويل العنُق. وجبلٌ أعنَقُ: مشرِف. ونجدٌ أعنق، وهضْبةٌ عنقاء. وامرأةٌ عنقاءُ: طويلة العنُق. وهَضْبة مُعنِقة أيضاً. قال:
عيطاء مُعْنِقَةٍ يكون أنيسُها *** وُرْقَ الحمام جميمُها لم يؤكَلِ([38])
قال الأصمعيّ: المُعَنِّقات([39]) مثل المُعْنِقات. قال عُمَر بن لجأ:
* ومن هَضْب الأَرومِ مُعَنِّقات *
قال أبو عمرو: المُعنِّق: الطويل. وأنشد:
* في تامكٍ مثل النَّقا المُعنِّقِ *(4/128)
قال أبو عمرو: العنقاء فيما يقال: طائرٌ لم يبق إلاّ اسمُه. وسمِّيت عنقاءَ لبياضٍ كانَ في عُنقها وفي المثَل لما لا يوجَد: "طارت به العَنْقاء". فأمَّا قولهم للجماعة عُنُق، فقياسه صحيح، لأنَّه شيءٌ يتّصلُ بعضُه ببعض. قال الله تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء 4]، أي جماعتُهم. ألاَ ترى أنَّه قال:(خَاضِعِينَ)، ولو كانت الأعناق أنفُسها لقال خاضعة أو خاضعات. وإلى هذا ذهبَ أبو زيد. وقال النحويُّون: لمّا كانت الأعناقُ مضافةً إليهم رَدَّ الفعل إليهم دونَها.
قال محمد بن يزيد: لمّا كان خضوعُ أهلها بخضوع أعناقهم أخبرَ عنهم، لأنَّ المعنى راجعٌ إليهم. والعرب تقول: ذلت عنُقي لفلانٍ، وخضَعت رقبتي له، أي خضعت له، وذلك كما قالوا في ضدِّه: لوى عنقَه عنِّي ولم تَلِنْ لي أَخادِعُه، أي لم يخضع لي ولم يَنقَدْ.
قال الدريديّ: أعنَقْتُ الكلبَ أُعْنِقه إعناقاً، إذا جعلت في عنقه قِلادةٍ أو وترا([40])
والمِعنقة: مِعنقة الكَلْب، وهي قِلادتُه. ويقال لما سطع من الرِّياح: أعناق الرِّياح. ويقولون: أعنَقَت الريح بالتراب. قال الخليل: اعتُنِقَت الدّابّةُ في الوَحْل، إذا أخرجت عنقَها. قال رؤبة:
* خارجةً أعناقُها من معتَنَقْ([41]) *
المعتَنق: مخرج أعناق الجِبال من السراب، أي اعتنقت فأخرجت أعناقَها([42]) والاعتناق من المعانقة أيضاً، غير أنَّ المعانَقةَ في المودّة، والاعتناق في الحربِ ونحوِها. تقول اعتنَقُوا في الحرب، ولا تقول تعانقوا. والقياس واحد، غير أنّهم اختاروا الاعتناقَ في الحرب، والمعانقةَ في المودّةِ ونحوها. فإذا خَصَّصَتْ بالفعل واحداً دون الآخر لم تَقُل إلاّ عانق فلانٌ فلاناً. وقد يقال للواحد اعتَنَق. قال زُهير:
يَطعْنُهم ما ارتَمَوْا حتَّى إذا اطَّعنُوا *** ضاربَ حتَّى إذا ما ضاربوا اعتَنَقا([43])(4/129)
قال يونس بن حَبيب: عنَقتُ البعير، إذا ضربتَ عنقَه، كما يقال رَأسْتُهُ. قال الخليل: يقال تعنَّق الأرنبُ في العانِقاء، وهو جُحْرٌ مملوء تراباً رخواً يكون للأرنب واليربوعِ إذا خافا. وربَّما دخل ذلك التراب، فيقال: تعنّق؛ لأنَّه يدسُّ رأسَه وعنقَه فيه ويمضي حتَّى يصيرَ تحته.
قال ابنُ الأعرابيّ: العانقاء: ترابُ لُغَّيزَى اليربوع([44]) وتراب مجراه. ولغَّيزاه: حَفْراهُ في جانِبَي الجُحْر([45]) . قال قُطرب: عنُق الرّحِم: ما استدقّ منها ممَّا يلي الحَيَاء. قال أبو حاتم: عنق الكَرِش: أسفَلُها. قال: والعُنُق والقِبَّة شيءٌ واحد. ويقال: عنَّقَت كوافير النَّخل([46]) ، إذا طالت ولم تفلّق، وهو التعنيق. يقال بُسْرةٌ معنِّقة، إذا بقي منها حول القِمَع مثل الخاتَم، وذلك إذا بلغ الترطيبُ قريباً من قِمَعها. والأعنَق: رجلٌ من العرب، وهو قيس بن الحارث بن همام، وسمِّيَهُ لطول عنُقه. وينسب إليه قوم يقال لهم بنو الأعنق، وهم بطنٌ من وائل بن قاسط. وقوم آخرون من اليمن يقال لهم بنو العَنْقاء. قال الخليل: العنقاء ثعلبة ابن عمرو بن مالك، من خزاعة، قال قوم: سُمِّيَه لطول عنُقه، وذهب بلفظه إلى تأنيث العنُق. كقولهم:
* وعنترةُ الفَلْحاءُ([47]) *
أنّثه لمّا ذهب إلى الشَّفة. وقال:
أو العَنْقاءِ ثعلبةَ بن عمروٍ *** دِماءُ القومِ للكَلبَى شفاءُ([48])
قال قطرب: تقول العربُ في الشَّيء لا يفارق: هو منك عُنُقَ الحمامة([49]) ، يريد طوقَها لأنه لا يفارق أبداً.
ومن الباب: العَنَق من سير الدوابّ، والنعت معناق وعَنِيق. يقال بِرذَوْن عنيق، وسيرٌ عنيق. قال:
لما رأتني عَنَقي دبيبُ *** وقد أُرَى وعَنَقي سُرحوبُ(4/130)
قال أبو عبيدة: العَنَق: المُسْبَطِرُّ من السَّير. وهذا هو الذي ذكرناه في أصل الباب: أنَّ البابَ موضوعٌ على الامتداد. قال ابن السكِّيت: أعنقَ الفرسُ يُعنِق إعناقاً، وهو المشْيُ الخفيف. وبِرذَوْنٌ مِعناق. وفي المثل: "لأُلحِقَنَّ قَطُوفها بالمِعناق". قال أبو حاتم: المِعناق من الإبل: الخفيفة تريد المرتَع ولا تَرتَع. ويقال المعانيق من الإبل: التي لا تَقْنَع بالمرتع نكداً منها وقِلَّة خير، لا يزالُ راعيها في تعبٍ. ومعنى هذا أنها تمدُّ أبداً أعناقَها لما بين أيديها. وأنشد:
السَّقْيَ وَ الرِّعْيَةَ والمشيَ المِئَلّّ ***
وهو بحمد الله يكفيني العملْ
وطلبَ الذّوْدِ المعانيق الأوَلْ ...
قال بعضُ أهلِ اللُّغة: أعنقت: ماجت في مَرَاعيها فلم تَرتَع لطلب كلأٍ آخَر. قال ابنُ الأعرابيّ في قول ابن أحمر:
تظل بناتُ أعنَقَ مُسرَجاتٍ *** لرُؤيتها يرُحْنَ وَيغتدينا([50])
قال يريد ببنات أعنق: كل دابَّةٍ أعنَقَت، من فرسٍ أو بعير، وإنِّما يصف دُرّة. يقول: تظلُّ الدواب مُسْرَجةً في طلبها والنَّظرِ إليها. فأمَّا العَنْقاء، فيقال هي الدَّاهية، وسمِّيت بذلك تقبيحاً وتهويلاً، كأنَّها شيءٌ طويل العنُق. قال:
يحمِلْنَ عنقاءَ وعنقفيرا *** والدَّلوَ والدَّيلمَ والزَّفِيرا([51])
ويقال إن المُعْنِق من جَلَد الأرض: ما صلُب وارتفَع وما حواليه سهلٌ، وهو منقادٌ طولاً نحوَ ميل وأقلَّ من ذلك، والجمع مَعانِق.
ومن الباب العَنَاق: الأنثى من أولاد المَعْز، والجمع عُنوق. قال جميل:
إذا مرضت منها عَناقٌ رأيتَه *** بسِكِّينِهِ مِن حولِها يتلهَّفُ(4/131)
*ويقال للرَّجُل إذا تحوَّلَ من الرِّفعة إلى الدَّناءة: "العُنُوقُ بعد النُّوق"، أي صرتَ راعياً للعُنوق بعدما كنتَ راعياً للنُّوق. قال ابن الأعرابيّ: العَنَاق مِن حينِ تُلقيها أمُّها حتى تُجْذِعَ بعد فِطامها بشهرين، وهي ابنة خمسةِ أشهر. قال أبو عبيدة: العَنَاق يقع على الأنثى من أولادِ الغَنَم، ما بين أن تُولَد إلى أن يأتِيَ عليها الحولُ وتصير عَنْزاً. وشاةٌ معناقٌ، إذا كانت تلد العُنوق. وأنشد:
عَتيقةٍ من غَنمٍ عتاقِ *** مرغوسةٍ مأمورةٍ مِعناقِ([52])
وعَنَاق الأرض: شيء أصغر من الفَهْد. فأمّا قولهم للخَيْبَة عَناق، فليس بأصل على ما ذكرنا. ووجْهُ ذلك عندنا أنَّ العرب ربما لقَّبت بعضَ الأشياء بلقبٍ يكنون به عن الشيء، كما يلقِّبون الغَدْر كَيْسان، وما أشبَهَ هذا. فلذلك كنَوْا عن الخَيبة بالعَناق. وربما قالوا العَناقة بالهاء. قال:
لم ينالوا إلاَّ العَناقة مِنَّا *** بئس أوْسُ المطالِبِ الجوّابِ ...
الأوْس: العطيّة والعِوَض. يقال: أُسْتُه أَوْساً. وقال آخر في العَنَاقِ:
أمِن ترجيعِ قارِيَةٍ قتلتم *** أساراكم وأُبتم بالعَناقِ([53])
وعلى هذا أيضاً يُحمَلُ ما حكاه ابن السكِّيت، أنَّ العناقَ الدَّاهية. وأنشد:
إذا تمَطَّيْنَ على القَيَاقِي *** لاقَيْنَ منه أُذُنَيْ عَناقِ([54])
فأمّا الذي يروونه من قولهم: ماؤكم هذا عَناقُ الأرض، وإنّه ماء الكذب، والحديثُ الذي ذكر فيه، فمما تكثَّر به الحكايات، وتُحْشَى به الكتُب، ولا معنى له، ولا فائدةَ فيه.
(عنك) العين والنون والكاف أصلانِ: أحدهما لونٌ من الألوان. والآخر ارتباكٌ في الأمر واستغلاقٌ في الشيء.
فالأوّل: العانك، قال الخليل: هو لونٌ من الحمرة؛ يقال دَمٌ عانِكٌ. قال:
* أو عانكٍ كدمِ الذَّبيحِ مُدامِ([55]) *
وغيره برواية: "أو عاتق". وقال: عرق عانِكٌ، إذا كان في لونه حُمرة. قال ذو الرُّمَّة:(4/132)
على أقحوان في حَناديج حُرَّةٍ *** يُناصِي حشاها عانكٌ متكاوِسُ([56])
والأصل الآخر: المعتَنِك من الإبل: الذي إذا اشتدَّ عليه الرّمل بَرَك وحبا عليه. قال:
* أودَيْتُ إن لم تحبُ حَبْوَ المعتنِك([57]) *
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال اعتنك البعير، إذا مشى في رملٍ عانك، أي كثير، فهو لا يقدِر على المشْي فيه إلاّ أن يحبُو. وأنشد هذا البيت. ومعناه: إن لم تحمِلْ لي على نفسكَ حَمْلَ هذا البعير على نفسه في الرَّمل فقد هلكتُ.
ومن الباب العِنْك، قال الخليل: وهو الباب. وقال ابن دُريد: عنَكْتُ الباب وأعنكته، أي أغلقتُه، لغةٌ يمانية. وهذا يصحح ما ذكرناه من قياسِ هذا الأصل الثاني.
ومما يقرب من هذا العَُِنك من اللَّيل، وهي سُدْفةٌ منه. وذلك أنَّ الظُّلمة كأنّها تسدُّ باب الضَّوء. والكلمةُ صحيحة، أعنِي أن العِنْك الظُّلْمة. وأنشد:
وفتيانِ صدقٍ قد بعثْتُ بَجُهْمةٍ *** من اللَّيل لولا حُبُّ ظَمياءَ عَرَّسُوا([58])
فقاموا كُسَالَى يلمسون وخلفهُمْ *** من الليل عِنْكٌ كالنَّعامةِ أقعسُ ...
ومما يقرُبُ من هذا إنْ صحَّ شيءٌ ذكره يونس، قال: عَنك اللبن، إذا خَثر.
(عنم) العين والنون والميم ليس بأصلٍ يُقاس عليه، وإنما هو نبْتٌ أو شيءٌ يشبَّه به. قالوا: العَنَم: شجر من شجر السِّواك، ليِّنُ الأغصان لطيفُها، كأنّه بنانُ جاريةٍ، الواحدةُ عَنَمة. وممّا شُبِّه بذلك العَنَمة، قال الخليل: هي العَظَاية. وقال رؤبة:
يُبْدِين أطرافاً لطافاً عنَمُهْ *** إذْ حُبُّ أرْوَى هَمُّه وسَدَمُه([59])
السَّدَم: الكَلَف بالشيء. والله أعلم.
ـــــــــــــ
([1]) موضع هذه التكملة بياض في الأصل.
([2]) في الأصل: "من".
([3]) الرجز في المجمل واللسان (عني).
([4]) في الأصل: "هذا البعير"، والكلام يقتضي ما أثبت، وفي اللسان: "وإذ قلت أعنوه فمعناه أبقوه في الإسار".
([5]) روايته في الديوان 78: * أثام من مليك أو لحاء *(4/133)
([6]) في الأصل: "ويقول".
([7]) ديوان القطامي 35، واللسان (عنا).
([8]) ديوان أوس بن حجر 15 واللسان (عنا).
([9]) وكذا في المجمل. وفي أمثال الميداني (1: 425): "عنيته تشفي الجرب".
([10]) في الأصل: "لعقله ورأيه"، صوابه ما أثبت. وفي أمثال الميداني: "يضرب للرجل الجيد الرأي يستشفى برأيه فيما ينوب.
([11]) كذا ورد البيت في الأصل.
([12]) العبارة بعينها وردت في اللسان (عنا 341).
([13]) هو ذو الرمة. ديوانه 305، واللسان (عنا). وسيأتي في (هجر) .
([14]) قطعة من بيت له. وفي اللسان: "تعنو بمخروت له ناضح". والبيت بتمامه في ديوان الهذليين (2: 2):
نعنو بمخروت له ناضح *** ذو ريق يغذو وذو شلشل
([15]) الرجز لبعض بني أسد، كما في المخصص (16: 67). وأنشده في (11: 71). وقبله، كما في المخصص واللسان (عنب): * يطعمن أحياناً وحيناً يسقين *
([16]) الجمهرة (2: 20).
([17]) في الأصل: "ويقال عليه".
([18]) البيت للحطيئة في ديوانه 7 واللسان (عنج) .
([19]) البيت للربيع بن أبي الحقيق، كما في البيان (3: 186)، انظر معه الحيوان (3: 68) واللسان (عنج، أتا) .
([20]) البيت في المخصص (16: 186). وأنشد أبو زيد في نوادره 129:
لا دلو إلا مثل دلو أهبان *** واسعة الفرغ أديمان اثنان
مما تنقت من عكاظ الركبان *** إذا استقلت رجف العمودان
لها عناجان وست آذان ...
([21]) في الأصل: "سبقنا الشمسا".
([22]) البيت في اللسان (عند).
([23]) الجمهرة (2: 283)
([24]) جمع بين الطاء والدال في القافية، وهو الإكفاء. الجمهرة واللسان (عند) وأدب الكاتب 371 والاقتضاب 415.
([25]) في الأصل: "عند"، صوابه في المجمل واللسان. والعندد، بفتح الدال الأولى وضمها كما ضبط في المجمل واللسان.
([26]) أنشده في مجالس ثعلب 268. وانظر اللسان (عند) وقد أورده في (حبر 232) بهيئة النثر.(4/134)
([27]) من أبيات في معجم البلدان (عنيزة). والقصيدة طويلة مشروحة في أمالي القالي (2: 129-123). وأبياتها ثلاثون.
([28]) ديوان الطرماح 104 واللسان (عنس). وفي الديوان: "مئلاة الفئام"، قال شارحه: "الفئام الجماعات".
([29]) من أرجوزة من ملحقات ديوانه 78-80. والبيت الأول في اللسان (عنس) بدون نسبة. والجلس: الوثيقة الجسيمة. وفي الأصل: "حبس" تحريف، صوابه في الديوان.
([30]) لذي الرمة في ديوانه 320 واللسان (عنس). وإنشاده فيهما: "وعيطا" وقبله في الديوان:
مراعاتك الآجال ما بين شارع *** إلى حيث حادت عن عناق الأواعس
([31]) للعجاج في ديوانه 31 برواية: * أزمان غراء تروق العنسا *
([32]) لأبي قيس بن رفاعة، كما سبق في تخريجه (طر).
([33])ديوان الهذليين (2: 215) واللسان (عنش).
([34])في الجمهرة (3: 62).
([35])الرجز في اللسان (عنص، نصى).
([36]) ديوان رؤبة 84 واللسان (عنط).
([37]) الرجز في اللسان (عنط).
([38]) : لأبي كبير الهذلي. ديوان الهذليين (2: 97)، واللسان (عنق). وفي الأصل: "عيناء"صوابه من الديوان. وبدله في اللسان: "عنقاء".
([39]) في الأصل: "المنعقات"، تحريف.
([40]) الجمهرة (3: 132).
([41]) مجالس ثعلب 418 واللسان (عنق). وقبله كما في الديوان 104:
تبدو لنا أعلامه بعد الغرق *** في قطع الآل وهبوات الدقق ...
([42]) ثعلب: "لات بها السراب فالتف بها فلم يبلغ أعاليها، أي اعتنقها السراب"
([43]) ديوان زهير 54 واللسان (عنق).
([44]) يقال لغيزى، بتشديد الغين وتخفيفها، في الأصل: "لغزى"، كما هي في الموضع التالي: "لغزاه"، صوابهما ما أثبت.
([45]) في الأصل: "الحفر".
([46]) ورد اللفظ وتفسيره في القاموس، ولم يرد في اللسان.
([47]) قطعة من بيت لشريح بن بحير بن أسعد التغلبي. أنشد له في اللسان (فلح):
ولو أن قومي قوم سوء أذلة *** لأخرجني عوف بن عوف وعصيد
وعنترة الفلحاء جاء ملأما *** كأنه فند من عماية أسود(4/135)
وعصيد هذا هو حصن بن حذيفة. أو عيينة بن حصن.
([48]) البيت لعوف بن الأحوص كما في الحيوان (2: 9). وهو من قصيدة في المفضليات (1: 171- 173) .
([49]) هذا التعبير مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
([50]) البيت بدون نسبة في اللسان (عنق). وأنشده في المجمل لابن أحمر، وقال: "ففيه قولان يقال إنه أراد النساء وأنهن يذهبن إلى رؤية هذه الدرة وقد أسرجن. ويقال إنه أراد الخيل يسرجن في طلب هذه الدرة. فمن روى الأولى كسر الراء". وفي اللسان: "قال أبو العباس اختلفوا في أعنق فقال قائل هو اسم فرس: وقال آخرون: هو دهقان كثير المال من الدهاقين. فمن جعله رجلاً رواه مسرجات
– أي بكسر الراء- ومن جعله فرساً رواه مسرحات".
([51]) سبق الرجز وتخريجه في (دلي).
([52]) قبلهما في اللسان (عنق): * لهفي على شاة أبي السباق *
([53]) في الأصل: "أساريكم". ورواية اللسان (عنق، قرا) وإصلاح المنطق 304: "سباياكم".
([54]) الرجز في اللسان (عنق) وإصلاح المنطق 204.
([55]) لحسان بن ثابت في ديوانه 362. والبيت في اللسان (عتق)، وعجزه في (عنك) والمخصص (11: 76) . وصدره: * كالمسك تخلطه بماء سحابة *
([56]) ديوان ذي الرمة 315 واللسان (حندج).
([57]) لرؤبة في ديوانه 118 واللسان (عنك). وفي شرح الديوان: "حرة، يعني رملة حرة".
([58]) في الأصل: "أولى حب".
([59]) البيت الأول في اللسان (عنم) . وهما في ديوانه 150. ...
ـ (باب العين والهاء وما يثلثهما)
(عهب) العين والهاء والباء كلمةٌ واحدة إن صحَّت. قال الخليل: العَيْهَب: الضَّعيف من الرِّجال عن طلب الوِتْر. قال الشاعر([1]) :
حللت به وِتْرِي وأدركتُ ثُؤْرَتي *** إذا ما تناسى ذَحْلهُ كلُّ عَيهبِ([2])
فأمّا الذي يُروَى عن الشَّيباني: كانَ ذلك على *عِهِبَّى فلانٍ، أي في زمانه. وأنشد:
عهدي بسَلمَى وهي لم تَزَوَّجِ *** على عِهِبَّى عيشِها المخرفَجِ([3])
فقد قيل، والله أعلم بصحّته.(4/136)
(عهج) العين والهاء والجيم كلمةٌ صحيحة لا قياسَ لها ولا عليها. قالوا: الموهج: ظبيةٌ حسَنة اللّون طويلةُ العنُق. وتسمَّى المرأة "عوهجَ([4]) " تشبيهاً لها بها. قال الأصمعيّ: العَوهج: المخطَّطة العنق. ويقال للنَّعامة أيضاً عوهج، لطول عنُقها. قال العجّاج:
كالحَبَشيِّ التفَّ أو تسبَّجا *** في شَمْلَةٍ أو ذاتِ زِفٍّ عَوْهَجَا([5])
ويقال للنّاقةِ الفتِيّة: عوهج. ويقولون للحيّة: عوهج. قال:
* حَصْبَ الغُواةِ العوهجَ المنسُوسا([6]) *
المنْسوس: المطرود.
(عهد) العين والهاء والدال أصلُ هذا الباب عندنا دالٌّ على معنىً واحد، قد أومأ إليه الخليل. قال: أصله الاحتفاظُ بالشَّيء وإحداثُ العهدِ به. والذي ذكره من الاحتفاظ هو المعنى الذي يرجع إليه فُروع الباب. فمن ذلك قولهم عَهِد الرجل يَعْهَدُ عَهْداً، وهو من الوصيَّة. وإنّما سمِّيت بذلك لأنَّ العهدَ مما ينبغي الاحتفاظُ به. ومنه اشتقاق العَهد الذي يُكتَب للوُلاة من الوصيّة، وجمعه عُهود. والعَهْد: المَوْثِق، وجمعه عُهود. ومن الباب العَهْدُ الذي معناه الالتقاء والإلمام، يقال: هو قريبُ العهد به، وذلك أنّ إلمامَهُ به احتفاظٌ به وإقبال.
[و] العهيد: الشَّيء الذي قدُم عهدُه. والعَهْد: المنْزِل الذي لا يزالُ القوم إذا انتَووْا عنه يرجِعُون إليه. قال رؤبة:
هل تعرف العهْدَ المُحِيلَ أرسمُه *** عَفَتْ عوافيه وطال قِدَمُه([7])
والمَعْهَد مثلُ ذلك، وجمعه مَعاهد. وأهل العهد هم المعاهَدون، والمصدر المعاهَدة، أي إنّهم يُعاهَدون على ما عليهم من جِزْية. والقياس واحدٌ، كأنّه أمرٌ يُحتَفَظ به لهم، فإذا أسلموا ذهبَ عنهم اسمُ المُعاهَدة. وذكر الخليلُ أن الاعتهادَ مثلُ التَعاهُد والتعهُّد، وأنشَدَ للطِّرمَّاح:
ويُضِيع الذي قد أوْجَبَه اللهُ *** عليهِ فليس يتعهدُهْ([8])
وقال أيضاً: عَهِيدك: الذي يُعاهِدك وتُعاهِدُه. وأنشد:(4/137)
فللتُّركُ أوفَى من نزارٍ بعهدها *** فلا يأمنَنَّ الغدرَ يوماً عهيدُها([9])
ومن الباب: العُهْدة: الكتاب الذي يُستوثَق به في البَيْعات. ويقولون: إنّ في هذا الأمر لُعْهدَةً ما أُحْكِمَتْ، والمعنى أنّه قد بِقيَ فيه ما ينبغي التوثُّق له. ومن الباب([10]) قولهم: "المَلَسَى لا عُهدةَ"، يقوله المتبايعان، أي تملَّسْنا عن إحكامٍ فلم يَبْق في الأمر ما يَحتاج إلى تعهُّدٍ بإحكام. ويقولون: "في أمره عُهْدةٌ"، يُومئُون إلى الضَّعف، وإنما يريدون بذلك ما قد فسَّرناه.
قال الخليل: تعهَّد فلانٌ الشّيءَ وتعاهَدَ. قال أبو حاتم: تعهَّدت ضَيعتي، ولا يقال تعاهدت؛ لأن التعاهد لا يكون إلاَّ من اثنين. قلنا: والخليلُ على كلِّ حالٍ أعرَفُ بكلام العرب من النّضر([11]) . على أنّه يقال قد تَغافَلَ عن كذا، وتجاوَزَ عن كذا، وليس هذا من اثنين. وربَّما سمَّوا الاشتراط استعهاداً([12]) ، وإنَّما سمِّي كذا لأنَّ الشَّرط مما ينبغي الاحتفاظُ به إذا شُرِط. قال:
وما استعهَدَ الأقوامُ مِن زوج حُرَّةِ *** من النّاس إلاّ منك أو من محاربِ([13])
وفي كتاب الله تعالى: {ألَمْ أعْهَدْ إِلَيْكُمْ} [يس 60]، ومعناهُ والله أعلمُ: ألم أُقَدِّم إليكم من الأمر الذي أوجبتُ عليكم الاحتفاظَ به.(4/138)
فهذا الذي ذكرناه من أوّل الباب إلى حيث انتهينا([14]) مطّرد في القياس الذي قِسناه. وبقي في الباب: العَهْد من المطر، وهو عِندنا من القياس الذي ذكرناه، وذلك أنَّ العَهْد على ما ذكره الخليلُ، هو من المطر الذي يأتي بعد الوَسْميّ، وهو الذي يسمّيه النَّاسُ الوَلِيّ. وإذا كان كذا كان قياسُه قياسَ قولِنا: هو يتعهَّد أمرَه وضيعتَه، كأنّ المطرَ وَسَمَ الأرضَ *أوّلاً وتَعهَّدها ثانياً، أي احتفَظَ بها فأتاها([15]) وأقبل عليها. قال الخليل: وذلك أن يَمضِيَ الوسميُّ ثم يردُفَه الرَّبيع بمطرٍ بعد مطر، يدرك آخرُه بلَلَ أوّلِه ودُمُوثتَه([16]) . قال: وهو العَهْد، والجمع عِهاد. وقال: ويقال: كلُّ مطر يكونُ بعد مطَرٍ فهو عِهاد. وعُهِدت الرَّوضةُ، وهذه روضةٌ معهودة: أصابها عِهادٌ من مطَر. قال الطرمَّاح:
عقائل رملةٍ نازَعْنَ منها *** دُفوفَ أقاحِ مَعهودٍ وَدينِ([17])
المعهود: الممطور. وأنشد ابنُ الأعرابيّ:
* ترى السَّحاب العَهْد والفتوحا([18]) *
الفتوح: جمع فتح، وهو المطر الواسع. وقال غير هؤلاء: العِهاد: أوّل الرَّبيع قبل أن يشتد القُرّ، الواحد عَهْدة. وكان بعض العربِ يقول: العِهاد من الوسميِّ وأوائل الأمطار يكون ذُخْراً في الأرض، تَضرب لها العروقُ، وتُسْبِط([19]) الأرض بالخضرة، فإنْ كانت لها أَوَلِيَةٌ وتَبِعات فهي الحَياء، وإلاَّ فليست بشيء.
ويقولون: كان ذلك على عَهِد فُلانٍ وعِهْدانِه. وأنشدوا:
* لستَ سُليمانُ كعِهْدانِك *
(عهر) العين والهاء والراء كلمة واحدة لا تَدُلّ على خير، وهي الفجور. قال الخليل وغيره: العَهرُ: الفجور. والعاهر: الفاجر. يقال عَهِر وعَهَر عَهْراً وعُهُوراً([20]) ، إذا كان إتيانه إياها [لَيلاً]. وفي الحديث: "الولد للفراش وللعاهر الحَجَرُ"، لاحظَ له في النَّسَب([21]) . قال:
لا تلجئنْ سِرّاً إلى خائن *** يوماً ولا تَدْنُ إلى العاهِرِ(4/139)
قال يعقوب: العُهور يكون بالأمة والحُرَّة، والمساعاة لا تكون إلاّ بالإماء.
ومما جاء في هذا الباب نادراً شيءٌ حُكِي عن المُنْتَجِع، قال: كلُّ مَن طلب الشَّرَّ ليلاً من سَرْقٍ أو زِنَى فهو عاهر. ويقولون –وهو من المشكوك فيه- إنّ العاهِر: المسترخي الكسلان([22]) .
(عهق) العين والهاء والقاف ليس له قياسٌ مطرد، وقد ذُكِرت فيه كلماتٌ لعلَّها، والله أعلمُ، أن تكونَ صحيحة. ولولا ذكرُهُم لها لكان إلغاؤُها عندنا أولَى. قال الخليل: العَوهق، على تقدير فَوْعل، هو الغراب الأسود الجَسيم. ويقال هو البعير الأسود. وهو أيضاً لونُ اللاَّزَوَرْد. ويقولون: العَوْهق: فحلٌ كان في الزَّمن الأول، تُنْسب إليه كرام النَّجائب. قال رؤبة:
* قرواء فيها من بَنات العَوْهقِ([23]) *
قال: والعوهق: الثُّور الذي لونُه إلى سواد. والعوهق: الخُطّاف الجَبَليّ. قال:
* فهْيَ ورقاء كلون العَوهقِ([24]) *
ويقال: بعيرٌ عَوهقٌ، أي طويل. قال:
تراخى به حبُّ الضحاءِ وقد رأى *** سَماوةَ قَشْراءِ الوظيفينِ عَوهقِ([25])
قال الخليل: العَوْهقانِ: كوكبانِ إلى جنب الفرقدين على نَسَقٍ([26]) ، وطريقُهما ممّا يلي القُطْب وأنشَد:
بحيثُ بارى الفرقدانِ العوهقا([27]) عندَ مسدِّ القُطْبِ حين استوسَقَا([28])
وقال أيضاً: العَيْهقَة: عَيْهَقة النَّشاط والاستنان. قال:
* إنَّ لرَيعانِ الشَّبابِ عَيْهقَا([29]) *
قال ابن السِّكّيت: العوهق: خيار النَّبْع ولُبابُه، يُتَّخذ منه القِسِيّ. قال:
* وكلَّ صفراءَ طروحٍ عوهقِ([30]) *
وعَوهقُ: اسم روضة. قال ابن هَرْمة:
فكأنّما طُرقت بريَّا روضةٍ *** من رَوض عَوْهَقَ طَلّةٍ مِعشابِ
(عهل) العين والهاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انطلاقٍ وذَهاب وقلّة استقرار. قال الخليل: العَيْهلُ: النّاقةُ السَّريعة. قال:
مُخْلَصةَ الأنْقاء والزَّعُوما([31])
زجَرْتُ فيها عَيْهلاً رَسُوماً([32])(4/140)
وقال ابنُ الأعرابيِّ مثلَ ذلك، إلاّ أنَّه قال: وتكون([33]) مُسنّة شديدة. وقال أبو حاتم: يقال ناقة عَيهلةٌ وعيهلٌ، ولا يقال جملٌ عيهل. وأنشدوا:
*ببازلٍ وجناءَ أو عَيْهلِّ([34]) *
قالوا: شدَّد اللام للحاجة إلى ذلك. ويقال امرأة عَيْهلٌ وعَيْهلة جميعاً، إذا كانت لا تستقرُّ نزَقاً. وربما وصَفُوا الرِّيح فقالوا: عَهيلٌ. وهذا يدلُّ على صِحَّةِ هذا القياس. فأمَّا قولُهم للمرأة التي لا زوجَ لها: عاهل، وجمعها عواهل، فصحيح، وسمِّيت بذلك لأنَّه لا زوج لها يَقْصُرُها. وأنشد:
*مشى النِّساء إلى النِّساء عواهلاً *** من بين عارِفة السِّباءِ وأيّمِ([35])
ذهَبَ الرّماح ببعلها فتركنَه *** في صَدْرِ معتدل الكُعوب مقوَّمِ
وقال في العيهل أيضاً:
فنِعم مَناخُ ضِيفان وتَجْرٍ *** ومُلقَى رحْلِ عَيْهَلَةٍ بَجَالِ([36])
وبقى في الباب كلمةٌ إن كانت صحيحةً فليست ببعيدٍ من القياس الذي ذكرناه. حُكِيَ عن أبي عبيدة: العاهل: الملك ليس الذي فوقه أحدٌ إلا الله تعالى. يقال للخليفة: عاهل. فإن كان كذا فلأنه لابدَّ له من الخَلْق فوق يَدِه تمنعُه.
(عهم) العين والهاء والميم قريبٌ من الذي قبلَه، وليس ببعيدٍ أن يكون من الإبدال. قال الخليل: العَيْهَامة: الناقة الماضية. وأنشد:
ورَدْتُ بعيهامَةٍ حُرَّةٍ *** فَعَبَّتْ يميناً وعبّت شِمالا([37])
ويقولون: إنَّها كاملة الخَلْق أيضاً. قال:
مُدَامَجِ الخَلْقِ دِرَفْسٍ مِسْعامْ([38])
مُستَرْعَفَات بِخِدَبٍّ عَيْهام([39])
قال أبو زيد: ناقةٌ عيهمَة: نجيبةٌ سريعة. ويقولون: إنَّها تَعْطَش سريعاً، والجمع عياهيم. قال ذو الرُّمة:
هيهاتَ خَرقاءُ إلاّ أنْ يقرِّبَها *** ذو العَرش والشَّعشعاناتُ العياهيمُ([40])
وأنشد أبو عمرو:
عَيْهَمة يَنْتَحي في الأرضِ مَنْسِمُها *** كما انتحَى في أديم الصِّرْف إزمِيلُ([41])(4/141)
قال أبو عمرو:عَيْهَمتُها: سُرْعَتُها.وربما قالوا: عُيَاهِمَة على وزن عُذافِرَة([42]) .ومما شذَّ عن هذا الأصل: عَيْهَم: اسم موضع. قال:
* وللِعراقيِّ ثنايا عَيْهَمِ([43]) *
ويقولون: العَيهوم: أصل شجرة. ويقولون هو الأديم الأحمر([44]) . قال أبو دواد:
فتعفَّتْ بعد الرَّبابِ زماناً *** فهي قفرٌ كأنَّها عَيْهُومُ([45])
فأمّا قول القائل:
* وقد أُثير العَيهمانَ الرَّاقدا([46]) *
فيقولون: إنَّه الذي لا يُدلج، يقام على ظَهْرِ الطَّريق.
(عهن) العين والهاء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ وسُهولة وقِلّة غذاء في الشيء.
قال الخليل: العاهن: المال الذي يتروَّح على أهله، وهو العتيد([47]) الحاضر. يقال: أعطاه من عاهِنِ مالِهِ. وأنشد:
فقتلٌ بقتلانا وسَبْيٌ بسَبْيِنا *** ومالٌ بمال عاهنٍ لم يفرَّقِ
قال الشَّيبانيّ: العاهن: العاجل: يقال: ما أَعْهَن ما أتاك. قال: ويقولون: أبعاهِنٍ بعتَ أم بِدَين. قال ابنُ الأعرابيّ: يقال عاهن، إذا كان في يدك تَقدِر عليه، وقد عَهِنَ يَعْهَن عُهوناً، وأنشد للشاعر([48]) :
ديارُ ابنةِ الضَّمريِّ إذ وصل حبلها *** متينٌ وإذ معروفها لك عاهن([49])
أي حاضرٌ مقيم. قال أبو زيد: عَهَنَ من فلانٍ خَيْرٌ أو خَبَر –أنا أشكُّ في ذلك- يعهَنُ عُهوناً، إذا خرج منه. قال النَّضر: يقال: اعْهِنْ له أي عَجِّلْ له. وقد عَهَنَ له ما أراد. قال ابن حبيب: يقال هو يُلقِي الكلامَ على عواهنه، إذا لم يبال كيف تكلَّم. وهذا قياسٌ صحيح، لأنَّه لا يقوله بتحفُّظ وتثبُّت. وربما قالوا: يرمي الكلام على عواهنه، إذا قاله بما أدّاه إليه ظنُّه من دون يقين. وهو ذلك المعنى.(4/142)
ومن هذا الباب: قضيبٌ عاهن، أي متكسِّر مُنْهصِر. ويقال: في القضيب عُهْنَةٌ، وذلك انكسارٌ من غير بَيْنُونة إذا نظرتَ إليه حسبتَه صحيحاً، وإذا هززتَه انثنَى. ويقال للفقير: عاهنٌ من ذلك. وربما قالوا عَهَنْتُ القضيب أَعْهِنُه عَهْناً. فأمَّا الذي يُحْكى عن أبي الجرّاح أنّه قال: عَهَنْت عواهن النخل، إذا يَبِسَت تَعْهِنُ عُهوناً، فغلَط، لأنَّ القياس بخلاف ذلك. قال ابن الأعرابي: عواهن النخل: ما يلي قُلْبَ النَّخلة من الجريد. وهذا أصحُّ من الأول وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام [أنّه] قال لبعض أصحابه: "ائتني بسَعَفٍ واجتنب العواهن"؛ لأنّها رطبة([50]) . قال بعض أهل اللُّغة: أهل الحجاز يسمُّون السَّعَفات التي تلي القِلَبَة([51]) : العواهن؛ لأنَّها رطبةٌ لم تشتدّ. فأمَّا قولهم إنَّ العاهن: الحابس، وإنشادهم للنابغة:
أقول لها لمَّا ونت وتخاذلتْ *** أجِدِّي فما دون الجَبَا لك* عاهنُ
فهو عندنا غلطٌ، وإنَّما معناه على موضوعِ القياس الذي قسناه، أنَّ ما دون الجَبا([52]) ممكن غير ممنوع، أي السَّبيل إليه سهل. ويكون "ما" في معنى اسم.
ومن الباب إن كان صحيحاً ما رواه ابنُ السِّكِّيت، أنّ العواهنَ: عروقٌ في رحم النَّاقة. وأنشَدَ لابن الرِّقاع:
أوْكَتْ عليها مَضِيقاً من عواهنها *** كما تضَمَّنَ كَشْحُ الحُرّة الحَبَلا([53])
كأنّه شبَّه تلك العروقَ بعواهن النَّخل. وأما العِهْن، وهو الصُّوف المصبوغ، فليس ببعيدٍ أنْ يكون من القياس؛ لأنَّ الصَّبْغَ يليّنه. والله أعلم.
ــــــــــــــــــــ
([1]) هو محمد بن حمران بن أبي حمران الجعفي، المعروف بالشويعر (اللسان عهب) .
([2]) في الأصل: "وأدركت ثأري"، صوابه اللسان.
([3]) الرجز في اللسان (عهب) والمخصص (3: 160/ 15: 206) .
([4]) في الأصل: "عوهجاء".
([5]) ديوان العجاج 7. وأولهما في اللسان (سبج).
([6]) لرؤبة في ديوانه 71 واللسان والمجمل (عهج، نسس).(4/143)
([7]) ديوان رؤبة 149 وأساس البلاغة (عهد). ونسب في اللسان (عهد) إلى ذي الرمة خطأ.
([8]) ديوان الطرماح 112 واللسان (عهد). ورواية الديوان: "يصيره الله إليه". وقبله:
عجباً ما عجبت للجامع الما *** ل يباهي به ويرتفده ...
([9]) أنشده في اللسان (عهد) والمخصص (13: 109). ونسبه الزمخشري في أساس البلاغة إلى نصر بن سيار.
([10]) في الأصل: "ومن الباب ومنه".
([11]) الذي سبق ذكره هو "أبو حاتم" لا النضر. فلعل الكلام قبله: "قال أبو حاتم والنضر".
([12]) في اللسان: "واستعهد من صاحبه: اشترط عليه وكتب عليه عهدة".
([13]) لجرير في ديوانه 83 من قصيدة يهجو بها الفرزدق حين تزوج بنت زيق، كما في اللسان (عهد) والرواية فيهما: "من ذي ختونة"، وهي أيضاً رواية اللسان (ختن). ورواية أساس البلاغة تطابق ما في المقاييس.
([14]) في الأصل: "انتهيناه".
([15]) في الأصل: "فأتيها".
([16]) في الأصل: "ودنونته".
([17]) ديوان الطرماح 177 واللسان (ودن).
([18]) كذا في الأصل. وفي المخصص (9: 117): "يرعى السحاب"، وفي (10: 172): "ترعى جميم العهد"، ثم قال: "ورواه الأصمعي بالياء". وفي اللسان (فتح) :
كأن تحتي مخلفاً قروحا *** رعى غيوث العهد والفتوحا ...
([19]) الإسباط: الامتداد. وفي الأصل: "وتسليط".
([20]) ضبط في اللسان والقاموس من باب منع، ومصدره العهر، بالفتح، وبالكسر، وبالتحريك. ومثله العهارة والعهور والعهورة. وجعله في المصباح المنير من بابي تعب وقعد.
([21]) في اللسان: "أبوعبيد: معنى قوله وللعاهر الحجر، أي لا حق له في النسب، ولا حظ له في الولد، وإنما هو لصاحب الفراش".
([22]) هذا المعنى لم يرد في المعاجم المتداولة.
([23]) في اللسان (عهق): * فيهن حرف من بنات العوهق *
([24]) في اللسان: "وهي وريقاء".(4/144)
([25]) البيت لزهير في ديوانه 249. وقيل إن قصيدة البيت مشتركة بين زهير وولده كعب بن زهير، كما نص الديوان. وقد ورد البيت محرفاً في الحيوان (4: 355). وانظر الأغاني (15: 141-142). في الأصل: "حد الضحاء" و "سمامة قشراء"، صوابه من الديوان.
([26]) في الأصل: "على شق"، صوابه في اللسان والقاموس.
([27]) في الأصل: وكذا في الأزمنة والأمكنة (2: 374): "العوهقين الفرقدا"، ولا يستقيم به الرجز، وصوابه في اللسان (عهق).
([28]) "عند مسد القطب"، كذا وردت أيضاً في الأزمنة والأمكنة. وفي اللسان: "عند مسك القطب".
([29]) لرؤبة في ديوانه 109.
([30]) قبله في اللسان (عهق) :
إنك لو شاهدتنا بالأبرق *** يوم نصافي كل غضب مخفق ...
([31]) البيت في اللسان (عهل، زعم، جهم) وقبله، كما في المادتين الأخيرتين:
* وبلدة تجهم الجهوما *.
وقد سبق إنشاد هذا في (جهم).
([32]) البيت في اللسان (زعم) والمخصص (7: 72).
([33]) في الأصل: "ويقول".
([34]) لمنظور بن مرثد الأسدي، كما في اللسان (طول، قتل، عطبل، خلل، عهل، كلل)، من أرجوزة رواها ثعلب في مجالسه 601-604. وانظر لهذا البيت نوادر أبي زيد وسيبويه (2: 282).
([35]) البيت في المجمل، مع سقوط كلمة "إلى النساء" منه.
([36]) البيت في اللسان (عهل) برواية: "وملقى زفر". والزفر: الحمل.
([37]) في الأصل: "وهبت شمالا".
([38]) الخدب: الشديد الصلب الضخم القوي. وفي الأصل: "بحدب"، تحريف.
([39]) كلمة "مسعام" وردت في القاموس ولم ترد في اللسان. قال في القاموس: "وسيل مسعام، كمحراب أو مشعان: سريع".
([40]) ديوان ذي الرمة 579 واللسان (شعع، عهم). وقد سبق في (شع) .
([41]) البيت لعبدة بن الطبيب في المفضليات (1: 136) واللسان (زمل) وفي اللسان: "عيرانة".
([42]) أورد صاحب اللسان "عياهم" فقط، وطعن عليه واقتصر صاحب القاموس على "عياهمة".(4/145)
([43]) للعجاج في ديوانه 16 واللسان (عهم). وفي معجم البلدان (عيهم): "وللعراقيين في ثنايا". وفي الأصل: "وللعراق في ثنايا"، صوابهما في الديوان واللسان.
([44]) وكذا في المجمل. وزاد في القاموس: "أو الأملس". واقتصر في اللسان على قوله: "والعيهوم: الأديم الأملس".
([45]) البيت في اللسان (عهم).
([46]) أنشده في اللسان (عهم).
([47]) في الأصل: "القيد".
([48]) هو كثير، كما في اللسان (عهن).
([49]) كذا. وفي اللسان: "إذ حبل وصلها".
([50]) لأنها رطبة، ليست في اللسان، وأراها مقحمة. انظر ما يلي.
([51]) في الأصل: "القبلة"، تحريف. والقلبة، بكسر القاف وفتح اللام: جمع قلب بتثليث القاف، وهو شحمة النخلة.
([52]) الجبا: اسم مكان. وفي الأصل: "الحياء".
([53]) في الأصل: "مصيفا"، صوابه من اللسان. ...
ـ (باب العين والواو وما يثلثهما)
(عوي) العين والواو والياء أصلٌ صحيح يدلُّ على ليٍّ في الشيء وعطْفٍ له.
قال الخليل: عَوَيت الحبلَ عَيَّا، إذا لويتَه. وعَوَيت رأس النّاقة، إذا عُجْتَه([1]) فانعوى. والناقة تَعْوِي بُرَتَها في سَيرها، إذا لوَتْها بخَطْمها. قال رؤبة:
* تَعوِي البُرَى مُستوفِضاتٍ وَفْضا([2]) *(4/146)
أي سريعات، يصف النُّوقَ في سَيرها. قال: وتقول للرّجُل إذا دعا النّاسَ إلى الفتنة: عوى قوماً، واستعوى. فأمَّا عُوَاء الكلب وغيرِه من السباع فقريبٌ من هذا، لأنّه يَلوِيه عن طريق النَّبْح. يقال عَوَتِ السِّباع تَعوِي عُواءً. وأمّا الكَلْبة المستحرِمة فإنَّها تسمَّى المعاوِيَة، وذلك من العُواء أيضاً، كأنَّها مُفاعلة منه. والعَوَّاء: نجمٌ في السماء، يؤنّث، يقال لها: "عوّاء البَرْد"، إذا طلعت جاءت بالبرد. وليس ببعيد أن تكون مشتقَّةً من العُواء أيضاً، لأنّها تأتي ببردٍ تعوي له الكلاب. ويقولون في أسجاعهم: "إذا طلعت العَوَّاء، جَثَمَ الشتاء، وطابَ الصِّلاء". وهي في هذا السَّجع ممدودة، وهي تمدُّ وتقصر. ويقولون على معنى الاستعارة لسافِلَة الإنسان: العَوَّاء([3]) . وأنشد الخليل:
قياماً يوارُون عَُوَّاتِهِمْ *** بشتمي وعَُوَّاتُهم أظهرُ([4])
ويروى: "عوراتهم". وقال أيضاً، أنشده الخليل:
فهلاَّ شدَدتَ العَقد أو بِتَّ طاويا *** ولم تَفْرِج العَوّا كما تُفْرَج القُلْبُ([5])
جمع قَليب.
ومن باب العُواء([6]) قولهم للراعي: قد عَاعَى يُعاعِي عاعاةً([7]) . [قال]:
* ولم أستعِرْها من مُعَاعٍ وناعِق([8]) *
(عوج) العين والواو والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيَلٍ في الشَّيء أو مَيْل، وفروعُه ترجع إليه.
قال الخليل: العَوْج: عطفُ رأسِ البعير([9]) بالزِّمام أو الخِطام. والمرأة تَعُوج رأسَها إلى ضجيعها. قال ذُو الرُّمَّة:
خليليّ عُوجَا بارَكَ الله فيكما *** على دارميٍّ من صُدور الرَّكائبِ([10])
وقال:
حتى إذا عُجْن من أجيادهنَّ لنا *** عَوْجَ الأَخشة أعناقَ العَناجيجِ([11])
يعني عطفَ الجواري أعناقَهنّ كما يَعطِف الخِشاش عُنقَ النّاقة. وكلُّ شيءٍ تعطفه تقول: عُجْتُه فانعاج. قال رؤبة:
* وانعاجَ عُودِي كالشَّظيفِ الأخْشَنِ([12]) *(4/147)
قال الخليل: والعَوَج: اسمٌ لازم لما تراه العُيون في قَضيبٍ أو خشَب أو غيرِه وتقول: فيه عَوَجٌ بيِّنٌ. والعَوَج: مصدر عَوِج يَعْوَج عِوَجاً. ويقال اعوجَّ يعوجُّ اعوِجَاجا وعَوَجاً. فالعَوَج مفتوح في كلِّ ما كان منتصباً كالحائط والعُود، والعِوَج ما كان في بساط أو أمرٍ نحو دينٍ ومَعاش. يقال منه عودٌ أعوجُ بيِّن العَوَج. والنَّعت أعوج وعَوْجاء، والجمع عُوجٌ. والعُوج من الخيل: التي في أرجلها تحنيب. وأمّا الخيل الأعوجيَّة فإنّها تُنسب إلى فرسٍ سابقٍ كان في الجاهليّة، والنِّسبة إليه أعوجيّ. ويقال: هو من بنات أعوج. وقال طفيل:
بَنات الوجيهِ والغُراب ولاحقٍ *** وأعوج تَنْمي نِسبةَ المتنسِّبِ([13])
ويمكن أن يكون سمِّي بذلك لتحْنيبٍ كان به. وأمّا قولُهم: ناقةٌ عاجٌ، وهي المِذعان في السِّير اللَّيِّنة الانعطاف، فمن الباب أيضاً. قال ذو الرُّمَّة:
تَقَدَّى بي الموماةَ عاجٌ كأنَّها *** أمامَ المطايا نِقْنِقٌ حين تُذعَر([14])
وإذا عطفوها قالوا: عاجِ عاجِ.
(عود) العين والواو والدال أصلان صحيحان، يدلُّ أحدهما على تثنيةٍ في الأمر، والآخر جنسٌ من الخشب.
فالأوَّل: العَوْد، قال الخليل: هو تثنية الأمر عوداً بعد بَدْء. تقول: بدأ ثُمَّ عاد. والعَوْدة: المَرّة الواحدة. وقولهم عاد فلانٌ بمعروفِه، وذلك إذا أحسَنَ ثم زاد. ومن الباب العِيادة: أن تعود مريضاً. ولآل فلانٍ مَعَادةٌ، أي أمر يغشاهم([15]) النَّاسُ له. والمَعَاد: كل شيء إليه المصير. والآخرة مَعادٌ للناس. واللهُ تعالى المبدِئ المُعيد، وذلك أنه أبدأَ الخلْقَ ثم يُعيدهم. وتقول: رأيتُ فلاناً ما يبدئ وما يعيد، أي ما يتكلم ببادئةٍ ولا عائدة([16]) . قال عبيد:
أقفر من أهله عبيدُ *** فاليومَ لا يُبدِي ولا يُعيدُ([17])(4/148)
والعِيد: ما يعتاد من خَيالٍ أو هَمٍّ. ومنه المعاوَدَة، واعتياد الرَّجل، والتعوُّد. وقال عنترةُ يصف ظَلِيماً يعتاد بيضَهُ كلَّ ساعة:
صَعْلٍ يعود بذِي العَشَيرةِ بيضَهُ *** كالعبد ذي الفَرْوِ الطّويلِ الأصلمِ([18])
ويقولون: أعادَ الصّلاةَ والحديثَ. والعَادة: الدُّرْبة. والتَّمادِي في شيء حتَّى يصير له سجيّةً. ويقال للمواظب على الشيء: المُعاوِد. وفي بعض الكلام: "الزموا تُقَى الله تعالى واستَعيدوها"، أي تعوَّدوها. ويقال في معنى تعوَّد: أعادَ. قال:
لا يستطيع جَرَّهُ الغَوامضُ ... *** الغَرب غَربٌ بقَرِيٌّ فارضُ
... إلاّ المُعيداتُ به النواهضُ([19])
يعني النوقَ التي استعادت النَّهْض بالدَّلو. ويقال للشجاع: بَطَلٌ معاوِدٌ، أي لا يمنعُه ما رآه شدّة الحرب أن يعاودها. والقياس في كلِّ هذا صحيح. فأمّا الجمَل المسِنُّ فهو يسمَّى عَوْداً. وممكنٌ أن يكون من هذا، كأنَّه عاوَدَ الأسفار والرِّحَلَ مرّةً بعد مرة.وقد أومأ الخليلُ إلى معنىً آخر فقال: هو الذي [فيه] بقيَّة. فإن كان كذا فلأنَّ لأصحابه([20]) في إعماله عَودةً. والمعنيان كلاهما جيِّدان.
وجمع الجَمَل العَوْد عِوَدة. ويقال منه: عوَّد يُعوِّد تعويداً، إذا بلغ ذلك الوقت. وقال:
هل المجدُ إلاّ السُّودَدُ العَوْد والنَّدَى *** ورأْبُ الثَّأَى والصبرُ عند المَوَاطِنِ([21])
وهذا على معنى الاستعارة، كأنّه أراد السودد القديم. ويقولون أيضاً للطّريق القديم: عَوْد. قال:
عَودٌ على عَوْد لأقوامٍ أُوَلْ *** يموتُ بالتَّرْك ويحيا بالعَمَلْ([22])
يعني بالعَود الجمل. على عَودٍ، أي طريق قديم. وكذلك الطريق يموت أو يَدرُس إذا تُرك، ويحيا إذا سُلِك. ومن الباب: العائدة، وهو المعروف والصِّلة. تقول: ما أكثَرَ عائدةَ فلانٍ علينا. وهذا الأمر أعْوَدُ من هذا، أي أرفَق.(4/149)
ومن الباب العِيد: كلُّ يومِ مَجْمَع. واشتقاقُه قد ذكره الخليل من عاد يَعُود، كأنَّهم عادُوا إليه. ويمكن أن يقال لأنَّه يعود كلَّ عامٍ. وهذا عندنا أصحُّ. وقال غيره، وهو قريب من المعنيين: إنّه سمِّي عيداً لأنَّهم قد اعتادوه([23]) . والياء في العِيد أصلها الواو، ولكنها قلبت ياءً لكسرة العين. وقال العجاج:
يعتادُ أرباضاً لها آرِيُّ([24]) *** كما يَعودُ العِيدَ نصرانيُّ
ويجمعون العيدَ أعياداً، ويصغرونه على التغيير عُيَيْد. ويقولون فحلٌ معيدٌ: معتاد للضِّراب. والعِيديَّة: نجائبُ منسوبة، قالوا: نسبت إلى عادٍ. والله أعلم.
وأمّا الأصل الآخَر فالعُود وهو كلُّ خشبةٍ دَقّت. ويقال بل كلُّ خشبة عُود. والعُود: الذي يُتبَخّر به، معروف.
(عوذ) العين والواو والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على معنىً واحد، وهو الالتجاء إلى الشَّيء، ثم يُحمَل عليه كلُّ شيء لصق بشيءٍ أو لازَمَه.
قال الخليل: تقول أعوذ بالله، جلَّ ثناؤُه، أي ألجأ إليه تبارك وتعالى، عَوْذاً أو عِياذاً. ذكر أيضاً أنّهم يقولون: فلانٌ عياذٌ لك، أي ملجأ. وقولهم: مَعاذَ الله، معناه أعوذ بالله. وكذا أستعيذ بالله. وقال *رسول الله صلى الله عليه وسلم للتي استعاذت منه: "لقد عُذْتِ بمَعَاذ". قال: والعُوذة والمَعَاذة: التي يُعوَّذ بها الإنسان من فَزَعٍ أو جُنون. ويقولون لكلِّ أنثى إذا وضعت: عائذ. وتكون كذا سبعةَ أيّام. والجمع عُوذ. قال لَبيد:
والعِينُ ساكنةٌ على أطلائِها *** عُوذٌ تأجّلُ بالفَضاء بِهامُها([25])
تأجَّلُ: تَصير آجالاً([26]) ، أي قُطُعاً. وإنّما سمِّيت لما ذكرناه من ملازمة ولِدها إيّاها، أو ملازمتها إيّاه.
(عور) العين والواو والراء أصلانِ: أحدهما يدلُّ على تداوُلِ الشّيء، والآخر يدلُّ على مرضٍ في إحدى عيني الإنسان وكلِّ ذي عينينِ. ومعناه الخلوُّ من النظر. ثم يُحمَل عليه ويشتقُّ منه.(4/150)
فالأوّل قولهم: تعاوَرَ القومُ فلاناً واعتورُوه ضرباً، إذا تعاوَنُوا، فكلّما كَفَّ واحدٌ ضَربَ آخر. قال الخليل: والتّعاوُرُ عامٌّ في كلِّ شيء. ويقال تعاوَرَت الرِّياحُ رسماً حَتَّى عَفَته، أي تواظبت عليه. قال الأعشى:
دِمنةٌ قفرةٌ تعاوَرَها الصَّيـ *** ـفُ بريحينِ من صبَاً وشَمالِ([27])
وحكى الأصمعيُّ أو غيره: تعوَّرنا العَوارِيَّ([28]) .
والأصل الآخر العَوَر في العين. قال الخليل: يقال انظُروا إلى عينه العَوراء. ولا يقال لإحدى العينين عَمْياء. لأنّ العَوَر لا يكون إلاّ في إحدى العينين. وتقول: عُرْت عينَه، وعَوّرت، وأعرت، كلّ ذلك يقال. ويقولون في معنى التشبيه وهي كلمةٌ عوراء. قال الخليل: الكلمة التي تهوي في غير عَقْلٍ ولا رَشَد. قال:
ولا تنطقِ العَوراءَ في القومِ سادراً *** فإنّ لها فاعلم من القوم واعيا([29])
وقال بعضهم: العَوراء: الكلمة القبيحة التي يَمتعض منها الرَّجُل ويَغضب. وأنشد:
وعوراءَ قد قِيلت فلم ألتفِتْ لها *** وما الكَلِمُ العَوْراء لي بقَبُولِ([30])
ومن الباب العَوَاء، وهو خرقٌ أو شَقٌّ يكون في الثَّوب.
ومن الباب العَوْرة، واشتقاقُها من الذي قدّمْنا ذكره، وأنّه ممّا حُمِل على الأصل، كأنَّ العورةَ شيءٌ ينبغي مراقبتُه لخلوّه. وعلى ذلك فُسِّرَ قوله تعالى: {يَقُولُونَ إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ومَا هِيَ بِعَوْرَةٍ} [الأحزاب 13]، قالوا: كأنَّها ليست بحَريزة([31]) . وجمع العَورةِ عَوْرات. قال الشَّاعر([32]) :
في جَميعٍ حافِظي عَوْراتهِمْ *** لا يهُمُّمون بإدعاقِ الشَّلَلْ([33])(4/151)
الإدعاق: الإسراع. والشَّلَل: الطَّرْد. ويقال في المكان يكون عورة: قد أَعْوَرَ يُعْوِر إعوارًا. قال الخليل: ولو قلت أعار يُعير إعارةً جاز في القياس، أي صار ذا عورةٍ. ويقال أعورَ البيتُ: صارت فيه عَورةٌ. قال الخليل: يقال: عَوِرَ يَعْوَرُ عَوَراً. فعورةٌ، في قوله تعالى: {إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ} [الأحزاب 13]، قال الخليل: نعتٌ يخرجُ على العِدَّة والتّذكير والتّأنيث، وعورةٌ مجزومة على حالٍ واحد في الجمع والواحد، والتأنيث والتذكير، كقولك رجلٌ صوم وامرأة صوم، ورجالٌ صَوم ونساءٌ صوم. فأمّا قولهم إنّ العَوَر تَرْكُ الحقّ، وإنشادُهم قول العجّاج:
قد جبَرَ الدِّينَ الإلهُ فجبَرْ *** وعَوّرَ الرّحمنُ مَنْ ولّى العَوَرْ([34])
فالقياس غير مقتضٍ للَّفظ الذي ذُكر من ترك الحقّ، وإنما أراد العجّاج العَوَر الذي هو عَوَرُ العين، يضربُه مثلاً لمن عَمِيَ عن الحق فلم يهتدِ له.
وأما قولُ العرب: إنّ لفلان من المال عائرةَ عينٍ، يريدون الكثرة، فمعناه المعنى الذي ذكرناه، كأنَّ العينَ تَتحيَّر عند النظر إلى المال الكثير فكأنَّها عَوْرة. ويقولون عوَّرْتُ عينَ الركِيَّة، إذا كبَسْتَها حتى نَضَب الماء. والمكانُ المُعْوِر: الذي يُخاف فيه القَطْع.
(عوز) العين والواو والزاء كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على سوءِ حالٍ. من ذلك العَوَز: أن يُعوز الإنسانَ الشيءُ الذي هو محتاجٌ إليه، يرومُه ولا يتهيَّأ له.
يقال: عازَني([35]) . وأعْوَز الرّجُل: ساءت حالُه. ومن الباب المِعْوَز، والجمع مَعَاوِز، وهي الثِّياب الخُلْقَان والخِرَقُ التي تدلُّ على إعواز صاحِبها. قال الشّماخ:
إذا سقط الأنداء صِينَتْ وأُشْعِرَتْ *** حَبِيراً ولم تُدْرَجْ عليها المَعَاوِزُ([36])
فأمّا العزّة([37]) …
(*عوس) العين والواو والسين كلمةٌ قد ذكرها أهلُ اللُّغة، وقياسُها قياسٌ صحيح بعيد. قالوا: العَوَاساء: الحامل من الخنافس، وأنشدوا:(4/152)
* بِكراً عَوساءَ تَفَاسَى مُقْرِبا([38]) *
أي دنا أن تضع حَمْلها. ويقولون: العَوَسانُ والعَوْس: الطّوَفان باللّيل. ويقولون أيضاً: الأعوس: الصَّيْقَل. والأعوس: الوصَّاف للشيء. وكلُّ هذا مما لا يكاد القلبُ يسكُن إلى صحَّته.
(عوص) العين والواو والصاد أُصيلٌ يدلُّ على قِلّة الإمكان في الشيء. يقال اعتاصَ الشيءُ، إذا لم يُمكِنْ. والعَوَص مصدر الأعوص والعَويص. ومنه كلامٌ عويص، وكلمةٌ عَوصاء. وقال:
* أيُّها السَّائلُ عن عوصائها *
ويقال أعْوَص في المنطق وأعْوَص بالخَصْم([39]) ، إذا كلّمهُ بما لا يَفْطِن له. قال لبيد:
فلقد أَعْوِصُ بالخَصْم وقد *** أملا الجَفْنَة من شحم القُلَلْ([40])
ومن الباب: اعتاصت الناقة، إذا ضربها الفحل فلم تحمِل من [غير([41]) ] عِلّة.
(عوض) العين والواو والضاد كلمتان صحيحتان، إحداهما تدلُّ على بدل للشيء، والأخرى على زمان.
فالأولى: العِوَض، والفعل منه العَوْض، قال الخليل: عاضَ يَعُوضُ عَوْضاً وعِياضاً، والاسم العِوَض، والمستعمل التَّعويض([42]) ، تقول: عوّضتُه من هِبَته خيراً. واعتاضَنِي فلانٌ، إذا جاء طالباً للعِوَض والصِّلَة. واستعاضني، إذا سألك العِوَض. وقال رؤبة:
نعم الفتى ومَرْغَبُ المعتاضِ *** والله يجزي القَرْض بالإقراضِ([43])
وتقول: اعتضت ممّا أعطيتُ فلاناً وعُضْت، أصبت عِوَضاً. وقال:
يا ليلَ أسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ *** هل لكِ والعارضُ منك عائضُ
* في مائةٍ يُسْئرُ منها القابضُ([44]) *
ومعناه أنّه خَطَبها على مائةٍ من الإبل ثم قال لها: وأنا آخُذُك فأنا عائض، قد عُضْت، أي صار الفَضْلُ لي والعِوَضُ بأخْذِيكِ.(4/153)
والكلمة الأخرى: قولهم عَوْضُ، واختُلِفَ فيها، فقال قوم هي كلمةُ قَسمٍ. وذُكر عن الخليل أنَّه قال: هو الدهر والزَّمان. يقول الرجلُ لصاحبه: عَوْضُ لا يكون ذلك، أي أبداً. ثم قال الخليل: لو كان عَوْضُ اسماً للزَّمان لَجَرَى بالتنوين([45]) ، ولكنه حرفٌ يراد بها القَسَم، كما أنَّ أجَلْ ونَعَمْ ونحوهما لمّا لم يتمكَّنُ حُمِلَ على غير الإعراب. وقال الأعشى:
رَضِيعَيْ لِبَانٍ ثديَ أمٍّ تقاسما *** بأسحَمَ داجٍ عَوْضُ لا نتفرَّقُ([46])
والله أعلم بالصواب([47])
ـــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "عجبتها"، صوابه من المجمل.
([2]) ديوان رؤبة 80 واللسان (وفض، عوى) .
([3]) وردت في المجمل بالقصر، وقال: "لا أعلمها إلا مقصورة". وكذا جاءت في اللسان مقصورة، وفي القاموس بالقصر والمد.
([4]) هذا لا يصلح شاهداً لما قبله، وإنما هو شاهد للعوة بضم العين وفتحها.
([5]) أنشده محرفاً في اللسان (عوى).
([6]) في الأصل: "وهو من باب العواء".
([7]) ويقال أيضاً: "معاعاة".
([8]) صدره كما في اللسان (عوى) : * وإن ثيابي من ثياب محرق *
([9]) في الأصل: "عطف إلى رأس البعير"، صوابه في المجمل واللسان.
([10]) ديوان ذي الرمة 54.
([11]) ديوان ذي الرمة 72 واللسان (عوج). وصواب إنشاده: "تسقي". ومفعوله هذا الفعل قوله في البيت التالي:
صوادي الهام والأحشاء خافقة *** تناول الهيم أرشاف الصهاريج
([12]) ديوان رؤبة 161 واللسان (عوج، شظف).
([13]) ديوان طفيل 22 واللسان (وجه) وخيل ابن الكلبي 9.
([14]) البيت ليس في ديوان ذي الرمة ولا ملحقاته. انظر قصيدته على هذا الروي في 222-239. وأنشد صدره في اللسان (عوج) محرفاً.
([15]) في الأصل: "يغشيهم". وفي اللسان: "أي مصيبة يغشاهم الناس في مناوح أو غيرها، يتكلم به النساء. يقال خرجت إلى المعادة والمعاد والماثم".
([16]) في الأصل: "ولا عادية"، صوابه في اللسان.
([17]) ديوان عبيد 3.(4/154)
([18]) البيت من معلقته المشهورة.
([19]) الرجز في اللسان (عود، غمض) والمخصص (12: 75).
([20]) في الأصل: "إلى أصحابه".
([21]) البيت للطرماح في ديوانه 173 واللسان (عود).
([22]) الرجز ليشير بن النكث، كما في اللسان (عود).
([23]) في الأصل: "اعتادوهم".
([24]) صوابه إنشاده: "واعتاد" كما في ديوان العجاج 69 واللسان (عود).
([25]) من معلقته المشهورة.
([26]) الآجال: جميع إجل بالكسر، وهو القطيع. وفي الأصل"، أجلالاً"، تحريف.
([27]) ديوان الأعشى 3 واللسان (عور).
([28]) ويقال أيضاً: تعاورنا العواري تعاوراً. وقد اقتصر على هذه اللغة في المجمل.
([29]) في الأصل: "أوعيا".
([30]) البيت لكعب بن سعد الغنوي، من قصيدة له في الأصمعيات 60-61 ليبسك. وروايته هنا تطابق روايته هناك. وأنشده في اللسان (عور) بدون نسبة برواية: "وما الكلم العوران لي بقتول". وقال: "وصف الكلم بالعوران لأنه جمع وأخبر عنه بالقتول وهو واحد لأن الكلم يذكر ويؤنث، وكذلك كل جميع لا يفارق واحده إلا بالهاء لك فيه كل ذلك".
([31]) حريزة أي حصينة، وفي الأصل: "بجزيرة"، تحريف.
([32]) هو لبيد، كما سبق في حواشي (دعق)، والبيت ليس في ديوانه. وقد سبق إنشاد عجزه في (دعق، شلل).
([33]) لابن منظور كلام على البيت في (دعق).
([34]) مطلع أرجوزة له في ديوانه 15 يمدح بها عمر بن عبيد الله بن معمر.
([35]) في اللسان: "قال ابن سيده: يقال عازني الشيء وأعوزني: أعجزني على شدة حاجة".
([36]) ديوان الشماخ 50 واللسان (حبر) وشروح سقط الزند 419، 1554.
([37]) كذا في الأصل. ولعله يريد: "فأما العوز، وهو الحب من العنب فقد سبق قولنا إن أسماء النبات ليس مما يطرد فيه القياس".
([38]) الحيوان (3: 501) واللسان (عوس، فسى) والمخصص (2: 18) والمقصور والممدود لابن ولاد 78 والغريب المصنف 157، 244 مخطوطة دار الكتب.
([39]) في الأصل: "بالختم"، صوابه في اللسان.(4/155)
([40]) ديوان لبيد 12 طبع سنة 1881 واللسان (عوص).
([41]) التكملة من اللسان. وفي المجمل: "فلم تحمل ولا علة بها".
([42]) أي الذي يكثر استعماله، هو عوضه لا عاضه. وهذه العبارة تصحح ما في اللسان (عوض) من قوله: "والمستقبل التعويض" وقد حار فيها مصححه.
([43]) ديوان رؤبة 82. وهو في اللسان بدون نسبة.
([44]) لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (عوض). وانظر المخصص (12: 251).
([45]) في الأصل: "يجري بالتنوين"، صوابه من المجمل.
([46]) ديوان الأعشى: 150 واللسان (سحم، عوض)، وقد سبق إنشاده في (سحم)
([47]) أهمل المصنف بعد هذا بعض المواد من باب العين والواو، وهي كما في المجمل (عوف)، (عوق)، (عول)، (عوم)، (عون)، (عوه) . ...
ـ (باب العين والياء وما يثلثهما)
(عيب) العين والياء والباء أصلٌ صحيح، فيه كلمتان: إحداهما العَيب والأخرى العَيْبة، وهما متباعدتان.
فالعَيب في الشيء معروفٌ. تقول: عابَ فلان فلاناً يَعيبُه. ورجلٌ عَيَّابةٌ: وَقَّاعٌ في الناس. وعابَ الحائطُ وغيرهُ، إذا ظهر فيه عَيب. والعاب: العيب([1]) .
والكلمة الأخرى العَيْبَة: عَيْبَة الثيابِ وغيرها، وهي عربيَّة صحيحة.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الأنصارُ كَرِشي وعيْبَتِي"، ضربها لهم مثلاً، كأنهم موضعُ سِرّه والذين يأمَنُهم على أمره.
(عيث) العين والياء والثاء أصلان صحيحان متقاربان، أحدهما: الإسراع في الفساد، والآخَر تطلُّب الشيء على غير بَصيرة.
فالأوّل قولهم: عاثَ يَعِيث، إذا أسرع في الفساد. ويقولون: هو أعْيَثُ الناسِ في ماله. والذِّئب يَعيث في الغَنم، لا يأخذ منها شيئاً إلاّ قتلَه([2]) . قال:
قد قلتُ للذِّئبِ أيا خبيثُ *** والذّئب وسْطَ غنمي يَعِيثُ([3])
والأصل الآخر: التَّعييث، قال الخليل: هو طلب الأعمى للشيء والرَّجُلِ في الظُّلمة. ومنه التعييث: إدخال اليد في الكِنانة تطلُب سهْماً([4]) . قال أبو ذؤيب:(4/156)
وبدا له أقرابُ هادٍ رائغٍ *** عجِلٍ فَعيَّث في الكنانة يُرْجِعُ([5])
وقال ابن أبي عائذ:
فعيَّثَ ساعةَ أقفَرنَه *** بالايفاقِ والرَّمْي أو باستلالِ([6])
(عيج) العين والياء والجيم أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على إقبال واكتراثٍ للشيء. يقولون: ما عِجْتُ *بقول فلانٍ، أي لم أصَدِّقْه ولم أُقْبِلْ عليه. وما أَعِيج بشيء يأتيني مِن قِبَلِه. قال النابغة:
فما رأيت لها شيئاً أَعِيجُ به *** إلا الثُّمامَ وإِلاّ موقدَ النّارِ([7])
(عيد) العين والياء والدال قد مضى ذكره في محلِّه، لأن ذلك هو الأصل.
(عير) العين والياء والراء أصلانِ صحيحان، يدل أحدُهما على نتوِّ الشيء وارتفاعه، والآخر على مجيءٍ وذَهاب.
فالأوَّل العَيْر، وَهو العَظْم الناتئ وَسْط الكتِف، والجمع عُيورة([8]) . وعير النَّصل: حرف في وَسَطه كأنّه شَظِيّة. وقال:
فصادف سَهْمُهُ أحجارَ قُفٍّ *** كَسَرْنَ العَيْرَ منه وَالغِرارا([9])
والغِرار: الحَدّ. وَالعَيْر في القَدَم: العظم النّاتئ في ظهر القَدَم. وحُكي عن الخليل: العير: سَيِّد القوم. وهذا إن كان صحيحاً فهو القياس، وذلك أنّه أرفَعُهم منزلةً وأنْتَأ. قال: ولو رأيتَ في صخرةٍ نتوءاً، أي حرفاً ناتئاً خِلقةً، كان ذلك عَيْراً.
والأصل الآخر العَيْر: الحِمار الوحشيّ والأهليّ، والجمع الأعيار والمعيوراء. وإنما سمي عَيْرَاً لتردُّده ومجيئِه وذَهابه. قال الخليل: وكلماتٌ جاءت في الجمع عن العرب في مفعولاء: المَعْيوراء، والمَعْلوجاء، والمَشيُوخاء. قال: ويقولون مَشْيَخَة على مَفْعَلَة. ولم يقولوا مثلَه في شيءٍ من الجمع. ومما جاء من الأمثال في العَيْر: "إذا ذَهَبَ عَيْرٌ فعَيْرٌ في الرِّباط". وإنسان العَينِ عَيرٌ، يسمِّى لما قلناه من مجيئه وذَهابه وَاضطرابِه. وقال الخليل: في أمثالهم: "جاء فلانٌ قيل عَيْرٍ وما جَرَى" يريدون به السُّرعة، أي قبل لحظِ العين. وَأنشد لتأبّط شرَّاً:(4/157)
ونار قد حضأتُ بُعيد هُدءٍ *** بدارٍ ما أُريدُ بها مُقاما([10])
سوى تحليلِ راحلةٍ وعيرٍ *** أُغالِبُه مخافةً أن يناما ...
وقال الحارث بن حِلّزة:
زعموا أنّ كل من ضرب العيـ *** ـرَ مُوَالٍ لنا وَأنَّى الوَلاء([11])
أي أنّ كلّ من طرف جفنٌ [له] على عَيرٍ، وَهو إنسان العين. والعِيار: فِعلُ الفرس العائر. يقال: عَار يَعير، وهو ذَهَابُه كأنّهُ متفلِّتٌ من صاحبه يتردّد. وقصيدةٌ عائرة: سائرة. وما قالت العربُ بيتاً أعيَرَ من قوله:
فمن يلقَ خيراً يحمَدِ الناسُ أمرَه *** ومن يَغْوِ لا يَعْدَم على الغَيِّ لائما([12])
يعني بيتاً أسيَرَ.
(عيس) العين والياء والسين كلمتان: إحداهما لونٌ أبيض مُشْرَبٌ، والأخرى عَسْب الفحل.
قال الخليل: العَيَس والعِيسَة([13]) : لونٌ أبيضٌ مشربٌ صفاءً في ظلمةٍ خفيَّة. جملٌ أعْيَسُ وناقةٌ عيساء؛ والجمع عِيس. قال أبو دُواد:
وعيس قد بَرَاها لـ *** ـذّة المَوْكِب والشَّرْبِ
وقال آخر في وصف الثَّور:
* وعانَقَ الظِّلَّ الشّبُوبُ الأعْيَسُ([14]) *
قال: والعرب قد خصّت بالعَيَس الإِبل العِرَاب([15]) البيضَ خاصّة. والعِيسَة في أصل البناء الفُعْلة، على قياس الصُّهْبَة والكُمْتة، ولكن كسرت العين لأجل الياء بعدها. ويقولون: ظبيٌ أعْيَسٌ. وفي الذي([16]) ذكره في الظَّبي والشّبوب الأعيس، خلافٌ لما قالَه من أنّ العرب خَصّت بالعَيَسِ الإِبلَ العِرَابَ([17]) البيضَ خاصّة.
والكلمة الأخرى العيْس: ماء الفحل. قال الخليل: العَيْس: عَسْب الفحل، وهو ضِرابُه. يقال: لا تأخُذْ على عَيْس جملِك أجراً. وهذا الذي ذكره الخليلُ أصحُّ.(4/158)
(عيش) العين والياء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على حياةٍ وبقاء، قال الخليل: العيش: الحياة. والمعيشة: الذي يعيش بها الإنسان: من مطعمٍ ومشربٍ وما تكون به الحياة. والمعيشة: اسمٌ لما يعاش به. وهو في عِيشةٍ ومَعيشةٍ صالحة. والعِيشة مثل الجِلْسة والمِشْية. والعَيْش: المصدر الجامع. والمعاش يجري مجرى العَيْش. تقول عاشَ يَعِيشُ عَيْشاً ومعاشاً. وكلُّ شيء يُعاش به أو فيه فهو مَعاشٌ. قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً} [النبأ 11]، والأرضُ مَعاشٌ للخلق، فيها يلتمسون معايِشَهم. وذكر الخليل أنّ المعيشَ بطرح الهاء يقوم في الشِّعر مقامَ المَعيشة، *وأنشد لحُميد:
إزاءُ مَعِيشٍ ما تحلُّ إزارها *** من الكَيْسِ فيها سَوْرَة وهي قاعدُ([18])
والناس يروونه: "إزاءُ مَعاشٍ". وقال بعضهم: عاش فلانٌ عَيْشُوشةً صالحة، وإنّهم لمتعيِّشون، إذا كانت لهم بُلْغةٌ من عَيش. ورجل عائِشٌ، إذا كانت حالُه حسنةً.
(عيص) العين والياء والصاد أصلٌ صحيح، وهو المَنْبِت. قال الخليل. العِيص: مَنْبِت خِيارِ الشَّجر. قال: وأعياص قُريش: كرامهم يتناسبون إلى عِيصٍ. وأعياصٌ وعيصٌ في آبائهم. وذكَر أيضاً المَعيص، وقال: كالمَنْبِت. وقال العجّاج في العِيص:
* من عِيصِ مَرْوانَ إلى عِيصٍ غِطَمّْ([19]) *
وقال جرير:
فما شَجراتُ عَيصِكَ في قريشٍ *** بعَشَّات الفروعِ ولا ضَواحِ([20])
(عيط) العين والياء والطاء أصلان صحيحان، يدلُّ أحدُهما على ارتفاعٍ، والآخَر [على] تتبُّع شيء.
فالأوّل العَيَط، وهو مصدر الأعْيَط، وهو الطَّويل الرأسِ والعنُق. ويقال ناقة عيطاءُ وجملٌ أعيط، والجمع العِيط. قال الخليل: وتُوصَف به حُمُر الوَحْش. قال العجّاجُ يصفُ الفرسَ بأنّه يَعْقِر عِيطاً([21]) :
فهو يَكُبُّ العِيطَ منها للذقَن *** بأرَنٍ أو بشبيهٍ بالأرَنْ([22])(4/159)
والأرَنّ: النَّشاط حَتّى يكون كالمجنون. ويقال للقارَةِ المستطيلة في السّماء جداً: إنها لَعَيطاء. وكذلك القَصْر المُنيف أعيطُ. قال أمية:
نحن ثقيفٌ عِزُّنا منيعُ *** أعْيَطُ صَعْبُ المرتَقَى رفيعُ([23])
ومما يجوز أن يُقاسَ على هذا النّاقةُ التي لم تَحْمِل سنواتٍ من غير عُقْر، يقال قد اعتاطت، وذلك أنها تَرَفَّعُ وتتعَالى عن الحمل. قالوا: وربَّما كان اعتياطُها من كثرة شَحْمها. وتعتاطُ المرأةُ أيضاً. ويقال: ناقةٌ عائط، وقد عَاطت تَعِيط عِياطاً في معنى حائل، في نوق عِيطٍ وعوائط. وقال:
وبالبُزْلٍ قد دمّها نِيُّها *** وذاتِ المُدارأة العائط([24])
والمصدر أيضاً عُوطَطٌ وعُوطة([25]) .
والأصل الآخر التعيُّط. نَتْعُ الشّيء([26]) من حَجرٍ أو عودٍ، يخرج منه شِبهُ ماءٍ فيُصمِّغ([27]) أو يَسِيل. وذِفْرَى الجمل يتعيَّط بالعرق([28]) . قال:
تَعَيَّطُ ذِفراها بجَونٍ كأنّه *** كُحَيْلٌ جَرَى منها على اللِّيتِ واكفُ([29])
(عيف) العين والياء والفاء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على كراهة. من ذلك قولُهم: عافَ الشَّيء يَعافه عِيافاً، إذا كره، من طعامٍ أو شراب. والعُيوف من الإبل: الذي يَشَمّ الماءَ وهو عطشانُ فيدعُه، وذلك لأنّه يتكرّهُه. وربما جُهِد فشرِبَه. قال ابن [أبي] ربيعة:
فسافَت وما عافت وما صَدَّ شربها *** عن الرِّيِّ مطروقٌ من الماء أكدرُ([30])
ومن هذا القياس عِيافةُ الطَّير، وهو زَجْرُها. وهو من الكراهة أيضاً، وذلك أن يرى غُراباً أو طائراً غيرَه أو غير ذلك فيتطيَّر به. وربّما قالوا للمتكهِّن عائف. قال الأعشى:
ما تَعِيفُ اليومَ في الطَّيْرِ الرَّوَحْ *** من غُرابِ الطَّيرِ أو تيسٍ بَرَحْ([31])
وقال:
* لقَدْ عَيْثَرْتَ طيْرَكَ لو تعيفُ([32]) *
(عيق) العين والياء والقاف لم يذكر الخليل فيه شيئاً، وهو صحيح. يقولون: العَيقة: ساحل البحر. قال الهذلي([33]) :(4/160)
[سادٍ تجرَّمَ في البَضِيع ثمانياً *** يُلوِي بعَيقاتِ البِحارِ ويُجنَبُ([34])]
وقد أومأ الخليل إلى أنَّ هذا مستعمل، وليس من المهمل، فقال في كتابه:
عَيُّوق فَيْعُول، يحتمل أن يكون بناؤه من عَوق ومن عيق، لأنّ الياء والواو في ذلك سواء. فقد أعْلَمَ أنّ البناءَ مستعملٌ، أعني العين والياء والقاف.
(عيك) العين والياء والكاف. لم يذكر الخليل فيه شيئاً، وهو بناء جيِّد وإن لم يجئْ فيه كلامٌ، لكنّ العَيكَتين: موضعٌ في بلاد العرب معروف.
([عيل) العين والياء واللام، ليس([35]) ] فيه إلاّ ما هو منقلب عن واو. العيْلة: الفاقة والحاجة، يقال عالَ يَعِيل عَيْلةً، إذا احتاج. قال الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً} [التوبة 28]، وفي الحديث: "ما عالَ مقتصد". وقال:
* مَن عال مِنَّا بَعدها فَلاَ انْجَبَر([36]) *
وعَيْلان: اسم.
(عيم) العين والياء والميم كلمةٌ واحدة صحيحة، وهي شهوةُ اللَّبَن: يقال للذي اشْتَهَى اللّبَن عَيْمَانُ، والمرأة عَيْمَى. تقول: عِمْتُ إلى *اللبن عَيْمَة وعَيَماً شديداً قال الخليل: وكلُّ مصدرٍ مثلِ هذا ممّا يكون لِفَعْلان وفَعْلَى، فإذا أنّثت المصدر قلته على فَعْلة خفيفة، وإذا ثقّلتَ فَعَلَى فَعَل([37]) ، نحو الحَيَر والحَيْرة. وجمع العَيْمان عَيامَى وَعِيام.
(عين) العين والياء والنون أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على عُضوٍ به يُبْصَر ويُنظَر، ثم يشتقُّ منه، والأصلُ في جميعه ما ذكرنا.
قال الخليل: العين النّاظرة لكلِّ ذي بَصَر. والعين تجمع على أعيُن وعُيون وأعيان. قال الشاعر:
فقد أرُوعُ قلوبَ الغانياتِ به *** حَتّى يَمِلْنَ بأجيادٍ وأعيانِ
وقال:
* فقد قرَّ أعيانَ الشَّوامِتِ أنّهم *
وربّما جمعوا أعيُنا على أعيناتٍ. قال:
* بأعينُات لم يخالطها قَذَى([38]) *(4/161)
وعَيْنُ القَلْب مثَل على معنى التشبيه. ومن أمثال العرب في العين، قولهم: "ولا أفعَلُه ما حَمَلتْ عيني الماء"، أي لا أفعله أبداً. ويقولون: "عَينٌ بها كلُّ داء" للكثير العيوب. ويقال: رجلٌ شديد جَفْنِ العين، إذا كان صبوراً على السَّهَر. ويقال: عِنْتُ الرّجلَ، إذا أصبتَه بعينك، فأنا أعينُه عَيْنا، وهو مَعْيون. قال:
قد كان قومُك يحسبونك [سيّداً *** وإخال أنّكَ] سيِّدٌ مَعيونُ([39])
ورجل عَيُونٌ ومِعيانٌ([40]) : خبيث العين. والعائن: الذي يَعِين، ورأيت الشَّيء عِياناً، أي معايَنة. ويقولون: لقيتُه عَيْنَ عُنَّة، أي عِياناً. وصنعت ذاك عَمْدَ عَيْنٍ، إذا تعمّدتَه. والأصل فيه العين الناظرة، أي إنّه صنع ذلك بعينِ كلِّ مَن رآه. وهو عَبْدُ عينٍ، أي يَخدُم ما دام مولاه يراه. ويقال للأمر يَضِحُ: "بيَّنَ الصُّبحُ لذي عَينَين".
ومن الباب العين: الذي تبعثُه يتجسَّس الخبرَ، كأنَّه شيءٌ تَرَى به ما يَغِيب عنك. ويقال: رأيتُهم أدنى عائنةٍ، أي قَبْلَ كلِّ أحدٍ، يريد -والله أعلم- قبل كلِّ نَفْسٍ ناظرة. ويقال: اذهَبْ فاعتَنْ لنا، أي انظُرْ. ويقال: ما بها عَيَنٌ، متحركة الياء، تريد أحداً له عين، فحرّكت الياء فرقاً. قال:
* ولا عيَناً إلاَّ نَعَاماً مشمِّراً *
فأمَّا قولهم: اعتَانَ لنا منزلاً، أي ارتادَه، فإِنَّهم لم يفسِّروه. والمعنى أنّه نظر إلى المنازل بعينه ثم اختار.
ومن الباب العين الجاريةُ النّابعة من عيون الماء، وإنّما سمِّيت عيناً تشبيهاً لها بالعين النّاظرةِ لصفائها ومائها. ويقال: قد عانَت الصّخرةُ، وذلك إذا كانَ بها صَدعٌ يخرج منه الماء. ويقال: حَفَر فأعْيَن وأعان.
ومن الباب العين: السَّحاب ما جاءَ من ناحية القبلة، وهذا مشبَّه بمشبَّه، لأنَّه شُبِّه بعين الماء التي شبِّهت بعين الإنسان. يقولون: إذا نشأ السَّحاب من قِبَل العين فلا يَكاد يُخلف.(4/162)
قال ابن الأعرابيّ: يقال هذا مطَر العين، ولا يقال مُطِرنا بالعَين. وعَين الشَّمس مشبه بعين الإنسان. قال الخليل: عين الشَّمس: صَيْخَدُها المستدير([41]) .
ومن الباب ماءٌ عائن، أي سائل. ومن الباب عَيْنُ السِّقاء. قال الخليل: يقال للسِّقاء إذا بَلِي ورقَّ موضعٌ منه: قد تعيَّن. وهذا أيضاً من العَين، لأنه إذا رقّ قرُب من التخرُّق فصار السِّقاء كأنّه يُنظر به. وأنشد ثعلب:
قالت سُليمَى قولةً لرِيدِها([42]) *** ما لابنِ عمِّي صادراً من شِيدها ... ... بذات لَوثٍ عينُها في جيدها ...
أراد قربةً قد تعيَّنت في جِيدها. ويقال سِقاء عَيَّنٌ، إذا كانت فيه كالعُيون، وهو الذي قد ذكرناه. وأنشد:
* ما بالُ عينِي كالشَّعيب العَيَّنِ([43]) *
وقالوا في قول الطرِمَّاح:
فأَخْضَلَ منها كلَّ بالٍ وعَيِّنٍ *** وجَفَّ الرَّوايا بالمَلاَ المتباطنِ([44])
إنّ العيِّن الجَديد بلغة طيٍّ. وهذا عندنا مما لا معنَى له، إنّما العيِّن الذي به عُيون، وهي التي ذكرناها من عيون السِّقاء. وإنّما غَلِط القومُ لأنّهم رأوا بَالِياً وعيّناً، فذهبوا إلى أنّ الشاعر أراد كلَّ جديدٍ وبال. وهذا خطأ، لأنّ البالي الذي بليَ، والعيِّن: الذي يكون به عُيون. وقد تكون القربةُ الجديدُ *ذاتَ عُيونٍ لعيبٍ في الجلد. والدَّليل على ما قلناه قولُ القطاميّ:
ولكنّ الأديم إذا تفرَّى *** بِِلىً وتعيُّناً غلَبَ الصَّنَاعا([45])
ومن باقي كلامهم في العَين العِينُ: البَقَر، وتوصف البقرة بسَعَة العين فيقال: بقرة عيناء. والرّجُل أعين. قال الخليل: ولا يقال ثورٌ أعْين. وقال غيره: يقال ثورٌ أعين. قال ذو الرّمَّة:
رفيقُ أعْيَنَ ذَيَّالٍ تشبِّهه *** فَحلَ الهِجانِ تنحَّى غيرَ مخلوجِ([46])
قال الخليل: الأعيَن: اسمُ الثور، [ويقال] مُعَيَّنٌ أيضاً. قال:
ومعيَّناً يحوِي الصِّوَار كأنّه *** متخمِّط قَطِمٌ إِذا ما بَرْبَرا([47])(4/163)
ويقال قوافٍ عِينٌ. وسئل الأصمعيُّ عن تفسيرها فقال: لا أعرِفُه. وهذا من الوَرع الذي كان يستعمله في تركه تفسيرَ القرآن، فكأنّه لم يفسِّر العِينَ كما لم يفسِّر الحُور لأنَّهما لفظتان في القرآن. قال الله تعالى: {وَحُورٌٍ عِينٌٍ([48]) . كأَمْثَال اللُّؤْلُؤِ المَكْنُون} [الواقعة 22- 23]، إِنِّما المعنى في القوافي العِينِ أنّها نافذةٌ كالشَّيء النافذ البصر. قال الهُذليّ([49]) :
بكلامِ خَصْمٍ أو جدالِ مُجادلٍ *** غَلِقٍ يُعالِجُ أو قوافٍ عينِ
ومن الباب قولهم: أعيان القَوم، أي أشرافهم، وهمْ قياسُ ما ذكرناه، كأنَّهم عيونُهم التي بها ينظرون([50]) ، وكذلك الإخوة، قال الخليل: تقول لكلِّ إخوةٍ يكونون لأبٍ وأُمٍّ ولهم إخوةٌ من أمّهات شتّى: هؤلاء أعيانُ إخوتهم. وهذا أيضاً مقيسٌ على ما ذكرناه. وعِينَةُ كلِّ شيء: خيارُه، يستوي فيه الذكر والأنثى، كما يقال عَيْنُ الشيء وعِينَتُه، أي أجودُه؛ لأن أصفَى ما في وجه الإنسان عينُه.
ومن الباب: ابنا عِيَانٍ: خطَّانِ يخُطُّهما الزاجر ويقول: ابنَيْ عِيان، أسرِعا البيان! كأنّه بهما ينظر إلى ما يريد أنْ يعلمَه. وقال الرّاعي يصف قِدْحاً:
* جَرَى ابنا عِيانٍ بالشِّوَاء المُضَهَّبِ([51]) *
ويقال: نَظَرَت البلادُ بعينٍ أو بعينَين، إذا طَلَعَ النّبتُ. وكلُّ هذا محمولٌ واستعارةٌ وتشبيه. قال الشاعر:
إذا نظرتْ بِلادُ بني نُميرٍ *** بعَينٍ أو بلادُ بني صُبَاحِ([52])
رميناهُمْ بكلِّ أقَبَّ نَهْدٍ *** وفتيانِ العَشِيَّة والصّباحِ([53])
ومن الباب: العَين، وهو المال العَتِيد الحاضر؛ يقال هو عَينٌ غير دَين، أي هومال حاضرٌ تراه العيونُ. وعينُ الشَّيء: نفسُه. تقول: خذ دِرْهمَك بعينه، فأمّا قولهم للمَيْل في الميزان عين فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّ العَيْن كالزِّيادة في الميزان([54]) .(4/164)
وقال الخليل: العِينَة : السَّلَف، يقال تعيَّنَ فلانٌ من فلانٍ عِينةً، وعيَّنَهُ تعييناً. قال الخليل: واشتقّت من عين الميزان، وهي زيادتُه. وهذا الذي ذكره الخليلُ [صحيحٌ]؛ لأن العِينة لابدّ أن تجرّ زيادة([55]) .
ويقال من العِينة: اعتَانَ. وأنشد:
فكيف لنا بالشُّرب إنْ لم تكن لنا *** دراهمُ عند الحانَوِيِّ ولا نَقْدُ([56])
أنَدَّانُ أم نعتانُ أمْ ينبري لنا *** فتىً مثل نَصْل السَّيف أبرزَه الغِمْدُ([57])
ومن الباب عَين الرَّكِيَّة، وهما عينانِ كأنهما نُقرتانِ في مقدَّمها.
فهذا باب العين والياء وما معهما في الثلاثي. فأمَّا العين والألف فقد مضى ذِكرُ ذلك، لأنَّ الألف فيه لابدّ [أن] تكون منقلبةً عن ياء أو واو، وقد ذكر ذلك([58]) والله أعلم.
ــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "عيب".
([2]) في الأصل: "قلت" صوابه في اللسان.
([3])الرجز في الحيوان (1: 306/ 6: 410) على هذا الوجه:
أما أتاك عني الحديث *** إذ أنا بالغائط استغيث
والذئب وسط غنمي يعيث *** وصحت بالغائط يا خبيث
([4]) في الأصل: "منهما"، تحريف.
([5]) ديوان الهذليين (1: 9) والمفضليات (2: 225) واللسان (رجع، عيث). وقد سبق إنشاده عجزه في (رجع).
([6]) ديوان الهذليين (2: 186) واللسان والمجمل (عيث). وفي الأصل واللسان: "أقفرنه" صوابه بتقديم الفاء كما في الديوان والمجمل.
([7]) لم يرو في ديوان النابغة من مجموع خمسة دواوين. وأنشده في اللسان (عيج) بدون نسبة وبرواية: "وما رأيت بها شيئاً".
([8]) في الأصل: "عيرة" وإنما يجمع العير على أعيار، وعيار، وعيور، وعيورة.
([9]) البيت للراعي، كما في اللسان (عير).
([10]) البيتان في اللسان (عير) مع نسبتهما لتأبط شراً ونسب في الحيوان (4: 481) إلى سهم بن الحارث، وفي (6: 196) إلى شمر بن الحارث الضبي. وفي نوادر أبي زيد إلى "شمير بن الحارث" أو "سمير بن الحارث".
([11]) البيت من معلقته المشهورة.(4/165)
([12]) البيت للمرقش كما في إصلاح المنطق 227 والمفضليات (2: 47) واللسان (غوى). وسيأتي في (غوي).
([13]) في اللسان: "وهي فعلة على قياس الصهبة والكمتة، لأنه ليس في الألوان فعلة، وإنما كسرت لتصح الياء كبيض". وانظر ما سيأتي بعد.
([14]) البيت في اللسان (عيس) والمخصص (8: 40).
([15]) في الأصل: والغراب".
([16]) في الأصل: "وهو الذي ذكره".
([17]) في الأصل: "الغراب".
([18]) سبق البيت في (أزي) برواية: "إزاء معاش لا يزال نطاقها شديداً وفيها".
([19]) أنشده في اللسان (عيص). وهو في ديوان العجاج. وقبله:
* حتى أناخوا بمناخ المعتصم *
([20])ديوان جرير 99 من قصيدة يمدح بها عبد الملك، وقد سبق في (عش).
([21]) في الأصل: "يعقر عليه".
([22]) البيتان في ملحقات ديوان العجاج 89. والرواية هناك: "بأذن أو بشبيه بالأذن"، محرف.
([23]) الرجز في اللسان (عيط).
([24]) البيت لأسامة بن الحارث الهذلي في ديوان الهذليين (2: 195)، ونسبه في اللسان (درأ) إلى الهذلي. ورواه: "وبالترك". وفي الأصل هنا: "وبالشجر"، صوابه ما أثبت من الديوان.
([25]) في الأصل: "وحولك"، صوابه في اللسان. وأما صاحب القاموس فقد جعل "العوطط" جمعاً لعائط، ونبه على أن طاءه قد تضم.
([26]) النتع: أن يخرج الدم من الجرح والماء من العين أو الحجر قليلاً قليلا. وفي الأصل: "تتبع الشيء"، وفي اللسان: "التعيط أن ينبع حجر أو شجر أو عود"، صواب هذه: "أن ينتع".
([27]) في الأصل: "فيضمع"، تحريف.
([28]) في اللسان: "بالعرق الأسود".
([29]) أنشده في اللسان (عيط)، برواية: "من قنفذ الليت نابع". وفي ديوان أوس 15:
كأن كحيلا معقداً أو عنية *** على رجع ذفراها من الليت واكف ...
([30]) ديوان ابن أبي ربيعة 5 برواية: "وما رد شربها".
([31]) ديوان الأعشى 159 والحيوان (3: 442) واللسان (روح، عيف). وقد سبق في (روح).
([32]) عجز بيت للمغيرة بن حبناء في اللسان (عثر). وصدره:(4/166)
* لعمر أبيك يا صخر بن ليلى *
([33]) هو ساعدة بن جؤية الهذلي، كما في اللسان (سأد، بضع، عيق، جنب، سدا) وديوان الهذليين (1: 172) .
([34]) موضع البيت بياض في الأصل.
([35]) بمثل هذه التكملة يلتئم الكلام.
([36]) الرجز لعمرو بن كلثوم، كما في اللسان (جبر) وفي الأصل: "من عال منهم بعد ما انجبر"، صوابه من اللسان. وفي اللسان: "فلا اجتبر". واجتبر وانجبر بمعنى. وبعده: * ولا سقى الماء ولا راء الشجر *
([37]) كذا، وفي اللسان (عيم) مع النسبة إلى الليث: "فإذا أنثت المصدر فخفف، وإذا خفضت الهاء فثقل، نحو الحيرة والحير، والرغبة والرغب، والرهبة والرهب".
([38]) أنشده في اللسان (عين) .
([39]) للعباس بن مرداس، كما في اللسان (عين) والحيوان (2: 142) وأمالي ابن الشجري (1: 113) والأغاني (4: 89) ومعاهد التنصيص (1: 13) ودرة الغواص 36 وشرحها 63.
([40]) في الأصل: "ورجل معيون معيان"، تحريف. وفي اللسان: "ورجل معيان وعيون: شديد الإصابة بالعين".
([41]) الصيخد: عين الشمس. وفي الأصل: "صخيدها"، تحريف.
([42]) أنشده في اللسان (رأد). والأشطار الثلاثة في المجمل كما هنا.
([43]) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 160 واللسان (عين) .
([44]) رواية الديوان 168 واللسان (عين): "قد اخضل". وفي الأصل: "وجيف الروايا المتباطين"، وهو تحريف ونقص. وفسر المتباطن في شرح الديوان بأنه المتطامن".
([45]) ديوان القطامي 39، واللسان (عين).
([46]) في الأصل: "زفيف أعين"، صوابه من ديوان ذي الرمة 75.
([47]) البيت لجابر بن حريش، كما في اللسان (عين).
([48]) قرأها بالجر حمزة والكسائي وأبو جعفر، عطفا على (جنات النعيم) أو على (بأكواب). وقد وافقهم الحسن والأعمش، وباقي القراء بالرفع، عطفا على (ولدان) أو على الابتداء وخبره محذوف، أي فيها، أو لهم، أو على الخبرية، أي نساؤهم حور. إتحاف فضلاء البشر 407-408.
([49]) هو بدر بن عامر الهذلي. ديوان الهذليين (2: 266).(4/167)
([50]) في الأصل: "ما ينطرون".
([51]) صدره كما في اللسان (عين): * وأصفر عطاف إذا راح ربه *
([52]) أنشدهما الزمخشري في أساس البلاغة (عين)، وقال: "نظرت الأرض بعين أو بعينين ، إذا طلع بأرض ترعاه الماشية بغير استمكان".
([53]) فسره الزمخشري بقوله: "أي القرى والغارة".
([54]) لابن فارس أبيات سرد فيها معاني العين. انظر ما سبق في مقدمة الكتاب ص13-14 من الجزء الأول.
([55]) في الأصل: "أن يجره زيادة". وانظر الكلام على (العينة) بتفصيل في اللسان (17: 181-182).
([56]) أنشده في اللسان (حنا) برواية: "دوانق عند الحانوي"، وفي المخصص (11: 89) وسيبويه (2: 71) واللسان (عون): "دوانيق". ونسبه الأعلم إلى الفرزدق، أو ذي الرمة، أو أعرابي. ونسب في اللسان (عون) إلى ذي الرمة.
([57]) في الأصل: "لم ينبري لنا فتى مثل نصف السيف". وفي اللسان (عون): "شيمته الحمد".
([58]) خالف هنا صنيعه في المجمل فإنه عقد هناك باباً للعين والألف وما يثلثهما، ثم قال: "وإنما نذكر هذا بألفاظه تقريباً على المبتدئ". ...
ـ (باب العين والباء وما يثلثهما)
(عبث) العين والباء والثاء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على الخَلط يقال: عَبَثَ الأَقِط، وأنا أعبِثُه عَبْثاً، وهو عبيث، وهو يُخلَط ويجفَّف في الشَّمس. والعَبِيث: كلُّ خِلْط. ويقال: في هذا الوادي عَبِيثةٌ، أي خِلْطٌ من حَيَّيْن.
ومما قيسَ على هذا: العَبَثُ، هو الفعل لا يُفَعل على استواء وخُلوصِ صواب. تقول: عَبِثَ يعبَث عَبَثاً، وهو عابثٌ بما لا يَعْنيه وليس من بالِهِ([1]) ، وفي القرآن: {أفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْناكُمْ عَبَثاً} [المؤمنون 115]، أي لَعِبا. والقياس في *ذلك كله واحد.
(عبج) العين والباء والجيم ليس عند الخليل [فيه] شيء. وقد قيل العَبَجَة: الأحمق.(4/168)
(عبد) العين والباء والدال أصلانِ صحيحان، كأنَّهما متضادَّان، و[الأول] من ذينك([2]) الأصلينِ يدلُّ على لِين وذُلّ، والآخر على شِدّة وغِلَظ.
فالأوّل العَبد، وهو المملوك، والجماعةُ العبيدُ، وثلاثةُ أعبدٍ وهم العِبادُ. قال الخليل: إلاّ أنّ العامة اجتمعوا على تفرقةِ ما بين عباد الله والعبيدِ المملوكين. يقال هذا عبدٌ بيِّن العُبُودَة. ولم نسمَعْهم يشتقُّون منه فعلاً، ولو اشتق لقيل عَبُد، أي صار عبداً وأقرَّ بالعُبُودة، ولكنّه أُمِيت الفعلُ فلم يُستعمل. قال: وأمّا عَبَدَ يُعبُد عِبادةً فلا يقال إلاّ لمن يُعبُد اللهَ تعالى. يقال منه عَبَد يعبُد عبادة، وتعبَّد يتعبّد تعبّداً. فالمتعبِّد: المتفرِّد بالعبادة. واستعبدتُ فلاناً: اتخذتُه عبداً. وأمّا عَبْد في معنى خَدَم مولاه([3]) فلا يقال عبَدَه، ولا يقال يعبُد مَولاه. وتعبَّدَ فلانٌ فلاناً، إذا صيَّره كالعبد له وإن كان حُرَّاً. قال:
تَعبَّدَني نَِمْرُ بنُ سعدٍ وقد أُرى *** ونَِمْر بنُ سعدٍ لي مطيع ومُهْطعُ([4])
ويقال: أعْبَدَ فلانٌ فلاناً، أي جعله عبداً. ويقال للمشركين: عَبَدة الطّاغوتِ والأوثان، وللمسلمين: عُبّادٌ يعبدون الله تعالى. وذكر بعضُهم: عابد وعَبَد، كخادم وخَدَم. وتأنيثُ العَبْد عَبْدَةٌ، كما يقال مملوك ومملوكة. قال الخليل: والعِبِدَّاء([5]) : جماعة العَبِيد الذين وُلِدُوا في العُبودة.
ومن الباب البعير المعبَّد، أي المهنُوء([6]) بالقَطِران. وهذا أيضاً يدلُّ على ما قلناه لأنّ ذلك يُذِلُّه ويَخفِض منه. قال طرفة:
إلى أن تحامَتْنِي العشيرةُ كلُّها *** وأُفرِدْتُ إفرادَ البَعير المعبَّدِ([7])
والمعبّد: الذلول، يوصَف به البعير أيضاً.
ومن الباب: الطريق المُعَبَّد، وهو المسلوك المذلَّل.
والأصل الآخَر العَبَدة، وهي القُوّة والصَّلابة؛ يقال هذا ثوبٌ له عَبَدة، إذا كان صَفيقاً قويَّاً([8]) . ومنهُ علقمة بن عَبَدَة، بفتح الباء.(4/169)
ومن هذا القياس العَبَد، مثل الأنَف والحميّة. يقال: هو يَعْبَدُ لهذا الأمر. وفسِّر قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحمنِ وَلدٌ فَأنَا أوَّلُ العابِدِينَ} [الزخرف81]، أي أوَّلُ مَن غَضِبَ عَنْ هذا وأنِف من قولِه. وذُكر عن عليٍّ عليه السلامُ أنّه قال: "عَبِدتُ فصَمَتُّ"، أي أنِفْتُ فسكَتّ. وقال:
ويَعْبَدُ الجاهلُ الجافي بحقِّهم *** بعد القضاء عليه حين لا عَبَدُ([9])
وقال آخر([10]) :
* وأعبَدُ أن تُهجَى كليبٌ بدارِمِ([11]) *
أي آنف من ذلك وأغضبُ منه:
(عبر) العين والباء والراء أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على النفوذ والمضيِّ في الشيء. يقال: عَبَرت النّهرَ عُبُوراً. وعَِبْر النهر: شَطُّه([12]) . ويقال: ناقةٌ عُبْرُ أسفارٍ: لا يزال يُسافَرُ عليها. قال الطّرِمّاح:
وقد تبطَّنْتُ بِهِلْوَاعةٍ *** عُبْرِ أسفارٍ كَتُوم البُغَامْ([13])
والمَعْبَر: شطّ نهرٍ هُيئ للعُبور. والمِعْبَر: سفينة يُعبَر عليها النّهر. ورجل عابرُ سبيلٍ، أي مارّ. قال الله تعالى:{وَلاَ جُنُباً إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء 43]، ومن الباب العَبْرَة، قال الخليل: عَبْرَة السدَّمع: جَرْيُه. قال: والدَّمع أيضاً نفسُه عَبْرة. قال امرؤ القيس:
وإنّ شِفائي عَبْرَةٌ إن سَفَحتُها *** فهَلْ عند رسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّلِ([14])
وهذا من القياس؛ لأنّ الدّمع يعبُرُ، أي ينفُذ ويَجري. والذي قاله الخليل صحيحٌ يدلُّ على صِحّة القياس الذي ذكرناه.
وقولهم: عَبِرَ فلانٌ يَعْبَرُ عَبَراً من الحزن، وهو عَبْرَانُ، والمرأةُ عَبْرى وعَبِرَةٌ، فهذا لا يكون إِلاَّ وثَمَّ بكاء. ويقَال: استَعْبَرَ، إذا جَرَتْ عَبْرَته. ويقال من هذا: امرأةٌ عابر، أي بها العَبَر. وقال:
يقولُ لي الجَرْمِيُّ هل أنت مُرْدِفِي *** وكيف رِدَافُ الفَلِّ أمُّك عابِرُ([15])(4/170)
فهذا الأصل الذي ذكرناه. ثم يقال *لضرب من السدر عُبْرِيٌّ، وإنما يكون كذلك إذا نَبَتَ على شُطوط الأنهار. والشّطُّ يُعْبَرُ ويعبر إليه. قال العجّاج:
* لاثٍ بها الأَشاءُ والعُبْرِيُّ([16]) *
الأَشاء: الفَسِيل([17]) ، الواحدة أَشَاءة([18]) وقد ذكرناه. ويقال إنّ العُبْريَّ لا يكون إلاّ طويلاً، وما كان أصغَرَ منه فهو الضَّالُ. قال ذو الرُّمّة:
قَطعْتُ إذا تجوّفت العواطِي *** ضَرُوبَ السِّدْرِ عَبْرِيّاً وضَالا([19])
ويقال: بل الضّالُ ما كان في البَرّ.
ومن الباب: عَبَرَ الرُّؤْيا يعبرها عَبْرَاً وعِبارة، ويُعبِّرُها تعبيراً، إذا فسَّرَها. ووجه القياس في هذا عُبُور النَّهْر؛ لأنه يصير من عَِبْر إلى عَِبْر. كذلك مفسِّر الرُّؤيا يأخُذُ بها من وجهٍ إلى وجهٍ، كأن([20]) يُسأل عن الماء، فيقول: حياة. ألا تراه قد عَبَر في هذا([21]) من شيءٍ إلى شيء.
ومما حُمِل على هذه: العِبارة، قال الخليل: تقول: عَبَّرت عن فلانٍ تعبيراً، إذا عَيَّ بحُجّته فتكلَّمت بها عنه. وهذا قياسُ ما ذكرناه؛ لأنَّه لم يقدِر على النُّفوذ في كلامه فنفَذَ الآخَر بها عنه.
فأمّا الاعتبار والعِبْرة فعندنا مقيسانِ من عَبْريِ النَّهر؛ لأنّ كلَّ واحدٍ منهما عِبرٌ مساوٍ لصاحبه([22]) فذاك عِبرٌ لهذا، وهذا عِبرٌ لذاك. فإذا قلت اعتبرت الشَّيء، فكأنك نظرتَ إلى الشَّيء فجعلتَ ما يَعْنِيك عِبراً لذاك: فتساويا عندك. هذا عندنا اشتقاقُ الاعتبار. قال الله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر 2]، كأنَّه قال: انظروا إلى مَنْ فعل ما فَعل فعُوقِب بما عوقب به، فتجنَّبوا مثلَ صنيعهم لئلاَّ ينزل بكم مثلُ ما نَزَل بأولئك. ومن الدَّليل على صِحَّة هذا القياس الذي ذكرناه، قولُ الخليل: عَبَّرت الدَّنانيرَ تعبيراً، إذا وزَنْتَها ديناراً [ديناراً]. قال: والعِبرة: الاعتبارُ بما مضى.(4/171)
ومما شذَّ عن الأصل: المُعْبَر من الجِمال: الكثير الوَبر. والمُعْبَر من الغِلمان: الذي لم يُخْتَن. وما أدرِي ما وجهُ القياس في هذا. وقال في المُعْبَر الذي لم يُختَن بشرُ بن [أبي] خازم:
* وارمُ العَفْل مُعْبَرُ([23]) *
ومن هذا الشّاذّ: العبير، قال قوم: هو الزَّعفران. وقال قوم: هي أخلاط طِيب. وقال الأعشَى:
وتَبرُد بَردَ رِداء العَرُوسِ *** بالصيفى رَقْرقتَ فيه العبيرا([24])
(عبس) العين والباء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تكرُّه في شيء. وأصله العَبَس. ما يَبِس على هُلْب الذَّنَب من بَعْرٍ وغيره، وهو من الإبل كالوَذَحِ من الشَّاء. قال أبو النَّجم:
كأنَّ في أذنابهنَّ الشُّوَّلِ *** مِن عَبَس الصَّيف قرونَ الأُيَّلِ([25])
وفي الحديث: أنّه مرّ بإبلٍ قد عَبَست في أبوالها. وقال جرير يذكر راعية:
تَرَى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْناً بكُوعِها *** لها مَسَكاً من غير عاجٍ ولا ذَبْلِ([26])
ثم اشتُقَّ من هذا: اليوم العَبُوس، وهو الشديد الكَرِيه. واشتقّ منه عَبَسَ الرجل يَعْبِس عُبوساً، وهو عابس الوجه: غضبان. وعبّاسٌ، إذا كَثر ذلك منه.
(عبط) العين والباء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّةٍ تُصيبُ من غير استحقاق. وهذه عبارةٌ ذكرها الخليل، وهي صحيحةٌ منقاسة. فالعَبْط: أن تُعبَط النّاقةُ صحيحةً من غير داءٍ ولا كَسْر. قالوا: والعَبِيط: الطرِيُّ من كلِّ شيء. وهذا الذي ذكروهُ في الطريِّ توسُّعٌ منهم، وإنّما الأصل ما ذكِر. يقال من الأوّل: عُبِطت النّاقةُ واعتُبِطت اعتباطاً، إذا نُحِرت سمينةً فَتِيّةً من غير داء. قالوا: والرّجُل يَعبِط بنفسه في الحرب عَبْطاً، إذا ألقاها فيها غير مُكْرَه. والرّجلُ يَعبِط الأرضَ عَبْطاً، إذا حفر فيها موضعاً لم يُحفَر قبلَ ذلك. قال مَرَّار:
ظَلَّ في أعلى يَفاعٍ جاذِلاً *** يَعبِط الأرضَ اعتباطَ المحتَفِرْ([27])(4/172)
ويقال: مات فلانٌ عَبْطةً، أي شاباً سليماً. واعتبطَه الموت. قال أميَّة:
مَن لم يَمتْ عَبْطةً يمُتْ هَرَماً *** للموت كأسٌ فالمرءُ ذائقها([28])
ومن ذلك الدّم العَبِيط: الطرِيّ. قال الخليل – وهي العبارة التي قدَّمْنا ذكرها-: يقال عَبَطته الدَّواهي، إذا نالته من غير *استحقاقٍ لذلك. قال حُمَيد([29]) :
بمنْزلٍ عَفٍّ ولم يُخالِطِ *** مدنَّساتِ الرِّيَب العَوابِط
والعَبِيطة: الشّاة أو النّاقة المعتَبَطة. قال الشّاعر:
وله لا يَنِي عَبائِطُ من كُو *** مٍ إذا كان من رِقاقٍ وبُزْل
الرِّقاق: الصِّغار من الإبل.
(عبق) العين والباء والقاف أصل صحيح واحد، وهو لزوم الشيء للشيء. من ذلك عَبِق الطيب به، إذا لَصِق ولازَمَ. قال:
عَبِقَ العنبرُ والمِسْكُ بها *** فهي صفراءُ كعُرجون العُمُرْ([30])
وقال طرفة:
ثم راحُوا عَبِقَ المسكُ بهم *** يَلْحَفُون الأَرضَ هُدَّابَ الأُزُرْ([31])
ومن هذا الباب قولهم: ما بقي لهم عَبَقَة، أي [ما] بقيت لهم بقيّةٌ من المال. والمعنى في ذلك البقيَّة من السَّمْن تبقى في النِّحْي قد عَبِقَت به. ويقولون: إنّ العَبَاقِية: شجرٌ له شَوك. وهذا إنْ حُمِل على القياس صَحَّ؛ لأنَّه يَعْلَق بالشَّيء ويُعْلَق به. ويُنشَد:
غَداةَ شُواحِطٍ فنجَوْتَ شَدَّاً *** وَثوبُكَ في عَباقيةٍ هَرِيدُ([32])
ويقال: العَبَاقِيَةُ: بقية الطِّيب([33]) والدَّيْن، وقد ذكرنا وجه قياسه. ومن الباب العَبَاقية من الرِّجال. قال الخليل: العباقِيَة: الداهي المنكَر، على وزن عَلاَنِيَة. وإنّما سمِّي بذلك لأنّه تعلَّق كلَّ شيء. وقال:
أُتِيحَ لها عَباقِيَةٌ سَرَنْدَى *** جرِيُّ الصَّدرِ منبسطُ اليَمينِ([34])(4/173)
وقال الأصمعيُّ: شانَه شيناً عَبَاقِيةً، أي شيناً شديداً، والأجود أن يقال شيناً لازماً لا يُفارِق. قال الكسائيّ: ويقال إنّ العبَاقية جُرح يُصيب الرَّجُل في حُرِّ وجهه. وهذا صحيح؛ لأنَّه شينٌ باقٍ يلازم.
(عبك) العين والباء والكاف أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على ما يدلُّ عليه الذي قبله، وليس ببعيدٍ أن يكون من باب الإبدال. قال الخليل: ما ذقت عَبَكة ولا لَبَكةً. وقال ابن الأعرابيّ: يقال: ما أغنيتَ عنِّي عبكةً ولا لَبَكة أي شيئاً. وأصلُه قولهم الذي يَبقَى في النِّحْي من السَّمْن: عَبَكة. وقد يقال ذلك للطِّينة من الوحل.
والصحيح في هذا الباب هذا، وقد ذُكِرت فيه كلماتٌ عن أعرابٍ مجهولين لا أصل لها فلذلك تركناها.
(عبل) العين والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ضِخَم وامتداد وشِدّة. من ذلك العَبْلُ من الأجسام، وهو الضَّخم. تقول: عَبُل يَعْبُل عَبالة. قال:
خبطناهمْ بكلِّ أرَحَّ لأمٍ *** كمِرْضاحِ النَّوى عَبْلٍ وَقاحِ([35])
الأرَحّ: الحافر الواسع.
ومن الباب الأَعْبَل، وهو الحجر الصُّلب ذُو البياض. ويقال جبلٌ أعبلُ وصخرةٌ عَبْلاء. وقال أبو كبيرٍ الهذليّ يصف نابَ الذِّئبة:
أخرجتُ منها سِلْقةً مهزولةً *** عجفاءَ يبرق نابُها كالأعبَلِ([36])
ومنه قولهم: هو عَبْلُ الذِّراعين، أي غليظُهما مدِيدُهما. ومنه: ألقى عليه عَبالَّته([37]) ، أي ثِقْله. ومحتمل أن يكون العَبَل، وهو ثمر الأرْطى، من هذا، ولعل فيه امتداداً وطُولا.
(عبم) العين والباء والميم كلمة تدلُّ على غِلَظٍ وجفاء. من ذلك العَبَامُ، وهو الرَّجُل الغليظ الخِلْقة في حُمْق. تقول: عَبْمَ يَعْبُمُ عَبامة. قال:
فأنكرتُ إنكارَ الكريم ولم أكن *** كَفَدْمٍ عَبَامٍ سِيلَ شيئاً فجمجما ...
ويقال: إنّ العَبَام الماء الكثير، فإن كان صحيحاً فهو قريبٌ، وإلاَّ فهو من الإبدال.(4/174)
(عبن) العين والباء والنون صحيحٌ، فيه كلمةٌ واحدة. يقولون: إنّ العَبَنَّ: الجملُ الضَّخم الجسيم. ويقال العَبَنّ ويقال العَبَنَّى، والأنثى عَبَنّاة. وكلُّ ذلك واحد. وربَّما وصَفوا به الرّجل. وقال حُميدٌ في صفة بعير:
أمينٌ عَبَنُّ الخَلْقِ مختلِف الشِّبَا *** يقول المُمارِي طال ما كان مُقْرَما([38])
(عبأ) العين والباء والهمزة والحرف المعتل غير المهموز أصل واحد، يدلُّ على اجتماعٍ في ثِقَل. من ذلك العِبْءُ، وهو كلُّ حِمْل، من غُرْم أو حَمالة، والجمع الأعباء. قال:
وحمل العِبءِ عن أعناق قومي *** وفعلي في الخطوب بما عناني
ومن الباب: ما عبأْت به شيئاً، إذا لم تبالِهِ، كأنّك لم تجِدْ له ثِقْلاً. ومن الباب: عبأت الطِّيب([39]) *وفَرَّقوا بين ذلك وبين الجيش، فقالوا: عَبَّيْت الكتِيبةَ أُعبِّيها تعبيَةً، إذا هيّأتَها. وقد قالوا: عَبأت الجيش أيضاً، ذكرها ابنُ الأعرابي. وقال في عَبَأت الطِّيب:
كأنَّ بصدرِه وبمَنْكِبيه *** عبيراً باتَ تَعبؤه عروسُ([40])
والعَباءة: ضَربٌ من الأكسِية. وقياسُه صحيح؛ لأنّه يشتمل على لابسه ويجمعُه. والله أعلم بالصواب.
ـــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "من ناله"، صوابه في اللسان (عبث). وفي اللسان (بول): "وقولهم ليس هذا من بالي، أي مما أباليه".
([2]) في الأصل: "ذلك".
([3]) عبارة اللسان: "وأما عبد خدم مولاه فلا يقال عبده".
([4]) البيت في اللسان وأساس البلاغة (عبد، هطع).
([5]) يقال بالمد، وبالقصر.
([6]) في الأصل، "أي المهناء". والمهنوء: المطلي.
([7]) البيت من معلقته المشهورة.
([8]) في الأصل: "ضعيفاً قوياً"، وهو من مستطرف التحريف.
([9]) في الأصل: "ونعبد الجاهل".
([10]) هو الفرزدق، كما في إصلاح المنطق 58-59، وليس في ديوانه، وفيه بيتان يشبهان أن يكونا هذا البيت ففي ص 800:
أظنت كلاب اللؤم أن لست شاتماً *** قبائل إلا ابني دخان بدارم
وفي ص 816:(4/175)
أظنت كلاب اللؤم أن لست خابطا *** قبائل غير ابني دخان بدارم ...
([11]) في إصلاح المنطق: "أن أهجو كليباً". وصدره:
* أولئك أحلاسي فجئني بمثلهم *
قال ابن السكيت: "ويروى: فجؤني. "ويروى: تميماً بدارم".
([12]) في الأصل: "شطره"، تحريف.
([13]) ديوان الطرماح 103 واللسان (هلع).
([14]) البيت من معلقته المشهورة.
([15]) البيت للحارث بن وعلة الجرمي. اللسان (عبر). وفي خزانة الأدب (1: 199) أنه لأبيه وعلة بن عبد الله الجرمي. فيقال إن الجرمي لحق رجلاً من بني نهد يقال له سليط بن قتب فقال له وعلة: أردفني خلفك، فإني أتخوف القتل. فأبى أن يردفه فطرحه عن قربوسه وركب عليها ونجا. فرواية البيت الصحيحة على هذا القول: "وقد قلت للنهدي". وذكر في اللسان أن النهدي هو الذي سأل الحارث أن يردفه خلفه لينجو فأبى. فرواية البيت: "يقول لي النهدي". وقد اتفقت الروايتان على أن "النهدي" قد قتل. أما رواية ابن فارس هنا فغريبة لا سند لها من القصص. وانظر الاشتقاق 291.
([16]) رواية الديوان 67 واللسان (لثي، عبر): "لاث به". وقبله:
في أيكه فلا هو الضحى *** ولا يلوح نبته الشتى
([17]) في الأصل: "الفيل".
([18]) الذي بعد هذه الكلمة في الأصل هو: "ويقال إن العبري ذكرناه لا يكون إلا طويلاً وأصغر منه فهو الضال ما كان". وقد أصلحت اختلال الكلمات بما ترى.
([19]) ديوان ذي الرمة 440، واللسان (عبر، عمر).
([20]) في الأصل: "كأنه".
([21]) في الأصل: "من هذا".
([22]) في الأصل: "صاحب".
([23]) سبق الاستشهاد بهذا الجزء في (عفل). والبيت بتمامه كما في اللسان (عبر، عفل):
جزيز القفا شبعان يربض حجرة *** حديث الخصاء ورام العفل معبر
([24]) ديوان الأعشى 69 واللسان (عبر، رقق). وقد سبق في (رق).
([25]) سبق الكلام على تخريج البيتين في (أول).
([26]) ديوان جرير 463 واللسان (عبس، مسك، ذبل). وسيأتي في (مسك).(4/176)
([27]) روايته تطابق رواية اللسان (عبط). وفي المفضليات (1: 82، 84) بيتان هما برقم: 15، 35:
ثم إن ينزع إلى أقصاهما *** يخبط الأرض اختباط المحتفر
و: ظل في أعلى يفاع جاذلاً *** يقسم الأمر كقسم المؤتمر
([28]) ديوان أمية 42 واللسان (عبط) برواية: "والمرء ذائقها".
([29]) هو حميد الأرقط، كما في اللسان (عبط).
([30]) البيت للمرار بن منقذ في المفضليات (1: 90). وهو بدون نسبة في اللسان (عبق).
([31]) ديوان طرفة 68 واللسان (عبق، لحف).
([32]) لساعدة بن العجلان الهذلي، في اللسان (عبق، هرد) وديوان الهذليين (3: 109).
([33]) في الأصل: "الغضب".
([34]) أنشده في اللسان (عبق) برواية: "أطف لها عباقية".
([35]) أنشده في اللسان (رضح) شاهداً على أن اسم الحجر الذي يرضح به النوى "مرضاح"، وأن الخاء المعجمة لغة ضعيفة.
([36]) في ديوان الهذليين (2: 97) : "كالمعول". السكري: "كأن نابها طرف معول".
([37]) العبالة بتشديد اللام. وتخفيفها لغة عن اللحياني.
([38]) البيت من زوائد ديوان حميد بن ثور، أنشده في اللسان (عبن). وانظر ديوانه 32 طبع دار الكتب المصرية.
([39]) بعد هذا في الأصل: "كأن بصدره"، وهو تكرار لما سيأتي بعد كلمة "الطيب" التالية.
([40]) البيت لأبي زبيد الطائي في اللسان (عبأ)، يصف فيه أسداً. وفيه: "كأن بنحره"، و"بات يعبؤه" ثم قال: "ويروى: بات يخبؤه". والعروس يقال للمرأة والرجل. ...
ـ (باب العين والتاء وما يثلثهما)
(عتد) العين والتاء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حضورٍ وقُرب. قال الخليل: تقول عَتُدَ الشّيءُ، وهو يعتُد عَتاداً، فهو عَتيدٌ حاضر. قال: ومن ذلك سمِّيت العتيدة: التي يكون فيها الطِّيب والأدهان. ويقال للشَّيء المعْتَد: إنّه لعتيد، وقد أعتدْناه، وهيَأناه لأمرٍ إنْ حَزَب. وجمع العَتَاد عُتُدٌ وأعْتِدة. قال النّابغة:(4/177)
عَتَادَ امرئٍ لا ينقُضُ البُعدُ هَمَّه *** طَلُوبِ الأعادِي واضحٍ غيرِ خاملِ([1])
قال الخليل: يقولون هذا الفرس عَتَدٌ، أي مُعَدّ متى شاء صاحبهُ رَكِبَه، الذَّكرُ والأنثى فيه سواء. قال سلامة بن جندل:
بكل مُحنَّبٍ كالسِّيدِ نَهْدٍ *** وكُلِّ طُوَالةٍ عَتَدٍ مِزَاقِ([2])
... ...
فأمَّا العَتُود فذكَرَ الخليلُ فيه قياساً صحيحاً، وهو الذي بَلغ السِّفادَ. فإن كان كذا فكأنَّه شيءٌ أُعِدّ للسِّفاد، والجمع عِدَّان على وزنِ فِعْلان، وكان الأصل عِتْدَان فأُدغمت التاء في الدال. قال الأخطل:
واذكر غَدَانَةَ مزَنَّمة *** من الحَبَلَّقِ تُبنَى حولَها الصِّيَرُ([3])
(عتر) العين والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على معنيين، أحدهما الأصل والنِّصاب، والآخر التفرُّق.
فالأوُّل ما ذكره الخليل أن عِتْرَ كلِّ شيء: نصابه. قال: وعِتْرَةُ المِسْحاةِ: خشبتها التي تسمَّى يَدَ المسحاة. قال: ومن ثَمَّ قيل: عترة فلان، أي مَنْصِبه. وقال أيضاً: هم أقرباؤه، مِن ولدِه وولدِ ولده وبني عمِّه. هذا قولُ الخليل في اشتقاق العِتْرَة، وذكر غيرُه أنَّ القياسَ في العِترة ما نذكره من بعد.
والأصل الثاني: العِتْر، قال قومٌ: هو الذي يقال له: المَرْزَنْجُوش. قال: وهو لا ينبُت إلاّ متفرِّقاً. قال: وقياس عِترة الإنسان من هذا، لأنهم أقرباؤه متفرِّقي الأنساب، هذا من أبيه وهذا من نسله كولده. وأنشد في العِتْر:
فما كنتُ أخشَى أن أُقِيمَ خِلافهم *** لستّةِ أبياتٍ كما ينبت العِتْرُ([4])
فهذا يدلُّ على التفرُّق، وهو وجهٌ جميل في قياس العِترة.
ومما يُشبهه عِتْرُ المسك، وهي حَصاةٌ تكون([5]) متفرِّقة فيه. ولعلَّ عِتْرُ المِسك أن تكون عربيَّة صحيحة فإِنَّها غير بعيدة مما ذكرناه، ولم نسمَعْها من عالم.
ومن هذا الأصل قولهم: عَتَرَ الرُّمحُ فهو يَعْتِرُ عَتراً وعَتَرَاناً، إذا اضطَرَبَ وترأَّدَ في اهتزاز. قال:(4/178)
* وكلّ خطّيٍّ إذا هُزَّ عَتَرْ([6]) *
وإنما قلنا إنّه من الباب لأنّه إذا هُزّ خيّل أنّه تتفرّق أجزاؤه. وهذا مشاهَد، فإن صحَّ ما تأوَّلناه وإلاّ فهو من باب الإِبدال يكون من عَسَل، وتكون التاء بدلاً من السين والرَّاءُ بدلاً من اللام.
وممّا يصلح حملُه على هذا: العَتيرة؛ لأنَّ دَمها يُعْتَر، أي يُسَالُ حتى يتفرَّق. قال الخليل: العاتر: الذي يَعْترُ شاةً فيذبحُها، كانوا يفعلون ذلك في الجاهليَّة، يذبحُها ثم يصبُّ دمَها على رأس الصَّنَم، فتلك الشَّاةُ هي العَتيرة والمعتورة، والجمع عتائر. وكان بعضُهم يقول: العتير هو الصنم الذي تُعْتَرُ له العتائر في رَجب. وأنشد لِزُهير:
فَزَلَّ عنها وأوفَى رأسَ مَرقَبةٍ *** كمَنْصَبِ العِتْر دَمَّى رأسه النُّسُكُ([7])
فإن كان صحيحاً هذا فهو من الباب الأوّل، وقد أفصح الشاعر بقياسه حيث قال:
* كمنصب العِتْرِ دَمَّى رأسَه النُّسكُ *
(عتق) العين والتاء والقاف أصل صحيح *يجمع معنى الكرم خِلْقةً وخُلُقاً، ومعنى القِدَم. وما شذَّ من ذلك فقد ذُكِر على حدة.
قال الخليل: عَتَق العبد يَعْتِق عَتاقاً وعَتاقةً وعُتوقاً، وأعتقه صاحبُه إعتاقاً. قال الأصمعيّ: عَتَق فلانٌ بعد استعلاجٍ، إذا صار رقيقَ الخِلْقة بعد ما كان جافياً. ويقال: حلف بالعَتَاق، وهو مولى عَتَاقةٍ. وصار العبد عتيقاً. ولا يقال عاتق في موضع عتيق([8]) إلاّ أن تنوى فعلهُ في قابل، فتقول عاتقٌ غداً. وامرأة عتيقةٌ حُرَّةٌ من الأمُوَّة([9]) . وامرأةٌ عتيقة أيضاً، أي جميلة كريمة. وفرس عتيق: رائع بيِّن العِتْق، وثوب ناعمٌ عتيق. والعتيق أيضاً: الكريم من كلِّ شيء. وقد عَتَق وعَتُق، إذا أتَى عليه زمن.(4/179)
قال الخليل: جاريةٌ عاتق، أي شابّة أوّلَ ما أدركت. قال ابنُ الأعرابيِّ: إنما سمِّيت عاتقاً لأنّها عَتَقت من الصِّبا وبلغت أنْ تَدَرَّع. قالوا: والجوارح من الطير عِتاقٌ لأنّها تصيد ولا تصاد، فهي أكرمُ الطَّير([10]) ، وكأنّها عتَقت أن تُصاد، وذلك كالبازِي وما أشبهه. قال لبيد:
فانتضَلْنا وابنُ سلمى قاعدٌ *** كعَتيق الطَّيرِ يُغضِي ويُجَلّ([11])
قال أبو عبيد: أعتقت المالَ فعَتق، أي أصلحتُه فصَلَح. ويقال: عَتَقت الفرسُ، إذا سَبَقت.
قال الأصمعيّ: وكنت بالمِرْبد فأُجرِيَ فَرَسان، فقال أعرابيّ: هذا أوَان([12]) عَتَقت الشَّقْراء، أي سبقت. ويقال: فلانٌ مِعتاقُ الوَسِيقة، إذا طرد طريدةً أنجاهَا وسَلِمَ بها. ويقال: ما أبْيَنَ العِتْق في وجه فلانٍ، أي الكرم.
قال الخليل: البيت العتيق: الكعبة، لأنّه أوّلُ بيتٍ وُضِع للنّاس. قال الله تعالى:{ولْيَطَّوَّفُوا بالبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج 29]. ويقال: سمِّي بذلك لأنّه أُعِتقَ من الغَرَق أيّامَ الطُّوفان فرُفع. ويقال أُعتِق من الحبشة عامَ الفيل ويقال: أُعتِقَ من أنْ يدَّعِيَه أحدٌ فهو بيتُ الله تعالى.
قال أبو عبيدة: من أمثالهم: "لولا عِتْقُه لقد بلى"، يقال ذلك للرَّجل إذا ثَبَتَ ودام. وقال الخليل: العاتق من الطَّير فوقَ النَّاهض. وقال الأصمعيّ: يقال أخذ فرْخ قطاة عاتقاً، إذا استقلَّ وطار. ونرى أنّه من عَتَقت الفرسُ.
قال أبو حاتم: طيرٌ عاتِق، إذا كان فوقَ النَّاهض، لأنَّه قد خرج عن حد الزقّ([13]) . فأما العاتق من الزِّقاق فهو الواسع الجيِّد، وهذا على معنى التَّشبيه بالشيء الكريم. قال لبيد:
أُغلِي السِّباءَ بكلِّ أدكَنَ عاتقٍ *** أو جَونةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها([14])
وقال الخليل: شرابٌ عاتقٌ، أي عتيق. قال أبو زُبَيد([15]) :
لا تَبعدَنَّ إداوةٌ مطروحة *** كانت زماناً للشَّرَاب العاتق ...(4/180)
ويقال للبِئر القديمة عاتقة([16]) . والخمر العتيقة: التي عُتّقَت زماناً حتى عَتَقت. قال الأعشى:
وسبيئةٍ ممَّا تُعَتِّقُ بابلٌ *** كدم الذَّبيحِ سلبتُها جِريالَها([17])
قال بعضهم: العاتق في وصف الخمر التي لم تُفَضَّ ولم تُبزَل، ذَهَبَ إلى الجارية العاتق التي لم تَبِنْ عن أبويها. ويقال: بل الخمر العاتق من القِدم، وكلُّ شيء تقادَمَ فهو عاتق وعتيق. قال ابنُ الأعرابيّ: كلُّ شيء بلغ إنَاهُ فقد عَتَق، وسمِّي العبدُ عتيقاً لأنَّهُ بلغَ غايَته. فأمّا قولُ عنترة:
كَذَبَ العتيقُ وماءُ شنٍّ باردٌ *** إن كنتِ سائلتِي غبوقاً فاذهَبِي([18])
فقال قوم: إنَّه نوعٌ من التَّمر العتيق. ومعنى كَذَب، أي عليك بهذا النَّوع. ويقال بل العتيق: الماء؛ وسمِّيَ بذلك لأنَّه أجلُّ الأشربة، وفيه الحياة.
ومن القِدَم الذي ذكرناه قولُهم: عَتُقَتْ عليه يمينٌ، أي قَدُمَت ووجَبَت. قال:
عليَّ أَلِيَّةٌ عتقَتْ قديماً *** فليس لها وإن طُلبِت مَرَامُ([19])
ويقال لكلِّ كريمٍ عتيق.
ومما شذَّ عن هذا الأصل: عاتقا الإنسان، وهما ما بين المَنكِبَين والعُنق، والجمع العواتق. ويقال العاتق يذكَّر ويؤنَّث. وقال الأصمعيُّ: يقال فلانٌ أمْيَل العاتق *إذا كان موضعُ الرداء منه معوَّجاً. وقال في تأنيث العاتق:
لا صُلحَ بيني فاعلمُوه ولا *** بينكم ما حَمَلَتْ عاتقي([20])
سَيفي وما كُنَّا بنجدٍ وما *** قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشَّاهقِ
قال ابن الأعرابيّ: العاتق: القَوس التي تغيَّر لونها واسودَّت، وهذا أيضاً من القِدَم راجعٌ إلى الباب الأوّل.
(عتك) العين والتاء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على قريبٍ من الذي قبله، وليس ببعيدٍ أن يكونَ من باب الإبدال، وهو من الإقدام والقِدَم.(4/181)
قال الخليلُ وغيره: عَتَك فلانٌ [بفلانٍ([21]) ]، إذا أقْدَمَ عليه ضرباً لا يُنهنِهُه شيء. قال الأصمعيُّ: هو أن يَحمِلَ عليه حملةَ أخْذٍ وبَطْش. قال الخليل: عَتَكَ الرّجُل يَعْتِك عَتْكاً وعُتُوكاً، إذا ذَهَب في الأرض. والقوس العاتكة طالَ عليها العهدُ حتَّى احمرَّت. قال الهذلي([22]) :
وصَفراء البُرايةِ عُودِ نَبْعٍ *** كوَقْف العاجِ عاتكة [اللِّيَاطِ([23]) ]
[وامرأة عاتكة]، إذا كانت متضمِّخة بالخَلَوق. ومنه عَتَكتِ القوس. قال الخليل: يقال لكلِّ كريم عاتك، أي قديم. وأصله من عَتَكت القَوس.
(عتل) العين والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّةٍ وقوّة في الشَّيء. من ذلك الرّجل العُتُلّ، وهو الشَّديد القويَّ المصحَّح الجِسم؛ واشتقاقُه من العَتَلة التي يُحفَر بها. والعَتَلة أيضاً: الهِراوة الغليظة من الخشَب، والجمع عَتَل. وقال:
وأينما كنتَ من البلادِ ***
فاجتنبَنَّ عُرَّمَ الذُّوّادِ ...
وضَربَهم بالعَتَل الشِّدادِ ...
ومن الباب العَتْل، وهو أن تأخذ بتَلبيب الرّجُل فتَعتِله، أي تجرّه إليك بقوّة وشدّة. قال الله تعالى: {خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ إِلَى سَواءِ الجَحِيمِ([24])} [الدخان 47]. ولا يكون عَتْلاً إلاّ بجفاءٍ وشِدّة. وزعم قومٌ أنّهم يقولون: لا أنعتِل معك: أي لا أنقاد معك.
(عتم) العين والتاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على إبطاء في الشَّيء أو كفٍّ عنه. قال الخليل: عَتَّم الرجل يُعَتِّم، إذا كفَّ عن الشيء بعد المضيِّ فيه، وعَتَم يَعْتم. وحملتُ على فُلانٍ فما عتَّمت أن ضربتُه، أي ما نَهنَهت وما نكَلت وما أبطأت. وفي الحديث: أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غرس كذا وَدِيّةً [فما عتَّمَتْ منها وَدِيَّة([25]) ]، أي ما أبطأت، حتّى عَلِقت. وقال:
* مجامع الهام ولا يُعْتَمُ *
أي لا يُمْهَل ولا يُكَفّ. وقال:
ولستُ عن القِرن الكميِّ بعاتمِ *** ولستُ بوَقَّافٍ إذا الخَيلُ أحجمت(4/182)
قال: والعَتَمة هو الثُّلث الأوّل من اللَّيل بعد غيبوبة الشَّمسِ والشَّفَق. يقال: أعْتَمَ القومُ، إذا صاروا في ذلك الوقت. وجاء الضَّيفُ عاتماً، أي مُعْتِماً في تلك السَّاعة.
ومما شذَّ عن هذا الباب العتم([26]) : الزَّيتون البرّيّ. قال النابغة([27]) :
[تَستَنُّ بالضَّرْوِ من بَراقِشَ أو *** هَيلانَ أو ناضرٍ من العتمِ([28]) ]
(عتو) العين والتاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على استكبار. قال الخليل وغيرُه: عتَا يَعتُو عتُوَّاً: استكَبَر. قال الله تعالى: {وعَتَوْا عُتُوَّاً كَبِيراً} [الفرقان 21]. وكذلك يعتُو عِتِياً، فهو عاتٍ، والملك الجبَّار عاتٍ، وجَبابِرةٌ عُتاة. قال:
* والناس يعتُون على المُسلَّطِ *
ويقال: تَعَتَّى فلانٌ وتعتّت فلانة، إذا لم تُطِع. قال العجَّاج:
الحمد لله الذي استقلَّتِ *** بأمره السّماءُ واطمأنّتِ
* بأمره الأرضُ فما تَعتَّتِ([29]) *
أي ما عصَتْ.
(عتب) العين والتاء والباء أصلٌ صحيح، يرجع كله إلى الأمر فيه بعضُ الصُّعوبة من كلامٍ أو غيره. من ذلك العَتَبة، وهي أسكُفَّة الباب، وإنَّما سمِّيت بذلك لارتفاعها عن المكان المطمئنّ السَّهل. وعَتَبات الدُّرْجة: [مَرَاقيها]، كلُّ مِرقاةٍ من الدُّرْجة عتَبة. ويشبّه بذلك العتَباتُ تكون في الجبال، والواحدة عَتَبة، وتجمع أيضاً على عَتَب. وكلُّ شيء جَسَا وجفا فهو يشتقُّ له هذا اللفظ، يقال فيه عَتَبٌ، إذا اعتراه ما يغيِّره عن الخُلوص. قال:
فما في حُسْن طاعتِنا *** ولا في سَمْعِنا عَتَب([30])
وقال في وصف سيف:
* مُجرّبَ الوَقعِ غيرَ ذي عَتَبِ([31]) *
أي غير ملتوٍ عن الضَّريبة ولا نابٍ عنها.
ويقولون: حُمِل فلانٌ على عَتَبةٍ كريهة* وعَتَب كريه من بلاءٍ وشرّ.
قال المتلمَّس:
* يُعْلَى على العَتَب الكريهِ ويُوبَسُ([32]) *(4/183)
ويقال للفحَل المعقول أو الظَّالع إذا مَشَى على ثلاثِ قوائم كأنّه يَقفِز: عَتَب عَتَباناً([33]) . قال الخليل: وهذا تشبيهٌ، كأنّه يمشي على عتبات الدّرجةِ فينزُو من عَتبةٍ إلى عتبة. ويقال عتِّب لنا عَتبةً، أي اتَّخذْها.
ومن الباب، وهو القياسُ الصحيح: العَتْب: المَوْجِدة. تقول: عَتَبتُ على فلان عَتْباً ومَعْتَِبَة، أي وَجَدْت عليه. ثم يشتقّ منها فيقال: أعتَبَني، أي ترك [ما كنت([34]) ] أجد عليه ورجع إلى مَسَرَّتي([35]) ؛ وهو مُعْتِب راجعٌ عن الإساءة. وأنشد:
عتبتُ على جُمْلٍ ولستُ بشامتٍ *** بجُملٍ وإن كانت بها النّعلُ زلَّتِ ...
ويقولون: أعطانِي العُتْبَى، أي أعتَبني. ولك العُتْبَى، أي أعطيتك العتبَى. والتعتُّب، إذا قال هذا وهذا يَصِفان الموجِدة([36]) . وكذلك المعاتبة، إذا لامك واستزادك قلت عاتِبْني. قال:
إذا ذهب العتابُ فليس حُبٌّ *** ويبقى الحبُّ ما بقي العتابُ([37])
ويقال للرّجُل إذا طَلب أنْ يُعتَب: قد استَعتَب. قال أبو الأسود:
فعاتبتُه ثم راجعته *** عتاباً رقيقاً وقولاً أصيلا
فألفيتُه غيرَ مستعتبٍ *** ولا ذاكِرَ اللهَِ إلاّ قليلا([38])
وقال بعضهم: ما رأيت عند فلان عُتْباناً، إذا أردت أنّه أعتبك ولم تر لذلك بَياناً.
ـــــــــــــــ
([1]) ديوان النابغة 64، من قصيدة ليست من مرويات الأصمعي.
([2]) البيت مما لم يرو في ديوان سلامة. وأنشده في اللسان (عتد) براوية "نزاق" بالنون، وكلاهما صحيح. والمزاق والنزاق: السريع، ويقالان أيضاً للسريعة بلفظهما.
([3]) ديوان الأخطل 111 واللسان (عتد، صبر، حبلق).
([4]) البيت للبريق الهذلي، كما في ديوان الهذليين (3: 59) واللسان (خلف، عتر). وذكر في بقية أشعار الهذليين أن قصيدة البيت يرويها الأصمعي لعامر بن سدوس. ويروى: "وما كنت أخشى أن أعيش خلافهم" كما في اللسان (خلف)؛ وفي (عتر) وديوان الهذليين: "بستة أبيات".
([5]) في الأصل: "فتكون".(4/184)
([6]) وكذا أنشده في اللسان (عتر) وللعجاج في ديوانه 18:
* في سلب الغاب إذا هز عتر *
([7]) ديوان زهير 178، وفي اللسان (عتر): "كناصب العتر"، ثم قال: "ويروى: كمنصب العتر، يريد كمنصب ذلك الصنم أو الحجر الذي يدمي رأسه بدم العتيرة".
([8]) في الأصل: "عتق".
([9]) الأموة كالأبوة، مصدر أمت المرأة وأميت وأموت، أي صارت أمة.
([10]) في الأصل: "إكرام الطير".
([11]) ديوان لبيد 16 طبع 1881 واللسان (عتق، جلا).
([12]) في الأصل: "هذا وان".
([13]) أي أن يزقه أبواه. وفي الأصل: "الرق".
([14]) البيت من معلقته المشهورة.
([15]) يروى البيت التالي لعبد الرحمن بن أرطاة بن سيحان المحاربي، أو هو عبد الرحمن بن سيحان المحاربي. انظر الأغاني (1: 76-78) تجد قصة الشعر.
([16]) لم أجد بهذا اللفظ إلا قولهم: "العاتقة من القوس مثل العاتكة، وهي التي قدمت واحمرت".
([17]) ديوان الأعشى 23 واللسان (جرل، عتق) وقد سبق في (جرل).
([18]) ديوان عنترة 24 واللسان (كذب، عتق)، وقيل: إن البيت من أبيات لخزز بن لوذان السدوسي، رواه صاحب اللسان في (عتق).
([19]) لأوس بن حجر في ديوان 24 واللسان (عتق).
([20]) البيتان لأبي عامر، جد العباس بن مرداس، كما في اللسان (عتق)، وأنشدهما في إصلاح المنطق 399.
([21]) التكملة من اللسان.
([22]) هو المتنخل الهذلي. ديوان الهذليين (2: 26).
([23]) هذه الكلمة ساقطة من الأصل. وفي الديوان: "فرع نبع". قال السكري: "ويروى: وصفراء البرية غير خلط".
([24]) قرأ بضم التاء ابن كثير ونافع وابن عامر ويعقوب، ووافقهم ابن محيصن والحسن. وقرأ الباقون بكسر التاء. إتحاف فضلاء البشر 389 واللسان (عتل).
([25]) التكملة من اللسان (عتم).
([26]) يقال بضم وبضمتين، وبالتحريك.
([27]) هو النابغة الجعدي، اللسان (ضرو، برقش، هيل، عتم) والأغاني (6: 64) ومعجم البلدان(براقش، هيلان). وانظر الحيوان (5: 453).(4/185)
([28]) التكملة من المراجع المتقدمة وأمالي القالي (1: 173) .
([29]) الأشطار مفتح أرجوزة له في ديوانه 5. والشطر الأخير في اللسان (عتا).
([30]) أنشده في اللسان (عتب).
([31]) صدره كما في اللسان (عتب): * أعددت للحرب صارماً ذكراً *
([32]) أنشد هذا العجز في اللسان (عتب) بدون نسبة، وليس في ديوان المتلمس. على أن في الديوان أبياتاً من هذا الوزن والروي وليس هو بينها.
([33]) ويقال "عتباً" أيضاً، "وتعتاباً".
([34]) التكملة من اللسان.
([35]) في الأصل: "مدتي". وفي المجمل: "وأعتبني فلان، إذا عاد إلى مسرتي راجعاً عن الإساءة".
([36]) في الأصل: "نصفان الموجدة"، تحريف. وفي اللسان: "والتعتب والتعاتب والمعاتبة: تواصف الموجدة".
([37]) قبله في اللسان (عتب):
أعاتب ذا المودة من صديق *** إذا ما رابني منه اجتناب
([38]) اللسان (عتب) والخزانة (4: 554) وسيبويه (1: 85) وأمالي ابن الشجري (1: 383) والأغاني (11: 107) وشرح شواهد المغني 316. ...
ـ (باب العين والثاء وما يثلثهما)
(عثر) العين والثاء والراء أصلانِ صحيحان، يدل أحدهما على الاطِّلاع على الشيء، والآخر [على] الإثارة للغُبار.
فالأوَّل عَثَر عُثُوراً، وعثر الفرسُ يعثُر عِثاراً، وذلك إذا سقَطَ لوجهه. قال بعض أهل العلم: إنما قيل عَثَر من الاطِّلاع، وذلك أنَّ كل عاثرٍ فلا بدَّ أن ينظر إلى موضع عَثْرته. ويقال: عَثَر الرجل يعثُر عُثوراً وعَثراً، إذا اطَّلع على أمرٍ لم يطَّلع عليه غيرُه. كذا قال الخليل. وأعثَرْتُ فلاناً على كذا، إذا أطلعتَه عليه. قال الله تعالى:{فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً} [المائدة 107]، أي إن اطُّلِع. وقال تعالى: {وَكَذلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ} [الكهف 21]. والعاثور: المكان يُعثَر به. قال:
* وبلدةٍ كثيرةِ العاثور([1]) *
أراد كثيرة المتالف.
والأصل الآخر العِثْيَر [والعِثْيرة]، وهو الغُبار الساطع. قال:(4/186)
* ترى لهم حَولَ الصِّقَعْل عِثْيرهْ([2]) *
فأمَّا قولهم: ما رأيتُ له أثراً ولا عَثْيَراً، فقالوا: العَثْيَر: ما قُلِب من تراب أو مَدَر. وهو ارجعٌ إلى ما ذكرناه. وقال:
* لقد عَيْثَرتَ طيرَك لو تعيفُ([3]) *
أي رأيتها جَرَتْ، كأنَّه أراد الأثر.
(عثل) ذكروا فيه كلمةً إن صحَّت. يقال([4]) إن العِثْوَلَّ من الرِّجال: الجافي. قالوا: والعَثُول: النَّخلة الجافية الغليظة([5]) . قال:
هَززتُ عَثُولاً مَصّت الماءَ والثَّرى *** زماناً فلم تَهمُمْ بأن تتبرّعا
(عثم) العين والثاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على غِلَظ ونُتُوٍّ في الشَّيء. قالوا: العَيْثوم: الضَّخْم الشَّديد من كلِّ شيء. وقالوا: وتُسَمَّى الفِيلَة العَيثوم. قال يصف ناقة:
وقد أَسِيرُ أمامَ الحيِّ تحملُني *** والفَصْلتين كِنازُ اللّحم عيثوم([6])
أي ضخمة شديدة. ويقال للجمل الضَّخم عَيثوم. والعَثَمْثم من الإِبل: الطويل في ضِخَم، و[يقال] في الجميع عثمثمات. ورُبَّما وُصِف الأسدُ بالعثمثم.
ومن الباب العَثم، وهو أن يُساءَ جَبْر العَظْم فيبقى فيه عِوج ونتُوٌّ كالورَم. ويقال هو عَثِمٌ وبه عَثْم، كأنَّه مَشَش. قال الخليل: وبه سمِّي عُثمان؛ لأنّه مأخوذ من الجبْر. ويقال بل العثمان([7]) …
(عثن) العين والثاء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشارٍ في شيء وانتفاش. من ذلك العُثَان، وهو الدُّخان، سمِّي بذلك لانتشاره في الهواء. تقول عَثَّن يُعَثِّن، إذا دَخَّن. والنار تَعْثُنُ وتُعثِّن. وتقول: عثَّنت البيتَ بريح الدُّخنة تعثيناً. وعَثَن البيتُ يَعثُن عَثْناً، إذا عبِق به ريحُ الدُّخنة. تقول: عثَّنت الثَّوب بالطِّيب تعثيناً، كقولك *دخَّنته تدخينا.
ومن الباب العُثنون: عُثْنون اللِّحية، وهو طُولها وما تحتَها من شَعَْرها. وسمِّي بذلك للذي ذكرناه من الانتشار والانتفاش.(4/187)
ومن الباب: عُثْنُون الرِّيح: هَيْدَبُها في أوائلها، إذا أقبلَتْ تجرُّ الغُبار جَرَّاً؛ والجمع العثانين. وهَيدَبُها: ما وقع على الأرض منها. وقال ابن مُقْبل:
[هَيفٌ هَدُوج الضُّحى سهوٌ مناكبُها *** يكسونها بالعشيَّات العثانِينا]([8])
وعُثنون البعير: شُعَيرات عند مَذْبحه. والجمع عثانين.
(عثي) العين والثاء والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على فَساد. يقال عثا يعثو، ويقال عَثِيَ يَعْثَى، مثل عاثَ. قال الله تعالى: {وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة 60، الأعراف 74، هود 85، الشعراء 183، العنكبوت 36].
ـــــــــــــــــــ
([1]) للعجاج في ديوانه 27 واللسان (عثر). ورواية الدّيوان:
* بل بلدة مرهوبة العاثور *
([2]) أنشده في اللسان (صقل، عثر)، والمخصص (4: 147).
([3]) في الأصل: "عثيرت"، تحريف. وصدره كما سبق التنبيه عليه في حواشي (عيف): * لعمرك أبيك يا صخر بن ليلى *
([4]) في الأصل: "قال".
([5]) ذكرت التكملة وتفسيرها في القاموس، وضبطها كصبور. ولم ترد في اللسان.
([6]) في اللسان (عثم): "والفضلتين" بالضاد المعجمة.
([7]) كذا وردت العبارة مبتورة في الأصل. وفي المجمل: "والعثمان: فرخ الحبارى" وفي اللسان أن العثمان فرخ الثعبان أو الحية، وفرخ الحبارى.
([8]) التكملة من ديوان ابن مقبل 318 وجمهرة أشعار العرب. ...
ـ (باب العين والجيم وما يثلثهما)
(عجد) العين والجيم والدال ليس بشيء، على أنهم يقولون: العُجْد: الزبيب. ويقال هو العُنْجُد.
(عجر) العين والجيم والراء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تعقد في الشيء ونُتوٍّ مع التواء. من ذلك العَجَر: مصدر قولك عَجِرَ يَعْجَرُ عَجَراً. والأعجر النّعت. والعُجْرة: موضع العَجَر. ويقال: حافر عَجُِرٌ: صلب شديد. قال مَرَّار بن مُنْقِذ:
سائلٍ شمراخُه ذي جُبَبٍ *** سَلِط السُّنبُك في رُسْغٍ عَجُِرْ([1])(4/188)
والأعجر: كلُّ شيء ترى فهي عُقَداً؛ كبشٌ أعجرُ، وبطنٌ أعجر، إذا امتلأ جدّاً. قال عنترة:
ابني زَبِيبةَ ما لمهركُمُ *** متخدّداً وبطونُكُمْ عُجْرُ([2])
وقال بعضهم: وأُراه مصنوعاً، إلاّ أنّ الخليل أنشدهُ:
حسن الثِّياب يبيت أعجَرَ طاعماً *** والضّيفُ من حُبِّ الطَّعام قد التَوَى ...
والعُجْرة: كلُّ عقدةٍ في خشبةٍ أو غيرها مِن نحو عروق البدَن، والجمع عُجَر. ومن الباب الاعتجار، وهو لفُّ العِمامة على الرأس من غير إدارةٍ تحت الحنَك. قال:
جاءت به معتجراً ببُرْدِهْ *** سَفْوَاءُ تَرْدِي بنَسِيجِ وَحْدِهْ([3])
وإنما سمِّيَ اعتجاراً لما فيه من لَيٍّ ونُتوّ.
ومما شذَّ عن هذا الأصل العَجِير، وهو من الخيل كالعِنِّين من الرِّجال.
(عجز) العين والجيم والزاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على الضَّعف، والآخر على مؤخَّر الشيء.
فالأول عَجِزَ عن الشيء يعجز عَجْزاً ([4]) ، فهو عاجزٌ، أي ضَعيف. وقولهم إنّ العجزَ نقيضُ الحَزْم فمن هذا؛ لأنه يَضْعُف رأيُه. ويقولون: "المرء يَعْجِز لا مَحَالة([5]) ". ويقال: أعجزَني فلانٌ، إذا عَجِزْت عن طلبه وإدراكه. ولن يُعجز للهَ تعالى شيء، أي لا يَعجِز اللهَ تعالى عنه متى شاء. وفي القرآن: {لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً} [الجن 12]، وقال تعالى: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ} [العنكبوت 22، الشورى 31]. ويقولون: عَجَزَ بفتح الجيم. وسمعتُ عليَّ بن إبراهيمَ القطَّان يقول: سمعت ثعلباً يقول: سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يقول: لا يقال عَجِزَ([6]) إلاَّ إذا عَظُمَتْ عجيزتُه.(4/189)
ومن الباب: العجوز: المرأة الشَّيخة، والجمع عجائز. والفعل عجَّزت تعجيزاً. ويقال: فلانٌ عاجَزَ فلاناً، إذا ذَهَب فلم يُوصَل إليه. وقال تعالى:{يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعَاجزين} [سبأ 38]. ويجمع العجوز على العُجُزِ أيضاً، وربَّما حملوا على هذا فسمَّوا الخمرَ عجوزاً، وإنما سمَّوها لقدَمها، كأنَّها امرأةٌ عجوز. والعِجْزَة وابنُ العِجْزَة: آخرُ ولد الشَّيخ. وأنشد:
* عِجْزَةَ شيخَينِ يسمَّى مَعْبَدا([7]) *
وأمَّا الأصل الآخر فالعَجُز: مؤخَّر الشيء، والجمع أعجاز، حتى إنهم يقولون: عَجُز الأمرِ، وأعجازُ الأمور. ويقولون: "لا تَدَبَّرُوا أعجازَ أمورٍ ولَّتْ صدورُها". قال: والعَجيزة: عجيزة المرأة خاصّة إذا كانت ضَخْمَةً، يقال امرأةٌ عَجْزَاء. والجمع عَجيزَاتٌ كذلك. قال الخليل: ولا يقال عجائز، كراهة الالتباس. وقال ذو الرُّمَّة:
عجزاءُ ممكورةٌ خُمصانةٌ قَلِقٌ *** عنها الوِشاحُ وتمّ الجسم والقصبُ([8])
وقال أبو النَّجم:
مِن كلِّ عَجْزَاءَ، سَقوط البُرقُعِ *** بلهاءَ لَم تَحْفَظْ ولم تُضَيِّع([9])
والعَجَز: داء يأخذ الدّابةَ في عَجُزها([10]) ، يقال هي عَجْزاء، والذّكر أعجَز. ومما شُبّه [في] هذا الباب: العَجْزاء من * الرَّمل: رملة مرتفِعة كأنّها جبل، والجمع العُجْز. وهذا على أنَّها شبِّهت بعجيزةِ ذاتِ العجيزة، كما قد يشبِّهون العَجِيزات بالرّمل والكثيب. والعَجْزاء من العِقْبان: الخفيفة العَجِيزة. قال الأعشى:
* عَجْزاءُ تَرزُقُ بالسُّلَيِّ عيالَها([11]) *
وما تَركْنا في هذا كراهةَ التّكرار راجعٌ إلى الأصلين اللذين ذكرناهما. وسمِعنا من يقول إنّ العَجوز: نصلُ السَّيف. وهذا إنْ صحَّ فهو يسمَّى بذلك لِقدمه كالمرأة العجوز، وإتْيان الأزمنة عليه.(4/190)
(عجس) العين والجيم والسين أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على تأخرِ الشيء كالعَجُز، في عِظَمٍ وغِلَظٍ وتجمّع. من ذلك العَُِجْس والمَعْجِس: مقبض [القوس]، وعُجْسُها وعُجْزُها سواء. وإِنَّما ذلك مشبَّه بعَجُز الإنسان وعَجيزته. قال أوسٌ في العجس:
كتُومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دونَ مِلئِها *** ولا عَجْسُها عن موضع الكفِّ أفْضَلا([12])
يقول: عَجْسُها على قدر القَبْضة، سواء. وقال في المَعْجِس مهلهِلٌ:
أنْبَضُوا [مَعجِسَ] القِسِيِّ وأبرقْـ *** نا كما تُوعِدُ الفحولُ الفُحولا([13])
ومن الباب: عَجَاسَاء اللَّيل: ظُلْمته، وذلك في مآخيرِه؛ وشبِّهت بعَجَاساء الإبل.
قال أهل اللُّغة: العَجَاساء من الإِبل: العِظامُ المَسَانّ. قال الراعي:
إذا بَرَكَتْ منها عَجاساء جِلّةٌ *** بمَحْنِيَةٍ أجْلى العِفاسَ وبَرْوَعا([14])
العِفاس وبَرْوَع: ناقتان. وهذا منقاسٌ من الذي ذكرناه من مآخير الشَّيء ومُعظَمِه. وذلك أنَّ أهل اللُّغة يقولون: التعجُّس: التأخُّر. قالوا: ويمكن أن يكون اشتقاق العَجَاساء من الإبل منه، وذلك أنَّها هي التي تَستأخِر عن الإبل في المرتَع. قالوا: والعَجَاساء من السَّحاب: عِظامُها. وتقول: تَعَجَّسَني عَنْك كذا، أي أخَّرني عنك. وكل هذا يدلُّ على صحَّة القياسِ الذي قِسناه.
وقال الدريديّ([15]) : تعجَّسْتُ الرّجُلَ، إذا أَمَر أَمْراً فَغَيّرتَه عليه. وهذا صحيحٌ لأنَّه من التعقُّب، وذلك لا يكون إِلاّ بعد مضيِّ الأوّل وإتيانِ الآخَرِ على ساقَتِه وعند عَجُزه. وذَكرُوا أنَّ العَجِيساءَ([16]) : مِشْيَةٌ بطيئة. وهو من الباب. ومما يدلُّ على صحَّة قياسِنا في آخر الليل وعَجَاسائهِ قولُ الخليل: العجَسْ: آخِر الليل. وأنشد:
وأصحابِ صدقٍ قد بعثْتُ بجَوشَنٍ *** من اللَّيل لولا حبُّ ظمياءَ عرَّسُوا
فقامُوا يَجُرُّون الثِّيابَ وخَلفَهم *** من اللَّيل عَجْسٌ كالنَّعامةِ أقعسُ(4/191)
وذكر أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابيّ: أن العُجْسة آخِر ساعةٍ في اللَّيل. فأمّا قولهم: "ولا آتيك سَجِيسَ عُجَيسٍ" فمِن هذا أيضاً، أي لا آتيك آخِرَ الدَّهر. وحُجّةُ هذا قول أبي ذؤيب:
سَقَى أمُّ عَمرٍو كلَّ آخِرِ ليلةٍ *** حَناتِمُ مُزْنٍ ماؤهن ثجيجُ([17])
لم يُرِدْ أواخرَ اللَّيالي دون أوائلها، لكنّه أراد أبداً.
(عجف) العين والجيم والفاء أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على هُزال، والآخَر على حَبْس النفس وصَبْرِها على الشَّيء أو عنه.
فالأوَّل العَجَف، وهو الهُزَال وذَهاب السِّمَن، والذّكر أعجف والأنثى عَجْفاء، والجمع عِجافٌ، من الذُّكْران والإِناث. والفعل عَجِفَ يَعْجَف([18]) وليس في كلام العَرَب أفعَلُ مجموعاً على فِعال غيرُ هذه الكلمة([19]) ، حملوها على لفظ سِمان. وعِجافٌ على فِعال. ويقال أعجَفَ القومُ، إذا عجِفت مواشيهم وهم مُعْجِفون.
وحَكَى الكسائيُّ: شفَتانِ عَجفاوان، أي لطيفتان قال أبو عُبيد: يقال عَجُفَ إذا هُزِل، والقياس عَجِف؛ لأنَّ ما كان على أفعل وفعلاء فماضيه فَعِل، نحو عَرِج يعرَج، إلاَّ ستّةَ حروف جاءت على فَعُل، وهي سَمُر، وحَمُق، ورَعُن، وعَجُف، وخَرُق.
وحكى الأصمعيُّ في الأعجم: عَجُم. وربَّما اتَّسعوا في الكلام فقالوا: أرضٌ عجفاء، أي مهزولة لا خَيرَ فيها([20]) ولا نبات. ومنه قول الرائد: "وجَدْتُ أرضاً عجفاء". ويقولون: نَصلٌ أعجفُ، أي دقيق. قال ابنُ أبي عائذ([21]) :
تراحُ يداه بمحشورةٍ *** خَوَاظِي القِداح عجافِ النِّصالِ([22])
وأمَّا الأصل الثاني فقولهم: عَجَفْتُ* نفسِي عن الطعام أعجِفها عَجْفاً، إذا حبستَ نفسَك عنه وهي تشتهيه. وعَجَفْت غيرِي قليلٌ. [قال]:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصيفُ *** ولا تُمَيْراتٌ ولا تعجيفُ([23])
ويقال: عَجَفْت نفسي على المَريض أعْجِفها، إذا صَبَرْتَ عليه ومرَّضْتَه. [قال]:(4/192)
إنِّي وإِنْ عيَّرتني نُحولِي([24]) *** لأَعجِفُ النَّفسَ على خليلي
... * أُعْرِضُ بالوُدِّ وبالتَّنويلِ([25]) *
(عجل) العين والجيم واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على الإسراع، والآخر على بعض الحيَوان.
فالأوّل: العَجَلة في الأمرِ، يقال: هو عَجِلٌ وعَجُل، لغتان. قال ذو الرّمّة:
كأنَّ رِجلَيه رِجلاَ مُقْطِفٍ عَجُِلٍ *** إذا تَجَاوَبَ من بُرْدَيه ترنيمُ([26])
واستعجلتُ فلاناً: حثثته. وعَجِلْتُه: سبَقْته. قال الله تعالى: {أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف 150]. والعُجَالَة: ما تُعَجِّلُ من شيء. ويقال: "عُجَالة الرَّاكبِ تمرٌ وسَويق". وذكر عن الخليل أنَّ العَجَل: ما استُعجِل به طعامٍ فقُدِّم قبل إدراك الغِذاء. وأنشد:
إن لم تُغِثْنِي أكُنْ ياذا النَّدَى عَجَلاً *** كلُقمةٍ وقَعتْ في شِدقِ غَرثانِ([27])
ونحن نقول: أمّا قياس الكلمة التي ذكرناها فصحيح، لأنَّ الكلمةَ لا أصلَ لها، والبيت مصنوع.
ويقال: من العُجَالة: عجَلتُ القَوْمَ، كما يقال لَهَّنْتُهُمْ. وقال أهل اللُّغة: العاجل: ضد الآجل. ويقال للدُّنيا: العاجلة، وللآخرة: الآجلة. والعَجْلان هو كعب بن ربيعة بن عامر، قالوا: سمِّي العَجْلانَ باستعجالِهِ عَبْدَه. وأنشدوا:
وما سُمِّيَ العَجْلاَنَ إِلاّ لقوله *** خُذِ الصَّحْنَ واحْلُبْ أيُّهَا العبدُ واعجَلِ([28])
وقالوا: إنَّ المُعَجِّل والمُعْجِل([29]) من النُّوق: التي تُنْتَج قبل أن تستكمل الوقتَ فيعيش ولدُها.
وممّا حُمِل على هذا العَجَلة: عَجَلة الثِّيران. والعَجَلة: المنجنون التي يُسْتَقى عليها، والجمع عَجَل وعَجَلات.
قال أبو عبيد: العَجَلة: خشبةٌ معترِضة على نَعَامَتي البِئرِ والغَرْبُ مُعلَّقٌ بها، والجمع عَجَل. قال أبو زيد: العَجَلة: المَحَالة. وأنشد:
وقد أعَدَّ ربُّها وما عَقَلْ *** حمراءَ من ساجٍ تَتقّاها العَجَلْ(4/193)
ومن الباب: العِجْلة: الإداوَة الصَّغيرة، والجمْع عِجَل. وقال الأعشى:
والسّاحباتِ ذيولَ الخزِّ آونةً *** والرافلاتِ على أعجازها العِجَلُ([30])
وإنما سمِّيت بذلك لأنها خفيفة يعجَل بها حاملُها. وقال الخليل: العَجُول من الإبل، الواله التي فَقَدَت ولدَها، والجمع عُجُل. وأنشد:
أحِنُّ إليك حنين العَجُول *** إذا ما الحمامة ناحت هديلا
وقالت الخنساء:
فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيف به *** قد ساعدَتْهَا على التَّحنانِ أظآرُ([31])
قالوا: وربما قيل للمرأة الثَّكلى عَجُول، والجمع عُجُل. قال الأعشى:
حتى يظلَّ عميدُ القَوْمِ مرتفقاً *** يَدفَع بالرّاح عنه نِسْوةٌ عُجُلُ([32])
ولم يفسِّرُوه بأكثر من هذا. قلنا: وتفسيره ما يلحق الوالهَ عند ولهه من الاضطراب([33]) و العَجَلة، إلاّ أنَّ هذه العَجول لم يُبْنَ منها فِعل فيقال: عَجِلتْ، كما بُنِي من الثُّكل ثَكِلتْ، والأصل فيه واحد، إلاّ أنّه لم يأت من العرب.
والأصل الآخر العِجْل: ولد البقرة؛ وفي لغةٍ عِجَّوْل، والجمع عجاجيل، والأنثى عِجْلَة وعِجَّولة، وبذلك سُمِّي الرجل عِجْلاً.
(عجم) العين والجيم والميم ثلاثة أصول: أحدها يدلُّ على سكوتٍ وصمت، والآخَر على صلابةٍ وشدة، والآخر على عَضٍّ([34]) ومَذَاقة.
فالأوَّل الرجُل الذي لا يُفصح، هو أعجمُ، والمرأة عجماءُ بيِّنة العُجمَة. قال أبو النَّجم:
* أعجمَ في آذانها فصيحا *
ويقال عَجُم الرجل، إذ صار أعجَم، مثل سَمُر وأدُم. ويقال للصَّبيِّ ما دام لا يتكلَّم لا يُفصح: صبيٌّ أعجم. ويقال: صلاةُ النَّهار عَجْماء، إنما أراد أنّه لا يُجهر فيها بالقراءة. وقولهم: العَجَمُ الذين ليسوا من العرب، فهذا من هذا القياس كأنَّهم لمّا لم يَفْهَمُوا عنهم سَمُّوهم عَجَماً، ويقال لهم عُجْم أيضاً. قال:
دِيارُ ميَّةَ إذْ* مَيٌّ تُسَاعِفُنا *** ولا يَرَى مثلها عُجْم ولا عَرَبُ([35])(4/194)
ويقولون: استَعجمَتِ الدَّارُ عن جَواب السَّائل. قال:
صَمَّ صَداها وعفَا رَسمُها *** واستَعْجَمَتْ عن مَنطقِ السّائلِ([36])
ويقال: الأعجميّ: الذي لا يُفْصِح وإنْ كان نازلاً بالبادية. وهذا عندنا غلَط، وما نَعلم أحداً سمَّى أحداً من سكان البادية أعجميَّاً، كما لا يسمُّونه عجميّاً، ولعلَّ صاحبَ هذا القول أراد الأعجم فقال الأعجميّ. قال الأصمعيّ: يقال: بعيرٌ أعجمُ، إذا كان لا يَهدِر. والعجماء: البهيمة، وسمِّيت عجماءَ لأنّها لا تتكلم، وكذلك كلُّ مَن لم يَقدرِ على الكلام فهو أعجمُ ومُستعجِم. وفي الحديث: "جُرْحُ العَجْماء جُبَارٌ"، تراد البَهيمة.
قال الخليل: حروف المعْجَم مخفّف، هي الحروف المقطَّعة، لأنّها أعجمية. وكتابٌ مُعَجَّم، وتعجيمه: تنقيطه كي تستبين عُجْمَتُه ويَضِحَ. وأظنُّ أن الخليل أراد بالأعجمية أنّها ما دامت مقطَّعةً غير مؤلّفة تأليفَ الكلامِ المفهومِ، فهي أعجميَّة؛ لأنَّها لا تدلُّ على شيء. فإن كان هذا أراد فله وجه، وإلاّ فما أدري أيَّ شيء أَرَادَ بالأعجميَّة. والذي عندنا في ذلك أنّه أُريد بحروف المُعجَم حُروفُ الخطِّ المُعْجَم، وهو الخطُّ العربيّ، لأنَّا لا نعلم خَطَّاً من الخطوط يُعْجَم هذا الإعجامَ حتَّى يدلّ على المعاني الكثيرة. فأمَّا إعجام([37]) الخطِّ بالأَشكالِ فهو عندنا يدخل في باب العضِّ على الشَّيء لأنّه فيه، فسمي إعجاماً لأنّه تأثيرٌ فيه يدلُّ على المعْنى.
فأمّا قولُ القائل:
* يريدُ يعرِبَه فيُعجِمُه([38]) *
فإنّما هو من الباب الذي ذكرناه. ومعناه: يريد أن يُبِين عنه فلا يقدرُ على ذلك، فيأتي به غيرَ فصيح دالّ على المعنى. وليس ذلك من إعجام الخطّ في شيء.(4/195)
(عجن) العين والجيم والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اكتناز شيءٍ ليِّنٍ غير صُلب. من ذلك العَجَن، وهو اكتناز لحمِ ضَرْع النّاقة، وكذلك من البَقَر والشّاء. تقول: إنّها عَجْناءُ بيِّنة العَجَن. ولقد عَجِنَتْ تَعْجَنُ عَجَناً. والمتَعجِّن من الإِبل: المكتنِز سِمَناً، كأنّه لحمٌ بلا عَظْم.
ومن الباب: عَجَن الخبَّازُ العجِينَ يَعجِنه عَجْناً. وممّا يقرُب من هذا قولُهم للأحمق، عجَّانٌ، وعجينة. قال: معناه أنَّهم يقولون: "فلانٌ يَعجن بِمرفَقَيه عْجناً([39]) "، ثم اقتَصَروا على ذلك فقالوا: عِجينةٌ وعَجّان، أي بمرْفَقَيه، كما جاء في المثل.
ومن الباب: العِجان، وهو الذي يَستبرِئه البائل، وهو ليِّن. قال جَرير:
يَمُدُّ الحبلَ معتمداً عليه *** كأنّ عجانَه وترٌ جديدُ([40])
(عجي) العين والجيم والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على وَهَْن في شيءٍ، إما حادثاً وإمّا خِلقة.
من ذلك العُجَايَة، وهو عصبٌ مركَّب فيه فُصوصٌ من عِظام، يكونُ عند رُسْغ الدّابَّة، ويكون رِخواً، وزعموا أنَّ أحدَهم يجوع فيدُقُّ تلك العُجَاية بَيْنَ فِهْرَين فيأكلُها. والجمع العُجَايات والعُجَى. قال كعبُ بن زُهير:
سُمرُ العُجاياتِ يترُكْنَ الحَصى زِيَماً *** لم يَقِهِنَّ رؤوسَ الأُكمِ تنعيلُ([41])
ومما يدلُّ على صِحَّة هذا القياسِ قولهم للأمّ: هي تَعجُو ولدَها، وذلك أن يُؤَخَّر رَضاعُه عن مَوَاقيتِه، ويُورِث ذلك وَهَْنَاً في جِسْمه. قال الأعشى:
مشفِقاً قلبُها عليه فما تعـ *** ـجُوه إِلاَّ عُفافَةٌ أو فُواقُ([42])
العُفافَة: الشَّيء اليسير. والفُواق: ما يجتمع في الضَّرع قبل الدِّرَّة. وتَعْجُوه، أي تداويه بالغِذاء حَتّى ينهض. واسم ذلك الولد العَجِيُّ، والأنثى عَجِيَّة، والجمع عَجَايا. قال:
عداني أن أزُورَك أنّ بَهْمِي *** عَجَايا كلها إلا قليلا([43])(4/196)
وإذا مُنِع الولدُ اللّبَن وغُذِّي بالطّعام، قيل: قد عُوجِي. قال ذو الإصبع([44]) :
إذا شئت أبصرت من عَقْبِهم *** يَتامَى يُعاجَوْنَ كالأذؤُبِ
وقال آخر في وصف جراد:
إذا ارتحلت من منزلٍ خَلّفَتْ به *** عَجَايا يحاثي بالتُّرابِ صغيرُها([45])
ويروى: "رذايا يُعاجَى".
(عجب) العين والجيم والباء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على كِبْر واستكبارٍ للشَّيء، والآخر خِلْقة من خِلَق الحيوان.
فالأوّل* العُجْب، وهو أن يتكبَّر الإنسان في نفسه. تقول: هو مُعجَبٌ بنَفْسِه. وتقول من باب العَجَب: عَجِب يَعْجَبُ عَجَباً، وأمرٌ عجيب، وذلك إذا استُكْبِر واستُعْظِم. قالوا: وزعم الخليل أنّ بين العَجِيب والعُجابِ فرقاً. فأمّا العجيب والعَجَب مثله [فالأمرُ يتعجَّب منه([46]) ]، وأمّا العُجَاب فالذي يُجاوِز حدَّ العجيب. قال: وذلك مثل الطَّويل والطُّوال، فالطويل في النَّاس كثير، والطُّوال: الأهوج الطُّول. ويقولون: عجَبٌ عاجب. والاستعجاب: شدة التعجُّب؛ يقال مُستَعجِب ومتعجِّب مما يرى. قال أوس:
ومستعجِبٍ مِمَّا يرى من أناتِنا *** ولو زَبنَتْه الحربُ لم يَترمرم([47])
وقِصَّةٌ عَجَب. وأعجبَني هذا الشَّيء، وقد أُعِجبْت به. وشيء مُعْجِبٌ، إذا كان حسَناً جِدّاً.
والأصل الآخر العَجْب([48]) ، وهو من كلِّ دابة ما ضُمَّتْ عليه الورِكان من أصل الذّنَب المغروز في مُؤَخَّر العَجُز. وعُجُوب الكُثْبان سمِّيت عُجوباً تشبيهاً بذلك، وذلك أنّها أواخِر الكُثْبان المستدِقَّة. قال لبيد:
* بعُجوب أنقاء يَميلُ هَيَامُها ([49]) *
وناقَةٌ عَجْباء: بيِّنة العَجَب والعُجْبة([50]) ، وشدَّ ما عَجِبَت، وذلك إذا دقَّ أعلى مؤخَّرها وأشرفت جاعرتاها؛ وهي خِلْقةٌ قبيحة.
ـــــــــــــــــ
([1]) المفضليات (1: 81). وأنشد عجزه في اللسان (عجر 217).
([2]) أنشده في اللسان (عجر)، ولم يرد في ديوان عنترة.(4/197)
([3]) الرجز لدكين الراجز يمدح به عمر بن هبيرة الفزاري. اللسان (عجر، سفا، وحد) .
([4]) يقال من باب ضرب وسمع، كما في القاموس.
([5]) كذا. والصواب "لا المحالة". والمحالة: الحيلة. انظر اللسان (حول) والبيان (3: 37) بتحقيق كاتبه.
([6]) يعني بكسر الجيم، كما أثبت مطابقاً ما في المجمل. وقد سبقت الإشارة إلى أنهما لغتان في معنى الضعف.
([7]) قبله في اللسان (عجز): * واستبصرت في الحي أحوى أمردا *
([8]) ديوان ذي الرمة 4.
([9]) الرجز في شروح سقط الزند 929 برواية: "من كل بيضاء". قال البطليوسي: "أراد سلامة صدرها مما تنطوي عليه صدور أهل الخبث والمكر، وأنها جاهلة بالأمور التي مهر فيها أهل الفسق والشر".
([10]) زاد في اللسان: "فتثقل لذلك".
([11]) في اللسان (عول) : "فتخاء". وصدره كما في الديوان 25 واللسان (عجز، عول): * وكأنما تبع الصوار بشخصها *
([12]) ديوان أوس بن حجر 21 واللسان (طلع) والجمهرة (2: 93). وقد سبق في (طلع).
([13]) الأغاني (5: 169): "يعني أنهم لما أخذوا القسي ليرموهم من بعيد انتضوا سيوفهم ليخالطوهم ويكافحوهم بالسيوف".
([14])اللسان (عجس، شلا، عفس، برع) وإصلاح المنطق 180، 315 والجمهرة (2: 93). والرواية فيها جميعاً: "أشلى العفاس".
([15]) الجمهرة (2: 93) .
([16]) ويقال أيضاً "عِجِّيسَى".
([17]) ديوان الهذليين (1: 51) واللسان (حنتم، ثجج). وقد سبق في (ثج).
([18]) ويقال أيضاً عجف يعجف، من باب كرم.
([19]) ذكر ابن خالويه في ليس من كلام العرب 19 ثلاثة أحرف: "أجرب وجراب: وأعجف وعجاف، وأبطح وبطاح". ومثله في اللسان (عجف).
([20]) في الأصل: "لا غير فيها"، صوابه من المجمل.
([21]) أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 184).
([22]) تراح يداه، أي تخف للرمي. وفي الأصل: "تراه"، صوابه من الديوان.
([23]) الرجز لسلمة بن الأكوع، كما في اللسان (عجف، نصف، خرف، قرص، صرف).(4/198)
([24]) بعد هذا الشطر في اللسان (عجف): * أو ازدريت عظمي وطولي *
([25]) في الأصل: "وبالتنزيل"، صوابه في اللسان. وأراد أعرض الود، فزاد الباء.
([26]) ديوان ذي الرمة 587 واللسان (قطف، برد).
([27]) أنشده في اللسان (عجل).
([28]) البيت للنجاشي الشاعر. مجالس ثعلب 431 والخزانة (2: 106) والعمدة (1: 27) وزهر الآداب (1: 19) والبيان والتبيين (4: 38) بتحقيق كاتبه. ويروى: "خذ القعب".
([29]) والمعجال أيضاً، كما في اللسان.
([30]) ديوان الأعشى 46.
([31]) ديوان الخنساء 26.
([32]) ديوان الأعشى 47 برواية: "حتى يظل عميد القوم متكئا".
([33]) في الأصل: "والاضطراب".
([34]) في الأصل: "عصن".
([35]) ديوان ذي الرمة 3.
([36]) لامرئ القيس في ديوانه 148 واللسان (صمم، صدى، عجم). وقد سبق في (صدي).
([37]) في الأصل: "فأما له عجام".
([38]) نسب إلى رؤبة في اللسان (عجم). وانظر ملحقات ديوانه 186. لكن نسب إلى الحطيئة في العمدة (1: 74). والرجز في ديوان الحطيئة 111.
([39]) في المجمل: "إن فلاناً يعجن"، وفي اللسان: "إن فلان ليعجن".
([40]) اللسان (عجن) والديوان 189 عن اللسان.
([41]) في الأصل: "شم العجايات"، صوابه من ديوان كعب 14 واللسان (عجا).
([42]) ديوان الأعشى 141 واللسان (عفف، عجا، عدا). وهذه الرواية تطابق إحدى روايتي اللسان (عجا)، وقد سبق في (عف) برواية: "لا تجافي عنه أنهار ولا تعجوه" ومعظم الروايات كما في الديوان واللسان: "وتعادي عنه النهار".
([43]) أنشده في اللسان (عجا) والمجمل (عجو). وضبط في المجمل بفتح كاف "أزورك"، وقد أهمل ضبطها في اللسان.
([44]) في اللسان (عجا) أنه النابغة الجعدي.
([45]) في الأصل: "عجايا بجايا"، صوابه من اللسان. وفي المجمل: "عجايا تحامى بالتراب دفينها".
([46]) تكملة استضأت بالمجمل في إثباتها. ففيه: "العجيب: الأمر يتعجب منه".
([47]) ديوان أوس بن حجر 27 واللسان (عجب، رمم). وقد سبق في (رم).(4/199)
([48]) ضبط في القاموس بفتح العين، وفي اللسان بفتحها وضمها.
([49]) من معلقته المشهورة. وصدره: * يجتاب أصلاً قالصاً متنبذاً *
([50]) لم ترد هذه الكلمة في المعاجم المتداولة. ...
ـ (باب العين والدال وما يثلثهما)
(عدر) العين والدال والراء ليس بشيء. وقد ذُكرت فيه كلمة. قالوا: العدْر([1]) : المطر الكثير.
(عدس) العين والدال والسين ليس فيه من اللّغة شيء، لكنّهم يسمُّون الحبَّ المعروفَ عَدَساً. ويقولون: عَدَسْ، زجرٌ للبغال. قال:
عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ عليك إمارةٌ *** نَجوتِ وهذا تحملينَ طليقُ([2])
وقوله:
*إذا حَمَلْتُ بِزَّتي على عَدَس([3]) *
فإنّه يريد البغلة، سمَّاها "عَدَسْ" بزَجْرها.
(عدف) العين والدال والفاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على قِلّةٍ أو يسيرٍ من كثير. من ذلك العَدْف والعَدُوف، وهو اليسير من العَلَف. يقال: ما ذاقت الخيل عَدُوفاً. قال:
ومُجَنَّباتٍ ما يَذُقْنَ عَدوفاً *** يَقذِفن بالمُهَرات والأمهارِ([4])
والعَدْف: النَّوال القليل. يقال: أصبنا ماله عَدْفا.
ومن الباب العِدْفة، وهي كالصَّنِفَة من الثَّوب. وأمَّا قول الطرِمَّاح:
حَمّالُ أثقالِ دِيات الثَّأَى *** عن عِدَف الأصل وكُرَّامِها([5])
قالوا: العِدَف: القليل([6]) .
(عدق) العين والدال والقاف ليس بشيء. وذكروا أنّ حديدةً ذاتَ شُعَبٍ يُستخرج بها الدَّلو من البئر يقال لها: عَوْدَقة. وحكَوا: عَدَق بِظَنِّه، مثل رَجَم. وما أحسب لذلك شاهداً من شعرٍ صحيح.
(عدك) العين والدال والكاف ليس بشيء، إلاّ كلمةً من هَنَواتِ ابن دُرَيد، قال: العَدْك: ضرب الصُّوف بالمِطْرَقة([7]) .
(عدل) العين والدال واللام أصلان صحيحان، لكنَّهما متقابلان كالمتضادَّين: أحدُهما يدلُّ على استواء، والآخر يدلُّ على اعوجاج.
فالأول العَدْل من النَّاس: المرضيّ المستوِي الطّريقة. يقال: هذا عَدْلٌ، وهما عَدْلٌ. قال زهير:(4/200)
متى يَشْتجرْ قومٌ يَقُلْ سَرَوَاتُهُمْ *** هُم بيننا فهمْ رِضاً وهُمُ عدلُ([8])
وتقول: هما عَدْلانِ أيضاً، وهم عُدولٌ، وإن فلاناً لعَدْلٌ بيِّن العَدْل والعُدُولة([9]) . والعَدْل: الحكم بالاستواء. ويقال للشَّيء يساوي الشيء: هو عِدْلُه. وعَدلْتُ بفلانٍ فلاناً، وهو يُعادِله. والمُشْرِك يَعدِل بربِّه، تعالى عن قولهم عُلُوَّاً كبيراً، كأنه يسوِّي به غيره.
ومن الباب: العِدْلان: حِمْلا الدَّابّة، سمِّيا بذلك لتساويهما. والعَديل: الذي يعادلك في المَحْمِل. والعَدْل: قِيمة الشيء وفِدَاؤُه. قال الله تعالى: {وَلاَ يُقبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ} [البقرة 123]، أي فِدْية. وكلُّ ذلك من المعادَلة، وهي المساواة.
والعَدْل: نقيض الجَوْر، تقول: عَدَل في رعيته. ويومٌ معتدل، إذا تساوَى حالا حرِّه وبَرْدِه، وكذلك في الشيء المأكول. ويقال: عدَلْتُه حتى اعتدل، أي أقمته *حتى استقامَ واستوَى. قال:
صَبَحْتَ بها القوم حتى امْتَسَكْـ *** ـتَ بالأرض تَعْدِلُها أن تميلا([10])
ومن الباب: المعتدلِة من النُّوق، وهل الحسنة المتَّفقة الأعضاء. فأمَّا قولهم لِضرْبٍ من السُّفن: عَدَوْلِيَّة، فقد يجوز أن يكون من القياس الذي قِسْناه، لأنها لا تكون إِلاّ مستويةً معتدِلة. على أنَّ الخليلَ زَعَم أنّها منسوبة إلى موضعٍ يقال له عَدَوْلَى. قال طرفة:
عَدَوْليَّةٍ أو من سفين ابنِ يامِنٍ *** يجورُ بها الملاَّحُ طوراً ويهتدِي([11])
فأمّا الأصل الآخَر فيقال في الاعوجاج: عَدَل. وانعدَلَ، أي انعَرَج. وقال ذو الرُّمَّة:
وإِنِّي لأُنحِْي الطَّرفَ من نحوِ غيرها *** حياءً ولو طاوعتُه لم يُعادِل([12])(4/201)
(عدم) العين والدال والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على فِقْدَان الشيء وذَهابه. من ذلك العَدَم. وعَدِم فلانٌ الشَّيء، إذا فقده. وأعْدمه الله تعالى كذا، أي أفاتَه. والعديم: الذي لا مالَ له؛ ويجوز جمعُه على العُدَماء، كما يقال فقير وفُقَراء. وأعْدَمَ الرّجلُ: صار ذا عدمٍ([13]) . وقال في العديم:
وعَدِيمُنا متعففٌ متكرِّمٌ *** وعلى الغنيِّ ضَمانُ حقِّ المُعْدِمِ
وقال في العدم حسّانُ بن ثابت:
رُبَّ حِلمٍ أضاعه عَُدَُم الما *** لِ وجهلٍ غطّى عليه النّعيمُ([14])
(عدن) العين والدال والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على الإقامة. قال الخليل: العَدْن: إقامة الإبل في الحَمْض خاصّة. تقول: عَدَنَت الإبل تَعْدِن عَدْناً. والأصل الذي ذكره الخليل هو أصلُ الباب، ثمَّ قيس به كلُّ مُقام، فقيل جنةُ عَدْنٍ، أي إقامة. ومن الباب المعدِنُ: مَعدن الجواهر. ويقيسون على ذلك فيقولون: هو مَعدن الخَير والكَرَم. وأمّا العِدَان والعَدان فساحِلُ البحر. ويجوز أن يكون من القياس الذي ذكرناه، وليس ببعيد. وقال لبيد:
لقد يعلم صَحبي كلُّهم *** بِعَدَانِ السَّيفِ صبري ونَقَلْ([15])
وعَدَنُ: بلد.(4/202)
(عدو) العين والدال والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يرجع إليه الفروعَ كلّها، وهو يدلُّ على تجاوُزٍ في الشيء وتقدُّمٍ لما ينبغي أن يقتصر عليه. من ذلك العَدْو، وهو الحُضْر. تقول: عدا يعدو عَدْواً، وهو عادٍ. قال الخليل: والعُدُوُّ مضموم مثقّل، وهما لغتان: إحداهما عَدْو كقولك غَزْو، والأُخرى عُدُوّ كقولك حُضور وقُعود. قال الخليل: التعدّي: تجاوز ما ينبغي أن يُقْتَصَر عليه. وتقرأ هذه الآية على وجهين: {فَيَسُبُّوا الله عَدْواً بغيرِ علمٍ} و{عُدُوَّاً([16])} [الأنعام 108]. والعادي: الذي يعدو على الناس ظُلْماً وعُدواناً. وفلانٌ يعدو أمرَكَ، وما عَدَا أنْ صَنَع كذا. ويقال من عَدْوِ الفرس: عَدَوَانٌ، أي جيِّد العَدْوِ وكثيرُه. وذئب عَدَوَانٌ: يعدُو على الناس. قال:
نُهْدُ القُصَيْرَى عَدَوانُ الجَمْزِ([17])
تَذْكُرُ إذ أنت شديدُ القَفْزِ([18])
وتقول: ما رأيت أحداً ما عدا زَيْداً. قال الخليل: أي ماء جاوَزَ زيداً. ويقال: عدا فلانٌ طَورَه. ومنه العُدْوانُ، قال: وكذلك العَدَاء، والاعتداء، والتعدِّي. وقال أبو نُخَيلة:
ما زال يَعدُو طَورَه العبدُ الرَّدِي *** ويعتدي ويعتدي ويعتدي
قال: والعُدْوان: الظلم الصُّراح([19]) . والاعتداء مشتقٌّ من العُدْوَان. فأمَّا العَدْوَى فقال الخليل: هو طلبك إلى والٍ أو قاضٍ أن يُعدِيَك على مَن ظَلَمك أي يَنقِم([20]) منه باعتدائه عليك. والعَدْوَى ما يقال إِنّه يُعدِي، من جَرَبٍ أو داء([21]) . وفي الحديث: "لا عَدْوَى ولا يُعدِي شيء شيئاً". والعُدَاء كذلك([22]) . وهذا قياسٌ، أي إذا كان به داء لم يتجاوزْه إليك. والعَدْوَة: عَدوَة اللّصّ وعدوة المُغِير. يقال عدا عليه فأخَذَ مالَه، وعدا عليه بسيفه: ضَرَبه لا يريد به عدواً على رجليه، لكن هو من الظُّلم. وأما قوله:
* وعادت عَوادٍ بيننا وخُطُوب([23]) *(4/203)
فإنّه يريد أنّها تجاوَزَتْ حتَّى شغلت. ويقال: *كُفَّ عنا عادِيتَك. والعادية: شُغل من أشغال الدَّهر يَعدُوك عن أمرك، أي يَشغلُك. والعَدَاء: الشُّغْل. قال زُهير:
فصَرِّمْ حَبلَها إِذْ صرَّمتهُ *** وعَادَك أن تلاقِيَها عَداءُ([24])
فأمّا العِدَاء فهو أن يُعادِيَ الفرسُ أو الكلبُ [أو] الصَّيّادُ بين صيدين([25]) ، يَصرع أحدَهما على إثر الآخر. قال امرؤ القيس:
فعادَى عِداءً بين ثَورٍ ونعجة *** وبين شَبوبٍ كالقضيمة قَرْهبِ([26])
فإن ذلك مشتقٌّ من العَدْو أيضاً، كأنّه عَدَا على هذا وعدا على الآخَر. وربما قالوا: عَدَاء، بنصب العين. وهو الطَّلَق الواحد. قال:
* يَصْرع الخَمْسَ عَدَاءً في طَلَق([27]) *
والعَدَاء: طَوَار كلِّ شيء، انقاد معه عَرضه أو طُوله. يقولون: لزِمتُ عَدَاء النَّهر، وهذا طريقٌ يأخُذ عَداءَ الجَبل. وقد يقال العُِدْوة في معنى العَداء، وربما طُرحت الهاء فيقال عِدْوٌ، ويُجمَع فيقال: أعداء النّهر، وأعداء الطريق. قال: والتَّعداء: التَّفعال. وربما سمّو المَنْقَلة([28]) العُدَواء. وقال ذو الرمة:
هامَ الفؤادُ بذكراها وخامَرَهُ *** منها على عُدَواء [الدَّارِ] تَسقيمُ([29])
قال الخليل: والعِنْدأْوَة: التواء وعَسَر قال الخليل: وهو من العَدَاء. ونقول: عَدَّى [عن الأمر] يعدِّي تعديةً، أي جاوزَه إلى غيره. وعدّيت عنِّي الهَمَّ، أي نحّيته عنِّي. وعدِّ عنِّي إلى غيري. وعَدِّ عن هذا الأمر، أي تجاوَزْه وخُذ في غيره. قال النابغة:
فعدِّ عمّا ترى إِذْ لا ارتجاعَ له *** وانمِ القُتود على عَيرانةٍ أُجُدِ([30])
وتقول: تعدّيت المفازةَ، أي تجاوزتُها إلى غيرها. وعَدَّيت النّاقةَ أُعدِّيها. قال:
ولقد عَدَّيْتَ دَوْسَرَةً *** كعَلاَة القَيْنِ مِذكارا([31])(4/204)
ومن الباب: العدُوّ، وهو مشتقٌّ من الذي قدّمْنا ذِكره، يقال للواحد والاثنين والجمعِ: عدوّ. قال الله تعالى في قِصّة إبراهيم: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لي إِلاَّ رَبَّ الَعالمِين} [الشعراء 77]. والعِدَى والعُدَى والعادِي([32]) والعُدَاة. وأمّا العُدَواء فالأرض اليابسة الصلبة، وإِنّما سمِّيت بذلك لأنّ مَن سكنها تعدّاها. قال الخليل: وربّما جاءت في جوف البئر إذا حفرت، وربَّما كانت حجراً حتَّى يَحِيدوا عنها بعضَ الحَيْد. وقال العجّاج في وصف الثَّور وحَفْرة الكِناس، يصفُ أنّه انتهى إلى عُدَوَاءَ صُلبةٍ فلم يُطِقْ حَفْرَها فاحرَوْرَف عنها:
وإن أصابَ عُدَوَاءَ احْرَورفا *** عنها ووَلاَّها الظلُّوف الظُّلَّفا([33])
والعُِدْوة: صَلابةً من شاطئ الواد. ويقال عُدْوة، لأنّها تُعادِي النهر مثلاً، أي كأنّهما اثنان يتعادَيانِ. قال الخليل: والعَدَويّة من نبات الصَّيف بعد ذَهاب الرَّبيع، يخضرُّ فترعاه الإبل. تقول: أصابت الإِبل عَدَويَّة، وزنه فَعَليّة.
(عدب) العين والدال والباء زعم الخليل أنَّه مهمل، ولعلَّه لم يبلغْه فيه شيء. فأمّا البناء فصحيح. والعَدَاب: مسترِقٌّ من الرَّمل. قال ابن أحمر:
كثَور العَدَاب الفَرْدِ يَضْرِبُه الندى *** تَعلَّى النَّدى في مَتْنِهِ وتحدّرا([34])
والله أعلم.
ـــــــــــــــ
([1]) بفتح العين وضمها كما في اللسان. وضبط في الأصل والمجمل بالفتح فقط.
([2]) ليزيد بن مفرغ، كما في اللسان (عدس) والخزانة (2: 514).
([3]) الرجز في اللسان (عدس) والمخصص (6: 183). وقد سبق في (طفو).
([4]) للربيع بن زياد العبسي، يحرض قومه في طلب دم مالك بن زهير العبسى. وينسب أيضاً لقيس بن زهير. اللسان (مهر، عدف). وانظر إصلاح المنطق 432.
([5]) ديوان الطرماح 163 واللسان (عدف).
([6]) في شرح الديوان: "يعني يزيد بن المهلب. وعدفة كل شيء: أصله الذاهب في الأرض".(4/205)
([7]) نص ابن دريد (2: 280): "والعدك لغة يمانية زعموا، وهو ضرب الصوف بالمطرقة".
([8]) ديوان زهير 107.
([9]) والعدالة أيضاً. والعدولة لم ترد في اللسان ووردت في القاموس.
([10]) في اللسان: "أعدلها أن تميلا".
([11]) من معلقته المشهورة.
([12]) ديوان ذي الرمة 493. والشاهد فيه أن: "لم يعادل" بمعنى لم ينعدل.
([13]) يقال بفتحتين وضمتين، وضمة.
([14]) ديوان حسان 378 والبيان (2: 325/4: 58).
([15]) ديوان لبيد 14 طبع 1881 واللسان (عدن، سيف، نقل) وإصلاح المنطق 60 والمخصص (2: 129) ، وفي اللسان (سيف) أن السيف: موضع. وفي (عدن) أن شمراً رواه بفتح العين، ورواية أبي الهيثم بكسرها.
([16]) هذه قراءة يعقوب والحسن. وقراءة الجمهور: "عدوا" بفتح العين وسكون الدال. إتحاف فضلاء البشر 215.
([17]) بعده في اللسان: * وأنت تعدو بخروف مبزي *.
([18]) في الأصل: "الفقر"، وصوابه من اللسان (عدا).
([19]) في الأصل: "التراح"، صوابه في المجمل.
([20]) في الأصل: "ينقسم".
([21]) في الأصل: "أو داب".
([22]) انفرد بذكر هذه اللغة لهذا المعنى. وليس في سائر المعاجم إلا فرس ذو عدواء، إذا لم يكن ذا طمأنينة وسهولة. ومكان ذو عدواء، أي ليس بمطمئن. وعدواء الشوق: ما برح بصاحبه. والعدواء أيضاً: إناخة قليلة. والعدواء كذلك: بعد الدار.
([23]) عجز بيت لعلقمة الفحل في ديوانه 131 والمفضليات 191. وصدره:
* يكلفني ليلى وقد شط وليها * وفي الأصل: "عدت عواد"، تحريف.
([24]) الديوان 62. وفي اللسان بعد إنشاده: "قالوا: معنى عادك عداك، فقلبه".
([25]) في المجمل: "أن يعادي الفرس أو الصائد بين الصيدين".
([26]) ديوان امرئ القيس 86 واللسان (عدا).
([27]) أنشده في اللسان (عدا 257).
([28]) المنقلة: الأرض فيها حجارة تنقلها قوائم الدواب من موضع إلى موضع. وفي الأصل "المشغلة"، تحريف. وفسر "العدواء" في المجمل بأنها بعد الدار.(4/206)
([29]) ديوان ذي الرمة 570 واللسان (سقم). وعجزه في المجمل (عدا) واللسان (عدا 261). وكلمة "الدار" ساقطة من الأصل وإثباتها من المراجع السالفة الذكر.
([30]) ديوان النابغة 17 واللسان (نمى).
([31]) البيت لعدي بن زيد، كما سبق في (ذكر)، وكما في اللسان (دسر).
([32]) في الأصل: "والعدى".
([33]) البيتان في ملحقات ديوان العجاج 83. وأنشدهما في اللسان (عدا، حرف، ظلف).
([34]) أنشده في اللسان (عدب)، وهو في المجمل (عدب) بدون نسبة. ...
ـ (باب العين والذال وما يثلثهما)
(عذر) العين والذال والراء بناء صحيح له فروعٌ كثيرة، ما جَعلَ الله تعالى فيه وجهَ قياسٍ بَتَّةً، بل كلُّ كلمةٍ منها على نَحوِها وجِهَتها مفردة. فالعُذْر معروف، وهو رَوْم الإنسان إصلاحَ ما أُنكِرَ عليه بكلام. يُقال منه: عَذَرْتُه فأنا أَعْذِرُه عَذْراً، والاسم العُذْر. وتقول: عَذَرْتُه من فلان، أي لُمْتُه([1]) ولم ألُم هذا. يُقال: مَن عذيري من فلان، ومَن يَعذِرني منه. قال:
أُريد حِبَاءه ويُريدُ قَتْلي *** عَذيرَكَ من خليلكَ من مُرادِ([2])
ويقال إنّ عَذِير الرّجل: ما يروم ويُحاوِل ممّا يُعذَر عليه إذا فَعَله. *قال الخليل: وكان العجّاجُ يرمُّ رَحْلَه([3]) لسفرٍ أرادَه، فقالت امرأتُه: ما [هذا] الذي ترُمُّ([4]) ؟ فقال:
* جارِيَ لا تستنكري عَذِيري([5]) *
يريد: لا تُنكرِي ما أحاول. ثم فَسَّر في بيتٍ آخر فقال:
* سيري وإشفاقي على بعيري([6]) *(4/207)
وتقول: اعتذر يَعتذِر اعتذاراً وعِذْرة من ذنبه فعذرْتُه. والمَعذِرة الاسم. قال الله تعالى: {قَالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ([7])} [الأعراف 164]. وأعذَر فلانٌ إذا أبْلَى عُذْراً فلم يُلَمْ. ومن هذا الباب قولهم: عذَّر الرّجلُ تعذيراً، إذا لم يبالِغ في الأمر وهو يريكَ أنّه مبالغٌ فيه. وفي القرآن: {وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ} [التوبة 90]، ويقرأ: {المُعْذِرُون([8])}. قال أهل العربيّة: المُعْذِرون بالتخفيف هم الذين لهم العُذْر، والمعذِّرون: الذين لا عُذْرَ لهم ولكنَّهم يتكلَّفون عُذراً. وقولهم للمقصِّر في الأمر: مُعَذِّر، وهو عندنا من العُذْر أيضاً، لأنَّه يقصِّر في الأمر مُعوِّلاً على العُذْر الذي لا يريد يتكلف([9]) .
وباب آخَر لا يشبه الذي قبلَه، يقولون: تعذَّر الأمرُ، إذا لم يَستقِم. قال امرؤُ القيس:
ويوماً على ظَهرِ الكثَيب تَعذَّرتْ *** عَلَيَّ وآلت حَلْفةً لم تَحَلَّلِ([10])
وبابٌ آخَر لا يشبه الذي قبلَه: العِذار: عِذار اللِّجام. قال: وما كان على الخَدَّين من كيٍّ أو كدحٍ طُولاً فهو عذار. تقول من العِذَار: عَذَرْتُ الفرس فأنا أعذُِرُه عَذْراً بالعِذار، في معنى ألجمته. وأعْذَرتُ اللِّجام، أي جعلت له عِذاراً. ثم يستعيرون هذا فيقولون للمنهمِك في غَيِّه: "خَلَعَ العِذار". ويقال من العِذار: عَذّرْتُ الفرسَ تعذيراً أيضاً.
وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبلَه. العِذَار([11]) ، وهو طعامٌ يدعى إليه لحادثِ سُرُور. يقال منه: أعذروا إعذاراً. قال:
كلَّ الطَّعامِ تشتهي ربيعَهْ *** الخُرْسُ والإعذارُ والنقيعهْ([12])
ويقال بل هو طعامُ الخِتان خاصّة. يقال عُذِر الغُلامُ، إذا خُتِنَ. وفلانٌ وفلانٌ عذارُ عامٍ واحد([13]) .
وباب آخر لا يشبه الذي قبله: العَذَوَّر، قال الخليل: هو الواسع الجَوف الشديد العِضاض([14]) . قال الشاعر يصف الملْكَ أنه واسعٌ عريض:(4/208)
وحازَ لنا الله النُّبوّةَ والهدى *** فأعطى به عزّاً ومُلكاً عَذَوَّرَا ...
ومما يشبه هذا قول القائل يمدح([15]) :
إذا نزلَ الأضيافُ كان عذَوَّراً *** على الحيِّ حتى تَستقِلَّ مَرَاجِلُه([16])
قالوا: أراد سيءَ الخلق حَتَّى تُنصَب القُدور. وهو شبيه بالذي قاله الخليل في وصف الحمار الشديد العضاض.
وبابٌ آخَر لا يشبه الذي قبله: العُذْرة: عُذْرَة الجارية العذراء، جاريةٌ عذراءُ: لم يَمسَّها رجل. وهذا مناسبٌ لما مضى ذكرُه في عُذْرة الغلام.
وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبله: العُذرة: وجعٌ يأخذ في الحَلْقِ. يقال منه: عُذِر فهو معذور. قال جرير:
غمزَ ابن مُرَّةَ يا فرزدَقُ كَيْنَهَا *** غَمْزَ الطبيبِ نَغانغ المعذورِ ...
وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبله: العُذْرة: نجمٌ إذا طلع اشتدَّ الحر، يقولون: "إذا طلعَتِ العُذْرة، لم يبق بعُمان بُسْرَة".
وباب آخر لا يشبه الذي قبله: العُذْرة: خُصلةٌ من شعر، والخُصلة من عُرف الفَرَس. وناصيتُه عُذرة. وقال:
* سَبِط العُذرَةِ ميّاح الحُضُرْ *
وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبله: العَذِرة: فِناء الدّار. وفي الحديث: "اليهودُ أنتَنُ خَلْق الله عَذِرَة"، أي فناءً. ثم سمِّي الحَدَثُ عَذِرة لأنَّه كان يُلقَى بأفنية الدُّور.
(عذق) العين والذال والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على امتدادٍ في شيء وتعلق شيءٍ بشيء. من ذلك العِذْق عِذْق النَّخلة، وهو شمراخ من شماريخها. والعَذْق: النخلة، بفتح العين. وذلك كله من الأشياء المتعلِّقة بعضُها ببعض. قال:
ويُلْوِي بريَّان العَسِيب *كأنه *** عَثَا كِيل عَذْقٍ من سُمَيْحَة مُرطبِ([17])
قال الخليل: العِذْق من كلِّ شيء: الغُصْن ذو الشُّعَب.
ومن الباب: عُذِقَ الرّجُل، إذا وُسمَ بعلامةٍ يعرَف بها. وهذا صحيح، وإنما هذا من قولهم: عَذَقَ شاتَهُ يَعْذُقُهَا عَذْقَاً، إذا علَّقَ عليها صوفةً تخالفُ لونَها.(4/209)
وممّا جرى مجرى الاستعارة والتمثيل قولهم: "في بني فلانٍ عِذْقٌ كَهْلٌ" إذا كان فيهم عِزٌّ ومَنْعَة. قال ابن مُقْبِل:
وفي غَطَفَانَ عِذْقُ صِدقٍ ممنَّعٌ *** على رغم أقوامٍ من النّاس يانعُ([18])
(عذل) العين والذل واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على حَرٍّ([19]) وشِدّةٍ فيه، ثم يقاس عليه ما يقاربه. ومن ذلك اعتذَل الحرُّ: اشتدّ. قال أبو عبيد: أيّام مُعتذلات: شديداتُ الحرارة.
ومما قيس على هذا قولهم: عَذَل فلانٌ عَذْلاً، والعَذَل الاسم. ورجلٌ عذّالٌ وامرأة عذَّالة، إذا كثر ذلك منهما. والعُذَّال الرِّجال، والعُذّل النِّساء. وسمِّيَ هذا عَذْلاً لما فيه من شدّة ومَسِّ لَذْع. قال:
غَدَتْ عَذَّ التَايَ فقلتُ مهلاً *** أفي وجدٍ بسَلمى تَعذُلانِي([20])
(عذم) العين والذال والجيم والميم أُصيلٌ صحيح يدل على عَضٍّ وشِبهه. قال الخليل: أصل العَذْمِ العضّ، ثم يقال: عَذَمَهُ بلسانه يَعْذِمُه عَذْماً، إذا أخذه بلسانه. والعَذيمة: الملامة. قال الراجز:
يَظَلُّ مَن جارَاه في عذائمِ *** من عنفوانِ جريِهِ العُفاهِمِ([21])
أي مَلاَمَات. وفرسٌ عَذوم. فأما العَذَمْذَم فإن الخليل ذكره في هذا الباب بغين معجمة، وقال غيره: بل هو غَذَمْذَم بالغين. قال الخليل: وهو الجُرَاف. يقال: مَوت غَذَمْذَم: جُراف لا يُبقي شيئاً. قال:
ثِقالُ الجفانِ والحلومِ رحاهُم *** رَحَى الماء يكتالون كَيْلاً عَذَمذَما([22])
(عذي) العين والذال والحرف المعتل أُصيل صحيح يدلُّ على طِيبِ تُربة قال الخليل وغيره: العَذَاةُ: الأرض الطيِّبة التربة، الكريمة المَنبِت. قال:
بأرضٍ هِجانِ التُّرْب وَسميَّة الثَّرَى *** عَذَاةٍ نأت عنها المُؤُوجة والبحرُ([23])
قال: والعِذْيُ، الموضع يُنبِت شتاءً وصيفاً من غير نَبع. ويقال: هو الزرع لا يُسقَى إلاّ من ماء المطر، لبُعده من المياه. قالوا: ويقال لهذا العَذا، الواحدة عَذاةٌ. وأنشدوا:(4/210)
بأرضٍ عَذاةٍ حَبَّذا ضَحَواتُها *** وأطيبُ منها ليلُه وأصائله
(عذب) العين والذال والباء أصلٌ صحيح، لكنّ كلماتِه لا تكاد تنقاس، ولا يمكن جمعُها إلى شيء واحد. فهو كالذي ذكرناه آنفاً في باب العين والذال والرّاء. وهذا يدلُّ على أنّ اللُّغة كلَّها ليست قياساً، لكنْ جُلُّها ومعظمُها.
فمن الباب: عَذُبَ الماءُ يَعْذُبُ عُذُوبَةً، فهو عَذْبٌ: طيّب. وأعذَبَ القومُ، إذا عذُب ماؤهم. واستعذبوا، إذا استقَوا وشَرِبوا عَذْباً.
وبابٌ آخر لا يُشِبه الذي قبلَه، يقال: عَذَب الحمار يَعْذِب عَذْباً وعُذوباً فهو عاذبٌ [و] عَذُوب: لا يَأكل من شدّة العطش. ويقال: أعذَبَ عن الشَّيء، إذا لَهَا عنه وتركَه. وفي الحديث: "أعْذِبوا عن ذِكْر النِّساء". قال:
وتبدَّلوا اليعبوبَ بعد إلههم *** صَنَماً ففِرُّوا يا جَديل وأعذِبُوا([24])
ويقال للفرس وغيرِه عَذوبٌ، إذا بات لا يأكل شيئاً ولا يشرب، لأنّه ممتنع من ذلك.
وبابٌ آخَر لا يشبه الذي قبله: العَذُوب: الذي ليس بينه وبين السّماء سِتر، وكذلك العاذب. قال نابغةُ الجعديُّ([25]) :
فباتَ عَذُوباً للسَّماء كأنّه *** سُهيلٌ إذا ما أفردَتهُ الكواكبُ([26])
فأمّا قول الآخر:
بِتنَا عُذُوباً وباتَ البَقُّ يلْسَِبُنا *** عند النُّزولِ قِراناً نَبْحُ دِرْواسِ([27])
فممكن أن يكونَ أراد: ليس بيننا وبين السَّماء سِتر، وممكنٌ أن يكون من الأول إذا باتُوا لا يأكلون ولا يَشرَبون.
*وحكى الخليل: عذَّبتُه تعذيباً، أي فَطَمتُه. وهذا من باب الامتناع مِن المأكل والمَشرَب.
وبابٌ آخرُ لا يُشبِه الذي قبله: العَذاب، يقال منه: عذَّب تعذيباً. وناسٌ يقولون: أصل العَذاب الضَّرب. واحتجُّوا بقول زُهير:
وَخَلْفَها سائقٌ يحدُوا إذا خَشيت *** منه العَذابَ تمدُّ الصُّلبَ والعُنُقا([28])
قال: ثم استُعِير ذلك في كلِّ شِدّة.(4/211)
وبابٌ آخرُ لا يُشبِه الذي قبلَه، يقال لطَرَف السَّوط عَذَبة، والجمع عَذَب. قال:
غُضْفٌ مهرَّتَة الأشداقِ ضارية *** مثلُ السَّراحين في أعناقها العَذَبُ([29])
والعَذَبة في قضيب البعير: أسَلتُه. والعُذَيب: موضع.
ــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "أي لمت منه".
([2]) البيت لعمرو بن معد يكرب، يقوله في قيس بن مكشوح المرادي، كما في الكامل 550 ليبسك والأغاني (9: 12). وبعده:
ولو لاقيتني ومعي سلاحي *** تكشف شحم قلبك عن سواد
وتروى الأبيات التي منها هذا البيت لدريد بن الصمة في الأغاني. وانظر الأغاني (11: 32) وكان علي إذا نظر إلى ابن ملجم يتمثل بهذا البيت، كما في الأغاني والكامل وأمثال الميداني. وأنشد عجزه في اللسان (عذر 222).
([3]) في الأصل: "يروم رحلة"، صوابه مقتبس من اللسان، ففيه: "فكان يروم رحل ناقته لسفره"، أي يصلحه.
([4]) في الأصل: "تروم"، صوابه والتكملة التي قبله من اللسان (عذر).
([5]) ديوان العجاج 26، وهو مطلع أرجوزة له. وأنشده كذلك في المجمل واللسان (عذر).
([6]) في الديوان: "سعيي وإشفاقي"، وقد نبه عليها في اللسان.
([7]) معذرة بالنصب، قراءة حفص، نصب على المفعول من أجله، أو على المصدر، أو على المفعول به لأن المعذرة تتضمن كلاماً، وحينئذ تنصب بالقول، كقلت خطبة. وقد وافقه في هذه القراءة اليزيدي مخالفاً أبا عمرو. وباقي القراء على الرفع على الخبرية، أي هذه معذرة، أو موعظتنا معذرة. إتحاف فضلاء البشر 232.
([8]) هذه قراءة يعقوب، ووافقه الشنبوذي. والباقون بفتح العين وتشديد الذال المكسورة. إتحاف فضلاء البشر 244.
([9]) كذا وردت هذه العبارة.
([10]) البيت من معلقته المشهورة.
([11]) ويقال له أيضاً "إعذار" و "عذير" و "عذيرة".
([12]) الرجز في اللسان (خرس، عذر، نقع).(4/212)
([13]) في اللسان: "وفي الحديث: كنا إعذار عام واحد، أي ختنا في عام واحد. وكانوا يختتنون لسن معلومة فيما بين عشر سنين وخمس عشرة".
([14]) هذا من صفة الحمار، كما في اللسان وكما سيأتي. وفي المجمل: "وحمار عذور: واسع الجوف".
([15]) الحق أن الشعر رثاء، والقائل هو زينب بنت الطثرية ترثي أخاها يزيد، من مقطوعة في الحماسة (1: 432-433) وحماسة البحتري 433. وأنشد البيت في المجمل واللسان (عذر) .
([16]) سبق إنشاده وتخريجه في (دغر). وابن مرة هذا هو عمران بن مرة المنقري، وكان أسر "جعثن" أخت الفرزدق يوم السيدان، وفي ذلك يقول جرير أيضاً (انظر اللسان كين):
يفرج عمران بن مرة كينها *** وينزو نزاء العير أعلق حائله
([17]) لامرئ القيس في ديوانه 83 برواية: "وأسحم ريان العسيب". سميحة: بئر بالمدينة.
([18]) في اللسان (عذق): (عذق، عز).
([19]) في الأصل: "حرارة".
([20]) أنشده في اللسان (عذل).
([21]) الرجز في اللسان (عذم، عفهم). وقد نسيه في (عفهم) إلى غيلان. والبيت الأول في المخصص (12: 175).
([22]) البيت لشقران مولى سلامان، كما في اللسان (غذم) من مقطوعة اختارها أبو تمام في الحماسة (2: 274).
([23]) ديوان ذي الرمة 211 واللسان (عذا، مأج). ورواية الديوان والمجمل والموضع الأول من اللسان: "الملوحة".
([24]) البيت لعبيد بن الأبرص في ديوانه 12 والحيوان (3: 100) والخزانة (3: 246).
([25]) حذف أل في مثله جائز، وجاء فيه قول الشاعر، وأنشده في اللسان(نبغ):
ونابغة الجعدي بالرمل بيته *** عليه صفيح من تراب موضع
([26]) أنشده في اللسان (عذب).
([27]) هذا إنشاد غريب، ففي الحيوان (2: 22):
بتنا وبات جليد الليل يضربنا *** بين البيوت قرانا نبح درواس
وفي اللسان (لسب، بقق، شوى):
بتنا عذوباً وبات البق يلسبنا *** نشوي القراح كأن لا حي بالوادي(4/213)
ورواية اللسان (ندل) والتبريزي (1: 384): "عند الندول"، بفتح النون بعدها دال وذكر أنه اسم رجل وصدره فيهما: "بتناوبات سقيط الطل يضربنا".
([28]) ديوان زهير 39.
([29]) ديوان ذي الرمة 23 واللسان (عذب). ...
ـ (باب العين والراء وما يثلثهما)
(عرز) العين والراء والزاء أصل صحيح يدلُّ على استصعابٍ وانقباض. قال الخليل: استعرز عليَّ مثل استعصب. وهذا الذي قال صحيح، وحجّته قولُ الشّمّاخ:
وكلُّ خليلٍ غير هاضِمِ نفِسه *** لوصلِ خليلٍ صارمٌ أو مُعارِزُ([1])
أراد المنقبِض عنه.
والعرب تقول: "الاعتراز الاحتراز"، أي الانقباضُ داعيةُ الاحتراز. يَنْهَون عن التبسُّط والتذرُّع، فربما أدَّى إلى مكروه. ويقال العَرْز: اللَّوم والعَتْب في بيت الشماخ، وهو يرجع إلى ذاك الذي ذكرنا.
(عرس) العين والراء والسين أصل واحد صحيح تعود فروعُه إليه([2]) ، وهو الملازمة. قال الخليل: عَرِس به، إذا لزِمَه. فمن فروع هذا الأصل العِرْس: امرأة الرَّجل، ولبُؤة الأسد. قال امرؤ القيس:
كذَبتِ لقد أُصِبي على [المرء] عِرسَه *** وأمنعُ عرسي أن يُزنَّ بها الخالي([3])
ويقال إنّه يُقال للرجُل وامرأتِه عرسانِ؛ واحتجُّوا بقول علقمة:
* أُدْحِيَّ عِرْسَينِ فيه البيضَ مركومُ([4]) *
ورجل عَرُوسٌ في رجال عُرُس، وامرأةٌ عروسٌ في نسوةٍ عرائس وعُرُس. وأنشد:
جَرَّتْ بها الهُوج أذيالاً مظاهرة *** كما تجرُّ ثياب الفُوَّةِ العُرُسُ([5])
وزعم الخليل أنّ العَرُوس نعتٌ للرّجُل والمرأة على فَعُول وقد استويا فيه، ما داما في تعريسهما أياماً إذا عَرَّس أحدهما بالآخَر. وأحسنُ [من] ذلك أن يقال للرجل مُعْرِس، أي اتَّخذَ عَروساً. والعرب تؤنّث العُرُْس([6]) . قال الراجز:
إنا وجَدْنا عُرُس الحَناطِ *** مذمومةً لئيمةَ الحُوَّاط([7])
وقال في المُعْرِس:
يمشي إذا أخذ الوليدُ برأسِهِ *** مشياً كما يمشي الهجين المُعْرِسُ(4/214)
قال أبو عمرو بن العلاء. يقال: أعرَسَ الرّجلُ بأهله، إذا بَنَى بها، يُعرِس إعراساً، وعَرَّس يُعرِّس تعريساً. وربَّما اتسعوا فقالوا للغِشْيان: تعريس وإعراس. ويقال: تعرَّس الرّجلُ لامرأته، أي تحبَّب إليها. قال يونس: وهو ما يدلُّ على القياس الذي قِسناه. [و] عَرس الصبيُّ بأمِّه يَعْرَس، تقديره علِمَ يعلم، وذلك إذا أُولِعَ بها ولزِمَها. وكذلك عَرِسَ الرّجلُ بصاحبه. قال المعقِّر:
* وقد عَرِسَ الإناخة والنُّزُولاَ([8]) *
وذكر الخليل: عَرِسَ يَعرَسُ عَرَساً، إذا بَطِر، ويقال: بل أعيا ونَكَل. وهذا إنِّما يصحُّ إذا حُمِل على القياس الذي ذكرناه، وذلك أنْ يَعرَس عن الشَّيءِ بالشَّيء. قال الأصمعيّ: عَرِسَتِ الكلابُ عن الثَّور، أي بَطِرَتْ عنه. وهذا على ما ذكرناه كأنّها شُغِلَتْ بغيره وعَرِسَتْ.
قال يعقوب: العِرْس من الرِّجال: الذي لا يبرح القِتال، مثل الحِلْس. وقال غيره: رجل عَرِسٌ مَرِسٌ. ومن الباب العِرّيسُ: مأوَى الأسد في خِيسٍ من الشجر والغِياض، في أشدِّها التفافاً. فأمّا قول جرير:
* مُستحصِدٌ أجَمِي فِيهمْ وعِرِّيسِي([9]) *
فإِنَّه يعني منبِت أصلِه في قَومِه. ويقال عِرِّيس وعِرِّيسة. وتقول العرب في أمثالها:
* كمُبتَغِي الصَّيد في عِرِّيسَةِ الأسدِ([10]) *
ومن الباب التَّعريس: نُزول القوم في سفَرٍ من آخِر الليل، يقعون وَقْعةً ثم يرتحلون. قلنا في هذا: وإِنّ خَفّ نزولُهم فهو محمولٌ على القياس الذي ذكرناه، لأنَّهم لا بدَّ [لهم] من المقام. قال زهير:
وعرَّسُوا ساعةً في كُثْب أسْنُمَةٍ *** ومنهمُ بالقَسُوميّاتِ مُعتَرَكُ([11])
وقال ذو الرُّمَّة:
معرّساً في بياض الصُّبح وَقْعتُه *** وسائر السَّير إلاّ ذاك مُنجذِبُ([12])
ومن الباب: عَرَستُ البعيرَ أعرِسُهُ عَرْساً، وهو أن تشدَّ عنقه مع يديه وهو باركٌ. وهذا يرجع إلى ما قلناه.(4/215)
وممّا يقرُب من هذا الباب المعرَّس: الذي عُمِلَ له عُرْس([13]) ، وهو الحائطُ يُجعَل([14]) بينَ حائِطَي البَيْت، لا يبلغ به أقصاه، ثم يوضع الجائز من طرف العَرس الداخل إلى أقصى البيت، ويسقّف البيتُ كلُّه.
ومن أمثالهم: "لا مَخْبأَ لعِطرٍ بعدَ عروس"، وأصله أن رجلاً تزوّجَ امرأةً فلمَّا بنَى بها وجدها تَفِلَة، فقال لها: أين الطِّيب؟ فقالت: خَبَأته! فقال: لا مخبأَ لعطرٍ بعدَ عَروس.
(عرش) العين والراء والشين أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء مبنيّ، ثم يستعارُ في غير ذلك. من ذلك العَرْش، قال الخليل: العرش: سرير الملِك. وهذا صحيحٌ، قال الله تعالى: {وَرَفَعَ أبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ} [يوسف 100]، ثم استُعير ذلك فقيل لأمر الرّجُل وقِوامه: عرش. وإذا زال ذلك عنه قيل: ثُلَّ عَرشُه. قال زهير:
تداركتُما الأحلافَ قد ثُلَّ عرشُها *** وذُبْيانَ إذْ زَلّت بأقدامها النَّعلُ([15])
ومن الباب: تعريش الكَرْم، لأنّه رفعه والتوثُّق منه. والعريش: بناءٌ من قُضبانٍ يُرفَع ويوثَّق حتَّى يظلّل. وقيل للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يومَ بدرٍ: "ألاَ نَبْنِي لك عريشاً". وكلُّ بناء يُستَظَلُّ به عَرْشٌ وعَريش. ويقال لسَقْف البَيْت عَرْش. قال الله تعالى: {فَهي خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِها} [الحج 45]، والمعنى أنَّ السَّقف يسقُط ثم يتَهافت عليه الجُدرانُ ساقطةً. ومن الباب العَرِيش، وهو شِبْه الهَوْدَجِ يُتَّخَذ للمرأة تقعُد فيه على بعيرها. قال رؤبة يصف الكِبَر:
إمَّا تَريْ دهراً حَنَاني حَفْضاً *** أطْرَ الصَّنَاعَينِ العريشَ القَعْضَا([16])
ومما جاء في العريش أيضاً قولُ الخنساء:
كانَ أبو حسَّانَ عرشاً خَوَى *** ممّا بناهُ الدّهرُ دَانٍ ظليلْ([17])
فأمّا قولُ الطِّرِمَّاح:
قليلاً تُتَلِّي حاجةً ثم عُولِيَتْ *** على كلِّ مَعروش الحصيرينِ بادنِ([18])(4/216)
فقال قوم: أراد العَريش، وهو الهودج. وحِصيراهُ: جنْباه.
ويقال: المعروش: الجمل الشَّديد الجنبَين.
ومن الباب: عَرَشْتُ الكرم وعَرَّشْتُه. يقال: اعتَرش العنبُ، إذا علا على العَرش. ويقال: العُرُوش: الخِيام من خشبٍ، واحدُها عريش. وقال:
* كوانِساً في العُرُش الدَّوامج *
الدَّوامج: الدواخل.
ومن الباب: عَرْش البِئر: طيُّها بالخشَب. قال بعضهم: تكون البئرُ رِخوةَ الأسفل والأعلَى فلا تُمسِكُ الطَّيَّ لأنَّها رَملة، فيعرَّش أعلاها بالخشَب، يُوضَع بعضُه على بعض، ثمَّ يَقُوم السُّقاة عليه فيستقون. وأنشد:
وما لمَثَابات العُروشِ بقِيَّةٌ *** إذا استُلَّ من تحت العُروش الدَّعائم([19])
المَثَابة: أعلى البئر حيث يقوم السَّاقي. وقال بعضهم: العَرْش الذي يكون على فم البئر يقوم عليه السَّاقي. قال الشمَّاخ:
ولما رأيت الأمر عرشَ هويّةٍ *** تَسَلَّيْتُ حاجاتِ الفؤادِ بشَمَّرا([20])
الهَُويَّة: الموضع الذي يهوِي مَن يقوم عليه، أي يسقطُ.وقال الخليل: وإذا حَمَل الحمارُ على العانةِ رافعاً رأسَه شاحياً فاه قيل: عَرَّشَ بعانته تعريشاً. وهذا من قياس البابِ، لرفعِهِ رأسه.
ومن الباب العُرْش: عُرْش العنُق، عُرشانِ بينهما الفَقار، وفيهما الأخْدَعَانِ، وهما لحمتانِ مستطيلتانِ عَدَاءَ العنُق، أي ناحيةَ العنق. قال ذو الرُّمَّة:
وعبدُ يغوثٍ تَحْجُِلُ الطَّيْرُ حولَه *** قد احتَزَّ عُرْشَيه الحُسامُ المذكَّرُ([21])
وزعم ناسٌ أنَّهما عَرشان بفتح العين. والعَُرش في القَدَم. ما بين العَيْر والأصابع من ظَهر القَدَم، والجمع عِرَشَةٌ. وقد قيل في العُرْشَين أقوالٌ* متقاربة كرِهنا الإطالةَ بِذِكْرِها. ويقال إنّ عَرْش السِّماك: أربعةُ كواكبَ أسفَلَ من العوّاء، على صورة النَّعش. ويقال هي عَجُز الأسد. قال ابن أحمر:
باتَتْ عليه ليلةٌ عَرْشِيَّةٌ *** شَرِيَتْ وباتَ إلى نقاً متهدِّدِ([22])(4/217)
يصف ثوراً. وقوله: "شريت" أي ألحَّت بالمطر.
(عرص) العين والراء والصاد أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على إظْلال شيءٍ على شيء، والآخر يدلُّ على الاضطراب. وقد ذكر الخليلُ القياسين جميعاً.
قال الخليل: العَرْص: خشبة توضَع على البيت عَرْضاً إذا أُريد تسقيفُه، ثم يُوضَع عليها أطرافُ الخشب. تقول عَرَّصت السّقفَ تعريصاً. وهذا الذي قاله الخليلُ صحيح، إِلاَّ أنَّ العَرْص إنما هو السَّقْف بتلك الخشبةِ وسائرِ ما يتمُّ به التسقيف.
وقال الخليل أيضاً: العَرَّاص من السَّحاب: ما أظَلَّ من فوقُ فقرُبَ حتى صار كالسَّقْف، لا يكون إلاّ ذا رعدٍ وبرق. فقد قاس الخليلُ قياس ما ذكرناه من الإظلال في السَّقْف والسَّحاب. وأنشد:
يَرْقَدُّ في ظِلِّ عَرَّاصٍ ويَطرده *** حفيفُ نافجةٍ عُثْنُونُها حَصِبُ([23])
ألا تَراهُ جعل له ظِلاًّ.
والأصل الآخر الدالُّ على الاضطراب. قال الخليل: العَرّاص أيضاً من السَّحاب: ما ذهبت به الرِّيح وجاءت. قال: وأصل التعريص الاضطراب، ومنه قيل: رُمحٌ عَرَّاصٌ، لاضطرابه إذا هُزَّ. قال أبو عمرو: ويقال ذلِك في السَّيف أيضاً، وذلك لبَريقِه ولمَعانه. ورُمحٌ عَرَّاصُ المهزَّة، وبرقٌ عَرَّاص. قال:
* وكلّ غادٍ عَرِصِ التَّبَوُّجِ *
ومن الباب: عَرْصَة الدّار، وهي وَسْطها، والجمع عَرَصات وعِراص([24]) .قال جميل:
وما يُبكيكَ من عَرَصاتِ دارٍ *** تَقَادَمَ عهدُها ودنا بِلاَها
ويقال: سمِّيت عَرصةً لأنَّها كان ملعباً للصبيان ومُختَلَفاً لهم يضطربون فيه كيف شاؤوا. وكان الأصمعيُّ يقول: كلُّ جَوْبة([25]) مُنْفتقة ليس فيها بناءٌ فهي عَرصة.
ومن الباب: العَرَصُ، وهو النَّشاط، يقال: عَرِصَ، إذا أشِرَ. قال: وتقول: حلبتها حَلَباً كَعَرص الهِرَّة، وهو أشَرُها ونشاطُها ولَعِبُها بيديها. واعتَرَصَ مثل عَرَص. قال:
إذا اعترصْتَ كاعتراصِ الهِرّهْ *** أوشكتَ أن تسقُطَ في أُفُرَّهْ([26])(4/218)
وقال أبو زيد: عَرَصَتِ السماء تَعْرِصُ عَرْصاً، إذا دام برقُها. وباتت السَّماء عَرَّاصةً. ويقال: غَيثٌ عَرَّاصٌ، أي لا يَسكُنُ برقُه.
ومن الباب: عَرِصَ البيتُ. قال: هو من خُبْثِ الرِّيح. وهذا مع خُبْثِ ريحه فإنَّ الرّائحةَ لا تثبتُ بمكان، بل هي تضطرِب. ومن ذلك لحم مُعَرَّصٌ، قال قوم: هو الذي فيه نُهوءةٌ لم يَنْضَج. وأنشد:
سيكفيك صَرْبَ القَومِ لحمٌ مُعَرَّصٌ *** وماءُ قُدُورٍ في القِصاع مَشُوبُ([27])
(عرض) العين والراء والضاد بناءٌ تكثرُ فروعُه، وهي مع كثرتها ترجعُ إلى أصلٍ واحد، وهو العَرْض الذي يُخالف الطُّول. ومَنْ حَقَّقَ النظرَ ودقَّقه عَلِمَ صحَّة ما قلناه، وقد شرحنا ذلك شرحاً شافياً.
فالعَرْض: خِلافُ الطُّول. تقول منه: عَرُض الشيء يعرُضُ عِرَضاً([28])، فهو عريض.
وقال أبو زيد: عَرُض عَرَاضَةً. وأنشد:
إذا ابتدرَ القَوْمُ المكارمَ عَزَّهُمْ *** عَرَاضَةُ أخلاقِ ابن ليلَى وطولُها([29])
وقَوْسٌ عُرَاضَةٌ: عريضة. وأعْرضت المرأةُ أولادَها: ولدَتْهم عِرَاضاً، كما يقال أطالت في الطول.
ومن الباب: عَرَضَ المتاعَ يَعْرِضُه عَرضاً. وهو كأنَّه في ذاك قد أراهُ عَرْضَه. وعَرَّض الشيءَ تعريضاً: جعلَه عَريضاً.
ومن ذلك عَرض الجُنْد: أن تُمِرَّهم عليك، وذلك كأنَّكَ نظرتَ إلى العارضِ مِن حالهم. ويقال للمعروض من ذلك: عَرَضٌ متحركة، كما يقال قَبَضَ قَبَضاً، وقد ألقاه في القَبَض. وعَرَضُوهم على السَّيف عَرْضاً، كأنَّ السَّيف أخذَ عَرْضَ القوم فلم يَفُتْه أحد. وعَرَضْتُ العُود على الإناء أعْرُضُه بضم الراء، إذا وضعتَه عليه عَرْضاً. وفي الحديث: "هَلاّ خَمّرْتَه ولو بعُود تَعرُضُه عليه". ويقال في غير ذلك: عَرَض يعرِض، بكسر* الراء. وما عَرَضْتُ لفلانٍ ولا تَعرِضْ له، وذلك أن تجعل عَرْضَك بإزاء عَرْضِه. ويقال: عَرَض الرُّمْحَ يَعَرِضُه عَرْضاً. قال النّابغة:(4/219)
لهن عليهم عادةٌ قد عَرَفْنَها *** إذا عرضُوا الخَطِّيَّ فوقَ الكواثِبِ([30])
وعَرَضَ الفرسُ في عَدْوِهِ عَرْضاً، كأنَّه يُرِي النّاظرَ عَرْضَه. قال:
* يَعْرِض حتَّى يَنصب الخيشومَا([31]) *
قالوا: إذا عَدا عارضاً صدرَه، أو مائلاً برأسِه. ويقال: عَرَض فلانٌ من سلعته، إذا عارَضَ بها، أعطى واحدةً وأخذ أخرى. ومنه:
* هل لَكِ والعارضُ مِنْكِ عائضُ([32]) *
أي يعارضُكِ فيأخذُ منكِ شيئاً، ويُعطيكِ شيئاً. ويقال: عَرَضْتُ أعْواداً بعضَها على بعض، واعترضت هي. قال أبو دُواد:
تَرَى الرِّيشَ في جوفِه طامياً *** كعَرْضِك فوق نِصَالٍ نصالا([33])
يصف الماءَ أنّ الرِّيشَ بعضُه معترضٌ فوق بعض، كما يعترض النَّصلُ على النَّصل كالصَّليب. ويقال: عَرَضْتُ له من حَقِّه ثوباً فأنا أعرِضُه، إذا كان له حقٌّ فأعطاه ثوباً، كأنَّه جَعَل عَرْضَ هذا بإزاء عَرضِ حَقِّه الذي كان له. ويقال: أعْيَا فاعتَرَض على البعير.
وذكر الخليلُ: أعرضت الشَّيءَ: جعلتُه عريضاً. وتقول العرب: "أعْرَضْتَ القِرْفَةَ". وكان بعضهم يقول: "أعرضْتَ الفُرقة" ولعلَّه أَجود، وذلك للرجل يقال له: مَن تتَّهم؟ فيقول: أَتَّهمُ بني فلانٍ، للقبيلةِ بأَسْرها. فيقال له: أَعْرَضْتَ القِرفَة، أَي جِئتَ بتُهمةٍ عريضة تعترض القبيلَ بأسره.
ومن الباب: أَعْرَضْتُ عن فلانٍ، وأعرضْتُ عن هذا الأمر، وأعرَض بوَجْهه. وهذا هو المعنى الذي ذكرناه؛ لأنّه إذا كان كذا ولاَّه عرضه([34]) . والعارض إنّما هو مشتقٌّ من العَرْض الذي هو خِلافُ الطُّول. ويقال: أعْرَضَ تلك الشَّيءُ من بعيدٍ، فهو مُعرضٌ، وذلك إذا ظهر لك وبدا. والمعنى أنّك رأيت عَرْضه. قال عمرو بن كُلثوم:
وأعْرَضَت اليمامةُ واشْمَخَرَّتْ *** كأسيافٍ بأيدي مُصْلتِينا([35])(4/220)
[و] تقول: عارضْتُ فلاناً في السَّير، إذا سرتَ حِيالَه. وعارَضْتُه مِثْلَ ما صَنَعَ، إذا أتيت إليه مثلَ ما أتى إليك. ومنه اشتُقَّت المعارَضة. وهذا هو القياس، كَأَنَّ عَرْض الشَّيء الذي يفعلُه مثلُ عَرْض الشيء الذي أتاه. وقال طفيل:
وعارضْتُها رَهْوَاً على مُتَتابعٍ *** نَبِيلِ القُصَيْرَى خارِجيٍّ محنَّبِ([36])
ويقال: اعترَض في الأمر فلانٌ، إذا أدخَلَ نفسَه فيه. وعارَضْتُ فلاناً في الطّريق، وعارَضْتُه بالكتاب، واعترَضْتُ أُعْطِي مَن أقَبَلَ وأدبر. وهذا هو القياس. واعتَرَضَ فلانٌ عِرْضَ فُلانٍ يَقَعُ فيه، أي يَفعَل فِعلاً يأخُذ عَرْضَ عِرْضِه. واعتَرَضَ الفرسُ، إِذا لم يستَقِمْ لقائدِه. قال الطرِمَّاح:
وأراني المليكُ رُشْدي وقد كُنْـ *** تُ أخا عُنْجُهيَّةٍ واعتراضِ([37])
وتعرَّض لي فلانٌ بما أكرَهُ. ورجل عِرِّيضٌ، أي متعرِّض.
ومن الباب: استَعْرَض الخوارجُ النّاسَ، إذا لم يُبَالوا مَنْ قتلوا. وفي الحديث: "كُلِ الجُبْنَ عُرْضاً"، أي اعترِضْه كيف كان ولا تَسْأَلْ عنه([38]) . وهذا كما قلناه في إعْراض القِرْفة([39]) . والمُعْرِض: الذي يَعترِض النَّاس يستدين ممن أمْكَنه. ومنه حديث عمر: "ألاَ إنّ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ ادّانَ مُعْرِضاً([40]) ".
ومن الباب العِرض: عِرْض الإنسان. قال قومٌ: هو حَسَبُه، وقال آخرون: نَفسه. وأيَّ ذلك كانَ فهو من العَرْض الذي ذكرناه.
وأمّا قولهم إنّ العِرْض: ريحُ الإنسان طيّبةً كانَت أم غير طَيِّبة، فهذا طريق المجاوزة، لأنَّها لمّا كانت مِن عِرضِه سمِّيت عِرضاً. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّما هو عَرَقٌ يجري من أعراضهم" أي أبدانهم، يدلُّ على صِحَّة هذا. واستدلوا *على أنَّ العِرض: النَّفْسُ بقول حسَّانَ، يمدح رسولَ الله عليه الصلاة والسلام:
هَجَوْتَ محمّداً فأجبتُ عنه *** وعند اللهِ في ذاك الجزاءُ([41])(4/221)
فإنّ أبي ووالدَتي وعِرْضِي *** لِعِرض محمّدٍ منكم وِقاءُ([42])
وتقول: هو نقيُّ العِرْض، أي بعيدٌ من أن يُشتَمَ أو يعاب.
ومن الباب: مَعاريضُ الكلام، وذلك أنَّه يَخرُج في مِعْرَضٍ غَير لفظِهِ الظاهر، فيُجعَل هذا المِعْرَض له كمِعْرَض الجارية، وهو لباسها الذي تُعْرَض فيه، وذلك مشتقٌّ من العَرْض. وقد قلنا في قياس العَرْض ما كَفَى.
وزعم ناسٌ أن العربَ تقول: عرَفتُ ذاك في عَرُوضِ كلامِه، أي في مَعاريضِ كلامه.
ومن الباب العَرْض: الجيش العظيم، وهذا على مَعنى التَّشبيه بالعَرْض([43]) من السَّحاب، وهو ما سَدَّ بعَرْضِه الأفُق. قال:
* كنَّا إذا قُدْنا لقومٍ عَرْضَاً([44]) *
أي جيشاً كأنّه جبلٌ أو سحابٌ يسدُّ الأفق، وقال دريد([45]) :
نعيَّة مِنْسَر أو عَرْض جيشٍ *** تضيق به خُروق الأرضِ مَجْرِ([46])
وكان ابنُ الأعرابي يقول: الأعراض: الجبال والأودَية والسحاب، الواحد عِرْض. كذا قال بكسر العين، ورُوِي عنه أيضاً بالفتح. وقال أبو عبيدة: العَرض: سَنَد الجبل. وأنشد:
* ألاَ ترى بكلِّ عَرْض مُعْرِضِ([47]) *
وأنشد الأصمعيّ:
* كما تَدَهْدَى من العَرْض الجلاميدُ([48]) *
والعَريض: الجَدْي إذا نَزَا [أو] يكاد ينْزو، وذلك إذا بلغ. وهذا قياسُه أيضاً قياسُ الباب، وهو من العَرْض، وجمعه عُِرْضانٌ.
فأمّا عَرُوض الشِّعر فقال قوم: مشتقٌّ من العَرُوض، وهي النَّاحية، كأنّه ناحيةٌ من العِلْم. وأنشد في العَروض:
لكلِّ أُناسٍ من مَعَدٍّ عِمارةٌ *** عَرُوضٌ إليها يَلْجَؤونَ وجانبُ([49])
وقال آخرون: العَريض: الطريق الصَّعب، ذلك يكون في عَرْض جَبَل، فقد صار بابُه قياسَ سائِر الباب. قالوا: وهذا من قولهم: ناقةٌ عُرْضِيَّة، إذا كانت صعبةً. ومعنى هذا أنّها لا تستقيم في السَّيْر، بل تعترض([50]) . قال الشَّاعر([51]) :
ومَنَحتُها قولي على عُرْضِيَّةٍ *** عُلُطٍ أُدَاري ضِغْنَها بتودُّدِ ...(4/222)
ومن الباب: عُرْض الحائط، وعُرض المال، وعُرْض النَّهر، ويراد به وَسَطه. وذلك من العرض أيضاً. وقال لَبيد:
فتوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وصَدَّعا *** مسجورةً متجاورا قُلاَّمُها([52])
وعُرْض المالِ من ذلك، وكلُّه الوسَط. وكان اللِّحياني يقول: فلانٌ شديد العارضة، أي الناحية. والعَرَض من أحداث الدَّهر، كالمرضِ ونحوه، سمِّي عَرَضاً لأنَّه يعترض، أي يأخذه فيما عَرض من جَسَده. والعَرَض: طمَع الدُّنيا، قليلاً [كان] أو كثيراً. وسمِّي به لأنّه يُعْرِض، أي يريك([53]) عُرْضَه. وقال:
مَن كان يرجو بقاءً لا نفَادَ له *** فلا يَكُنْ عَرَضُ الدُّنيا له شَجَنا
ــــــــــــــــ
([1]) ديوان الشماخ 43 واللسان (عرز). وضبط في الديوان: "غيرها ضم"، وإنما هو "هاضم" يقال هضم له من حظه، إذا كسر له منه.
([2]) في الأصل: "تعود الرجل فروعه إليه".
([3]) ديوان امرئ القيس 53.
([4]) ديوان علقمة 130 والمفضليات (2: 200) واللسان (عرس). وصدره:
* حتى تلافى وقرن الشمس مرتفع *
([5]) البيت للأسود بن يعفر، كما في اللسان (فوو). وروايته فيه: "جرت بها الريح".
([6]) العرس، بضمة وبضمتين: مهنة الإملاك والبناء، وقيل طعامه خاصة.
([7]) بعده في اللسان (عرس) وإصلاح المنطق 396:
* ندعى من النساج والخياط *
وانظر المخصص (17: 92) واللسان وأساس البلاغة (حوط).
([8]) في الأصل: "والنزول".
([9]) في الأصل: "مستحصداً حمى فيه وتعريسي"، صوابه من الديوان 323 واللسان (عرس). وصدره في الديوان : * إني امرؤ من نزار في أرومتهم *
([10]) وكذا في اللسان (عرس). وفي أمثال الميداني (2: 93): "في عرينة الأسد". والعرينة: العرين. وهو بالصورة الأولى شطر بيت من البسيط، وعلى الرواية الأخيرة نثر لا شعر.
([11]) ديوان زهير 165 واللسان (عرس، سنم). ويروى:
* ضحوا قليلاً قفا كثبان أسنمة *
([12]) ديوان ذي الرمة 7.(4/223)
([13]) في الأصل: "للذي لا عمل له عرس"، تحريف.
([14]) في الأصل: "يجعل له"، صوابه في المجمل واللسان.
([15]) ديوان زهير 109 واللسان (ثلل، عرش). وقد سبق في (ثل).
([16]) الرجز في ديوانه 80 واللسان (عرش، حفض، قعض)، وقد سبق في (حفض).
([17]) ديوان الخنساء 70 واللسان وأساس البلاغة (عرش). ورواية الديوان:
إن أبا حسان عرش هوى *** مما بنى الله بكن ظليل
([18])ديوان الطرماح 164.
([19]) البيت للقطامي في ديوانه 48 واللسان (ثوب، عرش) وأساس البلاغة (عرش). وقد سبق في (ثوب).
([20]) ديوان الشماخ 28 واللسان (عرش، هوى، شمر). و"هوية" تقرأ بالتصغير وبفتح فكسر. وضبط في المجمل كذلك بفتح الهاء وكسر الواو.
([21]) ديوان ذي الرمة 236 واللسان والمجمل (عرش). وعبد يغوث هذا، هو عبد يغوث بن وقاص بن صلاءة الحارثي، كما في شرح الديوان.
([22]) روي في اللسان (عرش): "على نقا متهدم"، وفي المجمل: "متهدم" كذلك، وكتب بعده بخط مخالف لأصله: "أو على [نقا] متهدم، شك الشيخ أيده الله". وفي أساس البلاغة: "على نقا يتهدد"، وعقب عليه بقوله: "شريت: لجت في الأمطار. يتهدد: ينهد وينهار".
([23]) البيت لذي الرمة في ديوانه 32 واللسان (رقد، نفج، عرص).
([24]) في الأصل: "وعريص"، تحريف.
([25]) في الأصل: "حبوبه"، تحريف.
([26]) الرجز في مجالس ثعلب 584 واللسان (عرص).
([27]) البيت للسليك بن السلكة في الأصح، وقيل للمخبل السعدي، كما في اللسان (عرص، عرض، شوب). وأنشده في المجمل (عرس) أيضاً بهذه الرواية، وكتب تحتها: "ومشيب" أي هما روايتان. وروايته في اللسان (صرب): "في الجفان مشوب". وفي (عرص، شوب): "في القصاع مشيب". وفي (عرص): "في الجفان مشيب".
([28]) في الأصل: "عرضا وعرضا"، وفيه تكرار. انظر اللسان والقاموس.
([29]) البيت لجرير، كما في اللسان (عرض). وأنشده في المجمل بدون نسبة، وهو مما لم يرو في ديوان جرير. وابن ليلى، هو عبد العزيز بن مروان.(4/224)
([30]) ديوان النابغة. واللسان (عرض). في الديوان: "إذا عرض الخطلي". وفي اللسان: "إذا عرضوا" بتشديد الراء، وهي لغة في عرض الرمح.
([31]) نسبه في اللسان (عرض 41) إلى رؤبة. وهو في ملحقات ديوانه 185.
([32]) في الأصل: "منك عارض"، صوابه من المجمل واللسان (عرض، عوض). والرجز لأبي محمد الفقعسي كما في اللسان. وقبله:
* يا ليل أسقاك البريق الوامض * وقد سبق في (عوض).
([33]) أنشده في اللسان (عرض 38) بدون نسبة.
([34]) في الأصل: "عارضه".
([35]) البيت من معلقته المشهورة.
([36]) ديوان طفيل 9 برواية: "شديد القصيرى".
([37]) ديوان الطرماح 80 وجمهرة أشعار العرب 190 واللسان (عرض 30). وفي الأصل: "المكيل" بدل "المليك"، تحريف.
([38]) زاد بعده في المجمل: "من عمله".
([39]) انظر ما سبق في ص 280 س11-14.
([40]) انظر رواية الحديث في اللسان (عرض 38).
([41]) ديوان حسان 8 من قصيدة يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويهجو أبا سفيان وكان هجا النبي قبل إسلامه.
([42]) في الديوان واللسان (عرض 32): "فإن أبي ووالده".
([43]) يقال هذا بفتح العين وكسرها.
([44]) لرؤبة في ديوانه 81 واللسان (عرض) برواية: "إنا إذا قدنا". وبعده:
* لم نبق من بغي الأعادي عضا *
([45]) في الأصل: "ابن دريد".
([46]) نعية، كذا وردت في الأصل.
([47]) أنشده في المخصص (10: 49/11: 4). وأنشد بعده:
* كل رداح دوحة المحوض *
([48]) أنشد هذا العجز في اللسان (عرض 37).
([49]) للأخنس بن شهاب التغلبي، كما سبق تحقيقه في (عمر).
([50]) في الأصل: "في التنزيل تعترض".
([51]) هو ابن أحمر كما سبق في (علط).
([52]) البيت من معلقته المشهورة.
([53]) في الأصل: "سريك". ...(4/225)
ويقال: "الدُّنيا عَرَضٌ حاضرٌ، يأخذ منه البَرُّ والفاجر". فأمَّا قوله: صلى الله عليه وآله وسلم: "ليس الغِنَى عن كَثْرة العَرْض". فإِنِّما سمعناه بسكون الراء، وهو كلُّ ما كان من المال غيرَ نَقْد؛ وجمعه عُروض. فأمّا العَرَض بفتح الراء، فما يُصِيبه الإنسان من حَظِّه من الدُّنيا. قال الله تعالى: {وَإنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} [الأعراف 169].
وقال الخليل: فلانٌ عُرْضَة للنَّاس: لا يزالون يَقَعُون فيه. ومعنى ذلك أنّهم يعترضون عُرضَه. والمِعْراض: سَهمٌ له أربعُ قُذَذٍ دِقاقٍ، وإذا رُمِيَ به اعتَرَضَ. قال الخليل: هو السَّهم الذي يُرْمَى به لا رِيشَ له يمضي عرضاً.
فأمَّا قولُهم: شديد العارضة، فقد ذكرنا ما قاله اللِّحياني فيه. وقال الخليل: هو شديد العارضة، أي ذو جَلَد وصَرَامَةٍ. والمعنيانِ متقاربانِ، أي شديد ما يَعرِض للنَّاس منه. وعارِضةُ الوجه: ما يبدو منه عند الضَّحك. وزَعَم أنَّ أسنان المرأة تسمَّى العوارض* والقياس في ذلك كلِّه واحد. قال عنترة:
وكأنَّ فَارةَ تاجرٍ بقسيمةٍ *** سبقَتْ عوارضَهَا إليك من الْفَمِ([1])
ورجلٌ خفيف العارضَين، يعني عارضَي اللِّحية. وقال أبو ليلى: العوارض الضَّواحك، لمكانها في عَرْض الوَجْه. قال ابن الأعرابيّ: عارضا الرَّجُلِ: شَعْر خدَّيه، لا يقال للأمْرَدِ: امسَحْ عارِضَيك. فأمّا قولهم: يمشي العِرَضْنَى، فالنون فيه زائدة، وهو الذي يشتقُّ في عَدْوِه معترِضاً. قال العجاج([2]) :
* تَعْدُو العِرَضْنَى خيلُهم حَراجلا([3]) *
وامرأةٌ عُرْضةٌ: ضَخْمة قد ذَهَبَتْ من سمنها عَرْضاً.(4/226)
قال الخليل: العوارِض: سقائفُ المِحْمَل العراضُ التي أطرافها في العارضَين، وذلك أجمَعُ هو سَقْف المِحْمَل. وكذلك عوارضُ سَقْفِ البيت إذا وُضِعَتْ عَرْضاً. وقال أيضاً: عارضةُ البابِ هي الخشبةُ التي هي مِسَاكُ العِضادَتين من فَوق. والعَرْضِيُّ: ضربٌ من الثِّيابِ، ولعلَّ له عَرْضاً. قال أبو نُخَيلة:
هَزَّتْ قَواماً يَجْهَدُ العَرْضِيَّا *** هَزَّ الجَنوب النَّخلةَ الصَّفِيَّا
وكلُّ شيء أمكنَك من عَرْضِه فهو مُعْرِض لك، بكسر الراء. ويقال: أعرض لك الظَّبْيُ فارمِهِ، إذا أمكنك من عَرْضه؛ مثل أفقَرَ([4]) وأعْوَرَ.
ومن أمثالهم: "فلانٌ عريض البِطان"، إذا أثْرَى وكثُر مالُه. ويقال: ضَرب الفحلُ النّاقَة عِراضاً، إذا ضربها من غير أن يُقادَ إليها. وهذا من قولنا: اعترض الشَّيء: أتاه من عُرْض، كأنّه اعتَرضَها من سائر النُّوق: قال الرّاعي:
نجائبُ لا يُلقَحنَ إلاّ يَعارَةً *** عِرَاضاً ولا يُبْتَعْنَ إِلاّ غواليا([5])
وقال اللِّحياني: لقِحت النّاقةُ عِراضاً، أي ذهبتْ إلى فحلٍ لم تُقَدْ إليه. والعارض: السحاب، وقد مضى ذِكرُ قياسه. قال الله تعالى: {قَالُوا هذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنا} [الأحقاف 24]. والعارض من كلِّ شيء: ما يستقبلُك، كالعارض من السَّحاب ونحوه. وقال أبو عبيدة: العارض من السَّحاب: الذي يعرِض قُطر من أقطار السماء من العشيِّ ثم يُصبح قد حَبَا واستَوَى. ويقال له: العانُّ بالتشديد.
ومن المشتق من هذا قولهم: مرّ بي عارضٌ من جَرَاد، إذا ملأ الأفق. ولفُلانٍ على أعدائه عُرْضِيَّة، أي صُعوبة. وهذا من قولنا ناقة عُرْضيّة، وقد ذكر قياسه. ويقال: إنّ التعريض ما كان على ظَهر الإبل من مِيرَة أو زاد. وهذا مشتقٌّ من أنّه يُعرَض على مَن لعلَّه يحتاج إليه. ويقال: عَرِّضوا من مِيرتكم، أي أطعمونا منها([6]) . قال:
*حَمْراءَ من مُعَرِّضاتِ الغِرْبانْ([7]) *(4/227)
يصف ناقةً له عليها الميِرَة فهي تتقدَّم الإبل وينفتح ما عليها لسرعتها فتسقط الغِربان على أحمالها، فكأنَّها عَرَّضت للغِربان مِيرتَهم([8]) . ويقال للإبل التي تبعد آثارُها في الأرض: العُراضات، أي إنها تأخذ في الأرض عَرْضاً فَتِبين آثارُها. ويقولون: "إذا طلعت الشِّعرى سَفَراً، ولم تَرَ فيها مَطراً، فأرسل العُرَاضات أثَراً، يبغينك في الأرض مَعْمَراً([9]) ".
ويقال: ناقةٌ عُرْضَةٌ للسَّفر، أي قويّة عليه. ومعنى هذا أنّها لقوَّتها تُعْرَض أبداً للسَّفر. فأمَّا العارضة من النُّوق أو الشّاء، فإنها التي تُذبح لشيءٍ يعتريها. وقال:
من شواءٍ ليس مِن عارضةٍ *** بيدَيْ كلِّ هَضومٍ ذي نَفَلْ
وهذا عندنا مما جُعِل فيه الفاعلُ مكانَ المفعول؛ لأنَّ العارضة هي التي عُرِض لها بمَرَضٍ، كما يقولون: سرٌّ كاتم. ومعنى عُرِض لها أنَّ المرض أعْرَضَها، وتوسَّعُوا في ذلك حتى بنوا الفِعل منسوباً إليها، فقالوا: عَرَِضَتْ. قال الشَّاعر([10]):
إذا عَرَِضَت منها كَهاةٌ سمينةٌ *** فلا تُهْدِ مِنْها واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
والعِرْض: الوادي، والعِرْض: وادٍ باليمامة. قال الأعشى:
ألم تَرَ أنَّ العِرْضَ أصبحَ بطنُه *** نخيلاً وزرعاً نابتاً وفَصافِصا([11])
وقال المتلمِّس:
فهذا أوانُ العِرْضِ حَيَّ ذُبَابُهُ *** زنابيرُه والأزرقُ المتلمِّسُ([12])
ومن الباب: *نظرتُ إليه عَرْض عين، أي اعترضتُه على عيني. ورأيت فلاناً عَرضَ عينٍ([13]) ، أي لمحةً. ومعنى هذا أنَّهُ عَرَض لعيني، فرأيته. ويقال: عَلِقت فلاناً عَرَضاً، أي اعتراضاً من غير استعدادٍ منِّي لذلك ولا إرادةٍ. وهذا على ما ذكرناه من عِرَاضِ البَعير والنَّاقة. وأنشد:
عُلِّقتُها عَرَضاً وأقتلُ قومَها *** زَعْمَاً لعمرُ أبيك ليسَ بِمَزْعَمِ([14])(4/228)
ويقال: أصابه سَهْمُ عَرَضٍ، إذا جاءه من حيثُ لا يَدري مَن رماه. وهذا من الباب أيضاً كأنَه جاءه عَرَضاً من حيث لم يُقصَدْ به، كما ذكرناه في المِعْراض([15]) من السهام.
والمعارض: جمع مَعْرَض([16]) وهي بلاد تُعْرَضُ فيها الماشيةُ للرّعْي. قال:
أقول لصاحبيَّ وقد هبطنا *** وخلّفنا المَعَارِض والهضابا ...
(عرف) العين والراء والفاء أصلان صحيحان، يدلُّ أحدُهما على تتابُع الشيء متَّصلاً بعضُه ببعض، والآخر على السكون والطُّمَأنينة.
فالأوّل العُرْف: عُرْف الفَرَس. وسمِّي بذلك لتتابُع الشَّعر عليه. ويقال: جاءَت القَطا عُرْفاً عُرْفاً، أي بعضُها خَلْفَ بعض.
ومن الباب: العُرْفة وجمعها عُرَف، وهي أرضٌ منقادة مرتفِعة بين سَهْلتين تنبت، كأنّها عُرف فَرَس. ومن الشِّعر في ذلك([17]) …
والأصل الآخر المعَرِفة والعِرفان. تقول: عَرَف فلانٌ فلاناً عِرفاناً ومَعرِفة. وهذا أمر معروف. وهذا يدلُّ على ما قلناه من سُكونه إليه، لأنَّ مَن أنكر شيئاً توحَّشَ منه ونَبَا عنْه.
ومن الباب العَرْف، وهي الرَّائحة الطيِّبة. وهي القياس، لأنَّ النَّفس تسكُن إليها. يقال: ماأطيَبَ عَرْفَه. قال الله سبحانه وتعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد 6]، أي طيَّبَها. قال:
إِلا رُبَّ يومٍ قد لَهَوْتُ ولَيْلَةٍ *** بواضحةِ الخدّين طيِّبة العَرْفِ
والعُرْف: المعروف، وسمِّي بذلك لأنَّ النفوس تسكُن إليه. قال النابغة:
فلا النُّكْرُ معروفُ ولا العُرْف ضائعُ([18])
أبَى اللهُ إِلاَّ عدلَه ووفاءه
فأمَّا العَرِيف فقال الخليل: هو القيِّم بأمرِ قومٍ قد عَرَف عليهم. قال: وإنّما سمِّي عريفاً لأنَّه عُرِف بذلك. ويقال بل العِرَافة كالوِلاية، وكأنَّه سمِّي بذلك ليعرف أحوالهم.(4/229)
وأمَّا عرفات فقال قومٌ: سمِّيت بذلك لأنَّ آدمَ وحواءَ عليهما السلام تعارَفَا بها. وقال آخرون. بل سمِّيت بذلك لأنَّ جبريل عليه السلام لما علّم إبراهيم عليه السلام مَناسِكَ الحجّ قال له: أعَرفت([19]) ؟ وقال قومٌ: بل سمِّيت بذلك لأنَّه مكانٌ مقدَّس معظَّم، كأنَّه قد عُرِّف، كما ذكرنا في قوله تعالى: {وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد 6]. والوقوف بعَرَفاتٍ تعريف. والتعريف: تعريف الضَّالة واللّقْطَة، أن يقول: مَن يَعرِف هذا؟ ويقال: اعتَرَف بالشَّيء، إذا أقرَّ، كأنّه عَرفَه فأقرَّ به. ويقال: النَّفس عَروف، إذا حُمِلت على أمرٍ فباءت به([20]) أي اطمأنَّت. وقال:
فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ *** عوارفَ بعد كِنٍّ واتِّجاحِ([21])
من الوَُِجاح، وهو السِّتر.
والعارف: الصابر، يقال أصابته مصيبةٌ فوُجِد عُرُوفاً، أي صابراً. قال النَّابغة:
على عارفاتٍ للطِّعان عَوابِسٍ *** بهنَّ كلُومٌ بين دامٍ وجالِبِ([22])
(عرق) العين والراء والقاف أربعة أصولٍ صحيحة: أحدُها الشَّيء يتولَّد من شيء كالنَّدَى والرَّشْح وما أشبهه. والآخَر الشَّيء ذو السِّنْخ، فسِنْخُه منقاسٌ من هذا الباب. والثالث كَشْط شَيءٍ عن شيء، ولا يكاد يكون إلا في اللّحم. والرَّابع اصطفافٌ وتتابعٌ في أشياء. ثم يُشتَقُّ من جميع هذه الأصول وما يقاربها.
فالأوَّل العَرَق، وهو ما جرى في أصول الشَّعر من ماء الجِلْد. تقول: عرِقَ يعرَقَ عَرَقاً. قال: ولم أسمع للعَرق جمعاً، فإنْ جُمِع فقياسُه أعراق، كجَمل وأجمال. ورجلٌ عُرَقَة: كثير العَرق. ويقال: استعرق، *إذا تعرَّضَ للحَرِّ كي يَعرق.
ومن الباب: جَرَى الفرسُ عَرَقاً أو عَرَقَين، أي طَلَقاً أو طَلَقين. وذلك من العَرَقْ. ويقال: عَرِّقْ فرسَك، أي أجرِهِ حتَّى يتعرَّق. قال الأعشى:
يُعالَى عليه الجلُّ كلَّ عَشِيّة *** ويرفع نَقلاً بالضُّحَى ويُعَرَّق([23])(4/230)
ويقال: اللّبَن عَرَقٌ يتحلَّب في العروق حتَّى ينتهي إلى الضَّرْع. قال الشَّمّاخ:
تُضْحِ وقد ضَمِنت ضَرّاتُها عَرَقا *** من طيّب الطّعم حُلْوٍ غير مجهود([24])
ولبنٌ عَرِق، وهو أن يُجعَل في سقاء فيشدَّ بجنْبِ البعير فيصيبَه العرقُ فَيفسُد. وأمّا عَرَقُ القِرْبة في قوله: "جَشِمْتُ إليك عَرَق القِربة([25]) " فمعناه فيما زعم يونس: عطيّة القربة، وهو ماؤها، كأنَّه يقول: جَشِمت إليك حتَّى سافرتُ واحتجتُ إلى عَرَق القربة في الأسفار، وهو ماؤها. ويقال: عَرِق لهُ بكذا، كأنّه تَندَّى له وسَمَح. قال:
سأجعَلهُ مكانَ النُّون مِنِّي *** وما أُعْطِيتُهُ عَرَقَ الخِلالِ([26])
يقول: لم أُعْطَهُ عطيَّةَ مودّة، لكنَّه أخذْتُه قسراً. والنُّون: السَّيف. وقال بعضهم: جَشِمْتُ إليك حَتَّى عرِقتُ كعرق القِرْبة، وهو سَيَلان مائها. وقال قوم: عَرَق القِربة أنْ يقول: تكلَّفتُ لك ما لا يبلغُه أحدٌ حتى تجشَّمت ما لا يكون؛ لأنَّ القِربة لا تَعْرَق، يذهب إلى مِثْلِ قولهم: "حتَّى يشِيب الغُراب". وكان الأصمعيُّ يقول: عَرَق القِرْبة كلمةٌ تدلُّ على الشِّدَّة، وما أدري ما أصلُهما وقال ابنُ أبي طَرَفة: يقال لَقِيتُ من فُلانٍ عَرَقَ القِرْبة، أي الشِّدّة. قال: وأنشد الأحمر:
ليست بِمَشْتَمَةٍ تُعَدُّ وعَفْوُها *** عَرَقُ السِّقاء على القَعُود اللاّغِبِ([27])
يمدح رجلاً يسمع الكلمة الشديدة فلا يأخُذ صاحبَها بها.
ومن الباب: عَرَّقْتُ في الدَّلو، وذلك إذا كان دونَ المِلء، كأنَّ هذا لقِلّته شبّه بالعَرَق. ويقال للمُعْطي اليسير: عَرَّق. قال:
لا تملأ الدَّلْوَ وعرِّقْ فيها *** أما تَرَى حَبَارَ مَنْ يَسقيها([28])
ويقال: كأسٌ مُعْرَقَة، إذا لم تكن مملوءةً، قد بقيتْ منها بقيَّة. وخَمْرٌ مُعرَقَة، أي ممزوجة مزجاً خفيفاً، شُبِّه ذلك المزجُ اليسير بالعَرَق. وقال في المُعْرق القليلِ المَزْج:(4/231)
أخَذْتُ برأسِهِ فدَفَعْتُ عنه *** بمُعْرَقَةٍ مَلامةَ مَن يلومُ([29])
والأصل الثاني السِّنْخ المتشعِّب. من ذلك العِرْق عِرْق الشَّجَرة. وعُروقُ كلِّ شيء: أطنابٌ تَنْشَعِب من أصوله. وتقول العرب: "استأصَل الله عِرْقاتَهم([30]) " زعموا أنَّ التاء مفتوحة، ثمَّ اختلفوا في معناه، فقال قوم: أرادوا واحدةً وأخرجها مُخرَج سِعلاة. وقال آخرون: بل هي تاءُ جماعة المؤنّث لكنهم خفّفوه بالفتحة ويقال: أعْرَقَتِ الشَّجَرةُ، إذا ضَرَبتْ عُروقُها فامتدَّت في الأرض.
ومن هذا الباب: عَرَق الرّجُل يَعْرُق عُروقاً، إذا ذَهَب في الأرض. وهذا تشبيهٌ، شبِّه ذهابه بامتدادِ عُروق الشَّجرةِ وذهابها في الأرض.
فأمّا قولُه صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ أحيا أرضاً مَيْتةً فهي له، وليس لعرقٍ ظالمٍ حَقٌّ". فهو مَثَل. قال العلماء: العُروق أربعة: عرقان ظاهران، وعرقان باطنان. فالظاهران: الغَرس والبناء، والباطنان البئر والمعْدن. ومعنى العِرق الظَّالم أن يجيءَ الرّجُل إلى أرضٍ قد أحياها رجلٌ قبلَه فيغرسَ فيها غَرساً أوْ يُحدِثَ شيئاً يستوجب به الأرض.
والعِرق: نباتٌ أصفر. ومن أمثالهم: "فلانٌ مُعْرق [له] في الكَرم"، أي له فيه أصلٌ وسِنْخ. وقد عَرَّق فيه أعمامُه وأخواله تعريقاً، وأعرقوا فيه أعراقاً. وقد أعْرقَ فيه أعراقُ العَبيد، إذا خالطه ذلك وتخلَّق بأخلاقهم. ويقال: تدارَكَه أعراقُ خَيرٍ وأعراقُ شَرٍّ. قال الشّاعر:
جرى طَلَقاً حتَّى إذا قيل سابقٌ *** تداركَه إعراقُ سَوْءٍ فَبَلّدا([31])
والعَريق من الخَيل والنَّاس: الذي له عرِقٌ في الكَرم. وفلانٌ يُعارِقُ
فلاناً، أي يُفاخِره، ومعناه أن يقول: إنَّنا *أكْرم عِرقاً. ويقال: "عِرقٌ في بنات صَعْدة" وهي الحُمُر الأهليّة. وقول عِكراش بن ذُؤيب: "أتيته بإبلٍ كأنّها عُروق الأَرْطى" أراد أنّها حُمْر، لأنَّ عُروقَ الأرطى حُمر، وحُمْر الإِبل كرائمها. قال:(4/232)
يُثير ويُبدِي عن عُروقٍ كأنّها *** أعنَّةُ جَرَّازٍ تُحَطّ وتُبْشَرُ([32])
وصف ثوراً يَحفِر كِناساً تحت أرْطَى.
والأصل الثالث كشط اللَّحم عن العظم. قال الخليل: العُراق: العظم الذي قَد أُخِذَ عنه اللَّحم. قال:
* فألقِ لكلبك منه عُرَاقا *
فإذا كان العظم بلحمه فهو عَرْق. ويقال: العُراق جمع عَرق، كما يقال ظِئر وظُؤار([33]) . ويقال في المثل: "هو ألْأََم من كلبٍ على عَرْق". قال ابن الأعرابيّ: جمع عَرْق عِرَاق. وأنشَد:
يَبيت ضَيفِي في عِراقٍ مُلْسِ *** وفي شَمُولٍ عُرِّضَتْ للنَّحْسِ([34])
مُلْس، يعني الودكَ والشَّحم. والنَّحْس: الرِّيح. يقال: عَرَقت العظم وأنا أعْرُقهُ، واعترقْتُه وتعرَّقتُه، إذا أكلتَ ما عليه [من] من اللحم. ويقال: أعطِني عَرْقاً([35]) أتعرَّقهُ، أي عظماً عليه اللحم. وفلانٌ مُعتَرَقٌ، أي مهزول، كأنَّ لَحمه قد اعتُرِق. قال:* غولٌ تَصَدَّى لسَبَنْتىً مُعْتَرِق *
وقال:
قد أشهدُ الغارةَ الشَّعواءَ تحملُنِي *** جَرداءُ معروقَةُ اللَّحيين سُرْحوبُ([36])
يصف الفرس بقلّة اللحم على وجهه، وذلك أكْرَمُ له. قال الكِسائيّ: فمٌ مُعْرَق: قليلُ الرِّيق. ووجهٌ معروق: قليل اللَّحم.
والأصل الرّابع: الامتداد والتَّتابع في أشياءَ يتبع بعضُها بعضاً. من ذلك العَرَقة، والجمع عَرَقات، وذلك كلُّ شيءٍ مضفور أو مصطفٍّ. وإذا اصطفَّت الطَيرُ في الهواء فهي عَرَقة، وكذلك الخيل. قال طُفيل:
كأنّه بعدَ ما صَدَّرْن من عَرَقٍ *** سِيدٌ تَمَطّر جُنحَ اللَّيل مبلولُ([37])
والعَرَقة: السَّفيفة المنسوجة من الخُوص قَبل أن يُجعَل منها زَبيل. وسمِّي الزَّبيل عَرَقاً لذلك. ويقال عَرَقة أيضاً. قال أبو كبير:
نَغْدو فنَترُك في المَزَاحف مَن ثوى *** ونُمِرُّ في العَرَقات مَن لم يُقتَلِ([38])
يعني نأسِرهم فنشدُّهم في العَرَقات، وهي النُّسوع.(4/233)
ويقال لآثار الخَيل المصطفة عَرَقة. والعَرَقة: طُرَّة تُنسَج ثم تخاط على شَقَّة، الشُّقة التي للبيت. وقال ابنُ الأعرابيّ: العَرَقة: جماعةٌ من الخيل والإبل القائمة على سَطر([39]). فأمَّا عِراق المَزادة والرَّاوية فهو الخَرْز الذي في أسفلها، والجمع عُرُق. وذلك عندنا ممّا ذكرناه من الامتداد والتَّتابُع. قال ابن أحمر:
من ذي عِرَاق نِيطَ في جَوْزِها *** فهو لطيفٌ طَيُّه مُضْطَمِرْ
وقال آخر:
* تضَحك عن مِثل عِراق الشَّنَّهْ *
ومن هذا الباب: العِرَاق، وهو عند الخليل شَاطئ البحر. وسمِّيت العِراقُ عِراقاً لأنَّه على شاطئ دِجلَة والفرات عِدَاءً حتَّى يتّصل بالبحر. والعِراق في كلام العرب: شاطئ البَحْر على طُوله.
ومن هذا الباب: العِراق، وهو ما أحاط بالظُّفُر من اللَّحم. قال الدُّريدي: "سمِّيت العِراق لأنَّها استكفَّتْ أرضَ العرب([40]) "، أي صارت كالِكفاف لها. وذُكر عن أبي عمرو بن العلاء أنّ العِراق مأخوذ من عروق الشّجر، وهي مَنابِت الشَّجر. والعِراقان: الكوفة والبصرة. وقال الأصمعي: العِراق كلُّ موضعِ ريفٍ. قال جرير:
نَهْوَى ثرى العِرْق إذْ لم نلقَ بعدكُمُ *** كالعرق عِرقاً ولا السُّلاَّنِ سُلاَّنا ...
ويقال: أعرَقَ الرَّجل وأشأمَ، أي أتَى العِراقَ والشَّام. قال الممزَّق:
فإن تُنْجِدُوا أُتْهِمْ خلافاً عليكمُ *** وإن تُعْمِنُوا مُستحقِبِي الشَّرِّ أُعرِقِ([41])
وأمَّا عَرْقُوَة [الدَّلو فـ([42]) ] الخشَبَة المعروضةُ عليها.
(عرك) العين والراء والكاف أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على ذلك وما أشبَهَه من تمريسِ شيءٍ بشيء أو تمرُّسِه به. قال الخليل: عركتُ الأديمَ عَرْكاً، إذا دَلَكتَه دلْكاً. وعركت القومَ في الحربِ عَركاً. قال زهير:
فتعرْكُكُمْ عَرْكَ الرَّحى بثفَالها *** وتَلْقَح كِشافاً ثم تَحْمِل فتُتْئِمِ([43])(4/234)
ومن الباب: اعترَك القومُ في القتال، وذلك تمرُّسُ بعضِهم ببعضٍ وعَرْكُ بعضِهم بعضاً، *وذلك المكان مُعْترَك ومُعتَرَكةٌ. وقال الخليل: رجلٌ عَرِكٌ وقوم عَرِكون، وهم الأشِدَّاء في الصِّراع.
ومن الباب وإِنَّما زِيد في حروفه ابتغاءَ زيادةٍ في معناه –قولُهم: عَرَكْرَكٌ، أي غليظ شديدٌ صَبور. قال:
لا تَشهدِ الوِردَ بكلِّ حائِر *** إلا بفَعْم المَنكِبين حادرِ
عَركْركٍ يملأُ عينَ النّاظر ...
ويقال: رجلٌ عَرِكٌ: حِلْسٌ لا يبرح القِتال. وعَريكة البَعير: سَنامُه، وذلك أنَّ الحِمْل يَعْرُكه. قال ذو الرُّمَّة:
* خِفافُ الخُطَى مُطْلَنْفئات العرائكِ([44]) *
مُطْلَنْفئة: لاصقة بالأرض. ويقال: ناقة عَرُوك، مثل اللَّموسُ([45]) ، وذلك إذا كان عليها وَبَر فلا يُرى طرْقُها تحت الوَبَر حتى يُلْمَس. وعَرَكْت الشّاة أيضاً، إذا جَسَستَها([46]) . قال: ولا تكون المرَّة والمرَّتانِ عَرَكاً، وإنّما يكون ذلك إذا بُولِغ في الجسّ. وتقول: لقيتُه عَرَكاتٍ، أي مَرّاتٍ وهذا على معنى التمثيل بعَرَكات الجَسّ.
قال الخليل: والعَرْك: عَرك المِرفق الجنبَ، من الضّاغط يكون بالبعير. قال الطرِمَّاح:
* قليل العرك يهجو مرفقاها([47]) *
فأمَّا قولُهم: هو ليِّن العريكة، فقال الخليل: فلانٌ ليِّن العريكة، إذا لم يكن ذا إباءٍ، وكان سَلِساً. وقال ابن الأعرابيّ: العريكة: شِدَّة النَّفْس. قال:
خرّجها صوارمُ كلِّ يومٍ *** فقد جعلت عَرائكُها تلين([48])
خَرَّجها: هذَّبها وأدّبها كما يَتخرّج الإنسان، وهذا كلُّه راجعٌ إلى ما تقدّم ذِكرُه من عريكة السَّنام.
فأمّا المَلاّحون فهم العَرَك، يقال عَركيٌّ للواحد وعَرَكٌ للجمع، مثل عربيٍّ وعَرب. قال زُهير:
يَغْشَى الحداةُ بهم وعْثَ الكثيب كما *** يُغشِي السّفائنَ موجَ اللَّجَّةِ العَرَكُ([49])
ــــــــــــــــ
([1]) البيت من معلقته المعروفة.(4/235)
([2]) الحق أنه رؤبة. انظر ديوانه 122 البيت رقم 41.
([3]) في الأصل: "حواحلا"، تحريف. ورواية الديوان: "عراجلا"، وهي رواية اللسان (عرجل). وروي: "حراجلا" كما أثبت من اللسان (حرجل، عرضن)، وهو أقرب تصحيح.
([4]) أفقر، أي أمكن من فقاره. وفي الأصل: "أقفر"، تحريف.
([5]) في الأصل: "ولا يتبعن"، صوابه ما أثبت. وفي اللسان (عرض 48): "ولا يشرين".
([6]) في الأصل: "منه".
([7]) الأجلح بن قاسط، كما في اللسان (عرض). وقال ابن بري: "وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ". قلت: هما في أخرياته ص 116 منسبوان إلى الجليح بن شميذ رفيق الشماخ. وقد نسب في مشارف الأقاويز 209 إلى الجعيل. وأنشده في الحيوان (3: 420) والمخصص (4: 17/7: 137). وقبله:
* يقدمها كل علاة عليان *
([8]) في الأصل: "فميرتهم".
([9]) السجع برواية أخرى في المقاييس (أمر) ومجالس ثعلب 558.
([10]) هو خمام بن زيد مناة اليربوعي، كما في اللسان (جبب). وأنشد البيت في اللسان (عرض، وشق) بدون نسبة.
([11]) ديوان الأعشى 110 واللسان (عرض، فصص).
([12]) ديوان المتلمس 6 نسخة الشنقيطي واللسان (عرض). وفي الأصل: "حتى ذبابه" صوابه من الديوان والحيوان (3: 391). وفي اللسان والمزهر (2: 346): "جن ذبابه". وبهذا البيت سمي المتلمس.
([13]) في الأصل: "أعرض عين".
([14]) البيت لعنترة بن شداد، من معلقته المشهورة.
([15]) في الأصل: "العراض" تحريف. انظر ما سبق في ص 276 واللسان (عرض 42).
([16]) ضبط في اللسان (عرض 35) بفتح الراء. وفي القاموس: "أرض معرضة يستعرضها المال"، قال شارحه: "بالفتح كمكرمة، أو بالكسر كمحسنة".
([17]) بعده بياض في الأصل.
([18]) ديوان النابغة 56.
([19]) زاد بعده في المجمل: فقال نعم".
([20]) في الأصل: "بساءت به".
([21]) ويروى: "وابتحاح" و: "وابتجاح"، كما في اللسان (عرف).
([22]) ديوان النابغة 5.
([23]) ديوان الأعشى 146.(4/236)
([24]) في الأصل: "تضحى"، وانظر ما سبق من التحقيق والتخريج في مادة (جهد).
([25]) في حديث عمر: "ألا لا تغالوا صدق النساء فإن الرجال تغالى بصداقها حتى تقوله: جشمت إليك عرق القربة". اللسان (عرق).
([26]) البيت للحارث بن زهير العبسي، يصف سيفاً له يسمى "النون". وفي الأصل: "عني"بدل"مني" صوابه في اللسان (عرق، نون) والمجمل (عرق). قال ابن بري: صواب إنشاده "ويخبرهم مكان النون مني"، لأن قبله:
سيخبر قومه حنش بن عمرو *** إذا لاقاهم وابنا بلال
[27]) البيت لابن أحمر الباهل، كما في اللسان (عرق). وفي اللسان: "وعفوها" بالفاء.
([28]) الرجز في إصلاح المنطق 281، 453 ومجالس ثعلب 238 واللسان (حبر، عرق)، وقد سبق في (برق). وفي اللسان (عرق) أن "حبار" اسم ناقته.
([29]) للبرج بن مسهر الطائي، كما في اللسان (عرق) والمؤتلف والمختلف 62 والحماسة بشرح المرزوقي ص 1272 برواية: "رفعت برأسه وكشفت عنه".
([30]) يقال عرقاتهم، بكسر التاء: جمع عرق، كعرس وعرسات. فهو من المذكر الذي جمع بالألف والتاء. ومن قال عرقاتهم بفتح التاء أجراه مجرى سعلاة. انظر اللسان والقاموس.
([31]) أنشده في اللسان (عرق).
([32]) كذا ورد البيت في الأصل.
([33]) انظر اللسان (عرق 115).
([34]) أنشده في اللسان (عرق، نحس).
([35]) في الأصل: "عروقاً"، تحريف.
([36]) البيت لعمران بن إبراهيم الأنصاري، كما في حاشية الدمنهوري على متن الكافي. وأنشده في اللسان (عرق) بدون نسبة. وانظر ما كتب في حواشي الجزء الأول من تهذيب اللغة ص 224.
([37]) البيت مما لم يرو في ديوان طفيل. وهو في اللسان (عرق، مطر) برواية: "كأنهن وقد صدرن من عرق". ولم ينسبه في الموضع الثاني. وأنشده في (صدر) أيضاً برواية المقاييس.
([38]) وكذا روايته في ديوان الهذليين (2: 96). وفسره السكري بقوله: "نمر، يقول: نوثق". وفي اللسان (عرق): "ونقر".
([39]) في الأصل: "شطر".
([40]) الجمهرة: (2: 384).(4/237)
([41]) سبق الكلام على البيت وتخريجه في (تهم، عمن).
([42]) تكملة يقتضيها الكلام، وفي المجمل: "والعرقوة: الخشبة المعروضة على الدلو".
([43]) البيت من معلقته المشهورة.
([44]) أنشد هذا العجز في اللسان (عرك). وصدره كما في ديوان ذي الرمة 426:
* إذا قال حادينا أيا عسجت بنا *
وفي الأصل: "خطاف الخطى"، صوابه فيهما.
([45]) بدلها في اللسان: "الشكوك"، وقال: "وهي التي يشك في سنامها أبه شحم أم لا".
([46]) في الأصل: "حبستها"، تحريف.
([47]) لم أجد هذه القطعة في ديوان الطرماح.
([48]) لزهير في ديوانه 189 واللسان (خرج). والرواية فيهما: "وخرجها صوارخ".
([49]) ديوان زهير 167 واللسان (عرك)، والرواية فيهما: "حر الكثيب". وروى أبو عبيدة: * يَغشَى السفائنَ موجُ اللّجة العَرك * ...
وإنَّما سُمُّوا عَرَكاً لمعاركتهم الماءَ والسُّفن.
ويقال: أرضٌ مَعْروكة، إذا عَرَكتها السّائمةُ وأكلت نَباتَها.
ومن الباب: العِراك في الوِرْد. ويقال ماء مَعْروكٌ، أي مُزدَحَم عليه. وهو القياس، لأنَّ المُورِد إذا أورد إبلَه أجْمَعَ تزاحمت وتعاركت. قال لبيد:
فأورَدَها، العِراكَ ولم يذُدْها *** ولم يُشفِق على نَغَصِ الدِّخالِ([1])
ومن أمثالهم: "عارِكْ بجَذَعٍ أودَعْ([2]) ".
فأمّا العارك فإنَّها الحائض، وممكن أن يكون من قياسه أن تكون معانِيةً، لما تُعانِيه من نِفاسها ودَمِها، وكأنّها تُعارِكُ شيئاً. يقال امرأةٌ عاركٌ ونساء عوارك. قالت الخنساء:
لن تَغْسِلُوا أبداً عاراً أظلّكُم *** غَسْلَ العَوارِكِ حيضاً بعد أطهارِ([3])
يقال منه: عَرَكَت تعرُك عَركاً وعراكاً فهي عارك.
(عرم) العين والراء والميم أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على شِدّة وحِدّة. يقال: عَرُم الإنسان يعرُم عَرامَةً، وهو عارم. قال:
إني امرؤٌ يذُبُّ عن مَحارمي *** بَسْطةُ كفٍّ ولسانٍ عارمِ(4/238)
وفيه عُرامٌ، إذا كان فيه ذلك. وعُرَام الجَيْش: شِرّته وحَدُّه وكثرتُه. قال:
وليلةِ هُوْلٍ قد سَريتْ وفتيةٍ *** هَديتُ وجمعٍ ذي عُرامٍ مُلادِسِ([4])
ولذلك يقال جيشٌ عَرَمْرَمٌ. وقد قلنا إِنَّهم إذا أرادُوا تفخيمَ أمرٍ زادُوا في حروفه. والعَرَمْرم من عَرَم وعرر([5]) . قال:
أداراً بأجماد النَّعامِ عهِدتُها *** بها نَعماً حَوْماً وعِزّاً عرمرما([6])
وأمَّا سَيل العَرِم فيقال: العَرِمَةُ: السِّكْر، وجمعها عَرِم. وهذا صحيح، لأنَّ الماء إذا سُكِرَ كان له عُرَامٌ من كثرته. ومحتمل أنْ يكون العَرِمة الكُدْس المَدُوس الذي لم يُذَرَّ، يُجعل كهيئة الأَزَج. فإِنْ كان كذا فلأنه مُتكاثف([7]) كثير، كالماء ذي العُرام. فأمَّا العُرْمَة فالبياضُ يكون بمَرَمَّة الشّاة، يقال شاةٌ عرماءُ –وهذا شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه- وأفْعى عرماء. وممكنٌ أن يكون من باب الإبدال، كأنّ الراء بدل من لام، كأنّها عَلْمَاء. وذلك يكون البياض كعلامةٍ عليها، وليس هذا ببعيد. قال:
*أبا مَعْقِلٍ لا تُواطِئَنْك بَغاضَتِي *** رُؤوسَ الأفاعِي في مَرَاصِدها العُرْمِ([8])
فأمّا قولُهم إن العَرِم: الجُرَذ الذَّكَر فمما لا معنَى له ولا يُعَرَّج على مِثله.
(عرن) العين والراء والنون أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على ثباتٍ وإثباتِ شيء، كالشّيء المركب. من ذلك العِرنين، وهو الأنف، والجمع عرانين سمِّي بذلك كأنَّه عُرِن على الأنف، أي رُكِّبَ. وكذلك اللَّحم عَرِينٌ، لأنه مُثْبَتٌ مركَّبٌ على الجسم. قال:
* موشَّمةُ الأطرافِ رَخْصٌ عَرينُها ([9]) *
وقال في العِرْنين:
تَثْنِي الخمارَ على عِرنينِ أرنبةٍ *** شَمَّاء مارِنُها بالمسك مرثومُ([10])
ومن الباب العِرَان، وهي خشبةٌ تُجْعَل في أنف البعير. وقال:
وإنْ تُظْهِرْ حديثَك يُؤْتَ غَدْواً *** برأسِكَ في زِناقٍ أو عِرَانِ([11])(4/239)
ومن الباب العَرين: مَأْوى الأسد؛ لأنّه مكانُه الذي يثبُتُ فيه. وقال:
أحمّ سراةِ أعلى اللّونِ منه *** كلَون سَراة ثُعبانِ العَرينِ([12])
ورمح مُعَرَّن: قد سُمِّر سنانُه فيه. وقال:
مَصانعُ فخرٍ ليس بالطِّينِ شُيِّدَت *** ولكن بطعن السَّمهريِّ المُعَرَّنِ
ومن الباب قولهم للشَّديد الصِّرِّيع: هو عِرْنَةٌ لا يُطاق، أي إنّه ثابتٌ لا يزول.
(عرو/ي) العين والراء والحرف المعتل أصلانِ صحيحان متباينان يدلُّ أحدُهما على ثباتٍ ومُلازمةٍ وغِشيان، والآخر يدلُّ على خلوٍّ ومفارقة.
فالأوّل قولُهم: عَرَاه أمرٌ، إذا غَشِيه وأصابَه؛ وعَرَاه البرد. ويقولون: "إذا طَلَع السِّماك، فعند ذلك يَعرُوك ما عَناك، من البرد الذي يَغْشاك". وعَرَاه الهمُّ واعتراه. والعُرَوَاء: قِرَّةٌ تأخذ المحموم.
ومن الباب العُروة عُروَة الكُوزِ ونحوِه، والجمع عُرىً. وعَرّيت الشيء: اتَّخذت له عروة([13]) . قال لبيد:
فخْمةٌ ذَفْراء تُرتَى بالعُرَى *** قُردمانيَّاً وتَركاً كالبَصَلْ([14])
وقال آخر: "والله لو عَرَّيتَ في عِلباوَيَّ ما خضَعْتُ لَكَ"، أي لو جعلتَ فيهما عُرْوَتين. وإنَّما سمِّيت عُروَة لأنّها تُمسَك وتَلزَمها الإصبع.
ومن الباب العُروة، وهو من النَّبات شجرٌ تَبقى له خَضرةٌ في الشتاء، تتعلق به الإبل([15]) حتَّى يدركَ الرَّبيع، فهي العُرْوة والعُلْقة، وقال مهلهل:
قَتَل الملُوكَ وسارَ تحت لوائه *** شَجر العُرَى وعَراعِرُ الأقوامِ([16])
وقال بعضهم: العُرْوة: الشَّجر الملتف. وقال الفَرَّاء: العُروة من الشَّجر:
ما لا يسقط ورقُه. وكلُّ هذا راجعٌ إلى قياس الباب، لأنَّ الماشية تتعلَّق به فيكون كالعُروة وسائر ما ذكرناه.(4/240)
وربّما سَمّوا العِلْق النَّفِيسَ عُروةً، كما يسمَّى عِلْقاً، والقياس فيهما واحد. ويقال: إن عُروةَ الإسلام: بقِيَّته، كقولهم: بأرض بني فلانٍ عُروة، أي بقيّة منْ كلإٍ. وهذا عندي كلامٌ فيه جفاء؛ لأنَّ الإسلام والحمدُ لله باقٍ أبداً، وإنّما عُرَى الإسلام شرائعه التي يُتَمسَّك بها، كلُّ شريعةٍ عُروة. قال الله تعالى عند ذكر الإيمان:{فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى لاَ انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة 256].
فأما العَرِيُّ فهي الرِّيح الباردة، وهي عرِيَّة أيضاً. وسمِّيت لأنّها تَعْرو وتَعترِي، أي تَغْشَى. قال ذو الرُّمَّة:
وهَلْ أحْطِبَنَّ القومَ وهي عريَّةٌ *** أُصولَ ألاءٍ في ثَرىً عَمِدٍ جَعْدِ([17])
ويقولون: "أَهْلكَ فقد أعْرَيْتَ"، أي غابت الشَّمسُ وهبَّت عريّاً.
وأمّا الأصل الآخَر فخُلوُّ الشَّيء من الشَّيء. من ذلك العُرْيان، يقال منه: قد عَرِيَ من الشَّيءِ يعرَى، وجمع عارٍ عُراة. قال أبو دُوَاد:
فبِتنا عُراةً لَدَى مُهْرِنا *** تُنَزِّع من شَفَتيه الصَّفارا([18])
أي متجرِّدين، كما [يقال] تجرّد للأمر، إذا جدّ فيه. ويقولون: إنّه من العُرَواء، أي كأنَّهم ينتفضون من البرد. ويقال من الأوّل: ما أحْسَنَ عُرْيةَ هذه الجارية، أي مُعَرَّاها وما تجرَّد منها. وعُرْيَتها: جُرْدتها. ويقال: المَعَارِي: اليدانِ والرِّجْلان والوجه، لأنّ ذلك بادٍ أبداً. قال أبو كبير:
مُتكوِّرينَ على المَعارِي بينَهم *** ضَربٌ كتَعْطاط المَزَادِ الأثجلِ([19])
ويقال: اعْرَوْرَيْتُ الفَرسَ، إذا ركبته عُرْياً [ليس] بين ظهره وبَيْنَك شيء. وأنشد:
واعْروْروت العُلُطَ العُرْضيَّ تركُضُه *** أمُّ الفوارس* بالدِّئدادِ والرَّبَعَه([20])
ويقال: فرسٌ عُرْيٌ ورجل عُرْيانٌ.(4/241)
ومن الباب: العَرَاء: كلُّ شيء أعْرَيْته من سُتْرته. ويقال: اسْتُر عن العَرَاءِ. أمَّا العَرَى مقصور فما سَتَرَ شيئاً من شيء. تقول: تركناه في عَرَى الحائط([21]). وهذه الكلمة تَصلح أن تكون من الباب الأوَّل.
ومن الباب الثّاني: أعْرَى القومُ صاحبهم، إذا تَرَكوه وذهَبوا عنه.
ومن الباب العَرَاء: الفضاء، ويقال إنّه مذكّر. تقول: انتهينا إلى عَراءٍ من الأرض واسع. وأعراء الأرض: ما ظَهَر من مُتونها وظُهورها. ويقولون لامرأة الرّجل: النَّجِيُّ العُرْيان، أي إِنَّه يُناجيها في الفِراش عُريانةً. قال:
ليس النجيُّ الذي يأتيك مؤتزِراً *** مِثْلَ النَّجِيّ الذي يأتيك عُرياناً([22])
ويقال للفرس الطَّويل القوائم عُريان، وهو من الباب، يراد أنَّ قوائمه متجرِّدة طويلة.
وأمَّا العَرِية من النَّخْل وما جاء في الحديث أنّه عليه الصلاة والسلام: "نهَى عن المُزَابنة ورَخّص في العَرايا" فإنّ قياسَه قياسُ الذي ذكرناه في هذا الأصل الثاني، وهو خُلوُّ الشيء عن الشيء. ثمّ اختلف الفقهاء في صورتها، فقال قوم هي النَّخلة يُعرِيها صاحبُها رجلاً محتاجاً، وذلك أن يجعَلَ له ثمرةَ عامِها، فرخّص لربِّ النَّخل أن يبتاع ثمرَ تلك النَّخلة من المُعْرَى بتمرٍ، لِموضعِ حاجته. وقال بعضُهم: بل هو الرّجُل يكون له نخلةٌ وسْطَ نخلٍ كثيرٍ لرجُل آخر، فيدخلُ ربُّ النَّخلة إلى نخلته فربما كان صاحب النخل الكثير يؤديه دُخوله إلى نخلِهِ([23]) ، فرخِّص لصاحب النَّخل الكثير أن يشتري ثمَر تلك النخلة من صاحبها قبل أن يجُدَّه بتمرٍ لئلاّ يتأذَّى به.
قال أبو عبيدٍ: والتّفسير الأول أجود، لأنَّ هذا ليس فيه إعراء، إنما هي نَخلةٌ يملكها ربُّها فكيف تسمى عَرِيّة. ومما يبين ذلك قولُ شاعر الأنصار([24]) :
ليستْ بسَنْهَاءَ ولا رُجبيَّةٍ *** ولكن عَرَايا في السِّنينَ الجَوائحِ([25])(4/242)
ومنه حديثٌ آخر، أنَّه كان إذا بعث الخُرّاص قال هم: "خفِّفوا في الخَرْص فإنَّ في المال العَرِيَّةَ والوصِيَّة".
قال الأصمعيّ: استَعْرَى الناسُ في كلِّ وجهٍ، إذا أكلوا الرُّطَب. قال: وهو مأخوذٌ من العَرايا.
فأمَّا الخليل فرُوِي عنه كلامٌ بعضُه من الأوّل وبعضُه من الثاني، إلاّ أنَّ جملة قوله دليلٌ على ما ذكرناه، من أنّه قياسُ سائرِ الباب، وأنّه خلوُّ شيءٍ من شيء.
قال الخليل: النَّخلة العرِيَّة: التي إذا عَرَضْت على البيع ثمرَها عَرَّيتَ منها نخلة، أي عَزَلْتَ عن المساوَمة. والجمع العَرايا، والفعل منه إعراءٌ، وهو أن يُجعَل ثمرُها لمُحتاجٍ عامَها ذلك.
(عرب) العين والراء والباء أصول ثلاثة: أحدها الإنابة والإفصاح، والآخر النَّشاطُ وطيبُ النَّفس، والثالث فسادٌ في جسمٍ أو عضو.
فالأوّل قولهم: أعرب الرّجُل عن نفسه، إذا بيَّنَ وأوضح. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الثَّيِّبُ يُعرِب عنها لسانُها، والبِكر تُسْتَأْمَر في نفسها". وجاء في الحديث: "يستحبُّ حين يُعرِب الصبيُّ أن يقول لا إله إلا الله. سبْعَ مرات"، أي حين يُبِين عن نفسه. وليس هذا من إعراب الكلام. وإعرابُ الكلام أيضاً من هذا القياس، لأنَّ بالإعراب يُفرَق بين المعاني في الفاعل والمفعول والنفي والتعجب والاستفهام، وسائر أبواب هذا النَّحو من العلم.(4/243)
فأمّا الأمَّة التي تسمَّى العربَ فليس ببعيدٍ أن يكون سمِّيت عَرَبا من هذا القياس لأنَّ لسانَها أعْرَبُ الألسنة، وبيانَها أجودُ البيان. وممّا يوضِّح هذا الحديثُ الذي جاء: "إنَّ العربيَّة ليست باباً واحداً([26]) ، لكنّها لسانٌ ناطق". وممّا يدل على هذا أيضاً قولُ العرب: ما بها عَرِيبٌ، أي ما بها أحدٌ، كأنَّهم يريدون، ما بها أنيس يُعرِب عن نفسه. قال الخليل: العَرَب العاربة هم الصَّريح. والأعاريب: جماعة الأعراب. ورجلٌ عربيّ. قال: وأعرب الرّجُل، إذا أفَصَح القَولَ، وهو عَرَبانيُّ اللِّسان([27]) : فصيح. وأعرب الفرس: خَلَصت* عربيّتُه وفاتَته القِرْفة([28]) . والإبل العِرابُ، هي العربية. والعرب المستعربة هم الذين دخَلُوا بَعدُ فاستعربوا وتعرَّبوا.
والأصل الآخَر: المرأة العَرُوب: الضَّحاكة الطيِّبة النفس، وهُنَّ العُرُب. قال الله تعالى: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكاراً. عُرُباً أَتْرَاباً} [الواقعة 36- 37]، قال أهلُ التَّفسير: هنَّ المتحبِّبات إلى أزواجهنّ.
والعَرْب، بسكون الراء: النَّشاط. قال:
* والخَيْل تنزِع عَرْباً في أعنَّتِها([29]) *
والعَرَب: الأَثَر، بفتح الراء. يقال منه: عَرِب يَعْرَب عَرَباً.
والأصل الثالث قولُهم: [عَرِبَت] معدتُه، إذا فسدت، تَعْرَب عَرَباً. ويقال من ذلك: امرأةٌ عَروبٌ، أي فاسدة. أنشدنا عليُّ بن إبراهيمَ القَطّان، قال: أنشدنا ثعلبٌ عن ابن الأعرابيّ:
وما خَلَفٌ من أمِّ عِمرانَ سَلْفَعٌ *** من السُّودِ وَرهْاءُ العِنان عَرُوبُ([30])
فأمَّا يوم الجُمعة فإِنَّه يُدعى العَرُوبة، وهو اسمٌ عندنا موضوعٌ على غير ما ذكرناه من القياس. ويقولون: إِنَّه كان يسمَّى في الزَّمن القديمِ العَرُوبة. وكتابُ الله تعالى وحديثُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يجئْ إلاّ بذكر الجُمعة. على أنَّهم قد أنشدوا:
* يوم العَروبةِ أوراداً بأورادِ([31]) *
وأنشدوا أيضاً:(4/244)
يا حُسْنَهُ عند العزيز إذا بدا *** يوم العَرُوبة واستقَرَّ المِنْبرُ
وكلُّ هذا عندنا مما لا يعوَّل على صحّته.
(عرت) العين والراء والتَّاء. العَرْت: الدَّلْك. والرُّمْح العَرّات، مثل العَرّاص، وهو المُضطرِب.
(عرث) قال أبو بكر([32]) : العَرْث: الانتزاع. عَرَثَه عَرْثاً، إذا انتزَعه. وهو من المُجْمل([33]) .
(عرج) العين والراء والجيم ثلاثة أصول: الأوّل يدلُّ على ميْل ومَيَل، والآخر على عَدَد، والآخِر على سُموّ وارتقاء.
فالأوّل: العَرَج مصدر الأعْرج، ويقال منه: عَرِج يعرَج عَرَجاً، إذا صار أعرج. وقالوا: عَرِج يَعْرَجُ خِلْقة، وعَرَج يَعْرُج إذا مشى مِشية العُرْجان. والعَرْجَاء: الضَّبُع، وذلك خِلْقَةٌ فيها، فلذلك سمِّيَتْ العَرْجاء، والجمع عُرْج. وجمع الأعرج من النّاس العُرْجان([34]). ويقال للغراب أعرج، لأنَّه إذا مشى حَجَل.
ومن هذا الباب التعرُّج، وهو حَبْس المطايا مُناخٍ أو موقِف يميلها إليه([35]). قال ذو الرُّمَّة:
يا جارَتَيْ بنتِ فَضّاضٍ أمَا لَكُما *** حَتَّى نُكلِّمَها همٌّ بتعريج([36])
وقال ابنُ الأعرابيّ: عرَّجْتُ عليه، أي حبَست مطيَّتي عليه. وما لي عليه عُرْجَة([37]) ولا مَعْرَجَة. ويقال للطَّرِيق إذا مال: انعَرَج. وانْعَرَج الوادي. ومُنْعَرَجُه: حيث يميل يَمنةً ويَسرَة. وانعرَجَ القومُ عن الطريق، إذا مالوا عنه([38]) . ويقولون: إنَّ العُرَيْجَاء: الهاجرة. وإنْ صحَّ هذا فلأنَّ كلَّ شيءٍ ينعرجُ إلى مكانٍ يَقِيهِ الحرّ. قال:
لكن سهَيَّةُ تدري أنَّني ذَكَرٌ *** على عُرَيْجَاءَ لمّا ابتلّتِ الأُزُرُ([39])
وكان الأصمعيّ يقول: أن تَرِدَ الإِبلُ يوماً غُدوةً ويوماً عَشِيَّةً. وقد عَرَّجْنا([40]) من العُرَيجاء. والعَرْجاء: هَضْبَة معروفة. قال أبو ذؤيب:
فكأنَّها بالجِزْعِ جِزْعِ نُبَايِعٍ *** وأُولاتِ ذي العَرْجَاء نَهْبٌ مُجمَعُ([41])(4/245)
ويقال إنما سمِّيتِ العَرْجَاء لأنَّ الطريق يتعرّج بها. ويقال: أمرٌ عَريجٌ، إذا لم يستقم، هو معوَّج بَعد.
والأصل الآخَر من الإبل، قال قوم: ثمانون إلى تسعين، فإذا بلغت المائةَ فهي هُنَيدة، والجمع عُرُوجٌ وأعراج. قال طَرَفة:
يوم تُبْدِي البِيضُ عن أسْوُقها *** وتلُفُّ الخيلُ أعراجَ النَّعَمْ([42])
ويقال: العَرْج مائة وخمسون. وهذا الأصل قد يمكن ضمُّه إلى الأوّل، لأنَّ صاحب ذلك يُعرِّج عليه ويَكتفِي به.
والأصل الثالث: العُروج: الارتقاء. يقال عَرَج يعرُج عُروجاً ومَعْرَجاً. والمَعْرَج: المَصْعَد. قال الله تعالى:{تَعْرُجُ المَلائِكَةُ والرُّوحُ إلَيْهِ} [المعارج 4]. فأمَّا قول القائل([43]) :
* حتَّى إذا ما الشَّمس هَمَّتْ بعَرَجْ *
فقالوا: أراد غيبوبةَ الشَّمس. وهذا وإن كان صحيحاً فهو غير ملخّص في التَّفسير، *وإنَّما المعنى أنَّها لمَّا غابت فكأنَّها عَرَجت إلى السَّماء، أي صَعِدت. وممَّا يؤيد هذا قولُ الآخَر([44]) :
* وعَرّج اللَّيلَ بُرُوجُ الشَّمسِ([45]) *
فهذا هو القياسُ الصحيح.
(عرد) العين والراء والدال أصلانِ صحيحان يدلُّ أحدهما على قوّةٍ واشتداد، والآخر على مَيل وحِياد.
فالأوَّل العَرْد: الشديد من كلِّ شيءٍ الصُّلب. [قال([46]) ]:
* عَرْدَ التَّراقي حَشْوَراً مُعَقْربا([47]) *
ويقال: عَرَد نابُ البعير يَعرُد عُروداً، إذا خَرَج واشتدَّ وانتصب. قال ذو الرُّمَّة:
يُصَعِّدْنَ رُقْشاً بين عُوجٍ كأنها *** زِجاجُ القَنا منها نَجِيم وعاردُ([48])
النَّجِيم: الطالع.
و[أمَّا] الأصل الآخَر فالتعريد: ترك القَصْد. والأصل فيه قولهم: عَرَدت الشّجرةُ تَعرُد عُروداً. قال لبيد في التَّعريد:
فَمَضَى وقدَّمَها وكانت عادةً *** منه إذا هي عَرَّدَتْ إقدامُها([49])
وقال آخر([50]) :
* وهمّتِ الجوزاءُ بالتَّعريدِ([51]) *(4/246)
ومما شذَّ عن هذين الأصلين العَرَاد: شجر. ويقال العَرَادة: الجرادة الأُنثى. والله أعلمُ بالصَّواب.
ـــــــــــــــــ
([1]) ديوان لبيد 121 طبع 1880 واللسان (عرك، نغص، دخل).
([2]) ويروى: "زاحم بعود أودع". اللسان (عود) وأمثال الميداني (1: 293). وفي الأصل: "عارك بجد"، تحريف.
([3]) ديوان الخنساء 35 واللسان (عرك) برواية: "لا نوم أو تغسلوا عاراً". ورواية الديوان:
لا نوم حتى تقودوا الخيل عابسة *** ينبذن طرحا بمهرات وأمهار
أو تحفروا حفرة فالموت مكتع *** عند البيوت حصيناً وابن سيار
أو ترحضوا عنكم عاراً تجللكم *** رحض العوارك حيضاً عند أطهار ...
([4]) أنشده في اللسان (عرم).
([5]) في الأصل: "وعرمرم".
([6]) أنشده في اللسان (عرم).
([7]) في الأصل: "متكاسف".
([8]) البيت لمعقل بن خويلد الهذلي، من قصيدة له في شرح السكري للهذليين 108، وديوان الهذليين (3: 65) .
([9]) عجز بيت لمدرك بن حصن، ويروى أيضاً لغادية الدبيرية كما في اللسان (عرن). وصدره: * رغا صاحبي عند البكاء كما رغت *
وأنشد العجز بدون نسبة في المخصص (4: 140).
([10]) لذي الرمة في ديوانه 572 واللسان (عرن) برواية: "تثني النقاب".
([11]) في اللسان (زنق) وشروح سقط الزند 194: "يؤت عدوا" بالعين المهملة.
([12]) للطرماح في ديوانه 180 واللسان (عرن). وفي الأصل "منها"، تحريف. والبيت في صفة رحل. وقبله:
فقاموا ينفضون كرى ليال *** تمكن في الطلى بعد العيون ...
([13]) ويقال أعراه أيضاً.
([14]) ديوان لبيد 15 طبع 1881 واللسان (ذفر، رتى، قردم، ترك، بصل). وقد سبق في (بصل، ترك).
([15]) في المجمل: "تتعلق بها الإبل". وفي اللسان: "تتعلق به الإبل". وفي الأصل: "تفلق به الإبل".
([16]) سبق إنشاده في (عر). وعراعر، يروى بضم العين وفتحها، فمن ضم فهو واحد، ومن فتح جعله جمعا. ومثله: جوالق وجوالق، وقاقم وقاقم، وعجاهن وعجاهن: انظر اللسان (عرا 274).(4/247)
([17]) ملحقات ديوان ذي الرمة 665 واللسان (حطب) والمخصص (11: 22). وقد مضى الاستشهاد به في (عمد).
([18]) سبق البيت بدون نسبة في (صفر).
([19]) ديوان الهذليين (2: 96) واللسان (كور، عرا). ويروى: "الأنجل" بالنون أيضاً، وهي رواية الديوان.
([20]) البيت لأبي دواد الرؤاسي كما في اللسان (علط، دأدأ، ربع)، وهو غير أبي دواد الإيادي. وأبو دواد الرؤاسي، هو يزيد بن معاوية بن عمرو بن قيس بن عبيد بن رؤاس بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وأما الإيادي فهو جويرية بن الحجاج. انظر اللسان (دأدأ) والمؤتلف والمختلف 115-116. وقد أنشد صدر البيت في اللسان (عرض) 41. وفي الأصل هنا: "والرابعة بالدأدأء"، صوابه في اللسان. وقبل البيت في اللسان (علط) :
هلا سألت جزاك الله سيئة *** إذا أصبحت ليس في حافاتها قزعه
وراحت الشول كالشنات شاسفة *** لا يرتجي رسلها راع ولا ربعه
([21]) بعده في الأصل: "وهذه الحائط".
([22]) البيت للفرزدق في طبقات الشعراء لابن سلام 77 ليبسك 117 مصر والأغاني (3: 120/ 8: 180، 182/19: 8). وليس في ديوانه. والرواية المشهورة: "ليس الشفيع"، "مثل الشفيع". وقبله:
أما البنون فلم تقبل شفاعتهم *** وشفعت بنت منظور بن زبانا
([23]) في الأصل: "فربما كان مع صاحب النخل الكثير نخلة فيؤديه إلى دخوله"، واستضأت في إصلاحها بالمجمل. وفي المجمل: "فيتأذى صاحب النخل الكثير بدخول صاحب النخلة الواحدة نخله".
([24]) هو سويد بن الصامت الأنصاري، كما في اللسان (عرا، رجب).
([25]) أنشده أيضاً ثعلب في مجالسه 94. وقال ابن منظور في (رجب) إنه يروى: "رجبية" بضم الراء وتخفيف الجيم المفتوحة وتشديدها، قال: "كلاهما نسب نادر، والتثقيل أذهب في الشذوذ". ثم قال: "وقد روي بيت سويد بن الصامت بالوجهين جميعاً".
([26]) في الأصل: "باب واحد".(4/248)
([27]) لم ترد في القاموس. ووردت في اللسان (2: 77). وفيه: "وقال الليث: يجوز أن يقال: رجل عرباني اللسان".
([28]) القرفة، بالكسر: الهجنة. وفي الأصل: "القرافة"، تحريف.
([29]) وكذا وردت رواية الشطر في المجمل. والبيت للنابغة الذبياني في ديوانه 23 واللسان (غرب، مزع) برواية: "والخيل تمزع غرباً" فيهما. وعجزه:
* كالطير تنجو من الشؤبوب ذي البرد *
([30]) انظر ما سبق من الكلام على البيت في (عن) ص 20 من هذا الجزء.
([31]) البيت للقطامي في ديوانه 12 والجمهرة (1: 267). وصدره:
* نفسي الفداء لأقوام هم خلطوا *
([32]) في الجمهرة (3: 39).
([33]) أراها تعليقاً من أحد القراء؛ فإن نص المادة هنا وقدره، مطابق لنصها وقدره في المجمل لابن فارس.
([34]) والعرج أيضاً، كما في اللسان والقاموس.
([35]) في الأصل: "يميله إليها".
([36]) في الأصل: "يا حادي منابت"، صوابه من ديوان ذي الرمة 71 ويروى: "بنت فصاص".
([37]) بتثليث العين، ويقال أيضاً "عرجة"، بالتحريك.
([38]) في الأصل: "عليه"، صوابه في اللسان.
([39]) البيت لشبيب بن برصاء، كما في حواشي الجمهرة (2: 80). والرواية فيها: "أنني رجل على عريجاء لما احتلت الأزر". وفي المخصص (16: 69): "رجل على عريجاء لما حلت الأزر". وسهية هذه هي أم أرطأة بن سهية، وكان بين أرطأة وشبيب مهاجاة ومقاذعة. انظر التنبيه على أوهام القالي 88.
([40]) كذا ضبط الفعل في الأصل، وليس له ذكر في المعاجم المتداولة.
([41]) ديوان الهذليين (1: 6) والمفضليات (2: 223) وفي الديوان: "بين ينابع"، وفي المفضليات: "بين نبايع" ونبايع ويقال أيضاً ينابع: واد في بلاد هذيل.
([42])ديوان طرفة 57 واللسان (عرج). والرواية في الأصل والديوان واللسان: "أسوقها" بالواو، كما أثبت. وفي "الأسوق" لغتان، تقال بالواو وتقال بالهمزة أيضاً "أسؤق".
([43]) البيت في إصلاح المنطق 89 ومجالس ثعلب 219 والمخصص (9: 26).(4/249)
([44])هو منظور بن مرثد الأسدي كما سبق في (علي)، وكما في المؤتلف 104. ويقال له أيضاً: "منظور بن حبة". و "حبة" أمه. ونسبه الجاحظ في الحيوان (3: 74، 363) إلى دكين الراجز، أو أبي محمد الفقعسي.
([45]) الرواية: "إذا عرج الليل".
([46]) بدلها في الأصل: "وهو".
([47]) البيت للعجاج في ملحقات ديوانه 74 واللسان (عرد) .
([48]) ديوان ذي الرمة 126 واللسان (عرد، نجم). وفي شرح الديوان: "رقشاً يعني الشقاشق".
([49]) البيت من معلقته المشهورة.
([50]) هو ذو الرمة، ديوانه 159 واللسان (عرد) ومشارف الأقاويز 154.
([51]) البيت ملفق من بيتين في الديوان والمشارف، وهما:
والنجم بين القم والتعريد *** يستلحق الجوزاء في صعود
ـ (باب العين والزاء وما يثلثهما)
(عزف) العين والزاء والفاء أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على الانصراف عن الشَّيء، والآخر على صوت من الأصوات.
فالأوَّل قول العرب: عَزَفت عن الشَّيء إذا انصرفتَ عنه. والعَزُوف: الذي لا يكاد يثبُت على خُلَّة خليل قال:
ألم تعلمي أنِّي عزوفٌ عن الهوى *** إذا صاحبي في غير شيء تغضَّبا([1])
وقال الفَرزدق:
* عزَفْتَ بأعشاشٍ وما كدتَ تعزِفُ([2]) *
والأصل الثاني: العَزيف: أصوات الجِنّ. ويقال إنّ الأصل في ذلك عَزْف الرِّياح، وهو صوتُها ودَوِيُّها. وقال في عَزيف الجِنّ:
وإِنِّي لأجتاز الفلاةَ وبينها *** عوازفُ جِنَّان وهامٌ صواخِدُ([3])
ويقال: إنّ أبْرَق العَزّافِ سمِّي بذلك، لما يقال أنّ به جِنّاً. واشتُقَّ من هذا العَزْف في اللَّعِب والمَلاهي.
(عزق) العين والزاء والقاف ليس فيه كلامٌ أصيل، لكنَّ الخليلَ ذكر أنَّ العَزْق: عِلاج الشَّيء في عَسَر. ورجلٌ متعزِّق: فيه شِدَّة خُلُق. ويقولون: إن المِعْزقةَ: آلةٌ من آلات الحرث. وينشدون:
نُثِير بها نَقْعَ الكُلابِ وأنتم *** تُثِيرون قِيعانَ القُرى بالمَعازقِ([4])(4/250)
وكلُّ هذا في الضَّعفِ قريبٌ بعضُه من بعض. وأعجَبُ منه اللغة اليمانيَة التي يدلِّسُها أبو بكر محمدُ بن الحسنِ الدُّريدي رحمه الله، وقولُه: إنَّ العَزِيق مطمئنٌّ من الأرض، لغةٌ يمانيَة([5]) . ولا نقول لأئمَّتنا إِلاَّ جميلا.
(عزل) العين والزاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تنحيةٍ وإمالة تقول: عزَل الإنسانُ الشَّيءَ يعزِلُه، إذا نحَّاه في جانبٍ. وهو بمَعْزِلٍ وفي مَعزِل من أصحابه، أي في ناحيةٍ عنهم. والعُزْلة: الاعتزال. والرجُل يَعْزِل عن المرأة، إذا لم يُرِدْ ولدَها.
ومن الباب: الأعزلُ: الذي لا رُمْحَ معه. وقال بعضُهم: الأعزل الذي ليس معه شيء من السلاح يُقاتِل به، فهو يَعتزِل الحربَ، ذكر[هُ] الخليلُ، وأنشد:
لا مَعازِيلَ في الحُرُوب ولكنْ *** كُشُفاً لا يُرامونَ يَوْمَ اهتضام([6])
وشبِّه بهذا الكوكبُ الذي يقال له السِّماك الأعزل. وإِنَّما سمِّي أعزَل لأنَّ ثَمَّ سِماكاً آخرَ يقال له الرَّامح، بكوكبٍ يَقدُمه يقولون هو رُمْحُه. فهذا سمِّي لذلك أعزل. ويقال إِنَّ المِعزالَ من النّاس: [الذي] لا يَنْزِل مع القوم في السفر ولكن ينْزلُ ناحيةً. قال الأعشى:
تُذهِلُ الشَّيخَ عن بنيهِ وتُلْوِي *** بلَبُون المِعْزَابَةِ المِعزالِ([7])
والأعزل من الدوابِّ: الذي يميلُ ذنبُه إلى أحد جنْبَيه. فأمَّا العَزْلاء ففَمُ المَزَادة. ومحتمل أن يكون شاذّاً عن هذا الأصل الذي ذكرناه، ويُمكن أن يُجمع بينهما على بُعدٍ، وهو إلى الشذُوذِ أقرب. ويقال: أرسَلَت السَّماءُ عَزَالِيَها، إذا جاءت *بمنهمرٍ من المَطَر. وأنشد:
تَهمِرُها الكفُّ على انطوائِها *** هَمْرَ شَعيب الغَرْفِ من عَزلائِها([8])(4/251)
(عزم) العين والزاء والميم أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على الصَّريمة والقَطْع. يقال: عزَمت أعزِمُ عزماً. ويقولون: عزمت عليك إِلاَّ فعَلْتَ كذا، أي جعلتُه أمراً عَزْماً، أي لا مَثْنويّة فيه([9]) . ويقال: كانوا يَرون لِعَزمة الخُلفاء طاعةً. قال الخليل: العَزْم: ما عُقِد عليه القلبُ من أمرٍ أنت فاعلُه، أي متيقِّنه. ويقال: ما لفلانٍ عزيمةٌ، أي ما يَعزِم عليه، كأنَّه لا يمكنه أن يَصْرِمَ الأمر، بل يختلط فيه ويتردَّد.
ومن الباب قولهم: عَزَمْت على الجِنّيّ، وذلك أن تقرأ عليه من عزائم القُرآن، وهي الآياتُ التي يُرجَى بها قَطْعُ الآفةِ عن المَؤُوف. واعتزم السائر([10]) ، إذا سَلَك القصدَ قاطعاً له. والرجل يَعزِم الطَّريق: يمضِي فيه لا ينثني. قال حميد([11]) :
* معتزماً للطرُق النواشِط([12]) *
وأولُو العَزْم من الرُّسلِ عليهم السلام: الذين قَطَعوا العلائقَ بينهم وبين مَنْ لم يؤمِن مِن الذين بُعثِوا إليهم، كنوح عليه السلام، إذ قالَ:{لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكافِرينَ دَيَّارَا} [نوح 26]، وكمحمَّدٍ صلى الله عليه وآله إذْ تبرَّأ من الكُفّار وبَرّأه الله تعالى منهم، وأمَرَه بقتالهم في قوله: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلَى الذِينَ عاهَدْتُم مِنَ المُشْرِكينَ} [التوبة 1]، ثم قال:{فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم} [التوبة 5].
(عزو/ي) العين والزاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الانتماء والاتِّصال.
قال الخليل: الاعتزاء: الاتّصال في الدَّعوى إذا كانت حربٌ، فكلُّ مَن ادَّعى في شعاره فقد اعْتَزَى، إذ قال أنا فلانُ بنُ فلان فقد اعتَزَى إليه. وفي الحديث: "مَنْ تَعزَّى بعَزَاء الجاهليَّة فأَعِضُّوه"، وهو أن يقول يا لفلان. قال:
فلما التقتْ فُرسانُنا ورجالُهم *** دَعَوْا يا لَكَعبٍ واعتَزَيْنا لعامِرِ([13])
وقال آخَر:(4/252)
فكيفَ وأصْلي من تميمٍ وفرعُها *** إلى أصل فَرعي واعتزائي اعتزاؤها
فهذا الأصل، وأمّا قولهم: عَزِيَ الرّجلُ يَعْزَى عَزاءً، وإنه لَعَِزيٌّ([14]) أي صبور، إذا كان حسَنَ العزَاء على المصائب، فهذا من الأصل الذي ذكرناه، ولأنَّ معنى التعزِّي هو أن يتأسَّى بغيره فيقول: "حالي مثلُ حالِ فلان. ولذلك قيل: تأسَّى، أي جعل أمرَه أُسوة أمرِ غيره. فكذلك التعزِّي. وقولك عَزّيتُه، أي قلتُ له انظُرْ إلى غيرك ومن أصابَه مثلُ ما أصابك. والأصل هذا الذي ذكرناه.
(عزب) العين والزاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تباعدٍ وتنَحٍّ. يقال: عَزَب يعزُبُ عُزُوباً. والعَزَب: الذي لا أهلَ له. وقد عَزب يَعْزُبُ عُزوبةً. قال العجّاج في وصف حمارِ الوحش:
* شهراً وشهرين يسنّ عَزَبَا *
وقالوا: والمعِزْابةُ: الذي طالت عُزْبته حتى ما لَه في الأهل مِن حاجة. يقال: عَزَب حِلْمُ فلانٍ، أي ذهب، وأعْزَبَ اللهُ حِلْمَه، أي أذهَبَه. قال الأعشى:
* فأعزَبْتُ حِلمي بل هو اليومَ أعْزَبا([15]) *
والعازب من الكلأ: البَعِيد المَطْلَب. قال أبو النجم:
* وعازبٍ نَوَّرَ في خلائِه *
وكلُّ شيء يفوتُك لا تَقْدِر عليه فقد عَزَب عنك. وأعزب القومُ: أصابوا عازباً من الكلأ.
(عزر) العين والزاء والراء كلمتان: إحداهما التَّعظيم والنَّصر، والكلمة الأخرى جنسٌ من الضَّرب.
فالأولى النَّصر والتوقير، كقوله تعالى: {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح 9].
والأصل الآخر التَّعزير، وهو الضرب دون الحدّ. قال:
وليس بتعزير الأمير خَزايةٌ *** عليَّ إذا ما كنتُ غيرَ مريبِ([16])
ــــــــــــــــ
([1]) أنشده في اللسان برواية: "عزوف على الهوى".
([2]) مطلع قصيدة مشهورة له في ديوانه 551. وعجزه:
* وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف *
وقد سبق في (عش). وأنشده في اللسان (عشش، عزف).
([3]) في الأصل: "لأختار القلادة"، تحريف. وفي اللسان: "لأجتاب الفلاة".(4/253)
([4]) ديوان ذي الرمة 408 واللسان (عزق). وفي شرح الديوان: "النقع: الغبار والكلاب موضع كانت لهم فيه وقعة".
([5]) الجمهرة (3: 6).
([6]) في الأصل: "بو اهتضام".
([7]) ديوان الأعشى 12 واللسان (عزل) والرواية فيهما: "تخرج الشيخ عن بنيه"، وفي الديوان: "من بنيه".
([8]) البيت لعمر بن لجأ، كما في اللسان: (غرف). وفي الأصل: "يهمرها"، وفي اللسان: "تهمزه"، ووجههما ما أثبت.
([9]) المثنوية: الاستثناء. وفي الأصل: "مشوبة"، تحريف.
([10]) في الأصل: "السائم". وفي المجمل: "والاعتزام: لزوم القصد في المشي".
([11]) هو حميد الأرقط الراجز، كما في اللسان (عزم).
([12]) بعده في اللسان: * والنظر الباسط بعد الباسط *
([13]) البيت للراعي، كما في اللسان (عزا). وفي الأصل: "بالكعبة اعتزينا"، صوابه في اللسان.
([14]) ويقال "عز" أيضاً.
([15]) ديوان الأعشى 91 وصدره: * كلانا يُرائي أنه غير ظالم *
([16]) أنشده في اللسان (عزر). ...
ـ (باب العين والسين وما يثلثهما)
(عسف) العين والسين والفاء كلماتٌ تتقارب ليست تدلُّ على خير إنما هي كالحَيْرة وقلّة البصيرة.
قال الخليل: العَسْف: ركوب الأمر من غير تدبير، وركوبُ مفازةٍ بغير قَصْد. ومنه التعسُّف. قال ذو الرّمّة:
*قد أعْسِفُ النّازحَ المجهولَ مَعْسِفُهُ *** في ظلِّ أخضَرَ يدعو هامَه البومُ([1])
والعَسِيفُ: الأجير؛ وما يبعدُ أن يكون من هذا القياس؛ لأنَّ ركوبَه في الأمور فيما يعانيه مخالفٌ لصاحب الأمور. وقال أبو دُوَاد:
كالعَسيفِ المربوعِ شَلَّ جمالاً *** ما له دونَ منزلٍ من مَبيتِ(4/254)
وقد أومأ إلى المعنى، وأرى أنَّ البيتَ ليس بالصحيح. ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل العُسَفاء، وهم الأُجَراء. وحديث آخر: "إنَّ ابني كانَ عسيفاً على هذا([2]) ". ويقال: إنَّ البعير العاسِفَ هو الذي بالموت، وهو كالنّزْع في الإنسان. ومما دلَّ على ما قُلناه في أمر العسيف قولُ الأصمعيّ: العَسيف: المملوك المُسْتَهان به الذي اعْتُسِف ليَخْدُمَ، أي قُهِر. وأنشد:
أطعْتُ النَّفْسَ في الشَّهوات حَتى *** أعادتْنِي عسيفاً عبدَ عبْدِ([3])
وعُسْفان: موضع بالحجاز يقول فيه عنترة:
كأنّها حِينَ صدَّت ما تكلِّمنا *** ظبيٌ بعُسْفانَ سَاجِي الطَّرْف مطروفُ([4])
(عسق) العين والسين والقاف أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على لُصوق الشيء بالشيء.
قال الخليل: العَسَق: لُصوق الشيء بالشيء. يقال: عَسِق به عَسَقاً. وعَسِقَتِ الناقةُ بالفَحْل، أي أرَبَّت به. قال رؤبة:
فعفَّ عن أسرارها بعدَ العَسَقْ *** ولم يُضِعْها بين فِرْكٍ وعَشَقْ([5])
ومن الباب: في خُلُقه عَسَقٌ، أي التواء وضِيقُ خلق. ويقال: "عَسِق بامرئٍ جُعَلُهُ".
(عسك) العين والسين والكاف قريبٌ من الذي قبله. قال الخليل عَسِك به، إذا لزمَه، مثل سَدِك به. وأنشد الأصمعي:
إذا شرَكُ الطريق تجشَّمَتْهُ *** عَسِكْنَ بجنبِهِ حذَر الإكامِ([6])
(عسل) العين والسين واللام، الصحيح في هذا الباب أصلان، وبعدهما كلماتٌ إن صحّت. فالأول [من] الأصلين دالٌّ على الاضطراب، والثاني طعامٌ حُلْو، ويُشتقُّ منه. فالطَّعام العَسَل، معروف. والعَسَّالة: التي يتّخذ فيها النَّحْل العسلَ. والعاسل: صاحب العَسَل الذي يَشتاره من مَوضعِه يستخرجُه. وقال:
* وأرْيِ دُبُورٍ شارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ([7]) *
وعَسَّل النَّحْلُ تعسيلاً. وفي تأنيث العسل قال:
* بها عسلٌ طابت يَدَا من يَشُورُها([8]) *(4/255)
ومِمّا حُمل على هذا العُسيْلة. وفي الحديث: "حَتَّى يَذُوق عُسَيلَتَها وتذوقَ عُسيلتَه" إنما يُرَاد به الجِماع. ويقال خَلِيَّة عاسلة، وجنحٌ عاسل، أي كثير العسل. والجِنْح: شِقٌّ في الجبل. وقال الهذليّ([9]) :
تَنَمَّى بها اليَعسوبُ حتى أقرَّها *** إلى مألَفٍ رَحْبِ المَبَاءةِ عاسِلِ
ويقال للذي يَشْتارُه: عاسل. وفي الحديث: "إذا أراد الله بعبدٍ خيراً عَسَلَه([10])"، وهو من هذا، ومعناه طيَّبَ ذِكرَه وحلاَّهُ في قلوب النّاس بالصَّالح من العمل. من قولك عَسَلْتُ الطَّعامَ، أي جعلتُ فيه عَسلاً. وفلانٌ معسول الخُلُق، أي طيِّبه. وعَسَلْتُ فلاناً: جَعلتُ زادَه العسل. والعرب تقول: "فلان ما يُعرَف له مَضْرِب عَسَلة"، أي لا يُعرَفُ له أصل. ومثله "لا يُعرَفُ له مَنْبِض عَسَلَة".
والأصل الثاني: العَسَلانُ، وهو شِدّةُ اهتزازِ الرُّمح إذا هززتَه. يقال: عَسَل يَعْسِلُ عَسَلاناً، كما يُعْسِلُ الذّئبُ، إذا مَضى مُسرِعاً. والذِّئب عاسل، والجمعُ عُسَّل وعَواسل. ويقال رمحٌ عَسَّالٌ. وقال:
* كلّ عَسّالٍ إذا هُزَّ عَسَلْ *
وقال في الذِّئبِ:
عَسَلاَنَ الذِّئبِ أمسى قارباً *** بَرَدَ اللّيلُ عليه فنَسَل([11])
وعَسَل الماء، إذا ضَربته الرِّيح فاضطَرب. وأنشد:
* حَوْضاً كأنَّ ماءه إذا عَسَلْ([12]) *
والدَّليل يَعْسِل في المفازة، إذا أسرع. وقال في ذلك:
عَسَلْتُ بُعَيْدَ النَّوم حتى تقطَّعَتْ *** نفانِفُها واللّيلُ بالقومِ مُسْدِفُ ...
وقال أبو عبيدة: يقال فرسٌ عاسل، إذا اضطربت مَعرفَتُهُ في سيره، وخفق رأسُه واطَّرد متنُه. هذا هو الصحيح غير المشكوكِ فيه، ومما قاله وما ندري كيف صحّتُه، بل إلى البُطلان* أقرب: العَسِيل: قضيبُ الفِيل. وزَعموا أن العَسِيل مِكنسة العَطّار يكسَح بها الطِّيب. وينشدون:
* كنَاحِتِ يوماً صخرةٍ بعَسيلِ([13]) *(4/256)
(عسم) العين والسين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على التواء ويُبْسٍ في عُضوٍ أو غيره. قال الخليل وغيرُه: العَسَمُ: يُبْسٌ في المِرْفَق تعَوجّ منه اليَدُ. يقال: عسِمَ الرَّجلُ فهو أعْسَم، والمرأة عَسْماء. قال الأصمعيُّ: في الكفِّ والقَدم العسَم، وهو أن يَيْبَس مَفصِل الرُّسغ حتَّى تعوجّ الكفُّ أو القَدَم. قال:
في مَنكِبَيه وفي الأصلاب واهنَةٌ *** وفي مَفاصله غمْزٌ من العَسَمِ([14])
قال الكلابيّ: العَسْماء التي فيها انقلابٌ ويُبْس. ويقولون: العُسُوم: كِسَر: الخُبْز. وهذا قد رُوِي عن الخليل، ونُراه غلطاً. وهذا في باب الشِّين أصحّ، وقد ذُكِر.
ومن الباب: عَسَمَ، إذا طَمِع في الشَّيء. والقياس صحيح، لأنَّ الطَّامعَ في الشَّيء يَميل إليه ويشتدُّ طلبُه له. ويقال عَسَمَ يَعْسِم، وهو من الكلمة التي قبلها، لأنّه لا يَكسِبه إلاّ بعد المَيْل إليه. قال الخليل: والرَّجُل يَعسِم في جماعةِ النّاس في الحرب: يركبُ رأسَه ويَرمي بنفسِه غيرَ مكترِثٍ. تقول: عَسَم بنَفْسِه، أي اقتَحَم.
(عسن) العين والسين والنون أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على سِمَن وما قاربَه وأشبهه.
قال الخليل: العَسن: نُجوع العَلَف والرَّعي في الدَّوابّ: يقال: عَسَنَتِ الإبلُ عَسْناً. وناس يقولون: عَسِنَت عَسَناً. ويقال إنَّ العُسُنَ: الشَّحم القديم. وقال الفرّاء: إذا بقيَتْ من شحم الدّابّة بقيَّةٌ فذلك العُسُن. ويقال: بعيرٌ حَسَن الإعسان. وأعْسَنَتِ الإبل على شحمٍ متقدِّمٍ كانَ بها. قال النَّمِر:
ومُدَفَّع ذي فَرْوَتينِ هنَأْتُه *** إذ لا ترى في المعْسِنات صِرَارا
وأمّا قولُهم: تَعَسَّنَ أباه، فهذا من باب الإبدال، والأصل فيه الهمز، وقد ذكر. ويقال: فلانٌ عِسْنُ مالٍ، إذا كان حسنَ القيام عليه، وهذا من الإبدال، كأنّ الأصل عسل، وقد ذُكِر.(4/257)
(عسو/ي) العين والسين والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قوّةٍ واشتدادٍ في الشَّيء. يقال: عَسَا الشّيءُ يعسو، إذا اشتدّ. قال:
* عَن صاملٍ عاسٍ إذا ما اصلَخْمَمَا([15]) *
فالكلمات الثلاثُ في البيت متقاربةُ المعنى في الشِّدّة والقُوّة.
ومن الباب: شيخٌ عاسٍ، [عَسَا] يعسو وعَسِيَ يَعْسَى. وذلك أنّه يكثُف منه ما كان من بشرَته لطيفاً. وربَّما اتَّسعوا في هذا حتى يقولوا: عَسَا الليل، إذا اشتدَّت ظُلمته، وهو بالغين أشْهر، أعنِي في اللّيل. ويقال: عَسَا النَّبات، إذا غلُظ واشتدّ. وقال في صفة الشيخ:
* أشْعَث ضرب قد عسا أو قوَّسا *
فأمَّا عَسى فكلمةُ ترجٍّ، تقول: عسى يكون كذا. وهي تدلُّ على قُربٍ وإمكان. وأهلُ العِلم يقولون: عَسَى من الله تعالى واجبٌ، في مثل قولِه تعالى: {عَسَى اللهُ أَنْ يَجعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً} [الممتحنة 7].
(عسب) العين والسين والباء كلماتٌ ثلاثٌ متفرِّدة بمعناها، لا يكاد يتفرَّع منها شيء. فالأولى: طَرْق الفَرَسِ وغيرِه، والثانية عَسِيب الذَّنَب، والثالثة نوعٌ من الأشياء التي تطير.
فالأوَّل العَسْب، قالوا: هو طَرْق الفَرَسِ وغيرِه. ثمَّ حُمِل على ذلك حتَّى سُمِّي الكِراء الذي يؤخَذ على العَسْب. وفي الحديث أنَّه صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عن عَسْب الفَحْل. فالعَسْب: الكِراء الذي يُؤخَذ على العَسْبِ، سمِّي باسمِه للمجاوَرَة. وقال زُهير:
ولولا عَسْبُهُ لرَدَدْتُموه *** وشرُّ مَنيحةٍ فَحلٌ مُعارُ([16])
ومنه قول كثَيِّر:
يُغادِرنَ عَسْب الوالقيِّ وناصحٍ *** تخصُّ به أمُّ الطّريقِ عِيالَها([17])
يصف خيلاً وأنّها أزْلَقت ما في بطونها من أولادها تعباً.(4/258)
والآخر عَسِيب الذَّنَب، وهو العَظم فيه مَنْبِت الشَّعْر. وشُبِّه [بِه] عسيبُ النَّخْلة. وهي الجريدةُ المستقيمةُ. تَشَابَهَا من طريقة الامتداد والاستقامة. يقال عَسِيبٌ وأعْسِبَةٌ وعُسُب([18]) . قال:
يستلُّها جدولٌ كالسَّيف منصلِتٌ *** بين الأَشَاءِ تسامَى* حَولَه العُسبُ([19])
وعَسِيب الرِّيشَة مشبَّه بعَسِيب النخلة([20]) .
والكلمة الثّالثة: اليَعْسوب، يَعْسوب النَّحل ملكُها. قال أبو ذُؤيب:
تَنَمَّى بها اليعسوبُ حتَّى أقرَّها *** إلى مألَفٍ رَحْبِ المباءةِ عاسلِ([21])
والجمع يعاسيب. قال:
زُرْقاً أسنّتُها حمراً مُثَقّفةً *** أطرافُهنَّ مَقِيلٌ لليعاسيبِ([22])
وزعموا أنَّ اليَعسوبَ: ضربٌ من الحَجَل أيضاً، وضربٌ من الجراد. وممَّا ليس من هذا الباب عَسِيبٌ: اسمُ جبلٍ، يقول فيه امرؤُ القيس:
أجارتَنا إنّ المزارَ قريبُ *** وإنِّي مقيمٌ ما أقامَ عسيبُ([23])
(عسج) العين والسين والجيم. كلمة صحيحة يقال إن العَسْج مدّ العُنُق في المشْي. قال جميل:
عَسَجْنَ بأعْناق الظباء وأعيُنِ الـ *** جآذر وارتجّت لهنَّ الروادفُ([24])
وقال ذو الرُّمَّة:
والعِيسُ مِن عاسجٍ أو واسجٍ خَبَباً *** يُنْحَزْنَ في جانِبَيْها وهي تنسلبُ([25])
(عسد) العين والسين والدال ليس فيه ما يُعوَّل على صحَّته، إلاّ أَنَّهم يقولون: عَسَدَ، إذا جامَعَ. ويقولون العِسْوَدّة: دويْبَّة. وليس بشيء.
(عسر) العين والسين والراء أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على صُعوبةٍ وشِدّة. فالعُسْر: نقيض اليُسْر. والإقلال أيْضاً عُسْرةٌ، لأنَّ الأمر ضيِّق عليه شديد. قال الله تعالى: {وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة 280]. والعَسَر: الخلاف والالتواء. ويقال: أمرٌ عَسِرٌ وعَسير. ويومٌ عَسير. وربَّما قالوا: رجُلٌ عَسِر. قال جرير:
بِشْرٌ أبو مروانَ إنْ عاسرتَهُ *** عَسِرٌ وعند يَساره ميسورُ([26])(4/259)
ويقولون: عَسُرَ الأمْرُ عُسْراً وعَسَراً أيضاً. وقالوا: "عليك بالمَيْسُور وأترُكْ ما عَسر". وأعسَرَ الرّجُل، إذا صارَ من مَيْسرة إلى عُسْرة. وعسَرْتُه أنا أعْسِرُه، إذا طالبتَه بدَينكَ وهو مُعْسِرٌ ولم تُنْظِرْه إلى مَيسرتِه. ويقال: عَسَّرْتُ عليه تعسيراً، إذا خالفْتَه. والعُسْرى: خلاف اليُسْرَى، وتعسَّر الأمر: التوى. ويقال لِلغَزْل إذا التَبَس فلم يُقدَر على تخليصه: قد تعَسَّر. وسمعت ابنَ أبي خالدٍ يقول: سمعت ثعلباً يقول: تعسَّر الأمرُ بالعين، وتَغَسَّر الغَزْل بالغين معجمة. ويقال: أعْسَرَتِ المرأةُ، إذا عسُرَ عليها وِلادُها. ويُدْعَى عليها فيقال: أعْسَرْتِ وآنَثْتِ. ويُدْعَى لها: أَيْسَرتِ وأذْكَرْت. ويقال: العَسير: النَّاقة إلى اعتاطَتْ واعتاصتْ فلم تحمِلْ عامَها. قال الأعشى:
وعَسيرٍ أدماءَ حادِرة العيْـ *** نِ خَنُوفٍ عَيرانةٍ شِملالِ([27])
ويقال للنّاقة التي تُركَب قبل أن تُراضَ: عَوْسرانيَّة. وهذا ممّا قلنا إنّ زيادةَ حروفِه يدلُّ على الزِّيادة في المعنى.
ويقال للذي يَعمل بِشِماله: أعْسَر. والعُسْرى، هي الشِّمال([28]) ، وإِنَّما سمِّيت عُسْرى لأنّه يتعسَّر عليها ما يتيسَّر على اليُمْنى. فأمَّا تسميتهم إيّاها يُسْرى فيُرى أنّه على طريقة التَّفاؤُل، كما يقال للبَيْداء مفازة، وكما يقال للّديغ سَلِيم. والعاسِر من النُّوق إذا عَدَتْ رفعَتْ ذَنبَها. ولا أحسب ذلك يكون إلاَّ من عَسَرٍ في خُلُقها؛ والجمع عَواسِر. قال:
* تكسّر أذناب القِلاصِ العَواسِرِ *
ــــــــــــــــــ
([1]) سبق إنشاده وتخريجه في (بوم، ظل).
([2]) الحديث برواية أخرى في اللسان.
([3]) البيت لنبيه بن الحجاج، كما في اللسان (عسف).
([4]) ديوان عنترة 164.
([5]) ديوان رؤبة 104 واللسان (سرر، عسق، عشق، فرك) وإصلاح المنطق 9، 24، 111.
([6]) في الأصل: "بحية".(4/260)
([7]) البيت للبيد في ديوانه 29 طبع 1881 واللسان (عسل، دبر)، ونسب مرة في اللسان (دبر) إلى زيد الخيل. وشاره النحل، أراد شاره من النحل، فعدى بحذف الوسيط، كما في قوله تعالى: {واختار موسى قومه سبعين رجلاً} [الأعراف 155]. وصدر البيت: * بأشهب من أبكار مزن سحابة *
([8]) للشماخ في ديوانه 29 وإصلاح المنطق 398 واللسان (عسل) والمخصص (5: 14/17: 19). وصدره: * كأن عيون الناظرين يشوقها *
([9]) هو أبو ذؤيب الهذلي، ديوان الهذليين (1: 142) واللسان (عسل، نمى).
([10]) في اللسان: "عسله في الناس".
([11]) البيت للبيد، كما في اللسان (عسل، نسل). ويروى للنابغة الجعدي.
([12]) أنشده في اللسان (عسل) والمخصص (4: 93). وقبله:
* قد صبحت والظل غض ما زحل *
([13]) فصل بين المتضايقين بالظرف. وصدره في اللسان (عسل):
* فرشني بخير لا أكون ومدحتي *
([14]) البيت لساعدة بن جؤية الهذلي في ديوان الهذليين (1: 192) واللسان (وهن).
([15]) أنشده في اللسان (عسا) كما هنا. وفي (صلخم): "عن صائك". وقبله في (عسا): * يهوون عن أركان عز أدرما *
([16]) ديوان زهير 301 واللسان (عسب).
([17]) اللسان (عسب، ولق). والوالقي وناصح: اسما فرسين.
([18]) وعسوب أيضاً، وعُسبان وعِسبان، بضم العين وكسرها، كما في اللسان.
([19]) الأشاء، كسحاب: صغار النخل، واحدته أشاءة وفي الأصل: "بين الأشياء".
([20]) عسيب الريشة: ظاهرها طولا.
([21]) سبق البيت وتخريجه في (عسل).
([22]) في الأصل: "أطرافها" تحريف. والبيت لسلامة بن جندل في المفضليات (1: 121)، وهو ساقط من ديوانه المطبوع في بيروت.
([23]) البيت لم يروه الوزير أبو بكر في ديوانه. وهو في اللسان (عسب) ومعجم البلدان (عسيب)، وشروح سقط الزند 1741 برواية:
* أجارتنا إن الخطوب تنوب *
([24]) نسب في اللسان (عسج) إلى جرير، وليس في ديوانه.
([25]) ديوان ذي الرمة 8 واللسان (عسج، وسج، نحز) برواية: "من جانبيها".(4/261)
([26]) ديوان جرير 301 واللسان (عسر).
([27]) ديوان الأعشى 6 واللسان (عسر، حدر).
([28]) في الأصل: "الشملى". ...
ـ (باب العين والشين وما يثلثهما)
(عشق) العين والشين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تجاوُزِ حدِّ المحبَّة. تقول: عَشِق يَعْشَق عِشْقاً وعَشَقاً. قال رؤبة:
* ولم يُضِعْها بين فِرْكٍ وعَشَقْ([1]) *
ويقال: امرأةٌ عاشق أيضاً، حملوه على قولهم: رجلٌ بادنٌ وأمراةٌ بادنٌ. وزعم ناسٌ أنَّ العَشَقَة اللّبْلابة، قالوا: ومنها اشتُقَّ اسم العاشق لذيوله وهو كلامٌ.
(عشك) العين والشين والكاف([2]) . ليس فيه معنىً يصحُّ، وربُّما قالوا يَعْشِك ويَحْشِك، أي يفرِّق ويجمع. وليس بشيء.
(عشم) العين والشين والميم أصلٌ يدلُّ على يُبْسٍ في شَيء وقُحول. من ذلك الخُبْز العاشم: الذي يَبِس. ويقولون للشيخ: عَشَمَة. ومن *غير ذلك القياس العَيْشُوم، وهو نبتٌ. قال:
* كما تناوَحَ يَومَ الرِّيحِ عَيشومُ([3]) *
(عشو) العين والشين والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ظلامٍ وقِلّةِ وُضوحٍ في الشيء، ثم يفرَّع منه ما يقاربُه. من ذلك العِشاء، وهو أوّل ظلامِ اللّيل. وعَشواءُ اللّيل: ظُلمتُه. ومنه عَشَوْتُ إلى ناره. ولا يكون ذلك إلاّ أن تَخْبِط إليه الظَّلام. قال الحطيئة:
متى تأتِهِ تعشُو إلى ضوءِ ناره *** تجدّ خير نارٍ عندها خيرُ مُوقِدِ([4])
والعاشية: كلُّ شيءٍ يعشُو باللَّيل إلى ضوءِ نار. والتَّعاشي: التَّجاهُل في الأمر. قال:
تَعُدُّ التَّعاشِيَ في دينها *** هُدىً، لا تُقُبِّلَ قُربانُها ...(4/262)
والعَشِيُّ: آخر النَّهار. فإذا قلت عَشِيَّة فهو ليومٍ واحد. تقول: لقيتُه عِشيَّةَ يومِ كذا، ولقيتُه عشيَّةً من العشيَّات. وهذا الذي حُكي عن الخَليل فهو مذهبٌ، والأصحُّ عندنا أن يقال في العَشِيّ مثلُ ما يقال في العَشِيَّة. يقال: لقيته عَشِيَّ يومِ كذا([5]) ، كما يقال عَشِيَّة يوم كذا، إذ العشيُّ إنّما هو آخِر النَّهار. وقد قيل: كلُّ ما كان بعد الزَّوال فهو عَشِيّ. وتصغر العَشِيَّة عُشيْشِيَة. والعَشاء ممدود مهموز بفتح العين، هو الطَّعام الذي يُؤكَل مِن آخِر النَّهار وأوَّل اللّيل.
قال الخليل: والعَشَا، مقصور: مصدر الأعشى، والمرأة عَشْواء، ورجال عُشْوٌ، وهو الذي لا يُبصِر باللّيل وهو بالنَّهار بصير. يقال عَشَى يَعْشِي عَشىً. قال الأعشَى:
أأن رأَتْ رجُلاً أضرَّ به *** ريبُ الزَّمان ودهرٌ خائنٌ خَبلُ([6])
والعَشْواء من النُّوق: التي كأنَّها لا تُبصِر ما أمامَها فتخبِطُ كلَّ شيء بيديها.
قالوا: وإنَّما يكون ذلك من حِدَّة قلبِها. قال زُهير:
رأيتُ المنايا خَبْطَ عشواءَ من تُصِبْ *** تمِتْه ومن تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فيَهْرمِ([7])
وتقول: إنَّهم لفي عَشْواءَ من أمرِهم. شبَّه زهيرٌ المنايا بناقةٍ تخبط ما يستقبلُهما فتَقتُل.
(عشب) العين والشين والباء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على يُبْسٍ في شيءٍ وقُحول وما أشبه ذلك. من ذلك العُشْب، قالوا: هو سَرَعان الكَلأ في الرَّبيع، ثُمَّ يهيج ولا بقاءَ له. وأرضٌ عَشِبَةٌ: مُعْشِبة، وأعْشبَتْ إذا كثُر عُشْبُها. وأعْشَب الرَّجُل: أصابَ العُشْب. قال أبو النَّجم:
* يقُلْنَ للرّائدِ أعْشَبْتَ انزلِ([8]) *
وممّا حُمِل على هذا أنْ يشبَّه الشَّيخُ القاحلُ به، فيقال رجل عَشَبٌ وامرأةٌ عَشَبة. وقد يقال ذلك في النوق. [و] يقال: أعشَبَ فلانٌ فلاناً، إذا وَهَب له ناقة عَشَبةً.(4/263)
(عشر) العين والشين والراء أصلانِ صحيحان: أحدهما في عددٍ معلوم ثم يحمل عليه غيرُه، والآخَر يدلُّ على مداخَلةٍ ومُخالَطة.
فالأوّل العَشَرة، والعَشْر في المؤنّث. وتقول: عَشرْتُ القومَ أعْشِرُهم([9]) ، إذا صرت عاشِرَهم. وكنت عاشِرَ عَشرة، أي كانوا تسعةً فتمُّوا بي عَشرةَ رجال. وعَشَرت القوم([10]) ، إذا أخذتَ عُشْرَ أموالهم. ويقال أيضاً: عَشَّرتُهم أُعَشِّرهم تَعْشِيراً. وبه سمِّي العَشَّار عَشَّاراً. والعُشْر: جزءٌ من الأجزاء العشرة، وهو العَشِير والمِعْشار. فأمَّا العِشْر فيقال: هو وِرْدُ الإبل يومَ العاشر. وإبلٌ عواشِرُ: وَرَدت الماء عِشْراً. ويجمع ويثنى فيقال عِشْران وعِشرُون، فكلُّ عِشْرٍ من ذلك تسعة أيّام. وقال ذو الرّمة:
أقمتُ لها أعناقَ هِيمٍ كأنّها *** قطاً نَشَّ عَنْها ذو جلاميد خامسُ([11])
يعني بالخامس: القَطا التي وردت الماءَ خِمْساً.
قال الخليل: تقول: جاء القومُ عُشَارَ عُشارَ، ومَعْشرَ مَعْشرَ، أي عَشَرة عشَرة، كما تقول: جاؤوا أُحادَ أحاد، وَمَثْنَى مثنى. ولم يذكر الخليل مَوْحَدَ مَوْحد، وهو صحيحٌ. فأمَّا تعشير الحِمار فلَسنا نقول فيه إلاّ الذي قالوه، وهو في قياسنا صحيحٌ إن كان حَقّاً ما يقال. قال الخليل: المُعَشِّر: الحِمار الشّديد النهيق. قال: ويقال نُعِت بذلك لأنّه لا يكفُّ حتّى تبلغ [عَشْر] نَهَقاتٍ وترجيعات. قال:
لعمري لئن عَشَّرتُ من خَشْية* الرَّدَى *** نُهاقَ الحمارِ إنَّني لَجَزُوعُ([12])
قال: وناقةٌ عُشَراء، وهي التي أَقْرَبَتْ، سمِّيت عُشَراء لتمام عشرة أشهر لحملها([13]) . يقال: عشَّرتِ النّاقةُ تُعشِّر تعشيراً، وهي عُشَراء حَتَّى تلِد، والعدد العُشَرَاوات، والجمع عِشَار. ويقال: بل يقع اسمُ العِشَار على النُّوق التي نُتِج بعضُها وبعضها قد أَقْرَبَ يُنْتَظَرُ نِتاجُها. وقال:
يا عامِ إنّ لقاحَها وعِشارَها *** أودَى بها شَخْتُ الجُزَارة مُعْلَِمُ(4/264)
وقال الفرزدق:
كم عمّةٍ لك يا جريرُ وخالةٍ *** فَدْعاءَ قد حلبَتْ عليَّ عِشارِي([14])
وقال: وليس للعِشار لبنٌ، وإنما سمَّاها عِشاراً لأنها حديثة العهد، وهي مطافيلُ قد وضعت أولادَها. والعِشْر: القِطعة تنكسر من القَدَح أو البُرْمة ونحوها. وقال:
* كما يضمُّ المِشْعَب الأعشارا *
هذا قد حُكي. فأمّا الخليل فقد حكى وقال: لا يكادون يُفرِدُون العِشر. وذكر أنَّ قولهم قدُورٌ أعْشار وأعاشير، إنّما معناه أنّها مكسّرة على عَشْر قِطَع، وقال امرؤُ القيس:
وما ذَرَفَتْ عيناكِ إلا لتَضْرِبي *** بسهمَيْكِ في أعشارِ قَلبٍ مقتَّلِ([15])
وذكر الخليل أيضاً أنّه يُقال لجَفْن السَّيف إذا كان مكسَّراً أعشار. وأنشد:
وقد يَقطعُ السَّيفُ اليماني وجفنُه *** شَبارِيقُ أعشارٌ عُثِمْنَ على كَسْرِ([16])
قال: والعُشَاريُّ: ما بلغ طولُه عَشْرَ أذرُع. وعاشوراء: اليومُ العاشر من المحرَّم.
فأمَّا الأصل الآخَر الدَّالُّ على المخالطة والمداخَلة فالعِشْرة والمعاشَرة. وعَشِيرُك: الذي يعاشرُك. قال: ولم أسمع للعَشِير جمعاً، لا يكادون يقولون هم عُشَراؤك، وإذا جمعوا قالوا: هم مُعاشِرُوك. قال: وإنّما سمِّيت عَشِيرة الرّجُل لمعاشرةِ بعضهم بعضاً، حتَّى الزّوجُ عشيرُ امرأتِه. وجاء في الحديث في ذكر النساء: "إنّكن تُكْثِرْن اللَّعْن وتكْفُرْن العَشِير([17]) ". ويقال عاشَره مُعاشرةً جميلة. وقال زهير:
لعمرُكَ والخطوبُ مغيِّراتٌ *** وفي طول المعاشرة التقالي([18])
قال: والمَعْشَر: كلُّ جماعة أمرُهم واحد، نحو معشر المسلمين، والإنس معشرٌ والجنُّ مَعشر، والجمع مَعاشِر. والعُشَر: نَبْت.
(عشز) العين والشين والزاء كلمتانِ صحيحتان، إحداهما عند الخليل وليست الأخرى عنده.
فالأولى العَشَوْزَن من المواضع([19]) : ما صلُب مَسْلكه وخشن، والجمع العَشاوِز. قال الشمَّاخ:
* حوامي الكُراع المؤْيَداتُ العَشاوزُ([20]) *(4/265)
وقال قومٌ: هو العَشْوَز أو العَشَوَّز([21]) ، أنا أشُكُّ. وإنَّما سمِّيت القناة عشَوْزنةً لصلابتها، والنون زائدة.
والكلمة الأخرى: عَشَزَ عَشَزاناً، وهي مِشية الأقزَل، ذكرها أبو عبيد.
(عشط) العين والشين والطاء([22]) .
ـــــــــــــــــــ
([1]) سبق البيت وتخريجه في (عسق).
([2]) هذه المادة لم ترد في المعاجم المتداولة.
([3]) البيت لذي الرمة في ديوانه 575 واللسان (عشم). وصدره:
* للجن بالليل في حافاتها زجل *
([4]) ديوان الحطيئة 25 واللسان (عشا).
([5]) في الأصل: "عشية يوم كذا".
([6]) ديوان الأعشى 42 برواية: "ريب المنون ودهر مفند".
([7]) البيت من معلقته المشهورة.
([8]) أنشده في اللسان (عشب) والحيوان (3: 314/7: 259).
([9]) في الأصل: "أعشرهم وأعشرهم"، وليس فيه إلا لغة كسر شين المضارع، كما في اللسان والقاموس والمجمل.
([10]) مضارع هذا مضموم الشين.
([11]) ديوان ذي الرمة 318 برواية: "أقمت له". وهو الصواب، لأن قبله:
ومنخرق السربال أشعث يرتمي *** به الرَّحْل فوق العيس والليل دامس
إذا نحز الإدلاج ثغرة نحره *** به أنّ مسترخي العمامة ناعس
([12]) البيت لعروة بن الورد في ديوانه 99. وانظر اللسان (عشر ) والمخصص (8: 49) ومحاضرات الراغب (1: 74) وأمثال الميداني في قولهم: (عشر والموت شجا الوريد). وللبيت قصة في الحيوان (6: 359) ومعجم البلدان (روضة الأجداد).
([13]) في الأصل: "محملها".
([14])ديوان الفرزدق 451 واللسان (عشر). والبيت من شواهد النحويين، وفي "عمة" ثلاثة أوجه: الرفع والنصب والجر. انظر الخزانة (3: 126) وكتاب سيبويه (1: 253، 295).
([15]) البيت من معلقته المشهورة.
([16]) البيت في اللسان (عثم). وكلمة "أعشار" ساقطة من الأصل.
([17]) في اللسان: "قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنكنّ أكثر أهل النار. فقيل: لم يا رسول الله؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن وتكفرن العشير".(4/266)
([18]) أول أبيات أربعة قالها حين طلق امرأته أم أوفى. ديوان زهير 342.
([19]) في المجمل: "العشوز من الأماكن". على أن كلمة "العشوزن" يوردها أصحاب المعجمات في مادتي (عشز، عشزن)، ويذكرون أيضاً "العشاوز" جمعاً للعشوز، وزان جوهر، وللعشوزن أيضاً. وفي اللسان (عشزن): "ويجوز أن يجمع عشوزن على عشازن".
([20]) عجز بيت له في ديوانه 51. وأنشد الكلمتين الأخيرتين صاحب اللسان في (عشز) وصدر البيت: * حذاها من الصيداء نعلا طراقها *
([21]) في الأصل: "العشوزاء والعشوز" تحريف، وفي اللسان "العَشْوَز" و "العَشَوَّز". وضبطهما في القاموس بالكلمات، "كجَعْفَر وعذور" وحقه أن ينظر بجوهر بدل جعفر.
([22]) كذا وردت هذه المادة مبتورة. وفي اللسان: "عشطه يعشطه عشطا: جذبه". ...
ـ (باب العين والصاد وما يثلثهما)
(عصف) العين والصاد والفاء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على خِفّةٍ وسرعة. فالأوَّل من ذلك العَصْف: ما على الحبِّ من قُشور التّبن. والعَصْف: ما على ساق الزَّرع من الوَرَق الذي يَبس فتفتَّت، كل ذلك من العَصْف. قال الله سبحانه:{فَجَعَلَهُم كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ} [الفيل 5]، قال بعضُ المفسِّرين: العصف: كلُّ زرعٍ أُكِل حَبُّه وبقي تبنُه. وكان ابنُ الأعرابي يقول: العَصْف: ورقُ كلِّ نابت.
ويقال: عَصَفْتُ الزَّرْعَ، إذا جَزَزْتَ أطرافَه وأكلتَه، كالبقل. ويقال: مكانٌ مُعْصِف، أي كثير العَصْف. قال:
إذا جُمادَى مَنَعَتْ قَطْرَها *** زانَ جَنابِي عَطَنٌ مُعْصِفُ([1])
ويقال للعَصْف: العَصِيفة والعُصافة. قال الفرّاء: إذا أخذْتَ العصيفةَ عن الزَّرع فقد اعتُصِف. والريح العاصف: الشَّديدة. قال الله تعالى: {جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ} [يونس 22]. هذا الذي ذكره الخليل، ومعنى الكلام أنَّها تستخِفُّ الأشياءَ فتذهبُ بها تَعصِف بها. ويقال أيضاً: مُعْصِف ومُعْصِفة. قال العجَّاج:
* والمُعْصِفاتِ لا يَزَلْنَ هُدَّجا([2]) *(4/267)
وقال بعض أهلِ العلم: ريح عاصفةٌ نعتٌ مبنيٌّ* على فَعَلَتْ عَصَفتْ. وريح عاصفٌ: ذات عُصُوف، لا يُراد به فَعَلَت، وخرجَتْ مخرجَ لابنٍ وتامِر.
ومن قياس الباب: النَّاقة العَصُوف: التي تَعصِف براكبها فتمضي كأنّها ريحٌ في السُّرعة. ويقال أعصفَتْ أيضاً. والحَرب تَعْصِف بالقوم: تذهبُ بهم. قال الأعشَى:
في فيلقٍ جأوَاءَ ملمومةٍ *** تَعْصِفُ بالدَّارع والحاسرِ([3])
ونعامةٌ عَصوفٌ: سريعة. وقد قلنا إنَّ العَصْف: الخِفَّة والسُّرعة.
ومن الباب: عَصَف واعتصف، إذا كسب. وذاك أنّه يخفُّ([4]) في اكتداحِه. قال:
* من غير [ما] عَصْفٍ ولا اصطراف([5]) *
وهو ذو عَصْفٍ، أي حيلة.
(عصل) العين والصاد واللام أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على اعوجاج في الشيء، مع شدَّةٍ وكَزَازة.
قال أهل اللُّغة: العَصل: اعوجاجُ الناب مع شِدّته. قال:
* على شَنَاحٍ نابُه لم يَعْصَلِ([6]) *
والأعصل من الرِّجال: الذي عصِلَت ساقُه وذِراعُه، أي اعوجَّتا اعوجاجاً شديداً. والشّجرة العَصِلة: العَوجاء التي لا يُقدَر على إقامتها. وسهمٌ أعصلُ: معوجّ. قال لبيد:
فرميت القوم رِشقاً صائباً *** ليس بالعُصْل ولا بالمفتَعَل([7])
وقال في الشَّجر:
وقَبيلٌ من عُقيلٍ صادقٌ *** كلُيوثٍ بين غابٍ وعَصَلْ([8])
أراد بالعُصْل في البيت الأوّل السِّهامَ المعوجّة. يقول: لم تُفْتَعَلْ تلك الساعة عند الحاجة إليها ولكنَّها عملت من قبل. ويقال: عَصَل السَّهمُ وعَصِل، إذا اضطرب حين يُرسَل، لعِوَج فيه أو سوء نزع. وعَصِل الكلبُ، إذا طرد الطَّريدةَ ثم اضطرب والتوى يأساً منها. وشجرةٌ عصلاءُ: طالت واعوجَّت. وتشبّه بها المهزولة. [قال]:
ليست بعَصْلاءَ تَذْمِي الكلبَ نَكهتها *** ولا بعنْدَلةٍ يَصْطَكُّ ثدياها([9])
والعَصَل: التواءٌ في عسيب الذَّنَب حتى يبرُزَ بعضُ باطنِه الذي لا شَعَْر عليه.
وهو فرسٌ أعصل. والأعْصال: الأمعاء، وهو القياس وذلك لالتوائها في طُول. قال:(4/268)
* يرمي به الجَزْعُ إلى أعْصالها([10]) *
والعَصَل: صلابةٌ في اللَّحم، ومنه أيضاً عَصَّلَ يُعَصِّلُ تَعْصِيلا، إذا أبطأ قال:
* فَعَصَّلَ العَمْرِيُّ عَصْلَ الكلبِ([11]) *
(عصم) العين والصاد والميم أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ ومنْع وملازمة. والمعنى في ذلك كلِّه معنىً واحد. من ذلك العِصْمة: أن يعصم اللهُ تعالى عَبْدَه من سوءٍ يقع فيه. واعتصم العبدُ بالله تعالى، إذا امتنع. واستَعْصَم: التجأ. وتقول العربُ: أعْصَمتُ فلاناً([12]) ، أي هيّأتُ له شيئاً يعتصم بما نالته يدُه أي يلتجئ ويتمسَّك به. قال النَّابغة:
يَظلُّ مِن خوفِه المَلاَّحُ مُعتَصِماً *** بالخيزُرانةِ من خوفٍ ومن رَعَدِ([13])
والمُعْصِم من الفرسان: السيِّئ الحال في فُرُوسَتِه، تراه يمْتَسِك بُعرْف فرسِه أو غيرِ ذلك. قال:
إذا ما غَدَا لم يُسْقِطِ الرَّوْعُ رُمْحَه *** ولم يَشْهَدِ الهَيجا بألْوَثَ مُعْصِمِ([14])
والعِصْمَةُ: كلُّ شيءٍ اعتصَمْتَ به. وعَصَمَهُ الطَّعَامُ: منعه من الجُوع.
ومن الباب العَصِيمُ، وهو الصَّدَأُ من الهِناء والبَوْل يَيْبَسُ على فخِذ الناقة. قال:
وأَضحى عن مِراسِهِمُ قتيلاً *** بلَبَّتِه سَرائحُ كالعَصيم([15])
وأثَر الخِضاب عَصيم، والمُعصَم: الجِلد لم يُنَحَّ وبرُه عنه، بل أُلزِم شعرَه لأنه لا يُنْتَفع به. يقال: أعصَمْنا الإهاب.
قال الأصمعي: العُصْم: أثر كلِّ شيء من وَرْس أو زَعْفَرانٍ أو نحوه. قال: وسمعتُ امرأةً من العرب تقول لأخُرى: "أعطِيني عُصْم حِنَّائِكِ" أي ماسَلَتِّ منه. ويقال: بيده عُصْمَة خَلُوقٍ، أي أثره. قلنا: وهذا الذي ذكره الأصمعي من كلام المرأةِ مخالفٌ لقوله إن العُصْم: الأثَر، لأنها لم تَسْأل الأثر. والصحيح في هذا أن يقال العُصْم: الحِنّاء؛ ما لزِم يدَ المختضِبَةِ، وأثرُه بعد ذلك عُصْم، لأنَّه باقٍ ملازم.(4/269)
ومما قِيس على عُصْمِ الحِنَّاء: العُصْمة: البياض يكون برُسْغ ذي القوائم. من ذلك الوَعِلُ الأعصم، وعُصْمَتُه: بياضٌ في رُسغِه، والجمع من الأعصم عُصْم وقال:
مَقاديرُ* النُّفوس مؤقَّتات *** تَحُطُّ العُصْمَ من رأس اليَفَاعِ
وقال الأعشى:
قد يَتْرُكُ الدّهرُ في خُلَقَاءَ راسيةٍ *** وَهْياً ويُنْزِل منها الأعصمَ الصَّدَعا([16])
ويقال: غرابٌ أعْصَم، إذا كان ذلك الموضع منه أبيض، وقلّما يُوجَد. قال ابنُ الأعرابيّ: العُصْمة في الخيل بياضٌ قلَّ أو كثُر، باليدين دون الرجلين فيقولون: هو أعصَمُ اليدين. وكلُّ هذا قياسُه واحد، كأنَّ ذلك الوَضَحَ أثرٌ ملازمٌ لليد كما قلناه في عصم الحنَّاء.ومن الباب العِصْمة: القِلادة، سمِّيت بذلك للزومِها العُنق. قال لبيدٌ فجمعها على أعصام، كأنه أراد جمع عُصْم:
حتَّى إذا يَئِس الرُّماةُ وأرسَلُوا *** غُضْفاً دواجنَ قافِلاً أعصامُها([17])
ومن الباب: عِصام المحْمِل: شِكاله وقَيْدُه الذي يُشَدُّ به عارضاه. وعصامُ القِربة: عِقالٌ نحو ذراعين، يُجعلُ في خُرْبَتي المزداتين لتلتقيا. وقد أعْصَمْتهما: جعلت لهما عِصاماً. قال تأبَّط شراً:
وقِرْبةِ أقوامٍ جعلتُ عصامَها *** على كاهلٍ مِنِّي ذَلولٍ مُرَحَّلِ([18])
قال: ولا يكون للدَّلْوِ عِصام.
ومن الباب مِعْصم المَرْأة، وهو موضعُ السِّوارَين مِن ساعدَيها. وقال:
فاليومَ عندك دَلُّها وحديثُها *** وغَداً لغيرك كَفُّها والمِعصمُ([19])
وإنما سمِّي مِعْصماً لإمساكه السِّوار، ثم يكون معصماً ولا سِوار. ويقال: أعصَمَ به وأخْلَدَ، إذا لزِمَه.
وعِصامٌ: رجل([20]) . والعرب تقول عند الاستخبار: "ما وراءَكَ يا عصام؟"، والأصل قولُ النابغة:
* ولكنْ ما وراءَكَ يا عصامُ([21]) *
ويقولون للسَّائِدِ بنفسه لا بآبائه:
* نفسُ عِصامٍ سوَّدَتْ عِصَاما([22]) *(4/270)
(عصو/ي) العين والصاد والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، إلاَّ أنَّهما متبايِنان يدلُّ أحدهما على التجمُّع، ويدلُّ الآخر على الفُرْقة.
فالأوَّل العصا، سمِّيت بذلك لاشتمالِ يدِ مُمْسِكِها عليها، ثم قيس ذلك فقيل للجماعة عَصاً. يقال: العَصَا: جماعةُ الإسلام، فمن خالَفَهم فقد شقَّ عصا المسلمين. وإذا فعل ذلك فقُتِل قيلَ له: هو قتيلُ العَصا، ولا عَقْلَ له ولا قَوَدَ فيه. ويقولون: هذه عَصاً، وعَصَوان، وثلاثُ أعصٍ. والجمع من غير عددٍ عِصِيٌّ وعُصِيّ. ويقيسون على العصا فيقولون: عَصَيْتُ بالسَّيف. وقال جرير:
تصِفُ السُّيوفَ وغيركم يَعْصَى بها *** يا ابنَ القُيونِ وذاك فِعْلُ الصَّيْقلِ([23])
وقال آخر:
وإنّ المشرفيّةَ قد علمتم *** إذا يَعْصَى بها النفَرُ الكرامُ
وقال في تثنية العصا:
فجاءَتْ بِنَسْجِ العنكبوتِ كأنَّه *** على عَصَوَيْها سابريٌّ مُشَبْرَقُ([24])
ومن الباب: عَصَوْت الجُرْح أعْصُوه، أي داوَيْتُه. وهو القياس، لأنّه يتلأّم أي يتجمَّع. وفي أمثالهم: "ألقى فلانٌ عصاه". وذلك إذا انتهى المسافرُ إلى عُشْبٍ وأزمع المقامَ ألقى عصاه. قال:
فألقَتْ عصاها واستقرَّ بها النَّوى *** كما قرَّ عيناً بالإيابِ المسافرُ([25])
ومن الباب قولُه صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تَرْفَع عصاك عن أهلك"، لم يُرِد العصا التي يُضرب بها، ولا أمَر أحداً بذلك، ولكنَّه أراد الأدب.
قال أبو عبيد: وأصل العصا الاجتماع والائتلاف. وهذا يصحِّح ما قلْناه في قياس هذا البناء.
والأصل الآخَر: العِصيانُ والمَعصية. يقال: عَصَى، وهو عاصٍ، والجمع عُصاة وعَاصون. والعاصي: الفَصِيل إذا عَصَى أُمَّه في اتِّباعها.
(عصب) العين والصاد والباء أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على رَبْط شيءٍ بشيء، مستطيلاً أو مستديراً. ثم يفرّع ذلك فروعاً، وكلّه راجعٌ إلى قياس واحد.(4/271)
من ذلك العَصَب. قال الخليل: هي أطناب المفاصل التي تُلائِم بينها، وليس بالعَقَب. ويقال: لحمٌ عصِب، أي صلب مكتنِزٌ كثير العصَب. وفلانٌ معصوب الخَلْق، أي شديد اكتنازِ اللَّحم. وهو حَسَن العَصْب، وامرأته حَسَنة* العَصْب. والعَصْب: الطيُّ الشديد. ورجلٌ مَعصوب الخَلْق كأنَّما لُوِيَ لَيَّاً. قال حسان:
ذَروا التّخاجِئَ وامْشُوا مِشيةً سُجُحاً *** إنَّ الرِّجالَ ذوو عَصْبٍ وتذكيرِ([26])
وإنّما سمِّي العَصِيب من أمعاء الشَّاء لأنَّه معصوبٌ مطويٌّ. فأمّا قولهم للجائع معصوب، فقال قوم: هو الذي تكاد أمعاؤُه تَعْصَب، أي تَيْبَس. وليس هذا بشيء، إنَّما المعصوبُ الذي عَصَب بَطْنَه من الجُوع. ويقال: عَصَّبَهم، إذا جوَّعَهم.
قال ابنُ الأعرابيّ: المُعَصَّب: المحتاج، من قولهم عَصَّبَهُ الجوعُ، وليس هو الذي رَبَط حجراً أو غيره. وقال أبو عبيد: المُعَصَّب الذي يتعصَّب من الجوع بالخِرَق. والقولُ ما قاله أبو عبيدٍ، للقياس الذي قِسناه، ولأنَّ قولَه أشهَرُ عند أهل العِلْم:
وقال أبو زيد: المُعَصَّب: الذي عَصَّبته السِّنونَ، أي أكلَتْ مالَه، وهذا صحيحٌ، وتلخيصُه أنَّها ذهَبَتْ بمالِهِ فصار بمنزلة الجائع الذي يَلجأ إلى التَّعصُّبِ بالخرق. وقال الخليل: والعَصْب من البُرُود: يُعصَب، أي يُدرَجُ غَزْلُه، ثم يُصبَغ ثمّ يحاك. قال: ولا يُجمَع، إنَّما يقال بُرْدُ عَصْبٍ وبُرودُ عَصْبٍ؛ لأنَّه مضافٌ إلى الفِعل.
ومن الباب: العِصابة: الشَّيء يُعْصَب به الرَّأسُ من صُداعٍ. لا يقال إلاَّ عِصابة بالهاء، وما شَدَتَ به غيرَ الرَّأْس فهو عِصابٌ بغير هاء، فَرَقوا بينَهما ليُعرَفا. ويقال: اعْتَصَب بالتَّاج وبالعِمامة. قال الشَّاعر([27]) :
يَعتصِبُ التَّاجَ بين مَفرِقِه *** على جَبينٍ كأنَّه الذَّهبُ([28])(4/272)
وفلانٌ حَسَنُ العِصْبة، أي الاعتصاب. وعَصَّبْتُ رأسَه بالعصا والسَّيف تعصبياً، وكأنَّه من العِصابة. وكان يقال لسعيد بن العاص بن أُمَيَّة: "ذو العِصابة"، لأنَّه كان إذا اعتمَّ لم يعتمَّ قرشيٌّ إعظاماً له. ويُنشِدون:
أبو أحيحة مَن يعتمَّ عِمّتَه *** يُضْرَبْ وإن كان ذا مالٍ وذا عَددِ([29])
ومن الباب: العَصَّاب: الغزّال، وهو القياس لأنَّ الخَيط يُعصَب به. قال:
* طَيَّ القَسَاميِّ برودَ العَصَّابْ([30]) *
والشجرة تُعْصَب أغصانُها لينتثِر ورقُها. ومنه قول الحجّاج: "لأعصِبنَّكم عَصْبَ السَّلَمة([31]) ". والعِصاب: العصائب التي تعصب الشَّجرة، عن دوجها فيه([32]) . قال:
مَطاعيم تغدو بالعَبِيطِ جِفانهمْ *** إذا القُرُّ ألْوَت بالعِضاه عصائبه([33])
وقال ابن أحمر:
يا قوم ما قومِي على نأيِهِمْ *** إذْ عَصَبَ النَّاسَ جَهامٌ وقُرّْ([34])
أي جَمَعَهم وضَمَّهم. ويُعْصَب فَخِذ النّاقة لتَدُِرّ. قال:
وأخلاقُنا إعطاؤنا وإباؤُنا *** إذا ما أبينا لا ندرُّ لعاصِبِ([35])
أي لا نُعطِي على القَسْر. والعَصُوب من الإبل هذه؛ وهي لا تدرّ حتَّى تُعصَب. والعَصْب: أن يشَدَّ أُنثَيا الدَّابّة حتَّى تَسقُطا، وهو معصوبٌ([36]). ويقال: عَصَب الفَمُ، وهو ريقٌ يجتمع على الأسنان من غبارٍ أو شدَّة عَطَش. قال:
يَعصِبُ فاه الرِّيقُ أيَّ عَصْبِ *** عَصْبَ الجُبابِ بِشِفاه الوطْبِ([37])
ومن الباب: العُصْبة، قال الخليل: هم من الرِّجال عَشرة، ولا يقال لما دونَ ذلك عُصْبة. وإنَّما سمِّيت عُصْبةً لأنَّها قد عُصِبت، أي كأنَّها رُبِط بعضُها ببعض. والعُصْبَة والعِصَابة من النَّاس، والطَّير، والخيل. قال النَّابغة:
إذا ما التقى الجمعانِ حَلَّقَ فوقَهم *** عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ([38])(4/273)
واعصوصَبَ القَومُ: صاروا عِصابة. واليوم العَصيب: الشَّديد. واعصَوصَبَ اليومُ: اشتدَّ. ويوم عَصَبْصَبٌ واعْصَوْصَبَتْ: تجمَّعتْ. قال:
واعْصَوصَبَتْ بَكَراً من حَرْجَفٍ ولها *** وسْطَ الدِّيار رَذِيَّاتٌ مرازيحُ([39])
قال أبو زيد: كلُّ شيءٍ بشيء([40]) فقد عَصَب به. يقال: عَصَبَ القومُ بفلان. قال: ومنه سميت العَصَبَةُ، وهم قَرَابة الرَّجُل لأبيه وبني عمِّه، وكذلك كلُّ شيءٍ استدارَ حول شيءٍ واستكفَّ فقد عَصِبَ به.
قال ابنُ الأعرابيِّ: عَصَبَ به وعَصَّب، إذا طافَ به ولزِمَه. وأنشد:
ألا ترى أنْ قد تدَاكا وِردُ *** وعَصَّبَ الماء طِوالٌ كبْدُ([41])
تَدَاكأ: تَدافَع. وعَصَبَ الماء: لزِمه. قال أبو مهديّ: عَصَِبت الإبلُ بالماء تَعصب عُصُوباً، إذا دارَتْ حَولَه وحامت عليه. قال:
* قد علمت أنِّي إذا الوِرْدُ عَصَبْ *
وما عَصَبت بذلك المكان ولا قَرَِبته. قال الخليل: العَصَبَة هم الذين يَرِثون الرّجُلَ عن كَلالةٍ من غير والدٍ ولا ولد. فأمَّا الفرائض فكلُّ مَن لم تكن فريضتُه مسمَّاةً فهو عَصَبَة، إنْ بَقِيَ بعد الفرائض شيءٌ أخذوه. قال الخليل: ومنه اشتُقَّ العَصَبِيّة. قال ابن السِّكِّيت: ذاك رجلٌ من عَصَب القوم، أي من خيارهم. وهو قياسُ الباب لأنَّه تُعصب بهم الأمور.
(عصر) العين والصاد والراء أصولٌ ثلاثة صحيحة:
فالأوَّل دهرٌ وحين، والثاني ضَغْط شيء حتَّى يتحلَّب، والثالث تَعَلُّقٌ بشيءٍ وامتساكٌ به.
فالأوَّل العَصْر، وهو الدَّهر. قال الله: {وَالعَصْرِ. إنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر 1- 2]. وربَّما قالوا عُصُر. قال امرؤ القيس:
ألا أنْعِمْ صباحاً أيُّها الطَّلَلُ البالي *** وهل يَنْعِمَنْ مَن كان في العُصُر الخالي([42])
قال الخليل: والعَصْران: اللَّيل والنهار. قال:
ولَنْ يلبث العَصْرانِ يومٌ وليلة *** إذا اختلفا أن يُدرِكا ما تَيَمَّما([43])(4/274)
قالوا: وبه سمِّيت صَلاةُ العصر، لأنَّها تُعْصَر، أي تؤخَّر عن الظُّهر. والغداة والعشيُّ يسمَّيان العصرين. قال:
* المطعمو النّاسِ اختلافَ العَصْرَيْن *
ابن الأعرابيّ: أعْصَر القومُ وأقْصَرُوا، من العَصْر والقَصْر. ويقال: عَصّروا واحتبسوا إلى العصر. وروي حديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لرجلٍ: "حافِظْ على العَصْرَين". قال الرَّجل: وما كانت من لغتنا، فقلت: وما العصران؟ قال: "صلاةٌ قبلَ طُلوع الشَّمس، وصلاةٌ قبل غروبها"، يريد صلاة الصُّبح وصلاة العصر.
فأمّا الجارية المُعصِر فقد قاسه ناسٌ هذا القياس، وليس الذي قالوه فيه ببعيد.
قال الخليل وغيره: الجارية إذا رأت في نفسها زيادةَ الشَّباب فقد أعْصَرَتْ، وهي مُعْصِرٌ بلغت عَصْرَ شبابِها وإدراكها. قال أبو ليلى: إذا بلغت الجاريةُ وقَرُبت من حَيْضها فهي مُعْصِر. وأنشد:
جاريةٌ بسَفَوان دارُها *** قد أعصَرَتْ أو قَدْ دنا إعصارُها([44])
قال قومٌ: سمِّيت معصراً لأنَّها تغيَّرَت عن عَصْرها. وقال آخرونَ فيه غير هذا، وقد ذكرناه في موضعه.
والأصل الثَّاني العُصارة: ما تحَلَّبَ من شيءٍ تَعصِره. قال:
* عصارة الخُبز الذي تَحَلَّبا([45]) *
وهو العصير. وقال في العُصَارة:
العودُ يُعصَر ماؤُه *** ولكلِّ عِيدانٍ عُصَارهْ([46])
وقال ابن السِّكِّيت: تقول العربُ: "لا أفعله مادامَ الزيتُ يُعْصَر". قال أوس:
* فلا بُرْء من ضَبَّاءَ والزيتُ يُعْصَر *
والعرب تجعل العُصارة والمُعْتَصَر مثلاً للخير والعطاء، إنه لكريم العُصارة وكريم المعتصر. وعَصَرت العنب، إذا وَلِيتَه بنَفْسك. واعتصرته، إذا عُصِر لك خَاصّةً. والمِعْصار: شيء كالمِخْلاة يُجعل فيه العِنَبُ ويُعصَر.(4/275)
ومن الباب: المُعْصِرات: سحائبُ تجيءُ بمطَر. قال الله سبحانه:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ المُعْصِراتِ مَاءً ثَجّاجاً} [النبأ 14]. وأُعْصِرَ القومُ، إذا أتاهم المطر. وقرئت: {فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفيهِ يُعْصَرُون([47])} [يوسف 49]، أي يأتيهم المطر. وذلك مشتقٌّ من عَصْر العنب وغيره. فأمَّا الرِّياح وتسميتُهم إيَّاها المُعْصِرات فليس يبعُد أنْ يُحمَل على هذا الباب من جهة المجاورَة، لأنَّها لمّا أثارت السَّحابَ المعصرات سمِّيت معصِرات وإعصاراً. قال في المُعصِرات:
وكأنَّ سُهْكَ المُعْصِرات كَسَوْنها *** تُرْبَ الفَدَافِدِ والبقاعِ بِمُنْخُلِ([48])
والإعصار: الغبار الذي يسطع مستديراً*؛ والجمع الأعاصير. قال:
وبينما المرءُ في الأحياءِ مغتبطاً *** إذ صار في الرَّمْسِ تَعفوه الأعاصيرُ([49])
ويقال في غُبار العَجاجة أيضاً: إعصار. قال الله تعالى: {فأَصَابَها إعصارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة 266]. ويقال: مرَّ فلانٌ ولثيابهِ عَصَرَةٌ، أي فَوْحُ طِيبٍ وهَيْجُه. وهو مأخوذ من الإعصار. وفي الحديث: "مرَّت امرأة متطيِّبة لذَيْلها عَصَرَة".
ومن الباب العَصْر والاعتصار. قال الخليل: الاعتصار: أن يَخْرُج من إنسانٍ مالٌ بغُرْمٍ([50]) أو بوجه من الوُجوه.
قال ابنُ الأعرابيّ: يقال: بنو فلانٍ يعتصرون العطاء. قال الأصمعي: المعْتَصِر: الذي يأخذ من الشَّيء يُصيب منه. قال ابن أحمر:
وإنَّما العَيشُ برُبَّانِهِ *** وأنت من أفنانِهِ مُعْتَصِرْ([51])
ويقال للغَلّة عُصارة. وفسِّر قولُه تعالى: {وفيه يَعْصِرُون} [يوسف 49]، قال: يستغلُّون بأرَضيهِم. وهذا من القياس، لأنَّه شيءٌ كأنّه اعْتُصر كما يُعتَصر العِنَبُ وغيرُه. قال الخليل: العَصْر: العطاء. قال طرَفة:
لو كان في أملاكنا أحدٌ *** يَعصِرُ فينا كالذي تَعْصِرُ([52])
أي تُعطِي.(4/276)
والأصل الثالث: العَصَر: الملجأ، يقال اعتَصَر بالمكان، إذا التجأ إليه. قال أبو دُواد:
مِسَحٍّ لا يواري العَيـ *** ـرَ منه عَصَرُ اللَّهْبِ([53])
ويقال: ليس لك من هذا الأمر عُصْرة، على فُعلة([54]) ، وعَصَر على تقدير [فَعَلٍ، أي([55]) ] ملجأ. وقال في العُصْرَة:
* ولقد كان عُصْرةَ المنجودِ([56]) *
ويقال في قول القائل:
أعْشَى رأيتَ الرُّمْحَ أو هو مبصرٌ *** لأستاهكمْ إذ تطرحون المَعَاصِرا
إنّ المعاصر: العمائم. وقالوا: هي ثيابٌ سُود. والصحيح من ذلك أنَّ المعاصر الدّروع، مأخوذ من العَصْر، لأنّه يُعْصَرُ بها. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
([1]) نسبه في اللسان (جمد) إلى بعض الأنصار، وذكره صريحاً في (عصف) أنه أبو قيس بن الأسلت، أو أحيحة بن الجلاح. والقول الأخير لابن بري. ونسبه في (غرف، غضف) إلى أحيحة. ورواه في (جمد) فقط. "زان جناني" جمع جنة.
([2]) البيت في ملحقات ديوانه 76. ورواه في اللسان (هدج) بدون نسبة.
([3]) ديوان الأعشى 108 واللسان (عصف). وأنشده في (حسر): "تقذف بالدارع". ورواية الديوان: * يجمع خضراء لها سورة *
([4]) في الأصل: "يخفف"، وإنما المراد السرعة.
([5]) للعجاج في ديوانه 40 واللسان (صرف، عصف). ونسبه في(هدن)إلى رؤبة خطأ. وقبله في الديوان: * قال الذي جمعت لي صوافي *
وفي اللسان: * قد يكسب المال الهدان الجافي *
([6]) أنشده في اللسان (عصل).
([7]) ديوان لبيد 16 طبع 1881 واللسان (عصل، فعل، قعل، قعثل) والبيان (1: 266). فيروى: "بالمفتعل" و "بالمقتعل" و "بالمقثعل".
([8]) ديوان لبيد 15 واللسان (عصل). وسيأتي في (قيل).
([9]) البيت في اللسان (عصل، ذمى، عندل). وفي الأصل: "ترمي الكلب"، تحريف.
([10]) البيت لأبي النجم في اللسان (عصل). ومفرد الأعصال عصل بالتحريك.
([11]) في الأصل: "تعصيل الكلب"، صوابه في اللسان (عصل). وقبله:
* يألبها حمران أي ألب *(4/277)
([12]) في الأصل: "اعتصمت فلاناً"، صوابه في المجمل واللسان.
([13]) ديوان النابغة 26، وسيأتي في (نجد). والرواية المشهورة:
* بالخيزارنة بعد الأين والنجد *
([14]) ديوان طفيل 47 واللسان (لوث، عصم) وإصلاح المنطق 276: ويروى: "إذا ما غزا" و "لم يسقط الخوف".
([15]) في اللسان (عصم): " عن مواسمهم".
([16]) ديوان الأعشى 73 واللسان (خلق)، وسبق في (خلق).
([17]) من معلقته المشهورة.
([18]) يروى البيت كذلك لامرئ القيس في معلقته. وفي اللسان: "وقيل لتأبط شراً، وهو الصحيح".
([19]) أنشده في اللسان (عصم).
([20]) هو عصام بن شهير الحرمي، حاجب النعمان بن المنذر. انظر اللسان (عصم) والاشتقاق 317.
([21]) صدره كما في ديوان النابغة 74: * فإني لا ألام على دخول *
([22]) بعده في اللسان:
وصيرته ملكاً هماما *** وعلمته الكرّ والإقداما
([23]) ديوان جرير 447 من قصيدة يهجو بها الفرزدق. والبيت كذلك في اللسان (عصا) وأنشده الجاحظ في البيان (3: 79).
([24]) لذي الرمة في ديوانه 403، واللسان (عصا) وقبله:
فأدلى غلامي دلوه يبتغي بها *** شفاء الصدى والليل أدهم أبلق
([25]) البيت لمعقر بن حمار البارقي، كما في اللسان (عصا)، قال: "وقال ابن بري: هذا البيت لعبد ربه السلمي، ويقال لسليم بن ثمامة الحنفي".
([26]) ديوان حسان 214 واللسان (حجأ، سجح، عصب) والمخصص (3: 107) والتخاجئ وردت هكذا في الأصل، وفي رواية الصحاح أيضاً قال ابن بري: "والصحيح التخاجؤ لأن التفاعل في مصدر تفاعل حقه أن يكون مضموم العين نحو التقاتل والتضارب، ولا تكون العين مكسورة إلا في المعتل اللام نحو التغازي والترامي" ثم قال: "والبيت في التهذيب أيضاً كما هو في الصحاح".
([27]) هو ابن قيس الرقيات، ديوانه 71 واللسان (عصب) والكامل 398 ليبسك والأغاني (4: 157).(4/278)
([28]) الرواية السائرة: "يعتدل التاج"، والاستشهاد هنا يقتضي نصب "التاج" على نزع الخافض. ورواه في اللسان بالرفع شاهداً لقولهم: "اعتصب التاج على رأسه، إذا استكف به"، ورواه في (عقد) بالنصب برواية: "يعتقد التاج".
([29]) أنشده في الكامل 197 ليبسك، ثم قال: "ويزعم الزبيريون أن هذا البيت باطل موضوع".
([30]) لرؤبة في ديوانه 6 واللسان (عصب، قسم). وقبله:
* طاوين مجهول الخروق الأجداب *
([31]) من خطبته المشهورة في أهل العراق. انظر البيان (1: 393-394/2: 307-310) والكامل 215 ليبسك.
([32]) كذا وردت هذه العبارة.
([33]) العبيط: اللحم الطري. وفي الأصل: "بالعيط"، تحريف.
([34]) أنشده في اللسان (عصب) برواية: "شمال وقر".
([35]) في الأصل: "إعطاءنا وإماءنا إذا ما أتينا".
([36]) أي الدابة الذكر. والدابة يذكر ويؤنث.
([37]) لأبي محمد الفقعسي، كما سبق في تخريجه في (جب).
([38]) ديوان النابغة 4 برواية: "إذا ما غزوا بالجيش".
([39]) البيت لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 108). والبكر، بالتحريك، بمعنى البكرة بالضم.
([40]) كذا وردت العبارة ناقصة، ولعلها: "كل شيء استدار بشيء". انظر اللسان (عصب 95).
([41]) أنشد هذا الشطر في اللسان (عصب).
([42]) ديوان امرئ القيس 49 برواية: "ألا عم صباحاً" و"وهل يعمن" من (وعم)، ورواه سيبويه في كتابه
(2: 227) مطابقاً لرواية المقاييس، جعله شاهداً على أن "نعم" مكسور العين في المستقبل وفي الماضي كذلك.
([43]) البيت لحميد بن ثور، كما في اللسان (عصر) وإصلاح المنطق 7 وجنى الجنتين للمحبّي 79.
([44]) الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي، كما في اللسان (عصر). وأنشده في المخصص (1: 47/16:
130) بدون نسبة. وبين البيتين في المخصص:
تمشي الهوينى مائلاً خمارها *** ينحل من غُلمتها إزارها(4/279)
([45]) الخبز يعني به العرب الخلة، والخلة بالضم: مالم يكن فيه ملح ولا حموضة من العشب. وفي اللسان (خلل): "والعرب تقول: "الخلة خبز الإبل، والحمض لحمها أو فاكهتها أو خبيصها"، وفي الأصل: "الجرو" تحريف، صوابه في اللسان (عصر). وأنشد أيضاً:
وصار ما في الخبز من عصيره *** إلى سرار الأرض أو قعوره
([46]) البيت للأعشى في ديوانه 115 والمخصص (10: 215).
([47]) هذه قراءة جعفر بن محمد والأعرج وعيسى. وعن عيسى أيضاً: "تعصرون" بالخطاب والبناء للمفعول. انظر تفسير أبي حيان (5: 316). وقال الأزهري: "ما علمت أحداً من القراء المشهورين قرأ يعصرون، ولا أدري من أين جاء به الليث". كذا ورد في اللسان. على أنه قرئ أيضاً: "يعصرون" و"تعصرون" بالبناء للفاعل فيهما. وقراءة الخطاب لحمزة والكسائي وخلف، ووافقهم الأعمش، وقراءة الغيبة لسائر الأربعة عشر. إتحاف فضلاء البشر 265.
([48]) أنشده في اللسان (عصر) بهذه الرواية. وفي المخصص (9: 69): "ترب القعاقع والنقاع".
([49]) انظر البيت وقصته في مجالس ثعلب 265 وعيون الأخبار (2: 305) ودرة الغواص للحريري 33، والمعمرين 40 والعقد (1: 380) طبع بولاق، ونزهة الألباء 34 وشرح شواهد المغني 86، وأسد الغابة (3: 351). وأنشده في اللسان (عصر).
([50]) في الأصل: "بعزم".
([51]) سبق إنشاد البيت وتخريجه في (بن).
([52]) ديوان طرفة 10 واللسان (عصر). وقافية البيت مقيدة ساكنة، لا مطلقة بالضم كما ورد خطأ في اللسان.
([53]) أنشده في الأزمنة والأمكنة (2: 333) مع قصيدته. وهذه القصيدة أنشدها أبو عبيدة في كتاب الخيل 157 منسوبة إلى عقبة بن سابق الجرمي.
([54]) في الأصل: "ظلمة".
([55]) بمثل هذه التكملة يلتئم الكلام.
([56]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (عصر، نجد) والمخصص (9: 96) وإصلاح المنطق 56. وسيأتي في (نجد). وصدره: *صادياً يستغيث غير مغاثِ* ...
ـ (باب العين والضاد وما يثلثهما)(4/280)
(عضل) العين والضاد واللام أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على شِدّةٍ والتواءٍ في الأمر. من ذلك العَضَل، قال الأصمعيّ: كلُّ لحمةٍ صُلْبَةٍ في عَصَبَةٍ فهي عَضَلة. يقال: عَضِل الرّجلُ يَعْضَل عَضَلاً. ومن الباب: هو عُضْلَةٌ من العُضَل، أي مُنكَر داهية. وهو من القياس، كأنَّه وصف بالشِّدَّة. والعضل([1]) من الرِّجال: القويّ. ومن الباب: الدّاءُ العُضَال، الأمر المُعْضِل، وهو الشَّديد الذي يُعيِي إصلاحُه وتدارُكُه. ويقال منه أعْضَلَ. ويقال إنَّ ذا الإصبع تزوَّجَ امرأةً، فأتى قومَه يسألهمْ مَهرَها فلم يُعطُوه فقال:
واحدةٌ أعْضَلَكم أمرُها *** فكيف لو دُرْتُ على أرْبَعِ([2])
يقول: عَجَزتم عن مَهْرِ واحدةٍ فكيف لو تزوَّجتُ بأربع. يقال: أعضلَه الأمرُ وأعْضَلَ به. وقال عمر: "أعْضَلَ بي أهلُ الكوفة ما يرضَوْن بأمير، ولا يَرضاهم أمير"، أي أعياني أمرُهم. والمُعْضِلات: الشدائد. ويقال: عضّلتُ عليه، أي ضيَّقتُ في أمره. وعَضَلْتُ المرأةَ عَضْلاً، وعَضَّلْتُها تعضيلاً، إذا منعتها من التزوُّج ظُلماً. قال الله تعالى: {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة 232]، أي تحبِسُوهنّ. ويقال عَضَّلَتِ المرأة، إذا نَشِب الولدُ في رَحِمِها فلم يَسْهُل مَخرجُه. وشاةٌ معضِّلة وغنم مَعَاضيل. [و] عضّلت الأرضُ بأهلها، أي غصَّت بهم وضاقت لكثرتهم. قال أوس:
ترى الأرضَ منّا بالفَضاءِ مريضةً *** مُعضِّلة مِنَّا بجمعٍ عَرَمْرَمِ([3])
ويقال سنة عِضْل: عسيرة. قال:
* فيا للنَّاس للسَّنة العِضْلِ *
قال الفرّاء: ما يأتِينا خيرُ فلانٍ إلاّ مُعْضِلاً، أي في التواءٍ ونكَد. وعَضَل: قبيلةٌ، وهو من هذا.
(عضم) العين والضاد والميم قد ذكرت فيه كلماتٌ عن الخليلِ وغيره وأراها غلطاً من الرُّواة عنه. فأمَّا الخليل فأعلى رتبةً من أنْ يصحِّح مثلَ هذا. قال: العَضْم: مَقْبِض القَوْس. وأنشدوا:(4/281)
* رُبَّ عَضْمٍ رأيتُ في جوف ضَهْرِ([4]) *
قالوا: والضَّهْر: موضعٌ في الجَبَل، وهذا كله كلام. والعضام: عَسيب البعير. والعضمُ: خشبةٌ ذاتُ أصابعَ يُذْرَى بها الطّعام*. وعَضْمُ الفدّان: لوحُه العريض. والعَيْضُوم([5]) ، قالوا: الأكول.
وذكرنا هذا كله تعريفاً أنَّه لا أصلَ له، ولولا ذاك ما كان لذِكره وجه.
(عضو) العين والضاد والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تجزئةِ الشَّيء. من ذلك العِضْو والعُضْو. والتَّعضية: أن يُعَضِّيَ الذّبيحة أعضاء. والعِضَةُ: القِطعة من الشيء، تقول: عَضّيْتُ الشيء أي وزَّعته. قال رؤبة:
* وليس دينُ الله بالمُعَضّى([6]) *
أي بالمفرَّق. قال الخليل: وقوله تعالى: {الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر 91]، أي عِضَة عِضة، ففرَّقوه، آمنوا ببعضه وكَفَرُوا ببعضه. والاسم منه التَّعضية. ومنه الحديث: "لا تَعْضِيَةَ في ميراث" أي لا تَقسِموا ما [لا] يحتمل القَسْم كالسَّيف والدّرَّة وما أشبَهَ ذلك.
(عضب) العين والضاد والباء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قَطْعٍ أو كسر. قال الخليل: العَضْب: السَّيف القاطع. والعَضْب: القطعُ نَفْسُه. تقول عَضَبه يَعْضِبه، أي قطعه. ومنه رَجُلٌ عضْب اللِّسان، وقد عَضُبَ لسانُه عُضُوبَاً وعَضُوبةً. وهذا إنما هو تشبيهٌ بالسَّيف العَضْب. قال ابنُ دُريد: "عَضَبتُ الرجل بلساني، إذا [تناولتَه به]، شتمتَه، ورجلٌ عَضَّابٌ، إذا كان شَتّاماً([7]) ". وعَضَبَني الوَعْك([8]) أي نَهَكَني.
ومن الباب: الشَّاة العَضْباء: المكسورة القَرْن. ويقال إنَّ العَضَبَ يكون في أحد القَرنين. وذكر ابنُ الأعرابي أن العَضَب في الأُذن: أن يذهب نِصفُها أو ثلثها، وفي القرن، إذا ذهب من مُشَاشِهِ شيء.
وحُكِي: رجلُ أَعْضَبُ، أي قصير اليد. ويقال إنَّ الأعضب من الرِّجال: الذي لا إخوةَ له ولا ناصِرَ ولا أحد له.(4/282)
(عضر) العين والضاد والراء لا أصلَ له في كلام العرب، وإنْ ذُكر فيه شيءٌ فغير صحيح.
() العين والضاد والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على عضوٍ من الأعضاء؛ يُستعار في موضع القوّة والمُعين. فالعضد([9]) : ما بين المِرْفق إلى الكتف، يقال عَضُدَ وعَضْدَ، وهما عَضُْدان، والجمع أعضاد. وهي مؤنَّثة. ويقال: فلانٌ عضُدِي، لمكان القُوّة التي في العَضُد. ورجلٌ عضديٌّ وعُِضَاديّ. قال الخليل: والعَضْد: المعونة([10]) ، يقال: عضَدْتُ فلاناً، أي أعنْتُه. قال الله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ المُضِلِّينَ عَضُداً} [الكهف 51]. قال ابنُ الأعرابيّ: عضُد الرجل: قَومُه وعشيرته، ولذلك يقال: يَفُتُّ في عَضُده. وقال أعرابيٌّ لرجلٍ استعانَه فلم يُعِنه: "أنت والله العَضد الثَّلْماء"، نسبهُ إلى الضَّعف، وإذا قَصُرَت العضُد أو دَقَّت فهي عضِدَة([11]) . وأمَّا العَضَد يفتح الضاد [فهو] داءٌ يأخذُ في العضُد. قال النابغة:
شَكَّ الفريصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها *** شَكَّ المبيطِر إِذْ يَشْفِي من العَضَدِ([12])
قال بعضُهم: لا يكونُ العَضَد إلاّ في الإبل خاصَّة. وناقَةٌ عضِدَةٌ، اشتكَتْ عضُدَها. وإبلٌ مُعَضَّدة: موسومة في أعضادها. ويقال للدُّمْلُج: المِعْضَد والمِعْضَاد، لأنّه في العَضُد يُمْسَك. ويقال له العِضَاد أيضاً. ويقال ذلك للذي يُشَدّ على الَعضُد للنفقة([13]) .
قال الخليل: وأعضاد كلِّ شيءٍ: ما يُشَدُّ حوالَيْه من البِناء، وذلك كأعضاد الحوض، وهي صفائح من حجارةٍ يُنْصَبْنَ حول شفيرهِ، الواحد عَضُد. قال لبيد:
راسخُ الدِّمْنِ على أعضادِهِ *** ثَلَمَتْهُ كلُّ ريحٍ وسَبَلْ([14])(4/283)
عضدوعَضُد الرَّحْلِ: خشبتانِ لَزِيقتَانِ بالواسطة. وعِضادة الباب: مِسَاكاهُ اللذان يُطبَق البابُ عليهما. والعَضِيد: النَّخْلة تنَاوَلُ ثمرَها بيدك. وممكنٌ أن يسمَّى بذلك لأجل أنَّ العَضُد تُطَاوِلُها فتنالُها. والرَّجُلُ العُضاديُّ: الممتلئ العَضدين لحماً. قال:
وأعجبَهَا ذُو شَمْلةٍ وهِرَاوَةٍ *** غلامٌ عُضَاديٌّ سمينُ البآدلِ
قال: والعاضد: الذي يلزم جانبَ الإبل، ولابدَّ لها من عاضدين؛ لأن السّوَّاق خلْفَها والعاضِدَين من جانبَيها. وأنشد ابنُ الأعرابيّ:
يا ليت لي بصاحِبيَّ صاحبا *** إذا مَشَى لم يَعْضُد الرَّكائبا([15])
أي لم يأتِها من قِبَل أعضادها. والعاضد: السَّهمُ يأخذ ناحيةً من الغَرَضِ لا يصيبُه. وعَضَد الرَّجلُ عن الطَّريقِ: مالَ.
قال ابن السِّكِّيت: العاضد من الجِمال الذي يَعضُد النّاقةَ فيتنوَّخُها. قال:
صَوَّى لها ذا كُدنةٍ جُلاعِدَا([16]) *** طَوْعَ السِّنانِ ذراعاً وعاضِدا
والأصل الآخَر القَطْع. قال الخليل: العَضْد: قَطْع الشّجرةِ بالمِعْضَد، وهو سيفٌ ممتهَنٌ في قَطْع الشَّجَر. والعاضد: القاطع. وفي الحديث في مدينة الرسول: "لا يُعْضَدُ شَجرُها". وقال في المِعْضد:
حسامٍ إذا ما قمتُ منتصراً به *** كفَى العَوْدَ منه البَدءُ ليس بمِعْضَدِ([17])
قال ابنُ الأعرابيّ: سيف مِعْضَدٌ ومِعْضادٌ وَعَضَّادٌ، أي قاطع. يقال عَضّدت الشجرة، واسم ما يقطع منها العَضيد والعَضَد. قال الهذليّ([18]) :
الطَّعْنُ شَغشغةٌ والضَّربُ هيقعةٌ *** ضَرْبَ المعوِّل تحتَ الدِّيمة العَضَدا([19])
ومما شذَّ عن هذين الأصلين: الثَّوب المُعَضَّد، وهو المخطّط قال:
* ولا ذَوَات الرَّبْط والمُعَضَّدِ *
ـــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "العضلي" تحريف. وإنما يقال "عضل" بفتح فكسر، وبضمتين وفي آخره لام مشددة.
([2]) أنشده في اللسان (عضل) برواية: "أعضلني داؤها فكيف لو قمت".
(4/284)
([3]) ديوان أوس 27 واللسان (عضل) والمخصص (6: 200).
([4]) وكذا أنشده في اللسان (عضم). وأنشده في (ضهر): "رب عصم". والعصم: جمع أعصم وعصماء، وهو الوعل في ذراعيه أو في أحدهما بياض، وسائره أسود أو أحمر. وفي الموضعين من اللسان: "في وسط ضهر".
([5]) قال أبو منصور فيه: "هذا تصحيف قبيح، والصواب العيصوم بالصاد". وقال: "وإنما قيل لها –أي للمرأة- عصوم وعيصوم لأن كثرة أكلها يعصمها من الهزال ويقويها".
([6]) ديوان رؤبة 81. وهو في اللسان (عضا) بدون نسبة.
([7]) إلى هنا ينتهي نص الجمهرة (2: 302-303)، والتكملة السالفة منها.
([8]) الوعك: الحمى، أو ألمها. وفي الأصل، "الوعل" تحريف. وفي أساس البلاغة: "عضبه المرض: وقذه". وفي اللسان: "عضبته الزمانة تعضبه عضباً، إذا أقعدته عن الحركة".
([9]) في الأصل: "بالعضد".
([10]) في الأصل: "المؤنة".
([11]) في الأصل: "عضيدة"، تحريف.
([12]) سبق البيت وتخريجه في (بطر).
([13]) كذا في الأصل. وفي اللسان: "والعضاد والمعضد: ما شد في العضد من الحرز".
([14]) ديوان لبيد 13 واللسان (عضد).
([15]) هذا البيت في اللسان (عضد).
([16]) نسبه للفقعسي في اللسان (جلعد). وأنشد بعده:
* لم يرع بالأصياف إلا فاردا *
ونظير هذا البيت ما أنشد في اللسان (صوى) للفقعسي:
صوى لها ذا كدنة جلذيا *** أخيف كانت أمه صفيا
([17]) البيت لطرفة في معلقته المشهورة.
([18]) هو عبد مناف بن ربع الهذلي، كما في اللسان (عضد، شغغ) .
([19]) سبق البيت في (شغ). ...
ـ (باب العين والطاء وما يثلثهما)
(عطف) العين والطاء والفاء أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على انثناء وعِياجٍ. يقال: عَطَفْتُ الشّيء، إذا أمَلْتَه. وانعَطَف، إذا انعاج. ومصدر عطف العُطُوف. وتعطّفَ بالرَّحمة تعطُّفاً. وعَطَف الله تعالى فلاناً على فلانٍ عَطْفاً. والرَّجُل يَعْطِف الوِسادةَ: يثنيها، عطفاً، إذا ارتفَقَ بها. قال لبيد:(4/285)
ومَجُودٍ من صُبابات الكَرَى *** عاطِفِ النُّمرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ([1])
ويقال للجانبَين العِطفانِ، سمِّيا بذلك لأنَّ الإنسان يَميل عليهما. ألاَ ترى أنَّهم يقولون: ثنَىعِطْفَه، إذا أعْرضَ عنك وجَفَاك. ويقال: رجلٌ عَطوفٌ في الحرب والخير، وعَطَّافٌ. وظبيةٌ عاطِف، إذا رَبَضت وعطفَتْ عُنقَها. وفلانٌ يَتَعَاطَفُ في مِشيته، إذا تمايَلَ. والإنسان يتعطَّف بثوبه، وهو شبه التوشُّح. والرِّداء نفسُه عِطَافٌ، لأنّه يُعْطَفُ. ثم يتَّسعون في ذلك فيسمُّون السيفَ عِطافاً لأنّه يكونُ موضعَ الرداء.
(عطل) العين والطاء واللام أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على خلوٍّ وفَراغ. يقول: عُطِّلت الدارُ، ودارٌ معَطَّلة ومتى تُركت الإبلُ بلا راعٍ فقد عُطِّلت، وكذلك البئر إذا لم تُورَدْ ولم يُستَقَ([2]) [منها]. قال الله تبارك وتعالى: {وبِئرٍ مُعَطَّلةٍ} [الحج 45]، وقال تعالى:{وَإذا العِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير 4]. وكل شيءٍ خلا من حافظٍ فقد عُطِّل. من ذلك تعطيلُ الثُّغورِ وما أشبهَهَا. ومن هذا الباب: العَطَل وهو العُطُول، يقال امرأةٌ عاطل، إذا كانت لا حَلْيَ لها، والجمع عواطلُ. قال:
يَرُضْن صِعاب الدُّرِّ في كلِّ حِجَّة *** وإنْ لم تكن أعناقُهنَّ عواطلا([3])
وقوس عُطُلٌ: لا وَتَر عليها. وخيلٌ أعْطَالٌ: لا قلائد لها.
وشذّت عن هذا الأصل كلمةٌ، وهي الناقة العَيْطَل، وهي الطَّويلةُ في حُسن. وربَّما وُصِفَتْ بذلك المرأةُ، قال ذو الرُّمَّة في النّاقة:
نَصَبَتْ له ظَهرِي على متن عِرمِسٍ *** رُوَاع الفُؤادِ حُرَّةِ الوجه عَيْطلِ([4])
(عطن) العين والطاء والنون أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على إقامةٍ وثبات. من ذلك العَطَن والمَعْطِن، وهو مَبْرَك الإبل. ويقال إنّ إعطانها أن تُحبَس عِندَ الماء بعدَ الوِرْد. قال لبيد:
عافَتَا الماءَ فلم نُعْطِنْهُما *** إنَّما يُعْطِن من يرجو العَلَل([5])(4/286)
ويقال: كلُّ منْزلٍ يكون مَألَفاً للإبل [فهو عَطَنٌ([6]) ]، والمَعْطِن: ذلك الموضع. قال:
ولا تكلِّفُني نَفْسِي ولا هَلَعِي *** حِرصاً أُقيم به في مَعْطِن الهُونِ([7])
وقال آخرون: لا يكون أعطانُ الإبل إلاّ على الماء، فأمَّا مَبارِكها في البرِّيَّة وعند الحيِّ فهو المأوَى، وهو المُرَاح أيضاً. وهذا البيتُ الذي ذكرناه "في معطِن الهُون"، يدلُّ على أنَّ المَعْطِن يكون حيث تُحبَس الإبل في مباركها أين كانت. وبيتُ لَبيد يدلُّ على القول الآخَر، والأمرُ *قريب.
ومن الباب عَطْنُ الجِلد، وهو أن يوضَع في الدِّباغ.
(عطو) العين والطاء والحرف المعتلُّ أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على أخْذٍ ومُناوَلة، لا يخرج البابُ عنهما. فالعَطْوُ: التَّناوُل باليد. قال امرؤ القيس:
وتعْطو برَخْصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّه *** أساريعُ ظبيٍ أو مساويك إسحِلِ([8])
يصف المرأة أنها تُسُوك. والظَّبيُ يعطو، وذلك إذا رَفَعَ يديه متطاوِلاً إلى الشَّجرةِ ليتناوَلَ الورَق. وقال:
تَخُلّ بقرنَيْها بَريرَ أراكَةٍ *** وتَعطُو بظِلفيها إذا الغصنُ طالها
قال الخليل: ومنه اشتُقَّ الإعطاء. والمعاطاة: المُناولة. ويقال: عاطَى الصبيُّ أهله، إذا عَمِل وناوَلَ ما أرادوا. والعَطاء: اسمٌ لما يُعطَى، وهي العطيّة، والجمع عطايا، وجمع العطايا أعطِيَة. قال:
تعاطِيه أحياناً إذا جِيد جَوْدَةً *** رُضاباً كطَعم الزَّنجبيل المعسَّلِ([9])
ويقولون: إنّ التعاطي: تناوُل ما ليس له بحقٍّ، يقال فلانٌ يتعاطَى ظُلْمَ فلان. وفي كتاب الله تعالى:{فَتَعَاطَى فَعَقَرَ} [القمر 29]. ومِن أمثالِ العرب: "عاطٍ بغَيْرِ أنْوَاط"، أي إنّه يسمو إلى [الأمر] ولا آلةَ له عنده، كالذي يتعلَّق ولا متعلَّق له.
(عطب) العين والطاء والباء كلمتانِ لا تتقاربان في المعنى.
فالأولى: العَطَب، وهو الهلاك، يقال عَطِب، وأعْطَبه غيرهُ.
والكلمة الأُخرى: العُطْب، وهو القُطْن.(4/287)
(عطد) العين والطاء والدال ذُكِرت فيه كلمةٌ والقياس لا يسوِّغها، لكنَّهم يقولون: العَطوَّد: السيَّر السَّريع الشاقّ. ويُنشدون:
* إليك أشكو عَنَقاً عَطَوَّدَا([10]) *
(عطر) العين والطاء والراء أصلٌ واحدٌ لعلّه أنْ يكون صحيحاً، وهو العِطْر للأشياء المعالجَة بالطِّيب([11]) ، وفاعله العَطَّار. وامرأةٌ عَطِرة ومِعطِيرٌ. وقال:
* يَتْبَعْنَ جَأباً كَمُدُقِّ المِعْطيرْ([12]) *
(عطس) العين والطاء والسين كلمةٌ واحدة ثم تستعار، وهي العُطاس، يقال: عَطَس يَعْطُِس. ويقال للأنفِ مَعْطَس، بالكسر والفتح في الطاء ويستعار ذلك فيقال: عَطَسَ الصُّبح، إذا انفَلَق. وقد قالوا إنَّ العُطَاسَ: الصُّبح في قوله:
* وقد أغتدي قبل العطاسِ بهَيكلٍ([13]) *
(عطش) العين والطاء والشين أصلٌ واحد صحيح، وهو العَطَش، يقال له: عَطِش يَعْطَش عَطَشاً. ويقال إنّ المَعاطِشَ: مَواقِيتُ الظَّمأ. قال ذو الرُّمَّة:
لا تشتكي سقطةً منها وقد رقصت *** بها المعاطشُ حتى ظَهرُها حَدِبُ([14])
ــــــــــــــــــ
([1])ديوان لبيد 13 واللسان (عطف).
([2]) في الأصل: "ولم تسق".
([3]) البيت للبيد في ديوانه 22 طبع 1881 واللسانت (حجج)، وقد سبق في (حج).
([4]) ديوان ذي الرمة 510 برواية: "رفعت له رحلي على ظهر عرمس". ورواية اللسان (روع): * رفعت لها رحلي على ظهر عرمس *
([5]) ديوان لبيد 13 طبع 1881 واللسان (عطن). وانفرد اللسان برواية: "أصحاب العلل".
([6]) التكملة من اللسان (عطن).
([7]) في الأصل: "نفسي ولا تقلعي"، صوابه في اللسان (عطن).
([8]) البيت من معلقته المشهورة.
([9]) البيت لذي الرمة في ديوانه 508 واللسان (عطا). وأنشده في اللسان (عسل) بدون نسبة:
إذا أخذت مسواكها منحت به *** رضاباً كطعم الزنجبيل المعسل
([10]) أنشده في اللسان (عطد) والمخصص (3: 107).
([11]) في الأصل: "للطيب".
([12]) للعجاج في ملحقات ديوانه 77 واللسان (عطر، دقق).(4/288)
([13]) نسب إلى امرئ القيس في حواشي الجمهرة (3: 25). وأنشد هذا الصدر في اللسان (عطس)، وعجزه في الجمهرة:
* أقب كيعفور الفلاة محنب *
([14]) ديوان ذي الرمة 9 برواية: "وقد رقصت بها المفاوز". ...
ـ (باب العين والظاء وما يثلثهما)
(عظم) العين والظاء والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على كِبَر وقُوّة. فالعِظَم: مصدر الشَّيء العظيم. تقول: عَظُمَ يَعْظُم عِظَماً، وعظّمته أنا. فإذا عَظُم في عينيك قلت: أعْظمتُه واستعظمْتُه. ومُعظَم الشّيء: أكثرهُ. وعَظْمةُ الذِّراع: مُستغلَظُها. وهي العظيمة: النازِلةُ المُلمّة الشّديدة. قال:
وإلاّ فإنِّي لا إخالُك ناجيا(1) *** إن تنجُ منها تنجُ من ذِي عظيمةٍ
ومن الباب العَظْم، معروف، وهو سمِّي بذلك لقوّته وشِدّته.
(عظب) العين والظاء والباء. يقولون: عَظَب الطّائر، إذا حَرّكَ زِمِكّاهُ. وهو كلام. والعُنْظَُب: الجراد الضَّخم، النُّون زائدة.
(عظل) العين والظاء واللام أصيل صحيح. يقال: تعاظَلَ الكلابُ، إذا تسافَدَت، وهي تَعاظَلُ. وجَرادٌ عَظْلَى من ذلك وفلانٌ لا يُعاظِل في شِعره بين القَوافي، أي لا يحمل بعضها على بعض. وترى أنّ ذلك إمّا أن يكون الذي يسمى الإيطاء؛ أي لا يكرِّر القوافي، أو أن يكون الذي يسمَّى التَّضمين، وهو أن [يكون] تمامُ البيت في البيت الذي بَعده.
ـــــــــــــــــ
(1) البيت للأسود بن سريع القاص، كما في البيان (1: 367).
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله عين)
قال الخليل:(المُعَلْهَج) : الرَّجل اللئيم. وأنشد:
فكيف تُسامِيني وأنتَ مُعَلْهَجٌ *** هُذارِمَةٌ جعدُ الأنامل حَنْكَلُ([1])
وهذا إن كان صحيحاً فالهاء فيه زائدة، لما قلناه، إنّهم يزيدون([2]) في الحروف من الكلمة *تعظيماً للشيء أو تهويلاً وتقبيحاً. وإنَّما هو من العِلج، وقد فسَّرناه.(4/289)
(العَزَاهِيل) ، قالوا: هي الإبل المهمَلة، واحدها عُزْهُول. ينشدون: للشَّمَّاخ:
[حَتَّى استغاثَ بأحْوَى فوقه حُبُك *** يدعو هديلاً بِهِ العُزْفُ العَزَاهيلُ]([3])
وهذا أيضاً إن كان صحيحاً، فالهاء زائدة، كأنّها أُهملت فاعتزلت ومَرَّت حيث شاءت.
(العَيْهَرَة): المرأة الفاجرة، والزائدة في ذلك الياء، وإِنّما هو من العَهْر.
(العَباهل): جمع العَبْهَل، وهو الإبل التي أُهملت تَرِد كيف شاءت، ومتى شاءت. قال:
* عَبَاهِلٍ عَبْهَلها الوُرّادُ([4]) *
وبه شُبِّهت الملوكُ الذين لا فَوقَ يدِهم يدٌ. هذا ممّا زيدت فيه الباء. والأصْل العَيْهَل والعَيْهَلة: التي لا تستقرّ. وقد فسَّرناه.
(العُرَاهم): النَّاعم التارُّ. وقصبٌ (عُرهُومٌ) ، وبعيرٌ عُرَاهم: طَويل. وهذا مما زيدت فيه الراء، وإِنَّما هي من العيْهامة والعيهمة، وهي من [النّوق]: الطَّويلة وقد مرّ.
(والعُفاهم): الجَلْد القويُّ. وكلُّ قويٍّ عُفاهِم. قال:
* من عُنْفُوان جَريِهِ العُفاهِمِ([5]) *
وهذا مما زيدت فيه الفاء، وهو من العَيهمة أيضاً.
(العَبْهرَ): الضَّخم الخَلْقِ وكلُّ عظيم عَبْهر. وامرأةٌ عبهرة. قال الأعشى:
عَبْهَرَة الخلق لُبَاخِيّة *** تزِينهُ بالخُلُق الظَّاهرِ([6])
وهذا ممَّا زيدت العينُ في أوّله، وأصله من البَهْر، أي إنّها تبهر بخَلْقها. وقد فسرنا البَهْر.
(العَلْهَب): التَّيس الطّويلُ القرنين، ويوصف به الثَّور. قال جرير:
إذا قَعِسَت ظهورُ بني تميمٍ *** تكشَّف عن عَلاَهِبَةِ الوُعولِ([7])
وهذا ممّا زيدت فيه الهاء، وإنَّما من العُلَبِ. والعُلَب: النَخل الطّوال. وقد مرّ.(4/290)
(العَشَنَّق): الطَّويل الجِسم. وهذا مما زيدت فيه الشِّين، وإنّما هو من العَنَق. وليس ببعيدٍ أن يكون العين زائدة أيضاً. فإنْ كان كذا فالكلمة منحوتةٌ من كلمتين، من العَنَق، والشَّنَق. وقد فسَّرناهما. وقد قال الخليل: امرأة عَشَنَّقة: طويلة العُنُق، ونعامةٌ عَشَنَّقة. فهذا يدلُّ على صحَّة ما قلناه.
(العَسْلَق([8])): كلُّ سبُع جَرُؤ على الصَّيد، والجمع عَسالِق. وهذه من ثلاث كلمات: من عَسِق به إذا لازمه، ومن علِق، ومن سلقَ. وكلُّ ذلك قد فسِّر.
(العُسْقُول): قِطعة السَّراب. وهذا ممّا زيدت فيه اللام. والأصل العَسَق، يقال إنّه الإطاقة بالشَّيء، من اللزوم الذي ذكرناه.
(العَسَلَّق): الظليم. ممكنٌ أن يكون من السُّرعة ويكون القاف زائدة، ويكون من العَسَلان؛ ويمكن أن يكون العين زائدة، ويكون من السّلق والتسلُّق. وكلُّ ذلك جيّد.
(العُنقود): معروف، وهو من العَقْد، كأنّه شيءٌ عقِد بعضُه ببعض.
(العرقوب): عَقَبٌ مُوَتَّرٌ خلْف الكعبين. وعَرقَبت الدّابة: قطعت عُرقوبها. وهذا مما زيدت فيه الراء، وإنّما الأصل العقِب للإنسان وحده، ثم باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله عين
جعل العُرقوب له ولغيره. ويستعار العرقوب فيقال لمنحنىً من الوادي فيه التواء شديدٌ: عرقوب. وقال:
ومَخُوفٍ من المناهل وحْشٍ *** ذي عراقيبَ آجِنٍ مِدفانِ([9])
قال الخليل: وعراقيب الأمور: عَصاوِيدُها، وذلك إدخال اللَّبس فيها. ويتمثَّل النَّاس فيقولون: "يوم أقصر من عُرقوب القطاة".
(العقرب): معروفة، والباء فيه زائدة، وإنَّما هو من العَقر، ثم يستعار فيقال للذي يَقْرُص النّاس([10]) : إنَّه لتَدِبُّ عقاربُه. ودابّةٌ مُعقرَب الخَلْق، أي ملزَّز مجتمعٌ شديد.
(العفلق([11])): الفَرْج رِخواً واسعاً. وهذا منحوتٌ من عفق والعُفاقة [و] من فلق.
(العُقْبول): قالوا: بقيَّة المرض، واللازم زائدة، إنَّما هو مرضٌ يَعقُب المرضَ العظيم.(4/291)
(العَضَنّكة([12])): المرأة اللَّفَّاء العجُز التي ضاق مُلتقَى فخِذَيها لكثرة اللَّحم. وهذا مما زيدت فيه العين، وإنَّما هو من الضنك وهو الضِّيق. وقد مرَّ تفسير الضِّناك.
(عركس)، قال الخليل: عركس أصلُ بناء اعرَنْكَسَ، وذلك إذا تراكم الشيءُ بعضه على بعض، يقال اعرنكس. قال العجَّاج في وصف اللّيل:
* واعرَنكَسَتْ أهوالُه واعْرَنكَسا([13]) *
وهذا الذي قاله منحوتٌ من عَكس وعَرَك، وذلك أنّه شيء يترادُّ بعضه على بعض *ويتراجع ويُعارك بعضَه كأنّه يلتفُّ به.
(اعْلَنْكَس): الشّعر، إذا اشتدَّ سوادُه، وكثُر. وهذا هو من الأوّل، واللام بدلٌ من الرّاء، وقد فسَّرناه. عَرْكَسْتُ الشَّيء: [جمعت([14]) ] بعضَه على بعض، وهذا من عَكَس ورَكَس، وقد فسِّرا.
(عَكْمَسَ): الليلُ، إذا أظلم. قال:
* والليلُ ليلٌ مظلمٌ عُكامِسُ *
وهذا من عَكَس وعَمَس، لأن في عَمَس معنىً من معاني الإخفاء، والظلمة تُخفِي، يقال عَمّس عليه الخَبَر، وقد فسِّر.
(العِلْكَدّ): الشديد. وهذا من عَكَدَ، ومن العِلْوَدّ، وهو الشديد، ومن اللَّكد، وهو تداخل الشّيء بعضِه في بعض. قال:
* أعْيَسَ مَضْبُورَ القَرَا عِلْكَدَّا([15]) *
(العُكْبُرة([16])): من النِّساء: الجافية العِلْجة. قال الخليل: هي العَكْباء في خَلْقها. قال:
عَكْباء عُكبُرَةٌ في بطنها ثَجَلٌ *** وفي المفاصل من أوصالها فَدَعُ
وهذا الأمر ظاهرٌ([17]) أنَّ الراء فيه زائدة. والأصل العَكَب والعِكَبّ، وقد مضى ذِكره.
(العَكَرْكَرُ): اللَّبن الغليظ. وهذا أيضاً مما كُرِّرت حروفه. والأصل العَكَر.
(العُلْكُوم): النَّاقة الجسيمة السَّمينة. قال لَبيد:
*تُروِي الحدائقَ بازلٌ عُلكومُ([18]) *
وهذا من عَكَم، واللام زائدة، كأنَّها عُكِمت باللَّحم عَكْماً.
(العِفْضاج): السَّمين الرِّخْو. وهذا مما زيدت فيه الضّاد، وهو من العين والفاء والجيم، كأنّه ممتلئ الأعفاج، وهي الأمعاء([19]) .(4/292)
(العُجَلِد([20])): اللبن الخاثر. وهذا مما زيدت فيه العين، كأنّه شُبّه بالجلد في كثافته.
(والعْجَلِط): مثله، والطاء بدل الدال.
(العَشَنَّط): الطَّويل من الرِّجال، والجمع عَشَنَّطون وعَشَانِط. وهذا مما زيدت فيه الشِّين، وإنَّما هو من عَنَط، وهو بناء عَنَطنَط([21]) . و(العَنْشَطُ) مثل هذا. قال:
أتَاكَ من الفِتيان أروعُ ماجدٌ *** صبورٌ على ما نابه غير عَنْشط([22])
(العَشَوْزَن): الملتوِي العَسِرُ الخُلُق من كلِّ شيء. وقال:
إذا عضَّ الثِّقاف بها اشمأزَّتْ *** ووُلِّيتُم عَشَوْزَنَةً زَبُونا([23])
وهذا منحوت من عَشَزَ وشَزَنَ. العَشَزانُ: مشْي الأقزل. والشَّزَن: المكان الصُّلب.
(العَشَنْزَر): الشديد. وهذا مما زيدت فيه العين والنون، وأصله من الشّزْر، وقد مرَّ. قال:
* ضَرْباً وطَعناً باقِراً عَشَنْزَرا([24]) *
(العَيْسَجُور): النّاقة السريعة. وهذا مما زيدت فيه الراء والياء، وإنّما هو من عَسَجَتْ في سيرها. وقد مضى ذكر العاسج.
(العَجَنَّس): الجمل الضَّخم، والنون فيه زائدة. وهو مما ذكرناه في باب العجس والعَجَاساء. قال:
يَتْبَعْنَ ذا هَدَاهِدٍِ عَجَنَّسا *** إذَا الغُرابانِ به تمرَّسا([25])
(العَِجْلِزَة): الفرس الشَّديد الخَلْق. وقد نصَّ الخليلُ في ذلك على شيءٍ فقال: اشتقاق هذا النعت من جَلْز الخَلْق. وهو يصحِّح ما نذكره في هذا وشِبهه. فقد أَعْلَمك أنّ العين فيه زائدة. وقال:
* وعَِجْلَِزَة يَزِلّ اللِّبد فيها *
(العَجْرَد): العُرْيان. وهذا أيضاً مما زيدت فيه العين، وإنما هو من جَرد وتجرّد من ثيابه.
ومنه (العنْجَرِدُ) ، وهي المرأة السَّلِيطة الجريئة، والعين في ذلك زائدة، وإنما هو من تجرُّدِها للخصُومة وقِلة حيائها. قال:
عَنْجَرِد تحْلف حين أحْلِفْ *** شيطانة مثل الحمارِ الأعْرف([26])(4/293)
(العَجَنْجَر([27])): الغليظ، يقال زُبْد عَجَنْجَر. وهذا مما زيدت حروفه للمعنى الذي ذكرناه. وهو من تَعَجَّر، إذا تَعَقّد. قال:
مَخَضْتُ وَطْبِي فَرَغا وَجَرْجَرَا *** أخرج منه زَبَداً عَجَنْجَرَا
(العَثْجَل): الواسعُ الضَّخمُ من الأسقية والأوعية. قال:
* يسقي به ذاتَ فُرُوغٍ عَثْجَلا *
وهذا ممّا زيدت فيه العين، وإنما هو من الثَّجْلة. والأثْجَل: البطن الواسع.
(العَجْرَفِيَّة): جِفوةٌ في الكلام وخرق في العمل، وهذا منحوتٌ من شيئين: من جَرَفَ وعَجَر، كأنّه يَجرُف الكلامَ جَرْفاً في تعقّد. والعَجَر، التَّعَقُّد. يستعار هذا فيقال لحوادث الدَّهر: عجاريف. قال قيس:
لم تَنْسِني أُمَّ عمارٍ نوّىً قَذَفٌ *** ولا عَجَارِيفُ دهرٍ لا تُعَرِّيني([28])
أي لا تُخَلِّيني، وذلك أنَّها تجيء جارفة* في شدة.
(العُجْرَُم([29])): الغليظ، والميم فيه زائدة. الأصل الأعْجَر.
(العُلْجُوم): الظُّلْمةُ المتراكِمة. قال ذو الرمَّة:
أو مُزنَةٌ فارِقٌ يَجلو غَوارِبَها *** تَبَوُّجُ البَرْقِ والظلَّماءُ علجومُ([30])
وهذا مما زيدت فيه الميم، وإنما هو من اعتلاج الظُّلَمِ بعضها ببعض.
(العُطبُول): الوطيئة من النِّساء الممتلئة. قال:
فسِرْنا وخلَّفنَا هُبيرةَ بعدنا *** وقُدّامَهُ البيضُ الحِسَانُ العطابلُ
وهذا ممّا زيدت فيه الطاء، وإنما هو من عَبَالة الجِسم. وممكن أن يكون منحوتاً من عَطَل، فالعُطُل: الجِسم المجرَّد، كأنّه يقول: عُطُلُها عَبْلٌ. وهذا أجود.
(العَمَرَّس): الشَّرِس الخُلُق القويّ. وهذا ما زيدت فيه العين، وإنما هو من الشيء المرِس، وهو الشَّديد الفتل.
(العَتْرَسَة): الغلَبة [و] الأخذُ مِن فَوق. وجاء رجلٌ بغريم له إلى عمر فقال عمر: "أتُعَتْرِسُه"، أي تغضبه وتَقْهَرُه. و(العِتْرِيس) من الغيلان: الذكر. ومنه (العَنْتَريس) النّاقة الوثيقة، وقد يوصَف به الفَرَس. وقال:(4/294)
كلّ طِرْفٍ موثّقٍ عنتريسٍ *** مستطيل الأقرابِ والبُلعومِ([31])
العنتريس: الدَّاهية. وهذا كلُّه مما زيدت فيه التاء، وإنما هو من عَرِس بالشّيء، إذا لازمَه. والنون أيضاً زائدة في العنتريس.
(العَنْتَر): الشُّجاع. وهذا مما زيدت فيه النون، والأصل العتر، من عَتَرَ الرُّمح. وسمِّي الشُّجاع بذلك لسُرعته إلى اللِّقاء وكثرة حركاته فيه.
(العَنْبَس): من أسماء الأسد. قال الخليل: إذا نعتَّه قلت عَنْبَسٌ وعُنابِس، وإذا خَصَصته باسمٍ قلت عَنْبَسةُ، لم تذكر الأسد. وهذا مما زِيدت فيه النُّون، وهو فَنْعَل من العُبُوس.
(العَمَلَّس): الذِّئب الخبيث. يقال عَمَلَّسُ دَلَجَات. قال الطِّرِمَّاح:
يُوَدِّع في الأمراس كلَّ عَمَلَّسٍ *** من المُطعمات الصيد ذات الشواحِنِ([32])
وهذا مما زيدت فيه اللام. وممكن أن يكون من كلمتين: من عمل، وعمس. تقول: هو عَمُولٌ عَمُوس: يركب رأسَه ويمضي فيما يعمله([33]) .
(عِرْمِس): اسمٌ للصَّخرةِ، وبه سمِّيَت النّاقة الصُّلْبة. قال:
* وجْناء مُجْمَرة المناسم عِرْمِس([34]) *
وهذا مما زيدت فيه الميم، والأصل عرس، وقد شبِّهَت بعَرْس البناء.
(العَنْسَلُ): النَّاقة السَّريعة الوثيقة الخَلْق. وهذا من كلمتين: من عَنَس ونَسَل، فعَنَس من قُوَّةِ خَلْقها، سمِّيت بالعَنْس، وهي الصَّخْرة. ونَسَل في السُّرعة والذَّهاب.
(عِرْبِسٌ) و(عَرْبَسِيسٌ): متنٌ مستوٍ من الأرض. قال العجّاج:
* وعرْبِس منها بسيرٍ وَهْسِ([35]) *
وقال الطّرِمّاح:
تُوَاكِلُ عَرْبَسِيسَ الأرض مَرْتاً *** كظَهْرِ السَّيْح مُطَّرِدَ المتُونِ([36])
وهذا مما زيدت فيه الباء، وإنما هو من المُعَرَّس، أي إنّه مستوٍ سهلٌ للتعريس فيه.
(العُبْسُورة) و(العُبْسُرة ([37])): النَّاقة السريعة. قال:
لقد أُرانِيَ والأيام تعجبُني *** والمفْقِرات بها الْخُور العَبَاسِيرُ(4/295)
والسين في ذلك زائدة، وإنما هو من ناقة عُبْر أسفار. وقد مرَّ تفسيره. يوم(عَمَرَّسٌ) : شديدٌ ذو شَرٍّ، قال الأرَيقِط:
* عَمَرَّس يَكْلَحُ عن أنيابِهْ *
وهذا منحوتٌ من يومٌ عَمَاسٌ: شديد. ومن المرس: الشيء الشديد الفتْل، وقد فُسّرا([38]) .
(عُمْروس): الحَمَلُ إذا بلغ النَّزْو. وهذا مما زيدت فيه الميم، وهو من عرِس بالشَّيء: لازَمَه وأُولع به. وممكن أن تكون منحوتةً من عَرِس ومَرِس، لأنّه يتمرَّس بالإناث ويَعْرَسُ بها.
(اعْرَنْزَمَتْ) الأرنبةُ واللِّهْزِمة، إذا ضخُمت واشتدَّت. قال:
لقد أُوقِدَت نارُ الشّرَورَى بأرؤسٍ *** عِظام اللِّحَى مُعْرَنْزِمَاتِ اللَّهازِمِ([39])
وهذا منحوت من عرَزَ، ورَزَم. أمَّا رَزَم فاجتمَعَ، ومنه سمِّيت رِزْمَةُ الثياب، قد ذكرناها. وأمَّا عَرَزَ فمن عَرَزَ، إذا تقبَّض وتجمَّع.
(العَمَلَّطُ): الشَّدِيد من الرِّجال وكذلك من الإبل. وقال:
* أمَا رأيتَ الرَّجلَ العَمَلَّطَا([40]) *
وهذا مما زيدت فيه العين، وإنما هو من المِلْط وقد ذُكِر في بابه.
(العِرْزَال): ما يجمعه الأسدُ في مأواه من شيءٍ* يمهِّدُ لأشباله، كالعُشّ. وعِرْزَال الصَّياد: أهدامُه وخِرقُها التي يمْتَهِدُها ويضطجع عليها في القُتْرَة. قال:
* ما إنْ يَنِي يَفْتَرِشُ العَرازِلا([41]) *
ويقال العِرزَال: ما يُجْمَعُ من القَدِيد في قُتْرَته. وهذا منحوت من كلمتين: من عَزَلَ وعرَزَ، يعزِله ويَعْرِزه أي يجمعه، كما قلت أعْرَزَ، إذ تقبَّضَ وتَجمَّع.
(العُصْفُر): نبات. وهذا إن كان معرَّباً فلا قياسَ له، وإنْ كان عربياً فمنحوتٌ من عَصَر وصَفر، يراد به عُصارته وصُفْرته.
(العُصْفور): طائرٌ ذكر، العين فيه زائدة، وإنّما [هو] من الصَّفير الذي يَصْفره في صَوته. وما كان بعدَ هذا فكلُّه استعارةٌ وتشبيه. فالعُصْفور: الشمراخُ السّائل من غُرَّة الفرس. والعُصْفُور: قِطعةٌ من الدِّماغ. قال:(4/296)
* عن أُمِّ فَرْخ الرَّأس أو عُصفورِه([42]) *
والعُصفور في الهَوْدج: خشبةٌ تجمع أطراف خشباتٍ فيه، والجمع عصافير.
قال الطِّرِمَّاح:
* كلَّ مَشكوكٍ عصافيرُهُ([43]) *
(العِرْصاف): العَقَب المستطيل. والعَراصيف: أوتادٌ تَجْمع رؤوسَ أحناءِ الرّحْل. وهذا ممّا زيدت فيه العين، وإنَّما هو من رَصَفْتُ، ومن الرِّصاف، وهو العَقَب، وقد مرَّ.
(العَرْصَم): الرّجُل القويُّ الشَّديد البَضْعة. وهذا من العَرَص، وهو النَّشاط. ويقال العِرْصَمّ. وقياسه واحد.
(العُنْصر): أصل الحَسَب، وهذا ممّا زيدت فيه النون، وهو في الأصل العَصَر، وهو الملجأ، وقد فسَّرناه، لأنَّ كلا يئل في الانتساب إلى أصله الذي هو منه.
(العِنْفِص): المرأة القليلة([44]) ، ويقال هي الخَبِيثة الدَّاعرة. قال الأعشى:
ليستْ بسوداءَ ولا عِنْفِصٍ *** تُسَارِق الطَرْفَ إلى داعِرِ([45])
وهذا القول الثَّاني أقْيَس، وهو من عَفَصْتُ الشَّيءَ، إذا لوَيْتَه، كأنَّها عوجاء الخُلُق وتميل إلى ذَوِي الدَّعارة.
(العَصْلَبيُّ): الشَّديد الباقي. قال:
* قد ضّمَّها اللَّيلُ بعَصْلَبيِّ([46]) *
وهو منحوتٌ من ثلاث كلمات: من عَصَب، ومن صَلَب، ومن عَصَل وكلُّ ذلك من قوّة الشيء، وقد مرَّ تفسيرُه. وقد أومأ الخليل إلى بعضِ ما قلْناه. فقال: عَصْلبتُه: شِدَّة عَصَبِه([47]) .
(العَمَيْثل): الضَّخْم الثَّقيل. والعَميثل: كل شيءٍ فيه إبطاء. وامرأة عَمَيثَلَة: ضخمةٌ ثقيلة. قال أبو النَّجْم:
* ليس بمُلْتاثٍ ولا عَمَيْثلِ([48]) *
وهذا ممّا زيدت فيه الميم. والأصل عَثَل. والعثْوَلّ: البطيء الثَّقيل. وقد مرّ.
(العَرَنْدَد): الصُّلْب من كلِّ شيء. قال:
* تَدارَكْتُها رَكْضاً بسيرٍ عَرَنْددِ *
وهذا ممّا زيدت فيه النُّون، وضُوعفت الدّالُ لزيادة المعنى. والأصل العُرُدُّ، وهو القويُّ، وقد مرَّ.
(العُنَابِل): الوتَر الغَليظ. قال:
* والقوسُ فيها وَتَرٌ عُنابِلُ([49]) *(4/297)
وهذا منحوتٌ من عَنَبَ وعَبَل، وكلاهما يدلُّ على امتدادٍ وشدّة.
(اليَعْفُور): الخِشْف. قال الخليل: سمِّي بذلك لكثرة لُزوقِه بالأرض. قال:
تَقْطَعُ القومَ إلى أرحُلِنا *** آخِرَ اللَّيل بيَعفورٍ خَدِرْ([50])
وهذا مما زيدت الياء في أوّله، وإنّما هو من العَفَر، وهو وجْهُ الأرض والتراب.
(العَمَرَّط): الجَسُور الشَّديد. [و] يقال (عَمَرَّد)، وهذا من العُرُدّ، وهو الشَّديد، والميمُ زائدة، والطاء بدلٌ من الدال.
(العَقَنْباة): الدَّاهية من العِقْبان، والجمع عَقَنْبَيَات. وهذا ممّا زيدت فيه الزوائد تهويلاً وتفخيماً. وهو أيضاً مما يوضِّح ذلك الطَّريق الذي سَلكناه في هذه المُقايَسات، لأنَّ أحداً لا يشكُّ في أنَّ عَقَنْبَاة إنَّما أصلها عُقَاب، لكن زيد فيه لِما ذكرناه. فافهَمْ ذلك.
(عَنْقَفير): الدَّاهية. وهذا مما هُوِّل أيضاً بالزِّيادة. يقولون للدَّاهية عَنْقاء، ثمَّ يزيدون هذه الزِّياداتِ كما قد كرَّرنا القول فيه غيرَ مرّة.
(عَلْطَمِيسٌ): جاريةٌ تارَّة([51]) حسَنَة القَوَام. وناقةٌ عَلطَميس: شديدةٌ ضَخْمة. والأصل في هذا عَيْطَمُوسٌ واللام بدل من الياء، والياء بدل من* الواو. وكلُّ ما زاد على العَين والطّاء في هذا فهو زائد، وأصله العَيْطاء: الطَّويلة، والطَّويلة العُنق.
(عَرَنْدَسٌ): شديد. كلُّ ما زاد فيه على العين والراء والدال فهو زائد، وأصلُه عُرُدّ، وهو الشَّديد، وقد ذكرناه.
(عَرَمْرَمٌ): الجيشُ الكثير. وهذا واضحٌ لمن تأمَّلَه فَعَلِمَ أنَّ ما زاد فيه على العين والراء والميم فهو زائد. وإنّما زِيد فيه ما ذكرناه تفخيماً، وإلاَّ فالأصل فيه العُرَامُ والعَرِم.
(عَنْجَرِدٌ([52])): المرأة الجريئة السَّليطة. وهذا معناه أنّها تتجرد للشَّرّ. العين والنون زائدة.
( تم كتاب العين )
ـــــــــــــــــــ
([1]) البيت للأخطل كما في اللسان (حنكل) وليس في ديوانه. وأنشده في (علهج) بدون نسبة.(4/298)
([2]) في الأصل: "يريدون".
([3]) موضع هذا البيت بياض في الأصل، وإثباته من اللسان (عزهل). وفي الديوان 82:
حتى استغاثت بجون فوقه حبك *** تدعو هديلاً به الورق المثاكيل
([4]) المخصص (7: 84) واللسان (عبهل) بدون نسبة. وفي (عهل) بنسبته لأبي وجزة: * عياهل عيهلها الذواد *
([5]) الرجز لغيلان، كما أسلفت في حواشي (عذم).
([6]) ديوان الأعشى 104. وأنشده في اللسان (عبهر) بدون نسبة. وفي الديوان: "بلاخية" تحريف، وفيه أيضاً: "الطاهر" بالطاء المهملة. ورواية اللسان تطابق رواية المقاييس.
([7]) ديوان جرير 347 برواية: "رأوا قعس الظهور بنات تيم". وفي اللسان بدون نسبة: * إذا قعست ظهور بنات تيم *
والبيت من قصيدة له يهجو فيها التيم والفرزدق، أولها:
أتنسى يوم حومل والدخول *** وموقفنا على الطلل المحيل
([8]) يقال أيضاً: "عسلق" وزان عملس.
([9]) أنشده في اللسان (عرقب).
([10]) أي يقرصهم بلسانه. ومنه القارصة: الكلمة المؤذية.
([11]) وزان جعفر وعملس.
([12]) ويقال أيضاً: "عضنك" بطرح الهاء.
([13]) ديوان العجاج 32 واللسان (عركس).
([14]) التكملة من اللسان.
([15]) أنشده في اللسان (علكد) وكذا ضبط في اللسان، وقال: "شدد اللام اضطراراً قال: ومنهم من يشدد اللام". ويصح أن يقرأ: "عِلَّكْدَا"، وهي إحدى لغاته.
([16]) وردت هذه الكلمة وتفسيرها في القاموس، ولم ترد في اللسان.
([17]) في الأصل: "فيه ظاهر".
([18]) أنشده في اللسان (حجر، قطر، علكم). وأنشد صدره في (جرش). وقد مضى إنشاده في (حجر) وصدره: * بكرت به جرشية مقطورة *
([19]) في الأصل: "وسمي الأمعاء" تحريف.
([20]) العجلد، بوزن علبط. ويقال أيضاً "عجالد". ومن لغاته أيضاً "العكلد" بوزنه، و"العلكد" بتقديم اللام، كما في اللسان والقاموس. وفي الأصل هنا "العلجد"، تحريف.
([21]) في الأصل: "عنعطط"، تحريف.
([22]) أنشده في اللسان (عنشط).(4/299)
([23]) لعمرو بن كلثوم في اللسان (عشزن). وفي اللسان: "وولتهم".
([24]) في اللسان (عشزر): "وطعناً نافداً".
([25]) الرجز لجريّ الكاهلي. وهو مما أخطأ الجوهري في نسبته إلى العجاج. اللسان (عجنس).
([26]) في الأصل: "أخلف حين تخلف"، صوابه من اللسان (عنجرد، حمط)، وفيه: * كمثل شيطان الحمار أعرف *
([27]) هذه الكلمة مما فات اللسان. ووردت في القاموس (عجر)، قال: "والعجنجرة: المكتَّلة الخفيفة الروح".
([28]) أنشده في اللسان (عجرف) بدون نسبة.
([29]) بفتح العين والراء وضمهما.
([30]) ديوان ذي الرمة 572 واللسان (فرق، علجم). والبيت في صفة ولد ظبية. وقبله:
كأنه دملج من فضة نبه *** في ملعب من عذارى الحي مفصوم
([31]) البيت لأبي دواد الإيادي، كما في اللسان (عترس).
([32]) ديوان الطرماح 171، واللسان (عملس، مرس، ودع، شجن، شحن). ورواية اللسان في الموضع الأول: "يوزع"، وفسره بقوله: "يكف ويقال يغري" وهذه رواية الديوان أيضاً، وفي سائر المواضع من اللسان: "يودع" وفسره في (ودع) بقوله: "أي يقلدها ودع الأمراس". ورواه في (شجن): "الشواجن" وفسره بقوله: إنما يريد أنهن لا يحزن مرسليها وأصحابها لخيبتها من الصيد، بل يصدنه ما شاء". وفي سائر المواضع: "الشواحن"، وفسرها في (شحن) بأن "الشاحن من الكلاب الذي يبعد الطريد ولا يصيد".
([33]) في الأصل: "فيها يعمله". وفي شرح الديوان: "ويروى: الشواجن. وأظنه تصحيفاً".
([34]) مجمرة: مجتمعة صلبة شديدة. والمناسم: جمع منسم، وهو طرف خف البعير. وفي الأصل: "المنامس"، تحريف.
([35]) كذا، ويبدو أنه استشهاد برواية محرفة، وروايته في الديوان 78:
* وعر نساميها بسير وهس *
([36]) ديوان الطرماح 178 واللسان (عربس). ورواية الديوان واللسان: "تراكل" بالراء.
([37]) في القاموس "العبسور" و"العبسر" بطرح التاء. وذكر في اللسان: "العبسور" فقط.(4/300)
([38]) في الأصل: "ومن المرس الذي شديد النقل". ولم يسبق تفسير لكلمة "المرس" في (مرس)، وإنما فسرت قريباً في ص366 س 2.
([39]) الشرورى: موضع في أرض بني سليم.
([40]) لنجاد الخيبري، كما في اللسان (عملط). وبعده:
يأكل لحماً بائتاً قد ثعطا *** أكثر منه الأكل حتى خرطا
فأكثر المذبوب منه الضرطا *** فظل يبكي جزعاً وفطفطا
([41]) في الأصل: "ما إن بنى يفترس"، تحريف.
([42]) قبله في اللسان (عصفر): * ضربا يزيل الهام عن سريره *
([43]) عجزه كما في الديوان 100 واللسان (عصفر، دمم):
* قانئ اللون حديث الدمام *
ووردت كلمة "الدمام" في الموضع الأول من اللسان محرفة، وصوابها في الموضع الثاني والديوان. قال شارح الديوان: "الدمام من قولهم دمه، أي لطخه بالحمرة حتى يصير كلون الدم".
([44]) كذا في الأصل. ومن معانيه "القليلة الجسم"، و"القليلة الحياء"، وفي المجمل: "العنفص: المرأة الداعرة". فلعله أراد: "القليلة الحياء".
([45]) ديوان الأعشى 104 برواية: * داعرة تدنو إلى الداعر *
([46]) مما تمثل به الحجاج في خطبته. انظر البيان (2: 308). وأنشده في اللسان (عصلب). برواية: "قد حسها".
([47]) في اللسان (عصلب): "شدة غضبه"، وما هنا صوابه.
([48]) انظر اللسان (عمثل) و(أم الرجز) المنشورة بمجلة المجمع العلمي بدمشق (العدد الثامن) بتطبيق السيد بهجة الأثري.
([49]) من رجز لعاصم بن ثابت الأنصاري الصحابي، ويعرف بابن أبي الأقلح. انظر اللسان (عنبل) ووقعة صفين 461.
([50]) البيت لطرفة في ديوانه 63 برواية: "زارت البيد إلى أرحلنا". وسبق البيت بنسبته في (خدر) برواية: "جازت الليل". وفي اللسان (خدر): "جازت البيد".
([51]) التارة: السمينة البضة. وفي الأصل: "البارة"، تحريف.
([52]) سبقت هذه الكلمة مع "العجرد" في ص364. ...
كتاب الغين:
ـ (باب الغين وما معها في المضاعف والمطابق([1]))(4/301)
(غف) الغين والفاء كلمةٌ واحدةٌ لا تتفرّع، وهي البُلْغة، ويقال له غُفَّة من العَيش. قال:
* وغُفّةٌ من قِوَام العَيش تَكفِينِي([2]) *
واغتفَّتِ الخيلُ غُفَّة من الرَّبيع، إذا أصابت منه شِبَعاً ولم تستكثِرْ. قال:
وكنَّا إذا ما اغتفَّت الخيلُ غُفَّةً *** تجرَّد طَلاَّبُ التِّراتِ مُطَلَّبُ([3])
(غق) الغين والقاف ليس بشيء، إنَّما يحكى به الصَّوْتُ يَغْلي، يقال غَقَّ.
(غل) الغين واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تخلل شيءٍ، وثباتِ شيء، كالشيء يُغْرَزُ. من ذلك قول العرب: غَلَلْتُ الشَّيء في الشّيء، إذا أثبتَّه فيه، كأنه غَرزْتَه. قال:
وعينٌ لها حَدْرةٌ بَدْرَةٌ *** إلى حاجبٍ غُلّ فيه الشُّفُر([4])
والغُلّة والغَليل: العَطَش. وقيل ذلك لأنَّه كالشَّيء ينْغلُّ في الجَوف بحرارة. يقال بَعيرٌ غَلاَّنُ، أي ظَمْآن. والغَلَل: الماء الجاري بين الشَّجر.
ومنه الغُلول في الغُنم([5]) ، وهو أن يخفَى الشَّيء فلا يردَّ إلى القَسْم، كأنَّ صاحبَه قد غَلّه بين ثيابِه.
ومن الباب الغِلُّ، وهو الضِّغْن ينْغَلُّ في الصَّدر.
فأمَّا قول النبي عليه السلام "لا إغْلالَ ولا إسلال" فالإغلال: الخيانة، والقياس فيه واضحٌ. قال النَّمِر([6]) :
جزى الله عنا جمرة ابنةَ نوفلٍ *** جزاءَ مُغِلٍّ بالأمانة كاذبِ([7])
وأمّا الحديث: "ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهنَّ قلبُ مُؤْمن" فمَنْ قال "لا يُغِلّ" فهو من الإغلال، وهو الخيانة. ومن قال "لا يَغِلّ" فهو من الغِلّ والضِّغن.
ومن الباب الغُلاَّنُ: الأوديةُ الغامضة، واحدها غَالٌّ، وذلك أنَّ سالكَها يَنْغَلُّ فيها. والغِلالَة: شِعارٌ يُلبَس تحت الثُّوب، وبطانةٌ تُلبَس تحت الدِّرع.
ومن الباب الغُلّة، وهو الفِدامُ يكونُ على رأس الإبريق، والجمع غُلَل. قال لَبيد:
لها غُلَلٌ من رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ *** بأيمانِ عُجْمٍ يَنْصُفُون المَقاولا([8])(4/302)
والغَلغلة: سُرعة السَّير. ورسالةٌ مُغَلغَلة: محمولةٌ من بلدٍ إلى بلد. وهو القياس، لأنّها تتخلّل البلاد وتنغلُّ فيها. قال:
أبلِغْ أبا مالكٍ عنِّي مُغَلْغَلَةً *** وفي العتابِ حياة بين أقوامِ([9])
ومن الباب الغَليل: النَّوَى يُغَلّ في القَتّ يُخلَطُ به ، تُعلَفُه الإبل. قال:
سُلاّءةٌ كعصا النَّهدِيِّ غُلَّ لها *** [ذو فيئةٍ] من نَوَى قُرَّانَ معجومُ([10])
(غم) الغين والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تغطية وإطباق. تقول: غَمَمت الشَّيءَ أغُمُّه، أي غطَّيته. والغَمَمُ: أن يُغطِّي الشَّعر القفا والجبهَة في بنائِه. يقال: رجلٌ أغمُّ وجبهةٌ غماء. قال:
فلا تَنكحِي إنْ فرَّقَ الدّهرُ بيننا *** أغمَّ القفا والوجهِ ليس بأنْزعا([11])
ومن الباب: الغمام: جمع غَمامةٍ. وقياسُه واضح. ومنه الغِمامةُ، وهي الخِرقة تُشَدُّ على أنف الناقة شدّاً كي لا تجدَ الرِّيح. قال قومٌ: كلُّ ما سدَّ الأنف فهو غِمامة. وغُمَّ الهلالُ، إذا لم يُرَ. وفي الحديث: "فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له". أي غُطيَ الهلال. ويقال: يومٌ غَمٌّ وليلة غمّة، إذا كانا مظلِمَين. وغمَّهُ الأمرُ يغَمُّه غمَّاً، وهو شيء يَغْشى القلب، معروف. وأما الغَمغمة فهي أصواتُ الثِّيران عند الذُّعر، والأبطالِ *عند الوغى. وقد قلنا إنّ هذه الحكاياتِ لا تكاد يكون لها قياس.
(غن) الغين والنون أُصيلٌ صحيح، وهو يدلُّ على صوتٍ كأنه غير مفهوم، إمَّا لاختلاطِه، وإما لعلّةٍ تصاحبه. من ذلك قولُهم: قريةٌ غَنّاء، يراد بذلك تجمُّع أصواتهم واختلاطُ جَلبتهم. ووادٍ أغَنُّ: ملتَفُّ النَّبات، فتَرى الرِّيح تجري فيه ولها غُنَّة؛ ويكون ذلك من كَثرة ذُبابه. ومنه الغُنَّة في الرَّجُل الأغنِّ، وهو خروجُ كلامِهِ كأنّه بأنفه.(4/303)
(غي) الغين والياء المشدّدة أو المضاعفة أصلٌ صحيح يدلُّ على إظلالِ الشَّيء لغيره([12]) . وفي الحديث: "تجيء البقرةُ وآلُ عمران يومَ القيامة كأنَّهما غمامتانِ –أو غيايَتان". والجمع غَيايات. قال لبيد:
فتَدلَّيتُ عليه قافلاً *** وعلى الأرض غياياتُ الطَّفَلْ([13])
(غب) الغين والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على زمانٍ وفَترةٍ فيه. من ذلك الغِبُّ، هو أن تَرِدَ الإِبلُ يوماً وتدعَ يوماً. والمغبَّبة: الشاة تُحلَب يوماً وتُتركُ يوماً. وأغبَبْتُ الزِّيارة من الغِبِّ أيضاً. ومنه أيضاً قولُهم: غبَّبَ في الأمر إذا لم يُبالِغْ فيه، كأنَّه زِيدَتْ([14]) فترة أوقعَهَا فيه.
ومن الباب قولهم: "رُوَيْدَ الشِّعْرِ يَغُبّ"، وذلك أن يُتركَ إنشادُه حتَّى يأتيَ عليه وقت. ويقولون: غَبَّ الأمرُ، إذا بلغ آخِرَه([15]). ولحمٌ غابٌّ، إذا لم يُؤكَلْ لوَقْتِه، بل تُرِك وقتاً وفَتْرةً.
(غت) الغين والتاء ليس بشيء، إنّما هو إبدال تاء من طاء. تقول: غَطَطْتُه وغَتَتُّه. ومنه شَيءٌ يجرِي مَجرى الحِكاية. يقال غَتَّ في الضَّحِك، إذا ضَحِك في خفاءٍ. وغَتَّ: أَتْبَعَ القولَ القولَ، أو الشُّربَ الشُّرب.
(غث) الغين والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَسادٍ في الشَّيء. من ذلك قولُهم: لبِسْتُ فلاناً على غَثيثةٍ فيه، أي فَسادِ عقلٍ ورأي. والغَثيثة: المِدَّة في الجُرح. ومن ذلك اللَّحم الغَثُّ: ليس بالسّمين. ويقولون: أغَثَّ الحَدِيثُ، أي صار غثَّاً فاسداً. قال:
خَوْد يُغِثُّ الحديثُ ما صَمَتَتْ *** وهو بفيها ذو لَذةٍ طَرِفُ([16])
ويقال: فلانٌ لا يَغِثُّ عليه شيء، أي لا يمتنع من شيء، حتَّى الغثُّ عندَه سمين.
وأمّا الغَثغَثَة فتجري مَجرى الحكاية، يقال: غَثْغَثْتُ الثُّوبَ، إذا غسلتَه وردَّدْتَه في يديك. ويقال: إنَّ الغَثْغَثَة: القِتالُ الضَّعيف بلا سلاح، شُبِّه بغَثْغثة الثَّوب حين يُغْسَل.(4/304)
(غد) الغين والدال كلمةٌ، وهي الغُدَّة في اللّحم، معروفة.
قال الرّاجز:
* فهَبْ له حليلةً مِغدَادَا([17]) *
قالوا: هي الدَّائمة الغَضَب، كأنَّ في حَلْقها غدّة.
(غذ) الغين والذال كلمةٌ، وهي إغذاذ السَّير. وذلك ألا يكونَ فيه ونْيَةٌ ولا فَتْرَة. ومنه: غَذَّ الجُرْحُ وأغذَّ، إذا بَرَأَ ولم يسكُنْ نَداه، فهو يَنْدَى أبداً.
(غر) الغين والراء أصولٌ ثلاثةٌ صحيحة: الأوّل المِثال، والثاني النقصان، والثالث العِتْق والبيَاضُ والكرَم.
فالأوّل: الغِرار: المِثال الذي يُطبَع عليه السِّهام. ويقال: وَلَدَتْ فلانة أولادَها على غرار واحد، أي جاءت بهم واحداً بعد واحدٍ على مِثال واحد. وأصل
هذا الغُرُّ، وهو الكَسْرُ في الثَّوب. يقال: اطوِ الثَّوْبَ على غَرِّهِ، أي كَسرهِ ومِثالِه الأوَّل. والغُرَّة: سُنَّة الإنسان، وهي وجهه، ثم يعبَّر عن الجسم كلِّه به. من ذلك: "في الجنين غُرَّةٌ: عبد أو أمةٌ"، أي عليه في دِيتَه نَسَمَةٌ: عبدٌ أو أمة. قال:
كلُّ قتيلٍ في كُليبٍ غرَّهْ *** حتَّى يَنال القتلَُ آلُِ مُرَّهْ([18])
ومن الباب: الغَرِير، وهو الضَّمين، يقال: أنا غريرُك من فلانٍ، أي كفيلُك. وإنما سمِّيَ غريراً لأنّه مِثَالُ المضمونِ عنه، يؤخذ بالمال مثلَ ما يؤخذ المضمون عنه. ومحتملٌ أن يكون غِرَارُ السَّيف، وهو حدُّه، من هذا. وكلُّ شيء له حَدٌّ فَحَدُّه غِرَارٌ؛ لأنه شيء إليه انتهى طَبْعُ السَّيف ومثالُه.
وأمَّا النقصان *فيقال: غارّت النّاقةُ تُغارُّ غِراراً، إذا نَقَصَ لبنُها. وفي الحديث: "لا غِرارَ في صلاةٍ ولا تسليم". فالغِرار في الصَّلاة: ألاَّ يتمَّ ركوعَها أو سجودَها. والغِرار في السَّلام: أن يقول السَّلام عليك، أو يرُدَّ فيقول: وعليك. ومنه الغِرار، وهو النَّوم القَليل. قال الشاعر([19]) :
إنَّ الرَّزِيَّةَ من ثقيفٍ هالكٌ *** تَركَ العُيونَ فنومُهُنَّ غِرَارُ([20])
وقال جرير:(4/305)
ما بالُ نومِك في الفِراش غِرارا *** لو كان قلبُك يستطيع لطارا([21])
ومن الباب: بيع الغَرَر، وهو الخَطَر الذي لا يُدْرَى أيكون أم لا، كبيع العبدِ الآبِق، والطّائرِ في الهواء. فهذا ناقصٌ لا يتمُّ البيع فيه أبداً. وغَرَّ الطائرُ فرخَه، إذا زَقَّه، وذلك لقلّته ونُقصانِ ما معه.
والأصل الثالث: الغُرَّة. وغرَّة كلِّ شيءٍ: أكرمُه. والغُرّة: البياض. وكل أبيضَ أغرُّ. ويقال لثلاثِ ليالٍ من أوّل الشهر غُرّة.
ومن الباب: الغَرِير، وهو الخُلُق الحَسَن. يقولون للشيخ: أدبَرَ غَريرهُ وأقبَلَ هريرُه.
ومما يقارب هذا: الغَرارة، وهي كالغَفْلة، وذلك أنَّها من كَرَم الخلُق، قد تكون في كلِّ كريم. فأمَّا المذموم من ذلك فهو من الأصل الذي قَبلَ هذا؛ لأنّه من نقصان الفِطْنة.
ومما شذَّ عن هذه الأصول إن صحَّ، شيء ذكره الشَّيبانيُّ: أنّ الغِرْغِر: دَجاج الحَبَش، واحدتها غِرْغرة. وأنشد:
ألُفُّهمُ بالسَّيف من كلِّ جانبٍ *** كما لفّتِ العِقبانُ حِجْلَى وغِرْغِرا([22])
(غز) الغين والزاء ليس فيها شيء. وغَزَّةُ: بلدٌ.
(غس) الغين والسين ليس فيه إلاّ قولُهم: رجل غُسٌّ، إذا كان ضعيفاً. ومنه قول أوس:
مُخَلَّفُونَ ويَقضِي الناسُ أمرَهُم *** غُسُّو الأمانةِ صُنْبُورٌ فصنبورُ([23])
(غش) الغين والشين أصولٌ تدلُّ على ضّعفٍ في الشيء واستعجال([24]) فيه. من ذلك الغِشُّ. ويقولون: [الغِشُّ: أ] لاّ تمحَضَ النصيحة([25]) . وشُربٌ غِشاشٌ: قليل. وما نامَ إلاّ غِشاشاً، أي قليلاً، ولقيتُه غِشاشاً، وذلك عند مُغَيْربان الشَّمس.
(غص) الغين والصاد ليس فيه إلاَّ الغَصَص بالطَّعام، ويقال رجلٌ غَصَّانُ. قال:
لو بِغَيْرِ الماءِ حلقي شَرِقٌ *** كنت كالغَصَّانِ بالماء اعتصارِي([26])
(غض) الغين والضاد أصلانِ صحيحانِ، يدلُّ أحدُهما على كفٍّ ونَقْص، والآخر على طراوة.(4/306)
فالأوّل الغَضّ: غضُّ البصر. وكلُّ شيءٍ كففتَه فقد غَضَضْته. ومنه قولهم: تلحقُه في ذلك غَضَاضةٌ، أي أمر يَغُضُّ له بصرَه. والغَضْغَضة: النُّقْصان. وفي الحديث: "لقد مرَّ من الدُّنيا بِبطنته لم يُغَضْغَض([27]) ". ويقولون: هو بحرٌ لا يُغَضْغَض. وغَضْغَضْت السِّقَاءَ: نقصتُه. وكذلك الحقّ.
والأصل الآخر: الغَضُّ: الطريُّ من كلِّ شيء. ويقال للطَّلْع حين يطلُعُ: غَضيض.
(غط) الغين والطاء أُصيلٌ صحيح فيه معنيان: أحدُهما صوتٌ، والآخر وقتٌ من الأوقات.
فالأوّل: غطِيط الإنسانِ في نَومه. ومنه الغَطاط، وهي القَطا، سمِّيت لصوتها غَطاطاً. قال:
فأثار فارِطُهم غَطَاطاً جُثَّماً *** أصواتُه كتَرَاطُنِ الفُرْسِ([28])
والأصل الآخر الغُطَاط، قال قومٌ: هو الصُّبح. وأنشدوا:
* قام إلى حمراءَ في الغطَاطِ([29]) *
وقال آخرون: هو سَدَف الظلام. وقالوا في بيتِ ابن أحمر([30]) :
* أُولَى الوَعَاوِعِ كالغُطاط المقْبلِ([31]) *
من فَتَحَ شبَّههم بالقَطَا، ومن ضمَّ فإنّه شبَّههم بسواد السّدَف كثرة. وأمَّا غَطَطْتُه في الماء فممكنٌ أن يكون ذلك الصَّوْت الذي يكون من الماء عندها، وممكنٌ أن يكون من سَدَف الظّلام، كأنّه سترتَه بالماء وغطّيته.
ـــــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "باب الغين والفاء وما يثلثهما"، وهي غفلة من الناسخ، وأثبت مألوف عبارة ابن فارس في مثل ذلك.
([2]) لثابت قطنة، كما في تهذيب إصلاح المنطق للتبريزي 50. وحماسة البحتري 202. وصدره كما في إصلاح المنطق 50 واللسان (غفف):
* لا خير في طمع يدني إلى طبع * وفي الحماسة: "يدنى لمنقصة".
([3]) لطفيل الغنوي في ديوانه 26 واللسان (غفف). وفي الأصل: "التراب"، صوابه فيهما.
([4]) لامرئ القيس في ديوانه 16. وعجزه في الديوان: "فشقت مآقيهما من أخر"، وتطابقه رواية اللسان (حدر، بدر)، لكن فيها (شقت) بالخرم.
([5]) في المجمل: "في المغنم".(4/307)
([6]) في الأصل: "النمري"، تحريف. وهو النمر بن تولب بن أقيش بن عبد كعب بن عوف بن الحارث بن عوف بن وائل بن قيس بن عكل بن عبد مناف. الأغاني (19: 157). والبيت التالي منسوب إليه في الأغاني (159: 19) وإصلاح المنطق 295 واللسان (غلل) والحيوان (1: 15).
([7]) في اللسان والحيوان: "حمزة ابنة نوفل"، وصوابه بالجيم والراء، كما في سائر المصادر.
([8]) ديوان لبيد 22 طبع 1881 واللسان (غلل، رزق، نصف).
([9]) البيت لهمام الرقاشي في البيان (2: 316/ 4: 85). وأنشده في اللسان (غلل) بدون نسبة مطابقاً في الرواية. ورواية الجاحظ: "أبلغ أبا مسمع".
([10]) البيت لعلقمة بن عبدة الفحل في ديوانه 131 والحيوان (2: 236). والبيان (3: 120). والمفضليات (2: 204). واللسان (سلأ، غلل، فيأ، قرر، عجم). والتكملة موضعها بياض في الأصل. وقد أكملت هذا النقص على الرواية المشهورة في البيت. ويروى بدلها: "منظم".
([11]) البيت لهدبة بن الخشرم في اللسان (نزع، غمم) والبيان (4: 10).
([12]) في الأصل: "كالغيرة".
([13]) سبق البيت في (أيي، طفل)، وروي في الموضع الأول: "وتاتيت".
([14]) في الأصل: "أربدت".
([15]) في اللسان: "صار إلى آخره".
([16]) لقيس بن الخطيم في ديوانه 17 ليبسك.
([17]) سبق البيت وتخريجه مع قرينين له في (حد).
([18]) الرجز لمهلهل، كما في الأغاني (4: 144). وأنشده في اللسان (غرر) بدون نسبة.
([19]) هو الفردزق يرثي الحجاج ديوانه 365 واللسان (غرر).
([20]) في الأصل: "ونومهن غرارا"، صوابه من الديوان. وفي اللسان: "فنومهن غرار".
([21]) ديوان جرير 226 برواية: "بالفراش غراراً لو أن قلبك يستطيع".
([22]) أنشده ثعلب في مجالسه 567 والإسكافي في مبادئ اللغة 202 وابن منظور في اللسان (غرر).(4/308)
([23]) ديوان أوس بن حجر 9 واللسان (صنبر، غشش) برواية: "غُشُّ الأمانة". وفي (غسس): "غُسّ" . ونبه في هذا الموضع الأخير على روايته بجمع المكسر: "غُشُّ" و "غُشَّ" بالنصب على الذم، وبجمع التصحيح "غُسّو الأمانة" بالرفع والإضافة، و "غُسِّي" بالنصب والإضافة لما بعده.
([24]) في الأصل: "واستفهام".
([25])في الأصل: "الضبحة"، وتصحيحه والتكملة قبله من المجمل.
([26]) لعدي بن زيد العبادي، في اللسان (عصر، غصص) والحيوان (5: 138، 593).
([27]) في اللسان: "ولما مات عبد الرحمن بن عوف قال عمرو بن العاص: هنيئاً لك يا ابن عوف، خرجت من الدنيا ببطنتك ولم يتغضغض منها شيء. قال الأزهري: ضرب البطنة مثلاً لوفور أجره الذي استوجبه بهجرته وجهاده مع النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يتلبس بشيء من ولاية ولا عمل ينقص أجوره التي وجبت له".
([28]) البيت لطرفة، كما في اللسان (غطط، رطن)، وليس في ديوانه. وقد مضى في (رطن).
([29]) أنشده في اللسان (غطط) برواية: "قام إلى أدماء". وبعده:
* يمشي بمثل قائم الفسطاط *
([30]) ومثل هذه النسبة أيضاً عند الجوهري. وخطأه ابن بري، قال: هو لأبي كبير الهذلي وانظر ديوان الهذليين (2: 91).
([31]) صدره في ديوان الهذليين واللسان (غطط، وعع):
* لا يجفلون عن المضاف إذا رأوا * ...
ـ (باب الغين والفاء وما يثلثهما)
(غفق) الغين والفاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خِفّة وسُرعةٍ وتكريرٍ في الشيء، مع فَتَراتٍ تكون بين ذلك.(4/309)
من ذلك قولهم: غَفَقَ إبلَه، وذلك إذا أسرَعَ إيرادَها ثم كرَّرَ ذلك. ويقولون: ظلَّ يتَغَفَّقُ الشَّرَابَ، إذا جعَلَ يشربُه ساعةً بعدَ ساعةٍ. ويقال: غَفَقَ غَفْقَةً من اللَّيل([1]) ، إذا نامَ نومةً خفيفة. والغَفْق: المطر [ليس([2]) بـ] الشَّديد. ويقال غَفَقَه بالسَّوط غَفَقَاتٍ. والغَفْق: الهُجوم على الشَّيء من غير قصدٍ([3]) ، ويقال للآيب من غَيْبته فُجاءةً. وغَفَقَ الحِمارُ الأتانَ: أتاها مَرّةً بعد مرَّة.
(غفر) الغين والفاء والراء عُظْمُ بابِه السَّتْر، ثم يشِذُّ عنه ما يُذكر. فالغَفْر: السَّتر. والغُفْران والغَفْرُ بمعنَىً. يقال: غَفَر الله ذنبه غَفْراً ومَغفِرةً وغُفراناً. قال في الغَفْر:
في ظلِّ مَن عَنَتِ الوُجوهُ له *** مَلِكِ المُلوكِ ومالِكِ الغَفْرِ
ويقال: غَفِرَ الثَّوبُ، إذا ثارَ زِئبِرهُ. وهو من الباب، لأنَّ الزِّئبِر يُغطِّي وجهَ الثَّوب. والمِغْفَر معروف. والغِفارة: خِرقةٌ يَضَعها المُدَّهِنُ على هامَته. ويقال الغَفِير: الشَّعر السَّائل في القفا. وذُكر عن امرأةٍ من العرب أنَّها قالت لابنتها: "اغفِرِي غفيرَك"، تريد: غَطِّيه. والغَفِيرة: الغُفرانُ أيضاً. قال:
* يا قوم ليسَتْ فيهمُ غَفِيرَهْ([4]) *
ومما شَذَّ عن هذا: الغَُفْر: ولد الأُرويّة، وأمُّه مُغْفِرٌ. والغَفْر: النُّكْس في المَرَض. قال:
خليلَيَّ إنّ الدّارَ غَفْرٌ لذِي الهوى *** كما يَغْفِرُ المحمومُ أو صاحبُ الكَلْمِ([5])
فأمَّا المَغْفُور فشيءٌ يشبَّه بالصَّمغ يَخرُج من العُرْفُط.(4/310)
(غفل) الغين والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تَرك الشّيء سهواً، وربَّما كان عن عمدٍ. من ذلك: غَفَلتُ عن الشيء غَفلةً وغُفولاً، وذلك إذا تركتَه ساهياً. وأغفلْتُه، إذا تركْتَه على ذُكْرٍ منك له. ويقولون لكلِّ ما لا مَعْلَم له: غُفْلٌ، كأنَّه غُفِل عنه. فيقولون: أرضٌ غُفْلٌ: لا عَلَم بها. وناقَة غُفْلٌ: لا سِمَةَ عليها. ورجلٌ غُفْل: لم يجرِّب الأمور.
(غفو/ي) الغين والفاء والحرف المعتل أُصَيل كأنَّه يدلُّ على مِثل ما دلَّ عليه الأوّلُ من التَّرْك للشَّيء، إلاّ أنّ هذا يختصُّ بأنَّه جِنسٌ من النَّوم. من ذلك: أغفَى الرّجلُ من النَّوم يُغْفِي إغفاءً. والإغفاءةُ: المرّة الواحدة. قال:
فلو كنتَ ماءً كنتَ ماءَ غمامةٍ *** ولو كنت نوماً كنت إغفاءةَ الفجرِ
من ذلك الغَفْو([6]) ، وهي الزُّبْيَة، وذلك أنَّ السَّاقط فيها كأنَّه غَفَل وأغَفَى حتَّى سقط.
وممّا شذَّ عن هذا: الغَفَى، وهو الرُّذال من الشَّيء. يقال: أغفَى الطّعامُ: كثُر غَفاه، أي الرديُّ منه.
(غفص) الغين والفاء والصاد كلمةٌ واحدة. غافَصْتُ الرّجلَ: أخذْتُه على غِرّةٍ. والله أعلم بالصَّواب.
ــــــــــــــــــ
([1]) لم ترد في اللسان ووردت في القاموس، وزاد في اللسان والقاموس: غفق تغفيقاً، إذا نام وهو يسمع حديث القوم، أو نام في أرق.
([2]) التكملة من المجمل والقاموس. ولم ترد الكلمة بهذا المعنى في اللسان.
([3]) ذكره في القاموس ولم يقيد معناه بعدم القصد، ولم يذكر في اللسان.
([4]) الرّجز لصخر الغي كما في اللسان (غفر) وإصلاح المنطق 291.
([5]) البيت للمرار الفقعسي، كما في اللسان (غفر). وانظر إصلاح المنطق 144.
([6]) ويقال: "الغفوة" أيضاً، كما في اللسان. ...
ـ (باب الغين واللام وما يثلثهما)(4/311)
(غلم) الغين واللام والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَداثةٍ وهَيْجِ شهوة. من ذلك الغُلام، هو الطارُّ الشَّاربِ([1]) . وهو بيِّنُ الغُلومِيّة والغُلُومة، والجمع غِلْمةٌ وغِلْمان. ومن بابه: اغتَلَم الفَحلُ غُلمةً: هاج من شَهوة الضِّراب. والغيْلَم: الجارية الحَدَثة. والغَيْلَم: الشابُّ. والغَيْلَم: ذكر السَّلاحِف. وليس بعيداً أن يكون قياسُه قياسَ الباب.
(غلو/ي) الغين واللام والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ في الأمر يدلُّ على ارتفاع ومجاوَزةِ قَدْر. يقال: غَلاَ السِّعر يغلو غَلاءً، وذلك ارتفاعُه. وغَلاَ الرَّجلُ في الأمر غُلُوّاً، إذا جاوَزَ حدَّه. وغَلاَ بسَهْمِه غَلْوَاً، إذا رَمَى به سَهْماً أقصى غايتِه. قال:
* كالسَّهمِ أرسلَهُ من كفِّهِ الغالي([2]) *
وتَغالَى الرَّجُلان: تفاعَلاَ من ذلك. وكلُّ مَرْماةٍ عند ذلك غَلْوَة. وغَلَت الدّابّةُ في سَيرها غَلْوَاً، واغتلت اغتلاء، وغالت *غِلاء. وفي أمثالهم: "جَرْيُ المذَكِّياتِ غِلاءٌ([3]) ". وتَغالَى النَّبتُ: ارتفَعَ وطال. وتَغالَى لحمُ الدابَّةِ، إذا انحسر عنه وَبَره. وذلك لا يكون إلاَّ عن قوّةٍ وسِمَن وعُلُوٍّ. وغَلَتِ القِدْرُ تَغْلِي غَلَياناً. والغُلَوَاء: أن يمُرَّ على وجهِه جامحاً. قال:
لم تلتفت لِلِداتِها *** ومضَتْ على غُلَوائِها([4])
وأمَّا الغالية من الطِّيب فممكنٌ أن يكون من هذا، أي هي غاليةُ القيمة. يقولون: تغلَّلْت وتغلَّيت من الغالية.
(غلب) الغين واللام والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على قوّةٍ وقَهرٍ وشدَّة. من ذلك: غَلَب الرّجلُ غَلْبَاً وغَلَباً وغَلَبة. قال الله تعالى: {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِم سَيَغْلِبُون} [الروم 3]. والغِلاَب: المغالَبة. والأغلَبُ: الغَليظ الرّقَبة. يقال: غَلِبَ يَغْلَبُ غَلَباً. وهضْبةٌ غَلباء، وعِزَّةٌ غلباء. وكانت تغلِبُ تسمَّى الغلباء. قال:(4/312)
وأورثَنِي بنو الغَلباء مَجْداً *** حديثاً بعد مَجدِهمُ القديمِ([5])
واغلولَبَ العُشْب: بلَغَ كلَّ مَبلغ. والمُغَلَّب من الشُّعراء: المغلوب مِراراً. والمُغَلَّب أيضاً: الذي غَلب خَصْمَه أو قِرْنَه، كأنَّه غلَّب على خَصْمِه، أي جُعِلت له الغَلَبة.
(غلت) الغين واللام والتاء فيه كلمة، يقولون: الغَلَت في الحساب: مثل الغَلَط في غيره. وفي بعض الحديث: "لا غَلَت في الإسلام".
(غلث) الغين واللام والثاء أصلٌ صحيحٌ واحد، يدلُّ على الخَلْط والمُخالَطة. من ذلك: غَلَثْتُ الطّعامَ: خلَطت حنطةً وشعيرا([6]) . وهو الغَلِيث. ورجل غَلِثٌ، إذا خالَطَ الأقرانَ في القِتال لَزُوماً لما طَلَب. ويقال: غَلِثَ به، إذا لزِمَه. وغَلِثَ الذِّئبُ بالغَنم: لازَمَها.
فأمَّا قولهم: غَلثَ الزَّندُ، إذا لم يَرِ، فهو كلامٌ غير ملخَّص؛ وذلك أنَّ معناه أنّه زَندٌ منتخَب، وإنَّما هو خِلْطٌ من الزُّنُودِ، قد أُخِذَ من العُرْضِ مُخْتلِطاً بغيره. يراد بالغَلَث خَشَبه، وإذا كان [كذلك] لم يَرِ.
(غلج) الغين واللام والجيم كلمةٌ تدلُّ على البَغْي والسَّطْوة. تقول العرب: هو يَتَغَلَّجُ علينا، أي يبغِي. وعَيْرٌ مِغْلَجٌ: شَلاَّل للعانة. ويكون تغلُّجُه أيضاً أن يَشربَ ويتلمَّظَ بلسانه.
(غلس) الغين واللام والسين كلمةٌ واحدة، وهو الغَلَس، وذلك ظلامُ آخرِ اللَّيل. يقال: غَلَّسْنا، أي سِرنا غَلَسا. قال الأخطل:
كذَبَتْكَ عينُكَ أم رأيتَ بواسطٍ *** غَلَسَ الظلامِ من الرَّبابِ خيالا([7])
وقولهم: وقع في تُغُلِّسَ([8]) ، أي داهية، هو من هذا، لأنه يقع في أمرٍ مُظلم لا يَعرِف المخرجَ منه.
(غلط) الغين واللام والطاء كلمةٌ واحدة، وهي الغَلط: خلاف الإصابة. يقال: غَلِط يَغْلَط غَلَطاً. وبينهم أُغلوطةٌ، أي شيءٌ يُغالِط به بعضُهم بعضاً.(4/313)
(غلف) الغين واللام والفاء كلمةٌ واحدةٌ صحيحة، تدلُّ على غِشاوةٍ وغِشيانِ شيء لشيء. يقال: غِلافُ السَّيفِ والسِّكِّين. وقَلبٌ أغلَفُ: كأنَّما أُغشِيَ غِلافاً فهو لا يَعي شيئاً. قال الله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ}
[البقرة 88]، أي أُغشِيَتْ شيئاً فهي لا تَعي. وقرئت([9]) :{غُلُفٌ([10])} ، أي أوعيةٌ للعِلْم. والقياس في ذلك كله واحد. ويقولون: تغَلَّف بالغالية، وليس ببعيدٍ ممّا ذكرناه.
(غلق) الغين واللام والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على نُشوبِ شيءٍ في شيء. من ذلك الغَلَق، يقال منه: أغلقتُ البابَ فهو مُغْلَق. وغَلِقَ الرهنُ في يدِ مُرْتَهِنِه، إذا لم يَفتكَّه([11]) . قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "لا يَغْلَقُ الرَّهنُ". قال الفُقهاء: هو أن يقول صاحب الرَّهْنِ لصاحب الدَّين: آنَيتُك بحقِّك([12]) إلى وقت كذا، وإلاَّ فالرَّهنُ لك. فنَهَى النبيُّ صلى الله عليه وآله عن ذلك الاشتراط. وكلُّ شيء لم يُتَخَلَّصْ فقد غَلِق. قال زُهير:
وفارقتْكَ برهنٍ لا فَكاكَ له *** يومَ الوَداعِ فأمسى الرَّهنُ قد غَلِقا([13])
ويقال المِغْلَق: السَّهم السابعُ في الميسِر، لأنَّه يَستغلِق شيئاً وإن قلَّ. قال لبيد:
وجَزُورِ أيسارٍ دعوتُ لحتْفِها *** بمَغَالقٍ متشابهٍ أجسامُها([14])
*ويقال: غَلِقَ ظَهرُ البعير فلا يَبْرأُ من الدَّبَر. ومنه غلِقَت النّخلةُ: ذَوَت أصولُ سَعفِها فانقطَع حَمْلُها. والله أعلم بالصّواب.
ــــــــــــــــ
([1]) أي الذي طر شاربه، أي طلع وظهر. وفي الأصل: "الطائر الشارب"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
([2]) أنشده في اللسان (غلا).
([3]) ويروى: "غلاب" كما سبق في (ذكا)، وكذا في اللسان (ذكا).
([4]) لابن قيس الرّقيات في ديوانه 280 واللسان (غلا).
([5]) أنشده في اللسان (غلب).
([6]) في المجمل: "خلطته حنطة بشعير".(4/314)
([7]) ديوان الأخطل41 واللسان (غلس). وهو مطلع قصيدة يهجو بها جريراً.
([8]) غير مصروف، علم للداهية. وهو بضم التاء مع الغين وفتحها وكسر اللام المشددة.
([9]) في الأصل: "وقريب"، تحريف.
([10]) هي قراءة ابن محيصن، كما في إتحاف فضلاء البشر 141 وهي جمع غلاف.
([11]) أي إذا لم يفتكه الراهن. وفي المجمل واللسان: "إذا لم يفتك" بالبناء للمفعول.
([12]) آنيتك: أخرتك. وفي الأصل: "أتيتك"، تحريف.
([13]) ديوان زهير 33 واللسان (غلق). وفي الديوان: "فأمسى رهنها غلقا".
([14]) من معلقته المشهورة. وانظر الميسر والقداح لابن قتيبة 87. ...
ـ (باب الغين والميم وما يثلثهما)
(غمن) الغين والميم والنون كلمةٌ واحدةٌ لا يقاس عليها. يقولون: غمَنْتُ الجِلدَ، إذا ليَّنتَه، فهو غمينٌ.
(غمي) الغين والميم والحرف المعتلّ يدلُّ على تغطيةٍ وتغْشِيَة. من ذلك: غَمَيْتُ البيتَ، إذا سقَّفتَه، والسَّقفُ غِماءٌ. ومنه أُغمِيَ [على] المريض فهو مغمىً عليه إذا غُشِيَ عليه.
(غمج) الغين والميم والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ ومجيء وذَهاب. يقال للفصيل: غَمِجٌ، وهو يتغامَجُ بين أرفاغ أمِّه، إذا جاءَ وذهَبَ. ويقولون للرَّجُل لا يستقيم خُلُقه: غَمِج. والغَمْج: شُرب الماء، وهو قريبُ القياسِ من الأوَّل.
(غمد) الغين والميم والدال أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على تغطيةٍ وسَتْر. من ذلك الغِمْدُ للسَّيف: غِلافُهُ. يقال: غَمَدته أَغْمِدُه غَمداً. ويقال: تَغمَّده الله برحمته، كأنه يَغْمُرُه بها. وتغمَّدتُ فلاناً: جعلتَه تحتَك حتَّى تغطِّيَه. والنَّسبة إلى غامدٍ غامديّ، وهو حيٌّ من اليَمَن، واشتقاقُهُ ممَّا ذكرناه.(4/315)
(غمر) الغين والميم والراء أصلٌ صحيح، يدلُّ على تغطيةٍ وسَتْرٍ في بعض الشِّدّة. من ذلك الغمْر: الماءُ الكثير، وسمّي بذلك لأنّه يغمرُ ما تَحتَه. ثم يشتقُّ من ذلك فيقال فَرسٌ غَمْر: كثير الجَرْي، شُبِّه جريُه في كثرته بالماء الغَمْر. ويقال للرَّجُل المِعطاء: غَمْر، وهو غَمْرُ الرِّداء. قال كثيِّر:
غَمْرُ الرِّداءِ إذا تبسَّمَ ضاحكاً *** غَلِقتْ لِضَحْكتِهِ رِقابُ المالِ([1])
ومن الباب: الغَمْرة: الانهماك في الباطل واللَّهو. وسمِّيت غَمرةً لأنّها شيء يستُر الحقَّ عن عين صاحِبِها. وغَمَرات الموت: شدائدُه التي تَغْشَى. وكلُّ شِدّةٍ غَمرة، سمِّيت لأنَّها تَغْشَى. قال:
* الغمرات ثم ينجلينا([2]) *
ومما يصحِّح هذا القياسَ الغَمير، وهو نباتٌ أخضَرُ يغمُره اليَبِيس. ويقال: دخَلَ في غِمار النّاس، وهي زَحْمتُهم، وسمِّيت لأنَّ بعضاً يستُرُ بعضاً. وفلانٌ مُغامِرٌ: يَرمي بنفسه في الأمور، كأنَّه يقع في أُمورٍ تَستُره، فلا يَهتدِي لوجه المَخْلَص منها. ومنه الغمْر([3]) ، وهو الذي لم يجرّب الأمورَ كأنَّها سُتِرتْ عنه. قال:
أناةً وحِلْماً وانتظاراً غداً بهمْ *** فما أنا بالواني ولا الضَّرَع الغُمْرِ([4])
والغِمْر: الحِقْد في الصَّدر، وسمِّي لأنَّ الصَّدرَ يَنطوِي عليه. يقال: غَمِرَ عليه
صدرُه. والغِمْر: العَطَش، وهو مشبَّه بالغِمْر الذي هو الحِقد، والجمع الأغمار. قال:
* حَتَّى إذا ما بلَّتِ الأغمارا([5]) *
ومن الباب غَمَرُ اللحم، وهو رائحتُه تَبْقَى في اليد، كأنَّها تغطِّي اليد. فأمَّا الغُمَر فهو القَدَح الصَّغير، وليس ببعيدٍ أن يكون من قياسِ الباب، كأنَّ الماءَ القليلَ يغمُره. ويجوز أن يكون شاذَّاً عن ذلك الأصل. قال:
تَكفِيهِ حُزَّة فِلْذٍ إن ألَمَّ بها *** من الشِّواءِ وَيُروِي شُربَه الغُمَرُ([6])(4/316)
(غمز) الغين والميم والزاء أصلٌ صحيح، وهو كالنَّخْس في الشيء بشيء، ثم يُستعار. من ذلك: غَمَزْتُ الشَّيءَ بيدي غمزاً. ثم يقال: غمزَ، إذا عاب وذَكَر بغير الجميل. والمَغَامز: المعايب. وفي عقل فلانٍ غَمِيزةٌ، كأنَّه يُستضعَف. وممّا يستعار: غَمَزَ بجفنه: أشار. ومنه: غَمَزَ الدابةُ من رجله، كأنّه يغمز الأرضَ برجله.
(غمس) الغين والميم والسين أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على غَطِّ الشيء. يقال: غَمَست الثَّوبَ واليدَ في الماء، إذا غططتَه فيه. وفي الحديث: "إذا استيقَظَ أحدُكم من نومه فلا يَغمِسْ يَدَه في الإناء". والغَمِير تحتَ اليَبيس يقال له الغَمِيس.
ومن الباب الغَمِيس، وهو مَسيلٌ صغيرٌ بين مجامع الشَّجر. والمُغامَسَة: رَمْي الرّجلِ نفسَه في سِطَة الحرب. ويمينٌ غَموس* قال قوم: معناه أنّها تَغمِس صاحبَها في الإثم. وقال قومٌ: الغَمُوس: النافذة. والمعنيان وإن اختلفا فالقياسُ واحد، لأنّها إذا نفذت فقد انغمست. قال:
ثم نفَّذته ونفَّست عنه *** بغَموسٍ أو ضربةٍ أُخدودِ([7])
ويقال للأمر الشديد الذي يغُطّ([8]) الإنسانَ بشدّته: غَموس. قال:
متى تأتِنا أو تلقَنا في ديارنا *** تجدْ أمرَنا أمراً أحذَّ غَمُوسا([9])
(غمص) الغين والميم والصاد أُصَيلٌ يدلُّ على حقارة. يقال غَمَصت الشيءَ، إذا احتقرته. وفي الحديث: "إِنّما ذلك مَنْ غَمَصَ النّاسَ([10]) "، أي حَقَرَهم. والغَمَصُ في العين كالرَّمَصِ. ومنه: الشِّعرَى الغُمَيْصَاء، كأنَّها ليس لها ضوء العَبُور، فهي الغُميصاء كالعين التي بها غَمَص.
(غمض) الغين والميم والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تطامُنٍ في الشَّيء وتداخُل. فالغَمْض: ما تطامَنَ من الأرض، وجمعه غُموض. ثم يقال: غَمَض الشَّيءُ من العِلم وغيرِه، فهو غامض، ودارٌ غامضةٌ، إذا لم تكن شارعةًَ بارزة.(4/317)
ونسبٌ غامضٌ: لا يُعرَف. وغمّض عينه وأغمَضَها بمعنىً. وهو قياس الباب. ويقال: ما ذُقْتُ غُمْضاً من النَّوم ولا غَِماضاً، أي كقدر ما تُغمَض فيه العين. ويقال: أغْمِضْ لي فيما بِعتَني، كأنَّك تريدُ الزِّيادةَ منه لرداءته والحطَّ من ثمنه. وهو أيضاً من إغماض العَين، أي اتركْه كأنَّك لا تراه. والمغَمِّضات: الذُّنوب يركبها الرَّجلُ وهو يَعرِفها لكنّه يغمّض عنها كأنّه لم يَرَها. ويقال: غُمِّضَت النّاقةُ، إذا رُدَّت عن الحَوض فحَمَلَت على الذَّائد مُغَمِّضة عينَينها فورَدَتْ. قال أبو النجم:
* يُرسِلُها التَّغميضُ إن لم تُرسَلِ([11]) *
وأغْمَضْت حدَّ السَّيف، إذا رقّقته، أي كأنَّك لرقَّته أخفيتَه عن العُيون.
(غمط) الغين والميم والطاء كلمةٌ واحدة. يقال غَمَطَ النِّعمة: احتقرها. وغَمَطَ النّاسَ: احتقرهم. فأمّا قولهم: أغمَطَتْ عليه الحُمَّى، إذا لزِمَتْه ودامت عليه، فليس من هذا، لأنّ الميم فيه بدلٌ من باء، الأصل أغبَطَت. وقد ذُكِر.
(غمق) الغين والميم والقاف كلمةٌ واحدة، وهي الغَمَق: كثْرة النَّدى. يقال أرضٌ غَمِقَةٌ، ونباتٌ غمق. وليلةٌ غَمِقَة: لثِقة.
(غمل) الغين والميم واللام أُصَيْلٌ يدلُّ على ضِيقٍ في الشيء وغُموض. يقال لِمَا ضاقَ من الأودية: غُمْلُول. واشتُقَّ من هذا: غَمَلْتُ الأدِيمَ، إذا غَمَمْتَه ليتفَسَّخَ عنه صوفُه. وهو غَمِيلٌ. ويقال: الغُمْلُول: كلُّ ما اجتَمَع من شجرٍ، أو غمام، أو ظُلْمة، حتَّى تسمَّى الزَّاوية غُملولا. والله أعلم بالصَّواب.
ــــــــــــــــــ
([1]) اللسان (غمر) ومعاهد التنصيص (1: 187).
([2]) للأغلب العجلي كما في أمثال الميداني (2: 4). وكذا ورد إنشاده في المجمل ووقعة صفين 287. وفي جمهرة العسكري 150:
الغمرات ثم ينجلين ***
عنا وينزلن بآخرين ...
شدائد يتبعهن لين ...
([3]) يقال بتثليث الغين وبفتحها أيضاً.(4/318)
([4]) نسبه في مادة (ضرع) إلى ابن وعلة، ونسبه البحتري في حماسته 104 إلى عامر بن مجنون الجرمي، ونسب في حماسة ابن الشجري 70 لكنانة بن عبد ياليل وقال: "وتروى للحارث بن وعلة الشيباني"
([5]) للعجاج في ديوانه 23 واللسان (غمر).
([6]) لأعشى باهلة يرثي أخاه المنتشر بن وهب الباهلي، اللسان (غمر) وإصلاح المنطق 5، 98، 216. وقصيدته في حماسة ابن الشجري 10 والأصمعيات 33 ليبسك.
([7]) لأبي زبيد الطائي، كما في اللسان (غمس). وروايته فيه: "ثم أنقضته".
([8]) في الأصل: "بغير".
([9]) يشبه أن يكون رواية في بيت ليزيد بن الخذاق الشني في المفضليات (2: 98). وهو:
إذا ما قطعنا رملة وعدابها *** فإن لنا أمراً أحذ غموسا
([10]) هو حديث مالك بن مرارة الرهاوي، أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أوتيت من الجمال ما ترى فما يسرني أن أحداً يفضلني بشراكي فما فوقها، فهل ذلك من البغي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنما ذلك من سفه الحق وغمص الناس". اللسان (غمص).
([11]) اللسان والمجمل (غمض) والبيان (3: 53) بتحقيقنا، حيث أشير إلى "أم الرجز". وبعده:
* خوصاء ترمي باليتيم المحثل * ...
ـ (باب الغين والنون وما يثلثهما)
(غنم) الغين والنون والميم أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على إفادة شيء لم يُملَك من قبل، ثم يختصّ به ما أُخِذ من مال المشركين بقَهْرٍ وغَلَبة. قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال 41]. ويقولون: غُنَامَاكَ أنْ تفعل كذا، أي غايتُك والأمر الذي تتغنَّمه. وغَنْمٌ: قبيلة. ولعلَّ اشتقاقَ الغَنَم من هذا، وليس ببعيد.
(غني) الغين والنون والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على الكِفاية، والآخر صوت.(4/319)
فالأوّل الغِنى في المال. يقال: غَنِيَ يَغْنَى غِنىً. والغَنَاء بفتح الغَين مع المدّ: الكِفَاية. يقال: لا يُغْنِي فلانٌ غَنَاءَ فلانٍ، أي لا يَكفِي كِفايَتَه. وغَنِيَ عن كذا فهو غانٍ. وغَنِيَ القومُ في دارهم: أقاموا، كأنَّهُم اسْتَغْنُوا بها. ومَغَانيهم: مَنازِلُهم. والغانية: المرأة. قال قومٌ: معناه أنها استغنَتْ بمنزلِ أبويها. وقال آخرون: استغنَتْ ببعلها. ويقال استَغْنَتْ بجمالها عن لُبْسِ الحلْي. قال الأعشى:
ولكنْ لا يَصِيد إذا رماها *** ولا تُصْطادُ غانيةٌ كَنُودُ([1])
والغُنْيَان: الغِنَى. قال قيس:
أجَدَّ بعَمْرَة غُنيانُها *** فتَهْجُرَ أم شانُنا شَانُها([2])
ويقال: تَغنَّيْتُ بكذا، وتغَانيتُ به، إذا أنت استغنيت به. قال الأعشى:
وكنت امرأً زَمَناً* بالعِراقِ *** عَفِيف المُنَاخِ طويل التغَنّْ([3])
وقال في التَّغاني:
كلانا غنِيٌّ عن أخيه حَيَاتَهُ *** ونحنُ إذا مُِتْنا أشدُّ تَغَانِيا([4])
والأصل الآخر: الغِناء من الصَّواب. والأُغْنيَة([5]) : اللون من الغِنَاء.
(غنج) الغين والنون والجيم كلمةٌ واحدة، الغُنْج، وهو الشِّكل والدَّلُّ.
(غنظ) الغين والنون والظَّاء كلمةٌ واحدة. يقال: إنّ الغَنْظَ: الهمُّ اللازم. غَنَظَه الأمرُ يَغْنِظه. قال:
ولقد رأيتَ فوارساً من قومنا *** غَنَظُوكَ غَنْظَ جَرَادةِ العَيَّارِ([6])
ــــــــــــــــ
([1]) ديوان الأعشى 215. وقبله:
وقد صادت فؤادك إذ رمته *** فلو أن امرأ دنفا يصيد
([2]) ديوان قيس بن الخطيم 7 واللسان (غنا).
([3]) ديوان الأعشى 22 واللسان (غنا) والمخصص (6: 143). وسبق إنشاده في (زمن).
([4]) قائله المغيرة بن حبناء، كما في اللسان (غنا).
([5]) تقال بضم الهمزة وكسرها مع تشديد الياء وتخفيفها، أربع لغات.(4/320)
([6])البيت لجرير في اللسان (غنظ) ولم يرو في ديوان جرير. ونسب في التاج (جرد) إلى ابن أدهم النعامي الكلبي. وأنشده في اللسان (عير) بدون نسبة. والجرادة هنا فرس العيار، وهو اسم رجل. وبعده في اللسان (غنظ):
ولقد رأيت مكانهم فكرهتهم *** ككرهة الخنزير للإيغار
...
ـ (باب الغين والهاء وما يثلثهما)
(غهب) الغين والهاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على ظَلامٍ وقِلّة ضياء، ثم يُستعار. فالغَيْهَب: الظُّلمة. يقال للأدهم من الخَيل الشَّديد الدُّهمة: غَيْهَب. ويستعار هذا فيقال للغَفْلة عن الشَّيء: غَهَبٌ. يقال: غَهِبَ عنه، إذا غَفَل.
ـ (باب الغين والواو وما يثلثهما)
(غوي) الغين والواو والحرف المعتلّ بعدهما أصلانِ: أحدهما يدلُّ على خِلاف الرُّشد وإظلام الأَمْر، والآخرُ على فسادٍ في شيء.
فالأوَّل الغَيّ، وهو خلاف الرُّشد، والجَهلُ بالأمر، والانهماكُ في الباطل. يقال غَوى يَغْوي غَيَّاً([1]) . قال:
فمن يَلْقَ خَيراً يَحمَدِ النّاسُ أمرَه *** ومَن يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائما([2])
وذلك عندنا مشتقٌّ من الغَيَاية، وهي الغُبْرة والظلمةُ تَغشيان، كأنَّ ذا الغَيِّ قد غَشِيه ما لا يرى معه سبيلَ حقّ. ويقال: تغايَا([3]) القومُ فوق رأس فلانٍ بالسُّيوف، كأنَّهم أظلّوه بها. ويقال: وقَعَ القوم في أُغْوِيّة، أي داهية وأمرٍ مظلم. والتَّغاوي: التجمُّع، ولا يكون ذلك في سبيلِ رُشْدٍ. والمُغَوَّاة: حُفرةُ الصَّائد، والجمع مُغَوَّيات. وفي الحديث: "يحبّون أن يكونوا مُغَوَّياتٍ([4]) "، يراد أنَّهم يحتّجِنون الأموال، كالصَّائد الذي يَصيد.
فأمَّا الغَايَة فهي الرَّاية، وسمِّيت بذلك لأنّها تُظِلُّ مَن تحتَها. قال:
قد بِتُّ سامِرَها وغايَةِ تاجرٍ *** وافيتُ إِذْ رُفِعَت وعَزَّ مُدامُها([5])(4/321)
ثم سميِّت نهايةُ الشَّيء غايةً. وهذا من المحمول على غيرِه، إِنِّما سميت غايةً بغاية الحرب، وهي الرّاية، لأنَّه يُنْتَهَى إليها كما يَرجِع القومُ إلى رايَتِهم في الحرب.
والأصل الآخر: قولهم: غَوِيَ الفَصيلُ، إذا أكثر من شُربِ اللّبَن ففَسَد جوفُه. والمصدر الغَوَى. قال:
مُعطَّفةُ الأثناء ليس فصيلُها *** بَرازِئِها دَرّاً ولا ميِّتٍ غَوَى([6])
(غوث) الغين والواو والثاء كلمةٌ واحدة، وهي الغوث من الإغاثة، وهي الإغاثة والنُّصرة عند الشِّدة. وغَوْثٌ: قبيلة.
(غوج) الغين والواو والجيم كلمةٌ واحدة، وهي الفَرَس الغَوج. إذا كان عريضَ الصَّدر. وربَّما سمَّوا كلَّ ليِّنٍ غَوْجاً.
(غور) الغين والواو والراء أصلانِ صحيحان: أحدهما خُفوضٌ في الشَّيء وانحطاطٌ وتطامن، والأصل الآخر إقدامٌ على أخذِ مالٍ قَهْراً أو حَرَباً.
فالأوَّل قولهم لقَعْر الشيء: غَوره. ويقال: غَارَ الماءُ غَوْراً، وغارت عينُه غُؤوراً([7]). قال الله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً} [الملك 30]. ويقال: غارَت الشَّمْسُ غِياراً: غابت. قال الهُذَلِيّ([8]) :
هل الدّهْرُ إِلاَّ ليلةٌ ونَهَارُها *** وإلاّ طُلوع الشَّمس ثمَّ غِيَارُها
والغَوْر: تِهَامَةُ وما يلي اليَمن، سمِّيت بذلك لأنَّها خِلافُ النَّجْد. والنَّجْد: مرتَفِعٌ من الأرض. يقال: غَارَ الرّجُل، إذا أتَى الغَوْر، وأغار. قال:
نبيٌّ يرَى ما لا تَرَوْنَ وذكرُه *** أغارَ لَعَمْري في البلادِ وأنْجَدَا([9])
وغَوّر الرّجُل، إذا نزَلَ للقائلة، كأنَّه [نزل] مكاناً هابطاً. ولا يكادون يفعلون إلاّ كذا. وغَوْرُ القُرْحَةِ من هذا أيضاً.
والأصل الآخَر الإغارة. يقال: أَغارَ بنو فلانٍ على بني فلان إغارةً وغارة. وإغارة الثَّعلب: عَدْوه. وهو *من هذا أيضاً.(4/322)
(غوص) الغين والواو والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هجومٍ على أمرٍ متسفِّلٍ من ذلك الغَوْص: الدُّخول تحتَ الماء. [والهاجم([10]) ] على الشيء غائص. وغاصَ على العلمِ الغامِضِ حتى استنبطه.
(غوط) الغين والواو والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اطمئنانٍ وغَور. من ذلك الغائط: المطمئِنُّ من الأرض، والجمع غِيطان وأغواط. وغُوطَة دِمَشْقَ يقالُ إنها مِن هذا، كأنها أرضٌ منخفضة. وربما قالوا: انغاطَ العُودُ([11]) ، إذا تثَنَّى، وإذا تثنى فقد انخفَضَ، وقياسُه صحيح.
(غول) الغين والواو واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على خَتْل وأخْذٍ من حيث لا يدري. يقال: غالَهُ يَغُوله: أخَذَهُ من حيث لم يدرِ. قالوا: والغَوْل: بُعْدُ المَفَازَة، لأنَّه يغتالُ من مَرَّ به. قال:
* به تمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ([12]) *
والغُول من السَّعالي سمِّيت لأنها تغتال. والغِيلة: الاغتيال، والياء واوٌ في الأصل. والمِغْوَل: سيفٌ دقيق له قَفَاً؛ وأظنه سمِّي مِغْوَلاً لأنَّهُ يُسْتَرُ بقرابٍ حتى لا يُدرى ما فيه. والله أعلم.
(غود) الغين والواو والدال([13]) أُصَيلٌ يدلُّ على لينِ شيءٍ وتثنٍّ. فالأغْيَد: الوَسنانُ المائل العُنُق، والجمع غِيدٌ. والغَيْداء: الفتاةُ النَّاعمة، كأنَّها تتثنَّى. والمصدر الغَيَد.
ــــــــــــــــ
([1]) يقال غوى يغوي: من بابي رمى وفرح.
([2]) البيت لمرقش الأصغر في المفضليات (2: 47) واللسان (غوى) وإصلاح المنطق 227. وسبق في (عير).
([3]) في الأصل: "غايا"، صوابه في المجمل واللسان.
([4]) في اللسان: "روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: إن قريشاً تريد أن تكون مغويات لمال الله. قال أبو عبيد: هكذا روي بالتخفيف وكسر الواو. قال: وأما الذي تكلمت به العرب فالمغويات بالتشديد وفتح الواو".
([5]) البيت للبيد في معلقته المشهورة.
([6]) البيت في صفة قوس، كما في اللسان (غوى) واصلاح المنطق 213، 327 والمخصص (7: 41، 180/ 15: 162).(4/323)
([7]) في الأصل: "غوراً"، صوابه في المجمل واللسان.
([8])هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين (1: 21) واللسان (غور).
([9])ديوان الأعشى 103 واللسان (غور).
([10]) هذه التكملة من المجمل واللسان (غوص).
([11]) وردت في القاموس، ولم ترد في اللسان.
([12]) لرؤبة في ديوانه 167 واللسان (مطا، غول، وله).
([13]) أجمعت المعاجم على أنها (غيد)، ولكن كذا وردت. ...
ـ (باب الغين والياء وما يثلثهما)
(غيب) الغين والياء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على تستُّر الشيء عن العُيون، ثم يقاس. من ذلك الغَيْب: ما غَابَ([1]) ، ممّا لا يعلمه إلا الله. ويقال: غابت الشَّمس تَغِيب غَيْبَةً وغُيُوباً وغَيْباً. وغابَ الرَّجل عن بلده. وأغابَتِ المرأةُ فهي مُغِيبةٌ، إذا غابَ بعلُها. ووقَعْنا في غَيْبَةٍ وغَيَابة، أي هَبْطة من الأرض يُغابُ فيها. قال الله تعالى في قصة يُوسُفَ عليه السَّلام: {وَأَلْقُوهُ في غَيَابَةِ الجُبِّ} [يوسف 10]. والغَابة: الأجَمة، والجمع غاباتٌ وغابٌ. وسمِّيت لأنّه يُغاب فيها. والغِيبة: الوَقيعة في النّاس من هذا، لأنَّها لا تقال إلاّ في غَيْبَة.
(غيث) الغين والياء والثاء أصلٌ صحيح، وهو الحَيَا النّازِلُ من السَّماء. يقال: جادَنا غيثٌ([2]) ، وهذه أرضٌ مَغِيثَةٌ ومغيوثة. وغِثْنا، أي أصابنا الغَيْث([3]) ، قال ذو الرُّمَّة: "ما رأيتُ أفصَحَ مِن أَمَةِ آل فلان، قلتُ لها: كيف كان المطر عندكم؟ قالت: غِثْنا ما شِينا".
(غير) الغين والياء والراء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على صلاحٍ وإصلاحٍ ومنفعة، والآخر على اختلافِ شيئين.
فالأوَّل الغِِيرَة، وهي الميرَة بها صلاحُ العِيال. يقال: غِرْتُ أهلي غِيرَةً وغِياراً، أي مِرْتُهُم. وغَارَهم الله تعالى بالغيث يَغِيرهم ويَغُورهم، أي أصلَح شأنَهم ونَفَعهم. ويقال: ما يَغِيرك كذا، أي ما ينفعُك. قال:(4/324)
ماذا يَغِيرُ ابنتَيْ رِبْعٍ عَويلُهُمَا *** لا تَرقُدانِ ولا بُؤُسَى لمَنْ رَقدا([4])
ومن هذا الباب الغَيْرة: غَيرةُ الرَّجُل على أهله. تقول: غِرْتُ على أهلي غَيْرَةً. وهذا عندنا من الباب؛ لأنَّها صلاح ومنفعة.
والأصل الآخر: قولُنا: هذا الشَّيءُ غيرُ ذاك، أي هو سِواه وخلافه. ومن الباب: الاستثناءُ بغَير، تقول: عَشرة غير واحدٍ، ليس هو من العَشَرة. ومنه قولُه تعالى: {صِراطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَليْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}
[الفاتحة 7].
فأمَّا الدِّيَة فإنَّها تسمَّى الغِيرَ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لرجلٍ طَلَبَ القَوَدَ بوليٍّ له قُتِلَ: "ألاَ الغِيرَ([5]) " يريد: ألاَ تَقبلُ الغِير. فهذا محتملٌ أنْ يكون من الأوّل، لأنَّ في الدِّيةِ صلاحاً للقاتل وبقاءً له ولِدَمِه. ويحتمل أنْ يكون من الأصل الثَّاني، لأنَّه قَوَد فَغيِّر إلى الدِّية، أي أُخِذَ غيرُ القَوَد، أي سِواه. قال في الغِيَر:
لَنَجْدَعَنَّ بأيدينا أُنوفَكُم *** بَنِي أُمَيْمَةَ إن لم تَقبلُوا الغِيَرا([6])
(غيس) الغين والياء والسين، يقولون: إنَّ غَيْسانَ الشّبَاب: حِدَّتُه وعُنفوانُه.
(*غيض) الغين والياء والضاد أُصَيلٌ يدلُّ على نُقصانٍ في شيء، وغموضٍ وقلّة. يقال غاضَ الماءُ يَغِيض: خلافُ فاضَ. وغِيضَ، إذا نَقَصَهُ غيرُه. قال الله تعالى: {وَغِيضَ الماءُ} [هود 44].
وأمَّا الغُموضُ فالغَيْضَة: الأَجَمة، سمِّيت لغُموضِها، ولأنَّ السَّائرَ فيها لا يكاد يُرَى.
(غيظ) الغين والياء والظاء أُصَيلٌ فيه كلمةٌ واحدة، يدلُّ على كَرْبٍ يلحقُ الإنسانَ مِن غيره. يقال: غاظَني يَغِيظُني. وقد غِظْتَني يا هذا. ورجلٌ غائظ وغَيَّاظ. قال:
سُمِّيتَ غيَّاظاً ولستَ بغائظٍ *** عَدُوّاً ولكنَّ الصَّديقَ تَغيظُ([7])(4/325)
(غيف) الغين والياء والفاء أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على مَيْل ومَيَل وعُدُولٍ عن الشَّيء. من ذلك تَغَيَّفَ، إذا تَمَيَّل. وتغَيَّفت الشّجرةُ بأغصانِها يميناً وشمالاً. ومن الباب: غَيَّفَ الرَّجلُ، إذا جبن فمالَ عن نَهْج القِتال. قال القُطَاميّ:
* فيغيِّفون ونَرْجِعُ السَّرَعانا([8]) *
(غيق) الغين والياء والقاف كلمةٌ واحدة. يقولون: غَيَّق في رأيه تغييقاً: اختلط فيه.
(غيل) الغين والياء واللام أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على اجتماعٍ، والآخَر نوع. من الإرضاع.
فالأوَّل الغِيل: الشجر المجتمِع الملتفّ. وما يبعُد أن يكون أصلُ هذا الواو ويعودَ إلى غالَه يَغُوله، والغيْل: السَّاعد الرَّيَّان الممتلِئ. قال:
* بيضاءُ ذاتُ ساعدَيْنِ غَيلَيْن([9]) *
ومن الباب: الغَيْل: الماء الجارِي.
والأصل الآخَر: أنْ يُجامِعَ الرَّجُل امرأتَه وهي مُرْضِع، وهي الغِيلَة.
وفي الحديث: "لقد هممتُ أن أنْهى عن الغِيلة". قال:
فمِثْلُكِ حُبلَى قد طرَقْتُ ومرضِعٍ *** فألهيتُها عن ذي تَمائم مُغْيِلِ([10])
(غيم) الغين والياء والميم كلمةٌ تدلُّ على سَتْر شيءٍ لشيء. من ذلك: الغيم، وهو معروف. يقال: غامَت السَّماء، وتغيَّمت، وأغامَت.
ومن الباب: الغَيْم، وهو العَطَش وحرارةُ الجَوْف، لأنَّه شيءٌ يَغْشَى القَلْبُ.
(غين) الغين والياء والنون قريبٌ من الذي قبلَه([11]) . فالغَيْن: الغَيْم. قال:
كأنِّي بين خافِيَتَيْ عُقابٍ *** أصابَ حمامةً في يوم غَيْنِ([12])
والغَيْن: العَطَش. ويقال: غِينَ على قلْبه، كأنَّ شيئاً غشِيَه. وفي الحديث: "إنَّهُ ليُغانُ على قلبي([13])". ومن الباب: شجرةٌ غَيْناء، وهي الكثيرة الورَق الملتفَّةُ الأغصان، والجمع غِينٌ. ويقال: إنَّ الغَيْنة: الرَّوضة. والقياس في ذلك كلِّه واحد. والله أعلم.
ـــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "وأغاب". وفي المجمل. "الغيب كل ما غاب هناك".
([2]) في الأصل: "جاءنا غيث".(4/326)
([3]) في الأصل: "أصبنا الغيث"، صوابه في المجمل واللسان ومجالس ثعلب 349. وانظر الخبر التالي في البيان (2: 71) وصفة السحاب 39 والمخصص (9: 120) والمزهر (1: 153).
([4]) لعبد مناف بن ربعي الهذلي. ديوان الهذليين (3: 38) واللسان (غير) وإصلاح المنطق 152.
([5]) وكذا ورد نصه في المجمل على الإيجاز. و في اللسان: "ألا تقبل الغير".
([6]) أنشده في المجمل، ونسبه في اللسان (غير) إلى بعض بني عذرة.
([7]) البيت من أبيات خمسة لحضين بن المنذر، يهجو بها ولده غياظ بن الحضين، انظر اللسان (غيظ).
([8]) ديوان القطامي 18. وصدره كما في الديوان ومجالس ثعلب 525 واللسان (غيف، سرع):
* وحسبتنا نزع الكتيبة غدوة * وفي الديوان: "فيغيفون ونوزع".
([9]) الرجز في اللسان (غيل) وإصلاح المنطق 11 والمخصص (1: 168).
([10]) لامرئ القيس في معلقته. وأنشده ابن هشام في المغني (فصل الفاء) شاهداً للجرّ بعد فاء (رب).
([11]) في الأصل: "من الواو قبله".
([12]) من أبيات لرجل تغلبي يصف فرساً أنشدها في اللسان (غين). وأنشده في المجمل والمخصص (8: 130).
([13]) تمامه في اللسان: "حتى أستغفر الله في اليوم سبعين مرة". ...
ـ (باب الغين والألف وما يثلثهما)
(غار) الغين والألف والراء. والألف في هذا الباب لا تكون إلا مبدلةً. فالغار: نباتٌ طيِّب. قال:
تَقْضَمُ الهِنديَّ والغارا(1) *** رُبَّ نارٍ بتُّ أرمُقُها
والغار: لغةٌ في الغَيْرة، وقد مرَّ تفسيرُها. قال:
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحَشَ غارُها(2) *** لهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشِيل كأنَّها
والغارُ: الجيش العظيم. ومن ذلك حديثُ عليٍّ عليه السلام: "ما ظنك بامرئٍ جَمعَ بين هذين الغارَيْن". والغار: غار الفَمِ. والغار: أصلُ الرَّجُل وقبيلته. والغار: الكهْفُ. وقد مضى قياسُ ذلك كلِّه. والله أعلم.
ـــــــــــــــ
(1) لعدي بن زيد، كما في اللسان (غور).(4/327)
(2) لأبي ذؤيب الهذلي، في ديوان الهذليين (1: 27)، واللسان (غور، حرم)، والمجمل (غور).
ـ (باب الغين والباء وما يثلثهما)
(غبر) الغين والباء والراء أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدل على البقاء، والآخرُ على لونٍ من الألوان.
فالأوَّل غَبَر، إذا بَقِيَ. قال الله تعالى {إلاَّ امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الغَابِرِينَ} [العنكبوت 33]، ويقال بالناقة غُبْر، أي بقيَّة. وبِهِ غُبَّرٌ من مرض، أي بقِيَّة. قال ابن مُقبِلٍ أو غيرُه:
فإن سألَتْ عنِّي سُليمَى فقلْ لها *** به غُبَّرٌ من دائه وهو صالحُ ...
ومن الباب: عِرْقٌ غَبِر، أي لا يزال ينتقض، كأنَّ به أبداً غُبَّراً. وتغبَّرَت المرأةُ الشَّيْخَ: أخذَتْ بقيَّةَ مائه.
والأصل الآخر* الغُبار سمِّي لغُبْرته. وهي لونُه. والأغْبر: كل لونٍ لونُ غُبَار.وقول طرفة:
رأيتُ بنِي غَبْراء لا يُنكرِونني *** ولا أهلُ هذاكَ الطِّرافِ الممدَّدِ([1])
فبَنِي غَبراءِ هم المَحَاوِيجُ الفُقَراء، وذلك أنَّهم مغبَّرةٌ ألوانُهم، وهم أهلُ المَتْرَبَة. والغَبْراء: الأرض. والغُبَيراء([2]) : نبيذ الذُّرَة، ولعلَّ في لونه غُبْرة.
فأمّا داهيةُ الغَبَر، فهو عندي من هذا الباب، ويراد أنَّها غبراءُ، أي مُظْلِمة مشبِّهة لا يُرَى وَجْهُ المأتَى لها.
ومما شذَّ عن هذين الأصلين ما حكاهُ ابن السكيت: أغْبَرْتُ في طلَب الحاجة: جَدَدْتُ.
(غبس) الغين والباء والسين كلمةٌ تدلُّ على لونٍ من الألوان. قالوا: الغُبْسَة: لونٌ كلون الرَّماد. ويقال فرسٌ أَغْبَسُ. قال بعضهم: هو الذي يقال له: "سَمَنْد([3]) ". فأمَّا قولُهم: "لا أفْعَله ما غَبَا غُبَيْسٌ" فهو الدَّهر. قال ابنُ الأعرابيّ: ما أدرِي ما أصْلُه.
(غبش) الغين والباء والشين كلمةٌ تدلُّ على ظُلْمةٍ وإظلام. من ذلك الغَبَش: شدَّة الظُّلمة. وأَغْباشُ اللَّيل ظُلَمه. قال ذو الرُّمَّة:(4/328)
أغْبَاشَ ليلِ تَمَامٍ كانَ طارَقَه *** تَطَخْطُخُ الغَيمِ حتَّى ما لَه جُوبُ([4])
قال أبو عبيد: الغَبَش: البقيّة من اللَّيْل، وجمعه أغباش.
(غبط) الغين والباء والطاء أصلٌ صحيحٌ له ثلاثة وجوه: أحدها دوامُ الشيء ولزومُه، [والآخَر الجَسُّ]، والآخِر نوعٌ من الحَسَد.
فالأوّل قولهم: أغْبَطَتْ عليه الحُمَّى، أي دامَت. وأغبَطْتُ الرَّحْلَ على ظَهر البَعِيرِ، إذا أدمْتَه عليه ولم تَحُطَّه عنه. ولذلك سُمِّي الرَّحْل غَبيطاً، والجمع غُبُط. قال الحارثُ بن وَعْلة([5]) :
أم هل تركتَ نساء الحيِّ ضاحيَةً *** في قاعة الدَّارِ يستوقدن بالغُبُطِ([6])
ومن هذا الغِبْطة: حُسْن الحالِ ودوامُ المَسَرَّة والخَيْر.
والأصل الآخر الغَبْط، يقال: غبَطْتُ الشَّاةَ، إذا جسستَها([7]) بيدك تنظر بها سِمَنٌ. قال:
إنِّي وأَتْيي بُجَيْرَاً حينَ أسألُه *** كالغابِطِ الكلبَ يرجو الطِّرْق في الذَّنَبِ([8])
ومن هذا الباب: الغَبِيط: أرضٌ مطمئنّة، كأنّها غُبِطَتْ حتى اطمأنَّت.
والثالث الغَبْط، وهو حَسَدٌ يقال إنَّه غيرُ مذموم، لأنَّه يَتمنَّى ولا يُريد زوالَ النِّعمة من غيره، والحَسَدُ بخلاف هذا. وفي الدعاء. "اللهمَّ غَبْطاً لا هَبْطاً"، ومعناه اللهمَّ [نَسْأَلُك أن] نُغبَط ولا نهْبَطَ، أي لا نُحَطّ.
(غبق) الغين والباء والقاف كلمةٌ واحدة، وهي الغَبُوق: شُرب العشيّ. يقال: غَبَقْتُ القوْمَ غَبْقاً، واغْتَبَق اغتباقاً.
(غبن) الغين والباء والنون كلمةٌ تدُلُّ على ضَعفٍ واهتضام. يقال غُبِنَ الرّجُل في بَيعه، فهو يُغْبَنُ غَبْناً، وذلك إذا اهتُضم فيه. وغَبنَ في رأيه، وذلك إذا ضَعُف رأيُه. والقياسُ في الكلمتين واحد. والغَبِينة من الغَبْن كالشَّتيمة من الشَّتم. والمَغَابِن: الأرفاغ، سمِّيَتْ بذلك للينها وضَعْفها عن قوّةِ غيرها.(4/329)
(غبي) الغين والباء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على تستُّرِ شيء حتى لا يُهتدَى له. من ذلك الغبْية([9]) وهي الزُّبْية، وسمِّيت لأنَّ المَصِيدَ جهِلَها حتى وقَعَ فيها. ومنه: غَبِيَ فلان غَباوةً، إذا كان قليلَ الفِطْنَةِ، وهو غَبِيٌّ. وغَبِيتُ عن الخَبَر، إذا جهلتَه. ويقال: جاءت غَبْيَة من مَطَر، وذلك إذا جاءت بظُلْمَةٍ واشتدادٍ وتكاثُفٍ([10]) .
(غبث) الغين والباء والثاء ليس بشيء. وذكروا عن الفَرّاء أنَّه قال: غَبَثَت الأقط مثل عَبَثْته.
ـــــــــــــــ
([1]) البيت من معلقته المشهورة.
([2]) في الأصل: "والغبراء" صوابه في المجمل واللسان. والغبيراء، يقال لها: "السُّكُرْكَة"، يتخذها الحبش.
([3]) فسره استينجاس في معجمه 697 بقوله: "Dun or cream" أي أشهب، أو ذو لون يشبه لون القشدة.
([4]) ديوان ذي الرّمة 22 واللسان (غبش، طرق). وقبله:
حتى إذا ما جلا عن وجهه فلق *** هاديه في أخريات الليل منتصب
([5]) في اللسان (غبط) أنه وعلة الجرمي.
([6]) روايته في اللسان: "في ساحة الدار".
([7]) في الأصل: "حبستها" تحريف.
([8]) وكذا وردت روايته في المجمل. وفي اللسان (غبط) وبعض نسخ إصلاح المنطق 266: "وأتيي ابن غلاق"؛ وفي بعضها الآخر: "وأتيي ابن علاق".
([9]) وردت هذه الكلمة أيضاً في المجمل، ولم ترد في المعاجم المتداولة.
([10]) في الأصل: "وتكاسف". ...
ـ (باب الغين والتاء وما يثلثهما)
(غتم) الغين والتاء والميم أصلٌ يدلُّ على انفلاقٍ في الشيء وانسداد. من ذلك الغُتْمة، وهي العُجْمة في المَنْطِق. ويقال للأخْذ بالنَّفْس: الغَتْم. ويقال للرَّجُل إذا مات: "ورَدَ حِياضَ غُتَيم"، وهو ذلك القياسُ لأنَّه يأتي بيتاً مسدوداً.
ـ (باب الغين والثاء وما يثلثهما)(4/330)
(غثر) الغين والثاء والراء أُصيلٌ يدلُّ على تجمُّع من ناسٍ غير كرام. يقولون: الغَثْرَاء: سَفِلَة النّاس، وجماعتُهم* غَيْثَرة؛ وأصله من الأغثَر، وهو الطُّحْلَُب المجتمع. والأغْثَر من الأكسية: ما كثُر صُوفُه.
(غثم) الغين والثاء والميم كلمتانِ متباينتانِ. فالأغثم من الشَّعَْر: ما غَلبَ بياضُه سوادَه. قال:
* إمّا تَرَيْ دهراً عَلاَني أغْثَمُهْ(1) *
والكلمة الأخرى: غَثَمْتُ له من مالي: أعطيتُه.
(غثي) الغين والثاء والحرف المعتل كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعِ شيء دَنِيٍّ فوق شيء. من ذلك الغُثَاء: غُثَاء السَّيْل. يقال: غثا الوادِي(2) يغثو، وأغثى يُغْثِي أيضاً. قال:
من السَّيْل والإغْثَاءِ فَِلْكَةُ مِغْزَلِ(3) *** كأنَّ طَمِيَّةَ المُجَيْمِرِ غُدْوَةً
ويروى: "والغُثَّاء". ويقال لسَفِلة الناس: الغُثَاء، تشبيهاً بالذي ذكرناه. ومن الباب: غَثَتْ نَفسُه تَغْثِي، كأنَّهَا جاشت بشيء مؤذٍ.
ـــــــــــــــ
(1) الرجز لرجل من فزارة كما في اللسان (غثم، لهزم) ونوادر أبي زيد 52. وانظر شروح سقط الزند 293.
(2) الفعل واوي يائي.
(3) البيت لامرئ القيس. والرواية المشهورة فيه: "كأن ذرى رأس المجيمر". وروايتنا هذه أنشدها في اللسان (طما)، وقال: "وطمية: جبل".
ـ (باب الغين والدال وما يثلثهما)(4/331)
(غدر) الغين والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تَرك الشيء. من ذلك الغَدْر: نَقْضُ العَهْد وتَرْك الوفاءِ به. يقال غَدَر يَغْدِرُ غَدْراً. ويقولون في الذَّمِّ: يا غُدَرُ، وفي الجمع: يالَغُدَرَ([1]) . ويقال: ليلةٌ غَدِرَةٌ: بيِّنَة الغَدَر، أي مُظْلمة. وقيل لها ذلك لأنّها تُغَادِرُ النَّاسَ في بيوتهم فلا يَخْرُجُون من شدَّة ظُلْمتها. والغَدير: مُستنقَع ماء المطر، وسمِّي بذلك لأنّ السَّيل غادَرَه، أي ترَكَه. ومن الباب: غَدِرَتِ الشَّاة، إذا تخلَّفَتْ عن الغَنم. فإِنْ تَرَكها الرَّاعي فهي غَدِيرة. والغَدَر: الموضِع الظَّلِفُ الكثير الحِجارة. وسمِّي بذلك لأنَّه لا يكاد يُسْلَك، فهو قد غودر([2]) ، أي تُرِك. ويقال: رجل ثَبْتُ الغَدَر، أي ثابتٌ في كلامٍ وقتال. هذا مشتقٌ من الكلمة التي قبله، أي إنّه لا يبالي أن يسلُكَ الموضعَ الصَّعبَ الذي غَادَرَهُ الناسُ من صُعوبته. والغَدائر: عقائصُ الشَّعر، لأنَّها تُعْقَص وتُغْدَر، أي تُتْرَك كذلك زماناً. قال:
غدائرُهُ مستَشْزِرَاتٌ إلى العُلى *** تَضِلُّ العِقَاصُ في مُثَنَّىً وَمُرْسَلِ([3])
(غدن) الغين والدال والنون أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ واسترسال وفَتْرَة. من ذلك المُغْدَوْدِن: الشَّعَْر الطَّويل الناعم المسترسل. قال حسان:
وقامت تُرائيكَ مُغْدَوْدناً *** إذا ما تنوءُ به آدَها([4])
والشَّبابُ الغُدَانيُّ: الغَضُّ. قال:
* بعد غُدَانيِّ الشَّبَاب الأبْلَهِ([5]) *
وأصلُ ذلك كله من الغَدَن، وهو الاسترخاء والفَتْرَة.
(غدف) الغين والدال والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على سَتْرٍ وتغطية. يقال: أغدَفَتِ المرأة قِناعَها: أرسلَتْه. قال:
إن تُغْدِفي دوني القِناعَ فإنَّني *** طَبٌّ بأَخْذِ الفارِس المستلئِمِ([6])
وأغْدَف اللَّيْلُ: أرْخَى سُدولَه. وأمّا الغُراب الضَّخم فإنَّه يُسمَّى غُدافاً، وهذا تشبيه بإغداف اللَّيل: إظْلامِه([7]) .(4/332)
(غدق) الغين والدال والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على غُزْر وكثرةٍ ونَعْمَة. من ذلك الغَدَق، وهو الغَزير الكثير. قال الله تعالى: {لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً} [الجن 16]. والغَدَق([8]) والغَيْدَاق: النَّاعم من كلِّ شيء. ويقال غَدِقت عين الماء تَغْدَق غَدَقاً. والغَيْداق: الرَّجلُ الكريم الخُلُق. وزعَم ناسٌ أنَّ الضبَّ يسمَّى غَيداقاً، ولعلّ ذلك لا يكون إِلاَّ لسِمَن ونَعْمةٍ فيه.
(غدو) الغين والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على زمانٍ. من ذلك الغُدُوّ، يقال غدا يغدو. والغُدْوة والغَدَاة، وجمع الغُدوة غُدَىً، وجمع الغَداة غَدَوات. والغادية: سحابةٌ تنشَأ صَباحاً. وأفعلُ ذلك غداً. والأصل غَدْواً. قال:
* بها حيث حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ([9]) *
والغَدَاء: الطّعام بعينه، سمِّي بذلك لأنَّه يؤكَل في ذلك الزمان.
ــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "غدور" في هذا الموضع وسابقه، صوابه في المجمل واللسان.
([2]) في الأصل: "فهي فقد غودر".
([3]) البيت لامرئ القيس في معلقته.
([4]) ديوان حسان 138 واللسان (غدن).
([5]) لرؤبة في ديوانه 165 واللسان (غدن).
([6]) البيت لعنترة في معلقته المشهورة.
([7]) في الأصل: "ظلامه".
([8]) وكذا ورد في المجمل. والمعروف في سائر المعاجم: "الغيدق".
([9]) للبيد في ديوانه 22 واللسان (غدا). وصدره:*وما الناس إلا كالديار وأهلها* ...
ـ (باب الغين والذال وما يثلثهما)
(غذم) الغين والذال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جنسٍ من الأكل والشُّرب. من ذلك: الغَذْم: الأكل بجفاء وشِدّة. ويقال: اغتَذَم الفصيل ما في ضَرْع أُمِّه، [إذا شرِبَه(1) ] كُلَّه.
(غذي) الغين والذال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح* يدلُّ على شيء من المأكل، وعلى جنسٍ من الحركة.(4/333)
فأمَّا المأكل فالغِذَاء، وهو الطَّعام والشَّراب. وغَذِيُّ المالِ وغَذَوِيُّه: صِغاره، كالسِّخال ونحوها. وسمِّي غَذَوِيَّاً لأنه يُغْذَى.
وأمَّا الآخر فالغَذَوانُ: النَّشيط من الخَيل، سمِّي لشبابه وحركته. ويقال غَذَّى البَعيرُ ببوله يُغَذِّي، إذا رَمَى به متقطِّعاً. وغَذَا العِرْق يغذو، أي يَسيل دماً. قال:
غذَا والزِّقُّ ملآنُ(2) *** وطَعنٍ كفم الزّقِّ
ــــــــــــــــ
(1) التكملة من المجمل.
(2) للفند الزماني، من مقطوعه في حماسة أبي تمام (1: 5-7). ***
ـ (باب الغين والراء وما يثلثهما)
(غرز) الغين والراء والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رَزِّ الشَّيء في الشيء. من ذلك غَرَزْتُ الشَّيءَ أغرِزُه غَرْزاً. وغَرَزْتُ رِجله في الغَرْز. وغَرَزَت الجرادةُ بذَنَبِها في الأرض، مثل رَزّت. والطَّبيعة غريزة، كأنَّها شيء غُرِز في الإنسان. فأمَّا قولهم: اغترَزْت الشَّيءَ، واغترَزْت السَّيرَ اغترازاً، إذا دَنَا سيرك فمعناه تقريبُ السَّير، أي كأنِّي الآنَ وضعتُ رِجلي في غَرْز الرَّحْل. وأمَّا قولهم: غَرَزَت النَّاقةُ، إذا قلَّ لبنُها فمعناه من هذا أيضاً، كأنَّ لبَنَها غُرِزَ في جسمها فلم يَخْرُجْ.
(غرس) الغين والراء والسين أصلٌ صحيحٌ قريبٌ من الذي قبله. يقال: غَرَسْتُ الشَّجرَ غَرْساً، وهذا زَمَنُ الغِراس. ويقال إنَّ الغَرِيسة: النَّخْلةُ أوّلَ ما تَنبت.
ومما شذَّ عن هذا الغِرْس: جِلدةٌ رقيقة تخرجُ على رأس الوَلَد. قال:
* كُلَّ جنينٍ مُشْعَرٍ في غِرْسِ([1]) *
(غرض) الغين والراء والضاد من الأبواب التي لم تُوضَع على قياسٍ واحد، وكَلِمُه متباينةُ الأصول، وستَرى بُعْد ما بينهما.(4/334)
فالغَرْض والغُرْضَة: البِطانُ، وهو حِزام الرَّحْل. والمَغْرِض من البعير كالمَحْزِم من الدابَّة. والإغريض: البَرَد، ويقال بل هو الطَّلع. ولحمٌ غَريض: طريٌّ. وماءٌ مغروضٌ مثلُه. والغَرَض: المَلاَلة، يقال غَرِضْت به ومنه. والغَرَض: الشَّوق. قال:
مَن ذا رسولٌ ناصحٌ فمبلِّغٌ *** عنِّي عُلَيَّةَ غيرَ قِيل الكاذِب([2])
أنِّي غَرِضْتُ إلى تَنَاصُفِ وجهِها *** غَرَضَ المحبِّ إلى الحبيب الغائبِ ...
ويقال: غَرَضت المرأة سِقاءها: مَخَضته. وغَرَضْنا السَّخْلَ نَغرِضهُ، إذا فَطَمْناه قبل إناه. والغَرْض: النُّقصان عن المِلْء. يقال: غَرِّضْ في سقائك، أي لا تملأه. ويقال: وَرَدَ الماءَ غارِضاً، أي مبكراً. والمَغَارض: جوانب البطن أسفَلَ الأضلاع، الواحد مَغْرِض.
(غرف) الغين والراء والفاء أصلٌ صحيحٌ، إلاَّ نَّ كَلِمهُ لا تنقاس، بل تتباين، فالغَرْف: مصدر غَرَفْت الماءَ وغيرَه أَغرِفُه غَرْفاً. والغُرفة: اسمُ ما يُغْرَف. والغَرِيف: الأجَمَة، والجمع غُرُف. قال:
* كما رَزَمَ العَيّار في الغُرُفِ([3]) *
والغُرْفة: العُِلِّيَّة. ويقال: غَرَفَ ناصيةَ فرسِهِ، إذا استأصلها جَزّاً.
(غرق) الغين والراء والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على انتهاءٍ في شيء يبلغ أقصاه. من ذلك الغَرَق في الماء. والغَرِقة: أرضٌ([4]) تكون في غاية الرِّيّ. واغْرَوْرَقت العينُ والأرض من ذلك أيضاً، كأنها قد غَرِقت في دمعها.
ومن الباب: أغرَقْتُ في القَوس: [مدَدتُها] غايةَ المدّ. واغْتَرَق الفرسُ في الخيل، إذا خالَطَها ثم سَبَقَها.
ومما شذَّ عن هذا الباب الغُرْقة من اللَّبن: قدر ثُلث الإناء، والجمع غُرَق. قال:
تُضْحِي وقد ضمِنت ضَرَّاتها غُرَقاً *** من طيِّب الطَّعم حلوٍ غير مجهودِ([5])
(غرل) الغين والراء واللام كلمةٌ واحدة، وهي الغُرْلة، وهي القُلْفَة. والأغرل: الأقْلَف، ويقولون: إنَّ الغَرِل: المسترخِي الخَلْق.(4/335)
(غرم) الغين والراء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازَمة ومُلازَّة. من ذلك الغَريم، سمِّي غريماً للُزومه وإلحاحه. والغَرَام: العذاب اللازم، في قوله تعالى: {إنَّ عَذَابَهَا كانَ غَرَاماً} [الفرقان 65]. قال الأعشى:
إنْ يعاقِبْ يكنْ غَراماً وإن يُعْـ *** طِ جزيلاً فإنَّه لا يُبالِي([6])
وغُرْم المالِ من هذا أيضاً، سمِّي لأنَّه مالُ الغَرِيم.
(غرن) الغين والراء والنون كلمةٌ واحدة، يقولون إنَّ الغَرِين([7]) : ما يَبقى في الحوض من مائه* وطِينِه.
(غرو) الغين والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيح، وهو يدلُّ على الإعجاب والعَجَبِ لحُسْن الشَّيء. من ذلك الغَرِيُّ، وهو الحَسَن. يقال منه رجلٌ غَرٍ. ثمَّ سمِّي العَجَبُ غَرْواً. ومنه: أغريتُه بالشَّيء الذي تُلصَق به الأشياء. ويقال: غَارَت العينُ بالدَّمع غِراءً، إذا لجَّت في البكاء. وغَرِيَت بالدَّمع. وقال الشَّاعر([8]) :
إذا قلتُ أسلُو غارَتِ العينُ بالبُكا *** غِراءً ومَدَّتْها مدامعُ حُفَّلُ([9])
(غرب) الغين والراء والباء أصلٌ صحيح، وكَلمُهُ غير منقاسةٍ لكنَّها متجانسة، فلذلك كتَبْناه على جهته من غير طلبٍ لقياسه.
فالغَرْب: حَدُّ الشّيء. يقال: هذا غَرْبُ السَّيف. ويقولون: كفَفْتُ من غَرْبه، أي أكْلَلْتُ حَدَّه وقولهم: استَغْرَب الرّجُل([10]) ، إذا بالَغَ في الضَّحِك، ممكنٌ أن يكون من هذا، كأنَّهُ بلغ آخِرَ حدِّ الضَّحِك. والغَرْب: الدَّلو العظيمة. والغَرْبانِ من العين: مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها. وغُروب الأسنان: ماؤُها. فأمَّا الغُروب فَمَجارِي العَين. قال:
مالَكَ لا تذكُرُ أُمَّ عمرِو *** إلاّ لعينَيْك غَروبٌ تَجْرِي([11])
والغَرْب أيضاً بسكون الراء([12]) ، في قولهم: أتاهُ سَهْمٌ غَرْب، إذا لم يُدْرَ مَن رماه به.(4/336)
وأمّا الغَرَب بفتح الراء، فيقال إنَّ الغَرَبَ([13]) : الرَّاوية. والغَرَب: ما انصبَّ من الماء عند البئر فتغيَّرَتْ رائحتهُ. قال ذو الرُّمة:
* واسْتُنْشِئَ الغَرَبُ([14]) *
والغَرْب: شَجَر. ويقولون –والله أعلَمُ بصحّته-: إنَّ الغَرَب: إناءٌ من ذهب أو فِضَّة. ويُنشِدون:
فدعْدَعا سُرَّةَ الرَّكيِّ كَما *** دَعْدَعَ ساقِي الأعاجم الغَرَبا([15])
والغَرْب: الوَرَم في المأْق، يقال منه غَرِبَت العينُ غَرَباً. والغَرْب: عِرْقٌ يَسقِي ولا يَنقطِع. والغُرْبة: البُعد عن الوطن، يقال: غَرَبَت الدَّار. ومن هذا الباب: غُروب الشَّمس، كأنَّه بُعْدُها عن وجه الأرض. وشَأْوٌ مُغَرَِّبٌ([16]) ، أي بعيد. قال:
أعْهَدَكَ مِن أُولَى الشَّبيبةِ تطلبُ *** على دُبُرٍ هيهاتَ شَأْوٌ مغرَِّبُ([17])
ويقولون: "هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ"، يريدون خبراً أتَى من بُعد.
وفي كتاب الخليل: "إذا أمْعَنَت الكلابُ في طلب الصَّيد قيل: غرَّبَت". وفيه نظر.
والغارب: أعلى الظَّهر والسَّنام. يقال: أَلْقَى حبلَه على غاربه، إذا خلاَّه. والغُراب معروف. والغُرابانِ: نُقرتانِ عند صَلَوَي العَجُز من الفَرس. والغُرَاب: رأس الفأس. ورِجْل الغُراب: نوعٌ من الصَّرِّ. قال الكميت:
* صُرَّ رِجْلَ الغُرابِ([18]) *
والغِربيب: الأسود، كأنّه مشتقٌّ من لون الغُراب. والمُغْرَب: الأبيض الأشفار من كلِّ شيء. والغَرْبيّ: الفضيخ من البُسْر يُنْبَذ. والغَرْبيُّ: صِبْغٌ أحمر.
(غرث) الغين والراء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على الجُوع. والغَرث: الجوع. ورجلٌ غَرْثانُ. ويستعيرون هذا فيقولون: جاريةٌ غَرْثَى الوِشاح، لأنَّها دقيقةُ الخَصْرِ لا يُملأ وِشاحُها، وكأنَّ وِشاحَها غَرثان.(4/337)
(غرد) الغين والراء والدال كلمتان: إحداهما صوت، والأخرى نبت. فالأولى: غرَّد الطّائر في صوته يُغَرِّد تغريداً. والكلمة الأخرى: الغَرَْد: الكمأة، الواحدة غَرَْدة. والمَغَاريد: نبتٌ، الواحدة مُغْرود، وزعموا أنَّها هي الكمأة أيضاً.
ــــــــــــــــ
([1]) لمنظور بن مرثد الأسدي في اللسان (أبس). وأنشده في (غرس) بدون نسبة. وقبله: * يتركن في كل مناخ أبس *
([2]) وكذا أنشدهما في المجمل. والشعر لابن هرمة كما في اللسان (نصف، غرض). وفي الأصل: "قتل الكاذب"، وصوابه ما أثبت. والقيل: القول. على أن هذه الكلمة المحرفة ساقطة من المجمل.
([3]) البيت بتمامه كما في اللسان (عير):
لما رأيت أبا عمرو رزمت له *** مني كما رزم العيار بالغرف
([4]) في الأصل: "أيضاً"، صوابه في المجمل.
([5]) البيت للشماخ، وقد سبق في (جهد، عرق).
([6]) ديوان الأعشى 10 واللسان (غرم).
([7]) بفتح فكسر، وبكسر العين وسكون الراء وفتح الياء، لغتان ذكرهما في القاموس.
([8]) هو كثير، كما في المجمل واللسان (غرا) والمخصص (12: 67).
([9]) كلمة "غراء" ساقطة من الأصل، وإثباتها من المراجع المتقدمة.
([10]) يقال أيضاً "استغرب" بالبناء للمجهول، بل هو أكثر.
([11]) الرجز في اللسان (غرب).
([12]) في اللسان: "بفتح الراء وسكونها، بالإضافة وغير الإضافة". وضبط في المجمل بسكون الراء مع الإضافة.
([13]) يقال للرواية أيضاً بسكون الراء.
([14]) قطعة من بيت لذي الرمة في ديوانه 11 واللسان (غرب). وهو بتمامه:
وأدرك المتبقى من ثميلته *** ومن ثمائلها واستنشئ الغرب
([15]) البيت للبيد في ديوانه 142 طبع 1880 واللسان (دعع، ركا). ونسب في (غرب) إلى الأعشى خطأ. وروي: "سرة الركاء"، وهذه أيضاً تروى بفتح الراء وكسرها، كما في اللسان (دعع، ركا) وهو اسم موضع.
([16]) يقال بفتح الراء المشددة وكسرها.
([17]) الكميت في اللسان (غرب، دبر).
([18]) البيت بتمامه كما في اللسان (غرب):(4/338)
صر رجل الغرلب ملكك في النا *** س على من أراد فيه الفجورا
ـ (باب الغين والزاء وما يثلثهما)
(غزل) الغين والزاء واللام ثلاثُ كلماتٍ متباينات، لا تُقاس منها واحدةٌ بأخرى.
فالأُولى: الغَزْل، يقال غَزَلت المرأة غَزْلَها، والخشبة مِغْزَل، والجمع مَغازِل.
والثانية: الغَزَل، وهو حديث الفِتْيان والفَتَيات. ويقال: غَزِلَ الكَلْب غَزَلاً، وهو أن يَطلُبَ الغزالَ حتّى إذا أدرَكَه تركه ولَهَا عنه.
والثانية: الغزال، وهو معروف، والأنثى غَزَالة، ولعلَّ اسمَ الشَّمسِ مستعارٌ من هذا، فإنَّ الشَّمسَ تسمَّى الغزالةَ ارتفاعَ الضُّحى.
(غزو) الغين والزاء والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما طلب شيء، والآخر في بابِ اللِّقاح.
فالأوَّل الغَزْو. *ويقال: غَزَوت أغزو. والغازي: الطَّالِبُ لذلك، والجمع غُزَاة وغَزِيٌّ أيضاً([1]) ، كما يقال لجماعة الحاجّ حَجيج. والمُغزِيَة: المرأة التي غزا زَوْجها.ويقال في النِّسبة إلى الغَزْو: غَزَوِيّ.
والثاني: قولهم: أغْزَت النَّاقةُ، إذا عَسُر لِقاحُها. وقال قومٌ: الأَتَان المُغْزِية: التي يتأخَّر نِتاجُها ثم تُنْتَج. قال الهذليّ([2]) :
يُرِنُّ على مُغْزِياتِ العِقا *** قِ يَقْرُو بها قَفَراتِ الصِّلالِ([3])
(غزد) الغين والزاء والدال ليس يُشْبِه صحيح كلام العرب. وقد زعموا أنَّ الغِزْيد([4]) الشديد الصوت، وأن الغِزْيَد: النبات النّاعم. والله أعلم.
(غزر) الغين والزاء والراء كلمةٌ واحدة، وهو قولهم: غَزُرت الناقة: كثُر لبنها غَُزْراً وغَزَارة. وعين غَزيرَةٌ، ومعروفٌ غزير.
ـــــــــــــــــ
([1])ويقال أيضاً "غزى" بضم الغين وتشديد الزاي المفتوحة، و"غزاء" بالمدّ. قال تأبط شراً:
فيوما بغزاء ويوماً بسربة *** ويوماً بخشخاش من الرجل هيضل
([2]) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 177) واللسان (غزا).
([3]) يرن: يصوت. وفي اللسان: "يزن"، تحريف.(4/339)
([4]) في الأصل: "الغرد صوت"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس. وفي القاموس: "الغزيد كحذيم: الشديد الصوت، أو هو تصحيف غريد". ...
ـ (باب الغين والسين وما يثلثهما)
(غسل) الغين والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تطهيرِ الشّيء وتنقِيَته. يقال: غَسَلتُ الشَّيءَ غَسْلاً. والغُسْل الاسم. والغَسُول: ما يُغْسَل به الرَّأس من خِطْميٍّ أو غيره. قال:
عليَّ حرامٌ لا يَمَسُّنِيَ الغِسْلُ(1) *** فيا لَيْلَ إنَّ الغِسْلَ ما دُمْتِ أيِّماً
ويقال: فحلٌ غُسَلَة، إذا كثُر ضِرابُه ولم يُلْقِح. والغِسْلينُ المذكور في كتاب الله تعالى، يقال إنَّه ما يَنْغسلُ من أبدان الكفّار في النار.
(غسا) الغين والسين والحرف المعتلّ حرفٌ واحد، يدلُّ على تناهٍ في كِبَرٍ أو غيره. يقال غَسَا اللَّيلُ وأغْسَى. وشيخ غَاسٍ: طال عمرُه. ورُوِي أنَّ قارئاً قرأ: "وَقَدْ بَلَغْتُ من الكِبَر غُسِيّاً(2) ".
(غسر) الغين والسين والراء كلمةٌ إنْ صحّت تدلُّ على اختلاطٍ. يقولون: تغَسَّر الغَزْل، إذا التَبَس.
قال ابن دريد(3) : "الغَسَر: ما طرحَتْه الريح في الغَدِير. ثم كثُر حتى قالوا: تغسَّرَ الأمر: اختلط".
(غسم) الغيم والسين والميم ليس بشيء. وربَّما قالوا الغَسَم، الظُّلْمة.
(غسن) الغين والسين والنون كلمةٌ. يقولون إنَّ الغُسَن: خُصَل الشَّعر. ويقال للناصية: غُسْنة.
(غسق) الغين والسين والقاف أصلٌ صحيح يدل على ظُلْمة. فالغَسَق: الظلمة. والغاسِق: الليل. ويقال: غَسَقت عينُه: أظلمت. وأغْسَقَ المؤذِّن، إذا أخَّر صلاةَ المغرب إلى غَسَق اللَّيل. وأمّا الغَسَّاق الذي جاء في القرآن، فقال المفسِّرون: ما تقطَّرَ من جلود أهل النار.
ــــــــــــــــــ
(1) لعبد الرحمن بن دارة، كما في اللسان (غسل). وهو في المجمل بدون نسبة. وفي الأصل: "فيا ليت"، صوابه في المجمل واللسان.(4/340)
(2) لم أجد سنداً لهذه القراءة إلا ما رواه ابن فارس. وقراءة السبعة "عتيا". فقرأ أبو بحرية وابن أبي ليلى والأعمش وحمزة والكسائي بكسر العين, وباقي السبعة بالضم، عبد الله بالفتح. وعن عبد الله ومجاهد: " عسيا" بضم العين والسين مكسورة، وحكاها الداني عن ابن عباس، والزمخشري عن أبي مجاهد. تفسير أبي حيان (6: 175).
(3) الجمهرة (2: 332) مع تصرف.
ـ (باب الغين والشين وما يثلثهما)
(غشم) الغين والشين والميم أصلٌ واحد يدلُّ على قَهْر وغَلَبة وظُلْم. من ذلك الغَشْم، وهو الظُّلم. والحَرْبُ غشومٌ لأنَّها تنال غيرَ الجاني. والغَشَمْشَم: [الذي] لا يثنيه [شيءٌ] من شجاعته(1) . وزيد في حروفه للزِّيادة في المعنى.
(غشي) الغين والشين والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على تغطيةِ شيءٍ بشيء. يقال غَشَّيت الشَّيءَ أُغَشِّيه. والغِشاء: الغِطاء. والغاشِية: القيامة، لأنَّها تَغْشَى الخَلْق بإفزاعها. ويقال: رَمَاه الله بغاشيةٍ، وهو داء يأخذ كأنّه يغشاه. والغِشْيان: غِشْيان الرّجُل المرأة.
ـــــــــــــــــ
(1) نص المجمل: "الغشمشم: الرجل الذي لا يثني رأسه شيء من شجاعته".
ـ (باب الغين والصاد وما يثلثهما)
(غصن) الغين والصاد والنون كلمة واحدة، وهي غُصْن الشَّجَرة، والجمع غُصُون وأغصان. ويقال: غَصَنت الغُصْن: قَطَعْتُه.
ـ (باب الغين والضاد وما يثلثهما)
(غضف) الغين والضاد والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على استرخاءٍ وتهدُّم وتغَشٍّ. من ذلك الأغْصَف من السِّباع: ما استرخت أذُنه. ومن الباب: ليلٌ أغضَفُ، أي أسودُ يغشَى بظلامه. قال ذو الرُّمَّة:
قد أعسِفُ النَّازحَ المجهولَ مَعْسِفُه *** في ظلِّ أغضَفَ يدعو هامَهُ البومُ([1])(4/341)
ويقولون: عيشٌ غاضِف، أي ناعم، كأنَّه قد غَشِيَ بخيره([2]) وغَضَارته. *والغُضْف([3]) : القَطا الجُون، وهذا على التَّشبيه بالليل وسَوادِه. ويقال: تغضَّفَت البِئر، إذا تهدَّمت أَجوالُها فغَشِيَتْ ما تحَتَها. ويقال: غَضَفت الأُتن تَغْضِفُ، إذا أخذَتْ الجريَ أخْذاً. وهذا لأنَّها تَغْشَى الأرض بجريها. قال:
يَغُضُّ ويَغْضِفْن من ريِّقٍ *** كشُؤبوبِ ذي بَرَدٍ وانسجال([4])
(غضن) الغين والضاد والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على تثنٍّ وتكسُّر. من ذلك الغُضُون: مَكاسر الجِلْد، ومَكاسِر كلِّ شيء غُضون. وتغضَّنَ جِلدُه. والمغاضَنَة: مكاسَرة العينين. ومن الباب قولهم: ماغَضَنك عن كذا، أي ما عاقك عنه. وغَضَن العَينِ: جلدُها الظّاهر، سمِّي لتكسُّرٍ فيه.
ومما شذَّ عن هذا الباب قولهم: "غَضَنت النّاقةُ بولدها، إذا ألقَتْه قبل أن يُنْبِت.
(غضر) الغين والضاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسنٍ ونَعْمة ونَضرة. من ذلك الغَضَارة: طيبُ العَيش: ويقولون في الدُّعاء: أبادَ الله تعالى غَضراءهم، أي خَيرهم وغضارتهم. قال عبد الله بن مُسلم: أصل الغَضْراء طِينةٌ خضراءُ عَلِكة. يقال: أَنْبَطَ بئرَه في غَضْراءَ، ويقال: دابّةٌ غَضِرةُ النَّاصية. إذا كانت مباركة.
ومن الباب: الغاضر: الجلد الذي أُجِيد دبغُه.
ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم: لم يَغْضِرْ عن ذلك، أي لم يَعْدِل عنه. قال ابنُ أحمر:
* ولم يَغْضِرْنَ عن ذاك مَغْضَرا([5]) *
والغَضْوَر: نَبْت.
(غضب) الغين والضاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على شدَّة وقُوّة. يقال: إنَّ الغَضْبة: الصَّخرة الصُّلبة. قالوا: ومنه اشتُقَّ الغَضَب، لأنَّه اشتدادُ السُّخط. يقال: غَضِب يَغْضَبُ غَضَباً، وهو غضبانُ وغَضُوب. ويقال: غَضِبْتُ لفلانٍ، إذا كان حيّاً؛ وغضبت به، إذا كان ميّتاً. قال دُرَيد:
* أنَّا غِضابٌ بمعبدِ([6]) *
ويقال: إنَّ الغَضُوب: الحيَّة العظيمة.(4/342)
(غضل) الغين والضاد واللام. يقولون: أَغْضَلَتِ الشَّجرة واغضالَّتْ([7]) ، إذا كثُرت أغصانها.
(غضا) الغين والضاد والحرف المعتلّ كلمتان: فالأولى: الإغضاء: إدناء الجُفون. وهذا مشتقٌّ من اللَّيلة الغاضِية، وهي الشَّديدة الظُّلمة.
والكلمة الأخرى: الغَضَا، وهو شجرٌ معروف. يقال: أرضٌ غَضْيَاء: كثيرة الغَضَا. ويقال: إبلٌ غَضِيَةٌ: اشتكَتْ عن أكل الغَضَا.
ــــــــــــــ
([1]) سبق إنشاده في (بوم، ظل، عسف).
([2]) في الأصل: "لخيره".
([3]) وكذا ورد ضبطه في المجمل. وفي اللسان: "قال ابن بري: صوابه والغَضَف: القطا الجوني. غيره: والغَضَفة: ضرب من الطير قيل إنها القطاة الجونية، والجمع غضف".
([4]) لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوان الهذليين (2: 180) وفي الديوان: "وانسحال". والانسجال والانسحال: الانصباب.
([5]) البيت بتمامه كما في اللسان (غضر) وإصلاح المنطق 430:
تواعدن أن لا وعي عن فرج راكس *** فرحن ولم يغضرن عن ذاك مغضرا
([6]) البيت بتمامه كما في الأصمعيات 23 ليبسك واللسان (غضب):
فإن تعقب الأيام والدهر فاعلموا *** بني قارب أنا غضاب بمعبد
([7]) كذا ورد هذا الفعل والذي قبله. والذي في المجمل: "اغضالت" فقط. وفي اللسان والقاموس: "اغضألت" بالهمزة.
ـ (باب الغين والطاء وما يثلثهما)
(غطف) الغين والطاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خَير وسُبوغٍ في شيء، وأصله الغَطَف في الأشفار، وهو كثرتُها وطولُها وانثناؤُها. ثم يقال: عيشٌ أغطَف، إذا كان ناعماً منثَنِياً على صاحبه بالخَير. والمصدر الغَطَف.
(غطل) الغين والطاء واللام ثلاث كلمات: الغَيْطَلة: الشَّجَرَةُ، والجمع الغَيْطَل. قال:
فظلّ يُرَنِّحُ في غَيطلٍ *** كما يستدير الحِمارُ النّعِرْ([1])
والغَيْطلة: البَقَرَة. والغيطلة: التجاج اللَّيلِ وسوادُه([2]) .(4/343)
(غطم) الغين والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على كثرةٍ واجتماع. من ذلك البحر الغِطَمُّ. ويقال لمُعْظَمِ البَحْر. غُطَامِطٌ. ورجلٌ غِطَمٌّ: واسع الخُلُقُ.
(غطو) الغين والطاء والحرف المعتل يدلُّ على الغِشاء والسَّتر. يقال: غَطَيت الشَّيءَ وغَطَّيْتُه. والغِطاء: ما تَغَطَّى به. وغَطَا اللّيلُ يَغْطُو، إذا غَشَّى بظلامه.
(غطش) الغين والطاء والشين أصلٌ واحدٌ صحيح، يدلُّ على ظُلْمَةٍ باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله غين
وما أشبَهها. من ذلك الأغطش، وهو الذي في عينه شِبْه العَمَش، والمرأة غَطْشاء. وفَلاةٌ غَطْشَى: لا يُهْتَدَى لها. قال:
ويَهْماءَ باللَّيلِ غَطْشَى الفلا *** ةِ يؤنِسُني صوتُ فَيَّادِها([3])
وغَطَشَ الليلُ: أظلَمَ. والله تعالى أغْطَشَه([4]) . والمتغاطِش: المتعامِي عن الشَّيء. ويقال: هو يَتَغَاطش.
(غطس) الغين والطاء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على *الغَطِّ. يقال: غطَطْتُه في الماء وغَطَسته. وتَغَاطَسَ القومُ: تغاطُّوا.
ـــــــــــــــــــ
([1]) لامرئ القيس في ديوانه 12 واللسان (رمح، غطل، نعر).
([2]) في الأصل: "الحاح"، صوابه في المجمل واللسان. والالتجاج: الاختلاط.
([3]) للأعشى في ديوانه 54 واللسان (فيد، غطش).
([4]) ويقال أيضاً أغطش الليل بنفسه. ...
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله غين)
من ذلك (الغَطَمَّش): الكليل البَصَر. والغَطَمَّش: الظَّلوم الجائر. وهذا مما زيدت فيه الميم، والأصل الغَطْش وهو الظُّلْمة([1]) . والجائر يتغاطَش عن العَدْل، أي يتعامَى.
ومن ذلك (الغَشْمَرة): إتْيَانُ الأمرِ من غيرِ تثبُّت، وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من الغَشْم والتشمُّر، لأنه يتشمَّر في الأمر غاشماً.(4/344)
ومن ذلك (الغَمَلّج)، وهو ممّا نُحِتَ من كلمتين: من غَمَج وغلَج، وهو البعير الطَّويل العُنق. فأمَّا غَمَجُه فاضطرابُه. يقال: غَمَج، إذا جاء وذهب. والغَلَج كالبَغْي في الإنسانِ وغيره.
ومن ذلك (الغُضْرُوف): نَغْض الكَتِف([2]) . وهي منحوتةٌ من كلمتين: من غَضَرَ وغَضَف. فأمَّا غَضَرُه فلِينُه، لأنَّه ليس فيه شِدَّة العظم وصلابتُه. وأمَّا غَضَفُه فتثنِّيه، لأنَّه يتثنَّى إذا ثُنِي للينه.
ومن ذلك (الغَطْرسة): التكبُّر. وهذا ممَّا زيدت فيه الراء؛ وهو من الغَطس كأنَّه يَغلِبُ الإنسانَ ويقهرُه حتى كأنَّه غَطَسه، أي غطَّسه.
ومن ذلك (الغَطْرَفة)، وهي الكِبْر والعظمة. قال في التغطرف:
فإِنَّك إنْ أغضبْتَنِي غَضِبَ الحَصَى *** عليك وذُو الجََُبُّورة المتغَطْرِفُ([3])
وهذا أيضا مما زيدت فيه الراء، وهو من الغَطَف، وهو أن يَنْثَنِيَ الشيءُ على الشَّيء حتى يغشاه. فالجبّار يقهر الأشياءَ ويُغَشِّيها بعظمته. و(الغِطْريف) : السَّيِّد يَغْشى بكرمِهِ وإِحسانه.
ومن ذلك (الغَذْمَرَة)، يقال إنَّه رُكوب الأمرِ على غير تثبُّت. وقد يكون في الكلامِ المختلِط. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من غَذَم وذَمَر. أمَّا الغَذْم فقد قلنا إنَّه الأكل بجفاءٍ وشِدَّة. ويقولون: كيلٌ غُذَامِرٌ([4]) ، إذا كان هَيْلاً كثيراً. وأمَّا الذَّمْر فمن ذَمَرته، إذا أغضبتَه. كأنَّه غَذُوم ذَمَر. ثم نحتت من الكلمتين كلمةٌ.
ومن ذلك (الغَضَنْفَر)، وهو الرَّجُل الغليظ، والأسد الغَشُوم. وهذا ممَّا زيدت فيه الراء والنون، وهو من الغَضَف. وقد مضى أنّ اللّيلَ الأغضفَ الذي يُغشِّي بظلامِه.
ومن ذلك (المُغَثْمَرُ)، وهو الثَوْب الخشنُ الرَّديءُ النَّسْج. قال:
عَمْداً كسوتُ مُرْهِباً مُغَثْمَرَا *** ولو أشاءُ حِكْتُهُ مُحَبَّرَا([5])(4/345)
يقول: ألبستُهُ المغَثَْمَرَ لأدفع به عنه العينَ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من غَثمَ وغَثَرَ. أمَّا غَثَر فمن الغُثْر، وهو كلُّ شيء دُونٍ. وأمَّا غَثَمَ فمن الأغثم: المختلط السَّواد بالبياض.
ومما وُضع وضعاً وليس ببعيدٍ أن يكون له قياس (غَرْدَقْتُ) السِّتْرَ: أرسلتُه. و(الغُرْنُوق): الشَّابُّ الجميل. و(الغِرنَِيق) طائر.
ويقولون: (الغَلْفَقُ): الطُّحُلَب.
ويقولون: (اغْرَندَاهُ)، إذا عَلاَهُ وغَلَبه. قال:
قد جعل النُّعاس يَغْرَنْدِينِي *** أدفَعُهُ عني ويَسْرَنْدِينِي([6])
(تم كتاب الغين، والله أعلم بالصواب)
ــــــــــــــــــ
([1]) في الأصل: "وهي العظمة".
([2]) نغض الكتف، بفتح النون وضمها، حيث تذهب وتجيء. ينغضان، أي يتحركان، إذا مشى الإنسان.
([3]) البيت لمغلس بن لقيط الأسدي، كما سبق في (جبر). وفي اللسان (جبر، غترف، غطرف): "فإنك إن عاديتني".
([4]) في الأصل: "غذمذم"، تحريف. يقال: كيل غذامر" وغذارم أيضاً.
([5]) الرجز في اللسان(غثمر). ومرهب: اسم ولد الراجز.
([6]) الرجز في اللسان (سرند، غرند). ...
كتاب الفاء: ـ (باب الفاء وما بعدها في المضاعف والمطابق)
(فق) الفاء والقاف في المضاعف يدلُّ على تفتُّح واختلاطٍ في الأمر. يقال: انفَقّ الشَّيءُ، إذا انفرَجَ. ويقولون: رجلٌ فَقْفَاقٌ، أي أحمق مُخلِّطٌ في كلامه. ويقال فَقَاقٌ أيضاً([1]) .
(فك) الفاء والكاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تفتُّح وانفراج. من ذلك فَكَاك الرَّهْن، وهو فَتْحُه من الانغلاق. وحكى الكسائي: الفِكَاك بالكسر. ويقال: فَكَكْتُ الشَّيءَ أفكُّه فكّاً. وسقط فلانٌ وانفكَّت قدمُه، أي انفرجت. وقولهم: لا ينفكُّ يفعل ذلك، بمعنى لا يزال. والمعنى هو وذلك الفعلُ لا يفترقان. فالقياس فيه صحيح. والفكُّ([2]) : انفراج المَنْكِبِ عن مَفْصِله ضَعْفا.
ومما هو من الباب: الفَكَّانِ: مُلتقى الشِّدْقين. *وسمِّيا بذلك للانفراج.(4/346)
(فل) الفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على انكسارٍ وانثلام. أو ما يقاربُ ذلك. مِن ذلك الفَلُّ: القومُ المنهزِمون. والفُلولُ: الكُسور في حدِّ السيف، الواحدُ فَلٌّ. قال النابغة:
ولا عيبَ فيهم غير أنَّ سُيوفَهم *** بهنَّ فُلولٌ من قِراع الكتائبِ([3])
والفليل: ناب البعير إذا انثلَمَ.
ومما يقارب هذا الفِلُّ: الأرض لا نباتَ فيها. والقياس فيه صحيح. وقال:
* فَِلٌّ عن الخير مَعْزِلُ([4]) *
يقال: أفلَلْنا: صِرنا في الفَِلّ.
ومما شذّ عن هذا الأصل: الفَليلة: الشّعر المجتمِع، والجمع الفليل. قال:
ومُطَّرِدِ الدِّماءِ وحيث يُهْدَى *** من الشَّعَر المضفّر كالفليلِ([5])
(فم) الفاء والميم ليس فيه غير الفم، وليس هذا موضعه، لكن حكي فمٌّ بالضمّ والتشديد. قال: * يا ليتها قد خرجَتْ من فُمِّهْ([6]) *
(فن) الفاء والنون أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على تعنِيَةٍ، والآخَر على ضربٍ من الضُّروب في الأشياء كلِّها.
فالأوّل: الفَنّ، وهو التعنية والإطراد الشّديد. يقال: فَنَنْتُه فَنّاً، إذا أطردتَه وعنّيْتَه.
والآخر الأفانين: أجناس الشّيء وطُرقُه. ومنه الفَنَن، وهو الغصن، وجمعه أفنان، ويقال: شجرةٌ فَنْواء، قال أبو عبيد: كأنّ تقديره فَنّاء.
(فه) الفاء والهاء كلمةٌ واحدةٌ تدل على العِيِّ وما أشبهه، من ذلك الرّجل الفَهُّ، وهو العَيِيّ، والمرأة فَهّةٌ، ومصدره الفَهَاهة. قال:
فلم تَلقَنِي فَهَّاً ولم تَلْقَ حُجَّتي *** مُلَجْلَجَةً أبغِي لها مَنْ يقيمُها([7])
ويقال: خرجتُ لحاجةٍ فأَفَهَّنِي فلانٌ حتَّى فَهِهْت، أي أنسانِيها.
(فأ) الفاء والهمزة مع معتلٍّ بينهما، كلماتٌ تدلُّ على الرجوع. يقال: فاء الفَيء، إذا رجع الظِّلُّ من جانب المغرِب إلى جانب المشرق. وكلُّ رجوعٍ فيءٌ. قال الله تعالى: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ} [الحجرات 9]، أي ترجع. قال الشَّاعر:(4/347)
تَيَمَّمَتِ العَينَ التي عند ضارجٍ *** يَفيءُ عليها الظِّلُّ عِرْمِضُها طامِ([8])
يقال منه: فيَّأَتِ الشَّجرةُ، وتَفَيّأْت أنا في فَيئها. والمرأة تَفيِّئُ شعرَها، إذا حرَّكتْ رأسَها من قِبَل الخُيَلاء. ويقال تفيُّؤها: تكسُّرها لزَوْجِها. والقياس فيه كلِّه واحد. والفيء: غنائمُ تُؤخذ من المشركين أفاءها الله تعالى عليهم. قال الله سبحانه: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى} [الحشر 7]. ويقال: استفأْتُ هذا المالَ، أي أخذتُه فيْئاً. وفلانٌ سريع الفَيءِ من غضبه والفِيئَة.
فأمَّا قولهم: يا فَيْءَ مالِي، فيقولون: إِنَّها كلمةُ أسفٍ. وهذا عندي من الكلام الذي ذهب مَنْ كان يُحسن حقيقةَ معناه. وأنشد:
يا فَيْءَ مالِي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ *** مرُّ الزَّمان عليه والتَّقليبُ([9])
(فت) الفاء والتاء كلمةٌ تدلُّ على تكسير([10]) شيء ورفْتِه. يقال: فَتَتُّ الشَّيءَ أفُتُّ فَتَّاً، فهو مفتوتٌ وفَتيت. وفُتَّة: ما يُفَتُّ ويُوضَع تحتَ الزَّند([11]) . وفَتَّ في عضُده، وذلك إذا أساء إليه، كأنَّه قد فَتَّ من عَضُده شيئاً.
ومما شذَّ عن هذا الأصل الفَتفتة: أن تشرب الإبلُ دونَ الرِّيّ.
(فث) الفاء والثاء كلماتٌ تدلُّ على كَسْر شيءٍ، أو نثرِه، أو قلعه. من ذلك قولهم: فَثَّ جُلَّته: نَثَرها([12]) . وانفَثَّ الرّجُلُ من همٍّ أصابه، أي انكسر.
ويقال إنّ الفَثَّ: الفسيلُ يُقتلَعُ من أصله([13]) .
ومن الباب الفَثُّ، وهو هَبِيدُ الحَنظل، لأنّه يُنثَر.
(فج) الفاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تفتُّح وانفراج. من ذلك الفَجُّ: الطَّريق الواسع. ويقال: قَوسٌ فَجّاءُ، إذا بَانَ وترُها عن كَبِدها. والفَجَج أقْبَحُ من الفَحَج. ومنه حافرٌ مُفِجٌّ، أي مقبَّب، وإذا كان كذا كان في باطنه شِبْه الفَجْوة.
ومما شذَّ عن هذا الأصل: الفِجُّ: الشيء لم ينضَجْ مما ينبغي نُضْجُه.(4/348)
وشذّت كلمةٌ واحدة أخرى حكاها ابنُ الأعرابيّ، قال: أَفَجَّ يُفِجُّ، إذا أسرع. ومنه رجلٌ فجفاجٌ: كثير الكلام.
(فح) الفاء والحاء كلمةٌ واحدةٌ، وهو* الفَحيح: صوتُ الأفعى. قال:
كأَنَّ نَقيقَ الحَبِّ في حاويائِهِ *** فَحِيحُ الأفاعي أو نقيقُ العقاربِ([14])
(فخ) الفاء والخاء كلماتٌ لا تنقاس. من [ذلك] الفَخِيخ كالغَطيط في النَّوم. والفَخَّة: استرخاءٌ في الرجلين([15]) . ويقال الفَخَّة: المرأة الضخمة([16]) . والفَخُّ للصَّيد معروف.
(فد) الفاء والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على صَوت وجَلَبة. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إِنَّ الجفاءَ والقَسْوةَ في الفَدَّادِين([17]) "، وهي أصواتُهم في حروثِهم وموَاشيهم. قال الشَّاعر:
نُبِّئْتُ أخوالِي بني يزيدُ([18]) *** ظلماً علينا لهُمُ فَدِيدُ
ومما شذَّ عن هذا: الفَدْفَد: الأرض المستويَة.
(فذ) الفاء والذال كلمةٌ واحدة تدلُّ على انفرادٍ وتفرُّق. من ذلك الفَذُّ، وهو الفَرْد. ويقال: شاةٌ مُفِذٌّ، إذا ولدت واحداً، فإن كان ذلك عادتَها فهي مِفْذَاذ. ولا يقال: ناقةٌ مُفِذّ، لأنَّ الناقة لا تلِدُ إلاَّ واحداً. ويقال تَمْرٌ فَذٌّ: متفرِّق. والفَذُّ: الأوَّل من سِهام القِداح.
(فر) الفاء والراء أصول ثلاثة: فالأوّل الانكشاف وما يقاربُهُ من الكَشْف عن الشَّيء، والثاني جنسٌ من الحيوان، والثالث دالٌّ على خِفّة وطَيْش.
فالأوّل قولهم: فَرّ عن أسنانه. وافتَرَّ الإنسان، إذا تبسَّمَ. قال:
يفترُّ مِنْك عن الواضحا *** تِ إذْ غيرُك القَلِح الأثْعَلُ([19])
ويقولون في الأمثال:
* هو الجوادُ عينُه فُِرارُه([20]) *(4/349)
أي يَغنيك مَنظرُه من مَخْبَره. وكأَنَّ معنَى هذا إنَّ نَظَرَك إليه يُغنيك عن أن تَفُرَّه، أي تكشفَه وتبحثَ عن أسْنانِه([21]) . ويقولون: أفرَّ المُهرُ، إذا دنا أن يُفَرَّ جَذَعاً. وأفَرَّت الإبلُ للإثناء إفراراً، إذا ذهبَتْ رَواضِعُها وأَثْنَتْ. ويقولون: فُرَّ فلاناً عمَّا في نفسه، أي فتِّشْه. وفُرَّ عن الأمر: ابحثْ.
ومن هذا القياس وإن كانا متباعدَين في المعنى: الفِرار، وهو الانكشاف، يقال فَرَّ يَفِرّ، والمَفَرّ المصدر. والمَفَرّ: الموضع يُفَرُّ إليه. والفرّ: القَوم الفارُّون. يقال فَرٌّ جمع فارّ، كما يقال صَحْبٌ جمع صاحب، وشَرْبٌ جمع شارب.
والأصل الثاني: الفَرير: ولد البقرة. ويقال الفُرَار من ولد المَعْز: ما صَغُر جسمُه، واحدة فَرِيرٌ، كرَخْل ورُخال، وظئر وظُؤار.
والثالث: الفَرْفَرة: الطَّيْش والخِفَّة. يقال: رجلٌ فَرْفارٌ وامرأةٌ فرفارة. والفَرفارة: شجرة.
(فز) الفاء والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على خفّةٍ وما قاربَهَا. تقول: فَزَّهُ واستفزَّه، إذا استخفَّه. قال الله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْض} [الإسراء 76]، أي يحملونك على أن تَخِفَّ عنها. وأفزَّه الخوفُ وأفْزَعَه بمعنىً. وقد استفَزَّ فُلاناً جهْلُه. ورجل فَزٌّ: خفيف. ويقولون: فزَّ عن الشيء: عدل. والفَزُّ: ولَد البقرة. ويُمكن أن يسمَّى بذلك لخفَّة جسمِه. قال:
كما استغَاثَ بسيءٍ فَزُّ غَيْطَلَةٍ *** خافَ العُيونَ ولم يُنظُرَ به الحَشَكُ([22])
(فس) الفاء والسين ليس فيه شيءٌ إلا كلمةٌ معرّبة. يقولون الفِسْفِسَةُ: الرَّطْبَةُ.
(فش) الفاء والشين يدلُّ على انتشارٍ وقلّة تماسُك. يقال: ناقةٌ فَشُوشٌ، إذا كانت مُنتشرَةَ الشَّخْب. وانْفَشَّ عن الأمر: كسِلَ. والفَشُّ: تتبُّع السَّرَقِ الدُّون؛ وهو فَشَّاش.(4/350)
(فص) الفاء والصاد كلمةٌ تدلُّ على فَصْل بين شيئين. من ذلك الفُصُوصُ، هي مفاصِلُ العظامِ كلِّها –قال أبو عبيد: إِلاّ الأصابع- واحدها فَصّ. ومن هذا الباب: أفْصَصت إليه من حقِّه شيئاً، كأنَّكَ فصَلْتَه عنك إليك. وفَصَّ الجُرْحُ: سال.
ومما يقارِبُ هذا: الفَصُّ: فَصُّ الخاتَم. وسمِّي بذلك لأنَّه ليس من نَفس الخاتَم، بل هو مُلْصَقٌ به. فأمَّا فَصُّ العَينِ فحدَقتُها على معنى التَّشْبيه.
(فض) الفاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تفريقٍ وتجزئة. من ذلك: فضَضْتُ الشَّيءَ، إذا فرَّقتَه؛ وانْفَضَّ هو. وانْفَضَّ القومُ: تفرَّقوا. قال الله سبحانه:{وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران 159].
ومن هذا الباب: فَضَضْت عن الكِتاب خَتْمَه. وممكن أن *يكون الفِضَّةُ من هذا الباب، كأنها تفضّ([23]) ، لما يتَّخَذُ منها من حَلْي. والفُِضاض: ما تفضَّضَ من الشيء إذا انفَضَّ. والفاضَّة: الدّاهية، والجمع فَوَاضُّ، كأنَّهَا تَفُضُّ، أي تُفَرَّق.ومن الذي يجوز أن يُقاسَ على هذا: الفَضْفَضَة: سَعَةُ الثَّوب. وثوبٌ فَضفاضٌ ودرعٌ فضفاضةٌ، لأنَّها إذا اتسَعتْ تباعَدَتْ أطرافُها. وأمَّا الفضِيض فالماءُ العَذْب، سمِّي لفَضاضتِه وسُهولةِ مَرِّه في الحَلْقِ.
(فظ) الفاء والظاء كلمةٌ تدلُّ على كراهةٍ وتكرُّه. من ذلك الفَظ: ماءُ الكَرِش. وافتُظَّ الكرِش، إذا اعتُصِر. قال الشاعر([24]) :
فكانوا كأنفِ اللَّيث لا شَمَّ مَرْغَماً *** وما نال فَظَّ الصَّيد حَتَّى يُعفِّرا([25])
قال بعضُ أهل اللُّغة: إِنَّ الفَظاظةَ من هذا. يقال رجلٌ فظٌّ: كريه الخُلُق. وهو من فَظِّ الكَرِش، لأنه لا يُتناول إِلاَّ ضرورةً على كراهة. ويقولون: الفَظِيظ: ماءُ الفَحْل.(4/351)
(فغ([26])) الفاء والغين ليس فيه كلامٌ أَصيل، وهو شِبْهُ حكايةٍ لصوت. يقولون: الفَغْفَغَة: الصَّوت بالغَنَم. ويقولون: الفغْفغاني([27]) : القصَّاب أو الرَّاعي؛ وكذلك الفَغْفغيّ. ويقول: الفَغْفَغان: الرّجلُ الخفيفُ. وتفغفغَ في أمره: أسرَعَ. وكلُّ هذا قريبٌ بعضه من بعض. والله أعلم بالصَّواب.
ــــــــــــــ
([1]) يقال فقاق وفقاقة بالهاء كذلك.
([2]) ويقال "الفكك" أيضاً بالتحريك.
([3]) ديوان النابغة 6. وأنشد عجزه في اللسان (فلل) بدون نسبة.
([4]) قطعة من بيت لعبد الله بن رواحة يصف العزى، وهو بتمامه كما في اللسان (فلفل):
وإن التي بالجزع من بطن نخلة *** ومن دانها فل من الخير معزل
([5]) للكميت في اللسان (فلل) برواية: "حيث يُلقى".
([6])الرجز لمحمد بن ذؤيب العماني الفقيمي، كما في اللسان (فمم). قال: "ولو قال من فمه بفتح الفاء لجاز".
([7]) وكذا وردت روايته في المجمل. وفي البيان (1: 131) واللسان (فهه) : "فلم تلفني فها ولم تلف" بالفاء في الموضعين.
([8]) البيت لامرئ القيس، كما في معجم البلدان (ضارج) والأغاني (7: 123) حيث أوردا قصة له، إذ كان سبباً في إنقاذ وفد من اليمن كانوا يريدون لقاء الرسول.
([9]) البيت من أبيات لنويفع بن نفيع الفقعسي، كما في أمالي الزجاجي 81-82 واللسان (مرط). ويقال بل هو نافع بن نفيع، أو نافع بن لقيط الفقعسي. وأنشده في اللسان (شيأ، فيأ) بدون نسبة، وفي (هيأ) بنسبته إلى الجميح بن الطماح أو نافع بن لقيط الأسدي، وانظر في البيان (3: 82) بتحقيقنا. ويروى: "يا فيّ مالي" و "يا هيء مالي" و "يا شيء مالي" وكلها كلمات معناها التعجب. ورواية الجاحظ: "وكذاك حقاً".
([10]) في الأصل: "تكسر".
([11]) في اللسان: "بعرة أو روثة توضع تحت الزند عند القدح".
([12]) في اللسان: "إذا نثر تمرها".
([13]) هذا المعنى لم يرد في المعاجم المتداولة.(4/352)
([14]) البيت لجرير، كما سبق في حواشي (حوي) برواية أخرى. وأنشده في اللسان (حوى): "نقيق الأفاعي". ورواية اللسان (نقق) تطابق رواية المقاييس هنا.
([15]) ورد هذا المعنى في القاموس ولم يرد في اللسان.
([16]) ورد هذا المعنى أيضاً في القاموس ولم يرد في اللسان. واقتصر في اللسان على تفسيره بالمرأة القذرة، وجمع صاحب القاموس بين المعنيين.
([17]) انظر البيان (1: 13) والحيوان (5: 507).
([18]) الرجز من شواهد الخزانة (1: 131) أنشده الرضي شاهداً لأن "يزيد" علم محكي، لكونه سمي بالفعل مع ضميره المستتر، من قولك: المال يزيد. قال البغدادي: ولو كان من قولك يزيد المال لوجب منعه من الصرف وكان هنا مجروراً بالفتحة. وبنو يزيد: تجار كانوا بمكة. انظر تحقيق البغدادي في اليزيدية والتزيدية. قال "هذا البيت في غالب كتب النحو ولم أظفر بقائله، ولم يعزه أحد لقائله غير العيني فإنه قال: هو لرؤبة بن العجاج. وقد تصفحت ديوانه فلم أجده فيه".
([19]) للكميت في اللسان (فرر) برواية "ويفتر منك عن الواضحات إذا".
([20]) في اللسان (فرر) أمثال الميداني: "إن الجواد". والفرار، بضم الفاء وكسرها وفتحها.
([21]) في الأصل: "شأنه".
([22]) البيت لزهير في ديوانه 177 واللسان (سيأ، فزز، غطل، حشك) . وسيء، يقال بفتح السين وكسرها، وهو اللبن قبل نزول الدرة يكون في طرف الأخلاف.
([23]) في الأصل: "تفض له".
([24]) هو جساس بن نشبة، كما في اللسان وتاج العروس (فظظ). وفي الحماسة 339 بشرح المرزوقي أنه حسان بن نشبة.
([25]) في اللسان: "فكونوا". وفي الأصل: "حتى تعفرا"، صوابه في اللسان.
([26]) هذه المادة ليست في اللسان. والذي في القاموس: "الفغة: تضوع الرائحة. وقد فغتني الرائحة". فسائر المادة هنا مما انفردت به المقاييس والمجمل.
([27]) في الأصل: "الفغفغان"، وأثبت ما في المجمل. ...
ـ (باب الفاء والقاف وما يثلثهما)(4/353)
(فقم) الفاء والقاف والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اعوجاج وقلة استقامة. من ذلك الأمْرُ الأفْقَمُ، هو الأعوج. والفَقَم: أن تتقدَّمَ الثَّنايا السُّفلى فلا تقَعَ عليها العُليا. وهذا هو أصل الباب: وزعم أبو بكر([1]) : أنَّ الفَقَم الامتلاء. يقال: أصاب من الماء حَتَّى فَقِمَ، هو أصل الباب. فإن كان هذا صحيحاً فهو أيضاً من قياسه.
(فقه) الفاء والقاف والهاء أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على إدراكِ الشَّيء والعِلْمِ به. تقول: فَقِهْتُ الحديث أفْقَهُه. وكلُّ عِلْمٍ بشيءٍ فهو فِقْه. يقولون: لا يَفْقَه ولا يَنْقَه. ثم اختُصَّ بذلك علمُ الشّريعة، فقيل لكلِّ عالم بالحلال والحرام: فقيه. وأَفْقَهْتُك الشَّيءَ، إذا بَيّنْتُه لك.
(فقأ) الفاء والقاف والهمزة يدلُّ على فَتْح الشيء، وتفتُّحه. يقال: تفقَّأت السَّحابةُ عن مائها، إذا أرسلَتْه، كأنَّها تفتحت عنه.
ومن ذلك: الفَقْء([2]) ، وهي السَّابِياءُ الذي ينفرج عن رأس المولود. ومنه فَقَأْتُ عينَه أفقؤها. فأما الفُقَى مليَّنٌ فجمع فُوقٍ، وهو مقلوبٌ وليس من هذا الباب. قال:
ونَبْلِي وفُقاهَا كـ *** ـعَراقيبِ قَطاً طُحْلِ([3])
(فقح) الفاء والقاف والحاء يدلُّ على مِثْلِ ما ذكرناه قبلَه من التفتُّح. من ذلك الفُقَّاحُ: نور الإذْخِر، سمِّي بذلك لتفتُّحه، ويقال بل نور الشّجرِ كلُّه فُقَّاح. ويقال: فَقَّح الجَروُ: فتّح عينَيه. قال الشَّاعر:
وأكحُلْكَ بالصَّابِ أَو بالجَلاَ *** فَفَقِّحْ لذلك أو غمِّضِ([4])(4/354)
(فقد) الفاء والقاف والدال أصيل يدلُّ على ذَهاب شيء وضَياعِه. من ذلك قولهم. فَقَدت الشَّيء فَقْداً. والفاقد: المرأة تَفْقِد ولدَها أو بعلها، والجمع فَواقِد. فأمَّا قولُك: تفقَّدْتُ الشَّيءَ، إذا تطلّبتَه، فهو من هذا أيضاً، لأنَّك تطلبه عند فقدك إيَّاه. قال الله تعالى: {وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لا أَرَى الهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الغَائِبِينَ} [النمل 20].
(فقر) الفاء والقاف والراء أَصلٌ صحيح يدلُّ على انفراجٍ في شيء، من عضوٍ أو غير ذلك. من ذلك: الفَقَار للظَّهر، الواحدة فَقَارةٌ، سمِّيت للحُزُوز والفُصول التي بينها([5]) . والفقير: المكسور فَقَارِ الظَّهر. وقال أهل اللُّغة: منه اشتُقَّ اسمُ الفقير، وكأنه مكسورُ فَقَار الظَّهر، من ذِلَّتِهِ ومَسْكَنتِه. ومن ذلك:
فقْرَتْهم الفاقرة، وهي الدَّاهية، كأنها كاسرةٌ لفَقار الظهر. وبعضُ أهلِ العلم يقولون: الفَقير: الذي له بُلْغَةٌ من عَيْشٍ* ويحتجُّ بقوله:
أمَّا الفَقير الذي كانت حَلُوبَتُه *** وَفْقَ العِيال فلم يُترَك له سَبَدُ([6])
قال: فجعل له حَلوبةً، وجعَلَها وَفْقاً لعياله، أي قوتاً لا فَضْلَ فيه. وأمَّا الفقير فإنَّه مَخرَج الماءِ من القناة، وقياسُه صحيح، لأنّه هُزِم في الأرض وكُسِر. وأمَّا قولهم: أفْقَرَكَ الصَّيدُ، فمعناه أنَّه أمكَنَك من فَقَارِه حتَّى ترمِيَه. ويقال: فَقَرْتُ البعيرَ، إذا حَزَزتَ خَطمَه ثم جعلتَ على موضع الحزِّ الجَرِيرَ لتُذِلَّه وتَرُوضَه. وأفْقَرتُكَ ناقتي: أعَرْتُك فَقَارَها لتركبَها. وقول القائل:
* مَا ليلةُ الفَقير إِلاَّ شَيطانْ([7]) *
فالفقير ها هنا: رَكيٌّ معروف([8]) . ويقال: فَقَرت للفَسِيل، إذا حفَرْتَ له حينَ تغرسه، وفَقَرت الخَرَزَ، إذا ثقبتَه. وسَدَّ اللهُ مَفاقِره، أي أغناه وسَدَّ وجوهَ فقره([9]) . قال:(4/355)
وإِنَّ الذي ساقَ الغنَى لابنِ عامرٍ *** لَرَبِّي الذي أرجو لسدِّ مَفاقرِي([10])
(فقس) الفاء والقاف والسين. يقولون: فَقسَ: مات([11]) .
(فقص) الفاء والقاف والصاد ليس بشيء، إلا أنَّهم يقولون: فُقِصَت البيضةُ عن الفَرْخ.
(فقع) الفاء والقاف والعين. اعلمْ أنَّ هذا البابَ وكلِمَهُ غيرُ موضوعٍ على قياس، وهي كلماتٌ متبايِنة.
من ذلك الفَقْع: ضَربٌ من الكَمأَة، وبه يشبَّه الرّجلُ الذَّليل فيقال: "هُوَ أذَلُّ من فَقْعٍ بقاع([12]) ". والفَقْع: الحُصَاص([13]) . وهذا من قولهم: فَقَّع بأصابعه: صَوَّت.
وممّا([14]) لا يشبه الذي قبلَه صفةُ الأصفر، يقال أصفرُ فاقع. ويقولون: الإفقاع. سُوء الحال، يقال منه: أفْقَعَ. وفَواقع الدَّهر: بَوائِقُه فأمَّا الفُقَّاع فيقال إنّه عربيّ. قال الخليل: سمِّي فُقّاعاً لما يرتفع في رأسه من الزَّبد. قال: والفَقاقيع كالقوارير فوق الماء.
ـــــــــــــــ
([1]) النص التالي ليس في الجمهرة، فلعله في كتاب آخر لابن دريد.
([2]) في الأصل: "الفقوء"، صوابه في المجمل واللسان. وأما الفقوء بالضم فهو جمع الفقء.
([3]) البيت للفند الزماني، أو لامرئ القيس بن عابس الكندي، كما في اللسان (فوق، دفنس) وأخبار النحويين البصريين لأبي سعيد السيرافي 29. وانظر قصيدة البيت عند السيرافي. وابن قتيبة في مقدمة الشعر والشعراء، واللسان (دفنس).
([4]) نسب البيت للمتنخل الهذلي، كما في اللسان (جلا). وقال ابن بري: الصواب أنه لأبي المثلم الهذلي. وأنشده ابن سيده في المخصص (15: 122) بدون نسبة، برواية: "ففقح لكحلك".
([5]) في الأصل: "بينها وبين"، وكلمة "وبين" مقحمة.
([6]) البيت للراعي، كما في إصلاح المنطق 360 واللسان (فقر، وفق) والمخصص (12: 285، 286). وأنشده في المجمل بدون نسبة.
([7]) بعده في اللسان (فقر) ومعجم البلدان (الفقير) مع تحريف في المعجم:
* مجنونة تودي بروح الإنسان *(4/356)
([8]) وكذا في المجمل ومعجم البلدان. وفي اللسان: "ركية بعينها".
([9]) في الأصل: "وجو فقر".
([10]) أنشده كذلك في المجمل.
([11]) زاد في اللسان: "وقيل مات فجأة".
([12]) ويقال أيضاً: "بقرقر" و "بقردد". اللسان (فقع).
([13]) وفسره بهذا اللفظ أيضاً في المجمل. وهو الضراط.
([14]) في الأصل: "وما". ...
ـ (باب الفاء والكاف وما يثلثهما)
(فكل) الفاء والكاف واللام كلمةٌ واحدة، وهي الأفْكَل: الرِّعدة. ويقولون: لا يُبنَى منه فعل.
(فكن) الفاء والكاف والنون كلمةٌ واحدة، وهي التندّم، يقال تندّم وتفكَّنَ بمعنىً.
(فكه) الفاء والكاف والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على طِيب واستطابةٍ. من ذلك الرّجُل الفَكِه: الطيِّب النَّفس.
ومن الباب: الفاكهة، لأنَّها تُستَطابُ وتُستطرَف.
ومن الباب: المُفاكهَة، وهي المُزاحة وما يُستحلَى من كلام.
ومن الباب: أفكَهَتِ النّاقةُ والشّاةُ، إذا دَرَّتا عند أكل الرَّبيع وكان في اللبن أدْنَى خُثُورة؛ وهو أطيَبُ اللَّبن.
فأمَّا التَّفَكُّه في قوله تعالى: {فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} [الواقعة 65]، فليس من هذا، وهو من باب الإبدال(1) ، والأصل تَفَكَّنون، وهو من التندُّم، وقد مضى ذِكرُه.
(فكر) الفاء والكاف والراء تردُّدُ القَلْب في الشَّيء. يقال تفكّرَ إذا ردَّدَ قلبه معتبِرا. ورجلٌ فِكِّير: كثير الفِكر(2) .
ــــــــــــــــــــ
(1) هو لغة لعكل، أو لأزد شنوءة، كما في اللسان (فكه).
(2) ويقال أيضاً "فيكر" بفتح الفاء وسكون الياء، هذه عن كراع.
ـ (باب الفاء واللام وما يثلثهما)
(فلم) الفاء واللام والميم كلمةٌ. يقولون الفَيْلم: العظيم من الرِّجال. وفي ذكر الدَّجَّال: "رأيتُه فَيْلَمَانِيَّاً". وقال الشَّاعر([1]) :
ويَحمِي المُضافَ إذا ما دَعا *** إذا فرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ
ويقولون: الفَيْلَم: المُشْط([2]) . وليس بشيء.(4/357)
(فلن) الفاء واللام والنون كناية عن كلِّ أحد. ورخَّمه أبو النجمِ فقال:
* في لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلانَاً عَنْ فُلِ([3]) *
هذا في الناس، فإنْ كان في غيرهم قيل: ركبتُ الفلانةَ والفرس الفلان([4]) .
(فلو) الفاء واللام والحرف المعتلّ كلمةٌ صحيحة فيها ثلاث كلمات: التّربية، والتفتيش، والأرض الخالية.
فالتّربِيَة: فَلَوتُ المُهْرَ، إذا ربَّيْته. يقال: فلاهُ يَفلوه. ويسمَّى فَلُوَّاً: قال الحُطيئة:
سعيدٌ وما يفعلْ سعيد فإنَّه *** نجيبٌ فَلاَه في الرِّباط نجيبُ([5])
وقولهم: فَلوتُه عن أمِّه، أي قطعته عن الفطام([6]) ، فمعناه ما ذكرناه. وفَلَوْتُ المُهر وافتليتُه. قال:
وليس يَهْلك منا سيّدٌ أبداً *** إِلا افتلينا غُلاماً سيِّداً فينا([7])
والكلمة الأخرى: فَلَيْتَ الرَّأس أفْليه. ثم يستعار فيقال: فلَيْتَ رأسَه بالسَّيف أفليه.
والكلمة الثالثة: الفلاة، وهي المَفَازة، والجمع فلواتٌ* وفَلاً.
(فلت) الفاء واللام والتاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تخلُّصٍ في سرعة.
يقال: أفْلَتَ يُفْلِتُ. وكان ذلك الأمر فَلْتَةً، إذا لم يكُنْ عن تدبُّر ولا رأيٍ ولا تردُّد([8]) . ويقال: تفلَّتَ إلى هذا الأمر، كأنَّه نازَعَ إليه. وفرسٌ فلَتَانٌ: نشيطٌ حديدُ الفؤاد. وثَوبٌ فَلُوتٌ: لا ينضمُّ طرفاهُ على لابسِهِ من صِغَره، كأنّ معناه أنَّه يُفْلِت من اليد([9]) .
ومن الباب: افتُلِتَ الإنسان، إذا ماتَ فجأة. وفي الحديث: "أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُها". والفَلْتة: آخِرُ يوم من جمادَى الآخرة.
(فلج) الفاء واللام والجيم أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على فوزٍ وغَلَبة، والآخر على فُرْجَةٍ بين الشَّيئين المتساويين.(4/358)
فالأول: قولُهم: فُلِجَ الرَّجُل على خَصْمِه، إذا فازَ: والسَّهم الفالِج: الفائز. والرَّجل [الفالج]: الفائز. والاسم الفُلْج. ومن أمثال العرب: "أنا من هذا الأمر فالجُ بن خَلاَوةَ" قالوا: معناه أنا منه بريءٌ. وتفسير هذا أنَّه إذا خلا منه فقد فازَ، أي نجا منه. وخَلاَوة، مِن خلا يخلو. وقال عليٌّ عليه السلام: "إنَّ المرءَ المسلم لم يَغْشَ دناءَةً يَخْشَعُ إذا ذُكِرَتْ له، وتُغْرِي به لئامَ النَّاس، كالياسر الفالج، ينتِظر فَوزةً من قِداحِه".
والأصل الآخر: الفَلَج في الأسنان([10]) : تَباعُدُ ما بين الثَّنايا والرَّبَاعِيَات. وقال أبو بكر: "رجلٌ أفلج الأسنانِ، وامرأةٌ فلجَاء الأسنان، لابدَّ من ذِكْر الأسنان([11]) ". فأمَّا الفَلَج في اليَدينِ فقال أبو عُبيد: الأفلج: الذي اعوجاجُه في يديه، فإنْ كان في رجليه فهو فَحَجٌ. وهذا هو القياسُ الأوَّل؛ لأنَّ اليدَ إذا اعوجَّت فلا بدَّ أن تتجافَى وتتباعد.
ومن الباب: الفالِج: الجَمَل([12]) ذو السَّنامَين، وسمِّي للفُرجة بينهما. وفرسٌ أفلَجُ: متباعِدُ ما بين الحَرْقَفَتين. وكلُّ شيءٍ شققتَه فقد فَلَجْتَه فَِلْجين، أي نِصفَين.
قال ابن دُريد: "وإنِّما قيل فُلِجَ الرّجُل لأنَّه ذهب نِصفُه([13]) ". ويقال لِشُقَّة الثَّوب: فَلِيجة: والفَلَج: النَّهر، وسمِّي بذلك لأنّه فُلجَ، أي كأنَّ الماءَ شقَّه شقّاً فصار فُرْجَة. فأمَّا الفَلُّوجة فالأرض المُصْلَحة للزَّرع، والجمع فَلاَليج. وأمَّا الحديث: "أنَّهما فَلَجا الجِزْية"، فإنّه يريد قَسَماها، وسمِّي ذلك فَلْْجاً لأنّه تفريق.
(فلح) الفاء واللام والحاء أصلان صحيحان، أحدهما يدلُّ على شَقٍّ، والآخر على فَوْزٍ وبَقاء.(4/359)
فالأوَّل: فَلَحتُ الأرضَ: شَقَقتُها. والعرب تقول: "الحديد بالحديد يُفْلَح". ولذلك سمِّي الأكّار فَلاَّحا. ويقال للمشقوق الشَّفةِ السُّفلى: أفْلَحُ، وهو بيِّن الفَلَحَة. وكان عنترة العبسيُّ يلقَّب "الفَلْحاء" لفَلَحةٍ كَانت به. قال:
وعَنْترةُ الفَلحاءُ جاءَ مُلأَّماً *** كأنَّك فِندٌ من عَمَايةَ أسودُ([14])
والأصل الثّاني الفَلاَح: البقاء والفَوْز. وقولُ الرّجُل لامرأته: "استَفلِحي بأمرِك"، معناه فَوزِي بأمرك. والفَلاَح: السَّحُور. قالوا: سمِّي فَلاَحاً لأنَّ الإنسانَ تبقى معه قُوّتُه على الصَّوم. وفي الحديث: "صلَّينا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله حتَّى خفْنا أنْ يَفوتَنا الفَلاَح". قال الشَّاعر:
لكلِّ همٍّ من الهُمومِ سَعَهْ *** والمُسْيُ والصّبْحُ لا فَلاَح مَعَهْ([15])
(فلذ) الفاء واللام والذال أُصَيلٌ يدلُّ على قَطْع شيءٍ من شيء. من ذلك الفِلْذة: القِطْعة من الكَبِد، والجمع فِلْذ. قال:
تكفيه حُزَّةُ فِلْذٍ إنْ ألَمّ بها *** من الشِّواء ويُروي شُربَه الغُمَرُ([16])
فالقِطْعة من المال فِلْذةٌ أيضاً. يقال فَلَذْتُ له من مالي، أي قطعت له فِلْذَةً منه.
(فلز) الفاء واللام والزاء ليس فيه شيء إلاّ أنّهم يقولون: الفِلِزُّ: خَبَث الحديد يَنْفيه الكِير.
(فلس) الفاء واللام والسين كلمة واحدة، وهي الفَلْس، معروف، والجمع فُلوس. ويقولون: أفْلَسَ الرّجل، قالوا: معناه صار ذا فُلوسٍ بعد أن كان ذا دراهم.
(فلص) الفاء واللام والصاد ليس فيه شيءٌ، لكنَّهم يقولون: الانفلاص: التفلُّت([17]) . وفلَّصت الشَّيء من الشيء خَلّصته. وهذا إن* صحَّ فإنَّما هو من الإبدال، والأصل الميم، يقال مَلَّصَ. وممكنٌ أن يكون الأصل الخاء: خَلَّص.(4/360)
(فلط) الفاء واللام والطاء ليس بأصل، لأنَّه من باب الإبدال، والأصل الراء. ويقولون: أفْلَطَه الأمرُ: فاجَأَه. وتكلَّمَ فلانٌ فِلاطاً، إذا فاجَأَ([18]) بقولِهِ. والأصل الراء فرط، وقد ذُكر في بابه.
(فلع) الفاء واللام والعين كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على شَقِّ الشَّيء. تقول: فَلَعت الشَّيءَ: شقَقْتُه. وتَفلَّعت البَيضةُ وانْفَلَعَتْ.
(فلق) الفاء واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فُرْجةٍ وبَيْنُونةٍ في الشيء، وعلى تعظيمِ شيء. من ذلك: فَلَقْتُ الشّيءَ أَفْلِقُه فَلْقاً. والفَلَق: الصُّبح؛ لأنَّ الظَّلام يَنْفلِقُ عنه. والفَلَق: مطمئنٌّ من الأرض كأنَّه انفلَقَ، وجمعه فِلْقانٌ. والفَلق: الخَلْق كله، كأنَّه شيءٌ فُلِق عنه شيء حَتَّى أُبرِزَ وأظْهِر. ويقال: انفَلَقَ الحَجَر وغيرُه وكلَّمنَي فلانٌ من فَِلْق فيه. وهو ذاك القياس. والفَالِق: فضاءٌ بين شَقيقَتيْ رملٍ. وقَوسٌ فِلْقٌ، إذا كانت مشقوقةً ولم تكُ قَضيباً. والفَلِيق كالهَزْمة في جِران البَعير. قال:
* فَلِيقُها أجردُ كالرُّمحِ الضَّلِعْ([19]) *
والأصل الآخَر الفليقة، وهي الدَّاهية العظيمة. والعرب تقول: يا لَلْفليقة. والأمر العَجَبُ العظيم. وأفْلَقَ فلانٌ: أتى بالفِلْق. وكذلك يقال شاعرٌ مُفلِق. وقال سُويد([20]) :
إذا عَرَضَت داوِيَّةٌ مُدْلهِمَّة *** وغَرَّدَ حاديها عَمِلْنَ بِها فِلْقا([21])
والفيلق: العجبُ أيضاً.
(فلك) الفاء واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على استدارةٍ في شيء. من ذلك فَلْْكة المِغزل بفتح الفاء([22]) ، سمِّيت لاستدارتها؛ ولذلك قيل: فَلَّك ثَدْيُ المرأة، إذا استدار.(4/361)
ومن هذا القياس فَلَك السماء. وفلكْتُ الجَدْيَ بقضيبٍ أو هُلْبٍ: أدرتُه على لسانه لئلاّ يرتضع. والفَلَك: قِطَعٌ من الأرض مستديرةٌ مرتفِعة عمَّا حولها. ويقال إنَّ فَلْكة اللِّسان: ما صَلُب من أصله. وأمَّا السفينة فتسمَّى فُلْكا. ويقال إنَّ الواحد والجمعَ في هذا الاسم سواء، ولعلَّها تسمَّى فُلْكاً لأنَّها تدار في الماء.
ــــــــــــــــ
([1]) هو البريق الهذلي، كما سبق في حواشي (ضيف).
([2]) وينشدون في ذلك: * كما فرق اللمة الفيلم *
([3]) المجمل واللسان (فلن) والخزانة (1: 401). وانظر أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمي العربي (8: 472-479)، وهي أرجوزة طويلة عدة أشطارها 191 شطراً وكان رؤبة يسميها "أم الرجز".
([4]) في الأصل: "وفي الفردس الفلان". وفي المجمل: "قيل الفلانة والفلان".
([5]) ديوان الحطيئة 42 واللسان والمجمل (فلا)، وسعيد هذا، هو سعيد بن العاصي الجواد الخطيب، كما في اللسان والبيان (3: 116) بتحقيقنا. وكلمة "فإنه" ساقطة من المجمل، وإثباتها من الديوان، واللسان، والمجمل.
([6]) وكذا في المجمل، أي بعد الفطام. وفي اللسان: "عزله عن الرضاع وفصله".
([7]) لبشامة بن حزن النهشلي، كما في اللسان (فلا) وأنشده في المجمل بدون نسبة ومقطوعة البيت في الحماسة (1: 25) منسوبة لبعض بني قيس بن ثعلبة.
([8]) وكذا في المجمل. ولعل صوابها "ترو". وفي اللسان: "والفلتة: كل شيء فعل من غير روية".
([9]) في الأصل: "إلى البد"، صوابه من اللسان.
([10]) في الأصل: "الإنسان"، صوابه من المجمل ومما تقتضيه المقابلة باليدين فيما يأتي.
([11]) الجمهرة (2: 107).
([12]) في الأصل: "الرجل"، وهو من طريف التصحيف.
([13]) الجمهرة (2: 107).
([14]) البيت لشريح بن بجير بن أسعد التغلبي، كما في اللسان (فلح). وقد أنشد بن فارس قطعة من البيت في (عنق). وفي الأصل: "جد ملأما" و"من عمامة"، كلاهما محرف.(4/362)
([15]) للأضبط بن قريع من أبيات في الأمالي (1: 107) والمعمرين 8 والخزانة (4: 589) والأغاني (16: 154) وحماسة ابن الشجري 137 والبيان والتبيين (3: 341) ومجالس ثعلب 480 والمثل السائر (1: 260).
([16]) لأعشى باهلة يرثي أخاه المنتشر بن وهب الباهلي، كما سبق في حواشي (غمر).
([17]) في الأصل والمجمل: "التلفت"، صوابه من اللسان.
([18]) في الأصل: "إذا جاء"، صوابه من المجمل واللسان.
([19]) الرجز لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (فلق، ضلع)، وقد سبق في (ضلع). وصواب إنشاده: "فليقه" كما سبق: وقبله:*بكل شعشاع كجذع المزدرع*
([20]) سويد بن كراع العكلي، كما في اللسان (فلق) وإصلاح المنطق 22، 264.
([21]) يروى: "عرد" بالعين المهملة، و "فرين بها".
([22]) ويقال بكسرها أيضاً. ...
ـ (باب الفاء والنون وما يثلثهما)
(فني) الفاء والنون والحرف المعتلّ. هذا بابٌ لا تنقاس كلِمُهُ، ولم يُبْنَ على قياسٍ معلوم، وقد ذكرنا ما جاء فيه. قالوا: فَنِيَ يَفْنَى فَناءً، والله تعالى أفناهُ، وذلك إذا انقطع. والله تعالى قَطَعه، أي ذهب به. والفَنَا مَقصورٌ: عِنَب الثّعلب. والفِناء: ما امتدَّ مع الدَّار من جوانبها، والجمع أفنية. ويقولون: هو من أفناء العرب، إذا لم يُدْرَ ممن هو. والمُفانَاة: المداراة. قال:
أقيمه تارةً وأُقْعِدُه *** كما يُفانِي الشَّمُوسَ قائدُها([1])
والأَفانِي: نبت، الواحدة أفانِيَة. والفَنَاة: البَقرة، والجمع فَنَوات. وشجرةٌ فَنْواء، إذا ذهبت أفنانُها في كلِّ شيء، والقياس فَنَّاءُ، لأنَّه من الفَنَن.
(فند) الفاء والنون والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ثِقَل وشدة، ويقال بعضه على بعض([2]) . من ذلك الفِنْد: الشِّمراخ من الجبل، وقال قوم: هو الجبَلُ العظيم، وبه سمِّي الرجل فِنْداً.(4/363)
وممَّا يقاس عليه التفنيد، و[هو] اللوم، لأنَّه كلام يثقل على سامعه ويشتدّ. والفَنَد: الهَرَم، وهو ذاك القياس، ولا يكون هَرَماً إلاّ ومعه إنكارُ عقل. يقال أَفْنَدَ الرّجُل فهو مُفْنِدٌ، إذ أُهْتِر. ولا يقال عجوزٌ مُفْنِدة، لأنَّها لم تكُ في شبيبتها ذاتَ رأي.
ويقولون: الفَنَد: الكذب. وممكنٌ أن يكون سمِّي كذا لأنّ صاحِبَه يفنَّد، أي يلام. وممكنٌ أن يسمَّى كذا لأنَّه شديد الإثم؛ شديدٌ وِزْرُه.
(فنع) الفاء والنون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على طِيبٍ وكثرةٍ وكَرَم. فالفَنَع: الكَرَم. ويقال إنَّ نَشْر المسكِ فَنَع. ويقال نَشْر الثّناءِ الحَسن. ويقال مالٌ ذو فَنَع، أي كَثْرة. قال:
وقد أجودُ وما مالي بذي فَنَعٍ *** على الصَّديق وما خيري بممنونِ([3])
(فنق) الفاء والنون والقاف أُصَيْلٌ يدلُّ على كَرم ونَعْمة. من ذلك الفَنِيق: الفَحْل المكْرَم لا يُؤذَى لكرامته. ويقال الفُنُقُ: الجارية المنعَّمة. والمفنّق*: المنعّم.
(فنك) الفاء والنون والكاف كلمتان. قالوا: الفَنْك: اللَّجَاج: ويقال اللزوم. يقال: فَنَكَ: أقام.
والكلمة الأخرى: الفَنِيك: طرف اللَّحْيين عند العَنْفقة. قال بعضُهم: سألت أبا عمروٍ الشيبانيَّ عن الفَنِيك فقال: أمَّا الأعلى فمجتمَع اللَّحيين عند الذَّقَن، وأمَّا الأسفل فمجتمع الورِكَين حيثُ يلتقيان.
(فنح) الفاء والنون والحاء كلمة واحدة. يقولون: فَنَحَ الفرسُ من الماء، إذا شرب دونَ الرِّيّ. قال:
والأخْذ بالغَبوق والصَّبُوح *** مُبرِّداً لمِقْأبٍ فَنُوحِ([4])
المِقأب: الكثير الشّرب للماء واللَّبَن. ورواها آخرون: "لمِصْأَبٍ"، وهو الذي يشرب دونَ الرّيّ. والله أعلم بالصواب.
ـــــــــــــــــ
([1]) للكميت، كما في اللسان (فنى) برواية: "تقيمه تارة وتقعده". ورواية المجمل تطابق رواية المقاييس.
([2]) كذا وردت هذه العبارة.(4/364)
([3]) أرى البيت ملفقاً من بيتين، أحدهما لأبي محجن الثقفي في ديوانه 7 واللسان (فنع، فجر)، وهو:
وقد أجود وما مالي بذي فنع *** وقد أكر وراء المحجر البرق
ويروى: "بذي فجر". والآخر لذي الإصبع العدواني في المفضليات (1: 158) وهو:
إني لعمرك ما بابي بذي غلق *** عن الصديق ولا خيري بممنون
([4]) الرجز في اللسان (فنح).
ـ (باب الفاء والهاء وما يثلثهما)
(فهج) الفاء والهاء والجيم كلمة. يقال إنَّ الفَيْهَج: الخَمْر. وأنشَدوا:
ألا يا اصْبَحينا فَيْهَجاً جدرية *** بماءِ سحابٍ يسبق الحقَّ باطلي([1])
(فهد) الفاء والهاء والدال يدلُّ على جِنْس من الحيوان، ثم يُستعار. فالفهد معروف، والجمع فُهود. ويقال فَهدَ الرَّجُل: غَفَل عن الأُمور، شُبِّه بالفَهد.
وفي حديث أُمِّ زَرع([2]) : "إِنْ دخَل فَهِدَ، وإنْ خرجَ أَسِدَ". ويقولون هذا لأنَّ الفَهْد نَؤُوم.
والمستعار الفَهْدتان: لحمتا زَور الفَرس. ويقولون: الفهد: مِسمارٌ في واسطة الرَّحْل.
(فهر) الفاء والهاء والراء ليس فيه من اللُّغة الأصلية شيءٌ [إلاّ] كلمةٌ واحدة، وهي الفِهر، مؤنَّثة، وهي الحجر من الحجارة. ويقولون: إِنّ الفَهْر: أنْ يُجامِع الرّجلُ المرأةَ ويُفرِغَ في غيرها. وقد جاء فيه. ويقال تفَهَّرَ في المال: اتَّسعَ فيه. يقولون: ناقةٌ فَيْهَرَةٌ: شديدة. وكلُّ هذا قريبٌ بعضُه في الضعف([3]) مِن بَعض.
(فهق) الفاء والهاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على سَعَةٍ وامتلاء. من ذلك الفَهْق: الامتلاء. يقال: أفهَقْت الكأسَ، إذا ملأتَها. وفي الحديث: "إن أبغضَكم إليَّ الثَّرثارون والمتفيهِقُون" واحدهم مُتفيهِق. وفي الذي يفهق كلامه ويَملأُ به فمَه قال الأعشى:
تَروحُ على آلِ المحلِّق جَفنةٌ *** كجابيةِ الشَّيخ العراقيِّ تَفهقُ([4])
قال الخليل: الفَيْهق: الواسعُ من كلِّ شيء، حتى يقالُ مفازةٌ فيهق. قال: ومُنفهق الوادي: متَّسَعه.(4/365)
ومما شذَّ عن هذا الأصل: الفَهْقَة: عظمٌ عند فائق الرَّأس([5]) مشرفٌ على اللَّهاة.
(فهم) الفاء والهاء والميم عِلْم الشيء، كذا يقولون أهلُ اللغة([6]) . وفَهمٌ: قبيلة.
ــــــــــــــــ
([1]) وكذا سبقت روايته في (جدر). وفي المجمل (جدر): "ألا يا اصبحينا فيهجا جيدرية"، وقد سبق التنبيه على صواب روايته، وعلى نسبته إلى معبد بن سعنة.
([2]) انظره كاملاً في المزهر (2: 532)، ورواه البخاري ومسلم، والترمذي في شمائله، والطبراني وغيرهم. والكلمة التالية من كلام المرأة الخامسة.
([3]) لعلها "في المعنى".
([4]) ديوان الأعشى 150 برواية: "نفى الذم عن آل المحلق"، وأنشده في اللسان (حلق، فهق، جبي)، وسبق إنشاده في (جبي).
([5]) وكذا في المجمل. والفائق: موصل العنق في الرأس. وفي اللسان: عند مركب العنق، وهو أول الفقار.
([6]) كذا وردت العبارة، وهي لغة معروفة لبني الحارث بن كعب. وانظر حواشي 462. ...
ـ (باب الفاء والواو وما يثلثهما)
(فوت) الفاء والواو والتاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على خلافِ إدراكِ الشّيءِ والوصولِ إليه. يقال: فاته الشَّيءُ فوتاً. وتفاوَتَ الشَّيئانِ: تباعَدَ ما بينهما، أي لم يُدرِك هذا ذاك. والافتيات: افتعالٌ من الفَوت، وهو السَّبق إلى الشَّيء دون الائتمار([1]) . يقال: فلانٌ لا يُفْتاتُ عليه، أي لا يُعْمَل شيءٌ دون أمرِه.
ومن الباب: الفَوْت: الفُرْجة بين الشَّيئين، كالفُرجة بين الإصبَعَين. والجمع أفوات. يقال: ماتَ موتَ الفَوات، إذا فُوجئَ، كأنَّه فاته ما أرادَ من وصيَّةٍ وشِبْهها. ويقال: هو منِّي فَوْتَ الرُّمح. وشَتَم رجلٌ آخرَ فقال: "جعل الله تعالى رزقَه فوتَ فيه"، أي حيث يراه ولا يصلُ إليه.
(فوج) الفاء والواو والجيم كلمةٌ تدلُّ على تجمُّع. من ذلك الفَوْج، الجماعة من النَّاس، والجمع أفواج، وجمع الجمعِ أفاوِج وأفاويج. وأمَّا أفاجَ الرَّجُل، إذا أسرَعَ، فهو من ذوات الياء، والفَيْج منه.(4/366)
(فوح) الفاء والواو والحاء كلمةٌ تدلُّ على ثَوْرٍ وغَليان. يقال: فاحت الرِّيح تَفوح فَوْحاً. وحكى ناسٌ: فاحت القِدرُ: غلَتْ. وأفحتُها أنا.
(فود) الفاء والواو والدال كلمةٌ واحدة، ثمَّ تستعار. فالفَوْد: مُعظَم شعرِ اللِّمَّة ممَّا يلي الأذُنين* ثم يقولون استعارةً لجناحَيِ العُقاب: فَوْدان.
وممَّا ليس منه قولُهم: فاد يفود، إذا مات، والأصل في هذا الياء، وقد ذكر.
(فور) الفاء والواو والراء كلمةٌ تدلُّ على غَلَيان، ثم يقاس عليها. فالفَوْر: الغَلَيان. يقال: فارت القدرُ تَفورُ فَوراً. قال:
تَفور علينا قِدرُهم فنُدِيمُها *** ونَفْثَؤُها عنَّا إذا حَمْيُها غلا([2])
وفار غضبُه، إذا جاشَ.
وممَّا قِيس على هذا قولُهم: فَعَله من فَوْره، أي في بدء أمرِه، قبل أنْ يسكُن.
(فوز) الفاء والواو والزاء كلمتانِ متضادّتان. فالأولى النّجاة والأخرى الهَلكة.
فالأولى قولهم: فازَ يفوز، إذا نجا، وهو فائز. وفاز بالأمر، إذا ذهب به وخلَص. وكان الرجلُ يقول لامرأته إذا طلّقها: فُوزِي بأمرك([3]) ، كما يقال: أمرُك بيدك. ويقال لمن ظَفِر بخيرٍ وذهب به. قال الله تعالى: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} [آل عمران 185].
والكلمة الأخرى قولهم: فَوَّزَ الرَّجُل، إذا مات. قال الكُميت:
فما ضرَّها أنَّ كعباً ثَوَى *** وفوّز مِن بعدِه جَرْوَلُ([4])
ثم اختُلِف في المَفَازَة، فقال قومٌ: سمِّيَتْ بذلك تفاؤلاً لراكبها بالسَّلامة والنَّجاة. والمَفَازَة: المَنْجَاة. قال الله عزّ وعلا: {بِمَفَازَةٍ مِنَ العَذَابِ} [آل عمران 188]. وقال آخرون: هي من الكلمة الثَّانية، فَوَّزَ، إذا هَلكَ. ثم يقال: فوَّز الرَّجُل، إذا ركب المَفَازَة. قال:
* فوّزَ من قُرَاقِرٍ إلى سُوَى([5]) *(4/367)
(فوص) الفاء والواو والصاد كلمةٌ تدلُّ على خُلوصٍ أو خَلاَصٍ من شيء. يقال: قَبَضت على ذَنَبِ الضّبِّ فأفاصَ من يدي، أي خلَّصَ ذنبه. والمَفَاوصة في الحديث: الإبانة. وما يُفِيص بها لسانُه، أي يُبين.
(فوض) الفاء والواو والضاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اتّكال في الأمر على آخَر وردِّه عليه، ثم يفرَّع فيردّ إليه ما يُشبهه. من ذلك فوَّضَ إليه أمرَه، إذا ردَّه. قال الله تعالى في قصّةِ من قال: {وأُفَوِّضُ أَمْرِي إلى اللهِ} [غافر 44].
ومن ذلك قولُهم: باتوا فَوْضَى([6]) ، أي مختلطين، ومعناه أنّ كلاًّ فوَّض أمرَه إلى الآخَر. قال:
طعامُهم فوضَى فَضاً في رحالِهِمْ *** ولا يُحْسِنون السِّرَّ إلاّ تنادِيا([7])
ويقال: مالُهم فوضَى بينهم، إذا لم يخالِفْ أحدُهم الآخَر. وتفاوَض الشَّريكان في المال، إذا اشتركا ففوَّض كلٌّ أمرَه إلى صاحبه([8]) ، هذا راضٍ بما صنع ذاك وذاك راضٍ بما صنع هذا، ممَّا أجازته الشَّريعة.
(فوع) الفاء والواو والعين يدلُّ على ثَوْرٍ في شيء. يقال لخِمْرة الطِّيب وما ثار من ريحه: فَوْعة. ويقال لارتفاع النهار: فَوعة.
(فوغ) الفاء والواو والغين كلمةٌ إن صحَّت. يقولون: إن الفَوغ([9]) : الضَّخم. يقال: امرأته فَوغاء.
(فوف) الفاء والواو والفاء كلمةٌ واحدة. يقولون: الفُوف: القُطن. ثم يقال للبياض يُرَى في أظفار الأحداث: الفُوف. ومن ذلك يقال: بُرْدٌ مفَوَّف.
(فوق) الفاء والواو والقاف أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على عُلُوٍّ، والآخرُ على أوْبة ورُجوع.
فالأوّل الفَوْق، وهو العُلُوّ. ويقال: فلانٌ فاقَ أصحابَه يفوقُهم، إذا علاهم وأمرٌ فائق، أي مرتفع عالٍ.
وأمَّا الآخَر فَفُوَاق النَّاقَة، وهو رُجوع اللَّبنِ في ضَرعها بعد الحَلب. تقول: ما أقامَ عندَه إلاَّ فُوَاقَ ناقة. واسم المجتمِع من الدِّرِّ: فيقة، والأصل فيه الواو. قال الأعشى:(4/368)
حتَّى إذا فِيقةٌ في ضَرْعِها اجتمَعتْ *** جاءت لتُرضِع شِقّ النفس لو رَضَعا([10])
وفي بعض الحديث في ذكر القرآن: "أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقَ اللَّقوح([11]) " معناه لا أقرأ جزئي([12]) مرّةً واحدة لكن شيئاً بعد شيء. شبَّهَه بفُواق الدِّرَّة. يقال فُوَاق وفَواق قال الله تعالى: {ما لَهَا مِنْ فَوَاق([13])} [ص 15]، أي ما لها من رُجوعٍ ولا مَثْنَوِيّةٍ ولا ارتداد. وقال غيرُه: ما لها من نَظِرة. والمعنيان قريبان. ويقولون: أفاقَ السَّكرانُ يُفيق، وذلك من أوبةِ عقلِه إليه. والأفاويق: ما اجتَمَعَ من الماء في السَّحاب.
ومن الباب الفُوق: فُوق السَّهم* وسمِّي لأنَّ الوترَ يُجعَل كأنَّه قد رُدَّ فيه، والجمع أفواق. ويقولون: فُقىً، وهو مقلوبٌ. ويقال سهمٌ أفْوَق([14]) ، إذا انكسر فُوقه.
وممَّا شذَّ عن هذين الأصلين قولهم: هو يَفُوق بنفسه. وهذا من باب الإبدال وإنما أصلُه يسوق، والفاء بدلٌ من السين، وذلك إذا جادَ بنفْسه.
(فول) الفاء والواو واللام كلمةٌ إن صحَّتْ. يقولون: الفُول: الباقلَّى.
(فوم) الفاء والواو والميم أصلٌ صحيحٌ مختلَفٌ في تفسيره، وهو، الفُوم. قال قومٌ: هو الثُّوم، وقال آخرون: هو الحِنطة. ويقولون: فَوِّمُوا لنا، أي اخبزُوا.
(فوه) الفاء والواو والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تفتُّحٍ في شيء. من ذلك الفَوَه: سَعة الفم. رجلٌ أفْوَه وامرأةٌ فوهاء. ويقولون أهلُ العربية([15]) : إنَّ أصلَ الفم فَوَهٌ، ولذلك قالوا: رجلٌ أفْوَه. وفاهَ الرّجلُ بالكلام يَفُوهُ به، إذا لفَظَ به. والمُفَوَّه: القادر على الكلام. وزعم ناسٌ أن الفَوَه أيضاً: خُروج الثَّنايا العُلْيا وطُولُها.
ومن الباب الفُوَّهَة: فم النَّهْر، وإنما بنَوه هذا البناء فرقاً بين الذي للنّهر والذي للإنسان. والفُوه: واحد أفواه الطِّيب، مثل سُوق وأسواق. والقياس واحد، كأنَّه لما فاحت رائحتُه فاه بها، أي نطق.
ـــــــــــــــــــ(4/369)
([1]) الائتمار: الاستشارة. وفي المجمل: "دون ائتمار من يؤتمر".
([2]) للنابغة الجعدي، كما سبق في (دوم). والبيت بنسبته في اللسان (دوم)، وبدون نسبة في (فثأ).
([3]) هذه العبارة مما لم يرد في المعاجم المتداولة. وانظر ما سبق في (فلح).
([4]) اللسان (فوز) برواية: "توى" بالتاء المثناة. وروي بالثاء المثلثة، كما هنا، في اللسان (ثوى). وكلاهما بمعنى واحد، أي هلك.
([5]) الرجز لشاعر من المسلمين يقوله في رافع بن عميرة الطائي، وكان رافع دليل خالد بن الوليد في السير من قراقر. وهو ماء لكلب، إلى سوى، وهو ماء لبهراء وبينهما خمس ليال. انظر الطبري (4: 45) في حوادث سنة 13 ومعجم البلدان (قراقر، سوى). وأنشده في اللسان (فوز).
([6]) في الأصل: "ماتوا فوضى"، تحريف. وفي المجمل: "وبات الناس فوضى".
([7]) في اللسان (فوض): "ولا يحسبون السوء".
([8]) في الأصل: "ففوض أمر كله إلى صاحبه".
([9]) ورد "الفوغ" و "الفوغاء" أيضاً في المجمل، ولم يردا في المعاجم المتداولة.
([10]) ديوان الأعشى 84 واللسان (فوق).
([11]) هو من حديث أبي موسى الأشعري، تذاكر هو ومعاذ قراءة القرآن فقال أبو موسى: "أما أنا فأتفوقه تفوق اللقوح". اللسان (فوق).
([12]) في الأصل: "لا أقرئ"، صوابه في المجمل واللسان.
([13]) قرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الفاء، وهي لغة تميم وأسد وقيس، ووافقهم الأعمش، والباقون بفتحها، وهي لغة الحجاز. إتحاف فضلاء البشر 372.
([14]) في الأصل: "أفواق"، صوابه في المجمل واللسان.
([15]) سبق نظير هذا التعبير في مادة (فهم). ...
ـ (باب الفاء والياء وما يثلثهما)
(فيج) الفاء والياء والجيم يدلُّ على الإسراع. ومن ذلك الفَيْج وقد مضى ذكره، ويقال أصله الواو. والفائجة في الأرض: [متَّسع ما بين كلِّ مرتفعين من غِلظٍ أو رمل([1]) ].(4/370)
(فيح) الفاء والياء والحاء كلمةٌ واحدة. فاح يفيح، إذا ثار. يقال ذلك في الرِّيح وغيرها. وفي الحديث: "الحمَّى من فَيح جهنم([2]) ". ويقال أصلُه الواو، وقد مضى.
(فيخ) الفاء والياء والخاء كلمة. يقولون: أفاخ يُفيخ بِريحه. وفي الحديث: "كل بائلةٍ تُفيخ". ويقولون –وما أُراها صحيحةً- إنَّ الفَيْخَة: السُّكُرُّجَة.
(فيد) الفاء والياء والدال أُصَيلٌ صحيح، إلاَّ أنَّ كلِمَهُ لم تجِئ قياساً، وهو من الأبواب التي لا تنقاس. من ذلك الفَيد، يقولون: هو الزَّعفران. وبه سمِّي الشَّعَْر الذي على جَحْفلة الفَرَس. والفَيْد: التبختُر في المَشْي. يقال: رجلٌ فيَّادٌ. فأمَّا الفيَّاد في قول أبي النَّجم:
* ولستُ بالفَيَّادةِ المُقَصْمِلِ([3]) *
فيقال: هو المعجَب بنفسه المتبختِر في مَشْيه. وقالوا: الفَيَّادة: الأكول. والفَيْد: الموت. [فاد] يَفيد. والفَيَّاد: ذكر البُوم. قال:
ويَهماءَ باللَّيل غَطْشَى الفلا *** ةِ يُؤْنِسُنِي صوتُ فَيَّادِها([4])
والفائدة: استحداثُ مالٍ وخير. وقد فادت له فائدة. ويقال: أفَدْتُ غيري، وأفدتُ من غيري.
(فيش) الفاء والياء والشين كلمةٌ واحدة يقولون: الفِياشُ: المفاخَرة. يقال: فايَشَ، إذا فَاخَرَ. قال:
أيُفايِشَون وقد رأَوْا حُفَّاثَهُمْ *** قد عَضَّه فقَضَى عليه الأشجَعُ([5])
(فيص) الفاء والياء والصاد أُصَيل يدلُّ على جَرَيانٍ في شيءٍ من ماء وما أشبهه. يقال: فاصَ الماء والدَّمُ، إذا قَطَرَ. قال الأصمعيُّ في قول امرئ القَيْس:
* فهو عذبٌ يَفِيصُ([6]) *
ما أدري ما يَفِيص، ولكن يقال: ما فاصَ بكلمةٍ، أي لم يُجْرِها لسانُه. والقياس واحد. ومن الباب: ما لَه مَحِيصٌ ولا مَفِيص، أي مَخْلَص يجري فيه ويمُرّ.(4/371)
(فيض) الفاء والياء والضاد اصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على جَرَيانِ الشيء بُسهولة، ثم يقاسُ عليه. من ذلك فاضَ الماء يَفِيض. ويقال: أفاضَ إناءَه، إذا ملأَه حتَّى فاض. وأفاض دموعَه. ومنه: أفاض القومُ من عرَفةَ، إذا دَفَعوا، وذلك كجرَيَان السَّيل. قال الله تعالى:{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة 199]. وأفاضَ القومُ في الحديث، إذا اندفَعُوا فيه. قال سبحانه: {إذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} [يونس 61]. ومنه: أفاضَ بالقداح، إذا ضرَبَ بها، كأنّه أجراها من يده. قال:
وكأنَّهنَّ رِبابة وكأنَّه *** يَسَرٌ يُفِيض على القِداح ويَصدعُ([7])
* ويقال: أفاضَ البعير بجرَّته، إذا دفَعَ بها من صدره. قال:
وأفَضْنَ بعد كُظُومهنَّ بجرَّةٍ *** من ذي الأباطحِ إذْ رعَيْنَ حَقيلا([8])
وأرضٌ ذات فُيوضٍ، إذا كان فيها ماءٌ يَفيض. وأعطَى فلانٌ [فلاناً([9]) ] غيضاً من فَيض، أي قليلاً من كثير.
قال الأصمعي: ونهر البَصرة وَحْدَه يُسمَّى الفَيض.
ومن الباب: فاض الرَّجل، إذا مات. قال:
* فَفُقِئت عينٌ وفاضَتْ نفسُ([10]) *
قال: وسمعتُ مشيخةً فصحاءَ من ربيعةَ بنِ مالك يقولون: فاضت نفسُه، بالضاد([11]) ، وسمعت شيخاً منهم يُنشِد:
وكدتُ لولا أجَلٌ تأخّرا *** تَفِيض نفسي إذا زَهاهم زُمَرا([12])
(فيظ) الفاء والياء والظاء كلمةٌ. يقال: فاظَ الميِّت فَيْظاً، ولا يقال فاظَتْ نفسه. قال:
* لا يَدفِنُون منهمُ مَن فاظاً([13]) *
(فيف) الفاء والياء والفاء كلمةٌ. الفَيف والفَيفاء: المَفَازة.
(فيق) الفاء والياء والقاف، [الفِيقة] قد مضى ذِكرُها، والأصل الواو، وهو ما اجتمَع من الدِّرَّة في الضَّرع.
(فيل) الفاء والياء واللام أصلٌ يدلُّ على استرخاءٍ وضَعْفٍ. يقال: رجلٌ فِيلُ الرَّأْي. قال الكُمَيت:
بني ربِّ الجوادِ فلا تَفِيلوا *** فما أنتمْ فنَعذِرَكم لِفِيلِ([14])(4/372)
ويمكن أن يكون القائل من هذا، وهو اللَّحم الذي على خُرْبة الوَرِك. ويسمَّى للينِه([15]) . وقال أبو عبيد: كان بعضُهم يجعل الفائِلَ عِرقاً.
ومما شذَّ عن هذا الباب المُفَايَلة: لُعْبة. ويخبِّئون الشَّيء في التُّراب ويَقْسِمونه قسمين، ويسألون في أيِّهما هو. قال طَرَفة:
يشُقُّ حَبَابَ الماءِ حَيزومُها بها *** كما قَسَم التُّرْبَ المُفَايِلُ باليدِ([16])
(فين) الفاء والياء والنون كلمةٌ. يقولون: يأتيه الفَينة [بعد الفيْنة]، كأنّه أراد الحينَ بعد الحين. والله أعلمُ بالصَّواب.
ـــــــــــــــــــــ
([1]) التكملة من اللسان (فوج).
([2]) وكذا في المجمل. وفي اللسان : "شدة القيظ من فيح جهنم".
([3]) ليس في أرجوزته "أم الرجز". وفي اللسان (فيد، عمثل، قصمل):
وليس بالفيادة المقصمل *** ليس بملتاث ولا عميثل
وسبق في 371: "ليس بملتاث".
([4]) للأعشى في ديوانه 54 واللسان (فيد، غطش، يهم) . وقد مضى في (غطش). وفي الأصل واللسان (فيد): "وبهماء"، تحريف.
([5]) البيت لجرير في ديوانه 244 واللسان (حفث، فيش). وقد سبق في (حفث).
([6]) البيت بتمامه كما في اللسان (سدس، فيص) وشروح سقط الزند 1199:
منابته مثل السدوس ولونه *** كشوك السيال فهو عذب يفيص
وقصيدته ليست في الديوان، وهي في العقد الثمين 136.
([7]) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 44) والمفضليات (2: 224) والسيرة 598 جوتنجن. وقد سبق في (ربب).
([8]) للراعي في جمهرة أشعار العرب 174 واللسان (فيض، كظم، حقل) برواية: "من ذي الأبارق". وحقيل: اسم موضع، أو اسم نبات. وأنشد صدره في المجمل (فيض)، وقد سبق البيت في (برق، حقل) برواية: "من ذي الأبارق".
([9]) التكملة من المجمل.
([10]) في اللسان: وأنشده الأصمعي وقال: وإنما هو: وطن الضرس". وذكر هذا القول في إصلاح المنطق 317 عند إنشاد البيت. وأنشد قبله:
* اجتمع الناس وقالوا عرس *(4/373)
([11]) في الأصل: "فاصت نفسه بالصاد"، صوابه في المجمل واللسان.
([12]) الرجز في المجمل.
([13]) نسبه في اللسان (فيظ) إلى رؤبة. وقبله: * والأزد أمسى شلوهم لفاظا *
([14]) البيت في المجمل واللسان (فيل).
([15]) بعده في الأصل: "وقال للينه"، وهو تكرار للاحق والسابق.
([16]) من معلقة طرفة المشهورة. ...
ـ (باب الفاء والألف وما يثلثهما)
(فأر) الفاء والألف والراء، ويسمون الألف فيه همزة. الفأر معروف، يقال منه: مكانٌ فَئِرٌ، أي كثير الفأر. وفأرة المِسْك معروفة، وهي على معنى التشبيه. وكذلك فأرة البعير، وهي ريحٌ تجتمع في رُسْغ البعير، وإذا مشى انْفَشَّتْ.
(فأس) الفاء والألف والسين كلمة واحدة، وتستعار. الفأس معروفة، والعدد أفؤس، والجمع فؤوس. ويستعار فيقال لمُؤْخر القَمَحْدُوَةِ: فأسٌ. [وفأس] اللِّجام: الحديدة القائمة في الحَنَك.
(فأل) الفاء والألف واللام. الفأل: ما يُتفاءَل به.
(فأم) الفاء والألف والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على اتِّساع في الشَّيء، وعلى كثرة. فأمَّا الكثرة فالفئام: الجماعة من الناس. وأمَّا السَّعَة فالفِئام: وِطاءٌ يكون في الهَودج، وجمعه فُؤُمٌ على فُعُل. ويقال للبعير إذا امتلأ حارِكُه شَحْماً: قد فُئِم حاركُه، وهو مُفْأَم([1]) . والمُفْأَم من الرِّجال: الواسع الجَوْف. قال:
أخَذْنَ خُصُور الرَّمل ثم جَزَعْنَه *** على كلِّ قَينيٍّ قَشيبٍ وَمُفَأَمِ([2])
(فأو) الفاء والألف والواو أصلٌ صحيح يدلُّ على انفراجٍ في شيء. يقال: فَأوت رأسَه بالسَّيف فأْواً، أي فلَقْته. والفَأْو: فُرجةُ ما بين الجبلَين. قال:
حتَّى انْفَأى الفَأْوُ عن أعناقها سحراً *** وقد نَشَحن فلا ريٌّ ولا هِيمُ([3])
(فأد) الفاء والألف والدال هذا أصلٌ صحيح يدلُّ على حُمَّى وشِدّةِ حرارة. من ذلك: فأَدْتُ اللَّحمَ: شويته. وهذا فَئِيدٌ، أي مشويّ. والمِفْأد: السَّفُود. والمُفتأَد: الموضِع يُشوَى فيه. قال:(4/374)
كأنَّه خارجاً من جَنْبِ صفحته *** سَفُّود شَرْب نسُوه عند مُفتَأدِ([4])
ومما هو مِن قياس الباب عندنا: الفُؤاد، سمِّي بذلك لحرارته. والفأد: مصدر فأدتُه، إذا أصبتَ فؤاده. ويقولون: فأَدْتُ المَلَّةَ، إذا مَلَلْتَها.
ـــــــــــــــــ
([1]) يقال في هذا وفي تاليه: "مفأم" أيضاً بتشديد الهمزة.
([2]) لزهير في معلقته. والرواية المشهورة:
* خرجن من السوبان ثم جزعنه *
([3]) هذا البيت ملفق من بيتين لذي الرمة، أحدهما في ديوانه 588 واللسان (صرر، قصع، نشح)، وهو:
وانصاعت الحقب لم يقصع صرائرها *** وقد نشحن فلا ري ولا هيم
والآخر له أيضاً في ديوانه 189 واللسان (فأو). وهو:
راحت من الخرج تهجيرا فما وقعت *** حتى انفأى الفأو عن أعناقها سحرا ...
([4]) للنابغة في ديوانه 20 واللسان (فأد).
ـ (باب الفاء والتاء وما يثلثهما)
(فتح) الفاء والتاء والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلافِ الإغلاق.
يقال: فتحت البابَ* وغيرَه فتحاً. ثمَّ يحمل على هذا سائرُ ما في هذا البناء. فالفَتْح والفُِتاحة: الحُكْم. والله تعالى الفاتح، أي الحاكم. قال الشَّاعر([1]) في الفُِتاحة:
ألاَ أَبْلِغْ بني عوفٍ رسولاً *** بأنِّي عن فتاحتكم غنيُّ([2])
والفَتح: الماء يَخرُج من عينٍ أو غيرها. والفَتْح. النَّصر والإظفار. واستفتحت: استَنْصَرت. وفي الحديث أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يَستفتحُ بصَعاليك المهاجرين والأنصار. وفَواتحُ القُرآنِ: أوائل السُّوَر. وبابٌ فُتُحٌ، أي واسع مفتوح.
(فتخ) الفاء والتاء والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ في الشَّيء.
فالفَتَخ: لِينٌ في جناح الطَّائر. وعُقابٌ فَتخاءُ، إذا انكسر جَناحُها في طَيَرانها. وفَتَخَ أصابِعَ رِجلِهِ في جلوسه، إذا ليّنها. وفي الحديث "أنَّه كان عليه السلام إذا سَجَد جافَى عَضُدَيه عن جنبيه، وفَتَخَ أصابِعَ رِجلَيه". ويقال إنَّ الفَتَخَ: عِرَضُ الكتف والقَدَم.(4/375)
ومما شذَّ عن هذا الأصل الفَتَخ، جمع فَتَخة، وهي كالحلْقة تُلبَس لُبْس الخاتم. قال:
* تسقطُ منه فَتَخِي في كُمِّي([3]) *
(فتر) الفاء والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَعفٍ في الشَّيء. من ذلك: فَتَر الشّيءُ يَفْتُر فُتُوراً. والطّرْف الفاتر: الذي ليس بحديدٍ شَزْر. وفَتَّرت الشَّيءَ وأفْتَرته. قال الله تعالى:{لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ} [الزخرف 75]، أي لا يُضْعَف.
ومما شذَّ عن هذا الباب: الفِتْر: ما بين طَرَف الإبهام وطرَف السبّابة إذا فتحتَهما. وفَِتْر([4]) : اسم امرأة، في قوله:
* أصَرَمْتَ حَبْلَ الوُدِّ من فَِتْر([5]) *
(فتش) الفاء والتاء والشين كلمةٌ واحدة تدلُّ على بحثٍ عن شيء. تقول: فتَشْت فَتْشاً، وفتّشت تفتيشا.
(فتق) الفاء والتاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على فتحٍ في شيء. من ذلك: فتَقت الشّيء فتْقاً. والفَتْق: شقُّ عصا الجماعة. والفَتْق: الصُّبح. وأعوام الفَتَق: أعوام الخِصْب. قال:
*لم تَرْجُ رِسْلاً بعد أعوامِ الفَتَق([6]) *
ويقال: أفتَقَ القمر، إذا صادَفَ فَتقاً من سَحابٍ وطَلَع منه. وأفْتَقَ القومُ، إذا انفتَقَ عنهم الغَيم.
قال الأصمعيّ: جملٌ فتيق، إذا تفتَّقَ سِمَنا. ويقال: فَتِقَ يَفْتَق فَتَقاً. والفَيْتق: النَّجَّار، في قول الأعشى:
* في الباب فَيْتَقُ([7]) *
(فتك) الفاء والتاء والكاف كلمةٌ تدلُّ على خلاف النُّسك والصَّلاح. من ذلك الفَتْك، وهو الغَدْر، وهو الفِتْك أيضاً([8]) . يقال: فتَكَ به: اغتالَه. وفي الحديث: "الإيمان قَيْد الفَتْك". وقال الشَّاعر([9]) :
لا مَهْرَ أغلَى من عليٍّ وإنْ غَلاَ *** ولا فَتْكَ إلاّ دُونَ فتكِ ابن مُلْجِم([10])
(فتل) الفاء والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على ليِّ شيء. من ذلك: فتَلت الحبلَ وغيرَه. والفَتيل: ما يكون في شِقِّ النَّواة كأنّه قد فتِل. قال:
يَجمع الجَيش ذا الألوفِ ويَغزُو *** ثمَّ لا يرزَأ العدوَّ فَتِيلا([11])(4/376)
ويقال: بل الفَتيل ما يُفتَل بين الإصبَعَين. والفَتَل: تباعُد الذِّراعين عن جنْبَيِ البعير، كأنَّهما لُوِيا لَيّا وفُتِلا حتى لُوِيا. قال طَرَفة:
لها عضُدانِ أفْتَلاَنِ كأنَّها *** تمرُّ بسَلْمَىْ دالجٍ متشدِّدِ([12])
ومن أمثالهم: "فلان يَفْتِل في ذِرْوةِ فُلانٍ"، أي يدور من وراء خَديعته.
(فتن) الفاء والتاء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على ابتلاء واختبار. من ذلك الفِتْنة. يقال: فتَنْتُ أفتِنُ فَتْناً. وفَتَنْتُ الذّهبَ بالنّار، إذا امتحنتَه. وهو مفتونٌ وفَتِين. والفَتَّان: الشَّيطان. ويقال: فتنه وأفْتَنَه. وأنكر الأصمعيُّ أفتنَ. وأنشُدوا في أفتِن:
لَئِنْ أفتنَتْني لَهْيَ بالأمسِ أفْتَنَت *** سعيداً فأضْحَى قد قَلى كلَّ مسلمِ([13])
ويقال: قلبٌ فاتن، أي مفتون. قال:
رخِيمُ الكلامِ قَطِيع القيامِ *** أضْحَى فؤادِي به فاتِنا([14])
قال الخليل: الفَتْن: الإحراق. وشيءٌ فتين: أي مُحْرَق. ويقال للحَرَّة: فَتين، كأنَّ حجارتَها مُحرَقة.
ومما شذَّ عن هذا الأصل: الفِتَان: جِلدة الرَّحْل. وقولهم* العيش فَِتْنان([15]) ، أي لونان. وهذه يجوز أن تُحمل على القياس، لأنّه يقول:
* والعيش فَِتْنان فحلوٌ ومُرّْ([16]) *
ويمكن أن يُختَبَر ابنُ آدمَ بكلِّ واحدٍ منهما.
(فتي) الفاء والتاء والحرف المعتل أصلانِ: أحدهما يدلُّ على طَرَاوة وجِدّة، والآخرة على تبيين حكم.
الفَتيّ: الطَّرِيّ من الإبل، والفَتَى من الناس: واحد الفِتْيان. والفَتاء([17]) : الشباب، يقال فتىً بيِّن الفَتاء. قال:
إذا عاشَ الفتى مِائَتين عاماً *** فقد ذهبَ البشاشةُ والفَتاءُ([18])
والأصل الآخر الفُتْيا. يقال: أفتى الفقيه في المسألةِ، إذا بيَّن حكمَها. واستفتَيت، إذا سألتَ عن الحكم، قال الله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ في الكَلالَةِ} [النساء 176]. ويقال منه فَتْوى وفُتْيا.(4/377)
وإذا هُمِز خَرَج عن البابين جميعاً. يقال ما فَتِئْتُ وفَتَأتُ أذكرُه، أي مازِلت. قال الله تعالى: {قَالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} [يوسف 85]، أي لا تزالُ تَذكرُ.
ــــــــــــــــــ
([1]) هو الأسحر الجعفي كما في اللسان (فتح).
([2]) رواية اللسان: "ألا من مبلغ عمرا رسولا".
([3]) الرجز للدهناء بنت مسحل زوج العجاج، كما في اللسان (فتخ، زعزع) .
([4]) يقال بفتح الراء وكسرها، والأشهر فيها الفتح.
([5]) للمسيب بن علس، ويروى للأعشى، انظر اللسان (فتر). وعجزه:
* وهجرتها ولججت في الهجر *
([6]) لرؤبة في ديوانه 107 واللسان (فتق). وقبله:
* يأوي إلى سفعاء كالثوب الخلق *
([7]) البيت بتمامه كما في ديوانه 149 واللسان (فتق، سكك):
ولا بد من جار يجير سبيلها *** كما سلك السّكّيّ في الباب فيتق
لكن في الديوان: "يجيز سبيلها كما جوز".
([8]) الحق أنه مثلث الفاء، كما في اللسان والقاموس.
([9]) هو ابن أبي مياس المرادي، كما في تاريخ الطبري (6: 87) في حوادث سنة 40.
([10]) رواية الطبري: "ولا قتل إلا دون قتل". وقبله:
ولم أر مهراً ساقه ذو سماحة *** كمهر قطام من فصيح وأعجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة *** وضرب على بالحسام المصمم
([11]) لعبد القيس بن خفاف البرجمي، يهجو النعمان بن المنذر، كما في الحيوان (4: 379) والأغاني (9: 158). ونسب في الشعر والشعراء 112، 117 إلى النابغة في هجاء النعمان.
([12]) من معلقة طرفة.
([13]) البيت لأعشى همدان، وقيل لابن قيس الرقيات، كما في اللسان (فتن). وذكر أنه قيل في سعيد بن جبير، وبعده:
وألقى مصابيح القراءة واشترى *** وصال الغواني بالكتاب المنمنم ...
([14]) وفي المجمل، "أمسى فؤادي به"، وذلك بعود الضمير في "به" إلى الكلام. ورواية اللسان: "أمسى فؤادي بها".
([15]) يقال بفتح الفاء وكسرها.
([16]) لعمرو بن أحمر الباهلي، في اللسان (فتن). وصدره:(4/378)
* إما على نفسي وإما لها *
([17]) في الأصل: "والفتيان"، صوابه في المجمل.
([18]) للربيع بن ضبع الفزاري، كما في المعمرين للسجستاني 7 وأمالي القالي (3: 215) والخزانة (3: 306). وسيبويه (1: 106، 293) واللسان (فتا) وكذا جاءت روايته في المجمل. ويروى: "فقد ذهب اللذاذة"، و "فقد أودى المسرة". ...
ـ (باب الفاء والثاء وما يثلثهما)
(فثج) الفاء والثاء والجيم أُصَيل يدلُّ على انقطاعٍ في شيءٍ ماءٍ أو غيرِه. عَدَا الرّجُل حتى أفثج، أي أعيا(1) . ويقال: بئر لا تُفْثَج، أي لا تُنْزَح وقيل ذلك لما قلنا، فلا تُفْثَج أي لا ينقطع ماؤها. ويقال: فَثَجَت النّاقةُ، إذا حالت فلم تَحمِل.
(فثر) الفاء والثاء والراء كلمةٌ واحدة، وهي الفاثور، وهو الخُِوَان يُتَّخَذ من رَخام أو نحوِه. ويقولون في بعض الكلام: هي على فاثورٍ واحد. كأنّه أراد بساطاً واحداً.
(فثأ) الفاء والثاء والهمزة يدلُّ على تسكين شيءٍ يغلي ويفور. يقال: فَثَأْتُ القِدرَ: سكَّنت من غَلَيانها. قال:
* وتَفثؤها عَنّا إذا حَمْيُها غلا(2) *
ويقال: عدا حَتَّى أفثَأَ، أي أعيا.
ـــــــــــــــــ
(1) في الأصل: "أعنى"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) للنابغة الجعدي، كما سبق في حواشي (دوم، فور). وصدره:
* تفور علينا قدرهم فنديمها*
ـ (باب الفاء والجيم وما يثلثهما)
(فجر) الفاء والجيم والراء أصلٌ واحدٌ، وهو التفتح في الشَّيء. من ذلك الفَجْر: انفِجار الظُّلمة عن الصُّبح. ومنه: انفجَرَ الماء انفجاراً: تفتَّحَ. والفُجْرَة: موضع تفتُّح الماء. ثمَّ كثُر هذا حتَّى صار الانبعاثُ والتفتُّح في المعاصي فُجوراً. ولذلك سمِّي الكَذِب فجوراً. ثم كثُر هذا حتَّى سمِّي كلُّ مائلٍ عن الحقِّ فاجراً. وكلُّ مائلٍ عندَهم. فاجر. قال لبيد:
غليظاً وإن أخَّرتَ فالكِفل [فاجرُ(1) ] *** فإنْ تتقدَّمْ تَغْشَ منها مقدَّما(4/379)
ومن الباب الفَجَر، وهو الكرم والتفجُّر بالخير. ومَفَاجِر الوادي: مَرافِضُه، ولعلَّها سمِّيت مفاجرَ لانفجار الماء فيها. قال:
* بجَنْبِ العَلَنْدَى حيث نام المَفاجِرُ(2) *
ومُنْفجر الرمل(3) : طريق يكون فيه. ويوم الفِجارِ(4) : يومٌ للعرب استُحِلّتْ فيه الحُرمة.
(فجس) الفاء والجيم والسين كلمة إنْ صحَّت. يقولون: الفَجْس: التكبُّر والتعظُّم. يقال منه: تَفَجَّسَ.
(فجع) الفاء والجيم والعين كلمةٌ واحدة، وهي الفَجِيعة، وهي الرَّزيَّة. ونزلتْ بفلان فاجعةٌ، وتفجَّعَ، إذا توجَّع لها.
(فجل) الفاء والجيم واللام كلمةٌ هي نَبْت، وقال قوم: فَجِلَ الشيءُ(5) : غَلُظ واستَرْخَى. وكلُّ شيء عَرَّضته فجَّلْتَه.
(فجو(6)) الفاء والجيم والحرف المعتل يدلُّ على اتِّساعٍ في شيء. فالفَجْوة: المتَّسَع بين شَيئين. وقَوْسٌ فَجْواء: بانَ وترُها عن كَبدها. وفَجْوة الدَّار: ساحتُها. والفَجَا: تَباعُدُ ما بين عُرقوبَيِ البعير.
وإذا هُمِزَ قلت: فَجِئَني الأمرُ يفجَؤُني(7) .
(فجم) الفاء والجيم والميم. زعم ابنُ دريد: تفجَّم الوادِي وانفجم، إذا اتَّسع. وهذه فُجْمَة الوادِي، أي متَّسَعُه(8) .
(فجن) الفاء والجيم والنون. يقولون: إنَّ السَّذَاب يقال له الفَيْجَن(9) .
ـــــــــــــــــ
(1) التكملة من المجمل واللسان (فجر) وديوان لبيد 5 طبع 1881.
(2) للراعي، كما في معجم البلدان (العلندى). وأنشد هذا العجز في المجمل بدون نسبة. وصدره في المعجم: * تحملن حتى قلت لسن بوراحا *
وفي الأصل: "رام المفاجر"، صوابه فيهما.
(3) في الأصل: "الماء"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) إنما هي أيام. انظر العمدة (2: 169-170) وكامل ابن الأثير (1: 358) والمبرد 180 والأغاني (9: 12/ 19: 73-81) والخزانة (2: 504).(4/380)
(5) في القاموس: "فجل كفرع ونصر فجلاً ويحرك". وضبط في اللسان بالقلم بكسر الجيم فقط. وضبط في المجمل بتشديد الجيم مفتوحة، ولم يضبط في أصل المقاييس.
(6) وكذا ورد ترتيب هذه المادة في المجمل، فآثرت إبقاءها كما هي.
(7) ويقال أيضاً فجأه يفجؤه، وفاجأه يفاجئه.
(8) الجمهرة (2: 108) مع تصرف هنا. والفجمة، لم ترد في القاموس، ووردت في اللسان بفتح الفاء وضمها، وضبطت في الجمهرة بالضم فقط.
(9) قال ابن دريد: "لغة شامية ولا أحسبها عربية صحيحة".
ـ (باب الفاء والحاء وما يثلثهما)
(فحص) الفاء والحاء والصاد أصلٌ صحيح، وهو كالبحثِ عن الشيء. يقال: فحصت عن الأمر فحصاً. وأُفحوص القَطا: موضِعُها في الأرض، لأنَّها تفحصه. وفي الحديث: "فَحَصُوا عن رؤوسهم"، كأنَّهم تركوها مثلَ أفاحِيص القَطا فلم يَحلِقُوا *عنها([1]) . وفحَصَ المطرُ التُّرَاب، إذا قلَبَه.
(فحس) الفاء والحاء والسين. يقولون: الفَحْس: لَحْسُك([2]) الشيء بلسانك عن يَدِك.
(فحش) الفاء والحاء والشين كلمةٌ تدلُّ على قُبحٍ في شيء وشَناعة. من ذلك الفحْش والفَحْشاء والفاحشة. يقولون: كلُّ شيء جاوَزَ قَدرَه فهو فاحش؛ ولا يكون ذلك إلاّ فيما يُتَكَرَّه. وأفْحَشَ الرّجلُ: قال الفُحْشَ: وفَحَشَ، وهو فَحَّاش. ويقولون: الفاحش: البخيل، وهذا على الاتِّساع، والبخلُ أقبحُ خِصال المرء. قال طرفة:
أرَى الموتَ يَعتامُ الكِرامَ ويصطفي *** عقيلةَ مالِ الفاحشِ المتشدِّدِ([3])
(فحل) الفاء والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ذَكارةٍ([4]) وقُوَّة. من ذلك الفَحْلُ من كلِّ شيء، وهو الذَّكَرُ الباسل. يقال: أفحلتُه فحلاً، إذا أعطيتَه فحلاّ يَضرِب في إبله. وفَحَلْتُ إبلي، إذا أرسلتَ فيها فحلَها. قال:
* نَفحَلها البِيضَ القليلاتِ الطَّبَعْ([5]) *
وهذا مثَلٌ، أي نُعَرْقِبُهَا بالبِيض. يصف إبلاً عُرْقِبَتْ بالسُّيوف.(4/381)
وأمَّا الحصير المتَّخَذ من الفُحّال فهو يسمَّى فَحْلاً لأنَّه من ذلك يُتَّخَذ. والفُحّال: فُحَّال النَّخْل، وهو ما كان من ذُكوره فحلاً لإناثه، والجمع فَحاحيل. وفَحْلٌ فَحِيلٌ: كريمٌ. قال:
كانتْ نجائبُ مُنْذِرٍ ومحرِّقٍ *** أُمَّاتِهِنَّ، وطَرْقُهُنَّ فَحِيلا([6])
والعرب تسمِّي سهيلاً: الفحل، تشبيهاً له بفحل الإبل، لاعتزالِهِ النجوم، وذلك أنَّ الفحلَ إذا قَرَعَ الإبلَ اعتزَلَها. ويقولون على التشبيه: امرأةٌ فَحْلَة، أي سليطة.
(فحم) الفاء والحاء والميم أصلانِ، يدلُّ أحدُهما على سوادٍ والآخر على انقطاع.
فالأوَّل الفحْم ويقال الفَحَم، وهو معروف. قال:
* كالهَِبْرَِقِيِّ تَنَحَّى ينفُخ الفَحَما([7]) *
ويقال: فحَّمَ وجهَه، إذا سوّده. وشعرٌ فاحم: أسود. وفَحمة العِشاء: سَواد الظَّلام.
والأصل الآخر: بكى الصَّبيّ حتَّى فَحُم([8]) ، أي انقطع صوتُه من البُكاء. ويقال: كلَّمتُه حتى أفحمتُه. وشاعرٌ مُفحَم: أي انقطَعَ عن قول الشِّعْر.
(فحو) الفاء والحاء والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة. منها الفِحَا: أبزارُ القدر. يقال: فحِّ قِدرَك. فأمَّا فَحوَى الكلامِ فهو ما ظَهَرَ للفهم من مَطاوِي الكلام ظهورَ رائحة الفحاء من القدر، كفَهْم الضَّرب من الأفّ.
(فحث) الفاء والحاء والثاء كلمةٌ واحدة. فالفَحث: الجَوْف. يقال: ملأ أفحاثه، أي جوفَه.
(فحج) الفاء والحاء والجيم كلمةٌ واحدة، وهي الفَحَج، وهو تباعُدُ ما بين أوساطِ السّاقَينِ في الإنسانِ والدّابة. والنَّعت أفحجُ وفحجاء، والجمع فُحْج.
ـــــــــــــــــ
([1]) وكذا وردت العبارة في المجمل.
([2]) في الأصل: "فحس يحسبك"، صوابه في المجمل.
([3]) من معلقته المشهورة.
([4]) كذا في الأصل. ومن عجب أن المعاجم المتداولة لم تذكر مصدراً للذكر مقابل الأنثى، فليس فيها "ذكارة" ولا"ذكورة" مع شيوع استعمال الأخيرة. كما أن "الأنوثة" لم تنص عليها المعاجم أيضاً.(4/382)
([5]) لأبي محمد الفقعسي، كما في اللسان (فحل) وتهذيب إصلاح المنطق. انظر إصلاح المنطق 50، 267.
([6]) للراعي، كما في اللسان (فحل، طرق) والبيان (3: 96) بتحقيقنا . وقصيدته في جمهرة أشعار العرب 172-176 والخزانة (1: 502) .
([7]) للنابغة الذبياني يصف ثوراً، ديوانه 69 واللسان (هبرق) وإصلاح المنطق 110. وصدره في الأولين: * مولى الريح روقيه وجبهته *
([8]) يقال من باب فتح، ويقال فَحِم فَحْماً وفُحاماً وفُحوما، وفُحِم وأُفحِم أيضاً. ...
ـ (باب الفاء والخاء وما يثلثهما)
(فخر) الفاء والخاء والراء أَصلٌ صحيحٌ، وهو يدلُّ على عِظَم وقِدم. من ذلك الفخر. ويقولون في العبارة عن الفَخْر: هو عَدُّ القديم، وهو الفَخَر أيضاً. قال أبو زيد: فَخَرت الرَّجلَ على صاحبه أفْخَرُه فخراً: أي فضَّلتُه عليه. والفَخِير: الذي يفاخرك، بوزن الخصيم. والفِخِّير: الكثير الفَخْر. والفاخر: الشيء الجيِّد. والتفخُّر: التعظُّم. ونخلةٌ فَخُور: عظيمة الجِذْع غليظةُ السَّعَف. والناقة الفَخور: العظيمة الضَّرْع القليلةُ الدَّرِّ. كذا قال ابن دريد(1) . والفاخر من البُسْر: الذي يعظُمُ ولا نَوَى فيه. ويقولون: فرسٌ فَخُور، إذا عظُمَ جُرْدانه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل الفَخَّار من الجِرَارِ(2) ، معروف.
(فخل) الفاء والخاء واللام ليس فيه شيء. غير أنَّ ابنَ دريد(3) زعم أنَّه يقال: تفخّل الرجل، إذا أظهَرَ الوقار والحِلْمَ. وتفخَّل أيضاً. إذا تهيَّأ ولَبِسَ أحسنَ ثيابِه.
(فخم) الفاء والخاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على جَزَالةٍ وعِظَم. يقال: منطِقٌ فَخْم: جزل. ويقولون: الفَخْم من الرِّجال: الكثير لحم الوجْنَتين.
(فخت) الفاء والخاء والتاء كلمة، وهي الفَخْت، ويقولون: إنَّه ضوء القمرِ أوّلَ ما يبدو منه. ومنه اشتقاق الفاختة، للونها.(4/383)
(فخذ) الفاء والخاء والذال كلمةٌ واحدة، وهي الفَخِذ من الإنسان، معروفة، واستعير* فقيل الفَخْذ بسكون الخاء، دون القَبِيلة وفوق البَطْن، والجمع أفخاذ.
ـــــــــــــــ
(1) نص الجمهرة (2: 211) : "ويقال شاة فخور، إذا عظم ضرعها وقل لبنها".
(2) في الأصل: "الجراد"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في الجمهرة (2: 238) .
ـ (باب الفاء والدال وما يثلثهما)
(فدر) الفاء والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْعٍ وانقطاع، من ذلك الفِدْرَة: القِطعةُ من اللَّحم؛ ولست أدرِي أُبنِيَ منها فعلٌ أم لا. ويقولون: فَدَرَ الفحلُ، إذا عَجَز عن الضِّراب، وهو فادر. وسمِّي لأنَّه إذا عَجَز فقد قَطعه. وجمع فادر فوادر.
وقال ابن دريد([1]) : هذا مما نَدَر فجاء منه فاعل على فواعل. والمَفْدَرة: مكان الوُعول الفُدْر.
(فدش) الفاء والدال والشين ليس قبله إِلاَّ [طريفة] من طرائف ابن دريد([2]) ، قال: فدشت الشَّيء، إذا شدختَه. وفدشْتُ رأسَه بالحجَر.
(فدع) الفاء والداء والعين أصلٌ فيه كلمة واحدة، وهي الفَدَع: عِوَجٌ في المفاصل، كأنَّها قد زالت عن أماكنها. ويقولون: كلُّ ظليم أفدع، وذلك أنَّ في مفاصله انحرافاً. ويقال بل الفدَع: انقلابُ الكفِّ إلى إنسيِّها، يقال منه: فَدِعَ يفدَع فَدَعاً.
(فدغ) الفاء والدال والغين. زعم ابنُ دريد([3]) أن الفَدْغ: الشَّدخ. وذَكَر الحديث: "إذاً تَفْدَغَ قُرَيشٌ رأسي([4])". وهذا صحيح.
(فدم) الفاء والدال والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على خُثورة وثِقَلٍ وقِلّة كلامٍ في عِيٍّ. من ذلك قولُهم: صِبْغٌ مُفَدَّم([5]) ، أي خاثر مشبّع. قالوا: ومن قياسِه الرّجلُ الفَدْم، وهو القليل الكلام مِن عِيّ. وهو بيِّنُ الفُدُومة والفَدامة. وهذا كلُّه قياسُه الفِدام: الذي تُفَدَّم به الأباريق لتصفية ما فيها من شَراب.(4/384)
(فدك) الفاء والداء والكاف كلمةٌ واحدة، وهي فَدَك: بلد. ومن طرائف ابن دريد: فَدَكْتُ القطن([6]) : نفشتُه. قال: وهي لغةٌ أزْديَّة.
(فدن) الفاء والداء والنون كلمةٌ واحدة، وهي الفَدَن، يقولون: إنَّه القَصْر.
(فدي) الفاء والدال والحرف المعتل كلمتانِ متباينتان جدّاً. فالأولى: أنْ يُجعلَ شيءٌ مكانَ شيءٍ حِمىً له، والأُخْرى شيءٌ من الطَّعام.
فالأولى قولك: فديتُه أَفدِيه، كأنَّك تحميه بنفسك أو بشيء يعوِّض عنه. يقولون: [هو([7]) ] فِداؤك، إذا كسرتَ مددت، وإذا فتحت قصرت، يقال هو فَدَاك. قال:
فَدىً لكما رجليَّ أمِّي وخالتي *** غداةَ الكُلاب إذْ تحزُّ الدوابِرُ([8])
وقال في الممدود:
مهلاً فِداءً لك الأقوامُ كلُّهم *** وما أثمِّرُ من مالٍ ومن وَلَدِ([9])
ويقال: تفادَى من الشَّيء، إذا تحاماه وانزَوَى عنه. والأصل في هذه الكلمة ما ذكرناه، وهو التَّفادِي: أن يَتَّقيَ النّاسُ بعضُهم ببعض، كأنَّه يجعل صاحبَه فداءَ نفسِه. قال:
* تَفادَى الأُسودُ الغُلبُ منه تفاديا([10]) *
والكلمة الأُخرى الفَدَاء ممدود، وهو مُِسْطَح التَّمر بلغة عبد القيس، حكاه ابن دُريد([11]) . وقال أبو عمرو: الفَداء: جماعة الطَّعام من الشَّعير والتَّمر ونحوِها. قال:
كأنّ فَدَاءَها إِذْ جرّدُوه *** وَطافوا حولَه سُلَكٌ يتيمُ([12])
(فدج) الفاء والدال والجيم. يقولون: إنَّ الفَوْدج: الهَودج. قال الخليل: الفَودج: النّاقةُ الواسعة الأرفاغ. وشاةٌ مُفَوْدَجَة([13]) : ينتصب قرناها ويلتقي طَرَفاهُما.
(فدح) الفاء والدال والحاء كلمة. فَدَحَه الأمر. إذا عالَه وأثقله، فَدْحاً. وهو أمرٌ فادح.
(فدخ) الفاء والدال والخاء ليس فيه إلاَّ طريفة ابنِ دريد: فدَخْتُ الشَّيء، مثل شَدَخته([14]) .
ــــــــــــــــ
([1]) الجمهرة (2: 252) .
([2]) الجمهرة (2: 268-269) .
([3]) الجمهرة (2: 287) .
([4]) وكذا في المجمل والجمهرة. وفي اللسان: "الرأس".(4/385)
([5]) كذا ضبط في الأصل والمجمل. وضبط في اللسان بسكون الفاء وفتح الدال مخففة، وفي القاموس ضبط قلم كمنبر.
([6]) في الأصل: "قد كنت"،، صوابه من المجمل واللسان والجمهرة.
([7]) التكملة من المجمل.
([8]) البيت لوعلة بن عبد الله الجرمي. الخزانة (1: 199) والأغاني (15: 73) والعقد(يوم الكلاب الثاني) واللسان (دبر).
([9]) للنابغة الذبياني في ديوانه 36 واللسان (فدى) والخزانة (3: 8). وفداء، تروى بالرفع على الخبرية المقدمة، وبالنصب أي يفدونك فداء. وبالجر مع التنوين وطرح التنوين، ففي اللسان: "ومن العرب من يكسر فداء بالتنوين إذا جاور اللام خاصة فيقول: فداء لك لأنه نكرة يريدون به معنى الدعاء". وقال البغدادي: "وهذا التعليل فيه خفاء، والواضح قول أبي علي في المسائل المنثورة وقد أنشده فيها، قال: بني على الكسر لأنه قد تضمن معنى الحرف، وهو لام الأمر". ثم نقل عن ابن المستوفي قوله: "يستعمل مكسوراً منوناً وغير منون، حملا على إيه وإيه".
([10]) لذي الرمة في ديوانه 654 واللسان (فدى) والكامل 260 وأمالي الزجاجي 58. وصدره: * مرمين من ليث عليه مهابة *
([11]) الجمهرة(3: 243) .
([12]) البيت في المجمل (فدا) واللسان (فدى، جرد، حرد، سلف)، والمخصص (11: 5/ 16: 25)، ويروى: "إذ حردوه" بالحاء المهملة، و"سلف" موضع "سلك".
([13]) هذه الكلمة مما فات المعاجم المتداولة. وفي المجمل: "ونعجة مفودجة".
([14]) الجمهرة (2: 201)، والعبارة هناك مخالفة. ...
ـ (باب الفاء والذال وما يثلثهما)
(فذح) الفاء والذال والحاء. ذكر ابن دريد: تفذَّحَتِ النّاقة وانفذَحَت، إذا تفاجَّت لتَبُول(1) . والله أعلم بالصواب.
ـــــــــــــــــــــ
(1) بعده في الجمهرة (2: 128): "وليس بثبت". ***
ـ (باب الفاء والراء وما يثلثهما)(4/386)
(فرز) الفاء والراء والزاء أُصَيْلٌ يدل على عَزْل الشيء عن غيره. يقال: فرَزْت الشيءَ فرْزاً، وهو مفروز، والقِطعة فَِرْزة([1]) .*فرس) الفاء والراء والسين أُصَيل يدلُّ على وطءِ الشَّيء ودقِّه. يقولون: فَرَسَ عنقَه، إذا دقَّّها. ويكون ذلك من دقِّ العُنق([2]) من الذَّبيحة. ثم صيِّر كلُّ قتلٍ فَرْسا، يقال: فرَسَ الأسدُ فريستَه. وأبو فِراسٍ: الأسد. وممكنٌ أن يكون الفَرَس من هذا القياسِ، لركلِهِ الأرضَ بقوائمه ووَطْئِه إيَّاها، ثمَّ سمِّيَ راكبُه فارساً. يقولون: هو حسَنُ الفُروسيَّة([3]) والفراسة([4]) . ومن الباب: التفرُّس في الشَّيء، كإصابة النَّظر فيه. وقياسه صحيح.
(فرش) الفاء والراء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على تمهيد الشَّيءِ وبَسْطه. يقال: فرَشتُ الفِراش أَفرِشُه. والفَرْش مصدرٌ. والفَرْش: المفروش أيضاً. وسائرُ كلمِ الباب يرجعُ إلى هذا المعنى. يقال تفرَّشَ الطائرُ، إذا قرُبَ من الأرض ورفرفَ بجناحِه. ومن ذلك الحديث: "أنّ قوماً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أخَذُوا فَرْخيْ حُمَّرَة؛ فجاءت الحُمَّرةُ تَفَرَّش". وقال أبو دُواد في رَبِيئة:
فأتانا يَسعَى تُفَرُّشَ أمِّ الـ *** بيض شَدَّاً وقد تعالَى النهارُ([5])
ومن ذلك: الفَرْش من الأنعام، وهو الذي لا يصلُح إلاّ للذبحِ والأكل. وقولُه عليه الصلاة والسلام: "الوَلَد للفِراش" قال قومٌ: أراد به الزوج. قالوا: والفِراش في الحقيقة: المرأة، لأنَّها هي التي تُوطَأ، ولكنَّ الزَّوجَ أُعِيرَ اسمَ المرأة، كما اشتَرَكا في الزَّوجيَّةِ واللِّباس. قال جَرير:
باتت تُعارِضُه وباتَ فِراشُها *** خَلَقُ العباءةِ في الدِّماء قتيلُ([6])(4/387)
ويقولون: أفْرَشَ الرّجُل صاحبَه، إذا اغتابَه وأساءَ القول. حكاهُ أبو زكريّا([7]) . وهذا قياسٌ صحيح، وكأنَّهُ توطَّأه بكلامٍ غيرِ حَسَن. ويقولون: الفَرَاشة: الرّجُل الخَفيف. وهذا على التشبيه أيضاً، لأنّه شبَّه بفَراشَة الماء. قال قومٌ: هي الماء على وجه الأرض قُبَيلَ نُضوبه، فكأنَّه شيءٌ قد فُرِش؛ وكلُّ خفيفٍ فَرَاشة. وقال قوم: الفَرَاشة من الأرض: الذي نَضَب عنه الماء فيَبِس وتَقشَّر.
ومن الباب: افتَرَشَ السّبعُ ذِراعَيه. ويقولون: افتَرَشَ الرّجُل لسانَه، إذا تكلَّمَ كيف شاء. وفَرَاش الرَّأس: طرائقُ دقاقٌ تَلِي القِحْف. والفَرْش: دِقّ الحَطَب. والفَرْش: الفَضاء الواسع.
قال ابن دُريد: "فلانٌ كريم المَفَارش، إِذا تزوَّج كريم النِّساء". وجملٌ مفرَّشٌ([8]) : لا سَنامَ له. وقال أيضاً: أكمة مُفترِشَة الظَّهر([9]) ، إذا كانت دَكَّاء. ويقولون: ما أفرشَ عنه، أي ما أقلع عنه. قال:
*لم تَعْدُ أن أفْرَشَ عنها الصَّقَلَهْ([10]) *
وهذه الكلمة تبعد عن قياس الباب، وأظنها من باب الإبدال، كأنَّه أفْرج. والفَراشة: فَراشة القُفْل. والفَرَاش هذا الذي يَطير، وسمِّي بذلك لخِفَّته.
ومما شذَّ عن هذا الأصل: الفريش من الخيل: التي أتى لوَضْعها سبعةُ أيّام.
(فرص) الفاء والراء والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اقتطاع شيء عن شيء. من ذلك الفُرصة: القِطعة من الصُّوفِ أو القُطن. وهو مِن فَرَصت الشّيءَ، أي قطعتُه. ولذلك قيل للحديدة التي تُقْطَع بها الفِضّة: مِفْراص. قال الأعشى:
وأدفعُ عن أعراضكم وأُعِيرُكمْ *** لِساناً كمِفراص الخَفَاجيِّ مِلحَبا([11])
ثم يقال للنُّهزة فرصة، لأنَّها خِلْسة، كأنَّها اقتطاعُ شيءٍ بعَجَلة.
ومن الباب: الفريصة: اللَّحمة عند ناغِضِ الكَتِف من وسط الجَنْب. ويقال: إنَّ فَرِيص العنُق: عُروقُها. وهذا من الباب، كأنَّه فُرِص، أي مُيِّز عن الشّيء.(4/388)
ومن الباب: الفُرافِص من النَّاس: الشَّديد البطش. وهو من الفُرافِصة، وهو الأسد، كأنَّه يفترص الأشياء، أي يقتطعُها. والقومُ يتفارصون الماءَ، وذلك إذا شربوه نَوبةً نَوبة، كأنَّ كلَّ شَرْبةٍ من ذلك مُفتَرَصة، أي مقْتَطَعة. والفُرصة: الشِّرب، والنَّوبة. والفريص: الذي يُفارِصك هذه الفُرصة.
(فرض) الفاء والراء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تأثيرٍ في شيء من حزٍّ أو غيره. فالفَرْض: الحزُّ في الشَّيء. يقال: فَرَضْتُ الخشبةَ. والحَزُّ في سِيَة القوس فَرْضٌ، حيث يقعُ الوتَر. والفَرْض*: الثّقب في الزَّند في الموضع الذي يُقدَح منه. والمِفْرض: الحديدة التي يُحَزّ بها.
ومن الباب اشتقاق الفَرْض الذي أوجَبَه الله تعالى، وسمِّي بذلك لأنّ له معالمَ وحدوداً.
ومن الباب الفُرضة، وهي المَشرَعة في النَّهر وغيرِه، وسمِّيت بذلك تشبيهاً بالحزِّ في الشَّيء، لأنَّها كالحزِّ في طَرَف النهر وغيرِه. والفَرْض: التُّرس، وسمِّي بذلك لأنه يُفرَض من جوانبه. وقال:
أرِقْتُ له مثلَ لمعِ البشير *** يقلِّب بالكفِّ فَرضاً خفيفا([12])
ومن الباب ما يَفرِضُه الحاكم من نفقةٍ لزوجةٍ أو غيرها، وسمِّي بذلك لأنَّه شيءٌ معلوم يَبِين كالأثر في الشَّيء. ويقولون: الفَرض ما جُدتَ به على غير ثوابٍ، والفَرض: ما كان للمكافأة. قال:
وما نالَها حتَّى تجلَّتْ وأسفَرَتْ *** أخُو ثقةٍ مني بقرضٍ ولا فرضِ([13])
ومما شذَّ عن هذا الأصل الفارض: المُسنّة، في قوله تعالى: {لاَ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ} [البقرة 68]. والفَرْض: جنسٌ من التَّمر. قال:
إذا أكلتُ سمكاً وفَرْضَا *** ذهبتُ طولاً وذهبتُ عرضا([14])
والفِرْياضُ، الواسع.
(فرط) الفاء والراء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إزالةِ شيءٍ من مكانه وتنحيتِه عنه. يقال فرَّطت عنه ما كرِهَه، أي نحّيته. قال:
[فلعلَّ بُطأكُما يفرِّطُ سَيِّئاً *** أو يَسبق الإسراعُ خَيراً مُقبِلا([15])](4/389)
فهذا هو الأصل، ثم يقال أفْرَطَ، إذا تجاوَزَ الحدَّ في الأمر. يقولون: إيَّاك والفَرَْط، أي لا تجاوِز القَدْر. وهذا هو القياس، لأنَّه [إذا] جاوَزَ القَدْر فقد أزالَ الشَّيءَ عن جهته. وكذلك التفريط، وهو التَّقصير، لأنَّه إذا قصَّر فيه فقد قَعَد به عن رُتْبته التي هي له.
ومن الباب الفَرَط والفارط: المتقدِّم في طلب الماء. ومنه يقال في الدعاء للصّبيّ: "اللهمَّ اجعلْه فَرَطاً لأبوَيه"، أي أَجْراً متقدِّماً. وتكلَّمَ فلانٌ فِراطاً، إذا سبقَتْ منه بوادِرُ الكلام. ومن هذا الكَلِم: أفرَطَ في الأمر: عَجَّل. وأفرَطَت السّحابةُ بالوسميِّ: عجَّلَتْ به. وفرّطتُ عنه([16]) الشَّيء: نحّيته عنه. وفَرَس فُرُط: تَسبِق الخيل. والماء الفِراط. الذي يكون لم سَبَق إليه من الأحياء. وقال في الفرس الفُرُط:
* فُرُطٌ وِشاحي إذْ غدوتُ لجامُها([17]) *
وفُرَّاط القَطا: متقدِّماتها إلى الوادي. وفُرَّاط القوم: متقدِّموهم. قال:
فاستعجَلُونا وكانوا من صَِحَابتنا *** كما تَعَجَّل فُرَّاطٌ لِوُرّادِ([18])
ويقولون: أفْرَطت القربةَ: ملأتَها. والمعني في ذلك أنَّه إذا ملأها فقد أفْرَطَ، لأنَّ الماء يَسبِق منها فيَسيل. وغديرٌ مُفْرَطٌ: ملآنُ. وأفرطتُ القومَ، إذا تقدَّمتَهم وتركتَهم وراءَك. وقالوا في قوله تعالى:{وَأَنّهُمْ مُفْرَطُونَ} [النحل 62]: أي مؤخَّرون.
ويقولون: لقيته في الفَرْط بعد الفَرْط، أي الحين بعد الحين. يقال: معناه مَا فَرَط من الزَّمان. والفارطان: كوكبانِ أمام بَنات نَعْش، كأنَّها سمِّيا بذلك لتقدُّمهما. وأَفراط الصَّباح: أوائل تَباشيره. ومنه الفَرَط، أي العَلَم([19]) من أعلام الأرض يُهتدَى بها، والجمع أفراط. وإيّاه أراد القائلُ([20]) بقوله:
أم هل سموتُ بجَرَّارٍ له لَجَبٌ *** جَمِّ الصَّواهلِ بين الجَمِّ والفُرُطِ([21])
ويقال إنِّما هو الفَرَط، والقياس واحد.(4/390)
(فرع) الفاء والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على علوٍّ وارتفاعٍ وسموٍّ وسُبوغ. من ذلك الفَرْعُ، وهو أعلَى الشيء. والفَرْع: مصدر فَرعْتُ الشيء فَرعاً، إذا علَوتَه. ويقال: أفرَعَ بنو فلانٍ، إذا انتجَعُوا في أوّل النَّاس. والفَرَع([22]) : المال الطَّائل المعَدّ. والأفرع: الرَّجُل التامّ الشَّعَْر، وقد فَرِع.
قال ابن دُريد: امرأةٌ فرعاء: كثيرة الشّعر. ولا يقولون للرّجُل إذا كان عظيمَ الجُمَّة: أفرع، إنّما يقولون رجلٌ [أفرعُ([23]) ] ضدّ الأصلع. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفْرَع.
ورجلٌ مُفْرَعُ([24]) الكتف، أي ناشزُها، ويقال عريضُها.
ومن الباب: افتَرَعت البكر: افتضَضْتُها، وذلك أنَّه يَقهرها ويعلُوها. و*أفرَعْتُ الأرضَ: جوّلتها([25]) فعرفتُ خَبَرها. وفَرْعَة الطَّريق وفارعته: ما ارتفَعَ منه. وتفرَّعْتُ بني فلانٍ: تزوَّجتُ سيِّدةَ نسائِهم. وفَرَعْتُ رأسَه بالسَّيف: علوتُه. وفَرَعتُ الجبلَ: صِرتُ في ذِروته.
وممَّا يقارب هذا القياسَ وليس هو بعينه: الفَرَع: أوَّلُ نِتاج الإبل والغنم.
ومما شذَّ عنه الفَرَعة: دويْبَّة، وتصغيرها فُرَيعة، وبها سمِّيت المرأة.
وممَّا شذَّ أيضاً الفَرَع، كان شيئاً يُعمَل في الجاهليَّة، يُعمَد إلى جلد سَقْبٍ فيُلبَسُه سَقبٌ آخَرُ لتَرأمَه أمُّ المَنحُورِ أو الميِّت، في شعر أوس:
وشُبِّه الهَيْدَبُ العَبَامُ من الـ *** أَقْوامِ سَقْباً مُجلَّلاَ فَرَعا([26])
فأمَّا قولُهم: أفرَعْتُ في الوادِي: انحدَرْتُ، فهذا إنَّما هو على الفَرْق بين فَرَعْت وأفرعت([27]) . قال رجل من العرب: "لقيتُ فلاناً فارعاً مُفْرِعاً". يقول: أحدُنا منحدرٌ والآخرُ مُصْعِد.(4/391)
(فرغ) الفاء والراء والغين أصلٌ صحيح يدلُّ على خُلوٍّ [وَسَعةِ] ذَرْع. من ذلك الفَرَاغ: خِلاف الشُّغل. يقال: فَرَغ فَراغاً وفُروغاً، وفرِغَ أيضاً. ومن الباب الفَرْغ: مَفْرَغ الدَّلْو الذي ينصبُّ منه الماء. وأفرَغْتُ الماءَ: صببتُه. وافترغْتُ، إذا صببتَ الماءَ على نفسك. وذهب دَمُه فَِرْغاً، أي باطلاً لم يُطلَبْ به. وفَرسٌ فَرِيغٌ([28]) ، أي واسع المَشْي، وسمِّي بذلك لأنَّه كأنَّه خالٍ من كلِّ شيء فخَفَّ عَدْوُه ومَشْيُه. وضَربةٌ فريغٌ: واسِعَة، وطعنةٌ أيضاً. وحَلْقةٌ مُفْرَغَة، لأنَّه شيءٌ يصبُّ صَبَّا. وطريق فريغ: واسع. قال:
فأجَزْتَه بأَفَلَّ تَحسِب إثْرَه *** نَهْجَاً أبَانَ بذي فَريغٍ مَخْرَفِ([29])
فأمَّا قولُه تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلاَنِ} [الرحمن 31]، فهو مجازٌ، والله تعالى لا يَشغَلُه شأنٌ عن شأن. قال أهل التّفسير: سنفرغ، أي نَعْمِد، يقال: فَرَغت إلى أمر كذا([30]) ، أي عَمَدْتُ له.
(فرق) الفاء والراء والقاف أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على تمييز وتزييلٍ([31]) بين شيئين. من ذلك الفَرْق: فرق الشعر. يقال: فرَقْتُه فَرَقاً. والفِرْق: القطيع من الغَنَم. والفِرق: الفِلْق من الشَّيء إذا انفَلَقَ، قال الله تعالى:{فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطّودِ العَظِيم} [الشعراء 63].
ومن الباب: الفَرِيقة، وهو القَطِيع من الغَنَم، كأنَّها قطعةٌ فارقَتْ مُعظمَ الغَنم. قال الشاعر([32]) :
وذِفْرى كَكاهلِ ذِيخِ الخَلِيفِ *** أصابَ فريقةَ ليلٍ فعاثا([33])
ومن الباب: إفراق المحموم من حُمَّاه، وإنما يكون كذا لأنَّها فارقَتْه. وكان بعضهم يقول: لا يكون الإفراق إلاَّ من مرض لا يُصيب الإنسانَ إلاَّ مرّةً واحدةً كالجُدَرِيِّ والحَصْبة وما أشبَهَ ذلك. وناقةٌ مُفْرِقٌ: فارَقَها ولدُها بمَوْت.(4/392)
والفُرْقانُ: كتاب الله تعالى فَرَقَ به بين الحقِّ والباطل. والفُرْقان: الصُّبح، سمِّي بذلك لأنه به يُفْرق بين اللَّيل والنَّهار، ويقال لأنَّ الظُّلْمة تتفرَّق عنه. والأفرَق: الديك الذي عُرْفُه مَفروق. والفَرَق في الخيل، أن يكونَ أحدُ وركيه أرفَعَ من الآخر. والفَرَقُ في فُحولة الضَّأن: بُعْد ما بين الخُصْيَيْن، وفي الشاة: بُعْد ما بينَ الطُّبْيَين. والفارِق: الخَلِفَة([34]) تذهبُ في الأرض نادَّةً من وجَع المَخَاض فتُنْتَج حيث لا يُعلم مكانُها؛ والجمع فوارقُ وفُرَّقٌ. وسمِّيت بذلك لأنَّها فارقت سائر النُّوق. وتشبَّه السحابةُ تنفرد عن السَّحَابِ بهذه الناقة، فيقال: فارق. والفارق من الناس: الذي يَفرِق بين الأمور، يَفْصِلُها. وفَرَقُ الصُّبْحِ وفَلَقُه واحد.
ومما شَذَّ عن هذا الباب الفَرَْق: مِكيالٌ من المكاييل، تفتح فاؤه وتسكّن. قال القُتَيبِيّ: هو الفَرَق بفتح الراء، وهو الذي جاء في الحديث: "ما أسْكَرَ الفَرَق منه فمِلْء الكفِّ منه حرام"، ويقال إنّه ستّةَ عشَرَ رطلاً. وأنشَدَ لخِداش ابن زُهَير:
يأخذون الأرشَ في إخوتهم *** فَرَقَ السَّمنِ وشاةً في الغَنَم([35])
والفَرِيقة: تمرٌ يطبَخ بحُلْبَةٍ يُتَدَاوَى به. والفَروقة: شَحم الكُلْيَتَين. قال:
* يُضيء لنا شَحمُ الفَرُوقةِ والكُلَى([36]) *
والفَروق: موضعٌ، كلُّ ذلك شاذٌّ عن الأصل* الذي ذكرناه.
(فرك) الفاء والراء والكاف أصلٌ يدلُّ على استرخاءٍ في الشيء وتفتيلٍ له. من ذلك: فركت الشيءَ بيدي أفرُكه فركاً، وذلك تَفتيلُك للشَّيء حتى ينفَرِك. وثوبٌ مفروكٌ بالزَّعفران: مصبوغٌ، والأصل فيه ما ذكرناه.
ومن الباب: فَرِكَتِ المرأةُ زوجَها تَفْرَكُه، إذا أبغضَتْه. قال:
* ولم يُضِعْها بين فِرْك وعَشَقْ([37]) *(4/393)
ورجلٌ مفرَّك: يُبغِضه النِّساء، وإنما سمِّي فِرْكاً لأنها تلتوي وتَنفتِل عنه. والانفراك: استرخاء المَنْكِب. وأمَّا قوله: فاركتُ صاحبي، مثل تاركته، فهذا من باب الإبدال.
(فرم) الفاء والراء والميم كلمةٌ واحدةٌ، أظنُّها ليست عربيَّة، وهو الاستفرام. يقولون: هو أن تحتشِيَ([38]) المرأة شيئاً تضيِّق به [ما تحت إزارِها([39]) ]. قال الخليل: وليس هذا من كلامِ أهل البادية. قال ابنُ دُريد([40]) : يقال لذلك الشَّيء: فَرْمة([41]) . فأمَّا قول الراجز([42]) :
* مُستفرماتٍ بالحَصَى جوافلا *
فإنّه يريد خيلاً. يعني أنَّ من شدة جريها يدخُل الحصَى في فُرُوجها، فشبَّه الحصى بالفَرْمة. والفَرَماء: موضعٌ([43]) .
(فره) الفاء والراء والهاء كلمةٌ تدلُّ على أشَرٍ وحِذْق. من ذلك الفارِه الحاذِقُ بالشيء. والفَرِه: الأشِر. والفارهة: القينة. وناقةٌ مُفْرِهٌ ومُفْرِهَةٌ، إذا كانت تُنتَجُ الفُرْه.
(فري) الفاء والراء والحرف المعتلّ عُظْمُ البابِ قَطْعُ الشيء، ثم يفرَّع منه ما يقاربُه: من ذلك: فَرَيْتُ الشيء أفرِيه فرياً، وذلك قَطْعُكَه لإصلاحه. قال ابن السِّكِّيت: فَرَى، إذا خَرَز. وأفريتُه، إذا أنتَ قَطَعْته للإفساد([44]) . قال في الفَرْي:
ولأنْتَ تفرِي ما خلقت وبعـ *** ـضُ القومِ يَخلُقُ ثم لا يَفْرِي([45])
ومن الباب: فلانٌ يَفْري الفريَّ، إذا كان يأتي بالعَجَب، كأنَّه يَقْطع الشَّيءَ قطعاً عَجَباً. قال:
* قد كنتِ تَفرِينَ به الفَريَّا([46]) *
أي كنتِ تُكْثرين فيه القولَ وتعظِّمينه. ويقال: فَرَى فلانٌ كذِباً يَفرِيه، إذا خَلَقَه. وتفرَّتِ الأرضُ بالعُيون: انبجَسَتْ. والفَرَى: الجَبَان([47]) ، سمِّي بذلك لأنَّه فُرِي عن الإقدام، أي قُطِع. والفَرَى أيضاً: مِثلُ الفَرِيّ، وهو العَجَب. والفَرَى: البَهْت وَالدَّهَش، يقال فَرِيَ يَفْرَى فرَىً. قال الشَّاعر([48]) :(4/394)
وفَرِيتُ من فَزَعٍ فلا *** أَرمِي وقد ودَّعْت صاحبْ([49])
ومن الباب الفَرْوة التي تُلبَس. وقال قومٌ: إنَّما سمِّيت فَروةً من قياس آخَر، وهو التَّغطية، لذلك سمِّيت فَرْوةُ الرّأس، وهي جلدتُه. ومنه الفَرْوة، وهي الغِنى والثَّروة. والفَروةُ: كلُّ نباتٍ مجتمِعٍ إذا يَبِس. وفي الحديث: "أنَّ الخَضِر جَلَسَ على فَرْوةٍ من الأرض فاخضرَّت". فإنْ صحَّ هذا فالبابُ على قياسين: أحدهما القطع، والآخَر التَّغطية والسَّترُ بشيءٍ ثَخين.
وأمَّا المهموز فليس من هذا القياسُ ولا يقاس عليه غيرُه، وهو الفَرَأ: حمار الوَحْش، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لأبي سفيان: "كلُّ الصَّيد في جوف الفَرَأ". وقال الشَّاعر([50]) :
* بِضربٍ كآذانِ الفِراء([51]) *
(فرت) الفاء والراء والتاء كلمة واحدة، وهي الماء الفُراتُ، وهو العَذْب. يقال: ماءٌ فرات، ومياهٌ فُرات.
(فرث) الفاء والراء والثاء أُصَيلٌ يدلُّ على شيء متفتِّت. يقال فَرَثَ كَبِدَه: فَتَّها. والفَرْث: ما في الكَرِش. ويقال على معنى الاستعارة: أفْرَثَ فلانٌ أصحابه، إذا سَعَى بهم وألقاهم في بَليَّة.
(فرج) الفاء والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تفتُّح في الشَّيء. من ذلك الفُرجة في الحائط وغيرِه. الشَّقُّ. يقال: فَرَجْته وفرَّجته. ويقولون: إنَّ الفَرْجة: التفصِّي من همٍّ أو غمّ. والقياسُ واحد، لكنَّهم يفرقون بينهما بالفتح. قال:
ربَّما تجزع النُّفوس من الأمْـ *** ـرِ له فَرجة كحلِّ العِقالِ([52])
والفَرْج: ما بين رِجْلَي الفَرَس. قال امرؤُ القَيس:
لها ذنبٌ مثلُ ذَيل العروس *** تَسُدُّ به فَرجَها من دُبُرْ([53])(4/395)
والفُروج: الثُّغور التي بين مَواضِع المخافة، وسمِّيت فُرُوجاً لأنَّها محتاجةٌ إلى تفقُّد وحِفْظ. ويقال: إنَّ الفرجَين اللذين يُخاف* على الإسلام منهما: التُّرك والسُّودان. وكلُّ مَوضعِ مَخافةٍ فَرْج. وقوسٌ فُرُجٌ، إذا انفجَّتْ سِيَتُها. قالوا: والرَّجُل الأفْرَجُ: الذي لا يلتقي أَليتاه. وامرأةٌ فَرْجاء. ومنه الفُرُج: الذي لا يكتُم السِّرّ، والفِرْج مثله. والفَرِج: الذي لا يزالُ ينكشف فَرجُه. والفَرُّوج: القَبَاء؛ وسمِّي بذلك للفُرجة التي فيه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل: المُفْرَج، قالوا: هو القتيل لا يُدرَى مَن قتلَه، ويقال هو الحَميل لا وَلاءَ له إلى أحدٍ ولا نَسَب. ورُوي في بعض الحديث: "لا يُتْرَك في الإسلام مُفْرَجٌ"، بالجيم.
(فرح) الفاء والراء والحاء أصلانِ، يدلُّ أحدهما على خلاف الحُزْن، والآخر الإثْقال.
فالأوَّل الفَرَح، يقال فَرِحَ يَفرَح فَرَحا، فهو فَرِح. قال الله تعالى: {ذلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ في الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غافر 75]. والمِفراح: نقيض المِحْزان.
وأمَّا الأصل الآخر فالإفراح، وهو الإثقال. وقولُه عليه الصلاة والسَّلام: "لا يُتْرَك في الإسلام مُفْرَحٌ" قالوا: هذا الذي أثْقَلَه الدَّين. قال:
إذا أنت لم تَبْرحْ تؤدِّي أمانةً *** وتَحمِلُ أخرى أفرحتكَ الودائعُ([54])
(فرخ) الفاء والراء والخاء كلمةٌ واحدة، ويقاس عليها. فالفَرْخ: وَلَد الطَّائر. يقال: أفرَخَ الطَّائر. ويُقاس فيقال: أفْرَخَ الرُّوع: سَكَن. وليُفْرِخ رُوعك، قالوا: معناه ليخرج عنك رَوْعُك وليفارقْك، كما يَخْرُج الفَرخ عن البيضة. ويقولون: أفرَخَ الأمر: استبانَ بعد اشتِباه. والفُرَيْخ: قينٌ كان في الجاهليَّة، يُنسَب إليه النِّصال أو السِّهام. قال:
* ومقذُوذَين من بُرْي الفُرَيْخ([55]) *(4/396)
(فرد) الفاء والراء والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على وُحْدة. من ذلك الفَرْد وهو الوَتْر. والفارد والفَرْد: الثَّور المنفرِد. وظبيةٌ فاردٌ: انقطعت عن القَطيع، وكذلك السِّدرة الفاردةُ، انفرَدَتْ عن سائر السِّدر. وأفراد النجوم: الدَّراريُّ في آفاق السَّماء. والفريد: الدُّرُّ إذا نُظِم وفصِّل بَينَه بغَيرِه. والله أعلم بالصَّواب.
ــــــــــــــــــ
([1]) ضبط في القاموس بكسر الفاء. وضبط في المجمل بفتحها وكسرها.
([2]) في الأصل: "من دق فرس العنق".
([3]) والفروسة أيضاً بوزن السهولة، ذكرت في المجمل وسائر المعاجم.
([4]) الفراسة هذه بفتح الفاء، وأما الفراسة بكسر الفاء، فهي التفرس في الشيء وإصابة النظر فيه.
([5]) المجمل (فرش) واللسان (أمم، فرش) والحيوان (4: 365). وأم البيض هنا: النعامة.
([6]) ديوان جرير 476. وقبله:
فالتغلبية والصليب على استها *** رجس موقعة العجان ذلول
([7]) يعني الفراء، وهو يحيى بن زياد بن عبد الله.
([8]) وكذا في المجمل والقاموس. قال في القاموس: "وجمل مفرش كمعظم". والذي في الجمهرة (2: 345) واللسان: "مفترش".
([9]) وردت في المجمل والجمهرة واللسان، فلم ترد في القاموس.
([10]) ليزيد بن عمرو بن الصعق، كما في اللسان (فرش). وانظر إصلاح المنطق 480.
([11]) ديوان الأعشى 90 واللسان (فرص). وفي الديوان: "كمفراص".
([12]) لصخر الغي الهذلي. ديوان الهذليين (2: 69) واللسان (فرض).
([13]) للحكم بن عبدل الأسدي، أمالي القالي (2: 261). وأنشده في المجمل.
([14]) لراجز من عمان، كما في اللسان (فرض)، والرجز في مجالس ثعلب 217 والمخصص (11-134).
([15]) موضع البيت بياض في الأصل، وإثباته من اللسان (فرط). وهو لمرقش.
([16]) في الأصل: "اغلنه"، تحريف. وفي المجمل: "وفرطت عنه ما كرهه، أي نحيته".
([17]) للبيد في معلقته. وصدره: * ولقد حميت الحي تحمل شكتي *(4/397)
([18]) للقطامي في ديوانه 13 واللسان (فرط، عجل) وإصلاح المنطق 79.
([19]) في الأصل: "الحين"، صوابه من المجمل.
([20]) هو وغلة الحرمي، كما في اللسان (فرط 244).
([21]) أنشد في المجمل "بين الجم والفرط" فقط. وقال: "فجمعه على فُرُط، ويقال إنما هو الفَرَط".
([22]) كذا ضبط في المجمل بالتحريك، وبذا ضبطه الجوهري، ووهمه المجد وذكر أن صوابه بسكون الراء. وأنشد:
فمن واستبقى ولم يعتصر *** من فرعه مالا ولم يكسر
([23]) التكملة من الجمهرة (2: 382) واللسان.
([24]) كذا ضبط في المجمل، ولم ترد الكلمة في القاموس، وجاءت في اللسان بكسر الراء.
([25]) يقال جول الأرض وجول فيها، أي طوف. وفي المجمل: "حولت فيها"، تحريف.
([26]) ديوان أوس بن حجر 13 واللسان (هدب، عبم، فرع).
([27]) الحق أن "أفرع" و "فرع" بالتشديد من الأضداد، يقالان للصعود والانحدار.
([28]) زاد في المجمل: "وفريغة".
([29]) لأبي كبير الهذلي في ديوان الهذليين (2: 107) واللسان (فرغ، خرف). وقد سبق في (خرف).
([30]) في الأصل: "كنت في أمر كذا". وأنشد أبو حيان في تفسيره (8: 194) لجرير:
الآن وقد فرغت إلى نمير *** فهذا حين كنت لهم عذابا
وقال: "أي قصدت"، ثم قال: "وأنشد النحاس:
* فرغت إلى العبد المقيد في الحجل *"
([31]) التزييل، التفريق. وفي الأصل: "وترتيل".
([32]) هو كثير عزة. اللسان (فرق، خلف).
([33]) الذفرى تنون وألفها للإلحاق، ولا تنون وألفها للتأنيث، قال ابن بري: صواب إنشاده: "بذفرى"، لأن قبله:
توالى الزمام إذا ما ونت *** ركائبها واحتثثن احتثاثا
([34]) الخلفة: الناقة الحامل، وجمعها مخاض على غير قياس. في الأصل: "الخلقة"، صوابه في المجمل.
([35]) أنشده في المجمل واللسان (فرق 180).
([36]) للراعي، في اللسان (فرق) وصدره: * فبتنا وباتت قدرهم ذات هزة *(4/398)
([37]) لرؤبة في ديوانه 104 واللسان (سرر، عسق، عشق، فرك) وإصلاح المنطق 9، 24، 111 . وقد سبق في (عسق، عشق).
([38]) في الأصل: "نخشى"، صوابه في المجمل.
([39]) التكملة من المجمل.
([40]) في الجمهرة (2: 402).
([41]) ضبطت في المجمل والجمهرة بفتح الراء، وضبطت في الأصل واللسان والقاموس بإسكانها.
([42]) هو امرؤ القيس ديوانه 158 واللسان والجمهرة (فرم).
([43]) موضع في حدود مصر ويقال بالقصر. وفي الجمهرة: "الفرمي" كتبت بالياء.
([44]) في الأصل: "للإنسان" وفي المجمل: "إذا أنت أفسدته".
([45]) زهير في ديوانه 94 واللسان (خلق، فرى)، وقد سبق منسوباً في (خلق).
([46]) لزرارة بن صعب، كما في اللسان (فرى).
([47]) الفرى، بهذا المعنى، مما فات المعاجم المتداولة، وذكره في المجمل.
([48]) هو الأعلم الهذلي، كما في المجمل ولسان العرب (فرا) وديوان الهذليين (2: 78).
([49]) وكذا جاءت روايته في المجمل. وفي اللسان: "من جزع". وفي اللسان والديوان: ولا ودعت".
([50]) هو مالك بن زغبة الباهلي، كما سبق في حواشي (بور).
([51]) هو بتمامه:
بطعن كآذان الفراء فضوله *** وطعن كإيزاغ المخاض تبورها
([52]) لأمية بن أبي الصلت مع شك من الجاحظ في الحيوان (3: 39) وأنشده في اللسان (فرج) منسوباً إلى أمية. وهو في البيان (3: 260) بدون نسبة. على أن "الفرجة" مثلثة الفاء، لا كما ذكر ابن فارس.
([53]) ديوان امرئ القيس 13 واللسان (فرج).
([54]) البيت لبيهس العذري، كما في اللسان (فرح).
([55]) أنشده في اللسان (فرخ). ...
ـ (باب الفاء والزاء وما يثلثهما)
(فزع) الفاء والزاء والعين أصلانِ صحيحان، أحدهما الذُّعر، والآخَر الإغاثة.(4/399)
فأمَّا الأوَّل فالفَزَع، يقال فَزِع يَفْزَع فَزَعاً، إذا ذُعِر. وأفزَعْتُه أنا. وهذا مَفْزَعُ القوم، إذا فَزِعوا إليه فيما يَدهَمُهم. فأمَّا فَزَّعت [عنه] فمعناه كَشَّفت عنه الفَزَع. قال الله تعالى: {حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ 23]. والمَفْزَعة: المكان يلتجئ إليه الفَزِع. قال:
طويلٌ طامحُِ الطَّرف *** إلى مَفْزَعة الكلبِ([1])
والأصل الآخر الفَزَع: الإغاثة([2]) . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار: "إنَّكم لَتَكْثُرون عند الفَزَع، وتَقِلُّون عند الطَّمَع". يقولون: أفزَعْتُه إذ رَعَبتَه، وأفْزعتُه، إذا أغثتَه. وفَزِعتُ إليه فأفزَعَني، أي لَجأْتُ إليه فَزَِعَاً فأغاثَني. وقال الشَّاعر([3]) في الإغاثة:
فقلتُ لكاسٍ ألجِمِيها فإنَّما *** نزَلنا الكثيبَ من زَرُودَ لنَفْزَعا([4])
وقال آخر([5]) :
كُنَّا إذا ما أتانا صارخٌ فَزِعٌ *** كان الصُّراخَُ له قَرْعَُ الظَّنابيبِ
(فزر) الفاء والزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على انفراجٍ وانصداع. من ذلك الطَّريق الفازِرُ: وهو المُنْفرِج الواسع. والفِزْر: القطيع من الغَنَم. يقال فزرْت الشَّيء: صدَعتُه. والأفْرزُ: الذي يتطامَنُ ظهرُه؛ والقياسُ واحد، كأنَّه يَنْفرِقُ لحمتا ظهرِه. والله أعلم.
ـــــــــــــــ
([1]) لأبي دواد الإيادي، أو هو لعقبة بن سابق الهزاني، وقد سبق التحقيق في حواشي (طمح).
([2]) الظاهر أن معناه في الحديث الاستغاثة. وفي اللسان: "وقد يكون التقدير أيضاً عند فزع الناس إليكم لتغيثوهم".
([3]) هو الكلحبة العرني اليربوعي. المفضليات (1: 30) واللسان (فزع).
([4]) كأس: اسم بنته. في اللسان: "حللت الكثيب" و "لأفزعا".
([5])هو سلامة بن جندل، ديوانه 11 والمفضليات (1: 122) واللسان (فزع، ظنب)، وقد سبق في (ظنب). ...
ـ (باب الفاء والسين وما يثلثهما)(4/400)
(فسط) الفاء والسين والطاء كلمتانِ متباينتان. فالفَسِيط: ثُفْرُوق التَّمرة، ويقال قُلامة الظُّفر. والفُسطاط: الجماعة. وفي الحديث: "إنَّ يدَ الله تعالى عَلَى الفُسطاط"، وبذلك سمِّي الفُسطاط فُسطاطاً.
(فسق) الفاء والسين والقاف كلمة واحدة، وهي الفِسْق، وهو الخروج عن الطَّاعة. تقول العرب: فَسقَتِ الرُّطَبَةُ عن قِشْرها: إذا خرجَتْ، حكاه الفَرَّاء. ويقولون: إنَّ الفأرة فُوَيْسِقة، وجاء هذا في الحديث. قال ابنُ الأعرابيِّ: لم يُسْمع قطُّ في كلامِ الجاهليَّة في شعر* ولا كلامٍ: فاسق. قال: وهذا عجبٌ، هو كلامٌ عربيٌّ ولم يأتِ في شعرٍ جاهليٍّ(1) .
(فسل) الفاء والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَعف وقِلَّة. من ذلك: الرّجُل الفَسْل، وهو الرديُّ من الرِّجال. ومنه الفَسِيل: صَغار النَّخْل. وفَسَالة الحديد: سُحَالته.
(فسأ) الفاء والسين والهمزة. يقال فيه: تفسَّأ الثَّوبُ، إذا بَلِيَ. وفَسَأْته أنا: مدَدْتُه حتى تفزَّر. ويقولون: فَسَأه بالعصا: ضربه. ويقولون في غير المهموز: تفاسَى الرَّجُل تفاسِياً، إذا أخْرَجَ عَجِيزتَه.
(فسج) الفاء والسين والجيم، كلمة واحدة. يقولون: قَلوصٌ فاسجة(2) ، إذا أعجَلَها الفحلُ فضَرَبها قَبْلَ وقتِ المضْرِب. ويقال بل هي الحائل السَّمينة.
(فسح) الفاء والسين والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على سَعَةٍ واتِّساع. من ذلك الفَسيح: الواسع. وتَفَسَّحت في المجلِس، وفَسَّحت المجلس.
(فسخ) الفاء والسين والخاء كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ شيء. يقال: تَفَسَّخَ الشَّيءُ: انتقَضَ. ويقولون: أَفْسَخْتُ الشيء : نَسِيتُه. ويقولون: الفَسِيخ: الرجلُ لا يَظفَر بحاجته.
(فسد) الفاء والسين والدال كلمةٌ واحدة، فَسَدَ الشَّيءُ يَفْسُد فساداً وفُسوداً، وهو فاسِدٌ وفَسِيد.(4/401)
(فسر) الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدلُّ على بيانِ شيءٍ وإيضاحِه. من ذلك الفَسْرُ، يقال: فَسَرْتُ الشَّيءَ وفسَّرتُه. والفَسْر والتَّفسِرَة: نظَر الطَّبيب إلى الماء وحُكمهُ فيه. والله أعلم بالصَّواب.
ـــــــــــــــ
(1) انظر اللسان (فسق) والحيوان (1: 33/ 5: 280).
(2) في المجمل: "فاسج"، وكلاهما يقال.
ـ (باب الفاء والشين وما يثلثهما)
(فشج) الفاء والشين والجيم. يقولون: فَشَجت النّاقةُ: تفاجَّتْ لتَبُول. كذلك في كتاب الخليل. وقال ابن دريد: فَشَحت، بالحاء، وأنشد:
وحَكَّكِ الحِنْوانِ فانفشَحْتِ(1) *** إنَّكِ لو صاحَبْتِنا مَذِحْتِ
(فشخ) الفاء والشين والخاء، فيه طَريفَةُ ابن دُريد(2) . قال: الفشْخُ: ضربُ الرأسِ باليد.
(فشل) الفاء والشين واللام. يقولون: تفَشَّل الماءُ: سالَ. والفَشْل: شيءٌ من أدَاة الهَوْدَج.
(فشا) الفاء والشين والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة، وهي ظهورُ الشَّيء، يقال: فَشَا الشَّيءُ: ظَهَر.
وحكى ابنُ دريد(3) : فَشَأَ المرضُ فيهم فشُوءاً، وتفشَّأَ تفشُّؤاً.
(فشغ) الفاء والشين والغين أصلٌ يدلُّ على الانتشار. يقال انفشغ الشَّيء وتفشَّغ، إذا انتشَر. ويقولون: الفَشْغة: القُطنة في جوف القَصَبة. والفُشاغ(4) : نبات يتفشَّغُ على الشَّجر ويلتوِي. والناصية الفَشْغاء: المُنتشِرة. وتفَشَّغَ فيه الشَّيب: ظَهَر. وتفشَّغَ به الدَّم. ويقولون: أفْشَغَهُ سوطاً: ضَربَه.
(فشق) الفاء والشين والقاف، ليس هو عندي أصلاً، ولكنَّهم يقولون: الفَشَق: المُباغَتة. فاَشَقَ: باغَتَ. وفَشَقَ بنو فلانٍ الدُّنيا(5) ، إذا كثُرَت عليهم فلَعِبوا بها. والله أعلم بالصَّواب.
ــــــــــــــ
(1) الجمهرة (2: 159) واللسان (مذح، فشح)، والبيان (3: 318).
(2) الجمهرة (2: 224).
(3) في الجمهرة (3: 687).
(4) هو كغراب ورمان، كما في القاموس واللسان.(4/402)
(5) هذا مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان.
ـ (باب الفاء والصاد وما يثلثهما)
(فصل) الفاء والصاء واللام كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على تمييز الشَّيء. من الشَّيء وإبانته عنه. يقال: فَصَلْتُ الشَّيءَ فَصْلاً. والفَيْصل: الحاكم. والفَصِيل: ولدُ النَّاقةِ إذا افتُصِلَ عن أُمِّه. والمِفْصَل: اللِّسان، لأنَّ به تُفصَل الأمور وتميَّز. قال الأخطل:* وقد ماتت عِظامٌ وَمِفْصَلُ([1]) *
والمفاصل: مَفاصل العِظام. والمَفْصِل: ما بين الجبلَيْن، والجمع مَفاصل. قال أبو ذُؤَيب:
مَطَافيلَ أبكارٍ حديثٍ نِتاجُها *** يُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ المفاصلِ([2])
والفَصِيل: حائطٌ دونَ سُور المدينة. وفي بعض الحديث: "مَن أنفَقَ نفقةً فاصلةً فله من الأجر كذا"، وتفسيره في الحديث أنَّها التي فَصَلَت بين إيمانه وكُفره.
(فصم) الفاء والصاد والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على انصداعِ شيء من غير بَيْنُونة. من ذلك الفَصْم، وهو أن ينصَدِع الشَّيءُ من غير أن يَبين. وكلُّ منحنٍ من خَشَبَةٍ وغيرها فهو* مفصوم. قال:
كأنَّه دُمْلُجٌ من فِضّةٍ نَبَهٌ *** في مَلْعبٍ من عَذَارى الحيِّ مفصومُ([3])
(فصي) الفاء والصاد والياء أصلٌ صحيح يدلُّ على تنحِّي الشَّيء عن الشَّيء. يقال تفَصَّى اللَّحمُ عن العَظْم، وتفَصَّى الإنسانُ من البلِيَّة: تَخَلَّص. والاسم الفَصْية. وفي حديث: قَيْلة: "الفَصْية والله، لا يزالُ كعبُكِ عاليا". وأفْصَى: رجلٌ([4]) .(4/403)
(فصح) الفاء والصاد والحاء أصلٌ يدلُّ على خُلوصٍ في شيءٍ ونقاء من الشَّوب. من ذلك: اللِّسان الفصيح: الطَّليق. والكلام الفصيح: العربيّ. والأصلُ أفْصَحَ اللّبَنُ: سكنت رَُِغوتُه. وأفْصَحَ الرّجل: تكلَّم بالعربيَّة. وفَصُح: جادت لغتُه حتَّى لا يلحَنُ. في كتاب ابن دريد([5]) : "أفصح العربيُّ إفصاحاً، وفَصُح العجميُّ فَصاحةً، إذا تكلَّم بالعربية". وأُراه غلطاً، والقول هو الأوّل. وحكَى: فَصُحَ اللبنُ فهو فصيح، إذا أُخذت عنه الرِّغوة. قال:
* وتحتَ الرَُِّغوةِ اللَّبنُ الفصيح([6]) *
ويقولون: أفصَحَ الصُّبح، إذا بدا ضوؤُه. قالوا: وكلُّ واضحٍ مُفْصِحٌ. ويقال إنَّ الأعجم: ما لا ينطق، والفصيحَ: ما ينطق.
ومما ليس من هذا الباب الفِصْح([7]) : عيدُ النصارى، يقال: أفصحوا: جاء فِصحُهم.
(فصد) الفاء والصاد والدال كلمة صحيحة، وهي الفَصْد، وهو قطع العِرقِ حتَّى يسيل. والفَصيد: دمٌ كان يُجعَل في مِعىً من فَصد عروق الإبل، ويُشوَى ويُؤكل، وذلك في الشدّة تُصيب. قال الأعشى:
*ولا تأخُذ السَّهمَ الحديدَ لتفصِدا([8]) *
ويقولون: [تفصَّد([9]) ] الشيء: سال.
(فصع) الفاء والصاد والعين يدلُّ على خروجِ شيءٍ عن شيء. يقال: فصع الرُّطَبة، إذا قَشَرَها. ويقولون: الفُصْعة: غُلْفة الصبيّ إذا اتَّسعت حتَّى تبدوَ حَشَفتُه.
ـــــــــــ
([1]) البيت بتمامه كما في ديوان الأخطل ص2:
صريع مدام يرفع الشرب رأسه *** ليحيا وقد ماتت عظام ومفصل
([2]) ديوان الهذليين (1: 141) واللسان (فصل) والحيوان (2: 351) وأمالي المرتضى (1: 187) وثمار القلوب 446 والمخصص (1: 23/ 5: 65/16: 161).
([3]) لذي الرمة في ديوانه 572 واللسان (نبه، فصم). وسيأتي في (نبه).
([4]) ومنه أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة، وأفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة.
([5]) الجمهرة (2: 163).(4/404)
([6]) البيت لنضلة السلمي، كما في اللسان (فصح). وصدره كما في اللسان ومجالس ثعلب 9 والبيان والتبيين (3: 338): * فلم يخشوا مصالته عليهم *
([7]) كذا تذهب معجمات اللغة جميعها. والحق أن الكلمة كما ظهر لي معربة من العبرانية "بِيسَحْ"، وقد حققت ذلك التأصيل بإسهاب لأول مرة في حواشي الحيوان (4: 534).
([8]) صدره كما في ديوان الأعشى 103: * فإياك والميتات لا تأكلنها *
([9]) التكملة من المجمل. ...
ـ (باب الفاء والضاد وما يثلثهما)
(فضل) الفاء والضاد واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على زيادةٍ في شيء. من ذلك الفَضْل: الزِّيادة والخير. والإفضال: الإحسان. ورجل مُفْضِل. ويقال: فَضَل الشّيءُ يَفْضُل، وربما قالوا فَضِلَ يَفْضُل، وهي نادرة. وأمَّا المتفضِّل فالمدّعي للفَضْل على أضرابِه وأقرانه. قال الله تعالى في ذِكر مَن قال:{مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ} [المؤمنون 24]. ويقال المتفضِّل: المتوشَّح بثَوبه. ويقولون: الفُضُل: الذي عليه قميصٌ ورداءٌ، وليس عليه إزارٌ ولا سراويل. و[منه] قول امرئِ القيس:
وتُضْحِي فَتيتُ المِسْكِ فوقَ فراشها *** نَؤومُ الضُّحَى لم تنتطِق عن تفضُّلِ(1)
(فضي) الفاء والضاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على انفساحٍ في شيء واتِّساع. من ذلك الفَضاء: المكان الواسِع. ويقولون: أفضَى الرّجُل إلى امرأته: باشَرَها. والمعنى فيه عندنا أنّه شُبّه مقدَّمُ جسمه بفَضاء، ومقدَّمُ جسمها بفضاء، فكأنه لاقَى فضاءَها بفضائه. وليس هذا ببعيدٍ في القياس الذي ذكرناه.(4/405)
ومن هذا على طريق التشبيه: أفضَى إلى فلانٍ بسرِّه إِفضاءً، وأفضى بيده إلى الأرض، إذا مَسَّها بباطِنِ راحته في سُجوده. وهو من الذي ذكرناه في قياس الفَضَاء. ويقولون: الفَضَا، مقصور: تمر وزبيبٌ يُخلَطان. وقال بعضهم: الفَضَا مقصور: الشَّيئان يكونان في وعاء مختلطَين لا يُصَرُّ كلُّ واحدٍ منهما على حِدَة. قال:
وتمرٌ فضاً في عَيْبتي وزَبيبُ(2) *** فقلت لها يا عَمَّتَا لك ناقتِي
وقال:
* طعامُهمُ فَوضى فَضاً في رحالهمْ(3) *
(فضح) الفاء والضاد والحاء كلمتان متقاربتان تدلُّ إحداهما على انكشافِ شيء، ولا يكاد يُقال إلاّ في قبيح، والأخرى على لونٍ غير حسنٍ أيضاً.
فالأوَّل قولهم: أفْضَح الصُّبح وفَضَّح، إذا بدا. ثم يقولون في التَّهتُّك: الفُضوح. قالوا: وافْتَضَح الرّجُل*، إذا انكشفتْ مساوِيه.
وأمَّا اللَّون فيقولون: إِنَّ الفَضَح: غُبْرَةٌ في طُحْلة؛ وهو لَوْنٌ قبيح(4) . وأفْضحَ البُسر، إذا بدَتْ منه حمرةٌ. ويقولون: الأفْضَح: الأسَد، وكذلك البعير، وذلك من فَضَحِ اللَّون.
(فضخ) الفاء والضاد والخاء فيه كلمةٌ تدلُّ على الشَّدخ. يقال: فَضَخْت الرُّطَبة: شَدَخْتُها. والفَضِيخ: رُطَبٌ يُشْدَخ ويُنْبَذ.
ــــــــــــــــ
(1) البيت من معلقته المشهورة. ويروى: "ويضحي فتيت المسك".
(2) في المجمل: "يا عمتي". وفي اللسان (فضا): "يا خالتي"، ونبه على رواية المجمل.
(3) البيت للمعذل البكري، كما في اللسان (فضا). وعجزه:
* ولا يحسنون الشر إلا تناديا *
(4) في الأصل: "ويقولون قبيح"، صوابه في المجمل.
ـ (باب الفاء والطاء وما يثلثهما)
(فطم) الفاء والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْع شيء عن شيء. يقال: فَطَمَت الأمُّ ولدَهَا، وفَطَمتُ الرّجُلَ عن عادته. قال أبو نصرٍ صاحبُ الأصمعيّ: يقال فَطَمْتُ الحَبْلَ، إذا قطعتَه. قال: ومنه فِطام الأمِّ ولَدَها.(4/406)
(فطن) الفاء والطاء والنون كلمةٌ واحدةٌ تدل على ذكاء وعلم بشيء. يقال: رجلٌ فَطِنٌ وفَطُنٌ، وهي الفِطْنَة والفَطَانة(1) .
(فطأ) الفاء والطاء والهمزة كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على تطامُنٍ. يقال للرَّجُل الأفطس: الأفْطَأ. ويقولون: فَطِئَ البعيرُ، إذا تطامَنَ ظهره خِلْقةً.
(فطح) الفاء والطاء والحاء كلمة واحدة. يقولون: فَطَّحْتُ العود وغيرَه، إذا عرَّضْتَه. وهو مُفَطَّح. ورأسٌ مفطَّح: عريض.
(فطر) الفاء والطاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَتْح شيء وإبرازهِ. من ذلك الفِطْرُ من الصَّوم. يقال: أفْطَرَ إفطاراً. وقومٌ فِطْرٌ(2) أي مُفْطِرُون. ومنه الفَطْر، بفتح الفاء، وهو مصدرُ فطَرْتُ الشاةَ فَطراً، إذا حَلبْتَها. ويقولون: الفَطْر يكون الحلبَ بإصبعَين. والفِطْرَة: [الخِلْقة(3) ].
(فطس) الفاء والطاء والسين. فيه الفَطَس في الأنف: انفِراشُه. وفِطِّيسَةُ الخنزير: أنْفُه. والفِطِّيس: المِطْرَقة، ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها يُكسَرُ بها الشيء، ويتطامَن(4) . ويقولون: فَطَسَ: مات. ويقولون: الفَطْسَة: خَرزَة يُؤَخَّذ بها.
ـــــــــــــــــ
(1) في الأصل: "والفطنة". ومن أخوات هذه المصادر الفطن مثلثة، وبالتحريك، وبضمتين ومنها الفطونة والفطانية.
(2) يقال للواحد والجميع.
(3) التكملة من المجمل.
(4) في الأصل: "وتطامن".
ـ (باب الفاء والظاء وما يثلثهما)
(فظع) الفاء والظاء والعين كلمةٌ واحدة. أَفْظَع الأمرُ وفَظُع: اشتدَّ. وهو مُفْظِعٌ وفظيع. والله أعلم.
ـ (باب الفاء والعين وما يثلثهما)
(فعل) الفاء العين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على إحداث شيء من عملٍ وغيره. من ذلك: فَعَلْتُ كذا أفعلُه فَعْلا. وكانت مِن فُلانٍ فَعْلةٌ حَسَنَةٌ أو قبيحة. والفِعَال جمع فِعْل. والفَعَال، بفتح الفاء: الكَرَم وما يُفْعَل من حَسَن.
وبقيت كلمةٌ ما أدري كيف صحّتها. يقولون: الفِعَال: خَشَبة الفأس.(4/407)
(فعم) الفاء والعين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على اتِّساعٍ وامتلاء. فالفَعْم: الملآن. فَعُم يَفْعُم فَعامةً وفُعُومة. وامرأةٌ فَعْمة السَّاقَين، إذا امتلأت ساقُها لحماً وأفعمْتُ الشَّيءَ: ملأته.
(فعي) الفاء والعين والحرف المعتلّ كلمة واحدة، وهي الأفعَى: حيَّة [وحَكى ناسٌ: تفعَّى الرّجل، إذا ساءَ(1) ] خُلقُه، مشتقٌّ من الأفعى. والله أعلم.
ـــــــــــــــــــ
(1) التكملة من المجمل.
ـ (باب الفاء والغين وما يثلثهما)
(فغم) الفاء والغين والميم كلمتان، إحداهما تدلُّ على فَتْح شيء أو تفتُّحه، ولا يكون إلاّ طيّباً. والأخرى تدلُّ على الوَلُوع بالشَّيء. فالأُولى: فَغَمَ الوردُ: تفتَّح. والرِّيح الطيِّبةُ تَفْغَم، أي تصير في الأنف تَفتح السُّدَّة. وأفْغَمَ المِسكُ المكانَ: ملأه برائحته.
والكلمة الأخرى: فَغِم بكذا: أُولِعَ به وحَرَصَ عليه. قال الأعشى:
[تؤمُّ ديارَ بنِي عامرٍ *** وأنتَ بآل عَقيلٍ فَغِمْ(1) ]
(فغي) الفاء والغين والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة. يقولون: الفاغِيَة: نَوْر الحِنَّاء. يقال: أَفْغى، إذا أخْرَجَ فاغِيَتَه. ويقولون: الفَغَا: فَسَادٌ في البُرِّ.
(فغر) الفاء والغين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على فتْح وانفتاح. من ذلك: فَغر الرجلُ فاه: فتَحَه. وفَغر فوهُ، إذا انفتح. وانفغَر النَّوْرُ: تفتَّح. والفاغرة: ضربٌ من الطِّيب. ويقال: إنَّ المَفغَرة: الأرضُ الواسعة.
ــــــــــــ
(1) البيت ساقط من الأصل، وإثباته من الديوان 30 واللسان (فغم). وأنشد عجزه في المجمل بدون نسبة.
ـ (باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله فاء)
من ذلك (الفَرْزدقة): القِطعة من العجين. هذه كلمةٌ منحوتة من كلمتين(1)، من فَرَزَ ومن دَقَّ، لأنَّه دقيقٌ عُجِنَ(2) ثم أُفرِزَت منه قطعة، فهي من الفَرْز والدَّقّ.(4/408)
ومن ذلك (الفَرقَعة): تنقيضُ الأصابع. وهذا ممَّا زيدت فيه الراء، وأصله فَقَع، وقد ذكر.
ومن ذلك قولهم (افْرَنقَعوا)، إذا تنحَّوا. وهي كلمةٌ منحوتة من فَرَق وفقَع، لأنَّهم يتفرَّقون فيكونُ لهم عند ذلك فَقْعةٌ وحَرَكة.
ومن ذلك قولهم (الفِرْشِطُ) و(الفِرشاط(3)): الواسع. وهذا مما زيدت فيه الطاء، والأصل فَرَش؛ ويكون ذلك من فرشت الشَّيء. ومن هذا الباب (فَرْشَط) البعير، لأنه ينفرِش ويَنْبَسِط.
ومن ذلك (الفَلْقَم): الواسع. وهذا من كلمتين: من فَلَق ولَقِم، كأنّه من سَعته يلْقَم الأشياء. والفَلْق: الفتح.
وقد ذكروا من ذلك (الفَلْحَس) الرَّجل الحريص والكلب الفَلْحَس(4) وهذا مما زيدت فيه الفاء، والأصل لَحِسَ كأنَّه من حرصه يَلْحَس الأشياء لحساً. والفلْحَس: المرأة الرسحاء، كأنَّ اللحم منها قد لُحِس حتَّى ذهب.
ومن ذلك (الفُرهُد): الحادر الغليظ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: من فَرِه ورَهَد. فالفَرَه: كثرة اللحم، والرَّهَد(5) : استرخاؤُه.
ومن ذلك (الفَرْشَحة)، وهو أن يفرِّج الإنسانُ بين رجلَيه ويُباعدَ إحداهما من الأُخرى، وهو المنهيُّ عنه في الصلاة. وهذا من كلمتين: من فَرَشَ وفَسَح، وقد مرَّ تفسيرُها.
ومن ذلك قولُهم: لقيت منه (الفَُِتَكْرِينَ)، وهي الشَّدائد. وهذا من الفتك، وسائره زائد.
ومن ذلك (الفَدْغَم): الرجل العظيم الخَلْق، والميم فيه زائدة، وكأنَّه يَفْدَغ بخَلْقِه الأشياءَ فَدْغاً.
ومما وُضِع وضعاً ولعلّ له قياساً لا نعلمُه (الفَرْقد): ولدُ البَقَرة. و(الفَرقدانِ) : نجمان. و(فَقْعَسٌ) : حيٌّ من الأسَد(6) . و(الفِطَحْل) : زمنٌ لم يُخلَق الناس [فيه(7) ] بَعد. و(الفَلَنْقَس): الذي أُمُّه عربيّةٌ وأبوه عجَميّ. باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله فاء(4/409)
و(الفِرصاد) : التُّوت. و(الفِرنِب) الفأرة(8). ويقولون:(الفُرْطُوم) : منقار الخُفّ. يقال خَفٌّ مُفَرْطَم. وأمّا قوله:
* عَكْفَ النَّبيط يَلعبون الفَنْزَجا(9) *
فيقال إنَّه فارسيٌّ(10) وإنَّه الدَّسْتَبَنْد(11) . و(الفُرْعُل) : ولد الضَّبُع على ما قالُوا، من كلام العرب، والله أعلم.
(تم كتاب الفاء والله أعلم بالصَّواب) .
ـــــــــــــــــــــ
(1) كذا. والحق أن الكلمة معربة من الفارسية "برازده". انظر اللسان ومعجم استينجاس 239، إذا فسرها بقوله:(Lump of dough) . أي كتلة أو قطعة أو قرص من العجين.
(2) في الأصل: "عجين".
(3) الكلمة وسابقتها لم تردا في اللسان. وفي القاموس: "فرشط: قعد ففتح ما بين رجليه، وهو فرشط كزبرج وقرطاس".
(4) الذي في المجمل: "ويقال للكب فلحس".
(5) هذا المصدر مما لم يرد في المعاجم المتداولة.
(6) يقال أسد، والأسد. انظر اللسان. وفي المجمل: "حي من أسد".
(7)التكملة من اللسان.
(8) أنشد شاهداً له في اللسان:
كضيون دب إلى فرنب *** يدب بالليل إلى جاره
(9) للعجاج في ديوانه 8 واللسان (فنزج) والمعرب للجواليقي 237 وأدب الكاتب 377.
(10) قالوا: هو معرب "بنجكان".
(11) في الألفاظ الفارسية المعربة لأدي شير 63: "الدستبند لعبة المجوس يدورون وقد أمسك بعضهم يد بعض كالرقص، مركب من دست، أي بند، ومن بند، أي رباط".(4/410)
قل
بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــــ
كتاب القاف
(باب القاف وما بعدها في الثلاثي الذي يقال له المضاعف والمطابق)
(قل) القاف واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على نَزَارة الشيء، والآخرُ على خلاف الاستقرارِ، وهو الانزعاج.
فالأوَّل قولهم: قلَّ الشَّيءُ يقلُّ قلَّة فهو قليل، والقُلُّ: القِلَّة، وذلك كالذُّل والذِّلّة. وفي الحديثِ في الرِّبا: "إنْ كَثُرَ فإنَّه إلى قُلٍّ". وأمَّا القُلََّة التي جاءت في الحديث(1)، فيقولون: إن القُلَّة ما أقلَّهُ الإنسان من جَرّةٍ أو حُبٍّ، وليس في ذلك عند أهل اللُّغة حدٌّ محدود قال:
فَظَلِلْنا بنَعْمةٍ واتّكأْنا
وشَرِبْنا الحَلالَ من قُلَلِهْ(2)
ويقال: استقلَّ القومُ، إذا مضَوا لمسيرِهم، وذلك من الإقلال أيضاً، كأنهم استخفُّوا السَّير واستقلُّوه. والمعنى في ذلك كلِّه واحد. وقولنا في القُلَّة ما أقلَّه الإنسان فهو من القِلَّة أيضاً، لأنَّه يقلُّ عنده.
قم - قن
__________
(1) منه: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل نجساً" ومنه في ذكر الجنة وصفة سدرة المنتهى: "ونبقها مثل قلال هجر".
(2) لجميل بن معمر، كما في اللسان (قلل).(5/1)
وأمّا الأصل الآخَر فقال: تَقَلقلَ الرَّجُل وغيرُه، إذا لم يثبُتْ في مكانٍ. وتقلقَل المِسمارُ: قَلِقَ في موضعه. ومنه فرسٌ قُلقُلٌ: سريع. ومنه قولهم: أخَذَه قِلٌّ من الغضب، وهو شِبه الرِّعْدة.
(قم) القاف والميم أصلٌ واحد يدلُّ على جَمع الشيء. من ذلك: قَمْقَمَ الله عَصَبه، أي* جَمَعه، والقَمْقام: البحر، لأنَّه مُجتَمَع للماء. والقَمقام: العدد الكثير، ثمَّ يشبَّه به السيِّد الجامع لِلسِّيادة الواسعُ الخير.
ومن ذلك قُمَّ البيتُ، أي كُنِس. والقُمَامة: ما يُكنَس؛ وهو يُجمَع. ويقال من هذا: أقمَّ الفَحلُ الإبلَ، إذا ألقَحَها كلَّها. ومِقَمَّة الشّاة: مِرَمَّتها(1)، وسميِّت بذلك لأنها تقمُّ بها النَّباتَ في فيها. ويقال لأعلى كلِّ شيءٍ: القِمَّة، وذلك لأنَّه مُجتَمعُه الذي به قِوَامُه.
ومما شذَّ عن هذا الباب القَمقام: صغار القِرْدان.
(قن) القاف والنون بابٌ لم يُوضَع على قياسٍ، وكلماتُه متباينة. فمن كلماته القِِنُّ، وهو العَبْد الذي مُلِك هو وأبوه. والقُنَّة: أعلَى الجبل. والقُنَان: رِيح الإبِطِ أشَدَّ ما يكون(2). والقُناقِن: الدليل الهادي، البصيرُ بالماء تحتَ الأرض، والجمع قَنَاقِن(3).
قه – قب
(قه) القاف والهاء ليس فيه إلا حكاية القَهْقَهة: الإغراب في الضحك. يقال: قَهٌّ وقهقَهةٌ، وقد يخفَّف. قال:
* فهنَّ في تَهَانُفٍ وفي قَهِ(4) *
... ويقولون: القَهقهة: قَرَبُ الوِرد(5).
__________
(1) المقمة والمرمة، كلاهما بكسر الميم وفتحها.
(2) في الأصل: "أشط ما يكون"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في اللسان: "وأصلها بالفارسية، وهو معرب مشتق من الحفر، من قولهم بالفارسية كِنْ كِنْ، أي احفر احفر".
(4) قبله في اللسان:
* نشأن في ظل النعيم الأرفه *
(5) زاد في اللسان: "مشتق من اصطدام الأحمال لعجلة السير، كأنهم توهموا لجرس ذلك جرس نغمة فضاعفوه".(5/2)
(قب) القاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وتجمُّع. من ذلك القُبَّة، وهي معروفة، وسمِّيت لتجمُّعها. والقَبقَب: البطن، لأنَّه مُجتَمع الطَّعام. والقَبُّ في البَكَرة(1). وأمَّا قولُهم: إنَّ القَبَب: دِقَّة الخَصْرِ فإنما معناه تجمُّعُه حتَّى يُرَى أنّه دقيق. وكذلك الخيلُ القُبّ: هي الضَّوامر، وليس ذلك [إلاَّ] لذهابِ لُحُومِها والصَّلابةِ التي فيها. وأمَّا القابّة فقال ابن السِّكِّيت: القَابّة: القَطْرة من المَطَر. قال: وكان الأصمعيّ يصحِّف ويقول: هي الرَّعد. والذي قاله ابنُ السِّكيت أصحُّ وأقْيَس؛ لأنَّها تَقُبُّ التُّرْبَ أي تجمعه.
ومما شذَّ عن هذا الباب تسميتُهم العام الثالث القُبَاقِب، فيقولون عامٌ، وقابلٌ، وقُبَاقِب(2).
ومما شذَّ أيضاً قولُهم: اقتبَّ يدَه، إذا قَطَعها.
قت – قث – قح – قد - قذ
(قت) القاف والتاء فيه كلمتانِ متباينتان، إحداهما القَتُّ، وهو نَمُّ الحديث. وجاء في الأثر: "لا يدخُلُ الجنة قَتَّاتٌ"، وهو النَّمّام. والقَتُّ: نَباتٌ. والقَتُّ والتَّقتِيتُ(3): تطييبُ الدُّهن بالرَّياحين.
(قث) القاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على الجمع. يقال: جاء فلانٌ يقُثُّ مالاً ودنيا عريضة.
(قح) القاف والحاء ليس هو عندنا أصلاً، ولكنهم يقولون: القُحّ: الجافي من الناس والأشياء، حتى يقولون للبطِّيخة التي لم تَنْضَج: إنّها لَقحٌّ.
__________
(1) هو الثقب الذي في وسط البكرة.
(2) في المجمل: "وتقول: لا آتيك العام، ولا قابلاً، ولا قباقبا".
(3) اقتصر في المجمل على "القت"، وفي اللسان والقاموس على "التقتيت".(5/3)
(قد) القاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْعِ الشيء طولاً، ثم يستعار. يقولون: قَدَدْتُ الشَّيء قدَّاً، إذا قطعتَه طولاً أقُدُّه، ويقولون: هو حسَنُ القَدّ، أي التقطيع، في امتدادِ قامته. والقِدُّ: سيرٌ يقَدُّ من جلدٍ غيرِ مدبوغ. واشتقاق القَدِيد منه. والقِدَّة: الطريقةُ والفِرقة من الناس، إذا كان هوَى كلِّ واحدٍ غيرَ هوى صاحِبِه. ثمَّ يستعيرون هذا فيقولون: اقتدَّ فلانٌ الأمورَ، إذا دَبَّرَها ومَيَّزها. وقَدَّ المسافرُ المَفازةَ. والقَيْدُود: النَّاقة الطَّويلة الظَّهر على الأرض. والقَدُّ: جِلد السَّخلة، الماعزة. ويقولون في المثَل: "ما يَجعَلُ قَدَّك إلى أديمك". ويقولون القُدَاد: وجَعٌ في البطن.
(قذ) القاف والذال قريبٌ من الذي قبلَه، يدلُّ على قطعٍ وتسويةٍ طولاً وغيرَ طُول. من ذلك القُذَذ: ريش السَّهم، الواحدة قُذَّة. قالوا: والقَذُّ: قطعها.
قر
يقال: أُذُنٌ(1) مقذوذة، كأنّها بُرِيَتْ بَرْيا. قال:
* مَقْذُوذةُ الآذانِ صَدْقاتُ الحَدَقْ(2) *
وزعم بعضهم أن القُذَاذات: قِطَعُ الذَّهب، والجُذَاذات: قِطَع الفِضّة. وأمَّا السهم الأقَذُّ فهو الذي لا قُذَذَ عليه. والمَقَذُّ: ما بين الأذُنين من خَلْف. وسمِّي لأنَّ شعره يُقَذ قَذَّاً.
ومما شذَّ عن الباب قولُهم: إنّ القِذَّانَ: البَرَاغيث.
(قر) القاف والراء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على *برد، والآخر على تمكُّن.
فالأوَّل القُرُّ، وهو البَرْد، ويومٌ قارٌّ وقَرٌّ. قال امرؤ القيس:
تحَرَّقت الأرضُ واليومُ قَرّْ(3)
إذا ركِبُوا الخيلَ واستلأَمُوا
__________
(1) في الأصل: "إذا"، صوابه في المجمل.
(2) البيت لرؤبة في ديوانه 104 وأراجيز العرب للسيد البكري 25.
(3) ديوان امرئ القيس 5.(5/4)
وليلة قَرَّةٌ وقارَّة. وقد قَرَّ يومُنا يَقَرُّ. والقِرَّة: قِرَّة الحُمَّى حين يجد لها فَترةً(1) وتكسيراً. يقولون: "حِرَّةٌ تحت قِرَّة"، فالحِرّة: العَطَش، والقِرَّة: قِرَّة الحُمَّى. وقولهم: أقَرَّ اللهُ عينَه، زعم قومٌ أنَّه من هذا الباب، وأنّ للسُّرور دَمعةً باردة، وللغمِّ دمعةً حارّة، ولذلك يقال لمن يُدعَى عليه: أسخَنَ الله عينه. والقَرور: الماء البارد يُغتسَل به؛ يقال منه اقْتَرَرْت.
والأصل الآخَر التمكُّن، يقال قَرَّ وَاستقرَّ. والقَرُّ: مركبٌ من مراكب النِّساء. وقال:
قر
* على حَرَجٍ كالقَرِّ تَخفقُ أكفانِي(2) *
ومن الباب [القَرُّ(3)]: صَبُّ الماءِ في الشَّيء، يقال قَرَرتُ الماء. والقَرُّ: صبُّ الكلامِ في الأُذُن.
ومن الباب: القَرقَر: القاع الأملس. ومنه القُرارة: ما يلتزِق بأسفلِ القِدْر، كأنَّه شيءٌ استقرَّ في القِدْر.
ومن الباب عندنا – وهو قياسٌ صحيح- الإقرار: ضدُّ الجحود، وذلك أنَّه إذا أقَرَّ بحقٍّ فقد أقرَّهُ قرارَهُ. وقال قومٌ في الدُّعاء: أقرّ الله عينه: أي أعطاه حتى تَقِرَّ عينُه فلا تطمَحَ إلى من هو فوقه. ويوم القَرِّ: يومَ يستقرُّ الناسُ بمنىً، وذلك غداةَ يومِ النَّحر.
قلنا: وهذه مقاييسُ صحيحةٌ كما ترى في البابين معاً، فأمَّا أنْ نتعدَّى ونتحمّل الكلامَ كما بلغنا عن بعضهم أنَّه قال: سمِّيت القارورة لاستقرار الماء فيها وغيرِه، فليس هذا من مذهبنا. وقد قلنا إنَّ كلامَ العرب ضربان: منه
ما هو قياسٌ، وقد ذكرناه، ومنها ما وُضِع وضعاً، وقد أثبَتنا ذلك كلَّه. والله أعلم.
فأمَّا الأصواتُ فقد تكون قياساً، وأكثرُها حكاياتٌ. فيقولون: قَرقَرت الحمامةُ قَرقرةً وقَرْقَرِيراً.
قز - قس
__________
(1) في الأصل: "قرة".
(2) لامرئ القيس في ديوانه 126: واللسان (حرج، قرر). وقد سبق في (حرج). وصدره:
* فإما تريني في رحالة جابر *
(3) التكملة من المجمل.(5/5)
(قز) القاف والزاء كلمةٌ واحدة، تدلُّ على قِلَّةِ سُكونٍ إلى الشّيء(1). من ذلك القزّ، وهو الوَثْب. ومنه التقزُّز، وهو التنطُّس. ورجلٌ قَزٌّ، وهو لا يسكن إلى كلِّ شيء.
(قس) القاف والسين مُعظَمُ بابه تتبُّع الشَّيء، وقد يشذُّ عنه ما يقاربُه في اللَّفظ.
قال علماؤنا: القَسُّ: تتَبُّع الشَّيء وطلبُه، قالوا: وقولهم إنَّ القَسَّ النَّميمة، هو من هذا لأنه يتتبَّع الكلامَ ثمَّ ينُمُّه(2). ويقال للدَّليل الهادِي: القَسْقاس، وسمِّي بذلك لعلمه بالطَّريق وحُسْنِ طلَبِه واتِّباعه له. يقال قَسَّ يَقُسّ. وتَقَسَّسْتُ أصواتَ القومِ بالليل، إذا تتبَّعتَها. وقولهم: قَسَسْتُ القومَ: آذيْتُهم بالكلام القبيح، كلامٌ غير ملخَّص، وإنَّما معناه ما ذكرناه من القَسّ أي النَّميمة(3). ويقولون: قَرَبٌ قَسقاسٌ، وسيرٌ قَسِيس(4): دائبٌ. وهو ذلك القياس، لأنَّه يقُسُّ الأرضَ ويتتبَّعُها.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: [ليلةٌ] قسقاسة: مُظْلمة، وربَّما قالوا لِلَّيلةِ الباردة: قَسِيَّة(5). وقُسَاسٌ: بلدٌ تُنسَب إليه السُّيوف القُسَاسيَّة.
قش
وذكر ناسٌ عن الشَّيباني، أنَّ القَسْقَاس: الجُوع. وأنشَدُوا عنه:
جراثيمُ رَمْلٍ بينهنَّ نفانِفُ(6)
أتانَا به القَسقاسُ ليلاً ودُونَه
__________
(1) في الأصل: "قلة وسكون إلى الشيء".
(2) ينمه، أي ينقله على جهة الإفساد والشر. وفي الأصل: "ينميه"، تحريف.
(3) في الأصل: "إلى النميمة".
(4) وكذا في المجمل. ولم تذكر الكلمة في المعاجم المتداولة. وبدلها في اللسان: "قِسْقيس".
(5) الحق أنها من المعتل، وقد تنبه لذلك في المجمل، قال: "ودرهم قسي: رديء، وليلة قسية باردة، ولعل هاتين من كلمات المعتل".
(6) وكذا ورد إنشاده في المجمل. والبيت لأبي جهيمة الذهلي، كما في اللسان (قسس). وصواب إنشاده: "بينهن قفاف"، كما نص ابن بري، وبعده:
أسير يداني منكبيه كتاف
فأطعمته حتى غدا وكأنه(5/6)
وإنْ صحَّ هذا فهو شاذٌّ، وإن كان على القياس فإنما أراد به الشّاعِرُ القَسقاس(1)، وما أدري ما الجُوعُ هاهنا. وأمّا قولهم: دِرهمٌ قَسِيٌّ، أي رديء، فقال قومٌ: هو إعراب قاس(2)، وهي فارسيَّة. والثِّياب القَسِّيَّة يقال إنَّها ثيابٌ يؤتى [بها] من اليَمَن. ويقولون: قَسْقَسْتُ(3) بالكلب: صحتُ به(4).
(قش) القاف والشين كلماتٌ على غير قياس. فالقَشُّ: القشْر(5). يقال تقشقش الشَّيء، إذا تقشَّر. وكان يقال لسورتي: "قُلْ يا أيُّهَا الكَافِرُونَ" و"قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ": المقَشْقِشَتان، لأنَّهما يُخرِجان قارئهما مُؤمناً بهما من الكُفر.
ومما ليس من هذا الجِنْس: القِشَّة: القِرْدَة، والصَّبِيَّة الصغيرة. ويقولون: التَّقشقُش: تطلُّب الأكلِ من هاهنا وهنا، وهذا إنْ صحَّ فلعلَّهُ من باب الإبدال* والأصلُ فيه السين، وقد مضى ذكره. ويقال: قَشَّ القَوْمُ: إذا أحْيَوْا بعدَ هُزَال.
قص
(قص) القاف والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تتبُّع الشَّيء. من ذلك قولهم: اقتصَصْتُ الأثَر، إذا تتبَّعتَه(6). ومن ذلك اشتقاقُ القِصاص في الجِراح، وذلك أنَّه يُفعَل بهِ مثلُ فِعلهِ بالأوّل، فكأنَّه اقتصَّ أثره. ومن الباب القِصَّة والقَصَص، كلُّ ذلك يُتَتَبَّع فيذكر. وأمَّا الصَّدر فهو القَصُّ، وهو عندنا قياسُ الباب، لأنَّه متساوي العِظام، كأنَّ كلَّ عظم منها يُتْبع للآخَر.
__________
(1) كذا ولعله يريد "القرب القسقاس".
(2) في المعرب للجواليقي 257: "قاش"، وفي اللسان: "قاشي".
(3) في الأصل: "قسست" صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
(4) زاد في اللسان: "وقلت له: قُوس قُوس".
(5) كذا. ولعل صوابها: "فالتقشقش: التقشر".
(6) في الأصل: "إذا تبعد".(5/7)
ومن الباب: قَصَصت الشّعر، وذلك أنَّك إذا قَصَصْتَه فقد سوَّيتَ بينَ كلِّ شعرةٍ وأُخْتِها، فصارت الواحدةُ كأنَّها تابعةٌ للأخرى مُسَاويةٌ لها في طريقها. وقُصَاص الشَّعر: نهايةُ مَنْبِته من قُدُمٍ(1)، وقياسُه صحيح. والقُصَّة: النَّاصية.
[و] القَصِيصية من الإبل: البعير يقُصُّ أثَرَ الرِّكاب. وقولهم: ضربَ فلانٌ فلاناً فأقَصَّه، أي أدناه من الموت. وهذا معناه أنَّه يقُصُّ أثَرَ المنيَّة. وأقصَّ فلاناً السُّلطانُ [من فلان(2)]، إذا قتله قَوَدا.
وأمَّا قولُهم: أقَصَّت الشّاةُ: استبانَ حَمْلُها، فليس من ذلك. وكذلك القَصْقاص، يقولون: إنَّه الأسد، والقُصقُصَة: الرَّجل القصير، والقَصِيص: نبتٌ. كلُّ هذه شاذَّة عن القياس المذكور(3).
قض - قط
(قض) القاف والضاد أصول ثلاثة: أحدُها هُوِيُّ الشَّيء، والآخَر خُشونةٌ في الشَّيء، والآخِر ثَقْبٌ في الشَّيء.
فالأوّل قولُهم: انقَضَّ الحائطُ: وقع، ومنه انقضاضُ الطّائر: هُوِيُّه في طَيَرانه.
والثاني قولهم: دِرع قَضّاءُ: خشِنة المَسِّ لم تنسَحِقْ بعدُ. وأصلُه القِضّة، وهي أرضٌ منخفضةٌ ترابُها رملٌ، وإلى جانبها مَتْن. والقَضَضُ: كِسَرُ الحِجارة. ومنه القَضْقَضة: كَسْرُ العِظام. يقال أسدٌ قضقاضٌ. والقَضُّ(4): ترابٌ يعلو الفِراش. يقال أقضَّ عليه مضجَعُه، قال أبو ذُؤيب:
__________
(1) من قُدم أي قدام، وكذا وردت في المجمل، وفي الأصل: "قدوم"، تحريف.
(2) تكملة ضرورية ليستقيم الكلام. والعبارة في المجمل محرفة كعبارة الأصل، ففيه: "وأقاد فلان فلاناً وأقصه، إذا قتله قوداً"، صوابه "أقاد فلان فلاناً من فلان".
(3) في اللسان عند الكلام على القصيص: "قال أبو حنيفة: زعم بعض الناس أنه إنما سمي قصيصاً لدلالته على الكمأة كما يقتصُّ الأثر".
(4) وكذا ورد في المجمل. وفي القاموس: "والقضض، محركة: التراب يعلو الفراش"، ونحوه في اللسان.(5/8)
إلا أَقَضَّ عليكَ ذاك المضجع(1)
أم ما لِجسمِكَ لا يلائمُ مَضجعاً
ويقال لحمٌ قَضٌّ، إذا تَرِبَ عند الشَّيِّ. ومن الباب عندي قولُهم: جاؤوا بقَضِّهم وقضيضهم(2)، أي بالجماعة الكثيرة الخشِنة، قال أوس:
كأكثَرِ ما كانوا عديداً وأوكَعُوا(3)
وجاءت جِحاشٌ قَضَّها بقَضِيضها
والأصل الثالث قولهم: قَضَضت اللُّؤلؤةَ أقُضُّها قَضَّاً، إذا ثقَبْتَها. ومنه اقتِضاض البِكْر. قاله الشّيباني.
(قط) القاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْع الشّيء بسُرعةٍ عَرْضاً.
قط
يقال: قَطَطت الشّيءَ أَقُطُّه قَطَّاً. والقَطَّاط: الخَرّاط الذي يَعمل الحُقَق، كأنه يقْطَعها. قال:
* مِثْلَ تقطِيط الحُقَق(4) *
والقِطْقِط: الرَّذَاذ من المطر، لأنّه من قِلّتهِ كأنّه متقطِّع. ومن الباب الشعَْر القَطَط(5)، وهو الذي ينْزَوي، خلافُ السَّبْط، كأنَّه قُطّ قَطَّاً. يقال: قَطِطَ شَعْرُه، وهو من الكلمات النَّادرة في إظهار تضعيفها.
وأمَّا القِطُّ فيقال إنّه الصَّكُّ بِالجائزة. فإنْ كان من قياس الباب فلعلّه من جهة التقطيع الذي في المكتوب عليه. قال الأعشى:
بِغبْطَتِه يُعطِي القُطوطَ ويأفِقُ(6)
ولا الملكُ النُّعمان يومَ لقيتُه
__________
(1) ديوان الهذليين (1 : 2) والمفضليات (2: 221) واللسان (قضض).
(2) ويقال أيضاً "قضُّهم بقضيضهم"، و "قضَّهم بقضيضهم".
(3) ديوان أوس بن حجر 11 واللسان (قضض). وانظر لمثله الخزانة (1: 525) وسيبويه (1: 188). ورواية الديوان واللسان: "بأكثر ما كانوا".
(4) كذا.وإنشاد البيت كما في ديوان رؤبة 106 واللسان (قطط) والمخصص(12: 133/ 15: 101):
* سوى مساحيهن تقطيط الحقق *
(5) يقال شعر قطط وقط أيضاً بفتح القاف فيهما.
(6) ديوان الأعشى 146 واللسان (قطط، أفق). وقد سبق في (أفق). فوجه التكملة هناك: "بغبطته" لا "بإمته".(5/9)
وعلى هذا يفسَّر قولُه تعالى: { وقالُوا ربَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطّنَا قَبْلَ يَوْمِ
الحِسَابِ } [ص 16] كأنَّهم أرادوا كُتُبَهم التي يُعطَوْنها من الأجْر في الآخرة.
ومما شذّ عن هذا الباب القِطّةُ: السِّنّورة: يقال [هو] نعتٌ لها دونَ الذَّكَر.
فأمَّا قَطْ بمعنى حَسْب فليس من هذا الباب، إنما ذاك من الإبدال، والأصل قدْ، قال طَرَفَة:
إذا قِيلَ مهلاً قال صاحبهُ قَدِ(1)
أخِي ثِقةٍ لا ينثني عن ضريبةٍ
قع
لكنَّهم أبدَلُوا الدّال طاءً فيقال: قَطِي وقَطْكَ وقَطْني. وأنشدوا:
حَسْبي رويداً قد ملأْتَ بَطْنِي(2)
امتلأ الحَوْضُ وقال قَطني
ويقولون قَطَاطِ، بمعنى حسبي(3). وقولهم: ما رأيتُ مثلَه قطّ، أي أقطع الكلامَ في هذا(4)، بقوله على جهة الإمكان. ولا يقال ذلك* إلا في الشَّيء الماضي.
(قع) القاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على حكاياتِ صوتٍ. من ذلك القَعقعة: حكايةُ أصوات التِّرَسةِ وغيرها. والمُقَعقِع: الذي يُجيل القِداح، ويكون للقِداح عند ذلك أدنى صوت. ويقال رجلٌ قَعقعانيٌّ، إذا مَشَى سمِعتَ لمفاصله قَعقَعةً. قال:
* قَعْقَعةُ المِحوَرِ خُطَّافَ العَلَقْ(5) *
__________
(1) من معلقته. والرواية المشهورة "قال حاجزه".
(2) كذا ورد البيت، والرواية المشهورة: "سلا رويداً"، أو "مهلاً رويداً" انظر اللسان (قطط، قطن)، والمخصص (14: 62) ومجالس ثعلب 189 والإنصاف 83 وإصلاح للمنطق 67، 377.
(3) وشاهده قول عمرو بن معد يكرب، في اللسان:
قتلت سراتهم قالت قطاط
أطلت فراطهم حتى إذا ما
(4) في الأصل: "فيه هذا".
(5) لرؤبة في ديوانه 106 واللسان (قعع).(5/10)
وحِمارٌ قَعقعانيٌّ، وهو الذي إذا حَمَلَ على العانة صَكَّ لَحْييه. ويقال: قَرَبٌ قَعْقاعٌ: حثيث، سمِّي بذلك لما يكون عندهُ من حركات السَّير وقَعْقَعته. وطريقٌ قعقاعٌ: لا يُسلَك إلاَّ بمشقَّة. فأمَّا القُعَاعُ فالماء المُرُّ الغليظ. قال: أَقَعُّوا، إذا أنْبَطُوا قُعَاعاً. فهذا ممكنٌ أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه، وممكن أن يكون مقلوباً من عَقَّ، وقد مضى ذِكره، ويقولون: قَعْقَع في الأرض: ذَهَب.
وهذا من قياس الباب، لما يكون له عند سيَرِه من حركةٍ وقَعقعة.
قف - قلم
(قف) القاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع وتقبُّض. من ذلك القُفَّة: شيءٌ كهيئة اليقطينة تتَّخَذ من خُوط أو خُوص. يقال للشَّيخ(1) إذا تقبَّضَ من هَرَمه: كأنَّه قُفَّة. وقد استَقفّ، إذا تشنَّج. ومنه أقَفَّتِ الدَّجاجةُ، إذا كَفَّت عن البَيض. والقَفُّ: جنسٌ من الاعتراض للسَّرَق، وقيل ذلك لأنّه يقفُّ الشَّيءَ إلى نفسه. فأمَّا قولُهم: قَفْقَف الصَّرِدُ، إذا ارتَعَد، فذلك عندنا من التقبُّض الذي يأخذُه عند البرد. قال:
ـليلُ سُحيْراً وقَفْقَفَ الصَّرِدُ(2)
نِعْمَ شِعارُ الفَتَى إذا بَرَدَ الـ
ولا يكون هذا من الارتعاد وحدَه.
ومن الباب القُفّ، وهو شيءٌ يرتفع من مَتْن الأرض كأنّه متجمِّع، والجمع قِفاف. والله أعلم.
(باب القاف واللام وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "قال الشيخ".
(2) سبق إنشاد البيت في (صرد)، ونسب إلى عمر بن أبي ربيعة في تهذيب الألفاظ 121،212 والجمهرة (1: 161). وقد أثبت في ملحقات ديوان عمر طبع ليبسك ص 333. وهو بدون نسبة في المخصص (5: 71) وأمالي المرتضى (4: 81). وأنشده في الكامل 136 ليبسك واللسان (قفف) وعيون الأخبار (3: 95): "نعم ضجيع الفتى". وفي اللسان: "فقفقف الصرد"، وفي الكامل: "وقرقف".(5/11)
(قلم) القاف واللام والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تسويةِ شيء عند بَرْيه وإصلاحه. من ذلك: قَلَمْتُ الظُّفُر وقلَّمْته. ويقال للضَّعيف: هو مَقلُوم الأظفار. والقُلاَمَة: ما يسقُط من الظُّفُر إذا قُلِم. ومن هذا الباب سمِّي القلمُ
قله – قلو
قَلماً، قالوا: سمِّي به لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلمُ من الظُّفر، ثمَّ شُبِّه القِدْح به فقيل: قلم. ويمكن أن يكون القِدحُ سُمِّي قلماً لما ذكرناه من تسويته وبَرْيه. قال الله تعالى: { ومَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلاَمَهُمْ } [آل عمران 44]. ومن الباب المِقْلَم: طَرَف قُنْب البعير، كأنَّه قد قُلِم، ويقال إنّ مَقَالم الرُّمح: كُعوبه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل القُلاَّم، وهو نبتٌ. قال:
وهل يأكلُ القُلاَّمَ إلا الأباعرُ(1)
أتَوْني بِقُلاَّمٍ فقالوا تَعَشّهُ
(قله) القاف واللام والهاء لا أحفَظُ فيه شيئاً، غير أنّ غَديرَ قَلَهَى: موضع.
(قلو) القاف واللام والحرف المعتلّ أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفّةٍ وسرعة. من ذلك القِلْو: الحِمار الخفيف. [و] يقال: قَلَت النَّاقةُ براكبها قَلْواً، إذا تقدَّمَت به. واقلوْلَت الحُمْر في سرعتها. والمُقلَوْلي: المتجافي عن فِراشه. وكلُّ نابٍ عن شيء متجافٍ عنه: مُقْلَوْلٍ. قال:
ألاَ هَلْ أخو عيشٍ لذيذٍ بدائمِ(2)
أقولُ إذا اقْلَوْلَى عليها وأقْرَدَتْ
والمُنْكمش مُقْلَوْلٍ، وفي الحديث: "لو رأيتَ ابنَ عُمَرَ لرأيتَه مُقلولياً"، أي متجافِياً عن الأرض، كأنّه يريد كَثْرةَ الصَّلاة. ومن الباب قَلاَ العَيْرُ آتُنَه قَلْواً. ومن الباب القِلَى، وهو البُغض. يقال منه: قَلَيْتُه أقلِيه قِلىً. وقد قالوا: قَلَيتُهُ أَقلاه(3)
__________
(1) أنشده في المجمل واللسان (قلم).
(2) للفرزدق في ديوانه 863 برواية "يقول"، وفي اللسان (قرد، قلا): "تقول".
(3) في اللسان أنها لغة طيئ، وأنشد ثعلب:
ولو تشاء قبلت عيناها
... أيام أم الغمر لا نقلاها(5/12)
. والقِلَى تجافٍ عن الشّيء وذَهابٌ عنه والقَلْي: قَلْيُ الشَيء علَى
قلب
المِقْلَى. يقال: قَلَيْت وقَلْوت. [و] القَلاَّء: الذي يَقْلي. وهو القياس، لأن الحَبَّة تُستَخَفُّ بالقلْي وتَخِفُّ أيضاً.
(قلب) القاف واللام والباء أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلّ على خالِص شَيءٍ وشَريفِه، والآخَرُ على رَدِّ شيءٍ من جهةٍ إلى جهة.
فالأوَّل القَلْبُ: قلب الإنسان وغيره، *سمِّي لأنَّه أخْلصُ شيء فيه وأرفَعُه. وخالِصُ كلِّ شيءٍ وأشرفُه قَلْبُه. ويقولون: عربيٌّ قَُلْبٌ(1). قال:
تخيَّرتُها منهم زُبيرِيّةً قَُلْبَا
[فلا] تُكثِروا فيها الضَّجَاجَ فإنَّني
والقُلاَب: داء يصيب البعير فيَشْتَكِي قَلْبَه. والقُلْبُ من الأَسورة: ما كان قُلْباً واحداً لا يُلوَى عليه غيرُه. وهو تشبيهٌ بقُلْب النَّخْلة. ثم شبِّه الحَيَّة بالقُلْب من الحَلْي فسمِّي قُلْباً. والقَلْب: نجمٌ يقولون إنه قَلْبُ العَقرب. [و] قَلَبْتُ النَّخلةَ: نَزَعت قَلْبها.
والأصل الآخر قَلَبْتُ الثَّوبَ قَلْباً. والقَلَب: انقلابُ الشَّفَة، وهي قَلْباءُ وصاحبُها أَقْلَب. وقَلَبْتُ الشَّيء: كبَبتُه، وقلَّبته بيديَّ تقليباً. ويقال: أقْلَبَتِ الخُبْزةُ، إذا حان لها أن تُقْلَب. وقولهم: ما به قَلبَةٌ، قالوا: معناه ليست به عِلّة يُقْلب لها فيُنْظَر إليه. وأنشدوا:
ولا لحبلَيْهِ بها حُبَارُ(2)
ولم يقلِّب أرضَها بيطارُ
أي لم يقلِّب قوائمها من عِلَّةٍ بها. والقَلِيب: البئرُ قبل أنْ تُطوَى؛ وإنّما
قلت
__________
(1) يقال بفتح القاف وضمها، ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع، وإن شئت ثنيت وجمعت.
(2) لحميد الأرقط، كما في اللسان (قلب، حبر، أرض). وقد سبق في (حبر).(5/13)
سمِّيت قليباً لأنَّها كالشَّيء يقلَب من جهةٍ إلى جهة، وكانت أرضاً فلما حُفِرت صار ترابُها كأنَّه قُلِب. فإذا طُوِيت فهي الطَّوِيّ. ولفظ القليب مذكَّر(1). والحُوَّلُ القُلَّب: الذي يقلِّب الأمور ويحتال لها. والقياس في جميع ما ذكرناه واحد. فأمَّا القِلِّيب والقِلّوْب(2) فيقال إنَّه الذئب. ويمكن أن يُحمَل على هذا القياس فيقال سمِّي بذلك لتقلُّبه في طلب مأكله. قال:
أكيلةِ قِلَّوْبٍ بإحدى المَذَانبِ(3)
أَيَا جَحْمَتَا بَكِّي على أمِّ عامرٍ
(قلت) القاف واللام والتاء أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على هَزْمَةٍ في شَيء، والآخَر على ذَهابِ شيء وهَلاكِه.
فالأوّل القَلْت، وهو النُّقرة في الصَّخرة، والجمع قِلاتٌ. وقال:
بكهفَيْ حِجَاجَيْ صَخرةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ(4)
وعينان كالماويَّتَينِ استَكَنَّتا
وقَلْتُ العَين: نُقْرتها. وقَلْتُ الإبهام: النُّقرة تحتَها. وقَلْتُ الثّريدة: الهَزْمة وسْطَها.
والأصل الآخر القَلَت، وهو الهلاك. يقال: قَلِت قَلَتاً. وفي الحديث: "إن المسافِرَ ومتاعَهُ على قَلَتٍ إلاَّ ما وَقَى اللهُ تعالى". والمِقْلاَتُ من النوق: التي لا يعيش لها ولد، وكذلك من النِّساء، والجمع مقاليت. قال:
قلح – قلخ - قلد
يقُلْنَ ألا يُلقَى على المرءِ مئزرُ(5)
يَظَلُّ مَقاليتُ النِّساء يطأْنَهُ
وقال:
رُقُدِ الصَّيفِ مَقَاليتٍ نُزُرْ
لا تَلُمْها إنّها من نِسوةٍ
(قلح) القاف واللام والحاء كلمةٌ واحدة، وهي القَلَح: صُفْرَةٌ في الأسنان. رجلٌ أقْلَحُ. قال:
__________
(1) في الأصل: "والقليب بلفظ القليب مذكر".
(2) بوزن سفود، وعِجَّول، ورَسُول.
(3) البيت في اللسان (حجم، قلب). وقد سبق في (حجم).
(4) البيت لطرفة في معلقته.
(5) البيت لبشر بن أبي خازم، كما في إصلاح المنطق 87 واللسان (قلت). وأنشده ثعلب في مجالسه 71. وانظر المخصص (6: 128/ 16: 99).(5/14)
وفشَا فيهم مع اللُّومِ القَلَحْ(1)
قد بَنَى اللُّوم عليهم بيتَه
ويقال إنَّ الأقْلَح: الجُعَل.
(قلخ) القاف واللام والخاء كلمة واحدةٌ، يقولون: إنَّ القَلْخ: هَدير الجمل.
(قلد) القاف واللام والدال أصلانِ صحيحانِ، يدلُّ أحدهما على تعليق شيءٍ على شيء وليِّه به، والآخَر على حظٍ ونصيب. فالأوَّل التقليد: تَقليد البَدَنة، وذلك أن يعلَّق في عُنُقها شيءٌ ليُعْلَم أنَّها هَدْيٌ. وأصل القَلْد: الفتل، يقال قَلَدْتُ الحبلَ أقلِدُه قَلْداً، إذا فتَلْتَه. وحبلٌ قليدٌ ومقلود. وتَقَلَّدْتُ السَّيف. ومُقَلَّدُ الرَّجُل: موضِعُ نِجاد السَّيف على مَنْكِبه. ويقال: قلَّدَ فلانٌ فلاناً قِلادةَ سَوءٍ، إذا هجاه بما يَبْقَى عليه وَسْمُه. فإذا أكَّدوه قالوا: قلَّدَهُ طَوْقَ الحمامة، أي لا يفارقُه كما لا يُفارِق الحمامةَ طوقُها. قال بِشْر:
قلز - قلس
وقُلِّدَها طوقَ الحمامة جَعْفَرُ(2)
حَبَاكَ بها مولاكَ عَنْ ظَهْرِ بِغْضَةٍ
والمِقْلَد: عصاً في رأسها عَوَج يُقْلَدُ بها الكَلأ، كما يُقْلَدُ القَتُّ إذا جُعِل حِبالاً. ومن الباب القِلد: السِّوار(3). وهو قياس صحيح لأنَّ اليدَ كأنَّها تتقلَّدُه. ويقولون: إنَّ الإقليد: [البُرَة(4)] التي يشدُّ بها زِمام الناقة.
والأصل الآخر: القِلْد: الحَظُّ من الماء. يقال: سقَينا أرضَنا قِلْدَها، أي حظّها. وسقَتْنا السَّماءُ قِلْداً كذلك، أراد حظَّاً. وفي الحديث "فَقلَدَتْنَا السَّماءُ قِلْداً في كلِّ أسبوع".
__________
(1) للأعشى في ديوانه 164 واللسان (قلح).
(2) في الأصل: "حبال بها".
(3) في المجمل: "السوار من الفضة".
(4) التكملة من المجمل واللسان.(5/15)
فأمّا *المقاليد، فيقال: هي الخزائن. قال الله تعالى: { لَهُ مَقَالِيدُ السَّمواتِ والأرْضِ } [الزمر 63، الشورى 12]. ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها تُحْصِنُ الأشياء، أي تَحفظُها وتَحوزُها. والعرب تقول: أقْلَدَ البحر على خَلْقٍ كثير، إذا أحْصَنَهُم في جَوفه.
ومما شذَّ عن الباب القِلْدة والقِشْدة: تمر وسَويقٌ يخلط بهما سَمْن.
(قلز) القاف واللام والزاء. يقولون: إنَّ التقَلُّز(1): النَّشاط.
(قلس) القاف واللام والسين كلمتان: أحدهما رَمْيُ السَّحابة النَّدَى من غير مطر، ومنه قَلَس الإنسانُ، إذا قاءَ، فهو قالس. وأمَّا التَّقليس فيقال: هو الضَّرب ببعض الملاهي(2). وهي الكلمة الأخرى(3).
قلص – قلط - قلع
وقال أبو بكر ابنُ دريد: القَلْس من الحِبال(4)، ما أدري ما صحّتُه.
__________
(1) ومثله "القلز"، كما في القاموس.
(2) في المجمل: "التقليس: الضرب بالدف. ويقال إن التقليس: وضع اليدين على الصدر خضوعاً".
(3) في الأصل: "وهي كلمة الأخرى".
(4) في الأصل: "القليس من الجبال"، صوابه في المجمل والجمهرة (3: 41). وفسره في اللسان بأنه: حبل غليظ من حبال السفن.(5/16)
(قلص) القاف واللام والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انضمامِ شيء بعضِه إلى بعض. يقال: تقلَّصَ الشَّيءُ، إذا انضمَّ. وشَفَةٌ قالِصَة. وظلٌّ قالصٌ، إذا نَقَصَ، وكأنَّه تضامَّ. قال تعالى(1): { ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً } [الفرقان 46]. وأمَّا قَلَصَةُ الماء فهو الذي يَجِمُّ في البئر منه حتى يرتفع، كأنه تقلّص من جوانبه. وهو ماء قليص. وجَمْعُ القَلَصَة قَلَصَات. ويقولون: قَلَصَتْ نَفْسُه: غَثَتْ. وقياسُه قريب. فأمَّا القَلُوصُ، فهي الأُنثى من رِئال النَّعام. وعندي أنَّها سُمِّيت قَلوصاً لتجمُّع خَلْقِها، كأنَّها تقلَّصَتْ من أطرافها حتَّى تجمَّعت. وكذلك أنثى الحُبارَى. وبها سمِّيَت القَلُوصُ من الإبل، وهي الفتيَّة المجتمعة الخَلْق. ويقال: قَلَصَ الغدير(2)، إذا ذهَبَ أكثرُ مائهِ.
(قلط) القاف واللام والطاء ليس فيه شيء يصح. غير أنَّ ابن دريد قال: رجُلٌ قُلاَطٌ: قَصير(3). ولعلَّ هذا من قولهم رجلٌ قَلَطِيٌّ.
(قلع) القاف واللام والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انتزاعِ شيءٍ من شيء، ثم يفرَّع منه ما يقاربُه. تقول: قلَعْتُ الشّيءَ قَلعاً، فأنا قالعٌ وهو مقلوع.
قلع
ويقال للرَّجُل الذي يتقلَّع عن سَرْجِهِ لسوءِ فروسَتِه: قُلْعةَ(4). ويقال هذا منزِلُ قُلْعةٍ، إذا لم يكن موضعَ استيطانٍ. والقَوْم على قُلْعَةٍ، أي رِحلة.
والمقلوع: الأمير المعزول. والقَلَعة: صخرةٌ تتقلَّع عن جبلٍ منفردةً يَصعُب مَرامُها. وبه تشبَّه السحابة العظيمة، فيقال قلَعَةٌ، والجمع قَلَع. قال:
__________
(1) في الأصل: "قوله تعالى".
(2) في الأصل: "قلص البعير الغدير"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) الجمهرة (3: 113).
(4) كذا ضبط في الأصل واللسان. وفي المجمل بفتح القاف واللام، وليس بشيء. وضبط في القاموس بالضم، وبضم ففتح، وبضمتين.(5/17)
وجُنَّ الخازبازِ به جُنونا(1)
تَفَقَّأَ فوقَه القَلَعُ السَّوَارِي
والقُلاَع: الطِّين يتشقَّقُ إذا نَضَب عنه الماء. وسمِّي قُلاَعاً لأنَّه يتقلَّع. [وأقلَعَ(2)] عن الأمر، إذا كَفَّ. ورماهُ بقُلاَعة، إذا اقتَلَع قطعةً من الأرض فرماه بها. والمِقْلاع معروف. والقَلاّع: الشُّرطِيّ فيما يقال. وروي في حديث: "لا يدخل الجنَّةَ دَيْبُوبٌ ولا قَلاّع". قالوا: الدَّيبوب: الذي يدِبُّ بالنّمائم حتَّى يفرِّق بين الناس. والقَلاّع: الرّجُل يَرَى الرّجُلَ [قد ارتفعَ] مكانهُ عند آخَرَ فلا يزال يَشِي بينهما حتَّى يَقلَعَه. وأقلعَتْ عنه الحُمَّى. ويقال: تركتُ فلاناً في قَلَعٍ من حُمَّى؛ أي في إقلاع. ويقال قَلِعَ قَلَعاً. والقِلْع: شِراع السَّفينة؛ وذلك لأنَّه إذا رُفِعَ قَلَعَ السّفينةَ من مكانها.
ومما شذَّ عن هذا الباب القَلع والقِلْع. فأمَّا القَلْع(3) فالكِنْف، يقولون في
قلف – قلق – قمن - قمه
أمثالهم:"شَحْمَتِي في قَلْعِي". وأمَّا القِلْع فيقال: إنّها صُدَيِّرٌ يلبَسُه الرّجلُ على صَدره(4). قال:
مُسْتَأْبِطَاً في قِلْعِهِ سِكِّينَا(5)
(قلف) القاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كَشْط شيء عن شيء. يقال: قَلَفْت الشَّجرةَ، إذا نحَّيْتَ عنها لِحاءها. وقَلَفْتَ الدَّنَّ: فَضضتُ عنه طِينَه. وقَلَفَ الخاتنُ غرْلة الصبيِّ، وهي القُلْفة، إذا قَطَعَها.
__________
(1) البيت لابن أحمر، كما في اللسان (قلع، خوز) وإصلاح المنطق 51 والحيوان (3: 109/
6: 186). وانظر المخصص (14: 96) وأمثال الميداني (1: 227).
(2) التكملة من المجمل.
(3) الحق أنه بفتح القاف وكسرها، كما في اللسان والقاموس.
(4) هذا المعنى مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان.
(5) وكذا ورد إنشاده في المجمل. ولم يرد الاستئباط في المعاجم بمعنى التأبط. وفيها استأبط: حفر حفرة ضيق رأسها ووسع أسفلها.(5/18)
(قلق) القاف واللام والقاف كلمةٌ تدلُّ على الانزعاج. يقال: قَلِق يَقْلَق قلَقَاً.
(باب القاف والميم وما يثلثهما)
(قمن) القاف والميم والنون كلمةٌ واحدة. يقال: هو قَمَنٌ أنْ يفعَل كذا، لا يثنى* ولا يُجمَع إذا فتحتَ ميمه، فإن كَسَرتَ أو قُلْت قَمينٌ ثنَّيت وجَمعت. ومعنى قَمِينٍ: خَليقٌ.
(قمه) القاف والميم والهاء فيه كلماتٌ ليست بأصليَّة. يقولون: قَمَه الشّيء، إذا انْغَمَس في الماء فارتفعَ حيناً وغابَ حيناً. وقِفاف قُمَّه. تَغيبُ في السَّرابِ وتظهر. وهذا في الإبدال، وأصله قُمَّس. ويقولون: قَمَهَ البعيرُ مثل قَمَحَ، إذا رَفَعَ رأسَه ولم يشرب الماءَ، هو من الإبدال.
قما – قمح
وكلمةٌ أخرى من المقلوب، قال ابن دُرَيْد(1): القَمَه مثل القَهَم، وهو قِلَّةُ الشَّهوة للطّعام، قَهِمَ وقَمِه.
(قما) القاف والميم والحرف المعتلُّ كلمةٌ تدلُّ على حقارة وذُلّ. يقال: هو قَمِيٌّ بيّن القَماءة، أي الحقارة. وأقْمَيْته أنا: أذللته.
وإذا هُمِز كان له معنىً آخر، وذلك قولهم: تقمَّأْت الشَّيء، إذا طلبتَه، تَقَمُّؤاً. وزعم ناسٌ أنَّ هذا من باب الإعجاب، يقال أقمأَني الشَّيءُ: أعجبني. وأقْمَأَتِ الإبِلُ: سَمِنَتْ. وتَقَمَّأْتُ الشَّيء: جمعته شيئاً بعد شيء. قال:
ممَّا تقمَّأْتُه من لذّةٍ وطَرِي(2)
لقد قَضَيْتُ فلا تَستهزئا سَفَهاً
(قمح) القاف والميم والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على صفةٍ تكون عند شُرب الماء من الشَّارب، وهو رَفْعُهُ رأسَه. من ذلك القامح، وهو الرَّافع رأسَه من الإبل عند الشُّرب امتناعاً منه. وإبلٌ قِماح. قال:
نَغضُّ الطَّرفَ كالإبلِ القِمَاحِ(3)
ونحنُ على جوانبِها قُعودٌ
ويقولون: رَوِيَتْ حَتَّى انقَمَحَتْ، أي تركت الشُّرب رِيَّاً. وشَهْرا قُِمَاحٍ:
__________
(1) الجمهرة (3: 167).
(2) لابن مقبل، كما في المجمل واللسان (قمأ).
(3) لبشر بن أبي خازم، كما في اللسان (قمح) ومختارات ابن الشجري 80.(5/19)
أشدُّ ما يكون من البَرْدِ، وسمِّيا بذلك لأنَّ الإبلَ إذا وردت آذاها بَردُ الماء فقَامَحَتْ، أي رفَعَتْ رؤوسَها.
ومما شذَّ عن هذا الأصل القَمْح، وهو البُرّ. ويقولون –ولعله أن يكون
قمد – قمر
صحيحاً: اقتَمَحْتُ السَّويقَ وقَمَحْتُه، إذا ألقيتَه في فمك براحَتِك. قال ابن دريد(1): القُمْحة من الماء: ما ملأَ فاكَ منه. والقُمَّحات: الوَرْس، أو الزَّعفران، أو الذَّرِيرة، كلُّ ذلك يُقال.
(قمد) القاف والميم والدال أصَيلٌ يدلُّ على طُولٍ وقُوّة وشِدّة. من ذلك القُمُدُّ: القويُّ الشَّديد. قال ابن دريد(2): "القَمْد أصل بناء القُمُدّ. [و] الأقمد: الطَّويل، رجلٌ أَقْمدُ وامرأةٌ قمداء، وقُمُدّ وقُمُدَّة".
(قمر) القاف والميم والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على بَياضٍ في شيء، ثم يفرّع منه. من ذلك القَمَر: قَمَر السَّماء، سمِّي قمراً لبياضه. وحمارٌ أقمر، أي أبيض. وتصغير القَمَر قُمَيْر: قال:
ـنَ فقالت له الفتاتان قُوما(3)
وقميرٍ بدا ابن خمسٍ وعشريـ
ويقال: تقمَّرتُه: أتيتُه في القَمْراء. ويقولون: قَمِرَ التَّمْر: وأقْمَرَ، إذا ضَرَبَهُ البردُ فذهبت حلاوتُه قبل أن يَنضَج. ويقال: تَقَمَّر الأسدُ، إذا خَرَجَ يطلبُ الصيد في القَمْرَاء، قال:
ثَبْتِ الجَنَانِ مُعَاوِدِ التَّطْعانِ(4)
سَقَط العِشاءُ به على مُتَقمِّرٍ
قمس
__________
(1) الجمهرة (2: 182).
(2) الجمهرة (2: 294).
(3) لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه 50 والأزمنة والأمكنة للمرزوقي 50. ورواية الديوان: "له قالت الفتاتان". وفي الأزمنة:
ـن له قالت الفتاتان قوما
وقمير بدا لخمس وعشريـ
... قال المرزوقي: "يريد قومَنْ".
(4) لعبد الله عنمة الضبي، كما في اللسان (قمر) برواية: "حامي الذمار معاود الأقران". وقبله:
سقط العشاء به على سرحان
أبلغ عثيمة أن راعي إبله
... وانظر أمثال الميداني (1: 300).(5/20)
وقمَرَ القومُ الطّيرَ، إذا عَشَّوْها ليلاً فصادُوها. فأمَّا قول الأعشى:
قُضاعِيَّةً تَأْتي الكواهنَ ناشِصا(1)
تَقَمَّرَها شيخٌ عِشاءً فأصبحتْ
فقيل: معناه كما يتقمَّر الأسدُ الصْيدَ. وقال آخرون: تقمّرها: خدَعها كما يُعَشَّى الطّائرُ ليلاً فيُصَاد.
ومن الباب: قَمِرَ الرّجُل، إذا لم يُبصِر في الثَّلج. وهذا على قولهم: قَمِرَت القِربة: وهو شيءٌ يُصِيبُها كالاحتراق من القَمَر.
فأمّا قولُهم: قَمَرَ يَقْمِرُ قَمْراً، والقِمار من المقامرة، فقال قومٌ: هو شاذ عن الأصل الذي ذكرناه، وقال آخرون: بل هو منه. وذلك أنَّ المُقامِرَ يزيد مالُه ولا يَبْقَى على حال. وهذا شيءٌ قد سَمِعناه. واللهُ أعلمُ بصحَّتِه.
قال ابن دريد: تَقَمَّرَ الرّجُل: إذا طَلَبَ من يقامره(2). ويقال: قَمَرْتُ الرّجُلَ أقمُره وأقمِرُه.
(قمس) القاف والميم والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غَمْسِ شيءٍ في الماء، والماء نفسُه يسمَّى بذلك. من ذلك قَمَسْت الشيءَ في الماء: غَمَسْتُه. ويقال: إنّ قاموس البحرِ: مُعظَمه. وقالوا في ذكر المَدِّ والجزر: إنَّ مَلَكاً قد وُكِّل بقاموس البحر، كلَّما وَضَعَ رجلَه فاض، فإذا رفَعَها غاضَ. ويقولون*: قَمَسَ الولدُ في بطن أمِّه: اضطرب. والقَمَّاس: الغَوَّاص. وانْقَمَسَ النّجم: انحطَّ في المَغْرِب. وتقول العربُ للإنسان إذا خاصم مَنْ هو أجرأ منه: "إنما يُقَامِسُ حُوتاً".
قمش – قمص - قمط - قمع
(قمش) القاف والميم والشين. يقولون: القَمْش: جَمْعُ الشيء من ها هنا [وهُنَا(3)].
(قمص) القاف والميم والصاد أصلان: أحدهما يدل على لُبس شيء والانشِيامِ فيه، والآخَر على نَزْوِ شيءٍ وحركة.
__________
(1) ديوان الأعشى 108 واللسان (قمر، نشص).
(2) في الجمهرة (2: 406): "إذا غلب من يقامره"، وما هنا صوابه.
(3) في المجمل: "من هنا وهنا".(5/21)
فالأوَّل القَميص للإنسان(1) معروف. يقال: تَقَمَّصَه، إذا لَبِسه. ثم يُستعار ذلك في كلِّ شيء دخل فيه الإنسان، فيقال: تقمَّصَ الإمارَةَ، وتقمَّص الوِلاية. وجَمْع القميص أقمصةٌ، وقُمُص.
والأصل الآخر القَمْص، من قولهم: قمص البعير ويقمُص قمصاً وقِمَاصاً، وهو أن يرفع يدَيه ثم يطرحَهما معاً ويَعجِنَ برجليه. وفي الحديث(2)ذكر القامصة، وهو من هذا. يقال قَمَص البحر بالسَّفينة، إذا حَرّكَها بالموج، فكأنَّها بعيرٌ يقمِصُ.
(قمط) القاف والميم والطاء أُصَيْلٌ يدلُّ على جمع وتجمُّع. من ذلك القَمْط: شدُّ أعصابِ الصبيِّ بقماطِهِ. ومنه قُمِطَ الأسير، إذا جُمع بين يديه ورجليه بِحبل. ووقعت على قِماطِهِ، معناه، على عَقْدِ أمرِهِ كيف عَقْدُه، وكذلك إذا فَطِنْتَ له. ومرَّ بنا حولٌ قَميطٌ، أي تامٌّ جميع. وسِفادُ الطَّائرِ قَمْطٌ أيضاً، لجمعه ماءه في أُنثاه.
(قمع) القاف والميم والعين أصولٌ ثلاثة صحيحة: أحدها نزولُ شيءٍ مائعٍ في أداةٍ تُعْمَل له، والآخَر إذلالٌ وقهر، والثالث جنسٌ من الحيوان.
قمع
فالأوَّل القِمَعُ معروف، يقال قِمَعٌ وقِمْع. وفي الحديث: "وَيلٌ لأقماع القول"، وهم الذين يَسمَعون ولا يَعُون، فكأنَّ آذانَهم كالأقماع التي لا يَبْقَى فيها شيء. ويقولون: اقتَمَعْتُ ما في السِّقاء، إذا شربتَه كلَّه، ومعناه أنك صِرْت(3) له كالقِمَع.
__________
(1) في الأصل: "الإنسان".
(2) هو حديث علي كرم الله وجهه أنه "قضى في القارصة والقامصة والواقصة بالدية أثلاثاً".
(3) في الأصل: "صوت".(5/22)
والأصل الآخَر، وقد يمكنُ أنْ يُجمَعَ بينه وبين الأوَّل بمعنىً لطيف، وذلك قولُهم: قمَعْتُه: أذلَلْتُهُ. ومنه قَمَعْتُه، إذا ضربته بالمِقْمَع. قال الله تعالى: { ولهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } [الحج 21]. وسمِّي قَمَعَة بن الياس لأنَّ أباه أمره بأمرٍ فانقمع في بيته، فسمِّي قَمَعة. والقياس في هذا والأوَّلِ متقارِب؛ لأنَّ فيه الوُلوجَ في بيته وكذلك الماءُ ينقمع في القِمَع. والأصل الآخَر القَمَع: الذُّباب الأزرق العظيم. يقال: تركناه يتَقَمَّع الذِّبَّانُ من الفَرَاغ، أي يذُبُّها كما يتقمَّع الحِمار. وتُسمَّى تلك الذِّبَّانُ: القَمَعُ. قال أوس:
وعُفْرُ الظِّباء في الكِناسِ تَقَمَّعُ(1)
ألم تر أنَّ اللهَ أنزلَ نصرَه
ويقال: أقْمَعتُ الرّجل عنِّي، إذا ردَدتَه عنك. وهو من هذا، كأنَّه طردَه. ومما حُمِل على التَّشبيه بهذا، القَمَعُ: ما فوق السَّناسِن من سَنام البعيرِ من أعلاه. ومنه القَمَع: غِلَظٌ في إحدى رُكبتَي الفَرَس. والقَمَع: بَثْرَةٌ تكون في المُوق من زيادةِ اللَّحم.
قمل - قنا
ومما شَذَّ عن هذه الأصولِ قولُهم: إنَّ قمعة مالِ القومِ: خيارُه(2).
(قمل) القاف والميم واللام كلماتٌ تدلُّ على حَقارةٍ وقماءة. رجلٌ قَمَليٌّ، أي حقير، والقُمَّل: صِغار الدَّبا. وأقْمَلَ الرِّمْث، إذا بدا ورقُه صغاراً، كأنَّ ذلك شبِّه بالقُمَّل.
(باب القاف والنون وما يثلثهما)
(قنا) القاف والنون والحرف المعتلُّ أصلان يدلُّ أحدهُما على ملازمة ومُخالَطَة، والآخرَ على ارتفاعٍ في شيء.
__________
(1) كذا وصواب الرواية: "أرسل مزنة"، كما في المجمل واللسان وإصلاح المنطق 49 والمخصص (8: 183). وأما رواية المقاييس فهي في بيت آخر لرجل إسلامي أنشده ياقوت في رسم القادسية، وهو:
وسعد بباب القادسية معصم
ألم تر أن الله أنزل نصره
(2) في الأصل: "خيارهم"، صوابه في المجمل.(5/23)
فالأوَّلُ قولهم: قاناه، إذا خالَطَه، كاللَّونِ يُقانِي لوناً آخرَ غيرَه. وقال الأصمعيّ: قانيتُ الشَّيءَ: خَلَطته. قال امرؤ القيس:
غَذَاها نَمِيرُ الماء غَيْرَ مُحَلَّلِ(1)
كبكر المُقاناةِ البياضَُِ بصُفْرَةٍ
ومن ذلك قولهم: ما يُعَانِيني هذا، أي ما يوافِقُني. ومعناه أنَّه ينْبُو عنه فلا يخالطُه.
ومن الباب: قَنَى الشَّيءَ واقتناه، إذا كان ذلك مُعَدَّاً له لا للتِّجارة. ومالٌ قُِنْيانٌ: يتَّخَذ قُِنْيةً. ومنه: قَنَيْتُ حيائي: لزِمْتُه. واشتقاقُه من القُِنْية.
قال الشاعر(2)
أنِّي امرؤٌ سأموتُ إنْ لم أُقْتَلِ
*فاقْنَيْ حياءَكِ لا أبا لَكِ واعلَمِي
قنب
والقِنْو: العِذْقُ بما عليه، لأنَّه ملازِمٌ لشجرته.
ومن الباب المَقْنَاة من الظِّلِّ فيمَنْ لا يَهمِزُها، وهو مكانٌ لا تُصيبه الشَّمس. وإنَّما سمِّي بذلك لأنَّ الظلَّ مُلازِمُه لا يكادُ يُفارِقُه. ويقول أهلُ العلم بالقُرآن: إنَّ كهفَ أصحابِ الكهف في مَقْناةٍ من جبل.
والأصل الآخر: القَنَا: احديدابٌ في الأنْف. والفعل قَنِيَ قَنىً. ويمكن أن تكون القَناة من هذا، لأنَّها تُنْصَب وتُرْفَع؛ وألِفُها واو لأنَّها تُجمَع قَناً وقَنَوات. وقناةُ الماء عندنا مشبَّهةٌ بهذه القناة إنْ كانتْ قناةُ الماء عربيَّة. والتشبيهُ بها ليس من جهةِ ارتفاعٍ، ولكن هي كظائِمُ وآبارٌ فكأنَّها هذه القناة، لأنَّها كعوبٌ وأنابيب.
وإذا هُمِزَ خَرَجَ عن هذا القياس، فيقال: قَنَأَ، إذا اشتدتْ حُمرتُه وهو قانئ. وربَّما همزوا مَقْنَأة الظّلّ، والأوَّل أشْبَهُ بالقِياسِ الذي ذكرناه.
(قنب) القاف والنون والباء أصلٌ يدلُّ على جَمْع وتجمُّع. من ذلك المِقنَب: القِطْعةُ من الخَيْل، يقال هي نحوُ الأربعينَ. والقَنِيب: الجماعةُ من النَّاس.
__________
(1) البيت من معلقته المشهورة. و "البياض" تروى بالوجوه الثلاثة.
(2) هو عنترة بن شداد . ديوانه 180 واللسان (قنا).(5/24)
قال ابن دُريد(1): قنَّب الزَّرعُ تقنيباً، إذا أعْصَفَ. قال: وتسمَّى العَصِيفة: القُنَّابَة. والعصيفة: الوَرَق المجتمعُ الذي يكون فيه السُّنبُل.
ومن الباب: القُنْب، وهو وعاء ثِيلِ الفَرَس، وسمِّي بذلك لأنَّه يَجمع ما فيه. وأمّا القُِنَّب فزعم [قومٌ] أنّها عربية. فإنْ كان كذا فهو من قَنَّب الزَّرعُ، إذا أعْصَف. وهو شيء لا يتَّخذ من بعض ذلك.
قنت – قنح – قند – قنر - قنس
(قنت) القاف والنون والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على طاعةٍ وخيرٍ في دين، لا يعدو هذا الباب. والأصل فيه الطَّاعة، يقال: قَنَتَ يَقْنُتُ قُنوتاً. ثمَّ سمِّي كلُّ استقامةٍ في طريقِ الدِّين قُنُوتاً، وقيل لطُولِ القِيام في الصَّلاةِ قُنُوت، وسمِّي السُّكوتُ في الصَّلاة والإقبالُ عليها قُنوتاً. قال الله تعالى: { وقُومُوا للهِ قَانِتِينَ } [البقرة 238].
(قنح) القاف والنون والحاء ليس هو عندنا أصلاً. على أنَّهم يقولون: قَنَحَ الشَّارِبُ، إذا رَوِيَ فرَفَعَ رأسَه رِيَّا. وهذا من قَمَحَ من باب الإبدال، وقد مرَّ ذِكرُه.
ومن طرائف ابن دُريد(2): قَنَحْتُ العُود قَنْحاً: عطفتُه. قال: والقُنَّاح: المِحجَن بلغة أهل اليمن.
(قند) القاف والنون والدال كلمتانِ زعَمُوا أنهما صحيحتان. قالوا: القَنْد عربيٌّ. يقولون: سَوِيقٌ مقنود ومُقَنَّد. والكلمةُ الأخرى القِنْدأوَة، قالوا: هو السَّيئ الخُلُقُ.
(قنر) القاف والنون والراء كلمة: القَنَوَّر: الضَّخْم الرَّأْس.
(قنس) القاف والنون والسين أُصَيْلٌ صحيحٌ يدلُّ على ثَبَاتِ شيء. من ذلك: القَِنس: مَنْبِتُ كلِّ شيءٍ وأصلُه. قال:
* في قِنْسِ مجدٍ فاتَ كُلَّ قَِنسِ(3) *
قنص – قنط - قنع
__________
(1) في الجمهرة: (1: 323).
(2) في الجمهرة: (2: 183).
(3) للعجاج في ملحقات ديوانه 78 واللسان (قنس).(5/25)
قالوا: وكلُّ شيءٍ ثَبَت في شيءٍ فذلك الشّيء قَِنْسٌ له. قالوا: والقَوْنَس في البَيْضة: أعلاها، وقَوْنَسُ ناصيةِ الفَرَس: ما فوقَها؛ وهي ثابتة. قال:
ضَرْبَكَ بالسَّيْفِ قَوْنَسَ الفَرَسِ(1)
اطرُدَ عَنْكَ الهُمُومَ طارِقَها
(قنص) القاف والنون والصاد كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على الصَّيد قَطْ. فالقانِص: الصَّائد. والقَنَص: الصَّيد. والقَنْص: فِعْل القانص. قال ابن دُريد: القَنيص: الصائد(2). وبنُو قَنَص بن مَعدّ: قومٌ دَرَجُوا.
(قنط) القاف والنون والطاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على اليأس من الشَّيء. يقال: قَنَط يَقْنِط، وقَنِطَ يقْنَط. قال الله تعالى: { وَمَنْ يَقْنَِطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إلاَّ الضَّالُّون(3) } [الحجر 56].
(قنع) القاف والنون والعين أصلانِ صحيحان، أحدُهما يدلُّ على الإقبال على الشيء، ثمَّ تَختلفُ معانيه مع اتِّفاق القياس؛ والآخَر يدلُّ على استدارة في شيء.
فالأوَّل الإقناع: الإقبال بالوجه على الشَّيء. يقال: أقْنَعَ لهُ يُقنِع إقناعاً.
قنع
__________
(1) البيت يروى لطرفة بن العبد، وقال ابن بري: إنه مصنوع عليه. انظر شرح شواهد المغنى للسيوطي 315. قلت: وليس في ديوانه. وهو بدون نسبة في اللسان (قنس). والإنصاف لابن الأنباري 233. والرواية: "اضرب عنك الهموم"، أراد: اضربن فحذف النون وبقيت الفتحة دالة عليها.
(2) في المجمل: "قال ابن دريد: الصيد قنيص والصائد قنيص". وهذا النقل مطابق لما في الجمهرة
(3: 85).
(3) قرأ أبو عمرو والكسائي ويعقوب وخلف بكسر النون، ووافقهم اليزيدي والحسن والأعمش. والباقون بفتحها كعلم يعلم. والأول كضرب يضرب لغة أهل الحجاز وأسد، وهي الأكثر، ولذا أجمعوا على الفتح في الماضي في قوله تعالى: { من بعد ما قنطوا } [الشورى 28]. إتحاف فضلاء البشر 275.(5/26)
والإقناع: مَدُّ اليدِ عند الدُّعاء. وسمِّي بذلك عند إقباله على الجهة التي يمدُّ يدَه إليها. والإقناع: إمالةُ الإناء* للماء المنحدِر.
ومن الباب: قَنَع الرَّجُل يَقْنَعُ قُنوعاً، إذا سَألَ. قال الله سبحانه:
{ وَأَطْعِمُوا القَانِعَ والمُعْتَرَّ } [الحج 36]. فالقانع: السَّائل؛ وسمِّي قانعاً لإقبالهِ على مَنْ يسألُه، قال:
مفاقِرَه أعفُّ من القُنوعِ(1)
لَمَالُ المرءِ يُصلِحُه فيُغنِي
ويقولون: قَنِعَ قَنَاعةً، إذا رَضِيَ. وسمِّيتْ قناعةً لأنَّهُ يُقْبِلُ على الشَّيء الذي لهُ راضياً. والإقناع: مَدُّ البَعيرِ رأسَه إلى الماء للشّرْب. قال ابنُ السِّكَِّيت: قَنَعت الإبلُ والغَنَمُ للمرتع، إذا مالَتْ له. وفلانٌ شاهدٌ مَقْنَعٌ؛ وهذا من قَنِعْتُ بالشَّيء، إذا رَضِيتَ به؛ وجمعه مَقَانع. تقول: إنه رضَىً يُقْنَع به. قال:
شُهودِي على لَيْلَى شهودٌ مَقَانعُ(2)
وعاقَدْتُ ليلَى في الخَلاءِ ولم تَكُنْ
وأما الآخر فالقِنع، وهو مستديرٌ من الرَّمل. والقِنْع والقِنَاع: شِبْهُ طَبَقٍ تُهدَى عليه الهديَّة. وقِناعُ المرأةِ معروفٌ، لأنَّها تُدِيرهُ برأسها. ومما اشتُقَّ من هذا القِناع قولُهم: قَنَّع رَأْسَه بالسَّوطِ ضَرباً، كأنَّه جَعَلَه كالقِناعِ له.
ومما شَذَّ عن هذا الأصل الإقناع: ارتِفاعُ الشَّيء ليس فيه تصَوُّبٌ. وقد يُمكنُ أن يُجعَلَ هذا أصلاً ثالثاً، ويُحتَجَّ فيه بقوله تعالى: { مُهْطعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ } [إبراهيم 43]. قال أهلُ التَّفسير: رافعي رؤوسِهِم.
قنف - قنم – قهو - قهب
__________
(1) للشماخ في ديوانه 56 واللسان (فقر، قنع) والأضداد لابن الأنباري 55. وانظر المخصص(12: 287).
(2) كذا ورد ضبطه في المجمل واللسان على تقديم الخير. ونسب في اللسان إلى البعيث.(5/27)
(قنف) القاف والنون والفاء أصلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ في شيء. من ذلك القَنِيف: الجَمَاعة من النَّاس. والقَنِيف، فيما ذكره ابن دريد(1): القِطعة من اللَّيل. يقال: مرَّ قَنِيفٌ من اللَّيل.
ومن الباب: القَنَف: صِغَرُ الأُذُنَين وغِلَظُهما. وهو ذلك القياس، وكذلك القُِنَاف، وهو الغليظ الأَنْف.
(قنم) القاف والنون والميم كلمةٌ واحدة. يقولونَ: قَنِمَ الشيء قَنَما، إذا نَدِيَ ثم رَكِبَه غُبارٌ فتوسَّخَ. ويكونُ ذلك في شُعور الخَيْلِ والإبل.
(باب القاف والهاء وما يثلثهما)
(قهو) القاف والهاء والحرف المعتلُّ أصلٌ يدلُّ على خِصْب وكثرة. يقال للرَّجُل المُخصِب الرَّحْلِ: قاهٍ. يقال: إنَّه لَفِي عَيْشٍ قاهٍ. فأمَّا قولُهم: أقْهَى الرَّجلُ من طَعَامٍ، إذا اجْتَوَاهُ، فليس ذلك من جهةِ اجتوائِهِ إيّاه، وإنّما هو من كثرته عنده حَتَّى يتملأ عنده فيجتَوِيَه. وأمَّا القهوة فالخمر، قالوا: وسمِّيت قَهْوَةً أنَّها تُقْهِي عن الطَّعام؛ والقياس واحد.
(قهب) القاف والهاء والباء أُصَيلٌ يدلُّ على لونٍ من الألوان. يقولون: القُهْبَةُ: بياضٌ تعلوه حُمْرة. والقَهْبُ من ولد البقرة ما يكون لونُه كذا. والقَهْب: الجَبَل العظيم. والأقهبان: الفيلُ والجاموس، وكلُّ ذلك متقارِب.
قهد – قهر - قهز
(قهد) القاف والهاء والدال كلمةٌ واحدة. يقولون: القَهْد من ولد الضَّأن يضرب لونه إلى البَيَاض.
(قهر) القاف والهاء والراء كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على غَلَبة وعُلُوّ. يقال: قَهَرَه يَقهره قَهْراً. والقاهر: الغالب. وأقْهَرَ الرّجُل، إذا صُيِّر في حالٍ يذلُّ فيها. قال:
فأمسى حُصينٌ قد أذَلَّ وأقْهَرا(2)
تَمَنّى حُصَيْنٌ أنْ يَسُودَ جذاعَهُ
__________
(1) الجمهرة (3: 155).
(2) للمخبل السعدي، كما في اللسان (قهر، جذع). وحصين: اسم الزبرقان بن بدر، كما في اللسان (قهر). ورواه الأصمعي بالبناء للمجهول في الفعلين.(5/28)
وقُهِر، إذا غُلِبَ. ومن الباب: قُهِرَ اللَّحمُ: طبِخ حَتَّى يسيل ماؤُه. والقهقر: فيما يقال: التَّيْس(1). فإنْ كان صحيحاً فلعلَّه من القياس الذي ذكرناه. والقَهْقَر(2): الحجر الصُّلب. وليس يبعد عن الأصل الذي بُنيَ عليه الباب.
ومما شذَّ عن ذلك: [رَجَع(3)] القَهْقَرَى، إذا رجع إلى خَلْفِه.
(قهز) القاف والهاء والزاء كلمةٌ. يقولون: القَِهْزُ(4): ثيابُ مِرْعِزَّى يُخالِطُها حرير، وبها يشبَّه الشَّعر الليِّن. قال:
* من القَِهْز والقُوهِيّ(5) *
قهس – قهل - قوي
(قهس) القاف والهاء والسين كلماتٌ إن صَحَّت. يقولون: جاء يَتَقَهْوَس، إذا جاء مُنْحَنِياً(6) يَضْطرب. وهذا ممكنٌ أن يكون هاؤه زائدة، كأنَّه يَتقوس. ويقولون: القَهْوَسة: السُّرعة. والقَهْوَس: الرَّجُل الطويل.
(قهل) القاف والهاء واللام كلمةٌ تدلُّ على قَشَف وسُوءِ حال. من ذلك القَهَلُ، وهو التقشُّف. ورجلٌ متقهِّلٌ: لا يتعهَّد جَسدَه بنظافةٍ. ومن الباب أو قريبٍ منه: القَهْل: كُفران الإحسان واستقلالُ النِّعمة. وأقْهَلَ الرَّجلُ نَفْسَهُ: دَنَّسها بما لا يَعْنِيه. والتقَهُّل: شَكْوَى الحاجة. قال:
* لَعْواً متى لاقَيتَه تَقَهَّلاَ(7) *
__________
(1) في الأصل: "الشين"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس. والقهقر بهذا المعنى مشدد الراء في القاموس، مخففها في المجمل واللسان.
(2) يقال بتخفيف الراء وتثقيلها، كما في اللسان، وضبط في المجمل بالتخفيف فقط.
(3) التكملة من المجمل.
(4) في اللسان أن أصله بالفارسية "كهزانه".
(5) قطعة من بيت لذي الرمة في ديوانه 360 واللسان (قهز). وهو بتمامه:
من القهز والقوهي بيض المقانع
من الزرق أو صقع كأن رؤوسها
(6) في الأصل: "منجياً"، صوابه في المجمل واللسان.
(7) الرجز في المجمل (قهل)، وأنشده في اللسان (قهل، لعا).(5/29)
ويقولون: انقَهَلَ، إذا سَقَط وضَعُف. ويقولون: قَهَلْتُ الرّجُلَ قَهْلاً، إذا أثْنَيْتَ عليه ثناءً قبيحاً.
ومما شذَّ عن هذا وما أدري كيف صحَّتُه، يقولون: القَيْهَلة: الطَّلْعة. يقال: حَيَّا الله قَيْهَلَتَه. وليست بكلمةٍ عَذْبة.
(باب القاف والواو وما يثلثهما)
(قوي) القاف والواو والياء أصلانِ متباينان، يدلُّ أحدُهما على شِدَّة وخِلافِ ضَعْف، والآخَر على خلافِ هذا وعلى قِلّة خَيْر.
فالأوَّل القُوّة، والقوِيّ: خلاف الضّعيف. وأصل ذلك من القُوَى، وهي
قوب
جَمْعُ قوةٍ من قُوَى الحبل. والمُقْوِي: الذي أصحابُه وإبلُه أقوياء. والمُقْوِي: الذي يُقْوِي وَتَرَه، إذا لم يُجِدْ إغارتَه فتراكبَتْ قُواه. ورجلٌ شديد القُوى، أي شديدُ أسْرِ الخَلْق.
فأمَّا قولهم: أقوى الرّجُلُ في شِعره، فهو أن يَنْقُص من عروضه قُوّة. كقوله:
يرجو النِّساءُ عواقبَ الأطهارِ(1)
أفَبَعْدَ مقتلِ مالكِ بن زُهَيْرٍ
والأصل الآخر: القَوَاء(2): الأرض لا أهلَ بها. ويقال: أقْوَت الدّارُ: خلت. وأقوى القومُ: صاروا بالقَوَاء والقِيِّ. ويقولون: باتَ فلانٌ القَوَاءَ وبات القَفْرَ، إذا بات على غير طُعْم. والمُقْوِي: الرّجُل الذي لا زَادَ معه. وهو من هذا، كأنَّه قد نزل بأرضٍ قِيٍّ.
ومما شذَّ عن هذا الأصلِ كلمةٌ يقولونها: يقولون: اشتَرَى الشُّركاءُ الشَّيءَ ثم اقتَوَوْه، إذا تزايدُوه حَتَّى بلغ غايةَ ثَمنِه.
__________
(1) للربيع بن زياد، كما في اللسان (قوى) وشروح سقط الزند 1146. وأنشده في العمدة (1: 94) بدون نسبة.
(2) في الأصل: "القوى"، صوابه في المجمل.(5/30)
(قوب) القاف والواو والباء أصلٌ صحيح، وهو شِبْه حَفْرٍ مُقَوَّر في الشَّيء. يقال: قُبْتُ الأرضَ أقُوبُها قَوْباً، وكذلك إذا حَفَرتَ فيها حُفْرةً مقوَّرة. تقول: قُبْتُها فانقابت. وقَوَّبْتُ الأرضَ، إذا أثّرتَ فيها. وتقوَّب الشيء: انْقَلَع من أصلِه. وكأنَّ القُوَباءَ من هذا، وهي عربيّة، قال:
هل تُذهِبَنَّ القُوَباءَ الرِّيقَهْ(1)
يا عجبا لهذه الفَليقَهْ
قوت - قود
وقد تسكن واوها فيقال قُوبَاء. ويقولون: "تخلَّصَتْ قائِبةٌ من قُوب" أي بيضة من فَرْخ؛ يضرب مثلاً للرّجُل يفارِقُ صاحبَه.
(قوت) القاف والواو والتاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إمساكٍ وحفظٍ وقُدرةٍ على الشَّيء. من ذلك قولُه تعالى: { َوكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ مُقِيتاً } [النساء 85]، أي حافظاً له شاهداً عليه، وقادراً على ما أراد. وقال:
وكنتُ على إساءته مُقِيتَا(2)
وذي ضِغْنٍ كَفَفْتُ النَّفْسَ عنه
ومن الباب: القُوت ما يُمْسِكُ الرَّمَق؛ وإنَّما سُمِّي قُوتاً لأنَّه مِساكُ البَدَن وقُوَّتُه. والقَوْت: العَوْل. يقال: قُتُّه قَوْتاً، والاسم القُوت. ويقال: اقتَتْ لنارك قِيتةً، أي أطعِمْها الحَطَب. قال ذو الرُّمَّة:
برُوحِكَ واقْتَتْهُ لها قِيتةً قَدْرا(3)
فقلتُ له ارْفَعْهَا إليكَ وأَحْيِها
__________
(1) الرجز لابن قنان، كما في اللسان (قوب). وأنشده ابن السكيت في إصلاح المنطق 378، 390 بدون نسبة. وذكر في اللسان أنه يروى: "عجبا" بالألف المنقلبة عن ياء المتكلم، وبالتنوين على تأويل: يا قوم اعجبوا عجبا.
(2) لأبي قيس بن رفاعة، أو الزبير بن عبد المطلب، كما في اللسان (قوت). وأنشده في إصلاح المنطق 307 والمخصص (2: 91) بدون نسبة.
(3) ديوان ذي الرمة 176 واللسان (قوت، روح).(5/31)
(قود) القاف والواو والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على امتدادٍ في الشيء، ويكون ذلك امتداداً على وجه الأرض وفي الهواء. من ذلك القُود: جمع قَوْداء، وهي النَّاقة الطويلة العُنُق. والقَوْدَاء: الثَّنِيَّة الطَّويلة في السماء. وأفراسٌ قُودٌ: طِوالُ الأعناق. قال النَّابغة:
تَدْمَى دوابرُها محذُوَّةً خَدَمَا(1)]
قُودٌ براها [قِيادُ الشُّعبِ فانهدمت
قور - قوز
ويفرّع من هذا فيقال: قُدْتُ الفَرَسَ قَوْداً، وذلك أن تمدَّه إليك؛ وهو القياس، ثمَّ يسمُّون الخَيلَ قَوْداً، فيقال: مرَّ بنا قَوْدٌ. وفرسٌ قَؤُودٌ: سلسٌ مُنْقاد(2). والقائد من الجَبَل: أنْفُهُ(3). والأقْوَد من النّاس: الذي إذا أقْبَلَ على الشيء بوجهه لم يَكَدْ ينصرف. والقَوَدُ: قَتْلُ القاتل بالقتيل، وسمِّي قَوَداً لأنَّه يُقادُ إليه.
(قور) القاف والواو والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على استدارةٍ في شيء. من ذلك الشيء* المُقَوَّر. وقُوَّارَةُ القَمِيصِ معروفة. والقُور: جمع قَارَةٍ، وهي الأَكَمة؛ وسمِّيت بذلك لأنَّها مستديرة. فأمَّا الدَّبَّة(4) فيقول ناسٌ: إنَّها تسمَّى القَارَة، وذلك على معنى التشبيه بقارَة الأَكَم. ويقولون: دارٌ قَوْراءُ، وهو هذا القياس، وإنما هذا موضوعٌ على ما كانت عليه مساكنُ العرب من خيَمِهم وقبابِهم. واقورَّ الجِلْدُ: تَشَانَّ(5). وهو من الباب، لأنَّه يتجمَّع ويدورُ بعضُه على بعض.
__________
(1) ورد البيت مبتوراً في الأصل، وعثرت عليه تاماً في شرح ابن السكيت لديوان النابغة (مخطوطة مكتبة أحمد الثالث بتركيا) الورقة 72. وفيه: "ويروى فانهدمت واندمجت" و "روى الأصمعي: قياد الغزو".
(2) في الأصل: "وسلس مقتاد"، صوابه في المجمل.
(3) أنف الجبل: مقدمه. وفي الأصل: "أنفد"، صوابه في المجمل.
(4) الدية، بالفتح: الكثيب من الرمل، أو الأرض المستوية.
(5) في الأصل: "والقوراء الجلد نشان"، صوابه في المجمل.(5/32)
ومما شذَّ عن هذا الباب قولُهم: لَقِيتُ منه الأقْوَرِينَ والأقْوَرِيَّاتِ، وهي الشَّدائد.
(قوز) القاف والواو والزاء كلمةٌ واحدة، وهي القَوز: الكثيب، وجمعه أقوازٌ وقِيزان. قال:
قوس
أرَى نارَ ليلَى أو يَرانِي بَصِيرُها(1)
وأُشْرِفُ بالقَوزِ اليَفَاعِ لَعلَّني
(قوس) القاف والواو والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تقدير شيءٍ بشيء، ثم يُصَرَّف فتقلبُ واوهُ ياءً، والمعنى في جميعِهِ واحد. فالقوْس: الذِّراع، وسمِّيت بذلك لأنَّه يقدر بها المَذْرُوع(2). [وبها سمِّيت القَوسُ] التي يُرمَى عنها. قال الله تعالى: { فَكانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أدْنَى } [النجم 9]. قال أهلُ التفسير: أراد: ذِرَاعَين. والأقْوَس: المُنْحنِي الظَّهر. وقد قَوَّسَ الشَّيخُ، أي انحَنى كأنَّه قوسٌ. قال امرؤ القيس:
ولا مَنْ رأَيْنَ الشَّيب منه وقوّسا(3)
أَراهُنَّ لا يُحْبِبْنَ مَن قلَّ مالُه
وتقلب الواوُ لبعض العِلَل ياءً فيقال: بيني وبينه قِيسُ رُمْح، أي قَدْرُه. ومنه القِياسُ، وهو تَقديرُ الشَّيء بالشيء، والمقدار مِقْياسٌ. تقول: قَايَسْتُ الأَمْرَينِ مُقايَسَةً وقياساً. قال:
عُدُّوا الحَصَى ثمَّ قِيسوا بالمَقاييس(4)
يخزَى الوَشيظُ إذا قال الصَّريحُ لهم
وجمعُ القَوْسِ قِسِيٌّ، وأقواس، [وقِياس(5)]. قال:
__________
(1) البيت لتوبة بن الحمير، أمالي القالي (1: 88، 131)، برواية: "بالقور" بالراء المهملة. والقوز، ضبطت في المجمل في البيت والكلام قبله بضم القاف، وقد أثبت ضبط اللسان والقاموس.
(2) في الأصل: "بالمزروع وبها المذروع".
(3) في الديوان 141 واللسان (قوس): "الشيب فيه".
(4) في الأصل: "يجزي"، صوابه في المخصص (3، 92).
(5) التكملة من المجمل.(5/33)
* ووتَّر الأساوِرُ القياسَا(1) *
قوض – قوط
وحكى بَعضُهم أنَّ القوسَ: السَّبْق، وأنَّ أصل القياسِ منه؛ يقال: قاسَ بنو فلانٍ بني فلان، إذا سَبَقُوهم، وأنشد:
فَهَلاّ تَقِيسون الذي كان قائسا
لَعَمْرِي لقد قاسَ الجميعَ أبوكُم
وأصل ذلك كلِّه الواو، وقد ذَكَرْناه.
ومما شذّ عن هذا الباب القَوْس: ما يَبقَى في الجُلَّة من التَّمر. والقَوْس: نَجْمٌ. والمِقْوَس: المكانُ تُجرَى منه الخيلُ، يُمَدُّ في صدورها بذلك الحبلِ لتَتَساوَى، ثمَّ تُرْسَل. فأمَّا القُوسُ فصَومعةُ الرَّاهب، وما أُراها عربيَّة، وقد جاءت في الشِّعر. قال:
عَصا قَسِّ قُوسٍ لينُها واعتدالُها(2)
………… كأنّها
وقال جرير:
لاستَفْتَنَتْنِي وذَا المِسْحَينِ في القُوسِ(3)
……… ولو وقَفَتْ
(قوض) القاف والواو والضاد كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ بناء. يقال: قَوَّضْت البناء: نقضْتُه من غير هَدْم. وتقوَّضَتِ الصُّفوف: انتَقَضَتْ.
(قوط) القاف والواو والطاء كلمةٌ واحدة. يقولون: القَوْط: اليسير من الغَنَم، والجمع أقْواط.
قوع – قوف – قوق - قول
(قوع) القاف والواو والعين أصلٌ يدلُّ على تبسُّط في مكانٍ. من ذلك القاع: الأرض المَلْساء. والألِفُ في الأصل واو، يقال في التصغير قَوَيْعٌ. قال ابن دريد(4): القَوْع: المِسْطح الذي يُبسَط فيه التَّمر، والجمع أقواع. فأمّا القَوْع، وهو ضِرابُ الفحلِ الناقةَ، فليس من هذا الباب، لأنَّه من المقلوب. وأصله قَعْو؛ وقد ذُكِر.
__________
(1) في الأصل: "القسيا"، صوابه في المجمل (قيس) واللسان (قوس) والجمهرة (3: 44) والمخصص
(4: 46/ 17: 9). والرجز للقلاخ بن حزن، كما في اللسان. وفي الموضع الأخير من المخصص: "ووتر القساور".
(2) أنشد هذه القطعة كذلك في المجمل. وأنشد الجواليقي عجز البيت في المعرب 278.
(3) تمام صدره كما في الديوان 321 واللسان (قوس):
* لا وصل إذا صرفت هند ولو وقفت *
(4) في الجمهرة (3: 134).(5/34)
وممّا شَذَّ عن هذا الباب قولُهم: إنَّ القُوَاعَ: الذَّكَر من الأرانب.
(قوف) القاف والواو والفاء كلمةٌ، وهي من باب القَلْب وليست أصلاً. يقولون: هو يَقُوف الأثَرَ ويَقْتافُه بمعنى يقفو. ويقولون: أَخَذَ بقُوفَةِ قَفاه(1)، وهو الشَّعَْر المتدلِّي في نُقْرة القَفا.
(قوق) القاف والواو والقاف كلمةٌ، يقولون: القُوق(2): الرَّجُل الطويل.
(قول) القاف والواو واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ يقلُّ كلمهُ، وهو القَول من النُّطق. يُقال: قَالَ يقول قَولاً. والمِقْوَل: اللِّسان. ورجل قُوَلةٌ وقَوَّالٌ: كثير القَول. وأمّا أقوال(3)………………… (4).
قوم
(قوم) القاف والواو* والميم أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على جماعةِ ناسٍ، وربِّما استعير في غيرهمْ. والآخَر على انتصابٍ أو عَزْم.
فالأوّل: القوم، يقولون: جمع امرئٍ، ولا يكون ذلك إلاّ للرِّجال. قال الله تعالى: { لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ } [الحجرات 11]، ثمَّ قال:
{ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ } [الحجرات 11].
وقال زُهير:
أقَوْمٌ آلُ حِصْنٍ أمْ نِسَاءُ(5)
وما أدرِي وسَوْف إخالُ أدْري
ويقولون: قومٌ وأقوامٌ، وأقاوِمُ جمعُ جمعٍ. وأمَّا الاستعارة فقولُ القائل:
عِنْد الصَّباحِ وهو قومٌ مَعازيلُ(6)
إذا أقْبَلَ الدِّيْكُ يَدعُو بَعْضَ أُسْرَتِهِ
فجمع وسَمَّاها قوماً.
__________
(1) وبقوفها أيضاً، بطرح التاء.
(2) والقاق أيضاً والقواق، كغراب.
(3) كذا. ولعله: "ابن أقوال".
(4) بياض في الأصل. وفي اللسان: "وهو ابن أقوال وابن قوال، أي جيد الكلام فصيح".
(5) ديوان زهير 73 واللسان والمجمل (قوم) والمخصص (3: 119) وشرح شواهد المغني 48، 141.
(6) البيت لعبدة بن الطبيب كما في الحيوان (2: 254) والمفضليات (1: 141).(5/35)
وأمّا الآخر فقولُهم: قامَ قياماً، والقَوْمة المَرَّةُ الواحدة، إذا انتصب. ويكون قامَ بمعنى العَزيمة، كما يقال: قامَ بهذا الأمر، إذا اعتنَقَه. وهم يقولون في الأوَّل: قيامٌ حتم، وفي الآخر: قيامٌ عَزْم.
ومن الباب: قوَّمْتُ الشَّيء تقويماً. وأصل القِيمة الواو، وأصلُه أنَّك تُقيم هذا مكانَ ذاك.
وبلَغَنا أنَّ أهلَ مكّةَ يقولون: استَقَمْتُ المَتاعَ، أي قوَّمْتُه.
ومن الباب: هذا قِوام الدين والحقّ، أي به يقوم. وأمَّا القَوَام فالطُّول الحَسَن. والقُومِيَّة: القَوام والقامة. قال:
قيأ – قيح – قيد - قيل
* أيَّامَ كُنتُ حسَنَ القُومِيَّهْ(1) *
(باب القاف والياء وما يثلثهما)
(قيأ) القاف والياء والهمزة كلمةٌ واحدة. قاءَ يَقيء قَيْئاً، واستَقَاء استفعل من القَيء. ويقولون للثَّوب المُشْبَع الصِّبغ: هو يَقِيء الصِّبْغ.
(قيح) القاف والياء والحاء كلمة. قاح [الجُرحُ(2)] يَقِيح، وهو مِدّةٌ لا يخالطها دمٌ.
(قيد) القاف والياء والدال كلمةٌ واحدة، وهي القَيْد، وهو معروفٌ، ثُمَّ يستعارُ في كل شيءٍ يَحْبِس. يقال: قيَّدْتُه أُقََيِّده تقييداً. ويقال: فرَسٌ قَيْدُ الأَوَابِدِ، أي فكأنَّ الوحشَ من سُرعةِ إدراكه لها مُقيَّدة. قال:
بمُنجرِدٍ قَيْدِ الأوابدِ هيكلِ(3)
وقَدْ أَغْتدِي والطَّيْرُ في وُكْنَاتِها
والمُقيَّد: موضعُ القَيْدِ من الفَرَس.
__________
(1) الرجز للعجاج، كما في اللسان (قوم). وأرجوزته في ديوانه 72 وليس فيها هذا الشطر.
(2) التكملة من المجمل.
(3) البيت لامرئ القيس في معلقته.(5/36)
(قيل) القاف والياء واللام أصلُ كَلِمِهِ الواو، وإنّما كُتِب هاهنا للَّفْظ. فالقَيْل: الملكُ من مُلوكِ حِمْيرَ، وجَمْعُه أقيال. ومَن جَمَعه على الأقوال فواحدهم قَيِّل بتشديد الياء. والقيلُ والقَال، قال ابن السِّكِّيت: هما اسمانِ لا مصدران. واقْتَالَ على فُلانٍ(1)؛ إذا تَحَكَّم. ومعناه عندنا أنَّه يُشبَّه بالملك الذي هو قَيْلٌ. قال:
قين
وما اقتالَ في حُكْمٍ عليَّ طبيبُ(2)
وماءُ سَماء كانَ غَيْرَ مَحَمَّةٍ
ومما شَذَّ عن هذا الأصل القَيْل: شُرْبُ نصفِ النَّهار. والقائلة: نومُ نِصف النهار. وقولهم: تقيَّلَ فلانٌ أباه: أشْبَهَه، إنما الأصل تَقَيَّضَ، واللام مُبدَلةٌ من ضاد، ومعناه أنَّهما كانا في الشَّبَه قَيْضَيْنِ.
(قين) القاف والياء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على إصلاحٍ وتزيين. من ذلك القَيْن: الحَدَّاد، لأنَّهُ يُصلِحُ الأشياء ويَلُمُّها؛ وجمعه قُيُون. وقِنْتُ الشَّيءَ أقِينُه قَيْناً: لمَمْتُه. قال:
صُدوعُ الهوى لو كان قينٌ يَقِينُها(3)
ولي كبدٌ مقروحةٌ قد بَدا بِها
ويقولون: التَّقيين: التَّزيين. واقْتَانَتِ الرَّوضةُ: أخذَتْ زُخْرُفَها. ومنه يقال للمرأة مُقَيِّنة، وهي التي تُزيِّن النِّساء. ويقال: إنَّ القَيْنةَ: الأَمةُ، مغنِّيةً كانت أو غَيْرَها. وقال قومٌ: إنّما سمِّيت بذلك لأنَّها قد تُعَدُّ للغِناء. وهذا جيِّد. والقَيْنُ: العَبْد.
ومما شذَّ عن هذا الباب القَيْنُ: عَظْم السَّاق، وهما قَيْنانِ. قال ذو الرُّمَّة:
* قَيْنَيْهِ وانحسَرَتْ عنه الأناعيم(4)
__________
(1) في المجمل: "واقتال فلان على فلان".
(2) البيت لكعب بن سعد الغنوي، من قصيدة في الأصمعيات. وأنشده في اللسان (قول) والمخصص (3: 135).
(3) وأنشده كذلك في المجمل. والبيت من أبيات لشاعر حجازي، اللسان (قين) وإصلاح المنطق 411 ومعجم ما استعجم 451.
(4) صدره كما في الديوان 570 واللسان (قين) وإصلاح المنطق 441:
* دانى له القيد في ديمومة قذف *(5/37)
*
قاب - قاق – قام - قاه
(باب القاف والألف وما يثلثهما)
والألف فيه منقلبةٌ، وربَّما كانت همزةً.
(قاب) القاف والألف والباء. القابُ: القَدْر. وعندنا أنّ الكلمةَ فيها معنيان: إبدالٌ، وقَلْبٌ. فأمّا الإبدال فالباء مبدلة من دال، والألف منقلبة من ياء، والأصل* القِيدُ. قال الله تعالى: { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ } [النجم 9]. ويقال: القَابُ: ما بين المَقْبِض والسِّيَة. ولكلِّ قوسٍ قابَانِ.
ومما ليس من هذا الباب ولكنَّه مهموز، قولهم: قَئِبَ من الشَّراب، إذا امتلأ.
(قاق) القاف والألف والقاف كلمةٌ واحدة، وهي القَاقُ: الرّجُل الطَّويل.
(قام) القاف والألف والميم قد مضى ذِكرُ ذلك، والأصل في جميعه الواو. والقامَة: البَكَرة بأداتِها. قال:
وأنَّني مُوف على السَّآمهْ
لمَّا رأيتُ أنَّها لا قامَهْ
نزعتُ نزعاً زَعْزَعَ الدِّعامَهْ(1)
(قاه) القاف والألف والهاء كلمةٌ. يقولون: القَاهُ: الطاعةُ والجاه. ويُنشدون:
* لَمَا رأَيْنَا لأمير قَاهَا(2) *
قبح - قبر
(باب القاف والباء وما يثلثهما)
(قبح) القاف والباء والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على خلاف الحُسْن، وهو القُبْح. يقال قَبحَه الله، وهذا مقبوحٌ وقَبيح. وزعم ناسٌ أنَّ المعنى في قَبَحه: نحّاهُ وأبعدَه. [ومنه] قولُه تعالى: { وَيَوْمَ القِيَامَةِ هُمْ مِنَ المَقْبُوحِينَ } [القصص 42].
ومما شذَّ عن الأصل وأحسَبُه من الكلام الذي ذَهَبَ مَن كان يُحْسِنُه، قولُهم كِسْرُ قَبيحٍ، وهو عَظْمُ السَّاعد، النِّصف الذي يلي المِرْفَق. قال:
لو كنتَ عَيْراً كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ
__________
(1) الرجز في اللسان (قوم). وأنشده في كتاب المداخل لغلام ثعلب مخطوطة دار الكتب، في باب (اللوأص).
(2) الرجز للزفيان في ديوانه الملحق بديوان العجاج 92. وأنشده في اللسان قيه). وإنشاده في المجمل واللسان: "لما سمعنا". وفي الديوان: "لما عرفنا".(5/38)
ولو كنتَ كِسْراً كُنْتَ كِسْرَ قَبِيحِ
(قبر) القاف والباء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غموضٍ في شيء وتطامُن. من ذلك القَبْر: قَبْر الميِّت. يقال قَبَرْتُه أقْبُرُه. قال الأعشى:
عاشَ ولم يُنقَلْ إلى قَابِرِ(1)
لو أسندَتْ ميتاً إلى نَحْرِِها
فإن جعلتَ له مكاناً يُقْبَرُ فيه قلتَ: أقْبَرْتُهُ، قال الله تعالى: { ثُمَّ أمَاتَهُ فأَقْبَرَهُ } [عبس 21]. قلنا: ولولا أنَّ العلماءَ تجوَّزُوا في هذا لمَا رأينا أنْ يُجمَعَ بين قَوْلِ الله وبين الشِّعْرِ في كتابٍ، فكيف في وَرَقَةٍ أو صفحة. ولكنَّا اقتدَيْنَا بهم، والله تعالى يَغفر لنا، ويعفو عَنَّا وعنهم(2).
وقال ناسٌ من أهل التَّفسير في قوله تعالى: { ثُمَّ أمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ }
قبس - قبص
[عبس 21]. ألهمَ كيف يُدْفَن. قال ابنُ دُرَيد: أرض قَبُورٌ: غامضة. ونَخْلَةٌ قَبُور [وكَبُوسٌ(3)]: يكون حَمْلُها في سَعَفها. ومكانُ القبور مَقْبَرَة ومَقْبُرَة.
(قبس) القاف والباء والسين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على صفةٍ من صفات النَّار، ثمَّ يستعار. من ذلك القَبَس: شُعْلَةُ النَّار. قال الله تعالى في قِصَّة موسى عليه السلام: { لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ } [طه 10]. ويقولون: أقْبَسْتُ الرّجُلَ عِلماً، وقَبَسْتُه ناراً.
قال ابنُ دريد(4): قَبَسْتُ من فلانٍ ناراً، واقتَبَسْتُ منه علماً، وأَقْبَسَنِي قَبَساً.
ومن هذا القياس قولهم: فَحْلٌ قَبِيسٌ، وذلك إذا كان سريعَ الإلقاح، كأنَّهُ شُبِّهَ بِشُعْلَةِ النّار. قال:
* فَأُمٌّ لَِقْوَةٌ وأبٌ قَبِيسُ(5) *
__________
(1) ديوان الأعشى 105.
(2) هذا نموذج صادق من ورع ابن فارس.
(3) التكملة من الجمهرة (1: 271).
(4) الجمهرة (1: 287).
(5) أنشد هذا العجز في مجالس ثعلب 640. وصدره كما في اللسان (لقو، قبس):
* حملت ثلاثة فوضعت تما *
... وفي الألفاظ لابن السكيت 345:
* حملت ثلاثة فولدت تما *(5/39)
فأمَّا القِبْس فيقال إنَّه الأصل.
(قبص) القاف والباء والصاد أصلانِ يَدُلُّ أحدهما على خِفّةٍ وسُرعة، والآخَر على تجمُّع.
قبص
فالأوَّل القَبَص، وهو الخِفَّة والنَّشاط. والقَبُوص: الذي إذا جَرَى لم يُصِبِ الأرضَ منهُ إلاّ أطرافُ سَنابِكه. ومن ذلك القَبْصُ، وهو تناوُلُ الشَّيءِ بأطراف الأصابع، ولا يكون ذلك إلاَّ عن خِفَّة وعَجَلة. وقرئت: { فَقَبَصْتُ قَبْصَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ(1) } [طه 96]، بالصَّاد. وذلك المأخوذُ قَبْصة.
والأصل الآخر القِبْص، وهو العَدَد الكثير. قال:
لكُمْ قِبْصُه من بينِ أثْرَى وأَقتَرَا(2)
لكم مَسجدَا اللهِ المَزُورَانِ والحَصَى
ومن هذا الباب القَبَص في الرَّأس: الضَّخَم، ويقال منه هامَةٌ قَبْصاء. قال أبو النجم:
* [قَبْصَاءَ لَم تُفطَحْ ولم تُكَتَّلِ(3)] *
ومما شذَّ عن هذين الأصلين: القَبْصَ، وهو وجعٌ عن أكْل الزَّبيب. قال:
* أرفقة تشكو الجُحافَ والقَبَصْ(4) *
قبض - قبط
__________
(1) قرأ الجمهور: (فقبضت قبضة) بالضاد المعجمة، وقرأ عبد الله وأبي وابن الزبير وحميد والحسن: (فقبصت قبصة) بفتح قاف (قبصة). وقرأ الحسن بخلاف عنه وقتادة ونصر بن عاصم بضم القاف. تفسير أبي حيان (6: 273). وانظر إتحاف فضلاء البشر 307.
(2) البيت للكميت، كما في اللسان (قبص). والبيت من شواهد النحويين، استشهد به في الإنصاف 427 على حذف الموصول وإبقاء صلته، وفي شرح الأشموني للألفية على حذف المنعوت الذي ليس بعض مجرور قبله بمن أو في.
(3) موضعه بياض في الأصل. وأنشده في اللسان منسوباً لأبي النجم في (فطح)، وفي (قبص) بدون نسبة. ونجد البيت محرفاً في أرجوزة أبي النجم التي نشرها العلامة بهجة الأثري في مجلة المجمع العلمي العربي بدمشق، أغسطس سنة 1928 ص 474. وقبله:
* تحت حجاجي هامة لم تعجل *
(4) أنشده في اللسان (جحف، قبص) ومجالس ثعلب 221.(5/40)
(قبض) القاف والباء والضاد أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على شيء مأخوذٍ، وتجمُّع في شيء.
تقول: قَبَضْتُ الشَّيءَ من المال وغيرهِ قَبْضاً. ومَقْبِض السَّيف ومَقْبَضُه: حيث تَقبِضُ* عليه. والقَبَض، بفتح الباء: ما جُمِعَ من الغنائم وحُصِّل. يقال: اطرَحْ هذا في القَبَض، أي في سائر ما قُبِض من المغْنَم. وأمَّا القَبْض الذي هو الإسراع، فمن هذا أيضاً، لأنَّه إذا أسرَع جَمَع(1) نَفْسَهُ وأطرافَه. قال الله تعالى: { أوَلَمْ يَرَوْا إلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمسِكُهُنَّ }
[الملك 19]، قالوا: يُسْرِعْن في الطَّيَران. وهذه اللّفظَةُ من قولهم: راعٍ قُبَضةٌ، إذا كان لا يتفسَّح في مَرعى غَنَمه. يقال: هو قُبَضَةٌ رُفَضَةٌ، أي يَقبِضُها حَتَّى إذا بَلَغَ المكانَ يؤُمُّه رَفَضها. ويقولون للسَّائق العنيف: قبَّاضةٌ وقابض. قال رؤبة:
* قبّاضَةٌ بينَ العنيفِ واللَّبِقْ(2) *
ومن الباب: انقبَضَ عن الأمر وتقبّض، إذا اشمأَزَّ(3).
(قبط) القاف والباء والطاء أصلٌ صحيح. قال ابن دريد(4): القَبْط: جَمْعُكَ الشَّيءَ بيدِك. يقال: قَبَطْتُه أقْبِطُهُ قَبْطاً. قال: وبه سُمِّيَ القُبَّاط(5)، هذا النَّاطف، عربيٌّ صحيح.
قبع – قبل
ومما ليس من هذا الباب القِبط: أهلُ مصر، والنِّسبة إليهم قِبطيٌّ، والثِّياب القُبطيّةُ لعلَّها منسوبةٌ إلى هؤلاء، إلاَّ أنَّ القافَ ضُمَّت للفَرْق.
قال زهير:
باقٍ كَمَا دَنَّسَ القُبْطِيَّةَ الوَدَكُ(6)
لَيَأْتِيَنَّكَ مِنِّي مَنْطِقٌ قَذَعٌ
وتجمع قَباطيّ.
__________
(1) في الأصل: "لأنه إذا ساغ وجمع".
(2) ديوان رؤبة 105 واللسان (قبض).
(3) بعده الأصل: "قال رؤبة أيضاً: قباضة بين العنيف واللبق".
(4) الجمهرة (1: 307).
(5) هذا يطابق نص الجمهرة. وفي المجمل عن ابن دريد: "القبيطي"، وهي لغة فيه.
(6) ديوان زهير 183 واللسان (قبط، قذع).(5/41)
(قبع) القاف والباء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شبه أنْ يَخْتَبئ الإنسانُ أو غيرُه. يقال: [قَبَع] الخنزيرُ والقنفذُ، إذا أدْخَلَ رأسَهُ في عُنقه، قَبْعاً. وجارية قُبَعَة طُلَعة، إذا تخبَّأت تارةً وتطلَّعَتْ تارة. والقُبَعة: خِرقة كالبُرنُس، تسمِّيها العامة: القُنْبُعَة(1). والقُبَاع: مكيالٌ واسعٌ، كأَنَّه سمِّي قُباعاً لما يَقْبَعُ فيه من شيء. وقَبَع الرّجُلُ: أعيا وانبهَرَ. وسُمِّي قابعاً لأنَّه يَتقبض عند إعيائه عن الحركة.
ومما شذَّ عن هذا الباب قَبِيعةُ السَّيف، وهي التي على طَرَف قائِمِهِ من حديدٍ أو فِضَّة.
(قبل) القاف والباء واللام أصلٌ واحدٌ صحيحٌ تدلُّ كلمهُ كلُّها على مواجهةِ الشَّيء للشَّيء، ويتفرع بعد ذلك.
فالقُبُل من كلِّ شيء: خلافُ دُبُره، وذلك أنَّ مُقْدِمَه يُقْبِلُ على الشَّيء. والقَبيل: ما أقبَلَتْ به المرأةُ من غَزْلها حين تَفتِله. والدَّبير: ما أدبرَتْ به. وذلك
قبل
__________
(1) كذا في الأصل واللسان (قنبع). وفي المجمل: "قبيعة".(5/42)
معنَى قولهم: "ما يَعْرِف قبيلاً من دَبِير". والقِبلةُ سُمِّيت قِبلةً لإقبال النَّاس عليها في صَلاتِهِم، وهي مُقْبِلةٌ عليهم أيضاً. ويقال: فَعَل ذلك قِبَلاً، أي مُواجَهَة. وهذا من قِبَل فلانٍ، أي من عنده، كأنَّه هو الذي أقْبَلَ به عليك. والقِبَال: زمام البَعيرِ والنَّعل. وقابَلْتُها: جَعَلْتُ لها قِبالَينِ، لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهما يُقْبِلُ على الآخَر. وشاةٌ مُقابَلة: قُطِعَت من أذنها قِطعةٌ لم تَبِنْ وتُرِكَتْ مُعلَّقة من قُدُم. [فإن كانت(1)] من أُخُرٍ فهي مُدابَرة. والقابلة: الليلة المقْبلة. والعامُ القابل: المُقْبل. ولا يقال منه فَعَلَ. والقابلة: التي تَقْبَلُ الولدُ عند الوِلادِ. والقَبُول من الرِّياح: الصَّبا، لأنَّها تُقابِل الدَّبور أو البيتَ(2). وقَبِلْتُ الشَّيءَ قَبولاً. والقَبَل في العين: إقبال السَّوادِ على المَحْجِر، ويقال بل هو إقبالهُ على الأنف. والقَبَل: النَّشَْزُ من الأرض يستقبِلُك. تقول: رأيتُ بذلك القَبَل شخصاً. والقبيل: الكفيل؛ يقال قَبِل به قَبالةً(3)، وذلك أنَّهُ يُقْبِل على الشَّيء يَضْمنُه. وافعَلْ ذلك إلى عشرٍ من ذي قَبَل(4)، أي فيما يُستَأنف من الزَّمان. ويقال: أقبَلْنا على الإبل، إذا استقينا على رؤوسها وهي تشرب. [و] ذلك هو القَبَل. وفلانٌ مُقْتَبَل الشَّباب: لم يَبِنْ فيه أثر كِبَرٍ ولم يُولِّ شبابُه. وقال:
قبل
لكن أُثَيْلةُ صافي اللَّونِ مُقْتَبَلُ(5)
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) هذا التعريف لأهل العراق، إذ أن القبول أو الصبا هي التي تهب من ناحية الشرق، والبيت في مغرب أهل العراق، فهي تقابله.
(3) هي بالفتح كما في المجمل واللسان والقاموس. وأما بالكسر فمصدر لقبلت القابلة المرأة عند الولادة.
(4) في الأصل: "عشرين ذي قبل"، صوابه في اللسان والقاموس. و "قبل" تقال بالتحريك وكعنب.
(5) البيت للمتنخل الهذلي، كما سبق في (عل).(5/43)
ليس بِعَلٍّ كبيرٍ لا شبابَ به
والقابل: الذي يَقْبَل دَلْوَ السّانيَة. قال:
على العَراقي يداه قائماً دَفَقَا(1)
وقابلٌ يتغنَّى كلَّما قَبضتْ
قال ابن دريد: القَبَلة: [خرزة شبيهة بالفَلْكَة تُعَلَّق في أعناق الخيل(2)]، ويقال القَبَلة: شيءٌ تتخذه السَّاحرة تقبل بوجه الإنسان على الآخَر(3). وقبائل الرَّأس: شُعَبُه التي تَصل بينها الشُّؤون؛ وسمِّيت ذلك لإقبال كلِّ واحدةٍ منها على الأخرى؛ و*بذلك سمِّيت قبائلُ العرب. وقَبِيل القوم: عَرِيفُهم. وسمِّي بذلك لأنَّه يُقبِل عليهم يتعرَّف أمورَهم. قال:
بَعثوا إليَّ قبيلَهم يتوسَّمُ(4)
أوَ كُلَّمَا وَرَدَتْ عُكاظَ قبيلة
ونحن في قَبَالة(5) فلانٍ، أي عِرافته، وما لفلانٍ قِبلةٌ، أي جهةٌ يتوجَّه إليها ويُقبِل عليها. ويقولون: القَبِيل: جماعةٌ من قبائلَ شتَّى، والقبيلة: بنو أبٍ واحد. وهذا عندنا قد قيل، وقد يقال لبني أبٍ واحدٍ قبيل. قال لبيد:
قبن - قبو - قتد
* وقَبِيلٌ من عُقَيلٍ صادقٌ(6) *
__________
(1) لزهير في ديوانه 40 واللسان (قبل) وبرواية: "كلما قدرت". وقبله:
قتب وغرب إذا ما أفرغ انسحقا
لها أداة وأعوان غدون لها
(2) التكملة من الجمهرة (1: 321)، وهي ثابتة في المجمل بدون عزو إلى ابن دريد.
(3) في الأصل: "يتخذه الساحر يقبل" إلخ. ووجهه من المجمل. وفي اللسان والجمهرة: "والقبلة خرزة من خرز نساء الأعراب يؤخذن بها الرجال، يقلن في كلامهن: يا قبلة اقبليه "ويا كرار كريه".
(4) وكذا ورد إنشاده في المجمل. والرواية المشهورة: "عريفهم". اللسان (عرف) والأصمعيات 67 ليبسك ومعاهد التنصيص (1: 70) والعقد وكامل ابن الأثير (يوم مبايض). والبيت من أبيات لطريف بن مالك العنبري.
(5) كذا ضبط في اللسان والقاموس، وضبط في المجمل بكسر القاف.
(6) تمامه كما سبق في (عصل)، حيث سبق التخريج:
* كليوث بين غارب وعصل *(5/44)
فأمّا قولهم: لا قِبَلَ لي به(1)، أي لا طاقَة، فهو من الباب، أي ليس هو كما يمكِّنني الإقبال. فأمَّا قَبْلُ الذي هو خلافُ بعد، فيمكن أن يكون شاذّاً عن الأصل الذي ذكرناه، وقد يُتَمحَّل له بأن يقال هو مقبلٌ على الزّمان. وهو عندنا إلى الشُّذوذ أقرب.
(قبن) القاف والباء والنون. يقولون: قَبَن في الأرض: ذهب. وحمار قَبَّان: دويْبّة.
(قبو) القاف والباء والواو كلمةٌ صحيحة، تدلُّ على ضمٍّ وجمع. يقال: قَبَوْت الشَّيءَ: جمعتُه وضَممتُه. وأهلُ المدينة يسمُّون الرّفعَ في الحركات قَبْواً. وهذا حرفٌ مقْبُوّ. ويقال: إنَّ القَبَاء مشتقٌّ منه، لأنَّ الإنسانَ يجمعُه على نفْسه.
(باب القاف والتاء وما يثلثهما)
(قتد) القاف والتاء والدال أصلٌ صحيح، وهو كلمتان: القَتَد: خَشَبُ الرَّحْل، وجمعه أقتادٌ وقُتود. والكلمة الأخرى القَتَاد: ضربٌ من العِضاهِ، ليس فيه غير هذا. ويقولون: قُتَائد(2): مكان.
قتر
__________
(1) في الأصل: "لا قبل له بي"، والتفسير بعده يقتضي ما أثبت.
(2) كذا في الأصل، وفي المجمل: "قتائدة"، وكل منهما اسم موضع، كما في معجم البلدان. أما شاهد "قتائدة" فهو قول عبد مناف بن ربع الهذلي:
شلا كما تطرد الجمالة الشردا
حتى إذا أسلكوهم في قتائدة(5/45)
(قتر) القاف والتاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجميعٍ وتضييقٍ. من ذلك القُتْرة: بيت الصَّائد؛ وسمِّي قُترةً لضيقِهِ وتجمُّع الصَّائد فيه؛ والجمع قُتَر. والإقْتار: التَّضييق. يقال: قَتَرَ الرجلُ على أهله يَقتُر، وأقْتَر وقَتَّر. قال الله تعالى: { والذَّينَ إذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا } [الفرقان 67]. ومن الباب: القَتَر: ما يَغْشى الوجهَ من كَرْب. قال الله تعالى: { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّة } [يونس 26].والقَتَر: الغُبار. والقاتر من الرحال: الحسَنُ الوقوعِ على ظَهْر البعير. وهو من الباب، لأنَّه إذا وقع وُقوعاً حَسَناً ضَمَّ السَّنام. فأمَّا القُتَار فالأصل عندنا أنَّ صيادَ الأسدِ كان يُقتِّر في قُتْرتِه بلحمٍ يَجِدُ الأسدُ ريحَهُ فيُقْبِل إلى الزُّبْية، ثمَّ سمِّيت ريحُ اللَّحمِ المشويِّ كيف كان قُتَاراً. قال طرَفة:
وتَنادَى القومُ في نادِيهِمُ
أقُتَارٌ ذاكَ أم رِيحُ قُطُرْ(1)
وقَتَّرت للأسد، إذا وضعتَ له لحماً يجد قُتارَه. قال ابن السِّكِّيت: قتَر اللَّحمُ. يَقْتُر: ارتفَع دخانُه، وهو قاتر.
ومن الباب القتير، وهو رؤوس الحَلَق في السَّردِ. والشَّيبُ يسمَّى قتيراً تشبيهاً برؤوس المسامير في البياضِ والإضاءة. وأمَّا القُتْر فالجانب، وليس من هذا لأنَّه من الإبدال، وهو القُطْر، وقد ذُكر.
قتع - قتل
ومما شذَّ عن هذا الباب: ابنِ قِتْرة: حيّةٌ خبيثةٌ، إلى الصِّغر ما هُو. كذا قال الفراء. قال: كأنَّه إنما سمِّي بالسَّهم الذي لا حديدة فيه، يقال له قِترَة، والجمع قِتْر.
(قتع) القاف والتاء والعين كلمةٌ. يقال: إنَّ القَتَع. دودٌ حُمرٌ(2) يأكل الخشَب، واحدتها قَتعَة قال:
__________
(1) ديوان طرفة 68 واللسان (قتر). والرواية فيهما:
* حين قال الناس في مجلسهم *
(2) في المجمل: "أحمر".(5/46)
* خُشْبٌ تَقَصَّعُ في أجوافها القَتَعُ(1) *
وحكى ابنُ دريد(2): قَتَعَ الرّجُل قُتُوعاً، إذا انقمَعَ من ذُلّ.
(قتل) القاف والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على إذلالٍ وإماتةٍ. يقال: قتَلَهُ قَتْلاً. والقِتْلَة: الحالُ يُقْتَلُ عليها. يقال قَتَله قِتلةَ سَوء. والقَتْلة: المرّة الواحدة. ومَقاتِلُ الإنسان: المواضع التي إذا أُصِيبت قَتَله ذلك. ومن ذلك: قتلتُ الشيءَ خُبراً وعِلْماً. قال الله سبحانه: { وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً } [النساء 157]. [ويقال: تقتَّلت الجاريةُ للرّجُل حتَّى عَشِقَها، كأنَّها خَضَعَتْ له. قال(3)]:
تنسَّكْتِ، ما هذا بفعل النواسِكِ(4)
تقَتَّلتِ لي حتَّى إذا ما قتلتِني
قتل
وأقتَلتُ فلاناً: عرَّضْته للقَتل. وقلبٌ مُقَتَّلٌ، إذا قَتَّلَهُ العِشْق. قال امرؤ القيس:
بسهميكِ في أعشارِ قلبٍ مقتَّلِ(5)
وما ذَرَفَتْ عيناك* إلاّ لتَضرِبي
قال أهلُ اللُّغة: يقال قتِلَ الرّجل، فإنْ كان من عشقٍ قيل: اقْتُتِل، وكذلك إذا قَتَلَهُ الجِنّ: قال ذو الرُّمَّة:
بلا إحنَةٍ بين النُّفوس ولا ذَحلِ(6)
إذا ما امرؤٌ حاوَلْنَ أن يَقتَتِلنَه
وقُتِلت الخمرُ بالماء، إذا مُزِجَت؛ وهذه من حَسَن الاستعارة. قال:
قُتِلَتْ قُتِلْتَ فهاتها لم تُقتَلِ(7)
إنّ التي عاطَيتَني فرددتُها
__________
(1) في اللسان (قتع): "دود تقصف". ورواية المجمل مطابقة للمقاييس. وصدره في اللسان:
* غداة غادرتهم قتلى كأنهم *
... ورواية الجمهرة:
خشب تنقب في أجوافها القتع
غادرتهم باللوى قتلى كأنهم
(2) الجمهرة (2: 21).
(3) التكملة من المجمل.
(4) أنشده في المجمل واللسان (قتل).
(5) من معلقته المشهورة.
(6) ديوان ذي الرمة 487 واللسان (قتل) وأمالي القالي (2: 264) والأضداد 220.
(7) البيت لحسان بن ثابت في ديوانه 311 واللسان (قتل).(5/47)
ومما شَذَّ عن هذا الباب ويمكنُ أن يقاسَ عليه بلُطف نَظَرٍ: القِتْل: العدوّ، وجمعه أقتال. قال:
في بلادٍ كثيرةِ الأقتالِ(1)
واغترابِي عن عامرِ بن لؤيٍّ
ووجهُ قياسِه أن يجعل القِتل هو الذي يقاتِل كالسِّبِّ الذي [يُسَابُّ(2)]. وليس هذا ببعيد. وقولُهم: هما قِتْلانِ، أي مثلان، وهو من هذا. فأمّا القَتَال فيقال هي النَّفْس(3)، يقال: ناقةٌ ذات قَتَالٍ، إذا كَانتْ وثيقةً. وقال بعضُ أهلِ العلم: هذا إبدالٌ، والأصل الكَتَال. وهو يدلُّ على تجمُّع الجسم، يقال: تكتَّلَ الشَّيءُ، إذا تجمَّع. وهذا وجهٌ جَيِّد.
قتم- قتن - قتو
(قتم) القاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غُبْرَةٍ وسَواد. وكلُّ لونٍ يعلوه سوادٌ فهو أقْتَمُ. ويقال: القَتَام: الغُبار الأسود، ومنه بازٍ أقتمُ الرِّيش.ومكانٌ قاتِمٌ، مُغْبَرٌّ مظلمُ النَّواحي. قال رؤبة:
* وقاتِم الأعماقِ خاوِي المخْترَقْ(4) *
(قتن) القاف والتاء والنون كلمة صحيحة. يقولون. القَتِين: المرأةُ القليلة الطُّعم، وقد قَتُنَتْ قَتانةً. قال الشّماخ:
بدِرَّتِها قِرَى جَحِنٍ قَتِينِ(5)
وقد عَرقَتْ مغابِنُها فجادَتْ
أراد به القُرَادَ القليلَ الدّم.
(قتو) القاف والتاء والواو. يقولون: القَتْو: حُسْنُ الخدمة. وفلان يَقتُو الملوكَ: يخدُمهم. قال:
أُحسِنُ قَتْوَ الملوكِ والخَببا(6)
__________
(1) البيت لابن قيس الرقيات في ديوانه 208 واللسان (قتل) وإصلاح المنطق 19.
(2) تكملة يقتضيها الكلام، وفي المعاجم المتداولة: "السّب: الذي يسابك".
(3) في اللسان: "القتال: النفس، وقيل بقيتها".
(4) ديوان رؤبة 104 وأراجيز العرب للسيد البكري 22 حيث شرح الأرجوزة واللسان (قتم).
(5) ديوان الشماخ 95 واللسان (جحن، حجن، قتن)، وسبق إنشاده في (جحن).
(6) أنشد عجزه في اللسان (خبب)، وأنشده كاملاً في (قتا). وصدره فيه:
* إني امرؤ من بني خزيمة لا *
... وصدره في مجالس ثعلب 524:
* إني امرؤ عاكب القتامة لا *(5/48)
…………...……لا
فأمَّا المَقْتوِيُّ والمَقْتَوِينُ…(1).
قتب – قثد – قثم - قثا
(قتب) القاف والتاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على آلة من آلات الرِّحال أو غيرها. فالقَتَب للجمل معروفٌ. ويقال للإبل تُوضَع عليها أحمالها: قَتُوبة. قال ابنُ دريد: [القَتَب(2)]: قَتَب البعير، إذا كان ممَّا يحمل عليه، فإنْ كان من آلة السّانية فهو قِتْب بكسر القاف. وأمَّا الأقتابُ فهي الأمعاء، واحدها قتب(3)، وتصغيرها قُتَيْبة، وذلك على معنى التّشبيهِ بأقتاب الرِّحال.
(باب القاف والثاء وما يثلثهما)
(قثد) القاف والثاء والدال ليس بشيء، غير أنَّه يقال: القَثَد: نبتٌ.
(قثم) القاف والثاء والميم أصلٌ يدلُّ على جمعٍ وإعطاء. من ذلك قولهم: قَثَمَ مِن مالِهِ، إذا أعطاه. ورجلٌ قُثَمٌ: مِعْطاء. والقَثُوم: الرّجُل الجَموع للخير. قال:
وللصُّغَراء أكلٌ واقتِثامُ(4)
فللكُبَراءِ أكلٌ كيف شاؤوا
(قثا) القاف والثاء والألف الممدودة. القِثَّاءُ معروف.
قحد – قحر – قحز - قحط
(باب القاف والحاء وما يثلثهما)
__________
(1) كذا ورد الكلام مبتوراً. وفي المجمل: "والمقتوي الخادم". وفي اللسان: "والمقاتية هم الخدام، الواحد مقتويّ بفتح الميم وتشديد الياء، كأنه منسوب إلى المقتي، وهو مصدر…. ويجوز تخفيف ياء النسبة… وإذا جمعت بالنون خففت الياء مقتوون، وفي الخفض والنصب مقتوين، كما قالوا أشعرين… ويروى عن المفضل وأبي زيد أن أبا عون الحرمازي قال: رجل مقتوين ورجلان مقتوين ورجال مقتوين، كله سواء".
(2) التكملة من المجمل والجمهرة (1: 196).
(3) يقال بالكسر وبالتحريك أيضاً، وكذلك القتبة بالكسر.
(4) أنشده في المجمل، وأنشده في اللسان (قثم) وقبله:
كأن الأرض ليس بها هشام
لأصبح بطن مكة مقشعرا
وفوق جفانه شحم ركام
يظل كأنه أثناء سرط
... والشعر للحارث بن خالد بن العاص كما في الاشتقاق 101 والأغاني (15: 18).(5/49)
(قحد) القاف والحاء والدال كلمةٌ واحدة هي القَحَدَة: أصلُ السَّنام، والجمع قِحادٌ. وناقة مِقْحادٌ: ضخمة السَّنام.
(قحر) القاف والحاء والراء كلمةٌ واحدة، وهي القَحْر، يقال إنَّه الفحلُ المُسِنُّ على بقيّةٍ فيه وجَلَد. وقد يقال للرَّجُل. والقُحارِيَةُ مثل القَحْر.وامرأة قَحْرةٌ: مُسِنَّة.
(قحز) القاف والحاء والزاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على قَلَقٍ أو إقلاقٍ وإزعاج. من ذلك القَحْزُ، وهو الوَثَبَانُ والقَلَقُ. والقاحِزَات: الشدائد المُزعجات من الأمور.
قال ابنُ دريد(1): القَحْزُ: أن يَرمِيَ الرّامي السّهمَ فيسقطَ بين يدَيه. قَحَزَ السَّهم قَحْزاً. قال:
* إذا تَنَزَّى قاحِزاتُ القَحْزِ(2) *
والقُحازُ: داء يصيبُ الغَنَم.
(قحط) القاف والحاء والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على احتباسِ الخير، ثمّ يستعار. فالقَحْط: احتباس المطَر؛ أقَحطَ النّاسُ، إذا وقعوا في القَحْط. وأقْحَطَ الرّجلُ، إذا خالط أهلَه ولم يُنْزِل. وقَحْطانُ: أبو اليَمَن.
قحف – قحل – قحم - قحو
(قحف) القاف والحاء والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شدّةٍ في شيء وصلابة. يقال: القَحْف. شِدَّةُ الشُّرب. ويقولون: "اليومَ قِحافٌ وغَداً نِقافٌ(3)". والقاحف من المطر: الشَّديد يَقْحَفُ كلَّ شيء. ومن الباب القِحْف: العظم فوقَ الدِّماغ، والجمع أقحاف. وقحفتُه: ضرَبْتُ قِحفَه.
(قحل) القاف والحاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على يُبْسٍ في الشيء وجفَاف. فالقَحَل: اليُبْس. والقاحل: اليابس، قَحَل يَقْحَل، وقَحِلَ يَقْحَل. وقَحَِلَ الشَّيخُ: يَبِس جلدُه على عَظْمِه. ورجلٌ قَحْلٌ وإنْقَحْلٌ. والقُحال: داءٌ يُصيب الغَنَمَ فتجفُّ جلودُها.
__________
(1) الجمهرة (2: 148).
(2) البيت لرؤبة في ديوانه 64 والجمهرة واللسان (قحز).
(3) النقاف، بكسر النون: القتال. وفي المجمل: "ثقاف"، صوابه في المقاييس واللسان (قحف، نقف) قال في (نقف): "ومن رواه: وغداً ثقاف فقد صحف".(5/50)
(قحم) القاف والحاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تورُّدِ الشيءِ بأدنى جفاءٍ وإقدام. يقال: قَحَمَ في الأمور قُحُوماً: رمَى بنفسه فيها من غير دُرْبة. وقُحَمُ [الطَّرِيق(1)]: مصاعبه. ويقال: إنَّ المَقاحِيمَ من الإبل: التي تقتحم الشَّوْلَ من غير إرسال. والقَحْم: البَعير يُثْنِي ويُرْبِعُ في سنةٍ واحدة، فيُقْحِم سِنَّاً على سنّ. وقَحَّم الفَرَسُ فارسَه على وجهه، إذا رَماه. ويقولون: "إنَّ للخُصومة قُحَماً" أي إنَّها تقحِّم بصاحبها على ما لا يَهواه. والقُحْمة: السَّنة تُقحِم الأعرابَ بلادَ الرِّيف.
(قحو) القاف والحاء والواو كلمةٌ واحدة. يقولون: القَحْو تأسيس الأُقحوان، وتقديره أُفْعُلاَن، ولو جعل في دواءٍ لقيل مَقْحُوٌّ، وجمعه الأقاحِي(2).
قحب – قدر
والأُقحوانة: موضع.
(قحب) القاف والحاء والباء كلمةٌ تدلُّ على سُعَال الخيل والإبل، وربما جُعِل للنَّاس.
(باب القاف والدال وما يثلثهما)
(قدر) القاف والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَبْلَغ الشَّيء وكُنهه ونهايته. فالقدر: مبلغُ كلِّ شيء. يقال: قَدْرُه كذا، أي مبلغُه. وكذلك القَدَر. وقَدَرتُ الشّيءَ أَقْدِرُه وأَقْدُرُه من التقدير، وقدَّرته أُقَدِّره. والقَدْر: قضاء الله تعالى الأشياءَ على مبالغها ونهاياتها التي أرادَها لها، وهو القَدَرُ أيضاً. قال في القَدَر:
خَلِّ الطَّريقَ لمن يبنِي المَنَارَ به
وابْرُزْ بِبَرْزَةَ حيثُ اضطرَّكَ القَدَرُ(3)
وقال في القَدْر بسكون الدال:
مع القَدْرِ إلاَّ حاجةٌ لي أريدُها(4)]
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) يقال بتشديد الياء وتخفيفها.
(3) البيت لجرير في ديوانه 284 واللسان (برز). وبرزة، بفتح الباء: اسم أم عمر بن لجأ التيمي، الذي هجاه جرير بقصيدة البيت.
(4) موضع البيت بياض في الأصل، وإثباته من اللسان (قدر) وإصلاح المنطق 109. والبيت للفرزدق، وليس في ديوانه، ورواه جامع الديوان عن اللسان.(5/51)
[وما صبَّ رِجلِي في حديدِ مجاشعٍ
ومن الباب الأَقْدَرُ من الخيل، وهو الذي تقعُ رِجلاهُ مَوَاقِعَ يَدَيْه، كأن ذلك قدَّرَه تقديراً. قال:
قدس
كميتٌ لا أحَقُّ ولا شئيتُ(1)
وأقْدَرُ مُشرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ
وقوله تعالى: { ومَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ } [الأنعام 91]، قال المفسرون: ما عظَّموا اللهَ حقَّ عظمته. وهذا صحيحٌ، وتلخيصهُ أنَّهم لم يصفوه بصِفَته التي تَنْبَغِي له تعالى.
وقوله تعالى: { وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ } [الطلاق 7] فمعناه قُتِر. وقياسه أنَّه أُعْطِيَ ذلك بِقَدْر يسير. وقُدْرَةُ الله تعالى على خليقته: إيتاؤهم بالمبلغ الذي يشاؤه ويريده، والقياس فيه وفي الذي قبلَه سواء. ويقولون: رجلٌ ذو قُدرةٍ وذو مَقدِرة، أي يسار. ومعناه أنه يبلُغُ بيسارِه وغِنائِه من الأُمور المبلغَ الذي يوافق إرادتَه. ويقولون: الأقدر من الرِّجال: القصير العنُق؛ وهو القياسُ كأنَّ عُنقَه قد قُدِرت.
ومما شذَّ أيضاً عن هذا القياس القِدر، وهي معروفةٌ. والقَدِير: اللَّحمُ يُطبخ في القِدر. والقُدَار فيما يقولون: الجَزّار، ويقال الطَّباخ، وهو أشْبَه.
ومما شذَّ أيضاً قولُهم: القُدَار: الثُّعبان العظيم وفيه نظر.
(قدس) القاف والدال والسين أصلٌ صحيح، وأظنه من الكلام الشرعيِّ الإسلاميّ، وهو يدلُّ على الطهْر.
ومن ذلك الأرضُ المقدَّسة هي المطهَّرة. وتسمَّى الجنَّة حَظِيرةَ القُدْس، أي الطُّهر. وجَبْرَئيلُ عليه السلامُ رُوح القُدُس. وكلُّ ذلك معناه واحد. وفي صِفَة الله تعالى: القُدُّوس*، وهو ذلك المعنى، لأنّه منزَّهٌ عن الأضداد والأنداد،
قدع
__________
(1) البيت لعدي بن خرشة الخطمي، كما في اللسان (شأت، حقق، سطا) وقد سبق في (حق، شأت).(5/52)
والصّاحبةِ والولد، تعالى الله عمَّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً. ويقال: إنَّ القادسيَّة سمِّيت بذلك وإنَّ إبراهيم عليه السلام دعا لها بالقُدْس، وأن تكون مَحَلّة الحاجّ. وقُدْسٌ: جبل. ويقولون: إنَّ القُدَاس: شيءٌ كالجُمانِ يُعمَل من فِضّة. قال:
* كنَظْمِ قُدَاسٍ سِلكُه متقطِّعُ(1) *
(قدع) القاف والدال والعين أصلانِ صحيحانِ متباينان، أحدهما يدلُّ على الكَفِّ عن الشيء، ويدلُّ الآخَر على التهافُتِ في الشَّيء. فالأوَّل القَدْع، من قدعتُه عن الشيء: كفَفْتُه. وقَدَعْت الذُّبابَ: طردتُه عنِّي. قال:
بأذنابٍ كأجنحة النُّسُورِ
قياماً تقَدعُ الذِّبَّانَ عنها
وامرأةٌ قَدِعَةٌ: قليلةُ الكلام حَيِيَّة، كأنَّها كفَّت نفسَها عن الكلام. وقَدَعْتُ الفَرَسَ باللِّجام: كبحتُه. والمِقدعة: العصا تَقْدَعُ بها عن نَفْسك.
قال ابن دُريد(2): تقادَعَ القومُ بالرماح: تطاعَنُوا. وقياس ذلك كلِّه واحد.
والأصل الآخر: التهافت(3). قالوا: القَدوع: المنصَبُّ على الشيء. يقال: تقادَعَ الفَراشُ في النَّار، إذا تهافَتَ. وتقادَعَ القومُ بعضُهم في إثرِ بعضٍ: تساقطُوا. وفي الحديث في ذكر الصِّراط: "فيتقادَعُون تَقادُعَ الفَراشِ في النّار".
قدف - قدم
(قدف) القاف والدال والفاء. يقولون: القَدْف: غَرفُ الماء من الحوض. وقيل القُدَاف: جَرَّةٌ من فَخَّار.
__________
(1) أنشده هذا العجز في المجمل. وصدره في اللسان (قدس):
* تحدر دمع العين منها فخلته *
(2) الجمهرة (2: 279).
(3) في الأصل: "التقاعد".(5/53)
(قدم) القاف والدال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على سَبْق ورَعْف(1) ثم يفرَّع منه ما يقاربُه: يقولون: القِدَم: خلاف الحُدوث. ويقال: شيءٌ قديم، إذا كان زمانُهُ سالفاً. وأصله قولُهم: مضَى فُلاَنٌ قُدُماً: لم يعرِّج ولم ينْثَنِ. وربما صغَّروا القُدّام قُدَيْدِيماً(2) وقُدَيْدِيمةٌ. قال القُطاميُّ:
قُدَيديمَةُ التَّحريبِ والحِلْم إنَّني
أرى غَفَلات العيشِ قَبْلَ التَّجَارِبِ(3)
ويقال: ضُرِب فرَكِب مقاديمَه، إذا وقَع على وجهه. وقادِمَة الرَّحْلِ: خلاف آخِرَته. والقادمة من أطْبَاء النَّاقة: ما وَلِيَ السُّرَّة. ولفلانٍ قدمُ صدقٍ، أي شيءٌ متقدِّم من أثَر حسَن.
ومن الباب: قَدِم من سفره قُدوماً، وأقْدَم على الشيء إقداماً.
قال ابن دريد(4): وقادِمُ الإنسان: رأسُه، والجمع قوادم. قال: ولا يكادون يتكلَّمون بالواحد. وقوادم الطَّير: مقاديم الرِّيش، عشرٌ في كلِّ جَناحٍ، الواحدةُ
قدو
قادمة، وهي القُدَامى. ومُقدِّمَة(5) الجيش: أوّله: وأقْدِمْ(6): زجرٌ للفَرس، كأنّه يؤمر بالإقدام. ومضَى القوم في الحرب اليقدُمِيَّة، إذا تقدَّموا. قال:
الضَّاربين اليقدمِيَّةَ بالمُهَنَّدَةِ الصفائحْ(7)
وقَيدُوم الجبلِ: أنفٌ يتقدَّم منه وقوله:
__________
(1) الرعف: السبق، رعفه يرعفه: سبقه وتقدمه.
(2) في الأصل: "قديدما"، صوابه في اللسان. ويقال في تصغيرها أيضاً: "قديدمة" بياء واحدة.
(3) ديوان القطامي 50 واللسان (قدم). وقد سبق إنشاده في (2: 341).
(4) في الجمهرة (2: 293).
(5) ضبط في المجمل بكسر الدال، وهو المشهور فيه. وفي اللسان: "قال البطليوسي: ولو فتحت الدال لم يكن لحناً؛ لأن غيره قدمه".
(6) ويقال أيضاً "أقدم" بضم الدال، كما في اللسان.
(7) البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه 21 والسيرة 532. وأنشده في اللسان (قدم) بدون نسبة. والرواية في جميعها: "التقدمية"، وهي بالتاء لغة في "اليقدمية".(5/54)
ضَرْبَ القُدَارِ نَقيعةَ القُدّامِ(1)
إنَّا لنَضرِب بالسُّيوف رؤوسَهم
فقال قوم: القُدَّام: الملك. وهذا قياسٌ صحيح، لأنَّ الملِك هو المُقدَّم. ويقال: القُدَّام: القادمون من سَفَر. وقَدَمُ الإنسان معروفةٌ، ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها آلة للتقدُّم والسَّبْق.
ومما شذَّ عن هذا الأصل القَدُوم: الحديدة يُنحَتُ بها، وهي معروفة. والقَدُوم: مكان. وفي الحديث: "اختتن إبراهيمُ عليه السَّلام بالقَدُوم".
(قدو) القاف والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على اقتباسٍ بالشَّيء واهتداء، ومُقادَرة في الشيء حتى يأتي به مساوياً لغيره.
من ذلك قولهم: هذا قِدَى رُمْحٍ، أي قيسُه. وفلان قُِدوةٌ(2): يُقتدَى به.
ويقولون: إنَّ القَدْوَ: الأصل الذي يتشعَّب منه الفروع.
قدح
ومن الباب: فلانٌ يَقْدُو به فرسُه، إذا لزم سَنَن السِّيرة. وإنما سمِّي قدْواً لأنَّه تقديرٌ في السَّير. وتقدَّى فلانٌ على دابَّته، إذا سار سِيرةً على استقامة. ويقال: أتتْنا قاديةٌ من النَّاس، وهم أوَّل مَن يطرأ* عليك. وقد قدَتْ تَقدِي. وكلُّ ذلك من تقدير السَّير.
ومما شذَّ عن هذا الباب القَدْو: مصدر قَدَا اللَّحْمُ يَقْدُو [قَدْواً(3)] ويَقْدِي قَدْيَاً، إذا شمِمتَ له رائحةً طيّبة. ويقولون: رجلٌ قِنْدَأْوٌ: شديد الظَّهر قصير العُنق.
(قدح) القاف والدّال والحاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على شيءٍ كالهَزْم في الشيء، والآخر يدلُّ على غَرْفِ شيء.
فالأوَّل القَدْح: فِعْلُك إذا قَدَحْت الشيء. والقَدْح: تأكُّلٌ يقع في الشَّجرِ والأسنان. والقادحة: الدُّودة تأكل الشَّجرة. ومنه قولهُم: قدَحَ في نَسَبه: طَعَن. وقال في تأكُّل الأسنان:
__________
(1) لمهلهل، في اللسان (قدر، نقع، قدم) وقد نبه في (نقع) على رواية المقاييس. وروى: "إنا لنضرب بالصوارم هامهم"، وفي (قدم): "بالصوارم هامها".
(2) يقال بكسر القاف وضمها.
(3) التكملة من المجمل واللسان.(5/55)
وفي الغُرِّ من أنيابها بالقوادحِ(1)
رمَى الله في عينَيْ بُثينةَ بالقَذَى
ومن الباب القِدْح، وهو السَّهْم بلا نَصلٍ ولا قُذَذ؛ وكأنَّه سمِّي بذلك يُقْدح به أو يمكنُ القَدْح به. والقِدح: الواحدُ من قِداح الميسر، وهذا على التَّشبيه ومن الباب: قُدِّح الفرسُ تقديحاً، إذا ضمِّر حتى يصير مثل القدح. ومن
قذع - قذف
الباب: قَدَّحَتِ العينُ: غارت. ويقال قَدَحَتْ. وقَدَحْتُ النَّار، وقَدحتُ العين: أخرجتُ ماءَها الفاسد.
والأصل الآخر القَدِيح: ما يبقى في أسفل القِدْر فيُغرَف بجُهْد. قال:
كما ابتدرتْ كلبٌ مياهَ قُرَاقِرِ(2)
فظلَّ الإماء يبتدِرْن قديحَها
وقَدَحْتُ القِدر: غرفتُ ما فيها. وركيٌّ قَدُوح(3): تُغْرَف باليد. والقَدَح من الآنية من هذا، لأنّ به يُغرَف الشيء.
(باب القاف والذال وما يثلثهما)
(قذع) القاف والذال والعين كلمةٌ تدل على الفُحْش. من ذلك القَذَع: الخَنا والرَّفَث. وقد أقْذَعَ فلانٌ: أتَى بالقَذَع. وفي الحديث: "من قال في الإسلام شعراً مُقْذِعاً فلسانُهُ هَدَرٌ". وقذَعتُ فلاناً وأقذَعتُه: رميتُهُ بالفُحْش. وقد أقذَعْتُ: أتيتُ بفُحْش.
(قذف) القاف والذال والفاء أصلٌ يدلُّ على الرَّمي والطَّرح. يقال: قَذَفَ الشَّيءَ يقذِفُه قذْفاً، إذا رمى به. وبلدةٌ قَذوف، أي طَرُوحٌ لبُعدها تَترامى بالسَّفْر. ومنزلٌ قَذَفٌ وقذيف، أي بعيد. وناقةٌ مقذوفة باللَّحم، كأنها رُمِيت
__________
(1) البيت لجميل، في ديوانه، واللسان والتاج (قدح) وأمالي القالي (2: 109) وفي الأصل: "وفى الله في عيني ثنية".
(2) البيت للنابغة الذبياني، كما في اللسان والتاج (قدح)، وليس في ديوانه. وهذا البيت أورده الجوهري: "فظل الإماء" كما في رواية ابن فارس، قال ابن فارس: وصوابه "يظل"؛ لأن قبله:
لآل الجلاح كابرا بعد كابر
بقية قدر من قدور توورثت
(3) في الأصل: "قديح"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.(5/56)
قذل- قذم - قذي
به. والقِذاف: سرعة السَّير. وفرسٌ [متقاذفٌ(1)] سريع العَدْو، كأنَّه يَترامَى في عَدْوه.
ومن الباب أقذافُ الجبلِ: نواحِيه، الواحد قَذَف. والقَذيفة: الشيءُ يُرمَى به. قال:
فصارت ضَواةً في لهازِمِ ضِرزِمِ(2)
قذيفةُ شيطانٍ رجيمٍ رمَى بها
الضَّواة: السِّلْعة. والضِّرْزِم. الناقة المسِنَّة. وقَذَفَ: قاءَ، كأنَّه رمَى به.
(قذل) القاف والذال واللام كلمةٌ واحدة، وهي القَذَل: جِمَاعُ مؤخَّر الرّأْس. ويقال: قذَلْتُه: ضربت قَذَالَه. ويقولون: إنَّ القَذْل: المَيل والجَور.
(قذم) القاف والذال والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على سَعَة وكثْرة. من ذلك القَذْم: العَطاء الكثير، يقال قَذَم له. ومن الباب القِذَمُّ: الفرس السَّريع. ورجل قُذَم: كثير الأخْذ من الشيء إذا تمكَّنَ(3)منه.
(قذي) القاف والذال والحرف المعتل كلمةٌ واحدة تدلُّ على خلافِ الصَّفاءِ والخُلوص. من ذلك القَذَى في الشَّراب: ما وَقَع فيه فأفسَدَه. والقَذَى في العين، يقال: قَذَتْ عينُه تَقْذِي، إذا ألقت القَذَى، وقذِيَت تَقْذَى، إذا صار فيها القَذَى. وقَذَّيتُها: أخرجتُ منها القَذَى.
قذر – قرس - قرش
(قذر) القاف والذال والراء كلمةٌ تدلُّ على خِلاف النَّظافة. يقال: شيء قذِرٌ، بيِّن القَذَر. وقَذِرت الشيء، واستقذرته، فإذا وجدتَه كذلك قلت: أقذَرْتُه. وقذِرْتُ الشّيءَ: كرهتُه قَذَراً قال:
* وقَذَرِي ما ليس بالمقذُورِ(4)
__________
(1) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.
(2) في الأصل: "به"، صوابه في المجمل واللسان. والبيت لمزرد بن ضرار أخي الشماخ. اللسان (قذف، ضوا، ضرزم) وإصلاح المنطق 448. وقد سبق عجزه في (ضوى).
(3) هذا المعنى لم يرد في المعاجم المتداولة، ويطابقه ما في المجمل والذي في المعاجم أن "القذم" كزفر، و"القذم" كهجف، هو الكثير العطاء.
(4) العجاج في ديوانه 26 والمجمل واللسان (قذر). وقبله:
سيري وإشفاقي على بعيري
جاري لا تستنكري عذيري
* وحذري ما ليس بالمحذور *(5/57)
*
ورجل قاذورة: لا يخالُّ ولا ينازِلُ الناس. وناقةٌ قَذورٌ: عزيزة النَّفْس لا تَرْعَى مع الإبل. ورجل مقذورٌ، كالمُقْذَر. قال* الكلابيّ: رجلٌ قُذَرَة: يتنَزَّه عن الملائم.
(باب القاف والراء وما يثلثهما)
(قرس) القاف والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على برد. من ذلك القَرْس: البَرد. وقَرِس الإنسانُ قَرَساً، إذا لم يستطع أن يعمل بيديه من شِدّة البَرد. قال أبو زُبَيد:
كما تَصَلّى المقرورُ من قَرسِ
وقد تصَلَّيت حَرَّ حربِهِمُ
يقال أقرسَه البرد. ومما ليس من هذا الباب القُرَاسِية: الجملُ الضَّخم.
(قرش) القاف والراء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على الجمع والتجمُّع. فالقَرْش: الجمع، يقال تَقَرَّشُوا، إذا تجمَّعوا. ويقولون: إنَّ قُريشاً سمِّيت بذلك. والمُقَرِّشة: السَّنة المَحْل، لأنَّ النّاسَ يضمُّون مواشِيَهم. ويقال: تقارَشَت الرِّماح
قرص – قرض
في الحَرْب، إذا تداخَلَ بعضُها في بعض. ويقولون: إنَّ قريشاً: دابَّةٌ تسكن البحر تغلبُ سائرَ الدَّوابّ. قال:
ـرَ بها سمِّيت قريشٌ قريشا(1)
وقريشٌ هي التي تَسْكُن البحـ
(قرص) القاف والراء والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على قبضِ شيء بأطراف الأصابع مع نبْرٍ(2) يكون. من ذلك: قَرَصتُه أقرُصُه قَرْصاً. والقُرْص معروفٌ، لأنّه عجينٌ يُقرَص قَرْصاً. وقرَّصت المرأةُ العجين: قَطَّعته قُرصةً قُرصة. ولَبَن قارصٌ: يَحذِي اللِّسان، كأنَّه يقرُصه قرصاً. ومن الباب: القوارص، وهي الشَّتائم، كأنَّ العِرْضَ يُقرَص قرصاً إذا قيل فيه ما لا يَحسُن. قال:
وقد يملأُ القطرُ الإناءَ فيُفعِمُ(3)
__________
(1) البيت للمشمرخ بن عمرو الحميري، كما في الخزانة (1: 98) حيث تجد جملة الأقوال في تعليل تسمية قريش. وأنشده في المجمل واللسان (قرش) بدون نسبة. وانظر صبح الأعشى (1: 35).
(2) نبر، أي ارتفاع، وفي الأصل: "نتر".
(3) الفرزدق في ديوانه 657 واللسان (قرص). وقبله:
وما كاد عني ودهم يتصرم
تصرم عني ود بكر بن وائل(5/58)
قوارصُ تأتِيني وتَحتقرونها
قال ابن دُريد: "حُلِيٌّ مقرَّص، أي مرصَّع بالجواهر(1)"، وكأنَّ ذلك يكون مستديراً على صُورة القُرص.
ومما ليس من هذا الباب القُرَّاص: نبات(2).
(قرض) القاف والراء والضاد أصلٌ صحيحٌ، وهو يدلُّ على القطع. يقال: قَرَضت الشيءَ بالمقراض. والقَرْض: ما تُعطيه الإنسانَ من مالك لتُقْضَاه،
قرط - قرع
وكأنَّه شيء قد قطعتَه من مالك. والقِراض في التِّجارة، هو من هذا، وكأنَّ صاحب المال قد قَطَع من ماله طائفةً وأعطاها مُقارِضَهُ ليتّجر فيها. ويقولون: [القريض(3)]: الجرة، في قولهم: "حالَ الجريضُ دُونَ القريض"؛ [والظاهر أنه أريد به(4)] الشِّعر، وهو أصح. ويقال: إنَّ فلاناً وفلاناً يتقارضان الثَّناء، إذا أثنَى كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه. وكأنَّ معنى هذا أنَّ كلَّ واحدٍ منهما أقْرَضَ صاحبَه ثناءً كقَرضِ المال. وهو يَرْجع إلى القياس الذي ذكرناه.
(قرط) القاف والراء والطاء ثلاثُ كلماتٍ عن غير قياس.
فالأولَى القُرْط، وهو معروفٌ، وقَرَّطَ فلانٌ فرسَه العنانَ، إذا طَرحَ اللِّجام في رأسه.
والثانية القُِرْطانُ والقُِرطاطُ للسَّرج، بمنْزلة الوَلِيَّة للرَّحْل. وربما استُعمل للرَّحل.
ويقال: ما جادَ فلانٌ بِقرْطيطةٍ، أي بشيءٍ يسير.
__________
(1) الجمهرة (2: 357).
(2) قيل إنه "البابونج".
(3) التكملة من المجمل.
(4) التكملة من المجمل.(5/59)
(قرع) القاف والراء والعين معظمُ البابِ ضربُ الشيء. يقال قَرَعْتُ الشيءَ أقرَعُه: ضربتُه. ومُقارَعة الأبطال: قَرعُ بعضِهم بعضاً. والقَريع: الفَحْل، لأنَّه يَقرع الناقة. والإقراع والمُقارَعة: هي المساهمَة. وسمِّيت بذلك لأنَّها شيءٌ كأنَّه يُضرَب. وقارعتُ فلاناً فقرعتُه، أي أصابتني القُرعةُ دونَه. والقارعة: الشَّديدة من شدائد الدهر؛ وسمِّيت بذلك لأنَّها تقرع الناس، أي تضربُهم بشدَّتها. والقارعة: القِيامةُ، لأنَّها تَضرِبُ وتُصيب النَّاسَ بإقراعها. وقوارِعُ القرآن: الآياتُ التي مَن قَرأها لم يُصِبْه فزَع. وكأنها –واللهُ أعلمُ- سمِّيت بذلك
قرف
لأنَّها تَقْرَع الجِنّ: والشَّاربُ يَقرَعُ بالإناء جبهته، إذا اشتفَّ ما فيه. ويقال* أقرَعَ الدَّابةَ بلجامِهِ، إذا كَبَحه.
ومن الباب: قولهم: رجلٌ قَرِعٌ، إذا كان يَقبل مشورةَ المُشير. ومعنى هذا أنَّه قُرِع بكلامٍ في ذلك فقبِله. فإنْ كان لا يقبلُها قيل: فلانٌ لا يُقرَع. ويقولون: أقرَعْتُ إلى الحقِّ إقراعاً: رجَعت.
ومن الباب القَرِيع، وهو السيِّد، سمِّي بذلك لأنه يعوَّلُ عليه في الأمور، فكأنَّهُ يقرَع بكثرةِ ما يُسأل ويستعان بهِ فيه. والدَّليل على هذا أنَّهم يسمُّونه مقروعاً أيضاً.
ثم يُحمَل على هذا ويستعار، فقالوا: أقرَعَ فلانٌ فلاناً: أعطاه خيرَ مالِه.
وخيارُ المال: قُرعتُه، وسمِّي لأنَّه يعَوَّل عليه في النَّوائب كما قلناه في القَرِيع.
وممّا اتّسعوا فيه والأصل ما ذكرناه: القَريعة، وهو خير بيتٍ في الرّبع، إن كان بَرْدٌ فخيارُ كِنِّهِ، وإن كان حرٌّ فخِيارُ ظلِّه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل القَرَع، وفَصِيلٌ مقرَّع. قال أوس:
يُجَرُّ كما جُرَّ الفصيلُ المقرَّعُ(1)
لدى كلِّ أُخدودٍ يغادرنَ دارعاً
والقَرَع أيضاً: ذَهابُ الشَّعَْر(2) من الرأس.
__________
(1) ديوان أوس 11 واللسان (قرع).
(2) في الأصل: "الشيء"، صوابه في المجمل.(5/60)
(قرف) القاف والراء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مخالطةِ الشيء
قرف
والالتباس به وادِّراعِه. وأصل ذلك القَرْف، وهو كلُّ قَشْر. ومنه قِرْفُ الخُبْز، وسمِّي قِرفاً وقَرْفاً(1) لأنه لباسُ ما عليه.
ومن الباب القَرْف: شيءٌ يُعمَل من جلودٍ يعمل فيه الخَلْع. والخلْع: أن يُؤخذ اللحمُ فيُطبخَ ويجعلَ فيه توابل، ثم يُفرَغ في هذا الخَلْع. قال:
بأنْ كَذَب القراطفُ والقُروف(2)
وذُبْيانيَّةٍ وَصَّتْ بَنِيها
ومن الباب: اقترفْتُ الشيء: اكتسبتُه، وكأنه لابَسَه وادَّرَعه. وكذلك قولهم: فلانٌ يُقرَف بكذا، أي يُرمَى به. ويقال للَّذِي يُتَّهم بالأمر: القِرْفةُ، يقول الرّجلُ إذا ضاع له شيءٌ: فلانٌ قِرْفَتي، أي الذي أتَّهِمُه، كأنَّه قد ألبسه الظِّنَّة. و [بنو(3)] فلانٍ قِرْفَتِي، أي الذي عندهم أظنُّ طَلِبَتي وبُغيتي. ويقولون: سَلْ بني فلانٍ عن ناقتك فإنَّهم قِرْفةٌ، أي تجدُ خَبَرها عنْدهم. وقياسُه ما قد ذكرناه. والفَرسُ المُقْرِف: المُدانِي الهُجْنة. يقولون: إن الْمُقرِف: الذي أبوهُ هجينٌ وأمُّه عربيّة. قال الشاعر(4):
وإن يكُ إقرافٌ فمن قِبَلِ الفَحلِ(5)
فإنْ نُتِجَتْ مُهراً كريماً فبالحَرَى
قرق - قرم
__________
(1) كذا في الأصل. وفي المجمل وسائر المعاجم: "القرف" بالكسر فقط.
(2) البيت لمعقر بن حمار البارقيّ، كما في اللسان (قرف، كذب) وإصلاح المنطق 17، 77، 324.
(3) التكملة من اللسان.
(4) هو حميدة بنت النعمان بن بشير، زوج روح بن زنباع. الأغاني (14: 125) وتنبيه البكري 31. وفي اللسان (سلل، هجن) أنها هند بنت النعمان بن بشير تقوله لزوجها روح بن زنباع.
(5) كذا على الإقواء، ويطابقه ما في اللسان (هجن) وروى البكري: "فما أنجب الفحل" بلا إقواء، وقبله:
سليلة أفراس تجللها بغل
وما هند إلا مهرة عربية(5/61)
وقارفَ فلانٌ الخطيئةَ: خالَطَها. وقارفَ امرأتَه: جامَعَها؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما لباسُ صاحبِهِ. والقَرَفُ: الوَباء يكون بالبلد، كأنَّه شيء يصير مرضاً لأهله كاللِّباس. وفي الحديث أنَّ قوماً [شَكَوْا إليه(1)] وَبأَ أرضِهم فقال: "تَحوَّلُوا فإنَّ مِن القَرَف التَّلَفَ".
(قرق) القاف والراء والقاف كلمةٌ واحدة. يقولون: القَرِق: القاع الأملس. قال:
أيدي جوَارٍ يتعاطَيْنَ الوَرِقْ(2)
كأنَّ أيديهنَّ بالقاعِ القَرِقْ
(قرم) القاف والراء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حزٍّ أو قطعٍ في شيء. من ذلك القَرْم: قَرْم أنفِ البعير، وهو قطعُ جُليدةٍ منه للسِّمة والعلامةِ، وتلك القُطَيعة القُرامة. وقولهم: القَرْم: السيِّد، وكذلك المُقْرَم، فهو الذي ذكرناه، إنما يُقرَم لكرمه عندهم حتَّى يصير فحلاً، ثم يسمَّى بالقَرْم الذي يُقرَم به. وقال أوس:
تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقرَمِ(3)
إذا مُقْرَمٌ منا ذَرَا حدُّ نابِه
ويقولون: إنَّ القُرَامةَ شيءٌ يُقطَع من كِركرة البعير، يُنتفَعُ به عند القحط ويؤكل. ومنه القُرَامة، وهو ما لَزِق بالتَنُّور من الخبز. وسمِّي بذلك لأنَّه يُقرَم من التَّنُّور، أي ينحَّى عنه.
ومن الباب القَرْم، وهو تناوُلُ الحَمَلِ الحشيشَ أولَ ما يقْرِمُ أطرافَ
قرن
الشَّجَر. والقِرام: السِّتْر: الرّقيق، وهو من قياس الباب، كأنَّه شيءٌ قد غُشِّيَ به الباب، فهو كالقُرمة التي تُقرَم من أنف البعير.
ومما شذَّ عن هذا الباب القَرَم: شدَّةُ شهوةِ اللَّحم.
(قرن) القاف والراء والنون* أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على جَمعِ شيءٍ إلى شيء، والآخَر شيءٌ ينْتَأ بقُوّة وشِدّة.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) الرجز في اللسان (قرق) وإصلاح المنطق 464.
(3) ديوان أوس 27 واللسان (قرم، ذرا، خمط)؛ وقد سبق في (ذرا).(5/62)
فالأوّل: قارنتُ بين الشَّيئين. والقِران: الحبلُ يُقرَن به شيئانِ. والقَرَن: الحَبْل أيضاً. قال جرير:
أنِّي لدَى البابِ كالمشدود في قَرَنِ(1)
بلِّغْ خليفَتَنا إنْ كنتَ لاقِيَه
والقَرَن: جُعَيْبَةٌ صغيرة تُضَمُّ إلى الجَعبة الكبيرة. قال:
* فكلُّهمْ يَمشِي بقَوسٍ وقَرَنْ(2) *
والقَرَن في الحاجبين، إذا التقَيا. وهو مقرونُ الحاجِبين بيِّنُ القَرَن. والقِرْن: قِرنُك في الشَّجاعة. والقَرْن: مثلُك في السِّنِّ. وقياسُهما واحد، وإنَّما فُرِق بينهما بالكسر والفتح لاختلاف الصِّفتين. والقِرَان: أن تقرن بين تَمرتين تأكلهما. والقِرانُ: أن تَقْرِن حَجَّةً بعُمرة. والقَرُون من النُّوق: المُقرَّنة القادِمَين والآخِرَين من أخلافها. والقَرون: التي إذا جَرَتْ وضعت يديها ورجليها
معاً. وقولهم: فلان مُقْرِنٌ لكذا، أي مطيقٌ له. قال الله تعالى:
قرن
{ سُبْحَانَ الَّذي سَخَّرَ لنا هذا وما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ } [الزخرف 13]؛ وهو القياس، لأنَّ معناه أنَّه يجوز أن يكون قِرناً له. والقَرِينة: نَفْس الإنسان، كأنهما قد تقارَنَا. ومن كلامهم: فلانٌ إذا جاذبَتْه قَرينةٌ بَهَرَها، أي إذا قُرِنت به الشَّديدة أطاقَها. وقَرِينةُ الرَّجُلِ: امرأتُه. ويقولون: سامحته قَرِينته وقَرُونته وقَرُونه، أي نفسه. والقارِنُ: الذي معه سَيفٌ ونَبْل.
__________
(1) ديوان جرير 588 واللسان (قرن) والبيان (1: 329). بقوله لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، كما في الديوان والبيان. وفي اللسان: "أبلغ أبا مسمع".
(2) قبله في الصحاح واللسان والتاج (قرن) وتنبيه السكري 19 والبيان (3: 107):
* يا ابن هشام أهلك الناس اللبن *(5/63)
والأصلُ الآخر: القَرْن للشّاةِ وغيرها، وهو ناتئ قويّ، وبه يسمَّى على معنى التشبيه الذَّوائبُ قروناً. ومن ذلك قول أبي سفيان في الرُّوم: "ذات القُرون(1)". كان الأصمعيُّ يقول: أراد قرونَ شُعورِهم، وكانوا يطوِّلون ذلك يُعرَفون به. قال مُرقِّش:
جِّ وأهلي بالشَّام ذاتِ القُرونِ(2)
لات هَنَّا وليتني طَرَفَ الزُّ
ومن هذا الباب: القَرْن: عَفَلة الشَّاة تخرج من ثَفْرها. والقَرْن: جُبَيْلٌ صغيرٌ منفرد. ويقولون: قد أقرَنَ رُمحَهُ(3)، إذا رفَعَه. ومما شذَّ عن هذين البابين: القَرْن: الأمَّة من الناس، والجمع قُرون. قال الله سبحانه: { وَقُرُوناً بَيْنَ ذلكَ كَثِيراً(4) } [الفرقان 38].
والقَرْن: الدُّفعة من العَرَق، والجمع قُرون. قال زُهَير:
يُسَنُّ على سنابِكها قُرونُ(5)
نعوِّدُها الطِّرادَ فكلَّ يومٍ
قره - قري
ومن النَّبات: القَرْنُوَة، والجلد المُقَرْنَى: المدبوغُ بها.
(قره) القاف والراء والهاء كلمةٌ إن صحَّت. يقولون: القَرَه في الجلد كالقَلَح في الأسنان، وهو الوَسَخ. يقال: رجلٌ أقْرَهُ وامرأةٌ قرهاء.
__________
(1) في اللسان: "وقال أبو سفيان بن حرب للعباس بن عبد المطلب، حين رأى المسلمين وطاعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعهم إياه حين صلى بهم: ما رأيت كاليوم طاعة قوم ولا فارس الأكارم، ولا الروم ذات القرون".
(2) المفضليات (2: 8) واللسان (قرن) ومعجم البلدان (الزج).
(3) في الأصل: "ريحه"، صوابه في المجمل.
(4) في الأصل: "بين ذلك سبيلا"، تحريف.
(5) ديوان زهير 187 واللسان (قرن). ويروى: "تضمر بالأصائل كل يوم".(5/64)
(قري) القاف والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جمعٍ واجتماعٍ. من ذلك القَرْية، سمِّيت قريةً لاجتماع النَّاس فيها. ويقولون: قَرَيت الماء في المِقْراةِ: جمعتُه، وذلك الماءُ المجموع قَرِيٌّ. وجمع القَرية قُرىً، جاءت على كُسْوةٍ وكُسىً. والمِقْراة: الجفْنة، سمِّيت لاجتماع الضَّيف عليها، أو لما جُمع فيها من طعام.
ومن الباب القَرْو، وهو كالمِعْصَرة(1). قال:
وأنت بين القَرْوِ والعاصر(2)
أرمِي بها البَيداءَ إذْ أعرَضَتْ
والقرو: حوضٌ معروفٌ ممدودٌ عند الحوض العظيم، تَرِدُه الإبل. ومن الباب القَرْو، وهو كلُّ شيءٍ على طريقةٍ واحدة. تقول: رأيت القوم على قَرْوٍ واحد. وقولهم إنَّ القَرْو: القصدُ؛ تقول: قروتُ وقرَيْت، إذا سلكت. وقال النابغة:
* يَقْرُوا الدَّكادِكَ من ذنبان(3) والأكَما *
وهذا عندنا من الأوّل، كأنه يتبعها قريةً قرية. ومن الباب القَرَى: الظَّهر، وسمِّي قرىً لما اجتمع فيه من العِظام. وناقةٌ قَرْواءُ: شديدة الظَّهر. قال:
قري
* مضبورةٍ قَرواء هِرْجابٍ فُنُقْ(4) *
و*لا يقال للبعير أقْرَى.
* * *
وإذا هُمِز هذا الباب كان هو والأوّلُ سواءً. يقولون: ما قرأَتْ هذه النّاقةُ سَلَىً، كأنَّه يُراد أنَّها ما حَملَتْ قطُّ. قال:
هجانِ اللَّونِ لم تَقرأْ جنينا(5)
ذِراعَيْ عَيطلٍ أدماءَ بِكرٍ
__________
(1) ويقال أيضاً لمسيل المعصرة ومثعبها، كما في اللسان والقاموس.
(2) البيت للأعشى في ديوانه 245 واللسان (قرا).
(3) كذا وردت الكلمة في الأصل. وفي الديوان 69: "من لبنان والأكما". وصدره:
* حتى غدا مثل نصل السيف منصلتا *
(4) لرؤبة بن العجاج في ديوانه 104 واللسان (غلا، قرا، هرجب، فنق) وقبله:
* تنشطته كل مغلاة الوهق *
(5) البيت لعمرو بن كلثوم في معلقته المشهورة.(5/65)
قالوا: ومنه القُرآن، كأنَّه سمِّي بذلك لجَمعِه ما فيه من الأحكام والقِصَص وغيرِ ذلك. فأمَّا أقْرأَتِ المرأةُ فيقال إنَّها من هذا أيضاً. وذكروا أنَّها تكون كذا في حال طُهرها، كأنَّها قد جَمَعَتْ دمها في جوفها فلم تُرْخِه. وناسٌ يقولون: إنما إقراؤها: خروجُها من طُهرٍ إلى حيض، أو حيضٍ إلى طُهْر. قالوا: والقُرْء: وقْتٌ، يكونُ للطُّهر مرَّةً وللحيض مرة. ويقولون: هبَّت الرِّياح لقارئها: لوقتِها. وينشدون:
إذا هبَّت لقارِئها الرِّياحُ(1)
شَنِئت العَقْرَ عَقْرَ بنِي شُليلٍ
وجملة هذه الكلمة أنَّها مشكلة. وزعم ناسٌ من الفقهاء أنها لا تكون إلا في الطُّهر فقالوا:(2).....................................................
قرب
......................................................................................................................................................................................................................
وهو من الباب الأول: القارئة، وهو الشَّاهد. ويقولون: الناس قواري الله تعالى في الأرض، هم الشُّهود. وممكنٌ أنْ يُحمَل هذا على ذلك القياس، أي إنَّهم يَقْرُون الأشياءَ حتَّى يجمعوها علماً ثمَّ يشهدون بها.
ومن الباب القِرةُ(3): المال، من الإبل والغنم. والقِرَة: العِيال. وأنشدَ في القرة التي هي المال:
أكثرَ منه قِرَةً وقارا(4)
ما إنْ رأينا ملكاً أغارا
__________
(1) لمالك بن الحارث الهذلي في ديوان الهذليين (3: 83) واللسان (قرأ). وشليل، بهيئة التصغير: جد جرير بن عبد الله البجلي. الاشتقاق 302 وشرح الديوان.
(2) بعده بياض في الأصل بمقدار أربعة أسطر.
(3) الحق أن الكلمة من مادة (وقر)، وهي كالعدة من وعد. ومنه الوقير للغنم.
(4) الرجز للأغلب العجلي، كما في اللسان (وقر، قور). وأنشده في المخصص (7: 133/ 8: 13).(5/66)
ومما شذَّ عن هذا الباب القارية، طرف السِّنان. وحدُّ كلِّ شيءٍ: قارِيَتُه.
(قرب) القاف والراء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خلاف البُعد. يقال قَرُبَ يَقْرُبُ قُرباً. وفلانٌ ذو قرابتي، وهو من يَقْرُبُ منك رحِماً. وفلانٌ قَرِيبِي، وذو قَرابتي. والقُرْبة والقُرْبَى: القَرابة. والقِراب: مُقارَبة الأمر. وتقول: ما قَرِبْتُ هذا الأمرَ ولا أقْرَبُه، إذا لم تُشَامَّهُ(1) ولم تلتَبِسْ به. ومن الباب القَرَب، وهي ليلةُ ورودِ الإبلِ الماءَ؛ وذلك أنَّ القومَ يُسِيمون(2) الإبلَ وهم في ذلك
قرب
يسيرونَ نحو الماء، فإذا بقيَ بينهم وبين الماء عشِيَّةٌ عجَّلوا نحوه، فتلك اللَّيلة ليلةُ القَرَب. والقارِب: الطَّالب الماءَ ليلاً. قال الخليل: ولا يقال ذلك لطالبهِ نهاراً. وقد صرَّفوا الفعلَ من القَرَب فقالوا: قَرَبْت الماء أقرُبهُ قَرَباً. وذلك على مثال طَلْبتُ أطْلُبُ طَلَباً، وحَلَبْتُ أحلُب حَلَباً. ويقولون: إنّ القارِب: سفينةٌ صغيرة تكون مع أصحاب السُّفن البَحْرية، تستَخَفُّ لحوائجهم؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لقُرْبِها منهم. والقُرْبانُ: ما قُرِّب إلى الله تعالى من نَسِيكةٍ أو غيرها.
ومن الباب: قُربانُ الملِك وقَرابِينه: وزراؤه وجُلساؤه. وفرسٌ مُقْرَبة، وهي التي تُرْتَادُ(3) وتقرَّب ولا تُترَك أن تَرُود. قال ابنُ دريد: إنَّما يُفعَل ذلك بالإناث لئلاَّ يقرعَها فحلٌ لئيمٌ.
__________
(1) شاممته مشامة: قاربته وتعرفت ما عنده بالاختبار والكشف.
(2) يسيمونها: يرعونها. وفي الأصل: "يسمون".
(3) وكذا وردت العبارة في المجمل، وصوابه "التي تدنى"، كما في الجمهرة (1: 272) واللسان والقاموس.(5/67)
ويقال: قَرَّبَ الفرسُ تقريباً، وهو دون الحُضْر، وقيل تقريبٌ لأنَّه إذا أحْضَرَ كان أبعدَ لمداه. وله فيما يقالُ تقريبان: أدنى وأعلى. ويقال: أقرَبت الشَّاة، دنا نِتاجُها. قال ابن السِّكِّيت: ثوب مُقارِبٌ، إذا لم يكن جيِّداً. وهذا على معنى أنَّه مقارِبٌ في ثَمَنِه غيرُ بعيدٍ ولا غالٍ. وحكى غيرُه: ثوبٌ مُقارِبٌ: غير جيد، وثوب مقاربٌ: رخيص، والقياس في كلِّه واحد. وأمَّا الخاصرة فهي القُرْب، سمِّيت لقُرْبها من الجنب. وقال* قوم: سمِّيت تشبيهاً لها بالقِرْبة. قالوا: وهذا قياسٌ آخر، إنما هو من أن يضُمَّ الشيءَ ويحويَه. قالوا: ومنه القِراب: قرابُ السَّيف، والجمع قُرُب. قال الشّاعر(1):
قرت - قرح
ضُمي إليكِ رِحالَ القومِ والقُرُبا
يا ربَّةَ البيتِ قُومِي غيرَ صاغرةٍ
وقال الشاعر(2) في القُرْب، وهي الخاصرة:
بكلِّ كميتٍ جَلْدةٍ لم تُوَسَّفِ(3)
وكنتُ إذا ما قُرِّبَ الزّادُ مولعاً
كُميتٍ كأنَّها مزادةُ مُخْلِفِ
مُدَاخَلةِ الأقرابِ غيرِ ضئيلةٍ
(قرت) القاف والراء والتاء أُصَيلٌ يدلُّ على قُبْح في سَحْنة(4). يقولون: قرِت وجه الرجل: تغيّر من حُزْن. وأصل ذلك من قَرَِت الدَّم، إذا يَبِس بين الجلد واللّحم. وهو دمٌ قارت. وقَرِتَ الجلدُ، إذا ضُرِبَ فاسودَّ.
(قرح) القاف والراء والحاء ثلاثةُ أصولٍ صحيحةٍ: أحدُها يدلُّ على ألمٍ بجراحٍ أو ما أشبَهها، والآخَر يدلُّ على شيءٍ من شَوْب، والآخِر على استنباطِ شيء.
__________
(1) هو مرة بن محكان السعدي. الحماسة (2: 253) والحيوان (2: 352) والأغاني (20: 10) ومعجم المرزباني 383.
(2) هو الأسود بن يعفر، كما في اللسان والتاج (وسف).
(3) أنشده في اللسان (جلد) بدون نسبة.
(4) السحنة، بالفتح، اللون. وفي الأصل: "سمجة"، تحريف.(5/68)
فالأوَّل القَرْح: قَرْح الجِلد يُجرَح(1). والقَرْح: ما يخرُجُ به من قُروحٍ تؤلمه. قال الله تعالى: { إنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمُ قَرْحٌ مِثْلُه } [آل عمران 140]. يقال قَرَحَه، إذا جَرحَه، والقريح: الجريح. والقَرِح(2): الذي خَرَجَتْ به القُروح.
والأصل الثاني: الماء القَرَاح: الذي لا يشُوبُه غيره. قال:
نَشْوِي القَراحَ كأَنْ لا حيَّ بالوادِي(3)
بِتْنا عُذوباً وباتَ البقُّ يَلسَِبُنا
قرد
والأرض القَرَاح: الطيِّبة التُّربة: التي لا يَخْلِطُ ترابَها شيءٌ. ومن الباب: رجل قُرْحانٌ وقومٌ قُرْحانونَ، إذا لم يُصِبْهم جُدَريٌّ ولا مرض. وهذا من الماء القَراح والأرضِ القَراح. والقِرْواحُ مثل القَراح. ويقال: القِرواح: الواسعةُ. وهو قريبٌ من الأوّل، لأنَّه تشوبها حُزُونة.
والأصل الثالث القريحة، وهو أوّل ما يُستنبَطُ من البِئر، ولذلك يقال: فلانٌ جيِّد القريحة؛ يراد به استنباط العِلم. ومنه اقترحت الجَمَل: ركبتُه قبل أن يُرْكِب(4). واقترحتُ الشيءَ: استنبطتُه عن غير سَماعٍ.
ومما شذَّ عن هذه الأصولِ الثلاثة: القارح من الدَّوابِّ: ما انتهى سنُّه. قال الفرَّاء: قَرَحَ يَقْرُح قُرُوحاً، من خيل قُرحٍ(5). وكلُّ الأسنانِ بالألف، مثل أَثْنَى وأرْبَعَ، إلا قرَح.
ومن الشاذّ القُرحة: ما دون الغُرَّة من البياض بوجه الفَرَس. قال: وروضةٌ قرحاء: في وسطها نَورٌ أبيض. قال ذو الرُّمّة:
بها الذِّهابُ وحَفَّتْها البراعيمُ(6)
حَوّاءُ قَرحاءُ أشراطيّةٌ وَكَفَتْ
__________
(1) في المجمل: "بجراح".
(2) والقريح أيضاً.
(3) أنشده في اللسان (لسب، شوا). وانظر مثيل هذا البيت في (عذب).
(4) يركب، من قولهم أركب أي حان له أن يركب. وضبط في المجمل بفتح الكاف خطأ.
(5) ويقال قُرَّح أيضاً بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة.
(6) ديوان ذي الرمة 53 واللسان (قرح، شرط، ذهب). وقد سبق في (ذهب).(5/69)
ويقولون: قَرَحَ فلانٌ فلاناً بالحقِّ، إذا استقبَله به. وهذا ممكنٌ أن يكون من باب الإبدال، والأصل قرَعه. وممكنٌ أن يكون كأنَّه جرحه بذلك.
(قرد) القاف والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّعٍ في شيءٍ مع تقطُّع. من ذلك السحابُ القَرِد: المتقطِّع في أقطار السماء يركبُ بعضُه بعضاً.
قزع
والصُّوف القَرِد: المتداخِلُ بعضُه في بعض. و [الأرض] القَرْدَدُ إذا ارتفعت إلى جنب وَهْدة(1). وقُرْدُودةُ الظَّهْر: ما ارتفع من ثَبَجِه. وكلُّ هذا قياسُه واحد. وممكنٌ أن يكون القُرَادُ من هذا، لتجمُّع خَلْقِه.
وممَّا يشتقُّونه من لفظ القُراد: أقْرَدَ الرّجُل: لَصِقَ بالأرض من فزعٍ أو ذُلّ(2). وقرِدَ: سَكَت(3). ومنه قرَّدْتُ الرّجلَ تقريداً، إذا خدَعتَه لتُوقِعَه في مكروه.
(باب القاف والزاء وما يثلثهما)
(قزع) القاف والزاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خِفَّة في شيءٍ وتفرُّق. من ذلك القَزَع: قِطَع السَّحاب المتفرِّقة، الواحدة قَزَعَة. قال:
كأنَّ رِعالَه قَزَع الجَهَامِ(4)
تَرَى عُصَبَ القَطا هَمَلاً عليه
ومن الباب القَزَعُ المنهيُّ عنه، وهو أن يُحلَق رأسُ الصبيّ ويترك في مواضعَ منه شعرٌ متفرِّق. ورجلٌ مقزَّع: لا يُرَى على رأسه إلاَّ شعيرات. وفرسٌ مقزَّع: رقَّت ناصيتُه.
ومن الباب في الخِفّة: تقزَّعَ الفرسُ: تهيَّأَ للرَّكض. والظَّبيُ* يَقزَع، إذا أسرَعَ. والقَزَع: صِغار الإبل(5).
__________
(1) في المجمل: "وأرض قردد إذا ارتفعت إلى جنب وهدة".
(2) في الأصل: "وذل"، صوابه في المجمل.
(3) في المجمل: "سكت من عي".
(4) البيت لذي الرمة في ديوانه 597 واللسان (قزع). وفي الأصل: "سملا عليه"، تحريف.
(5) ترتيب المواد من الباقية إلى آخر هذا الباب كان في أصله على هذا النظام: (قزب، قزم، قزل؛ قزح) فأعدته إلى نصابه الطبيعي. ومن عجب أنه في المجمل جرى كذلك على نظامه في المقاييس، وهو سهو من ابن فارس.(5/70)
قزل – قزم – قزب – قزح - قسط
(قزل) القاف والزاء واللام كلمةٌ واحدةٌ، وهي القَزَل(1)، وهو أسوأ العَرَج. يقال منه قَزِل يَقْزَل.
(قزم) القاف والزاء والميم كلمةٌ تدلُّ على دناءةٍ ولؤم. فالقَزَم: الدَّناءة واللُّؤم. والرجل قَزَم، يقال ذلك للأنثى والذَّكر، والواحد والجمع.
(قزب) القاف والزاء والباء، فيه من طرائف ابن دريد(2): القَزَب الصَّلاَبة والشِّدَّة. قَزِب الشيءُ: صَلُب.
(قزح) القاف والزاء والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على اختلاطِ ألوانٍ مختلفة وتشعُّب في الشَّيء. من ذلك القَزْح: التَّابَلُ من توابل القِدر. يقال: قَزِّحْ قِدْرَك. قال ابن دريد(3): ومنه قولهم: مليح قَزِيحٌ. ويقال: إنَّ القُزَح: الطَّرَائق، في التي يقال لها: قَوْسُ قُزَح، الواحدة قُزْحَة. ويقال: تقزَّحَ النبتُ، إذا انشَعَب شُعَباً. وشجرةٌ متقزِّحة. وقَزَح الكلبُ ببوله. وقال ابن دريد(4): يقال إنَّ القَزْح: بَوْلُ الكلب. والله أعلم.
(باب القاف والسين وما يثلثهما)
(قسط) القاف والسين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على معنَيَين متضادَّين والبناءُ واحد. فالقِسط: العَدل. ويقال منه أقْسَطَ يُقْسِط. قال الله تعالى:
قسم
{ إنَّ اللهَ يُحبُّ المُقْسِطِين } [المائدة 42، الحجرات 9، الممتحنة8]. والقَسْط بفتح القاف: الجَور. والقُسوط: العُدول عن الحق. يقال قَسَطَ، إذا جار، يَقْسِطُ قَسْطاً. والقَسَط: اعوجاجٌ في الرِّجلين، وهو خلاف الفَحَج.
ومن الباب الأوّل القِسْط: النَّصيب، وتَقَسَّطْنا الشَّيءَ بيننا. والقِسْطَاس: المِيزان. قال الله سبحانه: { وَزِنُوا بالقِسْطاسِ المُستَقِيم } [الإسراء 35، الشعراء 182].
ومما ليس من هذا القُسْط: شيءٌ يُتَبَخَّرُ به، عربيٌّ.
__________
(1) الجمهرة (1: 282).
(2) في الأصل: "اللبث"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) الجمهرة: (2: 148).
(4) الجمهرة (2: 149).(5/71)
(قسم) القاف والسين والميم أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على جمالٍ وحُسن والآخر على تجزئة شيء.
فالأوّل القَسَام، وهو الحُسْن والجمال، وفلانٌ مُقَسَّم الوجه، أي ذو جمالٍ. والقَسِمة: الوجه، وهو أحسن ما في الإنسان. قال:
وإنْ كان قد شفَّ الوجوهَ لقاءُ(1)
كأنَّ دنانيراً على قَسِماتهِمْ
والقَسام، في شعر النابغة(2): [شِدة الحَرّ(3)].
والأصل الآخر القَسْم: مصدر قَسَمت الشّيءَ قَسْماً. والنَّصيب قِسمٌ بكسر القاف. فأمَّا اليمين فالقَسَم. قال أهلُ اللغة: أصل ذلك من القَسَامة، وهي الأيمان تُقْسَم على أولياء المقتول إذا ادَّعَوْا دمَ مقتولهم على ناسٍ اتَّهموهم به(4). وأمسى فلانٌ متقسَّماً، أي كأنَّ خواطرَ الهموم تقسَّمَتْه.
قسن - قسي - قسب
ومما شذَّ عن هذا الباب: القَسَاميّ، وهو الذي يَطْوِي الثِّيابَ أوّل طيِّها، ثم تُطْوَى على طَيِّه. قال:
* طيَّ القَسَامِيّ بُرودَ العَصَّابْ(5) *
يقال إنَّ العصّاب: الغَزَّال.
(قسن) القاف والسين والنون كلمةٌ تدلُّ على شِدّة. يقال: اقسأَنَّ اللَّيلُ: اشتدَّ ظلامُه. والمقسَئنُّ: الصُّلب من الرجال، ويكون كبيرَ السِّنّ. قال:
ما شئتَ من أشْمَطَ مقسَئِنِّ(6)
إنْ تكُ لَدْناً ليِّناً فإنّي
__________
(1) البيت لمحرز بن المكعبر الضبي، كما في اللسان (قسم) وحماسة أبي تمام (2: 193).
(2) هو قوله، وأنشده في اللسان (قسم):
إلى دبر النهار من القسام
تسف بريره وترود فيه
(3) التكملة من المجمل.
(4) في اللسان عن ابن الأثير: "وحقيقتها أن يقسم من أولياء المقتول خمسون نفراً على استحقاقهم دم صاحبهم إذا وجدوه قتيلاً بين قوم ولم يعرف قاتله، فإن لم يكونوا خمسين أقسم الموجودون خمسين يميناً، لا يكون فيهم صبي ولا امرأة ولا مجنون ولا عبد".
(5) البيت لرؤبة، كما سبق في حواشي (عصب).
(6) أنشده في اللسان (قسن).(5/72)
(قسي) القاف والسين والحرف المعتل يدلُّ على شِدَّة وصلابة. من ذلك الحجر القاسي. والقَسْوة: غِلَظ القَلْب، وهي من قسوة الحَجَر. قال الله تعالى: { ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كالحِجَارَةِ أوْ أَشَدُّ قَسْوةً } [البقرة 74]. [و] القاسية: اللَّيلة الباردة. ومن الباب المُقاساة: معالجَة الأمر الشَّديد. وهذا من القَسوة، لأنَّهُ يُظهِر أنّه أقسَى من الأمر الذي يُعالِجهُ. وهو على طريقة المُفاعَلة.
(قسب) القاف والسين والباء يدلُّ على مِثْل ما دلَّ عليه الذي قبله. يقولون: [القَسْب]: التَّمر اليابس. قال:
نَوَى القَسبِ عَرَّاصاً مُزَجّاً منصّلا(1)
وأسمَرَ خَطِّيّاً كأنَّ كعوبَه
قسر - قشع
والقَسْب: الصُّلب من كلِّ شيء. والقَسِيب: الطَّويل الشَّديد. ومن* الباب القَسِيب، وهو صوتُ الماءِ في جرَيانه، ولا يكون صوتٌ إلاّ كان بقوة. قال عَبِيد:
* للماء مِن تحتِهِ قَسيبُ(2) *
(قسر) القاف والسين والراء يدلُّ على قَهرٍ وغلَبَة بشدة. من ذلك القَسْر: الغَلَبة والقَهْر. يقال: قْسَرتهُ قسراً، واقتسرتُه اقتِساراً. وبعيرٌ قَيْسَرِيٌّ: صُلْب. والقَسْوَرة: الأسد، لقُوّته وغلَبته.
(باب القاف والشين وما يثلثهما)
__________
(1) صواب إنشاده، كما في الديوان 20 واللسان (زجج): "أصم ردينيا"، لأن قبله:
رأيت لها ناباً من الشر أعصلا
وإني امرؤ أعددت للحرب بعدما
... وأما البيت الذي يشتبه بهذا في الإنشاد، فهو بيت حاتم في ديوانه ص 121:
نوى القسب قد أرمى ذراعاً على العشر
وأسمر خطيا كأن كعوبه
(2) صدره كما في الديوان 6 وشرح القصائد العشر 305 واللسان (قسب):
* أو جدول في ظلال نخل *(5/73)
(قشع) القاف والشين والعين أصل صحيحٌ واحِد، أومأ إلى قياسِه أبو بكر فقال: "كلُّ شيءٍ خَفَّ فقد قَشِع وقَشَع يقْشَع قَشَعاً، مثل اللحم يجفف(1)". وهذا الذي قاله صحيح. ومنه انقشَعَ الغَيم وأقشع وتَقَشَّع(2)، والقِشْعة: القطعة من السَّحاب تَبقَى بعد انكشاف الغَيم. وذكر بعضُهم أنَّ الكُناسة قَُِشع(3).
قشف - قشب
قال الكِسائيّ، قَشَعت الرِّيح السحابَ وانقشَعَ هو. وأقْشَعَ القومُ عن الماء، إذا أقلعوا. ويقال إنَّ القِشَعَ: ما يُرمى به عن الصَّدر من نُخَاعَة(4). والقَشْع: ما قُشِع عن وجه الأرض. وكَلأٌ قشِيعٌ: متفرِّق. وشاةٌ قَشِعَةٌ: غَثَّةٌ، كأنَّ السِّمَن قد انقشَعَ عنها. ورجلٌ قَشِعٌ: لا يثبت على أمر. فأمّا القَشْع فيقال: بيتٌ من أَدَم، والجمع قُشُوع. قال:
* إذا القَشْعُ من رِيح الشِّتاء تَقعقَعا(5) *
وهو القياس، لأنَّهم إذا سارُوا قَشَعوه. ويقال: القَشْع: النِّطْع. وهو ذلك القياس.
__________
(1) إشارة إلى لغتي الكسر والفتح. والفتح لم يرد إلا هنا وفي اللسان، قال: "والقشع أن تيبس أطراف الذرة قبل إناها، يقال قشعت الذرة تقشع قشعاً". والذي في المجمل عن الجمهرة: "فقد قشع يقشع قشعاً"، بكسر عين الماضي. على أن الذي في الجمهرة (3: 61): "فقد قشع، مثل اللحم إذا جفف" فلم يرد فيها المضارع ولا المصدر.
(2) في الأصل: "وقشع"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) بتثليث القاف، كما في القاموس. وفي اللسان: "والقَشع والقُِشع: كناسة الحمام والحجام، والفتح أعلى".
(4) النخاعة، بالضم: ما تفله الإنسان، كالنخامة. وكذا وردت العبارة في المجمل. وفي اللسان والقاموس: "نخامة".
(5) لمتمم بن نويرة، يرثي أخاه مالكاً. وصدره كما في المفضليات (2: 65) واللسان (قشع، برم) والأمالي (1: 19) وسمط اللآلئ 87 والعقد (3: 263):
* ولا برما تهدي النساء لعرسه *(5/74)
(قشف) القاف والشين والفاء كلمةٌ واحدةٌ، وهي قولهم: قَشِف يَقْشَفُ، إذا لوَّحته الشمس فتغيَّر، ثمَّ قِيل لكلِّ من لا يتصنَّع للتجمُّل قَشِف، وهو يتقشَّف.
(قشب) القاف والشين والباء أصلانِ يدلُّ أحدُهما على خَلْط شيءٍ بشيء، والآخَر على جِدَّةٍ في الشيء.
فالأوَّل: القَشْب، وهو خَلْط الشَّيء بالطَّعام، ولا يكاد يكون إلاّ مكروها.
قشر
من ذلك القِشْب(1)، هو السمُّ القاتل. قال الهُذَليّ(2):
بذِيفان مُذْعِفِ قِشْبٍ ثُمالِ(3)
فَعَمَّا قليلٍ سقاها معاً
ويقال: قَشَب فلانٌ فلاناً بسُوءٍ، ذكَره به أو نسَبَه إليه. وقَشَبَه بقبيحٍ: لَطَخَه به. ورجل مُقشَّب الحسَب، إذا مُزِج حسبُه. قال ابن دريد(4): القِشْبَة: الخسيس من النّاس، لغة يمانِيَة.
والأصل الآخَر: القَشِيب: الجديد من الثِّياب وغيرِها. والقَشيب: السَّيف الحديث العهد بالجِلاء.
(قشر) القاف والشين والراء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على تنحيةِ الشّيء ويكونُ الشيءُ كاللِّباس ونحوه. من ذلك قولك: قشَرت الشَّيء أقشره. والقِشْرة: الجلدة المقشورة. [والقِشْر(5)]: لباس الإنسان، قال الشاعر:
قِشرَ العراقِ وما يَلَذُّ الحنجرُ(6)]
[مُنِعَتْ حنيفةُ واللهازمُ منكمُ
وفي [حديث(7)] قَيْلَةَ: "كنت إذا رأيتُ رجلاً ذا رُواء وذا قِشْرٍ طمَحَ
قشم
__________
(1) يقال قشب، بالكسر، وقشب بالتحريك.
(2) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 186).
(3) المزعف والمذعف: القاتل. ورواية الديوان: "بمزعف ذيفان".
(4) الجمهرة (1: 293).
(5) التكملة من المجمل واللسان.
(6) التكملة من اللسان (قشر).
(7) التكملة من اللسان. وفي المجمل: "وفي الحديث". وانظر حديث قيلة في مجمع الزوائد للهيثمي
(6: 9) طبع القدسي 1356، وهو في الإصابة مع تحريف شديد في ترجمة (قيلة بنت مخرمة).(5/75)
بصري إليه". والمَطْرة القاشرة: التي تَقشِر وجهَ الأرض. وسنةٌ قاشورة: مُجْدبة تَقْشِر أموالَ القوم. قال:
تحتلق المالَ احتلاقَ النُّورهْ(1)
فابعَثْ عليهم سنةً قاشورهْ
ثم سمِّي كلُّ شيءٍ يَفْعَل ذلك قاشوراً، فيقولون للشُّؤم: قاشور. ويقولون في المثل: "أشأَم مِن قاشِر(2)"، وهو فحلٌ له حديث. ولهذا سُمِّي الفِسْكِل(3) من الخيل الذي يَجيء في الحَلْبة آخِرَها قاشُوراً. وقولهم إنَّ الأقْشَر: الشَّديد الحُمرة، وإنَّما ذلك للشَّديد حُمرةِ الوجه، الذي يُرَى وجهُه كأنَّه يتقشّر. وقُشَيرٌ: [أبو قبيلة(4)] من العرب.
(قشم) القاف والشين والميم أُصَيلٌ إن صحّ فهو من الأكل وما ضاهاه من المأكول. قالوا: القَشْم: الأكل. والقُشَام: ما يُؤكَل. وقال ابن دريد: "قُشَام المائدة: ما نُفِض منها من باقي خُبز وغيرهِ(5)". ويقال: ما أصابت الإبِلُ مَقْشَماً، أي لم تُصِب ما ترعاه.
ومما شذَّ من هذا الباب إنْ صحَّ قولُهم: قَشَمت الخُوصَ، إذا شقَقتَه، لتَسفَّهُ. وكلُّ ما شُقَّ منه فهو قُشَام.
قصع- قصف
(باب القاف والصاد وما يثلثهما)
(قصع) القاف والصاد والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تطامُنٍ في شيء أو مطامَنةٍ له. من ذلك القَصْعَة، وهي معروفة، سمِّيت بذلك للهَزْمة. والقاصِعاء: أوَّل جِحَرة اليَربوع، وقياسُها ما ذكرناه. وقد تقَصَّع، إذا دخلَ قاصِعاءَه. قال:
بمُنعَرَجِ السُّوبان لو يَتَقَصَّعُ(6)
فوَدَّ أبو ليلى طُفيلُ بنُ مالكٍ
__________
(1) الرجز للكذاب الحرمازي، كما في البيان والتبيين (3: 276)، وهو بدون نسبة في اللسان (تلب، قشر، حلق).
(2) في الأصل: "قاشور"، صوابه في المجمل واللسان وأمثال الميداني (1: 346).
(3) في الأصل: "ألف كل".
(4) بمثلها يلتئم الكلام.
(5) بعده في الجمهرة (3: 66): "وأحسبها مولدة".
(6) لأوس بن حجر في ديوانه 11.(5/76)
فأمَّا قَصْع النّاقة بجِرّتها فقالوا: هو أن ترُدَّها في جوفها. والماء يَقْصَعُ العطش: يقتلُه ويذهبُ به. قال:
* فانصاعَتِ الحُقْبُ لم تُقْصَع صَرائِرُها(1) *
وقصَعتُ ببُسْط كَفِّي هامتَه: ضربْتُها. وقَصَعَ الله به، إذا بَقِيَ قمِيَّاً لا يَشِبُّ ولا يزداد، وهو مقصوعٌ وقصيعٌ.
(قصف) القاف والصاد والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على كسرٍ لشيء. ولا يُخْلِف هذا القياسُ. يقال: قصَفت الرِّيحُ السفينةَ في البحر. وريحٌ قاصف(2). والقَصِف: السَّريع الانكِسار. والقَصِيف: هشيم الشَّجر. ومنه قولُهم: انقصفوا عنه، إذا تركوه. وهو مستعار. والأقْصَف: الذي انكسرت ثَنِيَّتُه من النِّصف.
قصل - قصم
ورعدٌ قاصف، أي شديد. وقياس ذلك كأنَّه يكاد يَقصِف الأشياءَ بشدَّته. يقولون: بَعثَ الله تعالى عليهم الرِّيحَ العاصف، والرّعدَ القاصف. ومنه القَصْف: صَرِيف البَعير بأسنانه. فأمَّا القَصْف في اللَّهو واللَّعِب فقال ابنُ دريد(3): لا أحسبه عربيَّاً. وليس القَصْف الذي أنكَرَه ببعيدٍ من القياس الذي ذكرناه، وهو من الأصوات والجَلَبة. وقياسه في الرَّعد القاصف، وفي صَريف البَعير بأسنانِه.
(قصل) القاف والصاد واللام أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قطعِ الشيء. فالقَصْل: القَطْع. يقال قَصَله، إذا قطَعَه. والقَصِيل معروف، وسمِّي بذلك لسُرعة اقتصاله(4)، لأنَّه رَخْص. وسيف مِقْصَلٌ: قطّاع، وكذلك القَصَّال. ولسانٌ مِقْصَل على التشبيه. والقِصْل: الرَّجْل الضّعيف، لأنَّه منقطِع. فأمَّا القُصَالة فما يُعْزَل من البُرِّ ليُداسَ ثانيةً، فإن كان صحيحاً فقياسُه قريب.
__________
(1) لذي الرمة كما سبق في حواشي (صر). وعجزه:
* وقد نشحن فلا ري ولا هيم *
(2) في المجمل: "وهي ريح قاصف".
(3) الجمهرة (3: 81).
(4) في الأصل: "انفصاله"، صوابه في اللسان.(5/77)
(قصم) القاف والصاد والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الكسر. يقال: قصَمْت الشيء قَصْماً. والقُصَم: الرّجُل يَحطِم ما لَقي. وقال الله تعالى:
{ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظالِمَةً } [الأنبياء 11] أراد –والله أعلمُ- إهلاكَه إيّاهم، فعبَّر عنه بالكسر. والقَصِيمة والقَيْصوم: نبتان.
قصو/ي - قصب
(قصو/ي) القاف والصاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على بُعدٍ وإبعاد. من ذلك القَصَا: البُعْد. وهو بالمكان الأقصَى والنَّاحيةِ القُصوَى. وذهبتُ قَصا فلانٍ، أي ناحيته. ويقال: أحاطُونا القَصَا. أي وقفوا منّا بين البعيد والقريب غير أنَّهم مُحِيطون بنا كالشَّيءِ يَحُوط الشَّيءَ يحفظه. قال:
قريباً حيثُ يُستَمَع السِّرارُ(1)
فحَاطُونا القَصَا ولقد رأونا
وأقصَيتُه: أبعدتُه. والقَصِيّةُ من الإبل: المودوعة الكريمة لا تُجهَد ولا تُرْكَب، أي تُقصَى إكراماً لها. فأمَّا النّاقةُ القَصْواء فالمقطوعة الأذُن.
وقد يمكن هذا على أنَّ أذنَها أُبعِدَت عنها حين قُطعت. ويقولون: قصَوتُ البعيرَ فهو مقصُوٌّ: قطعت أذنَه. وناقةٌ قَصْواء، ولا يقال بعيرٌ أقصَى.
(قصب) القاف والصاد والباء أصلان صحيحان، يدلُّ أحدهما على قَطْع الشّيء، ويدلُّ الآخَر على امتدادٍ في أشياءَ مجوَّفة.
فالأوّل القَصْب: القَطْع؛ يقال قَصَبْته قَصْباً. وسمِّي القصَّابُ قصّاباً لذلك. وسيف قَصَّابٌ، أي قاطع. ويقال: قَصَبْتُ الدّابةَ، إذا قطعتَ عليه شُربَه قبل أن يَرْوَى. ومن الباب: قَصَبت الرّجُل: إذا عبتَه، وذلك على معنى الاستعارة.
والأصل الآخر: الأقصاب: الأمعاء، واحدها قُصْب. والقَصَب معروف، الواحدة قَصَبة. والقَصْباء: جمع قَصَبة أيضاً. والقَصَب: أنابيبُ من جوهر. وفي الحديث: "بَشِّرْ خَدِيجةَ ببيتٍ في الجَنّة من قَصَب، لا صَخَب فيه ولا نَصَب".
قصد
__________
(1) لبشر بن أبي خازم في المفضليات (2: 141) واللسان (قصا).(5/78)
والقَصَب: عُروق الرّئة. والقَصَب. مخارِجُ الماء من العيون؛ وهذا على معنى التشبيه. والقُصّاب: المَزَامير. قال:
ـنُ والمُسمِعاتُ بقُصَّابِها(1)
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِيـ
ومن الباب القَصائِب: الذوائب، واحدتها قَصِيبة. ويقال القُصَّابة: الخُصْلة من الشَّعر.
(قصد) القاف والصاد والدال أصولٌ ثلاثة، يدلُّ أحدها على إتيانِ شيءٍ وأَمِّه، والآخَر على اكتنازٍ في الشيء.
فالأصل: قصَدته قَصْداً ومَقْصَداً. ومن الباب: أقْصَدَه السَّهمُ، إذا أصابه فقُتِل مَكانَه، وكأنّه قيلَ ذلك لأنَّه لم يَحِد عنه(2). قال الأعشى:
لأمثالها من نِسوَةِ الحيِّ قانِصَا(3)
فأقْصَدها [سهمي] وقد كان قبلها
ومنه: أقْصَدَتْه حَيَّةٌ، إذا قتلَتْه.
والأصل الآخر: قَصَدْت الشيءَ كسرته. والقِصْدَة: القِطْعة من الشيء إذا تكسَّر، والجمع قِصَدٌ. [ومنه قِصَدُ] الرِّماح. ورمحٌ قَصِد، وقد انقَصَد. قال:
تذرُّعُ خُِرصانٍ بأيدِي الشَّواطبِ(4)
ترى قِصَدَ المُرّانِ تُلْقَى كأنَّها
والأصل الثالث: الناقة القصيد: المكتنِزة الممتلِئة لحماً. قال الأعشى:
قصر
كرُكْنِ الرَّعْنِ ذِعْلِبَةٌ قَصيد(5)
قطعتُ وصاحِبي سُرُحٌ كِنازٌ
ولذلك سمِّيت القصيدةُ من الشِّعر قصيدةً لتقصيد أبياتها، ولا تكون أبياتُها إلاَّ تامَّة الأبنية.
(قصر) القاف والصاد والراء أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على ألا يبلُغَ الشّيءُ مدَاه ونهايتَه، والآخر على الحَبْس. والأصلان متقاربان.
__________
(1) البيت للأعشى في ديوانه 121 واللسان (قصب، جلل).
(2) في الأصل: "فكأنه قد قبل ذلك لأنه لم يجد عنه".
(3) ديوان الأعشى 109.
(4) لقيس بن الخطيم في ديوانه 13 واللسان (قصد، ذرع، خرص، شطب). وقد سبق في (ذرع، شطب).
(5) ديوان الأعشى 216. وهو في اللسان (قصد) بدون نسبة.(5/79)
فالأوّل القِصَر: خلافُ الطُّول. يقول: هو قَصيرٌ بيِّن القِصَر. ويقال: قصَّرتُ الثَّوبَ والحبلَ تَقصيراً. والقَصْر: قَصْر الصّلاة: وهو ألاَّ يُتِمّ لأجل السّفَر. قال الله تعالى: { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ } [النساء 101]. والقُصَيْرى: أسفل الأضلاع، وهي الواهنة. والقُصَيْرى: أفْعَى، سمِّيت لقِصَرها. ويقال أقْصَرت الشَّاةُ، إذا أسنَّتْ حتَّى تقصُرَ أطرافُ أسنانها. وأقصَرت المرأة: ولدت أولاداً قِصاراً. ويقال: قصَّرتُ في الأمرِ تقصيراً، إذا توانيت، وقصَرْت عنه قُصوراً: عَجَزت. وأقصرت عنه إذا نزعتَ عنه وأنت قادرٌ عليه. قال:
لأقْصرَ القلبُ مِنِّي أيَّ إقصارِ(1)
لولا علائقُ من نُعْمٍ عَلِقْتُ بها
وكل هذا قياسُه واحد، وهو ألاّ يبلُغَ مدَى الشّيء ونهايتَه.
والأصل الآخر، وقد قلنا إنهما متقاربان: القَصْر: الحبس، يقال: قَصَرْتُه،
قصر
إذا حبستَه، وهو مقصور، أي محبوس، قال الله تعالى: { حُورٌ مَقْصُوراتٌ في الخِيَامِ } [الرحمن 72]. وامرأةٌ قاصِرَة الطَّرف: لا تمدُّه إلى غيرِ بَعلِها، كأنَّها تحبِس طرْفَها حَبْساً. قال الله سبحانه: { فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ } [الرحمن
56]. ومن الباب: قُصارَاك أن تفعَلَ كذا وقَصْرُكَ، كأنَّه يراد ما اقتصرت عليه وحَبَسْتَ نفسَك عليه. والمقاصر: جمع مقصورة، وكلُّ ناحيةٍ من الدار الكبيرة إذا أحيط عليها فهي مقصورة. وهذا جائزٌ أن يكون من القياس الأوَّل. ويقولون: فرسٌ قَصِيرٌ: مقرَّبة مُدْناةٌ لا تُترك تَرود، لنَفاستها عند أهلها. قال:
__________
(1) للنابغة الذبياني، من قصيدته التي مطلعها:
ماذا تحيون من نؤى وأحجار
عوجوا فحيوا لنعم دمنة الدار
... وقد عدها أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي، في جمهرة أشعار العرب، من المعلقات.(5/80)
ونبذُلُها إذا بَاقَتْ بَؤُوقُ(1)
تراها عند قُبَّتِنا قصيراً
وجارية قَصِيرةٌ وقَصُورةٌ من هذا. والتِّقصار: قلادةٌ شبيهة بالمِخْنَقة، وكأنَّها حُبِست في العُنق. قال:
جاعلٌ في الجِيد تِقصارَا(2)
ولها ظبيٌ يؤرِّثها
ومن الباب: قَصْر الظَّلامِ، وهو اختلاطُه. وقد أقبلَتْ مَقاصر الظَّلام، وذلك عند العشيّ. وقد يمكن أنْ يُحمَل هذا على القياس فيقال: إنَّ الظَّلامَ يَحبِس عن التصرُّف. ويقال: أقصَرْنا، إذا دخلْنا في ذلك الوقت. ويقال لذلك الوقت المَقْصَرة(3)، والجمع مَقاصر. قال:
قضع – قضف
كَرَبتْ حياةُ النّار للمتنوِّرِ(4)
فبعثتُها تَقِص المَقاصِر بعدما
ومما شذَّ عن هذا الباب القَصَر: جمع قَصَرة، وهي* أصلُ العُنق، وأصل الشجرة، ومُستغلَظُها. وقرئت: { إنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كالْقَصَرِ(5) } [المرسلات 32]. والقَصَر: داءٌ يأخذ في القصَر. والله أعلم.
(باب القاف والضاد وما يثلثهما)
(قضع) القاف والضاد والعين أصلٌ صحيح، وقياسه القهر والغلَبة. قالوا: القَضْع: القَهْر. قال الخليل: وبذلك سمِّيت قُضاعة. وذكر ناسٌ أنّ قَضاعة سمِّي بذلك لأنَّه انقضع عن قومِه، أي انقطع. فإن كان هذا صحيحاً فهو من باب الإبدال، تكون الضّاد مبدلةً من طاء. وقال ابن دريد: "تقضَّع القومُ: تفرّقوا(6)". وهذا من الإبدال أيضاً.
__________
(1) البيت لزغبة الباهلي أو مالك بن زغبة الباهلي، أو جزء بن رباح الباهلي. اللسان (قصر، بوق).
(2) في الأصل: "يؤرقها"، تحريف، صوابه في اللسان (قصر، أرث) حيث نسب البيت إلى عدي بن زيد العبادي.
(3) هو كمرحلة ومقعد ومنزل، كما في القاموس.
(4) لابن أحمر، كما سبق في (بعث). ونسب في اللسان (قصر، وقص) إلى ابن مقبل.
(5) هي قراءة ابن عباس وابن جبير ومجاهد والحسن وابن مقسم. تفسير أبي حيان (8: 407) في سورة المرسلات.
(6) الجمهرة (3: 93).(5/81)
(قضف) القاف والضاد والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على دِقَّة ولطافة. فالقَضَف: الدِّقَّة؛ يقال عُودٌ قَضِف وقَضِيفٌ. وجمع قضيف قِضاف. ومنه القَضَفة، والجمع قُِضْفان: قطعةٌ من رمل تنْقضِفُ(1) من معظمه، أي تنكسر.
قضم - قضي
(قضم) القاف والضاد والميم كلمتانِ متباينتان لا مناسبةَ بينهما: إحداهما القَضْم: قَضْم الدَّابَّة شعيرَها؛ يقال قَضِمَتْ تَقْضَم. ويقولون: ما ذُقتُ قَضَاما. ويقال: القَضْم: الأكل بأطراف الأسنان، والخَضْم بالفم كلِّه.
والكلمة الأخرى: القضيم، يقال إنَّه الجِلدُ الأبيض، أو الصَّحيفة البيضاء. قال النابغة:
عليه قَضِيمٌ نمَّقتهُ الصَّوانعُ(2)
كأنَّ مَجرَّ الرامساتِ ذُيولَها
(قضي) القاف والضاد والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إحكام أمرٍ وإتقانهِ وإنفاذه لجهته، قال الله تعالى: { فقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ في يَوْمَيْنِ } [فصلت 12] أي أحكَمَ خَلْقَهنّ. ثم قال أبو ذؤيب:
داودُ أو صَنَعُ السَّوابِغِ تُبَّعُ(3)
وعَليهما مَسرودتانِ قَضاهما
والقضاء: الحُكم. قال الله سبحانه في ذكر من قال: { فَاقْضِ مَا أَنْتَ
قَاضٍ } [طه 72] أي اصنَعْ واحكُمْ. ولذلك سمِّي القاضي قاضياً، لأنَّه يحكم الأحكامَ ويُنْفِذُها. وسمِّيت المنيَّةُ قضاءً لأنَّه أمر يُنْفَذُ في ابن آدم وغيرهِ من الخَلْق. قال الحارث ابن حِلِّزة:
ـهِمْ رماحٌ صُدورهنَّ القضاءُ(4)
وثمانونَ من تميمٍ بأيديـ
أي المنيّة. وكلُّ كلمةٍ في الباب فإنَّها تجري على القياس الذي ذكرناه،
قضب
فإذا هُمِز تغيَّر المعنى. يقولون: القَُضْأة: العيب، يقال ما عليك منه قُضأةٌ وفي عينه قَُضْأةٌ، أي فَساد.
__________
(1) في الأصل: "يتقضف"، وأثبت صوابه من القاموس.
(2) ديوان النابغة 50 واللسان (قضم).
(3) ديوان الهذليين (1: 19) والمفضليات (2: 228) واللسان (صنع، قضي).
(4) البيت من معلقته المشهورة.(5/82)
(قضب) القاف والضاد والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قطْعِ الشَّيء. يقال: قَضَبْتُ الشيءَ قَضْبا. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله، إذا رأى التَّصليب في ثوبٍ قَضَبَه، أي قطعه. وانقضَب النَّجمُ من مكانه. قال
ذو الرُّمَّة:
كأنَّه كوكبٌ في إِثْرِ عِفْرِيَةٍ
مُسوَّمٌ في سَواد اللَّيلِ منقضِب(1)
والقضيب: الغُصْن. والقَضْب: الرَّطْبة، سمِّيت لأنَّها تُقْضَب. والمَقَاضب: الأرَضُون تنبت القَضْب. وقَضَبت الكرم: قطعتُ أغصانَه أيّامَ الرَّبيع. وسيفٌ قاضِبٌ وقضيب: قطّاع. ورجلٌ قَضّابةٌ: قطَّاعٌ للأمور مقتدِرٌ عليها. وقُضَابة الكرم: ما يتساقط من أطرافه إذا قُضِب.
ومن الباب: اقتَضَبَ فلان الحديثَ، إذا ارتَجَله، وكأنَّه كلامٌ اقتطعَهُ منْ غير روِيّة ولا فِكْر. ويستعارُ هذا فيقال: ناقةٌ قضيب، إذا رُكِبَتْ قبلَ أن تُراض. وقد اقتضبتها. وقَضيب: واد. والله أعلم.
قطع
(باب القاف والطاء وما يثلثهما)
(قطع) القاف والطاء والعين أصلٌ صحيحٌ واحد، يدل على صَرْمٍ وإبانة شيءٍ من شيء. يقال: قطعتُ الشيءَ أقطعه قَطْعاً. والقطيعة: الهِجران.
يقال: تقاطَعَ الرّجُلان، إذا تصارما. وبعثَتْ فلانةُ إلى فلانةَ بأُقطوعةٍ، وهي شيءٌ تبعثُه إليها علامةً للصَّريمة. والقِطْع، بكسر القاف، الطَّائفة من اللَّيل، كأنَّه قِطعةٌ. ويقال: قطعت قَطْعاً.*وقطعتِ الطير قُطوعاً، إذا خَرَجَتْ من بلاد [البرد إلى بلاد(2)] الحرِّ، أو من تلك إلى هذه. والقَطِيع: السَّوط. قال الأعشى:
* تراقِبُ كفِّي والقَطِيعَ المحرَّما(3) *
__________
(1) ديوان ذي الرمة ص1 واللسان (عفر، قضب).
(2) تكملة يقتضيها الكلام. وفي المجمل: "إذا خرجت من بلد البرد إلى بلد الحر".
(3) سبق في (حرم). وصدره كما في ديوان الأعشى 201 واللسان (حرم، قطع):
* ترى عينها صغواء في جنب مؤقها *(5/83)
وأقطعتُ الرّجُلَ إقطاعاً، كأنَّه طائفةٌ قد قُطِعت من بلَد. ويقولون لليائس من الشيء: قد قُطِعَ به، كأنَّه أملٌ أمّله فانقطع. وقَطعتُ النهرَ قُطوعاً(1)، إذا عبرتَه. وأقطعتُ فلاناً قُضباناً من الكَرْم، إذا أذِنْتَ له في قطعها. والقضيب: القطيع من الشجرة تُبْرَى منه السِّهام، والجمع أقْطُع. قال الهُذليّ(2):
في كفِّه جَشْءٌ أجشُّ وأقْطُعُ
ونميمةً من قانصٍ متلبِّبٍ
وهذا الثَّوبُ يُقطِعُك قميصاً. ويقال: إنَّ مقطِّعة النِّياط: الأرنب، فيقال إنما
قطع
سمِّيت بذلك لأنَّها تَقطَع نِياطَ ما يتْبعها من الجوارح في طلبها. ويقال: النِّياط: بُعْد المفازة. ومن الباب: قطَّع الفرسُ الخيلَ تقطيعاً: خلّفها ومضَى، وهو تفسير الذي ذكرناه في مقطِّعة النِّياط، إذا أُريد نياط الجارح.
__________
(1) وقطعا كذلك.
(2) هو أبو ذؤيب الهذلي. ديوان الهذليين (1: 7) والمفضليات (2: 244) واللسان (قطع، نمم، جشأ، جشش). وقد سبق في (جشأ).(5/84)
ويُزاد في بنائه فيقال: جاءت الخيل مُقْطَوْطِعاتٍ، أي سراعاً. ويقولون: جاريةٌ قطيعُ القِيام. كأنَّها من سِمَنها تنقطع عنه. وفلانٌ منقطِعُ القَرين في سَخاءٍ أو غيره. وفي بعض التَّفسير في قوله تعالى: { فَلْيَمْدُدْ بسَبَبٍ إلى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ } [الحج 15]. إنَّه الاختناق، والقياس فيه صحيح. ومُنْقَطَع الرَّمل ومَقْطَعُه: حيثُ ينقطع. والقَطِيع: القِطعة من الغَنَم. والمقطَّعات: الثِّيَاب(1) القِصار. وفي الحديث: "أنَّ رجلاً أتاه وعليه مقطَّعات له"، وكذلك مقطَّعات أبيات الشِّعر. والقُطْع: البُهرْ. ومقاطع الأودية: مآخيرها. وأصاب بئرَ فُلانٍ قُطْع، إذا نَقَص ماؤُها. والقِطع بكسر القاف: الطِّنْفِسَة تُلقى على الرَّحل؛ وكأنَّها سمِّيت بذلك لأنَّ ناسجَها يقطعُها من غيرها عند الفَرَاغ، كما يسمَّى الثَّوب جديداً كأنَّ ناسجَه جَدَّه الآن. والجمع قُطُوع. قال:
أتَتْكَ العِيسُ تنفُخُ في بُراها
تَكشَّفُ عن مَناكبها القطوعُ(2)
والقِطْع: النَّصل من السِّهام العَريض، كأنَّه لما بُرِيَ قُطِع.
ومما شَذَّ عن هذا الباب القُطَيعاء: [ضربٌ من التَّمر. قال(3)]:
قطف - قطل - قطم
وعندهم البَرْنِيُّ في جُلَل ثُجْلِ(4)
[باتوا يعشُّون القُطيعاءَ] ضيفَهم
__________
(1) في الأصل: "النياط" تحريف.
(2) البيت لعبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاصي، وقيل لزياد الأعجم، وينسب كذلك للأعشى. اللسان (قطع) وتهذيب إصلاح المنطق، وإصلاح المنطق 10.
(3) الكلمة الأخيرة مما اقترحته للتكملة. وما قبلها تفسير من المجمل.
(4) تكملة صدر البيت مما سبق في (ثجل).(5/85)
(قطف) القاف والطاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على أخْذِ ثمرةٍ من شجرة، ثم يستعار ذلك، فتقول: قَطَفت الثمرة أقْطِفُها قَطْفاً. والقِطْف: العُنقود. ويقال: أقطَفَ الكَرْم: دنا قِطافُه. والقُطَافة: ما يسقُط من القُطوف. ويستعار ذلك فيقال: قَطَف الدّابَّةُ يَقطِف قَطْفاً، وهو قَطوفٌ، كأنَّه من سرعة نَقْلهِ قوائمَه يقطِفُ من الأرض شيئاً. وقد يقال للخَدْشِ: قَطْف؛ والمعنى قريب. [قال]:
* ولكن وجْهَ مولاك تقطِفُ(1) *
(قطل) القاف والطاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قطع الشّيء. يقال: قَطَله قَطْلاً، وهو قَطِيلٌ ومقطول. ونخلةٌ قطيل، إذا قُطعت من أصلها فسقطَتْ. ويقال: إنَّ القَطِيلة: القطعة من الكساء والثَّوبِ يُنْشف بها الماء. والمِقْطَلة: حديدة يُقطَعُ بها، والجمع مَقاطل، ويقال إنَّ أبا ذؤيبٍ الهذليَّ كان يلقَّب "القطيل".
(قطم) القاف والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على قطع الشيء، وعلى شهوة. فالقَطْع يعبَّر عنه بالقَطْم. يقولون: قَطَم الفصيلُ الحشيشَ بأدنى فمه يَقطِمه. وقطَامِ: اسمٌ معدول، يقولون إنَّه من القَطْم. وهو القَطْع.
قطن – قطو
وأمَّا الشَّهوةُ فالقَطَم. والرَّجُل الشَّهوانُ اللَّحم قَطِم. والقُطَامِيُّ: الصَّقر، ولعلَّه سمِّي بذلك لحِرصه على اللحم. وفحلٌ قَطِم: مشتَهٍ للضِّرابِ.
__________
(1) قطعة من بيت لحاتم الطائي ليس في ديوانه. وهو في اللسان (قطف) وإصلاح المنطق 457. وهو:
عدواً ولكن وجه مولاك تقطف
سلاحك مرقي فما أنت ضائر(5/86)
(قطن) القاف والطاء والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استقرارٍ بمكان وسكون. يقال: قَطَن بالمكان: أقام به. وسَكَنُ الدّارِ: قطينُهُ. ومن الباب قَطِينُ المَلِك، يقال هم تُبّاعه، وذلك أنّهم يسكنون حيثُ يسكن. وحَشَمُ الرّجل: قَطِينُه أيضاً*. والقُطْن عندنا مشتقٌّ من هذا لأنَّه لأهل المَدَرِ والقاطنين بالقُرى. وكذلك القِطْنيَّة واحدة القَطَانيّ كالعَدَس وشبهِه، لا تكون إلاَّ لقُطّان الدُّور. ويقال للكَرْم إذا بدَتْ زَمَعاتُه: قد قَطَّن؛ كأنَّ زَمَعَاتهِ شُبِّهَتْ بالقُطْن. ويقال إنَّ القَطِنة، والجمع القَطِن: لحمة بين الوَرِكين. قال:
* حتَّى أتى عارِي الجآجِي والقَطِنْ(1) *
وسُمِّيت قَطِنة للزومها ذلك الموضع، وكذلك القَطِنة، وهي شِبْه الرُّمَّانة في جَوْفِ البقرة.
(قطو) القاف والطاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على مقاربَةٍ في المشي. يقال: القَطْو: مُقارَبَة الخطو، وبه سمِّيت القطاة، وجمعها قطاً.
والعرب تقول: "ليس قَطَاً مثلَ قُطَيّ"، أي ليس الأكابرُ مثل الأصاغر. قال:
ـمَرْعيُّ في الأقوام كالرَّاعي(2)
ليسَ قَطاً مثلَ قُطَيٍّ ولا الـ
قطب - قطر
وسمِّيت قطاةً لأنَّها تَقْطُو في المِشْية. ويقولون: اقطَوْطَى الرَّجلُ في مشيته؛ استدار.
ومما استُعير من هذا الباب القطاة: مَقعَد الرَّدِيف من ظَهْر الفَرَس.
__________
(1) في اللسان (قطن) أن البيت من حديث سطيح، ولعله من كلام عبد المسيح. انظر أوائل سيرة ابن هشام وحياة الحيوان للدميري في رسم (شق) وبلوغ الأرب (3: 282).
(2) البيت لأبي قيس بن الأسلت في المفضليات (2: 85) واللسان (رعى، قطا). وقد سبق في (رعى).(5/87)
(قطب) القاف والطاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على الجمع. يقال: جاءت العربُ قاطبةً، إذا جاءت بأجمعِها. ويقال قطَبْتُ الكأسَ أقطِبُها قطباً، إذا مزجتَها. والقِطَاب: المِزاج. ومنه قولهم: قَطَب الرّجُلُ ما بين عينَيه. والقطِيبة: ألوان الإبل والغنم يُخلَطان.
ومن الباب القُطب: قُطب الرَّحَى، لأنَّه يجمع أمرَها إذْ كان دَوْرُه عليها. ومنه قُطْبُ السَّماء، ويقال إنَّه نجمٌ يدور عليه الفَلَك. ويستعار هذا فيقال: فلانٌ قطبُ بني فلانٍ، أي سيِّدُهم الذي يلوذون به.
ومما شذَّ عن هذا الباب القُطْبة: نَصْلٌ صغير تُرمَى به الأغراض، فأمَّا قولُهم: قَطَبت الشَّيءَ، إذا قطعتَه، فليس من هذا، إنَّما هو من باب الإبدال، والأصل الضّادُ قضبت، وقد فسّرناه.
(قطر) القاف والطاء والراء هذا بابٌ غير موضوع على قياس، وكلمهُ متباينةُ الأصول، وقد كتبناها. فالقُطر: النّاحية. والأقطار: الجوانب، ويقال: طعَنَه فقطَّره، أي ألقاه على أحد قُطْرَيه، وهما جانباه. قال:
ما قَطَّرَ الفارسَ إلاَّ أنا(1)
قد علِمَتْ سلمى وجاراتُها
والقُطُرْ: العُود. قال طَرفة:
قعل
أقُتارٌ ذاك أم ريح قُطُرْ(2)
وتنادَى القومُ في نادِيهمُ
والقَطْر: قَطْر الماءِ وغيرهِ. وهذا بابٌ ينقاس في هذا الموضع، لأنَّ معناه التتابُع. ومن ذلك قِطَار الإبل. وَتَقاطرَ القومُ، إذا جاؤوا أرسالاً، مأخوذٌ من قِطار الإبل. والبعيرُ القاطرُ: الذي لا يزالُ بَوْلُه يقطُر. ومن أمثالهم: "الإنْفاض يُقَطِّر الجَلَبَ(3)"، يقول: إذا أنْفَضَ القومُ أي قلّت أزوادهم وما عِندَهم قَطَّرُوا الإبلَ فجلبوها للبيع. والقَطِرانُ، ممكنٌ أنْ يسمَّى بذلك لأنَّه مما يَقطُر، وهو فَعِلان. ويقال: قَطَرت البعيرَ بالهِناء أقطُرُهُ. قال:
__________
(1) أنشده في اللسان (قطر).
(2) سبق إنشاده وتخريجه في (قتر).
(3) ويروى أيضاً: "النفاض" بالنون المضمومة.(5/88)
* كما قَطَر المَهْنُوءةَ الرّجلُ الطَّالي(1) *
ومما ليس من هذا القياس، القِطْر: النُّحاس. وقولهم: قَطَرَ في الأرض، أي ذهَبَ. واقطَارَّ النَّباتُ، إذا قاربَ اليُبْس.
(باب القاف والعين وما يثلثهما)
(قعل) القاف والعين واللام ثلاثُ كلماتٍ غيرِ متجانسةٍ ولا قياسَ لها.
فالأولى القُعَال: ما تناثَر من نَور العِنَب. والثانية: القَواعل: رؤوس الجبال،
قعم - قعن - قعو
واحدتُها قاعلة. والثالثة القَعْوَلَى: مِشيةٌ يَسفِي ماشِيها التُّرابَ بصُدور قدمَيه.
(قعم) القاف والعين والميم كلماتٌ لا ترْجِع إلى قياسٍ واحد، لكنَّها متباينة. يقولون: أُقْعِم الرّجلُ، إذا أصابَه داءٌ فقتَلَه. وأقْعَمَتْه الحيّة. والقَعَم: مَيَلٌ في الأنف. ويقال إنَّ القَعَم في الأَليتينِ: ارتفاعُهما، لا تكونان مُسترخِيتين. ويقولون: القَيعَم: السِّنَّور.
(قعن) القاف والعين والنون ليس فيه إلاَّ قُعَين: قبيلةٌ من العرب.
(قعو) القاف والعين والحرف المعتل فيه كلماتٌ لا قياسَ لها. يقولون: قَعَا الفحلُ النّاقةَ قُعُوَّاً(2). والقَعْو: خشبتانِ في البَكْرةِ فيهما المِحْور(3).
*قال:
مَقذوفةٍ بدَخيسِ اللّحمِ بازِلُها
له صريفٌ صَرِيفَُ القَعْوِ بالمَسدِ(4)
وأقْعَى الرَّجلُ في مَجلِسه، إذا تسانَدَ كما يُقعِي الكلِب. ونُهِيَ عن الإقعاء في الصلاة. وذكر ابنُ دُريد: امرأةٌ قعواء: دقيقةُ السّاقَين(5)
__________
(1) لامرئ القيس في ديوانه 61 واللسان (قطر). وصدره:
* أيقتلني أني شغفت فؤادها *
... ويروى: "وقد قطرت"، ويروى: "وقد شغفت".
(2) وفي المجمل: "قعوا، وربما قالوا قعوا، حكاهما الخليل. وأنكر بعضهم القعو –يعني بفتح القاف- وكان يقول: هو القعو".
(3) وكذا في اللسان. وفي المجمل: "والمحور يكون بينهما".
(4) للنابغة الذبياني في ديوانه 18 واللسان (قذف، دخس، قعا).
(5) وكذا في المجمل عن الجمهرة. وفي الجمهرة (3: 134): "دقيقة الفخذين".(5/89)
.
قعث - قعد
(قعث) القاف والعين والثاء أُصَيلٌ يدلُّ على كثرة. يقولون: القَعِيث: المطر الكثير، والسَّيْب(1) الكثير، وأقْعَثَ له العطيَّة: أجزلَهَا.
(قعد) القاف والعين والدال أصلٌ مطّرِدٌ منقاسٌ لا يُخلِف، وهو يُضاهِي الجلُوسَ وإن كان يُتكلَّمُ في مواضعَ لا يتكلَّم فيها بالجُلوس. يقال: قَعَد الرَّجلُ يقعُد قعوداً. والقَعْدة: المرَّة الواحدة. والقِعدة: الحالُ حسنةً أو قبيحة في القعود. ورجلٌ ضُجَعةٌ قُعَدة: كثيرُ القعودِ والاضطجاع. والقَعِيدة: قَعِيدة الرَّجُل: امرأتُه. قال:
بادٍ جناجنُ صدرِها وبها جَنَا(2)
لكنْ قعيدةُ بيتها مجفوةٌ
وامرأة قاعدةٌ، إن أردتَ القعود، وقاعدٌ عن الحيض والأزواج، والجمع قواعد. قال الله تعالى: { وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحاً }
[النور 60].
والمقْعَدات: الضَّفادع(3). والقُعْدُد: اللّئيم، وزِيدَ في بنائه لقعوده عن المكارم. وأمَّا القُعْدَد والقُعدُد فهو أقربُ القوم إلى الأب الأكبر. وفلانٌ أقْعَدُ نَسَباً، إذا كان أقربَ إلى الأب الأكبر، وقياسُهُ صحيحٌ لأنَّه قاعد مع الأب الأكبر. والقَعيد من الوحش: ما يأتيك من ورائك، وهو خِلافُ النَّطيح مُستقبِلك. والقَعَد: القَومُ لا ديوانَ لهم، فكأنَّهم أُقعِدُوا عن الغَزْو. والثَّدي
قعر – قعز – قعس
__________
(1) السيب: العطاء. وفي الأصل: "السبب" صوابه في المجمل.
(2) البيت للأسعر الجعفي في الأصمعيات ص1 ليبسك، واللسان (قعد) والرواية فيهما: "بيتنا" و "ولها غنى".
(3) جاءت في قول الشماخ:
على الماء إلا المقعدات القوافز
توجسن واستيقن أن ليس حاضراً(5/90)
المُقْعَد على النّهد: النّاهد، كأنّه أُقْعِد في ذلك المكان. وذو القَعْدة: شهرٌ كانت العربُ تَقعُد فيه عن الأسفار(1). والقُعْدة: الدَّابّة تُقتَعَد للرُّكوب خاصة. والقَعُود من الإبل كذلك. ويقال القَعِيدة: الغِرارة، لأنَّها تُملأُ وتُقعَد. والقَعِيد: الجرادُ الذي لم يَستو جناحُه. وقواعد البيت: آساسُه. وقواعد الهَوْدَج: خشباتٌ أربع مُعترِضاتٌ في أسفله. والإقعادُ والقُعَاد: داء يأخذ الإبلَ في أوراكها فيُمِيلها إلى الأرض. والمُقْعَدة من الآبار: التي أُقعِدَتْ فلم يُنْتَهَ بها إلى الماء وتُرِكَت. والمُقْعَد: فَرْخُ النَّسر. وقَعَدَتِ الرَّخَمة، إذا جَثَمت. والمَقاعِد: موضع قُعودِ النّاسِ في أسواقهم. والقُعُدات: السُّروج والرِّحال. فأمَّا قولهم: قَعِيدَكَ الله، وقَعْدَكَ الله، في معنى القَسَم.......…(2).
(قعر) القاف والعين والراء أصلٌ صحيحٌ واحد، يدلُّ على هَزْمٍ في الشّيء ذاهبٍ سُفْلاً. يقال: هذا قَعر البئر، وقَعر الإناء، وهذه قصعةٌ قَعِيرةٌ. وقَعَّر الرّجلُ في كلامه: شَدَّق. وامرأة قَعِرة: نعتُ سَوءٍ في الجِماع. وانقَعَرت الشّجرة من أرومتِها: انقلعَتْ.
(قعز) القاف والعين والزاء ليس فيه إلا طريفةُ ابن دريد(3)، قال: قَعَزْتُ الإناءَ: ملأتُه. وقَعَزْتُ في الماء: عبَبْتُ.
(قعس) القاف والعين والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على ثباتٍ وقوّة، ويتوسَّعون في ذلك على معنى الاستعارة، فيقال للرّجل المنيع العزيز: أَقْعَس،
قعش - قعص
وللغليظ العُنق قَوْعَس. [و] الأقعسانِ: جبلان طويلان. وليلٌ أقعَسُ، أي طويلٌ ثابت، كأنه لا يكاد يَبْرَح. والإقعاس: الغِنى والإكثار. وعِزّةٌ قَعساء: ثابتةٌ لا تزول أبداً. [قال]:
__________
(1) وفي المجمل: "عن الغزو". وفي اللسان: "عن الغزو والميرة وطلب الكلأ".
(2) بياض في الأصل.
(3) الجمهرة (2: 6).(5/91)
* وعزّةٌ قَعساءُ لَن تُناصَى(1) *
والعزُّ الأقعس في المذكَّر.
ومما حُمِل على هذا: القَعَس: دُخولُ العنقِ في الصّدر حتَّى يَصير خلافَ الحَدَب، لأنَّ صدرَهُ كأنَّه يرتفع. يقال: تقاعَسَ تقاعُساً، واقعَنْسَسَ اقعنساساً. قال:
إمَّا على قَعْوٍ وإمَّا اقعَنْسِسِ(2)
بئسَ مُقامُ الشّيخِ أمرِسْ أمرِسِ
(قعش) القاف والعين والشين أُصَيلٌ يدلُّ على انحناء في شَيء. يقال قَعشْتُ رأسَ الخشبة كيما(3) تُعطَف إليك*. وقَعَشت الشّيءَ: جمعتُه. وهو ذلك القياس، لأنَّك تَعطِفُ بعضَه على بعض، وتَقَعْوَشَ الرّجلُ، إذا انحنَى. وكذلك الجِذع. والقُعُوشُ: مراكب النساء، الواحد قَعْشٌ.
(قعص) القاف والعين والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على داءٍ يدعو إلى الموت. يقال: ضربَه فأقْعَصَه: أي قَتَله مكانَه. والقَعَصْ: الموت الوَحيّ. ومات فلانٌ قَعَْصا. والقُعَاص: داءٌ يأخذ في الصَّدر كأنَّه يكسِر العنُق، يقال قُعِصت فهي مقعوصة.
قعض – قعط - قعف
(قعض) القاف والعين والضاد كلمةٌ تدلُّ على عَطْف شيءٍ وحَنْيِه. من ذلك القَعْض: عطفُك رأسَ الخشبة، كما تُعطَف عروش الكَرْم. وهو قولُه:
* أطرَ الصَّناعَين [العريشَ] القَعْضا(4) *
__________
(1) كذا ضبط في المجمل. وضبط في اللسان بنصب "عزة قعساء". وقبله في اللسان (نصا):
* قلال مجد فرعت أصاصاً *
(2) أنشده في اللسان (مرس) وإصلاح المنطق 95، 220 ومجالس ثعلب 256 وشرح الحماسة للمرزوقي 1725.
(3) في الأصل : "كما". وفي المجمل: "والقعش: عطفك رأس الخشبة إليك".
(4) لرؤبة. والتكملة من ديوانه 80 والمجمل واللسان (قعض).(5/92)
(قعط) القاف والعين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شَدِّ شيء، وعلى شِدَّة في شيء. من ذلك الاقتِعاط، وهو شدُّ العِصابة والعمامة. يقال: اقتعطتُ العمامةَ، وذلك أن يشدَّها برأسه ولا يجعلَها تحتَ حنكِه. وفي الحديث: "أمَرَ بالتلحِّي ونَهَى عن الاقتعاط". ويقولون: القَعَط(1): الغضب وشدّة الصياح. والقَعْط: الضِّيق. يقال: قَعّط على غريمه: ضَيَّق. ومما شذَّ عن هذا القَعْط: الشاء الكثير(2).
(قعف) القاف والعين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اجتراف(3) شيءٍ وأخْذِهِ أجمع. من ذلك القَعْف، وهو شدة الوطء واجتراف التّرابِ بالقوائم. والقاعف: المطر الشديد يَجْرُف وجهَ الأرض. وسيلٌ قُعَافٌ، مثل الجُراف. وقَعَفْتُ النّخلةَ، إذا قلعتَها من أصلها. والقَعْف: اشتِفافُكَ ما في الإناء أجْمَعَ.
قفل – قفن - قفي
(باب القاف والفاء وما يثلثهما)
(قفل) القاف والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ أحدهما على أوبةٍ من سفر، والآخر على صَلاَبةٍ وشِدَّةٍ في شيء.
فالأوَّل القُفول، وهو الرُّجوع من السَّفَر، ولا يقال للذاهبين قافلةٌ حتّى يرجعوا.
وأمَّا الأصل الآخَر فالقَفِيل، وهو الخشب اليابس. ومنه القُفْل: سمِّي بذلك لأنَّ فيه شدّاً وشِدَّة. يقال أقفَلتُ البابَ فهو مُقْفَل. ويقال للبخيل: هو مُقْفَل اليدين. وقَفَِلَ الشّيء: يَبِس. وخيلٌ قَوَافِلُ: ضَوَامِر. ويقال: أقْفَلَه الصّومُ: أيبَسَه.
(قفن) القاف والفاء والنون ليس بأصلٍ، لكنَّهم يقولون: القَفَن: لغةٌ في القَفا. والقفِينةَ: الشَّاة تُذبَح من قَفاها. ويقال: إنَّ القَفَّانَ: طَريقةُ الشّيء ومُنتهَى عملِه. وجاء في حديث عمر: "ثمَّ أكون على قَفّانِه".
__________
(1) كذا ضبط في الأصل والمجمل، وضبط في القاموس بإسكان العين.
(2) ورد هذا المعنى في القاموس ولم يرد في اللسان.
(3) في الأصل: "احتراف" في هذا الموضع وتاليه، تحريف.(5/93)
(قفي) القاف والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على إتْباعِ شيءٍ لشيء. من ذلك القَفْو، يقال قَفوت أثَرَه. وقَفَّيتُ فلاناً بفلانٍ، إذا أتْبَعتَه إيّاه. وسمِّيت قافيةُ البيت قافيةً لأنَّها تقفو سائرَ الكلام، أي تتلوه وتَتْبعه. والقَفَا: مُؤْخِر الرّأس والعُنُق، كأنَّه شيءٌ يَقفو الوجه. والقافية: القفا. وفي الحديث: "يقعدُ الشّيطانُ على قافية رأسِ أحدهم".
قال ابن دريد(1): يقال فلانٌ قِفْوتي: أي تُهمتي، وقِفْوَتي، أي خِيرَتي.
قفح – قفخ
قال: فكأنَّه من الأضداد. وهذا الذي قاله فإنَّ المعنى فيه إذا اتَّهمه: قفاه أي تَبِعه يطلب سيّئةً عنده، وإذا كان خِيرَتَه قَفاه أيضاً أي تَبِعه يرجو خَيْره. وليس ذلك عندنا من طريقة الأضداد في شيء. والقَفِيُّ والقَفاوة: ما يُدَّخر من لبنٍ أو غيرِه لمن يُراد تكرمتُه به. وهو من القياس، كأنَّه يُرادَ [و] يتبَع به إذا أُهديَ له. قال سلامة:
ليس بأسفَى ولا أقنَى ولا سَغِلٍ
يُسقَى دواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ(2)
وقولهم: قَفَوت الرَّجُل، إذا قذفْتَه بفُجورٍ(3) هو من هذا، كأنَّه أتْبَعَه كلاماً قبيحاً. وفي الحديث: "لا نَقْفُو أمَّنا(4)".
(قفح) القاف والفاء والحاء، قال ابنُ دريد(5): قَفَحت نفسُه عن الشّيء إذا كرهَتْه. قال: وهو في شِعر الطرِمّاح(6).
(قفخ) القاف والفاء والخاء كلمةٌ واحدةٌ* وهو ضربُ الشَّيءِ اليابس على مِثله. يقال قَفَخ هامتَه. قال:
__________
(1) الجمهرة (3: 156).
(2) ديوان سلامة بن جندل 8 والمفضليات (1: 119) واللسان (قفا).
(3) في الأصل: "بعجوز"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) في اللسان: وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نحن بنو النضر بن كنانة لا نقذف أبانا ولا نقفو أمنا".
(5) الجمهرة (2: 175).
(6) وكذا ورد الكلام في المجمل والجمهرة. يشير إلى قول الطرماح في ملحقات ديوانه 189:
ب حتى ترى نفسه قافحه
يسف خراطة مكر الجنا(5/94)
* قَفخاً على الهامِ وبَجَّاً وَخْضا(1) *
قفد - قفر
(قفد) القاف والفاء والدال أصلٌ يدلُّ على التواءٍ في شيء. من ذلك القَفَد: التواءُ رسغِ اليد الوحشيّ؛ رجلٌ أقفدُ وامرأةٌ قفداء. وكذلك الفرس. ويقولون: القَفْداء: جنس من الاعتمام.
(قفر) القاف والفاء والراء أصلٌ يدلُّ على خُلوٍّ من خير. من ذلك القَفْر: الأرض الخالية. ومنه القَفَار: الطَّعام ولا أُدْمَ معه. وفي الحديث: "ما أقْفَرَ بيتٌ فيه خَلّ". وامرأةٌ قَفرة: قليلةُ اللّحم.
ومما شذَّ عن هذا الأصل، وهو من باب الإبدال، يقولون: اقتفرت الأثَرَ واقتفيتُه، وتفقَّر مثلُه. قال صخر(2):
* فإنِّي عن تفقُّركم مكيثُ(3) *
وأمَّا القَفُّور فنَبت. قال ابنُ أحمر:
ثم تَعُرُّ الماءَ فيمن يَعُرّْ
تَرعَى القَطاةُ الخِمسَ قَفُّورَها(4)
ومن القياس الأوّل قولهم: نزلْنا ببني فلانٍ فبتْنا القَفْرَ، إذا لم يَقرُونا وقال ابن دريد(5) -وليس من البابين-: القفَر: الشَّعر. وأنشد:
قفز - قفس – قفش – قفص - قفط
لتُروَين أو لتُبيدَنَّ الشُّجُرْ(6)
قد عَلِمَتْ خَودٌ بساقَيْها القَفَر
جمع شِجار وهو خَشَب البِئر.
(قفز) القاف والفاء والزاء أصلانِ يدلُّ [أحدهما] على شبه الوَثْب، والآخر على شيءٍ يُلبَس.
__________
(1) لرؤبة في ديوانه 81 واللسان (قفخ، بجج)، وقد سبق في (بج).
(2) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "وقال أبو الملثم صخر"، وصواب "الملثم" "المثلم" وهو رجل هذلي يناقض بشعره صخر الغي الهذلي، وليس الشعر لصخر، بل هو لأبي المثلم. انظر ديوان الهذليين (2: 224).
(3) صدره كما في الديوان: * أنسل بني شغارة من لصخر *
(4) البيت في اللسان (عرر، قفر) وفي الأصل: "تقفرها".
(5) الجمهرة (2: 400).
(6) أنشدهما في الجمهرة. وأنشد الأول في اللسان (قفر).(5/95)
فالأوَّل القَفَزان: مصدر قَفَز. ويقال للضَّفادع: القَوافز. والآخر القُفَّاز: وهو ضربٌ من الحَلْي تَتَّخذه المرأةُ في يديها ورجليها. ويقولون على التشبيه بهذا: فرسٌ مقفَّز، إذا استدار تحجيلُه بقوائمه ولم يجاوز الأشاعر نَحْوَ المنَعَّل. فأمَّا القَفِيز فمعرَّب.
(قفس) القاف والفاء والسين. يقولون: القَفَس: الغضب.
(قفش) القاف والفاء والشين. فيه طريفَة ابنِ دريد(1): قفش: جمع.
(قفص) القاف والفاء والصاد كلماتٌ تدلُّ على جمعٍ واجتماع. يقولون: تقفّص، إذا تجمَّع، وقَفَّصتُ الظّبْيَ، إذا شددتَ قوائمَه جميعاً. وقولهم: إن القَفْصَ: الوَثْب، من هذا، وذلك تجمُّع.
(قفط) القاف والفاء والطاء كلمةٌ واحدة. يقولون: قَفَط الطَّائرُ، إذا سَفِد.
قفع
(قفع) القاف والفاء والعين كلماتٌ تدلُّ على تجمُّع في شيء. يقال: أذنٌ قَفْعاءُ، كأنَّها أصابَتْها نار فانزَوَتْ. والرِّجْل القَفْعاء: التي ارتدَّتْ أصابعُها إلى القَدَم من البرد. والقَفْعة: شيءٌ يتَّخَذ من خُوص يُجتَنَى فيه الرُّطَب. وفي الحديث في ذكر الجراد: "ليْتَ عندنا منه قَفْعَةً أو قفعتين". والله تعالى أعلمُ وأحكم.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله قاف)
ومنه ما له أدنى قياس، ومنه ما وضع وضعاً.
من ذلك (القَفَنْدر): الشَّيخ. والقفندر: اللَّئيم الفاحش. وهذا مما زيدت فيه النون، ثم يكون منحوتاً من القَفْد والقَفْر: الخلاءِ من الأرض، والقَفْد من قَفَدْتُه، كأنَّه ذليل مَهِين.
ومن ذلك (القلمَّس): السيِّد. وهذا مما زيدت فيه اللام، وهو من القَمْس والقاموس، وهو مُعظَم الماء، شبِّه بقاموس البحر.
ومن ذلك (القَلَهْذَم)، يقال هو صفةٌ للماء الكثير. وهذا مما زيدت فيه اللام والهاء، وهو من القَذْم وهو الكثرة، وقد فسَّرناه.
__________
(1) الجمهرة (3: 65).(5/96)
ومن ذلك (القَصَنْصَع)، وهو القصير، وهو ممَّا زيدت فيه النون وكرِّرت صاده، وهو من القَصْع. وقد قلنا إنَّ القصع يدلُّ على مُطامَنةٍ في شيء وهَزْم فيه، كأنَّه قُصِع.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله قاف)
ومن ذلك (القُرْشُوم) وهو القُراد، وقد زيدت فيه الميم، وأصله القرش، وهو الجمع، سمي قرشوماً لتجمُّع خلقه.
ومن ذلك الحسب (القُدْموس): القديم، وهو مما زيدت فيه السين وأصله من القِدَم. ورجلٌ قُدمُوس: سيِّد، وهو ذلك المعنى.
ومن ذلك (القُرضوب) هو اللصّ. قال الأصمعيّ: وأصله قطع الشيء. يقال: قرضَبْتُه: قطعته. والذي ذكره* الأصمعيّ صحيح، والكلمة منحوتة من كلمتين: من قرض وقَضَب، ومعناهما جميعاً: القطع.
ومن ذلك (القِنْعاس) وهو الشَّديد. وهذا مما زيدت فيه النون، وأصله من الأقْعَس والقعساء، وقد فسَّرناه.
ومنه رجل (قُناعِسٌ): مجتمِع الخَلْق.
ومن ذلك (القَمْطَرِير): الشَّديد، وهذا مما زيدت فيه الراء وكرّرت تأكيداً للمعنى، والأصل قَمَط وقد ذكرناه، وأنَّ معناه الجمع، ومنه قولهم بعير قِمَطرٌ: مجتمع الخَلقِ. والقياسُ كلُّه واحد.
ومن ذلك (اقْفَعَلَّت) يدهُ: تقبّضت. وهذا مما زيدت فيه اللام، وهو من تقَفَّعَ الشّيء، وقد ذكرناه.
ومن ذلك (القَلْفَع)، وهو ما يَبِس من الطِّين على الأرض فيتقلّف. وهذه منحوتةٌ من ثلاث كلمات: من قفع، وقلع، وقلف، وقد فُسِّر.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله قاف)
ومن ذلك (القَرَقُوس)، وهو القاع الأملس، وأصله من القَرَق، والسين فيه زائدة، وقد ذكرناه.
ومن ذلك (القَنَازِع) من الشَّعر، وهو ما ارتَفَع وطال، وأصله من القزع، والنون زائدة، وقد ذكَرْناه.(5/97)
ومن ذلك (القرْفُصاء)، وهو أن يقعد الرجل قِعدةَ المحتبِي ثمَّ يضع يديه على ساقَيه كأنَّه محتَبٍ بهما. ويقال: قرفَصْتُ الرَّجُلَ: شدَدتُه. وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله من القَفْص، وقد ذكرناه.
ومن ذلك (أمّ قَشْعَم): المنيّة والدَّاهية. وهذا مما زيدت فيه الميم، والأصل القَشْع.
ومن ذلك (قُرموص) الصَّائد: بيته. وهذا مما زيدت فيه الراء، وأصله القمص وقد مَرّ.
ومن ذلك شيءٌ ذكره ابنُ دريد(1): بعير (قُرامِلٌ): عَظيم الخَلْق. وهذا مما زيدت لامُه، وأصلُه القرم.
ومن ذلك (القُطْرُب)، وهو دويْبَّة تسعى نهارَها دائباً. وهذا مما زِيدت فيه القاف، والأصل الطَّرَب: خفّةٌ تُصِيب الإنسان؛ فسمِّي قُطرباً لخفّته في سَعْيِه. ويقولون: القُطْرب: الجُنون(2). والقُطرب: الكلب الصغير، وقياسُه واحد.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله قاف)
ومما وضع وضعاً (القَلَهْبَسَة): الهامة المُدوَّرة. و(القِطْمِير): الحبّة في بَطن النواة. و(القِرميد): الآجُرّ. ويقولون: (القُرْقُوف): الجَوَّال. ويقولون (اقرنْبَع) في جِلْسته: تقبَّض. و(اقْمَعَدَّ): عسُر. و(اقْذَعَلّ): عَسُر. و(القَبَعْثَر) العظيم الخَلْق. و(القَرَبوس) للسَّرج. و(القِنْدَأوة): العظيم. ويقولون: ما عليه (قِرطَعْبَةٌ)، أي خِرْقة. وما عليه (قُذَعْمِلَةٌ). والله أعلم بالصواب.
ـــــــ
(تم كتاب القاف والله أعلم بالصواب)
كل
كتاب الكاف
(باب الكاف وما بعدها في الثنائي أو المطابق)
(كل) الكاف واللام أصولٌ ثلاثةٌ صِحاح. فالأول يدلُّ على خلاف الحِدّة، والثاني يدلُّ على إطافة شيء بشيء، والثالث عضوٌ من الأعضاء.
__________
(1) الجمهرة (3: 341).
(2) في القاموس: "نوع من الماليخوليا".(5/98)
فالأول كَلَّ السَّيف يكِلُّ كُلُولاً وكَلّةً(1). والكليل: السيف يكِلُّ حَدُّه. وربما قالوا في المصدر كَلالةً أيضاً. وكذلك اللِّسان والطَّرف الكليلان. ويقال: أكَلَّ القومُ، إذا كَلَّت إبلُهم. وكَلَّلَ فلانٌ مثل نَكَل، وقال قومٌ: كَلَّلَ: حَمَل؛ وهذا خلاف الأوّل، ولعله أنْ يكون من المتضادّات. ومن الباب الكَلُّ: العِيالُ، قال الله تعالى: { وهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاَهُ } [النحل 76]. ويقال: الكَلُّ: اليتيم؛ وسمِّي بذلك لإدارته. والإكليل: منزلٌ من منازل القمر، وهذا على التَّشبيه. والإكليل: السَّحابُ يدور بالمكان. قال محمد بن يزيد: سمِّي الإكليل لإطافته بالرَّأس. فأمَّا الكَلالة فقال محمد: الكلالةُ هم الرِّجالُ الوَرَثة، كما قال أعرابيّ: "مالي كثير(2)، ويَرِثُنِي كلالَةٌ مُتَرَاخٍ نسبُهم". قال: وهو مصدرٌ من تَكَلَّلَه النّسبُ، أي* تعطَّفَ عليه، فسمَّوا بالمصدر. والعلماء يقولون في الكلالةِ أقوالاً متقارِبة. قالوا: الكلالة: بنو العَمِّ الأباعدُ، كذا قال ابنُ الأعرابيّ: فأمَّا غيرُه من
كم
أهل العلم فروى زُهير عن جابر بن عامر، قال: لما قال أبو بكر: "مَن ماتَ وليس له ولدٌ ولا والد فورثَتُه كَلالة" ضَجَّ(3) عليٌّ منها، ثم رجع إلى قوله. قال المبرّد: والولد خارجٌ من الكلالة. قال: والعرب تقول: لم يرِثه كلالةً، أي لم يرثه عن عُرْضٍ بل عن قُرْبٍ واستحقاق، كما قال الفرزدق:
عن ابْنَيْ منافٍ عبدِ شمس وهاشمِ(4)
ورِثتم قناةَ المُلك غيرَ كلالةٍ
وأمَّا الآخَر فالكَلكَل: الصدر. ومحتملٌ أن يكون هذا محمولاً على الذي قبله، كأنَّ الصدر معطوفٌ على ما تحته.
__________
(1) الذي في المجمل واللسان والقاموس: "كلا".
(2) في الأصل: "قال كثير"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "صح".
(4) ديوان الفرزدق 852 واللسان (كلل).(5/99)
ومما شذَّ عن الباب الكُلْكُل: القصير. وانكلّتِ المرأة، إذا ضحكت تَنْكَلُّ. فأمَّا كُلّ فهو اسمٌ موضوع للإحاطة مضافٌ أبداً إلى ما بعده. وقولهم الكُلّ وقام الكُلّ فخطأ، والعربُ لا تعرفه.
(كم) الكاف والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غِشاء وغِطاء. من ذلك الكُمَّة، وهي القلنسوة، ويقال منها: تكمَّمَ الرَّجل، وتكمكم. ومن ذلك الحديث: "أنَّ عمر رأى جاريةً مُتَكَمْكِمَةً". والكُمّ: كُمّ القميص، يقال منه كَمَمْتُهُ(1)، أي جعلت له كُمَّيْن. والكِمُّ: وِعاء الطَّلع، والجمع الأكمام. قال الله سبحانه: { والنَّخْلُ ذاتُ الأكْمام } [الرحمن 11]. قال أبو عبيد: وأكِمَّةٌ وأكامِيم. ويقال: كَمّ الفَسيلَ، إذا أشفَقَ عليه فَسُتِرَ حتى يَقْوَى. والأكاميم: أغطيةُ النَّور. ومن الباب: الكَمكام: المجتمِع الخَلْق.
كن - كه - كو
(كن) الكاف والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَتْرٍ أو صون. يقال كنَنْتُ الشيءَ في كِنِّهِ، إذا جعلتَه فيه وصُنتَه. وأكننتُ الشّيءَ: أخفيتُه. والكِنانة المعروفة، وهي القياس. ومن الباب الكُنَّة، كالجناح يُخرِجه الرّجل من حائطِهِ، وهو كالسُّتْرة. ومن الباب الكانون، لأنَّه يستُر ما تحتَه. وربما سمَّوا الرَّجُلَ الثقيلَ كانوناً. قال الحطيئة:
وكانوناً على المتحدِّثينا(2)
أغِرْبالاً إذا استُودِعْتِ سِرَّاً
فأمَّا الكَنَّةُ فشاذّةٌ عن هذا الأصل، ويقال إنَّها امرأة الابن. قال:
سِمْعَنَّةً نِظْرَنَّهْ(3)
إن لنا لَكَنَّهْ
(كه) الكاف والهاء ليس فيه من اللغة شيءٌ إلا ما يُشبه الحكاية، يقال كَهَّ السَّكرانُ، إذا استنكَهْتَه فكَهَّ في وجهك. وليس هذا بشيء. ويقولون: كهكه الأسدُ في زئيره. ثم يقولون: الكَهَكاهُ من الرِّجال: الضعيف. وينشدون:
__________
(1) كذا ورد ضبطه في المجمل. والذي في اللسان والقاموس: "أكممته" من الرباعي.
(2) ديوان الحطيئة 61 واللسان (كنن).
(3) أنشده في اللسان (سمع).(5/100)
إذا ما اشتدَّتِ الحِقَبُ(1)
ولا كَهْكَاهة بَرَمٌ
ولا معنى عندي لقولهم إنَّه الضعيف. وهذا كالتجوُّز، وإنما يراد أنَّه يَكُهُّ في وجه سائِله. والباب كلُّه واحد.
(كو) الكاف والحرف المعتل قريبٌ من الباب قبله، [وليس فيه] إلاّ
كب
قولُهم: كواه بالنّار يَكويه. ويستعيرون هذا فيقولون: كواه بعينه، إذا أحدَّ النَّظرَ إليه. وإنِّي لأتكَوَّى بالجارية، أي أتدَفَّأُ بها. والكوَّة معروفة.
* * *
والكَأْكَأَة: النُّكوص، ويقال التجمُّع.
(كب) الكاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على جَمع وتجمع، لا يَشِذّ منه [شيء]. يقال لما تجمَّع من الرَّمل كُباب. قال:
* يُثِيرُ الكُبابَ الجَعْدَ عن مَتْن مَحْمِلِ(2) *
ومنه: كَبَبْتُ الشَّيءَ لوجهه أكُبُّه كَبَّاً. وأكَبَّ فلانٌ على الأمر يفعلُه. وتكبَّبتِ الإبلُ، إذا صُرِعَت من هُزال أو داء. والكَبكبةُ: أن يتدهْوَر الشّيء إذا أُلقِيَ في هُوَّة حتى يستقرَّ، فكأنَّه(3) [تردّد(4)] في الكبِّ. ويقال: جاء متكبكِباً في ثيابِهِ، أي متزمِّلاً. ومن ذلك الكُبَّة من الغَزْل. ومن الباب كوكب الماء، وهو مُعظَمه. والكبكبة: الجماعة من الخيل. والكوكب يسمَّى كوكباً من هذا القياس.
قال أبو عبيدة: ذهب القومُ تحتَ كلِّ كوكب، إذا تفرَّقوا. ويقال للصبيّ إذا قارَبَ المراهقَة: كوكبٌ، وذلك لتجمُّع خَلْقه. *والكَبَّةُ: الزِّحام. فأمَّا قولُهم لنَوْر الرَّوضة كوكب، فذاك على التّشبيه من باب الضياء. قال الأعشى:
كت - كث – كح – كد
يُضَاحِكُ الشَّمْسَ منها كوكب شَرِقٌ
__________
(1) البيت لأبي العيال الهذلي. ديوان الهذليين (2: 242) واللسان (كهه). ورواية الديوان: "ولا بكهامة".
(2) لذي الرمة في ديوانه 505 واللسان (كبب، عرق، حمل). وصدره:
* توخاه بالأظلاف حتى كأنما *
(3) في الأصل: "مكانه". وفي المجمل: "كأنه".
(4) التكملة من المجمل.(5/101)
مُؤزَّرٌ بعميم النَّبْتِ مكتهلُ(1)
وكذلك قولهم لبَريق الكَتِيبة: كوكب.
(كت) الكاف والتاء ليست فيه لغةٌ أصلية، ويجري البابُ مَجرى الحكاية. فالكتيت: صوتُ البَكْر، كالكَشِيش. يقال: كَتَّ يَكِتّ، وكَتّ الرّجُل من الغضب. وكَتِيت القِدر: صوتُ غَلَيانها. ويقولون: كتَتُّ الكلامَ في أذنه. وكتكت في الضَّحِك: أغرَبَ. وهذه كلماتٌ يُشبِهُ بعضُها بعضاً. وما أبعدَهَا من الصّحّة. فأمَّا الكَتَّان فلعلَّه معرَّب. وخفَّفه الأعشى فقال:
* بينَ الحريرِ وبينَ الكَتَنْ(2) *
(كث) الكاف والثاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّعٍ، وفروعُه تقلُّ. فالكَثَّةُ نعتٌ لِلِّحْية المجتمعة، [وهي] بيِّنة الكَثَث والكثَاثة. ومنه الكثْكَث: مجتمعٌ من دُقاق التُّرْب. وهو الكِثكِثُ أيضاً.
(كح) الكاف والحاء ليس بشيء، وربما قالوا الكُِحْكُِح من الشَّاه: المسِنُّ. ويقولون: أعرابيٌّ كُحٌّ، مثل قُحّ.
(كد) الكاف والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على شِدَّةٍ وصَلابة. من ذلك الكَديد: وهو التُّراب الدَّقيق المكدود المركَّل بالقوائم؛ ثم يُقاس على ذلك
كذ - كر
الكدُّ، وهو الشِّدَّةُ في العمل وطلب الكسب، والإلحاحُ في الطَّلَب. ويقال: كَدَدْتُ فلاناً بالمسألة، إذا ألْحَحْتَ عليه بها وبالإشارة إليه عند الحاجة. قال:
* عَفَفْتُ ولم أكْدُدْكُمُ بالأصابع(3) *
__________
(1) ديوان الأعشى 43 واللسان (شرق).
(2) البيت بتمامه كما في الديوان 19 واللسان (كتن):
ب بين الحرير وبين الكتن
هو الواهب المسمعات الشرو
(3) صواب إنشاده: "وحجت" بدل "عففت" كما في اللسان، وكما سبق في (حوج). وهو للكميت في اللسان (حوج، كدد). وصدره:
* غنيت فلم أرددكم عند بغية *(5/102)
ومن الباب: الكَدْكَدَةُ: ضربُ الصَّيقلِ(1) المِدْوَسَ على السَّيف إذا جَلاَه. والكُدَادة: ما يُكَدُّ من أسفل القِدْرِ من المَرَق. وبئرٌ كَدُودٌ، إذا لم يُنَلْ ماؤُها إلاَّ بجَهد. والكدكدة: تثاقلٌ في العَدْو. والكَدُّ: شيءٌ تُدَقُّ فيه الأشياء كالهاوُن. والكُدَاد: حِمَارٌ ينسب إليه الحُمُر فيقال: بَنات كُداد.
(كذ) الكاف والذال كلمةٌ واحدة، وهي الكَذَّانُ: حجارةٌ رِخوة كأنَّها مَدَر.
(كر) الكاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على جمعٍ وترديد. من ذلك كَرَرت، وذلك رجُوعك إليه بعد المرّة الأولى، فهو الترديد الذي ذكرناه. والكرير: كالحَشْرجةِ في الحَلْق، سمِّي بذلك لأنَّه يردِّدها. قال:
إذا كانَ دعوَى الرِّجال الكريرا(2)
فَنفسِي فداؤُك يومَ النِّزالِ
والكَرُّ: حبلٌ، سمِّي بذلك لتجمُّع قَواه. والكُرُّ: الْحِسْيُ من الماء، وجمعه كِرار. قال:
كز
له قُلُبٌ عاديَّةٌ وكِرارُ(3)
على كالخَنِيفِ السَّحقِ يدعو به الصَّدى
ومن الباب الكِركِرة: رَحَى زَوْرِ البعير. والكِركِرة: الجماعةُ من النّاس. والكَركرة: تصريف الرِّياحِ السَّحابَ وجمعُها إيّاه بعدَ تفرُّق. فأمَّا قولُ النَّابغة:
فهنَّ إضاءٌ ضَافياتُ الغلائلِ(4)
عُلِينَ بكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّة
__________
(1) في الأصل: "ضرب من الصيقل"، صوابه في المجمل.
(2) للأعشى في ديوانه 71 واللسان (كرر). وفي الديوان: "وأهلي فداؤك عند النّزال" وفي اللسان: "فأهلي الفداء غداة".
(3) البيت ملفق من بيتين، أحدهما في اللسان (خنف)، وسبق أيضاً في (خنف) وهو:
له قلب عفى الحياض أجون
على كالخنيف السحق يدعو به الصدى
... والآخر لكثير، وأنشده في اللسان (كرر). وعجزه في إصلاح المنطق 104، 145 وهو:
به قلب عادية وكرار
ومادام غيث من تهامة طيب
(4) ديوان النابغة 64 واللسان (كدن، كرر، أضا). ويروى: "وأشعرن"، ويروى: "صافيات" بالصاد المهملة.(5/103)
فأظُنُّهُ فارسياً قد ضمّنَه شِعْرَه، وقد يفعلون هذا. ويقولون أن الكُرَّة: رَماد تُجلَى به الدُّروع، ويقال هو فُتَات البَعْر. وربَّما قالوا: كَركرتُه عن الشَّيء: حبَسْته. وإنَّما المعنى أنَّك رددته ولم تَقضِ حاجتَه أوّلَ وهلة. وكركرتُ بالدَّجاجة: صحتُ بها، وذلك لأنَّك تردِّد الصِّياح بها. ويقولون الكَرِك(1): الأحمق أو الأحمر. وهو كلام.
(كز) الكاف والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قَبضٍ وتقبُّض. من ذلك الكَزازة: الانقباض واليُبْس. رجلٌ كَزٌّ، أي بخيل(2). ويقال: كَزَزْتُ الشَّيءَ، إذا ضيَّقتَه، فهو مكزوز. والكُزَاز: داءٌ يأخذُه من شِدَّة البَرْد. وأحسبه من تقبُّض الأطراف. وبَكرة كزة، أي قصيرة(3).
كس – كش – كص – كض - كظ
(كس) الكاف والسين صحيح، إلاَّ أنَّه قليلُ الألفاظ. والصحيح منه الكَسَس: خروج الأسنان السُّفْلى مع الحنك الأسفل. رجلٌ أكَسُّ. كذا في كتاب الخليل. وقال غيره: الكَسَس: قِصَر الأسنان. وما بعد هذا فكلامٌ. يقولون الكَسِيس: لحمٌ يُجَفَّفُ على الحجارة *ثم يُدَقُّ ويُتَزَوَّد. وممَّا يصحُّ في هذا: الكَسِيس، وهو شرابٌ يُتَّخَذ من ذُرة. وينشدون:
فإنْ تُسْقَ من أعشابِ وَجّ فإنّنا
لنا العينُ تَجرِي من كَسِيسٍ ومن سَكَرْ(4)
والشِّعر صحيح، ولعلَّ الكلمةَ من بعض اللُّغات التي استعارتها العرب في كلامها. وأمَّا الكسكسة فكلمةٌ مولَّدة فيمن يُبدِل في كلامه الكاف سيناً.
__________
(1) كذا أورد هذه الكلمة في غير مادتها، وصنع كذلك في المجمل، وحقها مادة (كرك).
(2) في الأصل: "أي فعيل".
(3) في المجمل: "وبكرة كزة: شديدة الصرير. وفرس كزة: قصيرة".
(4) كذا ورد إنشاده. والسكر، بالتحريك: الخمر، أو النبيذ، أو شراب يتخذ من التمر والكشوت والآس. ورواية اللسان (كسس): "ومن خمر". والبيت لأبي الهندي.(5/104)
(كش) الكاف والشين ليس بشيء، وفيه كلمةٌ تَجري مَجرى الحكاية، يقال لهدير البَكْر: الكشيش. والكَشكشَة: كلمةٌ مولَّدة فيمن يُبدِل الكافَ في كلامه شيناً.
(كص) الكاف والصاد كلمةٌ تدل على التواءٍ من الجَهد. ويقال للرِّعدة: كَصيص. والكَصيصة: حِبالة الصَّائد.
(كض) الكاف والضاد. يقولون: إنَّ الكَضكضة: سرعةُ المَشْي.
(كظ) الكاف والظاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على تمرُّسٍ وشِدَّةٍ وامتلاء. من ذلك المُكَاظَّةُ في الحرب: الممارسة الشَّديدة. وكظَّني هذا الأمرُ.
كع – كف
ومن الباب الكَظْكظة امتلاء السِّقاء. ومنه الكِظَّة التي تعتري عن الطَّعام. ويقال: اكتظَّ الوادِي بالماء، إذا امتلأَ بسَيْله. وتكاظَّ القومُ كِظاظاً: تجاوزوا القَدْرَ في التمرُّس والتعادي. قال:
* إذْ سئِمَتْ ربيعةُ الكِظاظا(1) *
(كع) الكاف والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَبسٍ واحتباس. يقال رجلٌ كَعٌّ، وكاعٌّ، أي جبانٌ. وقد أكَعَّه الفَرَق عن الأمر. [قال ابن دريد: لا يقال كاعَ، وإنْ كانت العامّة تقوله(2)]، إنما يقال كَعَّ. قال:
* كعكعهُ حائره عن الدَّقَقْ(3) *
(كف) الكاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قبض وانقباض. من ذلك الكَفُّ للإنسان، سمِّيت بذلك لأنَّها تَقبِض الشّيءَ. ثمَّ تقول: كففت فلاناً عن الأمر وكفكَفتُه(4). ويقال للرجل يَسأل النّاسَ: هو يَستكِفُّ ويتكفَّف. الأصل هذا، ثم يَفرِقون بين الكلمات تختلف في بعض المعنَى والقياسُ واحد: كان
كف
__________
(1) لرؤبة في اللسان (كظظ)، وليس في ديوانه. وقبله:
* إنا أناس نلزم الحفاظا *
(2) التكملة من المجمل. وانظر الجمهرة (1: 113).
(3) كذا ورد في الأصل. والذي في ديوان رؤبة 106:
في حاجر كعكعه عن البثق
قد كف عن حائره بعد الدفق
(4) في الأصل: "وكففته"، صوابه في المجمل.(5/105)
الأصمعيُّ يقول: كلُّ ما استطالَ فهو كُفّة بضم الكاف(1) [نحو كُفّة(2)] الثَّوبِ ونحوه وهو حاشيته، وإنَّما [قيل لها] كفّة لأنَّها مكفوفة، وكذلك كُفّة الرَّمل(3). قال: وكلُّ ما استدارَ فهو كِفّة، نحو كِفَّة الميزان وكِفَّة الصَّائد، وهي حِبالتُه. والكلمتان وإن اختلفتا في الذي قاله الأصمعيُّ فقياسهما واحد. والمكفوف: الأعمى. فأمَّا الكِفَف في الوَشْم، فهي داراتٌ تكون فيه. ويقال: استكفَّ القومُ حولَ الشيء، إذا دارُوا به ناظِرِينَ إليه. قال ابن مقبل:
* بَدَا والعيونُ المستكِفَّةُ تلمحُ(4) *
فأما قول حُميَد:
* إلى مستكِفَّاتٍ لهنّ غُروبُ(5) *
فقال قوم: هي العُيون. وقال قوم: هي إبلٌ مجتمعة. والغُروب: الظِّلال. واستكففتُ الشَّيءَ، وهو أن تضَعَ يدَك على حاجِبيك كالذي يَستظِلُّ من الشَّمس ينظرُ إلى شيءٍ هل يَراه، وإنَّما سُمِّيَ استكفافاً لوَضْعِه كفَّهُ على حاجبه. ويقولون: لقيتُه كَفَّةً كَفَّةً، إذا فاجأتَه، كأنَّ كفُّكَ مسَّتْ كَفَّه. والله أعلم بالصواب.
كلم - كلأ
(باب الكاف واللام وما يثلثهما)
(كلم) الكاف واللام والميم أصلانِ: أحدهما يدلُّ على نطقٍ مُفهِم، والآخَر على جراح.
فالأوّل الكَلام. تقول: كلّمته أُكلّمه تكليماً؛ وهو كَليمِي إذا كلّمك أو كلَّمتَه. ثمَّ يتَّسِعون فيسمُّون اللفظةَ الواحدة المُفهِمَةَ كلمة، والقِصَّةَ كلمة، والقصيدةَ بطولها كلمة. ويجمعون الكلمةَ كلماتٍ وكَلِماً. قال الله تعالى:
{ يُحرِّفُونَ الكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ } [النساء 46، المائدة 13].
__________
(1) بعده في الأصل: "لأنها مكفوفة"، كلام مقحم.
(2) تكملة يقتضيها الكلام. وفي المجمل: "نحو كفة الرمل والثوب".
(3) في الأصل: "الرمث".
(4) صدره كما في اللسان (كفف):
* إذا رمقته من معد عمارة *
(5) صدره كما في ديوان حميد 56، واللسان (كفف):
* ظللنا إلى كهف وظلَّت ركابنا *(5/106)
والأصل الآخر الكَلْم، وهو الجُرْح؛ والكِلام: الجراحات، وجمع الكَلْم كلومٌ أيضاً. ورجل كليمٌ وقومٌ كَلْمَى، أي جرحى، فأمَّا الكُلام، فيقال: هي أرضٌ غليظةٌ(1). وفي ذلك نَظَر.
(كلأ) الكاف واللام والحرف المعتلّ أو الهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على مراقبةٍ ونَظَر، وأصلٌ *آخر يدلُّ على نباتٍ، والثالث عضوٌ من الأعضاء ثم يُستعار.
فأمَّا النظر والمراقَبة فالكِلاءَة(2)، وهي الحِفْظ، تقول: كلأه الله، أي حَفِظه. قال الله عزّ وعلا: { قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ والنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمنِ }
كلأ
[الأنبياء 42]، أي يحفظُكم منه، بمعنى لا يَحميكم أحدٌ منه، وهو الباب الذي ذكرناه أنّه المراقَبة، لأنَّه إذا حفظه نَظَر إليه ورَقَبه. ومن هذا القياس قولُ العرب: تكلأْت كُلأةً، أي استنسأْت نَسِيئَة؛ وذلك من التأخير. ومنه الحديث: "نَهَى عن الكالئ بالكالئ" بمعنى النَّسيئة بالنسيئة. وقول القائل:
* وعينُه كالكالِئ الضِّمارِ(3) *
فمعناه أنَّ حاضرَه وشاهده كالضِّمار، وهو الغائب(4) الذي لا يُرجَى. وإنما قلنا إنّ هذا البابَ من الكُلأَة لأنَّ صاحبَ الدِّين يرقُب ويَحفَظ متى يحُلُّ دَينُه. فالقياسُ الذي قِسناه صحيحٌ. [و] يقال: اكتلأْت من القوم، أي احترستُ منهم. وقال:
__________
(1) في المجمل واللسان: "قال ابن دريد: لم أدر ما صحته".
(2) الكلاءة، بكسر الكاف كالحراسة، وقد تخفف همزتها وتقلب ياء، وقد تحذف الهاء للضرورة كما في قول جميل:
وإن كنت قد أزمعت هجري بغضتي
فكوني بخير في كلاء وغبطة
(3) وكذا ورد إنشاده في المجمل، وهو الصواب، وفي اللسان (كلأ): "المضمار" تحريف، وجاء على الصواب في اللسان (ضمر) وشرح الحماسة للمرزوقي 1240.
(4) في الأصل: "الفايت" صوابه في المجمل واللسان (ضمر).(5/107)
وآمرتُ نفسي أيَّ أَمْرَيَّ أفْعَلُ(1)
أنَختُ بعيرِي واكتَلأْتُ بعَينِه
ويقال: أكلأت بصرِي في الشَّيء، إذا ردَّدته فيه. والمُكلأُ(2): موضع تُرفأُ فيه السُّفُن وتُستَر من الرِّيح. ويقال إنّ كَلاَّءَ البَصرة سمِّيت بذلك.
والأصل الآخر الكلأ، وهو العُشب؛ يقال أرضٌ مُكْلِئة: ذات كلأ، وسواءٌ يابسُه ورطبُه. ومكانٌ كالئ مثل مُكْلِئ.
والأصل الثالث الكُلْيةُ، وهي معروفة، وتستعار فيقال الكُلْية: كُلية المزادة
كلب
جُليدةٌ مستديرة تحتَ العُروة قد خُرِزَت(3). ويقال ذلك في القَوس فالكُلْيتان من القَوس: مَعْقِد الحِمَالة من السَّهْم، ما عن يَمين النَّصِل وشِماله. وكُلْية السَّحاب: أسفلُه، والجمع كُلىً.
(كلب) الكاف واللام والباء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تَعلُّق الشَّيء بالشَّيء في شِدَّة وشدَّة جَذْب. من ذلك الكَلْب، وهو معروف، والجمع كِلابٌ وكَليب. والكَلاَّب والمكلِّب: الذي يعلّم الكلبَ الصَّيد. والكلْبُ الكلِبُ: الذي يَكْلَب بلحوم الناس، يأخُذُه شِبهُ جُنونٍ فإذا عَقَر إنساناً كلِبَ، فيقال رجلٌ كَلِبٌ ورجالٌ كَلْبى. قال:
شفتها من الدَّاء المَجَنَّةِ والخَبْلِ(4)
ولو تَشرب الكلبَى المِراضُ دماءَنا
__________
(1) البيت لكعب بن زهير في ديوانه 55 واللسان (كلأ). وفي الأصل: "واحترست بعينه"، صوابه من الديوان واللسان والمجمل. وفي الديوان: "أنخت قلوصي واكتلأت بعينها".
(2) في الأصل: "المكلأة"، صوابه في المجمل واللسان، ويقال أيضاً "الكلاء" كشداد كما فيهما.
(3) في المجمل: "قد درزت".
(4) البيت ملفق من بيتين كلاهما للفرزدق. فالأول:
شفتها وذو الخبل الذي هو أدنف
ولو تشرب الكلبى المراض دماءنا
... والآخر قوله:
شفاء من الداء المجنة والخبل
من الدارميين الذين دماؤهم
... انظر الحيوان (2: 6-7) وحواشيهما.(5/108)
ومن الباب كُلْبة الزَّمان وكَلَبُه: شِدَّته. وأرضٌ كَلِبَة، إذا لم يَحِدْ نباتُها رِيَّا فيَبِس، إنّما قيل ذلك لأنَّه إذا يَبِس صار كأنياب الكلاب وبراثِنِها. والكَلْبُ(1): سيرٌ أحمرُ يُجعَل بين طرَفَي الأديم إذا خُرِز. يقال كَلَبْتُه. قال:
سَيْرُ صَنَاعٍ في أديمٍ تَكلُبُه(2)
كأنَّ غَرَّ مَتْنِه إذْ نَجْنُبُه
كلت – كلث – كلح
والكَلْب: حديدةٌ عَقْفاء يُعَلِّق عليها المسافرُ الزّادَ من الرَّحل. والكُلاَّب معروف، وهو الكَلّوب. فأمَّا قول طُفَيل:
وما لا يُعَدُّ من أسيرٍ مكلَّبِ(3)
أبأْنا بِقتلانا من القوم مِِثلَهم
[فإن المكلَّب هو المكَبَّل(4)].
والكَلْب: المسمار في قائم السَّيف، وفيه الذُّؤابة. والكُلاب: موضعٌ. ورأس كلبٍ(5): جبل.
(كلت) الكاف واللام والتاء ليس بأصلٍ أصيل، لكنَّهم يقولون: الكَلْت: الجمع، يقال امرأةٌ كَلُّوت(6). ويقولون: الكِلِّيت(7) حَجَرٌ يسدُّ به وِجارُ الضَّبع. وكلُّ هذا ليس بشيء.
(كلث) الكاف واللام والثاء ليس بأصلٍ أصيل، لكنّهم يقولون: إلى بشيء(8). وربَّما قالوا: انكلث فلانٌ: تقدَّم.
__________
(1) يقال أيضاً "كلبة" بضم الكاف، وهو ما في المجمل.
(2) الرجز لدكين بن رجاء الفقيمي في اللسان (كلب، غرر): وأنشده ابن دريد في الاشتقاق 14. وأنشده ابن فارس في المجمل.
(3) ديوان طفيل الغنوي 14 واللسان (كلب).
(4) التكملة مقتبسة من المجمل واللسان. ففي الأول: "والأسير المكلب هو المكبل". وفي الثاني: "وقيل هو مقلوب عن مكبل".
(5) في المجمل: "ورأس الكلب"، وكذا في معجم البلدان. وذهب في اللسان إلى أن "الكلب": جبل باليمامة، قال فيه الأعمش:
* إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفعا *
(6) كذا ضبطت في المجمل، وفي اللسان بفتح الكاف وضم اللام الخفيفة، ولم ترد في القاموس.
(7) ضبط في القاموس واللسان كأمير وسكيت.
(8) كذا وردت، ولم ترد المادة في اللسان، وهي من مواد القاموس.(5/109)
(كلح) الكاف واللام والحاء أصلٌ يدلُّ على عُبوس وشَتامةٍ في الوجه. من ذلك الكُلوح، وهو العبوس. يقال كَلَح الرَّجُل، [و] دهرٌ كالِحٌ.
كلد – كلز – كلس - كلع
قال الله تعالى: { تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } [المؤمنون 104]. وربما قالوا للسَّنَة المُجْدِبة: كَلاَحِ. وما أقْبَح كَلَحَته، أي إذا كلَحَ فقَبُح فمُه وما حوالَيه.
(كلد) الكاف واللام والدال كلمةٌ تدلُّ على الصَّلابة في الشيء. فالكَلَدَةُ: القطعة من الأرض الغليظة، ومنه الحارث بن كَلَدة.
قال ابن دريد(1): تكلَّد الإنسانُ: غَلُظَ لحمُه.
(كلز) الكاف واللام والزاء يقولون إنَّه صحيح، وإنَّ الكَلْز: الجمع. يقال: كَلَزْت الشيء وكلَّزته، إذا جمعتَه. وقد رُوِيَتْ كلمةٌ فيه صحيحة لا يُرْتابُ بها، يقولون: اكلازَّ الرّجُل: تقبَّض.
(كلس) الكاف واللام والسين يدلُّ على امتلاءٍ في الشيء. يقولون: تَكَلَّسَ(2) تكلُّساً، إذا رَوِيَ. قال:
* ذو صَولةٍ يُصْبِحُ قد تكلَّسَا *
ويقولون للجادِّ أيضاً: كلَّسَ. قال:
* إذا الفَتَى حكّمَ يوماً كَلَّسَا(3) *
(كلع) الكاف واللام والعين كلماتٌ تدلُّ على دَرَن ووسَخ. يقولون للشُّقاقِ والوسَخ بالقدم: كلَعٌ، وقد كَلِعت رجلُه تكْلَعُ كلَعاً. وإناءٌ كَلِعٌ، إذا
كلف - كمن – كمه
الْتَبَدَ عليه الوسَخ. وسِقاء كَلِع، إذا تراكبَ عليه التُّراب. و [يقال(4)] إن الكُلْعَة: داءٌ يأخذ البعيرَ في مُؤَخّره.
وممّا يُحمَلُ على هذا من معنىً واحد وهو التّراكُب دونَ الوسخ: الكَلَعة من الغَنَم، سمِّيت بذلك لتجمُّعها.
__________
(1) الجمهرة: (2: 296).
(2) في الأصل: "كلس". والفعل وشاهده مما لم يرد في اللسان. وأنشد الشاهد في المجمل أيضاً.
(3) كذا ورد ضبطه في المجمل. وفي الأصل: "مكلسا" تحريفه.
(4) التكملة من المجمل.(5/110)
(كلف) الكاف واللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إيلاعٍ بالشيء وتعلُّقٍ به. من ذلك الكَلَف، تقول: قد كَلِف بالأمر يَكْلَفُ كَلَفاً. ويقولون: "لا يَكُنْ حُبُّكَ كَلَفاً، ولا بُغْضُكَ تَلَفاً". والكُلْفة: ما يُتَكلَّفُ من نائبةٍ أو حقٍّ. والمتكلِّف: العِرِّيض لما لا يَعنيه. قال الله سبحانه: { قُلْ لا أسْأَلُكُمْ علَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ } [ص 86]. ومن الباب الكَلَف: شيءٌ يعلو الوجهَ فيغيِّر بشرتَه.
(باب الكاف والميم وما يثلثهما)
(كمن) الكاف والميم والنون أصيلٌ يدلُّ على استخفاءٍ. يقال: كَمَنَ الشَّيء كُموناً. واشتقاقُ الكَمِين في الحرب من هذا. وزعم ناسٌ أنَّ النّاقةَ الكَمُونَ: الكَتُومُ اللِّقاح، وهي إذا لَقِحَت لم تَشُل بذَنبها. وحُزْنٌ مُكتمِنٌ في القَلب كأنَّه مُستَخفٍ. والكُمْنة: داءٌ في العين من بَقِيَّة رمَد.
(كمه) الكاف والميم والهاء كلمةٌ واحدة، وهو الكَمَه، وهو العَمَى يُولَدُ به الإنسان، وقد يكون من عَرَض يَعرِضُ. قال سُويد:
كمي – كمت - كمح
وهو يَلْحَى نَفسَه لمّا نَزَعْ(1)
كَمِهَتْ عيناهُ حتى ابيضَّتا
(كمي) الكاف والميم والحرف المعتلُّ يدلُّ على خفاءِ شيء. وقد يدخل فيه بعضُ المهموز. من ذلك كمَى فلانٌ الشّهادةَ، إذا كَتَمها. ولذلك سُمِّي الشُّجاعُ الكميّ. قالوا: هو الذي يتكمَّى في سِلاحِه، أي يتغطَّى به. يقال تكَمَّتِ الفتنةُ الناسَ، إذا غَشيتْهم.
وأمّا المهموز فذكروا أنّ العرب تقول: كمِئت عن الأخبار أكْمأُ عنها، إذا جَهِلتَها.
__________
(1) أنشده في المجمل واللسان (كمه) والمفضليات (1: 198).(5/111)
وأمَّا المهموز فليس من هذا الباب وإنَّما هو نَبتٌ. وقد قُلنا إنَّ ذلك لا ينقاسُ أكثَرُه. فالكمأة معروفةٌ، والواحد كَمْءٌ. وهذا نادرٌ أن تكونَ في الجمع هاءٌ ولا تكونَ في الواحدة. ويقال: كَمَأْتُ القوم: أطعمتهم الكَمْأة. ومما يجوز أن يُقاسَ على هذا قولُهم: كمِئَتْ رِجْلي: تَشقَّقَتْ. ولعلَّ الكَمأة تُسمَّى لانشقاق الأرض عنها. ويقولون: أكْمَأَت فلاناً السِّنُّ: شيَّخَتْه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل أكْمَأَ على الأمر، إذا عَزَم عليه.
(كمت) الكاف والميم والتاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على لونٍ من الألوان من ذلك الكُمْتَة، وهي لونٌ ليس بأشقَرَ ولا أدهم. يقال: فرسٌ كُمَيْت. ولم يجئْ إلا كذا على صورة المصغَّر. والكميت: الخمر فيها سوادٌ وحُمرة.
(كمح) الكاف والميم والحاء كلماتٌ لا تنقاس، وفي بعضها شكّ، غير أنَّا ذكرنا ما ذكروه. قالوا: أكْمَحَ الكَرْمُ، إذا تحرّك للإيراق. وقالوا:
كمر – كمز – كمش - كمع
رجلٌ كَوْمَح: عظيم الأليَتَين. ويقولون: كَمَح الفرسَ، إذا كبَحَه.
(كمر) الكاف والميم والراء كلمةٌ، يقولون: رجلٌ مكمور، وهو الذي يُصِيب الخاتِنُ طرَف كَمَرتِه.
(كمز) الكاف والميم والزاء ليس بشيء. ويقولون: الكُمْزة: الكُتْلة من التَّمر.
(كمش) الكاف والميم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على لَطافةٍ وصِغَر. يقولون *للشّاة الصَّغيرة الضَّرع كَمْشَة. وفرسٌ كَمِيشٌ: صغير الجُرْدان. ثمَّ يقال للرَّجُل العَزُومِ الماضي: كَمْشٌ، ينسَبُ في ذلك إلى لطافةٍ وخِفّة. يقال كَمُشَ كَماشَةً(1). وربَّما قالوا: كَمَشه بالسَّيف، إذا قَطع أطرافه(2).
__________
(1) ويقال أيضاً: كمش كمشا، من باب فرح.
(2) هذا مما ورد في القاموس، ولم يرد في اللسان.(5/112)
(كمع) الكاف والميم والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على اطمئنان وسكون. زعموا أنَّ الكِمْع: البيت؛ يقال هو في كِمْعه أي بَيتِه. وسُمِّي كمعاً لأنَّه يُسكَن. ومن الباب الكميع، وهو الضَّجيع، يقال كامَعَها، إذا ضاجَعَها. والمُكامَعة التي في الحديث، وقد نُهيَ عنها: أن يُضاجِع الرّجُلُ الرّجُلَ لا سِتْرَ بينهما(1).
وقال في الكميع:
باتَ كميعُ الفَتاة مُلتفِِعا(2)
وَهَبَّت الشَّمْأَلُ البليلُ وإذْ
كمل - كنه – كنو
والكِمْع: المطمئنُّ من الأرض.
(كمل) الكاف والميم واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تمام الشيء. يقال: كَمَل الشيءُ وكَمُل فهو كاملٌ، أي تامّ. وأكملتُه أنا. قال الله تعالى: { الْيَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة 3].
(باب الكاف والنون وما يثلثهما)
(كنه) الكاف والنون والهاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على غايةِ الشَّيء ونهايةِ وقتِه. يقال: بلغْتُ كُنْهَ هذا الأمرِ، أي غايتَه وحِينَه الذي هُوَ له.
(كنو) الكاف والنون والحرف المعتل يدلُّ على توريةٍ عن اسمٍ بغيره. يقال: كنيت عن كذا. إذا تكلَّمت بغيره مما يُستَدَلُّ به عليه. وكَنَوْتُ أيضاً. ومِمَّا يوضِّح هذا قول القائل:
وأُعرِبُ أحياناً بها فأُصارِحُ(3)
وإنِّي لأكنو عن قَذُورَ بغيرِها
__________
(1) في اللسان: "وفي الحديث نهى عن المكامعة والمكاعمة. فالمكامعة أن ينام الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة في إزار واحد تماس جلودهما لا حاجز بينهما".
(2) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 13 واللسان (كمع).
(3) البيت في اللسان (قذر، كنى). وأنشده في إصلاح المنطق 157. وقذور: اسم امرأة والقذور من النساء: التي تتنَزه عن الأقذار.(5/113)
ألا تراه جعلَ الكِنايةَ مقابِلة للمصارحة. ولذلك تسمَّى الكُنْية كُنيةً، كأنَّها توريةٌ عن اسمه. وفي كتاب الخليل أنَّ الصَّواب أن يقال يُكْنَى بأبي عبد الله، ولا يقال يكنى بعبد الله. وكُنَى الرُّؤيا هي الأمثالُ التي يَضربُها مَلَكُ الرُّؤيا، يكْنِي بها عن أعيان(1) الأمور.
كنب - كنت – كند
(كنب) الكاف والنون والباء كلمةٌ واحدةٌ لا تُفرّع. قالوا: الكَنَب: غِلَظٌ يعلو اليدينِ من العَمَل إذا مَجِلَتَا. قال:
* قد أكنَبَتْ يدايَ بعدَ لينِ(2) *
قال الأصمعيّ: أكنبَتْ يدُه، ولا يقال كَنِبت. وممّا ليس من هذا. الكَنِب، وهو نبتٌ. قال الطرِمَّاح:
أطرافُ نجدٍ بأرض الطَّلح والكَنِبِ(3)
مُعاليات عن الأرياف مسكنُها
(كنت) الكاف والنون والتاء كلمةٌ إن صحّتْ. يقولون: كَنَتَ، واكْتَنَتَ(4)، إذا لزِمَ وقَنِع. وقال عديّ(5).
(كند) الكاف والنون والدال أصل صحيحٌ واحد يدلُّ على القَطْع. يقال كَنَدَ الحبْلَ يكنُده كَنْداً. والكَنُود: الكفور للنِّعمة. وهو من الأوَّل، لأنَّه يكنُد الشكر، أي يقطعُه. ومن الباب: الأرضُ الكَنود، وهي التي لا تُنبِت. وقال الأعشى:
وَصُولِ حِبالٍ وكنَّادِها(6)
أَمِيطِي تُمِيطي بصُلْبِ الفُؤادِ
كنر – كنز - كنس
__________
(1) وكذا في اللسان. وفي المجمل: "عن أعنان". والأعنان: الأطراف والنواحِي.
(2) أنشده في مجالس ثعلب 525 واللسان (كنب) برواية: "كفاك".
(3) ديوان الطرماح 128 واللسان (كنب). ورواية الديوان: "معاليات عن الخنزير" وفي شرحه: "معاليات: مرتفعات عن أكل لحم الخنزير".
(4) في الأصل: "وأكنت" صوابه في المجمل والقاموس. ولم ترد المادة في اللسان.
(5) كذا في الأصل، وفي المجمل: "وهو في شعر عدي"، ولم أعثر على شاهده بعد.
(6) ديوان الأعشى 500 واللسان (كند).(5/114)
وسمِّي كِندةُ فيما زعموا لأنَّه كَنَد أباه، أي فارَقَه ولحِق بأخواله ورأَسَهُم(1) فقال له أبوه: كَندْتَ.
(كنر) الكاف والنون والراء ليس هو عندنا أصلاً، وفيه كلمتان أظنُّهما فارسيَّتين. يقال الكِنَّار: الشُّقَّة من الثِّيَابِ الكَتَّانِ. ويقولون: الكِنَّارات: العِيدان أو الدُّفوف، تفتح كافها وتكسر.
(كنز) الكاف والنون والزاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع في شيء. من ذلك ناقة كِنَازُ اللَّحم، أي مجتمِعة. وكَنَزت التَّمْرَ في وعائه أكنِزُه. وكنَزت الكنْزَ أكنِزه. ويقولون في كَنْز التَّمر: هو زمن الكَنَاز. قال ابن السِّكِّيت: لم يُسمَع هذا إلاَّ بالفتح، أي إنَّه ليس هذا مما جاء على فِعال وفَعال كجِداد وجَداد.
(كنس) الكاف والنون والسين أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على سَفْر شيءٍ عن وجهِ شيء، وهو كَشْفُه. والأصل الآخر يدلُّ على استخفاء.
فالأوَّل: كَنْس البيتِ، وهو سَفْرُ التُّرَابِ عن وجه أرضه. والمِكْنسة: آلة الكنْس. والكُناسَة: ما يكنَس.
والأصل الآخر: الكِناس: بيتُ الظَّبي. والكانس: الظبي يَدْخُل كِناسَه.
والكُنَّس: الكواكب تَكْنِسُ في بُروجها كما تَدخُل الظِّباءُ في كِناسها. قال أبو* عبيدة: تَكنِس في المَغيب.
كنع - كنف
__________
(1) في الأصل: "وأسهم"، صوابه في المجمل.(5/115)
(كنع) الكاف والنون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على تشنُّجٍ وتقبّض وتجمُّع. من ذلك الكَنَع في الأصابع، وهو تشنُّج وتقبُّض. يقال: كَنِعَتْ أصابعُه تَكنع كَنَعاً. ومنه تكنَّع فلانٌ بفلانٍ، إذا ضَبِث به. وكَنَعَت العُقاب إذا ضمَّت جناحَها للانقضاض. واكتَنَعَ القومُ، إذا مالوا(1). [و] كَنَع الأمرُ: قرُب. ويقولون: كَنَع الرّجلُ وأكنَع، إذا لان. وهذا من الباب لأنه يتقبَّض ويتجمَّع. وفي الحديث: "أعوذُ بك من الكُنُوع(2)". فهذا من كَنَع.
(كنف) الكاف والنون والفاء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على سَتْر. من ذلك الكَنِيف، هو السَّاتر. وزعم ناسٌ أنَّ الترسَ يسمَّى كنيفاً لأنّه ساتر. وكلُّ حظيرةٍ ساترةٍ عند العرب كَنِيف. قال عُروة:
عشِيَّةَ بتنا عند ماوَانَ، رُزَّحِ(3)
أقولُ لقومٍ في الكنيف تَروَّحُوا
ومن الباب كَنَفْتُ فلاناً وأكنفتُه. وكَنَفَا الطّائرِ: جناحاه، لأنَّهما يستُرانِه. ومنه الكِنْف، لأنَّه يستُر ما فيه. وفي قول عمر لعبد الله بن مسعود: "كُنَيْفٌ مُلِئَ عِلماً"، أراد به تصغير كِنْف. وناقةٌ كَنوفٌ: يصيبها البردُ، فهي تَسَتَّرُ بسائر الإبل. ويقال: حظَرت للإبل حظيرةً، وكنَفْتُ لها وكَنَفْتُها أكنُفها. فأمَّا قولُهم: كَنَفتُ عن الشَّيء: عدلت، وإنشادُهم:
كها – كهب – كهد
* ليُعْلَم ما فينا عن البَيع كانفُ(4) *
__________
(1) في الأصل: "قالوا". وفي اللسان: "واكتنع عليه: تعطف، والاكتناع: التعطف" وفي المجمل: "واكتنع القوم، إذا تجمعوا"، ومثله في موضع آخر من اللسان.
(2) في اللسان: "الأصمعي: سمعت أعرابياً يقول في دعائه: رب أعوذ بك من الخنوع والكنوع".
(3) البيت في ديوان عروة 88 ومعجم البلدان (ماوان). وقد استشهد به السيوطي في همع الهوامع (2: 116) على الفصل بين الصفة والموصوف بمباين محض.
(4) للقطامي في ديوانه 25 واللسان (كنف). وصدره:
* فصالوا وصلنا واتقونا بماكر *(5/116)
فليس ذلك بملخَّص على القياس الذي ذكرناه، وإنما المعنى عدلت عنه متوارياً ومتستِّراً بغيره.
(باب الكاف والهاء وما يثلثهما)
(كها) الكاف والهاء والحرف المعتل كلمةٌ واحدة لا تنقاس ولا يُفرَّع عنها. ويقولون للنَّاقة الضَّخمة: كَهَاةٌ. قال:
فلا تُهدِ منها واتَّشِقْ وتجَبْجَبِ(1)
إذَا عَرَِضَتْ منها كَهَاةٌ سمينةٌ
(كهب) الكاف والهاء والباء كلمةٌ. يقولون للغُبرة المَشُوبةِ سواداً في الإبل كُهْبَةٌ.
(كهد) الكاف والهاء والدال، يقولون فيه شيئاً يدلُّ على تحرُّكٍ إلى فوق. يقولون: كَهَدَ الحِمارُ، إذا رَقَص في مِشْيته. وأكهدتُه: أرقصتُه، في شِعر الفرزدق:
* يُكْهِدُون الحُمُرْ(2) *
ويقولون: اكْوَهَدَّ الفَرْخُ، إذا تحرَّك ليرتفع.
كهر - كهف – كهل
(كهر) الكاف والهاء والراء كلمتانِ متباعدتانِ جداً: الأولى الانتهار، يقال كَهَرَهْ يَكْهَرُه كَهْراً. وفي الحديث: "بأبي وأمي ما كَهَرَني ولا شَتَمنِي". وقرأ ناسٌ: { فأمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَكْهَرْ(3) } [الضحى 9].
والأصل الآخَر: كَهْرُ النَّهارِ، وهو ارتفاعُه، يقال كَهَرَ يَكْهَرُ. قال:
* وإذا العانة في كَهْر الضُّحى(4) *
(كهف) الكاف والهاء والفاء كلمةٌ واحدة، وهي غارٌ في جَبَل، وجمعه كُهوف.
(كهل) الكاف والهاء واللام أصلٌ يدلُّ على قُوَّة في الشَّيء أو اجتماع جِبِلَّة. من ذلك الكَاهل: ما بين الكتِفين: سمِّي بذلك لقُوّته. ويقولون للرَّجُل المجتمِع إذا وَخَطه الشَّيب: كَهْل، وامرأة كَهْلة. قال:
__________
(1) البيت لخمام بن زيد مناة اليربوعي، كما في اللسان (جبب)، وفي (كها، وشق) بدون نسبة. وقد سبق في (عرض).
(2) في المجمل: "الحمير".
(3) هي قراءة ابن مسعود وإبراهيم التيمي. تفسير أبي حيان (8: 486).
(4) صدر بيت لعدي بن زيد، كما في اللسان (كهر). وعجزه:
* دونها أحقب ذو لحم زيم *(5/117)
أُمارِسُ الكَهلة والصَّبِيَّا(1)
ولا أعود بعدَها كَرِيَّا
وأمَّا قولُهم للنَّبات: اكتَهَلَ، فإنما [هو] تشبيه بالرّجل الكهل. واكتهالُ الروضة: أن يعمَّها النَّوْر. قال الأعشى:
* مُؤزَّر بعَميم النبتِ مكتهلُ(2) *
كهم – كهن – كوي – كوب - كود
(كهم) الكاف والهاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على كَلالٍ وبُطْء. من ذلك الفَرس الكَهَام: البَطيء. والسَّيف الكَهام: الكليل. واللِّسان الكَهام:العييّ. ثم يقولون للمُسِنّ كَهْكَمٌ. ويقولون: أكْهَمَ بَصرُه، إذا رَقَّ.
(كهن) الكاف والهاء والنون كلمةٌ واحدة. وهي الكاهن، وقد تكهَّنَ يَتَكهَّن. والله أعلم.
(باب الكاف والواو وما يثلثهما)
(كوي) الكاف والواو والياء أصلٌ صحيح، وهو كَوَيْتُ بالنَّار. وقد ذكرناه.
(كوب) الكاف والواو والباء كلمةٌ واحدة. وهي الكُوب: القَدَح لا عُروةَ ـله؛ والجمع أكواب. قال الله تعالى: { وأَكْوَابٌ مَوْضوعَةٌ } [الغاشية
14]. ويقولون: الكُوبةُ: الطَّبلُ لِلَّعب.
(كود) الكاف والواو والدال كلمةٌ كأنَّها تدلُّ على التماسِ شيءٍ ببعض العَناء. يقولون: كادَ يكُود كَوْداً ومَكاداً. ويقولون لمن يَطلُب منك الشَيءَ فلا تُريد إعطاءَه: لا ولا مَكادة. فأمَّا قولهم في المقارَبة: كاد، فمعناها قارب. وإذا وقعت كادَ مجرَّدَةً فلم يقع ذلك الشيء تقول: كادَ يَفْعل، فهذا لم يُفعل، وإذا قُرِنَتْ بِجَحد فقد وقع، إذا قلت ما كاد يَفعلُه فقد فعله. قال الله سبحانه:
{ فَذَبَحُوهَا وَمَا كادُوا يَفْعَلُونَ } [البقرة 71].
كور – كوز - كوس
__________
(1) الرجز لعذافر الكندي، كما في (كرا). وأنشده في (كهل) بدون نسبة.
(2) صدره كما في ديوانه 43 واللسان (كهل):
* يضاحك الشمس منها كوكب شرق *(5/118)
(كور) الكاف والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلّ على دُوْرٍ وتجمُّع. من ذلك الكوْر: الدَّور. يقال كار يَكُورُ، إذا دار. وكَوْرُ العمامة: دَوْرُها. والكُورَةُ: الصُّقْع، لأنَّه يدُور على ما فيه من قُرىً. ويقال طعَنَه فكَوَّرَه، إذا ألقاه مجتمِعاً. ومنه قولُه تعالى: { إذا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ } [التكوير 1]، كأنَّها جُمِعَت جَمْعاً، والكُور: الرَّحْل؛ لأنَّه يدور بغارِب البَعير؛ والجمع أكوار. فأمّا قولهم: "الحَوْر بَعْدَ الكَور"، فالصحيح عندهم: "الحَوْر بعد الكَوْن"، ومعناه حار، أي رجع ونَقَص بعدما كان. ومن قال بالراء فليس يبعُد، أي كان أمرُه متجمِّعاً، ثم حار ونَقَص. وقوله تعالى: { يُكَوِّرُ اللَّيْلَ علَى النَّهَارِ } [الزمر 5]، أي يُدير هذا على ذاك، ويُدير ذاك على هذا. كما جاء في التفسير: زِيد في هذا من ذلك، وفي ذاك [من هذا]. والكَوْر: قِطعةٌ من الإبل كأنَّها خمسون ومائة. وليس قياسُه بعيداً، لأنها إذا اجتمعت استدارت في مَبْرَكها. وكُوَّارة النَّحْل معروفة.
ومما يشِذُّ عن هذا الباب قولهم: اكتارَ الفَرسُ، إذا رفَعَ ذَنبَه في حُضْرِه.
(كوز) الكاف والواو والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تجمُّع. قال أبو بكر(1): تكوَّزَ القومُ: تجمّعوا. قال: ومنه اشتقاق بني كُوزٍ من ضَبَّة. والكُوز للماء من هذا، لأنَّه يجمع الماء. واكتاز الماء: اغتَرَفَه.
(كوس) الكاف والواو والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على صَرْعٍ أو ما يقاربه. يقال: كاسَه يَكُوسُه، إذا صرعه. ومنه كاسَتِ الناقةُ تكوسُ، إذا
كوع – كوف
عُقِرت فقامت على ثلاث. وإنَّما قيل لها ذلك لأنَّها قد قاربت أن تُصرَع. قال:
رَغَا قَرَنٌ منها وكاس عَقِيرُ(2)
__________
(1) الجمهرة (3: 17).
(2) البيت للأعور النبهاني، يهجو جريراً ويمدح غسان السليطي. اللسان (كوس، قرن). وعجزه في إصلاح المنطق 63. وقبله:
فبئس مناخ النازلين جرير
أقول لها أمي سليطاً بأرضها(5/119)
ولو عند غَسَّانَ السَّلِيطيِّ عَرَّسَتْ
وربَّما قالوا للفَرَس القَصير الدَّوارجِ: كُوسِيٌّ. وعُشْبٌ مُتَكاوِسٌ، إذا كثُر وكثُف، وهو من قياس الباب لأنَّه يتصرَّعُ بعضُه على بعض. فأمَّا الكأس، فيقال هو الإناء بما فيه من خمر، وهو من غير الباب.
(كوع) الكاف والواو والعين كلمةٌ واحدة، وهي الكُوع، وهو طرَف الزَّنْد مما يلي الإبهام. والكَوَعُ: خُروجُه ونُتوُّه وعِظَمُه. رجلٌ أكوعُ(1). ويقال الكَوَع: إقبال الرُّسغين على المنكِبين. وكوَّعَه بالسَّيف: ضَربَه. ولعلّه بمعنى أن يُصِيبَ كُوعَه.
(كوف) الكاف والواو والفاء أصيل يقولون: إنَّه يدلُّ على استدارةٍ في شيء. قالوا: تكوَّفَ الرّملُ: استدارَ. قالوا: ولذلك سمّيت الكُوفةُ. ويقولون: وقعنا في كُوفَان وكَُوَّفان(2)، أي عناءٍ ومشقّة، كأنَّهم اشتقُّوا ذلك من الرَّمل المتكَوِّف، لأن المشيَ فيه يُعَنِّي.
كون – كوم - كول
(كون(3)) الكاف والواو والنون أصلٌ يدلُّ على الإخبار عن حدوث شيء، إمَّا في زمانٍ ماضٍ أو زمان راهن. يقولون: كان الشيءُ يكونُ كَوناً، إذا وقَعَ وحضر. قال الله تعالى: { وَإنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ } [البقرة 280]، أي حَضَر وجاء. ويقولون: قد كان الشِّتاءُ، أي جاء وحضر. وأمَّا الماضي فقولنا: كان زيدٌ أميراً، يريد أنَّ ذلك كان في زمان سالف. وقال قوم: المكانُ اشتقاقه مِن كان يكون، فلمّا كثُر* تُوُهِّمت الميمُ أصليّةً فقيل تمكّن، كما قالوا من المِسكين تَمَسْكَنَ.
__________
(1) وكذا في المجمل، لم يذكر: امرأة كوعاء، على ما هو مألوف عبارته.
(2) يقال بضم الكاف وفتحها مع سكون الواو وتشديدها، أربع لغات، وأنشد ابن بري:
وإني منكم في كوفان
فما أضحى وما أمسيت إلا
(3) كذا وردت هذه المادة في غير ترتيبها في الأصل والمجمل أيضاً، فتركتها عليه، إبقاء على أرقام صفحات الأصل.(5/120)
وفي الباب كلمةٌ لعلَّها أن تكون من الكلام الذي دَرَج بدُروج مَن عَلِمه.
يقولون: كُنْت على فلان أكون عليه، وذلك إذا كَفَلت به. واكتَنْت أيضاً اكتياناً. وهي غَرِيبة.
(كوم(1)) الكاف والواو والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تجمُّع في شيء مع ارتفاع فيه. من ذلك الكَوْماء، وهي النَّاقة الطَّويلة السنام. والكَوْم: القِطعة من الإبل، والكَوْمة: الصُّبْرة من الطَّعام وغيرِه. وربّما قالوا: كامَ الفرسُ أنثاه يَكُومها، وذاك نَفْس التجمُّع.
(كول) الكاف والواو واللام كلمةٌ إن صحَّت. يقولون: تكوَّلَ القومُ على فلانٍ، إذا تجمَّعوا عليه.
كيد - كير – كيس
(باب الكاف والياء وما يثلثهما)
(كيد) الكاف والياء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على معالجةٍ لشيء بشدّة، ثم يتّسع الباب، وكلّه راجعٌ إلى هذا الأصل. قال أهلُ اللُّغة: الكيد: المعالجة. قالوا: وكلُّ شيءٍ تُعالِجُه فأنت تَكِيدُه. هذا هو الأصل في الباب، ثم يسمُّون المَكر كيداً. قال الله تعالى: { أمْ يُرِيدُونَ كَيْداً } [الطور 42]. ويقولون: هو يَكيدُ بِنَفسهِ، أي يجودُ بها، كأنَّه يُعالِجها لتخرُج. والكَيْد: صِياح الغراب بجَهْدٍ. والكَيد: أن يُخرِج الزّندُ النّار ببطءٍ وشدة، والكَيد: القَيء، وربّما سمَّوا الحَيض كيداً. والكَيد: الحرب، يقال: خرجوا ولم يلقَوْا كيداً، أي حرباً.
(كير) الكاف والياء والراء كلمةٌ، وهي كِيرُ الحَدّاد. قال أبو عمرو: الكُور: المبنيُّ من الطِّين، والكِير: الزِّقّ. قال بشر:
كَتَمْنَ الرّبْوَ كِيرٌ مُستعارُ(2)
كأنَّ حَفيف مَنْخَرِه إذا ما
__________
(1) وكذا وردت هذه المادة متقدمة على التي تليها، وحقها أن تتأخر، وآثرت إبقاءها لما أنها وردت كذلك في المجمل.
(2) البيت في المفضليات (2: 144).(5/121)
(كيس) الكاف والياء والسين أصل يدلُّ على ضمٍّ وجمع. من ذلك الكِيس، سمِّي لِمَا أنَّه يَضُمُّ الشيء ويجمعُه. ومن بابه الكَيْس في الإنسان: خلاف الخُرْق، لأنَّه مجتمَع الرّأي والعقل، يقال رجلٌ كَيِّس ورجالٌ أكياس. وأكْيَسَ الرّجلُ وأكاسَ، إذا وُلِد له أكياسٌ من الوَلَد. قال:
كيص – كيف - كيل
وَكَيْسُ الأمِّ أَكْيَسُ للبنينا(1)
فلو كُنْتم لكَيِّسةٍ أكَاست
ولعلَّ كَيسان فَعلان من أكْيَس. وكانت بنو فَهمٍ تسمِّي الغَدْرَ كيسان. قال:
إلى الغدر أدنى من شَبابهم المُرْدِ(2)
إذا ما دَعَوا كيسان كانت كهولُهم
(كيص) الكاف والياء والصاد إنْ صحَّ فهو يدلُّ على انقباضٍ وضيق. ويقولون: كاصَ يَكيص، مثل كَاعَ(3). ويقولون: إنَّ الكِيصَ: الرجُل الضيِّق الخُلُق. وحُكِيت كلمةٌ أنا أرتاب بها، يقولون: كِصْنا عند فُلانٍ ما شِئْنا، [أي] أكلنا.
(كيف) الكاف والياء والفاء كلمةٌ. يقولون: الكِيفة: الكِسْفة من الثّوب. فأمَّا كيفَ فكلمةٌ موضوعة يُستفهَم بها عن حالِ الإنسان فيقال: كيف هو؟ فيقال: صالح.
(كيل) الكاف والياء واللام ثلاثُ كلماتٍ لا يُشْبِهُ بعضُها بعضاً. فالأولى: الكَيل: كيل الطعام. يقال: كِلْتُ فلاناً أعطيته. واكتلْتُ عليه: أخَذْتُ منه. قال الله سبحانه: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إذَا اكتَالُوا علَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وإذَا كالوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين 1، 2، 3].
كين – كيت - كيح
والكلمة الثانية: كالَ الزَّنْدُ يَكِيلُ؛ إذا لم يُخرِجْ ناراً.
والكلمة الثالثة: الكَيُّول: مُؤَخَّر الصَّفِّ في الحرب. قال:
__________
(1) لرافع بن هريم في اللسان (كيس) والبيان (1: 185/ 4: 57).
(2) للنمر بن تولب في أخواله بني سعد، كما في المجمل واللسان (كيس) والبيان (2: 134)، وروي في اللسان أيضاً لضمرة بن ضمرة بن جابر بن قطن.
(3) في الأصل: "كع"، صوابه في المجمل.(5/122)
ألاَّ أقُومَ الدَّهْرَ في الكَيُّولِ(1)
إنِّي امرُؤٌ عاهَدَني خليلي
(كين) الكاف والياء والنون شيء يقولون إنه في عضوٍ من أعضاء المرأة يَضِيق به، والجمع كُيون. قال جرير:
غَمْزَ الطبيبِ نَغانِغَ المعذورِ(2)
غَمَزَ ابنُ مرَّةَ يا فرزدقُ كَيْنَها
فأمّا الكِينة، في قولهم: بات فُلانٌ بكِينةِ سَوْءٍ، أي بحال سوء، فأصله الكَوْن فِعلَة من الكون.
(كيت) الكاف والياء والتاء كلمةٌ إن صحَّت، يقولون: التكييت تيسير الجَهاز. قال:
إنِّي أخاف على أذوادِك السَّبُعا(3)
كَيِّت جهازك إمّا كنتَ مرتحِلاً
(كيح) الكاف والياء والحاء* كلمةٌ واحدة. يقولون: الكِيح: سَنَد الجَبَل. قال الشَّنْفرَى:
ويركُضْنَ بالآصالِ حَولي كأنَّني
من العُصْمِ أدفى يَنْتحِي الكِيحَ أعْقَلُ(4)
كاذ – كار – كان – كأب – كأد – كبت
(باب الكاف والألف وما يثلثهما)
وقد تكون الألف منقلبة وتكتب هاهنا للَّفظ، وقد تكون مهموزة.
(كاذ) الكاف والألف والذال كلمة، وهي الكَاذَة: لحمُ أعالي الفَخِذين.
(كار) الكاف والألف والراء. يقولون: الكَأْر: أن يَكْأر الرّجُل من الطّعام، أي يصيب منه أخْذاً وأكلا.
(كان) الكاف والألف والنون. يقولون: كَأَن، أي اشتدَّ، وكأنتُ: اشتددت.
(كأب) الكاف والهمزة والباء كلمةٌ تدلُّ على انكسارٍ وسوءِ حال. من ذلك الكآبة. يقال كَأْبة وكَآبة، ورجلُ كئيب.
(كأد) الكاف والألف والدال يدلُّ على شِدَّة ومَشَقّة. يقولون: تكَاءَده الأمرُ، إذا صعُب عليه. والعَقَبة الكَؤُود: الصَّعبة.
(باب الكاف والباء وما يثلثهما)
__________
(1) الرجز لأبي دجانة سماك بن خرشة الصحابي، يقول في غزوة أحد. السيرة 563 جونتجن واللسان (كيل).
(2) ديوان جرير 194 واللسان (كين، نغغ، عذر). وقد سبق في (دغر، عذر).
(3) أنشده في المجمل واللسان (كيت).
(4) البيت من لاميته المشهورة التي يسمونها "لامية العرب".(5/123)
(كبت) الكاف والباء والتاء كلمة واحدة، وهي من الإذلال والصَّرفِ عن الشيء. يقال: كَبَتَ اللهُ العدُوَّ يَكْبِتُه، إذا صَرَفَهُ وأذلَّهُ. قال الله تعالى: { إنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ ورَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } [المجادلة 5].
كبث – كبح – كبد - كبر
(كبث) الكاف والباء والثاء كلمةٌ، وهي الكَبَاث، يقال: إنَّه حَمْل الأراك. وحَكَوْا عن الشَّيباني: كَبِثَ اللَّحمُ: تغيَّرَ وأرْوَحَ. قال:
يأكُلُ لحماً بائتاً قد كَبِثَا(1)
أصبَحَ عمّارٌ نَشِيطاً أَبِثَا
(كبح) الكاف والباء والحاء كلمة. يقال: كَبَحْت الفرس بلجامه أكْبَحُه.
(كبد) الكاف والباء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّة في شيء وقُوّة. من ذلك الكَبَد، وهي المشقّة. يقال: لَقِيَ فلانٌ من هذا الأمر كَبَداً، أي مشَقة. قال تعالى: { لَقَدْ خَلقْنَا الإنسانَ في كَبَدٍ } [البلد 4]. وكابدتُ الأمر: قاسيتُه في مشقّة. ومن الباب الكَبِد، وهي معروفة، سمِّيت كَبِداً لتكبُّدِها. والأكبد: الذي نَهَدَ موضعُ كَبِده. وكَبَدْتُ الرّجُل: أصبتُ كَبِدَه. وكَبِدُ القوسِ: مستعارٌ من كَبِد الإنسان، وهو مَقْبِضُها. وقوسٌ كَبْداء: إذا مَلأ مَقْبِضُها الكفّ. ومن الاستعارة: كَبِد السَّماء: وسطها. ويقولون: كُبَيْدَاء السَّماء، كأنَّهُم صغّروها، وجمعوها على كُبَيدات(2). ويقال: تكبَّدَتِ الشّمس، إذا صارت في كَبِد السماء. والكُبَادُ: وجَعُ الكَبِد. وتَكَبَّدَ اللَّبنُ: غَلُظَ وخَثُر.
__________
(1) الرجز لأبي زرارة النصري، كما سبق في حواشي (أبث).
(2) الحق أن هذه جمع "كبيدة" تصغير كبد.(5/124)
(كبر) الكاف والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِلاف الصِّغَر. يقال: هو كَبيرٌ، وكُبَار، وكُبَّار. قال الله تعالى: { وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً } [نوح 22]. والكِبْرُ: مُعظَم الأمر، قوله عزّ وعلاَ: { والَّذِي تَوَلّى كِبْرَهُ }
[النور 11]، أي مُعظَم أمرِه. ويقولون: كِبْرُ سياسةِ القوم في المال. فأمَّا الكُبْر
كبس – كبش - كبع
بضم الكاف فهو القُعدد. يقال: الوَلاء للكُبْر، يراد به أقْعَد القَوم في النَّسَب، وهو الأقربُ إلى الأب الأكبر.
ومن الباب الكِبَر، وهو الهَرَم. والكِبْر: العظَمة، وكذلك الكِبرياء. ويقال: وَرِثُوا المجدَ كابِراً عن كابر، أي كبيراً عن كبيرٍ في الشَّرفِ والعِزّ. وعلَتْ فلاناً كَبْرَةٌ، إذا كَبِر. ويقال: أكبَرْتُ الشّيءَ: استعظمتُه.
(كبس) الكاف والباء والسين أصلٌ صحيح، وهو من الشَّيء يُعْلَى بالشَّيء الرَّزين، ثم يقاس على هذا ما يكونُ في معناه. من ذلك الكَبْس: طَمُّك الحُفَيرةَ بالتُّراب. والتُّراب كِبْسٌ. ثمَّ يتَّسعون فيقولون: كَبَس فلانٌ رأسَه في ثوبه، إذا أدخَلَه فيه. والأرنبةُ الكابسة، هي المقبلةُ على الجَبْهة في غِلَظٍ وارتفاع. يقال منه كَبَسَتْ. ومن الباب الكِباسَة: العِذْق التامُّ الحمل. [و] الكبيس: التمرُ يُكبَس. والكابوس: ما يَقَع على الإنسان باللَّيل. قال ابن دريد(1): أحسبه مولَّداً. والكَبِيس: حَلْيٌ يُصاغ مجوَّفاً* ثمَ يُحشَى طيناً. والكُباس والأكبَس: العظيم الرَّأس.
(كبش) الكاف والباء والشين كلمةٌ واحدة، وهي الكَبْش، وهو معروف. وكبْشُ الكتيبةِ: عظيمُها ورئيسُها. قال:
كبشَ غاراتٍ إذا لاقى نَطَحْ(2)
ثمَّ ما هابُوا ولكن قدّموا
(كبع) الكاف والباء والعين. قالوا - والله أعلم بصحَّته- إنَّ الكَبْع: نقد الدِّرهم والدِّينار. قال:
كبل – كبن - كبو
__________
(1) الجمهرة (1: 287).
(2) للأعشى في ديوانه 160 برواية: "ثم ما كاءوا".(5/125)
وقُلتُ لا آتِي الأميرَ طائعا(1)
قالوا لِيَ اكْبَعْ قلتُ لَسْتُ كابِعاً
(كبل) الكاف والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حَبْسٍ ومنع. من ذلك الكَِبْل: القَيد الضَّخم. يقال: كَبَلْتُ الأسيرَ وكَبَّلتُه. ويقولون: إنَّ الكابول: حِبالةُ الصَّائد. فأمَّا المكابَلة فهو من هذا أيضاً، وهو التَّأخير في الدَّين، يقال: كَبَلتُك دينَك، وذلك من الحبس أيضاً. ومن الباب أيضاً المكابَلة: أن تُباعَ الدَّارُ إلى جنب دارِك وأنت محتاجٌ إليها فتؤخر شراءها ليشتريَها غيرُك ثم تأخذَها بالشُّفعة. وقد كُرِه ذلك.
(كبن) الكاف والباء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على قَبْضٍ وتقبُّض. يقال للبخيل: الكُبُنَّة: وقد اكبَأَنَّ، إذا تَقبَّض حين سئل. ويقال: كبَن الدَّلوَ، إذا ثَنَى فَمَها وخَرزَه ويقال له الكَبْن. ومن الباب كَبَن عن الشيء: عَدَل، وكَنَب أيضاً. والمكبون من الخيل: القصير القوائم.
ومما قيس على هذا قولُهم: تَكبَّن(2)، إذا سَمِن. ولا يكون ذلك إلاَّ في تجمُّع لحم. ويقولون: كَبَن كُبُوناً، إذا عَدا في لِينٍ واسترسالٍ.
(كبو) الكاف والباء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على سُقوطٍ وتزيُّل. يقال: كبا لوجهه يَكبُو، وهو كابٍ، إذا سَقَط. قال:
بالخَبْتِ إلاّ أنَّه هو أبْرَعُ(3)
فكَبَا كما يكبُو فنِيقٌ تَارِزٌ
كتد – كتر
ويقال: كبا الزّندُ يكبُو، إذا لم يُخرِجْ نارَه. ويقال: كَبَوْتُ الكُوزَ وغيرَه، إذا صبَبْتَ ما فيه. والتُّراب الكابي: الذي لا يستقرُّ على وَجْه الأرض.
__________
(1) الرجز في اللسان (كبع).
(2) في الأصل "كمن"، وأثبت ما في المجمل على أن الكلمة لم ترد في اللسان أو القاموس.
(3) لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 15) واللسان (كبا، ترز) والمفضليات (2: 227).(5/126)
ويقال: هو كابِي الرَّماد، أي عظيمُه، ينهال. ومن الباب الكِبا(1): الكُنَاسة؛ والجمع الأكباء.
ومما شذَّ من هذا الأصل الكِبَاء ممدود، وهو ضربٌ من العُود. يقال كَبُّوا ثيابَكم، أي بَخِّروها. قال:
* ورنداً ولُبْنَى والكِباءَ المُقَتَّرَا(2) *
(باب الكاف والتاء وما يثلثهما)
(كتد) الكاف والتاء والدال حرفٌ واحد، وهو الكَتَد: ما بين الكاهل إلى الظَّهر. والكَتَد: نجمٌ.
(كتر) الكاف والتاء والراء. يقولون: الكَتْر. وسط كلِّ شيء. وقال: الكَِتْر: السَّنام نفسُه. قال:
* كِتْرٌ كحافَة كِير القَيْنِ ملمومُ(3) *
كتع – كتل – كتم
قال الأصمعيّ: لم أسمع بالكِتْر إلاَّ في هذا البيت. ويقولون: الكَتْر: الحَسَب والقَدْر.
(كتع) الكاف والتاء والعين كلماتٌ غير موضوعةٍ على قياس، وليست من الكلام الأصيل. يقولون الكُتَع: الرّجُل اللَّئيم. ويقولون كَتَع بالشيء: ذهب به. وما بالدّارِ كتيعٌ، أي ما فيها أحد. وكَتَع فلانٌ في أمره: شَمَّر. وجاء القومُ أجمعون أكتَعُون على الإتباع.
(كتل) الكاف والتاء واللام أصيلٌ يدلُّ على تجمُّع. يقال: هذه كُتْلةٌ من شَيء، أي قطعةٌ مجتمعةٌ. قال ابنُ دريد(4) يقال ألقى فلان عليَّ كَتالَهُ، أي ثِقْله. وذكر في شِعر [ابن] الطَّثْريّة(5).
__________
(1) وكذا في اللسان. وفي اللسان أيضاً: "الكبا: الكناسة والزبل، يكون مكسوراً ومضموماً، فالمكسور: جمع كبة –أي بالكسر- والمضموم جمع كبة- أي بالضم".
(2) لامرئ القيس في ديوانه 94 واللسان (كبا). وصدره:
* وبانا وألويا من الهند ذاكيا *
(3) لعلقمة بن عبدة في ديوانه 130 واللسان (كتر) والمفضليات (2: 198). وصدره:
* قد عريت زمناً حتى استظف لها *
(4) الجمهرة (2: 27).
(5) التكملة من المجمل: ويعنى بذلك قوله:
من الصرم بابات شديداً كتالها
أقول وقد أيقنت أني مواجه(5/127)
(كتم) الكاف والتاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إخفاء وسَتر. من ذلك كَتَمت الحديثَ كَتْماً وكِتماناً. قال الله تعالى: { وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً } [النساء 42]. ويقال: ناقةٌ كَتومٌ: لا تَرغُو إذا رُكبت، قُوَّةً وصَبراً. قال:
* وكانت بقيّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ(1) *
وسحابٌ مُكْتَتِم: لا رعد فيه. وخَرْزٌ كَتِيمٌ: لا يَنْضَح الماء. وقوسٌ كَتوم: لا تُرِنُّ. وأمّا الكَتَم، فنباتٌ يُختَضَب به.
كتن – كتو - كتب
(كتن) الكاف والتاء والنون أصلٌ يدلُّ على لطخٍ ودَرَن. يقال الكَتَن: لَطْخ الدُّخانِ البيتَ. ويقال: كَتِنَتْ جَحافِل الدّابة: اسوَدَّت من أكل الدَّرِين. وكَتن السِّقاءُ، إذا لَصِق به اللَّبَنُ من خارج فَغَلُظ. والكَتَّان معروف، وزعموا أنَّ نُونَه أصليّة. وسَمَّاه الأعشى الكَتَن(2). قال ابن دريد: هو عربيٌّ* معروف، وإنَّما سمي بذلك لأنه يلقَى بعضُه على بعضٍ(3) حَتَّى يَكْتِن.
(كتو) الكاف والتاء والواو. الكَتْو: مُقارَبة الخَطْو. يقال: كتا يَكتُو كَتواً. حكاه ابنُ دريدٍ عن أبي مالك(4).
(كتب) الكاف والتاء والباء أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على جمع شيءٍ إلى شيءٍ. من ذلك الكِتَابُ والكتابة. يقال: كتبت الكتابَ أكْتبه كَتْباً. ويقولون: كتبتُ البَغلَة، إذا جمعتُ شُفرَي رَحِمها بحَلْقة. قال:
على قَلُوصِك واكتُبْهَا بأسيار(5)
لا تأمنَنَّ فَزارِيَّا حَلَلتَ به
__________
(1) للأعشى في ديوانه 29 واللسان (كتم). وصدره:
* كتوم الرغاء إذا هجرت *
(2) انظر ما سبق في مادة (كت).
(3) في الجمهرة (2: 28): "لأنه يخيس ويلقى بعضه على بعض".
(4) الجمهرة (2: 28).
(5) البيت لسالم بن دارة كما في الكامل 481 ليبسك والشعر والشعراء 363. وأنشده في اللسان (كتب) وعيون الأخبار (2: 203) بدون نسبة. والرواية المشهورة: "خلوت به".(5/128)
والكُتْبَةُ: الخُرْزَة، وإنَّما سمِّيت بذلك لجمعها المخروز. والكُتَب: الخُرَز. قال ذو الرُّمَّة:
مُشَلشَلٌ ضَيَّعَتْهُ بينَها الكُتَب(1)
وَفْرَاءَ غَرْفِيَّةٍ أثأَى خوارِزَها
كتف
ومن الباب الكِتَابُ وهو الفَرْضُ. قال الله تعالى: { كُتِبَ علَيْكُمُ الصِّيَامُ } [البقرة 183]، ويقال للحُكْم: الكتاب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمَا لأَقْضِيَنَّ بينكما بكتاب الله تعالى"، أراد بحُكْمِه. وقال تعالى: { يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } [البينة2، 3]، أي أحكامٌ مستقيمة. ويقال للقَدَر: الكِتاب. قال الجعديّ:
عنكم وهل أمنعَنَّ الله ما فَعَلا(2)
يا ابنةَ عمِّي كتابُ الله أخَرَجَنِي
ومن الباب كتائب الخيل، يقال: تكتَّبُوا. قال:
* بألفٍ تكتَّبَ أو مِقْنَبِ *
قال ابنُ الأعرابيّ: الكاتب عند العرب: العالم، واحتجَّ بقوله تعالى:
{ أمْ عِنْدَهُمُ الغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ } [الطور 41، القلم 47].
والمُكاتَب: العبدُ يكاتبه سيِّده على نفسه. قالوا: وأصله من الكِتاب، يراد بذلك الشَّرْطُ الذي يكتب بينهما.
(كتف) الكاف والتاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عِرَضٍ في حديدة أو عَظْم. من ذلك الكَتِيفة، وهي الحديدة التي يُضَبُّ بها. ومنه الكَتِف وهي معروفة، سمِّيت بذلك لما ذكرناه. ويقال: رجلٌ أكتَفُ: عظيم الكَتِف. وقولهم: كَتف البعيرُ في المَشْي فإنما ذلك إذا بَسَط يديه بَسْطاً شديداً، ولا يكون ذلك إلاَّ ببسطه موضِعَيْ كتِفَيْه. والكَتْف: أن يُشَدَّ حِنْوا الرَّحْلِ أحدُهما إلى الآخر بالكِتاف، وذلك كبعض ما ذكرناه. وكَتَفْتُ اللّحم، كأنَّك قَطعته على تقدير
كتو - كثر
__________
(1) ديوان ذي الرمة ص1 واللسان (وفر، غرف، ثأي، شلل، كتب).
(2) أنشده في المجمل واللسان (كتب).(5/129)
الكَتِف أو الكَتِيفة(1). وكذلك كَتَفت الثّوب إذا قَطَعته. وأما قولهم
للضِّغن والحِقد كَتِيفة، فذلك من الباب أيضاً، وهو من عجيب كلامهم: أن يحملوا الشيء على محمول غيره. والمعنى في هذا أنَّهم يسمُّون الضِّغْن ضبَّاً، لأنَّه يُضِبُّ على القَلْب. فلما كانت الضَّبَّة في هذا القياس بمعنى أنَّها تُضَبُّ على الشَّيء وكانت تسمَّى كَتيفةً، سمَّوا الضِّغن ضَبَّاً وكتيفة، والجمع كتائف. [قال]:
أخوكَ الذي لا يَمْلِكُ الحسَّ نفسُه
وتَرفَضُّ عند المُحْفِظات الكتائفُ(2)
وأما الكُِتْفان من الجَرَاد فهو أوّلُ ما يطير منه. وهو شاذٌّ عن هذا الأصل.
(كتو) الكاف والتاء والواو فيه كلمةٌ لا معنَى لها، ولا يُعرَّج على مِثلها. يقولون: اكْتَوْتَى الرّجلُ، إذا بالَغَ في صفة نَفْسِه من غير عمل. واكْتَوْتَى تعتع. وليس هذا بشيء.
(باب الكاف والثاء وما يثلثهما)
(كثر) الكاف والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ خِلاف القِلّة. من ذلك الشَّيء الكثير، وقد كَثُر. ثم يُزَاد فيه للزِّيادة في النّعت فيقال: الكوثر: الرّجلُ المِعطاء. وهو فَوْعلٌ من الكَثْرة. قال:
كثف - كثع
وكان أبوك ابنُ العقائل كَوْثرا(3)
وأنتَ كثيرٌ يا ابنَ مروانَ طيِّبٌ
والكَوثَر: نهرٌ في الجَنّة. قال الله تعالى: { إنَّا أعْطَينَاكَ الكَوثَرَ } [الكوثر 1] قالوا هذا وقالوا: أراد الخير الكثير. والكَوْثَر: الغُبار، سمِّي بذلك لكََثْرَته وثوَرَانه. قال:
* حَمْحَمَ في كَوْثرٍ كالجَلاَلِ(4) *
__________
(1) في المجمل: "كتفت اللحم: قطعته صغارا".
(2) البيت للقطامي في ديوانه 27 واللسان (حس، رفض، حفظ، كتف).
(3) للكميت في اللسان (كثر). وأنشده في المجمل.
(4) لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوان الهذليين (2: 181) واللسان (كثر). وهو بتمامه:
ـن حمحم في كوثر كالجلال
يحامي الحقيق إذا ما احتدمـ
... وفي اللسان: "إذا ما احتدمن وحمحمن".(5/130)
ويقال: كاثَرَ بنو فلان [بني فلانٍ(1)] فكَثَرُوهم، أي كانوا أكثَرَ منهم. وعَدَدٌ كاثِرٌ، أي كثير. قال الأعشى:
ولستَ بالأكثَرِ منهم حَصىً
وإنَّما العِزَّةُ للكاثِرِ(2)
(كثف) الكاف والثاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تراكُبِ شيءٍ على شيءٍ وتجمّع. يقال: هذا شيءٌ كثيف. وسحابٌ كثيف* وشجر كثيف.
(كثع) الكاف والثاء والعين قريبُ المعنى من الذي قبله. يقال شَفةٌ كاثِعةٌ، إذا كَثُر دَمُها. وكَثَع اللّبنُ(3): علا دَسَمُه. وكَثَّعَتْ لحيتُه: طالت وكَثُرت.
كثم – كثو – كثا - كثب
(كثم) الكاف والثاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على امتلاءٍ وسَعة. يقال للشَّبعان: الأكثم. ويقال للعظيم البطن: أكْثَم. ويقولون: أكْثَمَ قِربتَه، إذا مَلأَها. والأكثم: الطَّريق الواسع. ويقال أكْثَمَ فَمَه(4)، إذا أدْخَلَ فيه القِثّاء، ونحوَه ثمّ كَسَره.
(كثو) الكاف والثاء والواو كلمةٌ واحدة وهي الكَوْثَلُ للسَّفينة، وربَّما شُدِّد.
(كثا) الكاف والثاء والحرف المعتلّ أو المهموز أصلٌ صحيح، وَصفٌ من صِفات اللبن ثم يُشَبّه به. ويقولون: الكُثْوة: القليل من اللّبن الحليب. ومنه اشتقاق كُثْوةَ(5) الشَّاعر، وقالوا أيضاً: لبنٌ مُكْثٍ، إذا كانت له رِغوةٌ.
وربَّما حَمَلوا المهموز عليه، فيقال: كَثَأَت القِدرُ، إذا أزْبَدَت للغَلْي. وكَثأَ النَّبتُ: طَلَع. وكَثَأت اللِّحيةُ من هذا.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) ديوان الأعشى 106 واللسان (حصى، كثر). والبيت من شواهد النحو في أفعل التفضيل.
... وفي الأصل: "منه حصى"، تحريف.
(3) يقال كثع وكثع بالتشديد أيضاً.
(4) الذي في المعاجم: "كثم القثاء ونحوه: أدخله في فيه".
(5) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "وأبو كثوة شاعر. الجوهري: وكثوة بالفتح: اسم أم شاعر، وهو زيد بن كثوة".(5/131)
(كثب) الكاف والثاء والباء أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على تجمُّع(1) وعلى قُرْب. من ذلك الكُثْبة، وهي القِطعة من اللَّبَن ومن التَّمر. قالوا: سمِّيت بذلك لاجتماعها. ومنه كثيب الرَّمل. والكاثب: الجامع. والكاثِبةُ: ما ارتفَعَ من مِنْسَج الفَرَس؛ والجمع كواثب. قال النابغة:
كحل
* إذا عَرَضُوا الخطِّيِّ فوقَ الكواثِبِ(2) *
وأكثبَ الصّيدُ، إذا أمكَنَ من نفسه، وهذا من الكَثَب وهو القُرْب. فأما قوله:
مَكَانَ النَّبيِّ من الكاثبِ(3)
لأصبَحَ رَتْماً دُقَاقَ الحَصَى
فيقال إنّه جبلٌ معروف. قال ابن دريدٍ وغيرهُ: الكُثَّاب: سهم صغيرٌ يُرمَى به. وأنشدوا:
ولم تَرمِ بكُثَّابِ
رمَتْ من كَثَبٍ قَلبي
وهذا إذا صح فلعلَّه سمِّي لقِصَره وقُربِ ما بين طرَفيه.
(باب الكاف والحاء وما يثلثهما)
(كحل) الكاف والحاء واللام أصلٌ واحد يدلُّ على لونٍ من الألوان. والكَحَلُ: سوادُ هُدْب العَين خِلقةً. يقال كَحِلَت عينُه كَحَلاً، وهي كَحِيل، والرّجُل أكْحَلُ. ويقال للمُلْمُول الذي يُكتحلْ به: المِكْحال.
ومما شذَّ عن هذا الباب: الكُحَيْل: الخضخاض الذي يُهنأ به، بني على التَّصغير. والمِكحالان: عظما الوَرِكين منَ الفَرَس، ويقال بل هما عظْما الذِّراعين. والأكحَل: عرقٌ. وكَحْلُ: اسمٌ للسَّنة المجدِبة. ومن أمثالهم: "باءت
كحم – كدر - كدس
عَرارِ بكَحْل"، إذا قتِل القاتل بمقتولِه. ويقال: كانتا بقرتَينِ قتلت إحداهما الأخرى فقُتِلَتْ بها.
(كحم) الكاف والحاء والميم ليس بشيء، إلاَّ أنَّ ابن دريدٍ زعم أن الكَحْمَ: الحِصْرِم. وذكر أنَّه يقال بالباء أيضاً(4).
(باب الكاف والدال وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "تجرد".
(2) صدره في ديوان النابغة (5) واللسان (كثب):
* لهن عليهم عادة قد عرفنها *
(3) لأوس بن حجر في ديوانه 3 واللسان (رتم، نبا، كثب).
(4) الجمهرة (2: 186).(5/132)
(كدر) الكاف والدال والراء أصلٌ يدلُّ على خلاف الصَّفو، والآخَر يدلُّ على حركة.
فالأول الكَدَر: خلاف الصَّفْو، يقال كَدِر الماءُ وكَدُر. ويقولون: "خُذْ ما صَفَا ودع ما كَدَُر". ويُستعار هذا فيقال: كَدِر عيشه. والكُدْرِيُّ: القَطا؛ لأنَّه نُسِب إلى معظم القطا، وهي كُدْر. وهذا من الأوّل، لأنَّ في ذلك اللَّون كُدرة. ومنه الكُدَيْرَاء: لبنٌ حليب يُنقَع فيه تمرٌ. وبناتُ أكدَرَ: حُمُر وحشٍ نسبَت إلى فحل، ولعلَّ ذلك اللَّون أكدر.
وأمَّا الأصل الآخر فيقال: انكدَرَ، إذا أسْرَع، قال الله تعالى: { وإذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ } [التكوير 2].
(كدس) الكاف والدال والسين ثلاثُ كلماتٍ لا يشبه بعضها بعضاً. فالأولى: كُدْس الطَّعام. والثانية التكَدُّس، وهو مَشيُ الفَرَس كأنَّه مُثقَل. قال:
كدش – كدع – كدم
كمشي الوُعول على الظَّاهِره(1)
وخيل تَكَدَّسُ بالدارِعِينَ
والثالثة: الكوادس: ما تَطيَّرُ منه، كالفأل والعُطاسِ ونحوِه. قال:
* ولم تحبِسك عَنِّي الكوادِسُ(2) *
(كدش) الكاف والدال والشين ليس بناءً يشبه* كلام العرب، لعلّه أن يكون شيئاً يقارب الإبدال. يقال كَدَس وخَدَش بمعنىً. وكَدَشَ وكَدَح أي كَسَبَ. وكَدَش الشّيءَ بأسنانه: قطعه. وكلُّ هذا شيء واحدٌ في الضَّعف.
(كدع) الكاف والدال والعين ليس بشيءٍ، غير أنَّ ابن دريد ذكر أن الكَدْع: الدَّفْع الشَّديد(3).
__________
(1) البيت لمهلهل، كما في اللسان (ظهر، كدس) أو عبيد بن الأبرص، كما في تهذيب الألفاظ 279 واللسان (كدس). وأنشده في الحيوان (4: 353/ 6: 300).
(2) قطعة من بيت لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 160) واللسان (كدس) وهو بتمامه:
سريعاً ولم تحبسك عني الكوادس
فلو أنني كنت السليم لعدتني
(3) الجمهرة (2: 280).(5/133)
(كدم) الكاف والدال والميم أصلٌ صحيح فيه كلمةٌ واحدة. يقال كَدَمَ، إذا عَضَّ بأدنَى فيه، كما يَكدِم الحمار. ويقال أيضاً إنّ الكَدَمة: الحَرَكة. قال:
سَمِعتُ من فوقِ البُيوتِ كَدَمَهْ
لما تَمَشَّيْتُ بُعَيدَ العَتَمه(1)
كدن - كده – كدي
(كدن) الكاف والدال والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على توطئةٍ في شيءٍ متجمِّع. من ذلك الكُدُون: شيءٌ توطِّئ به المرأة لنفسها في الهوْدَج. ثم يقال امرأةٌ كَدِنةٌ: ذاتُ لحمٍ كثير. وبعير ذو كُدْنةٍ، إذا عظُمَ سَنامُه. واشتقاق الكَوْدَن(2)من هذا، لأنَّه يكون ذا لحمٍ وغِلَظ جِسم. يقولون: ما أبْيَنَ الكَدَانة فيه، أي الهُجْنة. والكَدَنُ: ما يبقى في أسفل الماء من الطِّين المتلجِّن. وهو من هذا القياس. فأمَّا الكِدْيَوْن فيقال إنّه دُقاق التُّراب والسِّرجينِ يُجمعانِ ويُجلَى به الدُّروع. قال النابغة:
فهُنَّ إضاءٌ ضافياتُ الغلائل(3)
عُلِينَ بِكِدْيَوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّةً
(كده) الكاف والدال والهاء ليس بشيء. على أنّهم يقولون: الكَدْه: الصَّكُّ بالحجَر. يقال: كَدَهَ يَكْدَهُ. وسقَطَ الشَّيءُ فتكَدَّه، أي انكسر(4).
__________
(1) في الأصل: "بعد العتمة"، صوابه في المجمل واللسان (كدم).
(2) الكودن: البرذون الهجين، وقيل البغل.
(3) ديوان النابغة 64 واللسان (كدن، كرر، أضا). وقد سبق في (كر).
(4) في المجمل: "تكسر".(5/134)
(كدي) الكاف والدال والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على صلابةٍ في شيء، ثم يقاس عليه. فالكُدْيَةُ: صَلابةٌ تكون في الأرض، يقال: حَفَر فأكْدَى، إذا وَصَلَ إلى الكُدْية. ثم يقال للرجُل إذا أعطَى يسيراً ثم قَطَع: أكْدَى، شُبِّه بالحافر يَحفِر فيُكدِي فيُمسِك عن الحَفْر. قال الله تعالى: { أعْطَى قَلِيلاً وأكْدَى(1) } [النجم 34]. والكُداية، هي الكُدْية. ويقال: أرض كادية،
كدب – كدح - كذب
أي بطيئة، وهو من هذا. وربَّما همز هذا فيكون من الباب الذي يُهمز وليس أصله الهمز. زعم الخليل أنَّه يقال: أصابت زروعَهم كادئة، وهو البرد. وأصاب الزَّرع بردٌ وكَدَّأه، أي رَدَّه في الأرض. وقال الفَراء: كَدِي الكلبُ(2) كَدىً، إذا شَرِب اللبن ففسَد جوفُه. ويقال أكديتهُ أكدِيه إكداءً، إذا رددته عن الشَّيء، والقياس في جميع ما ذكرناه واحد. وكَدَاء: مكان، ولعلّه أن يكون من الكُدْية.
(كدب) الكاف والدال والباء، يقال فيه كلمة. قالوا: إنَّ الكَدِبَ: الدّم الطريّ. وروي أنَّ بعضهم قرأ: { وَجَاؤُوا علَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَدِبٍ(3) } [يوسف 18].
(كدح) الكاف والدال والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تأثيرٍ في شيء. يقال كَدَحه وكدّحه، إذا خَدَشَه. وحمار مُكَدَّح: قد عضَّضَتْه الحُمُر. ومن هذا القياس كدَح إذا كَسَبَ، يكدَح كَدْحاً فهو كادح. قال الله عزّ وعلا:
{ إنَّكَ كَادِحٌ } [الانشقاق 6]، أي كاسِب.
(باب الكاف والذال وما يثلثهما)
__________
(1) التلاوة: "وأعطى قليلاً" والاستشهاد بترك مثل الواو والفاء جائز، له نظير في رسالة الشافعي (الفقرة 643، 974، 975) والحيوان (4: 57، 276).
(2) في المجمل واللسان والقاموس: "الفصيل" بدل "الكلب". وفي اللسان أيضاً: "كدي الكلب كدى، إذا نشب العظم في حلقه".
(3) هذه قراءة عائشة والحسن. وقراءة الجمهور بالذال المعجمة. وقرأ زيد بن علي: "كذباً" بالذال المعجمة والنصب. تفسير أبي حيان (5، 289).(5/135)
(كذب) الكاف والذال والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الصِّدق. وتلخيصه أنَّه لا يبلُغ نهايةَ الكلامِ في الصِّدق. من ذلك الكَذِب خِلاف الصِّدق. كَذَب كَذِباً(1). وكذّبت فلانا:ً نسبته إلى الكذب، وأكذبتُه: وجدتُه
كرز
كاذباً. ورجل كَذّابٌ وكُذَبَةٌ. ثم يقال: حَمَلَ فلانٌ ثم كَذَبَ وكذّب، أي لم يصدُق في الحَمْلة. وقال أبو دُواد:
كَذَب العَيْرُ وإن كان بَرَحْ(2)
قلتُ لَمَّا نَصَلاَ من قُنَّةٍ
وزعموا أنَّه يقال كَذَب لبنُ الناقة: ذهب. وفيه نظر، وقياسُه صحيح. ويقولون ما كذَّبَ فلانٌ أن فَعَل كذا، أي ما لبث، وكلُّ هذا من أصلٍ واحد. فأمّا قول العرب: كَذَبَ عليكَ كذا، وكذبَكَ كذا، بمعنى الإغراء، أي عليك به، أو قد وجب عليك، كما جاء في الحديث: "كَذَبَ عليكم الحَجُّ"، أي وجب فكذا جاء عن العرب. ويُنشِدون في ذلك شعراً* كثيراً منه قوله:
بأن كَذَبَ القَرَاطِفُ والقُرُوف(3)
وذُبْيانيَّةٍ وصَّتْ بنيها
وقول الآخر(4):
بي الأرضَ والأقوامَ قِردانَ مَوظَبا
كذَبتُ عليكم أَوعِدُوني وعلِّلوا
وما أحسِب ملخَّصَ هذا وأظنُّه [إلاّ] من الكلام الذي درجَ ودرجَ أهلُه ومن كان يعلمه.
(باب الكاف والراء وما يثلثهما)
(كرز) الكاف والراء والزاء أصل صحيحٌ يدل على اختباءٍ وتستُّر ولِوَاذ، يقال: كارَزَ إلى المكان، إذا مال إليه واختبأ فيه. وأنشد:
كرس
* إلى جَنْب الشَّريعة كارزُ(5) *
__________
(1) ويقال كذلك كذباً، بالكسر، وكذابا وكذابا. بالكسر فيهما وتخفيف الذال وتشديدها.
(2) أنشده في اللسان (كذب).
(3) لمعقر بن حمار البارقي، كما سبق في حواشي (قرف).
(4) هو خداش بن زهير. اللسان (كذب، وظب) وإصلاح المنطق 324.
(5) كذا في الأصل والمجمل. وهو للشماخ في ديوانه 50. واللسان (كرز). وروايته فيهما:
ذعاف لدى جنب الشريعة كارز
فلما رأين الماء قد حال دونه(5/136)
وكارَزَ [عن(1)] فلانٍ، إذا فرّ عنه واختبأ منه. وأمَّا الكُرْز فهو الجُوالِق؛ وسمِّي بذلك لأنَّه يُخْبأ فيه الشيء. وقول رؤبة:
* كَالكُرَّزِ المربوطِ بينَ الأوتادْ(2) *
فهذا فارسيٌّ معرب. يقولون: الكُرَّز: البازِي في سنته الثانية. والكَرّاز: كبشٌ يعلِّق عليه الراعي كُرْزَه، وهو شيءٌ له كالجُوالِق. فأمَّا الكَرِيز(3) وهو الأَقِط، فليس من الباب، لأنه من الإبدال والأصل فيه الصاد.
(كرس) الكاف والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تلبُّدِ شيءٍ فوقَ شيء وتجمُّعه. فالكِرْس: ما تلبَّدَ من الأبعار والأبوال في الدِّيار. واشتقت الكُرَّاسَة من هذا، لأنَّها ورقٌ بعضُه فوقَ بعض(4). وقال:
قال نَعَم أعرفُه، وأَبْلَسَا(5)
يا صاحِ هل تعرفُ رسماً مُكْرَسَا
والكَرَوَّس: العظيم الرَّأس، وهو من هذا كأنَّه شيء كُرِّس، أي جُمِع جمعاً
كرش – كرص – كرض
كثيفاً. ومن الباب الكَرْكَسةُ: ترديد الشيء. ويقال للذي ولدته إماءٌ: مُكَرْكَس، أي هو مردَّد في وِلادِهنَّ له.
__________
(1) تكملة يقتضيها الكلام. وفي اللسان: "ويقال كارزت عن فلان، إذا فررت منه وعاجزته".
(2) ديوان رؤبة 38 واللسان (كرز) والمعرب للجواليقي 280 والجمهرة (2: 325).
(3) في الأصل: "الكرزين"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) شاهده قول الكميت: في اللسان (كرس، جوز):
من التجايز أو كراس أسفار
حتى كأن عراص الدار أردية
... جمع سفر بالكسر، وهو الكتاب. والكراس: جمع كراسة.
(5) للعجاج في ديوانه 31 واللسان (كرس).(5/137)
(كرش) الكاف والراء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على تَجمُّع وجَمْع. من ذلك الكَرِش. سمِّيت لجَمْعها ما فيها. ثم يُشتقّ من ذلك، فيقال للجماعة من الناس كَرِش. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الأنصارُ كَرِشِي وعَيْبتي". وكَرِش الرجُل: عيالُه وصغارُ ولدهِ. ويقال للأَتَان الضَّخمة الخاصِرَتَين: كرشاء. وتكرَّشَ وجههُ: تَقَبَّض فصار كالكرش. والكَرْشاء: القدم التي قَصُرَتْ واستوى أخمَصُها.
(كرص) الكاف والراء والصاد كلمة واحدة. يقولون: الكَرِيص: الأَقِط.
(كرض) الكاف والراء والضاد كلمةٌ واحدةٌ صحيحة مُختلف في تأويلها، وهي الكِرَاض. قال قوم: هو ماء الفحل تُلقِيه النَّاقةُ بعد ما قَبِلته. يقال: كرَضَتِ الناقةُ ماءَ الفحل تَكْرُضُه. ويقولون: الكِرَاضُ: مَنِيُّ الرّجُل. قال الطرِمَّاح:
ةٌ أمَارتْ بالبَول ماءَ الكِرَضِ(1)
سوفَ تُدنيك من لَمِيسَ سَبَنْتا
وقال ابن دريد(2): الكِراض: حَلَقُ الرَّحِم(3). قال الأصمعي: لا واحدَ لها.
كرع - كرف - كرم
وقال غيره: واحدها كَرْض(4).
(كرع) الكاف والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على دِقَّةٍ في بعض أعضاء الحيوان. من ذلك الكُرَاع، وهو من الإنسان ما دونَ الرُّكبة، ومن الدوابِّ: ما دون الكَعب. قال الخليل: تكَرَّعَ الرّجُل إذا توضَّأ للصلاة لأنَّه يَغسِل أكارِعَه. قال: وكُرَاع كلِّ شيءٍ: طرَفُه. قال: والكُرَاع من الحَرّة: ما استطالَ منها، قال مُهلهل:
هَلْهَلْتُ أثأرُ جابراً أو صِنْبِلا(5)
لما تَوَقّلَ في الكُرَاعِ هجينُهم
__________
(1) ديوان الطرماح 81 واللسان (كرض).
(2) الجمهرة (2: 366).
(3) في تفسير الكلمة خلاف طويل. انظر له اللسان.
(4) كذا ضبط في المجمل بالفتح. وضبط في الجمهرة بكسر الكاف.
(5) في اللسان: (هلل) "لما توعر"، وأنشده الجوهري: "لما توغل". والتوقل: الصعود، أو الإسراع فيه.(5/138)
فأمَّا تسميتُهم الخَيْل كُراعاً فإنَّ العرب قد تعبِّر عن الجسم ببعض أعضائِه، كما يقال: أعتَقَ رقبةً، ووَجْهِي إليك. فيمكنُ أن يكون الخيلُ سمِّيت كُرَاعاً لأكارعها، والكَرَع: دِقّة السّاقَين. فأمّا الكَرَع فهو ماء السَّماء، وسمِّي به لأنه يُكْرَع فيه، وقيل لأنَّ الإنسان يُكْرِع فيه أكارِعَه(1)، أو يأخذه بيديه، وهما بمعنى الكُراعين، إذا كانا طرَفَين.
(كرف) الكاف والراء والفاء كلمتان* متباينتان جداً، فالأولى الكَرْف، وهو تشمُّم الحِمار البولَ ورفعُه رأسَه. والثانية الكِرفئ: السَّحاب المرتفع الذي يُرى بعضُه فوقَ بعض.
(كرم) الكاف والراء والميم أصلٌ صحيح له بابان: أحدهما شَرَفٌ في
كرن - كره
الشَّيء في نفسِه أو شرفٌ في خُلُق من الأخلاق. يقال رجلٌ كريم، وفرسٌ كريم، ونبات كريم. وأكرَمَ الرّجلُ، إذا أتَى بأولادٍ كرام. واستَكْرَم: اتَّخَذَ عِلْقاً كريماً. وكَرُم السّحابُ: أتَى بالغَيث. وأرضٌ مَكرَُمةٌ للنَّبات، إذا كانت جيِّدة النبات. والكَرَم في الخُلْق يقال هو الصَّفح عن ذنبِ المُذنب. قال عبدُ الله بنُ مسلِم بن قُتيبة: الكريم: الصَّفوح. والله تعالى هو الكريم الصَّفوح عن ذنوب عبادِه المؤمنين.
والأصل الآخر الكَرْم، وهي القِلادة. قال:
* عَدُوسِ السُّرَى لا يَعرِف الكَرْمَ جيدُها(2) *
وأمّا الكَرْم فالعِنَب أيضاً لأنَّه مجتَمِع الشُّعَب منظومُ الحبّ.
(كرن) الكاف والراء والنون كلمةٌ واحدة في الملاهي. يقال: إنَّ الكِرَان: الصَّنْج. قال امرؤ القيس:
منعَّمة أعملتُها بِكرَانِ(3)
...... فيا رُبَّ قينةٍ
والقَينة: كَرِينةٌ.
__________
(1) نحو هذا ما في اللسان: "والمكرعات أيضاً من النخل: التي أكرعت في الماء".
(2) لجرير في ديوانه 127 واللسان (ثلب، عدس، كرم)، وقد سبق في (ثلب). وصدره:
* لقد ولدت غسان ثالبة الشوى *
(3) تمام صدره من الديوان 121:
* وإن أمس مكروبا فيا رب قينة *(5/139)
(كره) الكاف والراء والهاء أصلٌ صحيحٌ واحد، يدلُّ على خلاف الرِّضا والمحبّة. يقال: كرِهتُ الشَّيء أكرَهُه كَرْهاً. والكُرْه الاسم. ويقال: بل الكُرْه: المشقّة، والكَرْه: أن تكلَّف الشيءَ فتعملَه كارهاً. ويقال من الكُره
كري
الكَرَاهِيَة والكَرَاهيّة. والكَرِيهة: الشِّدة في الحرب(1). ويقال للسَّيف الماضي في الضّرائب: ذُو الكريهة(2). ويقولون: إنَّ الكَرْه: الجَمَل الشَّديد الرأس، كأنّه يكره الانقياد.
(كري) الكاف والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ في الشيء وسُهولة، وربما دلَّ على تأخير.
فاللِّين والسهولة الكَرَى، وهو النُّعاس. ومن بابه السَّيْر المُكَرِّي: اللَّيِّن الرقيق. ومنها المُكَارِي وهو الظِّلُّ الذي يُكاري الشّيءَ، أي هو معه لا يفارقُه. وهو أليَنُ ما يكونُ وألطفَهُ. قال جرير:
لَحِقتُ وأصحابي على كُلِّ حُرَّةٍ
مَرُوح تُبارِي الأحمسيَّ المُكارِيا(3)
أي إنّها تُبارِي ظِلَّها كأنَّها تُساير(4). ومن الباب الكَرْوُ: أنْ يَخْبِط الفرسُ في عَدْوه بيديه في استقامةٍ لا يُقبِل بهما نحوَ بطنِه. وكَرَت المرأةُ في مَشْيها تَكْرُو كَرْواً. والكُرَة ناقصة، نقصت واواً، سمِّيت بذلك لأنَّه يُكْرَى بها إذا رُمِيَ بها. يقال كَرَا الكرةَ يَكرُوها كَرْواً وأمَّا المُكارِي الذي يُكْري الجمال وغيرَها، فذاك مشتقٌّ من السَّير أيضاً، لأنَّه يُسايِر المكترِي منه. ثمَّ اتسعوا في ذلك فسمَّوا الأَجْرَ كِراءَ، ونقلوه أيضاً إلى ما لا يُسايَرُ به، كالدَّار ونحوها، والأصل
كرب
ما ذكرناه. وأمَّا الذي ذكرنا من التأخير فقولُهم: أكرَيْتُ الحديثَ: أخَّرتُه. قال الحطيئة:
__________
(1) في الأصل: "الشديدة الحرب"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) في الأصل والمجمل: "دون الكريهة"، صوابه في اللسان والقاموس.
(3) ديوان جرير 604 واللسان (كرا).
(4) في الأصل: "تسائده".(5/140)
أو الشِّعرَى فطال بيَ الأَنَاء(1)
وأكْرَيتُ العِشاءَ إلى سُهَيلٍ
فأما الكَرَوان فطائر يقال لذكَرهِ الكَرَى، يقال إذا صِيدَ:
إنَّ النّعامةَ في القُرَى
أطرِقْ كَرَا أَطْرِق كرا
ويقال سمِّي بذلك لدِقّة ساقَيه. ويقولون: امرأةُ كَرْوَاء: دقيقة السَّاقين. وهذا إن صحَّ فهو شاذٌّ عن القياس الذي ذكرناه.
(كرب) الكاف والراء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدَّةٍ وقُوّة. يقال: مَفاصِلُ مُكْرَبَةٌ، أي شديدةٌ قوية. وأصلُه الكَرَب، وهو عَقْدٌ غليظ في رِشَاء الدَّلو يُجعَل طرفُه في عرقوة الدَّلو ثم يشدّ ثِنَايتُه(2) رِبَاطاً وثيقاً. يقال منه أكربْت الدَّلو. ومن ذلك قولُ الحطيئة:
قومٌ إذا عَقَدُوا عَقداً لجارِهم
شَدُّوا العِناجَ وشدُّوا فوقه الكَرَبا(3)
ومن الباب الكرْب، وهو الغَمُّ الشَّديد. والكريبة: الشَّديدة من الشَّدائد. قال:
* إلى الموت خَوّاضاً إليه كرائبا(4) *
كرت – كرث
والإكراب: الشِّدَّة في العَدْو؛ يقال أكْرَبَ فهو مُكْرِب. فأمَّا كَرَبَ الشَّيء: دنا، فليس من الباب، لأنَّ هذا من الإبدال، وإنَّما هو من القُرْب، لكنهم قالوا بالقاف قَرُب بضم الراء، وقالوا في الكاف كَرَب بفتحها، والمعنى واحد. والملائكة الكَرُوبِيُّون فعُوليُّون من الكُروب(5)، وهم المقَرَّبون. يقال كَربت الشمسُ: دنَت للمَغيب(6). وإناءٌ كَرْبانُ: كَرَبَ أن يمتلئ.
__________
(1) ديوان الحطيئة 25 واللسان (أنى، كرا). ويروى: "وآنيت".
(2) في الأصل: "ثناية".
(3) ديوان الحطيئة 7 واللسان (كرب، عنج). وقد سبق في (عنج).
(4) في الأصل: "كريبا"، تحريف. وفي اللسان: "الكرائبا"، والبيت لسعد بن ناشب من مقطوعة في أوائل حماسة أبي تمام. وصدره في الحماسة واللسان:
* فيال رزام رشحوا بي مقدما *
(5) في الأصل: "الكرب"، وإنما هو "الكروب" مصدر كرب.
(6) في الأصل: "دانت الغيب"، وصوابه في المجمل.(5/141)
ومن الباب الأوَّل: كَرَبُ النَّخلِ، ممكنٌ أن يسمَّى كَرَبا لقُوَّته. والكُرَابةَ(1): ما سقط من النَّخْل في أصول الكَرَب. وَأمَّا كِرَابُ الأرض، وهو قَلْبُها للحرث فليس هو عندي عربيّاً. وقولُهم: "الكِرَابُ على البَقَر"، من هذا، والأصحُّ فيه أنْ يقال: "الكِلابَ على البقَر"، وكذا سمعناه. ومعناه خَلِّ أمْراً وصِناعتَه(2). ويقولون: الكِرَاب: مَجارِي الماء، الواحدة كَرَبة. فإنْ كان صحيحاً فهو مشبَّهٌ بكرَبِ النَّخل. لامتدادِه وقُوَّته(3).
(كرت) الكاف والراء والتاء، ليس فيه إلاّ قولهم: عامٌ كَرِيت.
(كرث) الكاف والراء والثاء، ليس فيه إلاَّ كَرَثَهُ الأمرُ، إذا بلغ منه المَشَقَّة. والكَُرَّاثُ والكَرَاثُ نَبتانِ.
كرج – كرد - كزم
(كرج) الكاف والراء والجيم ليس بشيء، إنّما هو الكُرَّج، وهو الذي ذكرناه في الكُرَّة. وذكره جريرٌ فقال:
عليه وِشاحاً كُرَّجٍ وجلاجلُه(4)
لَبِستُ سِلاحي والفَرزدقُ لُعبةٌ
(كرد) الكاف والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على مُدافَعةٍ وإطْراد. يقال: هو يَكرُدُهم، أي يدفعهم ويطردُهم. ويزعمون أنّ الكُرْدَ، هؤلاء القوم، مشتقٌّ من المُكارَدَة، وهي المطاردة. قال:
* ألا إنَّ أهل الغَدْرِ آباؤك الكُرْدُ *
فأمَّا الكَرْد فالعُنْق، قالوا: هو معرَّب.
ومِمَّا فيه ولا يُعلَم صحّته، قولُهم: إنَّ الكِرْدِيدة: القطعة من التَّمر. وينشدون:
يأكلُ منها وهو ثانٍ جيدَهْ(5)
طُوبَى لمن كانت له كِرْدِيدهْ
وما أبْعَدَ هذا وشِبهَهُ من الصحّة. والله أعلم.
(باب الكاف والزاء وما يثلثهما)
__________
(1) بفتح الكاف وضمها، والضم أعلى.
(2) في الأصل: "وضياعته".
(3) شاهده قول أبي ذؤيب:
وتنصب ألهاباً مصيفا كرابها
جوارسها تأرى الشعوف دوائبا
(4) ديوان جرير 482 واللسان (كرج) والمعرب 292.
(5) الرجز في المجمل واللسان (كرر).(5/142)
(كزم) الكاف والزاء والميم أصيلٌ يدلُّ على قِصَرٍ وقَماءة. فالكَزَم: القِصَر في الأنْف، وكذلك في الأصابع. يقال أنف أكزَمُ ويد كَزْماء. والكَزْم(1): الرّجُل الهَيَّبان، وسمِّي لانقباضِه عن الإقدام، والكَزُوم: التي لم يَبْقَ
كسع - كسف
فيها سِنٌّ من الهَرَم. وكلُّ هذا قياسُه واحد. وذكر أنَّ الكَزْم كالكَدْم بمقدَّم الفم. وهذا من باب الإبدال، والله بصحتّها أعلم.
(باب الكاف والسين وما يثلثهما)
(كسع) الكاف والسين والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على نوع من الضَّرب. يقال: كسعه، إذا ضَربَ برِجله على مؤخَّرِه أو بيده. ويقال: اتَّبَعَ أدبارَهم يَكسَعُهم بسَيفه. وكَسَعْت الرّجُل بما سَاءه، إذا تكلَّمْت في أثره. وكَسعتُ النّاقةَ بغُبْرها، إذا تركتَ بقيَّةً من اللَّبن في خِلْفها تريد تعزيرها. ومعنى هذا أنَّه يخلِّيها بعد أن يُحلَب بعضُ لبنِها ويضربُ بيدِه على مؤخّرها لتمضِيَ. قال:
إنك لا تَدرِي مَن النَّاتجُ(2)
لا تَكْسَع الشَّولَ بأَغْبارِها
ومن الباب رجلٌ مكَسَّعٌ بغُبْرِه، إذا لم يتزوَّج، كأنَّ ماءه قد تبقَّى كما تَبقَّى لبنُ الشّاةِ المكَسَّعة. قال:
إلاّ فتىً مكسَّع بغُبْره(3)
والله لا يخرجُها من قَعرِه
والكُسْعَة: الحمير، سمِّيت لأنَّها تُضرَب أبداً على مؤخّرها في السَّوْق.
(كسف) الكاف والسين والفاء أصلٌ يدلُّ على تغيُّر في حالِ الشيء إلى ما لا يُحَبّ، وعلى قطع شيءٍ من شيء. من ذلك كُسُوف القَمر، وهو زوالُ
كسل – كسم - كسا
ضوئه. ويقال: رجلٌ كاسِفُ الوجه، إذا كان عابساً. وهو كاسف البال، أي سيِّئُ الحال.
__________
(1) وكذا ضبط في المجمل بسكون الزاي، وضبط في القاموس ككتف، والكلمة مما فات صاحب اللسان.
(2) البيت للحارث بن حلزة في اللسان (كسع، غبر).
(3) الرجز في المجمل واللسان (كسع).(5/143)
وأمَّا القَطْع فيقال: كَسَفَ العُرقوبَ بالسّيف كَسْفاً يكسِفُهُ. والكِسْفة: الطَّائفة من الثَّوب، يقال: أعطِنِي كِسفةً من ثوبك. والكِسْفة: القِطعة من الغَيم. قال الله* تعالى: { وإنْ يَرَوْا كِسْفاً مِن السَّماءِ ساقِطاً } [الطور 44].
(كسل) الكاف والسين واللام أصلٌ صحيح، وهو التَّثاقُل عن الشَّيء والقُعود عن إتمامه أو عنه. من ذلك الكَسَل. والإكسال: أن يُخالِط الرّجلُ أهلَه ولا ينزِل. ويقال ذلك في فَحل الإبل أيضاً. وامرأةٌ مِكسالٌ: لا تكاد تَبرَحُ بيتها.
(كسم) الكاف والسين والميم أصيلٌ يدلُّ على تلبُّدٍ في شيء وتجمّع. من ذلك الكَيْسُوم: الحَشِيش الكثير. ويقال إنَّ الأكاسم: الخَيل المجتمِعة يكاد يركبُ بعضُها بعضاً. قال:
رجالاً عدَاناتٍ وخيلاً أكاسِما(1)
أبا مالكٍ لَطَّ الحُضَين وراءنا
(كسا) الكاف والسين والحرف المعتل……(2)
أما ما ليس بمهموزٍ فمنه الكُسْوة والكِساء معروف. قال الشَّاعر(3):
كسب – كسح
لحافٌ ومصقولُ الكساءِ رقيقُ
فباتَ له دون الصَّبَا وهي قَرَّةٌ
أراد في هذا الموضع بمصقول الكِساء لبَناً قد علته دُوَاية. ومثله:
يَنفِي الدُّواياتِ إذا ترشَّفَا
وهو إذا ما اهْتَافَ أو تَهيَّفا
عن كلِّ مصقولِ الكِساء قد صَفَا(4)
اهتاف: عَطِش. وعنى بالكساء الدُّواية.
(كسب) الكاف والسين والباء أصلٌ صحيحٌ، وهو يدلُّ على ابتغاء وطلبٍ وإصابة. فالكَسب من ذلك. ويقال كَسَب أهْلَه خيراً، وكسَبْت الرّجلَ مالاً فكَسَبه. وهذا مما جاء على فَعَلْته فَفَعل. وكَسَابِ: اسمُ كَلْبة.
__________
(1) أنشده في اللسان (عدن) برواية: "لد" بدل "لط". وفي الأصل: "الحصير" صوابه في اللسان.
(2) بياض في الأصل.
(3) هو عمرو بن الأهتم. اللسان (كسا). ومقطوعته في الحماسة (2: 300-301). وقصيدته في المفضليات (1: 123-125).
(4) الرجز في اللسان (صقل). وأنشده في المجمل (كسو/ي).(5/144)
(كسح) الكاف والسين والحاء له معنيانِ صحيحان: أحدهما تنقيةُ الشيء، والمعنى الآخر عَيْب في الخِلْقة.
فالأوَّل الكَسْح. يقال: كَسَحْتُ البيتَ، وكَسَحَتِ الرِّيحُ الأرضَ: قَشَرت عنها التّراب. والكُسَاحة: ما يُكسَح. ويقال: أغارُوا على بني فلانٍ فاكتَسَحوهم، أي أخَذوا مالَهم كلَّه.
والثاني الكَسَح، وهو العَرَج. والأكْسَح: الأعرج. قال الأعشى:
* وخَذُولِ الرِّجلِ من غير كَسَحْ(1) *
كسد – كسر
وجمع الأكسح كُسْحان. وفي الحديث: "الصَّدَقة مال الكُسْحانِ والعُوران(2)".
(كسد) الكاف والسين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على الشَّيء الدُّون لا يُرغَب فيه. من ذلك: كَسَد الشَّيءُ كَساداً فهو كاسد وكَسِيد. وكلُّ دونٍ كَسِيد. قال:
* فماجدٌ وكسيدُ(3) *
(كسر) الكاف والسين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على هَشْم الشيء وهَضْمه. من ذلك قولُك كَسَرْت الشيءَ أكْسِره كَسْراً. والكِسرة: القطعة من المكسور. ويقال: عُودٌ صُلْب المَكْسِر، إذا عُرِفت جوْدتُه بكسْرِه. وكَسَر الطائرُ جناحَيه كَسراً، إذا ضمَّهما وهو يريد الوُقوع، ومنه عُقاب كاسِر. والكِسْر: العظم ليس عليه كبيرُ لحم. قال الشَّاعر:
* وفي يَدِها كِسرٌ أبَحُّ رَذومُ(4) *
ويقال لا يكون كذا إلا وهو مكسور. ويقال لعظم السّاعد الذي يلي
كشف
__________
(1) ديوان الأعشى 163. وصدره في اللسان (كسح):
* كل وضاح كريم جده *
(2) في اللسان: "وفي حديث ابن عمر: سئل عن مال الصدقة فقال: إنها شر مال، إنما هي مال الكسحان والعوران".
(3) في الأصل: "فمنهم ماجد"، والصواب ما أثبت من المجمل مطابقاً للسان (كسد). والبيت بتمامه:
نبت العضاه فماجد وكسيد
إذا كل حي نابت بأرومة
(4) في الأصل: "وفي يديه"، صوابه في المجمل. وفي اللسان (كسر) والمقاييس (بح): "وفي كفها". وصدر البيت:
* وعاذلة هبت بليل تلومني *(5/145)
المرفَق، وهو نصف العظم: كِسرُ قبيح. أنشدنا عليُّ بنُ إبراهيمَ، عن عليِّ بنِ عبد العزيز، عن أبي عُبيد:
فلو كنتَ عَيراً كنتَ عيرَ مَذَلَّةٍ
ولو كنت كِسراً كنتَ كِسرَ قبيح(1)
ويقال: أرضٌ ذات كسور، أي ذات صَعُود وهَبُوط، وكأنَّها قد كسِرت كَسْراً. والكِسر: الشُّقة السُّفلى من الخِباء تُرفَع أحياناً وتُرخَى أحياناً. وهو جارِي مُكاسِرِي، أي كِسرُ بيتِه إلى كِسرِ بيتي. فأمَّا كِسْرى فاسمٌ عجميّ، وليس من هذا، وهو معرَّب. قال أبو عمرو: يُنسَب إلى كسرى- وكان يقوله بكسر الكاف(2)- كِسْرِيّ وكِسرَوِيّ. وقال الأمويّ: كِسريّ بالكسر أيضاً.
(باب الكاف والشين وما يثلثهما)
(كشف) الكاف والشين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على سَرْوِ الشّيء عن الشَّيء، كالثَّوب يُسْرَى عن البدن. ويقال كَشَفْتُ الثوب وغيرَه أكْشِفه. والكَشَف: دائرةٌ في قُصَاص النّاصية، كأنَّ بعضَ ذلك الشَّعْر ينكشف عن مَغْرِزِهِ(3) وَمَنْبتِه. وذلك يكون في الخيل التواءً يكون في عَسيب الذَّنب.
كشم - كشي
__________
(1) سبق البيت في (حسن، قبح). وأنشده في اللسان (قبح، كسر) وكذا ورد إنشاده "فلو كنت عيراً" في المجمل، وروي بالخرم فيما سبق.
(2) في الأصل: "بكسر الراء"، صوابه في المجمل، وفي اللسان والقاموس أنه يقال بكسر الكاف وفتحها.
(3) في الأصل: "مفسره".(5/146)
والأكشف: الرجل الذي لا تُرْسَ معه في الحرب. ويقال: تكشَّفَ البرقُ، إذا مَلأ* السَّماء. والمعنى صحيحٌ، لأنَّ المتكشِّف بارز. والكِشَاف: نِتاج في [إثر](1) نتاج. [قال ابن دريد: الكِشاف(2)]: أن تبقى الأنثى سنتين أو ثلاثاً لا يُحمَل عليها. قال الشاعر(3):
................... .................
(كشم) الكاف والشين والميم أصيلٌ يدلُّ على قَطْع شيء أو قِصره، من ذلك الأكشم: النَّاقص الخَلْق، ويكون ذلك في الحسب الناقص أيضاً. قال:
* له جانبٌ وافٍ وآخرُ أكشمُ(4) *
والكَشْم: قَطع الأنف باستئصال.
(كشي) الكاف والشين والحرف المعتلّ أو المهموز. أمّا ما ليس بمهموز فكلمة واحدة، وهي شحمةٌ مستطيلة في عُنق الضّبّ إلى فخذه، والجمع الكُشَى. قال:
كشح
لمَا تَركتَ الضَّبَّ يَعدُو بالوادْ(5)
وأنتَ لو ذُقتَ الكُشَى بالأكبادْ
__________
(1) تكملة يفتقر إليها الكلام. وفي المجمل: "الكشوف من الإبل: التي يضربها الفحل وهي حامل فتمكنه. والكشاف أيضاً: أن يحمل عليها كل سنة، وذلك أردأ النتاج".
(2) التكملة من المجمل. والنص في الجمهرة (3: 65).
(3) بعده بياض في الأصل. ولعله يعني قول زهير:
وتلقح كشافاً ثم تنتج فتتئم
فتعرككم عرك الرحى بثفالها
(4) لحسان بن ثابت في ديوانه 399 واللسان (كشم) يهجو ابناً له ولدته له امرأة من أسلم. وصدره:
* غلام أتاه اللؤم من نحو خاله *
... فقالت المرأة تجيبه:
ومن خير أعراق ابن حسان أسلم
غلام أتاه اللؤم من نحو عمه
(5) الرجز في المجمل واللسان (كشى) والمخصص (15: 178/ 16: 112) والحيوان (6: 100،
353) وعيون الأخبار (3: 211). وفي محاضرات الراغب (2: 303) أن الرجز قاله رجل يعارض به قول القائل:
ولا تشتهيه نفوس العجم
ومكن الضباب طعام العريب(5/147)
وأمّا المهموز فكلماتٌ لعلَّها أن تكون صحيحة. يقولون: يتكشَّأُ اللحمَ، أي يأكله وهو يابس. وكشَأْتُ وجهَه بالسَّيف، أي ضربته. وكَشِئَ من الطعام: امتلأَ.
(كشح) الكاف والشين والحاء أصلٌ صحيح، وهو بَعْضُ خَلْقِ الحيوان. فالكَشْح: الخصر. والكَشَح: داء يصيب الإنسانَ في كَشْحِه. قال الأعشى:
* كُلَّ ما يَحْسِمْنَ من داء الكَشَحْ(1) *
ويُكوَى. ومن ذلك الرَّجُل(2) مكشوحٌ المُراديّ. وأمَّا الكاشِح فالذي يَطْوِي على العداوة كَشْحَه. ويقال: طويتُ كَشْحِي على الأمر، إذا أضمرتَه وستَرته. قال:
* أخٌ قد طَوَى كَشْحاً وأبَّ ليذهبَا(3) *
كشط – كشد – كظر - كظم
وقال قومٌ: بل الكاشح: الذي يتباعَد عنك، من قولك: كَشَح القومُ عن الماء، إذا تفرَّقوا. قال:
* شِلْوَ حمارٍ كَشَحَتْ عنه الحُمُرْ *
وإنّما يقال للذاهب كَشَح لأنَّه يَمضِي مبدياً كَشْحَه إعراضاً عن المذهوب عنه. ألا تراهم يقولون: طوَى كَشْحَه للبَين والذَّهاب. وهو في شعرِهم كثير.
(كشط) الكاف والشين والطاء كلمةٌ تدلُّ على تنحية الشَّيء وكَشْفه. يقال: كشَطَ الجِلدَ عن الذَّبيحة. ويقولون: انكشَط رُوعُه، أي ذهَب.
(كشد) الكاف والشين والدال. يقال الكَشْد: ضرب من الحَلَب(4). والله أعلمُ بالصَّواب.
(باب الكاف والظاء وما يثلثهما)
(كظر) الكاف والظاء والراء كلمة. يقولون: الكُظْر: مَحَزُّ الفُرْضة في سِيَة القَوس.
__________
(1) رسمت في الأصل والديوان: "كلما". وصدره كما في ديوانه 164:
* ولقد أمنح من عاديته *
(2) كلمة "ومن" ليست في الأصل. وفي الأصل: "فالرجل" وفي المجمل: "فيقال كشح فهو مكشوح، إذا كوي من ذلك الداء. وبه سمي المكشوح المرادي".
(3) للأعشى في ديوانه 89 واللسان والجمهرة (أبب، كشح). وقد سبق في (أب). وصدره:
* صرمت ولم أصرمكم وكصارم *
(4) في اللسان: "ضرب من الحلب بثلاث أصابع".(5/148)
(كظم) الكاف والظاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على معنىً واحد، وهو الإمساك والجمعُ للشَّيء. من ذلك الكَظْم: اجتراع الغَيظ والإمساك عن إبدائه، وكأنَّه يجمعه الكاظمُ في جوفه. قال الله تعالى: { وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ } [آل عمران 134]. والكُظُوم: السُّكوت. [و] الكُظوم: إمساك البعير عن
كظا – كعم – كعظ
الجِرَّة. والكَظَم: مَخْرج النَّفَس. يقال أخَذَ بكَظَمه. ومعنى ذلك قياسُ ما ذكرناه؛ لأنّه كأنَّه منَعَ نفَسَه أن يخرج. والكظائم: خُروق تُحفَر يجري فيها الماءُ من بئرٍ إلى بئر. وإنَّما سُمِّيت كِظَامةً لإمساكها الماء. والكِظامة أيضاً: الحَلْقة التي تجمع خيوطَ حديدةِ الميزان؛ وذلك من الإمساك أيضاً. والكِظَامة: سَير يُوصَل بوَتَرِ القَوس العربيّة ثم يُدار بطرف السِّيَة العُليا. والقياس في جميع ذلك واحد.
(كظا) الكاف والظاء والحرف المعتل كلمةٌ من الإبدال. يقولون كَظَا لحمُه، مثلُ خَظَا، وهو يَكظُو.
(باب الكاف والعين وما يثلثهما)
(كعم) الكاف والعين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على سَدِّ شيءٍ بشيءٍ وإمساك. فالكِعَام: شيءٌ يُجعَل في فم البعير فلا يَرغُو. ويقال: كَعَمه فهو مكعوم. وتقول: كعَمه الخَوفُ فلا يَنطِق. قال ذو الرُّمَّة:
* يَهْمَاءَ خابطها بالخَوْف مكعومُ(1) *
ومن الباب: كَعَم الرّجلُ المرأةَ، إذا قبَّلَها ملتقماً فاهاً، كأنَّه سدَّ فاها بفيه. والكِعْم: وعاء من الأوعية(2).
(كعظ) الكاف والعين والظاء. يقولون: الكَعِيظ: الرّجل القصير الضَّخْم.
كعب - كعت – كعد – كعر – كعس
__________
(1) صدره كما في ديوانه 575 واللسان (كعم، وصى):
* بين الرجا والرجاء من جنب واصية *
... واصية: فلاة تتصل بأخرى.
(2) في اللسان: "وعاء توعى فيه السلاح وغيرها".(5/149)
(كعب) الكاف والعين والباء أصل صحيح* يدلُّ على نتوٍّ وارتفاعٍ في الشيء. من ذلك الكَعْب: كعب الرّجل، وهو عَظْم طرَفَيِ السّاق عند ملتقَى القدمِ والسّاق. والكعبة: بيتُ الله تعالى، يقال سمِّي لنتوِّه وتربيعه. وذو الكعَبَات: بيتٌ لربيعة، وكانوا يطوفون به. ويقال إنَّ الكَعْبة: الغُرْفة. وكَعَبَتِ المرأةُ كعَابةً، وهي كاعِبٌ، إذا نتأ ثَديُها. وثوبٌ مكعَّب: مطويٌّ شديد الإدراج. وبُردٌ مكَعَّب: فيه وَشْيٌ(1) مربع. والكعْب من القَصَب، أنبوبُ ما بين العُقْدتَين. وكُعوب الرُّمح كذلك. قال عَنترة:
ليس الكريمُ على القَنا بمحرَّمِ(2)
فطعنتُ بالرُّمْح الأصمِّ كُعوبَه
والكَعْب من السَّمن: قِطعةٌ منه.
(كعت) الكاف والعين والتاء. يقولون: الكُعَيْت: طائر. ويقولون: أكْعَتَ الرّجُل إكعاتاً، إذا انطلَقَ مُسرِعاً.
(كعد) الكاف والعين والدال. يقولون: الكَعْد. الجُوالِق(3).
(كعر) الكاف والعين والراء. يقولون: الكَعَر: أن يمتلئ البطنُ من الأكل. وأكعَرَ البعيرُ: عظُم سَنامُه.
(كعس) الكاف والعين والسين. يقولون: الكَعْس: عَظْم في السُّلامَى. والجمع كِعاسٌ.
كفل
(باب الكاف والفاء وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "شيء"، صوابه في المجمل.
(2) البيت من معلقته المشهورة.
(3) وردت المادة في القاموس ولم ترد في اللسان، وزاد في القاموس: "وبهاء طبق القارورة".(5/150)
(كفل) الكاف والفاء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تضمُّنِ الشَّيء للشيء. من ذلك الكِفْل: كِساءٌ يدار حَولَ سَنام البعير. ويقال هو كساءٌ يُعقَد طَرَفاه على عَجُز البعير ليركبَه الرَّدِيف. وفي الحديث: "لا تَشْرَبوا من ثُلْمةِ الإناء فإنَّه كِفْلُ الشَّيطان"، وإنَّما سمِّي بذلك لما ذكرناه من أنَّه يدور على السَّنام أو العَجُز، فكأنَّه قد ضُمِّنه. فأمَّا قولُهم للرّجل الجَبان كِفْل، وهو الذي يكون في آخِرِ الحرب إنَّما هِمَّتُه الإحجام، فهذا إنَّما شبه بالكِفْل الذي ذكرناه، أي إنَّه محمولٌ لا يَقِدرُ على مَشْيٍ ولا حركة، شَبَّهوه بالكِفْل، كما قال الشَّاعر(1):
ثم شَدَدْنا فوقه بمَرِّ(2)
أعْيا فنُطْناه مَنَاط الجَرِّ
وللشُّعراء في هذا كثير. وجميع هذا الكِفْل أكفال. قال الأعشى:
* ولا عُزَّلٍ ولا أكْفالِ(3) *
ومن الباب - وهو يصحِّح القياس الذي ذكرناه- الكَفِيل، وهو الضامن(4)، تقول: كَفَل به يَكفُل كَفالةً. والكَافل: الذي يكفُل إنساناً يَعُوله.
كفا
__________
(1) يعني الراجز.
(2) أنشده في اللسان (جرر، مرر). وقد سبق في (جر).
(3) البيت بتمامه كما في الديوان 11 واللسان (ميل، عور، عزل، كفل):
ـجا ولا عزل ولا أكفال
غير ميل ولا عوارير في الهيـ
(4) والأنثى كفيل أيضاً، وقد يقال للجمع كفيل.(5/151)
قال الله جلّ جلالُه: { وَكَفَلَها زَكَرِيَّا(1) } [آل عمران 37]، وأكفَلْتُه المالَ: ضمَّنتُه إياه. والكَفَل: العَجُز، سمِّيَ لما يجمع من اللَّحم. والكِفْل في بعض اللُّغات: الضِّعف من الأجر، وأصله ما ذكرناه أوّلاً(2)، كأنَّه شيء يحمله حاملُه على الكِفْل الذي يحملُه البَعير. ويقال ذلك في الإثم. فأمَّا الكَافل فهو الذي لا يأكل، ويقال إنَّه الذي يصل [الصِّيام(3)]، فهو بعيدٌ مما ذكرناه، وما أدري ما أصْلُه، لكنَّه صحيح في الكلام. قال القُطاميّ:
يَلُذْن بأعقار الحِياض كأنَّها
نساءُ نَصارَى أصبحَتْ وهي كُفَّلُ(4)
(كفا) الكاف والفاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على الحَسْب الذي لا مُستَزَادَ فيه. يقال: كفاك الشّيءُ يَكفِيك. وقد كَفَى كِفاية، إذا قام بالأمر. والكُفْيَةُ: القوت الكَافِي، والجمع كُفىً. ويقال حَسْبُك زيدٌ من رجلٍ، وكافيك.
كفأ
__________
(1) أي ضمن هو القيام بأمرها. وقراءة التخفيف هذه هي قراءة السبعة ما عدا الكوفيين وهم عاصم وحمزة والكسائي، فهؤلاء قرؤوا بتشديد الفاء، أي جعل الله كافلها والقيم بأمرها زكريا. وقرأ أبي: "أكفلها" وقرأ عبد الله والمزني "وكفلها" بكسر الفاء لغة في كفل كعلم يعلم. وقرأ مجاهد: "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا" بصيغة الأمر في جميعها بمعنى الدعاء مع نصب "ربها" على النداء. تفسير أبي حيان (2: 442). وإتحاف فضلاء البشر 173.
(2) في الأصل: "وإلا".
(3) التكملة من المجمل واللسان.
(4) ديوان القطامي 32 واللسان (عقر، كفل). وقد ورد بعد هذه المادة في المجمل مادة (كفن) على الترتيب الصحيح، لكنها وردت في الأصل في موضع آخر بعد مادة (كفأ) فآثرت إبقاءها في وضعها الآخر هناك محافظة على أرقام صفحات الأصل.(5/152)
(كفأ) الكاف والفاء والهمزة أصلانِ يدلُّ أحدُهما على التَّساوِي في الشَّيئين، ويدلُّ الآخر على المَيْل والإمالة والاعوجاج، فالأول: كافأت فلاناً، إذا قابلتَه بمثل صَنيعه. والكفء: المِثْل. قال الله تعالى: { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً
أحَدٌ } [الإخلاص 4]. والتكافؤ: التَّساوِي. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "المسلمون تتكافأ دماؤُهم"، أي تتساوى. والكِفَاء: شُقَّتان تُنْصَح إحداهما بالأخرى(1)، ثم يُردَحان(2) في مؤخّر الخباء. وبيت مُكْفَأٌ، وقد أكفأتُه. قال:
* بَيتَ حُتوفٍ مُكْفَأً مَردُوحا(3) *
وجاء في الحديث في ذكر العَقيقة: "شاتان متكافئتان"، قالوا: معناه متساويتان في القَدْر والسنّ.
وأمَّا الآخر* فقولُهم: أكفأت الشيءَ، إذا أمَلْتَه. ولذلك يقال أكفأتُ القوسَ، إذا أمَلْتَ رأسَهَا ولم تَنْصِبْها حين ترمِي عنها(4). واكتفأتُ الصحفة، إذا أمَلْتَها إليك. وفي الحديث: "لا تُسْألُ المرأةُ طلاقَ أختِها لتكتَفئَ ما في صحيفتها(5)". ويقال: أكفأت الشَّيءَ: قلبتُه، وكفأتُ(6) أيضاً. ويقال للسَّاهِمِ الوجه: مُكفأ الوجه، كأنَّ وجهَه قد أُمِيلَ عما كان عليه من البَشَارة. ومن
كفن – كفت
الباب الإكفاء في الشِّعر، وهي أن ترفع قافية وتخفض أخرى. ويزعمون أنَّ العرب قد كانت تعرف هذا، وأنَّه ليس من الأنباز المولّدة.
__________
(1) تنصح، بالصاد بالمهملة، أي تخاط. وفي الأصل: "شفتان ثتضح"، تحريف.
(2) يردحان: يبسطان. وفي الأصل: "يردان".
(3) لأبي النجم في المخصص (6: 3). وورد في الأصل محرفاً على هذه الصورة:
* بيت صوف مكفا مروحا *
(4) في الأصل: "حتى يرمي عنها"، وأثبت ما في المجمل. وانظر اللسان (1: 136).
(5) في نهاية ابن الأثير: "ما في إنائها".
(6) في الأصل: "وأكفات".(5/153)
ومما شذَّ عن هذين الأصلين الكُفْأة، وهي حَمْل النَّخلة سَنَتَها. ويقال ذلك في نِتاج الإبلِ أيضاً. ويقال: استكفأتُ فلاناً إبلَه، أي سألتُه نِتاجَ إبلهِ سنةً. ويقال: أنا أكْفيكَ هذه النَّاقةَ سنةً، أي تحلبها ولك ولدُها. وقول ذي الرمَّة:
* تَرى كُفْأَتَيْها(1) *
(كفن) الكاف والفاء والنون أصلٌ، فيه الكَفَن، وهو معروف. والكَفْن: غَزْل الصُّوف. يقال كَفَنَ يَكفُنُ(2). قال الرَّاعي:
* ويكْفُنُ الدَّهرَ إلاَّ ريْثَ يَهتبِدُ(3) *
(كفت) الكاف والفاء والتاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على جَمْعٍ وضمّ. من ذلك قولهم: كفَتُّ الشَّيءَ، إذا ضممتَه إليك. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام في اللَّيل: "واكفِتُوا صِبْيَانكم"، يعني ضُمُّوهم إليكم واحبسوهم(4) في البُيوت. وقال عزّ وجلّ: { ألَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتاً. أحياءً وأمْوَاتاً } [المرسلات 25، 26]. يقول: إنَّهم يَمشُون عليها ما دامُوا أحياءً، فإذا ماتُوا ضمَّتهم إليها في جَوْفها. وقال رؤبة:
* من كَفْتِ [ـها شَدَّاً كإضرام الحَرَقْ(5)] *
كفر
ويقال: جَرِابٌ كَفِيتٌ: لا يُضَيِّعُ شيئاً يُجعَل فيه. وأمَّا قولهم إنّ الكَفْتَ: صرفُكَ الشّيءَ عن وجهه فيَكْفِتُ أي يرجع، فهذا صحيح، لأنّه يضمه عن جانب. والكَفْتُ: السَّوق الشديد، لأنَّه يضم الإبل ضمَّاً ويَسوقُها، كما يقال يَقْبِضُها. وسيرٌ كَفِيتٌ، أي سريع، من هذا.
__________
(1) في الأصل: "كفأتيه" تحريف. والبيت بتمامه كما في الديوان 321 واللسان (كفأ):
لها ثيل سقب في النتاجين لامس
ترى كفأتيها تنفضان ولم يجد
(2) كذا ضبط في الأصل والمجمل بضم الفاء في المضارع، لكن ضبط بكسرها في اللسان والقاموس.
(3) هو بدون نسبة في اللسان (كفن، عمت). وصدره:
* يظل في الشاء يرعاها ويعتمها *
(4) في الأصل: "واحبسوا".
(5) في الأصل: "من كفت"، وتصحيحه وإكماله من ديوان رؤبة 106 واللسان (كفت).(5/154)
(كفر) الكاف والفاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو السَّتْر والتَّغطية. يقال لمن غطّى دِرعَه بثوبٍ: قد كَفَر دِرعَه. والمُكَفِّر(1): الرّجل المتغطِّي بسلاحه. فأما قولُه:
وأجَنَّ عَوراتِ الثُّغورِ ظَلامُها(2)
حتى إذا ألقَتْ يداً في كَافرٍ
فيقال: إنَّ الكافر: مَغِيب الشَّمس. ويقال: بل الكافر: البحر. وكذلك فُسِّرَ قولُ الآخَر(3):
ألقَتْ ذُكاءُ يمِينَها في كافِرِ(4)
فتذكَّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بعدما
والنهر العظيم كافر، تشبيهٌ بالبحر. ويقال للزَّارع كافر، لأنَّه يُغطِّي الحبَّ بتُراب الأرض. قال الله تعالى: { أَعْجَبَ الكُفَّارَ نَبَاتُهُ } [الحديد 20]. ورَمادٌ مكفور: سَفَت الرِّيحُ الترابَ عليه حتى غطَّتْه. قال:
كفر
* قد دَرَسَتْ غَيرَ رمادٍ مكفورْ(5) *
والكُفْر: ضِدّ الإيمان، سمِّي لأنَّه تَغْطِيَةُ الحقّ. وكذلك كُفْران النِّعمة: جُحودها وسَترُها. والكافور: كِمُّ العِنَب قبل أن يُنوِّر. وسمِّي كافوراً لأنَّه كفَر الوَلِيع، أي غطَّاه. قال:
* كالكَرْمِ إذْ نادَى من الكافورِ(6) *
__________
(1) وكذا ضبط في المجمل والقاموس. وضبط في الأصل واللسان بفتح الفاء المشددة.
(2) البيت للبيد في معلقته المشهورة.
(3) هو ثعلبة بن صعير المازني، كما في اللسان (كفر، ذكا) والحيوان (5: 131) والمفضليات
(1: 128).
(4) في الأصل: "فيذكر أهلاً"، صوابه من المراجع السابقة والمخصص (9: 19/ 17: 7). والأمالي (2: 145) وزهر الآداب (4: 115) وإعجاز القرآن 200 والمقصور 44.
(5) الرجز في اللسان (روح، كفر). وهو لمنظور بن مرثد الأسدي.
(6) للعجاج في ديوانه 27 واللسان (كفر 465) والمخصص (10: 216).(5/155)
ويقال له الكفرَّى(1). فأمَّا الكَفِرات والكَفَر فالثَّنايا من الجبال، ولعلَّها سمِّيت كَفِرَات، لأنَّها متطامنة، كأنَّ الجبالَ الشوامخَ قد سترَتْها. قال:
* تَطَلَّعُ ريَّاهُ من الكَفِراتِ(2) *
والكَفْرُ من الأرض: ما بَعُدَ من الناس، لا يكاد ينْزلُه ولا يمرُّ به أحد. ومَن حَلَّ به فهم(3) أهل الكُفور. ويقال: بل الكُفور: القُرَى. جاء في الحديث "لتُخْرِجَنَّكُمُ الرُّومُ منها كَفْراً كَفْراً".
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله كاف)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله كاف)
من ذلك (الكَنْفَلِيلة): اللِّحية الضَّخمة. وهذا مما زيدت فيه النون مع الزيادة في حروفه، وهو من الكَفْل، وهو جَمْع الشَّيء، وقد ذكرناه.
ومن ذلك (الكَرْبَلَة): وهي رَخاوةٌ في القَدَمين. وجاء يمشي مُكَرْبِلاً، كأنَّه يمشِي في الطِّين. وهذهِ منحوتةٌ من كلمتين: من رَبَل وكَبَل. أمَّا ربل فاسترخاء اللَّحم، وقد مرّ. وأمَّا الكَِبْل فالقَيد، فكأنَّه إذا مشى ببطءٍ مقيّدٌ *مسترخِي الرِّجل.
ومن ذلك (الكَلْثَمة): اجتماعُ لحمِ الوَجْه من غير جُهُومة. وهذا مما زيدت فيه اللام، وإنَّما هو من كثم وهو الامتلاء، وقد مرَّ تفسيره.
ومن ذلك (الكَمْثَرة): اجتماعُ الشَّيء. وهذا مما زيدت فيه الميم، وهو من الكَثْرة.
ومن ذلك (تكَنْبَثَ) الشَّيءُ: تقبَّض. ورجلٌ كُنَابِثٌ: جَهم الوجه. وهذا من كَبِث، وقد مرّ، وهو اللحم المتغيِّر.
__________
(1) بضم الكاف والفاء، وبفتحهما، وبكسرهما، وبضم الكاف وفتح الفاء، كما في اللسان.
(2) البيت لمحمد بن عبد الله بن نمير الثقفي، المعروف بالنميري، وصدره كما في اللسان (كفر) والأغاني
(6: 24):
* له أرج من مجمر الهند ساطع *
... ونسب في اللسان إلى عبد الله بن نمير، وهو خطأ. وانظر مجالس ثعلب 302.
(3) في الأصل: "فهو"، صوابه في المجمل.(5/156)
ومن ذلك (الكُنْدُر) و(الكُنَيدِر) و(الكُنَادِر): الرّجل الغليظ والحِمار الوحشيّ. وهذا مما زيدت فيه النون، والأصل الكَدَر، وقد ذكرناه.
ومن ذلك (كَرْدَم) الرّجل: أسرَعَ العَدْوَ. وهذا ممَّا زيدت فيه الميم، وهو من كرد، وقد مرَّ.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله كاف)
ومن ذلك (المُكْلَنْدِد): الشَّديد.
ومن ذلك (كَرْسَفْتُ) عُرقوبَ الدّابّة. وهذا مما زيدت فيه الراء، والأصل كَسَفْتُ، وقد مر.
ومن ذلك (الكُرْدُوس)، وهي الخيل العظيمة. وهذه منحوتةٌ من كَلمٍ ثلاث: من كرد، وكرس، وكدس، وكلُّها يدل على التجمُّع. والكَرْد: الطَّرد، ثم اشتُقَّ من ذلك فقيل لكلِّ عظمٍ عَظُمت نَحْضَتُه(1): كُرْدوس. ومنه كُرْدِس الرّجُل: جُمِعت يداه ورجلاه.
ومما لعلَّه أن يكون موضوعاً وضعاً من غير قياس (الكِرْنافة): أصل السَّعَفَة الملتزقُ بجذع النَّخلة. يقولون: كَرْنَفَه، أي ضَرَبه، كأنَّه ضُرِب بالكِرنافة.
ويقولون: (الكِنْفِيرة): أرنبة الأنف. و(الكُرْتُوم): الصَّفاة. و(الكُمَّثْرى) معروف. و(الكِبريت): ليس بعربيّ. و(الكَمْتَرةُ(2)): مِشيةٌ فيها تقارب. و(الكَرْزَم) و(الكَرْزن): فأس. ويقولون إنَّ (الكَرَازِم): شدائد الدَّهر. وأنشد فيه الخليل:
* إنَّ الدُّهورَ علينا ذاتُ كِرزيمِ(3) *
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله كاف)
وأظنُّ هذا مما قد تُجُوِّز فيه، وأنَّه ليس من كلام العرب ومما لا يصلُح قَبولُه بَتَّةً.
__________
(1) النحضة: القطعة الضخمة من اللحم. وفي الأصل: "لخصته"، وإنما اللخصة شحمة العين ولحم الثدي.
(2) بالتاء المثناة، ويقال أيضاً "الكمثرة" بالثاء المثلثة.
(3) صدره كما في اللسان (كرزم):
* ماذا يريبك من خل علقت به *(5/157)
وقالوا: (الكُنْدُش): العَقْعَق، يقولون "أخبَثُ من كُندش". وما أدري كيف يقبل العلماء هذا وأشباهَه. وكذلك قولهم: إنَّ (الكِربال): مِنْدَفُ القُطْن. ويُنشِدون:
* كالبُِرس طَيَّرهُ [ضربُ] الكَرابيلِ(1) *
وكلُّ هذا قريبٌ في البُطلان بعضُه من بعض. والله أعلَم بالصّواب.
ـــــــ
(تم كتاب الكاف)
لم
كتاب اللاّم
(باب اللام وما بعدها في المضاعف والمطابق(2))
(لم) اللام والميم أصلُه صحيحٌ يدلُّ على اجتماعٍ ومقارَبَة ومُضامَّة. يقال: لَمَمْتُ شَعَثه، إذا ضممتَ ما كان من حالِهِ متشعِّثاً منتشِراً. ويقال: صخرةٌ ملَمْلَمَةً، أي صُلْبة مستديرة، وملمومة أيضاً. قال:
* ملمومة لَمَّاً كظهر الجُنْبُلِ(3) *
ومن الباب ألمَمْتُ بالرّجُلِ إلماماً، إذا نزلتَ به وضامَمْتَه. فأمَّا اللَّمَم فيقال: ليس بمواقَعَة الذّنْب، وإنَّما هو مقاربتُه ثم ينحَجِزُ عنه. قال الله تعالى: { الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثْمِ وَالفَوَاحِشَ إلا اللّمَمَ } [النجم 32]، ويقال: أصابت فلاناً من الجنّ لَمَّة، وذلك كالمَسِّ. قال:
* أُعِيذُه من حادثاتِ اللمَّهْ(4) *
لن – له – لو
__________
(1) التكملة من المجمل واللسان (برس، كربل). وصدره:
* ترمي اللثام على هاماتها قزعا *
(2) في الأصل: "باب اللام والميم وما يثلثهما".
(3) في الأصل: "الخيل" تحريف، وإنما هو الجنبل، وهو القدح الضخم. وأنشده في اللسان (لمم) منسوباً لأبي النجم العجلي، وفي (جنبل) بدون نسبة.
(4) قائله عقيل بن أبي طالب، كما في اللسان (لمم). وبعده:
*ومن مريد همه وغمه*
... قال في اللسان: "ووافق الرجز من غير قصد".(5/158)
ومن الباب اللِّمَّة، بكسر اللام: الشَّعَْر إذا جاوَزَ شحمةَ الأذنين، كأنَّه سمِّي بذلك لأنّه شامَّ المَنكِبَين وقارَبَهما. وكتيبة ملمومة: كَثُر عددُها واجتمع المِقْنَب فيها إلى المِقْنب. والمُلِمَّة: النَّازلة من نَوازِل الدُّنيا. فأمَّا العين اللاَّمَّة(1)، فيقال: الأصل مُلِمَّة، لمّا قُرِنت بالسّامّة قيل لامَّة، وهي التي تُصيب بالسُّوء. وهو ذلك القياس.
فأمَّا "لم" فهي أداةٌ يقال أصلها لا، وهذه الأدواتُ لا قياسَ لها.
(لن) اللام والنون. كلمةٌ أداة، وهي لن، تنفي الفعل* المستقبل وذكر عن الخليل أنّ أصل لنْ لا أَنْ.
(له) اللام والهاء أُصَيلٌ يدلُّ على رِقَّة في شيءٍ وسَخافة. من ذلك اللَّهْلَه: الثَّوب الرديء النَّسج، وكذلك الكلام والشِّعر. ومن ذلك اللُّهْلُه: السَّراب المطَّرد(2). قال:
* ومخفِقٍ مِن لُهْلُه ولُهْلُهِ(3) *
والجمع لهالِهُ.
(لو) اللام والواو كلمةٌ أداة، وهي لو، يُتمنَّى بها. وأهل العربية يقولون: لو يدلُّ على امتناع الشيء لامتناع غيره، ووقوعهِ لوقوع غيرهِ. نحو قولهم لو خرج زيد لخرجت. فإذا جعلت لو اسماً شدّدت، يقال أكثرتَ من اللَّوِّ. أنشد الخليل:
لأ- لب
إنَّ لَيتاً وإنَّ لَوَّاً عناءُ(4)
ليتَ شعري وأين منِّيَ ليتٌ
([لأ]) وأما اللام والهمزة فيدلُّ على صفاء وبريق. من ذلك تلألأت اللُّؤلؤة، وسمِّيت لأنَّها تَلأْلأ. والعرب تقول: "لا أفعله ما لألأت الفُور بأذنابها" أي ما حرّكَتْها ولَمَعَتْ بها.
__________
(1) هي في حديث تعويذ الحسن والحسين: "أعيذكما بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن شر كل عين لامة".
(2) في اللسان أن اللهله: الأرض الواسعة يضطرب فيها السراب.
(3) لرؤبة في ديوانه 166 واللسان (لهله).
(4) لأبي زبيد الطائي في الخزانة (3: 382) وسيبويه (2: 32) والأغاني (4: 183) ومثله في الأغاني
(19: 158) قول النمر بن تولب:
إن لوا ذاك أعيانا
علقت لوا تكررها(5/159)
(لب) اللام والباء. أصلٌ صحيح يدلُّ على لزومٍ وثبات، وعلى خلوص وجَوْدة.
فالأوَّل ألَبَّ بالمكان، إذا أقام به، يُلبُّ إلبابا. ورجلٌ لَبٌّ بهذا الأمر، إذا لازَمه وحكى الفرّاء: امرأةٌ لَبَّةٌ: مُحِبَّةٌ لزوجها، ومعناه أنَّها ثابتة على وُدِّه أبداً. ومن الباب التلبية، وهو قوله: لَبَّيْك. قالوا: معناه أنا مقيمٌ على طاعتك. ونُصِب على المصدر، وثنّي على معنى إجابةً بَعْد إجابة. واللّبيب: المُلبِّي. قال الشَّاعر(1):
حرامٌ وإنِّي بعدَ ذاكِ لبيبُ
فقلت لها فِيئي إليكِ فإنَّني
أي مُحْرِم مُلَبٍّ، ومن الباب لبْلَبَ من الشَّيء: أشفق، فهو ملبلب. وقال:
* مِنّا المُلَبلِبُ والمشبِلُ(2) *
ويكون ذلك من الثَّباتِ على الوُدّ.
لت – لث
والمعنى الآخر اللُّب معروف، من كلِّ شيء، وهو خالصه وما يُنتَقَى(3) منه، ولذلك سمِّيَ العقلُ لُبَّاً. ورجل لبيب، أي عاقل. وقد لَبَّ يلبُّ(4). وخالصُ كلِّ شيء لُبابُه.
__________
(1) هو المضرب بن كعب، كما في الصحاح واللسان (لبب) والتاج (بعد) والقالى (2: 171).
(2) سبق الاستشهاد بالكلمتين الأخيرتين في (شبل). وهو جزء من بيت للكميت، وهو بتمامه كما في اللسان (لبب، شبل):
عليك الملبلب والمشبل
ومنا إذا حزبتك الأمور
(3) في الأصل: "يبتغي".
(4) يقال من باب فرح وضرب، الأولى لأهل الحجاز والثانية لأهل نجد. ويقال أيضاً لببت تلب بضم باء الماضي وفتح لام المضارع. قال صاحب القاموس: ليس له نظير في كلامهم. قلت: أما قولهم في المضاعف عززت الشاة بضم الزاي، إذا قل لبنها، فليس نظيراً لهذا، لأن ماضيه تعز بضم العين لا فتحها. انظر ليس في كلام العرب لابن خالويه 9 واللسان (عزز).(5/160)
ومن الباب اللَّبَّة، وهو موضعُ القلادة من الصدر، وذلك المكانُ خالص. وكذلك اللَّبَب(1). يقال: لببتُ الرّجُل: ضربت لَبَّتَه. ويقولون للمتحزِّم: متلبِّب، كأنَّه شدَّ ثوبَه إلى لَبَّتِه مشمِّراً. ولَبَبُ الفرسِ معروف. وعلى معنى التشبيه اللَّبَب من الرَّمل: ما كان قريباً من جبل متّصلاً بسهل. قال:
كأنَّها ظبيةٌ أفضَى بها لَبَبُ(2)
بَرّاقة الجيدِ واللّباتُِ واضحةٌ
ومما شذَّ عن هذا قولهم: إن اللَّبَاب: الكلأ. واللَّبلاب: نَبْت.
(لت) اللام والتاء كلمةٌ واحدة. يقال: لتَّ السّويقَ بالسَّمْن يلُتُّه لَتَّاً، والفاعل لاتٌّ. وذُكر عن ابن الأعرابيّ: لُتَّ فلانٌ بفلانٍ، إذا قُرِن به. فإن صح فهو من باب الإبدال، كأنَّ التاء مبدَلة من زاء.
(لث) اللام والثاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على إقامةٍ ودوام. يقال: ألثَّ المطر، إذا دام، والإلثاث: الإقامة. ولثلث بمعنى ألَثَّ. قال:
لج
* لا خيرَ في وُدِّ امرئٍ ملثلِث(3) *
أراد المتردِّدَ الذي لا خير فيه. وهو الذي يُلثلِِِث عن إقامة الودّ. ويقال: لثلثته عن حاجته: حبَستُه. وتَلثلثَ الرّجُلُ في الدَّقعاء(4): تمرَّغَ.
__________
(1) في الأصل: "اللبيب"، تحريف.
(2) لذي الرمة في ديوانه 3 واللسان (لبب).
(3) لرؤبة في ملحقات ديوانه 171 واللسان (لثث). وليس شاهداً لما قبله، بل لما بعده. فاللثلثة في البيت معناها التردد.
(4) الدقعاء، بالدال: عامة التراب، وقيل التراب الدقيق. وفي الأصل: "الرقعاء" بالراء، صوابه في المجمل واللسان.(5/161)
(لج) اللام والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تردُّد الشيءِ بعضه على بعض، وترديد الشيء. من ذلك اللَّجاج، يقال لَجَّ يَلَجُّ، وقد لجِجتَ على فَعِلت لَجَجاً ولَجَاجاً. ومن الباب لُجُّ البحر، وهو قاموسُه، وكذلك لُجَّته، لأنَّه يتردَّد بعضُه على بعض. يقال التجَّ البحرُ التجاجاً. وفي الحديث: "مَن ركِب البحر إذا التجَّ فقد بَرِئتْ منه الذّمّة". والسَّيف يسمَّى لُجّاً، وإنَّما هذا على التشبيه، كأنَّه فُخِّم أمره فشبِّه بلُجّ البحر، ومن ذلك حديث طلحة: "فقدَّمُوا فوضعوا اللُّجَّ على قَفيَّ(1)". ويقال: لجلجَ الرّجُل المُضْغَة في فيه، إذا ردَّدها ولم يُسغْها. قال زهير:
أصَلَّتْ فهي تحت الكشحِ داءُ(2)
يلجلجُ مُضغةً فيها أنيض
واللَّجلاج: الذي يلجلِجُ في كلامه لا يُعرِب. واللَّجَّة: الجَلبَة. قال أبو النَّجم:
لح - لخ
* في لَجَّةٍ أمسِكْ فُلاناً عن فُلِ(3) *
ويقولون: في فؤادِ فلانٍ لَجاجَةٌ، وهو أن يَخْفُِقَ لا يسكن من الجوع. وهو من* اللَّجَاجِ، واللَّجاجُ الظَّلام: اختلاطه، وهو مشبَّه بالتجاج البحر. ويستعار هذا فيقال عين مُلْتجَّة: شديدة السَّواد.
(لح) اللام والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمةٍ ومُلازَّة. يقال: ألَحَّ على الشَّيءِ إلحاحاً، إذا أقبَلَ عليه ولم يَفتُر. ويقال: لَحِحَتْ عينُه، إذا التصقَتْ(4). ومنه قولهم: هو ابنُ عَمِّه لَحَّاً، أي لاصق النَّسب. والمِلْحاح: القَتَبُ يَعَضُّ على غارب البعير. ويقال ألحّ السّحابُ، إذا دامَ مطرُه. وقال في القَتَب:
__________
(1) في اللسان: "وفي حديث طلحة بن عبيد [الله]: إنهم أدخلوني الحش، وقربوا فوضعوا اللج على قفي".
(2) وكذا ورد إنشاده في اللسان (لجج، أنض) مطابقاً لما مضى في (أنض)، ونبهت هناك على صواب روايته. انظر ديوان زهير 82.
(3) أنشده في اللسان (لجج، فلن).
(4) في الأصل: "التفت"، صوابه في المجمل واللسان.(5/162)
* ألَحَّ على أكتافِهِمْ قَتَبٌ عُقَرْ(1) *
ويقال: تَلحلحَ القومُ، إذا أقاموا مَكانَهم لم يبرحوا. قال:
* أقاموا على أثقالِهِمْ وتلَحْلَحُوا(2) *
ويقال: مكانٌ لاَحٌّ: ضيِّق. ورَحَىً مِلحاحٌ على ما تطحنه. ويقال: ألحَّ الجمل، كما يقال خَلأت النّاقة، وحَرَن الفرسُ، وذلك إذا لم يكد يَنْبعِثُ.
(لخ) اللام والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اختلاطٍ. يقال سكرانُ مُلْتَخٌّ، أي مختلط. والتَخَّ على القوم أمرُهم: اختلَط والتَخَّ عُشْبُ الأرض: اختلَط.
لد
ومن الباب: لَخَّتْ عينُه، إذا دام دمعُها، ويكون ذلك من كِبَر. قال:
* وسال غَرْبُ عَينِه ولَخّا(3) *
ومن الباب اللَّخْلخانيَّة: العُجْمة في المَنطِق.
(لد) اللام والدال أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على خِصامٍ، والآخَر يدلُّ على ناحيةٍ وجانب.
فالأول اللَّدَد، وهو شِدّة الخُصومة. يقال رجلٌ ألَدُّ وقَوم لُدٌّ. قال الله تعالى: { وَتُنْذرَ بِهِ قَوْماً لُدَّاً(4) } [مريم 97]. واللَّديدان: جانِبا العُنُق وصَفحتاه. ولَدِيدا الوادي: جانِباه، ولذلك يقال: تَلدَّد، إذا التفتَ يميناً وشِمالاً متحيِّراً. واللَّدُود: ما سُقِيَ الإنسانُ في أحد شِقّي وجهِه من دواء. وقد لُدَّ، والتدَدْتُ أنا. قال ابنُ أحمر:
__________
(1) للبعيث المجاشعي، كما في اللسان (لحح، عقر) وسبق إنشاده في (عقر). وصدره:
* ألد إذا لاقيت يوماً بخطة *
(2) لابن مقبل، في اللسان (لحح) وصدره:
* بحي إذا قيل اظعنوا قد أتيتم *
(3) اللسان (جلخ، لخخ) ومجالس ثعلب 451. وأنشده في أمالي الزجاجي 78 والخزانة (3: 104) رواية عن ثعلب. ونقل البغدادي نسبة الرجز إلى العجاج، وليس في ديوانه بل في ملحقاته 76. وفي الأصل: "وسار"، صوابه في المجمل والمراجع المتقدمة.
(4) في الأصل: "لتنذر به"، تحريف. وهي الآية 97 من سورة مريم: "فإنما يسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوماً لدا".(5/163)
وأقبلتُ أفواهَ العروقِ المَكاوِيا(1)
شرِبتُ الشُّكاعى والتَددْتُ ألِدَّة
ومن الباب قولهم: ما أجِدُ دون هذا الأمرِ مُحْتدّاً ولا مُلتدّاً، أي لا أجِدُ عنه مَعْدِلاً. وإذا عَدَل عنه فقد صار في جانبٍ منه. ومن الباب: ما زِلتُ أُلاَدُّ عنك، أي أدافِع، كأنَّه يَعْدِل بالشَّرِّ عنه.
ومما شذَّ عن هذا الباب: اللَّدُّ: الجُوَالِق، كذا قالوا، وأنشدوا:
* كَأنَّ لَدَّيهِ على صَفْحِ جَبَلْ(2) *
لذ – لز
ويمكن أن يقال هذا أيضاً لأنَّه يكون على جنب المحمول عليه إذا كانا عِدْلَين.
(لذ) اللام والذال أصل صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على طِيبِ طعمٍ في الشَّيء. من ذلك اللَّذّة واللَّذَاذَة: طيبُ طَعم الشَّيء. قال:
……………………………...............(3).
واللَّذُّ: النَّوم في قوله:
* ولَذٍّ كَطَعم الصَّرخَدِيِّ(4) *
قال الفرّاء: رجلٌ لذٌّ: حسنُ الحديث.
(لز) اللام والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمة ومُلاصَقة. يقال:
لُزَّ به، إذا لَصِق به لَزَّاً ولَزَازاً. ولازَزْتُه: لاصقته. ورجلٌ لِزَازُ خَصمٍ، إذا
لس – لص – لض
__________
(1) أنشده في اللسان (شكع، لدد، قبل).
(2) أنشده في اللسان (لدد)، وكذا في المجمل.
(3) بياض في الأصل، ولعله يعني قول الربيع بن ضبع، في أمالي القالي (3: 215) والخزانة (3: 106) وسيبويه (1: 106، 293):
فقد ذهب اللذاذة والفتاء
إذا عاش الفتى مائتين عاماً
... وقد سبق إنشاد هذا البيت في (فتي).
(4) للراعي، وهو بتمامه كما في اللسان (صرخد، لذذ):
عشية خمس القوم والعين عاشقه
ولذ كطعم الصرخدي طرحته
... برفع "عاشقه" لأن قبله:
على الرحل حتى أسلمته بنائقه
وسربال كتان لبست جديده
وروى في اللسان بيتاً آخر مجهول القائل عنده، وهو:
بأرض العدى من خشية الحدثان
ولذ كطعم الصرخدي تركته
وأنشد بعده الجاحظ في الحيوان (1: 662) يعني كلباً:
دعوت وقد طال السرى فدعاني
ومبد لي الشحناء بيني وبينه(5/164)
كان يُلازُّه ولا يَكُِعُّ عنه. والملزَّزُ: المجتمِعُ الخَلْق. واللَّزّ: الطَّعن. وهو من قياس الباب. واللَّزائز: ما اجتمع من اللَّحم في الزَّور مما يَلِي المِلاط. قال:
* ذي مِرفقٍ بانَ عن اللزائزِ(1) *
ومن الباب كَزٌّ لَزٌّ، ويجوز أن يكون لَزٌّ إتباعاً.
(لس) اللام والسين أصيل يدلُّ على لحس الشَّيء. قال ابنُ الأعرابيّ: اللَّسُّ: اللحس، ويقال: ألَسَّتِ الأرضُ، إذا طلَعَ أوّلُ نباتِها. قال: وسمِّي بذلك لأنَّ المال يَلُسُّه. ولسَّتِ الدابّةُ الخَلاَ بلسانها تَلُسُّه لَسَّاً. قال:
* قد اخضَرَّ من لسِّ الغَميرِ جحافُله(2) *
ويقال لذلك النَّبات اللُّساسُ أيضاً. قال:
* في باقِلِ الرِّمثِ وفي اللُّساسِ(3) *
(لص) اللام والصاد أُصيلٌ صحيحٌ يدلُّ على ملازَّةٍ ومقاربةٍ . من ذلك اللَّصَص، وهو تقارُب المَنْكِبَين، يكادان يمسَّان الأذُنين. والألَصُّ: المتقارب الأضراس أيضاً. ويقال لُصِّصَ البُنيانُ مثل رُصِّص. ويقال إنَّ الجبهة الضيِّقة اللَّصَّاء. واللَّصَّاء من الغنم: التي أقبلَ أحد قرنَيها على الوجه. ومن الباب اللِّصُّ، لأنَّه يلصَق بالشَّيء يريد أخْذَه. وفِعلُه اللَّصُوصية بفتح اللام(4) *ويقال أرضٌ مَلَصَّةٌ: كثيرة اللُّصوص.
(لض) اللام والضاد، ذكر الخليل أنَّ اللَّضْلاضَ: الدَّليل. قال: ولَضلَضَتُهُ: التفاتُه وتحفُّظه.
لط - لظ – لع – لغ
__________
(1) لإهاب بن عمير، في اللسان (لزز). وأنشده في المجمل (لز).
(2) لزهير في ديوانه 131 واللسان (غمر، لسس) والمخصص (10: 185). وصدره:
* ثلاث كأقواس السراء وناشط *
(3) أنشده في اللسان (لسس، هوس) والمخصص (10: 185).
(4) ويقال بضمها أيضاً، كما في اللسان.(5/165)
(لط) اللام والطاء أُصَيلٌ صحيح، يدلُّ على مقارَبة ومُلازَمَة وإلحاح من ذلك قولهم: ألَطَّ الرّجل، إذا اشتدَّ في الأمر. ويقال لطّ به: لَزِمه. وكلُّ شيءٍ سُتِرَ بشيءٍ فقد لُطَّ به. ولَطَّت النّاقةُ بذَنبِها، إذا جعلَتْه بين فخِذَيْها في مَسِيرها. واللَّطُّ: قِلادةٌ من حَنْظلٍ، وسُمِّيت لَطَّاً لملازمتِها النَّحر. والجمع لِطَاط. واللِّطَاط: حرف الجبل. ومِلطاط البعير: حرفٌ في وسَط رأسِه. والمِلطاط: حافَة الوادِي، وسمِّي كلُّ ذلك لأنَّه ملازِمٌ لا يُفارِق. واللِّطْلِط: العجوز الكبيرة، لأنها ملازمةٌ لمكانها لا تكاد تبرح.
(لظ) اللام والظاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ملازَمَة. يقال: ألظَّ الرّجلُ بالشَّيء، إذا لازَمَه. وفي الحديث: "ألِظُّوا بياذَا الجلالِ والإكرامِ"، أي الزَموا هذا وأكثِروا منه في دعائكم. ويقال: ألَظَّ المطرُ: دام. ويقولون: الإلظاظ: الإشفاق على الشَّيء؛ وليس ببعيد القياسِ من الباب.
(لع) اللام والعين أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابٍ وبَصْبصَة(1). من ذلك اللَّعْلَع: السَّراب؛ ولعلعتُه: بَصبصتُه. وتَلعلع الشَّيء: اضطرَبَ حتَّى تكسَّر. ولَعْلعَ الكلبُ: دَلَع لسانَه. وامرأة لَعَّةٌ: خفيفة. وتلعلع من الجُوع: تضوَّر. واللَّعَاعة: بقلَة ناعمة. وألعَّتِ الأرضُ: أنبتَتَ اللُّعَاع؛ وتلعَّيتُ: أخذتُ اللعاع. وهذه الكلمةُ الأخيرة شاذة.
(لغ) اللام والغين. ذكر بعضُهم: لَغْلغَ طعامَه: روَّاه بالدَّسَم.
لف - لق
(لف) اللام والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تلوِّي شيء على شيء. يقال: لفَفْتُ الشّيءَ بالشّيء لفَّاً. ولففت عِمامَتي على رأسي. ويقال: جاء القومُ ومَن لَفَّ لَفَّهم، أي من تأشَّبَ إليهم، كأنَّه التفَّ بهم. قال الأعشى:
نُبَاكاً فَقوَّاً فالرَّجا فالنَّواعصا(2)
وقد ملأت قيسٌ ومن لَفَّ لَفَّها
__________
(1) في الأصل: "وبصبص".
(2) ديوان الأعشى 109 ومعجم البلدان (نباك، النواعص).(5/166)
ويقال للعَيِيِّ: أَلَفُّ، كأنَّ لسانَه قد التفَّ، [و] في لسانه لَفَفٌ. والألفاف: الشَّجرُ يلتفُّ بعضه ببعض. قال الله تعالى: { وَجَنَّاتٍ ألْفَافاً } [النبأ 16]. والألَفُّ: الذي تَدانى فَخِذاه من سِمَنه، كأنَّهما التفَّتا؛ وهو اللفَف. قال:
وما اللُّفُّ أفخاذاً بتاركةٍٍ عَقْلا
عِِراض القَطَا ملتفّةٌ رَبَلاتُها
ويقال للرّجُل الثَّقيل البطيء: ألَفُّ. واللَّفيف: ما اجتمعَ من الناس من قبائلَ شتَّى. وألَفَّ الرّجلُ رأسَه في ثيابه، وألفَّ الطائرُ رأسه تحت جناحِه. وحكى بعضهم: في الأرض تلافيفُ من عُشْب. ولفَفْتُه حقه: منعته.
(لق) اللام والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على صِياح وجَلَبة. من ذلك اللَّقلقَة: الصِّياح. وكذلك اللَّقلاق. واللَّقلَق: اللِّسان. وفي الحديث: "من وقِيَ شَرَّ لَقْلَقِه وقَبقَبِه وذَبْذَبِهْ فقد وُقي شِرَّةَ الشَّبابِ كلَّها". ولَقَّ عينَه، إذا ضرَبَها بيده، ولعلَّ ذلك للوَقع(1) يُسْمَع. وأمَّا اللَّقْلَقة فالاضطراب، وهو قريبٌ من المقلوب، كأنَّه مُقَلقَل، وهو الذي لا يَقَِرُّ مكانَه. قال امرؤ القيس:
* بطرفٍ مُلَقْلَقِ(2) *
لك – لما – لمأ
(لك) اللام والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على تداخُلٍ في الشَّيء. من ذلك اللَّكِيك: اللَّحم المتداخِلُ في العِظام. واللُّكالِك: البعير المكتنِزُ اللَّحم. ويقال: التكَّ القومُ: ازدحموا. واللُّكِّيُّ: الحادر(3) اللَّحيم.
__________
(1) الوقع: صوت الضرب. وفي الأصل: "للوقوع".
(2) قطعة من بيت له ليس في ديوانه المطبوع. وفي اللسان: "وجلاها بطرف ملقلق". وقد وجدته في مخطوطتي دار الكتب برواية الطوسي، وخرابنداذ، وهو بتمامه:
إليها وجلاها بطرف ملقلق
رأى أرنباً فانقض يهوي أمامه
(3) في الأصل: "الحادل"، صوابه في المجمل.(5/167)
ومما شذَّ عن الباب اللَّكيك(1): شجرةٌ ضعيفة. وقال امرؤ القيس في اللَّحم اللكيك:
يصُفُّون غاراً باللَّكِيك الموشَّقِ(2)
فظل صِحابِي يَشتَوُون بنَعْمةٍ
والله أعلم.
(باب اللام والميم وما يثلثهما)
(لما) اللام والميم والحرف المعتل كلمةٌ واحدة، وهي اللَّمَى، وهي سُمرةٌ في باطن الشَّفَة، وهو يُستحسَن(3). وامرأةٌ لمياءُ. قال ذو الرُّمَّة:
وفي اللِّثاثِ وفي أنيابها شَنبُ(4)
لَمياء في شَفَتيْها حُوَّةٌ لَعَس
يقال ظلٌّ ألمَى: كثيفٌ أسود. وممّا* شذَّ عن هذا اللُّمَةُ: التِّرْب، ويقال الأصحاب.
(لمأ) اللام والميم والهمزة كلمتانِ تدُلاَّنِ على الاشتمال. يقولون: ألمأْت
لمج – لمح - لمز
بالشَّيء، إذا اشتملتَ عليه فذهبتَ به. ويقال: تلمَّأَتْ عليه الأرضُ، إذا استوَتْ عليه. فأما قولهم: التُمِئَ لونُه، فيمكن أن يكون مِن هذا، ويمكن أن يكون من الإبدال، كأنَّ الهمزة بدل من العين، والأصل التُمِع.
(لمج) اللام والميم والجيم. يقال: ما ذَاق لمَاجا، أي مَأْكَلا. ولَمَجَ الشَّيءَ: طَعِمَه. قال لبيد:
* يلمجُ البارِضَ(5) *
(لمح) اللام والميم والحاء أصلٌ يدلُّ على لَمْع شيء. يقال: لَمَح البرقُ والنّجمُ لَمْحاً، إذا لَمَعا. قال:
أُراقِب لمحاً من سُهيلٍ كأنَّه
إذا ما بدا من آخِرِ اللَّيل يطرفُ(6)
__________
(1) لم يذكره في اللسان. وفي القاموس: "وكأمير: القطران، وشجرة ضعيفة، وموضع".
(2) روي في ديوان امرئ القيس في مخطوطتي دار الكتب.
(3) في الأصل: "وهي يستحسن"، وأثبت ما في المجمل.
(4) ديوان ذي الرمة 5 واللسان (حوا، لعس، شنب).
(5) البيت بتمامه كما في الديوان 15 طبع 1881 واللسان (لمج، برض، رجل):
من مرابيع رياض ورجل
يلمج البارض لمجا في الندى
(6) البيت لجران العود في ديوانه 14 والحيوان (3: 52/ 5: 598) والبيان (4: 40).(5/168)
ورأيت لَمْحة البَرْق. ويقولون: "لأُرِينَّك لمحاً باصراً"، أي أمراً واضِحاً(1).
(لمز) اللام والميم والزاء كلمةٌ واحدة، وهي اللَّمْز، وهو العَيب. يقال لَمَزَ يَلمِزُ لَمْزاً. قال الله تعالى: { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ في الصَّدَقاتِ }
[التوبة 58]. ورجل لَمَّازٌ ولُمَزَة، أي عَيَّاب.
لمس - لمظ
(لمس) اللام والميم والسين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تطلُّبِ شيء ومَسيسِه أيضاً. تقول: تلمّست الشّيءَ، إذا تطلَّبْتَه بيدك. قال أبو بكر بن دريد: اللّمس أصلُه باليد ليُعرَف مَسُّ الشّيء، ثم كثُرَ ذلك حتَّى صار كلُّ طالب مُلتمِساً(2). ولَمَسْت(3)، إذا مَسِسْتَ. قالوا: وكلُّ مَاسٍّ لامس. قال الله سُبحانه:
{ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ } [النساء 43، المائدة 6]، قال قومٌ: أُريد به الجماع. وذهَبَ قوم إلى أنَّه المَسيس، وأنَّ اللَّمْس والملامَسة يكون بغير جماع. وأنشدوا(4):
ولم أدرِ أنَّ الجودَ من كفِّه يُعدِي(5)
لَمَسْتُ بكفِّي كفّه أبْتَغِي الغِنَى
وهذا شعرٌ لا يحتجُّ به. واللّمَاسَة(6): الطَّلِبةُ والحاجة. ويقال: "لا يَمنَع يدَ
__________
(1) وكذا في اللسان، لكن في المجمل: "أي نظراً بتحديق شديد".
(2) الجمهرة (3: 50).
(3) يقال لمس يلمس، من بابي ضرب ونصر.
(4) بدله في المجمل: "واحتج الشافعي بقول القائل".
(5) البيت مما اختاره أبو تمام في الحماسة (2: 288)، وهو بيتين ثانيهما:
أفدت وأعداني فأتلفت ما عندي
فلا أنا منه ما أفاد ذوو الغنى
... وفي عيون الأخبار (1: 344): "دخل شاعر على المهدي فامتدحه فأمر له بمال، فلما قبضه فرقه على من حضر، وقال…". وأنشد البيتين، برواية: "وما خلت أن الجود"، و "وأعداني فبددت". وفي الأغاني (18: 94) أن ذلك الشاعر الذي دخل على المهدي هو عبد الله بن سالم الخياط، وأن المهدي أمر له بخمسين ألف درهم.
(6) اللماسة، بضم اللام وفتحها.(5/169)
لامِس"، إذا لم تكن فيه منفعة ولا له دِفاع. قال:
* ولولاهمُ لم تَدفَعُوا كفَّ لامِسِ *
(لمظ) اللام والميم والظاء أصيلٌ يدلُّ على نُكتةِ بَياض. يقال: به لُمْظة،
لمع
أي نُكتةُ بياضٍ. وفي الحديث: "إنَّ الإيمانَ يبدو لُمْظَةً في القَلب، كلَّما ازداد الإيمان ازدادت اللُّمْظة". واللُّمْظة بالفَرَس: بياضٌ يكون بإحدى جَحفَلَتَيه. فأمَّا التلمُّظُ فإخراج بعضِ اللِّسان. يقال: تَلَمَّظَ الحيّةُ، إذا أخرج لسانَه كتلمُّظِ الآكلِ. وإنَّما سمِّي تلمُّظاً لأنَّ الذي يبدو من اللسان فيه يسيرٌ، كاللُّمظة. ويقولون: شَرِب الماء لَمَاظاً، إذا ذاقه بطرَف لسانِه.
(لمع) اللام والميم والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إضاءةِ الشيءِ بسُرعة، ثم يقاس على ذلك ما يَجري مَجراه. من ذلك: لمَعَ البرقُ وغيرُه، إذا أضاء، فهو لامعٌ. ولَمَع السّيفُ وما أشبَهَ ذلك. ويقال للسَّرابِ يَلْمَعٌ. كأنَّه سمِّي بحركته ولمَعانه. ويشبَّه به الرّجُل الكَذَّاب. قال الشَّاعر:
بوُدِّيَ قالت إنَّما أنتَ يَلْمَعُ(1)
إذا ما شكوت الحُبَّ كَيمَا تثيبَنِي
ويقال: ألْمَعَتِ النّاقةُ، إذا رفعَت ذنبها فعُلم أنَّها لاقح. قال الأعشى:
* مُلْمِعٍ(2) *
وقال بعضهم: كلُّ حاملٍ اسودَّتْ حلمةُ ثَديِها فهي مُلْمِع. وإنَّما هذا أنَّه يستدَلُّ بذلك على حَمْلها، فكأنَّها قد أبانت عن حالها، كالشيء اللامع. واللِّماع: جمع لُمْعة، وهي البُقعة من الكَلأ. ويقولون - وليس بذلك الصحيح- إنَّ اللُّمعة(3): الجماعةُ من النّاس. واللَّمَّاعة: الفَلاة. قال:
لمق – لمك
__________
(1) أنشده في المجمل واللسان (لمع).
(2) قطعة من بيت له في ديوانه 8 واللسان (لوع)، وهو:
ـش فلاه عنها فبئس الفال
ملمع لاعة الفؤاد إلى جحـ
(3) في الأصل: "لأن اللمعة". وفي المجمل: "ويقال اللمعة: الجماعة من الناس".(5/170)
ولا أَمَراتٍ ولا نِهْيِ ماءٍ(1)
ولمَّاعةٍ ما بِها من عَلاَمٍ
واللَّمَّاعة: العُقاب، لأنها تُلمِع بأجنحتها. فأمَّا قولهم: التمعتُ الشَّيءَ، إذا اختلستَه، فمحمولٌ على ما قلناه من الخفّة والسُّرعة. وكذلك ألْمَعَتْ به المنيَّةُ: ذهبت به. والألمعيُّ: الرّجُل الذي يظُنُّ الظنَّ فلا يكادُ يَكْذِب. ومعنى ذلك أنَّ الغائبات عن عينه كاللاَّمعة، فهو يراها. قال:
ـنَّ كأنْ قَدْ رأى وقد سَمِعا(2)
الألمعيُّ الذي يظنّ لكَ الظـ
(لمق) اللام والميم والقاف ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس ولا تتقارب. فالأوَّل اللَّمْق، يقال لَمَقَه بيده، إذا ضربَه. والكلمة الثانية اللَّمْق، وهو المَحْو، يقال لَمَقَه، إذا محاه. قال يونس: سمعتُ أعرابياً يذكر مُصدِّقاً لهم قال: "فلَمَقه* بعد ما نَمَقَه"، كأنَّه محا كتاباً قد كان كتبه. والكلمة الثالثة: اللَّمَاق، يقال: ما ذُقت لَمَاقاً. قال:
وما يُغْني الحوائمَ من لَمَاقِ(3)
كبرقٍ لاَحَ يُعجِبُ مَن رآهُ
(لمك) اللام والميم والكاف كلمةٌ واحدة. يقال تَلمَّكَ الشَّيءَ، مثل تلمَّجَ، كأنَّه يتذوَّقُه. يقال: ما ذُقت لمَاكاً، أي شيئاً، كقولهم: ما ذقت لمَاجاً، وأصله أن يلوِيَ البعير لَحْيَيه. قال:
تلَمَّكَ لو يُجدِي عليه التَّلمُّكُ(4)
فلمَّا رآنِي قد حَمَمتُ ارتحالَه
لهو - لهب
(باب اللام والهاء وما يثلثهما)
(لهو) اللام والهاء والحرف المعتلّ أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على شُغْل عن شَيءٍ بشيء، والآخر على نَبْذِ شيءٍ من اليد.
__________
(1) العلام: جمع علامة. والأمرات: جمع أمرة، وهي العلم.
(2) البيت لأوس بن حجر في ديوانه 13 واللسان (لمع).
(3) لنهشل بن حرى في اللسان (لمق) وإصلاح المنطق 432 برواية: "ولا يشفى".
(4) أنشده في اللسان (حمم، لمك).(5/171)
فالأوَّل اللَّهْو، وهو كلُّ شيءٍ شَغَلك عن شيء، فقد ألهاك. ولَهَوتُ من اللَّهْو. ولَهِيتُ عن الشَّيء، إذا تركتَه لِغيره. والقياسُ واحدٌ وإنْ تَغيَّر اللفظُ أدنَى تغيُّر. ويقولون: إذا استأثَرَ الله تعالى بشيءٍ فالْهَ عنهُ، أي اتركْهُ ولا تشتغل به. وفي الحديث في البَلَل بعد الوُضوء: "الْهَ عنه". وكان ابنُ الزُّبَيرِ إذا سمِعَ صوتَ الرّعد لَهَىَ عن الحديث الذي يقول: تَرَكه وأعرَض عنه. وقد يُكنَى باللَّهو عن غيره. قال الله تعالى: { لَوْ أرَدْنا أن نَتَّخِذَ لَهْواً } [الأنبياء 17]. وقال الحسن وقَتادةُ: أراد باللَّهو المرأة. وقال قومٌ: أراد به الولد.
وأمَّا الأصل الآخر فاللُّهْوة، وهو ما يَطرحه الطّاحِن في ثُقْبَة الرَّحَى بيده، والجمع لُهىً، وبذلك سمِّي العَطاء لُهْوَة فقيل: هو كثير اللُّهَى. فأمَّا اللّهاة فهي أقصى الفمِ، كأنَّها شُبِّهَتْ بثُقْبةِ الرَّحَى، وسمِّيت لَهاةً لما يُلقَى فيها من الطَّعام.
(لهب) اللام والهاء والباء أصلٌ صحيح، وهو ارتفاعُ لسان النَّار، ثم يقاسُ عليه ما يقاربه. من ذلك اللَّهب: لَهَب النَّار. تقول: التهبت التهاباً. وكلُّ شيءٍ ارتفع ضوؤُه ولمَعَ لمعاناً شديداً فإنَّه يقال فيه ذلك. قال:
وتاجَ الملك يلتهبُ التهابا
رأيتَ مَهابةً وليوثَ غابٍ
لهث - لهج
ويقولون للعَطشان: لَهْبَان، وهذا على جهة الاستعارة، كأنَّ حرارةَ جوفه تَلتهب. ويقولون: اللَّهَب: الغُبار السَّاطع. فإن صحَّ فاستعارةٌ أيضاً. ويقال: فَرَسٌ مُلْهِبٌ، إذا أثارَ الغبار. وللفرس أُلْهُوب، اشتقَّ كلُّ هذا من الأوّل. قال امرؤ القيس:
فللزَّجْرِ ألهوبٌ وللسّاقِ دِرَّةٌ
وللسَّوط منه وَقْعُ أخْرَجَ مُهْذِبِ(1)
__________
(1) ديوان امرئ القيس 85 واللسان (لهب).(5/172)
واللَّهَب واللُّهاب: اشتعال النّار، ويستعمل اللُّهاب في العَطَش، فأمَّا اللِّهب، وهو المَضيق بين الجبلين فليس من هذا، وأصله الصَّاد، وإنَّما هو لِصْب، فأُبدلت الصاد هاءً. وبنو لِهْبٍ: بطنٌ من العرب.
(لهث) اللام والهاء والثاء كلمةٌ واحدة، وهي أنْ يَدْلَعَ الكلبُ لسانَه من العطش. قال الله تعالى: { إنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ } [الأعراف 176]، واللُّهَاث: حَرُّ العطَش. وهذا إنَّما هو مقيسٌ على ما ذكرناه من شأن الكلب.
(لهج) اللام والهاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على المثابرَة على الشَّيء وملازمتِه، وأصلٌ آخر يدلُّ على اختلاطٍ في أمرٍ.
يقال: لَهِجَ بالشَّيء، إذا أُغرِيَ به وثابَرَ عليه، وهو لَهِجٌ. والمُلْهِج: الذي لَهِجتْ فِصالُه برَضاعِ أمَّهاتِها فيَصْنَعُ لذلك أخِلّةً يشدُّها في خِلْفِ أمِّ الفصيل،
لهد
لئلاَّ يَرتضِعَ الفصيل، لأنّ ذلك يؤلِمُ أنفه. وإيّاهُ أراد القائل(1):
رَعَى بارِضَ الوَسميِّ حتَّى كأنَّما
يَرَى بسَفَى البُهْمى أخِّلةَ مُلْهِجِ
وقولهم: هو فصيح اللَّهجة(2) واللَّهَجَة: اللِّسانِ، بما ينطق به من الكلام. وسمِّيت لهجةً لأنّ كلاًّ يلهَجُ بلُغتِه وكلامه.
__________
(1) البيت للشماخ في ديوانه 14 واللسان (لهج) والمخصص (7: 41). ورواية الديوان: "خلا فارتعى الوسمى".
(2) في الأصل: "اللهج"، صوابه من اللسان والقاموس، وفي القاموس: "اللهجة ويحرك: اللسان". واقتصر في المجمل على "اللهجة" بسكون الهاء.(5/173)
والأصل الآخَر قولُهم: لَهْوَجْتُ عليه أمرَه، إذا خلطتَه. وأصلهُ من اللَّبَن المُلْهَاجِّ، وهو الخاثر الذي يكاد يَرُوب. ويقولون: أمْرُهُم مُلْهاجٌّ. ومن الباب: لَهْوَجْتُ اللّحمَ، إذا لم تنضِجْه شيئاً، فكأنَّه مختلِطٌ بين النِّيِّ والنَّضيج. فأمَّا قولهم: لَهَّجْتُ القومَ، مثل لَهَّنْتُهم، فممكنٌ أن يكون من الإبدال، كأنَّ الجيمَ بدلٌ من النُّون.
(لهد) اللام والهاء والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على إذلال ومُطامَنَة، من ذلك لَهَّدْتُ الرّجُل، إذا دفَّعْتَه، فهو مُلَهَّدٌ ذَليل. واللَّهِيدُ: البعير يُصِيب جنبه الحِمْلُ الثَّقيل. وألهَدْت الرّجُلَ، إذا أمسكتَه وخلَّيتَ عليه آخَرَ يقاتلُه. وألْهَدْتُ بالرّجُل: أزْرَيتُ به.
لهز - لهس – لهط
(لهز(1)) اللام والهاء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على دَفْعٍ بيَدٍ أو غيرها أو رمي بوَتَر. قالوا: لهَزْتُ فلاناً: دفعتُه. ويقولون: اللّهْز: الضّرْب بجُمْع اليدِ(2) في الصَّدر. ويقولون: لهَزَهُ القَتِير: فَشَا فِيه. ولَهزْتُه بالرُّمح في صَدرِه: طعنتُه. ولهَزَ الفَصِيلُ ضَرْعَ أمِّه، إذا ضَرَبه برأسِه عند الرَّضاع. ويقال: بعيرٌ ملهوزٌ، إذا كان قد وُسِم في لِهزِمَتِه. قال:
ضُرِّي الجميحَ ومَسِّيهِ بتعذيبِ(3)
مَرَّتْ بِراكبِ مَلهوزٍ فقال لها
فأمّا قولُهم: فرسٌ ملهوزٌ، أي مُضَبَّر الخَلْق، فهو صحيحٌ على هذا القياس، كأنَّ لحمَه رُفِع مِن جوانبه حتَّى تداخَلَ. ودائرة اللاهِزِ: دائرةٌ في اللِّهزِمَة.
__________
(1) وردت هذه المادة في الأصل بعد مادة ( لهق) ، ورددتها إلى مكانها هنا طبقاً للترتيب وموافقة لما جاء في المجمل.
(2) جمع اليد: قبضتها. وفي الأصل: "بجميع"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) للجميح بن الطماح الأسدي. المفضليات (1: 32) واللسان (لهز).(5/174)
(لهس) اللام والهاء والسين كلمةٌ تدلُّ على جِنْس من الإطعام. يقولون: لَهَسَ على الطَّعام: زاحَم حِرصاً. وما لَكَ عندي لَهْسَةٌ(1) من طعام، أي لا كثير ولا قليل. قال ابن دريد: لَهَس الصبيُّ ثديَ أُمِّه: لطَعَه ولم يَمْصَصْه(2).
(لهط) اللام والهاء والطاء كلمةٌ. يقولون: لَهَطه بسهمٍ: رماه. ولَهَطَتِ المرأةَ فرجَها بالماء: ضَرَبَتْه.
لهع - لهف – لهق – لهم – لهن
(لهع) اللام والهاء والعين كلماتٌ إن صحت تدلُّ على استرخاء وفَترة. من ذلك اللهِع من الرِّجال: المسترسل إلى كُلٍّ. يقال: لَهِعَ لهَاعَةً. وبه سُمِّي لَهِيعة. ويقال: هو الفاتر المُسترخِي. وقال بعضهم: تَلَهْيَعَ في كلامه: أفرَط.
(لهف) اللام والهاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على تحسُّر. يقال: تلهَّفَ على الشَّيء، ولهِفَ، إذا حزِن وتحسَّر. والملهوف: المظلومُ يستغيث.
(لهق) اللام والهاء والقاف كلمتانِ متباينتان.
فالأولى اللَّهق(3): الأبيض؛ والثَّور الأبيضِ لِهَاق. قال الهذليّ:
* لَِهاقٌ تَلأْلُؤهُ كالهِلالِ(4) *
والكلمة الأخرى قولهم: تَلَهْوَقَ الرّجُل: أظْهَرَ سخاءً وليس بسخِيّ.
__________
(1) كذا ضبط في الأصل والمجمل بفتح اللام. وفي اللسان: "لهسة بالضم مثل لحسة، أي شيء"، ونحوه في القاموس.
(2) في الأصل: "أطعمه ولم يمصعه"، صوابه من الجمهرة (3: 52) وفيها: "إذا لطعه بلسانه ولم يمصصه".
(3) يقال بفتح الهاء وكسرها. كما أن اللهاق بفتح اللام وكسرها.
(4) لأمية بن أبي عائذ الهذلي في ديوان الهذليين (2: 176) واللسان (لهق). وصدره:
* حديد القناتين عبل الشوى *(5/175)
(لهم) اللام والهاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ابتلاعِ شيء، ثم يقاس عليه. تقول العرب: التَهَم الشَّيء: التَقَمه. ومن هذا الباب الإلهام، كأنَّه شيءٌ أُلقِيَ في الرُّوع فالتَهَمَه. قال الله تعالى: { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } [الشمس 8]. والتَهَم الفصيلُ ما في ضَرع أمِّه: استوفاه. وفرسٌ لهِمٌّ: سَبَّاق، كأنَّه يلتهم الأرض. واللُّهَيْم: الدَّاهية، وكذلك أمُّ اللُّهيْم، وسمِّيت لعِظمها كأنَّها تَلْهَمُ ما تلقى. ويقولون للعظِيم الكافي: اللِّهَمّ ومن الباب اللُّهمُوم: الرّجُل الجَواد. وهذا على العِظَم والسَّعة.
(لهن) اللام والهاء والنون كلمةٌ واحدة، اللُّهْنَةُ: ما يتعجَّله الرّجُل قبل غَدَائه. وقد تَلهَّن. ويقال بل اللُّهْنة: ما يُهديه الرّجلُ إذا قَدِم من سَفَره.
لوي - لوب
(باب اللام والواو وما يثلثهما)
(لوي) اللام والواو والياء أصلٌ صحيح، يدلُّ على إمالةٍ للشيء. يقال: لوَى يدَه يَلويها. ولوَى برأسِه: أمَالَه. واللَّوِيُّ: ما ذَبَل من البَقْل، وسمِّي لَوِيَّاً لأنَّه إذا ذَبَل التوَى ومال. واللِّواء معروفٌ، وسمِّي لأنَّه يُلوَى على رُمْحه. واللَّوِيَّة: ما ذُخِرَ من طعامٍ لغيرِ الحاضِرين، كأنَّه أُميل عنهم إلى غيرهم. وأَلْوَى بالشَّيء، إذا أشار به كاليد ونحوه. وألْوَى بالشَّيء: ذهبَ به، وكأنه أماله إلى نَفْسه. والألْوَى: الرّجُل المجتنِب المنفرِد، لا يزال كذلك، كأنَّه مالَ عن الجلساء إلى الوُحْدة. واللَّيَّاءُ، الأرض البعيدة من الماء، وسمِّيت بذلك لأنَّها كأنها مالت عن نَهْج الماء. ولواه دَيْنَه يَلوِيه لَيَّاً ولَيَّاناً، وهو الباب. قال:
وأُحْسِنُ يا ذاتَ الوشاح التّقاضيا(1)
تُطِيلِينَ لَيَّانِي وأنت مَلِيَّةٌ
__________
(1) البيت لذي الرمة في ديوانه 651 واللسان (لوى) والاشتقاق 16.(5/176)
ولِوَى الرَّمْل: مُنْقَطَعُه. وألوَى القومُ، إذا بلغَوا لِوَى الرّمل. وسمِّي بذلك لأنَّ الريح تَلويه كيف شاءت. ويقولون: *أكثرتَ من الحيِّ واللّيّ(1). قالوا: فالحيّ: الواضح من الكلام، و[الليّ]: الذي لا يُهتَدى له.
(لوب) اللام والواو والباء كلمتانِ متباينتان، ويمكن أن يُحمل إحداهما على الأخرى.
فالكلمة الأولى: اللَّوْب واللُّوَاب: العطش، والفعل لابَ يلوب، وهو لائب.
لوت - لوث
والكلمة الأخرى اللاَّبَة، وهي الحَرَّة، والجمع لُوبٌ(2). والذي يجمع بين الكلمتين أن الحَرَّة عطشَى، كأنَّها مُحترِقة.
(لوت) اللام والواو والتاء لست أحُقُّ صحَّتَه، وليس هو من كلامهم عندي، لكنَّ ناساً زعموا أنَّه يقال: لاتَ يَلُوتُ، إذا أخبَرَ بغير ما سُئِل عنه. ويقولون: اللَّوْت: الكِتمان. وفيهما نظر.
(لوث) اللام والواو والثاء أصلٌ صحيح، يدلُّ على التواءٍ واسترخاءٍ ولَيِّ الشّيءِ على الشيء. يقال: لاثَ العِمامةَ يَلُوثها لَوثاً، ويقولون: إنَّ اللُّوثة: الاسترخاء، ويقولون: مَسٌّ من الجنون. قال:
عند الحفيظة إنْ ذو لُوثةٍ لانا(3)
إذاً لقَامَ بنصري مَعشرٌ خُشُنٌ
والمَلاَثُ: الشَّيء الذي يُلاَث عليه الثَّوب. ويقولون: ناقةٌ ذاتُ لَوْثَة، أي كثيرة اللَّحمِ ضخمة الجِسم. وديمةٌ لَوثاءُ، تَلُوث النَّباتَ بعضَه على بعض. وقولهم: التاثَ في عمله: أبطأ، من هذا، كأنَّه التوَى واعوجَّ. والمَلاَثُ: الرّجُل الجليل تُلاثُ به الأمور، والجمع مَلاَوِث. قال:
من آلِ عبد مناف(4)
هلاّ بكيت مَلاوِثاً
ويقال: إنَّ اللَّويثة: الجماعةُ من الناس من قبائلَ شتَّى، والمعنى(5) أنَّهم التاثَ بعضُهم إلى بعض، أي مال.
لوح - لوذ
__________
(1) ومثله الحو واللو.
(2) مثله قارة وقور، وساحة وسوح.
(3) البيت لقريط بن أنيف العنبري، ومقطوعته في أول حماسة أبي تمام.
(4) أنشده في اللسان (لوث).
(5) في الأصل: "ومعنى".(5/177)
(لوح) اللام والواو والحاء أصلٌ صحيح، مُعظَمه مقاربةُ بابِ اللَّمعان. يقال: لاحَ الشَّيء يلوح، إذا لمَحَ وَلَمَع. والمصدر اللَّوْح. قال:
إذا ما بدا من آخِرِ الليل يَطرِفُ(1)
أراقِبُ لَوحاً من سُهيلٍ كَأنَّه
ويقال: ألاحَ بسَيفهِ: لمَعَ به. وألاحَ البرقُ: أومَضَ. واللَّيَاح: الأبيض. قال ابنُ دريد في قول القائل(2):
كالمهاةِ صبيحةَ القَطْرِ
تُمسِي كألواح السِّلاح وتُضحي
إنَّ الألواح: ما لاح من السلاح، وأكثر ذلك السُّيوفُ.
ومن الباب لَوّحَهُ الحرُّ، وذلك إذا حرَّقه وسوّدَه حتَّى لاح من بُعدٍ لمن أبصَرَه. ومن الباب اللَّوح: الكَتِف. واللَّوح: الواحد من ألواح السَّفينة؛ وهو أيضاً كلُّ عظمٍ عريض. وسمِّي لَوحاً لأنَّه يلُوح. ومن الباب اللُّوح بالضم(3)، وهو الهواء بينَ السّماء والأرض.
ومن الذي شذَّ عن هذا الباب اللَّوح(4): العطش: ودابَّةٌ مِلْواح: سريع العَطَش. ومما شذَّ عنه أيضاً قولهم: ألاَحَ من الشَّيء: حاذَرَ.
(لوذ) اللام والواو والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على إطاقةِ الإنسان بالشيء مستعيذاً به ومتستِّراً. يقال: لاذ به يلوذ لَوْذاً ولاذَ لِياذاً، وذلك إذا عاذَ به من خَوْفٍ أو طَمَع ولاَوَذَ لِوَاذاً قال الله تعالى: { قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ
لوز – لوس – لوص – لوط - لوع
لِوَاذاً } [النور 63]. وكان المنافقون إذا أراد الواحدُ منهم مفارَقَةَ مجلسِ رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، لاذ بغيرِه متستِّراً ثم نهض. وإنما قال لواذاً لأنه من لاوَذَ وجعل مصدره صحيحاً، ولو كان من لاذ لقال لِياذاً، واللَّوْذ: ما يُطِيف بالجبل، والجمع ألواذ.
(لوز) اللام والواو الزاء كلمةٌ، وهو اللَّوْز.
__________
(1) البيت لجران العود في ديوانه 14.
(2) هو ابن أحمر، اللسان (لوح) والجمهرة (2: 194).
(3) وحكى اللحياني فيه الفتح.
(4) هذا بالفتح والضم، والضم أعلى.(5/178)
(لوس) اللام والواو والسين كلمةٌ تدلُّ على شيءٍ من التطَعُّم. قالوا: اللَّوْس أن يَتتبَّع(1)الإنسانُ المآكِل. يقال: لاسَ يَلُوسُ لَوْساً. ويقولون: اللُّوَاسة: اللُّقْمَة. قال ابن دريد: لُسْتُ الشَّيءَ في فمي، إذا أدَرْتَه بلسانك(2).
(لوص) اللام والواو والصاد. يقولون: اللَّوْص: أن تُطالِع الشَّيءَ من خَلل سترٍ أو باب. يقال: لُصْتُه ألُوصُه لَوْصاً.
(لوط) اللام والواو والطاء كلمةٌ تدل على اللُّصوق. يقال: لاط الشّيءُ بقلبي، إذا لَصِق. وفي بعض الحديث: "الولد أَلْوَطُ بالقَلْب(3)"، أي ألْصَق. ويقولون: هذا أمرٌ لا يَلْتَاطُ بصَفَرِي، أي لا يَلصَق بقلبي. ولُطتُ الحَوْضَ لَوطاً، إذا مَدَرْتَه بالطِّين.
(لوع)* اللام والواو والعين: اللَّوعة: الحُبّ. [و] يقال: رجلٌ لاعٌ هاعٌ، إذا كان جباناً.
لوغ – لوق – لوك - لوم
(لوغ) اللام والواو والغين. ذكر ابن دريد(4) أن اللوْغ: أن تُدِير الشيءَ في فمك. يقال: لاغَه لَوْغاً.
__________
(1) في الأصل: "يبيع". وفي اللسان: "لاس يلوس وهو ألوس: تتبع الحلاوات فأكلها".
(2) الجمهرة (3: 51).
(3) في المجمل: "وفي الحديث: الولد ألوط، أي ألصق بالكبد". وفي اللسان: "وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: إن عمر لأحب الناس إلي. ثم قال: اللهم أعز، والولد ألوط قال أبو عبيد: قوله والولد ألوط، أي ألصق بالقلب".
(4) في الجمهرة (3: 150).(5/179)
(لوق) اللام والواو والقاف كلمةٌ تدلُّ على تطييب شيءٍ. يقال: لَوَّقَ الطّعامَ، إذا طيَّبَه بإِدامه. ويقولون: اللُّوقة: الزُّبْدَة(1)، ويقال للمرأة، إذا لم تَحْظَ عند زوجِها: ما لاقَتْ، أي كَأنَّه لم يَستطِبْ صُحبتَها. ومن الباب: لاَقَتِ الدّواةُ وأَلقْتُها(2).
(لوك) اللام والواو والكاف كلمةٌ واحدة. يقال: لُكْتُ اللُّقْمةَ ألُوكُها لَوْكاً. وفلانٌ يَلُوكُ أعراضَ النّاس، إذا كان يغتابُهم.
(لوم) اللام والواو والميم كلمتانِ تدلُّ إحداهما على العَتْب والعَذْل، والأخرى على الإبطاء.
فالأوَّل اللَّوْم، وهو العَذْل. تقول: لُمْتُه لَوْماً، والرّجلُ مَلوم. والمُلِيم: الذي يستحقُّ اللَّوْم. واللَّوْماء(3): الملامة، ورجل لُوَمة: يلُوم الناس. ولُومة يُلام.
والكلمة الأخرى التلوُّم، وهو التمكُّث. ويقال: إنَّ اللاَّمَةَ: الأمرُ يُلاَم(4) عليه الإنسان.
لون – ليا – ليت - ليث
(لون) اللام والواو والنون كلمةٌ واحدة، وهي سَحْنَة الشَّيء: من ذلك اللَّون: لونُ الشَّيء، كالحمرة والسواد، ويقال: تلوَّن فلانٌ: اختلفت أخلاقُه. واللَّوْن: جنسٌ من التَّمْر. واللِّينَة: النَّخلة، منه، وأصل الياء فيها واو. قال الله تعالى: { ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ } [الحشر 5]. والله أعلم بالصَّواب.
(باب اللام والياء وما يثلثهما)
(ليا) اللام والياء والألف، يقال إنَّه شيءٌ من النَّبْت. يقولون: اللِّيَاء: شيءٌ كالحِمَّص شديدُ البياض. يقال للمرأة: كأنَّها لِيَاءة.
__________
(1) ويقال ألوفة أيضاً بفتح الهمزة. واقتصر عليها في المجمل.
(2) في الأصل: "وألقيتها"، تحريف. وفي المجمل: "ومنه لاقت الدواة، إذا لصقت"، وهو تفسير مريب. وفي القاموس: "لاق الدواة يليقها ليقة وليقاً وألاقها: جعل لها ليقة وأصلح مدادها، فلاقت الدواة: لصق المداد بصوفها".
(3) وكذلك اللومى، بالقصر، واللائمة.
(4) في الأصل: "يدوم"، صوابه في المجمل واللسان.(5/180)
(ليت) اللام والياء والتاء كلمتانِ لا تنقاسان(1): إحداهما: اللِّيت: صَفْحة العُنق، وهما لِيتانِ. والأخرى اللَّيْت، وهو النَّقْص. يقال: لاتَه يَلِيتُه: نَقَصه. قال الله تعالى: { لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً } [الحجرات 14]. واللَّيْت: الصَّرف، يقال لاتَهُ يَلِيته. قال:
ولم يَلِتْني عن سُراها ليتُ(2)
وليلةٍ ذاتِ دُجىً سريتُ
وليت: كلمة التَّمنِّي.
(ليث) اللام والياء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على قُوَّة خَلْق. من ذلك
ليغ – ليف – ليق
اللَّيث، قالوا: سمِّي بذلك لقُوّته وشِدّة أخْذِه. ومنه يقال: رجل مُلَيِّثٌ(3).
واللَّيْث: عنكبوتٌ يَصِيد الذُّباب. فأمَّا اللِّيث بكسر اللام، فموضع. قال الهذليّ(4):
إلى شَمَنْصِيرَ غيثاً مُرْسَلاً مَعِجا
مستأرِضاً بين بَطْنِ اللِّيثِ أيمنُهُ
(ليغ) اللام والياء والغين كلمة، يقولون: الألْيَغ: الذي لا يُبِين الكَلام. وأمّا قولهم: هو سَيِّغٌ ليِّغ، فإتباعٌ، للشَّيء السَّهل المنساغ.
(ليف) اللام والياء والفاء كلمة، وهي اللِّيف، عربيَّة.
(ليق) اللام والياء والقاف كلمتان: إحداهُما قولُهم: فلانٌ لا يُلِيق دِرهماً، أي لا يُبقِي. قال:
__________
(1) في الأصل: "لا ينقاس".
(2) نسبهما في إصلاح المنطق 153 إلى رؤبة، ونسب الثاني في المخصص (14: 20) إليه أيضاً. ووردا في اللسان (ليت) بدون نسبة. وليسا في ديوان رؤبة، ولم يذكرا في ملحقات ديوانه ولا ديوان العجاج.
(3) كذا ضبط في الأصل بالكسر، ويوافقه ما في اللسان: "تليث الرجل واستليث وليث: صار كالليث". وفي اللسان أيضاً: "ورجل مليث- بكسر الميم وسكون اللام-: شديد العارضة وقيل شديد قوي". لكن في المجمل: "المليث" بتشديد الياء المفتوحة، وفسره بأنه البطيء، أو شديد الأخذ كالليث.
(4) هو ساعدة بن جؤية الهذلي. ديوان الهذليين (2: 209) واللسان (معج، شمصر). وقد سبق في (3: 274).(5/181)
* كَفَّاك كَفٌّ لا تُليق درهما(1) *
والأخرى قولهم: لا يَلِيقُ به كذا، كأنَّه لا يصلح له، ولا يلصق به، من لاقَ الدّواة يَلِيقها.
ليل – ليم - لين - لاب – لاع
(ليل) اللام والياء واللام كلمة، وهي اللَّيل: خِلافُ النهار. يقال ليلةٌ ولَيْلات. وأمَّا اللَّيالي… (2).
(ليم) اللام والياء والميم. يقولون: اللِّيم. الصُّلح(3). وأنشدنا علي بن إبراهيم القطان قال: أنشد ثعلب:
رأيتَ وجوهاً قد تبيَّنَ لِيمُها
إذا دُعِيَتْ يوماً نُمَيرُ بنُ عامرٍ
(لين) اللام والياء والنون كلمةٌ واحدة، وهي اللِّين: ضدُّ الخُشُونَة. ويقال: هو في لَيَانٍ من عَيش، أي نَعْمةٍ، وفلانٌ مَلْيَنَة، أي ليِّن الجانب.
(باب اللام والألف وما يثلثهما)
ويكون الألف منقلبةً عن ياء أو واو، ويكون أيضاً همزة.
(لاب) اللام والألف والباء. اللاَّبَة: الحَرَّة، والجمع* لُوب. واللُّواب: العَطَش؛ لاب يلوب.
(لاع) اللام والألف والعين، اللاَّعُ: الرَّجُل الجَبَان؛ يقال هاعٌ لاعٌ، وهائع لائع، أي جَبان.
لأم
(لأم) اللام والألف والميم أصلان: أحدهما الاتِّفاق والاجتماع، والآخر خُلُق ردِيء.
فالأول قولُهم: لأَمْت الجُرْحَ، ولأَمت الصَّدْع، إذا سَدَدت. وَإذا اتَّفق الشّيئانِ فقد التأَما. وقال:
ـنِ أنَّهما قد التأَما(4)
يظُنُّ الناسُ بالمَلْكَيـ
فإنَّ الأمر قد فَقِما
فإنْ تسمعْ بلأْمهما
__________
(1) بعده في اللسان (ليق) والإنصاف 236:
* جوداً وأخرى تعط بالسيف الدما *
(2) بياض في الأصل. وفي اللسان: "وقد جمع على ليال فزادوا فيه الياء على غير قياس. قال: ونظيره أهل وأهال. ويقال: كأن الأصل فيها ليلاة فحذفت". يعني أن مفردها وهو "ليل" أصله "ليلاة"، فحدث فيه الحذف، لكن أُبقي الجمع كما هو.
(3) في المجمل: "الصلح بين الناس، والصلاح". وأنشد البيت التالي.
(4) البيتان للأعشى في ديوانه 204 واللسان (لأم). وأنشد ثانيهما في (فقم) بدون نسبة.(5/182)
وأُرَى الذي أنشده ثعلبٌ في اللِّيم هو من هذا، وإنما ليَّن الهمزةَ الشاعرُ. ويقال: ريشٌ لُؤَامٌ، إذا التقى بطنُ قُذَّةٍ وظهرُ أخرى. ويقال إنَّ اللُّؤَمة(1): جماعة أداةِ الفَدَّان، وإذا زُيِّنَ الرَّحلُ فجميع جَهازِه لُؤَمة.
ومن الباب الَّلأْمة: الدِّرع، وجمعها لُؤَمٌ، وهو على غير قياس. وسمِّيت لأمة لالتئامها. واستلأَمَ الرّجلُ، إذا لبس لأْمة. قال:
إنَّ التلبُّبَ للمُغيرِ(2)
واستلأَمُوا وتلبَّبوا
والأصل الآخر اللُّؤْم. يقولون: إن اللَّئيم: الشَّحيح المَهينُ النَّفْس، الدَّنيُّ السِّنْخ. يقال: قد لَؤُم. والمِلأَم(3): الذي يقوم بعُذر اللِّئام. فأمَّا اللام غير مهموزٍ فليس من هذا الباب، يقال إنَّ اللاّمَ: شَخْص الإنسان. قال:
لاه - لأو
لم يُبقِ منها السّيرُ غيرَ لامِها(4)
مَهْرِيَّة تَخْطِرُ في زِمامِها
ويقال: اللاَّمُ: السهم، في قول امرئ القيس:
كَرَّكَ لامَيْنِ على نابلِ(5)
نَطعَنُهمْ سُلْكَى ومخلوجةً
(لاه) اللام والألف والهاء. لاه اسمُ الله تعالى، ثم أدخلت الألف واللام للتعظيم. قال:
لاَهِ ابنُ عمِّكَ لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ
عنِّي ولا أنتَ دَيَّانِي فتَخزوني(6)
(لأو) اللام والهمزة والحرف المعتلّ كلمتان: إحداهما الشِّدَّة، والأخرى حيوان.
__________
(1) كذا ضبط في المجمل، ويؤيده ضبط القاموس بقوله "كهمزة"، وضبط في اللسان بسكون الهمزة.
(2) للمتنخل بن الحارث اليشكري، في الحماسة (1: 203).
(3) ومثله الملآم، بمد الهمزة. وأما الملئم كمحسن فهو اللئيم، والذي يأتي اللئام.
(4) أنشدهما في اللسان (لوم).
(5) ديوان امرئ القيس 149 واللسان (سلك، خلج، لأم)، وسبق في (خلج).
(6) لذي الإصبع العدواني في المفضليات (1: 158، 160) واللسان (لوه، خزا)، وقد سبق في (خزو).(5/183)
فالأُولى: اللأْواء: الشِّدة. [و] في الحديث: "من كان له ثلاثُ بناتٍ فصَبَرَ على لأْوائهنّ كُنَّ له حجاباً من النّار". ويقولون: فعَل ذلك بعد لأْيٍ، أي شِدَّة. والتأَى الرَّجلُ: ساء عَيشُه. ومنه قول الشاعر(1):
خُلوقةُ أثوابِهِ والَّلأَى(2)
وليس يُغيِّر خِيمَ الكريم
قالوا: أراد الَّلأْواء، وهي شِدَّة العَيش.
والآخر: الَّلأَى، يقال إنَّه الثَّور الوحشيّ، في قول الطِرمّاح:
لبث – لبج – لبخ – لبد
نهاراً لعنَّت في بُطون الشَّواجِنِ(3)
كظهر الَّلأَى لو تُبتغَى رِيَّةٌ بها
والله أعلم.
(باب اللام والباء وما يثلثهما)
(لبث) اللام والباء والثاء حرف يدلُّ على تمكُّث. يقال: لَبِثَ بالمكان: أقام. قال الله تعالى: { لَمْ يَلْبَثُوا إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ } [يونس 45، الأحقاف 35].
(لبج) اللام والباء والجيم كلمتان لا تنقاسان. فالأولى قولهم: لُبِجَ به، إذا صُرِع: وحَيٌّ لَبِيجٌ، للحيِّ إذا نَزَل واستقرَّ مكانَه. قال:
وشَابَةَ بَرْكٌ من جُذامَ لبيجُ(4)
كأن ثِقالَ المُزْنِ بين تُضارعٍ
والأخرى اللُّبْجَة(5): حديدة ذات شُعَب، كأنَّها كفٌّ بأصابعها.
(لبخ) اللام والباء والخاء. يقولون: اللُّبَاخِيّة: المرأة التامّة الخَلْق. قال الأعشى:
تَزِينه بالخُلُق الطاهرِ(6)
عَبْهَرة الخَلْق لُباخِيّة
(لبد) اللام والباء والدال كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تكرُّسِ الشَّيءِ بعضِه فوقَ بعض. من ذلك اللِّبْد، وهو معروف. وتلبَّدت الأرضُ، ولبَّدها المطر.
لبز
__________
(1) هو العجير السلولي اللسان (لأى).
(2) في الأصل: "خلوقات ثوابه واللاأ". صوابه في اللسان والمجمل.
(3) ديوان الطرماح 165 واللسان (شجن، لأى). وقد سبق في (شجن).
(4) لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 55) واللسان (لبج).
(5) وكذا ضبط في المجمل. ويقال "لبجة" أيضاً بالتحريك.
(6) ديوان الأعشى 104 برواية: "تشوبه بالخلق".(5/184)
وصار النَّاس عليه لُبَداً، إذا تجمَّعوا عليه. قال الله تعالى: { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَداً } (1) [الجن 19]. و { لُبَداً } أيضاً على وزن فُعَل، من ألبَدَ بالمكان، إذا أقام، والأسدُ ذو لِبْدة، وذلك أنَّ قَطيفَتَه تتلبَّدُ عليه، لكَثْرة الدِّماء التي يَلَغُ فيها. قال الأعشى:
متَى ما تنَلْ من جلدهِ يتَلبَّدِ(2)
كَسَتْه بَعوضُ القريتين قَطيفةً
ويقولون في المثل: "هو أمْنَعُ من لِبدة الأسَد". ومن الباب: ألْبَدَ بالمكان: أقام به. واللُّبَد: الرّجلُ لا يفارِقُ منْزِلَه. كلُّ ذلك مقيسٌ على الكلمة الأولى.
ويقال: لَبَدَ بالأرض لَبودا. وألبَدَ البعيرُ، إذا ضرب بذنَبه على عجُزه وقد ثَلط عليه، فيصير على عَجُزه كاللِّبدة. ويقولون: ألْبَدَت الإبلُ، إذا تهيَّأت للسِّمَن، وكأنَّه شبِّه ما ظهر من ذلك* باللِّبدة. ويقولون: إنَّ اللَّبِيد: الجُوالق. يقال: ألبَدْتُ القِربةَ، إذا صيَّرتَها فيه.
(لبز) اللام والباء والزاء كلمتان متقاربتا القياس. فاللبْز: ضربُ النَّاقة بجميع خُفِّها. قال:
* خبطاً بأخفافٍ ثِقالِ اللَّبْزِ(3) *
واللَّبْز: الأكل الجيِّد.
لبس - لبط
__________
(1) هذه هي قراءة الجمهور بكسر ففتح. وقرأ مجاهد وابن محيصن وابن عامر بخلاف عنه. "لبدا" بضم ففتح. وقرأ الحسن والجحدري وأبو حيوة وجماعة عن أبي عمرو بضمتين. وقرأ الحسن والجحدري أيضاً بضم اللام وتشديد الباء المفتوحة. فهن أربع قراءات. تفسير أبي حيان (8: 353) وإتحاف فضلاء البشر 425.
(2) ديوان الأعشى 132 برواية: "يتزند".
(3) لرؤبة في ديوانه 64 واللسان (لبز).(5/185)
(لبس) اللام والباء والسين أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على مخالَطَة ومداخَلة. من ذلك لَبسْتُ الثَّوبَ ألْبَسُه، وهو الأصل، ومنه تتفرَّع الفروع. واللَّبْس: اختلاط الأمر؛ يقال لَبَسْتُ عليه الأمرَ ألْبِسُه بكسرها. قال الله تعالى: { وللَبَسْنَا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ } [الأنعام 9]. وفي الأمر لَبْسَةٌ، أي لَيْسَ بواضح واللَّبْس: اختلاط الظَّلام ويقال: لابست الأمرَ أُلابِسُه. ومن الباب: اللباس، وهي امرأة الرّجُل؛ والزّوجُ لِباسُها. قال الجعديّ:
تدَاعَتْ فكانت عليه لباسا(1)
إذا ما الضَّجيعُ ثَنَى جِيدَها
واللَّبُوس: كلُّ ما يُلبَس من ثيابٍ [و] دِرع. ولابَسْتُ الرّجلَ حتَّى عَرفْت باطنَه. ويستعار هذا فيقال: فيه مَلْبَسٌ، أي مُستمتَعٌ(2) وبقيَّة. قال:
ألا إنَّ بعد العُدْم للمرء قُِنْوةً
وبعدَ المشيب طولَ عُمرٍ وملبَسا(3)
ولِبْسُ الهودج والكعبة: ما عليهما من لِباسٍ، بكسر اللام.
(لبط) اللام والباء والطاء أصَيلٌ صحيح يدلُّ على سُقوط وصَرْع. يقال: لُبِط به، إذا صُرِع، ولَبَطَة: اسمُ رجل من هذا. والتَبَطَ الفرسُ، إذا جمَعَ قوائمه. والتَبَط الرّجلُ في أمره وتلبَّط، إذا تحيَّر. قال:
ورِكابي حيثُ وَجَّهتُ ذُلُلْ
ذو مَناديحَ وذو مُلتَبَطٍ
لبق – لبك - لبن
(لبق) اللام والباء والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على خَلْط شيء لتطييبه. يقال لبَقْتُ الطعام ولبَّقته، إذا ليَّنتَه وطيَّبتَه. ومن الباب اللَّبِق: الحاذِق بالشيء يَعملُه. ورجلٌ لبِقٌ ولبيق. والمصدر اللَّبَاقة. قال الشَّاعر(4):
* لبيقاً بتصريف القناة بنانيا(5)
__________
(1) في المجمل واللسان (لبس): "تثنت فكانت".
(2) في الأصل: "ومستمع"، صوابه في المجمل.
(3) لامرئ القيس في ديوانه 142. وأنشد عجزه في المجمل واللسان (لبس) بدون نسبة.
(4) هو عبد يغوث بن وقاص الحارثي، في المفضليات (1: 156).
(5) صدره:
* وكنت إذا ما الخيل شمصها القنا *(5/186)
*
(لبك) اللام والباء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خَلْط شيء بشيء. يقال لَبَكتُ على فلانٍ الأمرَ ألْبِكه، إذا خلَطْتَه عليه. وسأل رجلٌ الحسن عن شيء فلم يبيِّنْ(1) فقال: "لبَّكت عليَّ". ويقال: [لبكت](2) الطعام بعسل وغيره، إذا خلطتَهما. قال:
لُبابَ البُرِّ يُلبَكُ بالشِّهادِ(3)
إلى رُدُح من الشِّيزَى مِلاءٍ
ومن الباب: ما ذقت عبَكةً ولا لَبَكة. يقولون: هي اللُّقمة من الحَيْس.
(لبن) اللام والباء النون أصلٌ صحيح يتفرَّع منه كلمات، وهو اللّبن المشروب. يقال: لبنتُه ألبِنُهُ، إذا سقيته اللَّبن. وفلانٌ لابنٌ، أي عِنده لبن، كما يقال تامر. قال:
لبأ
لابنٌ بالصَّيفِ تامرْ(4)
وغَرَرتَنِي وزعمتَ أنَّكَ
والمُلبِنُ: الكثير اللَّبَن. وناقة لَبِنة: غزيرة. وإذا نَزَلَ لبنُها في ضرعها فهي مُلْبِن، وإن كانت ذاتَ لبنٍ فهي لَبُون، غزيرةً كانت أو بكيئة. ورجلٌ مَلبون، إذا سَفِه عن كثرة شُرب اللَّبَن. وأمَّا الفرس الملبون فالذي يُقْفَى باللَّبَن: يُؤثَر به. ويقال: كم لُبْنُ غنمِك ولِبْنُها، أي كم ذوات الدَّرِّ منها.
ومما شذَّ عن هذا الباب [اللَّبن]: وجَع العُنق من الوِساد، يقال رجل لَبِنٌ، إذا كان به ذلك الوجع. ومنه اللَّبِنة من الطِّين. قال ابن السكِّيت: هو أخوه بِلِبَان أمِّه، ولا يقال بلَبَن أمّه، إنَّما اللبن الذي يُشرَب. والذي أنكرَه ابن السِّكِّيتِ فغير مُنكر؛ لأنَّ ذلك مأخوذ من اللَّبن المشروب، كأنَّهما تلابَنا لِباناً، كما يقال تقاتلا قتالاً. وكان ينبغي أن يقول: هو من اللَّبَن، ولكنَّه لا يقال بلبن أمّه إنَّما يقال بِلبان أمِّه.
__________
(1) في المجمل: "سأل رجل الحسن عن شيء ثم أعاده بغير لفظ الأول".
(2) التكملة من المجمل.
(3) لأمية بن أبي الصلت في ديوانه 27 واللسان (رجح، ردح، شيز، لبك، شهد). وقد سبق في (دور، شهد).
(4) للحطيئة في ديوانه 17 واللسان (لبن). وقد سبق في (تمر).(5/187)
ومما يقارب هذا اللَّبَان: الصدر، بفتح اللام. واللُّبان: الكُندُرُ، كأنَّه لبنٌ يتحلَّب من شجرةٍ. والقياس فيه واحد. ومنه اللُّبَانة، وهي الحاجة. وقد يمكن أن يُحمل على البابِ بضربٍ من القياس، إلاَّ أنَّه إلى الشُّذوذ أقرب.
(لبأ) اللام والباء والهمزة كلمتان متباينتان جدّاً. فاللَّبُؤَة: الأنثى من الأُسْد. والكلمة الأخرى اللِّبَأ: الذي يُؤكَل، مقصور مهموز. ويقال: ألْبَأتِ الشّاةُ ولدَها: أرضعته اللِّبأ*، والتبأها ولدُها. ولَبأْتُ القومَ: سقيتهم لِبَأ. وعِشارٌ مَلاَبِئُ، إذا دنا نِتاجُها.
لتج – لتخ – لتم – لتأ – لتب
ومما شذَّ عن هذا وهو قليل لبَّأْتُ، مثل لبَّيْت؛ وليس بأصل.
(باب اللام والتاء وما يثلثهما)
(لتج) اللام والتاء والجيم كلمة. يقولون: اللَّتْجان: الجائع. وامراةٌ لتجَى.
(لتخ) اللام والتاء والخاء. قال ابن دريد: اللَّتْخ مِثل اللَّطخ(1). والله أعلم.
(لتم) اللام والتاء والميم كلمة. يقال: لتَمَها، إذا طعنها في مَنْحَرها بشَفْرة.
(لتأ) اللام والتاء والهمزة كلمةٌ إن صحت. يقولون: لَتَأَه بسهم، إذا رماه به. ولَتَأ المرأةَ: نَكَحها. فأمَّا التي فمؤنث الذي. يقولون اللَّتَيَّا: الأمر العظيم، يقال وقع في اللَّتَيا والَّتِي. وهذا مما يقال إنَّ عِلْمَه دَرَج فلا يُعرَف له قياس.
(لتب) اللام والتاء والباء كلمةٌ تدلُّ على ملازمةٍ ومخالطة. يقولون: لتَبَ ثوبَه: لَبِسه. واللاتِب: المُلازِم للشَّيء لا يفارقُه. ويقولون: لَتَبَ في سَبلَةِ الناقة، إذا وجأ.
لثغ – لثق – لثم - لثي
(باب اللام والثاء وما يثلثهما)
(لثغ) اللام والثاء والغين. يقولون: اللُّثْغة في اللسان أن يقلب الرّاء غيناً والسِّين ثاء(2).
__________
(1) في الأصل: "اللتخ واللطخ"، وصواب النص من الجمهرة (2: 7) والمجمل.
(2) انظر البيان (1: 34، 71).(5/188)
(لثق) اللام والثاء والقاف، كلمةٌ تدلُّ على ترطيب الماء والمطرِ الشَّيءَ. من ذلك اللَّثَق، وقد ألثَقَه المطرُ، إذا بَلَّه.
(لثم) اللام والثاء والميم أُصَيلٌ يدلُّ على مُصَاكَّةِ شيءٍ لشيءٍ أو مضامَّته له. من ذلك: لَثَمَ البعيرُ الحجارةَ بِخُفِّهِ، إذا صَكَّها. وخفٌّ مِلْثَمٌ: يصكُّ الحجارة. ومن المضامَّة اللِّثام: ما تُغطَّى به الشَّفةُ من ثوبٍ. وفلانٌ حسنُ اللِّثْمة، أي الالتثام. وخفٌّ ملثوم مثل مرثوم، إذا دَمِي. ومن الباب لَثِمَ الرّجُل المرأةَ(1)، إذا قبَّلها.
(لثي) اللام والثاء والحرف المعتل كلماتٌ تدلُّ على تولُّد شيء. من ذلك اللَّثى، وهي صَمغةٌ. ويقال للوسخ اللَّثَى. ويقولون: اللَّثَى: وَطْءُ الأخفاف إذا كان مع ذلك نَدىً من ماءٍ أو دم. قال:
* بِهِ مِن لَثى أخفافِهنَّ نجيعُ(2) *
لجح – لجذ – لجف – لجم – لجن - لجأ
(باب اللام والجيم وما يثلثهما)
(لجح) اللام والجيم والحاء كلمة. يقولون: اللُّجْح: مكانٌ منخفِض في الوادي.
(لجذ) اللام والجيم والذال. يقولون: لَجَِذَ الكلب الإناء: لَحِسَه.
(لجف) اللام والجيم والفاء كلمةٌ تدلُّ على هَزْمٍ في الشّيء. يقال: تلجَّفت البِئْرُ، إذا انْخسَفَ أسفلُها. قال: واللَّجَف: سُرّة الوادِي، وتشبَّه الشَّجَّة المنْفَهِقَة بذلك. قال:
* يَحجُّ مأمومةً في قَعْرِها [لَجَفٌ](3) *
(لجم) اللام والجيم والميم كلمةٌ، وهي اللِّجام. يقال: ألجَمْتُ الفَرَس.
(لجن) اللام والجيم والنون كلمتان: اللُّجَيْن: الفضَّة. واللَّجِينُ: حشيشٌ يُضرَب بالحِجارة حتى يتلجَّن، كأنَّه تغضّن. قال:
عليه الطَّيرُ كالوَرَقِ اللَّجِينِ(4)
__________
(1) لثم، هذا، من باب سمع وضرب.
(2) أنشد هذا العجز في المجمل واللسان (لثى).
(3) التكملة مما سبق في (أم، حج) حيث ذكر في الحواشي نسبة البيت وتخريجه وعجزه:
* فاست الطبيب قذاها كالمغاريد *
(4) البيت للشماخ في ديوانه 91 واللسان (لجن).(5/189)
وماءٍ قد وردتُ لِوَصلِ أرْوَى
(لجأ) اللام والجيم والهمزة كلمة واحدة، وهي اللَّجَأ والملجأ: المكان يُلتجَأ إليه. يقال: لجأت والتجأت. وقال في اللَّجَأ:
لجب – لحد – لحز
يا حَرَّ كَفَّيَّ من حَفْر القراميصِ(1)
جاء الشِّتاءُ ولمَّا أَتَّخِذْ لَجَأَ
(لجب) اللام والجيم والباء كلمتان متباينتان جدّاً.
فالأولى اللَّجَب: الجَلَبَة. يقال جيشٌ ذو لَجَب، وبحرٌ ذو لَجَب، إذا سُمِع اضطرابُ أمواجه.
والكلمة الأخرى: عَنْزٌ لَجْبَة، والجمع لِجَابٌ(2)، وهي التي ارتفع لبنُها. قال:
إذ [نَبِيعُ] الخيل بالمعزَى اللِّجابِ(3)
عَجِبَتْ أبناؤُنا من فِعلِنا
(باب اللام والحاء وما يثلثهما)
(لحد) اللام والحاء والدال أصلٌ يدلُّ على ميلٍ عن استقامةٍ. يقال: ألْحَدَ الرّجلُ، إذ مال عن طريقةِ الحقِّ(4) والإيمان. وسمِّي اللَّحدُ لأنّه مائلٌ في أحد جانِبَيِ الجَدَث. يقال: لحَدْت الميِّتَ وألحدت. والمُلْتَحَد: الملجأ، سمِّي بذلك لأنَّ اللاجئ يميل إليه.
(لحز) اللام والحاء والزاء كلمةٌ تدلُّ على ضِيقٍ في الشَّيء. من ذلك
لحس - لحص – لحظ
المَلاَحِز، وهي المَضايق* ويقال: تلاحَزَ القومُ في القول، إذا تعاوصوا(5). واللَّحِز: الرَّجل الضيِّق الخُلُق. قال:
__________
(1) سبق البيت في (ربض) برواية أخرى. وفي الأصل: "ما خر كفي من حفر الكراميص"، تحريف.
(2) ولجبات أيضاً، بالتحريك، كما في المجمل. وهذا الجمع الأخير غير قياسي، والقياس إسكان الجيم فيه لأنه صفة لا اسم، واعتذر سيبويه بأن من العرب من يقول شاة لجبة بالتحريك فجاء الجمع على قياسه. اللسان (لجب).
(3) لمهلهل بن ربيعة، كما في اللسان (لجب). وأنشده في المجمل. وانظر الاشتقاق 213.
(4) في الأصل: "الحد".
(5) في الأصل: "تغاوصوا"، صوابه في المجمل والقاموس. وفي اللسان: "إذا تعارضوا الكلام بينهم".(5/190)
عليه لمالِهِ فيها مُهِينا(1)
ترى اللّحِزَ الشّحيحَ إذا أُمِرَّت
(لحس) اللام والحاء والسين كلمةٌ تدلُّ على أخذِ شيءٍ باللسان. يقال: لَحِسَ الشّيءَ بلسانه لحْساً. ويقولون: ألْحَسَتِ الأرض: أنبتت. وهذا إنما يكون في أوَّل النّبات الذي لا يمكِن السّائمةَ جَزُّه، فكأنها تلْحسُه. ويقولون: رجل مِلْحَسٌ: يأخذ كلَّ ما قَدَر عليه من حِرصه. وفي كلامهم: "ألدُّ ألْيَسُ مِلْحَس(2)". ويقولون: "أسرع مِن لَحْس الكلب أنْفَه". ويقولون: "تركْتُ فلاناً بمَلاحِسِ البقرِ أولادَها(3)".
(لحص) اللام والحاء والصاد كلمةٌ تدلُّ على ضيقٍ في شيء. يقال: لَحِصَ يَلْحَصُ لَحَصاً. قال:
لم تلتحصني حَيْصَ بَيْصَ لَحَاصِ(4)
قد كنتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفا
أي لم أنْشَبْ فيها. ولَحَاصِ فَعَالِ منه. ويقال: التحَصَت الإبرةُ، إذا انسَدَّ سَمُّها.
(لحظ) اللام والحاء والظاء كلمتان متباينتان.
لحف - لحق - لحك – لحم
فاللَّحْظ: لحظُ العَين، ولِحَاظُها: مُؤْخِرُها عند الصُّدْغ.
والكلمة الأخرى اللِّحَاظ: ما يَنْسَحِي مع الرِّيش إذا سُحِي مع الجَنَاح.
(لحف) اللام والحاء والفاء أصلٌ يدلُّ على اشتمالٍ وملازَمة. يقال: التَحَف باللِّحاف يلتحِف. ولاحَفَه: لازَمَه. وألْحَفَ السّائل: أَلَحَّ.
__________
(1) لعمرو بن كلثوم، في معلقته المشهورة.
(2) هو في حديث أبي الأسود: "عليكم فلاناً فإنه أهيس أليس ألد ملحس".
(3) في اللسان: "هو مثل قولهم بمباحث البقر، أي بالمكان القفر بحيث لا يدري أين هو".
(4) لأمية بن أبي عائذ الهذلي، كما سبق في حواشي (بيص، حيص).(5/191)
(لحق) اللام والحاء والقاف أصلٌ يدلُّ على إدراكِ شيءٍ وبُلوغه إلى غيره. يقال: لَحِقَ فلانٌ فلاناً فهو لاحق. وألْحَقَ بمعناه. وفي الدعاء: "إن عَذَابك بالكُفَّار مُلْحِقٌ(1)"، قالوا: معناه لاحق. وربما قالوا: لَحِقْتُه: اتَّبَعْتُه، وألحقتُه: وصلت إليه. والمُلْحَق: الدعيُّ المُلصَق. واللَّحَق في التَّمرِ: [داءٌ يُصِيبهُ(2)].
(لحك) اللام والحاء والكاف أصلٌ يدل على مُلاءَمة(3)ومُداخَلة. يقال: لُوحِكَ فَقَار النّاقة، فهو مُلاحَكٌ، إذا دَخَل(4) بعضُه في بعض. ويقال ذلك في البُنْيان أيضاً.
(لحم) اللام والحاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تداخُلٍ، كاللَّحمِ الذي هو متداخِلٌ بعضُه في بعض. من ذلك اللَّحْم. وسمِّيت الحربُ مَلْحَمةً لمعنيين: أحدهما تَلاحُمُ الناس: تداخُلُهم بعضهم في بعض. والآخر أنَّ القتلى كاللَّحْمِ الملْقَى.
لحن
واللَّحيم: القتيل. قال الهُذَليّ(5):
فلا ريب أنْ قد كان ثَمَّ لَحِيمُ
فقالوا تركنا القومَ قد حَصِرُوا به
__________
(1) من القنوت، وكذا الرواية في المجمل واللسان. ويروى: "إن عذابك الجد". وانظر مجالس ثعلب 470 والمغني لابن قدامة (2: 153).
(2) التكملة من المجمل.
(3) في الأصل: "ملامة".
(4) في المجمل: "دوخل".
(5) هو ساعدة بن جؤية الهذلي، كما سبق في حواشي (ريب).(5/192)
ولَحْمة البازِي(1): ما أُطعم إذا صاد، وهو لُحْمته. ولُحمة الثَّوب بالضم ولَحمتهُ أيضاً. ورجلٌ لَحِيم: كثير اللَّحم؛ ولاحِمٌ، إذا كان عنده لحم، كما يقال تامِر. وألْحَمْتُك عِرضَ فُلانٍ، إذا مكَّنتَه منه بشَتْمِه، كأنَّك جعلتَ له لُحمةً يأكلها. ويقال: لاحَمْتُ بين الشيئين ولاءمت بمعنىً. ورجلٌ لَحِمٌ: مشتهِي اللَّحم؛ ومُلحِمٌ، إذا كان مُطعِمَ اللَّحم. والشَّجَّة المُتَلاحِمَة: التي بلغَت اللَّحم. ويقال للزَّرْعِ إذا خُلِق فيه القَمح. مُلْحِم. ويقال لَحَمْتُ اللَّحمَ عن العظم: قشرتُه. وحَبْلٌ مُلاحَمٌ: شديدُ الفَتل.
(لحن) اللام والحاء والنون له بناءان يدلُّ أحدهما على إمالةِ شيءٍ من جهته، ويدلُّ الآخَر على الفطنة والذَّكاء.
فأمَّا اللَّحْن بسكون الحاء فإمالة الكلامِ عن جهته الصحيحة في العربية. يقال لَحَن لحْنَا. وهذا عندنا من الكلام المولَّد، لأنَّ اللَّحن مُحْدَث لم يكن في العرب العاربة الذين تكلَّموا بطباعهم السَّليمة.
ومن هذا الباب قولهم: هو طيِّب اللحن، وهو يقرأ بالألحان؛ وذلك أنَّه إذا قرأ كذلك أزال الشَّيء عن جهته الصحيحة بالزِّيادة والنُّقصان في ترنُّمه. ومنه أيضاً: اللَّحْن: فَحْوى الكلام ومعناه. قال الله تعالى: { ولَتَعْرِفَنَّهُمْ في لَحْنِ
لحي – لحج
القَوْلِ } [محمد 30]. وهذا هو الكلام المُوَرَّى به المُزَالُ عن جهة الاستقامة والظُّهور.
والأصل الآخر اللَّحَن، وهي الفِطنة، يقال لَحِنَ يَلْحَنُ لَحْناً، وهو لحن ولاحن. وفي الحديث: "لَعَلَّ بعضَكم أن يكون ألْحَنَ بحُجّته من بعض".
(لحي) اللام والحاء والحرف المعتل أصلان صحيحان، أحدهما عضوٌ من الأعضاء، والآخر قَِشْر شيء.
__________
(1) بضم اللام وفتحها.(5/193)
فالأولى اللَّحْي: العظم الذي تَنبت عليه اللِّحية من الإنسان وغيره، والنِّسبة إليه لَحَوِىّ. واللِّحية: الشعر، وجمعها لِحَىً(1)، وجمع اللَّحْي ألْحٍ(2).
والأصل الآخر اللِّحاء، وهو قِشْر الشجرة، يقال لَحَيت العصا، إذا قشرتَ لحاءَها، ولَحَوتُها. فأمَّا في اللَّوْم فلحيت. وهو قياسُ ذاك، كأنَّه يريد قشره. والملاحمة كالمشاتمة. قال أوس في لَحَيْت العصا:
إلى سَنَةٍ قِرْدانُها لم تَحَلَّم(3)
لَحَيْنَهم لَحْيَ العصا فطردنَهم
(لحج) اللام والحاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تضايق ونُشوب. يقال لَحِجَ بالمكان، إذا نَشِبَ فيه ولزِمه. والمَلاَحِج المَضَايق. ومنه لَحْوَجْتُ الخبرَ عليه، إذا خلَطتَه ولَحَّجْته مثل لَحْوجته، وذلك أن يُظهِرَ له غير ما في نفسه. ومن الباب المُلْتَحَج: الملجأ. قال الهذليّ(4):
فقرٌ ولم يتَّخِذْ في الناس مُلْتَحَجا(5)]
[حُبَّ الضَّريكِ تلادَ المالِ زرَّمَه
لخص – لخع – لخف – لخم – لخن - لخي
(باب اللام والخاء وما يثلثهما)
(لخص) اللام والخاء والصاد كلمةٌ واحدة، وهي اللَّخَص، وهو لحم الجَفْن. واللخَص: أن يكون الجَفْنُ الأعلى لَحِيماً. ورجلٌ أَلْخَص، وضَرْعٌ لَخِص: كثير اللَّحم. وقولهم لَخَّصْت الشَّيء، إذا بيَّنتَه، فهو من هذا، كأنَّه اللحم الخالصُ إذا أُبرِز.
(لخع) اللام والخاء والعين كلمةٌ واحدة. قال ابن دريد: اللَّخَع: استرخاءٌ في الجِسْم(6).
__________
(1) يقال بكسر اللام وضمها.
(2) ويقال أيضاً في جمع اللحى: لحى ولحى بكسر اللام وضمها مع كسر الحاء وتشديد الياء.
(3) ديوان أوس 27 واللسان (حلم، لحى) وسبق في (حلم).
(4) في المجمل: "في قول الهذلي". والهذلي هذا هو ساعدة بن جؤية. ديوان الهذليين (1: 208).
(5) ديوان الهذليين. وفي اللسان (لحج) بدون نسبة.
(6) الجمهرة (2: 235).(5/194)
(لخف) اللام والخاء والفاء كلمتانِ، إحداهما اللِّخاف، وهي حجارة بيض رقاق، واحدتها لَخْفَة، والأخرى قولهم: لَخَفَه بالسَّيف: ضَرَبه.
(لخم) اللام والخاء والميم كلمةٌ واحدة، وهي لَخْمٌ: قبيلةٌ من اليمن. قال ابنُ دريد(1): اشتقاقُه من لَخَُم وجهُ الرّجُل، إذا كثُر لَحمُه وغلُظ. قال: وهو فعلٌ ممات لا يكادون يتكلَّمون به. واللُّخْم: سمكة.
(لخن) اللام والخاء والنون كلمةٌ واحدةٌ، وهي اللَّخَن، وهو النَّتْن، يقال: لَخِنَ السِّقاء، إذا أنتَنَ. ومنه قولهم للأَمة: لَخْناء.
(لخي) اللام والخاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على اعوجاجٍ في
لخج – لدس
شيءٍ وميل. من ذلك الأَلْخَى، هو المعوجّ. ومنه اللَّخَا: كثرة الكلام في الباطل؛ يقال رجلٌ ألْخَى وامرأةٌ لَخْواء. وقد لَخِيَ لَخَاً، مقصور. ويقولون اللَّخْو(2) نعت القُبُل المضطرِب. وعُقَابٌ لَخْواءُ، إذا طال مِنقارُها الأعلى الأسْفَلَ. وبعيرٌ ألخَى وناقة لَخْواء، إذا كانت إحدى ركبتيه أعظَمَ من الأخرى، ويقولون اللِّخاء(3): التحريش، ويكون ذلك ميلاً عن أحد الجانبين. يقال: لَخيْتَ بي عِندَه، إذا حرَّشَه بك فكأنَّه مال عليك. والمِلْخَى: المُسْعُط، يسمَّى بذلك لأنَّه يكون في أحد الجانبين من الأنف(4). [و] سمِّي غداءُ الصبِيِّ لِخاءً، وهو الخُبز المبلول.
(لخج) اللام والخاء والجيم. يقولون: لَخِجَتْ عينه، إذا التزقت. واللَّخَج: أسْوأ الغَمَص، وليس هذا عندي مُشْبِهاً كلام العرب.
(باب اللام والدال وما يثلثهما)
__________
(1) الجمهرة (2: 242). وفي الاشتقاق 225: "واشتقاق لخم من الغلظ والجفاء".
(2) ويقال أيضاً "اللخى" بالفتح والقصر كما في اللسان، واقتصر عليه في المجمل، كما اقتصر هنا على "اللخو".
(3) والملاخاة أيضاً.
(4) في الأصل: "الفم"، وهو سهو.(5/195)
(لدس) اللام والدال والسين كلماتٌ تدلُّ على لُصوق شيء بشيءٍ حتَّى يأخذَ منه. يقال: لَدَس المالُ النّباتَ، أي لَحِسه. ويقال لأوَّلِ ما يَطلُع مِن النَّبات اللَّدِيس، لأنَّ المال يلدُسه. ولُدِست النّاقةُ، أي رميت باللَّحم، كأنَّ السِّمَن لَمَّا لزِمَها كان كالشَّيء يَلصَق بالشَّيء. ولَدَسْتُ البعيرَ، إذا أنعَلْتَه.
لدغ – لدم - لدن
ويقال للفحولِ الشِّداد مَلاَدِس، لأنَّ كلَّ واحد منها يُلدَس بالآخر: يُعرَك(1). والله أعلم بالصَّواب.
(لدغ) اللام والدال والغين كلمة واحدة. يقال لُدِغ يُلدَغ، وهو ملدوغ ولديغ. ولدَغْتُه بكلمةٍ، إذا نزَغْتَه(2) بها.
(لدم) اللام والدال والميم أصلٌ يدلُّ على إلصاق شيءٍ بشيءٍ، ضرباً أو غيره، فاللدْم: ضرب الحجَر بالحجَرِ. قال:
لَدْمَ الغلامِ وراءَ الغيْب بالحجَرِ(3)
ولِلفؤادِ وَجِيبٌ تحتَ أبهَرِهِ
والْتَدم النساءُ: ضرَبْنَ وجوهَهنَّ وصُدورهنَّ في المَنَاحة. واللَّدْم: ضربُكَ خُبْز المَلَّة. والملاديم: المرَاضيخُ يرضَخُ بها النَّوَى. والتدَمَتْ عليه الحُمَّى: لازمته. ولذلك يقال للحُمَّى: أمّ مِلْدَم. ويقولون: المُلَدَّم(4) من الرِّجال: الأحمق. واللام في هذا مبدلةٌ من راء، [كأنَّه] كان متخرِّقاً فرُدِّم، أي رُقِّع.
(لدن) اللام والدال والنون كلمةٌ واحدة. يقال للَّيِّن من القضبان لَدْنٌ. ولَدُنْ بمعنى لَدَى، أي عِندَ.
لذع – لذم – لزق - لزك
(باب اللام والذال وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "يعتزل".
(2) النَّزغ، بالغين المعجمة: الطعن والنخس. وفي الأصل: "نزعته"، تحريف.
(3) البيت لابن مقبل، كما في اللسان (بهر، لدم). وأنشده في مجالس ثعلب 743.
(4) وكذا ضبط في المجمل، وهو ما يقتضيه الكلام بعده. وضبط في القاموس "كمنبر"، وكذا في اللسان.(5/196)
(لذع) اللام والذال والعين يدلُّ على أصلٍ واحد، وهو الإحراق والحرارة. من ذلك اللَّذْع: لَذْع النار، وهو إحراقها الشَّيء، ويستعار ذلك فيقال: لذَعْتُه بلسانِي، إذا آذَيتَه أذىً يسيراً. ومنه قولهم جاء فلانٌ يتلذَّع، أي يتلفَّت يميناً وشِمالاً، كأنَّ شيئاً يقلِقُه ويُحرِقه.
ومن الباب اللوذَعِيُّ: الظَّريف، أي كأنَّه من حركته وكَيْسِه يُلْذَع. والتذَعت القَرْحة: فاحت(1)، لأنَّها تَلْتذِع وتلذَعُ صاحبَها.
(لذم) اللام والذال والميم كلمةٌ تدلُّ على ملازمة شيءٍ لشيء. يقال لذِمْتُ الرّجل لَذْماً: لزمته. والمُلْذَمُ(2): الرّجل المُولَع بالشَّيء. قال الهذليّ(3):
(باب اللام والزاء وما يثلثهما)
(لزق) اللام والزاء والقاف ليس بأصلٍ، لأنَّه من باب الإبدال. يقال لَزِق الشّيء، بالشَّيء يلزَق، مثل لَصِق.
([لزك) اللام والزاء والكاف(4)] ليس هو عندي بشيء. على أنَّهم
لزم – لزن – لزأ – لزب
يقولون: لزِك(5) الجُرح، إذا استوى نباتُ لحمِهِ ولم(6) يبرأْ. وهذا لا يشبهُ كلامَ العرب.
(لزم) اللام والزاء والميم أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على مصاحَبة الشّيء بالشيء دائماً. يقال: لَزِمه الشَّيءُ يَلْزَمُه. واللِّزَام: العذاب الملازم للكُفَّار.
(لزن) اللام والزاء والنون يدلُّ على ضِيقٍ في شيء أو تضايُقٍ. يقال: عَيْشٌ لَزْنٌ، أي ضيِّق. واللَّزْن: اجتماع القوم على البئر مزدحمين. يقال: مَشْرَبٌ لَزِْنٌ، إذا ازدُحِمَ عليه. والله أعلم بالصَّواب.
__________
(1) فاحت: انتشرت، أو نفحت بالدم، وفي المجمل: "تاحت"، تحريف.
(2) بضم الميم وفتحها.
(3) المجمل: "وهو في شعر الهذلي". وانظر ديوان الهذليين (6: 228).
(4) تكملة ضرورية، إذ أن الكلام بعدها إنما هو في (لزك) لا (لزق). وهو المطابق لما في المجمل والمعاجم المتداولة.
(5) في الأصل: "لصق"، تحريف، صوابه في المجمل واللسان.
(6) وكذا في اللسان، وفي المجمل: "ولما".(5/197)
(لزأ) اللام والزاء والهمزة كلمتان لعلّهما أن يكونا صحيحتين. يقولون: لَزَّأَ الإبلَ تَلزِئةً، إذا أحْسَنَ رِعْيتَها. ويقولون: لعَنَ الله أمّاً لزأت به، أي ولدَتْه.
(لزب) اللام والزاء والباء يدلُّ على ثبوتِ شيءٍ ولُزومه. يقال: للاّزِمِ لازب. وصار هذا الشيءُ ضربةَ لازِبٍ، أي لا يكاد يفارِق، قال النابغة:
ولا يَحسَِبون الخيرَ لا شرَّ بعدَه
ولا يَحْسَِبون الشَّرَّ ضربةَ لازِب(1)
لزج – لسع – لسم - لسن
واللَّزْبة: السّنَة الشديدة، والجمع لَزْبات(2) كأنَّ القَحْط لَزَب، أي ثبت فيها.
(لزج) اللام والزاء والجيم قريبٌ من الباب الذي قبله. يقال: لَزِجَ به، إذا غَرِيَ به ولازَمَه. والتلزُّج: تتبُّع البقولِ والرِّعْي القليل.
(باب اللام والسين وما يثلثهما)
(لسع) اللام والسين والعين كلمةٌ واحدة. يقال: لَسَعتْه الحيّةُ تَلْسَعُه لَسْعاً. ويستعار فيقال: لسَعَه بلسانِه.
(لسم) اللام والسين والميم ليس بأصلٍ. يقولون في باب الإبدال، ألْسَمْتُ الرّجُل الحُجّة: ألزَمْتُه إيّاها. وألسَمْتُه الطّريقَ: ألزمتُه إيّاه.
(لسن) اللام والسين والنون أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على طول لطيفٍ غير بائن، في عضوٍ أو غيره. من ذلك اللِّسان، معروف، وهو مذكّر والجمع أَلْسُنٌ، فإذا كثر فهي الألسنة. ويقال لَسَنْتُه، إذا أخَذْتَه بلسانك. قال طرفة:
إنَّني لستُ بموهون غُمُر(3)
وإذَا تَلسُنُني ألسُنُها
وقد يعبَّر بالرِّسالة عن اللسان فيؤنّث حينئذٍ. قال:
لسب
__________
(1) ديوان النابغة 9 واللسان (لزب).
(2) ولزبات على خلاف القياس. إذ أن اللزبة صفة لا اسم. ولم يذكر في القاموس واللسان هذا الجمع، أي بالتحريك، وذكر في المجمل.
(3) الرواية المشهورة: بموهون فقر". الديوان 65 واللسان (لسن، وهن، فقر).(5/198)
من عَلْوَ لا عجبٌ فيها ولا سَخَرُ(1)
إنِّي أتَتنِي لسانٌ لا أُسَرُّ بها
واللَّسَنُ: جَودة اللِّسان والفَصاحة. واللِّسْن: اللُّغَة، يقال. لكلِّ قومٍ لِسْنٌ أي لغة. وقرأ ناسٌ: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ بِلِسْنِ قَوْمِهِ(2) } [إبراهيم 4]. ونعلٌ مُلَسَّنَةٌ: على صورة اللِّسان. قال كثير:
بأقْدامِهِمْ في الحَضْرميِّ الملَسَّنِ(3)
لهم أُزُرٌ حُمر الحواشِي يَطَوْنَها
ويقولون: المَلْسُون: الكذَّاب. وهذا مشتقٌّ من اللِّسان، لأنَّه إذا عُرِفَ بذلك لُسِنَ، أي تكلَّمت فيه الألسِنة، كما قال:
* وإذا تلسُنُني ألسُنُها *
والتَّلسِين: أن يُعِيرَ الرّجلُ [الرجُلَ(4)] فصيلاً لتدِرّ عليه ناقتُه، فإذا دَرَّت نُحِّيَ الفصيلُ. ومعناه أنَّه ذاق اللَّبنَ بِلسانه*. وقدَمٌ مُلَسَّنَةٌ، إذا كانت فيها لَطافةٌ وطُولٌ يسير.
(لسب) اللام والسين والباء أصلٌ يدلُّ على إصابةِ شيءٍ لشيء بحِدّة. يقال: لَسَبَتْه العقربُ. ولَسِبْتُ العسلَ، إذا لَعِقْتَه. والقياس واحد، وفرِّق بينهما بالحركات. قال أبو زيد: لَسَبَه أسواطاً: ضربه. ويقولون، وهو من غير
لسد – لسق – لصغ - لصف
هذا. إنَّ اللَّسْبَ: الجَمْع(5). ويقال لَسِب بالشَّيء، إذا لَزِق، وهو من الكلمة الأولى.
(لسد) اللام والسين والدال. يقولون: لَسَِدَ العَسلَ: لَعِقَه.
__________
(1) البيت لأعشى باهلة في جمهرة أشعار العرب 135 والخزانة (1: 92) والمواهب الفتحية
(2: 19)، واللسان (لسن، سخر).
(2) هذه قراءة أبي السمال، وأبي الجوزاء، وأبي عمران الجوني، وقرأ أبو رجاء وأبو المتوكل والجحدري: "بلسن" بضم اللام والسين: جمع لسان. وقرئ أيضاً "بلسن" بالضم وسكون اللام. تفسير أبي حيان (5: 405).
(3) أنشده في اللسان (لسن).
(4) التكملة من المجمل.
(5) وكذا في المجمل ولم يرد هذا المعنى في اللسان ولا في القاموس.(5/199)
(لسق(1)) اللام والسين والقاف ليس أصلاً، وأصله الصاد. يقال اللَّسَق: اللَّوَى(2). وإذا التزقت الرِّئة بالجَنْب قيل لَسِقَ لَسَقاً. والأصل لصق.
قال رؤبة:
* وبَلَّ بَردُ الماءِ أعضادَ اللّسَقْ(3) *
(باب اللام والصاد وما يثلثهما)
(لصغ) اللام والصاد والغين ليس بشيء. على أنّهم يقولون لصَِغ الجِلد(4): يَبس على العَظْم عَجَفاً(5).
(لصف) اللام والصاد والفاء كلمةٌ تدل على يُبْس وبريق. يقال: لصِفَ جلدُه لصَفاً، إذا لَزِق ويَبِس. ولَصَف يَلصُف، إذا بَرَق. وممَّا ليس من هذا
لصق – لصب – لصت - لطع
اللَّصَفُ: شيءٌ ينبت في أصول الكَبَرِ، كأنّه خِيار، ولَصَافِ: جبلٌ.
(لصق) اللام والصاد والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازمةِ الشَّيء للشيء. يقال لَصِق به يَلصَق لُصُوقاً(6). والمُلصق: الدّعِيّ. وفلان بِلصْقِ الحائط وبِلزْقه(7). واللَّصَق في البعير كاللَّسَق، وقد فسَّرناه في بيت رؤبة.
(لصب) اللام والصاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على ضيقٍ وتضايق. فاللِّصْب: مَضِيقُ الوادي. ويقال لَصِبَ الجلدُ باللَّحمِ يَلْصَب، إذا لَزِق به. وفلان لَحِزٌ لَصِبٌ: لا يكادُ يعطِي شيئاً. ولَصِب الخاتَم في الإصبع: ضِدُّ قَلِقَ. ويقال إنَّ اللواصب: الآبار الضيِّقة البعيدة القَعْر. قال كثيِّر:
وقد طَوَّل الحيّ عنها لَبَاثا(8)
__________
(1) كذا وردت هذه المادة، وحقها أن تكون بعد مادة (لسع) كما في المجمل، ولكني أبقيتها في موضعها محافظة على أرقام صفحات الأصل.
(2) اللوى: وجع في الجوف.
(3) ديوان رؤبة 108 واللسان (لسق). وفي الديوان: (اللزق).
(4) ضبط في اللسان والقاموس: "كمع". وفي المجمل بكسر الصاد.
(5) في الأصل: "عجيفاً"، صوابه من اللسان.
(6) في الأصل: "لصقا"، صوابه في اللسان. وأما اللصق بالتحريك، فهو مثل اللسق، وقد تقدم ذكره.
(7) أي بجنبه. وفي الأصل: "يلصق الحائط ويلزقه"، تحريف.
(8) اللباث، بالفتح: اللبث والمكث.(5/200)
لواصب قد أصبحت وانطَوَتْ
(لصت) اللام والصاد والتاء. يقولون: اللَّصْتُ: اللِّصّ.
(باب اللام والطاء وما يثلثهما)
(لطع) اللام والطاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على انكشافِ شيءٍ عن شيء، وعلى كَشْفه عنه. يقال: لَطَع الإنسان الشّيءَ بلسانه يَلطَعُه، إذا لَحِسَه.
واللَّطَع: بياضٌ في باطِن الشَّفَة، وذلك انكشافُ اللَّمَى عنها. وأكثر ما يعتري ذلك السُّودان. قال ابن دريد: عجوزٌ لَطْعاء تحاتَّت أسنانها.
لطف – لطم
قال: واللَّطعاء: القليلة لحم الفَرج(1).
(لطف) اللام والطاء والفاء أصلٌ يدلُّ على رِفق ويدلُّ على صغَر في الشيء. فاللُّطف: الرِّفق في العَمل؛ يقال: هو لطيفٌ بعباده، أي رؤوف رفيق. ومن الباب الإلطاف للبعير، إذا لم يَهتدِ لموضع الضِّرابِ فأُلْطِفَ له.
(لطم) اللام والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على ملاصقة شيءٍ لشيء، بضربٍ أو غيره. من ذلك اللّطم: الضَّرب على الوجه بباطن الرَّاحة. ويقال لطَمه يَلْطِمه. والتطمت الأمواج، إذا ضَرَبَ بعضُها بعضاً. واللطيم من الخيل: الذي يأخذُ البياضُ خَدَّيْه، ويقال هو أنْ يكون البياضُ في أحدِ شِقَّيْ وجهِه، كأنَّه لُطِم بذلك البياضِ لَطْماً. واللَّطيم: الفَصِيل، إذا طلع سهيل أخذه الراعي وقال: أترى سُهيلاً، والله لا تذوق عندي قَطرةً. ثمَّ لطمه ونحّاه. ويقال اللَّطِيم: التاسع من سوابق الخَيل، كأنّه لطم عن السَّبَق. والملَطَّم: الرّجُل اللّئيم، كأنَّه لُطِم حتَّى صُرِف عن المكارم. والمِلْطَم: أديم يفرش تحت العَيْبة لئلاَّ يُصيبَها التُّراب. قال:
* شقّ المعيث في أديم المِلْطَمِ(2) *
__________
(1) الجمهرة (3: 106).
(2) كذا في الأصل.(5/201)
فأمَّا اللَّطيمة فيقال: السُّوق. قالوا: وهي كلُّ سوقٍ لا تكون لميرَة. وقال آخرون: اللَّطِيمة للعِطْر. وقال بعضهم: اشتقاقُها من اللَّطْم، وذلك أنّه يباع فيها الطِّيب الذي يسمَّى الغالِية. قال: وهي تُلطم، لأنَّها تَضرَب عند الخلط.
لطا - لطح – لطخ
(لطا) اللام والطاء والحرف المعتل كلمةٌ واحدة، وهي المِلْطاة، في الشِّجاج، وهي السِّمحاق التي بلغت القشرة* الرقيقة. قال أبو عُبيد: أخبرني الواقديّ أنَّ السِّمحاق عندهم المِلطاء. قال أبو عبيد: يقال هي المِلطاة بالهاء. فإن كانت على هذا فهي في التقدير مقصورة. وقال تفسير الحديث الذي جاء "إن المِلطاةَ بدمها": معناه حين يُشَجُّ صاحبُها يؤخذ مقدارُها تلك السّاعَة ثم يقضَى فيها بالقِصاص أو الأرْش، لا يُنظَر إلى ما يحدث فيها بعد ذلك من زيادةٍ أو نقصان. قال: وهذا قولهم، وليس قولَ أهل العراق. واللَّطاة: دائرة تكون في جَبْهة الفَرَس.
وإذا همز قيل لَطِئتُ ألطأ(1)
(لطح) اللام والطاء والحاء كلمةٌ واحدة. اللَّطْح: الضَّرب بباطن الكفّ ليس بالشَّديد(2). وفي الحديث عن ابن عباس: "فجَعَلَ يَلطَح أفخاذَنا ويقول أُبَيْنِيَّ(3) لا ترموا جَمرةَ العقبة حتَّى تطلُع الشَّمس".
(لطخ) اللام والطاء والخاء أُصَيلٌ واحدٌ يدلُّ على عَرِّ شيء بشيء.
لعق - لعن
__________
(1) في الأصل: "لطئت بالطاء"، على أن الفعل يقال من بابي منع وفرح.
(2) في الأصل: "الشديد".
(3) كذا بالتصغير في الأصل والمجمل. وفي اللسان: "ومنه حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلطح أفخاذ أغلمة بن عبد المطلب ليلة المزدلفة ويقول: أبني لا ترموا جمرة العقبة قبل أن تطلع الشمس". وأبينون: تصغير بنون، قال السفاح بن بكير:
ترك أبينيك إلى غير راع
من يك لاساء فقد ساءنى
... وروى في اللسان (بني) "أبَيني" وتكلم فيه كلاماً. فراجعه.(5/202)
منه يقال: لَطَخْتُ الشَّيءَ بالشيء. وسَكرانُ مُلْطَخٌّ(1)، أي مختلط. وفي السماء لَطْخٌ من السَّحاب، أي قليل. ولُطِخ فلانٌ بشيءٍ: عِيبَ به. قال ابن دُريد(2): وهو ملطوخٌ بالشّرّ وملطوخُ العِرْض. والله أعلم بالصَّواب.
(باب اللام والعين وما يثلثهما)
(لعق) اللام والعين والقاف أصلٌ يدلُّ على لَسْبِ شيءٍ بإِصبعٍ أو غيرها. يقال: لَعِقْتُ الشيء أَلْعَقُهُ. ولَعَقة الدّمِ: قومٌ تحالَفُوا على حرب ثم نَحرُوا جَزُوراً فَلعِقُوا دمها. واللَّعُوق: اسمُ ما يُلعَق. واللُّعْقة: ما تأخذه المِلعقة. واللَّعْقة المرْةُ الواحدة. واللَّعْوَقة: سرعة الإنسان فيما أخَذَ(3) فيه من عمل في خِفَّة ونَزَق. ورجل لَعْوَقٌ: خفيف، كأنّه شُبِّهَ بلَعقةٍ واحدةٍ في سُرعتها وخِفّتها. قال بعضهم: يقال ما بالأرض لَعْقَةٌ من ربيع، ليس إلاّ [في(4)] الرُّطْب يلعقها المال. قال ويقال: لَعِقَ فلانٌ إصبَعَه، إذا مات، واللَّعُوقُ: أقلُّ الزاد. يقال: ما مَعَنا إلاَّ لَعُوق. والمِلْعقَة: ما يُلْعَقُ به. قال الخليل: واللُّعَاق: ما بَقِيَ في فيه، بقيَّةً مما ابتَلَع.
(لعن) اللام والعين والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إبعادٍ وإطرادٍ.
لعو - لعب
ولَعَنَ اللهُ الشيطانَ: أبعدَه عن الخير والجَنّة. ويقال للذِّئب لعين، والرّجُل الطَّريد لعين. ورجل لُعْنة بالسُّكون: يلعنه النّاس، [ولُعَنة(5)]: كثير اللعن. واللِّعان: الملاعَنَة. وقال في الطَّرِيد:
مَقامَ الذِّئبِ كالرّجُلِ اللّعينِ(6)
ذَعرتُ به القَطَا ونفَيتُ عنه
__________
(1) الصواب أن مادة هذه الكلمة هي (لخخ)، إذ يقال ملتخ وملطخ بإبدال التاء طاء. ولكن هكذا ورد في الأصل والمجمل.
(2) الجمهرة (2: 232).
(3) في الأصل: "أخذوا".
(4) التكملة من المجمل واللسان.
(5) التكملة من المجمل.
(6) للشماخ في ديوانه 92 واللسان (لعن).(5/203)
(لعو) اللام والعين والحرف المعتلّ كلماتٌ غير راجعةٍ إلى قياسٍ واحد. وقد كتبت(1) الكلبة(2) اللّعوة: الحريصة. والرجُل اللّعْو: السيِّئُ الخُلُق. واللُّعْوة(3): السَّواد حولَ حَلَمةَ الثَّدي. ويقولون: تَلَعَّى العَسَل: تعَقَّد. ويقولون للعاثر: لعاً لَكَ، دعاء أن ينتعش. قال:
فالتَّعْسُ أدنَى لها من أن أقولَ لعا(4)
بذاتِ لَوْثٍ عَفَرْناة إذا عَثَرَتْ
ويقال: ما بها لاَعِي قَرْوٍ، أي مَن يلحَس عُسّاً.
(لعب) اللام والعين والباء كلمتانِ منهما يتفرَّع كلمات. إحداهما اللَّعِب(5) معروف. والتِّلْعَابة: الكثير اللَّعِب. والمَلْعب: مكان اللَّعِب. واللِّعبة: اللَّون من اللَّعب. واللَّعْبة: المرّة منها، إلاّ أنهم يقولون: لمن اللُّعْبة. ومُلاعِبُ ظِله: طائر.
لعج – لعس – لعص - لعط
والكلمة الأخرى اللُّعاب: ما يَسِيل من فم الصّبيّ. ولعَبَ الغلامُ يَلعَب(6): سال لُعابه. ولُعاب النَّحل: العَسَل ولُعَاب الشّمس: السَّرَاب، وقيل، هو الذي كأنّه نسْج العنكبوت. وقيل: إنَّ أصل الباب هو الذَّهاب على غير استقامة.
(لعج) اللام والعين والجيم أصلٌ واحد، هو حَرارَةٌ في القَلْبِ. [و] منه اللَّعْج: حرارة الحُبِّ في الفؤاد. ولَعَج يَلْعَجُ. قال أبو عبيد: لَعَج الضَّربُ الجِلدَ: أحرَقَه. قال الهذليّ(7):
ضَرْباً أليماً بسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلدا
إذا تَجَرَّدَ نَوحٌ قامتا معه
ولَعَجه الأمر: اشتدَّ عليه.
__________
(1) كذا وردت هذه العبارة.
(2) في الأصل: "الكلمة" تحريف. وفي المجمل: "كلبة لعوة".
(3) بضم اللام وفتحها.
(4) للأعشى في ديوانه 83 واللسان (لعا). وقد سبق في (عفر).
(5) ويقال لعِب أيضاً، بالكسر، ولعَب، بالفتح.
(6) ويقال في هذا المعنى لعب، بالكسر أيضاً، والفتح أعلى. ويقال ألعب أيضاً.
(7) هو عبد مناف بن ربع الهذلي، ديوان الهذليين (2: 39) واللسان (لعج، جلد).(5/204)
(لعس) اللام والعين والسين كلمتانِ متباينتان: الأولى اللَّعَس*، سواد في باطن الشَّفَة. امرأة لعساءُ. ونباتٌ ألْعَس: كثير، لأنَّه من رِيِّه يضرِب إلى السَّواد.
والأخرى اللَّعْوس: الأكول الحريص، والذئب لَعْوَسٌ. قال الخليل: رجلٌ متلعِّس: شديد الأكْل.
(لعص) اللام والعين والصاد. يقولون: اللَّعَص: العُسْر. وفلانٌ تلَعَّص علينا: تَعسَّرَ. واللَّعَص. النَّهَم في الأكْل.
(لعط) اللام والعين والطاء. الصَّحيح منه لونٌ من الألوان، قال ابن دريد: "اللُّعْطَة: خَطٌّ بسواد(1). ولعْطَةُ الصَّقْرِ: السُّفْعة في وجْهِه".
لغم – لغو
ويقال اللُّعْطة: سوادٌ في عنق الشاة. وذكر بعضهم: لعطه بحقِّه: اتّقاه به(2)، ومرَّ فلانٌ لاعِطاً، أي مَرَّ معارِضاً إلى جنبِ حائط.
(باب اللام والغين وما يثلثهما)
(لغم) اللام والغين والميم كلمة واحدة صحيحة، وهي المَلاَغم: ما حَوْلَ الفم. ومنه قولهم: تلغَّمت بالطِّيب(3): جعلته هناك. قال ابن دريد: تلَغَّم بالطِّيب: تلطّخ(4). فأمّا قولهم: لَغَمْتُ ألغَم لَغْماً، إذا أخبرتَ صاحبَك بشيء لا يَسْتَيْقِنُهُ، فهو من الإبدال، إنّما هو نَغَمْتُ بالنون. قال الخليل: لغم البعيرُ لُغامَهُ: رَمى به.
(لغو) اللام والغين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على الشَّيءِ لا يُعتدُّ به، والآخَر على اللَّهَج بالشَّيء.
فالأوَّل اللَّغْو: ما لا يُعتَدُّ به من أولادِ الإبلِ في الدِّيَة. قال العبديّ(5):
لَغْواً وعُرْضَ المائةِ الجَلمدِ(6)
أو مائةٍ تُجعلُ أولادها
__________
(1) بعده في الجمهرة: (تخطه المرأة في خدها).
(2) وكذا النص في المجمل، وفي اللسان: "ولعطني بحقي، أي لواني به ومطلني".
(3) في الأصل: "بالطين"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) الجمهرة (3: 149).
(5) هو المثقب العبدي، كما سبق في حواشي الجزء الأول ص 507.
(6) أنشده في اللسان (جلمد، عرض).(5/205)
يقال منه لغَا يلْغُو لَغْواً. وذلك في لَغْو الأيمان. واللَّغا هو اللَّغو(1) بعينهِ. قال الله تعالى: { لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ } [البقرة 225، المائدة 89]، أي ما لَمْ تَعقِدوه بقلوبكم. والفقهاء يقولون: هو قولُ الرّجل
لغب
لا والله، وبلَى والله. وقوم يقولون: هو قولُ الرّجُل لسوادٍ مُقْبِلاً: والله إنَّ هذا فلانٌ، يظنُّه إياه، ثم لا يكون كما ظنّ. قالوا: فيمينه لغوٌ، لأنَّه لم يتعمَّد الكذِب.
والثاني قولهم: لَغِيَ بالأمر، إذا لَهِجَ به. ويقال إنَّ اشتقاق اللُّغة منه، أي يَلْهَجُ صاحبُها بها.
(لغب) اللام والغين والباء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على ضعفٍ وتَعَب. تقول: رجلٌ لَغْبٌ بيِّن اللَّغابة واللُّغوبة. وقال الأصمعيّ: قال أبو عمرو: سمِعت أعرابيَّاً(2) يقول: "فلانٌ لَغوبٌ جاءته كتابي فاحتَقَرها"، فقلت: أتقول جاءته كتابي؟ فقال: أليس صحيفةً. قلت: ما اللَّغُوب؟ قال: الأحمق. وقال: تأبَّطَ شرَّاً في اللَّغب:
ما ولدَتْ أمِّي من القوم عاجزاً
ولا كان رِيشِي من ذُنابى ولا لَغْبِ(3)
قال أبو بكر(4): وسهمٌ لَغْب، إذا كان قُذَذُهُ بُطناناً، وهو رديّ. قال شاعرٌ يصف رجلاً طلبَ أمراً فلم يَنَلْه:
* فَنجا وراشُوه بذِي لَغْبِ(5) *
لغد – لغز- لفق - لفك
واللُّغوب: التَّعَب والإعياء والمَشَقَّة. وأتى ساغباً لاغباً، أي جائعاً تَعِباً. قال الله تعالى: { وَمَا مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ } [ق 38].
__________
(1) في الأصل: "واللغو"، صوابه من المجمل.
(2) في اللسان والجمهرة (1: 319) أنه أعرابي من أهل اليمن.
(3) أنشده في اللسان (لغب).
(4) الجمهرة (1: 318).
(5) البيت للحارث بن الطفيل الدوسي، كما في الأغاني (12: 54) وحواشي الجمهرة (1: 318). وصدره:
* فرميت كبش القوم معتمداً *(5/206)
(لغد) اللام والغين والدال كلمةٌ واحدة. اللَّغاديد: لَحمَاتٌ تكون في اللّهَوات، واحدها لُغْدُود؛ ويقال لُغْدٌ وألغاد. وجاء فلانٌ متلغِّداً، أي متغَيِّظاً؛ وهذا كأنَّه بلغ الغَيْظ ألغادَه.
(لغز) اللام والغين والزاء أصلٌ يدلُّ على التواءٍ في شيءٍ وميل. يقولون: اللُّغز: ميلُك بالشَّيء عن وَجههِ. ويقولون اللُّغَيْزَاء، ممدود: أن يَحفِر اليربوعُ ثم يُمِيل(1) في حفره ليعمِّيَ على طالبه. والألغاز: طُرقٌ تلتوِي وتُشْكلُ على سالِكِها، الواحد لَغَز ولُغْز(2). وأَلغَزَ فلانٌ في كلامِه. وفي حديث عمر: "نَهَى عن اللُّغَيْزَى في اليمين".
(باب اللام والفاء وما يثلثهما)
(لفق) اللام والفاء والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على ملاءمة الأمر. يقال: لَفَقتُ الثّوبَ بالثَّوب لَفْقاً. وهذا لِفْقُ هذا، أي يوائمه. وتَلافَقَ أمرهم: تلاءَم.
(لفك) اللام والفاء والكاف. يقولون: الألْفَك: الأحْمَق.
لفم – لفا – لفت - لفج
(لفم) اللام والفاء والميم كلمة. يقولون: اللِّفام: ما بلَغَ طرف الأنف من اللِّثام. وتلفَّمت المرأة: ردَّتَ قِناعَها على فَمِها.
(لفا)* اللام والفاء والحرف المعتلُّ أصلٌ صحيح، يدلُّ على انكشافِ شيءٍ وكَشْفِه، ويكون مهموزاً وغير مهموز. يقال: لَفَأَتِ الرّيح السحابّ عن وَجه السَّماء. ولَفَأْتُ اللّحمَ عن العَظْم: كَشَطته، ولفوْتُه، حكاهما أبو بكر(3). واللَّفاء: التُّراب والقُماش على وجه الأرض. يقال مثلاً: "رضِيَ من الوَفاء باللَّفاء"، أي من وافِرِ حقِّه بالقليل. وألْفَيْتُه: لقِيته ووجدتُه، إلفاء. وتلافيتُه: تدارَكْتُه.
__________
(1) في المجمل: "ثم يميل يميناً وشمالاً".
(2) ويقال لغز بضم ففتح أيضاً.
(3) الجمهرة (2: 160).(5/207)
(لفت) اللام والفاء والتاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على اللَّيِّ وصرف الشيء عن جهتهِ المستقيمةِ. منه لَفَتُّ الشَّيءَ: لوَيْتُه. ولفَتُّ فلاناً عن رأيه: صرفْتُه. والألْفَتُ: الرّجل الأعسَر. وهو قياس الباب: واللَّفِيتة: الغَليظة من العَصائد، لأنَّها تُلفَت، أي تُلْوى. وامرأةٌ لَفوت: لها زوجٌ ولها ولدٌ من غيره فهي تلفتُ إلى ولدِها. ومنه الالتفات، وهو أن تَعدِل بوجهك، وكذا التلفّت. قال أبو بكر: ولفَتُّ اللِّحاء من الشَّجرة: قَشَرته(1).
(لفج) اللام والفاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون: المُلْفَج بفتح الفاء: الفقير، وماضِي فعله ألْفَجَ. وهو من نادِرِ الكلام(2). وأنشد:
لفح – لفظ – لفع
في حَِجْر مَنْ لم يكُ عنها مُلفَجا(3)
جارية شَبَّت شَباباً عُسْلُجا
وروي في بعض الحديث مرفوعاً: أيُدالِكُ الرّجلُ المرأةَ؟ قال: نَعَمْ إذا كان مُلفَجاً". والصحيح عن الحسن(4).
(لفح) اللام والفاء والحاء كلمةٌ واحدة. يقال: لفَحَتْه النار بحرّها والسَّمومُ، إذا أصابه حَرُّها فتغيَّرَ وجهُهُ. [وأمّا] قولهم: لَفَحَه بالسَّيف لَفْحَةً: ضربه ضربةً خفيفة، فإنّ الأصل فيه النون، هو نَفَحَه.
(لفظ) اللام والفاء والظاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على طرح الشَّيء؛ وغالب ذلك أن يكون من الفم. تقول: لَفَظَ بالكلام يَلفِظ لَفظاً. ولفظتُ الشّيءَ من فمي. واللاَّفِظَة: الدِّيك، ويقال الرَّحَى، والبحر. وعلى ذلك يُفسَّر قوله:
فأجْوَدُ جُوداً من اللاّفظهْ(5)
فأمّا التي سَيْبُها يُرْتجَى
وهو شيءٌ ملفوظٌ ولَفيظ.
__________
(1) الجمهرة (2: 24).
(2) ونظيره كلمات ثلاث أوردها ابن خالويه في ليس من كلام العرب. وهي أحصن فهو محصن، وأسهب فهو مسهب، واجرأشت الإبل فهي مجرأشة.
(3) أنشده في المجمل واللسان (لفج).
(4) يشير إلى أنه من حديث الحسن حين سئل ذلك السؤال. انظر اللسان (لفج، دلك).
(5) ذكر العيني (1: 572) أن البيت منسوب إلى طرفة.(5/208)
(لفع) اللام والفاء والعين أُصَيل صحيح يدلُّ على اشتمالِ شيء. وتلفَّعَت المرأة بمِرْطِها: اشتمَلَتْ عليه. ولَفَّع الشَّيبُ رأسه: شمِلَه. وتَلفع الشَّجَر(1): تجلَّلَ بالخُضْرة. والتفَعَت الأرضُ بالنّبات: اخضَارَّت، ولَفعتُ المزادة: قلبتُها فجعلتُ أَطِبَّتها(2) في وسطها.
لقم – لقن - لقي
(باب اللام والقاف وما يثلثهما)
(لقم) اللام والقاف والميم أصلٌ صحيح، يدلُّ على تناوُلِ طعامٍ باليد للفَم، ثم يقاس عليه. ولَقِمْتُ الطّعامَ ألقَمُه، وتلقّمته والتقَمته. ورجلٌ تِلْقَامةٌ: كثير اللَّقْم(3). ومن الباب اللَّقَم: مَنْهَج الطَّريق، على التشبيه، كأنَّه لَقِم من مرَّ فيه، كما ذكرناه في السِّراط، وقد مضَى.
(لقن) اللام والقاف والنون كلمةٌ صحيحة تدلُّ على أخْذِ علمٍ وفَهْمِه. ولَقِن الشَّيءَ لَقنَاً: أخذه وفهمه. ولقَّنْتُه تلقيناً: فهَّمته. وغُلامٌ لقِنٌ: سريع الفَهْم واللَّقانة.
(لقي) اللام والقاف والحرف المعتل أصولٌ ثلاثة: أحدها يدلُّ على عوَج، والآخر على توافِي شيئين، والآخر على طَرْحِ شيء.
فالأوَّل اللَّقْوة: داءٌ يأخذ في الوجه يعوَجُّ منه. ورجل مَلْقُوٌّ، ولُقِيَ الإنسانُ. واللَّقْوة: الدَّلو التي إذا أرسلتَها في البِئر وارتفعت أخرى شالت معها(4). قال:
__________
(1) في الأصل: "الرجل"، صوابه في المجمل.
(2) وكذا في اللسان والقاموس، وفي المجمل: "طبتها"، والطبة بالضم والطبابة بالكسر: الجلدة التي تغطى بها الخرز، وهي معترضة مثنية كالإصبع على موضع الخرز.
(3) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "كبير اللقم" و "عظيم". واللقم: جمع لقمة فيهما. ونحوه في القاموس.
(4) أي ارتفعت. وفي الأصل: "مالت معها"، تحريف. وفي المجمل: "وارتفعت الأخرى رفعتهما معاً". وهذا المعنى لم يذكر في المعاجم المتداولة. وفي اللسان: "ودلو لقوة: لينة لا تنبسط سريعاً لِلِينها".(5/209)
* شرُّ الدِّلاء اللَّقوة المُلازمهْ(1) *
لقب - لقح
والِلَّقْوة: العُقاب، سمِّيت بها لاعوجاجِها في منقارها. واللَِّقْوة: النَّاقة السَّريعة اللِّقاح.
والأصل الآخر اللِّقاء: المُلاقاة وتَوَافِي الاثنين متقابِلَين، ولَقِيتُه لَقْوَةً، أي مرّة واحدة ولِقاءةً. ولقيته لُِقِيَّاً ولُقْياناً(2). واللُّقْيَة فُعلة من اللِّقاء، والجمع لُقىً قال:
لعلّ لُقَاكمْ في المنام تَكُونُ
وإنِّي لأَهْوَى النّومَ من غير نَعْسَة
والأصل الآخر: ألقَيْتُه: نبذْتُه* إلقاءً. والشَّيء الطَّريح لَقىً. والأصل أنّ قوماً من العرب كانوا إذا أتَوا البيتَ للطَّواف قالوا: لا نَطُوفُ في ثيابٍ عَصَيْنا الله فيها، فيُلقونَها، فيسمَّى ذلك المُلقَى لَقىً. قال ابن أحمَرَ يصِف فرخ القطاة:
تَصْهَرُه الشّمسُ فلا يَنْصَهِرْ(3)
تُؤْوِي لَقىً أُلقِيَ في صفصفٍ
(لقب) اللام والقاف والباء كلمةٌ واحدة. اللَّقَب: النَّبَزُ، واحدٌ. ولقَّبْته تلقيباً قال الله تعالى: { وَلاَ تَنَابَزُوا بالألْقَابِ } [الحجرات 11].
(لقح) اللام والقاف والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إحبال ذكرٍ لأنثى، ثم يقاس عليه ما يشبّه. منه لِقاح النَّعَم والشَّجر. أمَّا النَّعَم فتُلقِحها ذُكْرانُها، وأمَّا الشَّجر فتُلْقِحه الرِّياح. ورياحٌ لواقح: تُلقِح السَّحابَ بالماء، وتُلقِح الشَّجَر. والأصل في لواقح مُلْقِحة لكنَّها لا تُلْقِح إلاّ وهي في نفسها لواقح؛ الواحدة لاقحة، وكذلك يقول المفسِّرون. يقال: لَقِحَت النّاقةُ تَلْقَح لَقْحاً
__________
(1) أنشده في اللسان (لقا) وبعده: * والبكرات شرهن الصائمه *
... وأنشده في المخصص (9: 165) شاهداً على أن الولغة: الدلو الصغيرة، بلفظ:
* شر الدلاء الولغة الملازمه *
... وبهذه الرواية الأخيرة ورد في اللسان (ولغ). ونبه في (لقا) على أنها الصحيحة.
(2) انظر سائر مصادره في اللسان والقاموس.
(3) رواية اللسان: "تروي".(5/210)
لقس – لقص – لقط
ولِقاحاً، والناقة لاقحٌ ولَقُوح. واللَّقْحة: الناقة تُحلَب، والجمع لِقاحٌ ولُقُح. والمَلاَقح: الإناث في بطونها أولادُها. قال أبو بكر: والمَلاقيح(1) أيضاً ولم يتكلَّموا بها بواحد، والمَلاَقح التي هي في البطون.
ومما شذَّ عن هذا الباب: قومٌ لَقَاح، بفتح اللام، إذا لم يَديِنُوا لملِكٍ، ولم يَمْلِكْهم سُلطان.
(لقس) اللام والقاف والسين كلمةٌ تدلُّ على نعتٍ غير مرضيّ. ولقِسَت نَفسُه من الشَّيء: غَثَتْ. واللَّقِسُ: الرّجُل السَّيِّئُ الخُلُق، الشَّرِه الحريص. واللَّقَس المصدر. واللاقِس: العَيَّاب. ولَقَسْتُ الرَّجلَ ألقَُسُه: عِبْتُه.
(لقص) اللام والقاف والصاد قريبٌ في المعنى [من] الذي قبله. ولَقِصَ لَقَصاً، و هو لَقِصٌ، أي ضيِّق الخلق. والتَقَص الشَّيءَ: أخَذَه بِحِرصٍ عليه.
قال:
لعَلَّ الذي أمْلَى له سيعاقِبُه(2)
وملتقِصٍ ما ضَاعَ من أَهَراتِِنا
وربَّما قالوا: ألْقَصَه الحرُّ: أحرقَه.
(لقط) اللام والقاف والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على أخْذِ شيءٍ من الأرض قد رأيتَه بغتة ولم تُرِدْهُ، وقد يكون عن إرادةٍ وقصدٍ أيضاً. منه لَقطُ الحَصَى وما أشبهه واللُّقْطة: ما التقطه الإنسان من مالٍ ضائع. واللَّقِيط: المنبوذ
لقع
يُلْقَط. وبنو اللَّقيطة: قومٌ من العرب، سُمُّوا بذلك لأن أمَّهم كان التقطها حذيفة بن بدرٍ في جَوارٍ قد أضرَّتْ بهنَّ السَّنَة، فضَمَّها، ثم أعجبَتْه فخطبها إلى أبيها وتزوجَهَا. واللَّقَط، بفتح القاف: ما التقَطْتَ من شيءٍ. والالتقاط: أن توافِقَ شيئاً بغتة من كلأٍ وغيره. قال:
__________
(1) في الأصل: "والملاقح"، وفي الجمهرة (2: 181) بعد ذكر "الملاقح": "وهي الملاقيح": وفي المجمل: "والملاقيح أيضاً التي تكون في البطون".
(2) الأهرة، بالتحريك: متاع البيت.(5/211)
* ومَنْهلٍ ورَدْتُه التقاطاً(1) *
ومما يشبّه بهذا اللَّقِيطة: الرّجل المَهين. ويقولون: "لكلِّ ساقطةٍ لاقطة"، أي لكلِّ نادرة(2) من الكلام من يَسمَعُها ويُذيعها. والألقاط من النَّاس: القَليلُ المتفرِّقون. وبِئر لَقيطٌ: التُقطت التقاطاً، أي وُقِع عليها بَغتة. واللَّقَط: قِطَعٌ من ذهب أو فِضّة تُوجَد في المَعدِن. وتسمَّى القَطِنة(3) لاقطَة الحصى. ولُقَاطة الزَّرع: ما لُقِط من حبٍّ بعد حَصَاده.
(لقع) اللام والقاف والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على رَمْيِ شيءٍ بشيء وإصابتهِ به. يقال: لَقَعْت الرَّجُل [بالحصَاة، إذا رميتَه بها، ولقعَه ببعرةٍ رماه بها. ولقعَه بعينِه، إذا عانَهُ. واللُّقَّاعة(4)]: الدّاهيةُ التي يتلقَّع بالكلام، يرمي به من أقْصَى حَلْقِه، وكذا التِّلِقَّاعة. وفي كلامه لُقَّاعات، إذا تكلَّم بأقصى حَلْقِه.
لكم – لكن – لكي – لكد - لكع
(باب اللام والكاف وما يثلثهما)
(لكم) اللام والكاف والميم كلمةٌ واحدةٌ، هي اللَّكمْ: الضرب باليد مجموعةً. قالوا: وقياسه من الخُفِّ الملَكَّم، وهو الصُّلْب الشَّديد.
(لكن) اللام والكاف والنون كلمةٌ واحدة، هي اللّكْنَة، وهي العِيُّ في اللِّسان. ورجلٌ ألْكَنُ وامرأةٌ لَكْناء، وهو اللَّكَنُ(5) أيضاً.
__________
(1) البيت لنقادة الأسدي، كما في اللسان (لقط، قرط).وأنشده سيبويه (1: 186) بدون نسبة.
(2) في المجمل: "نادة"، وهو الأصوب.
(3) وكذا جاء النص في المجمل. وفي اللسان والقاموس: لاقطة الحصى: قانصة الطير". والقطنة، بفتح فكسر، وبكسر فسكون، هي ذات الأطباق التي تكون مع الكرش. وأما القانصة فهي هنة كأنها حجير في بطن الطائر، وقيل هي للطير بمنزلة المصارين لغيرها.
(4) التكملة من المجمل.
(5) في الأصل: "للكت".(5/212)
(لكي) اللام والكاف والحرف المعتل أو المهموز، يدلُّ على لزوم مكانٍ وتباطؤ. ولَكِيت بفُلانٍ لَكىً مقصور، إذا لزِمْتَه. وقال أبو بكر: لَكِيَ بالمكان، إذا أقامَ به، يهمز ولا يهمز(1). وتلَكَّأَ الرّجلُ تلكُّؤاً: تباطَأَ عن الشيء ويقال: لَكأْتُ* الرجُلَ لَكْأً: جلَدْتُه بالسَّوط.
(لكد) اللام والكاف والدال. يقولون: لكِد الشَّيءُ بالشيء: لازَمَه ولَزِق به. ويقولون: المِلْكَد: شيءٌ يدَق فيه الأشياء. واللَّكَدُ: التزاق الدّم وجُمودُه وأكلتُ الصَّمْغَ فلَكِدَ بفَمِي(2).
وقال أبو بكر بن دريد: اللَّكد: الضَّرب باليد. ومَشَى وهو يُلاكِد قَيْدَه، إذا مَشَى فنازعَه القَيدُ خُطَاه(3).
(لكع) اللام والكاف والعين أصل يدل على لُؤم ودناءة. منه لَكُعَ الرّجل، إذا لَؤُم، لَكَاعةً، وهو ألْكَع. يقال له: يا لُكَع، وللاثنين يا ذَوَيْ
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله لام)
لُكَع. ويقولون: بنُو اللَّكِيعة، قالوا: وقياس ذلك اللَّكَع، وهو الوَسَخ. واللُّكَع أيضاً: الجحش الراضع.
ومما شذَّ عن هذا الباب اللَّكْع، وهو اللَّسْع. قال:
* إذا مُسَّ دَبْرُه لَكعَا(4) *
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله لام)
وهو قليل. من ذلك (اللّهْجَم)(5): الطَّريق المدَيَّث، وهي منحوتة من لهج وهجم، كأنَّه يُلهَج به حتَّى يهجُم سالكُه على الموضع الذي يَقصِدُه. وقال الخليل: هو الطَّريق الواضِح. ولعلَّ الميم فيه زائدة. وقد يُلهَج بسلوك مثله.
__________
(1) الجمهرة (3: 171).
(2) في الأصل: "والكدت الصمغ فلصق بفمي".
(3) الجمهرة (3: 297).
(4) البيت لذي الإصبع العدواني، وهو في اللسان (خشش، لكع) وليس في قصيدته التي على هذا الوزن والروي في المفضليات (1: 151)، وقد سبق في (خش). وهو بتمامه:
ـاء إذا مس دبره لكعا
إما ترى نبله فخشرم خشـ
(5) في الأصل: "اللجم"، صوابه في المجمل.(5/213)
ومنه (اللهْذَم): الحادّ، وهو مما زيدت فيه اللام من الهَذم. والهُذَام: السَّيف القاطع الحادّ(1). والله أعلم بحقائقها.
ــــــــــ
(تم كتاب اللام، والله أعلم بالصَّواب)
من - مه
كتاب الميم
(باب الميم وما بعدها في المضاعف والمطابق)
(من) الميم والنون أصلان. أحدهما يدلُّ على قطع وانقطاع، والآخر على اصطناع خير.
الأوّل [المنّ]: القطع، ومنه يقال: مَنَنْتُ الحبلَ: قطعته. قال الله تعالى:
{ فلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [التين 6]. والمَنُون: المنيّة، لأنها تنقص العدد وتقطع المدَد. والمنُّ: الإعياء، وذلك أنَّ المُعْيِيَ ينقطع عن السَّير. قال:
* قلائصاً لا يشتَكين المَنَّا *
والأصل الآخر المَنُّ، تقول(2): مَنّ يمنّ منَّاً، إذا صنع صُنعاً جميلاً. ومن الباب المُنّة، وهي القُوَّة التي بها قِوام الإنسان، وربما قالوا: مَنَّ بيدٍ أسداها، إذا قَرَّع بها. وهذا يدلُّ على أنّه قطع الإحسان، فهو من الأوّل.
(مه) الميم والهاء كلمتان تدلُّ إحداهما على زَجْر، والأخرى على مَنْظَرٍ ولَذَّةٍ.
فالأولَى قولهم: مَهْ(3). ومهمه به: زَجره بقوله له ذلك. والمَهْمَه: الخَرق الأملس الواسع.
مت – مث – مج
والأخرى قولهم: ليس له مَهَهٌ، إذا لم يكن جميلاً. ويقولون: "كل شيء مَهَهٌ ومَهَاهٌ إلاَّ النِّساء وذكرَهُنّ(4)". والمَهاهُ: اللّذَّة. أنشدنا القَطّان عن ثعلب:
وليست دارنا الدُّنيا بدارِ(5)
وليس لعيشنا هذا مَهَاهٌ
__________
(1) في الأصل: "الإلحاد".
(2) في الأصل: "المن من يقول".
(3) في الأصل: "مكه" تحريف. وبعدها كلام مقحم وهو "إذا زجروه ومهمه به زجروره".
(4) أي يغار الرجل ويغضب عند ذكر حرمه، والأصوب أن المهه هنا بمعنى اليسير الهين.
(5) البيت لعمران بن حطان، كما في اللسان (مهه). والأصمعي يرويه: "مهاة".(5/214)
(مت) الميم والتاء أصيل يدلُّ على مدٍّ ونَزْع في الشيءُ. يقال مَتَتُّ ومدَدْتُ. ومنه قولهم يَمُتّ بكذا، إذا توصَّل بقرابةٍ وما أشبهها. ومنه المَتُّ: النَّزْع من البِئر على غير بَكَرة.
(مث) الميم والثاء كلمتان. يقولون: مثَّ يدَه: مسحها ومَثَّ الشَّيء، إذا كان يرشَح دَسَماً. وقال ابن دريد(1): مثَّ شارِبُه، إذا أكل دَسَماً فبقي عليه.
(مج) الميم والجيم كلمتانِ إحداهما تخليطٌ في شيء، والثانية رَمْيٌ للشيء بسرعة.
فالأولى المجمجة: تخليطٌ فيما يُكتَب. ومَجمَجَ في أخباره: لم يَشْفِ ولم يُفصِح.
والأخرى مَجَّ الشرابَ من فيه: رمى به. والشَّراب مُجَاج العِنَب. والمَطَر مُجَاج المُزْن. والعسل مُجاج النَّحْل. وهو هرِم ماجٌّ: يمجُّ ريقَه ولا يستطيع أن يَحبسه من كِبره. ومن باب السرعة أمَجَّ في البلاد إمجاجاً: ذهب. وأمَجَّ الرّجُل: أسرَعَ في عَدْوِه.
مح - مخ – مد
(مح) الميم والحاء ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس على أصلٍ واحد: الأولى مَحَّ الشَّيء وأَمَحَّ، إذا دَرَسَ وَبلِيَ. والمَحُّ: الثَّوْبُ البالي.
والثانية: الرَّجل* المَحَّاح: الكذّاب الذي يُرِي بكلامه ما لا يفعله.
والثالثة المُحُّ: صُفْرة البَيض. ويقال: المَاحُ بياضها(2).
(مخ) الميم والخاء كلمةٌ تدلُّ على خالصِ كلِّ شيء. منه مُخُّ العظم، معروف. وأمَخَّتِ الشَّاة: كثُر مخُّها. وربما سمَّوا الدماغ مُخَّاً. قال:
ولا يُنتقَى المُخُّ الذي في الجماجمِ(3)
ولا يأكلُ الكلبُ السَّرُوقُ نِعالنا
وخالصُ كلِّ شيءٍ مُخُّه.
__________
(1) الجمهرة (1: 48).
(2) أي بياض البيضة. والماح بتخفيف الحاء. وكذا وردت في هذه المادة من المجمل واللسان، والصواب أن تذكر في مادة (ميح)، كما في القاموس.
(3) البيت للنجاشي الشاعر يهجو هند بنت عاصم. البيان (3: 109) (والخزانة 4: 147). وأنشده في اللسان (مخخ، نقا) بدون نسبة.(5/215)
(مد) الميم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على جَرِّ شيءٍ في طول، واتّصال شيء بشيء في استطالة. تقول: مدَدْت الشيءَ أمدُّه مَدَّاً. ومَدَّ النهرُ، ومَدَّهُ نهرٌ آخر، أي زاد فيه ووَاصله فأطال مدّته. وأمْدَدْتُ الجيشَ بمدَدٍ. ومنه أمَدَّ الجُرْح: صارت فيه مِدَّةٌ، وهي ما يخرج. ومنه مددت الإبل مدّاً: أسقيتها الماء بالدَّقيق أو بشيءٍ تمدّه به(1). والاسم المَدِيد. ومدُّ النهارِ: ارتفاعُه إذا امتدَّ. والمِداد: ما يكتب به، لأنَّهُ يُمَدُّ بالماء. ومددت الدّواةَ وأمددتها. والمَدَّة: استمدادك من الدَّواة مدَّةً بقلمك. ومن الباب المُدُّ من المكاييل، لأنَّه يمدّ المكيل بالمكيل مثله.
مر
ومما شذّ عن الباب ماءٌ إمِدَّانٌ: شديد المُلوحة.
(مر) الميم والراء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على مضيِّ شيءٍ، والآخر على خلاف الحلاوة والطِّيب.
فالأوّل مرّ الشيء يمُرّ، إذا مضَى. ومَرُّ السَّحابِ: انسحابُه ومضيُّه. ولقيته مرّةً ومرتين إنّما هو عبارة عن زمانٍ قد مرّ. ويقولون: لقيته مرّة من المرّ، يجمعون المرّة على المَرّ.
والأصل الآخر أمَرَّ الشَّيءُ يُمِرّ ومَرّ، إذا صار مرّاً. ولقيت منه الأمرَّينِ، أي شدائد غير طيِّبَة. والأمرّان: الهمّ والمرَض(2). والأمرّ: المصارين يجتمع فيها الفَرث. قال:
ولا تُهدِنَّ معروقَ العِظامِ(3)
ولا تُهْدِي الأمَرَّ وما يليهِ
__________
(1) في اللسان: "أن تسقيها الماء بالبزر أو الدقيق أو السمسم".
(2) في المجمل: "الهرم والمرض"، وفي أساس البلاغة "المرض والهرم" وفي اللسان: "الشر والأمر العظيم"، وفي القاموس: "الفقر والهرم، أو الصبر والثفاء"، وهما نبتان. وفي جنى الجنتين: "العري والجوع".
(3) قبله في اللسان (مرر):
من المأنات أو فدر السنام
إذا ما كنت مهدية فأهدي(5/216)
وسمِّي الأمرَّ لأنّه غير طيّب. ثم سمِّيت بعد ذلك كلُّ شدّةٍ وشديدة بهذا البناء. يقولون: أمررت الحبلَ: فتَلتُه، وهو مُمَرّ. والمرّ: شِدّة الفَتْل. والمرير: الحبل المفتول. وكذلك المريرة: القُوّة منه. والمَرِيرة: عِزّة النَّفس. وكلُّ هذا قياسُه واحد. والمُرَار: شجرٌ مُرّ.
أمَّا المَرمر فضربٌ من الحجارة أبيض صافٍ. والمَرْمَرَة أيضاً: نَعمة الجِسم وتَرجرُجُه. وامرأة مَرْمارة، إذا كانت تترجرج من نَعمتها.
مز – مس - مش
(مز) الميم والزاء أصلانِ: أحدهما طعمٌ من الطعوم، والآخر [يدلُّ] على مزيّةٍ وفضل.
فالأول: المُزُّ: الشّيءُ بين الحامض والحُلْو. ويقولون: سمِّيت الخمر مُزَّاءً(1) من هذا، وقيل بل هو من القياس الآخر.
والأصل الآخر الفضل. وله عليه مِزٌّ(2)، أي فَضْل. والمُزَّاء منه؛ يقولون: هذا الشراب أمزُّ من هذا، أي أفضل. قالوا: والمُزّاء اسم، ولو كان نعتاً لقيل مَزَّاءُ. والتمزُّز: تمصُّص الشَّرابِ قليلاً قليلاً. ويمكن أن يكون هذا من الأوَّل.
(مس) الميم والسين أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على جَسِّ الشّيء باليد. ومَسِسْتُهُ أَمَسُّهُ. وربما قالوا: مَسَسْتُ أَمُسُّ. والممسُوسُ: الذي به مَسٌّ، كأنَّ الجِنّ مسَّتْه. والمَسُوس من الماء: ما نالته الأيدي. قال:
عذبَ المذاقِ ولا مَسُوسا(3)
لو كنت ماءً كنت لا
(مش) الميم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ في الشَّيء وسهولةٍ ولُطف. منه المُشَاش، وهي العظام اللَّيِّنة، يقال مششتها أمُشُّها. قال:
لَحَا اللهُ صُعلوكَاً إذا جَنّ ليلُهُ
مضى في المُشاشِ آلفاً كلَّ مَجزِرِ(4)
مص – مض
والمشاش: الطِّينة اللَّيِّنة تُغرس فيها النخلة. قال:
__________
(1) في المجمل: "والمزة: الخمر اللذيذة الطعم. والمزاء اسم لها".
(2) المز، هذا بكسر الميم.
(3) لذي الإصبع العدواني، كما في اللسان (مسس).
(4) البيت لعروة بن الورد، في ديوانه 93.(5/217)
* راسِي العُروقِ في المُشاشِ البجباجْ(1) *
وهو طيِّب المُشاش، إذا كان بَرَّاً طيّباً. ويقولون: فلانٌ يمُشُّ مالَ فلانٍ، إذا أخَذَ منه الشَّيءَ بعد الشَّيء. ومنه مَشُّ اليد، إذا مُسِحت بمنديلٍ، لا يكون ذلك إلاّ بسهولة ولين. والمَشُوش، هو المِنديل. ومَشَشت النّاقَة: حلَبتُها وتركتُ في الضَّرعِ بعضَ اللَّبن. ومَشَّ الشَّيءَ: دافه في ماءٍ حتَّى يلينَ ويذوب. ويقال: مات ابنٌ لأمِّ الهَيثَم(2) فسألناها فقالت: "ما زلت أَمُشُّ له الأشْفِيَة(3) ألدُّه تارةً وأُوجِره* أخرى، فأبى قضاءُ الله تعالى". ومن الباب المَشَش: كلُّ ما شخَص من عظمٍ وكان له حَجْم، ويكون ذلك من عيبٍ يُصِيب العَظْم.
(مص) الميم والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على شِبه التذوُّق للشّيء، وأخْذِ خالِصِه. من ذلك مَصِصْتُ الشيء أمَصُّه، وامتصصته أمتصُّه. والمصمصة: خلاف المَضمضة، لأنّ المصمصة بالصاد يكون بطرف اللِّسان. ومنه مُصاص الشيء: خالصه، وهو مقيسٌ من امتصصت الشيء، فهو الخالص الذي يُمتصّ. وفرس مُصامِصٌ: خالص العربية.
(مض) الميم والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَغْط الشَّيء للشيء.
مط – مظ – مع
__________
(1) في الأصل: "البجاج"، صوابه في المجمل.
(2) في الأصول: "الهشم"، صوابه في المجمل واللسان، وانظر بعض أحاديث أم الهيثم في أمالي القالي (3: 96) والمزهر (2: 539، 546).
(3) وكذا في المجمل، وهو جمع شفاء، وفي اللسان "الشفاء دواء معروف، وهو ما يبرئ من السقم، والجمع أشفية وأشاف". وبدله في اللسان: "الأدوية".(5/218)
منه مضَّنِي الشَّيءُ وأمضَّني: بلغ منِّي المشقّة، كأنّه قد ضغطك. والمضمضة: تحريك الماء في الفَم وضغطه. والكحلُ يمضُّ العين، إذا كانت له حُرْقة. ومَضِيضُه: حُرقَته. ويقولون: مِضِّ(1)، وهي حكايةٌ لشيءٍ يفعله الإنسان بشفته إذا أطمَعَ في الشيء(2). يقولون للرّجُلِ إذا أقرَّ بحقٍّ عليه: مِضِّ. ومثلٌ من أمثالهم: "إنَّ في مِضِّ لطَمَعاً"، قالوا: وذلك إذا سُئِل حاجةً فكسر شفَتَيه.
(مط) الميم والطاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على مدِّ الشيء. ومَطُّه: مَدُّه. والقياس فيه وفي المُطَيطاء واحدٌ، وهو المشيُ بتبختُر، لأنَّه إذا فعل مَطّ أطرافَه. قال الله تعالى: { ثُمَّ ذَهَبَ إلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى } [القيامة 33]، قالوا: أصله يتمطَّط، فجعلت الطاء الثالثة ياءً للتخفيف، ومطَّ حاجِبَيه: تكبَّر، وهو منه. ومنه المَطِيطة: الماء المختلِط بالطِّين؛ وهذا يكون إذا مدّ الماءَ مياهُ سيلٍ كدرة.
(مظ) الميم والظاء كلمةٌ تدلُّ على مشارَّة ومنازعة. وماظَظْتُه مماظّة ومِظاظا: شارَرتُه ونازعته. وفي الحديث: "لا تُمَاظَّ جارك فإنّه يبقى ويذهب النّاس". ومن غير هذا المَظُّ: رمَّان البَرِّ.
(مع) الميم والعين كلمةٌ تدلُّ على اختلاطٍ وجلبةٍ وما أشبه ذلك. منه المَعْمعة: صوت الحريق وصوت الشُّجعان في الحرب. والمَعمعان: شدّة الحرّ. قال ذو الرمة:
مغ - مق - مك
بأجَّةٍ نَشَّ عنها الماءُ والرُّطُبُ(3)
حَتَّى إذا معمعانُ الصيف هَبَّ لهُ
__________
(1) مض، بكسر الميم والضاد المشددة.
(2) هي أن يقول الإنسان بطرف لسانه شبه لا، وهي مع ذلك كلمة مطمعة في الإجابة.
(3) ديوان ذي الرمة 11 واللسان (رطب، نشش). وصدره في (أجج). وقد سبق في (أج).(5/219)
ومما ليس من هذا الباب "مَعَ"، وهي كلمةُ مصاحبةٍ، يقال: هذا مع ذاك. ويقولون في صفة النساء(1): "منهنَّ معْمَع، لها شَيْئها أجْمَع"، وهي التي لا تعطي أحداً شيئاً يكون معها أبداً.
(مغ) الميم والغين يدلُّ على شِبه ما مضى ذكره. يقولون: المغمغة: الاختلاط. قال رؤبة:
* الخُلُقِ المُمَغْمَغِ(2) *
ويقولون: مغمغ طعامَه، إذا روَّاه دسماً.
(مق) الميم والقاف أصلٌ يدلُّ على طولٍ وتجاوُزِ حدّ. والطَّويل البائن أمَقُّ بيَّن المَقَق. والمُقَامِق من الرِّجال: الذي يتكلَّم بأقصى حَلْقه ويتشدَّق. ويقولون: مَققْت الطَّلعةَ: شقَقْتُها.
(مك) الميم والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على انتقاء العَظْم، ثم يقاس على ذلك. يقولون: تمكَّكت العظم: أخرجت مُخَّه. وامتَكَّ الفصيلُ ما في ضَرع أمِّه: شربه. والتمكّك: الاستقصاء. وفي الحديث: "لا تُمككُوا على
مل
غرمائكم(3)". ويقال: سمِّيت مكّة لقلّة الماء بها، كأنَّ ماءها قد امتُكَّ. وقيل سمِّيت لأنها تمُكُّ مَن ظَلَمَ فيها، أي تُهلِكه وتَقْصِمُه كما يمكُّ العظم. وينشدون:
* يا مَكَّةُ الفَاجِرَ مُكِّي مَكَّا(4) *
(مل) الميم واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على تقليب شيء، والآخر على غَرَضٍ(5) من الشَّيء.
__________
(1) هو في حديث أوفى بن دلهم، كما في اللسان (معع).
(2) وكذا اقتصر على هذا القدر في المجمل. وفي اللسان:
* ما منك خلط الخلق الممغمغ *
... وفي الديوان 97:
* ما منك خلط الكذب الممغمغ *
(3) في الأصل: "لا تمكو"، صوابه من المجمل واللسان. وفي اللسان: "يقول: لا تلحوا عليهم إلحاحاً يضر بمعايشهم، ولا تأخذوهم على عسرة، وارفقوا بهم في الاقتضاء والأخذ". وفي المجمل: "على غير مائكم".
(4) بعده في اللسان:
* ولا تمكي مذحجاً وعكا *
(5) الغرض، بالتحريك، الضجر والملال.(5/220)
فالأوَّل مَلَلْتُ الخُبزة في النّار أمُلُّها مَلاًّ، وذلك تقليبك إيَّاها فيها. والمَلَّة: الرَّماد أو التُّرابُ الحارّ. ويقال: أطعمنا خبزَ ملّةٍ وخبزةً مليلاً. والمُلْمُول: المِيل: لأنَّه يقلّب في العين عند الكَحْل.
ومن الباب طريقٌ مُمَلٌّ: سُلِك حتَّى صار مَعْلماً. قال:
مُمَلّ مُعْمَلٍ لَحْبِ(1)
رفعناها ذَمِيلاً في
والمَلِيلة: حُمَّى في العِظام: كأنَّها تقلِّب. وباتَ يتملمَلُ على فِراشه، أي يَقْلَق ويتضَوَّر عليه، حتَّى كأنَّه على مَلَّة؛ والأصل يتملّل.
ومن الباب امتلَّ يَعدُو، وذلك إذا أسرَعَ* بعضَ الإسراع.
مني
والباب الآخَر مَللِته أَمَلُّه مَلَلاً ومَلاَلةً: سئِمْتُه. وأملَلْتُ القومَ: شَقَقْتَ عليهم حَتَّى مَلُّوا؛ وكذا أملَلْتُ عليهم.
فأمَّا إملالُ الكتاب وتفسير المَلَّة فقد ذُكِرَتا في الميم واللام والحرف المعتلّ.
(باب الميم والنون وما يثلثهما)
(مني) الميم والنون والحرف المعتلّ أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على تقديرِ شيءٍ ونفاذِ القضاءِ به. منه قولهم: مَنَى له المانِي، أي قدَّر المقدِّر. قال الهذليّ:
حَتَّى تُلاقِيَ ما يَمنِي لك المانِي(2)
لا تأمَنَنَّ وإن أمسيْتَ في حَرَمٍ
والمَنَا: القَدَر. قال:
غِنَى المال يوماً أو مَنَا الحدثانِ(3)
سأُعْمِلُ نَصَّ العِيسِ حتّى يكفَّني
__________
(1) لأبي دواد الإيادي، كما في المجمل واللسان (ملل).
(2) البيت لأبي قلابة الهذلي في ديوان الهذليين (3: 39) واللسان (منى). على أن إنشاده فيهما:
حتى تبين ما يمني لك الماني
ولا تقولن لشيء سوف أفعله
وابن بري يراه ملفقاً من بيتين لسويد بن عامر المصطلقي، و هما:
إن المنايا توافي كل إنسان
لا تأمن الموت في حل ولا حرم
حتى تلاقي ما يمني لك الماني
واسلك طريقك فيها غير محتشم
(3) البيت من أبيات لأعرابي من باهلة في البيان (1: 234) والكامل 178 ليبسك وعيون الأخبار (1: 239).(5/221)
وماءُ الإنسان مَنِيٌّ، أي يُقَدَّر منه خِلْقَتُه. والمنيَّة: الموت لأنَّها مقدَّرة على كلٍّ. وتمنِّي الإنسانِ كذا قياسه، أملٌ يقدِّرُه(1). قال قوم له ذلك(2) الشّيء
مني
الذي يَرجُو. والأمْنِيَّة: أُفعولةٌ منه. ومِنى(3): [مِنَى(4)] مكّة، قال قومٌ: سمِّي به لما قُدِّر أن يُذبَح فيه: من قولك مَنَاه الله.
ومما يَجرِي هذا المجرى المَنَا: الذي يُوزَن به، لأنَّه تقديرٌ يُعمل عليه(5). وقولنا: تمنَّى الكِتَابَ: قرأه. قال الله تعالى: { إلاَّ إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ في أُمْنِيَّتِهِ } [الحج 52]، أي إذا قرأ. وهو ذلك المعنى، لأن القراءة تقديرٌ ووضع كُلِّ آية موضِعَها. قال:
وآخِرَهُ لاقى حِمام المقادرِ(6)
تمنَّى كتابَ الله أوَّلَ لَيلهِ
ومن الباب: مانَى يُمانِي مماناةً، إذا بارَى غيرَه. وهو في شِعر ابن الطَّثْرِيّة:
سَلِي عَنِّيَ النّدمان حين يقول لي
أخو الكأسِ ماني القومَ في الخَيرِ أورِدِ(7)
وهذا من التَّقدير، لأنَّه يقدِّر فِعله بِفعل غيرِه يريد أنْ يساوِيَه. وأمَّا مُنيَةُ النّاقة، فهي الأيام التي يُتعرَّف فيها ألاقِحٌ هي أم حامل.
منح – منع
__________
(1) في الأصل: "أمل أن يقدره".
(2) كذا ولعل وجه الكلام: "وقال قوم أن تحدثه نفسه بذلك".
(3) في معجم البلدان أنها منونة. وفي القاموس: "ومنى كإلى قرية بمكة، وتصرف". وفي المصباح: "والغالب عليه التذكير فينصرف".
(4) التكملة من المجمل.
(5) في المصباح المنير أن المنا: الذي يكال به السمن وغيره، وقيل الذي يوزن به، رطلان. والتثنية منوان، والجمع أمناء. وفي لغة تميم منَّ بالتشديد والجمع أمنان.
(6) أنشده في اللسان (منى) بدون نسبة. والبيت لحسان بن ثابت في تفسير أبي حيان (6: 382) وليس في ديوانه. ومن مشهور ما قال في عثمان:
يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا
ضحوا بأشمط عنوان السجود به
(7) أنشد قطعة من البيت في المجمل.(5/222)
(منح) الميم والنون و الحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطِيّة. قال الأصمعي: يقال امتُنِحْتُ المالَ، أي رُزِقْتُهُ(1). قال ذو الرُّمّة:
نَبَتْ عيناكَ عن طللٍ بِحُزْوَى
محته الرّيحُ وامتُنِحَ القِطارا(2)
والمنيحة: مَنِيحة اللبن(3)، كالنَّاقة أو الشّاةِ يُعطِيها الرّجلُ آخَرَ يحتلبُها ثم يردُّها. والناقة المُمانِحُ: التي يبقى لبنُها بعد ذهابِ ألبان [الإبل(4)]، وهي المَنُوح أيضاً. والمَنيح: القِدْح(5) لاحَظَّ له في القَسْم إلاَّ أن يُمنحَ شيئاً، أي يُعطاه. ويقال المنيح أيضاً: الذي لا يُعتدُّ به، وقيل هو الثَّامن من سِهام المَيسِر.
(منع) الميم والنون والعين أصلٌ واحد هو خلاف الإعطاء. ومنَعتُه الشَيءَ منعاً، وهو مانِعٌ ومَنّاع. ومَكانٌ منيع. وهو في عِزٍّ ومَنْعَة(6).
مهي
(باب الميم والهاء وما يثلثهما)
(مهي) الميم والهاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على إمهال
وإرخاءٍ وسُهولةٍ في الشَّيء. منه أمْهَيْتُ الحَبلَ: أرخيتُهُ، وناسٌ يروُون بيت طرَفة:
لَعَمْرُك إنَّ الموتَ ما أخطَأَ الفَتى
لَكالطِّوَلِ المُمْهَى وثِنْيَاهُ باليدِ(7)
__________
(1) لم يرد هذا المعنى في اللسان، وجاء في القاموس. وفي القاموس أيضاً: "امتنح- بالبناء للفاعل في هذا-: أخذ العطاء".
(2) ديوان ذي الرمة 193، برواية "عفته الريح".
(3) كذا في الأصل. وفي المجمل واللسان: "متحة اللبن".
(4) التكملة من اللسان والمجمل.
(5) القدح، بالكسر: واحد قداح الميسر. وفي الأصل: "القدر"، صوابه في المجمل واللسان.
(6) المنعة تقال بالفتح وبالتحريك.
(7) من معلقته، والرواية المشهورة، "لكالطول المرخى".(5/223)
وأمْهَيْتُ الفَرسَ إمهاءً: أرخيتُ من عِنانه. وكلُّ شيءٍ جَرَى بسهولةٍ فهو مَهْوٌ. ولبنٌ مَهْوٌ: رقيق. وناقةٌ مِمْهاءٌ: رقيقة اللَّبَن. ونُطفةٌ مَهْوة: رقيقة. وسيفٌ مَهوٌ: رقيقُ الحدِّ، كأنه يمرُّ في الضَّريبة مَرَّ الماء(1). قال:
أبيضُ مَهْوٌ في مَتْنِهِ رُبَدُ(2)
وصارمٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبتُه
ومن الباب أمهيت الحديدة: سقيتها. يريد به رقّة الماء، والمَهَا: جمع المهاة، وهي البِلَّوْرة؛ سمِّيت بذلك لصفائها كأنَّها ماء. قال الأعشَى:
إذا يعطى المقبِّلَ يستزيدُ(3)
وتَبْسِمُ عن مَهَاً شَبِمٍ غَرِيٍّ
والجمع مَهَوات ومَهَيات. أمّا البقرة فتسمَّى مَهاةً، وأظنُّها تشبيهاً بالبِلَّورة.
مهج – مهد
ومما شذَّ عن الباب شيءٌ ذَكره الخليل، أنَّ المَهَاءَ ممدود: عيبٌ وَأوَدٌ يكون في القِدْح ويحتمل أنَّه من الباب أيضاً؛ فإنَّ ذلك يقرب من الإرخاء ونحوِه. والثَّغر إذا ابيضَّ وكُثر ماءه مَهاً. قال الأعشى:
يَشفي المتيَّم ذا الحرارهْ(4)
وَمَهَاً ترِِفُّ غُروبُهُ
__________
(1) في الأصل: "في الضرسة من الماء"، صوابه ما أثبت.
(2) لصخر الغي الهذلي في ديوان الهذليين (2: 60) وشرح السكري للهذليين 12 واللسان (مها، ربد)، وقد سبق في (ربد).
(3) وكذا روايته في المجمل، وديوان الأعشى 215 وهو في اللسان (مها) برواية "إذا تعطى المقبل".
(4) ديوان الأعشى 112 واللسان (مها).(5/224)
وفي الحديث: "جَسَدَ رجل مُمَهَّى(1)" أي مُصَفَّىً، يشبِه المها البلّور. *وفي حديث ابن عباس لعُتْبَة بن أبي سفيان، وكان قد أثْنَى عليه وأحسَنَ: "أمْهَيْت أبا الوليد"، أي بالغتَ في الثَّناء واستقصيت. ويقال: أمهَى الحافِرُ وأماهَ، أي حَفَر وأنْبَط. ولعلَّ هذا من باب القلب، وكذلك أخواتها من الباب وربَّما سميت النُّجوم مَهاً تشبيهاً(2).
(مهج) الميم والهاء والجيم كلمةٌ تدلُّ على شَيءٍ سائل. من ذلك الأُمْهُجانُ: اللَّبَن الرَّقيق. ولبنٌ ماهج: إذا رقَّ والمُهْجة فيما يقال: دم القلب.
(مهد) الميم والهاء والدال كلمةٌ تدلُّ على توطئةٍ وتسهيلٍ للشّيء. ومنه المَهْد. ومهَّدْتُ الأمرَ: وطَّأته. وتمَهَّد: تَوطَّأ والمِهاد: الوِطاء من كلِّ شيء. وامْتَهَدَ سَنامُ البعير وغيرِه: ارتفع. قال أبو النَّجم:
* وامتَهَدَ الغاربُ فِعلَ الدُّمَّلِ(3) *
مهر - مهش – مهق
أي ارتفع وتَسوَّى وصار كالمِهادِ. وجمع المهاد مُهُدٌ.
(مهر) الميم والهاء والراء أصلانِ يدلُّ أحدهما على أجرٍ في شيءٍ خاص، والآخر شَيء من الحيوان.
فالأوّل المَهْر: مَهرُ المرأةِ أجرُها، تقول: مَهَرْتها بغير ألِفٍ، فإذا زوَّجتَها من رجلٍ على مَهْرٍ قلت: أمْهرتُها. قال:
قد أمهَرُوها أعْنُزاً وتَيسا
أُمُّكم ناكحة ضُرَيْسَا
وامرأةٌ مَهِيرة ونساء مهائر.
والأصل الآخر المُمْهِر: الفرسُ ذات المهْر. [والمهْر(4)]: عظم في زَوْر الفَرَس، وهذا تشبيهٌ. قال:
__________
(1) في اللسان: "وفي حديث ابن عبد العزيز أن رجلاً سأل ربه أن يريه موقع الشيطان من قلب ابن آدم، فرأى فيما يرى النائم جسد رجل ممهى".
(2) شاهده قول أمية بن أبي الصلت:
في الوارسات كأنهن الإثمد
رسخ المها فيها فأصبح لونها
(3) سبق في (دمل) وكذا في (3: 159)، وأنشده في اللسان (مهد، دمل).
(4) التكملة من المجمل واللسان.(5/225)
* جافي اليدينِ عن مُشَاشِ المُهر(1) *
(مهش) الميم والهاء والشين ما أحسبه أصلاً ولا فرعاً، لكنّهم يقولون: ناقةٌ مَهْشاء، أسرَعَ هُزالُها(2). ويقولون: امتَهَشَت المرأةُ: حَلَقت وجْهَها بمُوسَى.
(مهق) الميم والهاء والقاف أُصَيْلٌ يدلُّ على لونٍ من الألوان. قالوا: الأمْهق: الأبيض. ويقولون: عَينٌ مَهْقَاء، فينبغي أن تَكون الشّديدَةَ بياضِ بياضِها. وقال ابن دريد(3): هو بياضٌ سمجٌ قبيح لا يخالطُه صفرةٌ ولا حُمرة،
مهك - مهل
إلاّ أنّهم يقولون: المُحْمَرَّة المآقي. ويقولون: المَهَق في قول رؤبة:
* صَفَقْن أيديهِنَّ في الحَوْم المَهَقْ(4) *
شِدَّة خُضرَة الماء.
(مهك) الميم والهاء والكاف ليس فيه إلاّ المُمَّهِك، وهو الطَّويل المضطرب. ويقولون للقوس اللَّيِّنة مَهُوك(5). ويقولون للفرس الذّريع: مُمَّهِك أيضاً، والقياسُ واحد.
(مهل) الميم والهاء واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على تُؤَدة، والآخر جنسٌ من الذائبات(6).
فالأول التُّؤدة. تقول: مهلاً يا رجُل، وكذلك للاثنين والجميع. وإذا قال مَهْلاً قالوا: لا مَهْلَ واللهِ، وما مَهْلٌ بمغنيةٍ عنك شيئاً(7). قال:
* وما مَهلٌ بواعظةِ الجَهُولِ(8) *
وقال أبو عبيد: التمهّل: التقدُّم. وهذا خلاف الأوّل، ولعلَّه أن يكون من الأضداد. وأمهَله الله: لم يُعاجِلْه. ومشى على مُهْلته، أي على رِسْلِه.
__________
(1) في الأصل والمجمل: "جاء في اليدين"، صوابه من اللسان (مهر).
(2) وردت الكلمة في القاموس، وأغفلت في اللسان.
(3) الجمهرة (3: 167).
(4) في الديوان 108 : "حتى إذا ما كن"، وفي اللسان: "حتى إذا كرعن".
(5) وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.
(6) في الأصل: "الذاتيات".
(7) في الأصل: "لا مهل ولا مهل بمغنية عنك شيئاً"، والوجه ما أثبت من المجمل، ونحوه في اللسان.
(8) للكميت، كما في اللسان (مهل). وصدره:
* وكنا يا قضاع لكم فمهلاً *(5/226)
والأصل الآخر المُهْل، وقالوا: هو خُثَارَة الزَّيت(1)، وقالوا: هو النُّحَاس الذَّائب.
مهن - موت
(مهن) الميم والهاء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على احتقارٍ وحَقَارةٍ في الشيء. منه قولهم مَهِينٌ، أي حقير. والمَهانة: الحَقَارَة، وهو مَهينٌ بيِّنُ المَهانة. ومن الباب المهْن: الخِدْمة، والمِهْنة. والماهِن: الخادم. ومَهَنْت الثّوْب: جذبته(2) وثوبٌ مَمْهُون. وربما قالوا: مَهَنْتُ الإبلَ: حلبتُها.
(باب الميم والواو وما يثلثهما)
(موت) الميم والواو والتاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَهاب القُوّة من الشيء. منه المَوْتُ: خلاف الحياة. وإنما قلنا أصلُه ذَهاب القُوّة لما روِي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أكلَ من هذهِ الشَّجَرةِ الخبيثةِ فلا يقربَنَّ مسجِدَنا. فإنْ كنتمْ لا بدَّ آكِليها فأمِيتُوها طَبْخَاً". والمَوَتانُ: الأرض لم تُحْيَ بعدُ بزرعٍ ولا إصلاح، وكذلك المَوَات. قال الأصمعيّ: يقولون اشترِ من المَوَتان، ولا تشتر من الحيوان. فأما المُوتَان(3)، بالسكون وضم الميم، فالموت. يقال: وقَعَ في الناس مُوتَانٌ. ويقال: ناقةٌ مُميت ومُميتَة للتي يموتُ ولدُها. ورجلٌ [مَوْتَانُ الفؤادِ، وامرأةٌ(4)] مَوْتانَة. وأُمِيتَتِ الخمرُ: طُبِخَت*. والمستميت للأمر: المسترسِلُ له. والمُوتَة: شِبه الجُنون يَعتَري الإنسان. والمَوْتة: الواحدةُ من المَوت. والمِيتة حالٌ من الموت، حسنةٌ أو قبيحة. ومات مِيتةً جاهليّة. والمَيْتَة: ما مات ممّا يُؤكل لحمه إذا ذُكّي.
موث – موج - مور
__________
(1) في الأصل: "الزبد"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) وردت في القاموس ولم ترد في اللسان. وفي حواشي اللسان عن التكملة: "مهنت الثوب: حذمته". والحذم: القطع.
(3) في الأصل: "الموت"، تحريف. وفي المجمل: "فأما الموتان خفيفة فالموت".
(4) التكملة من المجمل واللسان.(5/227)
(موث) الميم والواو والثاء كلمة، يقولون: مُثْتُ الشيء في الماء: مَرَسْتُه بيدي، أمُوثُه مَوثاً. ومِثْتُه أمِيثُهُ مَيْثاً كذلك.
(موج) الميم والواو والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على اضطرابٍ في الشيء. وماجَ الناسُ يموجون، إذا اضطرَبوا. وماجَ أمرُهم ومَرِج: اضطرب. والمَوْج: مَوج البحر، سمِّي لاضطرابه. وماج يَموج مَوْجاً ومَوَجاناً. وكلُّ شيءٍ اضطربَ فقد ماج.
(مور) الميم والواو والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تردّد. ومار الدّمُ على وَجْهِ الأرض يمور: انصبَّ وتردّد(1)، وأمَرْتُ دَمَه فمار. وفي الحديث: "أمِرِ الدّمَ بما شئت" ويروى "أمْرِ الدّمَ" من مَرَى يَمْرِي، وسيأتي. والمُورُ: ترابٌ تمور به الرِّيح. والنّاقة تمُور في سَيرِها، وهي مَوَّارة: سريعة. قال طرفة:
بَعيدةِ وخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارةِ اليدِ(2)
صُهَابيَّةِ العُثْنُونِ مُوجَدَةِ القَرَى
وفَرسٌ مَوّارةُ الظَّهر. ويقولون: "لا أدري أغَارَ أمْ مار"، أي لا أدري أتى غوراً أم دَارَ فرجَع إلى نجد. وانْمارت عقيقةُ الحِمار: سقطت عنه أيّام الربيع، وكلُّ قطعةٍ منها مُوَارة. قال:
* وانمارَ عنهنَّ مُوَارات العِقَقْ(3) *
موس – موص – موع - موق – مول
وسمِّيت بها لأنها إذا سقطت مارت. والمَوْر: الطريق، لأنّ الناس يمورون فيه، أي يتردَّدون. والمَوْر: الموج. وقولهم: "فلانٌ لا يَدْرِي ما سائرٌ من مائر" فالمائر: السَّيْف القاطع الذي يَمُور في الضَّريبة، والسائر: الشِّعر المرويّ.
__________
(1) في الأصل: "أنصبت وترددت".
(2) البيت من معلقته المشهورة.
(3) لرؤبة في ديوانه 105. وروايته فيه:
فانمار عنهن موارات المزق
طير عنها اللس حولى العقق(5/228)
(موس) الميم والواو والسين. يقولون: المَوْس: حَلْقُ الرَّأس. [ويقال في النِّسبة إلى موسى موسَوِيّ. وقال الكسائي: ينسب إلى موسى وعيسى وما أشبههما مما فيه الياء زائدة موسِيٌّ وعيسيٌّ(1)]، وذلك أنّ الياء فيه زائدة. كذا قال الكسائيّ.
(موص) الميم والواو والصاد كلمةٌ واحدة، هو المَوْص: غَسْل الثَّوْب. يقال مُصْتُه أمُوصُه. والمُوَاصَة: الغُسالة. قال امرؤ القيس:
وذي أُشَُرٍ تَشُوصُه وتَمُوصُ(2)
بِأسودَ ملتفِّ الغدائِرِ واردٍ
(موع) الميم والواو والعين. ماعَ الصُّفْرُ والفِضَّة في النار يمُوع ويَميعُ: ذابَ.
(موق) الميم والواو والقاف كلمتانِ لا يرجعان إلى أصلٍ واحد. والمُوق: حُمقٌ في غَباوة. ويقولون: ماقَ البَيعُ يَمُوق: رَخُصَ.
(مول) الميم والواو واللام كلمة واحدة، هي تَمَوَّلَ الرّجُل: اتخذَ مالاً. ومَالَ يَمَالُ: كثُر مالُه. ويقولون في قول القائل:
موم – مون – موه
* مَلأَى من الماءِ كَعَيْنِ المُولَهْ(3) *
إنّ المُولَة: العَنكبوت؛ وفيه نظر.
(موم) الميم والواو والميم كلمتانِ متباينتان جداً. المُوم: البِرْسَام، ومِيمَ الرّجُل فهو مَمُومٌ، والمَوْمَاة: المفازَة الواسعة الملساء، جمعها مَوَامٍ.
(مون) الميم والواو والنون كلمةٌ واحدة وهي المَوْن: أن تَمُونَ عَيالَك(4)، أي تَقوم بكفايتهم وتتحمل مَؤُونتهم. و [أمّا] المؤونة فمن المَوْن والأصل فيها مَوونة بغير همزة.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) البيت ليس في ديوانه المطبوع.
(3) أنشده في اللسان (مول، وله) والأرجح أن تكون من (وله)، ويقال امرأة ولهى، وواله، ووالهة، وموله، وميلاه. وقيل البيت:
* حاملة دلوك لا محموله *
(4) في الأصل: "أن تموت بعيالك".(5/229)
(موه) الميم والواو والهاء أصلٌ صحيح واحد، ومنه يتفرّع كَلِمُه، وهي المَوَه أصل بناء الماء، وتصغيرهُ مُوَيْه، قالوا: وهذا دليلٌ على أنّ الهمزة في الماء بدل من هاء. يقال: مَوَّهْتُ الشّيء، كأنّك سقيته الماء. ومَوَّهت الشّيء: طَلَيْتُه بفِضَّةٍ أو ذهب، كأنَّهم يجعلون ذلك بمنزلةِ ما يُسقَاه. وقالوا: ما أحسَنَ مُوهَةَ وجهِه، أي تَرقرُقَ ماءِ الشَّباب فيه.
ومن الباب الماوِيّة: حجر البِلَّور، وكذلك الماوية: [المِرآة]. قال طرَفة:
وعينانِ كالماويَّتينِ استكنَّتا
بكهفَيْ حَجاجَيْ صخرةٍ قَلْتِ مَوْرِدِ(1)
ميث – ميح
يقال مَاهت السّفينةُ تَمُوه وتَمَاه. دَخَل فيها الماء. وأماهَتِ الأرضُ: ظهَرَ فيها نَزٌّ. وأمَاهَ الفحلُ: ألقَى ماءَه في رَحِم الأُنْثى. ورجلٌ ماهُ القَلب(2)، أي كثير ماءِ القلب. قال الراجز:
* إنّك يا جَهضَمُ ماهُ القَلْبِ(3) *
قالوا: ويكون صاحب ذلك بليداً، أُخرِج ماهٌ مُخْرَج مال. وأمَهتُ السِّكّين وأمْهَيْتُه: سقيته. ويقال في النسبة إلى ماه ماهِيٌّ ومائيٌّ، وإلى ماءٍ مائيٌّ* وماوِيّ.
(ميث) الميم والياء والثاء كلمةٌ تدلُّ على سهولةٍ في شَيء. يقال مِثْتُ الشَّيء في الماءِ مَيْثاً، إذا دُفْته(4). والمَيثاء: الأرض السَّهلة.
(ميح) الميم والياء والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إعطاءٍ. وأصله في الاستسقاء. وماح يَميحُ: انحدَرَ في الرَّكيِّ فملأ الدَّلْو. قال:
* يا أيُّها المائحُ دَلوِي دُونَكا(5) *
ومِحتُه ميحاً: أعطيته.
__________
(1) البيت من معلقته المشهورة.
(2) ويقال أيضاً: "ماهي القلب"، ومعناهما الجبان أو البليد.
(3) يروى "ماه القلب" و "ماهي القلب"، كما في اللسان (موه).
(4) الدوف: الخلط والبل بالماء. وفي الأصل: "ذقته"، تحريف.
(5) أنشده في اللسان (ميح).(5/230)
وقولهم: تَمَايَحَ السّكرانُ: تَمَايل، والعودُ أيضاً وكذا الغُصْن - ليس من الباب(1).
ميد
(ميد) الميم والياء والدال أصلانِ صحيحان: أحدُهما يدلُّ على حركةٍ في شيء، والآخَر على نفعٍ وعطاء.
فالأوّل المَيْد: التحرُّك. ومادَ يَميدُ. ومادت الأغصان تَمِيد: تمايلَتْ. والمَيْدان على فَعْلان: العيش النّاعم الريّان. قال ابنُ أحمر:
نَعِيماً وميداناً من العيشِ أخْضَرا(2)
............ وصادَفَتْ
والأصل الآخر المَيْد. ومَادَ يَمِيدُ: أطْعَمَ [و] نَفَع. ومادَنِي يَميدُني: نَعَشَنِي. قالوا: وسمِّيت المائدة منه، وكذا المائد(3) من هذا القياس: قال:
* وكُنت للمنتجِعينَ مائدا(4) *
قال أبو بكر(5): وأصابه مَيْد، أي دُوَارٌ عن ركوب البَحر. ومِدْتُه: أعطيتُه وأمَدْتُه بخيرٍ. وامْتَدْتُهُ(6): طلبت خَيره. وذهب بعضُ المحقِّقين [أنّ] أصل مَيْد الحركة. والمائدة: الخِوان لأنها تميد بما عليها، أي تحرِّكه وتُزحِله عن نَضَدِه(7). ومادَهم: أطعَمهُم على المائدة. وأمّا قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "مَيْدَ أَنَّا أُوتِينا الكتابَ مِن بعدهم(8)"، أي غير أنّا، أو على أنّا، فهو لغة في
بَيْد أنَّا.
مير – ميز – ميس – ميش - ميط
(مير) الميم والياء والراء أصلٌ صحيح، هو المَيْر، ومِرْت مَيْراً. والمِيَرة: الطعام له إلى بلده(9). وقالوا: ما عنده خَيْرٌ ولا مَيْر.
__________
(1) يعني أنها من باب الإبدال، أي أصلها "تمايل".
(2) وكذا ورد الاستشهاد بهذه القطعة في المجمل واللسان (ميد).
(3) في الأصل: "وكذا المائدة".
(4) ضبط في المجمل بضم التاء من "كنت".
(5) الجمهرة (2: 303).
(6) في الأصل: "أمددته".
(7) في الأصل: "أي يحركه ويزمله عن نصده".
(8) أوله كما في اللسان: "نحن الآخرون السابقون" وحديث آخر مشهور: "أنا أفصح العرب ميد أني من قريش، ونشأت في بني سعد بن بكر."
(9) كذا. ولعله:"تنقله إلى بلده" أو "تجلبه".(5/231)
(ميز) الميم والياء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تزيُّلِ شيءٍ من شيء وتَزيِيله. وميَّزته تمييزاً ومِزْتُه مَيْزاً. وامتازُوا: تميَّزَ بعضهم من بعض. ويكاد يَتمَيَّز غيظاً، أي يتقَطَّع. وانمازَ الشَّيء: انفصَلَ عن الشيء. قال يصف حيّة:
عن العَظْمِ صِلٌّ فاتِكُ اللَّسْعِ مارِدُ
قَرَى السُّمَّ حتَّى انمازَ فروةُ رأسِهِ
(ميس) الميم والياء والسين كلمةٌ تدلُّ على مَيَلان. ومَاسَ مَيَسانَا(1): تبختر. وماس الغصن أيضاً. والمَيْس: شجرٌ يقال إنّه أجودُ خَشَب.
(ميش) الميم والياء والشين أصلٌ يدلُّ على خلطِ شيءٍ بشيءٍ ونَفْشه. وماشَتِ المرأةُ القُطنَ بيدِها بعد الحلج. ومنه قولهم للرّجُل إذا أخبر ببعض الحديث وكَتَمَ بعضاً: قد ماش يَميش. وهو مأخوذٌ من مَيْش النّاقة، أن يَحلُِب بعضَ ما في الضرع ويَدَعَ بعضاً؛ فإذا جاوزَ الحَلب النِّصف فليس بمَيش.
(ميط) الميم والياء والطاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على دفع ومدافَعَة. وماطه عنه: دفعَه. ومِطتُ الأذَى عن الطريق. يقال أَمَاطَه إماطَةً. ولذلك يقال: "هم في هِياطٍ ومِياط". الهِياط: الصِّياح: والمِياط: الدَّفْع. وقال الفرّاء: تمايَطُوا: تباعدوا وفَسَدَ ما بينهم، تَمَايُطاً.
ميع – ميل – مين
(ميع) الميم والياء والعين كلمةٌ صحيحة تدلُّ على جريانِ شيءٍ واضطرابِ شيءٍ وحركتِه. وماعَ الشّيء يَمِيع: جَرَى على وجه الأرض، والمائع كلُّ شيءٍ ذائب(2). ومنه المَيْعة والنشاط، وذلك للحركة. والمَيْعة: أوّل الشَّباب، وذلك إذا ترعرعَ وتحرَّك.
__________
(1) يقال ماس ميساً، وميسانا.
(2) في الأصل: "ذائب منه".(5/232)
(ميل) الميم والياء واللام كلمةٌ صحيحة تدلُّ على انحراف في الشيء إلى جانب منه. مال يَميل مَيْلاً. فإنْ كان خِلقةً في الشَّيءٍ فَمَيَلٌ. يقال مال يميل مَيَلاً. والمَيْلاء من الرَّمل: عقدة ضخمة تعتزل وتميل ناحيةً. والمَيْلاء: الشَّجرة الكثيرة الفروع، وهي من قياس الباب. والأمْيَل من الرِّجال، يقال إنَّهُ الذي لا يثبت على الفرس. وإن كان كذا فلأنّه يميل عَن سَرْجِهِ. ويقال الذي لا رُمْح معه. وإن كان كذا فشاذٌّ عن الباب. وجمع الأَمْيَلِ مِيل*. قال:
ـجا ولا عُزّل ولا أكفالِ(1)
غَيْرُ مِيلٍ ولا عَواوِيرَ في الهَيْـ
(مين) الميم والياء والنون كلمةٌ واحدة، هي المَيْن: الكَذِب. ومانَ يَمِين. قال:
ـتَ سَراتَنا كذِباً ومَيْنا(2)
وزعمتَ أنَّكَ قد قَتَلْـ
مأد - مأر – مأق – مأل
(باب الميم والهمزة وما يثلثهما)
(مأد) الميم والهمزة والدال كلمةٌ تدل على حُسنِ حال ورِيٍّ في الشيء. المَأْد في الأغصان: الرَّيَّان الليِّن الناعم الميَّال. ومَئِدَ العرفجُ: اهتزَّ رِيَّا. ومن القياس امْتَأد خَيراً: كَسَبَهُ. ويَمْؤُود: مكان.
(مأر) الميم والهمزة والراء كلمةٌ تدلُّ على عَداوةٍ وشِدّة. منه المِئرة: العداوة. وماءَرتُه مماءَرةً على فاعلته، من ذلك. وأمرٌ مَئِرٌ: شديد(3).
(مأق) الميم والهمزة والقاف أصلٌ يدلُّ على صِفةٍ تعتري بعد البُكاء، [و] على أنَفَة.
فالأوّل المَأق: ما يعتري الإنسانَ بعد البكاء. تقول: مَئِقَ يَمْأَقُ، فهو مَئِقٌ. ويقال إنّ المَأْقة: شِدّة البُكاء.
__________
(1) للأعشى في ديوانه 11. وقد سبق في (كفل) مع تخريجه.
(2) لعبيد بن الأبرص في ديوانه 27 ومختارات ابن الشجري 90 برواية "أزعمت" فيهما.
(3) ويقال "مئير" أيضاً، بالمد.(5/233)
والآخر قولهم: أمْأَقَ: إذا دَخَل في المَأْقة، وهي الأنفَة. وفي الحديث: "ما لم تُضْمرُوا الإمَاق(1)"، أي لم تُضمِروا أنفةً مما يلزمكم من صَدَقةٍ.
(مأل) الميم والهمزة واللام. قد ذكروا فيها كلماتٍ ما أحسبها صحيحة، لكنَّني كتبتُها للمعرفة. يقولون: مَألتُ للأمر: استعددت. ويقولون: امرأةٌ مَأْلَةٌ: سمينة. ويقولون: المَأْلة: الرَّوضة، والجمع مِئال. وفي كلِّ ذلك نظر.
مأن - مأي – مأج
(مأن) الميم والهمزة والنون كلمتانِ متباينتان جداً.
فالأولى المَأْنَة: الطِّفْطِفة، والجمع مَأَنات. قال:
من المَأَناتِ أو قِطَع السَّنامِ(2)
إذا ما كنتِ مُهْديةً فأهدِي
قال ابن دريد(3): مأنتُ الرّجلَ: أصبت مَأنَتَه. وقولهم: ما مأنْتُ مأنَهُ، أي لم أشعُر به. قال الأصمعيّ: ماءَنْتُ في الأمر، مثل ماعنت، أي رَوَّأْتُ. أمَّا ما جاء في الحديث: "مَئِنّةٌ من فِقْه الرّجل" فمن باب إنّ، وقد ذكر فيه.
(مأي) الميم والهمزة والياء كلمةٌ. يقال: المأْي: النَّميمة والإفساد بين القوم. يقال مأيْتُ بينهم. قال:
* ومأي بينهم أخُو نُكَراتٍ(4) *
وإما المائة فيقولون: أمْأَيْتُ الدّراهِم: جعلتُها مائة.
(مأج) الميم والهمزة والجيم كلمةٌ واحدة. المَأْج: المِلْح. يقال مَؤُجَ يَمؤجُ فهو مَأجٌ بيِّن المؤُوجَة. قال:
* نأَت عنها المُؤُوجة والبحرُ(5) *
متح – متر – متس - متع
(باب الميم والتاء وما يثلثهما)
__________
(1) في اللسان: "وفي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الوفود من اليمانيين: ما لم تضمروا الإماق، وتأكلوا الرماق. ترك الهمز من الإماق ليوازن به الرماق".
(2) أنشده في اللسان (مأن) والاشتقاق 15.
(3) في الجمهرة (1: 16).
(4) عجزه في اللسان:
* لم يَزَلْ ذا نميمةِ مأْآأا *.
(5) لذي الرمة في ديوانه 211 واللسان (عذا، مأج) وقد سبق في (عذى) وهو بتمامه:
عذاة نأت عنها المؤوجة والبحر
بأرض هجان الترب وسمية الثرى(5/234)
(متح) الميم والتاء والحاء أُصَيلٌ يدلُّ على مَدِّ الشّيءِ وإطالته. ومَتَح النّهارُ: امتدَّ. وليلٌ مَتَّاح: طويل. ومته المَتْح وهو الاستقاء؛ مَتَح يمتَح مَتْحاً، وهو ماتح ومَتُوحٌ. وإنما قيل ذلك لمدِّ الرشاء. وبِئر مَتوحٌ: قريبةُ المَنزَع.
(متر) الميم والتاء والراء. يقولون، وما أدري ما هو : مَتَرْتُ الشَّيءَ: قطعته؛ ولعله من الإبدال. وقال ابن دريد(1): مَتَرْتُه مَتْراً. وامْتَرَّ الحبلُ: امتدَّ.
(متس) الميم والتاء والسين فيه كلمةٌ حكاها ابن دريد(2)، هي مَتَسه يَمْتِسُه مَتْساً: أراغَه لينتزِعَه من بيتٍ أو غيره.
(متع) الميم والتاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعة وامتدادِ مُدّةٍ في خيرٍٍ. منه استمتعت بالشَّيء. والمُتْعة والمَتَاع: المنفعة في قوله تعالى: { بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فيها مَتَاعٌ لَكُمْ } [النور 29].، ومتَّعت المطلَّقة بالشَّيء، لأنَّها تنتفع به. ويقال أمْتَعْتُ بمالِي، بمعنى تمتَّعت. قال:
قديماً وكانا للتفرُّقِ أمتَعَا(3)
خليطَينِ من شعبيْنِ شَتَّى تجاورَا
ورواه الأصمعي: "بالتفرّق". يقول: لم تكن متعة أحدِهما لصاحبه إلاّ الفِراق. ويقولون: لئن اشتريتَ هذا الغلامَ لَتَمْتَعَنَّ منه بغلامٍ صالح(4).
متك – متل – متن
ويقولون: حبل ماتِعٌ: جيِّد، ومعناهُ أنَّ المدّة تمتدّ به. ويقولون: مَتَع النَّهارُ: طال. ومَتَع النباتُ مُتُوعاً. فأمَّا قول النابغة:
وميزانُه في سُورة البِرِّ [ماتعُ](5)
إلى خير دينٍ نُسكه قد علمته
__________
(1) الجمهرة (1: 13).
(2) في الجمهرة (2: 17).
(3) للراعي كما في اللسان (متع)، وهو في مجالس ثعلب 367.
(4) بعده في المجمل واللسان: "أي لتذهبن".
(5) التكملة من المجمل واللسان (متع). وليس في ديوان النابغة.(5/235)
فقالوا: معناه راجحٌ زائد. ومَتَع السّرابُ: طالَ في أوَّل النهار مُتوعاً* أيضاً. قال أبو بكر: والمتعة: ما تمتعت [به(1)]. ونِكاح المُتعة التي كُرِهتْ أحسَبها من هذا(2). والمتاع من أمتعة البيت: ما يستمتع به الإنسانُ في حوائجه. ومتَّع الله به فلاناً تمتيعاً، وأمتَعَه به إمتاعاً بمعنىً واحد، أي أبقاه ليستمتع به فيما أحب من السرور والمنافع.
وذهب مِن أهل التَّحقيق بعضُهم إلى أنَّ الأصل في الباب التلذُّذ. ومَتَع النَّهارُ لأنهُ يُتَمتَّع بضيائه. ومَتع السّرابُ مشبَّه بتمتُّع النهار. والمتاع: الانتفاع بما فيه لذَّةٌ عاجلة. وذهبَ منهم آخرُ إلى أنَّ الأصلَ الامتدادُ والارتفاع، والمتاع انتفاعٌ ممتدُّ الوقت. وشراب ماتعٌ: أحمر، أي به يُتمتَّع لجودته.
(متك) الميم والتاء والكاف. يقولون: المُتْك: الأُترُجّ، ويقال الزُّماوَرْد. ويقال: المتْك(3): ما تُبقِيه الخاتِنة.
(متل) الميم والتاء واللام. يقولون: مَتَله مَتْلاً: زعزَعَه.
(متن) الميم والتاء والنون أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على صلابةٍ في الشيء مع امتدادٍ وطول. منه المَتْن: ما صَلُبَ من الأرض وارتفعَ وانقاد، والجمع مِتانٌ.
مته – متي
ورأيته بذلك المَتْن. ومنه شبِّه المتنانِ من الإنسان: مُكتنِفا الصُّلْب من عصَبٍ ولحم. ومَتَنْتُه: ضربت مَتْنَه. ويقولون: مَتْنَةٌ، يذهبون إلى اللَّحمة. قال امرؤ القيس:
أكبَّ على ساعِدَيه النَّمِرْ(4)
لها مَتْنَتَانِ خَظاتَا كَمَا
__________
(1) التكملة من الجمهرة (2: 22).
(2) في الجمهرة: "ونكاح المتعة الذي ذكر أحسبه من هذا".
(3) بفتح الميم وضمها.
(4) ديوان امرئ القيس 14 واللسان (متن، خظا).(5/236)
ومَتَنَ قوسَه: وَتَّرها بعَقب من عَقَب المَتْن. ومَتَن يومَه: سارَهُ أجمَعَ، وهو على جهة الاستعارة. ومَتَنْتُه بالسَّوط أمْتِنُهُ: ضربتُه. وعندنا أن يكون ضرباً على المَتْن. والمُماتَنة: المباعَدة في الغاية. وسارَ سيراً مُماتِناً: شديداً بعيداً. وماتنه: ماطله. ومن الباب مُماتَنة الشَّاعرَين، إذا قال هذا بيتاً وذلك بيتاً، كأنَّهما يمتدَّان إلى غايةٍ يريدانِها.
ومما شذَّ عن الباب متَنْتُ الدّابةَ: شققت صَفْنَه واستخرجتُ بيضَتَه.
(مته) الميم والتاء والهاء. يقولون: التمتُّه: الذَّهاب في البَطَالة والغَوَاية. وهو عندنا من باب الإبدال، الهاء من الحاء، كأنَّه التمتُّح، وقد ذكرناه. ومَتَهت الدّلْوَ: متحتُها.
(متي) الميم والتاء والحرف المعتل فيه ثلاث كلمات:
إحداها يُستفهَم بها عن زمانٍ. تقول: متى يخرُجُ زيد؟
والكلمة الأخرى من باب الإبدال. يقولون: تمتَّى في نَزْع القَوس، وهو من تَمَطَّى وتمطَّطَ، وقد ذُكِرَ. قال امرؤ القيس:
مثع - مثل
فتَمتَّى النَّزْعَ في يَسَرِهْ(1)
فأتَتْه الوحشُ واردةً
والثالثة كلمةٌ هذليَّة، يقولون: جعلته متي كُمِّي، أي في وسط كُمِّي. قال أبو ذؤيب:
متى لُججٍ خُضْرٍ لهنَّ نئيجُ(2)
شربنَ بماءِ البحرِ ثم ترفَّعَتْ
(باب الميم والثاء وما يثلثهما)
(مثع) الميم والثاء والعين كلمة واحدة. يقولون: المَثْعاء: مِشْيةٌ قبيحة(3). يقال: مَثَعَت الضّبُع تَمثَع. قال الرّاجز(4):
__________
(1) ديوان امرئ القيس 152 واللسان (متى، يسر). ويسره، أي حذاء وجهه، وأصله التسكين وحرك السين للشعر. ويروى: "يسره" بضم ففتح: جمع يسرى، وكذلك "يسره" بضمتين جمع يسار.
(2) ديوان الهذليين (1: 52)، واللسان (متى).
(3) اعترض صاحب القاموس على "المثعاء" ثم قال: "أو هذه سقطة من ابن فارس".
(4) هو المعنى، كما في اللسان (مثع).(5/237)
* كالضَّبُعِ المثعاءِ عَنّاها السُّدُمْ(1) *
(مثل) الميم والثاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مناظرَة الشّيءِ للشيء. وهذا مِثْل هذا، أي نَظِيرُه، والمِثْل والمِثال في معنىً واحد. وربَّما قالوا مَثِيل كشبيه. تقول العرب: أمثَلَ السُّلطان فلاناً: قَتَلَه قَوَداً، والمعنى أنَّه فعل به مِثلَ ما كان فَعَلَه. والمَثَل: المِثْل أيضاً، كشَبَه وشِبْه. والمثَلُ المضروبُ مأخوذٌ من هذا، لأنَّه يُذكَر مورَّىً به عن مِثلِه في المعنى. وقولهم: مَثَّل به، إذا نَكَّل، هو من هذا أيضاً، لأنَّ المعنى فيه أنَّه إذا نُكِّل بِهِ جُعِل ذلك مِثالاً لكلِّ مَن صَنَعَ ذلك الصَّنيعَ
مجد - مجر
أو أرادَ صُنْعَه. ويقولون: مَثَل(2) بالقَتيل: جَدَعه. والمَثُلات من هذا أيضاً. قال الله تعالى: { وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المَثُلات } [الرعد 6]، أي العقوبات التي تَزجُر عن مثل ما وقعت لأجلِه، وواحدها مَثُلَةٌ كسَمُرَة وصَدُقَة. ويحتمل أنَّها التي تَنْزِل بالإنسان فتُجعَل مِثالاً يَنْزجِرُ به ويرتدع غيرُه. ومَثَلَ* الرّجُلُ قائماً: انتصب، والمعنى ذاك، لأنَّه كأنَّه مِثالٌ نُصِب. وجمع المِثال أمثِلةٌ. والمِثالُ: الفِراش والجمع مُثُل، وهو شيء يُماثِلُ ما تحتَهُ أو فوقَه. وفلانٌ أمْثَلُ بني فلانٍ: أدناهم للخير، أي إنَّه مماثِلٌ لأهل الصَّلاح والخير. وهؤلاء أماثل القوم، أي خِيارُهم.
(باب الميم والجيم وما يثلثهما)
__________
(1) أنشده في اللسان شاهداً على أن المثعاء: الضبع المنتنة. وأنشد بعده:
* نحفره من جانب وينهدم *
(2) يقال بتخفيف الثاء وتشديدها.(5/238)
(مجد) الميم والجيم والدال أصلٌ صحيح، يدلُّ على بلوغ النِّهاية، ولا يكون إلاّ في محمود. منه المَجْد: بلوغ النِّهاية في الكَرَم. والله الماجد والمجيد، لا كَرَمَ فوق كرَمه. وتقول العرب: ماجَدَ فلانٌ فلاناً: فاخَرَه. ويقولون مثلاً: "في كلِّ شَجرٍ نارٌ، واستَمْجَدَ المَرْخُ والعَفَار"، أي استكثَرَا من النار وأخذا منها ما هو حَسبُهما، فهما قد تناهَيَا في ذلك، حتَّى إنَّه يُقْبَس منهما. وأمَّا قولهم: مَجَدتِ الإبلُ مُجوداً، فقالوا: معناه أنَّها نالت قريباً من شِبَعها(1) من الرُّطْبِ وغَيره. وقال قَومٌ: أَمْجَدْتُ الدَّابَّة: علَفْتُها ما كَفَاها. وهذا أشْبَه بقياس الباب.
(مجر) الميم والجيم والراء ثلاثُ كلماتٍ لا تنقاس.
فالأولى المَجْر، وهو الدَّهْم الكَثِير.
مجس- مجع - مجل
والثانية المَجْر: أن يُبَاعَ الشّيء بما في بَطْنِ الناقة. ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وآله عن المَجْر. وكانت [العرب] في الجاهلية تفعله.
والثالثة المَجَر بفتح الجيم، وهو ما يكون في بطون الإِبل والشّاء من داءٍ. وشاةٌ مُمْجِرٌ ومِمجارٌ، إذا حملت فهُزِلت فلم تستطع القيام إلاَّ بمن يُقِيمها، وقَلَّما تسلمُ منه قال رجلٌ من العرب: "الضأْنُ مالُ صِدْق إذا أفلتَتْ من المجَر".
(مجس) الميم والجيم والسين كلمةٌ ما نَعرِفُ لها قياساً، وأظنُّها فارسيَّة، وهي قولنا هؤلاء المجوس. يقال: تَمَجَّسَ الرّجلُ، إذا صارَ منهم.
(مجع) الميم والجيم والعين كلمتان متباينتان.
__________
(1) في الأصل: "من شعبها"، تحريف.(5/239)
فالأولى المَجْع: أكْل التَّمر باللَّبَن، وذلك هو المَجِيع. والمَجَّاعة(1):
المُكْثِر منه. ومَجَاعة التَّمر واللَّبن: بقِيَّتُه(2). وشَرِبَ المجَاعَة. والأخرى تدلُّ على رداءةِ الشَّيء وقلة خيره. يقال لكلِّ شيءٍ رديء مِجْع. وربما قالوا للماجن مَجِعٌ. وامرأةٌ مَجِعَةٌ: تَكَلّمُ بالفُحْش. وفي نِساءِ بني فلانٍ مَجَاعةٌ، وهي أن يصرِّحْن بما يُكنَى عنه من الرَّفَث.
(مجل) الميم والجيم واللام كلمةٌ واحدة، وهي مَجِلَتْ يدُه تَمْجَلُ ومَجَلَتْ تَمجُلُ: تنفّطت. ويقولون: جاءَت الإبلُ كأنَّها المَجْل، أي ممتلئة كامتلاء المَجْل، وتَمَجَّلَ قَيْحاً: امتلأ.
مجن – محز - محش
وغَلط ابنُ دريدٍ في هذا البناء في موضعين(3): ذكر أنَّ المَاجِلَ: مستنقَعُ الماء، وهذا من باب (أجل)، وذكر أنّ المجلة: الصَّحيفة، هو من (جَلّ).
(مجن) الميم والجيم والنون كلمةٌ واحدة، هي مجن، يقال: إنّ المُجونَ: ألاَّ يُبَالِيَ الإنسانُ ما صَنَع. قالوا: وقياسه مِنَ(4) النَّاقة المُماجِن، وهي التي يَنْزُو عليها غيرُ واحدٍ من الفُحُولة، فلا تكاد تلقح. والمَجَّان، هو عَطِيّة الرّجل شيئاً بلا ثمن.
(باب الميم والحاء وما يثلثهما)
(محز) الميم والحاء والزاء ليس بشيء، على أنهم يقولون: المَحْز: النِّكاح، ومَحَزَها مَحْزاً.
__________
(1) ويقال أيضاً "مجاع" بدون هاء وكذلك "مجاعة" هذه بضم الميم وتخفيف الجيم.
(2) في الأصل: "بعينه"، تحريف. و"المجاعة" هذه وردت في اللسان ولم ترد في القاموس، وضبطت في اللسان بفتح الميم، والقياس ضمها، كما هو وزن بقايا الأشياء.
(3) انظر الجمهرة (2: 111).
(4) في الأصل: "بين".(5/240)
(محش) الميم والحاء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على إحراق النار شيئاً حتى ينسحِجَ جِلدُه. يقال: مَحَشَت النارُ الشيءَ تَمْحَشُه. وامتَحَشَ الخبزُ: احتَرق. وروى ابنُ السِّكِّيت: أمْحَشَهُ الحَرُّ. ويقال: امتحَشَ، إذا غَضِب؛ ومعناه أنَّ الغضبَ لحرارته بَلَغَ ذلك المبلغ، كأنّه أحرَق. ويقال للسّنَة الجدْب: قد أمْحَشَت كلَّ شيء. فأمّا قولُ النابغة:
أعددت يربوعاً لكم وتميما(1)
جَمِّع مِحَاشَكَ يا يزيدُ، فإنَّني
محص - محض
فقالوا: معناه جَمِّعْ هذه القبائل، وكانوا قبائلَ تحالَفُوا بالنّار.
ومما قِيس على هذا مَحَشَ وجهَه بالسّيف مَحشَةً: ضربَه فقَشَرَ الجلد(2). ومرَّتْ غِرَارةٌ فمَحَشَتْني، أي سَحَجَتْنِي.
(محص) الميم والحاء والصَّاد أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تخليصِ شيء* وتنقيته. ومَحَصه مَحْصاً: خلَّصه من كل عيبٍ. [و] مَحَصَ الله العبدَ من الذَّنْب: طهَّرَه منه ونقّاه، ومَحَّصَهُ(3). قال الله تعالى: { ولِيُمَحِّصَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا } [آل عمران 141]. ومَحّصْتُ الذّهب بالنّار: خلّصته من الشَّوب. وقولهم: فرسٌ مُمَحَّص يقولون: إنّه الشديد الخَلْق وقياسُه عندنا أنّه البرِيء من العيوب، وكذلك المَحِص من الحِبال والأوتار(4): ما مُحِص حتى ذهب زئِبرهُ ولانَ. قال الهُذَلي(5):
__________
(1) ديوان النابغة 70 واللسان (محش). ويزيد هذا هو يزيد بن أبي حارثة بن سنان، ابن أخي هرم بن سنان. وكان قد تزوج بنت النابغة ثم طلقها. وتميم هذه هي تميم بن ضبة بن عذرة بن سعد بن ذبيان، وليست تميم بن مر، شرح ديوان النابغة للبطليوسي.
(2) في الأصل: "قشعر الجلد"، صوابه في المجمل.
(3) أي يقال بتخفيف الحاء وتشديدها أيضاً.
(4) في الأصل: "الجبال والأوتاد".
(5) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 185). وأنشده في اللسان (ورك، حدل) بدون نسبة.(5/241)
إذا مُطْيَ حنّ بِوَرْكٍٍ حُدَالِ(1)
لها مَحِصٌ غيرُ جافِي القُوَى
(محض) الميم والحاء والضاد كلمةٌ تدلُّ على خُلوص الشّيء. منه اللبن المَحْض: الخالص؛ وعربيٌّ محض. والمَحْض يشتقُّ منه مَحَضْتُهُمْ: سقيتُهم ذلك.
محق - محك
وامتَحَضْتُ أنا: شرِبت المَحْض. وأمحضْتُك الحديثَ: صَدَقْتُكَه. وكذا النصيحة [و] الوُدّ. قال:
تَعلُو اللّئيم بضربٍ فيه إمحاضُ(2)
قُلْ لِلْغَواني أما فيكُنَّ فاتكةٌ
(محق) الميم والحاء والقاف كلماتٌ تدلُّ على نُقصان. ومَحَقه: نَقصه. وكلُّ شيء نَقَصَ وُصِف بهذا. والمحَاق(3): آخِر الشَّهر إذا تمحَّق الهِلال. ومَحَقه الله: ذهَب ببَركتِه(4). وقال قوم: أمْحَقَه؛ وهو رديء. وقال أبو عمرو: الإمحاق أن يَهلِك كمحاقِ الهلال. وقولهم: ماحِقُ الصَّيف: شِدَّة حَرِّه، أي إنّه بشدَّة الحرِّ يمحَق النبات، أي يُوبِسُه، ويذهبُ به، وقال ابن دريد(5)، في قول القائل(6):
نَقيع السّمّ أو قَرْنٌ محيقُ
يقلّب صعدةً جرداء فيها
إنه ليس من المحق، إنما هو مفعول من حُقْت أَحُوق وحِقت أَحيق، أي دَلكت وملَّست.
(محك) الميم والحاء والكاف كلمةٌ واحدة. المَحْكُ: التَّمادي واللَّجاج. وتماحَكَ الخصمانِ: تلاجَّا. وهو مَحِكٌ.
محل – محن - محو
__________
(1) روايته في اللسان (حدل): "من الثور حن"، وقال: "أي من عقب الثور".
... و "مطي" هي أيضاً رواية المجمل واللسان (ورك)، قال في اللسان: "أراد مطي فأسكن الحركة"، ووراية الديوان: "إذا مط".
(2) وكذا أنشده في المجمل والجمهرة (2: 169) بدون نسبة.
(3) المحاق، بتثليث الميم.
(4) في الأصل: "بتركته".
(5) الجمهرة (2: 182).
(6) هو المفضل النكري، كما في اللسان (محق) والأصمعيات 54. والبيت في المجمل والجمهرة بدون نسبة. ورواية الأصمعيات:
سنان الموت أو قرن محيق
يهزهز صعدة جرداء فيها(5/242)
(محل) الميم والحاء واللام أصلٌ صحيح له معنيانِ: أحدهما قِلّة الخير، والآخَر الوِشاية والسِّعاية.
فالمَحْل: انقطاع المطر ويُبْس الأرضِ من الكلأ. يقال: أرضٌ مُحُول، على فُعُول بالجمع. قال الخليل: يحمل ذلك على المواضع. وأمْحَلَت فهي مُمْحِل. وأمْحَل القوم. وزمانٌ ماحِل.
والمعنى الآخَرَ مَحَل به، إذا سعَى به. وفي الدعاء: "لا تجعل القرآنَ بنا ماحلا"، أي لا تجعله يَشهد عندك علينا بتركنا اتِّباعَه، أي اجعَلْنا ممّن يتبع القرآن ويعَمَل به.
وما يُبايِن هذين المعنيين: لبنٌ مُمَحَّل، محَّله القوم، أي حَقَنوه.
(محن) الميم والحاء والنون كلماتٌ ثلاثُ على غير قياس.
الأولى المَحْن: الاختبار. ومَحَنَه وامتحنه.
والثانية: أتيتُه فما مَحَنني شيئاً، أي ما أعطانيه.
والثالثة مَحَنه سَوطاً: ضربَه.
(محو) الميم والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على الذَّهاب بالشيء. ومَحَتِ الرِّيحُ السحابَ: ذهبَتْ به. وتسمَّى الشّمالُ مَحْوَة، لأنّها تَمحو السَّحاب. ومَحَوْت الكتابَ(1) أَمْحُوه مَحْواً. وامَّحَى الشّيءُ: ذهب أثرُه، كذلك امْتَحَى.
محت – محج - مخر
(محت) الميم والحاء والتاء ليس بأصل، إنّما هو مقلوب. يقولون: المَحْت: الشَّديد من كلِّ شيء. ويومٌ مَحْتٌ: شديدُ الحر. والأصل الحَمْتُ.
(محج) الميم والحاء والجيم. يقولون: مَحَجت الأرضَ الرِّيحُ: مسحت التُّرابَ عنها. ومَحَجْتُ اللَّحمَ: قشَرته. قال الخليل: والمَحْج: مسحُ شيءٍ عن شيء. قال ابن دريد(2): ومَحَجت الأديمَ والحبْلَ، إذا دلكته لِيَلين. قال: وماحَجْتُه مُماحجةً ومِحاجاً، إذا ماطَلته. وإن صحَّ الباب فأصله المَسْح.
(باب الميم والخاء وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "ومحوت الكتاب أثره".
(2) الجمهرة (2: 59).(5/243)
(مخر) الميم والخاء والراء أصلٌ يدل على شَقٍّ وفَتْح. يقال مَخَرت السّفينةُ الماءَ مخراً: شَقَّته. قال الراجز في نساءٍ يختصمن ويستعنَّ بأيديهنّ، كما يفعل السَّابح:
* مقدِّمات أيدِيَ المَوَاخِرِ(1) *
ويقال: مَخَرْتُ الأرضَ، إذا أرسلْتَ فيها الماء. ويقال استمخَرْتُ الرِّيحَ، إذا استقبلتَها بأنفِك. وقياسُه صحيح، كأنَّك تشقُّ الرِّيح بأنفك. وقولهم: امتخَرْتُ القومَ، إذا انتقيْتَ خِيارَهم، كأنَّه شقَّ النّاس إليه حتَّى انتخَبَه. قال:
* من نُخْبةِ النّاسِ التي كان* امتخَرْ(2) *
ومما شذَّ عن هذا الباب اليَمخُور: الرّجل الطَّويل. فأمّا بناتُ مخْرٍ فهي
مخض - مخط – مخن – مخي
سحابٌ تنشأ في الصَّيف، وليس من الباب، لأنَّه من الإبدال والأصل الباء "بَخْرٌ"، وقد مرَّ.
(مخض) الميم والخاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابِ شيء في وعائِه مائعٍ، ثم يستعار. ومَخَضت اللَّبَن أمخضه مَخْضاً. والمَخْض: هدر البَعير، وهو على التَّشبيه، كأنَّه يمخض في شِقْشِقته شيئاً. والماخِض: الحامل إذا ضرَبَها الطَّلْق. وهذا أيضاً على معنى التَّشبيه، كأنَّ الذي في جوفها شيءٌ مائع يتمخَّض. والمَخَاض: النُّوق الحواملُ، واحدتها خَلِفة. ويقال لولد النَّاقة إذا أُرسِل الفحلُ في الإبل التي فيها أمُّه: ابنُ مَخَاضٍ، لَقِحت أُمُّه أمْ لا.
(مخط) الميم والخاء والطاء أصيلٌ، يدلُّ على بُروزِ شيءٍ من كِنِّه، صحيحٌ. وامتَخَط السَّيفَ: انتضاه. وأمْخَطَ السَّهمَ(3): أنفَذَه إمخاطاً. وربَّما قالوا: امتخَطَ ما في يده: اختَلَسه.
(مخن) الميم والخاء والنون يقولون: المَخْن: الرَّجُل الطَّويل(4).
__________
(1) أنشده في اللسان (مخر).
(2) للعجاج في ديوانه 19 واللسان (مخر) برواية: "من مخة الناس".
(3) في الأصل: "السيف"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) يقال للطويل وللقصير أيضاً، فهو من الأضداد.(5/244)
(مخي) الميم والخاء والحرف المعتلّ. يقولون: تمخَّى من الشَّيء وامَّخى منه: تبرَّأ منه وتحرَّج. قال:
من ظُلْمِ شيخٍ آضَ من تَشَيُّخِهْ(1)
ولم تُراقِبْ مأثَماً فتَمَّخِهْ
مخج - مدر
(مخج) الميم والخاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون: مَخَج البئرَ، إذا خَضْخَضَها. قال:
* يَزيدُها مَخْجُ الدِّلا جُموما(2) *
ويَكنون به عن البِضاع، فيقال: مَخَجَها. والله أعلم بالصَّواب.
(باب الميم والدال وما يثلثهما)
(مدر) الميم والدال والراء أصل صحيح يدلُّ على طينٍ متحبِّب، ثم يشبَّه [به]. فالمَدَر معروف، والواحدة مَدَرَةٌ، وربَّما قالوا: سمِّيت البلدة مَدَرة. قال:
* لَيْلاً وما نَادَى أذِين المَدَرَه(3) *
والمَدْر: تطيينُك وجهَ الحَوض بالطِّين، وهو المَدَر المبلول بَلاًّ بالماء(4). ومكان ذلك الطِّين مَمْدَرةٌ. والأمْدَر من الضِّباع، لونُه لونُ المَدَرِ(5). ويقال: رجلٌ أمدَرُ: عظيم الجَنْبَين، وأظنُّه من تَراكُم اللَّحم عليه، كأنَّه مَدَرٌ.
مدس – مدش – مدق – مدل – مدن - مده
(مدس) الميم والدال والسين. ذكر ابن دريد(6): المَدْس: الدَّلْك والفَرْك. ومَدَسْتُ الأديمَ مَدْساً.
__________
(1) بعده في اللسان (مخا):
* أشهب مثل النسر بين أفرخه *
(2) في الأصل: "الداء اجموما"، صوابه مما سبق في (جم). والرجز في اللسان (جمم، مخج، قلذم).
(3) للحصين بن بكير الربعي، يصف حمار وحش. اللسان (أذن). وقبله في اللسان (مدر، أذن):
* شد على أمر الورود مئزره *
(4) في الأصل: "لبلا الماء".
(5) في المجمل: "والأمدر من الضباع لون له".
(6) في الجمهرة (2: 266).(5/245)
(مدش) الميم والدال والشين. يقولون مَدْشاء: لا لحمَ على يدَيْها(1). وقال أبو بكرٍ(2): مَدِشَتْ عينُه: أظلَمَتْ، والرجُل مَدِشٌ.
(مدق) الميم والدال والقاف كلمةٌ واحدة حكاها أبو بكر: مَدَقْتُ الصَّخرَ(3) وغيره: كسرته.
(مدل) الميم والدال والميم من كلمات أبي بكر أيضاً(4): المِدْل: اللَّبَن الخاثر.
(مدن) الميم والدال والنون ليس فيه إلاّ مدينة، إن كانت على فعيلة، ويجمعونها مُدُناً. ومدَّنْتُ مَدينةً.
(مده) الميم والدال والهاء ليس بأصلٍ، لأنّ هاءه عن حاء، التَّمَدُّح والتَّمَدُّه. ومَدَهته. قال:
مدي
* لِلهِ دَرُّ الغَانياتِ المُدَّهِ(5) *
قال الخليل: المَدْه يضارع المدح(6)، إلاّ أنّ المَدْه في نَعت الجَمَال والهيئة، والمدح عامٌّ في كلِّ شيء.
(مدي) الميم والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيء وإمداد(7). منه المَدَى: الغاية. والمَدِيُّ فيما يقال: الماء المجتمع، والحوضُ الذي يُمِدُّ ماؤه بعضُه بعضاً، والجمع أمدِيَة. قال:
* إذا أُمِيلَ في المَدِيِّ فاضا(8) *
والمُدْي: مِكيال(9).
__________
(1) بعده في الأصل: "مدشت الصخرة وغيره كسرته. مدل الميم والدال واللام من كلمات أبي بكر"، تحريف وإقحام لما سيأتي من الكلام.
(2) الجمهرة (2: 269).
(3) في الأصل: "الصخرة". على أن نص الجمهرة (2: 294): "ومدقت الصخرة، إذا كسرتها".
(4) في الجمهرة (2: 299).
(5) لرؤبة في ديوانه 165 واللسان (مده) والجمهرة (2: 302) وفيها: "ومن روى المزه، أراد المزح".
(6) وكذا روايته عن الخليل في المجمل. والذي في اللسان: "وقال الخليل بن أحمد: مدهته في وجهه، ومدحته إذا كان غائباً".
(7) في الأصل: "وامتداد".
(8) أنشده في المجمل واللسان (مدى).
(9) هو مكيال لأهل الشام يسع خمسة وأربعين رطلاً، وقيل غير ذلك.(5/246)
ومما شذَّ عن هذا الباب المدْية(1): الشَّفرة، وجمعها مُدَىً. ويحتمل أنَّها من الباب أيضاً، فإنه إذا ذُبِحت الذَّبيحة بها كان ذلك مَداهَا. وإلى هذا أشار أبو علي(2).
مدح – مدخ - مذر
(مدح) الميم والدال والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على وصفِ محاسنَ بكلامٍ جميل. ومَدَحَه يَمْدَحه مَدْحاً: أحسَنَ عليه الثَّناء. والأُمْدُوحة: المَدْح. ويقال المََْقَبة أمْدُوحةٌ أيضاً. قال:
أحْيَا أباكُنَّ يا ليلى* الأماديحُ(3)
لو كان مِدحةُ حيٍّ مُنْشِراً أحداً
(مدخ) الميم والدال والخاء. يقولون: المَدْخ: العظمة. والتَّمادُخ: البَغي. قال:
فَهَلاَّ بالقَنَانِ تَمادِخِينا(4)
تمادَخُ بالحِمَى جَهْلاً علينا
وحكى ابنُ دريد(5): تمدَّخَت النَّاقة: تلوَّتْ في سَيرِها. وتمدَّخَت: امتلأَتْ شَحماً.
(باب الميم والذال وما يثلثهما)
(مذر) الميم والذال والراء يدلُّ على فسادٍ في شيء. ومَذِرت البيضة: فسدَت. وأمْذَرَتْها الدَّجاجة. والتمذُّر: خُبْث النَّفس. ومَذِرَتْ له نفسي. ومَذِرت مَعِدتُه: فَسَدت. والأمْذَر: الكثير الاختلاف إلى الخَلاء، وهو ذلك المعنى.
مذع – مذق - مذل - مذي
ويجوز أن يقال: إنّ من الباب قولهم تفرَّقُوا شَذَرَ مَذَرَ.
(مذع) الميم والذال والعين. يقولون فيه المذَّاع: الكذَّاب، والذي لا يكتُم السِّرَّ أيضاً. ومَذَع ببَوْلِه: رمى ببوله.
(مذق) الميم والذال والقاف أصلٌ يدلُّ على خلطِ شيءٍ لا علَى جهة النَّصاحة.
__________
(1) المدية، مثلثة الميم.
(2) كذا، ولعلها أبو عبيد.
(3) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 113). وأنشده في اللسان، ونبه ابن بري أن الرواية الصحيحة ما رواه الأصمعي، وهي:
أحيا أبوتك الشم الأماديح
لو أن مدحة حي أنشرت أحداً
(4) كذا روايته في المجمل. والقنان: موضع. وفي الأصل: "بالفتان"، وفي اللسان (مدخ): "بالقيان".
(5) الجمهرة (2: 202).(5/247)
من ذلك مَذَق اللّبَنَ بالماء، وإنَّما يراد بذلك تكثيره. واشتُقَّ منه المذَّاق: الذي يَمذق الوُدّ بملَلٍ يكون فيه. والمَذْق: اللَّبَن الممزوج أيضاً، وكذا المَذِيق.
(مذل) الميم والذال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على استرخاءٍ وقلّةِ تشدُّدٍ في الشَّيء. منه الامذِلال: الفَتْرة في النَّفس. قال ذُو الرُّمَّة:
[وذِكرُ البَينِ يَصدعُ في فؤادي
ويُعقِبُ في مفاصِلِيَ] امذِلالا(1)
والمَذِيلُ: المريضُ(2) الذي لا يتَقَارُّ. وقد يكون من هذا القياسِ المَذِلُ لما عِندَه من مالٍ وسِرٍّ، إذا لم يَقدِرْ على ضبطِ نَفْسِه. ومَذِل من كلامه: قَلِق.
(مذي) الميم والذال والحرف المعتلّ يدلُّ على سهولةٍ في جريانِ شيءٍ مائع. منه المَذْي، وهو أرَقُّ ما يكون من النُّطفة، والفِعل منه مَذَيْتُ وَأمْذَيْتُ، [و] فيه الوضوء.
مذح – مرز – مرس
ومن هذا القياس المِذَاء: أن يجمع الرّجلُ بين نساءٍ ورجال يُخَلِّيهم يُماذي بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: "الغَيْرَة من الإيمان، والمِذَاء من النِّفاق". ويقولون: إنَّ ماذِيَّ العسل أبيَضُهُ. وقياس الباب أنَّ الماذِيَّ السَّهلُ الجِرية اللَّيِّن. وكذا الدُّروعُ(3) الماذِيَّة: السَّلِسَة. والخَمْر ماذِيَّة، إذا سُهلت في حَلْقِ شارِبِها.
(مذح) الميم والذال والحاء. يقولون: المَذَح: أن يمشِيَ الرّجلُ فتسحج إحدى [رجليه] الأخرى.
(باب الميم والراء وما يثلثهما)
(مرز) الميم والراء والزاء أصلٌ يدلُّ على تقطيع شيءٍ وخَدْشه. ومرَزَتِ المرأةُ العجينَ: قطّعته، وكلُّ قطعةٍ مَرْزَةٌ. ويقولون في القياس على هذا: امتَرزَ عِرْضَه، إذا نال منه. ومَرز جِلدَه: خَدَشَه.
__________
(1) لم يرد في الأصل إلا هذه الكلمة، ولم يرو في المجمل واللسان (مذل). وتكملة البيت من ديوان ذي الرمة 430.
(2) في الأصل: "والمذبل المرض".
(3) في الأصل: "الدرماع".(5/248)
(مرس) الميم والراء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على مُضامَّةِ شيءٍ لشيءٍ بشِدّةٍ وقُوّة.
منه المَرَس: الحَبْل، سمِّيَ لتمرُّسِ قُواهُ بعضِها ببعض، والجمع أمراس ومَرِسَ الحبلُ يَمرَسُ مَرَساً: وقع بين الخُطَّاف والبَكْرة، فأنت تُعالِجُه أن تُخرِجَه. ورجلٌ مَرِسٌ: ذو جَلَد. وفحل مَرَّاسٌ: ذو مِرَاسٍ شَديد. يقال: امتَرَستِ الألسُنُ في الخصومات: أخَذَ بعضها بعضاً. ومنه الامتراس: اللُّزوق بالشَّيءِ وملازمتُه. قال:
مرش – مرص - مرض
هَوْجاءُ هادِيةٌ وهادٍ جُرْشُعُ(1)
فنَكِرْنَه فنَفَرن وامتَرَستْ به
ومنه تمرَّسَ فلانٌ بالشَّيء: احتَكَّ به(2). والمَرْمريس: الدَّاهية.
(مرش) الميم والراء والشين. يقولون: المَرْش: خَرْق الجِلد بأطراف الأظافير. والمَرْش أيضاً: الخَدْش الخفيف. والمَرْشُ: الأرض تَسيلُ من أدنَى مطر.
(مرص) الميم والراء والصاد. يقولون: المَرْص مثل المَرْش. وتمرَّصَ عن السُّلْتِ قِشرُه: طار. وهذا عندنا كلام.
(مرض) الميم* والراء والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على ما يخرج به الإنسان عن حدِّ الصّحَّة في أيِّ شيءٍ كان. منه العِلَّة. مَرِض و… يَمْرَض. وجمع المريضِ مَرْضَى. وأمْرَضَه: أعلَّة. ومرَّضَه: أحسَنَ القيامَ عليه في مرَضِهِ. وشمسٌ مريضة، إذا لم تكن مُشرِقة، ويكون ذلك لهَبْوَةٍ في وجهها. والنِّفاق مرضٌ في قوله تعالى: { في قلُوبِهِمْ مَرَضٌ } [البقرة 10] وقال: { فَيَطْمَعَ الَّذِي في قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب 32]، قالوا: أراد القهْر. وقد قلنا: المرضُ: كلُّ شيءٍ خرَجَ به الإنسان عن حدِّ الصحَّة. وقياسُه مطَّرد.
وقالوا: مَرَّضَ في الحاجة: قَصَّرَ ولم يصِحَّ عزْمُه فيها.
مرط - مرع – مرغ
__________
(1) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 8)، واللسان (مرس، جرشع).
(2) في الأصل: "اختل به"، صوابه في اللسان.(5/249)
وقد شذَّتْ عن هذا القياسِ كلمةٌ، وهي من المشكل عندنا، يقولون: أمرضَ إذا قارَبَ إصابةَ حاجَتِه. قال:
إذا ما ظَنَّ أمْرَضَ أو أصابا(1)
ولكنْ تحت ذاكَ الشَّيبِ حزمٌ
(مرط) الميم والراء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تحاتِّ الشيءِ أو حَتِّه. وتمرَّط الشَّعر: تحاتَّ، ومَرَطتُهُ. والأمرط من السِّهام: الساقط قُذَذُه. والأمْرَط: الفرس لا شَعرَ على أشاعِرِه. والمُرَيْطاء: ما بين الصَّدر إلى العانة من البَطْن، وهي أقَلُّ من ذلك شَعراً. والمَرَطَى: سُرعة العَدْو، كأنَّه من سُرعتِه يتمرَّط عنه شَعرُه. وناقة مِمْرَطةٌ(2): سريعة.
(مرع) الميم والراء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على خِصْب وخَير. ومرَعَ المكانُ. وأمْرَعَ القومُ: أصابوهُ مَرِيعاً. وأمْرَعَ الوادِي: أكلأَ.
(مرغ) الميم والراء والغين أصلٌ صحيح يدلُّ على سَيَلانِ شيءٍ أو إسالة شيء. والمَرْغ: اللُّعاب. وأمْرَغ الإنسانُ: سال لعابُه. ومَرَّغتُ الشَّيءَ: أشبعتُه دُهْناً. والإمراغ في العَجين: أن يكثَّرَ ماؤُه. ويقولون: أمرَغَ: أكثَرَ الكلامَ في غيرِ صواب، كأنَّه يُسِيلهُ إسالة. ويقال أمْرَغَ عِرْضَه ومَرَّغه، كأنه لَطَخه وأسال عليه قيحاً.
وقريبٌ من هذا القياس مرَّغتُه في التُّراب فتمرّغ، أي قلَّبته فتقلَّبَ.
مرق - مرن
__________
(1) البيت لكثير عزة، كما في البيان (4: 67)، وهو في اللسان (مرض) بدون نسبة.
(2) في الأصل: "مرطة"، صوابه في المجمل واللسان. وما أثبت هو ضبط اللسان، وضبط في المجمل بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد ثالثه مع الفتح. والذي في القاموس: "وهي ممرط وممراط" الأولى كمحسن، والثانية كمهذار.(5/250)
(مرق) الميم والراء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على خروجِ شيءٍ من شيء. منه المَرَق لأنَّه شيءٌ يَمرُق من اللَّحم. وأمْرَقْتُ القِدرَ ومَرَقْتُها(1). والمُروق: الخروج من الشيء. ومرق السهمُ من الرَّمِيَّة: نفذ. ومرقت الإهابَ، إذا حلقْتَ عنه صُوفَه، وهو قياسٌ صحيح لأنَّك كأنَّك أبرزتَ الجلدَ عن شعره(2). وإذا عُطِنَ الإهابُ حَتَّى يُنتِنَ فهو مَرْقٌ. ويقال إن المُرَاقَةَ: الكَلأُ اليسير، ومعناه أنَّ الأرضَ كأنَّها تجرَّدت ومَرِقَت.
(مرن) الميم والراء والنون أصلٌ صحيح يدلُّ على لِينِ شيءٍ وسُهولة. ومَرَنَ الشيء يَمْرُنُ مُرُوناً: لانَ. والمارنُ: ما لانَ من الأنفِ وفَضَل عن القَصَبة. وأمْرَانُ الذراع: عَصَبٌ تكون فيها، سُمِّيَت لمُرُونها، أي لينِها. والمَرِن(3): الحال والعادة. يقال: ما زال ذاك مَرِنَه، أي حالَه. وهو في شعر الكميت، وهو الأمرُ يَمرُنُ عليه الإنسان، إذا اعتاده. والمَرْن. فيما يقال: الفِراء؛ إن(4) كان صحيحاً، وهي(5) ليِّنة. قال النَّمر:
* كأنَّ جُلُودَهُنَّ ثِيابُ مَرْنِ(6) *
ومما شذَّ عن هذا الأصل مارَنَت النّاقةُ: انقطَعَ لبنُها. والمرَانَةُ: ناقةُ ابنِ مُقْبِل. قال:
مره – مري
إلاَّ المَرَانَةَ حتى تعرِفَ الدِّينا(7)
يا دارَ سلمَى خلاءً لا أُكَلِّفُها
__________
(1) أي أكثرت مرقها، وهذا من باب نصر، وضرب.
(2) بعده في الأصل: "قال: كأن جلودهن ثياب مرن"، وإنما هذا الاستشهاد من شواهد المادة التالية، وسيأتي في موضعه.
(3) ضبط في الأصل بفتح الراء، والصواب كسرها، كما في المجمل والقاموس.
(4) في الأصل: "فإن".
(5) في الأصل: "أي".
(6) صدره في اللسان (مرن):
* خفيفات الشخوص وهن خوص *
(7) لابن مقبل، كما سبق تخريجه في (دين) وانظر تعليق الجرجاني على هذا البيت في الوساطة 311.(5/251)
(مره) الميم والراء والهاء كلمةٌ تدلُّ على بياضٍ في شيء. سَرَابٌ أو شَرَابٌ(1) أمْرَه، أي أبيض. والمرأة لا تتعهَّد الكُحلَ مَرْهاء.
(مري) الميم والراء والحرف المعتل أصلانِ صحيحان يدلُّ [أحدُهما] على مسحِ شيءٍ واستِدرار، والآخر على صلابةٍ في شيء.
فالأوَّل المَرْيُ: مَرْيُ الناقة، وذلك إذا مُسِحَتْ للحَلْب، يقال مَرَيْتُها أمْرِيها مَرْياً. ومما يشبَّه بهذا: مَرَى الفرسُ بيدِهِ، إذا حرَّكها على الأرض كالعابث، وكأنَّه يشبَّه بمنْ يَمرِي الضَّرْعَ بيدِه. والمَرَايا: العُروق التي تمتلئ وتَدِرُّ باللبن. قال ابن دريد(2): مُرْيَةُ النّاقة: أن تُستدرَّ بالمَرْيِ، بضمّ الميم هي الفصيحة، وقد يقال بالكسر(3).
والأصل الآخر* المَرْو: جمع مَرْوَة، وهي حجارةٌ تبرُق. قال:
بصَفَا المشَرَّقِ كلَّ حينٍ تقرَعُ(4)
حتَّى كأنِّي للحوادِثِ مَروةٌ
وعندنا أنَّ المِراءَ ممّا يتمارَى فيه الرّجُلانِ من هذا، لأنَّه كلامٌ فيه بعضُ الشدّة. ويقال: مارَاهُ مِراءً ومُماراةً.
مرأ – مرت – مرث - مرج
ومما شذَّ منهما المِرْية: الشَّكّ.
__________
(1) في الأصل: "سراب أو سراب".
(2) الجمهرة (2: 419-420).
(3) في المجمل: "هذا قول ابن دريد. فأما أهل العلم باللغة بعد فإنهم يقولون: مرية"، أي بالكسر.
(4) لأبي ذؤيب الهذلي، في ديوان الهذليين (1: 3) والمفضليات (2: 222). وهذه الرواية تطابق ما فيهما. والمشرق: مسجد الخفيف بمنى. وروي: "المشقر"، وهو جبل لهذيل. كما في معجم البلدان عند إنشاده.(5/252)
(مرأ) الميم والراء والهمزة. وإذا هُمِز خرَج عن القياس وصارت فيه كلماتٌ لا تنقاس. يقال امْرُؤٌ وامرآنِ، وقوم امرئٍ. وامرأةٌ تأنيث امرئٍ. والمُرُوَّة: كمال الرُّجُوليّة، وهي مهموزة مشدَّدة، ولا يُبنَى منه فِعل. والمَرَاءة: مصدرُ الشيء المَريء الذي يُستَمرَأ، ويقال مَرَأني الطَّعامُ وامرأني. والمَرِيء: رأس المَعِدة والكَرِش اللازقُ بالحُلْقوم.
(مرت) الميم والراء والتاء كلمةٌ واحدة، هي المَرْتُ: الفلاةُ القَفْر. ومكانٌ مَرْتٌ: بيِّنُ المُروتةِ، إذا لم يكن فيه خَير. وجَمعُ مَرتٍ أمراتٌ ومُرُوت. وبلَغَنا أنَّ اشتِقاق مَارُوتَ منه. ويقال المَرْت: أرضٌ لا يجفُّ ثَرَاها ولا ينبتُ مَرعاها.
(مرث) الميم والراء والثاء كلمةٌ ليست بأصل، بل هي من الإبدال. ومَرَثَ الدواءَ يَمْرُِثه مثل مَرَسه يَمرُسُه. ومنه رجل مِمْرَث: صبورٌ على الخُصومات؛ والجمع مَمَارِث، والأصل السين وقد ذُكِرَتَا.
(مرج) الميم والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على مجيءٍ وذَهابٍ واضطراب.
ومَرِج الخاتَم في الإصبع: قَلِقَ. وقياس البابِ كلِّه منه. ومَرِجَت أماناتُ القوم وعُهودُهم: اضطربت واختلطت. والمَرْج: أصلُه(1) أرضٌ ذاتُ نباتٍ تَمْرُجُ فيها الدّوابُّ. [و] قولُه تعالى: { مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ } [الرحمن 19]،
مرح
كأنَّه جلّ ثناؤه أرسَلَهما فَمرِجا. وقال: { هُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } [الفرقان 53].
(مرح) الميم والراء والحاء أصلٌ يدلُّ على مَسَرَّةٍ لا يكاد يستقرُّ معها طرباً. ومَرِحَ يَمْرَحُ. وفرسٌ مِمْرَاحٌ ومَرُوح. قال الله تعالى: { وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ } [غافر 75]، ومنه المِراح، وقد ذكرناه. قال:
أهذا الشَّيب يمنعني مِرَاحِي
يقولُ العاذِلاتُ علاكَ شيبٌ
__________
(1) في الأصل: "أصل".(5/253)
وقوسٌ مَرُوحٌ: يمرَح مَن رآها عجباً بها، ويقال بل التي كأنَّ بها مَرَحاً من حسن إرسالها السَّهم. ويقولون: عينٌ مِمْرَاحٌ: غزيرةُ الدَّمع. وهذا بعضُ قياس الباب، لأنَّهم ذهبوا فيه إلى ما قلناه من قِلّةِ الاستقرار. وكذلك مرَّحْتُ المَزَادةَ: ملأتُها لتتسرَّبَ وتسيل. ومَرِحَت العَينُ مَرَحاناً(1). قال:
كأنَّ قَذَىً في العَين قد مَرِحَتْ بهِ
وما حاجةُ الأُخرى إلى المَرَحَانِ(2)
ومَرْحَى: كلمةُ تعجُّبٍ وإعجاب. يقال للرَّامي إذا أصابَ: مَرْحَى له. وقال ابنُ دريد(3): وإذا أخطأ قالوا بَرْحَى. قال:
* مَرْحَى وأَيْحَى إذا ما يُوالِي(4) *
مرخ - مرد
(مرخ) الميم والراء والخاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تليينٍ في شيء.(5) ومَرَخْتُ الجِلْدَ بالدُّهْن وأمرَخْتُه. وأمْرَخْتُ العجينَ: أكثرتُ ماءَه حتى يسترخيَ. والمَرْخ: شجرٌ سريع الوَري. قال:
أم القلبُ في إثرهم مُنْحدِرْ(6)
أمَرْخٌ خيامُهُمْ أم عُشَرْ
ومما شذَّ عن هذا الباب المِرِّيخ: سهمٌ طويل يُقتَدَرُ به الغِلاء(7)، له أربع قُذَذ؛ وهو نجمٌ أيضاً.
__________
(1) بعده في المجمل: "إذا نظرت من وراء اليد إلى الشيء". وفي اللسان: "إذا اشتد سيلانها".
(2) أنشده في اللسان (مرح) منسوباً إلى النابغة الجعدي، وفي أساس البلاغة (مرح) إلى كثير عزة، وقال: "وكان أعور".
(3) الجمهرة (2: 145).
(4) لأمية بن أبي عائد الهذلي في ديوان الهذليين (2: 186) واللسان (مرح). وهو بتمامه:
ل مرحى وأيحى إذا ما يوالي
يصيب الفريص وصدقاً يقو
(5) يقال بتخفيف الراء وتشديدها.
(6) لامرئ القيس في ديوانه 6.
(7) الغلاء: المغالاة بالسهم ليعرف كم مدى ذهابه. وفي الأصل: "الفلاء"، تحريف.(5/254)
(مرد) الميم والراء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على تَجريدِ الشَّيء من قِشْرِه أو ما يعلوه من شَعَرِه. والأمرد: الشّابُّ لم تَبدُ لِحيتُه. ومَرِدَ يَمْرَدُ. ومرَّدَ الغُصن تمريداً: ألقى عنه لِحاءه فتركّهُ أمْرَد، ومنه شجرةٌ مَرْداء. والمَرْداء: رملةٌ منبطِحةٌ لا نَبْتَ فيها، والجمع مَرادَى(1). والمارد: العاتي، وكذا المَرِيد، كأنَّه تجرّد من الخير. والأمْرد من الخيل: الذي لا شَعر على ثُنَّتِه. والمُمَرَّد: البناء الطَّويل، وهو قياسُ الباب، لأنَّه كأنَّه مجرّد يشبه الشَّجرةَ المَرداء. ويقولون: المَرَاد: العُنق، وهو القياس إن صحّ. وتمرّد فلانٌ زماناً: بقي أمرد. وقولهم: مَرَدَ الطَّعامَ يَمرُدُه مرداً: ماثَهُ حتَّى يَلِين، هو من الإبدال، والأصل مَرَسَ؛ فأقِيمت الدال مقامَ السِّين. وكذا* مَرَدَ الصَّبِيُّ ثديَ أمِّه يَمْرُدُهُ. وكذا المَرِيد: التَّمر يُنقَع في اللَّبَن، كلّ ذلك معناه واحدٌ، والأصل السين.
مزع – مزق - مزن
(باب الميم والزاء وما يثلثهما)
(مزع) الميم والزاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على قطع وتقَطُّع. والقِطعَة من اللحم مُزْعة، وقد تكسر الميم. والمُزْعة: الجُرعة في الإناء من الماء. وفلان يتمزَّعُ من الغَيظ، أي يكاد يتقطّع. ومنه مَزَع الظّبْي مَزْعاً: أسرع، كأنَّه ينقدُّ من شدة عَدْوِه؛ وقد يقال للفَرَس.
(مزق) الميم والزاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تخرُّقٍ في شَيء. ومَزَقه يَمْزِقُه، ومَزَّقَه يمزِّقه. والمِزَق: قطاع الثّوب الممزوق. وناقةٌ مِزَاقٌ: سريعةٌ جداً يكاد يتمزَّق عنها جِلدُها. ومَزَقَ الطَّائرُ بذَرْقِهِ: رمى به. ومزَّقت القومَ: فرّقتهم فتمزَّقُوا.
(مزن) الميم والزاء والنون أصلٌ صحيح فيه ثلاث كلمات متباينةِ القياس:
__________
(1) كذا ضبطت في المجمل، وهو نحو عذراء وعذارى، وفي اللسان "مراد".(5/255)
فالأولى: المُزْن: السَّحاب، والقطعة مُزْنة. ويقال في قول القائل وأظنُّه مصنوعاً:
فَسِيط لدى الأُفق من خِنْصرِ(1)
كأنَّ ابن مُزنتها جانِحاً
إنّ ابنَ المُزْنة: الهِلال.
والثانية المازن: بيض النَّمل.
والثالثة: مَزَنَ قِربَته: ملأَها. وهو يتمزَّنُ على أصحابه، أي يتفضّل عليهم، كأنَّه يتشبَّه بالمزنِ سَخاءً. ولعل المُزْن هو الأصل في الباب، وما سواه فمفرَّعٌ عليه.
مزي – مزج - مزح - مزر
(مزي) الميم والزاء والياء. يقولون: المِزيَّة في كلِّ شيء: التمام والكمال. ولك عندي مزِيَّةٌ. ولا يُبنَى منه فِعل.
(مزج) الميم والزاء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على خَلْطِ الشيء بغيره. ومَزَجَ الشّرابَ يَمْزُجُه مَزْجاً. وكأنَّ العَسَلَ يسمَّى المَزْج قالوا: لأنَّه كانَ يُمزَج به كلُّ شراب. قال أبو ذؤيب:
هو الضَّحْكُ إلاَّ أنَّه عملُ النّحلِ(2)
فجاءَ بِمَزْجٍ لم يَرَ النّاسُ مِثلَه
وكلُّ نوعٍ من شيئينِ مِزاجٌ لصاحبِه.
(مزح) الميم والزاء والحاء كلمة واحدة. يقولون: مَزَح مَزْحاً ومُزَاحَة(3): داعَبَ؛ وهي الممازَحَة.
(مزر) الميم والزاء والراء كلمتان: الأولى المَزير: الرّجُل القوِيّ. قال:
وفي أثوابِهِ أسدٌ مَزِيرُ(4)
تَرَى الرّجُلَ النَّحِيفَ فتزدريهِ
والثانية المَزْر: الذوق والشُّرْب القليل، وكذا التمزُّر. وقال:
في فمِهِ مثلَ عصير السُّكّرِ(5)
تكون بَعدَ الحَسْوِ والتمزُّرِ
ويقولون: المِزْر: نَبيذ الشَّعير. وإن صحَّ فهو من الباب.
مسط - مسك
__________
(1) لعمرو بن قميئة في اللسان (مزن، فسط). وانظر شروح سقط الزند 657، 1132.
(2) ديوان الهذليين (1: 42) واللسان (مزج، ضحك)، وقد سبق في (ضحك).
(3) كذا ضبط بالضم في المجمل والقاموس، وضبطه في المصباح بفتح الميم. ومثله المزاح بضم الميم وكسرها.
(4) العباس بن مرداس، في الحماسة (2: 20) واللسان (مزر).
(5) الرجز في اللسان (مزر، سكر).(5/256)
(باب الميم والسين وما يثلثهما)
(مسط) الميم والسين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خَرْط شيءٍ رطْبٍ(1)، وعلى امتدادِه من تِلقاءِ نَفْسه.
يقال إنَّ المَسيطَةَ(2): ما يبقى في الحوض من الماء بكُدورةٍ قليلة. قال الأصمعيّ بئر ضَغِيط، وهو الرَّكِيُّ إلى جَنْبِهِ ركيٌّ آخر فيحمأُ فَيُنْتِن فيسيلُ في الماء العذب فلا يُشرب، فالبئر ضَغيط، وذلك الماء مَسِيط. قال:
ولا يَعَفْنَ كَدَر المَسِيط(3)
يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغيطِ
ومن الباب المَسْط: أن تَخرِطَ في السِّقاء من لبنٍ خاثرٍ بأصابعك ليخثُر.
(مسك) الميم والسين والكاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على حَبْس الشيء أو تحبُّسه. والبَخِيل مُمسِكٌ. والإمساك: البُخْل؛ وكذا المَسَاك والمِسَاك(4) والمَسِيك(5): البخيلُ أيضاً ورجل مُسَكةٌ، إذ كان لا يَعلَق بشيءٍ فيتخلَّص منه. والمَسَك: السِّوار من الذَّبْل: لاستمساكِهِ باليدِ، الواحدةُ مَسَكة. قال:
مسل - مسي
ترى العَبَسَ الحوليَّ جَوناً بكُوعِها
لها مَسَكَاً من غير عاج ولا ذَبْلِ(6)
والمَسَكَة من البِئر: المكان الصُّلب الذي لا يحتاج إلى طَيّ. وهو القياس، لأنّه متماسك. والمَسْك: الإهاب، لأنَّه يُمسَك فيه الشَّيءُ إذا جُعِل سِقَاء.
ومما شذَّ عنه المِسْك من الطيب.
__________
(1) يقال خرط الدلو في البئر: ألقاها وحدرها. وخرط البازي: أرسله. والخرط، بالتحريك: ضرب من الفساد يصيب اللبن ونحوه، كأن يخرج اللبن منعقداً كقطع الأوتار ومعه ماء أصفر.
(2) وكذا "المسيط" بطرح الهاء.
(3) أنشده في اللسان (ضغط، مسط).
(4) وكذا المساكة والمساكة بالهاء فيهما، كما في القاموس. واقتصر في اللسان على "المساكة" بفتح الميم.
(5) ويقال أيضاً "مسيك" كسكير.
(6) لجرير، كما سبق في (عبس). وهو في ديوانه 463 واللسان (عبس، مسك، ذبل).(5/257)
(مسل) الميم والسين واللام. يقولون: المَسَل، والجمع مُسْلاَنٌ: خدٌّ في الأرض ينقاد ويستطيل. وأمّا المسيل فالميم [فيه زائدة، وهو(1)] من باب السين. [ومُسالاَ الرّجُل: جانبا لَحييه، الواحد مُسَال، يكون هذا مِن أسِيل فهو مُسَالٌ. فإن كان كذا فمكانُه غير هذا(2)]. قال:
لما مَسَحَت تلك المُسَالاتِ عامرُ(3)
* فلو كان في الحيِّ النَّجِيِّ سوَادُهُ
(مسي) الميم والسين والحرف المعتلّ كلمتانِ متباينتان جداً.
الأولى زمانٌ من الأزمنة، وهو خلاف الإصباح. يقال أصبَحْنا وأمسَيْنا، وأتانا لمُسْي خامسةٍ ومِسْيِ خامسة. والمَسَاء: خِلاف الصَّباح.
والكلمة الأخرى المَسْيُ: أن يُدخِل الرّاعِي يَدَه في رَحِم النّاقة يَمسُطُ ماءَ الفَحل من رحمِها كراهَةَ أن تحمِل. ويقال إن المَاسِيَ: الماجن، وهذا من باب
مسح
المهموز، يقال مَسَأ، إذا مَجَنَ. وقال ابن دريد(4) مَسَأَ الرّجلُ: مَرَن على الشّيء.
(مسح) الميم والسين والحاء أصلٌ صحيح، وهو إمرارُ الشَّيءِ على الشيء بسطاً. ومَسَحْتُه بيدي مسحاً. ثم يستعار فيقولون: مَسَحَها: جَامَعَها. والمَسِيح: الذي أحَدُ شِقَّيْ وجهِهِ ممسوحٌ، لا عينَ له ولا حاجبَ. ومنه سُمِّي الدَّجَّال مَسيحاً، لأنه مَمسوحُ العين. والمَسيح: العرَق، وإنَّما سُمي به لأنه يُمْسَح. والمَسِيح: الدِّرهم الأطلَس، كأنَّ نَقْشه قد مُسِح. والأمْسَح: المكانُ المستوِي كأنَّه قد مُسِح، والمَسْح يكون بالسَّيف أيضاً على جهة الاستعارة. ومَسَحَ يَدَه بالسَّيف: قطَعَها.
__________
(1) الكلمتان الأوليان في هذه التكملة من المجمل.
(2) هذه التكملة من المجمل.
(3) أنشده في المجمل (مسل) واللسان (سيل).
(4) في الجمهرة (3: 288).(5/258)
ومن الاستعارة: مَسَحت الإبلُ يومَها: سارت. والمَسْحاء: المرأة الرَّسحاء، كأنَّها مُسِح اللحمُ عنها. وعلى فلان مَسْحةٌ من جمال، كأنَّ وجهه مُسِح بالجمال مَسْحاً. ولذلك سمِّي المسيحُ عليه السلام مسيحاً، كأنَّ عليه مَسحةً من جمال، ويقولون: كأنَّ عليه مَسحةَ مَلَك. والمسائح: الذَّوائِب، واحدتها مَسِيحة، لأنّها تُمسَح بالدُّهن. فأمَّا القِسيُّ فهي المسائح، واحدتها مسيحة، لأنَّها [تُمسَح] عند التَّليين. قال:
لينٌ، وليس بها وهْيٌ ولا رَقَقُ(1)
له مسائِحُ زُورٌ، في مَراكِضِها
مسخ - مسد
ومما شذَّ عن الباب قولهم: رجل تِمْسَحٌ: مارِدٌ خبيث. وممكن أن يكون هذا تشبيهاً بالذي يسمَّى التِّمساح.
(مسخ) الميم والسين والخاء كلمتانِ: إحداهما المَسخ، وهو يدلُّ على تشويهٍ وقِلّة طَعْم الشَّيء ومَسَخَه الله: شوَّهَ خَلْقَه من صورةٍ حسنةٍ إلى قبيحة. ورجل مَسيخٌ: لا ملاحةَ له. وطعامٌ مَسيخٌ: لا مِلح له ولا طَعم. قال:
فَلاَ أنتَ حُلوٌ ولا أنتَ مُرّْ(2)
وأنت مسيخٌ كلَحْم الحُوارِ
ويقولون: مَسَخْتُ الناقةَ، إذا أدبَرْتَها بالإنعاب.
والكلمة الأخرى: القِسِيُّ الماسِخيّة، تنسب إلى ماسِخةَ: رجلٍ من الأَسْد. قال:
مِن الماسخيّاتِ القِسِيَّ المُوَتَّرا(3)
فقرَّبْتُ مُبْراةً تخالُ ضُلوعَها
(مسد) الميم والسين والدال أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَدْل شَيءٍ وطَيِّه. فالمَسَد: لِيفٌ يُتَّخذ من جريد النَّخل. والمَسَدُ: حبلٌ يتَّخذ من أوبار الإبل. قال:
__________
(1) لأبي الهيثم الثعلبي، في اللسان (مسح، رقق). وكذا ورد إنشاده في المجمل، وفي اللسان: "لها مسائح"، ونبه في (مسح) أن صواب الرواية "لنا".
(2) للأشعر الرقبان الأسدي، كما في اللسان والتاج والصحاح (مسخ) ونوادر أبي زيد 73. وانظر مجالس ثعلب 239.
(3) للشماخ، كما سبق في حواشي (برو/ي).(5/259)
* ومَسَدٍ أُمِرَّ من أياَنِقِ(1) *
وامرأةٌ ممسودةٌ: مجدولة الخَلْق، كالحبل الممسود، غير مسترخية. وعبارةُ بعضهم في أصله أنَّه الفَتْل. والمَسَد: اللِّيف، لأنَّ من شأنه أن يفتَلَ للحَبْل.
مشط – مشظ – مشع - مشغ - مشق
(باب الميم والشين وما يثلثهما)
(مشط) الميم والشين والطاء كلمةٌ واحدة وهي المُشْط. ومَشَط شَعره مَشْطاً. والمُشَاطة: ما سقَط من الشعر إذا مُشِط. ويقال على معنى التَّشبيه لسُلاَمَيات ظهرِ القدم: مُشْط.
(مشظ) الميم والشين والظاء كلمةٌ واحدة. مَشِظَت يدُه: دخلت فيها شَظِيَّةٌ من قَصَبة.
(مشع) الميم والشين والعين فيه كلماتٌ على غير قياس. يقولون المَشْع: ضربٌ من الأكل، كأكلِكَ القِثَّاء إذا مضغتَها. ويقولون التمشُّع: الاستنجاء. وذكروا حديثاً: "لا تَمَشَّعْ بروثٍ ولا عَظْم"، أي لا تَستَنج بهما. وحُكِي عن ابن الأعرابيّ: امتَشَع الرّجُل ثوبَ صاحبِهِ واختَلَسه. وذئب مَشُوعٌ. ويقولون مَشَعْتُ الغَنَم: حَلَبْتُها. ومَشَع: كَسَب وجَمَعَ.
(مشغ) الميم والشين والغين كلمةٌ واحدة، مَشَّغه بالقبيح، لطّخه. قال:
* أعلُو وعِرضي ليس بالممشَّغِ(2) *
(مشق) الميم والشين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على سُرعة وخِفّة. يقولون: مَشَق، إذا أسرَعَ الكتابة. ومَشَق: طَعَن طَعْناً بسرعة. ومَشَق في أكله: أسرَع واشتدَّ. والمَشْق: جَذْب الشّيءَ ليمتدَّ ويطول. والوتر يُمشَق حتَّى يَلين.
مشن – مشي
__________
(1) لعمارة بن طارق، أو عقبة الهجيمي، كما في اللسان (مسد). وقبله:
* فاعجل بغرب مثل غرب طارق *
(2) لرؤبة في ديوانه 98، وروايته في الديوان والمجمل مطابقة لهذه، لكن في اللسان (مشغ): "أغدو وعرضي".(5/260)
وامتشقتُ الشَّيءَ: اقتطعتُه بسرعة. ومشَقْت الثّوْبَ: مزَّقته. وفَرسٌ مَشِيقٌ وممشوق: طويل مُنجرِد خفيف. وجاريةٌ ممشوقة: حسنة القَوَام(1). والأصل في الجميع واحد. ومَشِق الرَّجل يَمْشَق: اصطكَّت أليتاه حَتَّى تَسحَّجا(2).
ومما شذَّ عن الباب المَشِْق: المَغْرة. وثوب مُمشَّقٌ: صبغ بها.
(مشن) الميم والشين والنون أصلٌ يدلُّ على تناوُل الشّيءِ بضربٍ واستلالٍ وما أشبَهَ ذلك. فالمَشْن: الضَّرب بالسَّوط، ومَشَنه. وامتشَنَ السَّيفَ: استلَّه. وامتشَنَ الشَّيء: اقتَطَعه. ومشَنَ الجِلدَ: سلخه. وممّا يحمل على هذا مَشَّنَت النّاقةُ: دَرَّتْ كارهةً.
(مشي) الميم والشين والحرف المعتل أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على حركة الإنسان وغيره، والآخَر النَّماء والزيادة.
والأوّل مَشَى يَمشِي مَشْياً. وشرِبْتُ مَشُوَّاً ومَشِيَّاً، وهو الدَّواء الذي يُمْشِي.
والآخر المَشَاء، وهو النِّتاج الكثير، وبه سمِّيت الماشية. وامرأةٌ ماشية: كثُر ولدُها. وأمْشَى الرّجُل: كثُرت ماشيتُه.
مشج
(مشج) الميم والشين والجيم أصلٌ صحيح، وهو الخَلْط. ونُطفةٌ أمشاجٌ، وذلك اختلاط الماء والدّم. ويقال إن الواحد مَشْجٌ ومَشَِج(3) ومَشيج. قال الشاعر(4):
خلافَ الصَّدر سِيطَ به مشيجُ(5)
__________
(1) في الأصل: "القيام"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) في الأصل: "تستحجا"، وفي اللسان: "تشحجا"، كلاهما محرف عما أثبت. وفي المجمل: "تنسحجا".
(3) هو كسبب وكنف، كما في القاموس واللسان.
(4) هو عمرو بن الداخل الهذلي، أو هو زهير بن حرام الهذلي، الذي يقال له "الداخل". ديوان الهذليين
(3: 104)، واللسان (مسج)، ونسب أبو الحسن البيت في حواشي الكامل 496 إلى الشماخ. وليس في ديوانه.
(5) وكذا جاءت روايته في المجمل، ويروى: "كأن المتن والشرخين منه خلال النصل". كما في الكامل وإحدى روايتي اللسان. وفي الديوان:
خلاف النصل سيط به مشيج
كأن الريش والفوقين منه(5/261)
كأنَّ النَّصلَ والفُوقَينِ منه
(مشر) الميم والشين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تشعُّبٍ في شيء وتفرُّق. يقال: المَشْرة: شبيه خوصةٍ تخرج في العِضاهِ أيّامَ الخَريف لها ورقٌ وأغصان. يقال: أمْشَرَتِ العِضاهُ. ومَشَرتِ(1) الأرض: أخرجَتْ نَباتَها. ومَشَّرْتُ الشّيءَ. فرَّقتهُ. قال:
فقلتُ أشِيعا مَشِّرَا القِِدْر حَولَنا
وأيَّ زمانٍ قدرُنا لم تمَشّرِ(2)
وتَمشَّر فُلانٌ، إذا رُئِي(3) عليه أثر الغِنى، وهو على معنى التّشبيه، كأنّه أوْرَقَ.
مصع - مصل
(باب الميم والصاد وما يثلثهما)
(مصع) الميم والصاد والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على معنيين: أحدهما لَمعٌ في الشَّيء وحركة، والآخر ذَهاب الشيء وتولِّيه.
فالأوَّل مَصَعَ البرقُ: أومَضَ. ثم يقال: مَصَعَ الرّجل: ضَرَب بالسَّيف. ومنه المُماصَعة: المجالدة. ويُقاس عليه، فيقال رجل مَصِعٌ: شديد. ومَصَعَ ضَرع
النّاقةِ بالماء: ضَربَه. ومَصَعَتِ الأمُّ بالولد: رمت به. ويقال: إنَّ المَصْعَ: المشْي. قال:
مَصعاً كمصع ذَكَر الوِرْلانْ(4)
يَمْصَعُ في قِطعةِ طيلسانْ
والآخر مَصَعَ الشّيء: ولَّى وذَهَب، وذلك في كلِّ شيء، فهو ماصعٌ. ومَصَعتِ الإبلُ: نَقَصَتْ ألبانُها.
ومما شذَّ عن هذين المعنيين المُصَع: ثَمر العَوسج.
__________
(1) كذا ورد هنا والذي في المجمل واللسان والقاموس: "أمشرت"، لكن ورد في اللسان: "أرض ماشرة، وهي التي اهتز نباتها واستوت ورويت من المطر".
(2) للمرار بن سعيد الفقعسي، كما في اللسان (مشر). وأنشده في (شيع) بدون نسبة.
(3) في الأصل: "رأى". وفي المجمل: "إذا ظهر".
(4) أنشده في المجمل واللسان (مصع)، وهكذا جاء رويه مقيداً في المجمل، وأطلق في اللسان بالكسر.(5/262)
(مصل) الميم والصاد واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تحلُّب شيءٍ وقَطْره. منه المَصْل: ماء الأقِط. وشاةٌ مُمْصِل، وذلك إذا تَزَيَّلَ لبنُها في العُلبة قبل أن يُحقن: وهي مِمصالٌ أيضاً. ومَصَل الجرحُ: سال منه شيءٌ يسير. ويستعار فيقال أعطاه عطاءً ماصِلاً: قليلاً. والمُمْصِل: المرأة تُلقِي ولدَها وهو مُضْغة. يقال: أمصلَتْ. وأمصَلَ الرّاعي الغَنَم: حلَبها فاستوعَبَ ما فيها. وأمْصَلَ بِضاعَتَه: أهلكَها وصَرَفها فيما لا خيرَ فيه. أنشد ابن السّكِّيت:
مصو – مصت – مصح
* أمْصَلت مالي كلَّه ونقَصْته(1) *
والمُصَالة: قُطارة الحُبِّ(2).
(مصو) الميم والصاد والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة. المَصْواء: المرأة لا لحمَ على فَخِذَيها(3).
(مصت) الميم والصاد والتاء. ذكر ابن دريدٍ(4) المصت مثل المَصْد: الجِماع، سواء.
(مصح) الميم والصاد والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَهاب الشّيء. تقول: مَصَحَ الشيءُ يَمصَح مُصُوحاً: رسَخَ في الثَّرى* وغيره. والدَّار تَمصَح، أي تدرُس وتذهَب. ومَصَحَ الظِّلُّ: قَصُر. ومَصَح النَّبات: ولّى وذهب لونُ زهره.
مصخ – مصد - مصر
__________
(1) في المجمل: "مصلت"، وباقي روايته فيه مطابقة لما هنا. والذي في إصلاح المنطق لابن السكيت 310.
وماسست من شيء فربك ماحقه
لقد أمصلت عفراء مالي كله
... وفي اللسان بدون عزو إلى ابن السكيت:
وماسست من شيء فربك ماحقه
لعمري لقد أمصلت مالي كله
(2) الحب بالضم: الجرة الضخمة، والخابية. قال ابن دريد: فارسي معرب. قال أبو حاتم: أصله "حنب" فعرب. قلت: صوابه "خنب" بالخاء، كما في معجم استينجاس 476 وفسره بقوله:
“An earthen vessel for holding wine or water ”
... أي وعاء من الخزف يحفظ فيه الخمر أو الماء.
(3) وكذا في اللسان والقاموس. وفي المجمل: "خديها"، تحريف، وهو من تصرف مصلح نسخة المجمل.
(4) الجمهرة (2: 275).(5/263)
(مصخ) الميم والصاد والخاء كلمةٌ، وهي الأُمصوخ: واحد الأماصيخ، وهي أنابيب الثّمام. وتَمصَّخْتها: أخَذتها. قال أبو بكر(1): والمَصخ لغة في المسخ.
(مصد) الميم والصاد والدال أصلٌ صحيح فيه كلمتان غيرُ متقايستين.
فالأولى المَصْد، يقال هو الرَّضاع، ويقال هو الجِماع، مَصَدَها مَصْداً.
والأخرى المُصْدان: أعالي الجِبال، الواحد مَصَاد. قال:
* مَصَادٌ لمن يأوِي إليهم ومَعقِلُ(2) *
قال ابن دريد: والمَصْد: البرد. وأصابَتْنا العامَ مَصْدَةٌ(3)، أي مطر.
(مصر) الميم والصاد والراء أصلٌ صحيح له ثلاثة معان.
الأوّل جنسٌ من الحَلْب، والثاني تحديدٌ في شيء، والثالث عُضوٌ من الأعضاء.
فالأوّل: المَصْر: الحَلْب بأطراف الأصابع وناقةٌ مَصورٌ: لبنُها بطيء الخروج لا تُحلَب إلاّ مَصْراً.
قال ابن السكِّيت: المَصْر: حلب ما في الضَّرع. ويقال التمصُّر: حلب بقايا
مضغ
اللَّبَن في الضّرع. وبقيّةُ اللبن: المَصْر(4). ومصَّرت عليه الشَّيءَ: أعطيتُه إيّاه قليلاً قليلاً.
والثاني: المِصْر، وهو الحدُّ؛ يقال إنَّ أهل هَجَرَ يكتُبون في شُروطهم: "اشترى فلانٌ الدَّارَ بمُصورها"، أي حدودها. قال عديّ(5):
بين النَّهار وبين اللَّيل قد فَصَلا(6)
وجاعل الشَّمس مِصراً لا خفاء به
والمِصْر: كلُّ كُورةٍ يقسم فيها الفَيء والصَّدَقات.
__________
(1) الجمهرة (2: 227).
(2) صدره كما في اللسان (مصد):
* إذا أبرز الروع الكعاب فإنهم *
(3) الذي في الجمهرة (2: 275): "ما أصابنا العام مصدة".
(4) هذا مما فات المعاجم المتداولة، وفي اللسان: "والمصر: قلة اللبن".
(5) وكذا في المجمل، وصححه ابن بري. ويروى لأمية بن أبي الصلت، كما في اللسان. وليس في ديوانه.
(6) في الأصل: "وجاعل الليل"، صوابه من المجمل واللسان. ونبه في اللسان على أن صواب روايته: "وجعل الشمس". وقبله:
تحت السماء سواء مثل ما ثقلا
والأرض صوى بساطاً ثم قدرها(5/264)
والثالث المَصِير، وهو المِعَى، والجمع مُصران ثم مصارين. ومُصْران الفأرة: ضربٌ من رديّ التَّمر.
(باب الميم والضاد وما يثلثهما)
(مضغ) الميم والضاد والغين أصلٌ صحيح، وهو المضغ للطعام. ومضَغَه يمضغه(1). والمَضَاغ: الطعامُ يُمضَغ. والمُضَاغة: ما يبقى في الفم مما يُمضَغ. والمَضْغة: قطعةُ لحم، لأنَّها كالقطعة التي تُؤخذ فتُمضغ. والماضغان: [ما(2)] انضمَّ من الشِّدقَين.
ومما شذَّ عن هذه المضائغ: العَقَبات اللَّواتي على أطراف سِيَتي القوس، الواحدة مَضِيغة.
مضي - مضح - مضر - مطل - مطو
(مضي) الميم والضاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على نفاذٍ ومُرورٍ. ومَضَى يَمضِي مُضِيَّاً. والمَضَاء: النَّفاذ في الأمر. والمُضَوَاء: التقدُّم.
قال القطامي:
* فإذا خَنَسْنَ مَضَى على مُضَوائِهِ(3) *
(مضح) الميم والضاد والحاء كلمةٌ واحدة، هي مَضَح عِرضَه يمضَحُه مَضْحاً: عابَهُ وطعن فيه؛ وأمضَحَه أيضاً.
(مضر) الميم والضاد والراء أصلٌ صحيح قليلُ الفروعِ. فالمَضْر بناء قولِك لبن مَضِرٌ وماضِر: شديد الحُموضة. ويقال: اشتقاقُ مُضَرَ منه.
والتمضُّر: التعصُّب لِمضر. وقولهم: ذهب دَمُه خِضْراً مِضْراً، أي باطلاً، إتْباعٌ وليسَ من الباب.
(باب الميم والطاء وما يثلثهما)
(مطل) الميم والطاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مدِّ الشَّيء وإطالته. ومَطَلْتُ الحديدةَ أمْطَلها مَطْلاً: مددتُها. والمَطْل في الحاجة والمماطَلَة في الحربِ مِنْه.
(مطو) الميم والطاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على مدٍّ في الشَّيء وامتداد. ومطَوْتُ بالقوم أمْطُو مَطْواً: مددت بهم في السَّير. قال امرؤ القيس:
مطح - مطخ – مطر
__________
(1) بابه منع ونصر.
(2) التكملة من المجمل.
(3) عجزه كما في ديوان القطامي 18 واللسان (مضى):
* وإذا لحقن به أصبن طعانا *(5/265)
وحَتَّى الجيادُ ما يُقَدنَ بأرْسَانِ(1)
مَطَوْتُ بهم حتَّى تَكِلَّ مَطيُّهمْ
والمطيّة من ذلك القياس، ويقال بل سمِّيت لأنَّه يُركَب مَطَاها، أي ظَهرها. وسمِّي الظّهر المَطَا للامتداد الذي فيه. والمِطْو: الصَّاحب، لأنَّه يمطو معك. قال:
وَعَبْرَةُ العينِ جارٍ دَمْعُها سَجِمُ(2)
ناديت مِطْوِي وقد مالَ النَّهارُ بهم
قال ابنُ الأعرابيّ(3): اشتقاقُه من امتَطَيْتُ(4) البعير. ومما يجوز أن يقاس على هذا المَِطْو(5): عذْق النخلة، لامتداده.
(مطح) الميم والطاء والحاء كلمةٌ واحدة، حكاها* ابنُ دريد(6)، هي المَطْح: الضَّرب باليد، وربما كُنِيَ به عن الجماع.
(مطخ) الميم والطاء والخاء ليس هو بالباب الموثوق بصحته، لكنهم يقولون: مَطَخَ عرضَه، مثل لَطَخَه. ومَطَخ: لَعِق. والمَطْخ: تتابُع السَّقْي.
(مطر) الميم والطاء والراء أصلٌ صحيحٌ فيه معنيان: أحدهما الغَيث النّازل من السَّماء والآخر جِنْسٌ من العَدْو.
فالأوَّل المطَر، ومُطِرْنا مَطراً. وقال ناسٌ: لا يقال أُمْطِرَ إلاّ في العَذاب.
مطع – مطق - مظع
قال الله تعالى: { أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ } [الفرقان 40]. وتَمَطَّرَ(7) الرَّجُل: تعرَّض للمطَر. ومنه المستمطِر: طالب الخير.
والثاني قولُهم: تمطَّرَ الرَّجُل في الأرض، إذا ذَهَب. والمتمطِّر: الرَّاكب الفرس يجري به. وتمطَّرَتْ به فرسُه: جَرَتْ.
__________
(1) في الأصل: "مطيت"، صوابه في ديوان امرئ القيس 129 واللسان (مطا).
(2) أنشده في المجمل واللسان (مطا). وضبط "سجم" في المجمل بضم السين والجيم، وبفتحها مع كسر الجيم. وفي اللسان بفتح السين وإهمال ضبط الجيم.
(3) في الأصل: "لكن الأعرابي".
(4) في الأصل: "مطيت"، صوابه من المجمل.
(5) بفتح الميم وكسرها.
(6) الجمهرة (2: 173).
(7) في الأصل: "مطر"، صوابه في المجمل واللسان.(5/266)
(مطع(1)) الميم والطاء والعين. قال: هو مَطَعَ(2) في الأرض مَطْعاً ومُطُوعاً، إذا ذهب فلم يُوجَدْ ذِكْرُه.
(مطق) الميم والطاء والقاف. التمطُّق: أن يُلصِق الإنسانُ لِسانَه بالغار الأعلى فتَسمع له صوتاً، وذلك إذا استطابَ ما يأكل. قال الأعشى:
إذا ذاقَها مَن ذاقَها يتمطَّقُ(3)
تُرِيكَ القَذَى من دونها وهي دُونَه
والله أعلم بالصواب.
(باب الميم والظاء وما يثلثهما)
(مظع) الميم والظاء والعين فيه معنىً واحد. مَظَّعت القَضيب: تركت عليه لحاءَه حتى يتشرَّب ماءَه، فيكون أصلَبَ له. ومظّعت الأديم الدُّهنَ(4): سقَيته. ثم يُتَوسَّع فيه فيقال: مَظَّعَ الرَّجلُ الوَتَر تمظيعاً: مَلَّسَه. ويقال: إن المُظْعة
معق – معك - معل
بقيَّة اللّبن. قال الخليل: ولقد تَمَظَّعَ ما عندك، أي تَلَحَّسَه كلَّه. والمُظْعة: [بقيَّةٌ(5)] من الكلأ. قال: والرِّيح تمظَع الخشبَ(6) حتى تَستخرِج نُدُوَّتَه. فعلى هذا يمكن أنَّ أصلَ الباب النَّشف والتشرُّب. قال الخليل: ومَظَع الوَتَر مَظْعاً.
(باب الميم والعين وما يثلثهما)
(معق) الميم والعين والقاف ليس بأصلٍ وإنما هو من باب القلب. وأرضٌ مَعِيقة كعميقة. والأماعق: أطراف المَفَازة. ويقال: المَعْق: الأرض لا نَبَاتَ بها. وتمعَّقَ الرجُل: ساء خُلُقه.
(معك) الميم والعين والكاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على دَلْك الشيء ولَيِّه. ومَعَكْتُ الأديم مَعْكاً. ثم يسمّون المِطَالَ واللَّيَّ مَعْكاً، والرّجُلَ المَطول مَعِكاً. قال زهير:
__________
(1) كان من حق هذه المادة وتاليتها أن تردا في أول الباب كما في المجمل، ولكني أبقيت ترتيبها حرصاً على أرقام الأصل.
(2) في الأصل: "هو مطعك".
(3) ديوان الأعشى 147. وأنشد عجزه بدون نسبة في اللسان (مطق).
(4) كذا في الأصل والمجمل. وفي القاموس: "والتمظيع: التمصيع وتسقية الأديم الدهن".
(5) التكملة من اللسان.
(6) في الأصل: "الخشبة".(5/267)
تَمعَكْ بعرضك إنَّ الغادِرَ المَعِكُ(1)
.................... لا
قال الخليل: رجل مَعْكٌ: شديد الخُصومة. وقولهم: وقَعَ في معكوكاء شيء، يجوز أن يكون الإبدال والأصل بعكوكاء.
(معل) الميم والعين واللام أصلٌ صحيح فيه كلماتٌ تدلُّ على اختلاسِ شيء وسرعةٍ فيه. ومَعَل الشَّيءَ: اختلَسَه. ثمَّ يقولون: مَعَل خُصْيَتَيْ الفَحل: استلَّهما. ومَعَل: سار سيراً سريعاً.
معن – معو - معت
(معن) الميم والعين والنون أصلٌ يدلُّ على سهولةٍ في جريان أو جري أو غير ذلك. ومَعَن الماءُ: جَرَى. وماءٌ معينٌ. ومجارِي الماء في الوادي مُعْنانٌ، كذا قال أبو بكر(2). والمَعْنة: ماءٌ قليل يجري. ومن الباب أمعَنَ الفرسُ في عَدْوِه. وأمْعَنَ بحقِّي: ذهَبَ به. ورجل مَعْنٌ في حاجته: سَهْل. وأمعنت الأرضُ: رَوِيَتْ. وكلأ مَمْعونٌ: جَرَى فيه الماء. وقول النَّمْر:
فإنَّ ضَيَاعَ مالِكَ غيرُ مَعْنِ(3)
ولا ضيّعْتُه فأُلاَمَ فيه
معناه غير سهل. ويقولون: "ماله سَعْنَةٌ ولا مَعْنَةٌ" وهو من الإتباع، ويجوز أن يكون من الباب، أي ماله كثيرٌ ولا قليل يسهل خَطَره. وقولهم للمنزل مَعَانٌ، وزنه فعَال، وجمعه مُعُنٌ. ومَعَن الوادي: كثُر فيه الماء المَعين.
(معو) الميم والعين والحرف المعتل ثلاثُ كلماتٍ ليس قياسها واحداً.
الأولى: المَعْوُ: الرُّطَب قد أرطب جَميعُه. وقال ابن دريد(4): هو إذا دخله بعضُ اليُبْس*. وأمْعَى النَّخْل: صار كذلك.
والثانية: مِعَى البطن، والجمع أمعاء.
والثالثة المِعَى: المِذْنَب من مَذَانب الأرض.
__________
(1) وكذا ورد الاستشهاد به في اللسان (معك)، وهو بتمامه، كما في الديوان 180:
تمعك بعرضك إن الغادر المعك
فاردد يساراً ولا تعنف علي ولا
(2) الجمهرة (3: 142).
(3) المجمل واللسان (معن) ومجالس ثعلب 203 والمخصص (9: 148).
(4) الجمهرة: (3: 143).(5/268)
(معت) الميم والعين والتاء. قال أبو بكر(1): المَعْت: الدَّلْك ومَعتُّ الأديمَ: دلكتُه. وهو عند الخليل مُهمَل.
معج – معد – معر
(معج) الميم والعين والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تقلُّبٍ وسُرعة في شيء. ومعج الحِمارُ مَعْجاً: تقلَّب في جريه. ويقولون قياساً على هذا: مَعَجَ الفَصِيلُ ضَرعَ أمِّه: ضربه برأسه عند الرَّضاع.
(معد) الميم والعين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على غِلَظ في الشَّيء. قال ابن دريد(2) المَعْد: الغِلَظ. قال: ومنه المَعِدَة. وتمَعْدَدَ الصّبِيُّ: غَلُظَ.
ويكون في هذا الباب المَعْدُ دَالاًّ على جَذْب الشَّيءِ وانجذاب. ومَعَدت الشَّيء: جذبتُه. قال:
* هل يُرْوِيَنْ ذَوْدَك نَزعٌ مَعْدُ(3) *
ومما شذَّ عن الباب المَعْد، يقولون: الغَضُّ من التَّمْر.
(معر) الميم والعين والراء أصلٌ يدلُّ على مَلاسة وحَصٍّ وانجراد.
فالأمْعَر والمَعِر: الأمْعَط الذي لا شَعَْر عليه. ومنه أمْعَرَ الرّجلُ: افتَقَر، كأنه تجرَّدَ من ماله. [و] مَعَرَ الظُّفْر: نصل وتمعَّر لَونُه عند غَضَبِه، وذلك أن يتطايَرَ الدّمُ عنه وتَعلُوه صُفرة. قال الخليل: وهو أمْعَر الشَّعر، وبه مُعْرَةٌ، وهو لونٌ يَضرِب إلى الحُمرة والصُّفرة، وهو أقْبحُ الألوان. وأمْعَرَتِ الأرض: لم يكنْ فيها نَبات.
معز - معس – معص – معض - معط
__________
(1) الجمهرة (2: 22).
(2) الجمهرة (2: 282).
(3) لأحمر بن جندل السعدي كما في اللسان (معد). وورد محرفاً فيه باسم "أحمد بن جندل". انظر صوابه في المؤتلف للآمدي 36.(5/269)
(معز) الميم والعين والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدَّةٍ في الشَّيء وصلابَة. منه الأمْعَز والمَعْزاء: الحَزْن الغَلِيظ من الأماكن. قال أبو بكر(1): رجلٌ مَاعِزٌ: شَديد عَصْبِ الخَلْق ومنه المَعْز المعروف، والمَعِيز: جماعة كضَئِين(2)، وذلك لشدّةٍ وصَلابةٍ فيها لا تكون في الضَّأْن. ويقال لجماعةِ الأوعال والثَّياتِل مُعُوزٌ.
قال أبو بكر(3): استمْعَزَ الرّجُل في أمرِه: جَدَّ.
(معس) الميم والعين والسين أصَيْلٌ يدلُّ على دَلْك شيءٍ. ومَعَسْتُ الأديم في دِباغِهِ أمْعَسُه: أدَرْتُه فيه ودلَكتُه. وربَّما قالوا: مَعَسَ، إذا طَعَنَ ومنه رجلٌ مَعَّاسٌ في الحرب: مِقدام.
(معص) الميم والعين والصاد ليس بشيءٍ، إلاّ أنَّ ناساً ذكروا مَعَصَ الرّجُل: حَجَل في مِشْيته. وقال ابنُ دُريد(4): المَعَص: وجعٌ يصيب الإنسان في عَصَبِه من كَثْرة المَشْي.
(معض) الميم والعين والضاد كلمةٌ. مَعِضَ من الأمر: شَقَّ عليه وأوجَعه.
(معط) الميم والعين والطاء أصلٌ يدلُّ على تجرُّدِ الشَّيء وتجريده ومَعِطَ تمرَّطَ شَعره. ومَعَطْت السَّيفَ من قِرابِهِ: جَرَّدتُه. ويكون من الباب مَعَطَ في القَوس: نَزَع.
مغث - مغد
(باب الميم والغين وما يثلثهما)
__________
(1) الجمهرة: (3: 8).
(2) أي في جمع ضأن، ومثله كليب في جمع كلب.
(3) الجمهرة: (3: 8).
(4) الجمهرة: (3: 87).(5/270)
(مغث(1)) الميم والغين والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَرْسِ شيء ومَرثهِ. يقولون: مَغَثْت الدَّواء في الماء: مَرَثْته. ومَغَثَ بنو فلانٍ فلاناً، إذا ضربوه ضرباً ليس بالشَّديد. ورجل مَغِثٌ(2): مُصارِعٌ شديد العلاج. ومُغِثَتْ أعراضُهم: مُضِغت(3). قال:
* مَمغوثةٌ أعراضُهم مُمَرْطَلهْ(4) *
وكلأ مَمْغُوث ومَغِيثٌ: أصابه المَطرُ وصَرَعه، والميم أصليّة.
(مغد) الميم والغين والدال، يقولون إنّه أصلٌ يدلُّ على نَعْمةٍ في الشَّيء. يقولون: المَغْد: الشَّابُّ الناعم. قال:
* وكان قد شَبَّ شَباباً مَغْدا (5) *
مغر - مغص
وأمْغَدَ الرّجُل: أطالَ الشَّرابَ إمغاداً، ومَغَدَ الفصيلُ الضّرعَ مغداً: تناولَه ليشربَ اللَّبَن. واللَّبَنُ أنعَمُ ما يكون من الغِذاء وأليَنُه. والمَغْد في غُرَّةِ الخيل كأنَّها وارمة، وذلك أنَّ الشعر يُنتَف ثم يَنبُتُ فيكون ليِّناً ناعماً. ويقولون المَغْد: الباذَنْجَان.
(مغر) الميم والغين والراء* أصلٌ يدلُّ على حُمرةٍ في شّيء، وأصلٌ آخر يدلُّ على ضَربٍ من السَّير.
فالأوَّل المَغْرَة: الطِّين الأحمر. والأمْغَر: الرّجُل الأحمر الشَّعر والجِلد. والأمْغَر في الخيل: الأشقر. ومنه أمْغَرَت الشَّاةُ، إذا حُلِبَت فخرَجَ مع لبنها دمٌ، فإن كانت تلك عادتَها فهي مِمْغار.
والأخرى روَى ابنُ السِّكِّيت: مَغَر في البلاد: ذَهَبَ وأسْرع: ورأيته يَمْغَرُ به بعيرُه.
__________
(1) وردت مادة (مغل) في نهاية هذا الباب، وحقها أن تكون في صدره، وأبقيتها في ترتيبها حرصاً على أرقام الأصل.
(2) كذا في المجمل والقاموس. وفي الأصل: "مغيث"، تحريف، وفي اللسان: "مغث" بفتح الميم وسكون الغين.
(3) في الأصل: "ومغضت أعراضهم مغضت"، تحريف. وفي المجمل: "ومغث عرضه: مضغ".
(4) الرجز لصخر بن عمير كما في اللسان (مغث، مرطل، ثمل).
(5) لإياس الخيبري، في اللسان (سمغد، مغد). وقبله:
* حتى رأيت العزب السمغدا *(5/271)
ومما شذَّ من البابين قولهم: مَغَرَتْ في الأرضِ مَغْرةٌ، وهي مَطْرة صالحة وقولُ عبدِ الملك لجرير: "مغِّرْنا(1) يا جرير"، أي أنشِدْنا كَلِمَةَ ابنِ مَغْراء، أحدِ شعراء مضر(2). ومَغْراء: تأنيثُ أمْغَر.
(مغص) الميم والغين والصاد كلمتان متباينتانِ جداً.
فالأولى المَغَْصُ: تقطيعٌ في المِعَى ووَجَع. والأخرى المَغَْص يقال هو الخِيار من الإبل. قال:
مغط – مغل
أُدْماً وحُمْراً مَغَصاً خُبورا(3)
أنت وهبتَ هَجْمةً جُرْجُورا
قال ابنُ دريد: إبلٌ أمْغاصٌ وأمْعَاص(4)، وهي خيار الإبل، لا واحد لها ويقال فلان مَغِصٌ، إذا كان ثقيلاً بغيضاً؛ وهو من الأوَّل.
(مغط) الميم والغين والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على امتدادٍ وطُول. والمَغْطُ: المَدّ. ومَغَطْتُه فامتغط. والتَّمغُّط في عَدْو الفَرَس: أن يَمدَّ ضَبْعَيه. وانمَغَطَ النَّهارُ: ارتفعَ والمُمَّغِطْ: الطَّويل المضطرِب. ومَغَطَ الرَّامِي في قوسه: نَزَع فيها فأغرقَ النَّزْع.
(مغل) الميم والغين واللام أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على داءٍ وفساد، والآخَر ضربٌ من النِّتاج.
الأوَّل المَغَل: وجعُ البطن، ويكون في الدَّوابِّ عن أكلِِ التُّراب وأمْغَلُوا: أصابَ إبلَهم ذلك الدّاء.
ومن الباب الإمغال: إفسادٌ بين النّاس، والوِشاية؛ وهو المَغْل أيضاً. ويقال إنَّه صاحب مَغَالَةٍ، إذا فَعَل ذلك.
__________
(1) وكذا في القاموس، وفي اللسان: "مغر لنا".
(2) هو أوس بن مغراء. الشعر والشعراء 668 وابن سلام 27، 111، 120 والاشتقاق 156 والأغاني (4: 130-131) واللآلئ 795-796. وهو من الشعراء المخضرمين، كما في الإصابة.
(3) أنشده في المجمل واللسان (مغص).
(4) إذ يقال في واحدها مغص ومعص، بالمعجمة والمهملة. الجمهرة (3: 80).(5/272)
والأصل الآخر الإمغال في الغنم وغيرِها، وهو أن تُنْتَج في السَّنة مرّتين. يقال: عَنْزٌ مَغْلَة من ذلك، وغَنَم مِغال. ويقال المُمْغِل من النِّساء: التي تَحمل قبلَ فِطام الصَّبي. والله أعلم بالصَّواب.
مقل - مقه – مقو – مقت
(باب الميم والقاف وما يثلثهما)
(مقل) الميم والقاف واللام ثلاثُ كلماتٍ غيرِ مُنقاسة. قالوا: مُقْلة العَين. وهي ناظِرُها. ومَقَلْتُه: نظرتُ إليه.
والكلمة الأُخْرى المَقْلة: الحصاة تُلقِيها في الماء تعرِف قَدْرَه. قال:
قذْفَكَ المَقْلةَ وَسْطَ المُعْتَرَكْ(1)
قَذَفُوا سَيِّدَهُمْ في ورطةٍ
ويقال: هي الحصاة التي يُقْسَم عليها الماءُ في المَفَاوز. ومَقَلهُ في الماء: غَوَّصَه فيه. وتماقَلا: تغَاوَصا.
والكلمة الأخرى المُقْل: حَمْل الدَّوْم.
(مقه) الميم والقاف والهاء كلمةٌ تدل على لَون. يقولون: المَقَهُ: بياضٌ في زرقة. وامرأة مَقهاءُ وشرَابٌ أمْقَهُ. قال:
رؤوسُ القَوم والتزَموا الرِّحالا(2)
إذا خفَقَت بأمْقَه صَحصحانٍ
(مقو) الميم والقاف والحرف المعتلّ. يقال فيه: امْقُ هذا مَقْوكَ مالَك، أي صُنْه صِيانَتَك مالَك. ومَقَوْتُ السَّيف: جَلَوْتُه، وكذا المِرْآة. قال ابن دريد: جاء بهما يُونس وأبو الخَطَّاب(3).
(مقت) الميم والقاف والتاء كلمةٌ واحدةٌ تدل على شَناءةٍ وقُبْح.
مقد – مقر – مقس - مقط
ومَقَته مَقْتاً فهو مَقِيتٌ وممقوت. ونِكاح المَقْت كان في الجاهليّة: أن يتزوَّج الرَّجُل امرأة أبِيه.
(مقد) الميم والقاف والدال لا نَعرِف فيه شيئاً، إلاَّ أنَّ المَقدِّيَّ: شرابٌ منسوبٌ إلى قريةٍ بالشَّام، يتَّخَذُ من العَسَل.
__________
(1) ليزيد بن طعمة الخطمي، في اللسان (مقل) وشروح سقط الزند 1473.
(2) لذي الرمة في ديوانه 439 واللسان (مقه).
(3) الذي في الجمهرة (3: 166): "جاء به يونس وأبو الخطاب وغيرهما".(5/273)
(مقر) الميم والقاف والراء كلمةٌ واحدة، هي المَقِر(1): شِبْه الصَّبِر. وأمْقَرَ الشَّيءُ: أمَرَّ. واللَّبنُ الحامضُ مُمْقِر. ومن هذا قولهم: سَمَكٌ مَمْقُورٌ. والمَقْر: إنْقاع(2) السَّمَك المالح في الماء. وقال ابن دريد(3): أمقرتُ لفلانٍ الشَّرَابَ: أمْررتُه له.
(مقس) الميم والقاف والسين كلمةٌ واحدة. يقال مَقِسَتْ نفسُه: غثت. وتمقَّستْ* أيضاً. قال:
* نَفسِي تَمقَّسُ عن سُمَانَى الأقْبُرِ(4) *
(مقط) الميم والقاف والطاء كلماتٌ لا تَرجِع إلى قياسٍ واحد، بل هي متباينةٌ جِدَّاً. فالمِقَاط: حبلٌ شديد الإغارة. والمَقْط: ضَرْبك بالكُرة على الأرض ثم تأخذُها إذا نَزَلتْ. قال:
مقع – مكل - مكن
* بكفّي مَاقِطٍ في صاعِ(5) *
ومَقَطْتُ صاحبي أمْقُطُه، إذا غِظتَه. والماقِط: الحازِي(6) الذي يتكهّن ويطرُق بالحَصَى.
(مقع) الميم والقاف والعين كلماتٌ تدلُّ على نوعٍ من الضَّربِ والرَّمْي.
ومُقِع فلانٌ بالشَّيءِ رُمِيَ به. والمَقْع: أشدُّ الشُّرب. والفصيل يمقَع أمَّه، إذا رضِعها. ومن الباب: امتُقِع لونُه: تغيَّر، كأنَّه ضُرِب بشيءٍ حَتَّى يتغيَّر؛ وكذا انتُقِعَ، وسيأتي. والله أعلم.
(باب الميم والكاف وما يثلثهما)
(مكل) الميم والكاف واللام كلمةٌ تدل على اجتماعِ ماء. ومَكَلَت البئرُ: اجتمعَ ماؤُها في وَسَطها. ومجتمع الماء مَُكْلَة. وبئر مَكُول، والجمع مُكُل.
(مكن) الميم والكاف والنون كلمةٌ واحدة. المَكْن: بَيض الضَّبّ. وضَبٌّ مَكُونٌ. [قال]:
__________
(1) المقر بفتح فكسر، وربما قيل بالفتح.
(2) في الأصل: "إيقاع"، تحريف.
(3) الجمهرة (2: 407).
(4) في اللسان: "قال أبو زيد: صاد أعرابي هامة فأكلها فقال ما هذا؟ فقيل سمانى. فعثت نفسه فقال....". وأنشد الشعر.
(5) لعسيب بن علس في المفضليات (1: 60) وهو بتمامه فيها:
تكرو بكفي ماقط في صاع
مرحت يداها للنجاء كأنما
(6) في الأصل: "الجاري"، تحريف.(5/274)
ولا تَشتهيهِ نفوسُ العَجَمْ(1)
ومَكْنُ الضِّباب طَعامُ العُرَيبِ
مكا
والمكُنات: أوكار الطّير، ويقال مَكِنات(2).
(مكا) الميم والكاف والحرف المعتل أصلٌ صحيح يدلُّ على معان ثلاثة: أحدها شيءٌ من الأصوات، والآخَر خشونة في الشيء، والآخِر ضربٌ من العَسَل.
فالأوَّل مكا يمكو: صَفَر في يَدِهِ وقد جَمَعها، مُكَاءً(3). قال عنترة:
* تمكُو فَريصتُه كشِدق الأعلم(4) *
يصف طعنةً [تسمع] لها صوتاً حين تنفرِج وتنضمّ(5). والمُكَّاء: طائرٌ، سمِّي لأنه يمكو. قال:
فوَيلٌ لأهل الشَّاءِ والحُمُراتِ(6)
إذا غَرَّدَ المُكَّاءُ في غيرِ روضةٍ
ويقولون: مَكَتِ اسْتُه تمكُو، إذا حَبَق. وأمَّا المَكَا والمَكْو فمجثِمُ الأرنب. قال الطرِمّاح:
* كم بِهِ من مَكْوِ وحشِيَّةٍ(7) *
مكث – مكد – مكر – مكس
والأخرى قولهم: مَكِيَتْ يدُه تَمْكَى مَكَىً: غلُظت وخَشُنت.
والثالثة تمكَّى، إذا توضّأ. قال:
* كالمتَمكِّي بدمِ القتيل(8)
__________
(1) لأبي الهندي، واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس. اللسان (مكن). وهو من أبيات في الحيوان (6: 88-89) وعيون الأخبار (3: 210) ومحاضرات الراغب (2: 303) والفصول والغايات للمعري 471. وانظر المخصص (16: 83/17: 10).
(2) ضبطت في اللسان والقاموس بفتح فضم، ثم بفتح فكسر. وأثبت هذين الضبطين من المجمل.
(3) في اللسان: "مكا يمكو مكواً ومكاء: صفر بفيه. قال بعضهم: هو أن يجمع بين أصابع يديه ثم يدخلها في فمه ثم يصفر فيها".
(4) من معلقته. وصدره:
* وحليل غانية تركت مجدلا *
(5) في المجمل: "يصف الطعنة حين يسمع صوتها تنفرج وتنضم".
(6) البيت بدون نسبة في اللسان (مكا) وأمالي القالي (2: 32) والمخصص (16: 39) والصاحبي 210 والاقتضاب 354. وقد سبق بدون نسبة في (حمر).
(7) استشهد بهذا الصدر في اللسان (مكا). وعجزه كما في ديوان الطرماح 96:
* قيض في منتثل أو شيام *
(8) لعنترة الطائي في اللسان (مكا). وصدره:
* إنك والجور على سبيل *(5/275)
*
وأصله قولهم تمكّى الفَرَس: حكَّ عينَه بركبَتِه(1).
(مكث) الميم والكاف والثاء كلمةٌ تدلُّ على توقف وانتظار. ومَكَثَ مَكْثاً ومُكْثاً ورجل مَكِيث: رزينٌ غير عجول. ومَكَثَ ومَكُثَ والتمكُّث: الانتظار.
(مكد) الميم والكاف والدال كلمةٌ تدلُّ على ثباتٍ. ومَكَدَ بالمكان: أقام. قال أبو عبيد: وهو من قولهم: ناقَةٌ مَكُودٌ، إذا ثَبَت غُزْرُها. ويقال إنَّ البئر الماكدة: التي ثبت ماؤُها على قَرْنٍ واحد لا يتغيَّر. والقَرْن. قرْن القامة.
(مكر) الميم والكاف والراء كلمتانِ متباينتان: إحداهما المَكْر: الاحتيال والخِداع. ومَكَرَ به يمكُر. والأخرى المَكْر: خَدَالة السَّاق. وامرأةٌ ممكورة السَّاقَين.
(مكس) الميم والكاف والسين كلمةٌ تدلُّ على جَبْيِ مالٍ وانتقاصٍ من الشيء. ومَكَس، إذا جَبَى. والمَكْسُ: الجِباية قال زُهير(2):
ملي
وفي كلَّ ما باعَ امرؤٌ مَكْسُ دِرهم(3)
وفي كلِّ أسواقِ العراقِ إتاوةٌ
والله أعلم بالصواب.
(باب الميم واللام وما يثلثهما)
(ملي(4)) الميم واللام والحرف المعتل. كلمة واحدةٌ هي الزَّمن(5) الطّويل. وأقامَ ملِيَّاً، أي دهراً طويلاً. وتَملَّيْتُ الشّيءَ، إذا أقامَ(6) معك زماناً طويلاً. والمَلَوانِ: طرَفا اللَّيل والنهار. والمُِلاوة: الحِِين.
__________
(1) في الأصل: "عنه بركبتيه"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) كذا. والصواب أنه جابر بن حني الثعلبي، كما في اللسان (مكس). وقصيدته في المفضليات
(2: 8-12).
(3) رواية اللسان: "أفي كل".
(4) هذا الموضع موضع مادة (مله)، ولكن هكذا ورد في الأصل فآثرت إبقاء الترتيب حرصاً على أرقام الأصل.
(5) في الأصل: "الدم".
(6) في الأصل: "قام".(5/276)
وإذا هُمِز دلَّ على المساواة والكمال في الشَّيء. ومَلأْتُ الشّيءَ أملَؤُه مَلْئاً. والمِلء: الاسم للمِقدار الذي يُملأ؛ وسمِّي لأنَّه مساوٍ لوِعائه في قَدْره. ويقال: أعطِنِي مِلأَه ومِلأيْهِ وثلاثة أمْلائِه. ومنه أمْلأَ النَّزْعَ في القَوس، إذا بالَغَ. ومنه* المَلأ: الأشْراف من الناس، لأنَّهم مُلِئُوا كرماً. فأمّا قولُ الشَّاعر(1):
فقُلْنا أحسني مَلأً جُهَينا(2)
تنادَوْا يالَ بُهْثَةَ إذ لَقُونا
فقال قوم: أراد به الخُلُق. وجاء في الحديث: "أحْسِنُوا أملاءكم" والمعنى فيه أنَّ حسن الخُلُق من سجايا المَلأ، وهم الشِّراف الكِرام.
مله – ملث – ملج - ملح
(مله(3)) الميم واللام والهاء. يقولون: هو مُمْتَلَه العقلِ: ذاهبُه.
(ملث) الميم واللام والثاء كلمة. يقال أتيتُه مَلَثَ الظَّلامِ، كما يقال مَلَسَ الظلامِ، وهو اختلاطُه.
(ملج) الميم واللام والجيم كلمة. يقال: مَلَجَ الصبيُّ: تناولَ الثَّدي لِلرَّضاع بأدنى فمه. وفي الحديث: "لا تُحرِّم الإملاجةُ والإملاجَتان" وهي أن تُمِصَّه لبَنَها مرَّةً أو مرّتين.
(ملح) الميم واللام والحاء أصلٌ صحيح له فروع تتقاربُ في المعنى وإن كان في ظاهرها(4) بعضُ التَّفاوت.
فالأصل البَياض، منه المِلح المعروف، وسمِّي لبياضه. قال:
أبْيضَ مِثلِ المِلح قَطَّاعِ(5)
أحْفِزُها عنِّي بذي رونقٍ
ويقال ماء مِلحٌ، وقد قالوا مالح، ذكره ابنُ الأعرابيِّ واحتجَّ بقوله:
وماءُ قَوٍّ مالحٌ وناقِعُ(6)
__________
(1) هو الجهني: اللسان (ملأ) وإصلاح المنطق 423 وهو عبد الشارق بن عبد العزى، كما في الحماسة.
(2) في اللسان وإصلاح المنطق: "إذ روأنا".
(3) في الأصل: "مثل"، تحريف. وقد سبق التنبيه على أن حق هذه المادة أن تتصدر الباب.
(4) في الأصل: "في ظهرها".
(5) البيت لأبي قيس بن الأسلت الأنصاري في المفضليات (2: 84).
(6) في الأصل: "نافع" ، صوابه في المجمل واللسان.(5/277)
صَبَّحنَ قَوّاً والحَمَامُ واقِعُ(1)ُ
وملح الماءُ(2). وسَمكٌ مملوحٌ ومَليح. وأملَحْنا: أصبنا ماءً مالحاً. وأملَحَ الماءُ أيضاً. قال نُصَيب:
ملح
على مَرضي أن أَملَحَ المشرَبُ العذبُ
وقد عاد عَذبُ الماءِ مِلحاً فزادني
ومَلَحْتُ القدر: ألقَيْت مِلحَها بقَدَر. وأمْلَحتُها: أفسَدْتُها بالمِلح. ويقال مَلَّحت النّاقةَ تمليحاً، إذا لم تَلقَح فعولِجَتْ داخِلَتُها بشيءٍ مالح. ومَلُح الشَّيءُ مَلاحةً ومِلْحاً. والمُمَالَحة: المُواكلة. ثم يستعار المِلْح فيسمَّى الرَّضاع مِلْحاً. وقالت هَوَازِنُ لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو كُنَّا مَلَحْنا للحارث بن أبي شَمِر أو للنُّعمان بن المُنذِر لَحفِظ ذلك فينا"، أرادو أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان مُسترضَعاً فيهم.
ويستعيرون ذلك للشَّحم يسمُّونه المِلْح. يقال املَحْتُ القِدرَ: جعلتُ فيها شيئاً من شَحم. وعليه فُسِّر قوله:
مِلْحُها موضوعةٌ فوقَ الرُّكَبْ(3)
لا تلُمْها إنَّها من نِسْوةٍ
__________
(1) الرجز لأبي زياد الكلابي في اللسان (ملح). وضبطت "الحمام" في اللسان بكسر الحاء، والصواب فتحها كما في المجمل، أي والحمام في مجثمه في أواخر الليل قبل أن يطير.
(2) يقال ملح يملح ملوحة وملاحة، مثل سهل يسهل سهولة، وملح يملح ملوحاً، بفتح لامي الفعلين وضم ميم المصدر.
(3) البيت لمسكين الدارمي في اللسان (ملح 439) والمخصص (17: 8). وورد بدون نسبة فيه (4: 141/ 13: 125). قال ابن سيده: "أنث، فإما أن يكون جمع ملحة، وإما أن يكون التأنيث في الملح لغة". وقد اختلف اللغويون في تفسير هذا البيت، فقال بعضهم: إنه يقال للرجل الحديد الطبع: ملحه على ركبتيه. وقال: الأصمعي: هذه زنجية، والملح شحمها هنا، وسمن الزنج في أفخاذها. وقال ابن الأعرابي: هذه قليلة الوفاء، والملح هاهنا يعني الملح –أي الملح المعروف- يقال فلان ملحه على ركبتيه، إذا كان قليل الوفاء.(5/278)
هَمُّها السِّمَن والشّحم. والمُلْحة في الألوان: بياضٌ، وربَّما خالَطَه سوادٌ. ويقال كَبشٌ أملَحُ. ويقال لبعضِ شُهور الشِّتاء مِلْحان، لبياض ثلجه. والمَلْحاء: كَتيبةٌ كانت لآل المنذر.
والمَلاّح: صاحبُ السفينة، قياسُه عندنا هذا، لأنَّ ماءَ البَحرِ ملحٌ وقال ناسٌ: اشتقاقُهُ من المَلْحِ: سُرعة خَفَقان الطَّيرِ بجَناحَيه. قال:
ملخ – ملد - ملذ
* مَلْحَ الصُّقورِ تحت دجنٍ مُغْيِنِ(1) *
ومما شذَّ عن الباب المُلاَّح من نَبات الحمْض، إلاَّ أن يكون في طَعمِهِ مُلوحة. والمَلْحاء: ما انحدر(2) عن الكاهل والصُّلب. والمَلَح: ورمٌ في عُرقوب الفَرَس.
(ملخ) الميم واللام والخاء أصلٌ صحيح يدلُّ على إخراج شيء من وعائه أو من غيره. وامتَلَخَت العُقَاب عينه: أخرجَتْها. وامتلَخْتُ اللِّجَامَ من رأس الدابَّة. والمليخ: اللَّحمُ لا طَعمَ له. و [المَلاَّخ: الملاّق(3)] لأنَّه يستخرج الإنسان أو ما عنده بملَقِه. قال رؤبة:
* ملاّخُ المَلَقْ(4) *
و [منه] قول الحسن: "يَمْلَخُ في الباطل".
(ملد) الميم واللام والدال كلمةٌ تدلُّ على نَعْمةٍ ولِين وملاسةٍ. وشاب أمْلَدُ: ناعِمٌ. والملَد المصدر. وامرأةٌ مَلْداءُ: معتدلة الخَلْق حَسنة. وغصنٌ أُمْلُودٌ: ناعم. وملَّدتُ الأديم: مرَّنتُه. والإمليد من الصَّحارى كإمليس: الصَّحصَح(5). [و] منه المَلَدان.
(ملذ) الميم واللام والذال ذكروا فيه كلمتين أيضاً. المَلْذ: أن يكون يمُدُّ الفرس ضَبْعَيْه في عَدْوه حتَّى لا يجد مزيداً. ومَلَذَه بالرُّمح: طعَنَه به. قال أبو
ملس – ملص - ملط
__________
(1) الرجز في اللسان (ملح) والمخصص (8: 138).
(2) في الأصل: "ماء انحدر"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) التكملة من المجمل.
(4) ديوان رؤبة 106 واللسان (ملخ، ملق). وفي الديوان:
معتزم التجليح ملاخ الملق
إذا تتلاهن صلصال الصعق
(5) الصحصح: المستوية الجرداء. وفي الأصل: "الصحيح" ولبس به.(5/279)
بكر(1): المَلْذ: السُّرعة في المجيء والذهاب. وذئبٌ مَلاَّذٌ.
(ملس) الميم واللام والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تجرُّدٍ في شيء، وألاّ يَعْلَقَ به شيء، فهو أملَسُ. ويقال للرّجُل الذي لا يَلْصَق به ذمٌّ: هو* أملَسُ الجِلد قال:
* فَمُوتَنْ بها حُرَّاً وجلدُك أمْلَسُ(2) *
وأرضٌ أمالِيسُ: لا نباتَ بها. ويقال في البيع: "المَلَسَى لا عُهْدَةَ له"، أي لا متعلَّق له. وقد سبق ذكره ومن الباب المَلْس: سَلُّ الخُصيةِ بعروقها. وكبش مملوسٌ. ومنه المَلْس: السَّوق الشَّديد، أي إنَّه يمضي حتى لا يمكن أن يُتعلَّقَ به. وقولهم: أتيتُه مَلَسَ الظَّلام من باب الثاء، وقد فسَّرْناه ورُمَّانٌ إملِيسيٌّ.
(ملص) الميم واللام والصاد قريبٌ من ملس، وهو يدلُّ على إفلات الشَّيء بسرعة. وامَّلَص الشيءُ من يدي: أفلَتَ، امِّلاصاً. ومَلِصَ الرِّشاءُ من اليد يَمْلَص. قال:
* فرَّ وأعطانِي رِشَاءً مَلِصا(3) *
ومنه أمْلَصَت المرأةُ: رمَت بولدها إملاصاً؛ والولد مَلِيص. ومنه سيرٌ إمليص: سريع.
(ملط) الميم واللام والطاء أُصيلٌ يدلُّ على تسويةِ شيءٍ وتسطيحه.
ملع – ملغ – ملق - ملك
وملَّطت الحائطَ بالمِلاط أُملِّطه تمليطاً: طيَّنته وسويْتُه والمِلاطان: الجَنْبان، كأنَّهما مُلِطا مَلْطاً. وابنا مِلاَطٍ: العضدان. والأمْلَط: الذي لا شَعَْر عليه. ويقاس على هذا فيُقال للرّجُل القليل الخيرِ المتمرِّد: مِلْطٌ. قال أبو بكر(4): وكلُّ شيءٍ ملّطته فهو مِلاطٌ.
(ملع) الميم واللام والعين أصلٌ يدلُّ على سرعةٍ وخِفّةٍ. ومَلَعت النّاقةُ في سَيرها وناقةٌ مَيْلَع فَيْعَلٌ منه. والمَلْع: السُّرْعة في المرور والاختطاف. ومن الباب المَلِيع: الأرضُ لا نباتَ بها.
__________
(1) الجمهرة (2: 318).
(2) البيت للمتلمس في ديوانه 5 نسخة الشنقيطي، والحماسة (1: 268). وصدره:
* فلا تقبلن ضيما مخافة ميتة *
(3) أنشده في اللسان (ملص).
(4) الجمهرة (3: 116).(5/280)
(ملغ) الميم واللام والغين كلمةٌ. يقولون: المِلْغ: الأحمق. و التملُّغ: التحمُّق.
(ملق) الميم واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على [تجرُّد] في الشيء ولين. قال ابن السكِّيت: المَلَق من التملُّق، وأصله التَّليين. والمَلَقَة: الصَّفاة المَلْسَاء. ويقال الإملاق: إتلافُ المال حَتَّى يُحوِج. والقياس واحد، كأنَّه تجرَّدَ عن المال. وانْمَلَقَ ساعدُ الرجل: انسحَجَ من حَمْل الأحمال. قال:
يقول قَطْباً ونِعمَّا إن سَلَق(1)
وحَوقَلٌ ساعدُه قد انْمَلَقْ
والمَلَقَة: الأرض لا يكاد يَبيِن فيها أثر، والجمع المَلق والمَلَقَات. ومَلَقْتُ الثوب: غَسَلتُه، لأنَّك تجرِّده عن الوسَخ.
(ملك) الميم واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على قوّةٍ في الشيء وصحة. يقال: أملَكَ عجِينَه: قوَّى عَجنَه(2) وشَدَّه. وملّكتُ الشَّيءَ: قوّيتُه قال:
ملو
كَغِرقئِ بيض كنَّه القيضُ من عَلِ(3)
فملّكَ باللِّيط الذي فوق قِشرها
والأصل هذا. ثم قيلَ مَلَكَ الإنسانُ الشَّيء يملِكُه مَلْكاً. والاسم الملْك؛ لأنَّ يدَه فيه قويّةٌ صحيحة. فالمِلْك: ما مُلِك من مالٍ. والمملوك: العبْد. وفلانٌ حَسن المَلَكة، أي حسن الصَّنيع إلى ممالكيه. وعبدُ مَمْلكةٍ: سُبِيَ ولم يُملَك أبواه. وما لفلانٍ مولى مَلاَكةٍ دونَ الله تعالى، أي لم يملكْه إلاّ هو. وَكنّا [في](4) إملاكِ فلانٍ، أي أملكناه امرأتَه. وأملكناه مثل ملّكناه. والمَلَك: الماء يكون مع المسافر، لأنَّه إذا كان معه مَلَك أمرَه.
__________
(1) أنشده في اللسان (ملق).
(2) في الأصل: "عجينة".
(3) لأوس بن حجر في ديوانه 19 واللسان (ملك، ليط).
(4) التكملة من المجمل.(5/281)
(ملو) الميم واللام والحرف المعتلّ أصل صحيح يدلُّ على امتدادٍ في شيءٍ زمانٍ أو غيره. وأملَيت القيدَ للبعير إملاءً، إذا وسَّعته. وتملّيت عُمْرِي، إذا استمتَعت به. والمَلَوانِ: اللّيل والنهار. والملاوة(1): ملاوة العيش، أي قد أُمليَ له. ومن الباب إملاء الكتاب.
والله أعلم بالصَّواب.
(باب ماجاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله ميم)
…………………................(2)
ـــــــــ
تم كتاب الميم والله أعلم بالصواب
نه – نأ – نب – نث
كتاب النون
(باب النون وما بعدها في المضاعف والمطابق)
(نه) النون والهاء كلمةٌ واحدة. يقال: نَهْنَه فلانٌ فلاناً: كفّه وزَجَره.
(نأ) النون والهمزة أصلٌ يدلُّ على ضَعف في الشيء. فالنَّأنأة: الضَّعف. ورجلٌ نأناءٌ، إذا كان ضعيفاً. قال امرؤ القيس:
ولا نأْنأٍ عِند الحفاظِ ولا حَصِرْ(3)
لعمركَ ما سعدٌ بِخُلَّة آثمٍ
قال أبو زيد في كتاب الهمز(4): نأنأت رأيي نأنأةً، إذا خلَّطت فيه(5).
(نب) النون والباء كلمتان. نَبَّ التَّيس نبيباً: صوَّتَ عند السِّفاد. والأُنبوب: ما بين كلِّ عُقدتينِ من رُمحٍ وغيرِه.
(نث) النون والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على نَشْر شيءٍ وانتشاره. ونثُّ
نج - نح – نخ
الحديثِ: إفشاؤُه. وجاء فلانٌ يَنِثُّ سِمَناً، كأنّه يتصبَّب سِمَناً. وفي الحديث: "يجيءُ أحدهم ينِثُّ كما ينِثّ الحَمِيتُ".
__________
(1) هذه مثلثة الميم.
(2) كذا ورد هذا العنوان بدون كلام بعده. ومكانه في المجمل: "مهيم معناها ما حالك وما شانك".
(3) ديوان امرئ القيس 138 واللسان (نأنأ)، يمدح به سعد بن الضباب الإيادي.
(4) كتاب الهمز لأبي زيد 5-6.
(5) في كتاب الهمز: "إذا خلطت فيه تخلطاً فلم تبرمه".(5/282)
(نج) النون والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على تحرُّكٍ واضطرابٍ، وشِبه ذلك. فالنَّجْنَجَة: الجَوْلة عند الفَزَع. يقال نَجْنَجُوا. والنَّجنجة: ترديد الرأي. وتَنَجْنَجوا: أصافُوا(1) في الموضع الذي أربَعوا فيه ثم عزَموا على تحضُّر المِياه. وتَنَجنَج لحمُه: استرخَى. ونَجَّت القُرحَة: سالت.
(نح) النون والحاء كلمةٌ يُحكَى بها صوت. فالتَّنحنُح معروف. [و] النَّحيح: صوت يردِّده الإنسان في جَوفه. وحكِيت كلمةٌ ما ندري كيف صِحتها. وليس لها قياس. يقولون: ما أنا بِنَحيح النَّفس عن كذا، أي طيِّب النَّفسِ(2).
(نخ) النون والخاء أصلٌ صحيح، غير أنَّه مُخْتَلفٌ في تأويله، وهو النُخَّة في حديث النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم: "ليس في الجَبْهة ولا في النَُّخّة صدقة(3)". قالوا النَّخّة: الرَّقيق. وقال الفرّاء: النخة أن يأخذ المصَدِّق ديناراً بعد فَراغه من الصَّدقةِ لنفسه. واللَّفظ لا يقتضي هذا، ولعلَّ لَفظ الذي رواه الفراء: "ولا نخّة(4)" وأنشد:
ند – نز - نس
دينارَ نَخَّةِ كلبٍ وهو مشهودُ(5)
عمّي الذي مَنَع الدِّينارَ ضاحيةً
ويقال النخَّة: الحمير، وهي بفتح النون وضمها. وقال أبو بكر(6): تَنَخْنَخ البعيرُ: بَرك ثم مكَّن لثَفناته في الأرض.
(ند) النون والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على شُرودٍ وفراق. وندَّ البعير نَدَّاً ونُدوداً: ذهَبَ على وجهه شارداً. ومن الباب النِدُّ والنَّديد: الذي ينادُّ في الأمر، أي يأتي برأيٍ غيرِ رأيِ صاحبِه. قال:
__________
(1) في الأصل: "أصابوا"، صوابه في المجمل.
(2) في الأصل: "أي طبت النفس"، تحريف. وفي المجمل: "ويقال ما هو بنحنح النفس عنه" أي لا تطيب نفسه عنه.
(3) أورد الحديث في اللسان (جبه) وفسر الجبهة بأنها الخيل.
(4) كذا وردت العبارة في الأصل.
(5) أنشده في اللسان (نخخ، ضحا). وقد سبق في ضحى.
(6) الجمهرة (1: 141).(5/283)
وأشْتُمَ أعْماماً عُموماً عَماعِما(1)
لئلاَّ يكونَ السَّندرِيُّ نديدتِي
والنَّدُّ فيما ذكر ابنُ دريد: التَّلُّ المرتفِع في السماء(2)، ويكون هذا قريباً من قياسه. والنِّدُّ من الطِّيب ليس عربياً.
(نز) النون والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِفَّة وقِلّة. من ذلك الظَّلِيمُ النَّزُّ: الذي لا يكاد يستقرُّ في مكان. والنّزُّ: الرَّجُل الخفيف الذكيّ، وكذا النَّاقة النَّزَّة. ومنه النَّزُّ، وهو ما تحلَّبَ من الأرض من ماء. وأنَزَّت الأرض: صارت ذاتَ نَزّ. وسمِّيَ نَزَّاً لقِلّته وَخِفَّة أمرِه.
(نس) النون والسين أصلٌ صحيح له معنيان: أحدهما نوعٌ من السَّوْق، والآخر قِلّة في الشيء ويُختصّ به الماء.
نش – نص
فالأوَّل نَسَّ إبلَه ينُسُّها نَسَّاً: ساقها.
والثاني قولهم: نسَّت القطاةُ: عَطِشت. ويقال لمَكَّة النَّاسَّة، لقلّة الماء بها. ونَسَّتِ الخُبْزةُ نَسّاً: يبست. ونسّت الجُمَّة: تشعَّثَت(3)، وذلك لِقلّة الدُّهن فيها. ويقال للبَلَل الذي يكون برأس العود إذا أُوقِدَ: النَّسِيسة، وبه تشَبَّهُ بقيّةُ النّفْس. قال: ويقال له النَّسيس.
(نش) النون والشين ليس بشيء، وإنَّما يُحكَى به صوتٌ. منه النَّشِيش: صوت الماء وغيرِه إذا غُلِيَ. ومنه أرضٌ نَشِيشَة(4)، *إذا كانت مِلحةً لا تُنبت، وأرض نَشَّاشَة(5). ومنه نَشَّ الغديرُ: أخَذَ ماؤُه في النُّضوب.
__________
(1) البيت للبيد في ديوانه 44 طبع فيينا 1881. وأنشده ابن الأنباري في الأضداد 19 وثعلب في مجالسه 635 وصاحب اللسان (سندر، ندد، عمم) والسندري هذا هو السندري بن عيساء، وعيساء أمه. انظر كتاب من نسب إلى أمه من الشعراء في نوادر المخطوطات 85.
(2) الجمهرة (1: 76) وقال هو وصاحب اللسان: "لغة يمانية".
(3) في الأصل: "الحمة تشقت"، صوابه في المجمل.
(4) في الأصل: "نشنشة"، تحريف، صوابه من القاموس.
(5) وكذا في المجمل، ويقال "نشناشة" أيضاً.(5/284)
(نص) النون والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاعٍ وانتهاء في الشّيء. منه قولُهم نَصَّ الحديث إلى فلان: رفَعَه إليه. والنَّصُّ في السَّير أرفَعُه. يقال: نَصْنَصْتُ ناقتي(1). وسيرٌ نصٌّ ونَصِيص. ومِنَصَّة العروس منه أيضاً. وبات فلانٌ منتَصَّاً على بعيره، أي مُنْتَصِباً. ونصُّ كلِّ شيء: مُنتهاه. وفي حديث عليٍّ عليه السلام: "إذا بلَغَ النساء نَصَّ الحِقاق(2)"، أي إذا بلَغْنَ غايةَ الصِّغَر وصِرنَ في حدِّ البُلوغ. والحِقَاقُ: مصدر المُحاقَّة، وهي أن يقول بعضُ
نض – نط - نع
الأولياء: أنا أحقُّ بها، وبعضُهم: أنا أحقّ. ونصَصْت الرّجُل: استقصيتُ مسألتَه عن الشَّيء حتَّى تَستخرِجَ ما عنده. وهو القياس، لأنَّك تبتغي بلوغَ النِّهاية. ومن هذه الكلمة [النَّصنصة]: إثبات البعير رُكبتَيه في الأرض إذا هَمَّ بالنُّهوض. والنَّصنصة: التَّحريك. والنُّصَّة. القُصَّة من شَعر الرّأس، وهي على موضعٍ رفيع.
(نض) النون والضاد أصلانِ صحيحان أحدُهما يدلُّ على تيسيرِ الشَّيء وظُهورِه، والثاني على جنسٍ من الحركة.
الأوَّل: قولُ العرب: خذ ما نَضَّ لك من دَينٍ، أي تَيسَّر. وفلانٌ يستنضُّ مالَ فلانٍ، أي يأخذه كما تيسَّر. والنَّضيض من الماء: القَليل. فأمّا النَّاضُّ من المال فيقال: هو ما له مادَّةٌ وبقاء، ويقال بل هو ما كانَ عَيناً. وإلى هذا يذهب الفُقهاءُ في الناضّ.
(نط) النون والطاء. يقولون النّطانِط من الرِّجال: الطِّوال، الواحد نَطْنَاط، ونطنطت الشَّيء: مددتَه.
__________
(1) النصنصة: التحريك والقلقلة، وأكثر ما تستعمل في البعير لازمة، يقال نصنص البعير ونصنص الرجل. والمألوف أن يقال نصصت البعير، بالمضاعف لا المطابق.
(2) تمام الحديث: "فالعصبة أولى"، أي أولى بها من الأم.(5/285)
(نع) النون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيلٍ واضطراب. ويقال للشَّيء إذا مالَ واضطرب: تنَعنعَ. والنُّعنُع: الهَنُ المسترخي. والنُّعنُعِ: الطَّويل من الرِّجال المضطرِب الخَلْق. ويقولون: تَنَعنَعَ منّا، أي تباعَدَ. قال ذو الرُّمة:
* النازحُ المتنعنِعُ(1) *
نغ – نف – نق - نم
(نغ) النون والغين كلمةٌ تدلُّ على بَعض الأعضاء. والنَّغانغ: لَحَمَاتٌ تكون في الحَلْق عند اللَّهاة، الواحد نُغْنُغ. قال جرير:
غَمْز الطبيبِ نغانغَ المعذورِ(2)
غَمزَ ابنُ مُرّةَ يا فرزدقُ كينَها
وقد تسمَّى الزَّوائدُ في باطن الأُذنين النَّغانغ.
(نف) النون والفاء كلمةٌ واحدة، هي النَّفنَف: الهواء. وكلُّ مهوىً بينَ شيئينِ نَفنف. قال الشَّاعر(3):
وما بينَها والكعِب غَوْطٌ نفانِفُ(4)
تُعلَّقُ في مثل السَّوارِي سيوفُنا
(نق) النون والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. ونقَّت الضَّفادع: صوّتت، وهي النَّقَّاقة. وكذلك الدَّجاجة تُنقنِقُ للبيض. وقد يقال ذلك للنقاقة والنِّقْنِقُ: الظَّليم، لأنه يُنَقنِق.
ومما شذَّ عن الباب نقنقَتِ العينُ: غارت.
(نم) النون والميم أصلٌ صحيح له معنيان: أحدهما إظهار شيءٍ وإبرازُه، والآخر لونٌ من الألوان.
نهي
__________
(1) البيت بتمامه كما في الديوان 351 واللسان (نعع):
قريب ويطوي النازح المتنعنع
على مثلها يدنو البعيد ويبعد الـ
(2) سبق إنشاد البيت في (دغر، عذر، كين).
(3) هو مسكين الدارمي، كما في الحيوان (6: 494)، ولم ينسبه غيره.
(4) استشهد بعجزه في اللسان (غوط 240). والبيت شاهد للنحويين في كثرة العطف على الضمير المخفوض بدون إعادة الجار. ونحوه قوله:
فاذهب فما بك والأيام من عجب
فاليوم قربت تهجونا وتشتمنا
... انظر شرح الأشموني للألفية في (باب العطف) والخزانة (2: 338) والعيني (4: 164) والإنصاف 273. ورواه الجاحظ: "والكعب منا".(5/286)
فالأوَّل ما حكاه الفراء، يقال: إبلٌ نمَّة(1): لم يَبْقَ في أجوافها الماء والنَّمَّام منه، لأنَّه لا يُبقي الكلام في جوفِه. ورجلٌ نَمَّام. ويقولون: أسْكَتَ الله نَامَّتَه(2): ما ينمُّ عليه من حركته. والنَّميمة: الصَّوت والهَمْس، لأنَّهما يَنُِمّان على الإنسان. ومنه النَّمَّام: رَيحانٌ يدلُّ عليه رائحتُه. ومنه قولهم: ما بها نُمِّيٌّ، أي أحد، كأنهما يريدون ذو حركة تدلُّ عليه. وقولهم للفلس: نُمِّيٌّ ليس عربيَّاً(3).
والأصل الآخر النَّمنَمة: مُقارَبَة الخطوط. والنُِّمنُِم: البياض يكون على الأظفار، الواحد نُِمنُِمة.
(باب النون والهاء وما يثلثهما)
(نهي) النون والهاء والياء أصلٌ صحيح يدلُّ على غايةٍ وبلوغ. ومنه أنهيت إليه الخَبر: * بلَّغته إياه. ونِهايةُ كلِّ شيءٍ: غايته. ومنه نَهَيته عنه، وذلك لأمرٍ يفعله. فإذا نَهَيته فانتهى عنك فتلك غايةُ ما كان وآخِره. وفلانٌ ناهِيكَ من رجلٍ وَنَهْيُك، كما يقال حسبك، وتأويله أنَّه بِجدِّه وغَنَائه ينهاك عن تطلُّبِ غيره. وناقة نَهِيَّةٌ: تناهَتْ سِمَناً. والنُّهْيَة: العقل، لأنَّه ينهَى عن قبيح الفِعل والجمع نهىً. وطَلَبَ الحاجة حتَّى نَهِيَ عنها(4)، تركها، ظفِر بها أمْ لا،
نهأ – نهب
كأنه نَهَى نفسَه عن طلبِها. والنَّهْي والنِّهْي: الغدير، لأنَّ الماء ينتهي إليه. وتَنهِيَةُ الوادي: حيثُ ينتهي إليه السُّيول. ويقال إنَّ نِهاءَ النَّهار: ارتِفاعُه. فإنْ كان هذا صحيحاً فلأنَّ تلك غايةُ ارتفاعِه.
__________
(1) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "جلود نمة".
(2) ويقال ايضاً من المهموز: "نأمته".
(3) حقق الأب أنستاس في كتابه (النقود العربية وعلم النميات) 161 أنه من الرومي: Nomus وهو مأخوذ من اليوناني: Nomos.
(4) في المجمل: "نهى بها"، وفي السان: "أنهى عنها ونهي عنها بالكسر"(5/287)
ومما شذَّ عن هذا الباب إن صح يقولون النُّهاء(1): القوارير، وليس كذلك عندنا. وينشدون:
يُكسَّر قَيْضٌ بيْنها ونِهاءُ(2)
تَرُضُّ الحصَى أخفافُهنَّ كأنّما
(نهأ) النون والهاء والهمزة. إذا همز ففيه كلمةٌ واحدة، وهي من الإبدال، يقول: أنهأْتُ اللَّحم، إذا لم تُنضِجْه. وهذا عندنا في الأصل: أنيأْته(3) من النِّيِّ، فقلبت الياء هاء(4).
(نهب) النون والهاء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على توزُّع شيءٍ في اختلاسٍ لا عن مساواة. منه انتهابُ المالِ وغيرهِ. والنُّهْبى: اسم ما انتُهِب. ومنه المُناهَبة: أنْ يتبارى الفَرَسانِ في حُضْرِهما. يقال: ناهب الفَرسُ [الفرسَ(5)]، كأنهما يتناهبان الحُضْر والسَّبَق ويقال نَهَبَ النّاسُ فلاناً بكلامهم: تناوَلُوه به. والقياسُ واحد.
نهت – نهج - نهد
(نهت) النون والهاء والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. فالنّهِيتُ: دُونَ الزَّئير. وأسَدٌّ نَهَّات. ونَهت الرجُل: زحَرَ. وحِمارٌ نهّات.
(نهج) النون والهاء والجيم أصلانِ متباينان:
الأوَّل النَّهْج، الطّريق. ونَهَج لي الأمْرَ: أوضَحَه. وهو مُستقيم المِنْهاج. والمَنْهج: الطَّريق أيضاً، والجمع المناهج.
__________
(1) كذا ورد في الأصل واللسان بضم النون في التفسير والشاهد بعده، فقيل إن هذا لا واحد له من لفظه، وقيل واحدته نهاءة. وفي المجمل بكسر النون في الموضعين.
(2) البيت مجهول القائل في المجمل واللسان. ويروى أيضاً: "نهاء" بالفتح، كما في المجمل، وقال ابن بري في هذا: إنه جمع نهاة جمع الجنس ومده لضرورة الشعر. ويروى أيضاً "نهاء" بالكسر جمع نهاة بالفتح.
(3) هذه هي صورته قبل الإعلال، وإنما يقال أنأته إناءة، إذا لم تنضجه.
(4) في الأصل: "همزة"، تحريف.
(5) التكملة من المجمل.(5/288)
والآخر الانقطاع. وأتانَا فلانٌ يَنْهَج(1)، إذا أتى مبهوراً منْقَطِع النَّفس. وضربت فلاناً حتى أُنْهِج، أي سقط.
ومن الباب نَهجَ الثّوبُ(2) وأنْهَجَ: أخلق ولمّا ينشَقّ. وأنهجَه البِلَى. قال أبو عُبيدٍ: لا يقال نَهج(3).
(نهد) النون والهاء والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على إشراف شيءٍ وارتفاعِه. وفرَسٌ نَهْدٌ: مُشرِفٌ جَسِيم. ونَهَدَ ثَديُ المرأة: أشرَفَ وكَعَب؛ وهي ناهد. ويقولون للزُّبدة الضّخمةِ نَهِيدة.
ومن الباب المناهَدةُ في الحروب، كالمناهَضَة، لأنّ كلاًّ ينْهَد إلى كلّ، قالوا: غير أنَّ النهوضَ يكون عَنْ قعود(4)، والنهود كيف كان. ورجلٌ نَهْدٌ: كريمٌ يَنْهَد إلى معالي الأمور. والنّهْداء: رملة كريمة تُنبت كِرامَ البَقْل. ويقال أنْهَدْتُ
نهر
الحوضَ: ملأَتُه، وهو حوض نَهدان. ويقولون - وما أدري كيف صِحّته -: إن التّناهُد: إخراجُ كلِّ واحدٍ من الرُّفقَاء نفقةً على قدرِ نَفقةِ صاحِبِهِ.
(نهر) النون والهاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تفتُّح شيءٍ أو فتحِه. وأنْهَرْتُ الدَّم: فتحتُه وأرسلْته. وسمِّي النّهرُ لأنَّه يَنْهَر الأرض أي يشقُّها. والمَنْهَرة: فضاءٌ يكون بين بُيوت القَوم يُلقُون فيها كُناسَتَهم. وجمع النَّهر أنهارٌ ونُهُر. واستَنْهَرَ(5) النّهرُ: أخَذَ مَجراه. وأنْهَر الماءُ(6): جرى. ونَهرٌ نَهِر: كثير الماء. قال أبو ذؤيب:
__________
(1) ماضيه نهج بكسر الهاء، ويقال في معناه أيضاً أنهج إنهاجاً.
(2) هذا مثلث الهاء.
(3) كذا ضبطت في المجمل. وفي اللسان بدون عزو إلى أبي عبيد: "ولا يقال نهج الثوب –أي بفتح الهاء- ولكن نهج- أي بكسر الهاء".
(4) في الأصل: "على قعود"، وفي اللسان "قيام غير قعود"، صوابهما في المجمل.
(5) في الأصل: "انتهر"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.
(6) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "نهر"، ولم يردا في القاموس.(5/289)
على قَصبٍ وفُراتٍ نَهِرْ(1)
أقامَتْ به فأبتنَتْ خَيمةً
ومنه النَّهار: انفِتاح الظُّلمة عن الضِّياء ما بين طُلوعِ الفجر إلى غروب الشَّمس. ويقولون: إنَّ النّهار يجمع على نُهُر(2). ورجلٌ نَهِر: صاحب نهارٍ كأنَّه لا ينبعث ليلاً. قال:
* لستُ بِلَيلِيٍّ ولكنِّي نَهِرْ(3) *
وأمّا قولهم: النهار: فَرخُ بعضِ الطَّير، فهو مما [لا] يعرَّج على مِثله، ولا معنَى له.
نهز – نهس – نهش - نهض
(نهز) النون والهاء والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على حركةٍ ونُهوض وتحريكِ الشَّيء. فالنَّهْز: النُّهوضُ لتناوُلِ الشيء؛ ومنه انتهاز الفُرصة. والنُّهْزة: كلُّ ما أمكنَكَ انتهازُه* يقال قد أعْرَض فانتهزْ(4). ونَهَزَتِ النَّاقةُ بصَدْرِها: نهَضَتْ للسَّير. ونَهَزَت الدّابةُ برأسها: دَفَعَتْ عن نفسها.
ومن الباب ناهَزَ الصبيُّ البُلوغَ، إذا داناه، كأنَّه نَهَضَ له وتحرَّكَ. ونهَزْتُ ضَرْعَ النّاقة عند حَلْبها لتدُرّ، إذا ضربتَه بيدك. ونَهَزْت ماءَ الدَّلو بالماء: ضربتُه لتمتلئ الدّلْو.
(نهس) النون والهاء والسين كلمةٌ تدلُّ على عضٍّ على شيء. ونهَسَ اللَّحْمَ: قبَضَ عليه ونترَه(5) عِندَ أكلِه إيّاه. ومنه نَهَسَته(6) الحية.
(نهش) النون والهاء والشين أصلٌ صحيح، ومعناه معنى الذي قبله. قال ابن دريد(7): قال الأصمعيّ النَّهس والنَّهش واحد، وهو أخْذُ اللّحمِ بالفَم. وخالفه أبو زيد فقال: النّهش: بمقدَّم الفم.
__________
(1) ديوان الهذليين: (1: 146) والمجمل واللسان (نهر).
(2) شاهده قوله:
ثريد ليل وثريد بالنَّهر
لولا الثريدان لمتنا بالضمر
(3) أنشده في اللسان (نهر) والمخصص (9: 51) وكتاب سيبويه (2: 91).
(4) في المجمل: "انتهز فقد أعرض لك".
(5) النتر: الجذب بجفاء، وفي الأصل: "ونثره"، صوابه في المجمل واللسان.
(6) في المجمل: "نهسه".
(7) الجمهرة (3: 73).(5/290)
(نهض) النون والهاء والضاد أصلٌ يدلُّ على حركةٍ في عُلُو. ونَهَض من مكانه: قام. وما له ناهِضَةٌ، أي قومٌ ينهضون في أمره ويقومون به. ويقولون: ناهضةُ الرّجلِ: بنو أبيه الذي يَغضَبون له. ونَهَضَ النَّبْتُ: استَوَى. والنَّاهض:
نهط – نهع – نهق – نهك – نهل
الطائر الذي وَفَرَ جناحاهُ وتهيَّأ للنُّهُوضِ والطَّيَران. ونِهَاضُ الطُّرُق(1): صُعُدها وعَتَبها، الواحدة نهضة. وأنْهُض البَعيرِ(2): ما بين كَتِفِهِ إلى صُلْبه.
(نهط) النون والهاء والطاء. زعم ابنُ دريد(3) النَّهْط الطَّعْن. ونَهَطه بالرُّمح: طعنَه به.
(نهع) النون والهاء والعين ليس بشيء. على أنهم يقولون: نَهَعَ، إذا تَهَوَّعَ من غير قَلْسٍ.
(نهق) النون والهاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات. فالنّهيق والنُّهاق: صوت الحمار. ونَوَاهِقُه: مخارج نُهاقِهِ من حَلْقِه ونَوَاهق الدّابة: عروقٌ اكتنفتْ خياشيمَه، الواحدة ناهقة.
(نهك) النون والهاء والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على إبلاغٍ في عقوبة وأذى. ونَهَكَتْهُ الحُمَّى: نَقَصَتْ لحمه. وأنْهَكهُ السُّلطانُ عقوبةً: بالَغَ.
ومن الباب انتهاكُ الحرمة: تنَاوُلُها بما لا يحِلّ. والنّهِيك: الأسد والشُّجاع، لأنَّهُما يَنْهَكان الأقران.
(نهل) النون والهاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَرْبٍ من الشُّرْبِ. ونَهِلَ: شرِبَ في أوّل الوِرد. وأنْهلْتُ الدّوابّ. والمَنْهل(4): المورِد.
نهم
والنّاهل: الريّان. وربما قالوا للعطشان(5) ناهل. وهذا لعلَّه أن يكون على معنَى الفأل. قال:
__________
(1) في الأصل: "الطير"، صوابه من المجمل. ومفرده نهض بالفتح.
(2) جمع نهض بالفتح أيضاً. وأنشدوا في الجمع لهميان بن قحافة:
أبقى السناف أثراً بأنهضه
وقربوا كل جمالي عضه
(3) الجمهرة (3: 119).
(4) في الأصل: "والنهيل"، صوابه في المجمل واللسان وغيرهما.
(5) في الأصل: "العطشان".(5/291)
* ينهَلُ منه الأسَلُ النّاهلُ(1) *
أي تَروى منه الرِّماح العِطاش.
(نهم) النون والهاء والميم أصلانِ صحيحان، أحدُهما صوتٌ من الأصوات والآخر ولُوع بشيء.
فالأوَّل النَّهيم: صوت الأسد. والنّهيم: زَجْرُك الإبل إذا صِحْتَ بها. تقول: نَهَمْتُها، إذا صِحْتَ بها لتَمضي. قال:
وإنما ينْهِمَها القَومُ الهِيمْ(2)
ألاَ انهِمَاها إنَّهَا مَناهيمْ
ويقال للحَذْف بالعَصَا والحذف بالحَصَى نَهْمٌ؛ ولا بدَّ من أن يكون لِمَا يُحْذَف به أدنى صوت. قال:
* يَنْهَمْنَ بالدّارِ الحَصَى المنهوما(3) *
فأمّا الآخر فالنَّهْمة: بلوغ الهِمّة في الشَّيء. وهو منهومٌ بكذا: مُولَعٌ به. ويقال منه نُهِمَ يُنْهَمُ.
ومما شذَّ عن البابين النِّهَامِيّ: الحَدَّاد(4).
نوي
(باب النون والواو وما يثلثهما)
(نوي) النون والواو والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على معنيين: أحدهما مَقْصَدٌ لشيء، والآخر عَجَمُ شيء.
فالأوَّل النَّوَى. قال أهلُ اللغة: النَّوَى: التَّحَوُّل من دار إلى دار. هذا هو الأصل، ثم حمل عليه البابُ كلُّه فقالوا: [نوَى] الأمرَ يَنوِيه، إذا قَصَدَ له. وممَّا يصحِّح هذهِ التآويلَ قولُهم: نَوَاه الله، كأنَّه قَصَدَه بالحِفْظِ والحِياطة.
قال:
واقرأْ سلاماً على الذَّلْفاءِ بالثَّمَدِ(5)
يا عَمرُو أحسِنْ نَواكَ اللهُ بالرَّشَدِ
* أي قصَدَك بالرَّشَد. والنِّيَّة: الوجه الذي تَنْوِيه. ونَوِيُّكَ: صاحبُك نيَّتُه نِيَّتُكَ.
__________
(1) البيت للنابغة، كما في اللسان (نهل). وكذا وردت روايته في المجمل والمخصص (13: 26). وفي اللسان والأضداد 99: "ينهل منها". وصدره فيهما:
* الطاعن الطعنة يوم الوغى *
(2) الرجز في اللسان (نهم).
(3) لرؤبة في ملحقات ديوانه 184 واللسان (نهم).
(4) ويقال أيضاً للراهب، وهو بهذا المعنى الأخير مقيس، قال في اللسان: "لأنه ينهم، أي يدعو".
(5) أنشده في اللسان (نوى) ومعجم البلدان (ثمد الروم).(5/292)
والأصل الآخر النَّوَى: نَوَى التَّمْر. وربما عبَّروا به عن بعض الأوزان. ويقال إنَّ النَّوَاة زِنَةُ خمسة دَرَاهم. وتزَوَّجها على نواةٍ من ذهب، أي وزنِ خمسةِ دراهمَ منه.
وبالهمز كلمةٌ تدلُّ على النُّهُوض وناءَ ينوءُ نوءاً: نَهَضَ. قال:
نغادر صَرْعَى نوؤُها متخاذِلُ(1)
فقلنا لهم تِلْكُمْ إذاً بَعْدَ كرَّةٍ
أي نهوضها ضعيف والنَّوْءُ من أنواءِ المطَر كأنَّه ينهَض بالمطر. وكلُّ ناهض
نوب – نوت - نوح
بِثِقْلٍ فقد ناءَ. وناءَ البعيرُ بِحِمْلِهِ. والمرأة تنوء بها عجيزتُها، وهي تَنوءُ بها. فالأولى تُثْقَل بها، والثانية تنهض.
ومن الباب المناوأة تكون بين القوم يقال: ناوَأَه، إذا عاداه. وهو قياسُ ما ذكرناه، لأنها المناهَضة، هذا ينوءُ إلى هذا وهو ينوءُ إليه أي يَنْهَض.
(نوب) النون والواو والباء كلمةٌ واحدة تدلُّ على اعتياد مكان(2) ورجوعٍ إليه. وناب يَنُوبُ، وانتاب ينتاب. ويقال إنَّ النُّوبَ: النَّحل، قالوا: وسمِّيَت به لرَعْيها ونَوْبِها إلى مكانها. وقد قيل إنَّه جمع نائب. وقول
أبي ذؤيب:
كما يَهْتاجُ مَوْشِيٌّ قَشِيبُ(3)
أرِقْتُ لذِكرِهِ من غير نَوْبٍ
(نوت) النون والواو والتاء ليس عندي أصلاً. على أنهم يقولون: ناتَ ينُوت ويَنِيتُ، إذا تمايَلَ من ضَعف. فإنْ صحَّ هذا فلعلَّ النُوتيَّ وهو المَلاّح، منه.
__________
(1) لجعفر بن علبة الحارثي في الحماسة (1: 10).
(2) في الأصل: "اعتبار مكان".
(3) في ديوان الهذليين (1: 92) برواية: "نقيب". وفي اللسان (نوب) برواية: "نقيب". وكلام ابن فارس هنا مبتور، والذي في المجمل: "ويقال إن النوب القرب". وأنشد بعده البيت.(5/293)
(نوح) النون والواو والحاء أصلٌ يدلُّ على مقابَلة الشّيء للشيء. منه تناوَحَ الجَبَلان، إذا تقابَلاَ، وتناوحت الرِّيحانِ: تقابلتا في المَهبّ.
وهذه الرِّيح نَيِّحةٌ لتلك، أي مقابِلتُها. ومنه النَّوح والمنَاحة، لتقابُلِ النِّساء
عند البُكاء.
نوخ – نور
(نوخ) النون والواو والخاء كلمةٌ واحدة، وهي أنَخْتُ الجَمَل. فأمَّا فِعل المطاوَعة منه فقالوا: أنَخْتُه فبَرَك، وقال آخرون: استناخ. وجاء في الحديث: "وإن أُنِيخَ على صخرةٍ استناخ". وقال الأصمعيّ أنختُه فتَنَوَّخ.
(نور) النون والواو والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إضاءةٍ واضطراب وقِلّة ثبات. منه النور والنار، سمِّيا بذلك من طريقة الإضاءة، ولأنَّ ذلك يكون مضطرِباً سريعَ الحركة. وتنوَّرْتُ النّار: تبصَّرتُها. قال امرؤ القيس:
بيثربَ أدنى دارِها نظرٌ عالِي(1)
تنوَّرتُها من أذرعات وأهلُها
ومنه النَّور: نَور الشَّجر ونُوّارُهُ. وأنارت الشَّجرةُ: أخرجَتْ النَّوْر. والمَنَارة: مَفعلة من الاستنارة، والأصل مَنْوَرة. ومنه مَنَار الأرض: حُدودها وأعلامها، سمِّيت لبَيَانِها وظُهورها.
والذي قُلناه في قِلّة الثبات امرأةٌ نَوَارٌ، أي عفيفة تنُورُ، أي تَنفِر من القَبيح، والجمع نُورٌ. ونارت: نَفَرت نَوْراً(2). قال:
* أنَوْراً سَرْعَ ماذا يا فَروقُ(3) *
ونُرْت فلاناً: نَفَّرته. والنَِّوار: النِّفار.
نوس – نوش – نوص
__________
(1) ديوان امرئ القيس 56 واللسان (نور). وأذرعات يروى بالكسر مع التنوين وعدمه وبالفتح مع منع الصرف.
(2) ويقال في المصدر "النوار" أيضاً بالفتح، والاسم بالكسر، نوار.
(3) صدر بيت لزغبة الباهلي، أو لمالك بن زغبة الباهلي، أو لأبي شقيق الباهلي، في اللسان (نور، حذق) وإصلاح المنطق 41، 142. وعجزه:
* وحبل الوصل منتكث حذيق *(5/294)
ومما شذَّ عن هذا الأصل النّؤُور: دُخَانُ الفَتيلة يتّخذُهُ كُحلاً وَوشْماً. ونَوَّرْت اللِّثة(1): غَرَزْتها بإبرةٍ ثم جعلت في الغَرز الإثمد.
(نوس) النون والواو والسين أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وتذبذُب. وناسَ الشَّيءُ: تذَبْذَب، ينُوس. وسمِّي أبو نُوَاسٍ لذُؤَابتينِ له كانَتَا تنوسانِ. ويقولون: نُسْت الإبلَ: سُقْتُها.
(نوش) النون والواو والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على تناوُل الشيء. ونُشْتُه نَوْشَاً. وتناوَشْتُ: تَنَاوَلْت. قال الله تعالى: { وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بعِيد } : [سبأ 52]. ورَّبما عَدَّوْه بغير ألفٍ فقالوا: نُشْتُه خيراً، إذا أنَلتَه خيراً. وقول القائل(2):
* باتت تَنُوشُ العَنَق انتياشا(3) *
(نوص) النون والواو والصاد أصلٌ صحيح يدلُّ على تردُّدٍ ومجيءٍ وذهاب*. وناص عن قرنه يَنُوص نَوْصاً. والمَنَاص المصدر، والمَلْجأ أيضاً. قال سبحانه: { وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [ص 3]. ويقولون: النَّوْص: الحِمار الوحشيّ لا يزالُ نائصاً: رافعاً رأسَه، يتردَّد كالجامح. وناوَصَ الجَرَّة: مارَسَها. ومرَّ تفسيرُه في باب الجيم(4).
نوض - نوط - نوع
(نوض) النون والواو والضاد فيه كلماتٌ متباينة.
الأولى النّوض: وُصْلةٌ ما بين العَجُز والمَتْن. والثانية قولهم: ناض في البِلاد: ذهب. والثالثة الأنواض: الأودية، واحدها نَوْض.
__________
(1) في الأصل: "إليه".
(2) كذا. وفي المجمل قبل إنشاد البيت التالي: "وناشت الإبل تنوش، إذا أسرعت النهض. قال".
(3) أنشده في اللسان (نوش).
(4) في الجزء الأول ص 413.(5/295)
(نوط) النون والواو والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تعليق شيءٍ بشيء. ونُطْتُه به: علَّقته به. والنَّوْط: ما يَتعلَّق به أيضاً، والجمع أنواط. وفي المثل: "عاطٍ بغير أنواط" أي إنَّه يعطو يتناول الشَّيء وليس له ما يتعلق به. والنِّيَاط: عِرقٌ علّق به القلب، والجمع أنْوطة(1)، وهو النائط أيضاً. قال:
* قَطْعَ الطَّبيب نائطَ المصفورِ(2) *
ونِياطُ المَفازةِ: بُعدها، سمِّي به لأنَّه كأنّه من بُعدِهِ نِيط أبداً بغيره. والأرنَب مقطِّعة النِّياط، لأنَّها تقطع البعيد. والتُّنَوِّط(3): طائر؛ وهو قياسُه لأنَّه يَنُوط كالخيوط من الشَّجرة يجعلها وكراً. ونِيطَ فُلانٌ: أصابته نوْطة، وهي وَرَمٌ في الصَّدر. وهو عِندنا من نِياط القَلْب، كأنَّ الوجعَ أصابَ نِياطَه. ويقولون: نَوْطةٌ من طَلْح، كما يقال عِيصٌ من سِدْر. وسمِّيت لتعلُّق بعضِها ببعض. وبئر نَيِّطٌ، إذا كانت قَدْرَ قامة.
(نوع) النون والواو والعين كلمتانِ، إحداهما تدلُّ على طائفةٍ من الشيء مماثلةٍ له، والثانية ضربٌ من الحَركَة.
نوف - نوق
الأوَّل النَّوع من الشيء: الضَّرْب منه. وليس هذا من نَوْعِ ذاك.
والثاني: قولهم: ناعَ الغُصن يَنوعُ، إذا تمايَلَ، فهو نائع. وقال بعضهم: لذلك يقال جائع نائع، أي مضطرب من شِدَّة جُوعه مُتمايِل. ويَدْعُون على الإنسان فيقولون: جُوعاً له ونُوعاً له.
(نوف) النون والواو والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على علوٍّ وارتفاع. ونافَ يَنُوف: طالَ وارتفع. والنَّوْف: السَّنام(4)، وجمعه أنواف. وممكنٌ أن يكون قولهم: مائةٌ ونَيِّف(5) من هذا، وقد ذكرناه في نيف للفْظِه.
__________
(1) ونوط، أيضاً بالضم.
(2) للعجاج في ديوانه 30 واللسان (نوط، صفر).
(3) ويقال تنوط بفتح التاء والنون وتشديد الواو المضمومة.
(4) قيده في اللسان بأنه السنام العالي.
(5) ويقال نيف أيضاً بالتخفيف، وقيل التخفيف لحن أو لغة رديئة.(5/296)
(نوق) النون والواو والقاف أصلٌ يدل على سمّوٍّ وارتفاع. وأرْفَعُ موضعٍ في الجبل نِيقٌ، والأصل الواو، وحوّلت ياءً للكسرة التي قبلها. وممكنٌ أن يكون النَّاقةُ من هذا القياس، لارتفاع خَلْقِها. وناقةٌ ونُوق(1). و"استَنْوَق الجملُ" تشبيهٌ بها، ويضرب مثلاً لمن ذَلَّ بعد عِزّ. والنّاقة: كواكبُ على هيئة النّاقة(2). وقولهم: تنوَّقَ في الأمر، إذا بالَغَ فيه، فعندنا أنَّه منه، وهم يشبِّهون الشيءَ بما يستحسنونه، وكأنَّ تنوَّق مقيسٌ على اسم الناقة، وهي عندهم من أحْسَنِ أموالهم. ومن قال تَنَوَّق خطأٌ فقد غَلِط(3)، وقياسه ما
نوك – نول – نوم
ذكرناه. والنِّيقة لا تكون إلاَّ من تَنَوّق. يقولون مثلاً: "خَرْقاءُ ذات نِيقَة"، يُضرَب للجاهل بالشَّيء يدَّعي المعرفة به.
(نوك) النون والواو والكاف كلمةٌ واحدة، هي النَّوَاكة والنُّوك(4) وهي الحُمْق. ورجلٌ أنْوَك ومُسْتنوِكٌ، وهم نَوْكَى(5).
(نول) النون والواو واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على إعطاءٍ. ونَوَّلته: أعطيته. والنَّوال: العَطاء. ونُلْتُه نَولاً مثل أنلته. وقولك: ما نَوْلُكَ أن تفعل كذا؛ فمنه أيضاً، أي ليس ينبغي أن يكون ما تُعطِيناهُ مِنْ نوالِك هذا. وقولُ لبيد:
جَزِعتَ وليس ذلك بالنَّوالِ(6)
وقفتُ بهنَّ حتَّى قال صحبي
قالوا: النّوال: الصَّواب، وتلخيصه: ليس ذلك بالعطاء الذي [إن] أعطيتَناه كنتَ فيه مصيباً. وكذا قوله:
__________
(1) ويقال في جمعه أيضاً ناق ونياق وأنواق وأينق وأنوق وأنؤق وأونق. وجمع الجمع أيانق وأنياقات.
(2) ذكرت في القاموس. وانظر الأزمنة والأمكنة للمرزوقي (2: 376).
(3) في اللسان: "وتنوق في الأمر، أي تأنق فيه. وبعضهم لا يقول تنوق". وشاهده قول ذي الرمة:
به حضرميات الأكف الحوائك
كأن عليها سحق لفق تنوقت
(4) بضم النون وفتحها أيضاً، كما في القاموس.
(5) ونوك أيضاً.
(6) ديوان لبيد ص110 طبع 1880 واللسان (نول).(5/297)
ليس النّوال بلوم كلِّ كريم(1)
فدَعِي الملامةَ ويْبَ غيرِكِ إنَّه
والقياس في كلِّه واحد.
ومما شذَّ عن الباب المِنْوال: الخَشَبة* يلُفُّ عليها النَّاسِج الثَّوب.
(نوم) النون والواو والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على جُمودٍ وسكونِ
نون – نوه – نيح
حركة. منه النَّوم. نامَ ينام نَوْماً ومَناما. وهو نَؤُومٌ ونُوَمَة(2): كثير النَّوم. ورجل نومةٌ(3):خاملٌ لا يُؤبَه له. ومنه استَنامَ لي فلانٌ، إذا اطمأنَّ إليه وسَكَنَ. والمَنَامة: القطيفة، لأنَّه ينامُ فيها.
ويستعيرون منه: نامت السُّوق: كَسَدت. ونامَ الثَّوبُ: أخْلَقَ.
(نون) النون والواو والنون كلمةٌ واحدة. والنُّون: الحُوت. و [ذو(4)] النُّون: سيفٌ لبعض العرب(5)، كأنَّه شُبِّه بالنون.
(نوه) النون والواو والهاء كلمةٌ تدلُّ على سُموٍّ وارتفاع. وناه النَّبات(6): ارتفع. وناهَت النّاقةُ: رفعَتْ رأسَها وصاحت. ومنه نُهْتُ بالشَّيء ونوَّهتُ: رفعت ذِكْرَه. ويقولون: ناهَتْ نَفْسُه: قوِيَتْ.
(باب النون والياء وما يثلثهما)
__________
(1) كذا على الصواب في الأصل وديوان لبيد 84. وفي المجمل: "بنول كل كريم".
(2) ويقال نوم أيضاً كصرد.
(3) بالضم، وبضم ففتح.
(4) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.
(5) كان لمالك بن زهير فقتله حمل بن بدر فأخذه منه، ثم قتل الحارث بن زهير حمل بن بدر واستولى منه على ذي النون اللسان (نون). وفي القاموس أن "ذو النونين" سيف معقل ابن خويلد.
(6) في الأصل: "النياه"، تحريف صوابه في المجمل واللسان.(5/298)
(نيح) النون والياء والحاء كلمة صحيحة تدل على خَيْرٍ وخيرِ حال. ونَيَّحه الله بخَيرٍ: أعطاه إيّاه. وقال الخليل: النَّيْح: اشتداد العَظْم بعد رُطوبَتِه. ونَاحَ يَنِيح نَيْحاً. ونَيَّحَ اللهُ عِظامَهُ، تدعو له. وذُكِرَتْ كلمةٌ أخرى إنْ صحَّتْ فهي قريبةٌ من هذا الباب، قالوا: ناحَ الغصنُ يَنيح نَيْحاً: تمايَلَ. حكاه أبو بكر عن أبي مالك(1).
نير - نيط – نيف
(نير) النون والياء والراء كلمة تدلُّ على وضوحِ شيءٍ وبُروزه. يقال لأخدود الطَّريقِ الواضحِ منه نِير. قال:
* إلى كلِّ ذِي نِيرَيْنِ بادي الشَّواكلِ *
ثم قيس على هذا نِيرُ الثّوب: عَلَمُه، سمِّي به لبُروزه ووضوحه. ومن هذا القياس النِّير: الخَشَبة على عُنُق الفَدَّانِ بأداتها، والجمع نِيرانٌ وأنْيار. ورجل ذُو نِيرَين، أي شِدَّته ضِعْفُ شِدّة غيرِه. والنِّير: جَبَل(2).
وما ننكر أن يكون أصل هذا كلِّه الواو فيرجعَ إلى ما ذكرناه في باب النُّور والنار.
(نيط) النون والياء والطاء. يقولون النَيْط: المَوت. قال الأمويُّ: رَمَاه الله بالنَّيْط.
(نيف) النون والياء والفاء. قد ذكرنا في باب النون والواو والفاء أنَّه يدلُّ على الارتفاع والزِّيادة. ويجوز أن يكون هذا البابُ راجعاً إلى ذلك الأصل. يقولون: مائة ونيِّف. وأنافت الدَّراهمُ على المائة. قال أبو زيد: كلُّ ما بين العَقْدَينِ نَيِّف. ومما يدلُّ على أنَّ هذا كذا قولُ القائل(3):
نيم – نيأ
على كلِّ رابيةٍ نيّفُ(4)
ورَدْتُ برابيةٍ، رأسُها
وناقة نِيافٌ وجملٌ نيافٌ: طويلٌ في ارتفاع. قال أبو بكر(5): ونيَّفَ على السبعين، زادَ عليها.
__________
(1) الجمهرة (2: 198).
(2) جبل لبني غاضرة. أنشد الأصمعي:
بالقوم قد ملوا من الإدلاج
أقبلن من نير ومن سواج
(3) هو عدي بن الرقاع، كما في اللسان (نوف).
(4) كذا على الصواب في الأصل والمجمل. وفي اللسان: "ولدت ترابية"، تحريف.
(5) الجمهرة (3: 161).(5/299)
(نيم) النون والياء والميم ثلاثُ كلمات ليست قياساً واحداً.
فالأولى النِّيم(1)، وهو الفَرْو. والثانية النِّيم، وهو شجرٌ. قال ساعدة بن جُؤيَّة الهُذَلي:
بعد التَّرقُّبِ من نِيم ومن كَتَمِ(2)
ثم ينوش إذا آدَ النَّهارُ له
والكَتَم: شجرٌ أيضاً.
والثالثة النِّيم: الدَّرَج في الرَّمْل إذا جَرَت فيه الرِّيح. قال:
مثل الأديم لها في هَبْوةٍ نِيمُ(3)
حَتَّى انجلَى اللَّيلُ عنَّا في مُلمَّعةٍ
(نيأ) النون والياء والهمزة كلمةٌ هي النِّيُّ(4) من اللحم: الذي لم ينضج وقد أنأْتُه أنا. والأصل أنيَأْتُهُ.(5) والله أعلم بالصواب.
نأت – نأج – نأد - نأش
(باب النون والهمزة وما يثلثهما)
(نأت) النون والهمزة والتاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. يقال: نَأتَ الرّجُل نَئيتاً، مثل نَهَتَ، إذا أنَّ. ورجلٌ نَآّتٌ مثل نهّات.
(نأج) النون والهمزة والجيم أصلٌ يدلُّ على صوت. ونَأَجَ إلى الله: تضَرَّع في الدعاء. ونائجاتُ الهَامِ: صوائحها. والنَّؤُوج والنّآّجة: الرِّيح تَنْئجُ(6) في هبوبها، أي تصوِّت. قال ذو الرُّمَّة:
هَيْفٌ يمانِيَةٌ في مرِّها نَكبُ(7)
وصَوَّحَ البقلَ* نّآّجٌ تجيء [بِهِ]
ونأج الثَّور: صاح. وفي الحديث: "ادع لنا ربَّك بأنْأَجِ ما تقدر"، أي بأضرَعِ ما يمكنُ من الدُّعاء.
__________
(1) الحق أن الكلمة معربة من الفارسية "نيم" بمعنى نصف، أي نصف فرو، كما في اللسان والمعرب
339. وفي الألفاظ الفارسية 156 أنه معرب "نيمة" وهو مركب من "نيم"، أي نصف ومن هاء التخصيص، وهو أيضاً: nêma بالسنسكريتية.
(2) ديوان الهذليين: (1: 196) واللسان (أود، نوم، كتم).
(3) لذي الرمة في ديوانه 576 واللسان (نوم).
(4) يقال نيء بالكسر والهمزة في آخره، وني بالكسر مع تسهيل الهمزة.
(5) انظر ما سبق في (نهأ).
(6) يقال نأج ينئج وينأج.
(7) ديوان ذي الرمة 11. والتكملة منه.(5/300)
(نأد) النون والهمزة والدال كلمةٌ واحدة. يقولون: النّآدُ والنّآدَى: الدَّاهية. قال الكميت:
أظلَّتكم بعارِضِها المُخِيلِ(1)
وإيّاكم وداهيةً نَآدَى
(نأش) النون والهمزة والشين كلمةٌ تدلُّ على أخْذ وبطش. ورجلٌ نَؤُوشٌ(2): ذو بَطْش.
نأف ـ نأل – نأم - نأي
وقد ذكرت كلمةٌ إنْ صحَّتْ فليست من قياس الأولى، يقولون لمن جاءَ في أواخر النَّاس: جاء نَئِيشاً. قال:
وقد حدثَتْ بعد الأُمورِ أمورُ(3)
تمَنَّى نئيشاً أن يكون أطاعَنِي
والذي سمعناه: "تمنَّى أخيراً".
(نأف) النون والهمزة والفاء. يقولون: نَئِف ينأف، إذا أكَلَ.
(نأل) النون والهمزة واللام، ليس فيه إلاَّ النَّأَلان: المَشْي السريع. ينهض الماشي برأسه إلى فوق. ورجُلٌ نَؤُول، وضَبُع نَؤُول، إذا فعَلْت ذلك.
(نأم) النون والهمزة والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على صوت. النئيم: [صوتٌ(4)] فيه ضعفٌ كالأنين. ونَأَم الأسدُ يَنئِمُ(5). وسمعتُ له نَأْمةً واحدة. ونأمت القوس نئيماً.
(نأي) النون والهمزة والياء كلمتان: النؤْي والنَّأي. فالنُّؤْي: حَفِيرةٌ حول الخباء، يدفَع ماءَ المطر عن الخباء. يقال أنأيتُ(6) نُؤْياً. والمنْتأَى(7): موضعه. وأنشد الخليل في هذا الموضع(8):
نبت
شآبيبَ يُنأَى سَيْلُها بالأصابع(9)
إذا ما التَقيْنا سالَ من عَبَراتنا
__________
(1) المجمل واللسان (نأد).
(2) وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.
(3) لنهشل بن حري، كما في اللسان (نأش).
(4) التكملة من المجمل.
(5) في المجمل: "ينأم"، وهما لغتان.
(6) في الأصل هنا: "انتاءت" صوابه من المجمل، وهو ما يقتضيه الاستشهاد بعد. على أن هناك لغة أخرى "انتأيت"، وليست مرادة هنا.
(7) في الأصل: "المستنأى"، صوابه من المجمل واللسان (نأي 171 س17).
(8) وكذا العبارة في المجمل، وهو شاهد لكلمة "أنأيت"، انظر الحاشية الرابعة.
(9) أنشده في المجمل واللسان (نأى).(5/301)
وأمّا النّأْي فالبُعْد، يقال نأَى ينأى نأْياً؛ وانتأى: افتعَلَ منه. والمُنتأَى: الموضعُ البعيد. قال:
فإنَّك كاللَّيل الذي هُوَ مَدرِكِي
وإنْ خِلتُ أنَّ المنتأى عنكَ واسعُ(1)
وربَّما أخّروا الهمزة فقالوا ناء، وإنَّما هو نأى. قال:
وإن رآك فقيراً ناءَ واغتربا(2)
مَن إنْ رآك غنيَّاً لانَ جانِبُه
والله أعلمُ بالصَّواب.
(باب النون والباء وما يثلثهما)
(نبت) النون والباء والتاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نماءٍ في مزروع، ثم يستعار. فالنَّبت معروفٌ، يقال نَبَت. وأنْبَتَتِ الأرض. ونَبَّتُّ الشَّجرَ: غَرستُه. ويقال: إنَّ [في(3)] بني فلانٍ لنابِتَةَ شرّ. ونبَتَتْ لبني فلانٍ نابتةٌ، إذا نشَأ لهم نَشْءٌ صِغار من الوَلَد. والنَّبيت: حيٌّ من اليمن. وما أحسَنَ نِبتةَ هذا الشَّجر. وهو في مَنبِتِ صدقٍ، أي أصلٍ كريم.
نبث – نبج – نبح - نبخ
(نبث) النون والباء والثاء أصلٌ يدلُّ على إبراز شيء. ونَبَثَ التُّرابَ: أخرَجَه من البِئرِ والنَّهر، وذلك المُستخْرَج نَبِيثةٌ، والجمع نبائث. والنَّابث: الحافر. وقَوْلهم: خبيثٌ نبيث، إنّما هو إتباع.
(نبج) النون والباء والجيم. يقولون: النَّبّاج: الرَّفيع [الصَّوت(4)]، وهي كلمةٌ واحدة.
(نبح) النون والباء والحاء كلمةٌ واحدة، وهي نُبَاح الكَلْب ونَبِيحه. وربَّما [قالوا] للظَّبْي نَبَح. قال أبو دُواد:
ءِ نبّاح من الشُّعْبِ(5)
وقُصْرَى شَنِجِ الأنْسَا
__________
(1) للنابغة في ديوانه 55 واللسان (نأى).
(2) البيت لسهم بن حنظلة الغنوي، في اللسان (نيأ). وقصيدته في الأصمعيات 46-50 طبع المعارف. ورواية الأصمعيات:
وإن رآك غنياً لان واقتربا
إذا افتقرت نأى واشتد جانبه
(3) التكملة في المجمل.
(4) التكملة من المجمل. وفي اللسان: "الشديد الصوت".
(5) اللسان (قصر، شنج، نبح، شعب) والحيوان (1: 349/ 5: 214). وقد سبق في (شعب).(5/302)
وفي الحديث: "اقْعُدْ منبوحاً"، أي مشتوماً.
(نبخ) النون والباء والخاء أصلٌ يدلُّ على عِظَمٍ وتعظُّم. وأصل النَّبْخ ما نَفِخ(1) من اليد فخَرَج شِبْهَ قَرْح ممتلئ(2) ماءً. ويقال للمتعظِّم في نفسه: نابخة. قال الشاعر:
من النَّوابِخِ مثل الحادر الرُّزَمِ(3)
يَخْشَى عليهم من الأملاك نَابِخةً
نبذ – نبر - نبس – نبش
والنَّبْخاء: الأكَمة، سمِّيت لارتفاعها.
(نبذ) النون والباء والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على طرحٍ وإلقاء. ونَبَذْتُ الشَّيءَ أنبِذُه نبذاً: ألقيتُه من يدي. والنَّبِيذُ: التَّمر يُلقَى في الآنيةِ ويُصَبُّ عليه الماء. يقال: نبذتُ أَنْبِذُ. والصَّبي المنبوذ: الذي تُلقِيه أمُّه. ويقال: بأرضِ كذا نَبْذٌ من مالٍ، أي شيءٌ يسير. وفي رأسه نَبْذٌ من الشَّيب، أي يسير، كأنَّه الذي يُنْبَذُ لِقلّته وصِغَره. وكذلك النَّبْذُ من المَطَر.
(نبر) النون والباء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفْع وعُلُوّ. ونَبَر الغلامُ: صاحَ* أول ما يترعرع. ورجلٌ نَبَّارٌ: فصيحٌ جهير(4). وسمِّي المنبرُ لأنَّه
مرتفع ويُرفَع الصَّوتُ عليه. والنَّبْرُ في الكلامِ: الهَمْزُ أو قريبٌ منه. وكلُّ مَن رفع شيئاً فقد نَبَره. ومما يقاس على هذا النِّبر: دُوَيْبَّة، والجمع أنبار، لأنَّه إذا دبَّ على الإبل تورَّمت جلودُها وارتفَعت. قال:
__________
(1) نفخ، بكسر الفاء، بمعنى انتفخ، وفي المجمل واللسان: "نفط".
(2) في الأصل: "بمثلي"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) هو ساعدة بن جؤية الهذلي. ديوان الهذليين (1: 202) واللسان (نبخ، رزم). والحادر، كذا وردت هنا بالحاء المهملة كما في اللسان. وفي المجمل والديوان: "الخادر" بالخاء المعجمة، وقد سبق بهذه الرواية في (رزم) ولكل وجه. فالخادر: الغليظ، أراد به الفيل. والحادر: الأسد في خدره، أي عرينه.
(4) في المجمل: "فصيح بليغ".(5/303)
دَبَّتْ عليها ذَرِبَاتُ الأنبارْ(1)
كأنها مِنْ سِمَنٍ واستِيقَارْ
(نبس) النون والباء والسين كلمةٌ واحدة. يقال: ما نَبَسَ بكلمةٍ، أي ما تكلَّم. وما سمعت لهم نَبْساً ولا نَبْسَة.
(نبش) النون والباء والشين أصلٌ وكلمةٌ واحدة تدلُّ على إبرازِ شيءٍ مستور. ونَبَشَ القَبْرَ، وهو نَبَّاشٌ يَنْبُشُه(2). ومن قياسه أنابِيش الكَلأ: القطاع(3)
نبص – نبض – نبط - نبع
المتفرِّقة تبرُزُ على وجه الأرض.
(نبص) النون والباء والصاد. يقولون: نَبَص الغلامُ بالكَلْبِ. ونَبَص الطائر: صَوَّت.
(نبض) النون والباء والضاد أُصَيْلٌ يدلُّ على حركةٍ أو تحريك. ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِض، وتلك حركتُه. وما به حَبَضٌ ولا نَبَض. وأنْبَضْتُ عَن(4) القوس إنباضاً من هذا. ونَبَضْتُ أيضاً. ويقولون: فؤاد نَبِضٌ(5)، كأنَّه من شهامته يَنْبِض، أي يتحرّك، قال:
نَبِض الفَرائصِ مُجْفَرِ الأضلاعِ(6)
وإذا أطفْتَ بها أطفتَ بكلكلٍ
(نبط) النون والباء والطاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج شيء. واستنبَطْتُ الماءَ: استخرجتُه، والماء نَفْسُه إذا استُخرِجَ نَبَط. ويقال: إنَّ النَّبَط سُمُّوا به لاستنباطهم المِياه. ومن المحمول على هذا النُّبْطة: بياضٌ يكون تحت إبط الفرس. وفرسٌ أنْبَطُ، كأنَّ ذلك البياضَ مشبَّه بماءٍ نبط.
(نبع) النون والباء والعين كلمتان:
__________
(1) الرجز في اللسان (ذرب، نبر، بدن) مع نسبته إلى شبيب بن البرصاء. وأنشده في (وقر) بدون نسبة وكذا في إصلاح المنطق 18.
(2) في الأصل: "نيشة"، تحريف.
(3) القطاع: جمع قطع بالكسر، وهو القطعة.
(4) في الأصل: "من"، صوابه في المجمل على أنه يقال أنبض القوس، وأنبض بالوتر.
(5) في القاموس "نبض" بالفتح والتحريك، وككتف وهذا الوصف مما فات صاحب اللسان.
(6) للمسيب بن علس في المفضليات (1: 60).(5/304)
إحداهُما نُبوع الماء، والموضع الذي يَنْبُع(1) منه يَنْبُوع. والنَّوابع من البعير: المواضع التي يَسيل منها عرقُه. ومنابع الماء: مَخَارِجُه من الأرض.
والأخرى النَّبْع: شَجَر.
نبغ – نبق – نبك
(نبغ) النون والباء والغين كلمةٌ تدلُّ على بُروزٍ وظُهُور. ونَبغَ الشيءُ ظَهَرَ. والنَّبْغ(2): ما تطايَرَ من الدَّقيق إذا طُحِن أو نُخل. ونَبَغ الرَّجُل(3)، إذا لم يكنْ في إرث الشِّعر(4) ثم قال وأجاد. وكذلك سمِّي النابغةُ الشَّاعر. قال(5):
وقد نبغَتْ لنا منهمْ شؤونُ
وحَلّت في بني قيس بن جَسْرٍ
(نبق) النون والباء والقاف كلمةٌ تدلُّ على تسويةٍ وتهذيب. والنخل إذا كان غِرَاسُه على استواءٍ منبَّق(6). وقد نَبَّقه صاحبُه. وكذلك كلُّ شيءٍ مستوٍ مهذَّب. قال:
كنخلٍ من الأعراض غير منبَّقِ(7)
وحدِّثْ بأنْ زالت بلَيلٍ حُمولُهمْ
ولعل النَّبق(8)، وهو حَمْلُ السِّدْر من هذا. ويقال –وهو شاذٌّ عن هذا:
أنبَقَ الرّجُلُ، إذا حَصَمَ(9) بها غيرَ شديدةٍ.
(نبك) النون والباء والكاف كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ وهبوطٍ في الأرض. يقال نَبَكَةٌ، والجمع نِبَاكٌ.
نبل
__________
(1) يقال بتثليث الباء.
(2) ورد في القاموس، ولم يرد في اللسان.
(3) مضارعه مثلث الباء.
(4) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "إذا لم يكن في إرثه الشعر".
(5) أي النابغة، انظر المزهر (2: 346) واللسان (نبغ)، وصواب ما في اللسان: "سمي به زياد بن معاوية لقوله". وفي الأصل هنا: "النابغة قال الشاعر".
(6) يقال بفتح المشددة وكسرها.
(7) لامرئ القيس في ديوانه برواية الطوسي (مخطوطة دار الكتب) واللسان (نبق).
(8) بفتح النون وكسرها، وككتف، وبالتحريك، أربع لغات.
(9) حصم، أي ضرط. وفي الأصل: "خصم"، صوابه في المجمل.(5/305)
(نبل) النون والباء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على فَضْل وكِبَر، ثم يستعار منه الحِذْق في العمل، فيقال للفَضْل في الإنسان نُبْل. والنَّبَل: عِظام المَدَر(1) والحِجارة. ويقال: نَبَلٌ ونُبَلٌ. وفي الحديث: "أعِدُّوا النَّبَل". ويقولون: إنَّ النَّبَل هاهنا الصِّغار، وإنَّها من الأضداد، ونبِّلْني أحجاراً للاستنجاء: أعْطِنِيها. ونبِّلْنِي عَرْقاً: أعطِنِيه. وحُجَّة أنَّها الصِّغار قول القائل(2):
أُورَثَ ذَوداً شَصَائصا نَبَلا
أفَرْحُ أن أُرزَأَ الكِرامَ وأن
وإذا كانت من الأضداد كان الوجه الأقلُّ خارجاً عن القياس.
والمعنى في الحِذْق قولُهم إنَّ النّابِل: الحاذقُ بالأمر، والفِعل النَّبَالة. وفلان أنْبَلُ النَّاسِ بالإبل، أي أعلمهم بما يُصلحها. قال:
شديدَُ الوَصاةِ نابلٌ وابنُ نابلِ(3)
تَدَلَّى عليها بالحِبالِ مُوَثِقَّاً
وفي الباب قياسٌ آخر يدلُّ على رَمْيِ الشّيءِ ونَبْذِه وخِفّةِ أمره. منه النَّبْل: السِّهام العربية. والنَّابل: صاحب النَّبْل*، والنَّبَّال: الذي يعملُه. ونبلْتُهُ: رمَيْتُه بالنَّبْل. ومن هذا القياس: تَنَبَّل البعيرُ: مات: والنَّبِيلة: الجِيفة، وسمِّيت بها لأنَّها ترمَى.
ومن القياس الذي يقارب هذا: نَبَلَ الإبلَ يَنْبُلُها: ساقَها سوقاً شديداً. قال:
نبه - نبو
* لا تأويَا للعِيسِ وانبُلاها(4) *
__________
(1) في الأصل: "المطر"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) هو حضرمي بن عامر. البيان (3: 315) وأمالي القالي (1: 67) واللسان (جزأ، شصص، نبل). وانظر الأضداد لابن الأنباري 78.
(3) لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين (1: 142) واللسان (نبل). وضبطت في اللسان بفتح ثاء "موثقاً"، وفي الديوان بكسرها، وفي شرح الديوان: "موثق: قد أوثق حبله بأعلى شيء مرتفع" و "شديد" في الديوان بالنصب، وفي اللسان مرة بالنصب وأخرى بالرفع.
(4) لزفر بن الخيار المحاربي في اللسان (نبل).(5/306)
(نبه) النون والباء والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاع وسمُوّ. ومنه النُّبْه والانتباه، وهو اليَقَظة والارتفاع من النَّوم. ونَبَّهْتَه وأنْبهته. ومنه رجلٌ نَبِيه، أي شَرِيف. وقولهم: إنَّ النَّبَه من الأضداد، يقال للضَّائع نَبَهٌ وللموجود نَبَه، فهو عندنا صحيحٌ؛ لأنَّه إذا ضاع انتُبِه له وإذا وُجِد انتُبِه له(1). قال أهلُ اللُّغة: النَّبَه: الضَّالَّة تُوجَد عن غفلة. تقول: وجدتُ هذا الشَّيءَ نَبَهاً وأضلَلْتُه نَبَها، إذا(2) لم يعلم متى ضلّ. والقياس في الباب ما ذكرناه. قال:
كأنَّه دُمْلُجٌ من فِضَّةٍ نَبَه
في مَلْعَبٍ من عَذَارَى الحيِّ مفصومُ(3)
(نبو) النون والباء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في الشيء عن غَيره أو تَنحٍّ عنه. [نبا بصرُه عن الشيء(4)] ينبو. ونبا السيف عن الضّريبة: تجافَى ولم يَمضِ فيها. ونبا به مَنزِلُه: لم يوافِقْه، وكذا فِراشه. ويقال نَبَا جنْبُه عن الفِراش. قال:
كتَجافِي الأسَرِّ فوقَ الظِّرابِ(5)
إنَّ جَنْبِي عن الفِراشِ لنَابِ
نبأ
ويقال إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم اسمُه من النَّبْوة، وهو الارتفاع، كأنَّه مفضّل على سائر الناس برَفْع منزلته. ويقولون النَّبيّ: الطريق. قال:
مكانَ النَّبِيِّ من الكاثِبِ(6)
لأصْبَحَ رتماً دُقاقَ الحَصَى
(نبأ) النون والباء والهمزة قياسه الإتيانُ من مكانٍ إلى مكان. يقال للذي يَنْبأ من أرض إلى أرضٍ نابئ. وسيلٌ نابئ: أتَى من بلدٍ إلى بلد ورجل نابئ مثله. قال:
__________
(1) في الأصل: "انتبه له وإذا وجد انبة له".
(2) كذا على الصواب في المجمل. وفي الأصل: "أي".
(3) لذي الرمة في ديوانه 572 واللسان (نبه، فصم). وقد سبق في (فصم).
(4) التكملة من المجمل.
(5) لمعد يكرب المعروف بغلفاء. اللسان (سرر، ظرب).
(6) لأوس بن حجر في ديوانه 3 واللسان (رتم، نبا، كثب). وسبق في (كثب).(5/307)
ولكن قَذَاها كلُّ أشعَثَ نابئٍ
أتَتْنا به الأقدار من حيث لا ندرِي(1)
ومن هذا القياس النَّبَأ: الخبر، لأنَّه يأتي من مكانٍ إلى مكان. والمُنبئ: المُخْبِر. وأنبأته ونَبّأته. ورَمَى الرّامي فأنبَأَ، إذا لم يَشْرِمْ(2)، كأنَّ سَهَمه عَدَل عن الخَدْشِ وسَقَط مكاناً آخَرَ. والنَّبْأة: الصَّوت. وهذا هو القياس، لأنَّ الصوتَ يجيءُ من مكانٍ إلى مكان. قال ذو الرمة:
بنبْأةِ الصوتِ ما في سمعِهِ كذبُ(3)
وقد توحَّس رِكزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ
ومن هَمَز النبيَّ فلأنه أنبأ عن الله تعالى. والله أعلم بالصواب.
نتج – نتح – نتخ - نتر
(باب النون والتاء وما يثلثهما)
(نتج) النون والتاء والجيم كلمةٌ واحدة، هي النّتاج(4). ونُتِجت النّاقةُ؛ ونَتَجها أهلُها. وفرسٌ نَتُوجٌ: استبانَ نتاجُها.
(نتح) النون والتاء والحاء. نَتَحَ العَرَقُ: رشَح. ومنَاتح العَرَق: مخارجه. ونَتَح النِّحْيُ: رشَح أيضاً.
(نتخ) النون والتاء والخاء كلمةٌ تدلُّ على استخراج الشَّيء من الشيء. ونتخ الشَّوكَةَ مِنَ الرِّجل بالمِنْتاخ، أي المنقاش. ونَتَخ البازِي اللحمَ بِمنْسَرِه، ونَتَخ ضِرسَه: انتزعَه. قال زُهير:
تَنْتَخُ أعْيُنَها العِقبانُ والرَّخَمُ(5)
تَتركُ أفلاءَها في كلِّ مَنزِلةٍ
__________
(1) للأخطل في اللسان (قذا، نبأ)، وروايته في الموضع الأول: "ولكن قذاها زائر لا نحبه".
(2) في المجمل: "إذا لم يخدش". وفي اللسان: "أي لم يشرم ولم يخدش".
(3) ديوان ذي الرمة 21 واللسان (نبأ).
(4) هو بالفتح المصدر، وبالكسر الاسم لما يوضع.
(5) ديوان زهير 154 واللسان (نتخ، فلا) والحيوان (6: 341) والرواية فيما عدا المقاييس: "تنبذ أفلاءها"، وفي إحدى روايتي الديوان: "تنقر أعينها"، وفي اللسان: "تبقر أعينها".(5/308)
ويقولون: المتنَتِّخُ(1): المتفلِّي. والبِساط المنتوخ بالذَّهب: المنسوج به. والنَّتْخ: النَّسْج، عن ابن الأعرابيّ.
(نتر) النون والتاء والراء كلمةٌ تدلُّ على جَذْب شيءٍ. والنَّتْر: جَذْبٌ فيه جَفْوة. والطَّعْنُ النَّتْر، مثل الخَلْس. والنَّواتِر: القِسِيّ. وقولهم: إنَّ النَّتَر: الفَساد والضَّياع، وإنشادهم:
نتغ – نتف - نتق
* أمْرَكَ هذا فاحتفِظْ فيه النَّتَرْ(2) *
فالأصل فيه ما ذكرناه، كأنّه أمرٌ جُذِبَ عن الصِّحَّة.
(نتغ) النون والتاء والغين ليس بشيءٍ غير حكاية. يقولون: أنتَغَ الرّجُل، إذا ضَحِكَ* ضَحِكَ المستهزئ. ويقالَ: نَتغْتُه، إذا عبتَه وذكَرْتَه بما ليس فيه. قال أبو بكر: رجل مِنْتَغٌ فَعّالٌ لذلك(3).
(نتف) النون والتاء والفاء: أصلٌ يدلُّ على مَرْطِ شَيء. ونَتَفَ الشَّعَْر وغيرَه يَنْتِفُه. والمِنْتاف: المِنْقاش. والنُّتَافَة: ما سَقَط من الشَّيء إذا نُتِف. والنُّتْفَة: ما نتَفْتَه بأصابِعك من نبتٍ أو غيرِه. ورجلٌ نُتَفَةٌ: ينتِف من العلم شيئاً ولا يستقصيه.
(نتق) النون والتاء والقاف أصلٌ يدلُّ على جَذْب شيءٍ وزَعزَعَتِه وقَلْعِه من أصله. تقول العرب: نتَقْتُ الغَرْبَ من البِئر: جَذَبْتُه. والبعير إذا تَزَعْزَع حِملُه نتَقَ عُرَى حِبالِه، وذلك جَذْبُه إيّاها فتَسترخِي. وامرأةٌ ناتقٌ: كثُرَ أولادُها. وهذا قياس الباب، كأنَّهم نُتِقُوا مِنْها نتقاً. قال(4):
__________
(1) وردت في القاموس، ولم ترد في اللسان.
(2) للعجاج في ديوانه 19 بالرواية نفسها. وفي المجمل: "فاحتفظ منه"، وفي اللسان: "فاجتنب منه". وقبله:
في الكتب الأولى التي كان سطر
فاعلم بأن ذا الجلال قد قدر
(3) في الجمهرة (2: 23): "إذا كان فعالاً لذلك". وفي الأصل هنا: "فقال لذلك".
(4) في الأصل: "كأنهم نتقوا منها قال نتقا".(5/309)
دَحَقَتْ عليك بناتِقٍ مذكارِ(1)
لم يُحرَموا حُسْنَ الغِذاءِ وأمُّهُمْ
نتك – نتل – نتأ
وفي الحديث: "علَيكم بالأبكار فإنَّهنَّ أنْتَقُ أرحاماً". وزَنْدٌ ناتقٌ: وارٍ؛ وهو القياس.
([نتك) النون والتاء والكاف. النَّتْك(2)]، هي من يمانيَّات أبي بكر(3). قال: وهي شَبِيهٌ بالنَّتْف.
(نتل) النون والتاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تقدُّم وسَبْق. يقال استَنْتَل الرّجلُ: تقدَّمَ أصحابَه. وسمِّي الرَّجلُ به ناتلا. ونَتَلته: جذبْتُه إلى قُدُم. وتَنَاتَلَ النّبتُ: لم يستقِمْ نباتُه وكان بعضُه أطوَلَ مِن بعض، كأنَّ الأطولَ تقدَّمَ ما هو أقصَرُ منه فسَبَق. وقولهم: النَّتَلُ العَبْد الضَّخم، تفسيره أنَّه يقوى من التقدُّم [على] ما يعجِزُ عنه غيرُه. ألا ترى إلى قول الرّاجز(4):
* يَطُفْنَ حولَ نَتَلٍ وَزْوازِ *
فوصَفَه بوَزْوازٍ، وهو الخفيف.
(نتأ) النون والتاء والهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيءٍ عن موضعه من غير بَينُونة. يقولون: نتأ الشَّيء، إذا خَرَجَ عن موضِعِه من غير أن يَبِين، يَنْتأ. ونتَأَت الجِلْدة(5). ويتوسَّعون في هذا حتَّى يقولوا: نتأْت على القَومِ:
نتب - نثر
طلَعْتُ عليهم. ونَتَأت الجاريةُ: بَلَغَتْ. وذكر بعضهم نَتَأ(6) لي فلانٌ بالشرِّ، إذا استعدّ. وهو ذلك القياس، كأنَّه نهض من مَقرِّه. وفي أمثالهم: "تحْقِرُه ويَنْتأ لك"، أي تزدريه لسكونه وهو ينهَضُ إليك مجاذباً(7).
__________
(1) للنابغة في ديوانه 37 واللسان (دحق، نتق). وفي الديوان والموضع الثاني من اللسان: "طفحت عليك".
(2) تكملة يقتضيها الكلام. ولم ترد هذه المادة في المجمل.
(3) أي من لغة أهل اليمن. الجمهرة (2: 28).
(4) هو أبو النجم، كما في المجمل واللسان (نتل).
(5) بدله في المجمل: "ونتأت الفرحة: ورمت".
(6) في الأصل: "إنتاء"، صوابه في المجمل.
(7) في المجمل: "وهو يجاذبك".(5/310)
(نتب) النون والتاء والباء ليس بشيء، لأنَّ الباء فيه زائدة. يقولون: نَتَب الشَّيءُ، مثل نَهَد. قال:
لم يَعْدُوَا التَّفليكَ في النُّتوبِ
أشرَفَ ثدياها على التَّريب(1)
إنّما أراد النتُوَّ فزاد القافية. والله أعلم.
(باب النون والثاء وما يثلثهما)
(نثر) النون والثاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إلقاء شيءٍ متفرِّق. ونَثَر الدّراهِمَ وغيرَها. ونَثَرت الشّاةُ: طرحت من أنْفِها(2) الأذَى. وسمِّي الأنْف النَّثْرةَ من هذا، لأنه يَنْثُر ما فيه من الأذى. وجاء في الحديث: "إذا توضَّأْت فانْتَثِرْ" أو "فانْثِرْ(3)"، معناه اجعَل الماءَ في نَثْرتك. [و] النَّثْرة: نجمٌ يقال
نثل – نثا - نجح
إنَّه أنف الأسَد يَنْزِلُه القَمر. وطَعَنه فأنْثَرَه: ألقاه على خَيْشُومِه. وهذا هو القياس. قال:
إذا رأى فارِسَ قومٍ أنْثَرَه(4)
إنَّ عليها فارساً كعَشَرهْ
[ويقال: أنثَره(5)]: أرْعَفَه الدَّم. والنَّثْرة: الدِّرع، وهذا ممكنٌ أن يكون شاذَّاً من الأصل الذي ذكرنا.
(نثل) النون والثاء واللام أصلٌ يدلُّ على استخراج شيءٍ من شيء أو خروجه منه. منه نثَلْتُ كِنانَتي: أخرَجْتُ ما فيها من نَبْلٍ نَثْلا. ونثلَتُ البِئر: استخرجت تُرابَها. والنَّثِيل: الرَّوْث. والنَّثيلة: تُراب البِئر، والقياس واحد.
(نثا) النون والثاء والحرف المعتل كلمةٌ. يقال نَثَا الكلام يَنثُو: أظهَرَه. والنَّثا* يقولون: أنْ يُذكَر الإنسانُ بغير جميل.
(باب النون والجيم وما يثلثهما)
__________
(1) الرجز للأغلب العجلي، كما في اللسان (ترب)، وأنشده في (نتب) بدون نسبة. في الأصل: "الترتيب"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) في الأصل: "في أنفها"، صوابه في المجمل.
(3) ويروى أيضاً: "فأنثر" بقطع الهمزة، والثاء فيهما مكسورة لا غير.
(4) الرجز في اللسان (نثر) والأزمنة والأمكنة للمرزوقي (2: 278).
(5) التكملة من المجمل بعد الإنشاد المتقدم.(5/311)
(نجح) النون والجيم والحاء أصلٌ يدلُّ على ظَفَرٍ وصِدْق وخيرٍ. منه النَّجاح في الحوائج: الظَّفَر بها. وسَيْرٌ نَجِيحٌ: وشيك. ورأيٌ نجيح: صواب. وتناجَحَتْ أحلامهم: تتابَعتْ بصدق. وأنجَحَ الله طَلِبَتَك: أسعَفَك
بإدراكها.
نجخ - نجد
(نجخ) النون والجيم والخاء كلمةٌ تدل على حكايةِ صوت. يقال: سمعت نَجِيخَ الماء وناجِخَتَه: صَوْتَه. والنُّجَاخ(1): صوت السَّاعل. ومنْجِخ(2): موضع.
(نجد) النون والجيم والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اعتلاءٍ وقوّة وإشراف. منه النَّجْد: الرجُل الشُّجاع. ونَجُدَ الرَّجُل يَنْجُد نَجْدَةً، إذا صار شُجاعاً. وهو نَجْد ونَجُدٌ وَنجِدٌ ونَجيد. والشَّجاعة نَجدةٌ. والمُناجِد: المُقاتِل. ولاقَى فلانٌ نَجدةً، أي شدَّة، أمراً عاكه(3). قال طَرَفة:
يالقومِي للشَّبابِ المسبكِرّْ(4)
تَحسَبُ الطّرفَ عليها نَجدةً
أن ينظر النّاظرُ إليها فتلحقُها لذلك شِدّة، كأنَّه أراد نَعْمةَ جِسمها ورِقّته.
ومن الباب النَّجَد: العرق. ونَجِد نَجَداً: عَرِقَ من عملٍ أو كرب. قال:
بالخيزُرانةِ بعد الأينِ والنَّجَدِ(5)
يَظلُّ مِن خَوفِهِ الملاّحُ معتصِماً
وربَّما قالوا في هذا: نُجِدَ فهو منجودٌ. قال:
ولقد كان عُصْرةَ المنجودِ(6)
صادياً يستغيثُ غيرَ مُغاثٍ
نجذ
__________
(1) وردت في القاموس ولم ترد في اللسان.
(2) بضم الميم وكسرها مع كسر الجيم فيهما، كما في اللسان، وذكر أنه جبل من جبال الدهناء. وضبطه في معجم البلدان بوزن اسم المفعول. وأورد ياقوت قبله "منجح" بالحاء المهملة في آخره بوزن اسم الفاعل، وذكر أنه من جبال الدهناء.
(3) كذا وردت في الأصل. ولعلها: "في أمر عالجه".
(4) ديوان طرفة 64 واللسان (نجد). وقد سبق في (رسل).
(5) النابغة في ديوانه 26 واللسان (نجد، خزر). وقد سبق في (عصم).
(6) لأبي زبيد الطائي، كما أسلفت في حواشي (عصر).(5/312)
ويقال: استنجَدْتُه فأنْجَدَني، أي استغثْتُه فأغاثني. وفي ذلك الباب استعلاءٌ على الخَصم.
ومن الباب النَّجود: المشْرِفة(1) من حمر الوَحش. واستنجد فلانٌ: قوِيَ بعدَ ضَعْف. ونَجَدْتُ الرّجُل أنْجُدُه: غلبته. حكاه ابنُ السكِّيت. والنَّجْد: ما عَلاَ من الأرض. وأنْجَدَ: علا من غَورٍ إلى نجد.
ومن الباب: هو نَجدٌ(2) في الحاجة، أي خفيفٌ فيها. والنِّجَاد: حمائل السَّيف لأنه يعلو العاتِق. والنَّجْد: ما نُجِّد به البيتُ من متاع. والتَّنجيد: التزيين والنَّجْد: الطريقُ العالي. والمنَجَّد: الذي نَجَّده الدّهر إذا عَرَف وجَرَّب، كأنَّه شجَّعه وقوّاه. وقياس كلّ واحد.
(نجذ) النون والجيم والذال كلمةٌ واحدة. النّاجِذ، وهو السِّنُّ بين الناب والأضراس. ثم يستعار فيقال للرّجُل: المنجَّذ، وهو المجرَّب. وبدت نواجِذُه في ضحكه. ويقولون: إنَّ الأضراس كلَّها نواجذ. وهذا عندنا هو الصَّحيح، لقول الشَّماخ:
* نواجِذُهنَّ كالحِدَأ الوَقيعِ(3) *
ولأنَّهم يقولون: ضَحِكَ حتَّى بدا ناجذُه، فلو كان السِّنَّ الذي بين النّاب والأضراس لم يُقَلْ فيه هذا، لأنَّ ذاك بادٍ من أدنى ضَحِك.
نجر - نجز – نجس
(نجر) النون والجيم والراء أصلان: أحدهما تسويةُ الشّيء وإصلاحُ قَدرِه، والآخر جِنسٌ من الأدواء.
الأوّل نَجْر الخشبِ، ونَجَره نَجْراً، وفاعله النَّجَّار، وهو منه، كأنه شيء سُوِّي(4). نَجَره نجراً. وكذا النَّجْر: الطَّبْع. ويقولون – وما أدري كيف صِحّته-: إنَّ نَجْران البابِ: الخشَبة الذي يدور فيها.
__________
(1) في الأصل: "المترفة"، صوابه في المجمل.
(2) يقال باللغات الأربع التي سبقت.
(3) صدره كما في ديوان الشماخ 56، واللسان (حدأ، نجذ، قنع، وقع):
* يبادرن العضاه بمقنعات *
(4) في الأصل: "سمى".(5/313)
والأصل الآخر النَّجَر: قالوا: نَجِرَت الإبلُ: عَطِشَت، ويقال مَجرت(1)، هو أن تَشرَب فلا تَرْوَى، وذلك يكون من أكلِ الحِبَّة. وحكى الخليلُ النّجْران: العَطشان. قالوا: وشهرُ ناجرٍ من هذا، لأنَّ الإبل تَنْجَر فيه. قال ابنُ السِّكِّيت: النَّجَر: أن يشرَبَ الإنسانُ اللَّبَنَ الحامِضَ فلا يَرْوَى من الماء.
(نجز) النون والجيم والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كمالِ شيءٍ في عَجلةٍ من غير بُطْء. يقال: نَجَزَ الوعدُ يَنْجُز(2). وأنجزْتُه أنا: أعجلتُه. وأعطيته ما عِندي حتَّى نَجَزَ آخِرُه، أي وصل إليه آخرُه. وبِعْهُ ناجزاً بناجز، كقولهم يداً بيد: تعجيلاً بتعجيل. والمناجَزَة في الحرب: أن يتبارَزَ الفارسان، أي يُعجِّلانِ القتالَ لا يتوقفان(3).
(نجس) النون والجيم والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف الطّهارة. وشيء نَجِسٌ ونَجَسٌ: قذِر. والنَّجَس: القَذَر. وليس ببعيد أن يكون
نجش
منه * قولهم: النَّاجس: الداء لا دَواءَ له. قال ساعدةُ الهذليّ:
للمرءِ كان صحيحاً صائبَ القُحَمِ(4)
والشيب داءٌ نَجِيسٌ لا دواءَ له
كأنَّه إذا طال بالإنسان نَجِسَه [أو نَجَّسَه(5)]، أي قَذِره أو قذَّره. أمَّا التَّنجيس فشيء كانت العرب تفعله، كانوا يعلِّقون على الصبِيِّ شيئاً يعوِّذونه من الجنّ، ولعلَّ ذلك عَظْمٌ أو ما أشبَهَه، فلذلك سُمِّي تنجيساً. قال:
* وعلقَ أنجاساً عليَّ المنجِّسُ(6) *
__________
(1) في الأصل: "نجرت". انظر اللسان (نجر 47).
(2) يقال أيضاً من باب (فرح).
(3) في الأصل: "لا يتوقعان".
(4) ديوان الهذليين (1: 191) والمجمل (نجس).
(5) تكملة يقتضيها التفسير بعده. و "نجيس" من الأول بمعنى الفاعل، ومن الثاني بمعنى المفعول.
(6) وكذا أنشد هذا العجز في اللسان (نجس). وصدره كما في تاج العروس:
* وكان لدي كاهنان وحارث *(5/314)
(نجش) النون والجيم والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على إثارة شيء. منه النَّجْش: أن تُزايِد في المبيع بثمنٍ كثير لينظر إليك الناظرُ فيقعَ فيه، وهو الذي جاء في الحديث: "لا تَناجَشُوا"، كأنَّ النَّاجشَ استَثارَ تلك الزيادة. والناجش: الذي يُثِير(1) الصَّيد. ونجَشْتُ الصَّيد: استثرته. وكذا نَجَشَ الإبلَ ينجُشها: جمعها بعد تَفرُّق. قال:
* غيرَ السُّرى والسَّائِق النَّجَّاشِ(2) *
ومن الباب النِّجَاشة: سُرعة المشي. ومرَّ يَنْجُشُ نجيشاً(3). وكأنّه يراد به يُثِير التُّراب في مَشيِه. ويقال إنّ اسمَ النَّجاشِيِّ مشتقٌّ منه.
نجع – نجف
(نجع) النون والجيم والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على منفعةِ طعامٍ أو دواءٍ في الجِسم، ثمّ يُتوسَّع فيه فيقاس عليه. ونَجَع الطّعامُ: هَنَأَ آكِلَه. وماءٌ نَجوعٌ كنميرٍ، وهو النامي في الجِسم. قال ابن السِّكِّيت: نجَع فيه الدّواء، ونَجَع في الدابة العَلف، ولا يقال أنْجَعَ.
وممَّا قيسَ على هذا النُّجْعة: طلبُ الكلأ، لأنّه مَطلبُ ما يَنْجَع. وانتَجَعَه: طلب خَيره. ومنه النَّجِيع: الخَبَطُ يُضرَب بالدَّقيق والماءِ يُوجَر الجمل(4). ونَجَعَ في فلانٍ قولُك: أخَذَ فيه.
ومما شذّ عن الباب: النَّجيع: دمُ الجَوفِ يَضرِب إلى السَّواد.
(نجف) النون والجيم والفاء أصلانِ صحيحان: أحدُهما يدلُّ على تبسُّطٍ في شَيءٍ مكانٍ أو غيره، والآخَر يدلُّ على استخراج شيء.
__________
(1) في الأصل: "ينثر".
(2) في المجمل واللسان (نجش، نفش) والمخصص (7: 111): "وسائق نجاش". وفي الأصل هنا: "بعد السرى"، صوابه في المراجع المذكورة.
(3) لم ترد في المجمل. وفي اللسان والقاموس "النجش" بدون ياء.
(4) في المجمل: "يوجره الجمل".(5/315)
فالأوَّل النَّجَف: مكانٌ مستطيل منقادٌ ولا يعلوه الماءُ، والجمع نِجَاف. ويقال هي بطونٌ من الأرض في أسافِلِها سُهولةٌ تنقاد في الأرض، لها أوديةٌ تنصبُّ إلى لينٍ من الأرض. ويقال لإبِطِ الكثيب: نَجَفَةُ الكَثِيب.
ومن الباب النَّجِيف [من(1)] السِّهام: العَرِيض. ونَجَفْتُ السَّهمَ: برَيْتُه كذلك وأصلحتُه، وسهمٌ منجوفٌ ونَجيف. وغارٌ منجوفٌ: واسع.
والثاني: تيسٌ منجوف، وهو أن يُعَصَّبَ قضيبُه ولا يقدِرَ على السِّفاد، وكأنَّه قد قُطِع عنه ماءٌ واستُخْرِج. والانتجاف: استخراجُ ما في الضَّرعِ من
نجل - نجم
اللبن. والمَنجوف: المْنقَطع عن النِّكاح. وانتَجَفَت الرِّيحُ السَّحَابَ: مَرتْه واستَفرغَتْه.
(نجل) النون والجيم واللام أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على رَمْيِ الشيء، والآخَر على سعةٍ في الشَّيء.
فالأوَّل النَّجْل: رمْيُك الشَّيء. يقال: نَجَل نَجْلا. والناقة تَنْجُل الحصى بِمنَاسِمها نَجْلاً، أي ترْمِي به. ومنه نَجَلْتُ الرّجُلَ نَجْلَةً، إذا ضربته بمقدَّمِ رِجلكَ فتَدحْرَجَ. وقولهم: "مَنْ نَجَلَ النَّاسَ نَجَلُوه"، أي مَن شارَّهم شارُّوه، ومن رَماهم رمَوْه. ومن الباب النَّجْل، وهو النَّسل، لأنَّ الوالدةَ كأنَّها تَرْمِي به. وفحلٌ ناجِلٌ، كريم النَّجْل. ويقولون: قَبَح اللهُ ناجِلَيه، أي والديه. ومنه النَّجْل: النّزُّ، كأنَّه ندىً تَقْلِسُهُ الأرض وترمِي به.
والأصل الآخر النَّجَل: سَعَةُ العين في حُسْن؛ والنَّجْل: جمع أنْجَل. والأسَدَ أنْجَلُ. وطعنةٌ نَجْلاَء: واسعة. ورُمْحٌ مِنْجَلٌ: واسع الطَّعْن. ونَجَلْتُ الإهاب: شقَقْتُه عن عُرقوبيهِ جميعاً، كما تُسلَخ الجُلود. وإهابٌ مَنْجُولٌ. ويقال: الإنجيلُ عربيٌّ مشتقٌّ من نَجَلت الشيءَ: استخرجْتُه، كأنَّه أمرٌ أبرِزَ وأُظهِرَ بما فيه.
__________
(1) التكملة من المجمل.(5/316)
ومما شذَّ عن هذين البابين النّجِيل: ضربٌ من وَرَق الشَّجَر من الحَمْض(1). وأنْجَلَت الأرضُ: اخضرَّتْ.
(نجم) النون والجيم والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على طُلُوعٍ وظهور.*ونَجَمَ النَّجمُ: طَلَعَ. ونَجَمَ السِّنُّ والقَرْنُ: طَلَعَا. والنّجم: الثُّرَيَّا، اسمٌ لها.
نجه – نجو
وإذا قالوا: طَلَعَ النَّجْم، فإنَّهم يريدونها. وليس لهذا الحديثِ نَجْمٌ، أي أصلٌ ومَطْلِع. والنَّجم من النَّبات: ما لم يكن له ساقٌ، مِن نَجَمَ، إذا طَلَعَ. والمِنْجَم في المِيزان: الحديدة المعترِضة التي فيها اللِّسان؛ وهو ذلك القياس.
(نجه) النون والجيم والهاء. كلمةٌ تدلُّ على كراهةٍ في شيء. يقال: نَجَهْتُه، إذا استقبَلْتَه بما يكرهُه ويَقْدَعُه عنك. ورجلٌ ناجِهٌ، إذا دَخَلَ البلدَ فاسْتَنْكَرَه وكَرِهَه.
(نجو) النون والجيم والحرف المعتلّ أصلانِ، يدلُّ أحدُهما على كَشْطٍ وكشف، والآخَر على سَترٍ وإخفاء.
فالأوَّل: نَجَوْتُ الجِلدَ أنْجُوه –والجلد نَجاً- إذا كشَطْتَه. وقال:
سيُرْضِيكما منها سَنامٌ وغاربُه(2)
فقلتُ انجُوَا عنها نَجَا الجِلْدِ إنَّه
__________
(1) في اللسان، "ما تكسر من ورق الهرم، وهو من ضرب الحمض"، وفي عبارة أخرى: "ضرب من دق الحمض".
(2) البيت لأبي الغمر الكلابي كما في الخزانة (2: 227) والعيني (3: 373). ونسب في الخزانة أيضاً إلى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. وهو في المجمل واللسان (نجا) وإصلاح المنطق 107 والمخصص
(7: 175/ 15: 81، 143) بدون نسبة.(5/317)
ويقولون: هو في أرضٍ نَجَاةٍ: يُسْتَنْجَى من شجرها العِصِيُّ. يقال للغُصُون النَّجَا. الواحدة نَجَاة، وأنْجِنِي عَصاً(1). ونَجَا الإنسانُ ينجو نَجاةً، ونَجاءً في السُّرعة(2)؛ وهو معنى الذَّهاب والانكشاف من المكان. وناقةٌ ناجِية ونَجَاةٌ: سريعة. ومن الباب وهو محمولٌ على ما ذكرناه من النّجاء: النَّجاة والنَّجْوة من الأرض، وهي التي لا يَعْلُوها سَيْل. قال:
نجو
والمستكنُّ كمَنْ يمشي بِقرْواحِ(3)
فَمَنْ بِنَجوتِهِ كمن بعَقْوَتِه
وإنّما قُلنا إنّه محمولٌ عليه لأنَّه كأنَّه لمَّا نَجَا من السَّيل فكأنَّه الشيء الذي يَنجو من شيء بذَهابٍ عنه، فهذا معنى المحمول.
وقولهم: بيني وبينهم نَجَاوَةٌ(4) من الأرض، أي سعة، من الباب؛ لأنَّه مكان يُسرَعُ فيه ويُنْجَى. وفي الحديث: "إذا سافرتم في الجَدْبِ فاسْتَنْجُوا"، يريد لا تُبطِئُوا في السير، ولكن انكَشِفُوا ومُرُّوا.
ومن الباب النَّجْو: السَّحاب، والجمع النِّجاء؛ وهو من انكشافِه لأنَّه لا يثبت. قال ابن السكّيت: أنْجَت السّحابةُ: ولّتْ. وقولهم: استَنْجَى فلانٌ، قالوا هو من النَّجْوَة، كأنَّ الإنسانَ إذا ارادَ قضاءَ حاجته أتى نَجوةً من الأرض تستره، فقيل لمن أرادَ ذلك استنجى، كما قالوا: تغوَّطَ، أي أتى غائطاً.
ومن الباب نَجَوْتُ فلاناً: استَنْكَهْتُه، كأنَّكَ أردتَ استكشافَ حالِ فيه. قال:
نجَوْتُ مُجَالِداً فوجدت فيه
__________
(1) في اللسان: "أنجني غصناً من هذه الشجرة".
(2) في المجمل: "ونجا الإنسان ينجو نجاة، ومن السرعة نجاء".
(3) لعبيد بن الأبرص في ديوانه 86 واللسان (نجا) ومختارات ابن الشجري 101. ويروى أيضاً لأوس بن حجر في ديوانه 4 والأغاني (10: 6).
(4) وردت في المجمل والقاموس، ولم ترد في اللسان.(5/318)
كريح الكَلْبِ ماتَ حديثَ عَهْدِ(1)
نجب
والأصل الآخر النَّجْو والنَّجْوَى: السِّرُّ بين اثنين. وناجَيْتُه، وتناجَوْا، وانتَجَوْا. وهو نَجِيُّ فلانٍ، والجمع أنْجِيَة. قال:
* إذا ما القومُ كانوا أنْجِيَهْ(2) *
يقول: نامَ القومُ وحَلُمُوا في نَومهم فكأَنَّهُم يناجُون أهلِيهم في النَّوْمِ ونَجَوْتُه: ناجَيْتُه. وانتجَيْتُه: اختصصته بمناجاتي. قال:
ما لا يُهمُّ بِهِ الجَثّامَةُ الوَرَعُ(3)
فبِتُّ أَنْجُو بها نَفْساً تكلِّفُنِي
(نجب) النون والجيم والباء أصلانِ: أحدهما يدلُّ على خُلوص شيءٍ وكَرم، والآخر على ضَعف.
الأوَل النَّجَابة: مصدر الرّجُل النجيب، أي الكريم. وانْتَجَب فلاناً: استخلَصَه واصطفاه. ورجل مُنْجِبٌ: له ولد نجيبٌ. وامرأةٌ مُنْجِبةٌ ومِنجابُ. ورجلٌ نَجْبٌ(4): سخِيٌّ كريم.
والآخر المِنْجاب: الرّجُل الضّعيف، والجمع مَناجيب. قال:
* إذْ آثَرَ النّومَ والدِّفءَ المَنَاجِيبُ(5) *
نجث - نحر
__________
(1) للحكم بن عبدل الأسدي، كما في الحيوان (1: 251). وقصيدة البيت في معجم الأدباء (10: 232) وورد بدون نسبة في اللسان (جلد، نكه، نجا) والمخصص (11: 209). ويروى: "نكهت مجالداً".
(2) لسحيم بن وثيل اليربوعي في اللسان (نجا). وتمام إنشاده: "إني إذا". على أنه روي أيضاً في اللسان (نحا): "أنحيه" بالحاء المهملة، وفسره بقوله: "أي انتحوا عن عمل يعملونه".
(3) أنشده في اللسان (نجا).
(4) ورد في المجمل والقاموس، ولم يرد في اللسان. وضبط في المجمل بضم أوله.
(5) لأبي خراش الهذلي. ديوان الهذليين (2: 160). وفي اللسان (نجب) أنه لعروة بن مرة الهذلي، وليس بصحيح. وليس لعروة بن مرة إلا قصيدتان إحداهما دالية وتنسب أيضاً إلى أبي ذؤيب، والأخرى رائية وتنسب أيضاً إلى أبي خراش. انظر شرح أشعار الهذليين للسكري 291-292. وصدره:
* بعثته في سواد الليل يرقيني *(5/319)
ومن الباب المِنْجَاب: النَّصْل يُبْرَى ولم يُرَش. والنَّجَبُ ما فوق اللِّحاء من قِشرة الشّجرة، والنَّجْبُ أخْذُه.
(نجث) النون والجيم والثاء أُصَيلٌ يدلُّ على إبراز شيءٍ وسَوءَةٍ(1). منه النَّجيثة: ما أُخرِجَ من تُراب البِئر. ويقال: بَدَا نَجِيثُ القَوم، أي ما كانوا يخفونه من سَوءة. والنَّجيث: الهَدَف. قال الخليل: سمِّي نجيثاً لانتصابه. وهو يَنْجُثُ بني فلان، إذا استعْواهم مستغيثاً بهم، ومعناه أنّه يسألهم البُروزَ لنُصْرته. والاستنجاث: التَّصدِّي للشَّيء، والقياس في كلِّه واحد، والله أعلم.
(باب النون والحاء وما يثلثهما)
(*نحر) النون والحاء والراء. كلمة واحدة يتفرّعُ منها كلماتُ الباب. هي النَّحْر للإنسانِ وغيره، والجمع نُحور. والنَّحْر: البَزْل(2) في النَّحْر. ونَحَرتُ البعيرَ نَحْراً. والنَّاحِران: عِرْقان في صَدر الفَرَس. ودائرة النَّاحر تكون في الجران إلى أسفَلَ من ذلك. وانتَحَروا على الشَّيء: تشاحُّوا عليه حِرصاً، كأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يريد نَحرَ صاحبِه. ويقال: النَّحيرة: آخرُ يومٍ من الشَّهر، لأنّه ينحر الذي يدخل(3)، وأظن معنى يَنحره يَلِي نَحْرَه. والعالم بالشّيء المجرِّب نِحْرِير، وهو إن كان من القياس الذي ذكرناه، بمعنى أنّه ينحر العلمَ نحراً، كقولك: قَتلتُ هذا الشَّيءَ عِلْماً.
نحز - نحس
(نحز) النون والحاء والزاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على معنى النَّخس والدّقّ، والآخر على امتدادٍ في شيء.
فالأول النَّحْز: النَّخْس. ونَحَزَه نَحْزاً. والراكب يَنْحَزُ بصدره واسِطةَ الرَّحْل. ونَحزْتُ النّاقةَ برِجلي: ركلتُها. والنَّاحز: أن يصيب المِرفَقُ كركرةَ البعير، يقال به ناحِز. والنُّحَاز: داءٌ يأخذ الإبل في رِئاتها. والقياس فيهما واحد.
__________
(1) في الأصل: "وسموه".
(2) البزل: الشق. وفي الأصل: "النزل".
(3) في اللسان: "لأنها تنحر الذي يدخل بعدها أي، تصير في نحره فهي ناحرة".(5/320)
ومن الباب نَحَز الشَّيءَ: دقَّه. والمِنحاز: شيء يُدَقُّ فيه الأشياء.
والأصل الآخر: النَّحِيزة: طِبَّةٌ تكونُ في الأرض ممتدة كالفَرسَخ. والنّحائز: نَسَائِجُ كالحُزُم والشُّقَق العريضة، تكون للرِّحال. ويقولون: النَّحيزة: طبيعة الإنسان. والذي نقوله(1) أنَّ النَّحيزة على معنى التَّشبيه، وإنَّما يُراد بها الحال التي كأنَّه نُسِجَ عليها، فيقولون: هو ضعيفُ النَّحيزة، أي هذه الحالُ منه ضعيفة.
(نحس) النون والحاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خِلاف السَّعد. ونُحِسَ هو فهو مَنحوس. والنُّحَاس: الدُّخَان لا لَهَبَ فيه. قال:
* شياطين يُرمَى بالنُّحاسِ رَجيمُها *
والنُّحَاس من هذه الجواهرِ كأنه لمَّا خالف الجواهرَ الشَّريفَةَ كالذَّهب والفِضّة سُمِّي نُحَاساً. هذا على وجه الاحتمال. ويقال: يومٌ نَحْسٌ ويومٌ نَحِسٌ. وقرئ: { في أيَّامٍ نَحِسَاتٍ } . [فصلت 16]. و { نَحْسَاتٍ(2) } .
نحص – نحض – نحط – نحف - نحل
ويحتمل أنَّ النُّحاس: الأصل، على ما ذكره بعضهم، ولمَّا كان أصلاً لكثيرٍ من الجواهر قيل لمبلغ أصلِ الشَّيء نُحاس.
(نحص) النون والحاء والصاد كلمةٌ واحدة، هي النَّحُوص: الأتَان الحائل في شعر امرئ القيس. قال:
طُوَالةُ أرساغِ اليدينِ نَحوصُ(3)
أرَنَّ عليه قارباً وانتحَتْ لهُ
__________
(1) في الأصل: "يقوله".
(2) من الآية 16 في سورة فصلت. وقراءة "نحسات" بفتح فسكون هي قراءة الحرميين وأبي عمرو والنخعي وعيسى والأعرج. تفسير أبي حيان (7: 490). والحرميان هما نافع وابن كثير. غيث النفع للصفاقسي 18.
(3) ديوان امرئ القيس برواية الطوسي (مخطوطة دار الكتب)، وفيه: "أرن عليها".(5/321)
(نحض) النون والحاء والضاد كلمةٌ واحدة، وهي اللَّحْم. يقال لِلَّحْم نَحْض. وامرأةٌ نَحِيضة: كثيرة اللَّحم، فإذا ذَهَب لحمها فَمنحوضَة، من قولهم: نحضْتُ العَظْم: أخذتُ ما عليه من لَحم. ويقولون: نَحَضْت السِّنانَ: رقّقته، كأنَّك لما رقَّقته أخذت عنه نَحضَه.
(نحط) النون والحاء والطاء كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوت. من ذلك النَّحِيط كالزَّفير. والنَّحَّاط: الرّجل المتكبِّر ينحطُ من الغَيظ. والنَّحْطة: داءٌ يأخذ الإبل في صَدرها تَنحَطُ منه فلا تكاد تَسلم معَه.
(نحف) النون والحاء والفاء كلمةٌ تدلُّ على دِقّة وذُبول. نحو(1) نَحُف الرّجُل نحافةً فهو نحيف، إذا قلَّ لحمُه وهُزِل. وهُم نِحافٌ.
(نحل) النون والحاء واللام كلماتٌ ثلاث: الأولى تدلُّ على دِقّةٍ وهُزال، والأخرى على عطاء، والثالثة على ادِّعاء.
نحو
فالأولى نَحَل جِسُمه نُحولاً فهو ناحل، إذا دقَّ، وأنْحلَه الهمُّ. والنَّواحل: السُّيوف التي رَقَّت ظُباتُها من كثرة الضَّرْب بها.
والثانية: نَحلْتُه كذا، أي أعطيتُه. والاسم النُّحْل. قال أبو بكر(2): سمِّي الشَّي المُعطَى النُّحْلان. ويقولون: النُّحْل: أن تُعطِيَ شيئاً بلا استِعْواض. ونَحَلْتُ المرأةَ مَهْرَها* نِحلةً، أي عن طِيب نَفْسٍ من غير مطالَبة. كذا قال المفسِّرون في قوله تعالى: { وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً } [النساء 4].
والثالثة قولهم: انْتحَلَ كذا، إذا تعاطاه وادَّعاء. وقال قوم: انتحلَه، إذا ادّعاه مُحِقّاً؛ وتَنَحَّله، إذا ادَّعاه مُبطِلاً. وليس هذا عندنا بشيء. ومعنى انتحل وتَنَحَّل عندنا سواء. والدليل على ذلك قولُ الأعشى:
__________
(1) كذا وردت هذه الكلمة، وأراها مقحمة.
(2) الجمهرة (2: 192).(5/322)
فِ بعدَ المشيبِ كفى ذاك عارا(1)
فكيف أنا وانتحالِي القوَا
(نحو) النون والحاء والواو كلمةٌ تدلُّ على قصد. ونحوْتُ نَحْوَه. ولذلك سمِّي نَحْوُ الكلام، لأنه يَقصِد أصول الكلام فيتكلمُ على حَسَب ما كان العرب تتكلَّم به. ويقال إنَّ بني نَحْوٍ: قومٌ من العرب(2). وأمّا [أهل(3)] المَنْحَاةِ فقد قيل: القوم البُعَداء غيرُ الأقارب.
ومن الباب: انتحَى فلانٌ لفلانٍ: قصَدَه وعَرَض له.
نحي – نحب – نحت
(نحي) النون والحاء والياء كلمةٌ واحدة، هي النِّحْي: سِقاء السَّمْن.
(نحب) النون والحاء والباء أصلانِ: أحدهما يدلُّ على نَذْرٍ وما أشبَهَه من خَطَر أو إخطار شيء، والآخر على صوتٍ من الأصوات.
فالأوّل: النَّحْب: النَّذْر. وسار فلانٌ على نَحْبٍ، إذا جهد، فكأنَّه خاطَرَ على شيءٍ فَجدَّ. قال:
* كما سار عن إحدى يديه المُنَحِّبُ(4) *
أي المُخاطِر. وقد كان التَّنْحِيب(5) في العرب، وهو كالمخاطَرة، تقول: إن كان كذا فلك عليَّ كذا وإلاَّ فلي عليك. وجاء الإسلامُ بالنَّهي عنه. ومنه ناحَبْتُه إلى فلانٍ، إذا حاكمتَه. والقياسُ فيهما واحد. وكذا النَّحْب: الموت، كأنَّه نذْرٌ ينذُِرُهُ الإنسان يَلزَمُه الوفاءُ به، ولا بُدَّ له منه.
والأصل الآخر النَّحيب: [نحيبُ] الباكِي، وهو بكاؤُه مع صوتٍ وإعوال. ومنه النُّحَاب: سُعال الإبل. ونَحَب البعيرُ يَنْحَب.
__________
(1) ديوان الأعشى 41 واللسان (نحل). والقواف، هي القوافي، مثل ما جاء في قول الله: { وجفان كالجواب } [سبأ 13]، أي كالجوابي. وفي الديوان: "فما أنا أم ما انتحالي القواف".
(2) في اللسان: "بطن من الأزد". وهم في الاشتقاق 300 بنو نحو بن شمس.
(3) التكملة من المجمل واللسان.
(4) للكميت، كما في اللسان (نحب) وروايته فيه: "كما صار". وصدره:
* يخدن بنا عرض الفلاة وطولها *
(5) في الأصل: "النحيب".(5/323)
(نحت) النون والحاء والتاء كلمة تدل على نَجْرِ شيءٍ وتسويتهِ بحديدة. ونَحَتَ النَّجَّار الخشبةَ ينحَتُها نحتاً. والنَّحيتة: الطَّبيعة، يريدون الحالةَ التي نُحِت عليها الإنسان، كالغريزة التي غُرِز عليها الإنسان. وما سقط من المنحوت نُحاتَةٌ.
نخر - نخس - نخش
(باب النون والخاء وما يثلثهما)
(نخر) النون والخاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات ثم يفرَّع منه. النخير: صوتٌ يخرج من المَنْخِرين، وسمِّي المَنخِران من جهة النَّخير الخارجِ منهما. وفُرِّع منه فقيل لخَرقَي الأنف النُّخرتان. والنَّخُور: الناقة لا تدُِرُّ حتَّى تُدخِل الإصبع في مَنْخِرها. ويقولون: النُّخْرة: الأنف نفسُه. ويقولون لهُبوب الرِّيح: نُخْرة. فأمَّا الشجرة النَّخِرةُ والعظم النَّخر فمن هذا أيضاً؛ لأن ذلك يتجوَّف فتدخلُه الرِّيح، ويكون لها عند ذلك نُخْرةٌ، أي صوت. ويقولون: النَّخِر: البالي. والناخر: الذي تدخل فيه الريح وتخرج منه ولها نَخِير. والقياس في كلِّه واحدٌ عندنا. وما بها ناخِرٌ، أي أحد، يراد بها مصوِّت.
وممَّا يقارب هذا: النَّخْوَريّ: الواسع الإحليل، وذلك كأنَّه شيء يدخله الرِّيحُ بنُخْرة.
(نخس) النون والخاء والسين كلمةٌ تدلُّ على بَزْل(1) شيءٍ بشيءٍ حادٍّ. ونَخَسَه بعُودٍ أو حديدةٍ نَخْساً. ومنه النَّخَّاس. والنَّاخِس: جَرَبٌ يكون عند ذَنَب البعير أو صدرِه، كأنَّه نُخِس به وبعيرٌ منخوس.
ومما شَذَّ عنه النخيسة(2).
(نخش) النون والخاء والشين. يقولون: نُخِشَ فهو منخوشٌ، أي هُزِلَ.
نخط - نخع
(نخط) النون والخاء والطاء يقولون: انتخَطَ من أنْفه رَمى به، وكأنّه من الإبدال والأصل الميم. قال:
* نخَطْن بذِبَّان المَصِيف الأزارِقِ(3) *
__________
(1) في الأصل: "نزل".
(2) النخيسة: لبن المعز والضأن يخلط بينهما، وهي الزبدة أيضاً.
(3) لذي الرمة في ديوانه 407 واللسان (نخط). وصدره:
* وأجمال مي إذ يقربن بعد ما *(5/324)
ومَا أدري أيُّ النّخْط هو(1)، منه، أي أيّ من انتَخَط.
(نخع) النون والخاء والعين أصلٌ يدلُّ على خالِصِ الشَّيءِ ولُبِّه. منه النُّخاع: عِرقٌ أبيض ضخمٌ مستبطِنٌ فَقارَ العُنُق. ثم يفرَّع منه فيقال: نَخَعه، إذا جاز بالذَّبح إلى النُّخاع*. ودابّةً منخوعة. وفي الحديث: "إنّ أنخَعَ الأسماء عند الله أن يتسمَّى الرّجُلُ باسمِ مَلِك الأملاك"، أي أقْتَلُها لصاحبه. والمَنْخَع: مفْصِل الفَهقةِ(2) بين العُنُق والرأسِ من باطن. وهو من النُّخاع أيضاً، لأنَّه يَجرِي فيه. وقولهم: النّاخع: العالم إن صحّ فهو منه أيضاً، كأنَّه وصل إلى الخالص الباطن من العلم وينشدون:
سِرَّاً وقد بَيَّن للنَّاخِعِ(3)
إنَّ الذي ربَّضَها أمرَهُ
ومنه أيضاً نَخِعَ العودُ(4): جَرَى فيه الماء، كأنَّه بلغ نُخاعَه. ونخَع النَّصيحةَ: أخلصها(5). والنُّخَاعة: النُّخامة. وقولهم: انْتَخَعَ الرّجُل عن أرضه تباعَدَ، هو
نخف - نخل - نخم
عندنا منه، كأنَّه بلغ نُخاعَه في سفره، كما يبلغ النَّاخعُ للشاة الغايةَ في الذَّبْح.
وممَّا يَجرِي مَجرى الإبدال شيءٌ رواه ابنُ الأعرابيِّ: نَخعَ لي فلانٌ بحقِّي، مثل بَخَعَ(6)، إذا أقرَّ .
(نخف) النون والخاء والفاء كلمة. يقولون: نَخَفَتِ العَنْزُ بأنفها، مثل نَفَطت. ويقولون النَّخْف: النَّفَس العالي.
__________
(1) بعده في المجمل: "بالضم والفتح".
(2) في الأصل: "الفقهة"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) وكذا ورد مضبوطاً في المجمل.
(4) مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان.
(5) وكذا في المجمل. واللفظ فيه: "ونخع فلان النصيحة: أخلصها". وفي اللسان: "ونخعته النصيحة والود: أخلصتهما".
(6) في الأصل: "نخع"، صوابه في المجمل واللسان.(5/325)
(نخل) النون والخاء واللام: كلمةٌ تدلُّ على انتقاء الشَّيء واختياره.وانتخلته: استقصيت حَتّى أخذتُ أفضلَه. وعندنا أنَّ النَّخلَ سمِّي به لأنَّه أشرف كلِّ شجرٍ ذي ساق، الواحدة نَخْلة. والنَّخْل: نَخلك الدَّقيق بالمُنْخُل، وما سقَطَ منه فهو نُخَالة(1). والنَّخْل: ضربٌ من الحَلْي على صورة النَّخْل. قال:
* قد اكتَسَتْ من أرنَبٍ ونَخْلِ(2) *
(نخم) النون والخاء والميم كلمة. يقولون: النُّخَامة: النُّخاعة. وتَنَخَّم، إذا نَخَع. قال ابنُ دُريد(3): وسمِعتُ نَخْمَةَ الرَّجُل، إذا سمِعتَ حِسَّه.
نخب – نخج - ندر
(نخب) النون والخاء والباء كلمةٌ تدلُّ على تَعظُّم(4) يقال أحدهما على خيار شيء، والآخَر على ثَقْبٍ وهَزْم في شيء.
فالأوَّل النُّخْبة: خيارُ الشَّيء ونُخبَتُه. وانتخبته، وهو مُنتَخَبٌ أي مختار. قال أبو زيد: النَّخبة(5): الشَّربة العظيمة.
والأصل الآخر النُّخبة: خَرق الثَّفْر(6). ومنه نَخَبها: باضَعَها. واستَنْخَبَت المرأةُ، إذا أرادت البِضاع. والرَّجلُ النَّخْب: الذي لا فؤادَ له. والنَّخِيب: الذاهب العقل. وهذا محتملٌ أن يكون من الأوَّل، كأنّه حُرِم النُّخبة، أي خيار ما في الإنسان.
__________
(1) في الأصل: "نخال"، تحريف.
(2) الأرنب كذلك ضرب من الحلي. والرجز لرؤبة في ديوانه 130 واللسان (رنب).وروايتهما: "وعلقت من أرنب ونخل". وقبله:
صفراً وخضراً كاخضرار البقل.
لما اكتست من ضرب كل شكل
(3) الجمهرة (2: 243).
(4) كذا، والوجه: "النون والخاء والباء يدل على معنيين".
(5) لم ترد في اللسان. وجاءت في المجمل بضم النون. والذي في القاموس "النخب" بالفتح. وبدون هاء، وقال: "وهي بالفارسية: دوستكاني".
(6) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "خوق الثفر".(5/326)
(نخج) النون والخاء والجيم كلمةٌ واحدة. يقولون: النَّخْج: السَّيْل [ينخج(1)] في سَنَد الوادي حتَّى يَجرُف. ويُقاس على هذا فيقال: ناخَجَها، إذا جامَعَها.
(باب النون والدال وما يثلثهما)
(ندر) النون والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على سُقوط شيءٍ أو إسقاطه. ونَدَر الشّيءُ: سقط. قال الهُذَلي(2):
ندس
نَدْرَ البِكَارةِ في الجزاء المُضْعَفِ(3)
وإذا الكُماةُ تَنادَرُوا طعنَ الكُلَى
أي أُهدِرت دماؤُهم كما تُنْدَر البِكارة في الدِّية.
وأنا ألقى فلاناً في النَّدْرة والنَّدَرة(4)، إذا كنت تلقاه في الأيام، فكأنَّ تلك اللقاءة كانت ندرت، أي سقطتْ. وضَربَه على رأْسه فندَرَتْ عينُه، أي خَرجَتْ من موضِعها. وقولهم: الأندريّ، ما نُراه عربيَّاً، لكنَّهم يقولون: الأندْرَون: الفتيان يجتمعون من مَواضِعَ شتّى. ويُنشِدون قولَ عمرو:
* ولا تُبقِي خُمورَ الأندرينا(5) *
وقال قوم: الأندِرين: قرية. ويقولون: الأندرِيّ: الحَبْل(6).
وأنشد:
* كأنَّه أندريٌّ مسَّهُ بللُ *
والأندر: البَيدر، قاله الخليل.
(ندس) النون والدال والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على مِثل النَّزْك(7) والطَّعن. يقولون: المُنادَسَة بالرماح: المطاعَنَة. والنَّدْس: الطَّعن. قال الكميت:
ندص – ندغ – ندف - ندل
__________
(1) التكملة من المجمل بهذا الضبط. وضبط في اللسان بكسر الخاء. وصنيع القاموس يقتضي ضم الخاء.
(2) هو أبو كبير الهذلي. ديوان الهذليين (2: 108) واللسان (ندر).
(3) في الديوان: "تعاوروا".
(4) وكذا في المجمل واللسان. واقتصر القاموس على لغة الفتح.
(5) أول بيت في معلقة عمرو بن كلثوم. وصدره:
* ألا هبّي بصحنك فاصبحينا *
(6) في الأصل: "الخبل"، وفي المجمل "الجبل"، صوابهما ما أثبت من اللسان والقاموس. وفيهما: "الأندري: الحبل الغليظ. وأنشد صاحب اللسان للبيد:
* ممر ككر الأندري شتيم *
(7) النَّزك: الطعن بالنيزك، وهو الرمح الصغير.(5/327)
تميمَ بنَ مرٍّ والرِّماحَ النَّوادسا(1)
ونحنُ صبَحْنا آلَ نجران غارةً
ومن الباب النَّدُس: الرّجل الفَطِن، وكذلك السَّريع السَّمْع للصوت الخفِيّ. والقياس في هذه الكلمات قريب. وكذلك نَدَسْتُ به الأرضَ، إذا صرعتَه. ونَدَسْتُ* الشيءَ عن الطريق: نحَّيتُه. وإلا وقد ضربته(2).
(ندص) النون والدال والصاد كلمةٌ إن صحّت. يقولون: نَدَصَتْ عَينُه: جَحَظت ونَدَرت.
(ندغ) النون والدال والغين كلمةٌ إن صحّت فإنها تدلُّ على شِبْه الطَّعن والنَّخس. يقال: ندَغَه: طعنه. وندَغْتُ الصبيَّ: دغْدَغْته. ويقولون: النُّدْغَة: البياض في آخِر الظّفر، وكأنَّه شيءٌ أثَّر في شيء.
(ندف) النون والدال والفاء كلمةٌ صحيحة، وهي شِبهُ النَّفْش للشَّيء بآلة. وندفتُ القُطنَ بالمِندف. ويُحمل عليها فيقال: ندفتِ الدّابَّةُ في سيرِها ندفاً، وهو سرعةُ رَجْعِ يديها. والنَّدْف في الحَلب: أن تفطُرَ(3) الضَّرَّةَ بإِصبعك: ونَدَفَت السّماءُ بمطرٍ مثل نَطَفت. والنُّدفة: القليل من اللَّبَن، كأنَّه قُطنةٌ قد نُدِفَت.
(ندل) النون والدال واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على نَقْلٍ واضطراب. يقولون: نَدَلتُ الشيءَ ندلاً، إذا نَقلتَه. قالوا: واشتقاق المِنديل منه. ويقولون: النَّدْل: الاختلاس. قال:
ندم – نده - ندي
* فَنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ ندلَ الثَّعالبِ(4) *
والمُنَوْدِل: الشيخ الكبير، سمِّي بذلك لاضطرابه. ونَوْدَلَتْ خُصياه: استرخَتا.
__________
(1) أنشده في المجمل واللسان (ندس).
(2) كذا. وفي المجمل: "وندست به الأرض، إذا صرعته".
(3) يقال فطر الناقة يفطرها: حلبها بالسبابة والإبهام. في الأصل: "تنظر". وفي المجمل: "تقطر"، صوابهما من القاموس. ولم يرد الندف بهذا المعنى في اللسان.
(4) البيت لأعشى همدان، وقيل لجرير. العيني (2: 46). وصدره:
* على حين ألهى الناس جل أمورهم *(5/328)
ومما شذَّ عن الباب إن صحَّ: النَّدْل، يقال إنَّه الوسَخ: ولا يُبنَى منه فِعل.
(ندم) النون والدال والميم كلمةٌ تدلُّ على تَفَكُّنٍ لشيءٍ قد كان(1). يقال: ندِم عليه نَدَماً ونَدامةً. وشَرِيبُ الرّجلِ: مُنادِمُهُ ونديمُه(2). وقال ناسٌ: المنادمة مقلوب المدامنة، وذلك إدمان الشَّراب. وفيه نظر. وناسٌ يقولون: كان الشَّرِيبانِ يكونُ من أحدهما بعضُ ما يُنْدَم عليه، فلذلك سمِّيا نديمين.
(نده) النون والدال والهاء كلمةٌ تدلُّ على زَجْر ومنع. يقال: نَدَهْتُ البعيرَ عن الحوض، أي زجَرتُه. ونَدَهتُ الإبلَ: سُقْتُها مجتمعة. ويقولون للمطَلَّقة: اذهَبِي فلا أنْدَهُ سَرْبَكِ(3).
وشذَّ عنه النُّدْهة(4): كثرة المال. قال:
* ولا مالهُم ذو نَدْهَة فَيَدُونِي(5) *
(ندي) النون والدال والحرف المعتل يدلُّ على تجمُّع، وقد يدلُّ على بللٍ في الشَّيء.
ندي
فالأوّل النَّادي والنّدِيّ: المجلس يَنْدُو القومُ حوالَيْه؛ وإذا تفرَّقوا فليس بَندِيّ. ومنه دار النَّدْوةِ بمكّة، لأنَّهم كانوا يَنْدُون فيها، أي يجتمعونَ ونادَيتُه: جالَستُه في الندِيّ. قال:
أو القَمَر السَّارِي لألقَى المقالدا(6)
فتىً لو يُنادِي الشّمسَ ألقت قِناعَها
ونَدوة الإبل: أن تندُوَ من المشرب إلى المرعى القريبِ منه ثم تعودَ إلى الماء من يَومها أو غَدِها. وكذلك تَندُو من الحَمْضِ إلى الخَلَّة. وأندى إبلَه، من هذا.
__________
(1) التفكن: التندم والتأسف.
(2) في الأصل: "وشربت الرجل منادمه ونديمة"، تحريف.
(3) لا أنده سربك، أي لا أحفظ عليك مالك ولا أرد إبلك عن مذهبها.
(4) بفتح النون وضمها.
(5) البيت لجميل في اللسان (نده). وصدره:
* فكيف ولا توفي دماؤهم دمي *
(6) للأعشى في ديوانه 49 واللسان (ندى).(5/329)
والأصل الآخَر النَّدَى من البلل، معروف. يقال ندى وأنداء، وجاء أندِيةٌ، وهي شاذَّة. وربَّما عبَّروا عن الشَّحم بالنَّدَى. وهو أنْدَى من فلانٍ، أي أكثر خيراً منه. وما نَدِيَتْ كفِّي لفلانٍ بشيءٍ يكرهه. قال النَّابغة:
إذنْ فلا رفَعتْ سوطِي إليَّ يدِي(1)
ما إن نَدِيتُ بشيء أنت تكرهُه
وهو يتندَّى على أصحابه، أي يتَسخَّى(2).
ومن الباب نَدَى الصَّوتِ: بُعْدُ مذهبِه. وهو أندى صوتاً منه، أي أبعد. قال:
لصوتٍ أن ينادِيَ داعيانِ(3)
فقلت ادعِي وأدْعُ فإنَّ أندَى
ندب - ندح
* * *
إذا هُمِز تغيَّر إلى شيءٍ يدلُّ على طرائقَ وآثار. والنُّدْأة: طريقةٌ من الشَّحم مخالفةٌ لِلَوْن اللَّحم. والنُّدْأة: قوس قُزَح، والحمرة التي تكون في الغَيم نحو الشَّفَق. ونَدَأْت اللَّحمَ في المَلَّة: دفنتُه حتَّى يَنضَج. قال أبو بكر(4): وهو النَّدِئ مثل الطَّبيخ.
(ندب) النون والدال والباء ثلاثُ كلماتٍ: أحداها الأثَر، والثانية الْخَطَر، والثالثة تدلُّ على خفّة*ٍ في شيء.
فالأوَّل النَّدَب: أثَر الجُرْح، والجمع أنداب، وذلك إذا لم يرتفع عن الجلد.
والثاني: النَّدَب: الخَطَر. وأنْدَبَ نَفْسَه: خاطَرَ بها. قال:
__________
(1) ديوان النابغة 25 واللسان (ندى). ورواية الديوان:
* ما قلت من سيء مما أتيت به *
(2) في الأصل: "ينتحى"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) البيت لدثار بن شيبان النمري كما في اللسان (ندى) وتنبيه البكري 100. وجاء اسمه محرفاً في اللسان "مدثار". ونسبه القالي في (2: 90) إلى الفرزدق، وهو خطأ. ونسب أيضاً إلى الحطيئة وليس في ديوانه. ونسب في المفصل 248 لربيعة بن جشم، والصواب أنه لدثار. وانظر مجالس ثعلب 524.
(4) الجمهرة (3: 290).(5/330)
على نَدَبٍ يوماً ولي نفس مُخْطِرِ(1)
............... ولم أقُمْ
والأصل الثالث رجلٌ نَدْبٌ: خفيف. والنَّدْب: الفَرَس الماضي. وعندنا أنّ النَّدْبَ في الأمر قريبٌ من هذا؛ لأنَّ الفقهاء يقولون: إنَّ النَّدْب ما ليس بفرض. وإن كان هذا صحيحاً فلأن الحال فيه خفيفة.
ومما ليس من هذا الباب نَدْبُ النّادِبَةِ الميتَ بحُسْن الثَّناء عليه. والنَّدْبُ: أن تدعُوَ القومَ إلى الأمر، فانتدَبوا هم.
(ندح) النون والدال والحاء كلمةٌ تدلُّ على سَعَةٍ في الشَّيء. من ذلك النَّدْح: الأرض الواسعة، والجمع أنداح. ومنها قولهم: لك عنه مندوحةٌ، أي
نذر – نذل - نرب
سَعَة وفُسْحة. قال الخليل: وأرض مندوحة: بعيدةٌ واسعة. وإنَّه لفي نَُدْحَةٍ(2) من الأرض، أي سَعَة وفُسْحَة. والله أعلم بالصواب.
(باب النون والذال وما يثلثهما)
(نذر) النون والذال والراء كلمةٌ تدل على تخويف أو تخوُّف. منه الإنذار: الإبلاغ؛ ولا يكاد يكون إلاَّ في التَّخويف. وتناذَرُوا: خَوَّفَ بعضُهم بعضاً. ومنه النَّذْر، وهو أنّه يَخافُ إذا أخلَفَ. قال ثعلب: نَذِرْتُ بهم فاستعدَدت لهم وحَذِرتُ منهم. والنّذِير: المُنْذِر، والجمع النُّذُر. والنَّذْر(3) أيضاً: ما يجب، كأنَّه نُذِر، أي أُوجِب. ونَذْر المُوضِحة في الحديث منه(4).
(نذل) النون والذال واللام كلمةٌ تدلُّ على خَساسةٍ في الشيء. يقال نَذْلٌ.
(باب النون والراء وما يثلثهما)
__________
(1) وكذا ورد الاستشهاد بهذا القدر في المجمل. وتمامه "أيهلك معتم وزيد". والبيت لعروة ابن الورد في ديوانه 93 واللسان (ندب). ومعتم وزيد: بطنان من بطونهم.
(2) بضم النون وفتحها.
(3) في الأصل: "والنذير".
(4) هو حديث ابن المسيب "أن عمر وعثمان رضي الله عنهما قضيا في الملطاة بنصف نذر الموضحة".(5/331)
(نرب) النون والراء والباء لا يأتلفان، وقد يكون بينهما دخيل. فمن ذلك النَّيرَب: النَّميمة، وهو نَيرَبٌ أي نَمَّام، كأنَّه ذو نَيرب. والله أعلم بالصواب.
نزع
(باب النون والزاء وما يثلثهما)
(نزع) النون والزاء والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على قَلْع شيء. ونَزَعْت الشيءَ من مكانِه نَزْعاً. والمِنْزَع: الشَّديد النَّزْع. والمِنْزعة كالمِلعقة يكون مع مُشْتارِ العَسل. ونَزَع عن الأمر نُزُوعاً: تركَه. وشرابٌ طيِّبُ المَنْزَعة، أي طيِّب مَقْطَع الشُّرب. والنَّزَعة: الموضع من رأس الأنزع، وهو الذي انحسر شَعَْره عن جانبَيْ جَبْهته، وهما النَّزَعتان. ولا يقال امرأة نَزْعاء ولكن زَعْراء(1). وبئرٌ نَزُوعٌ: قريبة القَعْر يُنْزَع منها باليد. وعادَ الأمرُ إلى النَّزَعة، أي رجَعَ إلى الحقّ؛ وأراد بالنَّزَعة جمع نازع، وهو الذي يَنزِع في القَوْس: يَجذِبُ وتَرَه بالسَّهم(2). وفلانٌ قريب المَنْزَعة، أي قريب الهِمَّة. ومَنْزَعة الرّجل: رأيُه. ونازَعَت النَّفْسُ إلى الأمرِ نِزاعاً، ونَزَعَت إليه، إذا اشتَهتْه. ونَزَع إلى أبيه في الشَّبَه. ونَزَع عن الأمر نُزُوعاً، إذا تركَه. وبعيرٌ نازعٌ، إذا حَنَّ إلى مرعاه أو وطنِه. قال:
إلى النازع المقصور كيف يكون(3)
فقلتُ لهم لا تَعذُلونيَ وانظُرُوا
وأنزَعُوا، أي نَزَعَت إبلُهم إلى أوطانها. والنَّزَائع من الخيل: التي نَزَعَت إلى أعراق، ويقال: بل هي التي انتُزِعَتْ من قومٍ آخَرين. والنَّزوع: الجمل الذي يُنزَع عليه الماءُ وحدَه. والنَّزائع من النساء: اللَّواتي يُزَوَّجْن في غير عشائرهن؛ وكلُّ غريبٍ نَزيع.
نزغ – نزف - نزق – نزك
__________
(1) في اللسان: "وامرأة نزعاء. وقيل لا يقال امرأة نزعاء ولكن يقال زعراء".
(2) القوس يذكر ويؤنث.
(3) البيت لجميل، في اللسان (نزع).(5/332)
(نزغ) النون والزاء والغين كلمةٌ تدلُّ على إفسادٍ بين اثنين. ونَزَغَ بينَ القوم: أفسَدَ ذاتَ بَيْنِهم.
(نزف) النون والزاء والفاء أصلٌ يدلُّ على نَفاد شيءٍ وانقطاع. ونُزِفَ دمُه: خَرَج كلُّه. والسَّكرانُ* نَزِيفٌ، أي نُزِفَ عَقلُه. قال:
ـفِ يَصْرعهُ بالكَثيب البَهَرْ(1)
وإذ هي تمشِي كمشيِ النَّزيـ
والنَّزْف: نزحُ الماء من البئر شيئاً بعد شيء. وأنْزَفُوا: ذهَبَ ماءُ بئرهم. وأنْزَفُوا: انقطَعَ شرابُهم. قال الله سبحانه: { لاَ يُصَدَّعُونَ عنْهَا وَلاَ يُنْزِفُون(2) } [الواقعة 19]. والنُّزْفة: الغُرفة. وهو بحرٌ لا يُنزَف. ونُزِف الرجلُ في الخُصومة: انقطعت حجته.
(نزق) النون والزاء والقاف كلمةٌ تدلُّ على عَجَلة. من ذلك النَّزَق: الخِفّة والعَجَل. ونَزَّقْت الفَرَس فنَزِق. ويقولون: أنْزَقَ فلانٌ بالضّحِك.
(نزك) النون الزاء والكاف أصيلٌ يدل على طَعن أو شبيه به. منه النّزْك: الطَّعْن بالنَّيزك، وهو الرُّمح القصير. والنَّزك: سُوء الفِعْلِ والقول في الإنسان، والطَّعنُ عليه. وفي الحديث: "إنّ شهراً نَزَكُوهُ" أي طعَنوا عليه، يراد شَهْرُ بنُ حَوْشَب. ومما يشبَّه بهذا قولُهم لذكر الضَّبِّ: نِزْك. قال:
نزل - نزه
على كلِّ حافٍ في البلاد وناعلِ(3)
سِبَحْلٌ لَهُ نِزْكانِ كانا فضيلةً
__________
(1) لامرئ القيس في ديوانه 8.
(2) هذه قراءة ابن أبي إسحاق، وعبد الله، والسلمي، والجحدري، والأعمش، وطلحة، وعيسى. وقرأ ابن أبي إسحاق أيضاً: "ينزفون" بفتح الياء وكسر الزاي. وقرأ الجمهور: "ينزفون" بضم الياء وفتح الزاي. تفسير أبي حيان (8: 206).
(3) البيت لأبي الحجاج، أو لحمران بن ذي الغصة.(5/333)
(نزل) النون والزاء واللام كلمةٌ صحيحة تدلُّ على هُبوط شيء ووقُوعه. ونَزَل عن دابَّتِه نُزُولاً. ونَزَلَ المطرُ من السَّماءِ نزولاً. والنَّازلة: الشَّديدة من شدائد الدهر تَنزِل. والنِّزال في الحرب: أن يتنازل الفَريقان. ونَزَالِ: كلمةٌ تَوضَعُ موضِعَ انزِلْ. ومكان نَزِلٌ: يُنْزَل فيه كثيراً. ووجدت القومَ على نَزَلاتهم، أي منازلهم. قاله ابنُ الأعرابيّ. والنُّزُْل: ما يُهيَّأ للنَّزيل. وطعام ذو نُزْل ونَزَل، أي ذو فضل. ويعبِّرون عن الحجِّ بالنُّزُول. ونَزَل، إذا حجّ. قال:
أبِينِي لنا يا أسْمَ ما أنتِ فاعلَهْ(1)
أنازلةٌ أسماءُ أم غير نازلَهْ
وقال:
أمانيُّ كانت قبلُ في الدَّهرِ تُسأَلُ(2)
ولما نزلنا قَرّت العينُ وانتهَتْ
قال: نَزَلْنا: أتينا مِنَى. والنُّزَالة: ماء الرَّجُل. والنَّزيل: الضيف. قال:
وحقُّ الله في حقِّ النّزيلِ(3)
نزِيل القومِ أعظمُهم حقوقاً
والتنْزيل: ترتيب الشَّيء ووضعُه منْزِلَه.
(نزه) النون والزاء والهاء كلمةٌ تدلُّ على بُعدٍ في مكانٍ وغيرِه. ورجلٌ نَزِيه الخُلُق: بعيدٌ عن المطامع الدّنيّة. قال ابن دريد(4): ونَزِهُ النَّفس ونازِهُ
نزو - نزب – نزح – نزر
النَّفس: ظلِفُها عن المدَانِس. قال ابن السكِّيت: خرجنا نتنَزَّه، إذا تباعَدُوا عن الماء والرِّيف. ومكان نَزِيهٌ: خلاء ليس به أحد.
(نزو) النون والزاء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يرجع إلى معنى واحد، هو الوَثَبانُ والارتفاع والسُموّ. من ذلك النَّزْو. نَزَا ينْزُو: وثَبَ. ونُزَاءُ الذكرِ على أنثاه. وهو يَنْزو إلى كذا، إذا نازَعَ إلَيْه، كأنّه سَمَا له. والتَّنَزِّي مثل النَّزو.
__________
(1) البيت لعامر بن الطفيل، ملحقات ديوانه 158 والخزانة (3: 44) والنقائض 284.
(2) أنشده في المجمل أيضاً.
(3) أنشده في المجمل واللسان (نزل).
(4) الجمهرة (3: 22).(5/334)
ومن المهموز: نزَأْت بينَهم: حرَّشْتُ بينهم. قال ابنُ الأعرابي: يقال ما نَزأَك على كذا: ما حملك عليه. ورجلٌ منزوءٌ بكذا: مولَع.
(نزب) النون والزاء والباء كلمةٌ. يقال: نَزَبَ الظَّبْيُ نَزِيباً، وهو صوتُه عند السِّفاد.
(نزح) النون والزاء والحاء كلمةٌ تدلُّ على بُعد. ونَزَحت الدّار نُزُوحاً: بَعُدت. وبلدٌ نازح. ومنه نَزْحُ الماء، كأنَّه يُباعَد به عن قَعر البئر.يقال: نَزَحتُ البِئر: استَقيتُ ماءَها كلَّه. وبئر نَزُوحٌ: قليلةُ الماء. وآبارٌ نُزُح.
(نزر) النون والزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على قِلَّةٍ في الشيءِ. ونَزُرَ الشيء نَزارةً. وشيء نَزْرٌ: قليل. وعَطاءٌ منْزور: مقلَّل. وامرأةٌ نَزورٌ: قليلة الولَد.
قال:
وأمُّ الصَّقرِ مقلاتٌ نَزور(1)
بَُِغاثُ الطّيرِ أكثرها فِراخاً
نسع – نسغ - نسف
وقولهم: نَزَرْتُ الرّجلَ: ألححت عليه، وقولهم: لا يُعطِي حتَّى يُنْزَر، أي يلحَّ عليه، فهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه، وله قياسٌ آخر.
(باب النون والسين وما يثلثهما)
*(نسع) النون والسين والعين كلمةٌ تدلُّ على جَدْل الشَّيء. فالنِّسْع: سَير مضفورٌ كهيئة أعِنَّة البِغال. ويقال للعُنق الطَّويلِ ناسِعٌ، كأنَّه طُوِّلِ وجُدِلَ جَدْلاً. والمِنسعة: الأرض السريعة النَّبتِ بطُول نَبْتِها وبَقْلها.
(نسغ) النون والسين والغين أصلٌ يدلُّ على غَرْزِ شيءٍ بشيءٍ. ونَسغَ الخُبْزةَ: غرزَها بريش الطّائر: وهي المِنْسَغة. ونَسغَت الواشمةُ: غرزَتِ اليدَ بالإبرة. ثم يقولون: نسَغْت الدّابّةَ برِجلي ليثُور. ويتوسَّعون فيه فيقولون: نسَغْتُ اللَّبَن بالماء: مَذَقْتُه. ونسَغَه بالعصا: ضَرَبه.
__________
(1) للعباس بن مرداس، كما في الحماسة (2: 21) واللسان (بغث)، ويروى لكثير، كما في اللسان (قلت، نزر).(5/335)
(نسف) النون والسين والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على كَشْف شيء. وانتسَفَت الرِّيحُ الشَّيءَ مثلَ التُّراب والعَصْف، كأنَّها كشفَتْه عن وجه الأرض وسلبته. ونَسْفُ البِناءِ: استِئْصالُه قَطعاً. ويقال للرُّغوة: النُّسَافة(1)، لأنَّها تُنْتَسَف عن وجه اللَّبَن. وقولهم انتُسِفَ لونُه من ذلك. وبَعيرٌ نَسوفٌ: يقلع النَّباتَ عن الأرض بمقدَّم فيه: وحكى ناسٌ: هما يتناسفان، أي يتسارَّان. والقياس واحد. كأنَّ هذا يَنْسِف ما عند ذاك. وذاك ما عندَ هذا.
نسق – نسك – نسل
(نسق) النون والسين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على تتابُعٍ في الشَّيء. وكلامٌ نَسَقٌ: جاءَ على نظامٍ واحد قد عُطِف بعضُه على بعض. وأصله قولهم: ثَغْرٌ نَسَق، إذا كانت الأسنانُ متناسقةً متساوية. وخَرَزٌ نَسَق: منظَّم. قال أبو زُبَيد:
يكادُ يُلهِبُه الياقوتُ إلهابا(2)
بجيدِ رَِيمٍ كريمٍ زانَهُ نَسَقٌ
(نسك) النون والسين والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على عِبادةٍ وتقرُّب إلى الله تعالى. ورجلٌ ناسك. والذَّبيحة التي تَتقرَّب بها إلى الله نَسِيكة. والمَنْسَِك: الموضع يذبَح فيه النَّسائِك، ولا يكون ذلك إلاَّ في القُرْبان. وزعم ناسٌ أنَّ المَنسَِك(3): المكان يألفه. وفيه نظر.
__________
(1) ذكرت بهذا المعنى في القاموس، ولم تذكر في اللسان.
(2) أنشده في المجمل واللسان. و "ريم" بفتح الراء في اللسان، وكسرها في المجمل. وهو بفتح الراء في مادة (ريم) ياؤه أصلية، وبكسر الراء تخفيف "الرئم" بكسر الراء.
(3) في الأصل: "النسك".(5/336)
(نسل) النون والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على سَلِّ شيءٍ وانسلاله. والنَّسْل: الولَد. لأنَّه يُنْسل من والدته. وتناسَلُوا: ولد بعضُهم من بعض(1). ومنه النَّسَلان: مِشية الذِّئب إذا أعْنَقَ وأسْرَع. والماشي يَنْسِلُ، إذا أسرع. قال الله عزّ وعلا: { وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون } . [الأنبياء 96].
نسم - نسي
والنُّسَالة: شَعر الدَّابّة إذا سقطَ عن جَسدِهِ قِطَعاً. ونُسَال الطَّير: ما تحاتَّ من أرياشها. قال:
* وتجلو سَبِيخَ جُفالِ النُّسَالِ(2) *
وقد أنسَلتِ الإبلُ: حانَ لها أن تُنسِلَ وبَرَها. ونَسلَ الثَّوبُ عن الرّجل: سَقَط. ويقولون: النّسيل: العسلُ إذا ذابَ، كأنَّه نَسلَ عن شَمَعِه وفارَقَه. وأنسلْتُ القَوم: تقدَّمتُهم.
(نسم) النون والسين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج نَفَس، أو ريحٍ غير شديدةِ الهبوب. ونَفَس الإنسان نَسيم. وكذا الرَّيح الليِّنة الهُبوب. ويقولون: من أين مَنْسِمُكَ، أي من [أين] وِجْهتُك. والقياس واحدٌ، لأنَّه إذا أقبلَ أقبلَ نَسِيمُه. ولذلك سمِّيت النَّفْسُ نَسَمة.
وشذّ عنه المَنْسم: خُفّ البعير، ويمكن أنّه محمولٌ على الباب، لأنّ خُفّه هو ما يحمل نَسَمتَه.
(نسي) النون والسين والياء أصلانِ صحيحان: يدلُّ أحدهما على إغفال الشيء، والثاني على تَرْك شيء.
فالأوّل نسِيتُ الشَّيءَ، إذا لم تذكُره، نِسياناً. وممكنٌ أن يكونَ النِّسْيُ منه. والنِّسْيُ: ما سَقَط من منازل المرتحلين، من رُذَال أمتعتهم، فيقولون: تتبَّعوا أنساءَكم. قال الشَّنْفرى:
نسي
__________
(1) في الأصل: "بعد بعض"، صوابه من اللسان. وفي المجمل: "وقد تناسلوا، إذا توالدوا". وفي القاموس: "تناسلوا: أنسل بعضهم بعضا".
(2) لأمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 182). وصدره:
* تجيل الحباب بأنفاسها *(5/337)
على أمِّها وإنْ تكلِّمْك تَبْلَِتِ(1)
كأنَّ لها في الأرض نِسياً تقُصُّه
وعلى ذلك يفسَّر قولُه تعالى: { نَسُوا اللهَ فنَسِيَهُمْ } [التوبة 67]، وكذلك قوله سبحانه: { وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ
عَزْماً } [طه 115]، أراد والله أعلمُ: فتركَ العَهد.
ومما شذَّ عن الأصلين النَّسَا: عِرقٌ، والجمع أنساء، والاثنان* نَسَيَانِ ويقولون: هو النَّسَا، وهو عِرقُ النَّسا، كلُّ ذلك يقال. قال:
كعرق النَّسَا لم يُعط بطناً ولا ظَهْراً(2)
فأحذَيْتُهُ لما أتاني بقربة
وقال بعضهم: الأصل في الباب النِّسيان، وهو عزُوب الشّيء عن النَّفْس بعد حضوره لها. والنَّسَا: عِرق في الفَخِذ، لأنَّه متأخِّر عن أعالي البدن إلى الفخِذ، مشبَّه بالمنسيِّ الذي أُخِّر وتُرِك.
* * *
وإذا هُمِز تغيَّر المعنى إلى تأخير الشَّيء. ونُسِئت المرأةُ: تأخَّر حيضُها(3) عن وقته فرُجِيَ أنَّها حُبْلَى. والنَّسِيئة: بيعُك الشَّيءَ نَسَاءً، وهو التَّأخير. تقول: أنسأتُ. ونَسأَ الله في أجلِك وأنسأ أجلَك: أخَّره وأبعده. وانتسؤوا(4)، تأخّروا وتباعَدُوا. ونَسأْتُهم أنا: أخَّرتهم. ونَسأْتُ ناقتي، قال قوم: رفَقت بها في السَّير. ونَسأْتها: ضربتها بالمِنسأة: العَصَا. وهذا أَقْيَسُ، لأنَّ العصا كأنَّه يُبعَد بها الشَّيءُ
نسب
__________
(1) المفضليات (1: 107) واللسان (بلت، نسي)؛ ومجالس ثعلب 421. وسبق عجزه في (بلت).
(2) بقربة، كذا وردت في الأصل.
(3) في الأصل: "تأخرت حملها"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) في الأصل: "وتنساءوا". وفي المجمل: "وانتسأ القوم".(5/338)
ويُدفَع. والنَّسء: ما نَبَت من وَبَر النّاقةِ بعد تساقُطِ وَبرِها. والقياس واحد. كأنَّ هذا الثاني تأخّر. قال أبو زيد: نَسَأْتُ الإبلَ في ظِمْئِها، إذا زدتها في ظمئِها يوماً أو يومين. وَالنَّسيء في كتاب الله: التَّأخِير، كانُوا إذا صَدَروا عن مِنىً(1) يقوم رجلٌ من كنانة فيقول: أنا الذي لا يُرَدُّ لي قضاء. فيقولون: أنسِئْنَا(2) شهراً، أي أخر عَنَّا حُرمةَ المحرَّم(3) فاجعَلْها في صَفَر. وذلك أنَّهم كانوا يكرهون أن يتوالَى عليهم ثلاثةُ أشهرٍ لا يُغيرون فيها، لأنَّ معاشهم كان من الإغارة، فأُحِلَّ لهم المحرَّم. فقال الله تعالى: { إنَّما النَّسِيءُ زِيَادَةٌ في الكُفْرِ } [التوبة 37].
ومما شذَّ عن الباب النَّسْءُ: بَدء السِّمَنِ في الدّوابِّ. قال أبو ذؤيب:
فقَدْ مارَ فيها نَسؤُها واقترارُها(4)
بها أبَلَتْ شهرَيْ ربيعٍ كِلَيهما
والنَّسِيء: الحليب يُصبُّ عليه الماء. تقول منه: نَسَأْتُ، وهو النَّسْءُ أيضاً في شعر عروة:
عُداةُ الله من كَذِبٍ وزُورِ(5)
سَقَوني النَّسْءَ ثم تكنَّفُوني
(نسب) النون والسين والباء كلمةٌ واحدة قياسُها اتِّصال شيءٍ بشيء. منه النّسَب، سمِّي لاتِّصاله وللاتِّصالِ به. تقول: نَسَبْتُ أنْسُِبُ. وهو نَسِيبُ فلانٍ. ومنه النَّسيبُ في الشِّعر إلى المرأة، كأنَّه ذِكْرٌ يتَّصِل بها؛ ولا يكون
نسج - نسخ
__________
(1) في الأصل: "عن شيء"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) في الأًصل: "أنسئها"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) في الأصل: "عنها محرمة المحرم"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) ديوان الهذليين (1: 23) واللسان (أبل، نسأ، قرر). وانظر مجالس ثعلب 417.
(5) ديوان عروة بن الورد 90 واللسان (نسأ). وتروى قصيدته للنمر بن تولب.(5/339)
إلاَّ في النِّساءِ. تقول منه: نَسَبْتُ أنْسُِبُ. والنّسيبُ: الطريق [المستقيم(1)]، لاتِّصال بعضِه من بعض.
(نسج) النون والسين والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على وَصلِ شيءٍ بشيء في أدنى عرض. ونَسَج الثَّوب يَنْسُِجه. وضربت الرِّيح الماءَ فانتسجت له الطرائِق(2). والشاعر ينسُِج الشِّعر. وقال قوم: بل قياس الباب الاضطراب دون ما ذكرناه. والنَّاقة النّسُوج: [التي(3)] يضطرب حِمْلُها عليها. وكذلك اشتُقّ مَِنسج الفرس(4)، لأنه يتحرَّك أبداً. والمَِنسج: كاثِبة الفَرَس.
ومن الباب: هو نسيجُ وحدِه، لانفراده بخصاله. قال ابن قتيبة: وذلك أنّ الثّوب الرفيع النفيسَ لا يُنسَج على مِنْواله غيرُه، وإذا لم يكن رفيعاً عُمِل على منواله سَدَى عِدّةِ أثواب.
(نسخ) النون والسين والخاء أصلٌ واحد، إلاّ أنّه مختلفٌ في قياسِه. قال قوم: قياسُه رفْعُ شيءٍ وإثباتُ غيرِهِ مكانَه. وقال آخرون: قياسُه تحويلُ شيءٍ إلى شيءٍ. قالوا: النَّسْخ: نَسْخ الكِتاب. والنَّسْخ: أمرٌ كان يُعمَل به من قبلُ ثم يُنسَخ بحادثٍ غيرهِ، كالآية ينزل فيها أمرٌ ثم تُنسَخ بآيةٍ أخرى. وكلُّ شيءٍ خلَفَ شيئاً فقد انتَسخَه. وانتسخت الشَّمسُ الظِّلّ، والشّيبُ الشبابَ. وتناسُخُ الورَثةِ: أن يموتَ ورثةٌ بعد ورثةٍ وأصلُ الإرث قائم لم يُقَسَّم. ومنه تناسُخُ
نسر - نشص
الأزمنة والقُرون. قال السجستانيّ(5) النَّسْخ: أن تحوّل ما في الخليَّة من العَسَل والنَّحْل في أُخرى. قال: ومنه نَسْخُ الكتاب.
__________
(1) التكملة من المجمل. وفي اللسان: "الطريق المستقيم الواضح".
(2) في الأصل: "الطريق". وفي المجمل واللسان: "طرائق".
(3) التكملة من المجمل.
(4) يقال بوزن منزل ومنبر.
(5) بدله في المجمل: "قال أبو حاتم"، وهي كنيته.(5/340)
(نسر) النون والسين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على اختلاسٍ* واستلاب. منه النَّسْر: تناوُلُ شيءٍ من طعام. ونَسَرَهُ، كأنَّه شيءٌ يسيرٌ استلَبَه. ومنه النَّسْر، كأنَّه ينسُرُ الشَّيء. والمِنْسَر(1): خيل ما بين المائة إلى المائتين وهو القياس، كأنَّه إنما جاء لينسُِرَ شيئاً، أي يختطفَه ويَستلبَه. ويقال: بَلِ المِنْسَر لا يمرُّ بشيءٍ إلا قَلَعه.
ومن التَّشبيه النَّسْر: كواكبُ في السماء: النَّسْر الطائر، والنَّسْر الواقعِ. ومنه نَسْر الحافِر: ما في بطنه كأنَّهُ النَّوَى والحصى.
(باب النون والشين وما يثلثهما)
(نشص) النون والشين والصاد: أصلٌ يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء وسموّ. ونَشَصَ السحابُ: ارتفَع. والسَّحابة المرتفِعة البيضاء: النَّشَاصَة(2)، وجمعها نَشَاص(3). قال امرؤ القيس:
نشط
تَوَلّى عَارِضُ الملِكِ الهمامِ(4)
أصَدَّ نَشَاصَ ذي القرنين حَتَّى
ونَشَص الوبرُ: ارتفَع. ونَشَصْنا من بلدٍ إلى بلدٍ: ارتفَعْنا. ونَشَصت المرأةُ مثل نَشَزَت. ونَشَصت ثَنِيَّتُه: تحرَّكت وارتفعتْ من موضعها.
(نشط) النون والشين والطاء: أصلٌ صحيح يدلُّ على اهتزازٍ وحركة. منه النّشاط معروفٌ وهو لما فيه من الحركة والاهتزاز والتَّفتُّح. يقال نَشِطَ ينشَط. وأنْشَطَ القومُ: كانت دوابُّهُم نَشِيطة. والثَّور ناشط، لأنَّهُ يَنْشِطُ من بلدٍ إلى بلد. قال ذو الرُّمَّة:
__________
(1) يقال كمنبر وكمجلس أيضاً.
(2) وكذا في المجمل. وذكر في اللسان: "النشاص" فقط بفتح النون، فهو اسم جنس جمعي للنشاصة. وذكر في القاموس "النشاص" فقط أيضاً، ولكن ضبطه بفتح النون وكسرها.
(3) في الأصل: "أنشاص"، والوجه ما أثبت. وفي التنبيه السابق أنه يقال بفتح النون وكسرها. ويجمع النشاصي على "نشص" بضمتين، كما في اللسان.
(4) ديوان امرئ القيس 168. ونبه الوزير أبو بكر إلى أنه يروى أيضاً "أشذ".(5/341)
مسفَّعُ الخَدِّ هادٍ ناشِطٌ شَبَبُ(1)
أذاكَ أم نَمِشٌ بالوَشْي أكرُعُه
ونَشَطْتُ الشَّيءَ: قشرتُه، كأنَّهُ لما قُشِرَ أُخرِجَ من جِلده. وطريقٌ ناشط: يَنْشِطُ في الطَّريق الأعظم يَمنةً [ويَسْرَة(2)]. ونَشَطت(3) النّاقةُ في سيرها، إذا شَدَّت. والأُنْشُوطة: العُقدة مثل عُقدة السَّراويل ونَشَطْتُه بأُنشوطة. وأنْشَطتُ العِقال: مَدَدْت أُنشوطتَه فانحلَّت. وقال قوم: الإنشاط: الحَلُّ، والتَّنشيط: العَقْد. وبئر أنشاط: قَريبة القَعر يَخرج دلوُها بجَذْبَةٍ. ونَشَطْتُ الدَّلْوَ من البئرِ بغير قامة. والنَّشيطة من الإبل: أن تُوجَد فتُسَاقَ(4) من غير أنْ يُعْمَدَ لها. وقال قوم: هو الذي يصيبه القومُ قبل أن يَصِلوا إلى الحيِّ الذي يريدون الإغارة عليه، فيَنْشِطُه الرّئيسُ من بين أيديهم. قال:
نشع – نشغ – نشف
وحُكمُك والنَّشِيطةُ والفُضُولُ(5)
لك المِرباعُ منها والصَّفايا
(نشع) النون والشين والعين كلمةٌ واحدة. نشَعتُ الصبيَّ الوَجُورَ نشعاً فانتشَعَه، أي جَرَِعه. والمصدر النُّشوع. قال:
* نُشِعْتُ المجد في أنفي نُشُوعَا(6) *
(نشغ) النون والشين والغين ثلاثُ كلماتٍ متباينةٍ، ليس قياسها واحداً.
الأولى النَّشْغ: كالشَّهيق عند الشَّوق.
الثانية الناشغ: الذي يَحيا بعد جَهْد.
الثالثة النَّواشِغ: أعالي الوادي، الواحدة ناشغة.
__________
(1) ديوان ذي الرمة 17 واللسان (نمش، نشط). وقد سبق في (شب).
(2) التكملة من المجمل واللسان والقاموس.
(3) في المجمل: "تنشطت"، وكلاهما يقال.
(4) في المجمل: "الإبل يجدها الجيش فتساق".
(5) لعبد الله بن عنمة الضبي، كما في اللسان (ربع، صفا، نشط، فضل). ومقطوعته في الحماسة (1: 420). وقد سبق في (ربع، صفو).
(6) البيت للمرار، كما في إصلاح المنطق 368 واللسان (نشع). وصدره:
* إليكم يا لئام الناس إني *(5/342)
(نشف) النون والشين والفاء: أصلٌ صحيح يدلُّ على ولوج ندىً في شيء يأخذه. منه النَّشْف: دخولُ الماءِ في الثّوب والأرضِ حتى ينتَشِفاهُ. والنَِّشْفة: حجرٌ، سمِّيت لانتشافها الوسَخ عن مواضعه(1). والجمع النِّشَف. [ويقال: إنَّ النَّشْف(2)] في الحياض كالنَّزْح في الرّكايا. والنّاقةُ تُدِرُّ قبل نِتاجها ثم تذهب دِرّتُها: مِنْشَافٌ ونَشُوف.
نشق – نشل – نشم - نشأ
(نشق) النون والشين والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على نُشوب شيء. ونَشِقَ الظَّبْيُ في الحِبالةِ: عَلِق فيها والنَّشقة: حبلٌ يُجعَل في أعناق البَهْم، ويقال هي النُّشْقة(3). ورجل نَشِقٌ، إذا وقَعَ في أمرٍ لا يكاد يخلُص منه.
ومن الباب: أنشَقْتُ الصبِيَّ الدَّوَاءَ: صببتُه في أنْفِه. والنَّشُوق: اسمٌ لكلِّ دواءٍ يُنْشَق. ومنه استنشقت الرِّيح: تشمَّمتُها. وهذه ريحٌ مكروهة النَّشَق، أي الشَّمّ. والمتوضِّئ يستنشق الماء، عند استنثاره.
(نشل) النون والشين واللام كلمةٌ تدلُّ على رفْعِ بَِضْعةٍ من قدْرٍ. ونَشَلَ اللَّحْمَ من القِدْرِ بالمِنْشَل، وهو النَّشِيل(4). وفخذٌ ناشلة: قليلةُ اللَّحم؛ والمِنْشَل والمِنْشال: ما يُنْشَلُ به*. ويقولون: وما أدري كيف صحّته: المَنْشَلة: موضع الخاتَم من الخِنصَر.
(نشم) النون والشين والميم يدلُّ على نُشُوبِ شيءٍ. ونَشَّمُوا في الأمر: أخَذُوا فيه. ويقال لا يكون ذلك إلاَّ في الشَّرّ. وفي الحديث: "لما نَشَّمَ النّاسُ في أمر عثمان"، أي أخَذُوا فيه ونالوا منه. ونَشَّمَ اللَّحمُ(5) تنشيماً، أي ابتدأت فيه رائحة.
__________
(1) في اللسان: "والنشفة، والنشفة: الحجر الذي يتدلك به، سمي بذلك لانتشافه الوسخ في الحمامات".
(2) التكملة من المجمل.
(3) ذكر في المجمل لغة فتح النون. وفي اللسان والقاموس لغة الضم.
(4) وهو النشيل، وردت في الأصل بعد كلمة "اللحم" التالية، ورددتها إلى موضعها الطبيعي.
(5) في الأصل: "ومن اللحم".(5/343)
وشذَّ عنه النَّشَم: شجرٌ يُتَّخَذ منه القِسِيّ.
(نشأ) النون والشين والهمزة أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ في شيء
نشج - نشح – نشد
وسموّ. ونَشَأَ السَّحابُ: ارتفع. وأنْشَأَه الله: رفَعه. ومنه: { إنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ } [المزمل 6]، يراد بها والله أعلمُ القيامُ والانتصابُ للصَّلاة.
ومن الباب: النَّشْءُ والنَّشَأ(1): أحداث النّاس. ونشأَ فلانٌ في بني فلانٍ. والنَّاشئ: الشَّابُّ الذي نشأ وارتفَعَ وعلا. وأنشأ فلانٌ حديثاً، وأنشأَ ينشِد ويقول، كلُّ هذا قياسُه واحد.
ومن الباب: استنشأْت الريح: تشمَّمتها، وذلك لأنَّكَ كأنَّك ترفعُها إلى أنفِك.
(نشج) النون والشين والجيم كلمةٌ تدلُّ على حكايةِ صوتٍ. ونَشَج الباكي: غَصَّ بالبُكاءِ في حَلْقهِ من غير انتحاب. ونَشَجَ الحمار بصَوته نَشْجاً. ويقال للطَّعنة إذا خرج منها الدَّمُ فسُمِع له حِسٌّ: قد نشَجَت. وكذا القِدر تَنْشِجُ عند الغَلَيَان. ويحتمل أن يكون الأَنْشَاجُ من هذا، وهي مَجَاري الماء، الواحد نَشَج، كأنها سمِّيَت بها لقَسِيب الماء.
(نشح) النون والشين والحاء: أصلٌ صحيحٌ، إلاَّ أنَّه مختلَفٌ في تفسيره على التَّضادّ، فقال قوم: نَشَحَ الشَّاربُ، إذا شرِب حتَّى امتلأ. وسِقَاءٌ نَشَّاحٌ: ممتلِئ. وقال آخرون: النُّشوحُ: شربٌ دون الرِّيّ.
(نشد) النون والشين والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ذِكر شيء وتنويهٍ. ونَشَدَ فلانٌ فلاناً قال: نَشَدْتُك اللهَ، أي سألتك بالله. وتلخيصه: ذكَّرتك الله
نشر - نشز
تعالى. ومنه إنشاد الشَّاعر وهو ذِكرهُ والتَّنويه به. فأمَّا أنشَدْتُ الضَّالَّة فمعناه عرَّفتها؛ وهو ذلك القياس. وفي الحديث: "لا تَحِلُّ لُقْطَتُها إلاّ لِمُنْشِدٍ"، أي معرِّف. وأما نَشَدْتُ الضَّالَّة، يعني طلبتها، فلرَفْع صوتهِ.
__________
(1) في الأصل: "والنشوء"، تحريف.(5/344)
(نشر) النون والشين والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على فَتْحِ شيء وتشعُّبِه. ونَشَرت الخشبةَ بالمنشار نَشْراً. والنَّشْر: الرِّيح الطيِّبة. واكتَسَى البازِي ريشاً نَشَراً. أي منتشِراً واسعاً طويلاً. ومنه نَشَرتُ الكِتاب. خِلاف طويتُهُ. ونَشَر الله الموتَى فَنَشَروا. وأنْشَرَ الله الموتَى أيضاً. قال تعالى: { ثُمَّ إذا شَاءَ أَنْشَرَه } [عبس 22]، ثم قال الأعشَى:
يا عَجَباً للميِّت الناشرِ(1)
حَتَّى يقولُ الناسُ لمَّا رأوا
ونَشَرت الأرضُ: أصابها الرَّبيعُ فأنبتت، وهي ناشرة، وذلك النَّباتُ النَّشْر، ويقال إنَّه للرَّاعيةِ رديّ ويقال: بل النَّشْر: الكلأَ يَيْبَس ثم يصيبُه المطرُ فيخرجُ منه شيءٌ كهيئة الحَلَم، وهو داءٌ. وعروقُ باطنِ الذِّراع: النَّواشر، سمِّيت لانتشارها. والانتشار: انتفاخ عَصَب الدّابّةِ من تَعَب. والنّشَر: أنْ تنتشر الغنمُ باللّيل فتَرعَى، ولذلك يقال لمن جمع أمرَه: "قد ضَّمَ نَشَرَه".
(نشز) النون والشين والزاء أصلٌ صحيح يدلُّ على ارتفاعٍ وعُلوّ. والنّشَز: المكان العالي المرتفِع. والنّشْز والنُّشُوز: الارتفاع، ثم استعير فقيل
نشس – نصع - نصف
نَشَزَت المرأةُ: استَصعَبتْ على بَعلِها، وكذلك نَشَزَ بعلُها: جفاها وضرَبَهَا.
(نشس) النون والشين والسين كلمةٌ من الإبدال، يقال نَشَسَت، مثل نَشَزَت.
(باب النون والصاد وما يثلثهما)
(نصع) النون والصاد والعين أصلٌ يدلُّ على خلوصٍ ولينٍ في الشَّيء. منه النَّاصع: الحَسَن اللَّون الشَّديد* البَياض. والنِّصْع: ضربٌ من الثِّياب شديد البَيَاض. ونَصَع الحقُّ: وضَح.
__________
(1) ديوان الأعشى 105 واللسان (نشر). والرواية: "مما رأوا".(5/345)
ومن بابِ السُّهولة واللِّين، وهو القياس الذي ذكرناه، أنْصَعَت النَّاقةُ للفَحل: أقرَّتْ له. ويقال: قَبَحَ اللهُ أُمَّاً نَصَعَتْ [به(1)]، أي ولدَتْه، حكاه ابنُ السِّكِّيت. والمَنَاصِع: المجالس: سمِّيت بها لأنَّها في أسهل المواضع وأمْكَنِها.
وشذَّ عن هذا قولُهم: أنْصَعَ: اقشعرَّ. قال:
* حتَّى اقشعَرَّ جِلْدُه وأنْصَعا(2) *
(نصف) النون والصاد والفاء أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على شَطْر الشَّيء، والأخرى على جنسٍ من الخِدمة والاستعمال.
نصل
فالأوَّل نِصْفُ الشيء ونَصِيفُه: شَطْرُه. وفي الحديث: "ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصِيفَه(3)"، وذلك كثُمن وثَمِين. قال:
ولا تُمَيراتٌ ولا تعجيفُ(4)
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ
ويقال: إناء نَصْفانُ: بَلَغ الماءُ نِصْفَه. والنَّصَف: بين المُسِنَّة والحَدَثة، أي بلَغتْ نِصَف عُمرها. والإنصافُ في المعاملة، كأنَّه الرِّضا بالنِّصف. والنِّصْف: الإنصاف أيضاً. ونَصَفَ النهارُ يَنْصُفُ: انتصَفَ. قال:
ورفيقُه بالغَيبِ لا يدري(5)
نَصَفَ النَّهارُ الماءُ غامِرُه
ونصَفَ الإزارُ ساقَه: بلَغَ نِصْفَها يَنْصُفُها. قال:
أجَلْ لا وإن كانت طِوالاً مَحامِلُه(6)
ترى سيفَه لا يَنْصُف السَّاقَ نَعْلُه
__________
(1) التكملة من المجمل واللسان.
(2) لرؤبة في ديوانه 90 واللسان (نصع). ورواية الديوان: "وأزمعا".
(3) في اللسان: "وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق ما في الأرض جميعاً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه".
(4) الرجز لسلمة بن الأكوع، كما سبق في حواشي (نصف). وأنشده في اللسان (عجف، نصف، خرف، قرص، صرف).
(5) للمسيب بن علس في اللسان (نصف). ونسب في الخزانة (1: 544) إلى الأعشى. وذكر العلامة الميمني أنها في نسخة رامبور من ديوان الأعشى.
(6) لابن ميادة، كما في اللسان (نصف).(5/346)
(نصل) النون والصاد واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على بُروز الشَّيء من كِنّ وسترٍ أو مَركَب.
ونَصَلَ الحافرُ: خرَجَ من موضِعِه. ونَصَل الخِضابُ. ومنه تَنَصَّلَ من ذَنْبه: تبرَّأ، كأنَّه خَرَج منه. والنَّصْل: نَصْل السَّيف والسَّهم، سمِّي به لبُروزه وصفائه
نصا
وجَلائه. يقال في تصريف هذه الكلمة: أنْصَلْتُ الرُّمحَ: نََزَعتُ نَصْله. ونَصلتُه: جَعلت له نصلاً. والمُنْصَُل: السَّيف. قال في أنْصَلْتُ(1):
تَدارَكَهُ في مُنْصِل الأَلِّ بعدما
مَضَى غَيرَ دَأداءٍ وقد كادَ يعطَبُ(2)
أراد: رجَب، كانَ يسمَّى مُنْصِلَ الأَسِنَّة، لأنَّهم كانوا لا يحاربون فيه. وقال في المُنْصَُل:
شَطْرِي وأحمي سائِرِي بالمُنصَُلِ(3)
إنِّي امرؤٌ من خير عَبسٍ مَنْصِباً
ومما حُمِل على التَّشبيه: النَّصِيل: ما بين العُنُق والرّأسِ من باطنٍ تحتَ اللَّحيين.
(نصا) النون والصاد والحرف المعتلّ –وهذا المعتلّ أكثرُه واو- أصلٌ صحيح يدلُّ على تَخَيُّرٍ وخَطَر في الشَّيء وعُلوّ. ومنه النَّصِيَّة من القَوم ومن كلِّ شيءٍ: الخيار. ويقال انتصَيْتُ الشَّيءَ: اخترتُه. وهذه نَصِيَّتي: خِيرَتي. ومنه النَّاصية: سمِّيت لارتفاع مَنْبتها. والناصيةُ: قُصَاص الشَّعْر.
وفي تصريف هذه الكلمة: نَصَوْت فلاناً: قبَضْتُ على ناصِيَته. وناصَيْتُهُ: أخَذَ كلٌّ منا بناصيةِ صاحبه. وَمفازةٌ تُناصِي أخرى، من هذا، كأنَّها تتَّصل بها كالقابضةِ(4) على ناصيتها. وهو تشبيه. وانتْتَصَى الشّعرُ: طال. وقول عائشة:
نصب - نصت
"ما لكم تَنْصُون ميّتكم" فإنَّها أرادت تمدُّون ناصيتَه، كأنَّها كَرِهَتْ تسريح رأسِ الميّت.
__________
(1) في الأصل: "في الصلب"، تحريف.
(2) للأعشى في ديوانه 138 واللسان (نصل، ألل، دأدأ).
(3) البيت لعنترة في ديوانه 178.
(4) في الأصل: "بها في كالقابضة".(5/347)
(نصب) النون والصاد والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على إقامةِ شيءٍ وإهدافٍ(1) في استواء. يقال: نصَبتُ الرُّمحَ وغيرَه أنصِبهُ نصباً. وتيسٌ أنْصَبُ، وعنْزٌ نصباءُ، إذا انتصب قرناها وناقَةٌ نَصْباء: مرتفعة الصَّدر. والنَّصْب: حجرٌ كانَ يُنصَب فيُعبَد، ويقال هو النُّصُب، وهو حجرٌ يُنصَب بين يدي الصَّنَم تصبُّ عليه دماءُ الذّبائح للأصنام. والنَّصائب: حجارةٌ تنصَبُ حوالَيْ شَفِير البئر فتجعلُ عضائد.
ومن الباب النَّصَبُ: العَناء، ومعناه أنَّ الإنسان لا يزال منتصباً حَتَّى يُعييَ. وغبارٌ منتصب: مرتفع. والنَّصيب: الحوض يُنصَب من الحجارة. فأمَّا نِصاب الشَّيء فهو أصلُه؛ وسمِّي نِصاباً لأنَّ نصله إليه يُرفَع، وفيه يُنصَب ويركّب، كنصاب* السِّكِّينِ وغيره. والنَّصيب: الحظُّ من الشَّيء، يقال: هذا نَصِيبي، أي حظِّي. وهو من هذا، كأنَّه الشيءُ الذي رُفِعَ لك وأهْدَف. والنَّصْب: جنسٌ من الغِناء، ولعلَّه مما يُنصَب، أي يعلَّى به الصَّوت. وبَلغَ المالُ النِّصاب الذي تجِب فيه الزَّكاة، كأنَّه بلغَ ذلك المبلغَ وارتفعَ إليه. ويقول أهلُ العربيّة في الفتح هو النَّصْب، كأنَّ الكلمة تنتصِب في الفم انتصاباً.
(نصت) النون والصاد والتاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على السُّكوت. وأنصَتَ لاستماعِ الحديث، ونَصَتَ يَنْصِت. وفي كتاب الله تعالى:
{ وَأَنْصِتُوا } [الأعراف 204].
نصح - نصر
(نصح) النون والصاد والحاء أصلٌ يدلُّ على ملاءمةٍ بين شيئين وإصلاح لهما. أصلُ ذلك النَّاصح: الخَيّاط. والنِّصاح: الخَيطُ يُخاط به، والجمع نِصاحات، وبها شبِّهت الجلود التي تُمدُّ في الدِّباغ على الأرض. قال:
مِثلمَا مُدَّتْ نِصاحاتُ الرُّبَحْ(2)
فتَرَى القومَ نَشاوَى كلُّهُمْ
__________
(1) الإهداف: الانتصاب: وفي الأصل: "وإهدام". وانظر ما سيأتي في س 13.
(2) للأعشى في ديوانه 163 واللسان (نصح، ربح). وقد سبق في (ربح).(5/348)
ومنه النُّصح والنَّصيحة: خِلاف الغِشّ. ونَصَحْتُه أنْصَحُه. وهو ناصح الجيْب لمثَلٍ، إذا وُصِف بخُلوص العمل والتَّوبة النَّصُوح منه، كأنَّها صحيحةٌ ليس فيها خَرْقٌ ولا ثُلْمَة ويقال: أنْصَحْتُ الإبلَ، إذا أرويتَها فنَصَحَت، أي رَوِِيت. وهو من القياس الذي ذكرناه. وناصِحُ العَسَل: ماذِيُّه، كأنَّه الخالص الذي لا يتخلَّله ما يشوبُه. ونصحت له ونَصَحْتُهُ بمعنىً. وقميصٌ مَنصوح: مَخِيط.
(نصر) النون والصاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على إتيان خَيرٍ وإيتائه. ونَصَر اللهُ المسلمين: آتاهمُ الظّفرَ على عدوِّهم، ينصرهم نَصْراً. وانتصر: انتقم، وهو منه. وأمَّا الإتيانُ فالعرب تقول: نصرت بَلَدَ كذا، إذا أتيتَه. قال الشَّاعر(1):
بلادَ تميم وانصرِي أرض عامرِ
إذا دخَلَ الشّهر الحرامُ فودِّعِي
ولذلك يسمَّى المطرُ نَصْراً. ونُصِرت الأرضُ، فهي منصورة. والنَّصْر: العَطاء. قال:
نضل – نضا
لَقَائلٌ يا نصرُ نَصْراً نَصْرا(2)
إنِّي وأسطارٍ سُطِرْنَ سَطْرَا
(باب النون والضاد وما يثلثهما)
(نضل) النون والضاد واللام: أصَيلٌ يدلُّ على رمْيٍ ومُراماة. ونَضَلَ فلاناً: راماه بالنِّضال فغَلَبه في ذلك. وهو يُناضِل عن فلانٍ: يتكلَّم عنه بعُذرِه، كأنَّه يُرامي دونَه. وانتضَلْتُ سهماً من الكنانة. ويقال استعارةً: انتضَلْتُ رجلاً من القَوم: اخترتُ منهم. وانتضال الإبل: رَمْيُها بأيديها في السَّير. وانتضلوا وتَناضَلوا: رمَوا بالسَّبق. وانتضَلْنا بالكلام والأحاديث، استعارةٌ من نِضال السَّهم. قال لبيد:
__________
(1) هو الراعي يخاطب خيلاً، كما في اللسان (نصر).
(2) لرؤبة بن العجاج في ملحقات ديوانه 174 واللسان والصحاح (نصر) وسيبويه (1: 304) والخزانة (1: 325). وقال صاحبا العباب والقاموس: صواب روايته: "يانضر" بالضاد المعجمة، وهو حاجب نصر بن سيار.(5/349)
كَعتِيق الطير يُغضِي ويُجَلّ(1)
فانتضلنا وابنُ سَلْمَى قاعدٌ
(نضا) النون والضاد والحرف المعتلّ وأكثره الواو: أصلٌ صحيح يدلُّ على سَرْيِ الشَّيء(2) وتدقِيقه وتجريده. منه نَضَا السَّيفَ من غِمْده. ونَضَا السّهمُ: مضى. ونَضَا الفرسُ الخيلَ: سَبقَها، كأنَّه انجرد ممَّا بينها. ونضا الحِنَّاءُ عن اليد: ذهب. ونَضَوْتُ ثوبِي: ألقيتُه عَنِّي. قال امرؤ القيس:
لدى السِّتْر إلاَّ لِبْسَةَ المتفضِّلِ
فجِئتُ وقد نَضَتْ لنومٍ ثيابَها
نضب – نضج
والنِّضْو من الإبل: الذي أنضَتْه الأسفار: كأنَّه برَتْه وجرَّدَتْه من اللحم. وأنْضَى الرّجُل: أصبَحَ بعيرُه نِضْواً. ومنه أنْضَيتُ الشَّيء: أخلَقْته. ونِضْوُ اللِّجام: حدائده بلا سُيور. ونَضِيُّ السَّهم: قِدْحُه، وهو ما جاوز الرِّيشَ إلى النَّصْل، وذلك لأنَّه بُرِيَ حتَّى صار نِضْواً. ونَضِيُّ الرُّمح: ما فوق المَقْبِض من صدره. والنَّضِيُّ: مُنْتَصَب العُنُق، وهو على معنى التَّشبيه، والجمع أنضِيَة. قال:
* وطُولِ أنْضِيَة الأعناقِ واللِّمَمِ(3) *
(نضب) النون والضاد والباء كلمةٌ تدلُّ على انكشاف شيءٍ وذهابه. ونضب الماءُ: بَعُدَ، نضوباً. ونَضَبت المفازةُ، كأنَّها انجردت. وخَرْقٌ ناضب: بعيد.
وشذَّ عنه التَّنْضَب: شَجَر.
__________
(1) ديوان لبيد ص 16 طبع 1881 والبيان (1: 266).
(2) السرى: الكشف، يقال سرى عنه الثوب سرياً: كشفه، والواو أعلى.
(3) لليلى الأخيلية، ويروى للشمردل بن شريك اليربوعي. اللسان (نضى) والحيوان (3: 91) والكامل 35 وأمالي القالي (1: 238) والعقد (6: 228). وصدره:
* يشبهون ملوكاً في تجلتهم *(5/350)
(نضج) النون والضاد والجيم أصلٌ يدلُّ على بلوغ النهاية في طَبخِ الشَّيء، ثم يستعار في كلِّ شيء بَلَغَ مدى الإحكام. ونَضِجَ التَّمْر واللَّحمُ نُضجاً، وأنضَجْتُه أنا. وأنضَجَتْه الشَّمسُ إنضاجاً. ويستعار هذا فيقال: هو نَضِيج الرَّأْي: مُحكَمُه. والنَّاقة إذا جاوزَتْ وقتَ وِلادِها ولم تَلِد نَضّجَت، وهي مُنَضّجٌ، وهنّ مُنَضِّجات. قال:
نضح – نضخ
يَزِدْنَ على العديد قُرابَ شَهْرِ(1)
هو ابنُ مُنَضِّجاتٍ كُنَّ قِدْماً
(نضح) النون والضاد والحاء أصلٌ يدلُّ على شيءٍ يُندَّى، وماء يُرشّ. فالنَّضْح: رشُّ الماء. ونَضَحتُه. قال أهلُ اللُّغة: يقال لكلِّ ما رقَّ: نَضْحٌ وهذا هو القياس الذي ذكرناه، لأنَّ الرَّشَّ رقيق. يقال: نَضَحت البيتَ بالماء. ونَضَح جِلدُه بالعَرَق. والسَّانية ناضحٌ. ونَضَحوهم بالنَّبْل، وهذا على جهة التَّشبيه. ونَضَح عن نفسه، كأنَّه رامَى عنها بالحُجّة. وفي الحديث: "انْضَحُوا عَنَّا الخَيل لا نُؤْتَى مِن خَلْفِنا"، أي ارمُوهم بالنُّشّاب. والنَّضيح والنَّضَح: الحوض، لأنَّه يُنضَح بالماء. ونَضَح الغضا: تَفَطَّر، وكأنَّ سقوطَ نَورِه يشبَّه بنَضْح الماء. قال أبو طالب:
رِكَ نَضْحُ الرُّمّانِ والزَّيتونُ(2)
بُورِك الميِّت الغريب كما بو
قال ابنُ الأعرابيِّ: سمِّي الحوضُ نضيحاً لأن يَنضَح عطَشَ الإبل، أي يبُلُّه. قال الخليل: والرّجُل يُقرَف بأمرٍ فيَنْتَضحُ منه، إذا أظهَرَ البراءةَ وبرَّأَ نفسَه منه جَهْدَه.
__________
(1) للراعي كما في اللسان (نضج)، وأنشده في المجمل.
(2) ديوان أبي طالب 7 مخطوطة الشنقيطي واللسان (نضح). وروي القصيدة مرفوع، وضبط في اللسان بالكسر خطأ.(5/351)
(نضخ) النون والضاد والخاء قريبٌ من الذي قبله، إلاَّ أنّه أكثر منه(1). يقولون: النَّضْخ كاللّطْخ من الشّيء يبقى له أثَر. ونَضَخ ثوبَه بالطِّيب. وغَيثٌ نضّاخٌ: غزير. وعينٌ نضّاخة: كثيرة الماء.
نضد - نضر
(نضد) النون والضاد والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَمّ شيءٍ إلى شيءٍ في اتِّساقٍ وجمعٍ، منتصباً أو عريضاً. ونَضَدْتُ الشيءَ بعضَه إلى بعضٍ متَّسقاً أو مِن فَوق. والنَّضَد: المنضود من الثِّياب. قال النابغة:
ورفَّعْته إلى السَّجْفَينِ فالنَّضَدِ(2)
خَلَّتْ سبيلَ أتِيٍّ كان يحبسُه
والنَّضَد: السَّرِيرُ يُنضَد عليه المتاع. وأنْضاد الجِبال: جنادلُ بعضُها فوق بعض. والنَّضَد من السَّحاب كالصَّبير، يكون بعضُه إلى بعض، والجمع أنضاد. وأنضادُ القوم: جماعاتهم وعَدَدُهم. ونَضَدُ الرَّجُلِ: أعمامُه وأخوالُه الذين يتجمَّعون لنُصرته. والنَّضَد: الشَّرَف. ونَضائد الدِّيباج: جمع نَضِيدة، وهي الوِسادةُ وما حُشِيَ من المَتَاع. قال ابن دريد(3): وما نُضِد بعضُه على بعضٍ فهو نَضِيد.
(نضر) النون والضاد والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على حُسنٍ وجمالٍ وخُلوص. منه النَّضْرة: حُسْن اللَّون، ونَضَُِرَ يَنْضَُر. ونَضَّر اللهُ وجهَه: حسَّنَه ونوَّره. وفي الحديث: "نضَّر الله امرأً سمِعَ مقالتي فوعاها". وأخْضَرُ ناضرٌ. ويقال هذا في [كُلِّ] مشرقٍ حَسَن. قال الله تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَة } [القيامة 22]. والنَّضير: الذَّهب، لحُسنه وخلوصه. قال:
عليها وجِريالَ النَّضير الدُّلامِصا(4)
إذا جُرِّدَت يوماً حسِبْتَ خَمِيصةً
وقَدَحٌ نُضَارٌ: اتُّخِذ من أثْلٍ يكون بالغَوْر، ولعلَّه أن يكون حَسَناً.
نطع – نطف - نطق
(باب النون والطاء وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "من الذي".
(2) ديوان النابغة 17 واللسان (نضد).
(3) الجمهرة (2: 277).
(4) للأعشى في ديوانه 108 واللسان (نضر).(5/352)
(نطع) النون والطاء والعين أصلٌ يدلُّ على بَسطٍ في شيء ومَلاَسَة. منه النِّطْع، ويقال له النَّطْع(1)، وهو مبسوطٌ أملس. والنَِّطع(2): ما ظهر من غار الفَمِ الأعلى. وهو كذلك. والتنطُّع في الكلام: التعمُّق، وهو قياسُه لأنَّه يتبسَّط فيه. ويُستعار فيقال: تنَطَّع الصانعُ في صنعته، أظهَرَ حِذْقَه.
(نطف) النون والطاء والفاء أصلان* أحدهما جنسٌ من الحَلْي، والآخَر نُدُوَّة وبَلَل، ثم يستعار ويُتوسَّع فيه.
فالأوَّل: النَّطَف. يقال هو اللُّؤلؤ، الواحدة نَطَفة(3). ويقال: بل النَّطَفَ: القِرَطَة.
والأصل الآخر النُّطْفة: الماء الصافي. وليلةٌ نَطوفٌ: مَطَرَتْ حتَّى الصَّباح. والنِّطَاف: العرَق. ثم يستعار هذا فيقال النَّطَف: التّلطُّخ. ولا يكاد يُقال إلا في القبيح والعَيب. ويقال نَطِفٌ، أي مَعِيب. ونَطِفَ الشَّيء: فَسَد.
(نطق) النون والطاء والقاف أصلانِ صحيحان: أحدهما كلام أو ما أشبهه، والآخَر جنسٌ من اللِّباس.
نطل
الأوَّل المَنْطِق، ونَطَق يَنطِق نُطْقَاً. ويكون هذا لما لا نفهمه نحن. قال الله تعالى في قِصّة سليمان: { عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْر } [النمل 16].
والآخَر النِّطاق: إزارٌ فيه تِكَّة. وتسمَّى الخاصرة: الناطقة، لأنَّها بموضع النِّطاق. ويقال للشَّاة التي يُعْلَمُ عليها في موضِع النِّطاق بحُمْرَة: منَطَّقة. وذات النِّطاق: أكَمَةٌ لهم. والمِنْطَق: كلُّ ما شَدَدتَ به وَسَطك. والمِنْطَقة: اسمٌ لشيء بعينه. وجاء فلانٌ منتطِقاً فرسَه، إذا جانَبَه ولم يركبْه، كأنَّه عِندَ النِّطاق منه، إذْ كان بجَنْبه. فأمَّا قولُه:
__________
(1) كذا ضبطت الكلمتان في الأصل والمجمل. لكن فيها أربع لغات، يضاف إلى هاتين اللغتين: النطع، بالتحريك، والنطع كعنب، كما في اللسان والقاموس.
(2) وهذا أيضاً فيه لغات سابقة.
(3) ويقال أيضاً، "نطفة" كهمزة، ويجمع هذا على نطف كغرف.(5/353)
على الأعداءِ منتطقاً مُجِيدا(1)
أبْرَحُ ما أدَامَ اللهُ قَومي
فقد قال قومٌ: أراد به هذا، وأنَّه لا يزال يَجنُبُ فرساً جواداً. ويقال هو من الباب الأوَّل، أي منتطقٌ قائلٌ مَنْطِقاً في الثَّناء على قومي.
ويقولون - وهو من الثَّاني- "منْ يَطُلْ ذَيلُ أبيه ينتطِقْ به(2)"، وهو مثلٌ، أي من كَثُر بنو أبيه أعانُوه.
(نطل) النون والطاء واللام كلمةٌ واحدة. يقولون: النَّاطِل: مكيالٌ من مَكاييل الخمر. ويقال: بل النَّاطِل: الفَضْلةُ تَبقَى في الإناء من الشَّراب. وهو أشْبَهُ بقوله:
نطي – نطح
من الخمر لم تَبْلُلْ لَهَاتِي بناطلِ(3)
ولو أنَّ ما عندَ ابن بُجْرَةَ عندها
ويقولون إن كان صحيحاً: إن النَّيْطَل: الدَّلو، والدَّاهية.
(نطي) النون والطاء والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على تباعُدٍ في الشَّيء وتطاوُل. وأرضٌ نَطِيَّةٌ: بعيدة. قال امرؤ القيس:
لذكرةِ قَيض حولَ بيض مُفَلَّقِ(4)
تَرَوَّحَ من أرضٍ لأرضٍ نَطيّة
وأنْطَاه، إذا أعطاه. ومَن أعطى أحداً شيئاً فقد جَعَل الشّيءَ عن نفسه بعيداً. ويحتمل أنَّه من باب الإبدال، من الإعطاء.
وممّا حُمِل على هذا: لا تُنَاطِ الرِّجَال، أي لا تُمَرَّسْ بهم وتطاوِلْهُم العداوَةَ.
__________
(1) كذا ورد البيت بالخرم في الأصل، وأنشده تاماً في المجمل: "وأبرح". وهو لخداش بن زهير، كما سبق في حواشي (برح).
(2) وكذا ورد بهذه الكناية في المجمل. وفي اللسان: "أير أبيه"، مع نسبة المثل إلى علي بن أبي طالب. وعند الميداني: "هن أبيه". وروى الميداني أيضاً: "من يطل ذيله ينتطق به".
(3) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 144)، واللسان (نطل). وأنشدها في المجمل كذلك.
(4) ديوان امرئ القيس برواية الطوسي وخرابنداذ، نسختي دار الكتب.(5/354)
(نطح) النون والطاء والحاء أصلٌ واحد. وهو نَطَح. يقال: نَطَح الكبش يَنْطِحُ. ويحمَل عليه فيقال للوحشيِّ إذا أتاكَ مستقبلاً لك: نطيحٌ وناطِح. ويقولون: إنَّه لا يُتَبرَّك به، ولذلك يقال للمشؤوم: نَطِيح. وفرسٌ نَطيحٌ: يأخذُ فودَيْ رأسِه بياض.
ومن الباب نَوَاطِحُ الدَّهر، أي شدائده، وأصابَهُ ناطحٌ: أمر شديد. وقياس كلّ واحد. ويقال للشَّرَطَينِ: النَّطْحُ والنّاطح. وقولهم:
* الليلُ داجٍ والكباشُ تَنْتطِحْ(1) *
أي يَنطَِح بعضُها بعضاً. وهذا عبارةٌ عن اقتتال الأبطال، واصطِدام الكُماة. وتناطَحت الأمواج والسُّيولُ والرِّجالُ في الحرب.
نطس - نطش – نظف – نظم
(نطس) النون والطاء والسين كلمتانِ متباينتان لا يرجعانِ إلى قياسٍ واحد. التَّنطُّس، وهو التقذُّر والتقزُّز.
والكلمةُ الأخرى النَّطِيس(2) والنِّطاسيّ: العالم. وتَنَطَّسْتُ الأخبار: تجَسَّستُها.
(نطش) النون والطاء والشين أصلٌ يدلُّ على حركةٍ وقُوّة. يقولون: النَّطْش: شِدَّة الجَبْلَة. وما به نَطِيشٌ، أي قُوّة. قال ابنُ دريد(3): قولهم: عَطْشانُ نَطْشان، من قولهم: ما به نَطِيش، أي حَرَكة.
(باب النون والظاء وما يثلثهما)
(نظف) النون والظاء والفاء كلمة واحدة، وهي قولهم: شيءٌ نظيف: نقيٌّ، بيِّن النظافة. وقد* نَظُف ينظُف. واستنظَفْتُ ما عند فلانٍ: استوفيتُه وأخذتُه كلَّه. ونظَّفتُه: نقّيته، تنظيفاً.
(نظم) النون والظاء والميم: أصلٌ يدلُّ على تأليف شيءٍ وتأليفه(4). ونَظَمْتُ الخرَزَ نَظْماً، ونَظَمْتُ الشِّعْرَ وغيرَه. والنِّظام: الخَيط يَجمَع الخَرَز. والنِّظامانِ من الضَّبِّ: كُشْيَتَانِ من جَنبيه، منظومانِ من أصل الذَّنَب إلى الأُذُن.
نظر - نعف
__________
(1) أنشده في اللسان (نطح).
(2) ويقال نطيس كسكيت أيضاً.
(3) الجمهرة (3: 429) في (باب جمهرة من الإتباع).
(4) كذا وردت هذه الكلمة، ولعلها "وتكثيفه".(5/355)
وأنْظَمَتِ الدّجاجةُ: صار في جَوفها بَيض. ويقال لكواكب الجوزاء: نَظمٌ. وجاءنا نَظْمٌ من جَرادٍ: أي كَثير.
(نظر) النون والظاء والراء أصلٌ صحيح يرجع فروعُه إلى معنىً واحد وهو تأمُّلُ الشّيءِ ومعاينتُه، ثم يُستعار ويُتَّسَع فيه. فيقال: نظرت إلى الشّيءِ أنظُر إليه، إذا عاينْتَه. وحَيٌّ حِلاَلٌ نَظَرٌ: متجاوِرون ينظرُ بعضُهم إلى بعض. ويقولون: نَظَرتُه، أي انتظرته. وهو ذلك القياس، كأنَّه ينظر إلى الوقت الذي يأتي فيه. قال:
من الدَّهر ينفَعْني لدى أمِّ جُندَبِ(1)
فإنّكُما إن تَنْظُرَانِيَ ليلةً
ومن باب المجاز والاتِّساع قولُهم: نظَرَتِ الأرضُ: أرَتْ نَباتَها(2). وهذا هو [القياس. و] يقولون: نَظَرَت بعَينٍ. ومنه نَظَرَ الدهرُ إلى بني فلانٍ فأهلكَهم. [و] هذا نظيرُ هذا، من هذا القياس؛ أي إنَّه إذا نُظِرَ إليه وإلى نَظِيرِهِ كانا سواءً. وبه نَظْرَةٌ، أي شُحوب، كأنَّه شيءٌ نُظِرَ إليه فشَحَب لونُه. والله أعلمُ بالصَّواب.
(باب النون والعين وما يثلثهما)
(نعف) النون والعين والفاء كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعٍ في شيءٍ. منه النَّعْف: مكانٌ مرتفع في اعتراض. والنَّعْفة: ذُؤابة الرَّحْل، سمِّيت لأنها سامية. وانتَعَفَ الرَّجُل الشيءَ، إذا تركهُ إلى غيرِه، كأنَّه سَمَا بنفسه عنه.
نعق - نعل
ومن الكلمة الأولى ناعَفْتُ(3) الرّجُل: عارضتُه. وتَنَعَّفَ(4) الرّجُلُ: ارتقَى نَعْفاً.
(نعق) النون والعين والقاف كلمةٌ تدلُّ على صَوت. ونعَق الراعي بالغَنَم يَنْعَق ويَنْعِق، إذا صاح بهِ زجراً، نعيقاً.
__________
(1) لامرئ القيس في ديوانه 73، ويروى: "ساعة من الدهر تنفعني". و "ينفعني" أي ينفعني الانتظار.
(2) في المجمل: "إذا أرت العين نباتها".
(3) في الأصل: "اعفته"، صوابه في المجمل.
(4) الذي في اللسان والقاموس: "انتعف".(5/356)
(نعل) النون والعين واللام أُصَيلٌ يدلُّ على اطمئنانٍ في الشيء وتسفُّل. منه النَّعْل المعروفة، لأنها في أسفل القَدَم. ورجلٌ ناعل ذو نعل، ومُنْتَعِلٌ أيضاً. وأنْعَلْتُ الدّابّة. ولا يقال نَعَلْتُ. وحِمار الوحشِ ناعلٌ لصَلابةِ حافرِه. والنَّعْلُ للسَّيفِ: ما يكون أسفَلَ قِرَابِهِ(1)من حديدٍ، أو فِضّة. [قال]:
ترى سَيفَه لا يَنصُفُ السّاقَ نعلُهُ
أجَلْ [لا] وإنْ كانت طِوالاً مَحامِلُه(2)
وفرسٌ مُنْعَلٌ: بياضُه في أسفل رُسْغِه على الأشْعَر لا يَعدُوه. والنَّعْل: عَقَبٌ يُلْبَسُ ظَهْرَ السِّيَةِ من القوس. والنَّعل من الأرض: موضعٌ، يقال هي الحَرَّة، ويقال إنَّه لا يُنبِتُ شيئاً. قال الخليل: والنَّعل: الذّليل من الرِّجال الذي يُوطَأ كما يُوطَأ النَّعل.
نعم
(نعم) النون والعين والميم فروعُه كثيرة، وعندنا أنَّها على كثرتها راجعةٌ إلى أصلٍ واحدٍ يدلُّ على ترفُّهٍ وطِيب عيش وصلاح. منه النِّعمة: ما يُنعِم الله تعالى على عبدِه به من مالٍ وعيش. يقال: للهِ تعالى عليه نِعمة. والنِّعمة: المِنَّة، وكذا النَّعْماء. والنَّعْمة: التنعُّمُ وطيبُ العيش. قال الله تعالى: { وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهينَ } [الدخان 27]. والنُّعَامَى: الرِّيح اللَّيِّنة. والنَّعَم: الإبل، لما فيه من الخَيْر والنِّعمة. قال الفرّاء: النَّعم ذَكَرٌ لا يؤنَّثُ فيقولون: هذا نَعَمٌ وارِدٌ؛ وتُجمَع أنعاماً. والأنعام: البهائم، وهو ذلك القياس. والنَّعامة معروفة. لنَعْمةِ رِيشِها. وعلى معنى التَّشبيه النَّعامة، وهي كالظُّلَّة تُجعَل على رؤوس الجبل، يستظلُّ بها. قال:
__________
(1) في الأصل: "أسفل أو قرابه"، تحريف.
(2) روي لابن ميادة في اللسان (نصف)، ولذي الرمة في ديوانه 475 واللسان (نعل).
... بمدح المهاجر بن عبد الله الكلابي والي اليمامة. وقد سبق في (نصف).(5/357)
منها هزيمٌ ومنها قائِمٌ باقِ(1)
لا شَيءَ في رَيدِها إلاَّ نَعامَتُها
ويقولون: نَعَمْ ونُعْمَى عَينٍ، ونُعْمَةَ عين(2)، أي قُرّةَ عين. ونَعِم الشَّيءُ من النَّعْمَة*. وقد نَعَّم فلانٌ أولادَه: تَرَّفهم. ويقولون: ابنُ النَّعامة: صَدْرُ القَدَم. قال:
وابن النَّعامةِ يوم ذلكِ مَركِبي(3)
فَيكونُ مَركبَُكَ القَعودَ ورَحْلََُه
وسمِّي به لأنَّه مكانٌ ليِّن ناعم. وتنعَّمَ الرّجلُ: مشَى حافياً. ويعبَّر عن الجماعة بالنَّعامة فيقال: شَالَتْ نعامتُهم، إذا تفرقوا(4). وهذا على معنى التَّشبيه، أي كما تطير النَّعامةُ فقد تفرَّقوا هؤلاء. ويقولون: أتيتُ أرضَ بني فُلانٍ
نعي
فتَنعَّمَتْنِي إذا وافَقَتْهُ. ونِعْمَ: ضدُّ بئْسَ. ويقولون: إنْ فعلت ذاكَ فَبِها ونِعْمَتْ، أي نِعْمَت الخَصْلة هي.
ومن الباب قولهم: نَعَمْ، جواب الواجب، ضدُّ لا، وهي أيضاً من النّعمة.
وعلى معنى التَّشبيه النَّعائم: كوكب. والنَّعائم، خَشَبات يُنصَبْنَ على الرَّكِيّ تُعلَّق إليهنَّ القَامةُ، إذا لم تكنْ للرَّكِيِّ زَرَانيق. ويقال: إنَّ شقائق النُّعمان حماه ابنُ المنذِر فنُسِبَ إليه. ويقال: بل النعمان ها هنا: الدَّم. والأوَّلُ أشبه. قال ابن دريد(5): "تنعَّمْتُ زيداً: طلبتُه"، كأنّه أراد: أعْمَلَ إليه نَعَامَتَه، وهي باطن قدمِهِ. ويقولون: نَعِمَ اللهُ بك عيناً، [ونَعِمَكَ عيناً(6)]، بمعنى.
__________
(1) وكذا ورد في اللسان (نعم) بدون نسبة. والبيت لتأبط شراً في المفضليات (1: 28).
(2) فيه لغات أخرى كثيرة ذكرت في اللسان والقاموس.
(3) لعنترة في ديوانه واللسان (نعم).
(4) في الأصل: "إذا مروا"، صوابه من المجمل ومما سيأتي بعد.
(5) الجمهرة (3: 454) في (باب من النوادر).
(6) التكملة من المجمل.(5/358)
(نعي) النون والعين والحرف المعتلّ: أصلٌ صحيح يدلُّ على إشاعةِ شيء. منه النَّعِيُّ: خبَرُ الموت(1)، وكذا الآتي بخَبرِ المَوْت يقال له نَعِيٌّ أيضاً.
ويقال: نَعَاءِ فلاناً، أي انْعَه. قال:
ولكنْ فراقاً للدَّعائمِ والأصلِ(2)
نَعَاءِ جُذاماً غير موتٍ ولا قَتْلِ
ومن الباب: هو ينْعَى على فلانٍ، إذا وبَّخَه، كأنَّه يُشِيعُ عليه ذنوبَه. وهو يستَنْعي الظِّباء: يدعوها، يتقدَّمُها فتَتْبعهُ. واستنعَيتُ القوم، إذا تقدّمتَهم ليتْبَعوك، وهذا على إشاعة الصَّوت بالدُّعاء. ويقال: شاعَ ذِكرُ فلانٍ
واستَنْعَى بمعنىً. قال الأصمعيّ: استَنْعَى بفلانٍ الشَّرّ، أي تتابَعَ به
نعب – نعت - نعج
الشّرّ. واستَنْعَى به [حُبُّ] الخَمْر(3): تمادَى به. ومعنى هذا أنَّ الخمر كأنَّها دَعتْه وصوَّتَتْ به فتبِعَها.
(نعب) النون والعين والباء: أصلانِ صحيحان: أحدُهما يدلُّ على صوتٍ، والآخرُ على حركةٍ من الحركات.
فالأوَّل نَعَبَ الغراب: صَوَّتَ، نَعْباً ونَعيباً ونَعَبَاناً.
والآخر فَرسٌ مِنْعَبٌ: جواد. وناقة نَعّابة: سريعة. ويقال: النَّعْب: أن تحرِّكَ رأسَها في مَشيها إلى قُدّامِها. وهي ناقَةٌ نَعُوب.
(نعت) النون والعين والتاء: كلمةٌ واحدة، وهي النَّعْت، وهو وَصْفُك الشيءَ بما فيه من حُسْن. كذا قاله الخليل، إلاَّ أن يتكلَّفَ متكلِّف فيقول: ذا نَعْتُ سُوءٍ. قال: وكلُّ شيءٍ جيِّدٍ بالغٍ نعتٌ. وناعِتُونَ: مكانٌ(4).
__________
(1) ويقال فيه النعي أيضاً بسكون العين.
(2) للكميت في إصلاح المنطق 201 واللسان (نعا). وفي إصلاح المنطق: "غير هلك".
(3) في الأصل: "الخير"، وتصحيحه والتكملة قبله من المجمل.
(4) منه قول عوف بن الخرع:
أو المستوى إذ علون الستارا
بحمران أو بقفا ناعتين(5/359)
(نعج) النون والعين والجيم: أصلٌ صحيح يدلُّ على لونٍ من الألوان. منه النَّعَج: البياضُ الخالص. وجَملٌ ناعج؛ حسنُ اللَّون كريم. ومنه النَّعْجة من الضَّأن، ويكون من بَقَر الوحش ومِن شاءِ الجَبَل. يقال لإناثِ هذه الأجناس نِعَاج. ونعاجُ الرّمْلِ: البَقَر. ونَعِجَ الرَّجُل: أكل لحمَ نعجةٍ فأُتْخِمَ عنه. قال:
فهُمْ نَعِجُون قد مالت طُلاهمْ(1)
كأنَّ القَوْمَ عُشّوا لحمَ ضانٍ
وأنعَجُوا: سمِنَت نِعاجُهم. أمَّا نَوَاعج الإبل، فيقال هي السِّراع. وعندنا
نعر
أنَّها الكرائم، لما ذكرناه من القياس. وامرأةٌ ناعجة: حسنة اللَّون. والنَّاعجة من الأرض: السَّهلة المستوِية، وهي مَكْرُمَة للنَّبات، تُنبِت الرِّمث وأطَايبَ العُشْب.
(نعر) النون والعين والراء: أصلانِ مُتقارِبان: أحدهما صوتٌ من الأصوات، والآخر حركةٌ من الحركات.
فالأوَّل نَعَرَ الرّجُل، وهو صَوتٌ من الخيشوم. وجُرْحٌ نَعَّارٌ ونَعور، إذا صَوَّتَ دمُه عِند خُروجِه منه. والنَّاعور: ضربٌ من الدِّلاء يُستقَى به، سمِّي لصوته.
والثاني نَعَرَ في الفِتنة: سعَى وجاءَ وذهبَ. وهو نَعَّارٌ في الفِتَن: سَعَّاء. ونَعَرَ في البلاد: ذهب. وهو نَعِير الهَمِّ: بَعيدُه. وإنَّ في رأسه نُعْرَةً(2)، أي نَخوةً وتكبُّراً، ورُكوبَ رأسٍ، يمضي به على جَهله. والنُّعَرة: ذبابٌ يقعُ* في أنوف البَعير والخيل ويمكن أنَّها سمِّيت لنَعيرِها، أي صوتِها. ونَعِرَ الحمارُ، وهو نَعِرٌ. وأمّا قولُه:
* والشَّدَنيّات يُساقِطْن النُّعَرْ(3) *
__________
(1) في الأصل: "عجوا نعج" تحريف. والبيت لذي الرمة كما في اللسان (نعج). وانظر الحيوان (4: 301/ 5: 479) والمخصص (5: 80) وفقه اللغة 139.
(2) ويقال: "نعرة" أيضاً بالتحريك.
(3) للعجاج في ديوانه 17 واللسان (نعر) وإصلاح المنطق 431 والمخصص (1: 20، 55، 102).(5/360)
فإنَّه شبَّه أجِنَّتَها في أرحامها بذلك الذُّباب. وأنْعَرَ الأراكُ: أثْمر، وكأنَّ ثمرَه شُبِّه بالنُّعَر. ويمكن أنَّ الأصلَ في جميعها الأوّل. والنَّعَّار في الفِتَن يسعَى فيها ويُصوِّت بالنَّاس.
نعس - نعش
(نعس) النون والعين والسين أُصَيلٌ يدلُّ على وَسَن. ونَعَس يَنْعَُس(1) نُعاساً. وناقةٌ نَعُوسٌ، تُوصَف بالسَّماحة بالدّرّ، لأنَّها إذا دَرَّت نَعَست. قال:
نَعوسٌ إذا درّت جَروزٌ إذا شَتَتْ
بُويزلُ عامٍ أو سديسٌ كبازِلِ(2)
(نعش) النون والعين والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفعٍ وارتفاع. قال الخليل: النَّعْش: سَرير الميّت، كذا تعرفه العرب. وميِّتٌ منعوشٌ: محمولٌ على النَّعش. وانتَعَش الطّائر: نهض عن عَثرته. يقال: نَعَشَه اللهُ وأنعَشَه. قال ابن السِّكِّيت: لا يقال أنْعَشَه. وبناتُ نعشٍ: كواكب. وهذا تشبيه. قال: أبو بكر(3): النَّعش شبه مِحَفَّةٍ يُحمَل عليه المَلِك إذا مَرِض، ليس بنَعْشِ الميّت. وأنشد:
ألَمْ ترَ خيرَ النّاسِ أصبَحَ نعشُه
على فِتيةٍ قد جاوَزَ الحيَّ سائرا(4)
ثمَّ يقول:
نعض – نعط – نعظ – نغق - نغل
* ونحن لديه نسألُ اللهَ خُلْدَه(5) *
فهذا يدلُّ على أنَّه ليس بميِّت.
(نعض) النون والعين والضاد. يقولون: النُّعْض: نبت(6).
(نعط) النون والعين والطاء. يقولون: ناعِط: حيٌّ من هَمْدان.
__________
(1) من باب قتل، كما في المصباح، والبصائر لصاحب القاموس، ومن باب منع كما في القاموس، وضبط في اللسان بضم عين المضارع.
(2) في الأصل: "جزور"، تحريف. صوابه في المجمل واللسان والبيت للراعي كما في اللسان (نعس).
(3) في الجمهرة (2: 62)
(4) للنابغة الذبياني. ديوانه 39 واللسان والجمهرة (نعش).
(5) عجزه في المراجع المتقدمة:
* يرد لنا ملكاً وللأرض عامرا *
(6) زاد في المجمل: "ينبت بالحجاز"، ونحوه في اللسان.(5/361)
(نعظ) النون والعين والظاء. يقولون: نَعَظَ الرّجلُ يَنْعَظُ نَعْظاً ونُعوظاً(1): تحرَّك ما عِندَه.
(باب النون والغين وما يثلثهما)
(نغق) النون والغين والقاف. ليس فيه إلاَّ نَغَقَ الغُرابُ نَغِيقاً. وحكى بعضُهم: ناقةٌ نَغِيقٌ، وهي التي تَبْغَُِمُ بُعَيداتِ بَينٍ، أي مَرَّةً بعد مرّة.
(نغل) النون والغين واللام كلمةٌ تدلُّ على فسادٍ وإفساد. النَّغِل: الأديم الفاسد. يقولون: "وقد يُرْقَع النَّغِل". يقال إن النَّغَل(2): الإفساد بين القوم والنَّميمةُ.
نغم – نغي – نغب - نغر
(نغم) النون والغين والميم ليس إلاَّ النَّغْمة: جَرْس الكلام وحُسْن الصَّوت بالقِراءةِ وغيرها. وهو النَّغْم(3). وتَنَغّم الإنسانُ بالغِناء ونحوِه.
(نغي) النون والغين والحرف المعتلّ كلمةٌ تدلُّ على كلامٍ طيّب. يقولون: هو يَناغِي الصَّبِيَّ: يكلِّمهُ بما يسرُّه ويُجْذِلُه من الكلام. ومنه: كلَّمته فَمَا نَغَى بحرف. وسمِعْت نَغْية. قال:
* لما أتانِي نَغْيةٌ كالشُّهدِ(4) *
ومنه جبلٌ يناغِي السَّماء، كأنَّه داناها فهو يكلِّمها. والمُناغاة المُغازَلة.
(نغب) النون والغين والباء كلمةٌ واحدة، هي النُّغْبة: الجُرْعة. ونَغَبت، إذا جَرَعْتَ، والجمع نُغَب. قال ذو الرّمّة يصف حميراً وردت ماءً فلم تَرْوَ:
حَتَّى إذا زَلَجَتْ عن كلِّ حنجرةٍ
إلى الغَليل ولم يَقْصَعْنَهُ نُغَبُ(5)
__________
(1) ومثله أنعظ إنعاظاً. وقد اقتصر على هذا الأخير في المجمل.
(2) بفتح الغين، كما في المجمل واللسان.
(3) ويقال النغم أيضاً بالتحريك.
(4) لأبي نخيلة، كما في المجمل واللسان (نغى) وإصلاح المنطق 644 برواية "لما أتتني". في جميعها. وفي اللسان: "يعني ولاية بعض ولد عبد الملك بن مروان. قال ابن سيده: أظنه هشاماً".
(5) ديوان ذي الرمة 16 واللسان (نغب).(5/362)
(نغر) النون والغين والراء أصلٌ يدلُّ على غَلَيانٍ واغتياظ. ونَغِرَت القدرُ(1): غَلَتْ. ونَغِر الرّجلُ: اغتاظ. ومنه قول المرأة في حديث عليّ عليه السلام: "رُدُّوني إلى أهلي غَيْرَ نَغِرة". ونَغَرت النّاقةُ: ضَمَّت مُؤَخَّرها ومضَتْ،
نغش – نغص – نغض
كأنَّها اغتاظت من شيء فمضَتْ لوجهها. وهو يتنغَّر علينا، أي يتنكَّر(2). وهو من الأوّل. وفِراخُ العصافير يقال لها النغَر ولعلَّ ذلك لصوتها المتدارِك، الواحدة نُغرة، والذّكَر نُغَر، والجمع نُغْران. قال:
يحمِلْنَها بأكارع النّغْرانِ(3)
يَحْمِلنَ أوعيةَ المُدامِ كأنما
يصف عناقيدَ العِنب.
(نغش) النون والغين والشين كلمةٌ تدلُّ على اضطرابٍ وحركة. منه النَّغَشان: الاضطراب. ويقال: دارٌ تَنْتَغِش، لكثرة مَن فيها. ويقال النُّغاشِيُّ(4): الرّجلُ القَصير.
(نغص) النون والغين والصاد كلمةٌ تدل على القطع عن المُرادِ. ونَغِصَ الرجل: لم يتمَّ له مراده، ونُغِّص عليه. والنَّغَْص يقولون: هو أن تورد إبلَكَ الحوض فإذا شربَتْ صرفْتَها وأورَدْتَ مكانها غيرها. وعندنا أنَّ النَّغَْص ألا تُتْرَكَ* تتمِّم الشُّرب.
(نغض) النون والغين والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على هَزٍّ وتحريك. من ذلك النَّغَضان: تحرُّك الأسنان. والإنغاض: تحريك الإنسان [رأسه(5)] نحو
نفق
صاحبه كالمتعجّب(6) منه. قال الله سبحانه: { فَسَيُنْغِضُونَ إلَيكَ رُؤوسَهُمْ } [الإسراء 51].
والنَّغِض: الظليمُ؛ لاضطراب رأسِه عند مَشْيِه. قال:
__________
(1) بابه فرح، وضرب، ومنع، في جميع معانيه.
(2) في القاموس: "تنكر أو تذمر"، وفي اللسان: "يتذمر". والتذمر: التنكر. لكن في المجمل: "تتنغر علينا، أي تتكبر".
(3) في اللسان: "أزقاق المدام"، و "بأظافر النقران".
(4) والنغاش أيضاً، كغراب.
(5) التكملة من المجمل.
(6) في الأصل: "كالمتحرك"، صوابه من المجمل.(5/363)
* والنَّغِْضُ مثل الأجرب المدجَّلِ(1) *
والنَّاغض والنَُّغْض: غرضوف(2) الكَتِف. سمِّي لاضطرابه، ويكون للأُذُن أيضاً. والنَّغُوض: النّاقة العظيمة السَّنام، وإذا عَظُم اضطرَبَ. ونَغَضَ الغَيمُ: سار.
(باب النون والفاء وما يثلثهما)
(نفق) النون والفاء والقاف أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على انقطاعِ شيءٍ وذَهابه، والآخر على إخفاءِ شيءٍ وإغماضِه. ومَتَى حُصِّل الكلامُ فيهما تقارَبا.
فالأوَّل: نَفَقَت الدّابةُ نُفوقاً: ماتت، ونَفَق السِّعر نَفَاقاً، وذلك أنَّه يمضي فلا يَكْسُد ولا يَقِف. وأنْفَقوا: نَفَقت سُوقُهم. والنَّفَقة لأنَّها تمضي لوجهها. ونفَق الشيءُ: فني يقال قد نَفِقَتْ نفقةُ القوم. وأنْفَق الرّجُل: افتَقَر، أي ذهب ما عِندَه. قال ابنُ الأعرابي: ومنه قوله تعالى: { إذاً لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنْفَاقِ } [الإسراء 100].وفرسٌ نَفِقُ الجرْيِ، أي سريعُ انقطاع الجري.
نفل
والأصل الآخر النَّفَق: سَرَبٌ في الأرض له مَخْلَصٌ إلى مكان. والنَّافقاء: موضِعٌ يرقِّقه اليَربوعُ من جُحْرِه فإذا أُتِيَ من قِبَل القاصعاء ضَرَب النَّافقاءَ برأسه فانتفَقَ، أي خرج. ومنه اشتقاق النِّفاق، لأن صاحبَه يكتُم خلافَ ما يُظهِر، فكأن الإيمان يَخرُج منه، أو يخرج هو من الإيمانِ في خفاء. ويمكن أنَّ الأصلَ في الباب واحد، وهو الخُرُوجُ. والنَّفَق: المَسلك النَّافذ الذي يُمكن الخروجُ منه.
أمَّا نَيْفَق السَّراويل فقد قال أبو بكر(3): هو فارسيٌّ معرَّب.
__________
(1) لأبي النجم العجلي في أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمي العربي بدمشق سنة 1347.
(2) كذا في الأصل، والقاموس وفي المجمل: "غضروف"، وهما لغتان.
(3) الجمهرة (3، 155)، ونصها: "ونئفق القميص مهموز مكسور الفاء فارسي معرب".(5/364)
(نفل) النون والفاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على عَطاء وإعطاء. منه النَّافلة: عَطِيَّة الطَّوْعِ من حيثُ لا تَجِب. ومنه نافلة الصَّلاة. والنَّوْفل: الرّجُل الكثيرُ العطاء. قال:
* يأبَى الظُّلامةَ منه النَّوفلُ الزُّفَر(1) *
ومن الباب النفَل: الغُنْم. والجمع أنفال، وذلك أن الإمام ينفِّل المحارِبينَ، أي يُعطِيهم ماغَنِموه. يقال: نفَّلتُك: أعطيتُك نَفَلا. وقولهم: انتَفَلَ من الشَّيء
نفه – نفي
انتفى منه، فمن الإبدال، واللام بدل من الياء. قال المتلمِّس:
ألاَ إنَّني منهم وإن كنتُ أيْنَما(2)
أَمنْتفِلاً من نَصْر بُهْثة خِلْتَني
(نفه) النون والفاء والهاء أصلٌ واحد يدلُّ على إعياءٍ وضعف. منه نَفِهت النَّفسُ: أعْيَتْ وكَلَّت. وهو نافِهٌ ونُفَّهٌ. قال:
* بنا حَرَاجِيجُ المَهَارِي النُّفَّهِ(3) *
وهو مُنَفَّهٌ ومَنْفُوهٌ: ضعيفٌ جَبان.
(نفي) النون والفاء والحرف المعتلّ أُصَيلٌ يدلُّ على تعْرِية(4) شيء من شيءٍ وإبعاده منه. ونَفَيتُ الشّيءَ أنفيه نفياً، وانتفى هو انتفاء. والنُّفَاية: الرَّدِيُّ يُنفَى. ونَفِيُّ الرِّيحِ: ما تَنفيه من التُّرابِ حتى يصيرَ في أصولِ الحِيطان. ونَفِيُّ المطر: ما تنفيه الرِّيحُ أو ترُشُّه. ونَفِيُّ الماء: ما تطاير من الرِّشاءِ على ظهر المائح. قال:
* على تِلك الجِفَارِ من النّفيِّ *
* * *
__________
(1) لأعشى باهلة في اللسان (زفر) من قصيدة يرثي بها المنتشر بن وهب الباهلي. انظر الأصمعيات 89 طبع المعارف وجمهرة أشعار العرب 135 ومختارات ابن الشجري 10 وأمالي المرتضى
(3: 105-113) والخزانة (1: 79-97). وقد سبق في (زفر). وصدره:
* أخو رغائب يعطيها ويسألها *
(2) ديوان المتلمس الورقة 1 ومخطوطة الشنقيطي، واللسان (نفل).
(3) لرؤبة في ديوانه 167 واللسان (نفه). وقبله:
* به تمطت غول كل ميله *
(4) في الأصل: "تغرية".(5/365)
والمهموز منه كلمةٌ واحدة، هي النُّفأُ: قطعٌ من الكلأ متفرّقة من(1) عُظْم الكلأ، الواحدة نُفَأة. قال:
نفت – نفث - نفج
نُفَأٌ من الصَّفراءِِ والزُّبَّادِ(2)
جَادَتْ سوارِيه وآزَرَ نَبتَهُ
(نفت) النون والفاء والتاء. يقولون: نَفَتَت القِدرُ: غَلَتْ ويَبِسَ مَرَقُها عليها. قال:
عليَّ مثلَ المِرْجَلِ النَّفُوتِ
وصاحبٍ لِصدرِهِ كَتِيتُ
ونفت صَدْرُه بالعَداوة: غَلاَ.
(نفث) النون والفاء والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خروج شيء من فمٍ أو غيره بأدنَى جَرْس. منه نَفَثَ الرّاقِي رِيقَه، وهو أقلُّ من التَّفْل. والساحرة* تَنْفُِثُ السمّ. و "لابدَّ للمصدور أن يَنْفُث(3)" مثَل. و "لو سألني نُفَاثَةَ سِوَاكٍ ما أعطيته"، وهو ما بقي في أسنانه فنفَثَه. ودمٌ نفيثٌ: نَفَثَهُ الجُرحُ، أي أظهَرَه.
(نفج) النون والفاء والجيم: أصلٌ يدلُّ على ثُؤُورِ شيءٍ وارتفاعِه. ونفجَ اليَربوعُ: ثار. وأنْفَجَه صائدُه. ونَفَجَت الفَرُّوجة من بَيضها: خرجَتْ. وانتَفَجَ جَنْبَا البعيرِ: ارتفعا. والنَّوَافج: مؤخَّرات الضُّلوع، واحدتها نافجة(4). والنَّفّاج: المفتخر بما ليس عنده. ونَفَجَتِ الرِّيح: جاءت بقُوَّة. والنَّفِيجة: الشّطبية من النَّبْع تُتَّخذ قوساً، كأنَّها تنتفج على الشّجرة.
نفح – نفخ – نفد – نفذ
__________
(1) في الأصل: "عن"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) للأسود بن يعفر في المفضليات (2: 19) واللسان (نفأ).
(3) انظر البيان (2: 97/ 4: 46). وأنشد في المختار من شعر بشار وحواشيه 146:
وللذي في الصدر أن يبعثا
لا بد للمصدور أن ينفثا
(4) ونافج أيضاً.(5/366)
(نفح) النون والفاء والحاء: أصلٌ يدلُّ على اندفاعِ الشَّيء أو رَفْعِه. ونَفَحتْ رائحةُ الطِّيب نَفحاً: انتشرَتْ واندفعت. ولهذا الطِّيب نَفحةٌ طيِّبة. ثم قيس عليه فقيل: نَفَح بالمال نَفحاً، كأنَّه أرسله من يده إرسالاً. ولا تزالُ لفلانٍ نَفَحاتٌ من معروف. ونَفَحت الرِّيح. هبَّت. وقوسٌ نَفُوحٌ: بعيدة الدَّفع للسَّهم. ونَفَحت الدّابّةُ: رمَتْ بحافرها فضربَتْ به. وكذلك نَفَحَه بالسَّيف: تناوَله به. والنَّفوح من ا لنُّوق: ما يخرُج لبنُها من أحاليلها من غير حَلْب.
(نفخ) النون والفاء والخاء: أصلٌ صحيح يدلُّ على انتفاخٍ وعلوّ. منه انتفَخَ الشّيءُ انتفاخاً. ويقال انتَفَخَ النَّهار: علا. ونَفْخَة الرَّبيع: إعْشابه(1)؛ لأنَّ الأرضَ تربو فيه وتنتفِخ. والمْنفُوخُ: الرَّجل السَّمين. والنَّفْخاء من الأرض مثلُ النَّبْخاء؛ وقد مَضَى.
(نفد) النون والفاء والدال: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على انقطاعِ شيء وفَنائِه. ونفِدَ الشّيءُ يَنفَد نَفاداً. وأنفَدُوا: فَنِيَ زادُهم. ويقال للخَصْم مُنافِدٌ، وذلك أن يَتخاصمَ الرَّجُلانِ يريد كلٌّ منهما إنفادَ حجَّةِ صاحِبه. وفي الحديث: "إنْ نافَدْتَهم نافَدُوك"، أي إنْ قلتَ لهم قالوا لك.
(نفذ) النون والفاء والذال: أصلٌ صحيح يدلُّ على مَضاءٍ في أمْرٍ وغيرِه. ونَفذ السَّهمُ الرمية نَفاذاً(2). وأنْفذْتُه أنا. وهو نافذٌ: ماضٍ في أمره.
نفر - نفز
__________
(1) بدله في المجمل واللسان: "حين أعشب".
(2) يقال: نفذ السهم الرمية، ونفذ فيها أيضاً.(5/367)
(نفر) النون والفاء والراء: أصلٌ صحيح يدلُّ على تجافٍ وتباعد. منه نَفَر الدّابّةُ وغيرُه نِفاراً، وذلك تَجافِيهِ وتباعُدُه عن مكانِه ومَقرِّه. ونَفَر جلدُه: وَرِمَ. وفي الحديث: "أنَّ رجلاً تخلَّلَ بالقَصَب فنَفَرَ فَمُه"، أي وَرِم. قال أبو عبيد: وإنَّما هو من نِفَار الشَّيءِ عن الشَّيءِ وتَجافِيهِ عنه؛ لأنَّ الجلد يَنفِر عن اللَّحم للدَّاء الحادثِ بينهما. ويوم النَّفْر: يومَ يَنفِر النّاسُ عن مِنىً. ويقولون: لقيته قبل صَيحٍ ونَفْر، أي قبلَ كلِّ صائح ونافر. والمنافرة: المحاكمة إلى القاضي بين اثنَين، قالوا: معناه أنَّ المُبتغَى تفضيلُ نَفَر على نفر(1). وأنفرت أحدَهما على الآخر. والنَّفَر أيضاً من قياس الباب لأنَّهم يَنفِرون للنُّصْرة. والنَّفير: النَّفَر، وكذا النَّفْر والنَّفْرة: كلُّ ذلك قياسُه واحد. وأنشَدَ الفرّاء في النَّفْرة:
اليومَ كلّهُمُ يا عُرْوَ مشتَغِلُ(2)
حَيَّتْكَ ثُمَّتَ قالتْ إنَّ نَفْرَتَنا
وتقول العرب: نَفَّرْتُ عن الصَّبيِّ، أي لقَّبتُه لَقَباً، كأنَّه عِندهم تنفيرٌ للجِنّ عنه وللعَيْن. قال أعرابيّ: قيل لأبي لما وُلِدْت: نَفِّرْ عن ابنك! فسمَّاني قُنفُذاً، وكَنَّاني أبا العَدّاء.
(نفز) النون والفاء والزاء أُصَيْلٌ يدلُّ على الوُثوب وشِبْه الوُثوب. ونَفَزَ الظَّبي: وَثَبَ في عَدْوِه. والمرأة تنفِّز ولدها: ترقِّصه. وأنْفَزتُ السَّهمَ على ظهر يدي: أدَرْتُه. قال:
نفس
وإن كانَ يوماً ذا أهاضيبَ مُخْضِلا(3)
__________
(1) في الأصل: "عن نفر". وفي المجمل: "كأن معناها تفضيل أحد الرجلين على الآخر".
(2) في الأصل: "ياعز"، صوابه في اللسان (نفر).
(3) لأوس بن حجر في ديوانه 22 والمجمل (نفز) واللسان (نفز، خور). وفي الأصل: "وإن كان ما بوذا أهاديب"، صوابه في المراجع السابقة. وبعده:
وأطلائها صادفن عرنان مبقلا
خوار المطافيل الملمعة الشوى(5/368)
يَخُرْنَ إذا أُنْفزْن في ساقِط النَّدَى
(نفس) النون والفاء والسين أصلٌ واحد يدلُّ على خُروج النَّسيم كيف كان، من ريح أو غيرها، وإليه يرجعُ فروعه. منه التَّنَفُّس: خُروج النَّسِيم من الجوف. ونَفَّسَ الله كُربَته، وذلك أنَّ في خُروج النَّسيم رَوْحاً وراحةً*. والنَّفَس: كلُّ شيءٍ يفرَّجُ به عن مكروب. وفي الحديث: "لا تَسُبُّوا الرِّيح فإنَّها من نَفَس الرَّحمن" يعني أنَّها رَوحٌ يتنفَّس به عن المكروبين. وجاء في ذكر الأنصار: "أجِدُ نَفَس رَبِّكم من قِبَلِ اليَمَن"، يراد أن بالأنصار نُفِّسَ عن الذين كانوا يؤذَوْن من المؤمنين بمكَّة(1). ويقال للعَيْن نَفَسٌ. وأصابت فلاناً نَفْسٌ. والنَّفْس: الدَّم، وهو صحيح، وذلك أنَّه إذا فُقِد الدّمُ من بَدَنِ الإنسان فَقَدَ نَفْسَه. والحائض تسمَّى النُّفَساءَ(2) لخرُوج دَمِها. والنِّفاس: وِلادُ المرأة، فإذا وَضَعت فهي نُفَساء. ويقال: ورِثْتُ هذا قبل أن يُنْفَسَ فلانٌ، أي يولَد. والولدُ منفوس. والنِّفاس أيضاً: جمع نُفَساء. ويقال: كرَعَ في الإناء نَفَساً أو نَفَسَيْن. ويقال: للماء نَفَسٌ، وهذا على تسميته الشَّيء باسم غيرِه، ولأنَّ قِوام النَّفس به. والنَّفسُ قِوامُها بالنَّفَس. قال:
نفش - نفص
تَبِيت الثَّلاثُ السُّودُ وهي مناخةٌ
على نَفَسٍ من [ماءِ] ماوِيّةَ العَذْبِ(3)
__________
(1) والأنصار يمانون، لأنهم من الأزد. اللسان (نفس).
(2) في اللسان: "ثعلب: النفساء: الوالدة، والحامل، والحائض".
(3) أنشده في المجمل، وكذا أنشده ياقوت في معجم البلدان (رسم ماوية).(5/369)
ومن الاستعارة: تَنفّسَت القَوسُ: انشقَّت. وشيءٌ نفيس، أي ذو نفس وخَطَر يُتنافَسُ به. والتّنافُس: أن يُبرِزَ كلُّ واحد من المتبارزَين قوَّةَ نَفْسه. وقولُهم في الدِّباغ نَفس(1)، هذا هو القياس، أي يَسير منه، قَدرُ ما يُدبَغ به الإهاب مَرَّة، شبّهه في قلَّته بنَفَسٍ يُتَنفَّس. وقياس الباب في هذا وفيما معناه واحد(2).
(نفش) النون والفاء والشين أصلٌ صحيح يدلُّ على انتشار. من ذلك نَفْش الصُّوف، وهو أن يُطْرَق حَتَّى يتنفّش. ونَفَش الطّائرُ جناحَيه. ونَفَشَت الإبلُ: تردَّدَتْ وانتشرَتْ بلا راع. وفِعلُها النَّفْش؛ وإبلٌ نُفّاشٌ ونَوافش.
(نفص) النون والفاء والصاد كلماتٌ يتقارب قِياسُها، وهي تدلُّ على إخْراج شيءٍ من البدن أو إلقائِهِ بقُوّة. منه أنفَصَ فلانٌ في ضَحِكه: استغْربَ.
وأنفصَ ببَولِه مثل أوْزَعَ. ويقال إنَّ النُّفَص: أنضاحُ الدّم، الواحدة نُفْصَة. قال:
* تَرَى الدِّماءَ على أكتافها نُفَصا(3) *
نفض
قال ابن دريد(4): والنُّفَاص: داءٌ يصيب الغَنَم فيبول حتى يموت.
__________
(1) كذا ضبط في الأصل والمجمل، وهو ما يقتضيه التعليل بعده. لكن ضبط في اللسان والقاموس بسكون الفاء. وأنشد في اللسان:
في جلد شاة ثم لا تسير
أتجعل النفس التي تدير
(2) كذا وردت هذه العبارة.
(3) أنشده في المجمل واللسان (نفص).
(4) في الجمهرة (3: 83).(5/370)
(نفض) النون والفاء والضاد أصلٌ صحيح يدلُ على تحريكِ شيءٍ لتنظيفه من غبارٍ أو نحوه، ثم يُستَعار. ونَفَضت الثّوبَ وغيرَه نَفْضاً. والنَّفَض: ما نفضَتْه الشَّجرةُ من ثَمَرِها. وامرأةٌ نَفوضٌ: نَفَضَتْ بطنَها عن وَلدها. والنَّافض: الحُمَّى ذات الرِّعْدة، لأنَّها تَنفُض البَدن نَفْضاً. وأنْفَضوا: فَنِيَ زادُهم، أي لمَّا نفِدَ زادُهم وَفَنِيَ نَفَضُوا أوعيتَهم. وتقول العربُ مثلاً: "النُّفاض(1) يُقطِّرُ الجَلَب"، إذا أنْفَضُوا وقلَّ ما عِندهم جَلَبوا إبلَهم للبيْع.
ويُستعار من الباب قولهم: نَفَضْتُ الأرضَ، إذا بَعَثْتَ مَن ينظر أبِها عدوٌّ أم لا. ونَفَضْتُ اللَّيلَ، إذا عَسَسْتَ لتنفُض عن أهل الرِّيبة. والنَّفِيضة والنَّفَضَة: القومُ يفعلون ذلك. قال:
وِرْدَ القطاةِ إذا اسْمَألَّ التُّبَّعُ(2)
يَرِدُ المياهَ حضيرَةً ونَفِيضةً
وتقول العرب: "إذا تكلَّمتَ ليلاً فاخفِضْ، وإذا تكلَّمت النّهارَ فانْفُض". تقول: انظر حَوالَيْك، فلعلَّ ثَمَّ مَنْ لا يَصلُح أن يَسمَع كلامَك. والنِّفاض: إزار الصِّبْيان. ويمكن أن يكون من الباب. قال:
* جارية بيضاء في نِفَاضِ(3) *
نفط – نفع - نقل
(نفط) النون والفاء والطاء: ثلاثُ كلماتٍ: النِّفط معروف، مكسور النون. والنَّفَط: قَرْحٌ يخرج في اليَدِ من العمل. ونَفَطَ الصَّبِيُّ نَفِيطاً: صَوّت. وماله عافطَةٌ ولا نافطة. فالنَّافطة: الشاة تَنْفِط من أنْفها.
(نفع) النون والفاء والعين: كلمة تدلُّ على خلاف الضَّرّ. ونَفَعَه ينفَعُه نَفْعاً ومَنفَعة. وانتفَعَ بكذا. والله أعلَمُ بالصَّواب.
(باب النون والقاف وما يثلثهما)
__________
(1) يقال بضم النون وفتحها.
(2) لسعدى بنت الشمردل الجهنية، من قصيدة في الأصمعيات 41-43. وسبق إنشاده في (تبع).
(3) بعده في اللسان (نفض):
* تنهض فيه أيما انتهاض *(5/371)
(*نقل) النون والقاف واللام: أصلٌ صحيح يدلُّ على تحويل شيءٍ من مكانٍ إلى مكان، ثم يفرَّع ذلك. يقال: نقَلْتُه أنْقُله نَقْلاً. ونقَلَ الفرس قوائِمَه نَقْلاً. [وفرسٌ(1)] مِنْقَل: سريعُ نَقْل القَوائم. والمُنقِّلَة من الشِّجاج: التي يُنقَل منها فَرَاش العِظام. والنُّقْل: ما يَأكلُه الشّارب على شرابه. وكان ابنُ دريد يقول(2): هو بالفتح ولا يُضَمّ، والنّاس يقولونه بالضّم. والنَّقَل بفتح القاف: ما بقي من صِغار الحجارة إذا قلِعَت، لأنَّها تنقَل. والنَّقيل: الطَّريق، لأنَّه لا يسلُكه إلاَّ مُنتقِل. والمَنْقَلة: المَرْحلة. وضَربٌ من السَّير يقال له نَقِيل، وهو ذلك القياس، وكَأنَّه(3) المداومةُ على السَّيْر. والمُنَقَّل: الخُفُّ الخَلَق، لأنَّ عليه ينتقل الماشي حَتَّى ينخرق. وكذلك النَّقَل في البَعير: داءٌ يصيب خُفَّه فينخرق. والرِّقاع التي يُرقع بها خُفُّه: النَّقائِل.
نقم – نقه – نقي
ومن الباب المُناقَلَة: مُراجَعة الحديث أو الإنشاد، كأنَّك نقلتَ حديثَك إليه ونَقَلَ حديثَه إليك. والنِّقَال: أن تشرب الإبل ثم تَترك ثم تعود إلى الماء فتشربَ، ولا يُفعَل ذلك بها بل تفعله هي. ويقولون: إن النَّقْلةَ: القَناة. وينشدون:
نَقيع السُّمِّ أو قَرنٌ مَحِيقُ(4)
يُقَلْقِلُ نَقْلةً جَرْدَاء فيها
والمشهور: "يُقلقل صَعْدة(5)".
(نقم) النون والقاف والميم أُصَيلٌ يدلُّ على إنكارِ شيءٍ وعَيبه. ونَقَمْتُ عليه أَنْقِمُ: أنكرتُ عليه فِعلَه. والنِّقْمة من العذاب والانتقام، كأنَّه أنْكَر عليه فعاقَبَه. وقولهم للنَّفس نقيمة، وهو ميمون النَّقيمة، إنما هي من الإبدال، والأصل نَقِيبَة.
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) في الجمهرة (3: 164).
(3) في الأصل: "وكأن".
(4) البيت للمفضل النكري، كما في اللسان (محق) الأصمعيات 54، وهو في المجمل (محق، نقل) بدون نسبة. وقد سبق في (محق).
(5) فيما سبق: "يقلب صعدة".(5/372)
(نقه) النون والقاف والهاء كلمةٌ تدلُّ على البُرْء من المرض، ثم يستعار. ونَقَهَ من المَرَض نُقُوهاً: أفاق، فهو نَاقِهٌ. ويقولون: نَقِهَ الحديثَ مثل فهم، بكسر القاف، فرقاً بينه وبين الأوّل. والقياس واحد، لأنَّه إذا نَقِهَه فقد برِئَ من الشّكِّ فيه. قال اللِّحياني: يقال: أنْقِهْ لي سَمْعكَ، أي أرْعِنِيهِ، كأنَّه يقول: حتّى تفْهمَ ما أقول. وبَلَغنا أنَّ أهل المدينة يسمُّون الاستفهام: الاستِنْقاه.
(نقي) النون والقاف والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على نظافةٍ وخلوص. منه نَقَّيْتُ الشّيءَ: خلّصتُه ممّا يشوبُه تنقيةً. وكذلك يقال: انتقَيت الشّيءَ كأنَّك
نقب
أخَذتَ أفضلَه وأخلَصَه. والنُّقَاوة: أفضَلُ ما انتقَيْت من شيء. والنَّقَاة: الرّديُّ فيما يقال، كأنَّه الذي انتُقِيَ فطُرِح وقال بعضهم: نَقاة كلِّ شيء: ردِيُّه إلا التَّمْر، فإنَّ نَقَاتَه خِيارُه.
وفي الباب النِّقْيُ: مُخُّ العظام، سمِّيَ لخُلوصه ونظافته. ويقال لشَحْمة العَين من الشَّاة السَّمينة وغيرِها: النِّقْي. وناقةٌ لا تُنقِي. قال:
من لحم مُنْقيةٍ ومن أكبادِ
حاموا على أضيافهم فشوَوْا لهم
وأمَّا الفرّاء فزعَم أنّ الأنقاء: كلُّ عظمٍ ذي مُخّ. وهذا إنْ صحَّ فهو على تسمية العرب الشَّيءَ باسم غيرِه إذا كان مُجاوراً له.(5/373)
(نقب) النون والقاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على فَتح في شيء. ونقَب الحائطَ ينقُبه نَقْباً. والبَيطارُ ينقُبُ سُرَّةَ الدّابّة ليخرج منها ماء. وتلك الحديدة مِنْقب. وكلبٌ نقيبٌ: نُقِبَتْ(1) غَلْصَمتُه ليضعُفَ صوته، يَفعلُه اللِّئامُ لئلاّ يسمَعَ صوتَه الضَّيْف(2). والنَّاقِبة: قَرْحةٌ تخرج بالجَنْب تهجم على الجَوف(3). ونَقِبَ خُفُّ البعير: تخَرَّق نَقَباً. والنُّقْبة: أوّل الجَرَب يبدو. والجمع نُقَب. قال:
نقث
يَضَع الهِناءَ مواضع النُّقْبِ(4)
مُتَبَذِّلاً تبدو محاسِنُه
وقياسُه صحيح، لأنَّه شيءٌ يثقب الجِلْد. ومن الباب: النِّقاب: العالم بالأمور، كأنَّه نَقَّب عليها فاستَنْبَطَها، أو العالم بها المُنقِّب عنها. قال:
نِقابٌ* يحدِّث بالغائبِ(5)
مليحٌ نجيحٌ أخو مأْقِطٍ
والنَّقب والمَنْقَبة: الطَّريق في الجَبَل، والكلُّ قياسٌ واحد. ونقَّبوا في البِلاد: سارُوا. وأصله السَّير في النُّقوب: الطُّرق. والنَّقيب: نقيب القَوم: شاهِدُهم وضَمِينُهم(6). ومعناه ومعنى النِّقاب العالِم واحد، لأنَّه ينقِّب عن أمورهم، أو ينقب كما ينقُب عن الأسرار. والمَنْقَبَة: الفَعْلة الكريمة، وقياسُها صحيح، لأنَّها شَيءٌ حسن قد شُهِر، كأنَّه نُقِّب عنه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل نِقاب المرأة. وناقَبْتُ فلاناً: لقيتُه فَجْأة. والنُّقْبة: ثوبٌ كالإزار فيه تِكّة، وليس بالنِّطاق.
__________
(1) في الأصل: "ونقيب"، صوابها من المجمل.
(2) في الأصل: "الضعيف"، تحريف. وفي المجمل: "يفعله اللئام لئلا يدل عليهم الأضياف بصوته".
(3) في الأصل: "الخوف"، صوابه في المجمل واللسان. وزاد في اللسان: "ورأسها من داخل".
(4) لدريد بن الصمة، في اللسان (نقب) وأمالي القالي (2: 161) والبيان (1: 107) والأغاني
(13: 130).
(5) لأوس بن حجر في ديوانه 3 واللسان (نقب، أقط).
(6) في الأصل: "ومعينهم"، صوابه في المجمل واللسان.(5/374)
أمَّا اللَّوْن فيقال له النُّقْبة(1)، وهو حسن النُّقْبة، أي اللَّوْن. وممكن أن يكون من الأوّل، كأنَّه شيءٌ نقب عنه شيء ظَهَر.
(نقث) النون والقاف والثاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على خَلْطِ شيءٍ بشيء ونَقْلِه. ونَقَثَ ما في منزلي أجْمَع: نقَلَه كلَّه. ونَقّثوا حديثَهم: خلَطوه، كما
نقح – نقخ - نقد
ينقّث الطَّعام. وخرج ينقِّث: يُسرع في نقل قوائمه. ونَقَثت العظمَ أنْقُثُه: استخرجتُ ما فيه من المُخّ.
(نقح) النون والقاف والحاء أصلٌ صحيح يدلُّ على تَنحِيَتِك شيئاً عن شيء. ونَقَّحت العصا(2): شَذَّبتُ عنها أُبَنَهَا. ومنه شِعرٌ مُنَقَّحٌ، أي مفتَّشٌ مُلقىً عنه ما لا يصلُح فيه. ونَقَحت(3) العَظم: استخرجتُ مُخَّه.
(نقخ) النون والقاف والخاء كلمةٌ تدلُّ على قَرْع شيء. وماءٌ نُقَاخٌ: بارد عذب، كأنَّه ينقَخ العطشَ ببَردهِ، أي يقرَعُه. والنَّقْخ: نَقْب الرَّأْس عن الدِّماغ.
(نقد) النون والقاف والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على إبراز شيءٍ وبُروزه. من ذلك: النَّقَد في الحافر، وهو تقشُّرُهُ. حافرٌ نَقِدٌ: متقشِّر. والنَّقَد في الضِّرس: تكسُّره، وذلك يكون بتكشُّف لِيطِه عنه.
ومن الباب: نَقْد الدِّرهم، وذلك أن يُكشَف عن حالِهِ في جَودته أو غير ذلك. ودرهمٌ نَقْدٌ: وازِنٌ جيّد، كأنَّه قد كُشِف عن حاله فعُلم. ويقال للقُنفُذ الأنْقد. يقولون: "باتَ فلانٌ بلَيْلَةِ أنْقد"، إذا باتَ يسرِي [لَيلَه(4)] كلَّه. وهو ذلك القياس. لأنَّه كأنَّه يَسرِي حَتَّى يَسْرُوَ عنه الظَّلامَ. ويقولون: إنَّ الشَّيْهَمَ لا يرقُد اللَّيلَ كلَّه. وتقول العرب: ما زالَ فلانٌ يَنْقُد الشَّيء، إذا لم يزَلْ ينظُر إليه.
نقذ – نقر
__________
(1) في الأصل: "النقب".
(2) في الأصل: "نقحت عن العصا".
(3) في الأصل: "وتنقح"، تحريف، وأثبت ما في المجمل.
(4) التكملة من المجمل.(5/375)
ومما شذَّ عن الباب: النَّقَد: صِغار الغَنَم، وبها يشبَّه الصبيُّ القمِيُّ الذي لا يكاد يَشِبّ.
(نقذ) النون والقاف والذال أصلٌ صحيح يدلُّ على استخلاصِ شيءٍ. وأنقذتُه منه: خَلَّصته. وفرسٌ نقيذٌ: أُخِذ من قومٍ آخَرين، وأفراسٌ نقائذ. وكلُّ ما أنقَذْتَه فهو نَقَذٌ.
(نقر) النون والقاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على قَرعِ شيءٍ حَتَّى تُهْزَم فيه هَزْمَةٌ، ثم يتوسَّع فيه.
[منه] منقار الطَّائر، لأنه يَنقُر به الشَّيء حتّى يؤثِّر فيه. ونَقَرت الرَّحَى بالمنقار، وهي تلك الحديدة.
ومن الباب نقَّرتُ عن الأمر حَتَّى علِمتُه، وذلك بَحْثُك عنه، كأنَّ عِلمَك به نَقْرٌ فيه. ونقرت الرّجلَ: عِبْتُه(1)، كأنَّك قرعتَ بشيءٍ فأثّرتَ فيه. وقالت امرأةٌ لبعلِها: "مُرَّ بي على بَنِي نَظَرَى ولا تمرَّ بي على بَنَاتِ نَقَرَى"، أي مُرَّ بي على الرِّجال الذين ينظُرونني، ولا تمرَّ بي على النِّساء اللواتي يغتَبْنَنِي. والنُّقرة: موضعٌ يبقَى فيه ماءُ السَّيل، كأنَّه قد نُقِر نَقْراً فهُزِم. وواحِد المناقِرَ منْقر(2)، وهي آبارٌ صغار ضيّقة الرؤوس، كأنَّها قد نُقِرت في الأرض نَقْراً. ونُقْرة القَفَا:
نقز
الوَقْبة فيه. والنَّقير: نُكتة في ظَهر النَّواة. والنَّقير: أصلُ شجرةٍ يُنقَر ويُنْبَذُ فيه. وهو الذي جاءَ النَّهْيُ فيه. وفلانٌ كريم النَّقِير، أي الأصل، كأنَّه المكانُ الذي نُقِر عنه حَتَّى خَرَج منه. وقولهم: دَعَاهُم النَّقَرَى: أن يَدعُوَ جماعة ويدعَ آخَرين من لُؤمِه. وهو قياسٌ صحيح، لأنَّه لا يُنادِيهِمْ أجمع، لكنْ يأتي* المَحفِلَ فيُوحِي إلى واحدٍ كأنَّه ينقُره، أو ينقُره بيده ليقومَ معه. والنَّاقور: الصُّور الذي يَنفُخ فيه المَلَكُ يومَ القيامة، وهو يَنقُر العالَمِينَ بقَرْعِهِ.
__________
(1) في المجمل: "اغتبته وعبته".
(2) منقر، كمنبر، ومنقر أيضاً بضم الميم والقاف.(5/376)
ومن الباب: نقَّرت عن الأمر، إذا بحثْتَ عنه.
ومما شذَّ عن الأصل قولهم: أنْقَرَ عن الشَّيء إنقاراً: أقْلَعَ. وفي الحديث: "ما كان الله لِيُنْقِرَ عن قاتِلِ المؤمن"، كأنَّه لا يُقلِع عن تعذيبه. قال:
* وما أنا عن أعداءِ قومي بمُنْقِرِ(1) *
(نقز) النون والقاف والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على دقة(2) وخفّة وصِغَر. منه النَّقْز: الوَثْب. ونواقز الظَّبْي: قوائِمُه. ونَقَزُ النّاسِ: أرذالُهم. والنَّقَز:
الرَّجُل الرَّدِيّ والنُّقَاز: داءٌ يأخذ الغنم فيَقْلَقُ عنه ولا يستقِرّ. والنَُّقَّاز: صِغار العَصافِير.
نقس- نقش- نقص - نقض
(نقس) النون والقاف والسين أصَيلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيء غير حَسَن. ونَقَسته: عِبْته، كأنَّك لطَخْتَه بشيءٍ قبيح. وأصلُه نِقْس المِداد، والجمع أنقاس.
__________
(1) لذؤيب بن زنيم الطهوي، في اللسان (نقر) وإصلاح المنطق 259، 480 ونوادر أبي زيد 119. وصدره:
* لعمرك ما ونيت في ود طيء *
... ورواية النوادر: "عن شيء عناني".
(2) في الأصل: "رق".(5/377)
(نقش) النون والقاف والشين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على استخراج شيءٍ واستيعابِه حَتَّى لا يُتركَ منه شيء؛ ثم يقاس ما يقاربه. منه نَقْش الشَّعَْر بالمِنقاش وهو نَتْفُه. ومنه المناقَشة: الاستقصاء في الحساب حَتَّى لا يُتركَ منه شيء. وفي الحديث: "مَن نُوقِشَ في الحساب عُذِّبَ". ويقال: شَجَّةٌ منقوشةٌ: تُنقَشُ منها العظام، أي تُستَخرَج. ويقال: نقَشْتُ مَرْبِضَ الغَنَم: نقَّيتُه من الشَّوْك. والنَّقيش: المتاع المتفرِّق، كأنَّه انتُقِشَ بعضُه من بعض، أي فارق بعضُه بعضاً. ومن الباب: نقْشُ الشَّيء: تحسينه، كأنَّه ينقُشُه، أي يَنفِي عنه معايِبَه ويحسِّنُه.ثم يستعار هذا فيقال: نقشت العِذْق(1). وهو أنْ تَضرِبَه بالشَّوك حتى يُرْطِبَ. ويقولون: جادَ ما انتقَشْتَ هذا، أي ما اختَرْتَه. وهذا نَقِيشُ هذا، أي مثلُه. وما للهِ(2) ضِدٌّ ولا نَقِيش، أي ما له مَن يماثِلُه في صورتِه ونَقْشِه.
(نقص) النون والقاف والصاد كلمةٌ واحدة، هي النَّقْص: خِلاف الزيادة. ونَقَصَ الشيءُ، ونَقَصْتُه أنا، وهو مَنْقوص. والنَّقيصَة: العَيب؛ يقال ما به [نقيصةٌ، أي] شيء ينقُص. ومَرجِعُ البابِ كلِّه إلى هذا.
(نقض) النون والقاف والضاد أصلٌ صحيح يدلُّ على نَكْثِ شَيء،
نقط – نقع
وربما دلَّ على معنىً من المعاني على جنسٍ من الصَّوت. ونَقَضْتُ الحبلَ والبِناءَ. والنَّقيض: المنقوض، ولذلك يقال للبعير المهزول نِقْضٌ، كأنَّ الأسفارَ نَقَضَتْه؛ وجمعه أنقاض. والمُنَاقَضَة في الشِّعر من هذا، كَأنَّه يريد أن ينقُضَ ما أَرَّبَهُ صاحبهُ. ونَقْضُ العَهدِ منه أيضاً. والنِّقْض: مُنْتَقَضُ الكمأة من الأرض(3) إذا أردتَ أن تُخرِجَها. نَقضْتُها نقضاً. وانتقضت القَرْحة، كأنَّها كانت تلاءمت ثم انتقَضَت.
__________
(1) في الأصل: "الغدق".
(2) في الأصل: "ما له"، صوابه من المجمل.
(3) وكذا في المجمل. وفي اللسان: "منتقض الأرض من الكمأة".(5/378)
أمَّا الصَّوت فيقال لصوتِ المَفاصل نَقِيضها؛ وهو قريبٌ من الأوّل، لأنَّها كأنّها تَنْتَقِض فيسمع لها صوتٌ عند ذلك. وأنقَضَت الدَّجاجة: صوَّتت. والإنقاض: زجر القَعود. قال:
عَلَّمْتُها الإنقاضَ بَعْدَ القَرْقَرَهْ(1)
ربَّ عجوزٍ من أُناسٍ شَهْبَرَهْ(2)
يقول: سَرَقتُ بعيرَها التي كانت تُقرقِر به وتركتُ لها بَكْراً تُنْقِضُ به.
(نقط) النون والقاف والطاء أُصيلٌ يدلُّ على نُكتةٍ لطيفةٍ في الشيء. يقال للقطعة من النَّخْل: نُقْطة. ويقال: إنَّه تشبيهٌ في القِلَّة بالنُّقطة.
(نقع) النون والقاف والعين أصلانِ صحيحان: أحدهما يدلُّ على استقرارِ شيءٍ كالمائعِ في قراره، والآخر على صوتٍ من الأصوات.
فالأوّل نَقَع الماء في مَنْقعه: استقرّ. واستَنْقع الشيءُ في الماء. والنَّقُوع:
نقع
__________
(1) الرجز لشظاظ الضبي اللص، كما في اللسان (نقض). ورواية اللسان: "عجوز من نمير"، ورواية الأصل تطابق رواية المجمل.
(2) في الأصل: "الأنقاض والقرقرة"، صوابه في المجمل واللسان.(5/379)
ما نُقِع في الماء، كدواءٍ(1) أو نبيذ. والمِنْقَع ذلك الإناء. والمِنْقَع(2) كالقُدَيرة للصَّبيّ يُطرح فيه اللَّبن ويُطعَمه. ويقال له مِنْقَع البُرَم، ويكون من حجارة. والنَّقيع: شراب* يتَّخَذ من زَبيب، كأنَّ الزَّبيب يُنقَع له. والنَّقِيع: الحَوْض يُنقَع فيه التَّمر. والنَّقِيع والنَّقْع: الماء الناقع. وماءٌ ناقعٌ كالنَّاجع، كأنَّه استقرَّ قرارَه فكَسَر الغُلَّة. وكذلك النَّقُوع. والنَّقيع: البئر الكثيرة الماء. ونَقْع البئر الذي جاء في الحديث: ماؤها، كأنها قرارٌ له. والأنقوعة: وَقْبَةُ الثَّرِيد. وقولهم: "هو شَرَّابٌ بِأَنْقُعٍ"، أي مُعاوِدٌ للأمر مرَّةً بعد مرة. كذا يقولون، ووجهه عندنا أنَّ الطَّائر الحَذِر لا يَرِدُ المَشارِعَ حذَراً على نَفْسه، لكنَّه يأتي المناقع يَشْرَبُ ليَسْلَم؛ وكذلك الرّجُل الكيِّس الحَذِر، لا يتقحَّمُ إلاَّ مواضعَ السَّلامةِ في أُموره. والنَّقيعة: المحض من اللَّبن. فأمَّا النقيعة فقال قومٌ: ما يُحْرَزُ من النَّهْب قبل القَسْم. قال الشاعر:
ضَرْبُ القُدَارِ نَقِيعَةَ القُدَّامِ(3)
إنَّا لنضرِبُ بالسُّيوف رؤوسَهُمْ
ويقال: بل النَّقيعة: الطَّعام يُتَّخَذ للقادم من السفر، كأنّه إذا أُعِدّ له فقد نقع أي أُقِرّ. وهذان الوجهان أحسَنُ ما قيل في ذلك، لأنَّهما أقْيَس. ويقولون: النَّقيعة: الجَزُور تُنقَع عَن عدّة إبل، كالفَرَعةِ تُذبَح عن غَنَم.
وأمَّا الأصل الآخر فالنَّقيع: الصُّرَاخ، وهو النَّقْع أيضاً. ونقَعَ الصوتُ: ارتفَعَ. قال:
نكل
يَحلِبُوها ذاتَ جَرسٍ وزَجَلْ(4)
فمتَى يَنْقَعْ صُرَاخٌ صادقٌ
__________
(1) في الأصل: "لدواء"، وأثبت ما في المجمل.
(2) ويقال منقعة أيضاً، كما في المجمل واللسان.
(3) لمهلهل في اللسان (قدر، نقع، قدم)، كما سبق في حواشي (قدم) حيث أنشد البيت من قبل.
(4) للبيد في ديوانه 15 طبع 1881 واللسان (نقع).(5/380)
ويقال: النَّقع: صوت النّعامة. والنّقَّاع: الرَّجُل يَتكثَّر بما ليس عنده، كأنه يَصيح به.
وأمَّا قولهم: انتُقعَ لونُه، فهو من الإبدال، والأصل امْتُقعَ، وقد
ذَكَر [نا] هُ.
(باب النون والكاف وما يثلثهما)
(نكل) النون والكاف واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على مَنعٍ وامتناع، وإليه يرجع فروعه. ونَكَل عنه نُكولاً يَنكِل. وأصل ذلك النِّكْل: القَيْد، وجمعه أنكال، لأنَّه يَنْكُل: أي يَمنَع. والنِّكْل: حديدة اللِّجام. وهو ناكلٌ عن الأمور: ضعيفٌ عنها. وقال ابن دُريد: رماه [اللهُ بنُكْلِهِ وبِنُكلَةٍ، أي رماه بما(1)] ينكِّله.
ومن الباب نَكَّلت به تنكيلاً، ونَكَّلت به نَكالاً، وهو ذلك القياس، ومعناه أنّه فَعَل به ما يمنَعُه من المعاودة ويمنع غيرَه من إتيانِ مثلِ صَنيعِه. وهذا أجْوَدُ الوجهين. ويقال: المَنْكَل: الشَّيء الذي ينكِّل بالإنسان. قال:
* وارْمِ عَلَى أقفائِهِمْ بمَنْكَلِ(2) *
نكه – نكب
فأمَّا الحديث: "إنّ الله تعالى يحبُّ النَّكَلَ على النَّكَل"، فإنَّ تفسيره في الحديث أنَّه الرّجل القويُّ المجرَّب، على الفرس القويّ المجرَّب. وهذا للتَّفسير الذي جاء فيه، وليس هو من الأصل الذي ذكرناه.
(نكه) النون والكاف والهاء كلمةٌ واحدة، وهي نَكْهةُ الإنسان. واستَنكَهْتُه: تشمَّمْتُ رِيحَ فمِه. ويقولون وما أدري كيف هو: إنَّ النُّكَّهَ من الإبل: التي ذهَبَتْ أصواتها من الضَّعف. قال:
__________
(1) التكملة من المجمل. والذي في الجمهرة (3: 170): "والنكلة، من قولهم نكل به نكلة قبيحة، كأنه رماه بما ينكله".
(2) الرجز لرياح الهذلي، كما في بقية أشعار الهذليين 71 وحواشي الجمهرة (3: 170).
... وأنشده في المجمل واللسان (نكل) بدون نسبة. وصواب روايته: "فارم" كما في البقية واللسان لأن قبله:
* يا رب أشقاني بنو مؤمل *
... وبعده: ... ... * بصخرة أو عرض جيش جحفل *(5/381)
* بعد اهتضامِ الراغِياتِ النُّكَّهِ(1) *
(نكب) النون والكاف والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على مَيْل أو مَيَلٍ في الشَّيء. ونَكَب عن الشَّيء يَنكُبُ. قال الله تعالى: { عَن الصِّراطِ لَناكِبُون(2) } [المؤمنون 74]. والنَّكباء: كلُّ ريح عَدلَتْ عن مَهبِّ الرِّياح الأربع. قال:
نَكباءُ صِرٌّ بأصحاب المُحِلاّتِ(3)
لا تَعدِلَنّ أَتَاوِيِّين تَضربُهُمْ
والأنكَب: الذي كأنَّه يمشي في شِقّ. والمَنْكِبُ: مُجتَمَع ما بين العَضُد والكَتِف، وهما مَنكِبان، لأنَّهما في الجانبين. والنَّكَبُ: داءٌ يأخذ الإبلَ في مناكبها فتَظلَعُ منه. والمَنْكِب: عَون العَرِيف، مشبَّه بمنكب الإنسان، كأنَّه يقوِّي أمرَ العَرِيف كما يتقوَّى بمَنكِبِه الإنسان.
نكت - نكث – نكح – نكد
(نكت) النون والكاف والتاء أصلٌ واحد يدلُّ على تأثيرٍ يسيرٍ في الشيء* كالنُّكتة ونحوِها ونكت في الأرض بقَضِيبهِ ينكُت، إذا أثَّر فيها. وكلُّ نُقطةٍ نُكْتَة.
ومن الباب رُطَبةٌ منَكِّتة: بدأ الإرطاب فيها، كأنَّ ذلك كالنُّقَط. والنّاكِت بالبَعير: شِبه الحازِّ، وهو أنْ ينكُت مِرْفَقُه حرفَ كِركِرته.
ومما يقاس على هذا قولهم: نكَتُّه، إذا ألقيتَه على رأسه فانتكَتَ، ولعل ذاك من أثرٍ يؤثِّره في الأرض.
__________
(1) لرؤبة في ديوانه 166 والمجمل واللسان (نكه).
(2) في الأصل: "وهم عن الصراط لناكبون"، تحريف وهي الآية 74 من سورة المؤمنين، وهي: { وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون } .
(3) سبق إنشاده في (أتي). وانظر الحيوان (5: 97) والبيان (3: 43) واللسان (حلل، أتو).(5/382)
(نكث) النون والكاف والثاء أصلٌ صحيح يدلُّ على نقض شيء. ونكثَ العهد ينكُثُه نَكْثاً. وانتَكَثَ الشّيءُ: انتَقَض. وقال قولاً لا نَكِيثَةَ فيه، أي لا خُلْف. ومنه: طَلَب حاجةً ثم انتكثَ لأُخْرَى. كأنه نقض عَزْمَه الأوّل. والنِّكْث: أن تُنقَضَ أخلاقُ الأكسية وتُغْزَلَ ثانية، وبها سمِّي الرَّجلُ نِكْثاً. والنَّكيثَةُ: خُطَّةٌ صَعبة يَنكُثُ فيها القَومُ. قال طرفة:
* مَتَى يَكُ أمرٌ للنَّكيثةِ أَشْهَدِ(1) *
(نكح) النون والكاف والحاء أصلٌ واحد، وهو البِضاع. ونَكَحَ يَنْكِحُ. وامرأةٌ ناكِحٌ في بني فلان، أي ذات زَوجٍ منهم. والنِّكاح يكون العَقدَ دونَ الوطء. يقال نَكَحْتُ: تَزَوّجْتُ. وأنكَحْتُ غَيرِي.
(نكد) النون والكاف والدال أُصَيل يدلُّ على خُروجِ الشَّيء إلى طالِبِه
نكر - نكز
بِشدّة. وهذا مَطلَبٌ نَكِدٌ. ورجلٌ نَكِدٌ ونَكَدٌ(2). ويقال: نَكَدَ الغُراب(3): استَقْصَى في شَحِيجِه، كأنَّه يَقِيء. وناقةٌ نَكْدَاءُ: لا لبَنَ فيها.
(نكر) النون والكاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على خلاف المعرفة التي يَسكُن إليها القَلب. ونَكِرَ الشَّيءَ وأنكَره: لم يَقْبَلْه قلبُه ولم يعترِفْ به لسانُه. قال:
وأنكرَتْنِي وما كانَ الَّذِي نَكِرَتْ
مِنَ الحوادثِ إلاَّ الشَّيبَ والصَّلَعا(4)
__________
(1) من معلقة طرفة. وصدره:
* وقربت بالقربى وجدك إنه *
(2) ويقال نكد أيضاً، بالفتح، وأنكد.
(3) ذكر في القاموس، ولم يذكر في اللسان.
(4) للأعشى في ديوانه 72 واللسان (نكر).(5/383)
والباب كلُّه راجعٌ إلى هذا. فالنُّكْر: الدَّهْي. والنَّكْراء: الأمر الصعب الشَّديد. ونَكُرَ الأمرُ نَكَارةً. والإنكار: خِلاف الاعتراف. والتنكُّر: التَّنقُّل من حالٍ تَسُرُّ(1) إلى أخرى تُكْرَه. ويقولون لما يخرج من الحُِوَلاءِ(2) [من(3)] دمٍ وما أشبهه: نَكِرَة.
(نكز) النون والكاف والزاء أُصَيلٌ يدلُّ على غَرْزِ شيء ممدَّد في شيء. يقال: نكَزْتُه بالحديد أنكُزُه، وذلك كالغَرْز. ونَكَزَت الحيّةُ بأنْفِها. ومنه: نكزَ الماءُ: غاضَ، كأنَّه كالشَّيء يدخُل في الأرض. وبئرٌ ناكزٌ: غارَ ماؤُها. وأنكَزَها
نكس – نكش – نكص - نكظ
أصحابُها. وهذا على المعنى، كأنَّهم لمّا استقَوْا ماءها ظُنَّ بها أنَّ ماءها غارَ ونكَزَ في الأرض. قال ذو الرُّمّة:
ذِمام الرَّكايا أنكزَتْها المواتحُ(4)
على حِمْيَرِيّاتٍ كأنَّ عيونَها
(نكس) النون والكاف والسين أصلٌ يدلُّ على قَلْب الشّيء. منه النَّكْس: قَلبُك شيئاً على رأسه. والوِلاد المنكوس: أن يَخرُج رجلاهُ قَبْلَ رأسِه. والنِّكْسُ: السَّهم الذي ينكسر فُوقُه، فيُجعلُ أعلاه أسفلَه. ويقال للمائق: إنَّه لنِكْسٌ، تشبيهاً بذلك. والمُنَكِّس من الخيل: الذي إذا جرى لم يَسْمُ برأسهِ ولا هادِيهِ من ضَعفه.
(نكش) النون والكاف والشين كلمةٌ تدلُّ على الأتْيِ على الشَّيء. يقال: أتَوا على عُشب فنكَشُوه. ويقولون: هو بحرٌ لا يُنكَش، كما يقولون: لا يُنْزَف.
__________
(1) في الأصل: "تستر".
(2) الحولاء، بضم الحاء وكسرها مع فتح الواو، هي من الناقة كالمشيمة للمرأة، وهي جلدة ماؤها أخضر تخرج مع الولد. وفي الأصل: "من الجولا"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) التكملة من المجمل واللسان.
(4) ديوان ذي الرمة 103 واللسان (نكز، ذمم).(5/384)
(نكص) النون والكاف والصاد كلمةٌ. يقال: نَكَصَ على عَقبَيه، إذا أحجَمَ عن الشَّيءِ خوفاً وجُبناً. قال ابن دريد(1): نكَصَ على عَقِبيه: رجَع عمَّا كان عليه من خَير؛ لا يقال ذلك إلاَّ في الرُّجوع عن الخَير.
(نكظ) النون والكاف والظاء كلمة واحدة. يقال النَّكظ: الدَّفع والعَجَلة. قال:
نكع - نكف
ـطِ إذا خَبَّ لامعاتُ الآلِ(2)
[قد] تجاوزتُها على نَكَظِ المَيْـ
قال ابن دريد: أنكَظته(3) إنكاظاً، ونَكَظْتُه نكظاً، إذا أعجلتَه.
(نكع) النون والكاف والعين أصلانِ: أحدهما يدلُّ على لونٍ من الألوان، والآخر على* حَبْسٍ وردّ.
فالأوّل: الأنكع: الأحمر المتقشِّر الأنف. يقال منه نَكِع. ونَكَعَة الطُّرْثُوت من أعلاه إلى قدر إصبع، عليه قِشرة حمراء. وشَفَة(4) نَكِعة، شديدة الحمرة.
ومن الأصل الآخر: نكعَهُ حَقَّه، إذا حَبَسه(5) عنه. ونكَعه عنه: دَفَعه. ونكعتُه بالسَّيف وغيرِه: دفعتُه. ونكَعْتُه عن حاجته رددتُه عنها. ومنه نكعته الشيء مثل نَقَصْتُه، كأنَّك دفعتَه عن إكماله أكلاً وشُرْباً.
ومن الباب النَّكُوع: المرأة القصيرة، والجمع نُكُع، كأنَّها حُبِست عن أن تطول. ورجلٌ هُكَعة نُكَعة: يثبت مكانَه لا يبرح، وهو من الحَبْس أيضاً.
(نكف) النون والكاف والفاء أصلان: أحدُهما يدلُّ على قطع شيء وتنحيته، والآخر على عضوٍ من الأعضاء، ثم يقاس عليه.
فالأوّل النَّكْف: تنحِيتُك الدُّموعَ عن خدِّكَ بإصبعك. ويقولون: رأينا غيثاً ما نكَفَه أحدٌ سار يوماً ولا يومين. يقول: ما قَطَعه. وبَحرٌ لا يُنْكَف، مثل
نمي
__________
(1) الجمهرة (3: 86).
(2) للأعشى في ديوانه 6 والمجمل واللسان (نكظ). والتكملة في أول البيت من هذه المراجع.
(3) في الأصل: "أنكظه"، صوابه من الجمهرة (3: 124).
(4) في الأصل: وشفعة"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) في الأصل: "تحبسه"، صوابه في المجمل.(5/385)
لا يُنْزَح، والانتكاف، خُروجٌ من أرضٍ إلى ارض، أو أمرٍ إلى أمر. تقول: أراد هذا وانتكَفَ فأراد هذا، كأنَّه قطع عزْمَه الأوّل. وانتكف الأثرَ: وجَدَه.
والأصل الآخر النَّكَف: جمع نَكفَة، وهي غُدّةٌ في أصل اللَّحْي. يقال: إبلٌ مُنكِّفة: ظهرت نَكَفاتُها.
ثم قِيسَ على هذا فقيل: نَكِف من الأمر(1) واستنكف، إذا أنِفَ منه. معنى القِياس في هذا أنَّه لما أنِفَ أعْرَضَ عنه وأراهُ أصل لَحْيِه، كما يقال أعْرضَ إذا ولاَّه عارِضَه وتركَ مواجَهَتَه. والأَنِفُ من هذا، كأنَّه شَمَخَ بأنْفِه دُونَه. والقياس في جميع هذا واحد. والله أعلم بالصَّواب.
(باب النون والميم وما يثلثهما)
(نمي) النون والميم والحرف المعتلّ أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاع وزِيادة.
ونمَى المالُ ينمِي: زاد. ونَمَى الخِضَابُ يَنْمِي ويَنُمو، إذا زاد حمرةً وسواداً. وتنمَّى(2) الشَّيء: ارتفعَ من مكانٍ إلى مكان. قال:
وانمِ كما يَنْمِي الخضابُ في اليَدِ(3)
يا حُبَّ ليلَى لا تغيَّرْ وازدَدِ
نمر – نمس
وانتمَى فلانٌ إلى حَسبِهِ: انتسَب. ونَمَّيْتُ الحديثَ: أشعتُه، ونَمَيْتُه بالتخفيف، والقياس فيهما واحد. والنَّاميَة: الخَلْق، لأنَّهم يَنْمُون، أي يزيدون: وفي الحديث: "لا تَمْثُلُوا بنامِيَةِ الله". ويقال: نمَّيتُ النار. إذا ألقيتَ عليها شَيُوعاً. ويقال: نَمَتِ الرّمِيّةُ، إذا ارتفعَتْ وغابت ثم ماتت، وأنْماها صاحِبُها. قال:
ما لَه لا عُدَّ من نَفرِهْ(4)
فهي لا تَنْمِي رمِيَّتُه
__________
(1) يقال نكف من الأمر، وعن الأمر أيضاً.
(2) في الأصل: "تمنى"، صوابه في المجمل واللسان. وشاهده قول القطامي:
إلى من كان منزله يفاعا
فأصبح سيل ذلك قد تنمى
(3) هذه هي الرواية المشهورة كما نص ابن سيده. انظر اللسان. ويروى: "وانم كما ينمو".
(4) لامرئ القيس في ديوانه 153 واللسان (نمى)، والرواية فيهما: "فهو لا تنمى".(5/386)
وفي الحديث: "كل ما أصْمَيْتَ ودع ما أنميت".
(نمر) النون والميم والراء أصلانِ: أحدهما لونٌ من الألوان، والآخر يدلُّ على نُجوعِ شراب.
فالأوَّل النَّمِر، معروف، من اختلاط السَّواد والبياض في لونِه، غير أنَّ البياضَ أكثر. ومن النَّمر اشتُقَّ لون السَّحاب النُّمْر، وكذلك النَّعَم النُّمْر فيها سواد وبياض. وكذلك النَّمِرَة، إنما هي كساءٌ ملوَّن مخطَّط. وتنمَّر لي فلانٌ: تهدَّدني. وتحقيقُه لَبِس لي جلد النَّمِر.
والأصل الآخر النَّمير، وهو الماء العَذْبُ النّامِي في الجسدِ الناجعُ. ثم يستعار فيقال [حَسَبٌ(1)] نَمِيرٌ، أي زاكٍ.
(نمس) النون والميم والسين ثلاثُ كلمات: إحداها تدلُّ على سَتْرِ شيء، والأخرى على لونٍ من الألوان، والثالثة على فسادِ شيءٍ من الأشياء. فالأولى النَّاموس: وهو صاحب سِرِّ الإنسان. ونَمَسَ: قالَ حديثاً في سِرّ وستر.
نمش – نمص
والنَّاموس: قُتْرَة الصَّائد. وفي مُصَنَّف الغريب: النَّاموس جَبْرَئِيل عليه السلام. والأصل كلُّه واحد. ونامَسْتُ فلاناً منامسةً: سارَرْته وجعلتُه موضعاً لِسرِّي. قال ابن دُرَيد: وكلُّ شيءٍ سترتَ به(2) شيئاً فهو ناموسٌ له.
والثالثة* النَّمَس: الكَدَر(3) في اللَّون. يقال القطا النُّمْس، لأنَّ في لونها كُدْرة. والنَّمَس: فسادُ السَّمْنِ والغالية وكلِّ طِيب. والنِّمْس: دُوَيْبَّة، سمِّيت للونها. فأمَّا قول حميد(4):
* كتَواهُقِ النِّمْسِ *
فيقال: إنّه أراد هذه الدّوابّ. ورواه أبو سَعِيد: "النُّمْس"، قال: وهي القَطا جمع أنْمَس.
__________
(1) التكملة من المجمل واللسان.
(2) في الجمهرة (3: 52): "فيه".
(3) في الأصل: "والكدر".
(4) في المجمل: "جميل".(5/387)
(نمش) النون والميم والشين أصلٌ يدلُّ على تخطيطٍ في شيء. منه النَّمَش، وهي خُطوط النُّقوش، والنَّعت نَمِشٌ. ومن الباب النَّمْش كما يفعله العابثُ(1) إذا التقط شيئاً وخَطَّط بأصابعه. قال:
* قلتُ لها وأُولِعَتْ بالنَّمْشِ(2) *
ونَمَشَ الجرادُ الأرضَ: جَرَدَها.
(نمص) النون والميم والصاد أُصَيلٌ يدلُّ على رِقّة شَعَْرٍ أو نتف له. فالنَّمَص: رِقَّة الشَّعر. والمِنْماص: المِنْقاش. وشعرٌ نميصٌ، ونبتٌ نميصٌ: نتفَتْه الماشيةُ بأفواهها.
نمط – نمغ – نمق - نمل
(نمط) النون والميم والطاء كلمةٌ تدلُّ على اجتماع. والنَّمَط: جماعةٌ من الناس. وفي الحديث(3): "خير هذه الأمَّة النَّمَط الأوسط، يَلْحَقُ بهم(4) التَّالي ويرجع إليهم الغالي".
(نمغ) النون والميم والغين كلمةٌ تدلُّ على أعلى شيء. ونَمغَة الجبل: أعلاه. والنَّمَغة: ما تحرَّكَ من يافوخ الصَّبِيّ أوّلَ ما يُولَد.
(نمق) النون والميم والقاف أُصَيلٌ يدلُّ على تحسينِ شيء وتجويده. ونَمَقْتُ الكتاب ونَمَّقْتُه: نقَشتُه وصَوَّرْتُه. قال:
عليه قَضيمٌ نمَّقته الصَّوَانِعُ(5)
كأنَّ مَجَرَّ الرّامساتِ ذيولَها
(نمل) النون والميم واللام كلماتُه تدلُّ على تجمُّعٍ في شيء وصِغَرٍ وخِفَّة. منه النَّمل: جمع نَمْلة. وطعامٌ منمولٌ: أصابه النَّمل. وفرسٌ نَمِلُ القَوائِمِ: خفيفُها، كأنَّها شُبِّهَتْ بالنَّمْل. والنَّمْلة: قَرْحَةٌ تخرُج في الجَنْبِ، كأنَّها سمِّيَت بها لتفشِّيها وانتشارها، شبِّهت بالنَّملةِ ودَبِيبِها. والأَنْمُلَة: واحدة الأنامل، وهي أطراف الأصابع.
__________
(1) في الأصل: "العائب"، صوابه في المجمل.
(2) وكذا ورد إنشاده في المجمل. وفي اللسان: "قال لها".
(3) هو من كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما في اللسان.
(4) في الأصل: "بها"، وأثبت نص المجمل واللسان.
(5) للنابغة الذبياني في ديوانه 50 واللسان (نمق، قضم) وقد سبق في (قضم).(5/388)
ويقولون وليس من هذا: إنَّ النَّمْلَة: شَقٌّ يكون في حافر الفرس من الأشْعَر إلى المَقَطّ.
ومما شذّ عن الباب النُّمْلة بالضم في النون والسكون في الميم(1) هي النَّميمة. ويقال: نَمَل، إذا نَمَّ.
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله نون)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله نون)
من ذلك (النّهْشَل): الذِّئب، ويقال الصَّقْر. وهو منحوتٌ من كلمتين: نَشَل ونَهَش، كأنَّه ينشل اللَّحم ويَنْهَشه، وقد فُسِّرا جميعاً.
ومن ذلك (النَّهابرِ): المَهَالِك. وهو منحوت من نَهَبَ ونَهَر. والنَّهْبُ من الانتهاب. ونَهَرَ من نهر الفَتْق، كأنَّه شيءٌ نهبَ ونَهَر وضَيَّع. وقد فسّرناه.
و (نَهْبَر) الرَّجل في كلامه: أتَى به على غير جهته، وهو من نهب، كأنَّه ينتهب الكلامَ، ومن نَهَرَ، كأنَّه يتوسَّع فيه.
ومنه (النَّهْبلَة) النَّاقة الضخمة. والنَّهْبَلة: العجوز. والنَّهبَل: الشَّيخ. وهذه مما زيدت فيه النون، والأصل هاء وباء ولام. يقولون للشَّيخ هِبِلّ، وللعجوز هِبِلَّة.
ومنه (النَّقرشة(2)): الحِسُّ الخفِيّ، كحِسِّ الفارة واليَربوع. قال:
* يا أيُّها ذَا الجُرَذُ المُنَقْرِشُ(3) *
وهي منحوتة من نقر وقرش ونَقَش، لأنَّه كأنه ينقُر شيئاً، ويَقْرُِشُه: يجمعه، وينقُشه كما يُنقَش الشَّيء بالمِنقاش.
ومنه (النِّقْرِس): الدَّاهية من الأدِلاَّء. ودليلٌ نِقرِس، وطبيب نِقْرِس ونِقريسٌ: حاذق. وهذا ممّا زيدت فيه السين، وأصله من النَّقْر، كأنه ينقر عن الأشياء، أي يبحث عنها.
ومنه (النَّقثَلة): مِشْيَةٌ يُثير فيها الرَّجُلُ التُّرابَ إذا مَشَى. قال:
__________
(1) هي مثلثة النون، ويقال في لغة رابعة "النميلة" كالنميمة وزناً ومعنىً.
(2) وكذا في المجمل. ولم أجد مادة هذه الكلمة في المعاجم المتداولة.
(3) وكذا أنشده في المجمل، ولم أعثر له على مرجع آخر.(5/389)
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله نون)
* وتارةً أنبُثُ نَبْثَ النَّقْثَلَه(1) *
وهو منحوتٌ من كلمتين: نَقَثَ من النَّقْث: الإسراع في المَشْي، ومن نَقَل، مِن نَقْل القوائم. وقد فسَّرناهما فيما مضى.
ومنه (النُِّمْرُِقَة): الوِسادة. وهذا مما زيدت فيه القاف، إنَّما هي من النَّمِرَة وهي الكساء المخطَّط، وقد فسَّرناها، والله أعلم بالصواب.
(* تم كتاب النون)
ـــــــ
تم الجزء الخامس من مقاييس اللغة
بتقسيم محققه ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الهاء
مراجع التحقيق والضبط
مراجع التحقيق والضبط
يضاف إلى المراجع المثبتة في نهايات الأجزاء السابقة:
أراجيز العرب، للبكري. طبع سنة 1313 القاهرة.
إعجاز القرآن، للباقلاني. طبع السلفية 1349 القاهرة.
بلوغ الأرب، للآلوسي. طبع الرحمانية 1343 القاهرة.
حياة الحيوان، للدميري. طبع صبيح القاهرة.
ديوان امرئ القيس. برواية الطوسي (مخطوط دار الكتب المصرية).
ديوان امرئ القيس. برواية خرابنداذ ( مخطوطة دار الكتب المصرية).
ديوان الزفيان. ملحق بديوان العجاج. طبع ليبسك 1903م.
ديوان أبي طالب. مخطوط الشنقيطي بدار الكتب المصرية.
ديوان عمر بن أبي ربيعة. طبع بول شوارز 1318 ليبسك.
ديوان النابغة الذبياني. مخطوط مكتبة أحمد الثالث بتركيا.
الرسالة، للشافعي. تحقيق الشيخ أحمد شاكر. طبع الحلبي 1358.
سمط اللآلئ، للراجكوتي والبكري. طبع لجنة التأليف 1354.
شرح الألفية، للأشموني. طبع بولاق 1287.
غيث النفع، للصفاقسي. طبع العامرة الشرفية 1304 القاهرة.
الفصول والغايات، للمعري. طبع حجازي 1356 القاهرة.
كتاب الهمز، لأبي زيد الأنصاري. طبع الكاثوليكية 1911 م بيروت.
مراجع التحقيق والضبط
المداخل، لغلام ثعلب. مخطوطة دار الكتب المصرية.
__________
(1) لصخر بن عمير، كما في اللسان (نقثل)، وأنشده في المجمل بدون نسبة أيضاً. وقبله:
* قاربت أمشي القعولى والفنجله *(5/390)
معجم ما استعجم، للبكري. تحقيق الأستاذ السقا. طبع لجنة التأليف 1364.
المغني، لابن قدامة. طبع أنصار السنة 1367 القاهرة.
من نسب إلى أمه من الشعراء. (في المجموعة الأولى من نوادر المخطوطات).
المواهب الفتحية، للشيخ حمزة فتح الله. طبع مطبعة المدارس 1326.
النقائض. لأبي عبيدة. طبع ليدن 1905م.
النقود العربية وعلم النميات، للأب أنستاس. المطبعة العصرية 1939م القاهرة.
نوادر المخطوطات، تحقيق عبد السلام هارون. (مجموعات متتالية. تطبع ابتداء من سنة 1370).
ــــــــــ
الأخطاء المطبعية للجزء الخامس
من كتاب "مقاييس اللغة"
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
8
4
الإبلَ
الإبَل
حاشية 1
17
بفتح القاف
بفتح اللام
3
44
(قيأ)
(قيا)
3
56
(1)
(3)
1
63
الخيل
الخليل
9
64
(2)
حاشية 2
64
279
179
1
65
قدف
قذف
13
65
قوادمُ
قوادُم
حاشية 4
65
في الجمهرة (2:
في الجمهرة (1:
15
78
وسمِّي
وسمَّى
12
79
شَنِئت
شَنِئَت
4
95
(2)
9
95
(2)
(3)
10
95
(3)
(4)
14
95
(4)
(5)
حاشية
95
(3)
(4)
حاشية
95
(4)
(5)
حاشية 1
98
ابن مقبل
ابن مقيل
2
104
مشتَهٍ
مشَتهٍ
1
108
أُصَيلٌ
أُصَلٌ
6
111
اقتعطتُ
اقتطعتُ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
9
124
وتكبَّبتِ
وتكبَّبتُ
11
125
بيِّنة
بيِّنه
حاشية 1
126
فلم
فم
13
133
مَتْنِه
مَتْنِة
8
146
يُكَوِّرُ
يُكُوِّرُ
15
146
تكوَّزَ
تكوَّرَ
11
153
إذا
إذ
1
172
خُلُق
خُلَق
11
191
أَعْجَبَ
يُعْجِبُ
حاشية 4
191
7:17
9:17
حاشية 1
192
كفر
كقر
12
199
مُلَبٍّ
مُلَبٍ
1
216
لهز(1)
لهز
1
217
كلماتٌ
كلماتُ
12
219
التاثَ
الثاتَ
حاشية 3
226
للمتنخل
للمنخل
3
227
نَطعَنُهمْ(5/391)
نَطعُنُهمْ
16
232
يُؤكَل
يُؤَكل
6
235
البِئرُ
البِثرُ
1
236
أتَّخِذْ
اتَّخِذْ
1
255
بحقِّه
بحقِّة
حاشية 3
263
لاقطة
لاقطعة
حاشية 2
269
بنت
بن
8
272
قضاءُ
قضاءَ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
1
281
وتَسوَّى
وتَوَّى
حاشية 3
292
مأْآأَا
مأَءَ
14
295
والحرف المعتل
والحرف
10
300
بِوَرْكٍ
بِوَرَكْ
15
302
مَحْوَة
مَحْوَةَ
حاشية 1
305
مخج
مخخ
10
309
وذِكرُ
وذكِرُ
4
313
شعره(2)
شعره.
10
323
فقرَّبْتُ
فقرَّبَّتُ
حاشية 1
328
ماحقه
ما حقه
حاشية 1
343
للنجاء
للنحاء
7
349
بملَقِه
بملَفِه
5
351
ومَلعت
ومَلعْت
حاشية 1
353
واللسان (نأنأ)
واللسان ( ا ا)
10
355
خِفَّة
خِفِّة
13
364
الأقران
الأفران
حاشية 3
371
وأنياقات
وانياقات
3
376
نَأَتَ
نَأَتُ
حاشية 3
388
نتل
فتل
10
390
يَنثُو
يَنئُو
حاشية 2
399
نجا
نحا
حاشية 4
399
إحداهما
إحدهما
6
414
أخلَفَ
أخَلَفَ
2
417
من السَّماءِ
من السَّماءُ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
1
421
مِنْ
مِنُ
1
423
وَبَر
وبَرَ
11
427
والنَِّشقة:
والنَِّشفة:
1
433
نَزَعتُ
نَزَعةُ
14
437
مُنَضَّجٌ
مَنَضَّجٌ
2
441
عُلِّمْنَا
وعُلِّمْنَا
4
457
مثلَ
مثَل
6
461
بنَفَسٍ
بنَفَسُ
7
464
أنكَر
أنَكَر
13
470
ما له
ماله
6
479
نَكِف
نِكَف
- صلى الله عليه وسلم -- صلى الله عليه وسلم -(5/392)
هو - هي
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الهاء
(باب الهاء وما بعدها في المضاعف والمطابق(1))
(هو) الهاء والواو ليست من شرط اللغة(2)، وهي من العربية، والأصل هاء ضُمّت إليه واوٌ. من العرب من يثقِّلها فيقول: هُوَّ(3). ومنهم مَن يقول هُوْ(4).
(هي) الهاء والياء، والهاء والهمزة يجريان مَجرى ما قبلهما. على أنَّهُم يقولون: ما أدري أيّ هَيِّ بنِ بيٍّ هو. معناه أيُّ الناس هو. وهذا عندنا مما دَرَج عِلمُه. وكذلك قولهم: "لو كان ذاك في الهَِيئ والجَِيء(5) ما نَفَعَه"، والهَِيْء:
هب
الطّعام. والجَِيْء: الشَّراب، واللفظتان لا تدلاّن على هذا التفسير. ويقولون: هَأْهَأْتُ بالإبل، إذا دعوتَها للعَلَف. وهذا خلافُ الأول. وأنشدوا:
وما كانَ على الهَِيْء
ولا الجَِيءِ امتداحيكا(6)
__________
(1) في الأصل: "باب الهاء والواو وما يثلثهما"، وأثبت مألوف العبارة في مثل هذا، مطابقاً ما في المجمل.
(2) كذا جاءت هذه العبارة.
(3) شاهده ما أنشده في اللسان (20: 368):
وإن لساني شهدة يشتقى بها
وهو على من صبه الله علقم
(4) نص المجمل: "ومنهم من يسكن الواو فيقول هو".
(5) اقتصر في المجمل على ضبطهما بفتح الهاء والجيم في المتن والإنشاد التالي، ولكنهما يقالان بالفتح والكسر.
(6) نسب في اللسان إلى الهراء. وفي المجمل: "وما كان عن الجيء". وقد سبق إنشاده في (جأ).(6/1)
والهاء، هذا الحرف وها تنبيهٌ. ومن شأنهم إذا أرادوا تعظيم شيء أنْ يُكثِرُوا فيه من التَّنبيه والإشارة. وفي كتاب الله: { هَا أنْتُمْ هَؤُلاَءِ } [آل عمران 66]، ثم قال الشاعر(1):
ها إنّ تا عِذْرَةٌ إلاَّ تكُنْ نفعَتْ
فإنّ صاحِبَها قد تاهَ في البَلَدِ(2)
ويقولون في اليمين: لا هَا اللهِ. ويقولون: إن هاءَ تكون تلبية(3). قال:
لا بَلْ يُجيبُكَ حينَ تدعُو باسمِهِ
فيَقول هاءَ وطالَ ما لبَّى(4)
هاءَ يهُوءُ الرّجُل هَوْءاً. والهَوْء: الهِمَّة. قال الكِسائي: يا هَيْءَ مالِي، تأسُّفٌ.
(هب) الهاء والباء مُعظَمُ بابِه الانتباه والاهتِزازُ والحركة، وربما دلَّ على رِقَّةِ شيء.
الأوَّل هبَّت الريح تَهُبُّ هُبوباً. وهَبّ النائم يَهُبُّ هَبَّاً. ومِن أين هببتَ يا فلان، كأنّه قال: من أين جئت، من أين انتبهت لنا. وحُكِي عن يونُس: غابَ
هت
فلانٌ ثم هبّ. ويقولون: هبَّ يفعلُ كذا، كما يقال: طَفِق يفعل. وهزَزْتُ السَّيف فهبّ هبّة. وهَبَّته: هِزَّته ومَضاؤه في ضريبته. وسيفٌ ذو هَبَّة. وهبَّ البعيرُ في السَّير: نَشِط، هِباباً. قال لبيد:
فلها هِبَابٌ في الزِّمام كأنّها
صهباءُ راحَ مع الجنوبِ جَهامُها(5)
وهبَّ التَّيس للسِّفاد هَبِيباً، واهتبَّ، وهو مِهْبابٌ. وهَبْهَبْتُ به: دعوتُه ليَنْزُوَ. ويقال الهَبهَبِيُّ: الرَّاعي؛ والفَتى السَّريعُ في الخدمة هَبهبيّ. ويقولون: عِشْنا بذاك هَِبَّة من الدَّهر، أي سَنَةً وَوَقْتاً هَبَّ لنا.
__________
(1) هو النابغة الذبياني. ديوانه 27.
(2) رواية الديوان:
ها إن ذي عذرة إلا تكن نفعت
فإن صاحبها مشارك النكد
(3) في الأصل: "تنبيه"، صوابه في المجمل. وهاء، هذه تمد وتقصر، كما في اللسان.
(4) أنشده في المجمل واللسان (ها).
(5) البيت من معلقته المشهورة.(6/2)
والباب الآخر تهبَّبَ الثوبُ: بَلِيَ. ويقال لقِطَع الثَّوب: هِبَبٌ. وهَبْهَبَ السَّرابُ: تَرَقرَق. والهَبْهَاب: السَّراب. وما أقرَبَ هذا من الأوّل. وممّا يُشكِل عندي معناه قولُهم: هَبْهُ فعلَ كذا، وهَبْني فَعَلْته، وظننتُ أنَّ هذا من باب وهب لأنَّ اللفظة على هذا تدلّ، وهو على ذلك مُشكِل. ويقولون للخيل: هَبِي، أي أَقبِلِي(1). وهذه حكايةُ صوت.
(هت) الهاء والتاء يدلُّ على حكايةِ صوت، ليست فيه لغةٌ أصليّة. يقال: هَتَّ البَكْرُ في صوته: عَصَر صوته(2). وهَتَتُّ الكلمة. والهَتِيت: متابَعةٌ ومداركة. يقال: هَتَّ هَتّاً وهتيتاً. ويقولون: رجلٌ مِهَتٌّ: خفيف في العَمَل. والهَتْهَتةُ: التواءُ الكلام. والهَتُّ: تمزيقُ الثَّوْب. والهَتُّ: الكَسْر. ويقولون:
هث - هج
سَمِعتُ هَتَّ قوائمِ البعير عند وقعها بالأرض. والأصل في ذلك كلِّه واحد، ولولا أنَّ العلماء ذكروه لما رأيتُ لذكرِهِ وجهاً.
(هث) الهاء والثاء قريبٌ من الذي قبلَه، ومعظمه الاختلاط. *يقولون: الهثْهثَة: الاختلاط. وهَثْهَثَتِ السّحابةُ بثَلْجِها وقَطْرها: أرسلَتْه بسرعة: وهَثْهَثَ الوالي: ظَلَم قال:
* وَهَثْهَثُوا فكثُرَ الهَثْهَاثُ(3) *
(هج) الهاء والجيم: أصلٌ صحيح يدلُّ على غُموضٍ في شيءٍ واختلاط، ومنه ما يدلُّ على حكايةِ صوت.
فالأوّل قولهم: هَجَّتْ عينُه(4)
__________
(1) في اللسان: "وهبي: زجر للفرس، أي توسعي وتباعدي".
(2) كلمة "عصر" موضعها بياض في المجمل. وفي اللسان: "والهت: شبه العصر للصوت".
(3) للعجاج في ملحقات ديوانه 75 واللسان (هثث). وقبله:
* وأمراء أفسدوا فعاثوا *
(4) وهججت أيضاً. وأنشد في اللسان للكميت:
كأن عيونهن مهججات
إذا راحت من الأصل الحرور(6/3)
: غارت. وهو من باب الغُموض. والهَجَاجة: الأحمق الذي لا يَهتدِي للأمور، فكأنها قد عُمِّيت عليه. وقال ابنُ الأعرابيّ وغيره: ركِب فلانٌ هَجَاجِ، على فَعالِ، إذا ركب العَمياء المُظلِمة. وأنشد:
* وقد رَكِبوا على لَومِي هَجَاجِ(1) *
والهَجِيج: الوادي العَمِيقُ؛ وهو من الغموض أيضاً.
والباب الآخَر قولهم: هَجْهَجْتُ بالسَّبع: صحتُ به. وهَجْهَجَ الفحلُ في
هد
هديره. وهَجٍْ(2): زجْرٌ للكلب. قال:
فذَكَرتُ حين تبرقَعَت ضَبّارا(3)
سَفَرَتْ فقلت لها هَجٍِ فتبرقَعَتْ
وضَبَّار: كَلْب. وهَجِيجُ النَّار: أجِيجُها. فأمَّا قولهم: ماء هُجَهِجٌ. لا عذب ولا ملح، فمن الإبدال، وقد ذكر في الهاء والزّاء.
(هد) الهاء والدال: أصلٌ صحيح يدلُّ على كَسْر وهَضْم وهدم. وهَدَدْتُهُ هَدَّاً: هَدَمتُه. ويرجع الباب كلُّه إلى هذا القياس. فالهَدُّ من الرِّجال: الضَّعيف، كأنَّه هُدَّ. ورجال هَدُّونَ. وقد خُولف الأصمعيّ(4) فخبّرني عليُّ بن إبراهيم القطّان، عن ثعلبٍ عن ابن الأعرابي، وعن عمرو بن أبي عمرٍو عن أبيه قالا(5): الهَدُّ من الرِّجال: الجواد الكريم، والجِبانُ هِدٌّ بالكسر(6). وأنشدوا:
تُعقدُ فوق الحَراقِفِ النُّطُقُ(7)
ليسوا بِهَدِّينَ في الحروب إذا
فإن كان كذا فالجبان هِدٌّ، أي مهدود، كذِبْحٍ للمذبوح. والهَدّ: الكريم الهادُّ لِمالِه.
__________
(1) للمتمرس بن عبد الرحمن الصحاري، كما في اللسان (هجج). وصدره:
* فلا يدع اللئام سبيل غي *
(2) يقال بسكون الجيم، وكسرها مع التنوين، ويقال أيضاً هجا هجا بدون تنوين، وهجي بدون تنوين.
(3) البيت للحارث بن الخزرج الخفاجي، كما في تاج العروس. وانظر الحيوان (1: 259/2: 21).
(4) في المجمل: "وقد خولف الأصمعي في هذه".
(5) في الأصل: "قال"، وأثبت ما في المجمل.
(6) وقيل هو بالفتح ولا يكسر.
(7) للعباس بن عبد المطلب، كما في اللسان (هدد).(6/4)
ومما يجري مجرى الأصوات الهَدَّة: صوتُ وقع الحائط. والهُدْهُد معروف.
هذ - هر
وهَدْهَدَ الحمامُ: صَوَّت. وهَدْهَدَت المرأةُ ابنَها: حَرَّكَتْه لينام.
ومما شذَّ عن الباب ولا أعرِفُ له قياساً، قولُهم: مررتُ برجلٍ هَدَّكَ مِن رجُل، كقولهم: حسبُك من رجلٍ. وهي كلمةٌ كذا تقال. قال:
هو الجَوْنُ إلاّ أنّه لا يعلَّل(1)
ولي صاحبٌ في الغار هَدَّكَ صاحباً
(هذ) الهاء والذال: أصيل يدلُّ على قَطْع. وهَذَّه: قَطَعه. وسكِّينٌ هَذُوذ. وهَذَاذَيْكَ من الهَذِّ: سُرعة القَطع، كأنّه يقول: أحكِم الأمرَ واقطَعْه.
(هر) الهاء والراء: أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على صوتٍ من الأصوات، ويقاس عليه. يقولون: الهِرُّ: دُعاء الغنم. وذلك قولهم: "لا يعرِف هِرّاً من بِرٍّ". والبِرُّ: سَوْقُ الغَنَم. والهِرَّة: السِّنَّوْرة، وكأنَّها سمِّيت لصوتها إذا هَرَّت. [وهَرَّ الشَّوْك، إذا اشتَدَّ يُبْسُه(2)، وله حينئذ هريرٌ] وزَجَل. قال:
إذا ما هَرّ وامتنَعَ المَذَاقا(3)
رَعَيْنَ الشبْرِقَ الرَّيَّانَ حَتَّى
قال: والهُرْهُور: الماء الكثير الذي إذا جَرَى سمِعتَ له هَرْهَرَة. ويقولون: هَرَّ فلانٌ(4) الكأس: كرِهَها. ولعلّه أن يكون قِيل ذاك لأنَّه يَهِرُّ في وجهِ مَن يسقيه.
هز - هس - هش
ومما ليس من الباب الهُرَار: داءٌ يأخذ الإبل، ناقة مهرورة. ورأسُ هِرّ: مكان.
__________
(1) البيت للقتال الكلابي، كما في الحيوان (7: 253) واللسان (جون) والشعر والشعراء 687، والأغاني (20: 160).
(2) التكملة إلى هنا من المجمل، وسائرها مما اقترحته.
(3) أنشده في المجمل، واللسان (هرر). والمذاقا، نصب على التمييز.
(4) في الأصل: "ويقولون فلان فلان"، صوابه في المجمل.(6/5)
(هز) الهاء والزاء: أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ في شيء وحركة. وهَزَزْت القناةَ فاهتزَّتْ. واهتَزَّ النَّباتُ، وهزَّتْه الرِّيح. وهزَّ الحادي الإبلَ بحُدائِهِ واهتزَّتْ هي في سيرها. وهَزيزُ الرِّيح: حرَكتُها وصوتُها.
ومن الباب الهَزَاهِزُ(1): الفِتَنُ يَهْتَزُّ فيها النّاس. وسيفٌ هَزهازٌ وهُزْهُزٌ: صافٍ حسنُ الاهتزاز. وماء هُزَهِزٌ: اهتزَّ في جَرَيانه. والكوكب في انقضاضه يهتَزُّ. والهُزَهِزُ: الرّجُل الخفيف، والقياسُ في كلِّ ذلك واحد.
(هس) الهاء والسين: أُصَيلٌ يدلُّ على أصواتٍ واختلاط، كالهَسِيس. وهَسَاهِسُ الجنِّ مثل هَثَاهِثِهِم. وقولهم: راعٍ هَسْهاسٌ، من باب الإبدال، مثل قَسْقاس، إذا رَعى الغَنمَ اللَّيلَ كلَّه.
(هش) الهاء والشين: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رَخاوةٍ ولين. والرِّخْو اللَّيِّن هَشٌّ. ومنهُ *رجل هشٌّ: طَلْق المُحيَّا، وقد هَشِشتَ(2)، وذُو هَشَاش(3). والفرس الهَشُّ: الكثير العَرَق. وشَاةٌ هَشُوشٌ: ثَرَّةٌ(4).
ومن الباب هَشَشْتُ الورقَ هشّاً: خبطتُه بعَصاً.
هص - هض - هف
(هص) الهاء والصاد كلمةٌ تدلُّ على غَمْز الشَّيء. يقولون للذِّئب: هُصْهُص(5). وهَصْهَصْتُ(6) الشيءَ: غَمَزته. ويقولون، وما أدري كيف هو: إنَّ الهاصَّةَ(7): عَينُ الفِيل، وهو عندي مما يُسمَع.
__________
(1) ويقال الهزائز أيضاً، كما في اللسان.
(2) في الأصل: "هشت"، صوابه في المجمل.
(3) في المجمل: "وفلان ذو هشاش".
(4) في الأصل: "بشرة"، تحريف. وفي المجمل واللسان: "إذا ثرت باللبن".
(5) وكذا في المجمل. ولم يرد في اللسان. وفي القاموس: "وكهدهد وحلاحل: القوي من الناس والأسود".
(6) في الأصل: "وهصهت"، صوابه في اللسان.
(7) لم ترد في اللسان، ووردت في القاموس.(6/6)
(هض) الهاء والضاد كلمةٌ تدلُّ على رَضٍّ أو أكثرَ منه. وهَضَضْتُ الشَّيءَ وهَضْهَضْتُه(1): كَسَرْته. والهَضْهاض: الفحل الذي يهضُّ أعناق الفَحُول. ويمكن أن يكون الهَضَّاء: الجماعةُ من الناس من هذا.
(هف) الهاء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على خِفَّةٍ وسُرعةٍ في سَير وصَوت. فالهَفيف: سُرْعة السَّير. قال ذو الرُّمة:
بخرقاءَ وارفَعْ من هَفِيف الرّواحِلِ(2)
إذا ما نَعَسْنا نَعْسَةً قلتُ غَنِّنا
ومنه الرِّيحُ الهَفَّافة: الخفيفة الهُبوب. والظِّلُّ الهفَّاف: الساكن. ومنه قميصٌ هَفْهافٌ: رقيق. والهِفُّ: الذي هَراقَ ماءَه وخَفَّ من السَّحاب. والهَفَّاف: البَرَّاق. والشُّهْد الهِفُّ: الرَّقيق القليل العسل، سمِّي لخفَّته، وكذلك الهِفُّ من الزَّرع: الذي يُؤخَّرُ حَصادُه فينتثر(3) حَبُّه. ومنه المرأة المهَفْهَفة: الخميصة الدقيقة الخصر. واليَهْفُوف: الأحمق لخِفَّةِ عقله؛ ويقال هو الجَبَان.
هك - هل
(هك) الهاء والكاف أُصَيلٌ يدلُّ على انفراجٍ في شيء أو شَقّ. يقال انهكَّ صَلا المرأةِ انهِكاكاً: انفَرَجَ عند الوِلادِ. ويقولون: هكَّه بالسَّيف: ضَرَبه. والهَكُّ: المطَر الشديد، لأنّه يَهُكُّ الأرض(4). وانهكَّت البِئرُ: تهوَّرت.
(هل) الهاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على رَفْع صَوت، ثم يُتَوسَّع فيه فيسمَّى الشيءُ الذي يصوَّت عنده ببعض ألفاظِ الهاء واللام. ثم يشبَّه بهذا المسمَّى غيرُه فيسمَّى به.
والأصل قولهم أهَلَّ بالحجِّ: رفَعَ صوته بالتَّلبِيَة واستهلَّ الصَّبيُّ صارخاً(5): صوَّت عند وِلادِه. قال ابنُ أحمر في الإهلال:
كما يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ(6)
__________
(1) في الأصل: "وهضضته".
(2) ديوان ذي الرمة 496 واللسان (هفف) وفي الديوان: "من صدور".
(3) في الأصل: "فينتشر"، صوابه في المجمل.
(4) في الأصل: "يهتك الأرض".
(5) في الأصل: "صارخا كما"، وكلمة "كما" مقحمة.
(6) سبق البيت وتخريجه في (عمر).(6/7)
يُهِلُّ بالفَرْقدِ رُكبانُها
ويقال: انهلَّ المطرُ في شِدَّة صوبِه وصوته انهلالاً.
وأمَّا الذي يُحمَلُ على هذا للقُرْب والجِوار فالهِلالُ الذي في السَّماء، سمِّي به لإهْلاَلِ النّاس عند نظرِهم إليه مكبِّرين وداعين. ويسمَّى هلالاً أول ليلةٍ والثّانية والثالثة، ثم هو قمرٌ بعد ذلك. يقال أهَلَّ الهِلالُ واستُهِلَّ. ثم قيل على مَعنى التَّشبيه تَهَلَّلَ السَّحابُ ببرقه: تلألأ، كأنّ البرق شُبِّه بالهلال.
وممَّا حمل على التَّشبيه أيضاً الهِلال: سِنانٌ له شُعبتان. والهلالُ: الماء القليل في أسفل الرَّكِيِّ. والهِلال أيضاً: ضَربٌ من الحيَّاتِ. قال ذو الرُّمَّة:
هل
هلالٌ بدا في رمضةٍ يتقلَّبُ(1)
إليك ابتَذَلْنَا كلَّ وهمٍ كأنَّه
ويقولون: الهلال: سَلْخ الحيّة. والهِلال: طرَف الرَّحَى إذا انكسَرَ منها. ويقولون: ثوبٌ هَلْهَلٌ: سخيف النّسج، كأنَّه في رِقَّتِهِ ضوءُ الهلال. وشِعْرٌ هَلْهَلٌ: رقيق. وسمِّي امرؤ القيس بن ربيعة مُهلهِلاً لأنَّه أوَّلُ من رقّق الشِّعر(2)، وقال قومٌ: بل سمِّيَ مُهلهِلاً بقوله:
هَلْهَلْتُ أثْأَرُ جابراً أو صِنْبِلاَ(3)
لمَّا تَوَعَّرَ في الكُراعِ هجينُهم
وذلك أنَّه إذا أراد إدراكه صوَّت متدارِكاً. ويقال الهُلاهِل: الماء الكثير، وهذا لأنَّ له في جَرَيانِهِ صوتاً؛ وهو [في] الأصل هُراهِر. والهلال: ما يَضُمُّ بين حِنْوَي الرَّحْل، والجمع أهِلّة.
__________
(1) البيت في ملحقات ديوانه 662 واللسان (هلل).
(2) في الأصل: "رق الشعر"، صوابه في المجمل.
(3) سبق إنشاده في (كرع) برواية: "لما توقل": وأنشده في اللسان (هلل) وأمالي القالي (2: 291) برواية: "لما توعر" فيهما، وأشار في الأمالي إلى رواية "توقل". وأنشده الجوهري: "توغل". وفي اللسان هلل: "قال ابن بري: والذي في شعره: لما توعر، كما أوردناه عن غيره -أي غير الجوهري- وقوله لما توعر، أي أخذ في مكان وعر".(6/8)
ومما شذّ عن هذا الأصل قولهم: حَمَل فلانٌ على قِرْنه ثمَّ هَلَّل، إذا أحْجم. فأمّا قول القائل:
يظلُّ بها السَّاري يُهِلُّ وينْقَعُ(1)
وليس لها ريحٌ ولكنْ وَديقةٌ
هم
ويقال للخَيل: هَلاَ: قِرِي(2)، صوتٌ يصوَّتُ به لها.
(*هم) الهاءُ والميم: أصلٌ صحيح يدلُّ على ذَوْبٍ وجَرَيانٍ ودَبيبٍ وما أشبَهَ ذلك، ثم يقاس عليه. منه قول العرب: همَّني الشَّيءُ: أذَابَني. وانْهَمَّ الشَّحمُ: ذاب. والهاموم: الشَّحم الكثير الإهالة. والسَّحاب الهامُوم: الكثير الصَّوب. والهَموم: البئر الكثيرة الماء. قال:
* إنَّ لها قَلَيْذَماً هَمُوما(3) *
والهَميمة: المَطْرَة الخَفيفة، والرِّيح الرَّيْدانة: اللَّيّنة الهبُوب. والهَوَامّ: حشرات الأرض، سمِّيت لِهميمها، أي دَبِيبها. قال:
مدراجُ شِبثانٍ لَهُنَّ هميمُ(4)
ترى أثرَه في صَفحتَيه كأنَّه
وهمَّم في رأسه: جعَلَ أصابعَه في خِلال شعره، يجيء بها ويذهب لينام، كأنَّ أصابِعَه تَدِبُّ في خلال شعره.
ومن الباب الهِمُّ: الرّجل المُسِنّ؛ والمرأة هِمَّة، كأنهما قد ذابا من الكبر.
وأمَّا الهَمُّ الذي هو الحزن فعندنا من هذا القياس، لأنّه كأنّه لشدته يَهُمُّ، أي يذيب. والهَمُّ: ما هَمَمْتَ به، وكذلك الهِمَّة، ثم تشتقُّ من الهِمَّة: الهُمام: الملك العظيم الهِمّة. ومُهِمُّ الأمرِ: شديدُه. وأهمَّنِي: أقْلَقَني. والقياس واحد. وقولُ الكميت:
هن
__________
(1) وكذا ورد إنشاده في المجمل، وفي اللسان (هلل):
يظل بها السامي يهل وينقع
وليس بها ريح ولكن وديقة
... وفي اللسان (سما):
قليل بها السامي يهل وينقع
وليس بها ريح ولكن وديقة
(2) في الأصل: "قربى"، صوابه من المجمل واللسان. وفي المجمل: "أي قري، من الوقار".
(3) سبق إنشاده وتخريجه في (جم، مخج).
(4) لساعدة بن جؤية الهذلي في ديوان الهذليين (1: 230) واللسان (شبث، همم)، وقد سبق إنشاده في (شبث).(6/9)
بِهِمُ لا هَمَامِ لي لا هَمامِ(1)
عادلاً غيرَهُمْ من النَّاسِ طرَّاً
فإنّه يقول: لا أُهمّ بذلك ولا أفعلُه. وقد فسَّرنا معنى الهِمّة.
(هن) الهاء والنون: أصلٌ صحيح يدلُّ على جِنْس من اللَّحم، وفيه شيءٌ من الكلام الذي نَنْسبه إلى الإشكال، وإن كان علماؤنا قد تكلَّموا فيه.
فالأوّل الهَنَّةُ(2)، يقال إنَّها شحمةُ باطِنِ العين، كذا قال أبو بكر(3). والهُنَانَة: الشَّحمة. ويقال: ما بهذا البعير هانَّة، كما يقال: ما بهِ طِرْقٌ.
وأمَّا الكلام الآخر فقال الفراء: اجلس ها هُنا قَريباً، وتنحَّ ها هَنَّا، أي تباعَدْ. فأمَّا قول الأعشى:
جاءَ منها بطائف الأهوالِ(4)
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبيرة أم مَنْ
قالوا: معناه ليست جُبيرةُ حيث توهَّمْت، يوئسُه منها. وكذلك قولُ الرَّاعي:
نَعم لاتَ هَنَّا إنَّ قَلبَك مِتْيَحُ(5)
أفي أثَرِ الأظعانِ عينُك تَلمحُ
قالوا: معناه ليس الأمرُ حيث ذهبتَ. وقول الآخر(6):
* حَنَّتْ نَوارُ ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ(7) *
هوي
يقول: ليس ذا موضعَ حنين. وقوله:
* لمَّا رأيت مِحْمَلَيْها هَنَّا(8) *
أراد هاهنا. وقال ابن السِّكِّيت في قوله:
* لمَّا رأى الدّارَ خَلاءً هَنَّا(9) *
قال: بكى. يقال هَنَّ، إذا بكى. وإنما نقف في مثل هذه المشكلات حيثُ وُقِّفْنا، وإلا فما أحسب أحداً منهم لخَّصها ولا فسَّرها بعد.
__________
(1) أنشده في المجمل واللسان (همم).
(2) وكذا وردت في المجمل والجمهرة (1: 123) ولم ترد في اللسان والقاموس وفيهما بدلها "الهانة" و"الهنانة".
(3) في الجمهرة المتوضع المتقدم.
(4) ديوان الأعشى 3.
(5) أنشده في اللسان (هنن، تيح). وقد سبق في (تيح).
(6) هو شبيب بن جعيل التغلبي، كما في الخزانة (2: 158) والعيني (1: 418).
(7) عجزه:
* وبدا الذي كانت نوار أجنت *
(8) بعده في الخزانة (2: 156):
* محدرين كدت أن أجنأ *
(9) بعده في اللسان (هنن):
* وكاد أن يظهر ما أجنا *(6/10)
(باب الهاء والواو وما يثلثهما)
(هوي) الهاء والواو والياء: أصلٌ صحيح يدلُّ على خُلُوٍّ وسقوط. أصله الهواء بين الأرض والسماء، سمِّي لخلوِّه. قالوا: وكلُّ خالٍ هواء. قال الله تعالى: { وأفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } [إبراهيم 43]، أي خاليةٌ لا تَعِي شيئاً، ثمَّ قال زُهير:
من الظِّلْمان جؤجؤهُ هواءُ(1)
كأنَّ الرَّحْلَ منها فوقَ صَعلٍ
ويقال هَوَى الشّيءُ يَهوِي: سقط. وهاويةُ(2): جهنم؛ لأنَّ الكافِر يَهوِي فيها. والهاوية: كلُّ مَهْواة. والهُوَّة: الوَهدة العميقة. وأهْوَى إليه بيده ليأخذه،
هوي
كأنّه رمَى إليه بيده إذا أرسلها. وتهَاوَى القَوْمُ في المَهْواة: سقط بعضهم في إثْر بعض. ويقولون: الهَوِيُّ ذَهابٌ في انحدار، والهُوِيّ في الارتفاع. قال زُهير في الهَوِيّ:
هَوِيّ الدَّلْوِ أسلَمَها الرِّشاءُ(3)
يَشُقُّ بها الأماعِزَ فهي تَهوِي
وقال الهذَليّ في الهُوِيّ:
يَهوِي مَخارِمَها هُوِيَّ الأجدلِ(4)
وإذا رميتَ به الفِجاجَ رأيتَه
وهَوَت الطّعنةُ: فَتَحَتْ فاها تَهوِي، وهو من الهواء: الخالي. وهَوَتْ أمُّهُ: شَتْمٌ، أي سقَطَتْ وهَلَكَتْ. وَ { أُمُّهُ هَاوِيةٌ } [القارعة 9] كما يقال: ثاكلة. والمَهْوَى: بُعدُ ما بين الشَّيئينِ المنتصِبَين، حتى يقالُ ذلك لبُعْد ما بين المَنْكِبَين.
__________
(1) ديوان زهير 63 واللسان (هوا).
(2) هي اسم من أسماء جهنم، علم لها؛ ويقال لها "الهاوية" أيضاً.
(3) ديوان زهير 67 واللسان (هوا).
(4) لأبي كبير الهذلي في ديوان الهذليين (2: 94) والحماسة (1: 21).(6/11)
وأمَّا *الهوى: هَوى النَّفسِ، فمن المَعنيين جميعاً، لأنه خالٍ من كلِّ خير، ويَهوِي بصاحِبِه فيما لا ينبغي. قال الله تعالى في وصف نبيّه عليه الصلاة والسلام: { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى } [النجم 3]، يقال منه هَوِيتُ(1) أهْوَى هَوىً. وأمَّا المُهاواة فذكر أبو عمرٍو أنها الملاجَّة. وقال أبو عبيد: شدّة السَّير. وأنشد:
ولا ليلَ عِيسٍ في البُرِينَ خواضِعِ(2)
فلم تستطع مَيٌّ مَهاوَاتنا السُّرَى
هوب - هوت - هوج - هود
والذي قاله فصيح: أمَّا المُلاجَّة فلأنَّ كلَّ واحدٍ منها يحبُّ هَوَى صاحِبه. وأمَّا السَّير فلِمَا في ذلك من التَّرامِي بالأبدان عند السَّير.
(هوب) الهاء والواو والباء: ليس بأصلٍ جيّد، لكنهم يقولون: الهَوْب: المُخَلِّط. وحكى ابن دريد في طرائفه(3) أصابني هَوْب النار: وهَجها(4).
(هوت) الهاء والواو والتاء: قريبٌ من الذي قبلَه. يقولون: الهَوْتة(5): الطَّريقُ إلى الماء. وصَبَّ الله عليه الهَوْتَةَ والمَوْتة، شتمٌ، قاله الخليل.
(هوج) الهاء والواو والجيم: كلمةٌ تدلُّ على تسرُّعٍ وتعسُّف. يقولون: الأهوج: الرَّجلُ المتسرِّع. والهوجاء: النَّاقة السريعة، كأنَّ بها هَوَجا. والهوجاء: الرِّيح التي تقلَع البُيوت. وقال أبو بكر(6): وقد تَهُبُّ في وجهٍ واحد هبوباً متدارِكا. ويقولون: الهاجَةُ: الضِّفدِعة.
__________
(1) في الأصل: "هويت منه".
(2) لذي الرمة في اللسان (هوا) والمخصص (7: 106). وهو بهذه الرواية ليس في ديوانه. وفي اللسان أيضاً عن التهذيب: "في البرين سوام"، وهي رواية الديوان 602.
(3) الجمهرة (1: 332).
(4) في الأصل: "وهيجها"، صوابه في المجمل والجمهرة. ونص الجمهرة: "والهوب: اشتعال النار ووهجها، لغة يمانية".
(5) ويقال بفتح الهاء وضمها، كما في اللسان.
(6) الجمهرة (3: 119).(6/12)
(هود) الهاء والواو والدال: أصلٌ يدلُّ على إرْوادٍ وسُكون. يقولون: [التَّهويد(1)]: المَشْيُ(2) الرُّوَيْد. ويقولون: هَوَّدَ، إذا نامَ. وهَوَّد الشَّرابُ نَفْسَ الشاربِ، إذا خَثَرت له نَفْسُه. والهَوَادَة: الحالُ تُرجَى معها السَّلامةُ بين القوم.
هوذ - هور - هوس
والمُهَاودة: المُوادَعَة(3). فأمَّا اليَهود فمِن هاد يَهُودُ، إذا تاب هَوْدَاً. وسُمُّوا به لأنَّهم تابُوا عن عبادة العجل. وفي القرآن: { إنَّا هُدْنا إلَيْكَ } [ الأعراف 156]، وفي التَّوبةِ هوادةُ حالٍ وسلامةٌ.
(هوذ) الهاء والواو والذال: كلمةٌ واحدة، هي هَوْذَةُ: القَطاةُ، وبها سمِّي الرجل هَوْذَة.
(هور) الهاء والواو والراء: أصلٌ يدلُّ على تساقُطِ شيء. منه تَهَوَّرَ البِناء: انهَدَم. وتهوّر اللّيلُ: انكسَرَ ظلامُه، كأنَّه تهدَّم ومرَّ. وتهوَّرَ الشِّتاء: ذهبَ أشدُّهُ. ويقولون للقطيع من الغَنم: هَوْرٌ؛ وهو صحِيحٌ لأنَّه مِن كثرته يتساقط بعضُه على بعض.
ومما شذَّ عن الباب قولهم: هُرْتُ فلاناً بكذا أهُورهُ: أزْنَنْتُه به. قال:
* رأى أنَّني لا بالكثير أهُوره(4) *
(هوس) الهاء والواو والسين: كلمةٌ تدلُّ على طَوَفَانٍ ومَجيءٍ وذَهاب في مثلِ الحَيرة. فالهَوْس: الطَّوَفَانُ؛ وكلُّ طلبٍ في جُرأة هَوْس. ويقال أسَدٌ هَوَّاس. وباتَت [الإبلُ(5)] اللَّيلَ تَهُوس: تَسرِي.
ومن المحمول على هذا الهَوْس: شِدّة الأكل. يقال: أكُولٌ(6) هَوَّاس.
هوش - هوع - هوف
ومن الباب ناقَةٌ هَوِسَةٌ: ضعيفة، وهي إذا كانت كذا حارت. ومنه قولهم به هَوَسٌ.
__________
(1) التكملة من اللسان.
(2) في الأصل: "والشيء"، صوابه في اللسان.
(3) في المجمل: "المواعدة"، تحريف.
(4) لأبي مالك بن نويرة يصف فرسه، كما في اللسان (هور). وعجزه:
* ولا هو عني في المواساة ظاهر *
(5) التكملة في المجمل.
(6) في الأصل: "أكل"، تحريف. وفي المجمل: "والهواس: الأكول".(6/13)
(هوش) الهاء والواو والشين: أُصَيلٌ يدلُّ على اختلاطٍ وشِبهه. منه هَوَّشُوا: اختَلَطوا. وهَاشت الخيلُ في الغارة. والمَهَاوش في الحديث(1) من هذا. ويقال: هَوَّشَت الرِّيحُ بالتُّراب: جاءت به ألواناً. ومنه الهَوش: العدد الكثير. وتَهَوَّشَ القوم على فُلانٍ: تَغَاوَوْا عليه.
وشذَّ عنه الهَوَش، يقال إنَّه صِغَر البَطْن. قال:
* قد هَوِشَتْ بطونُها واحقَوقَفَتْ(2) *
وهم مُتَهاوِشُون، أي مختلِطُون.
(هوع) الهاء والواو والعين: كلمتان: الهَوْع: سُوء الحِرص. يقال رجلٌ هَاعٌ.
والكلمة الأخرى: الهُوَاع: القَيء. يقال: هَاعَ يَهُوع وتَهَوَّع. قال الخليل: لأُهَوِّعَنَّه ما أكَل، أي لأستخرِجنَّ من حَلْقِه ما أكَلَ.
(هوف) الهاء والواو والفاء: كلمةٌ واحدة تدلّ على خِفّة. يقال الهُوفُ(3): الرِّيح تأتي من قِبَلِ اليمن. قالت *أمُّ تأبَّطَ شراً تؤبِّنُه: "ما هو بِهُلفوف، تلفُّه هُوف" وبذلك يشبَّه الأحمق، فيقال له هُوف. قال أبو بكر(4): ورجلٌ هُوفٌ،
هوك - هول
إذا كان خاوياً لا خَيرَ عنده.
(هوك) الهاء والواو والكاف: كلمةٌ تدلُّ على حُمقٍ ووقوع في الشيء على غير بصيرة. فالهَوَك: الحُمْق. وتهوَّكَ الرجلُ: وقع في الشَّيء. وفي الحديث: "أمُتَهوِّكُون أنتم كما تهوَّكَت اليهودُ والنَّصارى(5)".
(هول) الهاء والواو واللام: كلمتانِ تدلُّ إحداهما على مخافةٍ، والأخرى على تحسينٍ وزِينة.
__________
(1) هو حديث: "من اكتسب مالاً من مهاوش أذهبه الله في نهابر".
(2) أنشده في اللسان (هوش).
(3) استظهر في اللسان أن يكون من مادة (هيف).
(4) الجمهرة (3: 162).
(5) هو حديث عمر بن الخطاب قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا أفترى أن نكتبها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم...".(6/14)
فالأولى: الهَوْل، وهي المخافة. وهالَنِي الشَّيءُ يهُولُني. ومكانٌ مَهالٌ: ذو هَوْل. قال الهذلي(1):
مهاوِيَ خَرق مَهَابٍ مَهَالِ
أجاز إليْنا على بُعده
والتَّهاويل: ما هالَكَ من شيء. وهَوَّلُوا على الرّجل: حَلَّفوه عند نارٍ يهوِّلون بها عليه. قال أوس:
* كما صَدَّ عن نارِ المُهَوِّل حالِفُ(2) *
والأخرى قولهم لزِينة الوَشْيِ: تَهَاويل. ويقال هَوَّلَتِ المرأةُ: تزيَّنت بحَلْيها.
هوم - هون - هوه
(هوم) الهاء والواو والميم كلمة. يقولون: هَوَّمَ الرَّجُل، إذا هزَّ رأسَه من النُّعاس. وقد هَوَّمْنا. قال:
* ما تَطعم العينُ نوماً غيرَ تَهويمِ(3) *
(هون) الهاء والواو والنون أُصَيلٌ يدلُّ على سكون أو سكينة(4) أو ذلّ. من ذلك الهَوْن: السَّكينة والوَقار. قال الله سبحانه: { يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً } [الفرقان 63]. والهُون: الهَوان. قال عزّ وجلّ: { أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ } [النحل 59]. والهَاوُون لِلذي يُدقُّ به عربيٌّ صحيح، كأنّه فاعول من الهَوْن.
(هوه) الهاء والواو والهاء. يقولون: الهَوْهَاء(5): الأحمق. ويقولون: الهواهِي: الباطل. قال ابنُ أحمر:
إليَّ وما يُجْدُونَ إلاّ الهَواهِيا(6)
في كل يوم يَدْعُوانِ أطِبَّةً
__________
(1) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 172) واللسان (هيب، هول).
(2) صدره كما في ديوان أوس 16 واللسان (هول) والبيان (3: 7) وأيمان العرب للنجيرمي 31:
* إذا استقبلته الشمس صد بوجهه *
(3) للفرزدق في ديوانه 747 واللسان (هوم، شفه) وصدره:
* عاري الأشاجع مشفوه أخو قنص *
ما تطعم العين، أي عينه، أو العين منه. ورواية الديوان:
فما ينام بحير غير تهويم
عاري الأشاجع مسعور أخو قنص
(4) في الأصل: "أما سكينة".
(5) الهوهاء هنا بالهمزة وفي المجمل بالهاء في آخره، وهما لغتان، كما في اللسان.
(6) البيت في اللسان (هوه). والأطبة: جمع طبيب جمع قلة.(6/15)
قال الخليل: وبئرٌ هوهاءُ، على زنة حمراءَ: كثيرةُ الماء.
هيأ - هيب - هيت
(باب الهاء والياء وما يثلثهما)
(هيأ) الهاء والياء والألف كلمةٌ تأتي وهاؤها زائدة. يقال: هَيَا، والمرادُ: يا. قال الشاعر:
ويقولُ مِن طربٍ هَيَا ربَّا(1)
فَيُصِيخُ يرجُو أنْ يكونَ حَياً
(هيب) الهاء والياء والباء كلمةُ إجلالٍ ومخافة. من ذلك هابَه يَهابُه هَيْبةً. ورجلٌ هَيُوبٌ: يَهاب كلَّ شيء. وهَيُوبٌ: مَهِيبٌ(2). وقولهم: "الإيمانُ هَيوبٌ"، قال قوم: مَهيبٌ، وقال قوم: إنَّ المؤمنَ يَهاب الانقِحامَ فيما يسرِعُ إليه غيرُه. وتهيَّبْت الشَّيءَ: خِفتُه. وتَهَيَّبنِي الشَّيءُ، كأنَّه أخافَني. قال:
* ولاَ تَهَيَّبُني المَوْماةُ أركبُها(3) *
والهَيَّبانُ: الجَبَان. وأمّا قولهم: أهابَ بِهِ، إذا صاح به، يُهيبُ كما يُهيب الرّاعِي بغنمِه لتقِفَ أو تَرجِع، فهو من القياس، لأنَّه كأنَّه يُفْزِعه.
ومما ليس من الباب ولا أعلم كيفَ صِحّتُه، قولُهم: الهَيَّبَان: لُغَامُ البَعير.
(هيت) الهاء والياء والتاء كلمةٌ تدلُّ على الصَّيحة. يقولون: هيَّتَ به، إذا صاح. قال:
هيج - هيد
* لو كانَ مَعْنِيَّا بِها لَهَيَّتا(4) *
ويقولون في معنى هَيْت لك: هَلُمَّ.
__________
(1) في الأصل: "فيصيح" بالحاء المهملة. ورواية القالي (1: 84) والبيان (1: 283): "فأصاح". وقبله:
راعي سنين تتابعت جدبا
وحديثها كالقطر يسمعه
(2) في الأصل: "ومهيب" صوابه في المجمل.
(3) لابن مقبل، في اللسان (هيب). وعجزه:
* إذا تجاوبت الأصداء بالسحر *
(4) في الأصل: "معينا لهيتا"، وتصحيحه وإكماله من اللسان (سكت، هيت) والمخصص (2: 134) لكن في (هيت): "معنيا بها". وقبله في اللسان والمخصص (2: 134، 146):
* قد رابني أن الكرى أسكتا *(6/16)
(هيج) الهاء والياء والجيم أصلان صحيحان: أحدهما يدلُّ على ثَوَران شيء، والآخر على يُبْس نَبَات. فالأوّل: هاجَ الفحلُ هَيْجاً وهِياجاً. وكذلك الدَّم: والهَيْجاء تمدُّ وتقصر. وهِجت(1) الشَّرَّ وهيَّجْته. وهيَّجْتُ النّاقَة فانبعثَتْ. ويقال للنَّاقةِ النَّزوع إلى وَطَنِها: مِهياج.
والآخَر قولهم: هاجَ البقلُ، إذا اصفرَّ ليَيْبَس. وأرضٌ هائجة: يَبِس بقلُها. وأهْيَجْتُ الأرضَ: صادفتُ نباتَها هائجاً قد ذَوَى. قال رؤبة:
* وَأهْيَجَ الخَلصَاءَ من ذات البُرَقْ(2) *
(هيد) الهاء والياء والدال. الأصل الذي ينقاسُ منه التَّحريك والإزعاج وباقي ذلك ممَّا لا يُعرَف قِياسه.
فالأول قولهم: هِدْتُ الشَّيءَ حرّكته، هَيْداً. وهَادَني يَهِيدُني: كرَثَني(3) وأزعجَني. يقولون: لا يَهِيدَنَّكَ. والهيْدَان: الجبان: كأنَّهُ يُزعِجُه كلُّ شيء. *وهِيد(4): كلمةٌ تقال عند سَوْقِ الإبل. ويقال: هَيَّدَ في [السَّيْر(5)]: أسرَعَ.
هيس - هيش - هيض - هيط
وأمَّا الحديث في ذكر مسجِد رسول الله عليه الصلاة والسلام: "هِدْهُ" أي أصْلِحْه، قالوا: ولا يكونُ ذلك إلاَّ بعد الهَدْم. ومعنى هذا أنّ اليَبابَ كانَ هادماً فلمّا بُنِيَ كأنَّهُ أُحْيِيَ.
وأمَّا الذي يُشكِل قياسُه، وهو عندنا من الكلامِ الذي درَسَ عِلمُه قولُهم: هَيْدَ مالَكَ، وأكْثرُ ما قيل في ذلك: ما أمرُك، ما شأنك؟ وأنشدوا:
ومَرِّ طَيْفٍ على الأهْوالِ طَرَّاقِ(6)
يا هَيْدَِ مالَكَ من شوقٍ وإيراقِ
(هيس) الهاء والياء والسين. يقولون: الهَيْسُ: السَّيْرُ. قال:
__________
(1) في الأصل: "وهيجت".
(2) ديوان رؤبة 105 واللسان (هيج).
(3) وكذا في المجمل. وفي اللسان: (كربني).
(4) يقال بالفتح، وبالكسر، وبفتح أوله مع كسر الدال، وكذا هاد.
(5) التكملة من المجمل.
(6) لتأبط شراً، وهو أول بيت في المفضليات، وأنشده في اللسان (هيد، عيد) إذ يروى أيضاً: "يا عيد مالك".(6/17)
* إحدَى لياليكِ فهِيسِي هِيسِي(1) *
(هيش) الهاء والياء والشين. الهَيْش: الحَلْب الرُّوَيْد. والهَيْش: الحركة. قال: وهاشَ في القَوم يَهِيش: أفْسَدَ وعاثَ.
(هيض) الهاء والياء والضاد كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على كَسرِ شيءٍ، وما أشبَهَه. يقال: هاضَ عَظْمَه: كَسَرَه بعد الجَبْر. وكذا هِيضَ الإنسانُ: نُكِسَ في مرضه بعد البُرْء. وفي حديث أبي بكر: "إنَّ هذا يَهِيضُكَ(2)".
(هيط) الهاء والياء والطاء كلمتانِ: إحداهما [الهِيَاط(3)]: الصِّياح، والأخرى كلمةٌ حكاها الفَرّاء: تَهايَطَ القومُ: اجتَمَعُوا لإصلاحِ ما بينَهُم.
هيع - هيغ - هيف
(هيع) الهاء والياء والعين كلمةٌ واحدة، وهي الهَيْعة: الصَّوْت الذي يُفْزَع منه ويُخاف. يقال: رجلٌ هاعٌ وهائِع. وفي الحديث: "كلما سمعَ هَيْعَةً طار إليها". وقد هاعَ يَهِيعُ. قال الطرِمَّاحُ:
إذا جعلَتْ خُور الرِّجال تهِيعُ(4)
أنا ابنُ حماةِ المجدِ مِنْ آلِ مالكٍ
أي تجْبُن.
ويحتمل أنَّ أصلَ الباب الانبساط والاسترسال. والمَهْيَعُ: الطَّرِيق الواسع الواضح. والهَيْعة: سَيَلان الشّيء المصبوب على وَجْه الأرض، أي يَنْبَسط. قال الخليل: وأرض هَيْعة: واسعةٌ مبسوطة. متهيِّع: حائر هائع. وكلُّ ذلك من ذلك الأصل.
(هيغ) الهاء والياء والغين كلمةٌ تدلُّ على رَغَد ونَعْمةِ عيش. يقال إن الأهْيَغَ: أرغَد العيشِ. ويقولون: الأهْيَغانِ: الأكلُ والنِّكاح. ويقال: هيَّغْتُ الثَّرِيدةَ: أكْثَرْتُ وَدَكَها. قال:
* يَغْمِسْنَ مُن غَمَسْنَهُ في الأهْيَغِ(5) *
__________
(1) اللسان (هيس) ومجالس ثعلب 293 والمخصص (7: 113).
(2) وكذا في المجمل. وهو مغاير لما في اللسان (هيض).
(3) التكملة من المجمل.
(4) ديوان الطرماح 154 واللسان (خور، هيع). وقد سبق البيت محرفاً في أصله بمادة (خور) وجاء هنا في أصله على الصواب.
(5) لرؤبة في ديوانه 97 واللسان (هيغ).(6/18)
(هيف) الهاء والياء والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على حرارةٍ وعطش، ثم يستعار ذلك. فالهَيْف: ريحٌ حارَّة تجيء في قُبُل الصَّيف، تُعطِش المالَ وتُوبِسُ الرُّطْبَ. ورجلٌ مِهيافٌ: لا يصبِرُ عن الماء. وأهَافُوا: عَطِشت إبلُهم. واستُعِير
هيق - هيل - هيم - هين
فقِيل لمَن دقَّ خَصْره: أهْيَف، كأنَّ ثَمَّ عطَشا؛ والجمع هِيفٌ. وفَرَسٌ هَيْفاء: ضامرة.
(هيق) الهاء والياء والقاف كلمة واحدة، وهي الهَيْق: الظَّليم، ويقال لكلِّ طويلٍ دقيقٍ: هَيْقٌ، تشبيهاً.
(هيل) الهاء والياء واللام كلمةٌ واحدةٌ تَدُلُّ على دَفْعِ شيء يمكن كَيْلُه دفعاً من غير كَيْل. وهِلْتُ الطَّعامَ أهِيلُه هَيْلاً: أرسَلْتُه. قال الله سبحانه:
{ وَكَانَتِ الجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً } [المزمل 14]. ومنه قولُهم: "جاءَ بالهَيْل والهَيْلُمَان"، أي الشَّيء الكثير.
(هيم) الهاء والياء والميم كلمةٌ تدلُّ على عطشٍ شديد. فالهَيَمان: العَطَش. والهِيمُ: الإبل العِطاش، والهِيمُ: الرِّمال التي تَبْتَلِع الماء. والهُيام: داءٌ يأخذُ
الإبلَ عند عطَشِها فتَهِيم في الأرض لا تَرعَوِي. وبه سمِّي العاشق الهَيْمانَ،
كأنَّه جُنَّ من العِشْق فذَهَب على وجهه [على] غير قصد. والهَيْماء: المَفازَةُ لا ماءَ بها.
(هين) الهاء والياء والنون: الهَيْن: الأمر الهيِّن، وهو من الواو، وقد مرَّ.
هال - هام - هبت
(باب الهاء والألف وما يثلثهما)
ولا تكون الألف إلا مبدَلة
([هال]) الهالَةُ: دائرةُ القَمَر حَوْلَه.(6/19)
(هام) الهاء والألف والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على عُلُوٍّ في بعض الأعضاء، ثم يستعار. فالهامة: الرَّأْس، والجمع هامٌ وهامات. وسيِّد* القومِ: هامةٌ، على معنى التَّشبيه. وأمَّا الهامَة في الطَّير فليست في الحقيقة طيراً، إنما هو شيءٌ كما كانت العرب تقوله، كانوا يقولون: إنَّ رُوحَ القَتيل الذي لا يُدرَك بثأره تَصِيرُ هامةً فتَزْقُو تقول: اسقوني، اسقُوني! فإذا أُدْرِكَ بثأره طارت. وهو الذي أراده جريرٌ بقوله:
ونَفَّرَ طيراً عن جُعَادة وُقَّعا(1)
ومِنَّا الذي أبْلَى صُدَيَّ بنَ مالكٍ
يقول: [قَتَل(2)] قاتلَه فنفَّرَ الهامة عن قبره.
(باب الهاء والباء وما يثلثهما)
(هبت) الهاء والباء والتاء كلمةٌ تدلُّ على ضَربٍ متتابع. وهُبِتَ الرَّجُل يُهْبَتُ. وفلانٌ مهبوتٌ، أي لا عقلَ له، ثمَّ سمِّي الجبانُ الضَّعيف هَبيتاً، كأنه قد هُبِتَ. قال طَرَفة:
هبث - هبج - هبخ - هبد - هبذ - هبر
والثبيتُ ثَبْتُهُ فَهَمُه(3)
فالهَبِيتُ لا فؤادَ له
(هبث) الهاء والباء والثاء. يقولون: الهَبْث: الحَركة(4).
(هبج) الهاء والباء والجيم كلمةٌ تدلُّ على تورُّمٍ وثِقَل. وهَبِجت النّاقة هَبَجا: وَرِمَ ضَرعها. ولذلك يُقال للثَّقيل النَّفْس مُهَبَّج. وهَبَجَه بالعَصَا: ضَرَبه. ومما شذَّ عن هذا الهَوْبَجة، وهي خَبْرَاءُ في مكانٍ غير قَعِير، فلا يلبثُ ماؤها أن يَنْضُب.
(هبخ) الهاء والباء والخاء. الهَبَيَّخَة: الجارية تمشِي مُتَبَخْتِرَة.
(هبد) الهاء والباء والدال الهَبيد: حبُّ الحنظل. والتَّهَبُّد: أخْذُه وإصلاحه. وخرجُوا يتهبَّدُون.
__________
(1) ديوان جرير 340 والمجمل.
(2) التكملة من المجمل.
(3) سبق البيت بهذه الرواية أيضاً في (ثبت)، وهي رواية الديوان 19. ويروى: "قلبه قيمه"، كما في شرح الديوان واللسان (ثبت، هبت).
(4) وكذا ورد في المجمل. ولم يرد في معجم من المعاجم المتداولة.(6/20)
(هبذ) الهاء والباء والذال كلمةٌ واحدة، معناها السُّرعة. قال الخليل: المُهابَذَة: السُّرعة. وقال ابن دُرَيد(1): الهَبْذ: سُرْعة في المشي. ومَرَّ يَهْبُِذُ هَبْذاً، واهتبذَ اهتباذاً.
(هبر) الهاء والباء والراء: كلمتان: إحداهما قطعٌ في الشّيء وتقطُّع، والأخرى صفةُ مكان.
هبز - هبش - هبص
فالأولى: الهَبْر: قَطْع اللَّحم. والهَبْرة: البَضعَة منه. يقال هَبَرتُ له هَبْرةً. وناقةٌ هَبْراء وهَبِرَة: كثيرةُ اللَّحم. والهَوْبَر: الذي تَقَرَّدَ شَعَْرُه، كأنّه قد تقطَّعَ قِطعاً مجتمعة. ومن ذلك الهِبْرِيَة: ما كانَ في أسفل الشَّعر مثلَ النُّخالة، سمِّي بذلك لأنّه متقطِّع. وسيف هَبَّارٌ(2) وهابرٌ: ينتسِفُ القِطعةَ من اللَّحم فيَطرحُها.
وأمَّا الكلمة الأخرى فالهَبير(3): مطمئِنٌّ من الأرض. ويقال الهُبُور: الصُّخور بينَ الرَّوابي(4) أو الصُّخورُ، أنا أشُكُّ في ذلك. وكلمةٌ يقولونها ما أدرِي ما أصْلُها. يقولون: "لا آتِيكَ هُبَيْرةَ بنَ سعدٍ" أي أبداً(5).
(هبز) الهاء والباء والزاء. ذكَرُوا عن أبي زَيد: هَبَزَ: ماتَ.
(هبش) الهاء والباء والشين: كلمةٌ واحدة. يقال هو يَتهَبَّش، أيْ يتكسَّب. والهُبَاشَة: الكَسْب. قال:
لِصِبْيَةٍ كأفْرُخ العُشوشِ(6)
لولا هُباشاتٌ من التَّهبِيش
وهو يتهَبَّش لأهلِه.
(هبص) الهاء والباء والصاد: كلمةٌ واحدة. الهَبَص: النَّشاط. رجلٌ هَبِصٌ. قال:
هبط - هبع - هبغ - هبل
__________
(1) في الجمهرة (1: 53).
(2) في الأصل: "هبا".
(3) والهبر أيضاً بفتح الهاء وسكون الباء بعدها. وأنشد لعدي:
والهبر يورق نبتها روادها
فترى محانيه التي تسق الثرى
(4) في الأصل: "من الروابي"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) انظر تفسير المثل في اللسان وكتب الأمثال.
(6) لرؤبة في ديوانه 78 واللسان (هبش).(6/21)
كذَنَب الذِّيب يُعَدِّي هَبِصا(1)
مَرَّ وأعطانِي رشاءً مَلِصا(2)
(هبط) الهاء والباء والطاء: كلمةٌ تدلُّ على انحدار. وهَبَط هُبوطاً. والهَبُوط: الحُدور. وهَبَطتُ أنا وهَبَطْتُ غيرِي، وهَبَط المرضُ لحمَ العَليل. والهَبِيط: الضَّامر من الإبل.
(هبع) الهاء والباء والعين: كلمةٌ تدل على ضربٍ من المَشْي(3). وهَبَع هُبوعاً: مَشَى مَشْيَ حمارٍ بليد. ويقال هو مَدُّ العُنق في المَشْي. والهُبَع: الفَصيل يُنْتَجُ حَمَارَّةَ القَيظ(4)، سمِّي هُبَعاً لأنّه إذا مشى هَبَع، أي استعانَ بعُنُقه.
(هبغ) الهاء والباء والغين. هَبَغَ هُبُوغاً: نامَ.
(هبل) الهام والباء واللام: فيه ثلاث كلمات، تدلُّ إحداها على ثُكْلٍ، والأخرى على ثِقَل، والثالثة على اغترارٍ وتغفُّل.
الأولى الهَبَل: الثُّكْل، يقال: لأمِّه الهَبَل. قال:
ما يشتهي ولأُمِّ المخطِئِ الهَبَلُ(5)
النَّاسُ مَنْ يلقَ خيراً قائلونَ له
والهَبُول من النِّساء: التي لا يَبقى لها ولد.
والثانية المُهبَّل: الرّجُل *الثَّقيل الكثير اللَّحم. قال:
هبو
حُبُكَ النِّطاقِ فشَبَّ غَيْرَ مهَبَّلِ(6)
مِمَّنْ حَمَلْنَ به وهنَّ عَواقِدٌ
__________
(1) في إصلاح المنطق 460 واللسان (هبص): "فر" بالفاء. وفي إصلاح المنطق أيضاً: "وأنطاني"، وهي لغة في "أعطاني" لأهل اليمن. وقد قرئ: "إنا أنطيناك الكوثر".
(2) وكذا في المجمل وإصلاح المنطق. وفي اللسان: "الهبصى".
(3) في الأصل: "الشيء".
(4) في المجمل واللسان: "في حمارة القيظ".
(5) للقطامي في ديوانه ص2 والشعر والشعراء 168، 704.
(6) البيت لأبي كبير الهذلي، في ديوان الهذليين (2: 92) والحماسة (1: 19) والخزانة (3: 466). ورواية الديوان: "مما حملن به". وأنشده في اللسان (هبل).(6/22)
والهِبِلُ(1): الشَّيخ الكَبير، والظَّليم المُسِنّ.
والثالثة قولهم: اهْتَبَلَ الغِرّة، إذا افتَرَصَها. والهَبَّال: الصَّيَّاد يَهتَبِل الصَّيد يَغترُّه، ولذلك سمِّي الذِّئب هِبِلاًّ، لأنّه يَحتَالُ لصيده ويَهتَبِله.
وأمَّا المَهْبِل فمستقَرُّ الولَد من الرّحِم، وهو عندنا من باب الإبدال، وهو في ذلك أصله(2) مَحْبِل.
(هبو) الهاء والباء والحرف المعتلّ: كلمةٌ تدلُّ على غَبَرة ورقَّة فيها.
منه الهَبْوَة: الغَبَرة. وهبا الغُبارُ يَهبو فهو هابٍ: سَطع. والهَبَاء: دُقاق التُّراب. قال:
دعَتْه إلى هابِي الترابِ عقيم(3)
تَزَوَّد منا بينَ أذْناهُ ضَربةً
وهَبَا الرَّمادُ: اختلَطَ بالتُّراب وهَمَد. والشَّيءُ المنبثُّ الذي تراه في ضَوء الشمس: هَباءٌ.
هتر - هتع - هتف - هتك
(باب الهاء والتاء وما يثلثهما)
(هتر) الهاء والتاء والراء: أُصَيل يدلُّ على باطلٍ وسَيِّئٍ من القول، وأُهْتِرَ الرّجُل: خَرِف من الكِبَر. ومعنى هذا [أنّه] يتكلّم بالهِتْرِ، وهو السَّقَط من القَول. والأصل فيه هذا، ثمَّ يقال رجل مُستَهْتِرٌ: لا يُبالِي ما قِيلَ له، أي كلُّ الكلامِ عنده ساقط. وتَهاتَرَ الرّجُلانِ ادّعى كلُّ واحدٍ منهما على صاحبه باطلاً. وهَتَرَه: مزَّقَ عِرضَه بباطلٍ هَتْراً، وهتَّره تهتيراً أيضاً. وقولهم للدَّاهية والأمر العَجَب: هِتْرٌ، هو من الإبدال، والأصل هِكْرٌ، وقد ذكرناه.
(هتع) الهاء والتاء والعين. قال أبو بكر(4): هَتَع الرجلُ إلينا: أقبلَ، مثل هَطع، إذا أقْبَلَ مسرعاً.
__________
(1) كذا ضبط في المجمل، وضبطه بالحرف في القاموس "كإبل". ثم قال: "وكطمر وهجف: الرجل العظيم أو الطويل". وقد ضبط "الهبل" بمعنى المسن من الرجال والنعام، في اللسان بتشديد اللام.
(2) في الأصل: "أصل".
(3) لهوبر الحارثي، كما في اللسان (هبا). وانظر ما سبق من التحقيق في حواشي (عقم) حيث أنشد البيت.
(4) في الجمهرة (1: 22).(6/23)
(هتف) الهاء والتاء والفاء: كلمة واحدة، هي الهَتْف: الصَّوت.
وهَتَفَت الحمامةُ: صوَّتَتْ تَهتِف. وقَوسٌ هَتَّافةٌ وهَتْفَى هُتافاً: ذاتُ صوت. قال الهذليّ(1):
ـنِ زَوْراءَ مضجَعةٍ في الشِّمالِ
عَلَى عَُِجْسٍ هَتَّافةِ المِذْرَوَيـ
(هتك) الهاء والتاء والكاف: أصلٌ يدلُّ على شَقٍّ في شَيء. والهَتْك: شَقُّ السِّتر عمَّا وراءَه. وهُتِكَ عَرشُ فلانٍ: هُدَّ وشُقّ. وسِرنا هُتْكةً من اللَّيل، أي ساعةً. وهاتَكْناها: سِرْنا في دُجاها. والمعنى أنَّا شَقَقْنا الظَّلام.
هتل - هتم - هتن - هتي - هثم
(هتل) الهاء والتاء واللام كلمةٌ واحدة. هَتَلَتِ السَّماء: هَطَلَت: وسحائب هُتَّلٌ وهُطّل.
(هتم) الهاء والتاء والميم: كلمةٌ تدلُّ على كسرِ شيء. يقال: هَتَمْتُ الشَّيءَ. والهُتامة: ما تهتَّمَ من شيءٍ. والهَتْمُ: كَسْر الثَّنَايا من أصلها؛ ورجلٌ أهتَم.
(هتن) الهاء والتاء والنون كلمةٌ واحدة. هتَنَتِ السَّماء هَتْناً وهُتُوناً، مثل هتلَتْ.
(هتي) الهاء والتاء والحرف المعتلّ. يقولون: المُهاتاةُ كالمعاطاة. يقال: هاتِ، أي أعْطِ، فتقول: ما أُهاتِيكَ، أي لا أُعْطِيك.
***
فإذا هُمِز تغير المعنى. تقول تَهَتَّأَ الثوب: خَلُق، وهي هذه وحدها. قال أبو بكر: وهتأ الشّيءَ يهتأ، إذا كَسَرَهُ وطْئاً برجله.
(باب الهاء والثاء وما يثلثهما)
(هثم) الهاء والثاء والميم ليس في هذا الباب عندنا إلاَّ الهَيْثَم، يقال: هو فَرْخ العُقَاب. ويقال الهَيْثم: الكَثِيب الأحمر. وحكي عن ابن الأعرابي: هَثَم من
هجد - هجر
مالِهِ، مثل قَسَم، وقد مَرّ. وقال ابن دريد(2) الهَثم: دقُّ الشَّيء حتى يَنسَحِق، وهثمتُه(3) أَهْثِمه.
(باب الهاء والجيم وما يثلثهما)
__________
(1) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي. ديوان الهذليين (2: 185).
(2) في الجمهرة (2: 52).
(3) في الأصل: "وهثمه".(6/24)
(هجد) الهاء والجيم والدال أُصَيْلٌ يدلُّ على ركودٍ في مكان. يقال: هَجَد، إذا نامَ هُجُوداً. والهاجد: النَّائم؛ وإن صلَّى ليلاً فهو متهجِّد، كأنَّه بصلاته تركَ الهجودَ عنه. وهذا قياسٌ مستعمَل، كما يقال رجلٌ آثم؛ فإذا كَرِهَ الإثمَ وانتَفَى منه قيل متأثِّم. والعرب تقول: أهْجَدَ البعيرُ: ألقَى جِرانَهُ بالأرض.
(هجر) الهاء والجيم* والراء أصلانِ يدلُّ أحدهما على قطيعةٍ وقَطْع، والآخر على شَدِّ(1) شيءٍ ورَبْطِه.
فالأوَّل الهَجْر: ضِدُّ الوصل. وكذلك الهِجْران. وهاجَرَ القومُ مِن دارٍ إلى دارٍ: تَرَكُوا الأولى للثانية، كما فَعَل المهاجِرُون حين هاجروا(2) من مكة إلى المدينة. وتهجَّر الرَّجلُ وتمَهْجَر: تشبَّه بالمهاجِرين. وفي الحديث: هاجِرُوا ولا تَهَجَّرُوا"، أي كونُوا منهم. و[قيل] لا يقال تَمَهْجَرُوا، والأوَّل أصوب عندنا. والهَجْر والهَجِير(3) والهاجِرَة: نصفُ النّهارِ عند اشتداد الحرّ. وهَجَّرُوا: سارُوا في
هجر
ذلك الوقت. وسمِّيت هاجرةً لأنَّ الناس يَسْتَكِنُّون في بيوتهم، كأنَّهم قد تَهاجَروا. والهَجِير: يَبيس النَّبْتِ(4) الذي كَسرته الماشية، وسمِّي لأنَّ الراعِيَ يهجره(5). قال:
من النَّبْتِ إلاّ يَُبْسُها وهَجِيرُها(6)
ولم يَبْقَ بالخَلصاءِ مِمَّا عَنَتْ
ومن الباب الهُجْر: الهَذَيان. يقال هَجَرَ الرّجلُ. والهُجْر: الإفحاش في المَنْطِق، يقال: أهْجَرَ الرّجُل في مَنْطِقه. قال:
عليها كلاماً جارَ فيه وأهْجَرا(7)
__________
(1) في الأصل: "أشد".
(2) في الأصل: "هجرا".
(3) والهجيرة أيضاً بالهاء.
(4) في الأصل: "المنبت".
(5) في الأصل: "تهجره".
(6) لذي الرمة في ديوانه 305 واللسان (هجر، عنا) وقد سبق في (عني). واليبس بمعنى اليابس، يقال بفتح الياء وضمها.
(7) للشماخ في ديوانه 28 والمجمل واللسان (هجر). وانفرد الديوان برواية: "ممجدة الأعراق" وفي رواية ابن بري: "مبرأة الأخلاق".(6/25)
كما جدةِ الأعراقِ قال ابنُ ضَرَّةٍ
ورماه بالهاجراتِ، وهي الفضائح، وسمِّي هذا كلُّه لأنّه من المهجور الذي لا خَيرَ فيه. ويقولون: هذا شيء هَجْرٌ، أي لا نظير له، كأنَّه من جَودته ومباينته الأشياءَ قد هَجَرها. ويقولون: هذا أهْجَرُ من هذا، أي أكرم. وقد يقال في كلِّ شيء. قال:
* وماء يمانٍ دُونَه طَلَقٌ هَجْرُ(1) *
يقولون: هو طَلَقٌ لا طَلَق مِثلُه.
والهَجِير: الحوضُ الكبير، سمِّي لأنَّه شيءٌ يُقتَطَع للماء. قال:
هجس - هجع - هجف - هجل
* تَفرِي الفَرِيَّ بالهجيرِ الواسع(2) *
وقال:
لَوْبَ الرَّعايا لم يَجِئْ أجيرُها(3)
ظَلَّتْ تَلُوبُ رشَقاً هَجِيرُها(4)
(هجس) الهاء والجيم والسين: كلمةٌ واحدة. يقال هَجَس الشَّيءُ في النَّفْس: وَقَعَ. وقال أبو بكر(5): الهَجْس: النَّبْأة تَسمعها ولا تَفْقَهُها.
(هجع) الهاء والجيم والعين: كلمةٌ تدلُّ على نوم. وهَجَع هُجوعاً: نام ليلاً. ولقيتُه بعد هَجعةٍ.
ومما قِيس على هذا: رجلٌ هجع(6)، أي أحمقُ مُستَنِيمٌ إلى كُلٍّ.
(هجف) الهاء والجيم والفاء. يقولون: الهِجْفة، هي النَّاحية(7). وفي ذلك نظر. فأمّا الهِجَفُّ فالظَّليم المُسِنّ، وأظنُّه من الباب الذي زيدت فيه الهاء وأُبدلت زاؤه جيماً، وهو من الزِّفِّ، وهو رِيشُه.
(هجل) الهاء والجيم واللام أصلانِ يدلُّ أحدُهما على اختلاطٍ، والآخرُ على رَمْي شيء.
__________
(1) أنشده في المجمل، وكذا في اللسان (هجر 113).
(2) وكذا أنشده في المجمل. وفي اللسان (هجر 116): "يفري الفري".
(3) في الأصل: "كوب الرعايا"، صوابه في المجمل.
(4) في الأصل: "يكون رشاء هجيرها"، صوابه من المجمل.
(5) الجمهرة (2: 96).
(6) يقال بالكسر وبضم ففتح، مرة بالهاء فيهما ومرة بطرح الهاء، كما يقال أيضاً هجع بفتح فكسر، ومهجع كمنبر. هن ست لغات.
(7) وردت الكلمة ومعناها في القاموس ولم ترد في اللسان. ونص القاموس: "والهجفة، بالكسر: الناحية الندية".(6/26)
هجم
فالأوّل: الهَوْجل: المَشْيُ المُخْتَلِط. ويقال أهْجلْتُ الإبلَ: أهملتُها، وإذا أُهمِلَتْ اختلَطَتْ. قالوا: ومنه الهَجُول: المرأةُ البَغِيّ لأنّها تُخالِطُ كُلاًّ. والمُهاجَلَة، مثل المساجَلة(1). والقياس فيه واحد. والهَوْجَل من الأرض: الفَلاةُ لا أعلامَ بها. وسمِّيت لأنَّها لا يُهتدَى فيها، فيُخلَطُ الأمرُ على السَّفْر. والهَوْجل من الرِّجال: البطيء الذي يَختلِط عليه الأمور. قال:
سُهُداً إذا ما نامَ ليلُ الهَوْجلِ(2)
فأتَتْ به حُوشَ الفُؤادِ مبطَّناً
واللَّيل الطَّويل هَوْجلٌ، سمِّي لاختلاطِ ظلامه. قال الكميت:
* هَوْجاءُ لَيْلَتُها هَوْجَلُ(3) *
ومن الباب الهَجْل: غائطٌ بين الجبال مطمئِنّ.
والأصل الآخر هَجَلْتُ بالشَّيءِ: رَمَيتُ.
(هجم) الهاء والجيم والميم: أصلٌ صحيحٌ واحد يدلُّ على وُرودِ شيءٍ بَغتةً، ثم يقاس على ذلك. يقال: هَجَمتُ على القوم بغتةً أهْجُم هُجُوماً. وريحٌ هَجُومٌ: شديدةٌ تقطِّعُ البيوت. وهَجْمَةُ الشِّتاء: شِدّةُ بَرده، وهو من ذلك القياس، لأنَّها تهجُم. وهَجْمَة الصَّيف: شِدّة حَرِّه. والهَجْم: القَدَح الكبير. [قال]:
هجم
حتَّى تكادَ شِفاه الهَجمِ تَنثلِمُ(4)
فتَملأُ الهَجْمَ عفواً وهي وادعةٌ
__________
(1) المهاجلة مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان.
(2) لأبي كبير الهذلي، في ديوان الهذليين (2: 92) واللسان (حوش، سهد، هجل) وحماسة أبي تمام (1: 20). وقد سبق في (سهد).
(3) قطعة من بيت له في المجمل واللسان (هجل). وهو بتمامه:
وبعد إشارتهم بالسيا ... ... ط هوجاء ليلتها هوجل
... وضبطت "ليلتها" في اللسان بالنصب، قال: "أي في ليلتها".
(4) أنشده في المجمل واللسان (هجم). وقبله:
جاءت إلى حالب الظلمات تهتزم
كانت إذا حالب الظلماء أسمعها(6/27)
وسمِّي هَجْماً لأنّه يهجُم على عَطَش الشَّارِب فيَكسِرُه. والهَجْمة من الإبل: ما بين التِّسعين(1) إلى المائة، لأنّها تهجُم الموردَ بقوّة. وهَجَمت البيتَ: هَدَمته، وذلك أنّ أعلاه يهجم على أسفله إذا سقَط. وهَجَمت العينُ: غارت، كأنَّها تَهجُم على ما وراءها، تَدْخُلُ فيه.
...................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
(2) ومما شذَّ عن هذا القياس *هِجاء الحروف، يقال تَهَجَّيتُ.
***
هدر - هدع - هدف
وإذا همز تغيّر المعنى. يقولون: هَجَأَ الطّعامَ: أكلَه.
(باب الهاء والدال وما يثلثهما)
__________
(1) في المجمل: "السبعين". وفي تفسير "الهجمة" خلاف، وأولى الأقوال فيه أنه القطعة الضخمة من الإبل، وقيل ما بين الثلاثين والمائة، وقيل ما بين الأربعين إليها، وقيل ما بين السبعين أو التسعين إليها. فإذا بلغت المائة فهي الهنيدة.
(2) هذا الانتقال يشعر بأن هناك سقطاً بين هذا الكلام وسابقه. والساقط في هذا الموضع مادة (هجن) وصدر من مادة (هجو). ونص مادة (هجن) في المجمل وصدر مادة (هجو) هما كما يلي:
... "(هجن) المهتَجِنَة: النَّخلة الصغيرة. والهِجان من الإبل: البِيضُ الكِرام. وناقةٌ هِجانٌ وبعيرٌ هجانٌ: كريمة. وأرضٌ هجانٌ: مَرَبٌّ ليّنة التربة بيضاء. وامرأةٌ هِجانٌ: كريمة. والهَجِين: ابن العربيّ من الأمَة.
... (هجو) هَجَاه، إذا وقَع فيه بالشِّعر، وذلك الشِّعر: الهجو والهِجاء: المهاجاة".(6/28)
(هدر) الهاء والدال والراء [يدلُّ] على سقوطِ شيء وإسقاطه، وعلى جنسٍ من الصَّوت. وهَدَرَ السُّلطانُ دمَ فلانٍ هَدْراً: أباحَه. وبنو فلان هَدَرَةٌ، أي ساقطون. ورجُلٌ هُدَرة. وبعضٌ يقولون: هَدَرةٌ: ساقط(1). قال:
* إنّي إذا حَارَ الجبانُ الهُدَرَهْ(2) *
والمعنى الآخر هَدَرتِ الحمامةُ تَهْدِرُ، وهَدَرَ الفحلُ هديراً، وهدَرَ العَصيرُ في غَلَيانه. وهَدَر العَرْفَج: عظُم نَباتُهُ فإذا وقعت فيه الرِّيحُ كان له كالهدير.
(هدع) الهاء والدال والعين: كلمةٌ. هي هِدَعْ، تُسكَّنُ بها صِغار الإبل عند نِفارها. والهَوْدَع: النَّعام.
(هدف) الهاء والدال والفاء: أُصَيْلٌ يدلُّ على انتصابٍ وارتفاع. والهَدَف: كلُّ شيء عظيمٍ مرتفع، ولذلك سمِّي الرَّجُل الشَّخيص الجافي هَدَفاً. قال:
وأعجبهُ ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ(3)
إذا الهَدَفُ المِعزالُ صَوَّبَ رأسَه
والهَدَف: الغرض. ورَكَب(4) مستَهْدِف: عَرِيض. قال النَّابغة:
هدق - هدك - هدل
* وإذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ في مستهدِفٍ(5) *
وامرأة مُهْدِفَة: لَحِيمة. وأهْدَفَ لك الشّيءُ: انتصب.
ومن الباب الهِدْفة: الجماعةُ من النَّاس. فأمَّا قوله:
على قَدَمَيْ مستهدِفٍ متقاصِرِ(6)
وحَتَّى سمِعْنا خَشْفَ بيضاءَ جَعْدةٍ
فالمستهدِف: الحالِب المُنتصِب. يقول: سَمِعنا صوتَ الرِّغوة تتساقط على قَدَمِ الحالب.
(هدق) الهاء والدال والقاف. فيه من طرائف ابن دريد(7): الهَدْق: الكَسْر.
__________
(1) في المجمل بعد إنشاده الشاهد التالي: "وربما رووه: هَدَره".
(2) للحصين بن بكير الربعي، كما في اللسان (هدر).
(3) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوانه 43 واللسان (هدف، عزل، ضفو). وقد سبق في (خطل، ضفو).
(4) في الأصل: "وركن"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) عجزه كما في الديوان 32 واللسان (هدف):
* رابي المجسة بالعبير مقرمد *
(6) أنشده في المجمل واللسان (هدف).
(7) الجمهرة (2: 295).(6/29)
(هدك(1)) الهاء والدال والكاف. قال ابن دريد(2): انهَدَكَ الرَّجُل علينا بكلامٍ كثيرٍ: انبَعَثَ(3).
(هدل) الهاء والدال واللام: أصلانِ صحيحانِ: أحدُهما يدلُّ على استرخاءٍ في شيء، والآخر على ضربٍ من الصوت.
فالأول: الهَدَل: اسْتِرخاء مِشْفَر البعيرِ وكلِّ شيءٍ. يقال منه هَدِلَ. وهَدَلتُ
هدم - هدن
الشَّيءَ أهْدِلُه، إذا أرسلتَه إلى أسفل. والهَدَال: كلُّ غصنٍ نَبَتَ مستقيماً في أراكةٍ أو طلحةٍ. والصحيح أنْ يقال ثَمَّ: يَتَهدَّلُ. قال:
أُصُلاً بأوديةٍ ذَواتِ هَدَالِ(4)
يدعُو الهديلَ وساقَ حُرٍّ فوقَه
ويقال: الهَديل: فَرخ الحمام. فإنْ كان كذا فكأنَّه سمِّي بصوته. قال:
هَديلاً وقد أَوْدَى وما كان تُبَّعُ(5)
فقلتُ أتَبكِي ذاتُ شجوٍ تذكَّرتْ
(هدم) الهاء والدال والميم: أصلٌ يدلُّ على حَطِّ بناء، ثم يقاس عليه، وهَدَمت الحائطَ أهدِمُه. والهَدَم: ما تهدَّم، بفتح الدال.
ومن الباب الهِدْم: الثَّوب البالي، والجمع أهْدام. ودماؤُهم هَدَم أي هَدَرٌ، كأنَّها قد هُدِمَتْ فلم يُطلَب بها. وقوله صلى الله عليه وسلم: "الدَّمُ الدَّمُ، والهَدَمُ الهَدَمُ"، قيل إنَّ معناه: مَحيانا مَحياكُم ومَماتُنا مَماتُكم. ويقال: ناقةٌ هَدِمةٌ: شديدة الضَّبَعة كأنَّها تنهدِم للفَحْل. والهَدْمَة: الدُّفعة من المَطَر، كأنَّها تتهدَّمُ في اندفاعها.
ومما شذَّ عن هذا القياس المهدوم(6) من اللَّبَن، وهو الرَّثيئة.
__________
(1) وردت هذه المادة في القاموس، ولم ترد في اللسان.
(2) الجمهرة (2: 298).
(3) الذي في القاموس: "هدك يهدك: هدم. وتهدك بالكلام: تهدم. والهودك، كجوهر: السمين".
(4) وكذا أنشده في اللسان بدون نسبة.
(5) البيت لنصيب أو لأبي وجزة، كما في اللسان (هدل). وقد سبق في (جوب). ورواية اللسان: "ذات طوق".
(6) وكذا في المجمل. والذي في اللسان "المهدومة" بالهاء. والمهدوم والمهدومة بهذا المعنى لم تردا في القاموس.(6/30)
(هدن) الهاء والدال والنون: أُصَيلٌ يدلُّ على سكونٍ واستقامة. سمعت أبا الحسن عليَّ بنَ إبراهيمَ القطّانَ يقول: سمعت ثعلباً يقول: تهادَنَ الأمر: استقام. وقال غيره: ومنه قياس الهُدْنة.
ومن الباب الرجل الهَدَان: الخاملُ لا حَرَاك به. قال:
هدي
إذا حَلُّوا ولا أرضَ الهُدُونِ(1)
ولا يَرعَوْنَ أكنافَ الهُوَينَى
وهَدَّنَت المرأةُ صبِيَّها بكلامها، إذا أرادت أن يَرقد(2). والتَّهدين: البُطء، وهو قياس الباب.
(هدي) الهاء والدال والحرف المعتلّ: أصلانِ [أحدهما] التقدُّمُ للإرشاد، والآخر بَعثة لَطَفٍ(3).
فالأوَّل قولُهم: هدَيتُه الطَّريق هِدايةً، أي تقدّمتُه لأرشدَه. وكلُّ متقدِّمٍ لذلك هادٍ. قال:
دِ صدر القَناةِ أطاعَ *الأميرا(4)
إذا كان هادي الفتَى في البلا
وينشعب هذا فيقال: الهُدَى: خِلافُ الضَّلالة. تقول: هَدَيته هُدىً. ويقال أقبلَتْ هَوادِي الخيل، أي أعناقها، ويقال هاديها: أوّلُ رَعِيل منها، لأنّه المتقدِّم. والهادِيَةُ: العصا، لأنَّها تتقدَّم مُمسِكَها كأنَّها تُرشِده.
ومن الباب قولهم: نَظَر فلانٌ هَدْيَ أمرِهِ أي جِهتَه، وما أحسَنَ هِدْيَتَهُ، أي هَدْيَه. ويقولون: جاء فلان يُهادِي بين اثنَين(5)، إذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما. ورَمَيْتُ بسهمٍ ثمَّ رميتُ بآخَرَ هُدَيَّاه، أي قَصْدَه.
هدب
والباب في هذا القياس كلِّه واحد.
والأصل الآخر الهَدِيّة: ما أهدَيْتَ من لَطَف إلى(6) ذي مَودَّة. يقال: أهدَيْتُ أُهدِي إهداءً. والمِهْدَى: الطَّبقُ تُهدَى عليه.
__________
(1) البيت لأبي الغول الطهوي، كما في الحماسة (1: 9).
(2) في الأصل: "أن ترقد". وفي المجمل: "أن ينام".
(3) اللطف، بالتحريك: التحفة والهدية. وكلمة "بعثة" مهملة النقط في الأصل، وهي المرة من البعث.
(4) للأعشى في ديوانه 69 واللسان (هدي).
(5) في الأصل: "تهادى من اثنين"، صوابه في المجمل.
(6) في الأصل: "أي".(6/31)
ومن الباب الهَدِيُّ: العَروسُ، وقد هُدِيَتْ إلى بَعلها هِدَاءً. قال:
حُقَّ لكلِّ محصَنَةٍ هِداءُ(1)
فإنْ تكُنِ النِّساء مُخَبَّآتٍ
والهَدْي والهدِيّ: ما أُهدِيَ من النَّعَم إلى الحَرَم قُربةً إلى الله تعالى. يقال هَدِيٌّ وهَدْيٌ. قال:
ضَرَبوا صميمَ قذالِهِ بمهنَّدِ(2)
وطُرَيفة بن العَبدِ كانَ هدِيَّهُمْ
وقيل الهَدِيّ: الأسير.
***
أمَّا المهموز فمن غير هذا القياس، وأكثره يدلُّ على السكون. وهَدَأ هُدُوّاً، أي سكن. وهدَأت الرِّجْلُ، إذا نام النَّاسُ. وأهْدأت المرأةُ صبيَّها بيدها لينامَ، أي سكَّنَتْه. ومضى هَُدْءٌ من اللَّيل: بعد نَومةِ أوَّلَ ما يَسكنُ الناس. والهَدَأة(3): ضربٌ من العَدْوِ السَّهل.
ومما شذَّ عن هذا الباب: الهَدَأُ، وهو إقبال المَنْكِب نحوَ الصَّدر، كالجَنَأ.
(هدب) الهاء والدال والباء: أصلٌ صحيح يدلُّ على طُرَّةِ شيءٍ أو أغصانٍ
هدج
تُشبِه الطُرّة. منه الهُدْب: طُرَّة الثَّوب. والهَدَب: أغصان الأرْطَى، وهي الهُدَّاب. قال:
وشَحمٍ كهُدَّابِ الدِّمَقسِ المفتَّلِ(4)
فظَلَّ العَذارَى يَرتمينَ بلحمِها
ويقال: الهَدَب من ورق الشَّجَر: ما لم يكن له عَيْر. وهَيْدَبُ السَّحابِ: ما تهدَّبَ منه إذا أراد الوَدْقَ، كأنّه خيوطٌ. ورجلٌ أهْدب: كثيرُ أشفار العَين. وهَدَبَ الثَّمرةَ، إذا اجتَناها، يَهْدِبُها(5) هَدْباً، كأنَّه أخَذَ هُدْبَ الشَّجرة.
وتستعار هذه الكلمة فيقال: هَدَب النَّاقة، إذا حلبَها(6).
__________
(1) لزهير في ديوانه 74 واللسان (هدي). وضبطت "النساء" في اللسان بالرفع. ويروى "فإن قالوا النساء".
(2) الرواية: "كطريفة". والبيت للمتلمس في ديوانه 7 نسخة الشنقيطي واللسان (هدي).
(3) ذكرت في القاموس، ولم تذكر في اللسان.
(4) لامرئ القيس في معلقته المشهورة.
(5) في الأصل: "بهدبها"، وأثبت ما في المجمل.
(6) في الأصل: "حلبتها".(6/32)
(هدج) الهاء والدال والجيم: أصلٌ صحيح يدلُّ على ضربٍ من المَشْيِ والحركة. منه الهَدَجان: مِشْيةُ الشَّيخ، يقال هَدَجَ. وأهْدَجَ الظَّليمُ: مَشَى في ارتعاش، وهو هَدَّاجٌ وهَدَجْدَجٌ. وتهدَّجت النّاقةُ: مشَتْ نحوَ ولدِها عاطفة عليه. وهَدَجَتْ الرِّيح: هبَّت بحَنين.
والهَوْدَج عندنا من هذا القياس، لأنَّه يضطرب على ظَهر البَعير، ثم يشبَّه به فيقال: هَوْدَجَتْ النّاقةُ، إذا ارتفَعَ سَنامُها كأنَّه الهَوْدَج.
ومما شذَّ عن هذا الأصل التهدُّج: تقطُّع الصَّوت.
هذر - هذف - هذل - هذم - هذي - هذب
(باب الهاء والذال وما يثلثهما)
(هذر) الهاء والذال والراء: كلمةٌ واحدة هي الهَذَر، وهو الهَذَيان. ورجلٌ مِهذارٌ وهذَرَة وهِذْرِيانٌ، أي كثير الكلامِ في خَطَل.
(هذف) الهاء والذال والفاء. يقال سائقٌ هذَّافٌ: جادٌّ.
(هذل) الهاء والذال واللام: أُصَيلٌ يدلُّ على صِغَرٍ وخِفَّةٍ وسُرعة. منه الهُذْلُول: الرجل الخفيف. وهَوْذَلَ الرّجُل: مَشَى بسُرعة. وهَوْذَلَ السِّقاء: تَمخّضَ.
ومن الباب: الهَذاليل: تِلالٌ صِغار، الواحد هُذْلول، سمِّيت بها لصِغَرِها. ومن بعض هذا قياسُ اسمِ هُذَيْل.
(هذم) الهاء والذال والميم: كلمةٌ صحيحة، تدلُّ على قَطعٍ لشيء. وهَذْم السَّيف: قَطْعُه. وسَيفٌ مِهْذَمٌ وهُذَامٌ وهَيْذَامٌ. ويسمَّى الشُّجاع هَيذاماً، تشبيهاً له بهذا السَّيف.
(هذي) الهاء والذال *والحرف المعتلُّ: كلمةٌ واحدة: الهَذَيانُ: كلامٌ لا يُعقَل ككلام المَعتُوه. يقال: هَذَى يَهذِي. وحكى ابنُ دريدٍ في المهموز(1): هَذَأْتُ اللّحم بالسِّكِّين هَذْءاً: قَطعتُه.
(هذب) الهاء والذال والباء: كلمةٌ تدلُّ على تَنقِيَةِ شيءٍ مما يَعِيبه. يقال:
هرس - هرش
__________
(1) في الجمهرة (3: 291).(6/33)
شيءٌ مهذَّبٌ: منقَّىً مما يَعِيبُه. وأصله الإهذاب: السُّرعةُ في الطَّيَرانِ والعَدْو، ومعناه أنّه لا يُمكِنُ التعلُّق به. يقال مَرَّ الفرَسُ يُهْذِبُ. ومَشَى الهَيْذَبَى. كذلك المهذَّبُ لا يُتعلّق منه بعَيب. والله أعلمُ بالصَّواب.
(باب الهاء والراء وما يثلثهما)
(هرس) الهاء والراء والسين: أصلٌ صحيح يدلُّ على دَقٍّ وهَزْمٍ في الشَّيء. وهَرَسْت الشّيءَ: دقَقْتُه. ومنه الهَرِيسة. والمِهْراسُ: حجرٌ منقورٌ، لعلّهُ يُدَقُّ فيه الشيء، وربَّما كان مستطيلاً يُتوَضَّأُ منه. والهَِرْس(1): الثَّوب الخَلَق، وهذا على معنى التَّشبيه، كأنّه قد هُرِس. والمَهارِيس: الإبلُ الشِّداد تَهرُسُ الشيءَ عند الأكل. والهَرِسُ: الأسدُ الشَّديد، كأنّه يَهرُسُ ما لَقِي. قال:
شديداً أسرُهُ هَرِساً هَمُوسا(2)
شَديدَ السَّاعدينِ أخا وِثابٍ
وأمّا الهَرَاسُ فشَجرٌ ذو شوكٍ. وهو شاذٌّ عن هذا القياس. قال:
* طِباقَ الكلابِ يَطَأْنَ الهَرَاسا(3) *
(هرش) الهاء والراء والشين: كلمةٌ واحدة، هي مُهارَشة الكلابِ: تحريش بعضها على بعض. ومنه يُقاس التَّهريش، وهو الإفساد بين النّاس.
هرص - هرض - هرط - هرع
ومما ليس من هذا الباب هَرْشَى: هَضْبَةٌ معروفة. قال:
كِلا جانِبَيْ هَرْشَى] لهُنَّ طرِيقُ(4)
خُذُوا صدرَ هَرْشَى [أوقَفَاها فإنَّه
(هرص) الهاء والراء والصاد ليس بشيء، إلا أنهم يقولون: الهَرِيصَة: مُستنقع الماء.
__________
(1) بفتح الهاء وكسرها، وككتف أيضاً.
(2) أنشده في المجمل واللسان (هرس).
(3) للنابغة الجعدي كما سبق في حواشي (طبق). وصدره:
* وخيل يطابقن بالدارعين *
(4) التكملة مما سبق في (1: 147) ومن اللسان (هرش) ومعجم البلدان (هرشى). وقد سبق برواية: "خذا أنف". وفي المجمل والصحاح: "خذي أنف"، وفي اللسان: "خذا جنب".(6/34)
(هرض) الهاء والراء والضاد، سبيلُه سبيلُ ما قبلَه، إلاّ أنَّ أبا بكرٍ(1) زعم أن الهَرَض: الحَصَفُ يخرُج بالإنسان من الحَرّ. قال: وهَرَضْتُ الثَّوْبَ: مَزَّقتُه.
(هرط) الهاء والراء والطاء شيءٌ يدلُّ على اختصامٍ وتشاتُمٍ. وتهارطَ الرّجلانِ. تَشَاتَمَا. وهَرَطَ في كلامِه: خَلَّطَ.
(هرع) الهاء والراء والعين: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على حركةٍ واضطراب. وأُهْرِعَ الرّجُلُ: ارتَعَدَ فَرَقاً. وسمِّيَ الأحمقُ هَيْرَعاً لاضطرابِ رائِهِ. ويمكن أنَّ الهاء فيه زائدة، فيكون من باب يَرَع. ويقال الهِرْياع: سَفِير الشَّجرِ، لأنَّه مضطرِبٌ تحمِلُهُ الرِّيحُ من موضعٍ إلى موضع.
ومن الباب: الهَرِع: الدَّمعُ أو الدّمُ الجارِي. وتَهَرَّعَتِ الرِّماحُ: أقبلَتْ شوارِعَ. وهم يُهْرَعُون إليه، أي يُساقُون.
هرف - هرل - هرم - هرو
ومما ليس من الباب الهَرْعة(2): دُوَيْبَّة. يقال لها هَرِيعٌ(3) وهريع(4).
(هرف) الهاء والراء والفاء. يقولون: الهَرْف كالهَذَيَان بالثَّناء على الإنسان إعجاباً به. يقولون: "لا تَهْرِفْ بما لا تَعْرِف". ويقولون: هَرَّفَت(5) النَّخْلَةُ، إذا عجَّلت إتاءَها. وما أُرَى هذه الكلمةَ عربيّة.
(هرل) الهاء والراء واللام. يقولون: الهَرْوَلة بين المَشْي والعَدْو.
(هرم) الهاء والراء والميم كلمتان: إحداهما الهَرَم: كِبَر السّنّ. ويقال: الهَرِمَة: اللّبُؤَة(6). وابن هِرْمَةَ: آخِرُ ولَدِ الرّجل. والأخرى الهُرْمانُ: العَقْل.
__________
(1) في الجمهرة (2: 368).
(2) بالفتح وبالتحريك، كما في تاج العروس.
(3) وكذا في المجمل. ونصه: "والهرعة: دويبة، ويقال بل الهريع القملة، وهو الصحيح". واقتصر في الجمهرة (2: 391) على قوله: "والهريعة: القملة الكبيرة".
(4) كذا وردت هذه الكلمة. وبدلها في اللسان: "الهيرعة".
(5) ويقال: "أهرفت أيضاً" كما في القاموس، واقتصر على الأخيرة في اللسان.
(6) وردت في القاموس. ولم ترد في اللسان.(6/35)
(هرو) الهاء والراء والحرف المعتلّ والمهموز، بابٌ لم يُوضَع على قِياسٍ، وأُصولُ كلمه متباينة وممَّا جاء منه: هَرَوْتَهُ بالهرَاوة: ضربتُه بها. وهَرَّيتُ العمامةَ: صَفَّرْتُها. قال ابنُ دريد(1): الهَرْوُ لا أصْلَ له في العربيَّة، إلاَّ أنَّ أبا مالكٍ جاء بحرفٍ أنكره أهلُ اللُّغة. قال: هَرَوْتُ اللّحمَ: أنضَجْتُه. وإنما هو هَرَأْته.
***
ومن المهموز الهُرَاء: المَنْطِق الفاسِد. يقال: أهْرَأَ الرّجُل في مَنطِقِه. قال:
هرب - هرت - هرج - هرد
رخيمُ الحواشِي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ(2)
لها بَشَرٌ مثل الحرير ومنطِقٌ
وتهرَّأَ اللّحمُ: طُبِخَ حتى يتساقَطَ عن العظْم. وهَرَأَه البَردُ: أصابَتْهُ شِدَّتُه، وكذا أهرأه.
(*هرب) الهاء والراء والباء كلمةٌ واحدة، هي هَرَب، إذا فَرّ. وما له هاربٌ ولا قاربٌ، أي صادرٌ عن الماء ولا وارد، أي لا شيءَ له.
(هرت) الهاء والراء والتاء: كلمةٌ تدلُّ على سَعَةٍ في شَيء. فالهَرَت: سَعَة الشِّدْق. والهَرِيت: المرأةُ المُفْضَاة.
(هرج) الهاء والراء والجيم أصلٌ صحيح يدلُّ على اختلاطٍ وتخليط. منه هَرَّجَ الرَّجُل في حَدِيثه: خَلَّط. ويقاس على هذا فيقال لِلْقَتْل هَرْج، بسكون الراء. قال:
أم زمانٌ من فِتْنَةٍ غيرِ هَرْجِ(3)
ليتَ شِعرِي أَأَوَّلُ الهَرْج هذا
والهَرَج بفتح الراء: أن تُظْلِمَ عينُ البَعِيرِ من شِدَّةِ الحر. والهَرْج: عَدْوُ الفرسِ بِسُرْعة، مرَّ يَهْرِجُ. والأرض المِهراجُ: الحَسَنَة النَّباتِ التفَّ بعضُه ببعض.
__________
(1) الجمهرة (2: 422).
(2) في الأصل: "له بشر" تحريف. والبيت لذي الرمة في ديوانه 212 واللسان (هرأ) والبيان (1: 276) وأمالي القالي (1: 154). ويروى: "رقيق الحواشي" كما في البيان.
(3) لابن قيس الرقيات في ديوانه 283 واللسان (هرج)، قاله أيام فتنة ابن الزبير.(6/36)
ومما ليس من هذا بعيداً منه: هَرّجْتُ السَّبُعَ(1): صِحْت به.
(هرد) الهاء والراء والدال كلماتٌ تدلُّ على معالجةِ شيءٍ بصِبْغ أو ما
هزع
أشبَهَه. وثوبٌ مَهرودٌ: صُبِغَ أصْفَرَ. وهَرَّدْتُ الثّوبَ شققته. وهَرَدْت عِرضَه: ثَلَبتُه. وهَرّدْتُ اللّحمَ: أنضجتُه شيئاً، تهريداً.
(باب الهاء والزاء وما يثلثهما)
(هزع) الهاء والزاء والعين أصلانِ يدلُّ أحدهما على وَحْشَة، والآخر على اضطرابٍ وكَسْر.
الأوَّل قولهم: مَضَى هَزِيعٌ من الليل، أي طائفةٌ منه. وتهزَّعَ فلانٌ لفلان: تنكَّرَ. قال الخليل: هو من هزيع اللّيل، لأنَّ تلكَ ساعةُ وَحْشةٍ.
والآخر قولهم: تهَزَّعت القناةُ: اضطربَتْ. وتهَزَّعَت المرأة: تثَنَّتْ. قال:
* مِثْلَ القَطاةِ لَدْنَةَ التَّهَزُّعِ(2) *
وتهزَّعَ السَّيْفُ: اضطَرَب. وتَهَزَّعت الإبلُ في سَيرِها: اهتزَّتْ. وهَزَعتُ العَظمَ: كسرتُه. والمِهْزَع: الأسدُ الحَطُوم. قال:
بحَلْيَةَ مشبوحَ الذِّراعينِ مِهزَعا(3)
كأنَّهُمُ يَخشَونَ مِنكَ مذرَّباً
ومما شذَّ عن البابين الأهْزَع: السَّهم يَبقى في الكِنانة، لأنَّه أردَؤُها، وقيل يكون أجودَها. ويقولون: ما لَه أهْزَعُ، أي ماله شيء.
هزف - هزق - هزل - هزم
(هزف) الهاء والزاء والفاء كلمة واحدة. الهِزَفُّ(4): الظلِيم. وذكر ابنُ دريد(5): هَزَفته الرِّيح: طارَتْ به.
__________
(1) في اللسان والمجمل: "بالسبع".
(2) أنشده في اللسان (قرصع، هزع) برواية:
هز القناة لدنة التهزع
إذا مشت سالت ولم تقرصع
(3) حلية، بالفتح: مأسدة باليمن. وأنشده في المجمل واللسان (هزع) ومعجم البلدان (حلية). وفي اللسان والمعجم: "مدربا" بالدال المهملة.
(4) مثله "الهجف" بالجيم.
(5) في الجمهرة (3: 14).(6/37)
(هزق) الهاء والزاء والقاف، كلماتٌ في قياسٍ واحد. امرأةٌ هزقة: لا تستقِرّ. وكذلك المِهْزاق. والهَزِق: الرَّعد(1). وأهْزَقَ الرَّجُل(2): ضحِكَ. وحِمَارٌ هَزِقٌ: كثير الاستِنان.
(هزل) الهاء والزاء واللام كلمتان في قياسٍ واحد، يدُلاّنِ على ضَعف. فالهَزْل: نقيض الجِدّ. والهُزَال: خِلاف السِّمَن. يقال: هَزَلْتُ دابّتي وقد هُزِلت. وهَزَلَ في مَنطِقِه. وأهْزَل: وقع في ماله الهُزَال.
(هزم) الهاء والزاء والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على غَمْز وكَسْر. فالهَزْم: أن تَغْمِزَ الشيءَ بيدك فيَنْهَزمَ إلى داخل، كالقِثّاءةِ والبِطِّيخة. ومنه الهَزِيمة في الحَرْب. وغيثٌ هَزِيم: متبعِّق. وهَزِيم الرَّعدِ: صوتُه، كأنّه يتكسَّر، من قولهم: تهزَّمَ السِّقاء: يَبِس فتشقَّقَ.
ومن الباب اهتَزَمْتُ الشَّاةَ: ذبحتُها. والهَزْمة: ما تطامَنَ منَ الأرض.
ومما ليس من هذا القياس المِهزام: عُودٌ يُجعلُ في رأسه نارٌ، تلعب به صِبيانُ الأعراب. قال جرير:
هزن - هزأ - هزب - هزج
* وتَلْعَبُ المِهزاما(3) *
(هزن) الهاء والزاء والنون ليس فيه إلا هَوازِن: قبيلة. يقولون: الهَوْزَن: الغُبار. والهَوْزَن: طائر(4).
(هزأ) الهاء والزاء والهمزة كلمة واحدة. يقال:هَزِئَ واستهزَأَ، إذا سَخِرَ.
(هزب) الهاء والزاء والباء كلمةٌ واحدة. الهَوْزَبُ: البعير المُسِنّ، في قول الأعشى:
__________
(1) في القاموس: "الهزق، ككتف: الرعد الشديد". وفي المجمل: "والهزق: الرعد الشديد". وفي اللسان: "والهزق -هذه بالتحريك-: شدة صوت الرعد".
(2) في اللسان: "أهزق فلان في الضحك". وفي المجمل: "وأهزق الرجل في الضحك".
(3) البيت بتمامه في الديوان 542 واللسان (هزم):
كمر العبيد وتلعب المهزاما
كانت مجرئة تروز بكفها
(4) في الأصل: "الطائر" وفي المجمل: "ويقال هو ضرب من الطير". وفي اللسان: "هوزن: اسم طائر".(6/38)
والعَنْتَرِيسَ الوَجناءَ* والجملاَ(1)
والهَوْزَبَ العَودَ أمتطِيهِ بها
(هزج) الهاء والزاء والجيم: أصلٌ صحيح يدلُّ على صوت. يقولون: الهَزَج: صوت الرَّعد، وبه شُبِّه الهَزَج من الأغاني. قال:
* كأنّها جاريةٌ تَهَزَّجُ(2) *
وتهزَّجَت القوسُ، [إذا صَوَّتَتْ(3)] عند الإنباض. قال الكميت:
ـشِّ وإتباعِها الزَّفِِيرَ الطَّحِيرا(4)
بأهازيجَ من أغانيِّها الجُـ
هزر - هسم - هشم
وفرسٌ هَزِجٌ: في مَشيهِ سُرعة(5)، كأنَّه يُذهَب إلى ما يُسمَع من حَفِيفِه.
(هزر) الهاء والزاء والراء يدلُّ على غمزٍ وكسرٍ وضَرْبٍ. وهَزَره بعصاه هَزَرَاتٍ: ضربَه. وهَزَرَه: غَمَزَه(6). وإنّ فلاناً لذُو هَزَراتٍ وكَسَرَاتٍ، إذا كان يُغْبَن في كلِّ شَيء. قال:
تُخْلَعْ ثِيابُكَ لا ضَأنٌ ولا إبلُ(7)
إلاّ تَدَعْ هَزَرَاتٍ لسْتَ تَارِكَها
والله أعلم.
(باب الهاء والسين وما يثلثهما)
(هسم) الهاء والسين والميم. قال أبو بكر(8): الهَسْم: [مثل الهَشْم(9)]. وهَسَمه يهسِمه هَسْماً: كسره. والله أعلم.
(باب الهاء والشين وما يثلثهما)
(هشم) الهاء والشين والميم أصلٌ يدلُّ على كسْر الشَّيء الأجوفِ وغيرِ الأجوف وهشَمْتُهُ هَشْماً. والهاشِمَة: الشَّجَّة تَهْشِمُ عظمَ الرّأْس. ومُجْمَعٌ على أن هاشماً سمِّي به لأنَّه هَشَمَ الثرِيد، واسمه عَمرو. والهشيم من النَّبات: اليابس
هشل - هشر - هصم - هصر
__________
(1) ديوان الأعشى 156 واللسان (هزب).
(2) أنشده في المجمل واللسان (هزج).
(3) التكملة من المجمل واللسان.
(4) المجمل واللسان (هزج).
(5) في الأصل: "مسرعة".
(6) في الأصل: "وغمزه"، صوابه في المجمل.
(7) تخلع ثيابك، كذا ضبطت في المجمل، وضبط في اللسان مثله لكن بنصب "ثيابك".
(8) انظر الجمهرة (3: 54).
(9) التكملة من المجمل.(6/39)
المتكسِّر. ورجلٌ هشِيمٌ: ضعيف البَدَن. وربما قالوا: تهشَّمَ فُلانٌ على فلان، أي تعطَّفَ. وهو من الباب. واهتَشَمَ ما في ضَرع النّاقة: احتَلَبَه(1)، وهو القياس.
(هشل) الهاء والشين واللام. يقولون: الهَشِيلة: البَعير يأخذُه الرّجُل من غير إذنِ صاحِبِه يبلُغ به حيث يريدُه ثم يردُّه. قال:
عليَّ محرّمٌ إلاّ الجمال(2)
وكلُّ هَشِيلةٍ ما دمتُ حيّاً
(هشر) الهاء والشين والراء: كلمتان: الهَيْشَر: نَبت. وهَشَر النّاقةَ(3): حَلَبَ كلَّ ما في ضَرعِها. والله أعلم.
(باب الهاء والصاد وما يثلثهما)
(هصم) الهاء والصاد والميم: كلمةٌ تدلُّ على الكسر، هَصَمْتُ الشّيءَ: كسَرتُه. وبه سمِّي الأسد هَيْصَما. والله أعلم.
(هصر) الهاء والصاد والراء: يدلُّ على قَبضٍ على شَيء وإمالتِه. وهَصَرتُ العُود، إذا أخذْتَه برأسِهِ فأمَلْتَه إليك. قال:
* هَصَرْتُ بغصنٍ ذي شَمارِيخَ مَيّالِ(4) *
وبذلك سمِّي الأسَدُ هَصُوراً وهَيْصراً وهَصَّاراً(5).
هضل - هضم - هضب
(باب الهاء والضاد وما يثلثهما)
(هضل) الهاء والضاد واللام ليس فيه إلا الهَيضَلة، وهي الجماعة المتسلِّحة ذاتُ الجَلَبة. وربَّما قالوا للناقة العظيمة: هَيضَلة.
__________
(1) في الأصل: "احلبته"، صوابه في المجمل.
(2) أنشده في المجمل واللسان (هشل).
(3) مما ذكر في القاموس ولم يذكر في اللسان.
(4) لامرئ القيس في ديوانه 59 واللسان (هصر)، وصدره:
* ولما تنازعنا الحديث وأسمحت *
(5) ويقال أيضاً: هيصار، ومهصار، وهصرة وهصر بضم ففتح فيهما، ومهتصر كذلك.(6/40)
(هضم) الهاء والضاد والميم: أصلٌ صحيح يدلُّ على كَسرٍ وضَغطٍ وتداخُل. وهضَمت الشّيءَ هضماً: كسرتُه. ومِزمارٌ مُهَضَّم، لأنَّه فيما يزعمون أكسارٌ يضمُّ بعضُها إلى بعض. والهاضوم: الذي يَهضِم الطَّعام، وأُراه مولَّداً. وكشحٌ مُهضَّم. وامرأةٌ هضيمة الكَشْحَين: لطيفَتُهما، كأنَّهما ضُغِطا. والهَضَم: انضمامُ أعْلَى البطن، وهو في الخيل عَيب. قال الأصمعيّ: "لم يسبِق الحَلْبةَ فرسٌ أهضَمُ قَطّ(1)". والطّلْع الهضِيم: الدَّاخلُ بعضُه في بعض وهَضَمتُ لك مِن حقِّي طائفةً: تركتُه. والمتهضِّم: الظالم. والأهضام: بُطونٌ من الأودية، سمِّيت بذلك لغموضها، الواحد هِضْمٌ. فأمَّا الأهضام من الطِّيب....(2)
(هضب) الهاء والضاد والباء يدلُّ على اتِّساعٍ وكَثرةٍ وفيض. منه الهَضْبة: المَطْرة العظيمةُ القَطْر. والهِضَبُّ: الفَرسُ الكثير العَرَق. وهَضَباتٌ طُوَالات. [والهَضْبَة(3)]: الأكَمَة* الملساء. والله أعلم بالصواب.
هطع - هطل - هطر - هعر
(باب الهاء والطاء وما يثلثهما)
(هطع) الهاء والطاء والعين: أُصَيلٌ يدلُّ على إقبالٍ على الشّيء وانقياد. يقال: هَطَعَ الرّجلُ على الشَّيء ببصره: أقبَلَ. وأهطعَ البعيرُ: صَوَّبَ عنقَه منقاداً. وأهْطَعَ: أسْرَعَ.
(هطل) الهاء والطاء واللام: كلمةٌ تدلُّ على تتابُع في قَطْر وغيره. وهَطَلَ المطرُ هَطلاناً: تتابَعَ، وكذلك الدَّمعُ. وديمةٌ هطْلاء. وإبلُ هَطْلَى: تجيءُ رويداً متتابِعة. وكذلك يقولون للمُعْيِي(4) منها: هَطِل.
__________
(1) انظر الحيوان (1: 104).
(2) كذا وردت العبارة مبتورة في الأصل وفي المجمل: "والأهضام: البخور، واحدتها هضمة. قال الأعشى:
نف يوماً بشقوة أهضاما".
إذا ما الدخان شبه في الآ
(3) التكملة من المجمل.
(4) في الأصل: "للمعنى"، صوابه في المجمل واللسان.(6/41)
(هطر) الهاء والطاء والراء. يقولون الهَطْر: الضَّرب بالخشب(1). وهطره يَهْطِرُه هَطْراً. والله أعلم.
(باب الهاء والعين وما يثلثهما)
(هعر) الهاء والعين والراء وهذا لا يكون إلاَّ بدخيل(2). يقولون: الهَيْعَرة: النَّزِقة من النِّساء. والهَيعَرة: الغُول. والهَيْعَرُور: الدَّاهية.
هفا - هفت
(باب الهاء والفاء وما يثلثهما)
(هفا) الهاء والفاء والحرف المعتل: أصلٌ يدلُّ على ذَهاب شيءٍ في خِفّة وسُرعة. وهَفَا الشيءُ في الهَواءِ يهفُو، إذا ذَهَب، كالصُّوفةِ ونَحوِها. وهفا الظَّليمُ: عَدَا. وهَفَا القلبُ في إثْرِ الشَّيء. وهَوَافِي النَّعَم(3): ضُلاَّلُه. وهفا الإنسان يهفُو: زَلَّ وذَهبَ عن الصَّواب، وكذلك هفا، إذا جاعَ. والهَفْوة: الزَّلَّة.
(هفت) الهاء والفاء والتاء: كلمةٌ تدلُّ على سُقوطِ شيء. وتهافُت الشَّيءِ: تساقُطُه(4) قطعةً [قطعة(5)]. والهَفْت(6): قطع الدَّم المتهافِتة. وتهافَتَ الفَراشُ في النَّار: تساقَطَ. وكلُّ شيءٍ انخَفَضَ واتَّضَع فقد هَفَت وانهَفَت. ووردَتْ هَفِيتةٌ من النَّاس، وهي التي أقْحمتْهم السّنةُ، فهُمْ ساقِطةٌ. والله أعلم.
هقل - هقم - هقب - هقع
(باب الهاء والقاف وما يثلثهما)
__________
(1) في الأصل: "من الخشب"، صوابه في المجمل. وفي اللسان: "هطر الكلب يهطره هطراً: قتله بالخشب".
(2) في المجمل: "إلا بدخيل بين الهاء والعين".
(3) في الأصل: "وهو في النعم"، وفي المجمل: "وهوى في النعم"، صوابهما ما أثبت. وفي اللسان: "وهوافي الإبل: ضوالها كهواميها".
(4) في الأصل: "وتساقط".
(5) تكملة يحتاج إليها الكلام. وفي المجمل: "والتهافت: تساقط الشيء شيئاً شيئاً". وفي اللسان: "والهفت: تساقط الشيء قطعة بعد قطعة".
(6) في الأصل: "وهفت". والتفسير بعده مما لم أجده في المعاجم المتداولة، لكن وجدت له شاهداً من قول رؤبة في ديوانه 108:
* كثمر الحماض من هفت العلق *(6/42)
(هقل) الهاء والقاف واللام ليس فيه إلاَّ الهِقْل، وهو الفتيُّ من النَّعام. ويقولون: التَّهقُّل(1): المَشْيُ البطيء.
(هقم) الهاء والقاف والميم: يدلُّ على اتِّساعٍ وعِظَم. ويقال للبحر هِقَمٌّ، لعِظَمِه وبُعْدِ قَعرِه. وصوتُه هَيْقَم. قال:
* كالبَحر يَدعُو هَيْقَماً وهَيْقَما(2) *
ويقال: الهِقَمُّ(3): الرَّجُل الكثير الأكل. ويقال: الهَيْقم: الظَّليم العظيم(4).
(هقب) الهاء والقاف والباء. يقولون: الهِقَبُّ: الضَّخْم الطَّويل الرَّغيب البطن. وقال أبو بكر: الهِقَبُّ: الصُّلب. والهَقَب: السَّعة(5).
(هقع) الهاء والقاف والعين. فيه ثلاث كلمات: الهَقْعَة: نجمٌ من منازل القَمَر.
والكلمة الأخرى الهَقْعة: دائرة تكون بزَور الفرَس. قال:
هكل - هكم - هكر
وقد يركب المهقوع زَوجُ حَصانِ(6)
وقد يَركبُ المهقوعَ مَنْ لَسْتَ مثلَه
والكلمة الأخرى: اهتُقِعَ لونُه، مثل امتُقِعَ.
(باب الهاء والكاف وما يثلثهما)
(هكل) الهاء والكاف واللام يدلُّ على إشرافٍ وعُلُوٍّ. منه الهَيْكَل: الفَرَسُ الطَّويل. قال:
__________
(1) وكذا في المجمل. ولم ترد في اللسان كلمة في هذه المادة بمعنى المشي، وليس في القاموس إلا قوله عند ذكر "الهيقل": "وبهاء ضرب من المشي".
(2) لرؤبة في ملحقات ديوانه 184 واللسان (هقم 100) وقبله:
* ولم يزل عز تميم مدعما *
(3) ويقال "هقم" أيضاً كفرح وحذر.
(4) في اللسان والمجمل: "الظليم الطويل".
(5) نص الجمهرة (1: 325): "وهقب: اسم، وأحسبه مشتقاً من الهقب، وهو السعة". على أن تفسير "الهقب" بالصلب مما لم يرد في المعاجم المتداولة. ووجدت في القاموس: "والهقبقب: الصلب الشديد".
(6) ذكر في اللسان أنه مجاوبة لقول قائل:
حليلته وازداد حرا عجانها
إذا عرق المهقوع بالمرء أنعظت(6/43)
ـكَلٍ ذي مَيْعَة سَكْبِ(1)
وقد أغدُو بِطرفٍِ هَيـ
(هكم) الهاء والكاف والميم تدلُّ على تقحُّمٍ وتهدُّم. وهَكَم هَكْماً: تقَحَّمَ على النَّاس وتعرَّضَهم بشَرّ. والتهكُّم: التَّهزُّؤ. وتهكَّمَتِ البِئرُ: تهدَّمت.
(هكر) الهاء والكاف والراء كلمتان: الهَكْر: العَجَب. قال:
* فاعجَبْ لذلكَ رَيْبَ دَهرٍ وَاهْكَرِ(2) *
قال الخليل: تقول هَكْراً لَكَ.
والكلمة الأخرى: *اعتراءُ النُّعاس. قال: وهَكِر الرّجُل: اعتراه نُعاس وكَلَّ، واستَرخَتْ عِظامُه ومَفاصِلُه.
هكع - هلم - هلا
(هكع) الهاء والكاف والعين يدلُّ على تطامُنٍ وخُضوع. وهَكَعت البقَرُ تحتَ ظلِّ الشَّجر من شِدَّة الحرِّ: سكنَتْ. ويقال للعَظْم إذا انكَسَر بعد جَبْرٍ: قد هَكَع. واهتكَع الرّجُل: خَشَع. وهكع اللّيلُ: أرخَى سُدولَه. وذَهَب فما يُدْرَى أينَ هَكَع، كأنَّهُ استَخْفَى وتَوارَى، كما تهقع البقر. والهُكْعَة(3): الرّجُل العاجز يَهْكَع لكلٍّ، أي يَخشَع. ويقولون: الهُكَاع: السُّعال. وهَكَع يَهْكَعُ هُكاعاً: سَعَلَ.
(باب الهاء واللام وما يثلثهما)
(هلم) الهاء واللام والميم ليس فيه إلا قولهم هَلُمَّ: كلمة دعوة إلى شَيء. قالوا: وأصلها هَلْ أَؤُمُّ، كلامُ مَن يريد إتيان الطعام، ثمَّ كثُرت حتَّى تكلَّم بها الدَّاعي، مثل قولهم: تَعَالَ، أي اعْلُ، ثمَّ كثُرت حتّى قالها مَن كان أسفَلَ لمن كان فَوق. ويحتمل أنْ يكون معناها هلْ لك في الطَّعام أُمَّ، أي اقصِدْ. والذي عندنا في ذلك أنَّه من الكلام المُشكِل. وقد مرَّ مثلُه.
__________
(1) لعقبة بن سابق في كتاب الخيل لأبي عبيدة 117 برواية: "بطرف سابح". وفي الأصل: "وقد أعدو"، صوابه من كتاب الخيل.
(2) لأبي كبير الهذلي في ديوان الهذليين (2: 101) واللسان (هكر). وصدره:
* فقد الشباب أبوك إلا ذكره *
... ورواية الديوان:" فعل الدهر".
(3) بسكون الكاف وفتحها، كما في اللسان.(6/44)
(هلا) الهاء واللام والحرف المعتلّ. يقولون: هَلاَ. كملةٌ تسكَّنُ بها الإناث عند مقارنةِ الفحل إيَّاها. قال:
* ألاَ حيِّيا لَيلَى وقُولاَ لها هَلاَ(1) *
ويقال: ذهَبَ بذي هِلِيَّان، أي حيث لا يُدرَى.
هلب - هلت - هلج - هلس
(هلب) الهاء واللام والباء: أصلٌ يدلُّ على سُبوغٍ في شيءٍ وسَعَة. فالهُلْب: ما غلُظ من الشَّعر، كشعر الذَّنَب. وعيشٌ أهْلَبُ: واسع، كما يقال: عيش أزَبُّ. ويومٌ هَلاَّبٌ، إذا كان مطرُه دائماً في لِين. والهَلاَّبة: الرّيح الباردة مع قَطْرٍ(2)، ولذلك يقال لِشدَّة الزمان هُلْبَة. وإنَّما قِيل فرسٌ مهلوبٌ لأنّه قد جُزَّ هُلْبُ ذَنبِه.
(هلت) الهاء واللام والتاء. ليس بشيء، إلاَّ أنهم يقولون: الهَلْت: الجماعة(3). [والهُلاَت(4)]: الاستِرخاء.
(هلج) الهاء واللام والجيم ليس بشيء. ويقولون: هَلَج: أتَى بكلامٍ ولا يوثَق به.
(هلس) الهاء واللام والسين يدلُّ على إخفاء شيءٍ: من كلامٍ وغيره. يقال: أهْلَسَ في الضَّحِك: أخْفاه. قال:
* تضحك مني ضَحِكاً إهلاسَا(5) *
__________
(1) البيت للنابغة الجعدي، يقوله في ليلى الأخيلية. اللسان (هلا) واللآلئ 282. وعجزه:
* فقد ركبت أمراً أغر محجلا *
(2) في الأصل: "قطعة"، صوابه في المجمل واللسان.
(3) لم أجد هذا في غير المجمل والمقاييس. والذي في القاموس: "والهلتات: الجماعة يقيمون ويظعنون". وفي مادة (هلث): "الهلثي والهلثاء والهلثاءة ويكسران، والهلثة بالضم: جماعة علت أصواتهم". والذي في اللسان (هلت): "والهلتاءة: الجماعة من الناس يقيمون ويظعنون. هذه رواية أبي زيد، ورواها ابن السكيت بالثاء" وصنع في مادة (هلت) صنيع صاحب القاموس وزاد عليه "الهلثاة" عن ثعلب.
(4) التكملة من المجمل، ولم ترد في اللسان ولا القاموس. وجاءت بالثاء في القاموس فقط.
(5) أنشده في اللسان (هلس) والمخصص (2: 145/14: 262).(6/45)
وهالَسَ فُلاناً: سارَّهُ. والمهلوسُ: الضَّعيف العَقْل، وهو القياس. والهُلاَس
هلع - هلف - هلك
[شِبْه السُّلال من الهُزال(1)]، كأنَّ لحمَه خَفِيَ وتوارَى.
ومما شذَّ عن الباب الهَلْس: الخَيْر الكثير(2).
(هلع) الهاء واللام والعين: يدلُّ على سُرعةٍ وحِدَّة. وناقة هِلْوَاعٌ: حديدة سريعة. ونعامةٌ هالِعٌ كذلك. ومنه الهَلَعُ في الإنسان: شِبْه الحِرْص. ورجلٌ هَلِعٌ وهَلُوع.
قال ابن السِّكِّيت: رجلٌ هُلْعَة يَهْلَعُ ويَجْزَع سريعاً. ويقال: ما لَهُ هِلَّعٌ ولا هِلَّعة، أي جَدْيٌ ولا عَنَاق، وسمِّيا بذلك لنَزقِهما.
(هلف) الهاء واللام والفاء: كلماتٌ متقاربةُ القِياس تدلُّ على كِبَر وضِخَم. والهِلَّوفُ: الشَّيخ الضَّخم. واللِّحيةُ الضخْمة هِلَّوفةٌ، والجمل الكبير هِلَّوْف.
(هلك) الهاء واللام والكاف: يدلُّ على كَسْرٍ وسُقوط. منه الهلاك: السُّقوط، ولذلك يقال للميت هَلَكَ. واهتَلكت القَطاةُ خَوْفَ البازِي: رمَتْ بنَفْسها على المهالك. فأمَّا قول الهذليّ(3):
* ولا هُلُكِ المفارِشِ عُزَّل(4) *
فيقول: ليس أمَّهاتُهم أمَّهات سَوء. وامرأةٌ هَلوكٌ، إذا تَهالكت في غُنْجها متكسِّرة. ولا يقال رجلٌ هلوك. والمُهْتَلِك: الذي يَهتلِك أبداً إلى مَن يكفُلُه، وناسٌ مهتلكون وهُلاَّك. وقول الحُطيئة:
همن - همي
أيدِي المطيِّ به عاديّةً رُغُبَا(5)
مُستَهلِكُ الوِرْدِ كالأسْدِيِّ قد جَعَلَتْ
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) ذكر في القاموس، ولم يذكر في اللسان.
(3) هو أبو كبير الهذلي، كما في المجمل وديوان الهذليين (2: 90).
(4) البيت بتمامه كما في الديوان:
حشدا ولا هلك المفارش عزل
سجراء نفسي غير جمع أشابة
(5) وكذا جاءت روايته في الديوان 4 واللسان (أسد). وفي اللسان (هلك): "عادية ركبا".(6/46)
قالوا: مسهتلِك: جادٌّ والقياسُ لا يدلُّ إلاَّ على ما ذكرناه في صِفة القطاة إذا* اهتلكَتْ من خَوف البازي. والأرضُ الهَلَكِينُ(1): الجَدْبة. والهَلَك: الشَّيء الهالك. والهَلَك: المَهْوَى بين الجبلَين. قال ذو الرُّمَّة:
على هَلَكٍ في نَفْنَفٍ يَتَطَوَّحُ(2)
تَرَى قُرْطَهَا في واضِحِ اللِّيتِ مُشْرِفاً
أمَّا الهالكي فالحدَّاد، يقولون: نُسِبَ إلى الهالك بن عَمرو بن أسد بن خُزَيمة، وكان يَعْمَل الحديد، ولذلك قيل لبني أسدٍ: القُيُون.
(باب الهاء والميم وما يثلثهما)(3)
(همن) الهاء والميم والنون ليس بشيء. فأمّا المُهيمِن، وهو الشاهد فليس من هذا، إنَّما هو من باب أمن(4)، والهاء مبدلة من همزة.
(همي) الهاء والميم والحرف المعتلُّ يدلُّ على ذَهابِ شيءٍ على وَجهه. وهَمَى الماءُ: سال. وهَمَتِ الماشيةُ تَهمِي: ذهبَتْ على وجهها لِرَعيٍ أو غيرِه.
وفي الحديث: "إنَّا نُصيبُ هَوامِيَ الإبل": الضَّوالّ.
همج
وإذا همز(5)* تغيَّر المعنى. تقول: تهمّأ الثّوبُ: بلِي.
(همج) الهاء والميم والجيم: أصلٌ يدلُّ على اختلاطٍ واضطراب. فالهامج: المتروك يموجُ بعضُهُ في بعض. قال:
* يَعيثُ فيه هَمَجٌ هامجُ(6) *
وقول أبي ذؤيب:
__________
(1) يقال هلكين وهلكون أيضاً.
(2) ديوان ذي الرمة 82 واللسان (هلك)، والكامل 145 ليبسك.
(3) ورد هذا الباب في الأصل متأخراً عن الباب الذي يليه، فقدمته طبقاً لمنهج ابن فارس. وقد جاء في المجمل في ترتيبه الطبيعي كما أثبت.
(4) في الأصل: "أمين".
(5) هذه نهاية صفحة 752 من الأصل. وأحب أن أنبه أن أرقام صفحات الأصل أصابه بعض اضطراب بناء على التعديل الذي أشرت إليه قريباً. فالمواد من (هنم) إلى (هنق) هي تابعة لرقم 752 من الأصل لا لرقم 753.
(6) الحارث بن حلزة اليشكري في اللسان (همج، رقح) والبيان (3: 303) وصدره:
* يترك ما رقح من عيشه *(6/47)
* موَلَّعة بالطُّرَّتينِ هَمِيجُ(1) *
فيقال: الهميج: كلُّ لونينِ اختَلَطا.
ومن الباب الهَمَج: البَعوض، ويقال لرُذَالِ النَّاس الهَمَج تشبيهاً. والهَمَجُ: الدَّبَا من الجراد. [و] يقال: أهْمَجَ الفرسُ إهماجاً: اضطرَبَ في جَريِه. والهَمَج: الجُوع، لما يعتري صاحبَه من الاختلاط والاضطراب. قال:
* قد هَلكَتْ جارتُنا من الهَمَجْ(2) *
همد - همذ - همر - همز
وهمَجَت الإبل، ورَدَت الماء فَشرِبَتْ منه. ويقال: الهَمَجَة: الشَّاة المهزولة، كأنها شُبِّهت بالبَعوضة.
(همد) الهاء والميم والدال: أصلٌ يدلُّ على خمودِ شيء. وهَمَدت النار: طَفِئَتْ البَتّة. وأرضٌ هامدة: لا نباتَ بها(3). ونباتٌ هامد: يابس. والإهماد: الإقامة بالمكان.
ومما شذَّ عن هذا الباب قول من قال: إنَّ الإهماد: السُّرعة في المَشْي. قال:
* ما كانَ إلاَّ طَلَقُ الإهمادِ(4) *
(همذ) الهاء والميم والذال، يدلُّ على سُرعة. يقال الهَماذِيُّ: السُّرعة. [و] هَماذِيُّ المطرِ: شِدَّته.
(همر) الهاء والميم والراء: أصلٌ يدلُّ على صَبٍّ وانصباب. وهَمَر دمْعه. وهَمَرَ الدّمعُ وانهمَرَ: سالَ. وفلانٌ يُهامِر الشَّيء، إذا أخذه جَرْفا. وهَمَر في كلامِهِ: أكثَرَ. وهو مِهمارٌ، أي كثير الكلام. وهَمَر له من مالِهِ، كأنَّه صَبّه له صَبَّاً.
__________
(1) صدره في ديوان الهذليين (1: 59) واللسان (همج):
* كأن ابنة السهمي يوم لقيتها *
(2) أنشده في اللسان (بذج) منسوباً إلى أبي محرز المحاربي. وهو بدون نسبة في اللسان (همج) ومجالس ثعلب 585 والحيوان (5: 501) والميداني (1: 261) والأضداد 279. وقد سبق في (بذج).
(3) في الأصل: "لها"، وأثبت ما في المجمل.
(4) لرؤبة بن العجاج. اللسان (همد).(6/48)
(همز) الهاء والميم والزاء كلمةٌ تدلُّ على ضَغْطٍ وعَصْر. وهمَزْت الشَّيءَ في كفِّي. ومنه الهَمز في الكلام، كأنَّه يَضْغَط الحرف. ويقولون: همزَ بِهِ الأرض(1).
همس - همش
وقوسٌ هَمْزَى: شديدةُ الدَّفعِ للسَّهم. والهمَّاز: العَيَّاب، وكذا الهُمَزَة. قال:
وإنْ أُغيَّبْ فأنت الهامزُ اللُّمَزَهْ(2)
تُدْلِي بوُدِّيَ إذْ لاقَيتَنِي كذِباً
وَهمْزُ الشَّيطان كالمُوتَة تَغلِبُ على قَلْب الإنسان تَذهب به.
(همس) الهاء والميم والسين يدلُّ على خَفاءِ صَوتٍ وحِسٍّ. منه الهَمْس: الصَّوت الخفِيّ. وهَمْسُ الأقدام أخفَى ما يكونُ من وطءِ القدَم. وأمَّا قولُهم الهَمَّاس: الأسَد الشَّديد، فمِنْ هذا عندنا أيضاً، لأنّه إنَّما يُراد به هَمْسُه إمَّا في وَطْئه وإمَّا في عَضِّه. قال:
* عادتْه خَبْطٌ وعضٌّ هَمّاسْ(3) *
(همش) الهاء والميم والشين: أصلٌ يدلُّ على سرعةِ عملٍ أو كلام. يقولون: الهَمِش(4): السَريع العَمَلِ بأصابِعِه. وامرأةٌ هَمشَى الحديثِ، إذا تسرَّعَتْ فيه. قال:
هَمَشَى الحديثِ ولا رَوَادٌ سَلْفَعُ
أيَّام زينب لا خفيفٌ حِلْمُها
والهَمْش: حلبٌ بسرعة. والهَمش: الصَّوت والجَلَبة.
همط - همع - همق - همك - همل - هنا
(همط) الهاء والميم والطاء ليس بأصلٍ، إلا أنّهم يقولون: هَمَطَ: خَلَطَ بين الباطِل والظُّلم. وأهمَطَ عِرْضَ فلانٍ: شَتَمه.
__________
(1) في الأصل "همزته الأرض"، تحريف، وفي المجمل: "وهمز به الأرض: ضرب". وفي القاموس: "وهمزت به الأرض: صرعته". ولم يرد في اللسان.
(2) وكذا ورد في إصلاح المنطق 475. وأنشد عجزه في المجمل. ورواية اليبت في اللسان (همز):
وأن تغيبت كنت الهامز اللمزه
إذا لقيتك في شحط تكاشرني
(3) أنشده في المجمل أيضا.
(4) الميم مهملة الضبط في الأصل، وضبطت في المجمل بالسكون، وفي اللسان بالكسر.(6/49)
(همع) الهاء والميم والعين. يدلُّ على سَيلانِ شيء. وهَمَعَت العينُ: سالَ دمعُها. وتهمَّعَ الرَّجلُ: تباكى(1). وسحابٌ هَمِع: ماطر. ويقال: الهِمْيَع: الموتُ الوَحِيّ(2).
(همق) الهاء والميم والقاف: كلمة واحدة. يقولون: كَلأٌ هَمِقٌ: هَشٌّ.
(همك) الهاء والميم والكاف: كلمةٌ واحدة. انهمَكَ في الأمر: جَدَّ ولَجّ.
(همل) الهاء والميم واللام: أصلٌ واحد. أهْمَلْتُ الشّيء، إذا خلَّيتَ بينه وبين نَفْسِهِ. والهَمَلُ: السُّدَى(3). والهَمَل: المال لا مانعَ له. وهمَلَت العينُ، مثل هَمَرَتْ. والله أعلمُ بالصَّواب.
(باب الهاء والنون وما يثلثهما)
(هنا(4)) الهاء والنون والحرف المعتلّ، فيه كلماتٌ مشكلة، وأشياء ليس لها قياس. يقولون: هنا كلمة تقريب، وهاهُنا تبعيد. فأمَّا قول امرئ القيس:
هنأ - هنب
وحديثٌ ما على قِصَرِهْ(5)
وحديثُ الرَّكب يوم هُنَا
فقد اختُلِف فيه، فقيل إنّه اليوم الماضي، وهو على التّقريب، يقول: عهدي بهم يومَ هُنا. ويقال بل هو اللَّعِب. ويقال هُنا: موضعٌ.
وهَنٌ: كلمةُ كنايةٍ، تقول: أتاه هَنٌ، وفي فلانٍ هَنَاتٌ، أي خَصَلات شرّ، ولا يقال في الخَير.
__________
(1) في اللسان: "بكى، وقيل تباكى".
(2) شاهده قول أسامة الهذلي، وقد سبق في (ذعط):
من الموت بالهميع الذاعط
إذا بلغوا مصرهم عوجلوا
(3) في الأصل: "السد"، صوابه في المجمل واللسان.
(4) ورد قبلها في الأصل مادة (هنم)، ورددتها إلى موضعها بعد مادة (هنق).
(5) ديوان امرئ القيس 154. وصدره في اللسان (20: 374).(6/50)
(هنأ) الهاء والنون والهمزة: يدلُّ على إصابةِ خيرٍ من غير مشقّة. فالهَنْء: العَطِيَّةُ، وهو مصدرٌ والاسم الهِنْء. والهَنِئ: الأمر يأتيك من غير مشقة. وما كان هذا الطعام هنيئاً ولقد هَنُؤ. وهَنِئت الماشيةُ: أصابَتْ حظَّاً من بَقْل. وإبلٌ هَنْأَى(1). وأمّا الهِناءُ فضَربٌ من القَطِران. هَنَأْتُ البَعيرَ، وناقَةٌ مَهْنوءَة. وممكن أن يسمَّى بذلك لما فيه من الشِّفاء.
ومما ليس من الباب مضى هِنْءٌ من اللَّيل(2)، أي طائفة.
(هنب) الهاء والنون والباء، ليس فيه إلاَّ هِنْبٌ: اسمُ رجلٍ. وذكر ابن دريد أن الهَنَب: الوَخامَة والثِّقَل(3). يقال امرأة هَنْباء: بلهاء. قال:
* مجنونةٌ هُنَّباءٌ بنتُ مجنونِ(4) *
هند - هنع - هنف - هنق
(هند) الهاء والنون والدال ليس بقياسٍ، وفيه أسماءٌ موضوعةٌ وضعاً، فهِند: اسمُ امرأةٍ. وهُنَيدةُ: مائةٌ من الإبل(5). قال:
ما في عَطائِهمُ مَنٌّ ولا سرفُ(6)
أعطَوْا هُنيدةَ يحدوها ثمانيةٌ
ويقال للمائتين هِنْد. أمَّا قولهم: هَنَّدَتْ فلانةُ قلبي: ذهبت به، وهنَّدَتْ فلانةُ فلاناً: أورثَتْهُ عِشقاً بمغازَلةِ- فكلامٌ لا يعرَّج عليه.
وقولهم: التَّهنيد: شَحْذُ السيف المهنَّد، إنما هو طبع على سيوف الهِند.
__________
(1) وردت في القاموس، ولم ترد في اللسان.
(2) وردت في القاموس، ولم ترد في اللسان.
(3) لم يرد هذا النص في الجمهرة. انظر الجمهرة (1: 332).
(4) هذا شاهد للهنباء، بضم الهاء وتشديد النون المفتوحة. وفي الأصل: "بنت مجونة"، صوابه في المجمل حيث أنشد هذا العجز. وأنشد البيت في اللسان (هنب) منسوباً إلى النابغة الجعدي. وصدره:
* وشر حشو خباء أنت مولجه *
(5) في اللسان: "التهذيب: هنيدة مائة من الإبل معرفة لا تنصرف ولا يدخلها الألف واللام، ولا تجمع، ولا واحد من جنسها".
(6) لجرير في ديوانه 389 واللسان (هند).(6/51)
(هنع) الهاء والنون والعين: كلمةٌ تدلُّ على تطامُنٍ في شيء. فالهَنَع: تطامُنٌ في العُنُق. وأكَمَةٌ هَنْعاء: قصيرة. وظَلِيمٌ أهنَعُ: في عُنُقِهِ تطامُن والهَنْعَةُ: سِمَةٌ في مُنخَفَض العُنُق. والهَنْعة: كوكب.
(هنف) الهاء والنون والفاء: كلمةٌ واحدة: هي المُهانَفَة: الضَّحِك فوق التبسُّم. قالوا: ولا يقال للرَّجُل تَهانَفَ؛ فهو نعتٌ في ضحك النِّساء خاصَّةً، حكاه الخليل. ويقال: بل التَّهانُف: ضَحِك المستهزِئ.
(هنق) الهاء والنون والقاف. حكى ابنُ دريد(1): الهَنَق: شبه الضَّجَرِ يعترِي الإنسان. وأنشد:
هنم
* أهنَقَني اليومَ وفَوْق الإهْناقْ(2) *
(هنم(3)) الهاء والنون والميم. الصحيح فيه أن الهَيْنمَة: الصَّوْتُ الخفيّ. [قال]:
إذا هُمْ بهينمةٍ هَتْمَلُوا(4)
ولا أشْهَدُ الهُجْر والقائليه
ومما قد ذكر: الهِنَّمَة(5): خرَزةٌ يؤخَّذ بها.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله هاء
(باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله هاءٌ)
من ذلك الرجل (الهِبْلع): الأكُول. وهذه منحوتةٌ من كلمتين: هلع وبلع. فالهَلَع: الحرص، والبَلْع: بلْع المأكول.
ومنه (الهِدْلِقُ): المسترخِي، وهي منحوتة من هَدِل، أي استرخَى واستَرْسَلَ؛ *ودَلَق، إذا خَرَج من المكان الذي كان به.
__________
(1) في الجمهرة (3: 168).
(2) في الأصل: "فوق الإهناق"، وإثبات الواو من المجمل والجمهرة.
(3) وردت هذه المادة في الأصل في صدر هذا الباب، والوجه إثباتها هنا، كما ورد في المجمل على النظام الذي وضعه ابن فارس.
(4) للكميت في اللسان (هتمل، هنم) وفي الأصل: "بهينمة هتما"، صوابه من اللسان.
(5) في الأصل: "الهمة"، صوابه في المجمل واللسان.(6/52)
ومنه (الهِبْرِقيّ): الحدّاد أو الصَّائغ(1)، وهي منحوتة من هَبَر وبَرَق، كأنّه يَهْبِرُ الحديد، أي يقطعه ويُصْلِحه حتى يبرُق.
ومنه (الهِلْقام): الضَّخم الواسع البَطْن، وهو من هقم، من البحر الهَيْقَم: الواسع، ولَقم من لَقْم الشَّيء.
ومنه (الهزرقة): أسْوَأُ الضَّحِك، وهو مما زيدت فيه الراء، وإنما هو من هَزِق إذا ضَحِك، وقد فُسِّر.
ومنه (الهَبْرَكَة) النَّاعمة، والكاف زائدة من هَبْر اللَّحم. يقول: لحمها كثير.
ومنه (الهَمْرَجَة): الاختلاط، وهو من ثلاث كلمات: هَمَج، وهرج، ومرج، قد فسّرت كلها. وهَمْرَجْتُ عليه الخبرَ همرجَةً، مثل خلّطته.
ومنه (الهِلْباجة): الأحمق، واللام فيه زائدة، وإنَّما هو من الهَبَج. وقد قلنا: التهبُّج: الاختلاط والثِّقل.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله هاء
ومنه (الهِزْلاج): الذِّئب الخفيف وزيدت فيه الهاء، من زَلَج كما يزلج السَّهم ومن الأزلِّ أيضاً، وهو الأرسح الخفيف المؤخر.
ومنه عجوز (هَمَّرِشٌ) من همَّ وهرش، أي هِمَّةٌ سيّئة الخلق، تهارش. ومنه (الهِرْشَمّ): الحجر الرّخو، والراء فيه زائدة، من الهشم، كأنّه ينهشم سريعاً.
ومنه (الهِرماس): الأسد، والميم فيه زائدة، وإنَّما هو من هَرسَ، كأنّه يحطِّم ما لقي.
ومنه (الهِزَبْر): الأسد، زيدت فيه الهاء، من برز أي إنَّه مبارِز(2).
ومنه (الهَذْرمة): سُرعة الكلام من هَذر وهَذَم، وقد فُسِّرا.
ومنه (الهَمَرْجَلُ): الفرس الجوادُ، من هَمَر وهَجَل، كأنَّه يَهْمِرُ في جَريِه ويَهجل.
ومنه (الهِرجاب): الطَّويل، والباء فيه زائدة، من هَرَج. وقد قلنا إنَّ هذا بناء يدل على اضطراب.
__________
(1) في الأصل: "الصانع"، صوابه من اللسان والقاموس. وفي اللسان أيضاً: "وقيل هو كل من عالج صنعة بالنار".
(2) كذا، وهو سهو، إذ حقه أن يكون من (زبر).(6/53)
ومنه (الهِجْرِع): الخفيف الأحمق، من هرع وهجع. والهَرِع: المتسرِّع. والهجع(1): الأحمق.
ومنه (الهَجَنَّع): الشَّيخ، والجيم زائدة، من الهَنَع، وهو التَّطامُن، كأنَّه خلُقه قد تطامَنَ. ويوصف به الظَّليمُ(2) وغيره.
ومنه (الهَطَّلع): الرَّجُل الطويل، زيدت فيه الهاء، من طلع.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله هاء
ومنه (اهْرَمَّعَ) الماءُ. سال، من هَمَع وهَرِع، وكلاهما سال. وكذا اهْرَمَّعَ الرَّجُل: أسرَعَ.
***
ومما وضع وضعاً ولا نعلم له قياساً(3): (الهَمَلَّع): الذي توقع خُطاه توقيعاً شديداً.
و(الهَبَنْقَع): الأحمقُ يجلِسُ على أطراف أصابِعِه يَسأل. وقد قَعَدَ الهَبَنْقَعةَ.
و(هَبَنَّقَة): رجلٌ يُضرَب به المثلُ في الحمق. والهِبْنيق(4): الوَصيف.
[و] (الهِرْكَوْلَة): المرأة الجَسيمة.
و(الهِلكسُ(5)) الذي حكاه ابنُ دريد(6) وهو الرجُل الدنيّ الأخلاق.
و(الهِجْرس): ولد الثَّعلب(7). و(الهيْجُمانَة): الذَّرَّة. و(الهِرْشَفَّة): العجوز البالية، والدَّلو الخَلَق(8). و[لَيْسَ(9)] له (هَلْبَسيسٌ)، أي شيء.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله هاء
__________
(1) هو بالكسر، وكصرد، وكتف.
(2) في الأصل: "الظلم".
(3) في الأصل: "وبالعلم له قياساً".
(4) في القاموس: "الهبنق كقنفذ وزنبور وقنديل ويفتح، وكسميدع وعلابط: الوصيف من الغلمان".
(5) يقال هلكس كزبرج، وهلكس كجردحل، وكلاهما حكاه ابن دريد في الجمهرة. وذكرا أيضاً في القاموس، واقتصر في اللسان على الضبط الأخير.
(6) الجمهرة (3: 343).
(7) في القاموس: "القرد، والثعلب أو ولده، واللئيم، والدب، أو كل ما يعسعس بالليل مما كان دون الثعلب وفوق اليربوع".
(8) ذكر هذا المعنى الأخير في اللسان، ولم يذكر في القاموس.
(9) التكملة من المجمل واللسان، وليس يتكلم به إلا مع النفي.(6/54)
و(الهِرْطال): الطويل. و(الهِرْدَبُّ(1)): الجَبَان. و(الهِدَمْلَة): رملة. و(هَرْثَمَة) الأسد: أنْفُه وخَطْمُه. وشعرُهُ (هَرَاميلُ)، إذا سقَطَ. و(الهَنابث): الأُمور الشَّدائد.
والله أعلمُ بحقائق الأمور.
ـــــــ
(تم كتاب الهاء، والله أعلم بالصَّواب)
وج - وخ - ود
كتاب الواو
(باب الواو وما معها في المضاعف والمطابق)
(وج) الواو والجيم ليس إلاّ "وَجّ" بلدُ الطَّائِفِ(2). وفي الحديث: "آخِر وطأة وطِئَها الله تعالى بوَجّ"، يريد غَزَاةَ(3) الطَّائِف.
(وخ) الواو والخاء. يدلُّ على اختلاطٍ واضطراب. ورجلٌ وَخْواخٌ مختلطٌ ضعيف. قال:
*لم أكُ في قومِي امرأً وَخْواخَا(4) *
(ود) الواو والدال: كلمةٌ تدلُّ على مَحَبَّةٍ. وَدِدْتُه(5): أحببته. ووَدِدْتُ أنَّ ذاك كان، إذا تمنَّيْتَه، أَوَدُّ فيهما جميعاً. وفي المحبَّة الوُدُّ، وفي التَّمنِّي الوَدَادة. وهو وَديدُ فلانٍ، أي يُحِبُّه.
وز - وس - وش - وص
فأمَّا الوَدُّ: [فـ] الوَتِد. وقد ذكر.
(وز) الواو والزاء: حرفٌ [يدلُّ على] خِفَّة وسُرعة. ورجلٌ وَزْوازٌ: خفيف. قال أبو بكر(6): الوَزْوَزة: الخِفّة والسُّرعة.
__________
(1) يقال للجبان هردب وهردبة، كما في اللسان. واقتصر في القاموس على الأخير.
(2) كذا بالإضافة وفي معجم البلدان عند ذكر الطائف: "والطائف تسمى وجا إلى أن كان ما كان مما تقدم ذكره، من تحويط الحضرمي عليها، وتسميتها حينئذ الطائف".
(3) في الأصل: "غزاء"، صوابه في المجمل.
(4) للزفيان، في اللسان (وخخ). وقبله:
* إني ومن شاء ابتغى قفاخا *
... ولم يرد أحد الشطرين في أرجوزة الزفيان المروية في ديوان 93 الملحق بديوان العجاج.
(5) كذا ضبط ماضيه في المجمل بكسر الدال في هذا الموضع وتاليه. ويقال أيضاً وددت، بفتح الدال، كما في القاموس واللسان.
(6) في الجمهرة (1: 149).(6/55)
(وس) الواو والسين: كلمةٌ تدلُّ على صوتٍ غير رفيع. يقال لصوت الحَلْي: وَسْوَاسٌ. وهَمْسُ الصَّائِد وَسواسٌ. وإغواء الشّيطان ابنَ آدم وسواس. قال في الصَّائد:
تذاؤُب الرِّيحِ والوَسواسُ والهَِضَِبُ(1)
[فبات] يُشْئِزُهُ ثَأْدٌ ويُسْهِرُه
(وش) الواو والشين: كلمةٌ واحدة. الوَشوشة: الاختلاط، ورجلٌ وَشْواش.
(وص) الواو والصاد: كلمةٌ تدلُّ على نَظَرٍ من خَرْق، أو خَرْق يُنظَر منه. الوَصْواص: البُرْقع. وَوَصْوَص الجَرو: فَتَّح عينيه. ووصْوصَ فلانٌ: نَظَر بعينيه يصغِّرهما. وحجارة الأياديمِ، أي متونِ الأرض: وَصاوِصُ على التَّشبيه، لأنَّها تبرُق كالعُيون. قال:
* بِصُلَّباتٍ تَقِصُ الوَصاوِصا(2) *
وط - وع - ول - وه - ويح
(وط) الواو والطاء: كلمةٌ واحدة، هي الوَطْواط: الخُطَّاف، وبه سمِّي الجَبانُ وَطواطاً. قال أبو بكر(3): الوَطْوَطة: الضَّعف.
(وع) الواو والعين: كلمةٌ تدلُّ على صَوت. يقال وَعْوَعَ الذِّئْبُ وعلى التَّشبيه يقال للشَّهم الظَّريف: وَعْوَعِيٌّ. وكلُّ صوتٍ مختلطٍ: وَعْوَاعٌ. قال:
* فيَظلُّ منه القومُ في وَعواعِ(4) *
__________
(1) البيت لذي الرمة في ديوانه 22 واللسان (شأز، ثأد، دأب، وسس، هضب). وهذا الاستشهاد يدلك على منزلة شعر ذي الرمة عند اللغويين والرواة. والتكملة في أول البيت من الديوان ومواضع الاستشهاد. والهضب يروى بكسر ففتح: جمع هضبة بالفتح، وهي المطرة الدائمة العظيمة القطر، وبفتحتين جمع هاضب. ونظير الأول بدرة وبدر، ونظير الثاني تابع وتبع. وكلمة "تذاؤب" هي في جميع المواضع السابقة: "تذؤب" وهما بمعنى.
(2) لأبي الغريب النصري. انظر اللسان، (وهص، وصص): ...
* على جمال تهص المواهصا *
(3) في الجمهرة (1: 158).
(4) للمسيب بن علس في المفضليات (1: 61) واللسان (وعع). وصدره:
* يأتي على القوم الكثير سلاحهم *(6/56)
(ول) الواو واللام(1). والولولة: الإعوالُ وأصواتُ النِّساء بالبكاء.
(وه) الواو والهاء. ليس فيه إلا وَهْوَه الحِمارُ حَولَ عانَتِه شفقةً عليها.
قال:
* مقتَدِرُ الضَّيعةِ وَهْوَاهُ الشَّفَقْ(2) *
(باب الواو والياء وما يثلثهما)
(ويح) الواو والياء والحاء. يقال وَيْح(3): كلمةُ رحمةٍ لمن تنزل به بَليّة. قال الخليل: لم يسمع على بنائه إلاَّ وَيْح، ووَيْس، وَوَيْه، وَوَيْل، وَوَيْب. وهي متقارِبة المعنى.
وأب - وأد
(باب الواو والهمزة وما يثلثهما)
(وأب) الواو والهمزة والباء: كلمتانِ تدلُّ إحداهما على تقعير شيء، والأخرى على غَضَب.
فالأولى: الحافر الوأْب: المُقعَّب. والوَأْبة: نُقَيرةٌ(4) في صَخرةٍ تُمسِك الماء.
والكلمة الأخرى أوْأَبْتُ فلاناً: أغضَبْتُه. ويقال إنَّ الإبَةَ منه(5).
(وأد) الواو والهمزة والدال: كلمةٌ تدلُّ على إثقال شيءٍ بشيء. يقال للإبل إذا مَشَت بثَقَلِها: لها وئيدٌ. قال:
* ما للجمالِ مشيَُِهَا وَئيدَا(6) *
__________
(1) كذا وردت المادة بدون ذكر قياسها.
(2) لرؤبة كما في المجمل واللسان (وعع). وهو في ديوانه 105.
(3) هي منصوبة على المصدر، وقد ترفع فيقال ويح له. وهي في النصب مضافة أو غير مضافة؛ تقول: ويح زيد بالإضافة وويحاً له بتركها.
(4) في الأصل: "بفترة"، تحريف، وفي المجمل: "نقرة".
(5) في المجمل: "وهو العار وما يستحى منه".
(6) الرجز ينسب إلى الزباء. انظر اللسان (وأد)، والعيني بهامش الخزانة (1: 448-451) والأغاني
(14: 73) ومروج الذهب (2: 96) وأمثال الميداني في (خطب يسير في خطب كبير). و"مشيها" تروى بالرفع على أنها فاعل تقدم على عامله ضرورة، أو بدل من الضمير في للجمال، أو مبتدأ ووئيدا حال سد مسد خبره، وبالخفض على أنه بدل اشتمال من الجمال، والنصب على المصدر أي تمشي مشيها.(6/57)
أي مشياً بِثِقَل. والموءودة من هذا، لأنَّها تُدفَن حيّة، فهي تُثْقَل بالتُّراب الذي يعلوها. وَأدَها يَئِدُها وَأْداً. ومن ذلك قوله(1):
* وأحْيَا الوَئيدَ فلم يُوأدِ(2) *
وأر - وأص - وأق - وأل
(وأر) الواو والهمزة والراء. يقولون: استَوْأَرت الإبلُ: تتابعت. وذهب أبو إسحاقَ الزَّجّاجُ إلى أنَّ أصل الباب شِدَّة الحرّ. قال: وَوَئِرَ يَومُنا: اشتدّ حرّه وأَراً(3). [و] يومٌ وئِرٌ. قال: ومنه الإرةُ: حفرةٌ تكون لمُستَوْقَد النّار وَوَأر المكانَ: اتَّخَذَ حفرةً للنّار. قال: والوَأْر: شِدّة الفزَع، كأنّه فَزَعٌ يُحرِق من شِدّته. ووأرْتُه أئِرُهُ وَأْراً: أفزَعْته. ووُئِرَ زَيدٌ: ذُعِر.
(وأص) الواو والهمزة والصاد. يقولون: ما أدري أي الوَئِيصَةِ هو، أيْ أيُّ الناس هو. والوئيصة: الجماعة(4).
(وأق) الواو والهمزة والقاف(5). يقولون: الوَأْق: الصُّرَد. قال:
__________
(1) هو الفرزدق. ديوانه 203 واللسان (وأد) والكامل 272 ليبسك والإصابة 4063 والتبريزي في شرح الحماسة 62.
(2) صدره في الديوان والكامل:
* ومنا الذي منع الوائدات *
... وفي الأغاني: "وجدي الذي". وفي اللسان: "وعمي الذي". ويبدو أن رواية اللسان محرفة، فإن الذي منع الوائدات هو جده صعصعة بن ناجية، كما في الأغاني والإصابة وشرح الحماسة.
(3) هذا الفعل اللازم ومصدره مما لم أجده في المعاجم المتداولة.
(4) هذا مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان.
(5) هذه المادة لم تذكر في القاموس، ووردت في اللسان ولكنه لم يذكر فيها "الوأق"، جعلاه جميعاً في مادة (وقى).(6/58)
أغدو على وأقٍ وحاتِمْ(1)
ولقد غَدَوْتُ وكنت لا
(وأل) الواو والهمزة واللام: كلمةٌ تدلُّ على تجمُّع والتجاء. يقال استوأَلَتِ الإبلُ: اجتَمَعَتْ. والمَوْئِل: الملجأ مِن وألَ إليه يَئِلُ. والوَأْلَة: البَنَّة من البَعر المتجمِّع.
وأم - وأه - وأي
(وأم) الواو والهمزة والميم. كلمةٌ تدلُّ على موافَقَة ومقاربة. يقولون: الوِئام: الموافَقة؛ *ووَاءَمْتُه. ومَثَلُهم:
* لولا الوئامُ هَلَكَ الأنامُ(2) *
(وأه) الواو والهمزة والهاء: كلمة يقولونَ عند استطابة الشَّيء: واهاً له.
(وأي) الواو والهمزة والياء كلمتان متباينتان: الأولى الوَعْد، يقال وأيْته أئيهِ وَأْياً، وهو صادق الوَأْي.
__________
(1) المرقش في اللسان (حتم، وقى) والحيوان (3: 436، 449) وعيون الأخبار (1: 145) وتأويل مختلف الحديث 129. ولم تعين هذه المراجع أي المرقشين هو، لكن إطلاقه يرجع أنه الأصغر فإنه "أشعرهما وأطولهما عمراً". المرزباني 201. وهو في حماسة البحتري 255 معزو إلى المرقم الذهلي، وهو خزز بن لوذان، كما في المؤتلف 102 حيث تجد هذه النسبة أيضاً. وهو بدون نسبة في أمالي القالي (3: 106) وزهر الآداب (2: 169). وقد سبق البيت في (حتم).
(2) هذا يحتمل أن يكون شعراً كما يحتمل أن يكون نثراً، إذ يروى أيضاً: "لولا الوئام لهلك" كما يروى: "لولا الوئام لهلك اللئام". والوئام في هذه الرواية بمعنى المباهاة، ويروى أيضاً: "لولا اللئام لهلك الأنام"، واللئام هنا مصدر: لاءمت بين الشيئين. ويروى كذلك: "لولا اللوم لهلك الأنام". واللوام في هذه بمعنى الملاومة من اللوم. انظر الحيوان (1: 341) والميداني (2: 111). ووجدت في الغريب المصنف 388 مصورة دار الكتب: "أبو زيد: واءمته وئاماً ومواءمة، وهي المرافقة وأن يفعل كما يفعل. وأنشد:
* لولا الوئام هلك الإنسان *".
... ثم وجدت هذا الإنشاد أيضاً في المخصص (12: 151).(6/59)
والثانية تدلُّ على قُوَّةٍ أو تجمُّعٍ وعِظَم. يقال حِمارٌ وَأَىً: قويٌّ، وكذلك الفَرَس. وقِدرٌ وئِيَّة(1): عظيمة. وقول أوس:
وهَى عِقدُها فارفضَّ منها الطَّوائف(2)
وحَطّت كما حَطَّت وَئِيّةُ تاجرٍ
ويقال الوَئِيَّةُ: الجُوالِق. والله أعلم.
وبخ - وبد - وبر - وبش - وبص
(باب الواو والباء وما يثلثهما)
(وبخ) الواو والباء والخاء كلمة واحدة. وبَّخه: لامَه، توبيخاً.
(وبد) الواو والباء والدال كلمةٌ تدلُّ على سُوءِ حال. يقال: أرضٌ وَبِدةٌ، إذا ساءت حالُ أهلِها. ويقولون: الوَبْد: نُقرةٌ في صخرة. ورجُلٌ مُسْتَوْبِدُ المكان(3): جاهلٌ به.
(وبر) الواو والباء والراء كلماتٌ لا تَنقاس، بل هي منفردة. فالوَبَر معروفٌ. والوَبْر: دابّةٌ. وبناتُ أوْبَرَ: شِبْهُ الكَمء(4) الصغار. وما بالدار وابِرٌ، أي أحد.
وحكى بعضُهم: وبَّر في منْزلهِ توبيراً: لم يبرحه. ووَبْرٌ: أحد أيّامِ العجوز.
(وبش) الواو والباء والشين كلمةٌ تدلُّ على اختلاط. يقال: جاءَ أوباشٌ من النّاس، أي أخلاط(5). وأوبَشَت الأرض: اختلَطَ نباتُها.
__________
(1) وئية كقوية. ويقال "وأية" أيضاً.
(2) وكذا ورد إنشاده في المجمل واللسان (وأي). وفي الديوان 15:
معاقد فارفضت بهن الطوائف
كأن ونى خانت به من نظامها
... وفي اللسان (وني) والمخصص (15: 145): "ونية تاجر". وفي اللسان (وهي): "وهية تاجر". الونية والوهية: الدرة. والونى في رواية الديوان جمع وناة، وهي الدرة أو اللؤلؤة.
(3) لم يرد في اللسان. والذي في القاموس: "والمستوبد: الجاهل بالمكان، والسيء الحال". لكن الذي في المجمل: "وهو مستوبد بالمكان: جاهل به".
(4) في الأصل: "الكماء"، صوابه في المجمل.
(5) في الأصل: "اختلاط"، صوابه في المجمل.(6/60)
(وبص) الواو والباء والصاد: يدلُّ على ظُهورِ شيءٍ في بَريق. وَبَصَ يَبِص: بَرَق. وقد أوبَصْتُ ناري(1). ووَبَّصَ الجُِرو: فتح عينَيه. وأوبَصَتِ الأرضُ: ظَهَر نباتُها، كأنَّه يَلمَعُ.
وبط - وبق - وبل
ومما شذ عن هذا: إنَّ فُلاناً لَوابِصَةُ سَمعٍ، إذا كان يَسمعُ الكلامَ فيعتمدُه ويظنُّه.
(وبط) الواو والباء والطاء: كلمة تدلُّ على ضَعف. يقال: وَبَِطَ(2) رأيُه: ضعف. والوابِطْ: الجَبان. ووَبَطَنِي فلانٌ عن حاجتي: حبَسَني.
(وبق) الواو والباء والقاف كلمتان. يقال لكلِّ شيء حَالَ بين شيئيْن(3) مَوْبِق.
والكلمة الأخرى: وَبَقَ: هَلَك. وأوْبَقَه الله. ويقال: المَوْبِق: المَوْعِد.
(وبل) الواو والباء واللام: أصلٌ يدلُّ على شدّةٍ في شَيءٍ وتجمُّع. الوَبْل والوابل: المَطَر الشَّديد. ويقال: وَبَلَتِ السَّماء: أتَتْ بوابلٍ. قال:
* إن ديَّمُوا جادَ وإنْ جَادُوا وَبَلْ(4) *
ووَبَلَةُ الشَّيءِ: ثِقَلُه. ومنه يقال شيءٌ وبيلٌ أي وخيم. واستَوْبَلْتُ البلدَ، إذا لم يوافقْكَ وإن كنت مُحبّاً. والوَبيل: الضَّرْبُ الشَّديد. والوَبيل: الرّجُل الثَّقيل في أمرٍ يتولاّه لا يُصلِحه. والمَوْبل: الأمْعَزُ الشَّديد(5). والوَبيل: خَشَبَةُ القَصَّار
وبأ - وتح - وتد - وتر
__________
(1) في المجمل: "وأوبصت ناري: ذكيتها".
(2) هذا الماضي مثلث الباء، ومضارعه يبط ويوبط.
(3) في الأصل والمجمل: "بين شيء"، صوابه في اللسان والقاموس.
(4) الرجز لجهم بن سبل، كما في اللسان (سبل). وأنشده في الأزمنة والأمكنة (2: 88) وشروح سقط الزند 318. وقبله:
* أنا الجواد ابن الجواد ابن سبل *
(5) اللفظ وتفسيره، مما لم أجده في المعاجم المتداولة. على أن كلمة "الموبل" يبدو أن صوابها "الوبيل" لأن الكلام مستمر بعدها في تفسير الوبيل.(6/61)
التي يدُقُّ بها الثِّياب. والوبيل: الحُزْمة من الحَطَب. ويقال: الوَبيل الكلأ رطباً كان أو يابساً. والوابلة: عَظْمُ مَفْصِل الرُّكبة.
(وبأ) الواو والباء والهمزة كلمةٌ واحدة. هي الوَبَاء. وأرضٌ وَبِئَةٌ على فَعِلة وقد وَبِئَت، وموبوءةٌ وقد وُبِئَتْ. وقولهم: وَبأْتُ إليه وأوبَأْتُ، أي أشرتُ، من باب الإبدال، والأصل الميم. وقد أنشدوا بالباء:
وإنْ نحنُ أوْبأْنا إلى النَّاس وقَّفُوا(1)
تَرَى النَّاسَ ما سِرنا يَسيرون خلْفَنا
(باب الواو والتاء وما يثلثهما)
(وتح) الواو والتاء والحاء: كلمةٌ تدلُّ على قِلَّة في شيء. فالوتْح والوتَح(2) القليل. يقال وَتَحَ العَطِيَّة(3). وتوتَّحْتُ من الشراب: شربت منه قليلاً. وأوتَحْتُ حَظَّه: أقلَلْتُه.
(وتد) الواو والتاء والدال: كلمةٌ واحدة، هي الوَتِد، يقال: وَتَدَهُ، وتِدْ وتِدَكَ. ويقال وَتْد أيضاً(4). ووَتِد الأذن: الذي في باطِنِها كأنَّه وَتِد.
(وتر) الواو والتاء والراء: باب* لم تَجِئْ كلمُهُ على قياسٍ واحد، بل هي مفرداتٌ لا تتشابَه. فالوَتِيرة: غُرَّة الفَرَس مستديرةً. والوَتِيرة: شَيء يُتعلَّم عليه
وتش - وتغ - وتن - وثج
الطَّعن. والوَتيرة: المداوَمَة على الشَّيء، يقال: هو على وتيرة. والوَتر: الذَّحْل(5)، يقال وَتَرْتُه أتِرُهُ وَتْراً. والوِتر والوَتْر: الفَرد. ووَترُ القَوسِ معروفٌ. يقال وَتَرْتها وأوْتَرتها. والوَتَرة: طرَفُ الأنف.
__________
(1) البيت للفرزدق في ديوانه 576 (وبأ). ويروى: "أومأنا".
(2) بالفتح والتحريك وككتف.
(3) وأوتحها أيضاً.
(4) أي بسكون التاء. ويقال ود أيضاً بوزنه مع الإبدال والإدغام.
(5) في المجمل: "والوتر الذحل. قال يونس: أهل العالية يقولون الوتر في العدد وفي الذحل الوتر، ونمير (صوابه تميم) تقول وتر في العدد والذحل سواء". وزاد في اللسان أن لغة أهل الحجاز بالضد من لغة أهل العالية.(6/62)
أمَّا المواتَرَة في الأشياء فقال اللِّحيانيّ: لا تكون مواترةً إلا إذا وقعت بينهما فَتْرة، وإلاَّ فهي مُدارَكَة. ويقال: ناقَةٌ مُواتِرةٌ: تضَعُ ركبتَها، ثمَّ تمكُث ثمّ تضَعُ الأخرى.
(وتش) الواو والتاء والشين. الوَتْش: القليل الرُّذالُ من كلِّ شيء. والله أعلم بالصَّواب.
(وتغ) الواو والتاء والغين: كلمةٌ تدلُّ على إثمٍ وبليَّة. فالوتَغ: الإثم. وأوْتَغَه: ألقاه في بَليَّة. ووتِغَ وَتَغاً: هلَكَ. وأوتَغَه: أهلكه.
(وتن) الواو والتاء والنون: كلمةٌ تدل على ثَباتٍ ومُلازَمة. وَاتَنَ الأمرَ: لازَمَه. وماءٌ واتِنٌ: دائم. ومنه الوَتِين: عرقٌ ملازمٌ للقَلْبِ يَسقِيه.
(باب الواو والثاء وما يثلثهما)
(وثج) الواو والثاء والجيم يدلُّ على اكتنازٍ. ووَثُجَ الفَرسُ وَثاجةً: اكتنَزَ
وثر - وثق - وثل - وثم - وثن
لحمُه، وهو وَثيجٌ. واستَوْثَجَ نَبْتُ الأرضِ: عَلِقَ بعضُه بعضاً. وأرضٌ مُؤتثِجةٌ(1): كثيرة الكلأ.
(وثر) الواو والثاء والراء: كلمةٌ تدلُّ على وَطاءةٍ في شَيء. وفِراشٌ وَثْرٌ ووَثِيرٌ: وطِيٌّ. والمَياثِر: ثيابٌ حمرٌ تكون في مراكب الأعاجم. وقولهم: وثَرَ الجملُ النَّاقة: ضرَبَها، كأنَّها له فراشٌ وثير.
(وثق) الواو والثاء والقاف كلمةٌ تدلُّ على عَقْدٍ وإحكام. ووثَّقْت الشّيءَ: أحكَمْتُه. وناقةٌ موثَّقَة الخَلْق. والمِيثاق: العَهدُ المُحكَم. وهو ثِقَةٌ. وقد وَثِقْتُ به.
(وثل) الواو والثاء واللام كلمة. يقولون: الوَثِيل: اللِّيف أو رِشاءٌ يتخَذ منه.
__________
(1) في المجمل: "موثجة" بفتح الثاء، وفي اللسان: "موثجة" بكسره. وقد اقتصر في القاموس كما هنا على "مؤتثجة". أما صاحب اللسان فذكر الكلمتين وإن خالف المجمل في ضبط إحداهما.(6/63)
(وثم) الواو والثاء والميم: أصلٌ يدلُّ على جَمعٍ وتجمُّع. والأصل الوَثِيمة: الحَجَر. يقولون: والذِي أخرَجَ النّارَ من الوثيمة. ثم يقال للحُزْمة من الحَشيش وَثِيمة. يقال ثِمْ، أي اجْمَعْ. والوَثِيم: المكتنِزُ لحماً.
(وثن) الواو والثاء والنون. كلمةٌ واحدة، هي الوَثَن واحد الأوثان: حِجارةٌ كانت تُعْبَد. وأصلها قولهم استَوْثَنَ الشّيءُ: قَوِيَ. وأوْثَنَ فلانٌ الحِمْلَ: كَثَّره. وأوثَنْتُ له: أعطيتُه جزيلاً.
وثأ - وثب - وجح - وجد
(وثأ) الواو والثاء والهمزة، ليس فيه إلاَّ وُثِئَتْ يدُه، وهي موثوءة.
(وثب) الواو والثاء والباء يدلُّ في لُغة العرب على الظَّفْر، إلاّ في لغاتٍ من لُغات حِمْير فإنَّه بخلاف هذا. ووَثَب من مكانه: طَفَر. وفي لغةِ حمير يقولون لمن قَعَدَ: قد وثَب. وإذا أمَروا بالقُعُودِ فالواثِب. ويقولون للملِك إذا قَعَدَ ولم يَغْزُ: المَوْثَبان(1). ويقولون: وَثَّبَهُ وِسادةً: ألقاها له ليَقعُدَ عليها.
(باب الواو والجيم وما يثلثهما)
(وجح) الواو والجيم والحاء. كلمةٌ تدلُّ على سَتر شيءٍ لشيء. وكلُّ ما استَتَرتَ به وِجاح ووَجاح(2). ويقال الوجاح: الشَّخص(3)، لأنَّ كلَّ شخصٍ يستُر ما وراءه. ومنه: حفَرتُ حتَّى أوْجَحْت، أي بلغت الصَّفا. والصَّفا يستُر ما تَحتَه ويمنعُه.
(وجد) الواو والجيم والدال، يدلُّ على أصلٍ واحد، وهو الشي يُلفيه. ووَجَدْتُ الضَّالَّة وِجْداناً. [وحكى بعضُهم: وجَدتُ في الغضَب وِجداناً(4)]. وأنشد:
وجذ - وجر - وجز - وجس
__________
(1) ضبط في الأصل والمجمل والقاموس بفتح الميم، وفي اللسان بضمها.
(2) هو مثلث الواو كما في اللسان والقاموس.
(3) في الأصل: "شخص".
(4) التكلمة من المجمل.(6/64)
على حَنَقٍ ووِجدانٍ شديدِ(1)
كِلانا ردَّ صاحبَهُ بيأْسٍ
(وجذ) الواو والجيم والذال. كلمةٌ صحيحة، هي الوَجْذ، نُقرة في الصَّخرة(2)، والجمع وِجاذ(3). وبلغنا أنَّه يقال، أوجَذَه على الأمر، أكْرَهَه.
(وجر) الواو والجيم* والراء كلمةٌ تدلُّ على جنسٍ من السَّقْي. ووَجَرْت الصَّبيَّ الدَّواء وأوجرتُه. ويستعيرونه فيقولون، أوْجَرْتُه الرُّمحَ، إذا طعنتَه في صَدرِه. والوِجار، سَرَبُ الضَّبُع، لأنَّها تَغِيب فيه كما يغيب المشروب في الحَلْق.
(وجز) الواو والجيم والزاء كلمةٌ واحدة. يقال كلامٌ وَجْزٌ ووجيز. وربَّما قالوا: توجَّزْتُ الشَّيءَ، مثل تنجَّزْت.
(وجس) الواو والجيم والسين: كلمةٌ تدلُّ على إحساسٍ بشيءٍ وتسمُّعٍ له. تَوَجَّس الشَّيءَ: أحَسَّ به فتسمَّعَ له. قال الله تعالى: { فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى } [ طه 67]. ثمَّ قال ذو الرُّمَّة:
* إذا توجَّسَ(4) *
ومما شذَّ عن هذا وهو من الكلام المُشكِل: قولهم: لا أفعَلُه سَجِيسَ الأوْجَسِ: الدَّهْر. وما ذُقْتُ عِنده أوجَسَ، أي شيئاً من الطَّعام.
وجع - وجم - وجن - وجه
__________
(1) أنشده في المجمل واللسان (وجد)، وهو لصخر الغي، كما في اللسان وديوان الهذليين (2: 67). وكذا ورد إنشاده في المجمل. لكن في اللسان: "وتأنيب ووجدان شديد"، وفي الديوان: "وتأنيب ووجدان بعيد".
(2) في المجمل واللسان: "نقرة في الجبل".
(3) ووجذان أيضاً.
(4) سبق في (أرض) والبيت بتمامه كما في الديوان 587 واللسان (وجس، أرض، موم):
أو كان صاحب أرض أو به الموم
إذا توجّس ركزا من سنابكها(6/65)
(وجع) الواو والجيم والعين: كلمةٌ واحدة، هي الوَجَع: اسمٌ يجمع المرض كلَّه. وهو ييجَع وياجَعُ(1)، وأنت تِيجع من كذا. وقال رائدٌ من الرُّوَّاد: "رأيتُ كَلأً تِيجَعُ له كَبِدُ المُصْرِم(2)". وهو وَجِعٌ وقومٌ وَجَاعَى. وأنا أوْجَعُ رأسي، ويُوجِعُني رأسي. وتوجّعت له: رَثَيت. ويقولون: إنَّ الوَجْعاء: السَّهُ(3).
(وجم) الواو والجيم والميم: يدلُّ على سكوتٍ في اهتمام. ووَجَم من الأمرِ يَكرَهُه: أسْكَتَ له. وفي الحديث: "ما لي أراكَ واجماً". ويقولون: يومٌ وجيم: شديد الحَرّ، وفيه نظر. ومصدرهُ الوَجْمُ والوجوم(4).
(وجن) الواو والجيم والنون يدلُّ على صلابةٍ في الشّيء. ومنه الوَجِين: العارض من الأرض يَنقاد، وهو صُلْبٌ، وبه سمِّيت الناقة وَجْناء. وقياس وَجْنَةِ الإنسان منه، لأنَّ فيها(5) صلابةً وشِدّة، والجمع وَجَنات. وربَّما سمَّوْا شَطَّ الوادِي وَجِيناً. ووَجَن ثوبَه: ضَربَه بالمِيجَنَة، هي الخشَبةُ يُدَقُّ بها.
(وجه) الواو والجيم والهاء: أصلٌ واحد يدلُّ على مقابلةٍ لشيء. والوجه مستقبِلٌ لكلِّ شيء. يقال وَجْه الرّجلِ وغَيره. وربَّما عُبِّر عن الذات بالوَجْه. [و] تقول: وَجْهي إليك. قال:
وجي - وجب
ربَّ العِبادِ إليه الوَجْهُ والعَمَلُ(6)
أستغفِرُ اللهَ ذَنْباً لستُ مُحْصِيَهُ
وواجهتُ فلاناً: جعلتُ وجهي تِلقاءَ وجهه.
__________
(1) ويقال أيضاً: "يوجع" كيفرح.
(2) انظر البيان والتبيين (2: 161) واللسان (صرم 231).
(3) السه: الاست. وفي المجمل واللسان: "السافلة". وفي القاموس "الدبر".
(4) في الأصل: "ومصدر الوجم الوجوم".
(5) في الأصل: "فيه".
(6) البيت من أبيات سيبويه الخمسين، التي لا يعرف قائلها. سيبويه (1: 17) والخزانة (1: 486).(6/66)
ومن الباب قولُهم: هو وجيهٌ بيِّنُ الجاه. والجاه مقلوبٌ. والوِجهة: كلُّ موضعٍ استقبلتَه. قال الله تعالى: { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ } [البقرة 148]. ووجَّهت الشَّيءَ: جعلتُه على جهة(1). وأصل جِهَتهِ وِجْهَته. والتَّوجيه: أن تَحفِر تحت القِثَّاءَة أو البِطِّيخة ثم تُضجِعَها. وتَوجَّهَ الشَّيْخُ: ولَّى وأدْبَر، كأنَّه أقْبَلَ بوجهه على الآخر. ويقال للمُهْر إذا خَرَجَتْ يداه من الرّحم: وَجِيهٌ.
(وجي) الواو والجيم والحرف المعتلّ: يقولون: تركتُه وما في قلبي منه أوْجَى، أي يَئِسْتُ منه. ويقولون: سألتُه فأوجَى عليَّ، أي بَخِلَ عَلَيَّ.
(وجب) الواو والجيم والباء: أصلٌ واحد، يدلُّ على سُقوط الشيء ووُقوعِه، ثم يتفرَّع. ووَجَب البيعُ وُجوباً: حَقَّ ووَقَع. ووَجَب الميِّت: سقَط، والقتِيلُ واجب. وفي الحديث: "فإذا وجَبَ(2) فلا تَبكِيَنَّ باكية"، أي إذا ماتَ(3). وقال الله في النَّسائك: { فَإذَا وَجَبَتْ جُنُوبُها } [الحج 26]. قال قيس:
عن السَّلْمِ حَتَّى كان أوَّلَ واجبِ(4)
أطاعتْ بنو عوفٍ أميراً نهاهُمُ
وحد
وَجَب الحائطُ: سقَطَ، وجْبَةً. والوجيبة: أن تُوجِبَ البيعَ، في أن تأخذ منه بعضاً في كلِّ يوم، فإذا فَرَغَ قيل: اسْتَوْفَى وَجِيبتَه. ويقولون: الوَجْبُ: الجَبَان. قال:
* طلوبُ الأعادِي لا سَؤومٌ ولا وَجْبُ(5) *
__________
(1) في المجمل: "على جهة واحدة".
(2) في الأصل: "وجبت". وانظر اللسان (وجب).
(3) في الأصل: "ماتت".
(4) ديوان قيس بن الخطيم 14 واللسان (وجب، غمس).
(5) البيت للأخطل في ديوانه 21 واللسان (وجب). وكذا ورد ضبطه في المجمل والصحاح كما يفهم من اللسان. قال ابن بري: صواب إنشاده: ولا وجب، بالخفض. وقبله:
على الطائر الميمون والمنزل الرحب
إليك أمير المؤمنين رحلتها
بلابل تغشى من هموم ومن كرب
إلى مؤمن تجلو صفائح وجهه
... وصدره: ... ... * عموس الدجى ينشق عن متضرم *(6/67)
سمِّي به لأنَّه كالسَّاقط. ويقولون المُوَجِّب: النَّاقة لا تنبعث من كثرة لحمها.
ومن الباب المُوَجِّب من النُّوق: التي يَنعقِد اللِّبَأُ في ضَرعها.
وأمَّا وَجِيبُ القَلْب فمن الإبدال، والأصل الوجيف، وقد مَرَّ.
(باب الواو والحاء وما يثلثهما)
(وحد) الواو والحاء والدال: أصلٌ واحد يدلُّ على الانفراد. من ذلك الوَحْدَة(1). وهو وَاحدُ* قبيلته، إذا لم يكنْ فيهم مثلُه، قال:
ما في الأنامِ له نَظِير(2)
يا واحدَ العُرْبِ الذي
ولقيتُ القَومَ مَوحَدَ مَوْحَدَ. ولقيتُه وَحْدَه. ولا يُضاف(3) إلاَّ في قولهم:
وحر - وحش
نَسيجُ وَحْدِه، وعُيَيْرُ وَحدِه، وجُحَيْش وَحده، ونَسيجُ وحدِه، أي لا يُنسَج غيره لنفاسته، وهو مَثَل. والواحد: المنفرد. وقول عبيد:
وما أنا إن عشت في واحِدَه(4)
واللهِ لو مِتُّ ما ضَرَّني
يريد: ما أنا إن عِشت في خَلّة واحدة تدوم، لأنه لا بدَّ لكلِّ شيءٍ من انقضاء.
(وحر) الواو والحاء والراء: كلمة واحدة، هي الوَحَرة: دُوَيبَّةٌ شبه العَظاية إذا دبَّتْ على اللحم وَحِر، ثم شبِّه الغِلُّ في الصَّدر بها، فيقال وَحِرَ صدره. وفي الحديث: "يذهب وَحَرُ صدرهِ".
(وحش) الواو والحاء والشين: كلمةٌ تدلُّ على خلاف الإنس. توحَّش: فارَقَ الأنيس. والوَحْش: خلاف الإنس. وأرضٌ مُوحِشَةٌ، من الوَحْش. ووَحشيُّ القَوس: ظَهْرُها؛ وإنسيُّها: ما أقبَلَ عليك. ووَحْشِيُّ الدَّابّة في قول الأصمعي: الجانبُ الذي يَرْكَب منه الرَّاكبُ ويحتلِبُ الحالب. قال: وإنَّما قالوا:
__________
(1) ضبطت في القاموس بضم الواو، وفي اللسان بفتحها، ضبط قلم فيهما.
(2) نسب إلى بشار يمدح عقبة بن مسلم في الأغاني (3: 38)، وإلى ابن المولى يمدح يزيد بن حاتم في الأغاني (3: 87).
(3) في الأصل: "ولا يقال"، صوابه في المجمل.
(4) كلمة (أنا) ساقطة من الأصل، وإثباتها من المجمل (وحد).(6/68)
* فجال على وحشيِّه(1) *
و: ... ... ... * انصاع جانبُه الوَحشيُّ(2) *
وحف - وحل
لأنّه لا يُؤْتَى في الرُّكوب والحَلَب والمعالجة إلاّ منه، فإنَّما خوفُه منه، والإنسيّ: الجانِب الآخَر.
ويقولون: لقيتُ فلاناً بوحْشِ إصْمِتَ، أي ببلدٍ قَفْر. ويقال: وَحَش بثَوْبه(3) رمى به. وبات الوَحْشَ(4)، أي جائعاً. كأنّه كان بأرضٍ وَحْش لا يجد ما يأكلُه.
(وحف) الواو والحاء والفاء: كلمةٌ تدلُّ على سَوادٍ في شيء. وشعرٌ وحفٌ: أسوَدُ ليِّن. والوَحْفاء: أرضٌ فيها حجارةٌ سود. وعُشْب وَحْف: كثير، وإذا كَثُر تبيَّنَ أسودَ.
ومما شذ عنه كلمتان: المُوَحَّف، يقولون: البعير المهزول. قال:
* لمَّا رأيتُ الشّارفَ المُوَحَّفا(5) *
والواحِفُ: الغَرْب الذي ينقطع منه وَذَمَتان ويتعلَّق بوَذَمَتَيْن.
(وحل) الواو والحاء واللام: كلمةٌ واحدة، هي الوَحَل(6). واستَوْحَل المكان: صار فيه الوَحَل. والمَوْحِل(7): موضع الوَحَل. ووَحِلَت الدّوابُّ تَوْحَلُ: وقعت(8) في الوَحَل.
وحم - وحي
__________
(1) قطعة من بيت للأعشى في ديوانه 93 واللسان (ثمثم). وهو بتمامه:
وجال على وحشيه لم يثمثم
فمر نضي السهم تحت لبانه
(2) وهذا قطعة من بيت لذي الرمة في ديوانه 24 واللسان (صوع، طلب، لحب). وهو بتمامه:
يلحبن لا يأتلي المطلوب والطلب
فانصاع جانبه الوحشي وانكدرت
... وانظر الحيوان (4: 438) وجمهرة أشعار العرب 184.
(3) يقال بتخفيف الحاء وتشديدها.
(4) كذا في الأصل. وفي المجمل واللسان والقاموس: "بات وحشاً".
(5) وكذا ورد إنشاده في المجمل. وفي اللسان (وحف):
كما رأيت الشارف الموحفا
جون ترى فيه الجبال خشفا
(6) هو بالتحريك، وسكون الحاء لغة رديئة.
(7) هو بكسر الحاء موضع الموحل، وبفتحها مصدر ميمي.
(8) في الأصل: "وقع".(6/69)
(وحم) الواو والحاء والميم: كلمتان. الوَحَم والوَِحَام. والوَحَم: شهوةُ المرأة للشيء على الحَبَل. وامرأةٌ وَحْمَى، وقد وحَّمْناها. قال:
* أيّامَ ليلَى عامَ لَيْلَى وَحَمِي(1) *
أي شَهوتي وغايتي(2) وطَلِبَتي.
ومن هذا الاشتقاق: وحمْتُ وَحْمَهُ: كأنَّكَ اشتهيتَ ما اشتهاه.
وأمّا الوَِحَامُ فيقال: الأنثى إذا حَمَلَتْ استعصَتْ، فيقال وَحِمَتْ.
(وحي) الواو والحاء والحرف المعتلّ: أصلٌ يدلُّ على إلقاء عِلْمٍ في إخفاء أو غيره(3) إلى غيرك. فالوَحْيُ: الإشارة. والوَحْي: الكتابُ والرِّسالة. وكلُّ ما ألقيتَه إلى غيرك حتَّى علِمَهُ فهو وَحيٌ كيف كان. وأوْحَى الله تعالى ووَحَى. قال:
* وَحَى لها القرارَ فاستقَرَّتِ(4) *
وكل ما في باب الوحي فراجعٌ إلى هذا الأصل الذي ذكرناه. والوَحِيّ: السَّريع: والوَحَى: الصَّوت. والله أعلم.
وخد - وخز - وخش - وخض - وخط
(باب الواو والخاء وما يثلثهما)
(وخد) الواو والخاء والدال: كلمةٌ واحدة. يقال وخدت النّاقة تَخِدُ وَخَدَاناً، وهو سَعَة الخطْو.
(وخز) الواو والخاء والزاء: كلمةٌ واحدة، هي الوَخْز: الطَّعن بالرمح وغيره، ولا يكون نافذاً.
(وخش) الواو والخاء والشين: كلمةٌ واحدة هي الوَخْش: الدُّنَاةُ من الرِّجال والأخلاطُ. ويقال: أوْخَشُوا الشَّيء: خَلَطوه. قال:
* وألقيتُ سهمي بينهم حينَ أوْخَشُوا(5) *
قال أبو بكر(6): الوَخْش: الرديُّ من كلِّ شيء.
(وخض) الواو والخاء والضاد: كلمةٌ، وهي الطَّعن غير جائف. ووخَضَه بالرُّمح.
__________
(1) سبق إنشاده وتخريجه في (زمن).
(2) في الأصل: "وغلبتي".
(3) كذا في الأصل.
(4) العجاج في ديوانه 5 واللسان (وحى).
(5) ليزيد بن الطثرية في اللسان (وخش، ثمن) والمخصص (17: 130). وعجزه:
* فما صار لي في القسم إلا ثمينها *
(6) في الجمهرة (2: 225).(6/70)
(وخط) الواو والخاء والطاء: كلمتان: إحداهما وَخَطَ الشَّيْبُ في* رأسه(1). والأخرى: الوخْط: الطَّعن. ووَخَطه بالسَّيف: تناوَلَه مِن بعيد. وذكروا كلمة ثالثة، قالوا: مرَّ يَخِطُ، وهو(2) مَشْيٌ فوق العَنَق.
وخف - وخم - وخي - ودس - ودص
(وخف) الواو والخاء والفاء: كلمةٌ، هي الوَخيف. ضَرْبُك الخَِطْميَّ في الطَّسْت، تُوخِفُه ليختلط.
(وخم) الواو والخاء والميم: كلمةٌ واحدة، هي الوَخِْم: الوَبِيُّ من الشَّيء. واستوخَمْتُ البِلادَ، وبلادٌ وَخِْمَةٌ ووخيمة: لا تَوافِق ساكنَها. ورجل وَخِْم ووخيم: ثَقيل. والتُّخَمة من هذا، والتاء في الأصل واو.
(وخي) الواو والخاء والحرف المعتلّ: كلمةٌ تدلُّ على سَيْرٍ وقصد. يقال: وخَت النّاقة تَخِي وَخْياً. قال:
* يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ(3) *
وهذا وَخْيُ فُلانٍ، أي سَمْتُه. وما أدرِي أيْنَ وخى، أي توجَّهَ(4).
(باب الواو والدال وما يثلثهما)
(ودس) الواو والدال والسين: كلمتان:
الأولى الوديس: النبات، يقال أودَسَت الأرضُ: أخرجَتْ نَبْتَها.
والأخرى: وَدَسَ الشَّيءَ: خَبَّأه. وما أدرِي أين وَدَسَ، أي ذَهَب.
(ودص) الواو والدال والصاد. يقولون: ودَصَ إليَّ بكلامٍ: ألقاه ولم يتمَّه.
ودع - ودف - ودق
(ودع) الواو والدال والعين: أصلٌ واحد يدلُّ على التَّرْك والتَّخْلِية. وَدَعَه: تركه، ومنه دَعْ. ويُنشد:
غالَهُ في الحبِّ حَتَّى وَدعَهْ(5)
ليت شِعْري عنْ خليلي ما الَّذِي
__________
(1) في الأصل: " الشيء" صوابه في المجمل.
(2) في الأصل: "وهى".
(3) أنشده في المجمل واللسان (وخي).
(4) في الأصل: "وجه"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) البيت لأبي الأسود الدؤلي، في اللسان (ودع). قال في اللسان: "وعليه قرأ بعضهم: { ما ودعك ربك وما قلى } [الضحى 3].(6/71)
ومنه وَدَّعْتُه توديعاً. ومنه الدَّعَة: الخَفْض، كأنّه أمرٌ يترك معه ما يُنْصِب. ورجلٌ مُتَّدِعٌ: صاحب راحة، وقد نالَ الشَّيءَ وادِعاً مِن غير تكلُّف. والوَديع: الرّجُل الساكن. والمُوادَعَة: المصالَحة والمتاركة. [و] وَدَّعْتُ الثَّوبَ في صُِوانِهِ، والثَّوب مِيدَعٌ.
(ودف) الواو والدال والفاء. يقولون: الوَدْفة(1): الروضة الخضراء. ووَدَف الشّحمُ: ذابَ وسال.
(ودق) الواو والدال والقاف: كلمةٌ تدلُّ على إتيانٍ وأنَسَة. يقال وَدَقْتُ به، إذا أنِسْتَ به وَدْقاً. والمَوْدِق: المأتَى والمكان الذي تقِفُ فيه آنِساً. ومَوْدِق الظَّبْي: المكان يقِف فيه إذا تناوَلَ الشَّجرة. ومنه قوله:
* تُعفّي بذيل المِرْط إذ جئتُ مَوْدِقي(2) *
ومنه أتَانٌ وَدِيقٌ، إذا أرادت الفحل، وبها وِدَاقٌ كأنَّها تأنس إليه وتستأنسه. والوَدْق: المَطَر، لأنَّه يَدِقُّ، أي يجيء من السَّماء.
ودك - ودن - وده - ودي
ومما شذَّ عن الباب الوَدَق: نُقَطٌ حُمر تخرجُ في العين، الواحدة وَدَقة.
(ودك) الواو والدال والكاف: كلمةٌ واحدة، هي الوَدَك، وهو معروف. ويقال دَجاجةٌ وَدِيكةٌ، أي سمينة. ورجلٌ وادِكٌ: له وَدَكٌ.
(ودن) الواو والدال والنون، فيه ثلاثُ كلماتٍ غيرِ منقاسة: إحداهَا الوَدْنُ(3)، وهو حُسْن القيام على العروس. يقال: أخَذُوا في وِدانِهِ.
والأخرى المُودَنُ والمَوْدُون(4). قال:
كأنَّ أناملَها الحُنْظُبُ(5)
وأمّكَ سوداءُ مودونةٌ
__________
(1) والوديفة أيضاً.
(2) لامرئ القيس في ديوانه بروايتي الطوسي وخرابنداذ، واللسان (ودق). وصدره:
* دخلت على بيضاء جم عظامها *
(3) والودان أيضاً.
(4) لم يفسره هنا، وفي المجمل: "والمودن: القصير اليد، وكذلك المودون".
(5) لحسان بن ثابت في ديوانه 61 واللسان (ودن، حنظب). وفي الديوان والموضع الأخير من اللسان: "سوداء نوبية".(6/72)
والكلمة الثالثة وَدَنْتُ الشَّيءَ: بَلَلتُهُ، والأمر منه دِنْ. واتَّدَنَ: ابتَلَّ.
(وده) الواو والدال والهاء: كلمةٌ واحدةٌ. استَوْدَهَت الإبلُ واسْتَيْدَهَت، إذا اجتمعَتْ وانساقت. قال أبو بكر: وَدَهَني(1) عن هذا، أي صدَّني عنه.
(ودي) الواو والدال والحرف المعتل: ثلاثُ كلماتٍ غير منقاسة: الأولى وَدَى الفرسُ ليَضرِبَ أو يبول، إذا أدْلَى. ومنه الوَدْي: ماءٌ يخرج من الإنسان كالمَذْي.
ودج - وذر
والثانية: وَدَيْتُ الرّجلَ أُدِيهِ دِيةً.
والثالثة: الوَدِيُّ: صِغار الفُسلان.
***
وإذا هُمز تغيَّرَ المعنى وصار إلى بابٍ من الهَلاك والضَّياع. يقولون: المُوَدَّأة(2): المَهْلَكة، وهي على لفظ المفعول به. ويقولون: ودَّأْتُ عليه الأرضَ، إذا دَفَنْتَه. ووَدَّأ بالقوم، إذا أرْدَاهم(3).
(ودج) الواو والدال والجيم: *كلمة واحدة: الوَدَجَانِ: عِرْقانِ في الأخدَعَين. ثم يشبَّه بذلك، فيقال للأخوين: وَدَجانِ. قال:
ومن وَدَجَيْ حَربٍ تَلَقَّحُ حائلِ(4)
فقُبِّحْتُما من وافِدَين اصطُفيتُما
ووَدَجْتُ بين القَوم: أصلحتُ بينهم، مأخوذٌ من الوَدَجين، أي اتَّفَقوا كاتِّفاق الوَدَجَيْن.
(وذر) الواو والذال والراء كلمتانِ: إحداهما الوَذَرةُ، وهي الفِدْرَة من اللحم. والتَّوْذير: أن يُشْرَطَ الجُرح فيقال: وذّرْتُه. وفي الحديث أنَّ رجلاً قال لآخر: "يا ابن شامّة الوَذَر" فحُدّ، كأنَّه عَرَّض لها بأعضاء الرِّجال.
والأخرى قولهم: ذَرْذَا. قال أهل اللُّغة: أماتت العرب الفِعل من ذَرْ في الماضي، فلا يقولون وَذَرْتُه.
وذف - وذل - وذم - وذح
__________
(1) في الجمهرة (2: 306): "أودهني"، وما في الجمهرة يطابقه ما في اللسان. وما في الأصل هنا يطابقه ما في القاموس.
(2) في الأصل: "الموادة"، صوابه وضبطه من المجمل واللسان (ودأ).
(3) في الأصل: "أرادهم"، تحريف.
(4) لزيد الخيل، كما في اللسان (ودج)، وصدره محرف هناك.(6/73)
(وذف) الواو والذال والفاء: كلمةٌ واحدة، هي التوذُّف: التَّبَختُر. يقال: أقبَلَ يتوذّف.
(وذل) الواو والذال واللام: كلمتان إحداهما مشهورةٌ قد قِيلَت، الوَذيلة، وهي المِرآة. والأخرى: الوَِذَالة(1): ما يقطع الجزَّار من اللَّحم بغير قَسْمٍ، يقال: توذَّلُوا منه شيئاً.
(وذم) الواو والذال والميم: كلمةٌ تدلُّ على تعليق شيءٍ بشيء. منهُ قولُهم: وذَّمْتُ الكلبَ، إذا جعلتَ له قِلادة. والوَذَمة: الحُزَّة من الكَرِش المعلَّقة، والجمع وِذام. والوَذَم: جمع وَذَمة، وهي سيورٌ تُشدُّ بعَرقُوَةِ الدَّلو. [و] وَذِمت الدّلوُ: انقطَعَ وَذَمُها. أمَّا وذائمُ الأموال فهي التي نُذِرَت فيها النُّذور. والقياس واحد كأنَّها ليست من خالص المال الذي يجوز التصرُّف فيه، بل هي معلَّقة على المال. ويقال: بل الوذيمة: الهَدْي يُهْدَى للنُّسُْك. وقولهم: وَذَّمَ فلانٌ على المائة: زادَ، من هذا أيضاً، كأنَّ الزّيادة معلَّقة بالمائة.
(وذح) الواو والذال والحاء كلمة. فالوَذَح: ما تعلَّقَ بأصواف الغنَم من البَعَر، ثم يقال امرأةٌ وَذَاحٌ: غيرُ عفيفة.
ورس - ورش - ورط - ورع
(باب الواو والراء وما يثلثهما)
(ورس) الواو والراء والسين: كلمة واحدة، هي الوَرْس: نبْتٌ. وأوْرَسَ المكانُ: أنْبتَهُ، وهو وارِسٌ، وهو نادر. ومِلْحَفَة وَرِيسٌ(2): صُبِغَت بالوَرْس.
(ورش) الواو والراء والشين كلمتان متقاربتا القياس.
فالأولى قولهم للدَّاخِلِ على القوم لطعامهم ولم يُدْع: الوارِش.
والثانية قولُهم للدابّة التي تَفَلَّتُ في الجرْيِ وصاحِبُها يَكُفُّها: الوَرِشَةُ(3).
__________
(1) ضبطت في الأصل والمجمل بكسر الواو، وفي القاموس واللسان بفتحها.
(2) كذا. وفي المجمل والقاموس: "وريسة" بالهاء. وفي اللسان: "ورسية" بلفظ المنسوب إلى الورس.
(3) وكذا في اللسان والقاموس. وفي المجمل: "الوريشة".(6/74)
(ورط) الواو والراء والطاء: كلمةٌ تدلُّ على شيء كالبليَّةِ والوقوع فيما لا مَخْلَص منه. وتورَّطَ في البليَّة. وأصله الوَرْطةُ من الأرض، وهي التي لا طريقَ فيها. قال الخليل في الحديث: "لا خِلاطَ ولا وِراط". الوِراط: الخديعة في الغَنَم، أي يجمع بين متفرِّق، أو يفرَّق بين مجتمع.
(ورع) الواو والراء والعين: أصلٌ صحيح يدلُّ على الكفِّ والانقباض. منه الوَرَع: العِفَّة، وهي الكَفّ عما لا ينبغي؛ ورجلٌ وَرِعٌ. والوَرَع: الرّجُل الجَبان، ووَرُع يَوْرُعُ وُرعاً(1)، إذا كان جباناً. وورَّعته: كَفَفته، وأورعته. وفي الحديث: "ورِّع اللصَّ ولا تُراعِهِ"، أي بادِرْ إلى كفِّه وقَدْعِهِ ولا تنتظِرْه. وورَّعتُ الإبلَ عن الماء: رددتها. والوَريعة: اسمُ فرسٍ في قوله:
ورف - ورق
وأعْقِبْهُ الوَريعةَ من نِصابِ(2)
ورُدَّ خليلَنا بعطاءِ صِدقٍ
__________
(1) في مصدره لغات أخرى، انظر اللسان والقاموس.
(2) البيت لمالك بن نويرة، كما في الخيل لابن الكلبي 36. وأنشد البيت في اللسان (ورع) محرف الضبط ولم يصرح بنسبته. وقال ابن الكلبي: "ومنها نصاب فرس الأحوص بن عمرو الكلبي، وابنتها وريعة وهبها الأحوص لمالك بن نويرة، وقال في ذلك مالك بن نويرة:
أخص بها عدي بني جناب
سأهدي مدحتي لبني عدي
ولا أعني الأحاوص من كلاب
تراث الأحوص الخير بن عمرو
لسيدهم أطعنا في الجواب
شكوت إليهم رجلي فقالوا
وأعقبه الوريعة من نصاب
ورد حليفنا بعطاء صدق
... وقال في اللسان: "وإنما يريد: أعقبه الوريعة من نسل نصاب".(6/75)
(ورف) الواو والراء والفاء: أصلٌ يدلُّ على رقَّة ونَضرة. ونَباتٌ وارِفٌ. وَرَفَ وَرِيفاً، إذا رأيتَ له من رِيِّه بَهجةً. وظلٌّ وارف: ممدود. وما رقَّ من نَواحِي الكبد: الوَرْف(1). ويقال إن الرُّفَة: التِّبْن. وأظنُّ أنَّ الناقص من أوّلها واو(2).
(ورق) الواو والراء والقاف: أصلانِ يدلُّ أحدُهما على خيرٍ *ومال، وأصله وَرَق الشَّجر، والآخر على لونٍ من الألوان.
فالأوّل الوَرَق ورق الشَّجر. والوَرَق: المال، من قياسِ وَرَقِ الشَّجر، لأنّ الشّجرةَ إذا تحاتَّ ورقُها انجردَتْ كالرَّجل الفقير. قال:
ورق
واغفِرْ خطايايَ وثمِّرْ ورقي(3)
إليك أدعو فتقبل ملَقِي
والرِّقَة من الدَّراهم، وهو ذلك القياسُ غير أنَّه يُفرق بينهما بالحركات.
قال أبو عبيد: الوارِقَة: الشَّجرة الخَضْراء الوَرَقِ الحسنةُ. قال: فأمَّا الوَرَاقُ فخُضرةُ الأرضِ من الحَشيش، وليس من الوَرَق. قال:
جرادٌ قد أطاعَ له الوَرَاقُ(4)
كأنَّ جيادهنَّ بِرَعْنِ زُمٍّ
__________
(1) ذكر في االقاموس، ولم يذكر في اللسان.
(2) نص المجمل: "والناقص واو من أولها". والرفة، ذكرها صاحب القاموس في (ورف) أما صاحب اللسان فجعلها في (رفا).
(3) للعجاج في ديوانه 40 واللسان (ورق).
(4) لأوس بن حجر في ديوانه 18 واللسان (ورق). وقال في اللسان أيضاً: "ونسبه الأزهري لأوس بن زهير". ورواية الديوان:
جراد قد أطاع له الوراق
كأن جيادنا في رعن قف
... وفي الأصل: "كأن جيادهن برعز أم جواد"، صوابه في المجمل واللسان.(6/76)
ووَرَقْتُ الشَّجرَ: أخَذْتُ ورَقَه. وقولهم أوْرَق الصَّائدُ: لم يَصِدْ، هو من الورقِ أيضاً، وذلك لأنَّ الصائد يُلقِي حِبالتَه ويغيب عنها ويأتيها بعد زمان وقد أعْشَبت الأرض وسقط الورقُ على الحِبالة فلا يَهتدِي لها، فلذلك يقال أوْرَقَ، أي صادف الورق قد غَطّى حِبالَتَه. ثمَّ كثُر هذا حتَّى قيل لكلِّ مَن طلب حاجةً ولم يُصِبْها: قد أوْرَقَ. والوَرْقَة، بسكون الراء: أُبْنَةٌ في الغصن خفيّة. فأمَّا الورقة التي هي قطعةٌ من الدم فجمعها وَرَقٌ، هي على معنى التَّشبيه بالوَرَق الذي يتساقط. والوَرَق: الرِّجال الضُّعفاء، شُبِّهوا في ضَعْفهم بوَرَق الشَّجَر.
والأصل الآخر: الوُرْقة(1): لونٌ يشبه لونَ الرَّماد. وبعيرٌ أوْرَقُ وحمامةٌ ورقاء، سميت للونها، والرّجلُ كذلك أورق. ويقولون: عامٌ أوْرَق، إذا كان جَدْباً، كأنَّ لونَ الأرضِ لونُ الرَّماد. وسُمِّي عامُ الرَّمادَة لهذا(2).
ورك - ورل - ورم - وره
(ورك) الواو والراء والكاف. كلمةٌ واحدة، هي الوَرِك: ما فوقَ الفَخِذ(3) من مؤخَّر الإنسان. وجلَسَ مُتورِّكاً: ألصق وَرِكَه بالأرض. وتورَّكَ على الدّابّة، في ذلك المعنى. وهذه نعلٌ مَوْرِكَةٌ(4)، إذا كانت من الوَرِك. والوِرَاكُ: ثوبٌ يُنْسَجُ وَحْدَه يُزَيَّن به ويُحَفُّ به الرَّحْل(5)، وإنَّما هُو لأنْ يُوضعَ عليه الوَرِك.
__________
(1) في الأصل: "الورق"، تحريف.
(2) كان في أيام عمر بن الخطاب. وفي حديث عمر أنه أخر الصدقة عام الرمادة، وكانت سنة جدب وقحط في عهده، فلم يأخذها منهم تخفيفاً عنهم.
(3) في الأصل: "ما بين فوق الفخذ"، وكلمة "بين" مقمحة.
(4) ومورك أيضاً، وهما بفتح الميم وسكون الواو وكسر الراء.
(5) في الأصل: "يزين بالرجل"، صوابه وإكماله من المجمل.(6/77)
وأمَّا الحديثُ أنَّه نَهَى أن يسجُدَ الرّجُل متورِّكاً، فيقال هو أنْ يرفَعَ وَرِكَه في سجوده حَتَّى(1) يُفْحِش. ويقال هو أنْ يُلْصِقَ وركَه بعَقِبَيه في السُّجود والوَرْك في قول الهُذَليّ(2):
إذا مُطْيَ حَنَّ بِوَرْكٍ حُدَالِ
بها مَحِصٌ غيرُ جافِي القُوَى
فإنَّه وتَرٌ فُتِل من الوَرِك.
(ورل) الواو والراء واللام: ليس إلاَّ وَرَل، وهو شيءٌ من الدَّوابّ.
(ورم) الواو والراء والميم: كلمة واحدة، هي الوَرَم، أن يَنْفُِرَ اللَّحمُ. يقال وَرِمَ يَرِم. وعلى معنى الاستعارة: وَرِم أنفه: غَضِب.
(وره) الواو والراء والهاء: كلمةٌ تدلُّ على اضطرابٍ وخُرْق. فالوَرْهاء:
وري - ورب
المرأة الحمقاء. والوَرَه: الخُرْق: وريحٌ ورهاءُ. في هبوبها خُرْقٌ وعَجْرَفَة. وسَحابٌ وَرِهٌ: لا يُمسِك ماءه. ويقولون الوَرِه: اللَّحم الرَّخص(3). فإن كان صحيحاً فإنما سمِّي به لاضطرابه.
(وري) الواو والراء والحرف المعتل: بناءٌ على غير قياس، وكلِمه أفراد. فالوَرْيُ: داءٌ يُداخِل الجسم. يقال وَرِيَ جلدُه يَرِي وَرْياً، ووَراه غيرُهُ يَرِيه وَرْياً. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: "لأَنْ يمتلئَ جوفُ أحدِكم قَيْحاً حَتَّى يَرِيَهُ خيرٌ من أن يمتلئ شعراً". قال عبدُ بني الحَسحاس:
وأحْمى على أكبادِهنَّ المكاويا(4)
ورَاهُنَّ ربِّي مثلَ ما قد وَرَينَنِي
ويقال وَرَى الزّندُ يَرِي وَرْياً، وَوَراهُ، خَرجَتْ نارُه. وحكى بعضهم وَرِيَ يَرِي، مثل ولِيَ يَلِي(5). واللَّحم الواري: السَّمين. والوَرَى: الخَلْق. وما أدري أيُّ الوَرَى هو.
__________
(1) في الأصل: "حين"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) هو أمية بن أبي عائذ الهذلي، كما سبق في حواشي (محص).
(3) في المجمل: "اللحم الكثير".
(4) ديوان سحيم ص24 طبع دار الكتب، واللسان (وري).
(5) في الأصل: "يلي يلي" صوابه في المجمل.(6/78)
وأمَّا قولهم ورَاءَكَ فإنَّه يكون من خَلف، ويكون من قُدّام. قال الله تعالى:
{ وَكَان وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ } [الكهف 79] أي أمامَهم. ويقال الوَرَاء: ولدُ الولد، أرادوا بذلك تفسيرَ قولِهِ تعالى: { ومِنْ وَرَاءِ إسْحقَ* يَعْقُوبَ } [هود 71].
(ورب) الواو والراء والباء: كلمتان: إحداهما الوربُ وهو الفِتْر(1). والثانية الوَرَبُ: الفساد، يقال عِرقٌ وَرِبٌ، أي فاسِد.
ورث - ورخ - ورد
(ورث) الواو والراء والثاء: كلمةٌ واحدة، هي الوِرْث. والميراث أصله الواو. وهو أن يكون الشّيءُ لقومٍ ثم يصيرَ إلى آخرين بنسبٍ أو سبب. قال:
ونُورِثُها إذا مُِتْنا بَنِينا(2)
ورِثْناهُنَّ عن آباءِ صدق
(ورخ) الواو والراء والخاء: كلمةٌ واحدة. يقال: وَرِخَ العجينُ وَرَخاً(3): استرخَى. وأوْرَخْتُه أنا إيراخاً؛ والاسم الوَرِيخة. وأمَّا توريخ الكتاب وتأريخُه فما نحسبها(4) عربية.
(ورد) الواو والراء والدال: أصلان، أحدهما الموافاة إلى الشيء، والثاني لونٌ من الألوان.
فالأوَّل الوِرْد: خلاف الصَّدَرِ. ويقال: وَرَدَتِ الإبلُ الماءَ ترِدُهُ وِرْداً. والوِرْدُ: وِرْدُ الحُمَّى إذا أخَذَتْ صاحبَها لوقتٍ. والموارد: الطُّرق، وكذلك المياه المورودة والقُرَى، قاله أبو عبيدة. قال جرير:
إذا اعوجَّ المواردُ مستقيمِ(5)
أميرُ المؤمنينَ على صراطٍ
والوريدان: عِرقانِ مُكتنِفا صَفْقَي العُنُق مما يلي مقدَّمَه غليظان. ويسميَّان من الورود أيضاً، كأنَّهما توافيا في ذلك المكان.
والأصل الآخر الوَرْد؛ يقال فَرَسٌ وَرْد، وأسدٌ وَردٌ، إذا كان لونُه لونَ الورد. والله أعلم بالصَّواب.
وزع - وزغ - وزف - وزم
__________
(1) الفتر، بالكسر: ما بين طرف الإبهام وطرف المشيرة، وقيل ما بين الإبهام والسبابة.
(2) لعمرو بن كلثوم، في معلقته المشهورة.
(3) هو من باب فرح.
(4) في الأصل: "نحسبهما".
(5) ديوان جرير 507، والمجمل واللسان (ورد).(6/79)
(باب الواو والزاء وما يثلثهما)
(وزع) الواو والزاء والعين: بناءٌ موضوعٌ على غير قياس. ووَزَعْته عن الأمر: كفَفْته. قال الله سبحانه: { فَهُمْ يُوزَعُونَ } [النمل 17]، أي يحبَس أوّلُهم على آخِرِهم. وجمع الوازع وَزَعَة. وفي بعض الكلام: "ما يَزَعُ السُّلطانُ أكثَرُ مِمَّا يَزَعُ القرآن(1)"، أي إنَّ النَّاسَ للسُّلطان أخْوَف.
وبناء آخر، يقال: أوْزَعَ اللهُ فلاناً الشُّكرَ: ألْهَمَه إياه. ويقال هو من أُوزِعَ بالشَّيءِ، إذا أُولِعَ به، كأنَّ الله تعالى يُولِعُه بشُكْرِه. وبها أوزاعُ من النّاس، أي جماعات.
(وزغ) الواو والزاء والغين، ليس فيه إلاّ الوزَغَة(2): العَظَاية. ويقال للرِّجال الضِّعاف أوزاغ.
(وزف) الواو والزاء والفاء يقال وَزَفَ الرّجُل: أسْرَعَ في المَشْي. وقرئت: { فَأقْبَلُوا إلَيْهِ يَزِفُونَ(3) } [الصافات 94] مخفَّفة.
(وزم) الواو والزاء والميم: بناءٌ أيضاً على غير قياس، وفيه كلمات منفردة. فالوَزْمة أن يأكلَ الرّجُل مَرَّة واحدة كالوَجْبة. يقال: وَزَمُوا وَزْمَة شتائهِم:
وزن - وزا
__________
(1) لفظه في اللسان: "من يزع السلطان أكثر ممن يزع القرآن". وفي الأصل هنا: "مما لا يزع"، وكلمة "لا" مقحمة.
(2) في الأصل: "الوزغ"، وإنما الوزغ: جمع وزغة.
(3) هي قراءة مجاهد، وعبد الله بن يزيد، والضحاك، ويحيى بن عبد الرحمن، وابن أبي عبلة. وقرأ الجمهور: "يزفون" مضارع زف، المضعف، وقرأ حمزة ومجاهد أيضاً، وابن وثاب والأعمش: "يزفون" مضارع أزف المزيد بالهمزة. وقرئ أيضاً: "يزفون" مبنياً للمفعول، و"يزفون" من قولهم زفاه يزفوه، بمعنى حداه. تفسير أبي حيان (7: 366) من سورة الصافات.(6/80)
امْتارُوا له كِفايتَهم من الطَّعام. والوَزْمَةُ(1) والوَزيم: حُزْمةٌ من بقل. والوَزِيم: اللَّحم يُجَفَّف. والوَزْمة من الضِّباب: أنْ يُطْبَخَ لحمُها ثمَّ يُيَبَّس. والمتوزِّم: الشَّديد الوطْء.
(وزن) الواو والزاء والنون: بناءٌ يدلُّ على تعديلٍ واستقامة: ووزَنْتُ الشّيءَ وزْناً. والزِّنَة قَدرُ وزنِ الشَّيء؛ والأصل وَزْنَة. ويقال: قام مِيزانُ النَّهار، إذا انتصَفَ النَّهار. وهذا يُوازِنُ ذلك، أي هو مُحاذِيه. ووَزِينُ الرَّأْيِ: معتدِلُه. وهو راجحُ الوَزْن، إذا نسَبُوه إلى رَجَاحة الرّأْي وشِدَّة العقْل.
ومما شذَّ عن هذا الباب شيءٌ ذُكِرَ عن الخليل: أنَّ الوَزِين: الحنظل المعجونُ(2) كان يُتَّخَذُ طعاماً. ويقال الوَزْن: الفِدْرة من التَّمر.
(وزا) الواو والزاء والحرف المعتلّ أو المهموز: أُصَيلٌ يدلُّ على تجمُّعٍ في شَيءٍ واكتناز. يقال للحِمار المجتمع الخَلْق: وَزىً، وللرّجُل القصير وَزىً. وهذا غير مهموز.
***
وأمَّا المهموز فقال أبو زيد: وَزَّأْتُ الوِعاء تَوْزيئاً وتَوْزِئةً، إذا أجَدْت(3) كَنْزَه(4).
وزر - وسط
(وزر) الواو والزاء والراء أصلانِ صحيحان: أحدهما* الملجأ، والآخَر الثِّقَل في الشَّيء.
الأوَّل الوَزَر: الملجأ. قال الله تعالى: { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } [القيامة 11]. وحكى الشَّيباني: أوْزَرَ فلانٌ الشَّيءَ: أحرَزَه. [و] الوِزْر: حِمْل الرَّجل إذا بَسَطَ ثوبَه فجعل فيه المتاعَ وحَمَله، ولذلك سمِّي الذَّنْب وِزْراً. وكذا الوِزْر: السِّلاح، والجمع أوزار. قال الأعشى:
__________
(1) بدله في المجمل واللسان والقاموس "الوزم". وأما الوزمة فسرت في القاموس بأنها المقدار.
(2) ونحوه في المجمل، ونصه: "ويقال: الوزين حنظل يعجن ويؤكل". لكن في اللسان والقاموس: "الحنظل المطحون".
(3) في الأصل: "أخذت"، والذي في المجمل واللسان والقاموس: "شددت".
(4) الكنز: الملء.(6/81)
رِماحاً طِوالاً وخَيلاً ذُكورا(1)
وأعددتُ للحربِ أوزارَها
والوزير سمِّي به لأنّه يحمل الثِّقل عن صاحِبِه.
وحكى ناسٌ - لعلَّهُ أن يكون صحيحاً- أوزَرْتُ مالَه: ذهبتُ به. ووَزَرْتُهُ: غلَبْتُه. قال:
* قَدْ وَزَرَتْ جِلَّتَها أمهارُها(2) *
(باب الواو والسين وما يثلثهما)
(وسط) الواو والسين والطاء: بناءٌ صحيح يدلُّ على العَدل والنِّصف. وأعْدلُ الشَّيءِ: أوسَطُه ووَسَطُه. قال الله عزّ وجلَّ: { أُمَّةً وَسَطاً }
[البقرة 143]. ويقولون: ضربتُ وَسَط رأسهِ بفتح السين، ووَسْطَ القوم بسكونها. وهو أوسَطُهم حَسَباً، إذا كان في واسطة قومه وأرفعِهِم محلاًّ. والوَسُوط: بيتٌ من بيوت الشَّعَر أكبرُ من المِظَلَّة. ويقال الوَسُوط من النُّوق كالصَّفوف تَملأُ الإناء.
وسع - وسف - وسق
(وسع) الواو والسين والعين: كلمةٌ تدلُّ على خلافِ الضِّيق والعُسْر. يقال وَسُع الشَّيءُ واتَّسَعَ. والوُسْع: الغِنَى. والله الواسعُ أي الغنيّ. والوُسْع: الجِدَةُ والطّاقة. وهو يُنفِق على قدر وُسْعِه. وقال تعالى في السَّعة: { لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ } [الطلاق 7]. وأوْسَعَ الرّجُل: كان ذا سَعَة. والفَرسُ الذَّريعُ الخَطْو: وَسَاعٌ.
(وسف) الواو والسين والفاء كلمةٌ واحدة. يقال تَوسَّفَتِ الإبلُ: أخْصَبت وسَمِنَت وسَقَط وبرُها الأوَّل ونَبَتَ الجديد.
(وسق) الواو والسين والقاف: كلمةٌ تدلُّ على حَمْل الشيء. ووَسَقَتِ العينُ الماءَ: حَمَلَتْه(3). قال الله سبحانه: { واللَّيْلِ ومَا وَسَقَ } [الانشقاق 17]، أي جَمَعَ وحَمل. وقال في حَمْل الماء:
__________
(1) ديوان الأعشى 71 واللسان (وزر).
(2) أنشده في اللسان (وزر) بهذا الضبط، لكن ضبط في المجمل برفع "جلتها" ونصب "أمهارها".
(3) زاد في المجمل: "يقولون في النفي: لا أفعله ما وسقت عيني الماء".(6/82)
كقابِضِ ماءٍ لم تَسِقْهُ أناملُه(1)
وإنِّي وإيَّاهم وشَوقاً إليهُم
ومنه الوَسْق، وهو سِتون صاعاً. وأوسَقْت البعير: حَمَّلتُه حِمْلَه. قال:
* وأينَ وَسْقُ النَّاقةِ المُطَّبَعهْ(2) *
ومما شذَّ عنه طائرٌ مِيساقٌ، وهو ما يصفِّق بجناحَيه إذا طار. وقد يُهمَز وقد ذكرناه(3).
وسل - وسم
(وسل) الواو والسين واللام: كلمتانِ متباينتانِ جِدَّاً.
الأولى الرَّغْبة والطَّلَب. يقال وَسَلَ، إذا رَغِب. و[الواسِل: الراغب إلى الله عزَّ وجل، وهو في(4)] قول لبيد:
* بلى كلُّ ذي دينٍ إلى اللهِ وَاسِلُ(5) *
ومن ذلك القياس الوَسِيلة.
والأخرى السَّرِقة: يقال: أخَذَ إبلَه توسُّلاً.
(وسم) الواو والسين والميم: أصلٌ واحد يدلُّ على أثَر ومَعْلم. ووسَمْت الشّيءَ وَسْماً: أثَّرْتُ فيه بِسِمة. والوَسْميُّ: أوّلُ المطر، لأنّه يَسِمُ الأرض بالنَّبات. قال الأصمعيّ: توَسّمَ: طلَبَ الكلأَ الوسميَّ. قال:
على وِجهةٍ من ظاعنٍ متوسِّمٍ(6)
وأصبَحْنَ كالدَّوْمِ النَّواعِمِ غُدوةً
وسمِّيَ مَوسِم الحاجِّ مَوسماً لأنَّه مَعْلمٌ يجتمع إليه النّاس. وفلانٌ موسومٌ بالخير، وفلانةُ ذاتُ مِيسَمٍ، إذا كان عليها أثَر الجمال. والوَسامة: الجمال. وقوله:
* حِياضُ عِراكٍ هدَّمَتْها المواسِمُ(7) *
__________
(1) لضابئ بن الحارث البرجمي في اللسان (وسق) برواية:
* إني وإياكم وشوقاً إليكم *
(2) أنشده في اللسان (شظظ، ربع، جلفع): "الناقة الجلنفعه"، وفي (طبع): "المطبعه". وقد سبق إنشاد البيت في (ربع، طبع).
(3) هذا سهو منه، فإنه لم يرسم لهذه المادة في كتاب الهمزة.
(4) التكملة من المجمل.
(5) ديوان لبيد 28 طبع 1881 واللسان (وسل). وصدره:
* أرى الناس لا يدرون ما قدر أمرهم *
... وفي الديوان: "بلى كل ذي لب". وفي اللسان: "بلى كل ذي رأي".
(6) أنشده في المجمل واللسان (وسم).
(7) في الأصل: "عدال"، صوابه في المجمل واللسان (وسم).(6/83)
فيقال أراد أهلَ المواسم، ويقال أرادَ إبلاً موسومة. ووَسَّمَ النّاسُ: شَهِدُوا
وسن - وسب - وسج - وسخ - وسد
الموسِم، كما يقال عَيَّدوا. وقوله تعالى: { إنَّ في ذلِكَ لآياتٍ للمُتَوَسِّمِينَ } [الحجر 75]: النَّاظرين في السِّمَة الدَّالَّة.
(وسن) الواو والسين والنون: كلمتان متقاربتان. الوَسَنُ: النُّعاس، وكذا السِّنَة. ورجلٌ وَسْنانُ. وتوسَّنَ الفحلُ أُنثاه: أتاها نائمة.
والكلمة الأخرى قولهم: دَعْ هذا الأمرَ فلا يكونَنَّ لك وَسَناً، أي لا تطلبْه ولا يكونَنَّ من همِّك.
(وسب) الواو والسين والباء. يقولون: *أوْسَبتِ الأرضُ: أعشبَتْ. والنبات وِسْبٌ. وكبشٌ مُوَسَّبٌ(1): كثير الصُّوف. حكاه أبو بكر.
(وسج) الواو والسين والجيم: كلمةٌ واحدة: الوَسِيج، وهو السَّير الشَّديد.
(وسخ) الواو والسين والخاء كلمة. الوَسخ: الدَّرَن.
(وسد) الواو والسين والدال: كلمةٌ واحدة، هي الوِسادة معروفة، وجمعها وسائد. وتَوَسَّدْتُ يدي. والوساد: ما يتوسَّدهُ الرّجُل عند مَنامِه، والجمع وُسُد. والله أعلم.
وشظ - وشع - وشق
([باب الواو والشين وما يثلثهما])
(وشظ(2)) الواو والشين والظاء: قياسٌ واحد، وهو إلصاقُ شيءٍ بشيءٍ ليس منه. والوَشِيظ: عُظَيم يكون زيادةً في العَظْم الصَّميم، ولذلك يقال لمن انتَمَى(3) إلى قومٍ ليس منهم: وَشِيظ. وَشَظْتُ الفَأسَ أشِظُها: ضَيَّقْت خُرْتَها من عَيْر(4) نِصابها. والله أعلم بالصواب.
__________
(1) كذا ضبط في الأصل والجمهرة (1: 290). وضبط في القاموس بضم الميم كموسر. ولم يذكر في اللسان.
(2) وردت هذه المادة في الأصل في آخر الباب، فرددتها إلى حقها.
(3) في الأصل: "الذي".
(4) العير: الوتد، ويراد به الخشبة التي تدخل مع النصاب لتضييق خرت الفأس. وفي الأصل: "غير".(6/84)
(وشع) الواو والشين والعين: أصلٌ واحد يدلُّ على نَسجِ شيءٍ أو تزيينِه أو ما أشبَهَ ذلك. الوشيعة: خشبَةٌ يُلَفُّ بها الغَزْل من ألوانٍ شَتَّى، كلُّ لفيفةٍ منه وَشيعة. ويقال: أوْشَعَتِ الأرضُ: بدا زَهرُها. والوَشيع: حصير يُتَّخذ من ثُمام. والتَّوشيع: رَقْم الثَّوب. والوَشائع: طرائق الغُبار. ووَشَّعَه الشَّيب. ومما ليس من الباب وشَعْتُ الجبَل: صَعِدت.
(وشق) الواو والشين والقاف: كلمة واحدة، هي الوَشِيقة: لحمٌ يقدَّد. يقال وَشَقْت واتَّشَقْتُ(1). قال:
فلا تُهْدِ منها واتَّشِق وتَجَبْجَبِ(2)
إذا عَرَضَتْ منها كَهاةٌ سَمينةٌ
وواشق: اسمُ كلْب.
وشك - وشل - وشم
(وشك) الواو والشين والكاف: كلمةٌ واحدة هي من السُّرعة. وأوشَكَ فلانٌ خروجاً: أسْرَعَ وعَجِل. ووَشْكَانَ(3) ما كان ذلك، في معنى عَجْلان. وأمرٌ وشِيكٌ. وأوْشَكَ يُوشِك.
سمعت أحمد بن طاهر بن النَّجْم(4) يقول: [سمعت ثعلباً يقول(5)]: أوْشَكَ يُوشِك لا غير(6). قال ابن السِّكِّيت: وَاشَكَ وِشاكا(7): أسرعَ السَّيرَ.
(وشل) الواو والشين واللام، يدلُّ على سَيلاَنِ ماءٍ قليل. فالوَشَل: الماء القليل، وجمعُه أوشال. وجبلٌ واشلٌ: يقطُر منه الماء. وهو واشِلُ الحظِّ: ناقِصُه. والوُشُول: قلّة الغَناء والضَّعفُ. وناقةٌ وَشُولٌ: يسيل ضَرعُها، وذلك من كَثْرة اللَّبَن.
__________
(1) يقال وشقه وشقاً، وأشقه على البدل، ووشقه توشيقاً، واتشق وشيقة اتشاقاً: أخذها.
(2) لخمام بن زيد مناة اليربوعي، كما في اللسان (جبب). وأنشد البيت في اللسان (عرض، وشق) بدون نسبة. وقد سبق في (عرض، كها).
(3) هو بتثليث الواو، ومثله سرعان بتثليث السين.
(4) كذا ورد مضبوطاً في المجمل.
(5) التكملة من المجمل.
(6) هذا رد على لغة العامة في زمان ثعلب، إذ كانوا يقولون "يوشك" بفتح الشين وضم الياء.
(7) وكذا في اللسان. وفي المجمل: "أواشك إيشاكا"، تحريف.(6/85)
(وشم) الواو والشين والميم: كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على تأثيرٍ في شيءٍ تزييناً له. منه وَشْمُ اليد، إذا نُقِشَتْ وغرِزَتْ. وأوشمَت الأرضُ: ظَهَر نباتُها. وأوْشَمَ البرقُ: لمعَ لَمْعاً خفِيفاً. ويتَّسعون في هذا فيقولون: ما أصابَتنا العامَ وَشْمة، أي قطْرةٌ من مَطَر، وذلك لأنَّ بالقَطر تُوشَم الأرض. وربَّما قالوا: كانت: بيني وبينَه وشِيمةٌ، أي كلام. ولا يكون ذلك إلا في كلامِ عداوةٍ. وهذا تمثيلٌ. وأوْشَمَ: نظر إلى الشَّيءِ، كأنَّه نَظَرَ وتأمَّلَ وَشْمَه.
وشي - وشب - وشج - وشح - وشر
(وشي) الواو والشين والحرف المعتل: أصلانِ، أحدُهما يدلُّ على تحسينِ شيءٍ وتزيينه(1)، والآخر على نَماءٍ وزيادة.
الأوَّل: وشَيْتُ الثَّوبَ أشِيهِ وَشْياً. ويقولون للذي يَكْذِب ويَنُِمُّ ويُزخرِفُ كلامَه: قد وَشَى، وهو واشٍ.
والأصل الآخر: المرأة الواشية: الكثيرة الوَلَد. ويقال ذلك لكلِّ ما يَلِد. والواشي: الرّجُل الكثير النَّسْل. والوَشْيُ: الكثْرة. ووَشَى بَنُو فلانٍ: كَثُروا. ومَا وَشَتْ هذه الماشيةُ عِندي، أي ما وَلَدت.
(وشب) الواو والشين والباء: كلمة. يقال: أوباشٌ من النَّاس وأوشاب(2).
(وشج) الواو والشين والجيم: كلمةٌ تدلُّ على اشتباكٍ وتَداخُل. يقال: وَشَجَت الأغصانُ. اشتبكَتْ. وكلُّ شيء اشتَبَكَ فهو واشج. والوَشِيج من القَنَا؛ ما نَبَتَ من الأرض مُعترِضاً، ولعلَّ ذلك يَشتَبِك بعضُه ببعض.
(وشح) الواو والشين والحاء: كلمة واحدة الوِشاح. وتوشَّحَ بثَوبِه، كأنَّه جعَلَه وِشاحَهُ، وكذا اتَّشَحَ به. وَشَاةٌ مُوشَّحَة: بجَنْبيها خَطّانِ.
(وشر) الواو والشين والراء: كلمة واحدة. الوَشْر والتَّوشير(3): أن تُحدِّد* المرأةُ أسنانَها. والميشار بلا همزٍ من هذا.
وشز - وصع - وصف - وصل
__________
(1) في الأصل: "وترتيبه".
(2) هم الأخلاط من الناس والرعاع.
(3) هو مقلوب التأشير، ومادته (أشر).(6/86)
(وشز) الواو والشين والزاء: كلمة واحدة، هي الوَشْزُ: ما ارتَفع من الأرض، كالنَّشْز، ثمَّ قِيسَ عليه فقِيلَ لشدائد الأمور: أوشاز، الواحد وَشْز.
(باب الواو والصاد وما يثلثهما)
(وصع) الواو والصاد والعين: كلمة واحدة، هي الوَصَْع: طائر صغيرٌ. وفي الحديث: "إنَّ إسرافِيلَ يتواضَعُ لله حتَّى يَصِيرَ مثل الوَصَْع(1)".
(وصف) الواو والصاد والفاء: أصلٌ واحد، هو تحْليَةُ الشَّيء. ووصَفْتُه أصِفُه وَصْفاً. والصِّفَة: الأمَارة اللاَّزِمةُ للشّيء، كما يقال وَزَنتُه وَزْناً، والزِّنَة: قَدْرُ الشَّيء. يقال اتَّصَفَ الشَّيءُ في عَينِ النّاظر: احتَملَ أن يُوصَف.
وأمَّا قولُهم: وصَفَت النّاقةُ وُصوفاً، إذا أجادت السّيرَ فهو [من قولهم] للخادم وصيف، وللخادمة وصيفة. ويقال أوْصَفَت الجاريةُ؛ لأنَّهما يُوصَفان عند البَيع.
(وصل) الواو والصاد واللام: أصلٌ واحد يدلُّ على ضمِّ شيءٍ إلى شيءٍ حَتَّى يَعْلَقَه. ووَصَلْتُه به وَصْلاً. والوَصل: ضِدّ الهِجْران. ومَوْصِلُ البعير: ما بين عَجُزِه وفَخذه. والواصِلَة في الحديث: التي تَصِلُ شَعْرَها بشعرٍ آخَرَ زُوراً. ويقول وصَلْتُ الشّيء وصلاً، والموصول به وِصْلٌ بكسر الواو.
وصم - وصي
ومن الباب الوَصِيلة: العِمارة والخِصْب. لأنَّها تَصِلُ النّاسَ بعضَهم ببعض، وإذا أجْدَبوا تفَرَّقُوا. والوَصيلة: الأرض الواسعة، كأنَّها وُصِلَت فلا تَنقطِع. أمَّا الوَصِيلة من الغَنَم في قوله تعالى: { وَلاَ وَصِيلةٍ وَلا حامٍ } [المائدة 103]....(2)
__________
(1) في اللسان: "إن العرش على منكب إسرافيل، وإنه ليتواضع لله حتى يصير مثل الوصع. يروى بفتح الصاد وسكونها".
(2) كذا وردت العبارة مبتورة في الأصل. وفي المجمل: "والوصيلة من الغنم كانوا... هم الشاة ذكرا قالوا: هذا لآلهتنا، فيقربونه، فإذا ولدها ذكرا وأنثى قالوا: وصلت... ها من أجلها" الكتابة مبتورة في المجمل أيضاً.(6/87)
(وصم) الواو والصاد والميم: أصلٌ صحيح يدلُّ على كَسْرٍ وضَعْف. ووجد توصيماً في جَسدِه، أي تكسيراً وفَترةً وكَسَلاً. قال:
واعصِ ما يأمُرُ توصيمُ الكَسَلْ(1)
وإذا رُمْتَ رَحيلاً فارتحِلْ
والوَصْم: الصَّدعُ غَير بائن. يقال: أصابَ القناةَ وَصْمٌ.
ويُحمَل على هذا فيقال للعار والعَيب: وَصْم. قال:
دَلَفْنا إلى جرمٍ بِألأَمَ من جَرمِ(2)
فإنْ تك جَرْمٌ ذاتَ وصمٍ فإنّنا
(وصي) الواو والصاد والحرف المعتلّ: أصلٌ يدلُّ على وَصلِ شيءٍ بشيء. ووَصَيْتُ الشَّيءَ: وصَلْتُه. ويقال: وطِئْنا أرضاً واصيةً، أي إنَّ نَبتَها متَّصلٌ قد امتلأَتْ منه. ووَصَيْتُ اللّيلَةَ باليوم: وصَلْتُها، وذلك في عملٍ تَعمَلُه. والوصِيَّة من هذا القياس، كأنّه كلامٌ يُوصَى أي يُوصَل. يقال: وصَّيْتُه توصيةً، وأوصَيْتُه إيصاء.
وصب - وصد - وصر - وضع
(وصب) الواو والصاد والباء: كلمةٌ تدلُّ على دَوامِ شيء. ووَصَبَ الشَّيءُ وصوباً: دام. ووَصَبَ الدِّينُ: وَجَب. ومَفَازةٌ واصِبة: بعيدةٌ لا غايةَ لها. وفي كتاب الله تعالى: { وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ } [الصافات 9]، أي دائم. والوَصَب: المرضُ المُلازم الدَّائم. رجلٌ وصِبٌ ومُوَصَّبٌ: دائم الأوصاب.
(وصد) الواو والصاد والدال: أصلٌ يدلُّ على ضمِّ شيءٍ إلى شيء. وأوصَدْتُ البابَ: أغْلَقْتُهُ. والوَصيد: النَّبْت المتقارِبُ الأصول. والوصيد: الفِناء لاتِّصاله بالرَّبع. والمُوصَد: المُطْبَق. وقال تعالى: { إنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ }
[الهمزة 8].
__________
(1) للبيد في ديوانه 12 طبع 1881 واللسان (وصم).
(2) أنشده في المجمل واللسان (وصم).(6/88)
(وصر) الواو والصاد والراء: كلمةٌ واحدة. قال الخليل: الوَصِيرة: الصّكّ. ويقال الوِصْر: السِّجِلُّ يكتُبه الملك لِمَنْ يُقْطِعُه(1). وفي بعض الحديث: "إنَّ هذا اشتَرَى مِنِّي أرضاً وقَبَضَ مِنِّي وِصْرَها، فلا هو يردُّ(2) عَلَيَّ الوِصْر ولا يعطيني الثمن".
([باب الواو والضاد وما يثلثهما])
(*وضع) الواو والضاد والعين: أصلٌ واحد يدلُّ على الخَفْض [للشيء] وحَطِّه. ووَضَعتُه بالأرض وضعاً، ووضَعت المرأة ولدَها. [و] وُضِع في تِجارته يُوضَع: خَسِر. والوضائع: قومٌ يُنقَلون من أرضٍ إلى أرضٍ يسكنون بها.
وضم
الوَضيع: الرّجُل الدنِيّ. والدّابّةُ تَضَع في سَيْرِها وَضْعاً، وهو سَيْرٌ سهلٌ يخالف المرفوع. قال:
كمَرِّ صَوْبٍ لجِبٍ وَسْطَ رِيحْ(3)
مَرفوعها زَوْلٌ ومَوضوعُها
يقال منه: إنَّها لَحَسَنة الموضوع. وقد أوْضَعَها راكِبُها. ووَضَعَ(4) الرّجُلُ: سار ذلك السَّير. وذُكِرَ أنَّ [الواضِعات(5)]: الإبل تأكل الخلّة. وأنشَدُوا:
__________
(1) ذكر في اللسان "الوصير" و"الوصر" وقال: "كلتاهما فارسية معربة".
(2) في الأصل: "يرد" صوابه من المجمل واللسان. ولفظ المجمل: "فهو لا يرد عليَّ الوصر ولا يعطيني الثمن" ولفظ اللسان: فلا هو يعطيني الثمن ولا هو يرد الوصر".
(3) لطرفة في ديوانه 13 واللسان (رفع، وضع) وقد سبق في (رفع) برواية: "موضوعها زول ومرفوعها". مطابقاً بذلك ما في اللسان (رفع)، وفي رواية نبه على خطئها ابن بري، كما في اللسان (رفع). وجاء في اللسان (وضع) مطابقاً لرواية المقاييس (وضع) وهي الرواية الصحيحة. وفي اللسان (وضع) أيضاً: "كمر غيث لجب".
(4) في الأصل: "وواضع"، تحريف. وأنشد في اللسان شاهد لذلك:
أخب فيها وأضع
يا ليتني فيها جذع
(5) التكملة من المجمل.(6/89)
وأمثالَها في الغادياتِ القوامِسِ(1)
رأى صاحِبي في الواضعات نجيبةً
والرجل المُوَضَّع: الذي ليس بمستحكمِ الأمر.
(وضم) الواو والضاد والميم: كلمة واحدة، هي الوَضَمُ: كلُّ شيءٍ يُوضَع عليه اللَّحمُ من خشبٍ وحجر. وَضَمْتُ اللَّحْمَ: اتَّخَذْتُ له وَضَماً. وأوضَمْتُه: جعلتُه على الوَضَم. ويقال: استَوْضَمْتُ الرّجُلَ، أي استضَمْتُه وجعلتُه تحْتِي كالوَضَم. وتوضّمَ الرّجُل المرأةَ: وقَعَ عليها. والوَّضيمة: القوم يَقلُّ عددُهم، يَنزِلُون على القَوم فيُحسِنون إليهم.
وضأ - وضح - وضخ
(وضأ) الواو والضاد والهمزة: كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على حُسنٍ ونَظافة. وَضُؤَ(2) الرّجُلُ يَوْضُؤُ، وهي وضيءٌ. والوَضُوء: الماء الذي يُتَوَضَّأ به. والوُضوء فِعلُك إذا توضّأْت، من الوَضَاءَة، وهي الحُسنُ والنَّظافة، كأنَّ الغاسِل وجهَه وضَّأَه، أي حسَّنَه.
(وضح) الواو والضاد والحاء: أصلٌ واحد يدلُّ على ظُهور الشَّيءِ وبُروزِه. ووَضَح الشَّيءُ: أبَانَ. [و] في الشِّجاج المُوضِحَةُ، وهي تُبدِي وَضَح العَظْم. واستَوْضَحْتُ الشَّيءَ، إذا وضعتَ يَدكَ على عينيك تنظر هل تراه. وجاء في الحديث: "صُومُوا من وَضَح إلى وَضَح" أي من ضَوء إلى ضوء. والوَضَّاح: الرّجُل الأبيض اللَّون الحَسَنُ. وأوضَحَ الرّجلُ: وُلِد لَه البِيض من الأولاد. ومن أين أوضَحْتَ، أي من أين بدا [وضَحُك(3)]، أي من أين طَلَعت. ووَضَحُ الطريقِ: مَحجَّتُه. والواضحة: الأسنان تبدو عند الضَّحِك. قال:
لا تَرَكَ اللهُ لهُ واضِحهْ(4)
__________
(1) في الأصل: "والواضعات"، صوابه في المجمل واللسان (وضع) وفي المجمل: "العاديات" بالعين المهملة. وفي اللسان: "الواضعات" بدلها.
(2) في الأصل: "وضؤ الرجل يوضؤ الرجل يوضو". وفيه تكرار.
(3) التكملة من المجمل.
(4) لطرفة في ديوانه 43 والحيوان (6: 302) وعيون الأخبار (2: 3). وأنشده في اللسان (وضح) بدون نسبة. ويروى: "صافيته".(6/90)
كلُّ خَليلٍ كنت خالَلْتُه
والأوضاح: بقايا الحَلِيِّ والصِّلِّيان. والأوضاح: حَلْيٌ من فِضّة.
(وضخ) الواو والضاد والخاء: ... ...(1)
وضر - وطف - وطن - وطأ
([وضر) الواو والضاد والراء(2)]: كلمة واحدة تدلُّ على لَطْخِ شيءٍ بشيء. فالوَضَر مثل الدَّرَن والزَّهَم. قال:
* أبارِيقُ لم يَعْلَقْ بها وَضَرُ الزُّبدِ(3) *
قال أبو عبيدة: يقال لبقيَّةِ الشَّيء على الشَّيء: الوضَر، كبقيّة الهِناء على البعير.
(باب الواو والطاء وما يثلثهما)
(وطف) الواو والطاء والفاء: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على طول شيء ورَخَاوته. من ذلك: الوَطف: طُول الأشفار وتَهدُّلُها. والوطف: انهمالُ المطر. والأوطف: البعير القصيرُ شعر الأُذنينِ والعينَين. وإنّما يُراد بهذا أنّه لا يبلغ به وَطَفُه أن يكونَ أزبّ، لأنَّ كلَّ أزَبَّ نَفور. فهذا دونَ الأزبّ، وإلاَّ فهو تامُّ الشعر. ويستعار فيقال: هو في عيشٍ أوْطَف، أي واسعٍ رخِيّ.
(وطن) الواو والطاء والنون: كلمةٌ صحيحة. فالوَطَن: مَحَلُّ الإنسان. وأوطان الغَنَم: مَرَابضها(4). وأوْطَنْتُ الأرضَ: اتَّخذتُها وَطناً. والمِيطانُ: الغاية(5).
(وطأ) الواو والطاء والهمزة. كلمةٌ تدلُّ على تمهيدِ شيءٍ وتسهيله. ووطَّأْتُ له المكان. والوِطاءُ: ما توطّأْتَ به من فِراش. ووَطِئْتُه برجلي أطَؤُه.
وطب - وطح - وطد
__________
(1) وردت هذه المادة مبتورة مختلطة بما بعدها. والذي في المجمل:
... (وضخ) المواضخة: تَبَاري المستَقِيَيْن. ثم استُعير في كلِّ مُتَبارِيَيْن.
(2) تكملة يحتاج إليها الكلام. وانظر التنبيه السابق.
(3) لأبي الهندي، واسمه عبد المؤمن بن عبد القدوس، في اللسان (وضر) والشعر والشعراء 242، 664 والأغاني (21: 178). وصدره:
* سيغني أبا الهندي عن وطب سالم *
(4) في الأصل: "مرابطها"، صوابه في المجمل واللسان.
(5) هو أول الغاية، كما أن الميتاء والميداء آخر الغاية.(6/91)
وفي الحديث: "اشدُدْ وَطأتَك على مُضَرَ" والمواطَأة: الموافَقَةُ على أمرٍ يوطِّئه كلُّ* واحدٍ لصاحبه.
(وطب) الواو والطاء والباء: كلمةٌ واحدة، هي وَطْب اللّبَن: سِقاؤه. ويشبَّه به المرأةُ العظيمة الثَّدْي، فيقال وَطْباء. والوَطْب: الرّجُل الجافِي، وهذا أيضاً من التَّشبيه.
(وطح) الواو والطاء والحاء: كلمةٌ تدلُّ على مُزاحَمةٍ ومُداوَلة. يقال: تَواطَحَ على الماء وِرْدٌ كثير، أي ازدَحَم. وتَواطحُوا(1) على الشَّيءِ: تداوَلُوه. ويقولون: الوَطَح: ما تعلَّق بالأظلافِ ومَخَالِب الطَّير من طِينٍ وعُرّ(2).
(وطد) الواو والطاء والدال: أصلٌ واحد، وهو أن تُثَبِّتَ شيئاً بِوَطْئِكَ حتَّى يتصلَّب. ووَطَدْتُه أطِدُه إلى الأرض، على معنى الاستعارة، إذا أهانه(3). والمِيطَدَة: خشبَةٌ يُوطَد بها المكان حتَّى يَصْلُب. ويقال لأثَافيّ القِدر: الوطائد. والطَّادِي في شعر القَطاميّ، في قوله:
* تَقَضَّى [بَوَاقِي] دَيْنِها الطَّادِي(4) *
: الواطد، وهو مقلوبٌ. وعادته(5) طادِيَّةٌ: قديمة.
وطر - وطس - وطش - وظف
(وطر): الواو والطاء والراء: كلمةٌ واحدة. الوَطَر: الحاجَة والنَّهْمَة، لا يُبنَى منه فِعل.
(وطس) الواو والطاء والسين: كلمةٌ واحدة تدلُّ على وَطْءِ شيءٍ حتَّى ينهزم. ويقال: وَطَسْتُ الأرضَ برِجْلي أطِسُها وَطْساً، أي هزَمْتُ فيها هزمةً. والوَطِيس: التَّنُّور، منه لأنّه كالهَزْم في الأرضِ. ويعبَّر [به] عن الأمر الشّديد.
__________
(1) في الأصل: "توطحوا"، صوابه في المجمل واللسان.
(2) العر والعرة: ذرق الطير. في الأصل: "عد" تحريف. وفي المجمل: "من العرة والطين وأشباههما".
(3) الوجه: "إذا أهنته".
(4) ديوان القطامي 7 ومجالس ثعلب 578 واللسان (طود، وطد، صدى). وهو بتمامه:
ولا تقضّى بواقي دينها الطادي
ما اعتاد حب سليمى حين معتاد
(5) في المجمل: "وعادة".(6/92)
([وطش) الواو والطاء والشين]: كلمتانِ إن صَحَّتا. يقولون: ضربُوه فما وَطشَ إليهم(1)، أي لم يدفع عن نَفْسه.
والأخرى: وَطِّشْ لي شيئاً أذْكُره، معناه افْتَحْ.
(باب الواو والظاء وما يثلثهما)
(وظف) الواو والظاء والفاء: كلمة تدلُّ على تقدير شيء(2). يقال: وظَّفْتُ له، إذا قدّرتَ له كلَّ حينٍ شيئاً مِن رزقٍ أو طعام. ثمَّ استُعِير ذلك في عَظْم السَّاق(3)، كأنَّه شيءٌ مقدَّر، وهو ما فوق الرُّسْغ من قائمة الدّابّة إلى الساق. ويقال وظَفْتُ البعيرَ، إذا قَصَرتَ له القَيْد. ويقال: مرَّ يَظِفُهُم، أي يتبعهم(4) كأنَّه يَجعلُ وظيفَهُ بإزاء أوظِفَتِهم.
وظب - وعق - وعك - وعل
(وظب) الواو والظاء والباء: كلمةٌ تدلُّ على مداوَمَة. يقال: وَظَبَ يَظِبُ وَظْباً. ووَاظَبْتُ على الشَّيءِ مُواظَبةً، وهي المداومَة. ويقال: أرضٌ موظوبةٌ، أي استقْصَتْ الرّاعية رَعْيَها(5)، وهي من القياس الذي ذكرناه. والله أعلمُ بالصَّواب.
(باب الواو والعين وما يثلثهما)
(وعق) الواو والعين والقاف: كلمتان: إحداهما الوَعِيق: صوتٌ يخرجُ من قُنْب الدّابّة. والثانية الوَعْقة، هو الرّجل السَّيِّئُ الخُلُق، وكذلك الوَعق.
(وعك) الواو والعين والكاف، يدلُّ على عَركِ شيءٍ وتذليله. منه وعْك الحُمَّى، كأنَّها تعرُك الجسم عَرْكاً. وتقول العرب: أوْعَكَتِ الكلابُ الصَّيدَ، إذا مرَّغَتْه في التراب. والوَعْكَةُ: مَعركةُ الأبطال. وأوْعَكَتِ الإبلُ: ازْدَحَمَتْ، وهو ذلك القياس.
__________
(1) في المجمل: "فما وطش إليهم توطيشاً".
(2) في الأصل: "تقدر".
(3) يعني "الوظيف". ويبدو أن في العبارة سقطا.
(4) في الأصل: "بينهم"، صوابه في المجمل.
(5) في الأصل: "عليها".(6/93)
(وعل) الواو والعين واللام كلمتان: إحداهما الوَعِْل(1): ذكَر الأرْوَى. [و] على التشبيه قيل لِكِبار الناس وُعُول. وفي الحديث: "تَظْهَر التُّحُوت و[تذهب(2)] الوُعُول". التُحوت: الدُّون. والوُعول: الأشراف.
والثانية قولهم: لا وَعْلَ عنه، أي لا مَلْجَأ.
وعن - وعي - وعب - وعث
(وعن) الواو والعين والنون: ليس بأصلٍ، لكنهم يقولون: الوَعْنَة الأرضُ البيضاء(3). ويقولون: تَوَعَّنَت الإبلُ: أخَذَ فيها السِّمَن.
(وعي) الواو والعين والياء: كلمةٌ تدلُّ على ضمِّ شيء. ووَعَيْتُ العِلْمَ أعِيهِ وَعْياً. وأوْعَيْتُ المتاعَ في الوِعاء أُوعيه. قال:
* والشَّرُّ أخبَثُ ما أوعَيْتَ من زادِ(4) *
وأمَّا الوَعَى(5) فالجَلَبَةُ والأصوات. وهو عندنا من باب الإبدال، والأصل الغين. والوعية: الصَّارخَة، من الوَعَى. ويقولون: لا وَعْيَ عَنْ كذا.
(وعب) الواو* والعين والباء: كلمةٌ تدلُّ على استيظاف الشَّيء(6). وأوعَبْتُ الشَّيءَ: استوظَفْتُه كلَّه. ويقولون: "في الأنْفِ إذا استُوعِبَ جَدْعُه الدِّيَةُ"، أي استُؤصِلَ فلم يُتْرَك منه شَيء. وجاء فلانٌ مُوعِباً، أي جَمعَ ما استطاعَ من جَمْع. وأتَى الفَرَسُ بِرَكضٍ وَعِيبٍ، أي جاء بأقصَى ما عِنْده.
__________
(1) يقال بالفتح، وبفتح فكسر، وبضم فكسر.
(2) التكملة من المجمل. وسبق في (تحت) بلفظ: "تهلك الوعول وتظهر التحوت". وفي اللسان (وعل): "وفي حديث أبي هريرة: لا تقوم الساعة حتى تعلو التحوت وتهلك الوعول".
(3) زاد في المجمل: "لا تنبت".
(4) لعبيد بن الأبرص في اللسان (وعي) والكامل 64 ليبسك. وصدره:
* الخير يبقى وإن طال الزمان به *
(5) في الأصل: "الوعاء"، تحريف.
(6) الاستيظاف: الاستيعاب.(6/94)
(وعث) الواو والعين والثاء: كلمةٌ تدلُّ على سُهولةٍ في الشَّيء ورَخاوَة. ومكانٌ أوْعَثُ. قال الخليل: الوَعْثُ من الرَّمْل: ما غابَتْ فيه القوائم. وامرأةٌ وَعْثةٌ: كثيرة اللَّحم. ووَعِثُ لِسانُه: التَاثَ فلم يُبَيِّنْ، كأنَّه استَرْخَى ولانَ.
وعد - وعر
فإنْ قيل: فكيف قال: "أعوذُ بك من وَعْثاء السَّفَر"، وقد زعمتم أنَّ ذلك دالٌّ على السهولة؟ قيل: المعنى الذي ذهبنا إليه صحيح، وإنما الرَّمْل إذا غابت فيه القوائم فإنَّه يدعُو إلى المشقَّة، فلذلك قيل: نعوذ بك من وَعْثاء السفر. والمعنيان صحيحان.
(وعد) الواو والعين والدال: كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على تَرجِيَةٍ بِقَوْل(1). يقال: وَعَدْتُه أعِدُهُ وَعْداً. ويكون ذلك بخيرٍ وشَرٍّ. فأ[مّا ا] لوَعِيدُ فلا يكون إلاّ بشَرّ. يقولون: أوعَدْتُه بكذا. قال:
* أوْعَدَنِي بالسِّجْنِ والأداهِمِ(2) *
والمُوَاعَدَة من المِيعاد. والعِدَة: الوَعْد. وجمعها عِدَاتٌ: والوَعْد لا يجمع. ووَعِيدُ الفَحْل: [هَدِيرُه(3)] إذا همَّ أن يصول. قال:
* يُوعِدُ قلبَ الأعزلِ(4) *
وأرضُ بني فلانٍ واعِدَةٌ، إذا رُجِيَ خَيرُها من المطر والإعشاب. ويومٌ واعدٌ: أوّلُه يَعِدُ بحرٍّ أو بَرْد.
(وعر) الواو والعين والراء: كلمةٌ تدلُّ على صَلابةٍ وخُشونة. ومكان وَعْرٌ
وعز - وعس - وعظ - وغف
بيِّنُ الوُعورة، ووَعرَ يَوْعرُ(5) وتَوَعَّرَ. وفلانٌ وَعْر المعروفِ: نَكِدُه. وسألناه حاجةً فتوعَّرَ علينا، أي تشدّد.
__________
(1) في الأصل: "تقول".
(2) للعديل بن الفرح عند العيني (4: 190). وانظر اللسان (وعد، دهم) وإصلاح المنطق 253، 326.
(3) التكملة من المجمل.
(4) لأبي النجم العجلي من أرجوزته المشهورة بمجلة المجمع العلمي العربي بدمشق (العدد 8 ص474) صفر سنة 1347. والشطر بتمامه كما في المجمل ومجلة المجمع:
* يرعد أن يوعد قلب الأعزل *
(5) يقال من باب ظرف، وتعب، ووعد أيضاً.(6/95)
(وعز) الواو والعين والزاء: كلمةٌ واحدةٌ في التَّقدمةِ في الشيء. يقال: وَعَزْتُ إليه: تقدَّمت في الأمر، وأوْعَزْت كذلك، وذلك إذا تقدَّمْتَ إليه فأمَرْته به.
(وعس) الواو والعين والسين: أصلٌ يدلُّ على سُهولةٍ في الشيء. من ذلك الوَعْساء: الأرض الليِّنةُ ذاتُ الرَّمْل. والمِيعَاسُ: الأرض لم تُوطَأُ. والمُوَاعَسةُ: ضَرْبٌ من سَير الإبِلِ سَهْل. يقال: واعَسْنَا ليلتَنا هذِهِ: أدْلَجْنا. ولا تكون المُوَاعَسَةُ إلاَّ باللّيل.
(وعظ) الواو والعين والظاء: كلمةٌ واحدة. فالوَعْظ: التخويف. والعِظَة الاسمُ منه؛ قال الخليل: هو التَّذكير بالخير وما يرقُّ له قلبُه(1).
([باب الواو والغين وما يثلثهما])
(وغف) الواو والغين والفاء ثلاثُ كلمات.
الوَغْف: سُرعة العَدْو، ويقال هو الإيغاف، وأوْغَفَ يُوغِفُ.
والثانية الوغْف، يقال: ضَعفُ البَصَر.
والثالثة: الوَغْف: قطعةُ أدَمٍ، يُشَدُّ على بَطن التَّيس لئلا يَنْزُوَ.
وغق - وغل - وغم - وغا - وغب
(وغق) الواو والغين والقاف. يقولون: الوغيق كالوَعِيق.
(وغل) الواو والغين واللام: كلمةٌ تدلُّ على تقحُّمٍ في سَيرٍ وما أشْبَه ذلك. وأوْغَلَ القَوْمُ: أمْعَنوا في مَسيرهم. ومن التَّقَحُّم الواغِلُ: الذي يَدْخُلُ على القوم يَشْرَبونَ ولم يُدْعَ؛ وذلك الشَّراب الوَغْل. قال:
إثماً من اللهِ ولا وَاغِلِ(2)
فاليوم أشْرَبْ غيرَ مُستَحْقِبٍ
ويقال: وَغَلَ يَغِلُ، إذا تَوَارَى في الشَّجَر. ويقال: الوَغْل: الرجلُ لا يَصلُح لشيء، كأنَّه خَفِيَ. والوَغْل: السيِّئُ الغِذاء.
(وغم) الواو والغين والميم: كلمةٌ واحدة، هي الوَغْم: الغَيْظ في الصَّدر، والحِقْدُ. قال:
فيَعفُو إذا شاءَ أو ينتقِمْ
يقومُ على الوَغْمِ في قومِهِ
فأمَّا قولُهم: وَغَم بالخَبَر فأصلُه نَغَم.
__________
(1) نص المجمل: "فيما يلين له قلبه".
(2) لامرئ القيس في ديوانه 150 واللسان (وغل).(6/96)
(وغا) الواو والغين والحرف المعتلُّ. الصحيحُ منه الوَغَى: الجلَبَة والأصوات. وكلمةٌ يقال إنَّ الأواغِي(1): مَفاجِرُ الدِّبَار في المَزَارع.
(وغب) الواو والغين والباء: كلمةٌ تدلُّ على سقوطٍ وضعف. منه الوَغْب: الرّجُل الجَبَان. قال:
* ولا بِبِرْشاعِ* الوِخامِ وَغْبِ(2) *
وغد - وغر - وفق
والأوغاب: أسقاط البَيت كالقَصْعة والبُرْمةِ ونحوِها.
(وغد) الواو والغين والدال: كلمةٌ تدلُّ على دَناءةٍ. ورجلٌ وَغْدُ وهو الدَّنيّ، من قولك وغَدْتُهم أغِدُهُم، إذا خَدَمْتُهم. والأصل الوَغْد: قِدْحٌ لا حَظَّ له.
ومما شذَّ عن ذلك قولُهم: المُواغَدَة في السَّير: سَيرٌ ليس بالشَّديد.
(وغر) الواو والغين والراء: كلمةٌ تدلُّ على حرارة، ثم يُستعار. فالوَغْرة: شدَّة الحر. والوَغِير: لحمٌ يُشْوى على الرَّمْضاء. ووغِرَ صدرُهُ يَوْغَرُ: اغتاظ، وهو قياسُ ما ذكرناه. ويقال: الإيغار: أن تُحمى الحجارةُ ثم تُلقَى في الماء لتسخِّنَه(3). وقول القائل(4):
ككراهةِ الخِنزير للإيغارِ
ولقد عَرفتَ مكانَهُمْ فكرِهتَهُم
والإيغار: أن يُوغِرَ الملكُ الأرضَ الرّجلَ: يَجعَلُها له من غير خَرَاج. والله أعلم بالصواب.
(باب الواو والفاء وما يثلثهما)
(وفق) الواو والفاء والقاف: كلمةٌ تدلُّ على ملاءمة الشيئين. منه الوَفْق: الموافَقة. واتَّفَق الشيئانِ: تقارَبَا وتَلاءَما. ووافَقْتُ فلاناً: صادقْتُه، كأنهما اجتمعا متوافِقَين.
وفل - وفي - وفد - وفر
__________
(1) واحدها آغية: بتخفيف الياء وتثقيلها.
(2) لرؤبة في ديوانه 16 واللسان (برشع ، وغب): وفي الأصل: "الوغام"، تحريف.
(3) في الأصل: "السخنة"، صوابه من اللسان.
(4) هو جرير، اللسان (غيظ) وأنشده في (غير، وغر) بدون نسبة. ولم يرد في ديوان جرير.(6/97)
(وفل) الواو والفاء واللام: كلمةٌ تدلُّ على شَعَر وخُشُونة. ودُبِغ السِّقاءُ حتَّى ذهَبَ وَفْلُه، أي ما عليه من شَعر وخُشُونة. والوَفْل: ما تطايرَ من الجلد من شَعَره. والله أعلم بالصواب.
(وفي) الواو والفاء والحرف المعتلّ: كلمةٌ تدلُّ على إكمالٍ وإتمام. منه الوَفاء: إتمام العَهْد وإكمال الشَّرط. ووَفَى: أوْفَى، فهو وفِيٌّ. ويقولون: أوْفَيْتُكَ الشَّيءَ، إذا قَضَيْتَه إيّاهُ وافياً. وتوفَّيْتُ الشَّيءَ واستَوْفَيْته؛ [إذا أخذتَه كُلّه(1)] حتَّى لم تتركْ منه شيئاً. ومنه يقال للميِّت: تَوفَّاه الله.
(وفد) الواو والفاء والدال: أصلٌ صحيح يدلُّ على إشراف وطُلوع. منه الوَافد: القَوم يَفِدُون. والوَفْد: ذِرْوَة الحَبْل(2) من الرَّمل المُشرِف. والوافد من الإبل: ما يَسبِقُ سائِرَها . والإيفاد: الإسراع، والوافدانِ هما عظمانِ ناشِزانِ من الخَدَّين عند المَضْغ. وإذا هَرِمَ الإنسانُ غارَ وافِدهُ. قال الأعشى:
ـنِ مُخْتلفَ اللَّوْنِ أعْشَى ضَرِيرا(3)
رأتْ رجلاً غائرَ الوافدَيْـ
وأوْفَدَ على الشَّيء وأوْفَى: أشرَفَ.
(وفر) الواو والفاء والراء: كلمةٌ تدلُّ على كثرةٍ وتَمام. وَفَرَ الشّيءُ يَفِرُ، وهو مَوفورٌ، ووَفَرَه الله. ومنه وَفْرةُ الشَّعر: دُون الجُمَّة. واشتقاق اسم المالِ الوَفْرِ منه. قال:
وفز - وفض - وفع - وقل
على رَمَثٍ في الشَّرْم ليس لنا وَفْرُ(4)
تمَنَّيْتُ من حُبِّي بُثينَةَ أنَّنا
والوفْراءُ(5): المزادة لم يُنْقَص من أديمها شَيء.
__________
(1) التكملة من اللسان.
(2) في الأصل: "الجبل"، صوابه من المجمل واللسان.
(3) ديوان الأعشى 69.
(4) لأبي صخر الهذلي من قصيدة في بقية أشعار الهذليين 93 وأمالي القالي (1: 148) وأنشده في اللسان (رمث)، كما سبق (في رمث).
(5) في الأصل: "والوافر"، صوابه في المجمل واللسان.(6/98)
(وفز) الواو والفاء والزاء: كلمةٌ تدلُّ على عَجَلةٍ وقلّة استقرار. وأنا على وفْزَ وأوفازٍ، أي عجَلة. قال الشَّيبانيّ: هو على أوفازٍ، ولم يُقَلْ منه واحد. والوفَزُ: النَّشْز(1) من الأرض. وكذلك يقال: جَلَسَ مُستوفِزاً، كأنّه غير مستقِرّ.
(وفض) الواو والفاء والضاد: ثلاث كلماتٍ متباينة: الأولى أوْفَضَ إيفاضاً: أسرَعَ. وجاءَ على وَفْض وأوفاض، أي عَجَلة.
والثانية الأوفاض: الفِرَق من النَّاس.
والثالثة الوَفْضَة: الكنانة، وجمعها وِفَاضٌ.
(وفع) الواو والفاء والعين. يقولون: الوَفْعة: خِرقةٌ يقتبس فيها نارٌ. والوَفِيعة كالسَّلَّة تُتَّخَذ من العَراجين. ويقال الوَفْعة: صِمام القارورة.
(باب الواو والقاف وما يثلثهما)
(وقل) الواو والقاف واللام: كلمةٌ تدلُّ على علوٍّ في جَبَل. وتوقَّلَ في الجبلِ: عَلاَ. وكلُّ صاعدٍ في شَيءٍ متوقِّل. وفرسٌ وَقَِْلٌ: حسَن السَّير في الجبال. والوَقْل: شجر المُقْل.
وقم - وقه - وقي - وقب - وقت
(وقم) الواو والقاف والميم. يدلُّ على غَلبَة* وإذلال. ووَقَمَ اللهُ العدوَّ وقْماً: أذَلَّه. وتوقَّمَ فلانٌ العِلم: قَتَله خُبْراً. وتوقَّمْت الصَّيدَ: خَتَلْتُه. وقال الكسائيّ: الموقوم: الشَّديد الحُزْن. وحَرَّةُ واقِمٍ بالمدينة.
(وقه) الواو والقاف والهاء: كلمةٌ واحدة. استَيْقه القومُ: أطاعُوا، مِن وَقِهْت.
(وقي) الواو والقاف والياء: كلمةٌ واحدة تدلُّ على دَفْعِ شيءٍ عن شيءٍ بغيره. ووقيْتُه أَقِيه وَقْياً. والوِقاية: ما يقي الشَّيء. واتَّقِ اللهَ: تَوَقَّهُ، أي اجعل بينَك وبينه كالوِقاية. قال النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم: "اتَّقُوا النّارَ ولو بِشقِّ تَمرة"، وكأنّه أراد: اجعلوها وقايةً بينكم وبينها.
ومما شذَّ عن الباب الوَقْيُ، قالوا: هو الظَّلْع اليَسير.
__________
(1) في الأصل: "النتز"، صوابه في المجمل.(6/99)
(وقب) الواو والقاف والباء: كلمةٌ تدلُّ على غَيبةِ شيءٍ في مَغَاب. يقال وَقب الشَّيءُ: دخَلَ في وَقْبة، وهي كالنُّقْرة في الشَّيء. ووقَبَتْ(1) عيْناه: غارتا. [و] وقَبَ الشَّيءُ: نَزَلَ ووَقَع. قال الله تعالى: { ومِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إذَا وَقَبَ } [الفلق 3]، قالوا: هو اللَّيل إذا نَزَل. وأمَّا قولُهم: إنَّ الوَقْب هو الأحمَقُ فهو من الإبدال، والأصل وَغْب، وقد ذَكَرناه.
(وقت) الواو والقاف والتاء: أصلٌ يدلُّ على حَدِّ شيءٍ وكُنْهه في زمان وغيرِه. منه الوقْت: الزَّمان المعلوم. والموقوت: الشَّيء المحدود. [و] المِيقاتُ:
وقح - وقد - وقذ - وقر
المصير للوَقْت. وقَتَ له كذا ووَقَّته، أي حدَّدَه. قال الله عزَّ وجلّ: { إنَّ الصَّلاَةَ كانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً } [النساء 103].
(وقح) الواو والقاف والحاء: كلمةٌ تدلُّ على صَلابةٍ في الشَّيء. والحافر الصُّلْب وَقَاحٌ، شُبِّه به الرَّجُل القليل الحَيَاء فقيل وَقاحٌ. ووَقِحٌ: بيِّنُ القِحَة والوَقَاحة. والتَّوقيح: أن يوقَّح الحافرُ بشَحمةٍ تُذابُ يُكوَى بها الأشْعَر. واستَوْقَحَ الحافرُ: صَلُب. ورجل موَقَّح: مجرَّب.
(وقد) الواو والقاف والدال: كلمةٌ تدلُّ على اشتعالِ نارٍ. وَقَدَت النّار تَقِدُ واتَّقَدَتْ وتَوَقَّدَتْ، وأوْقَدْتُها أنا. والوَقُود: الحَطَب. والوُقود: فِعلُ النّارِ إذا وَقَدَتْ. والوَقَد: نَفْس النّار. ووَقْدَة الصَّيفِ: أشدُّه حَرَّاً.
(وقذ) الواو والقاف والذال: كلمةٌ تدلُّ على ضَربٍ بخَشَب. منه الوَقْذ: الإيلام بالضَّرب. وشاةٌ موقوذة: ضُرِبت بالخشَب حتَّى ماتت.
ومما ليس من هذا القياس وُقِذَت النّاقةُ: دَرَّتْ على كَرْهٍ فقَلّ لبنُها.
__________
(1) في الأصل: "وقب".(6/100)
(وقر) الواو والقاف والراء: أصلٌ يدلُّ على ثِقَل في الشَّيء. منه الوَقْرُ: الثِّقَل في الأُذُن. يقال منه: وَقِرَتْ أذنُه تَوْقَر وَقْراً(1). قال الكسائيّ: وُقِرَتْ أذنُه فهي موقورة. والوِقْر: الحِمْل. ويقال نخلةٌ مُوقرَةٌ ومُوقِرٌ، أي ذات حَملٍ كثير. ومنه الوَقَار: الحِلْم والرَّزَانة. ورجلٌ ذو قِرَةٍ، أي وَقور. يقال منه وَقَرَ وَقاراً. وإذا أمرت قلت اُوقُر، في لغة من قال اُومُرْ. قال الأحمر في قوله: { وقَرْنَ فِي
بُيُوتِكُنَّ } [الأحزاب 33]: ليس من الوقار، إنَّما هو من الجلوس. يقال منه
وقص - وقط - وقع
وَقَرْتُ أقِرُ وَقْراً. قال أبو عبيد: هو عندي من الوَقَار. يقال: قِرْ، كما يقال: عِدْ. ورجلٌ مُوَقَّر: مُجرَّب.
ومما شذَّ عن الباب الوَقِيرَة(2): نُقرةٌ في الصَّخْر. فأمَّا وَقِيرٌ فهو إتباع الفقير. والوَقْرَة في العَظْم(3). والوَقِير: القطيع من الضَّأْن.
(وقص) الواو والقاف والصاد: كلمةٌ تدلُّ على كَسْر شيء. منه الوَقْص: دَقُّ العُنُق، وُقِصَتْ عنقُه فهي موقوصة. أمَّا قولُ الهُذَلِيّ(4):
كَرَبَتْ حَياةُ النّارِ للمُتَنَوِّرِ
فبَعثْتُها تَقِصُ المَقَاصِرَ بعد ما
فمِنْ وَقْصِ الدّابّةِ إذا سار في رؤوس الآكام فيقصُها(5). ومنه التَّوَقُّص في المشي: شدَّةُ الوطْءِ، كأنّه يَقِصُ ما تحتَه. والوَقَص: دقَاقُ العِيدان. يقال وَقِّصْ لنارك، وهي كِسَرُ العِيدان. ويقال لما بينَ الفريضتين: وَقَصٌ؛ وهو القياس، لأنها ليست بفريضةٍ تامَّة، فكأنها* مكسورة.
__________
(1) قال الجوهري: قياس مصدره التحريك، إلا أنه جاء بالتسكين.
(2) وكذلك الوقرة، والوقير.
(3) هي الهزمة فيه.
(4) وكذا في المجمل. وقد سبق في مادة (بعث) أن الشاعر هو "ابن أحمر". وأنشده في (قصر) بدون نسبة. أما في اللسان (قصر، وقص) فقد نسب إلى ابن مقبل.
(5) في المجمل: "فوقصها". والضمير في "سار" للدابة، والدابة يؤنث ويذكر.(6/101)
(وقط) الواو والقاف والطاء: كلمةٌ تدلُّ على وَقْعِ شيءٍ بشيءٍ. ووَقَط الدِّيكُ الدّجاجَةَ: سَفِدَها. ويقال: أصابَتْنا سماءٌ فوَقَطَت الأرضَ، كأنها وقَعَتْ بها، وذلك المكان الذي يَسْتَنْقِع فيه الماءُ وَقْطٌ، ووَقيط.
(وقع) الواو والقاف والعين أصلٌ واحد يرجع إليه فروعُه، يدلُّ على
وقع
سُقوط شيء. يقال: وقَعَ الشيءُ وُقوعاً فهو واقع. والواقِعَة: القِيامة، لأنها تَقَع بالخَلْق فتَغْشاهم. والوقْعة: صَدْمَة الحرب. والوَقائع: مَناقِع الماء المتفرِّقة، كأن الماء وَقَع فيها. ومَواقِعُ الغيثِ: مَسَاقِطَهُ. والنَّسر الواقع، من وقَع الطائر، يراد أنّه قد ضمَّ جناحيه فكأنَّهُ واقعٌ بالأرض. ومَوْقَعَة الطّائِر(1): موضِعه الذي يقعُ عليه. وكَوَيْتُ البعيرَ وَقَاعِ: دائرةٌ واحدةٌ يُكوَى بها بعضُ جِلْدِه أين كان فكأنَّها قد وَقَعَتْ به. ووقَعَ فلانٌ في فلان وأوْقَع به(2). وأما وَقَعْت الحديدةَ أقِعُها وَقْعاً، إذا أنتَ حدَّدتَها، فمن القياس، لأنّك توقِّعها على حجرٍ أو غيرِه لتمتدَّ، فكأنه من باب فَعَلَ الشيءُ وفَعَلْتُه. وحديدةٌ وقيعٌ(3)
__________
(1) موقعة الطائر بفتح القاف، وتكسر أيضاً.
(2) في الأصل: "ووقع به"، صوابه في المجمل.
(3) بغير هاء. وقال عنترة:
وفي البجلي معبلة وقيع
وآخر منهم أجررت رمحي(6/102)
. ووقَع الغَيثُ: سَقَط متفرِّقَاً. ومنه التَّوقِيع، وهو أثَرُ الدَّبَر بظهر البَعِير. ومنه التَّوقيع: ما يُلْحَق بالكتابِ بعد الفَراغ منه. وتوقَّعْتُ الشَّيءَ: انتظرتُه متى يقع. والحافر الوَقِيع: الذي قَطّطَتْه الحجارةُ تقطيطاً؛ وهو مأخوذٌ من الحديد الوقيع. والسَّيف الوقيعُ: ما شُحِذَ بالحجَر؛ وقد مرَّ قياسه. والوَقَع: الحَفَى. والوَقِع: الحَفِي، وهو من ذلك كأنّه حجرٌ قد وقعَ بميقعَةٍ فَحفِيَ. والوَقِع(1): الطِّخاف(2) من السّحاب، كأنَّه يَقَعُ بغَيثِه. وأما الذي حكاه أبو عمرو، أنَّ الوَقْع: المكانَ المرتفِع من الجَبَل، فكأنَّه سمِّي به لأنّ الذي يعلُوه يخافُ أن يقع منه.
وقف
(وقف) الواو والقاف والفاء: أصلٌ واحد يدلُّ على تمكُّثٍ في شيءٍ ثمَّ يقاس عليه. منه وَقَفْتُ أقِفُ وُقوفاً. وَوَقَفْتُ وَقْفِي، ولا يقال في شيءٍ
أوقَفْتُ إلاَّ أنهم يقولون للذي يكونُ في شيءٍ ثم يَنْزِع عنه: قد أوْقَفَ. قال الطِّرِمَّاح:
ـتُ رضاً بالتُّقَى وذو البِرِّ راضِ(3)
جامحاً في غَوَايتي ثمَّ أوقفـ
وحكى الشَّيباني: "كلمتُهم ثم أوْقَفْتُ عنهم(4)" أي سَكَتُّ. قال: وكلُّ شيءٍ أمسَكْتَ عنه فإنّك تقول: أوقفت. ومَوْقِفُ الإنسانِ وغيرِه: حيثُ يَقِفُ.
والوِقَافُ: المواقَفَة. قال ابن دريد: وَقِيفَةُ الوَعِل: أن تُلْجِئَهُ الكلابُ أو الرُّمَاةُ إلى صخرةٍ فلا يمكنُه أن يَنْزِلَ، حتى يُصَاد. قال:
مطرَّدَةٍ ممَّا تصيدُكَ سلفعُ(5)
فلا تَحْسَبَنِّي شَحْمَةً مِنْ وَقِيفَةٍ
__________
(1) بالفتح وككتف، كما في القاموس. وضبط في اللسان ككتف، وضبط في المجمل بالتحريك.
(2) الطخاف، بكسر الطاء وفتحها: السحاب الرقيق ترى السماء من خلاله.
(3) وكذا ورد إنشاده في اللسان (وقف). وفي الديوان 80: "فتطربت للهوى ثم أقصرت".
(4) في الجمهرة (2: 156).
(5) أنشده في المجمل والجمهرة واللسان، كما أنشده في اللسان (سلفع).(6/103)
وسَلْفَعُ: كلْبَةٌ.
ومنه الوَقْف: سِوَارٌ من عاج. ويمكن أن يسمَّى وَقْفاً لأنّه قد وَقَفَ بذلك المكان. ويقال على التشبيه: حمارٌ مُوَقَّفٌ، إذا كان بأرساغِهِ بياض، كأنَّه وَقَفَ. ومَوْقِفَا الفرسِ(1) الهَزْمتان في كَشْحَيْه. والله أعلم بالصواب.
وكل - وكم - وكن
(باب الواو والكاف وما يثلثهما)
(وكل) الواو والكاف واللام: أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اعتمادِ غيرِكَ في أمرك. من ذلك الوُكَلة(2)، والوَكَل: الرّجُل الضّعيف. يقولون وُكَلَةٌ تُكَلَةٌ. والتوكُّل منه، وهو إظهار العَجْز في الأمر والاعتمادُ على غيرك. ووَاكَلَ فلانٌ، إذا ضَيَّع أمرَهُ مُتَّكِلاً على غيره. وسُمِّي الوكِيلُ لأنّه يُوكَلُ إليه الأمر. والوَِكال في الدّابّة: أن يتأخَّر أبداً خَلْفَ الدّوابّ، كأنّه يَكِلُ الأمرَ في الجَرْيِ إلى غيرِهِ. وفي شعر امرئ القيس:
* لا يواكل نَهْزها *
أي لا يبطئ؛ وأصله من المُواكَلَة. [و] وَاكَلْتُ الرّجلَ، إذا اتَّكَلتَ عليه واتَّكَلَ عليك. ويقولون: الوَِكَالُ في الدّابّة: أن يسير بسَيْرِ الآخَر.
(وكم) الواو والكاف والميم كلمةٌ. يقولون: وُكِمَت الأرضُ إذا وُطِئَتْ(3). وَوَكَمَه الأمْرُ: حَزَنَهُ. وَوُكِمَ: رُدَّ(4).
(وكن) الواو والكاف والنون. يقولون لعُشِّ الطّائر: وَكْن، ويجمعُ وُكنات(5). وفي الحديث: "أقِرُّوا الطّيرَ في وَكناتها(6)". ويقولون: توكَّنَ، في
وكا - وكب - وكت
__________
(1) في الأصل: "وموقف الفرس"، صوابه في المجمل.
(2) الوكلة بضم الواو وفتح الكاف كهمزة، ويقال أيضاً: "تكلة" بالإبدال كما سيأتي.
(3) في المجمل: "وطئت وأكلت".
(4) في المجمل: "الأصمعي: الموكوم: المردود عن الحاجة أشد رد".
(5) بضمتين، وبضمة وبضم ففتح، والحق أن هذه جمع وكنة مثلثة الواو وبضمتين أيضاً، أما الوكن فيجمع على أوكن ووكون، ووكن بضم وبضمتين.
(6) في المجمل واللسان: "على وكناتها".(6/104)
معنى تَمكَّنَ(1).
(وكا) الواو والكاف والحرف المعتل: أُصَيلٌ يدلُّ على شَدِّ شيء وشِدَّة. منه الوِكَاء: الذي يُشَدُّ به. وفي الحديث: "احفَظْ عِفاصَها ووِكاءَها". وتقول: سألته فأوكى عَلَيَّ، أي بَخِلَ، كأنَّه قد شَدَّ، وإنَّ فُلاناً لَوِكاءٌ ما يَبِضُّ بشَيء. قال أبو عُبيدٍ في حديث الزُّبير: "أنَّه كانَ يُوكِي بينَ الصَّفا والمَرْوَة"، قال: أي يَملأُ ما بَينَهما سَعياً، كما يُوكَى السِّقاءُ بعد المَلْء.
ومن الباب تَوَكَّأْتُ على كذا، أي اتَّكَأتُ، لأنَّه يتشدَّدُ به ويتقوّى به. وأوكأت فلاناً إيكاءً: نصَبْتُ له مُتَّكَأً.
(وكب) الواو والكاف والباء: كلمتان تدلُّ إحداهما على الانتصاب والأخرى على ضَرب من السَّير.
الأول الوَكْب: الانتصاب. والواكِبَةُ: القائمةُ من قوائم السَّريرِ(2) أو غيره. ومن الباب: وَكَبَ العِنَبُ: أخَذَ في النُّضْج. وذلك حين يمتلئُ ماءً وينضَح حَبُّه(3).
والثاني الوَكَبان: مِشْيَةٌ في دَرَجان. يقال ظَبيةٌ وَكُوبٌ. والمُوكِبُ: الطَّائر إذا تهيَّأَ للطَّيَران.
(وكت) الواو والكاف والتاء: كلمة وهي الوَكْتَة، كالنُّكْتة في الشَّيء. ويقال للرُّطَبة إذا تقطَّعت: قد وَكَّتَتْ.
وكح - وكد - وكر
(وكح) الواو والكاف والحاء: كلمةٌ تدلُّ على صلابةٍ وشِدّة. منه الأوْكح: الحَجَر(4). وحَفَر حتى أوكَح، أي وَصَلَ إلى حجرٍ لا ينفُذُ فيه الحديد. واستَوْكح الفَرْخُ: غَلُظَ. وهذه فِراخٌ وُكُحٌ.
__________
(1) في الأصل: "في معنى الذي تمكن". وكلمة "الذي" مقحمة.
(2) في الأصل: "من قائمة السرير".
(3) في الأصل: "وينفج"، تحريف. وفي المجمل: "إذا أخذ في النضج".
(4) وكذا في المجمل. وفسره في القاموس بأنه التراب، أو الحجر، واقتصر في اللسان على تفسيره بالتراب.(6/105)
(وكد) الواو والكاف والدال: كلمةٌ تدلُّ على شَدٍّ وإحكام. وأوكِدْ عَقْدَكَ(1)، أي شُدّه. والوِكاد(2): حبل تُشَدُّ به البقرة عند الحَلْب. ويقولون: وَكَدَ وَكْدَهُ، إذا أمَّه(3) وعُنِيَ به.
(وكر) الواو والكاف والراء: أصلٌ صحيح ليست كَلِمُهُ على قياسٍ واحد، لكنّها أفراد. فالوَكَرَى: ضَرْبٌ من العَدْو. والوَكَّار: الرّجُل العَدَّاء. والوَكَرَى من النِّساء: الشَّديدة الوطءِ إذا مَشَتْ. وكَرْتُ الإناءَ: ملاتُه. ووَكَر بطنه: مَلأه. والوَكِيرة: الطَّعام يُتَّخَذ للبِناء(4). والواكِرُ: الطائر(5) يدخُل وَكْرَه. والوُكْرَة: المَوْرِدَةُ إلى الماء(6).
وكز - وكس - وكع - وكف
(وكز) الواو والكاف والزاء بناءٌ صحيح؛ يقال وكَزَه: طعَنَه. ووكَزه: ضَربه بجُمْع كفِّه(7). [و] وَكَزَه: دَفَعه.
(وكس) الواو والكاف والسين: كلمةٌ تدلُّ على نَقصٍ وخُسْران. فالوَكْس: النَّقْص. وَكَسْتُه: نَقَصْتُه. ووُكِسَ الرّجلُ وأُوكِسَ: خَسِر. وبَرَأت الشّجَّةُ على وَكْسٍ، إذا لم يتمَّ بُرؤُها.
(وكع) الواو والكاف والعين كلمتان. إحداهما تدلُّ على قوّة، والأخرى على نوعٍ من الضَّرب.
__________
(1) ويقال أيضاً وكد، وأكد، وآكد.
(2) والإكاد أيضاً بالهمزة.
(3) في الأصل: "أمته". وفي اللسان: "وكد وكده: قصد قصده وفعل مثل فعله".
(4) في اللسان: "الطعام يتخذه الرجل عند فراغه من بنيانه فيدعو إليه".
(5) كذا على الصواب في المجمل. وفي الأصل: "والوكر وكر الطائر".
(6) في الأصل: "إلى النساء"، صوابه في المجمل والقاموس. والوكرة بهذا المعنى مما ورد في القاموس ولم يرد في اللسان. والموردة بكسر الراء، كما في القاموس واللسان (ورد) وكذا المجمل (وكر)، لكن ضبطت في القاموس (وكر) بفتح الراء خطأ وفسرت بأنها مأتاه الماء.
(7) في الأصل: "بجميع"، صوابه في المجمل واللسان والقاموس.(6/106)
الأولى قولهم: سِقاءٌ وكيعٌ، أي قويٌّ لا يَسِيل منه شيء، ويقال: استَوْكَعَتْ مَعِدتُه اشتدَّت(1). ومنه قياس اسم وَكِيع. والوَكَع في الإماء من هذا، وهو مَيَلانٌ في صَدْر القَدَم نحْوَ الخِنْصر. وإنّما كان في الإماء لأنَّهن يكْدُدْنَ(2). وفرسٌ وَكيعٌ: صُلْب.
والأخرى قولهم: وكعَتْهُ العقربُ بإبرتها: ضرَبَتْه. وَكعَت تَكَعُ وَكْعاً. منه وَكع النّاقةَ: حَلَبَها. وبات الفصيلُ يَكَعُ أُمَّه الليلة.
(وكف) الواو والكاف والفاء: أصلٌ صحيح ليست كلِمهُ على قياسٍ واحد. فالوَكْفُ وَكْفُ البيت، وهو الوَكيف أيضاً(3). واستَوْكَف: استَقْطَر.
ولم - وله
والوِكاف لغةٌ في الإكاف. والوَكَف: الإثْم والعَيب. والتوكُّف: التَّوقُّع، ولعلّه أصلُه انتظار الوكف. والوَكَفُ: مطمئِنٌّ من الأرض. ووَكَفُ الجبَل: أََسافِله قال:
* يَعلُو دكاكيك ويعلو وَكَفا(4) *
والوَكْف* النَّطْع. وليس في هذا الأمر وَكَفٌ، أي فسادٌ وضَعْف.
(باب الواو واللام وما يثلثهما)
(ولم) الواو واللام والميم، فيه كلماتٌ تتشاكل. يقولون: الوَلْم: الحِزَام. والوَلم: حبلٌ يُشَدُّ بين التَّصدير والسَّفيف(5) لئلاَّ يَقْلَقا. ويقال الوَلْم: كلُّ خيطٍ شَددتَ به شيئاً. وليس يبعد أن يكون اشتقاقُ الوَلِيمة من هذا، لأنه يكون عند عقد النِّكاح. وأهل اللُّغة يقولون: طعام العُرْس وَليمة.
__________
(1) في اللسان: "أي اشتدت طبيعته".
(2) في الأصل: "يلدون"، تحريف. وفي المجمل مع أثر طمس وتفسير لكلمة من المادة: "الإماء اللواتي يكددن".
(3) في القاموس: "وكف البيت يكف وكفاً ووكيفاً وتوكافا: قطر".
(4) وكذا ورد إنشاده في المجمل. لكن في ديوان العجاج 83 واللسان (وكف): "يعلو الدكاديك". وانفرد اللسان برواية: "ويعلو الوكفا".
(5) السفيف: حزام الرحل والهوج. وفي الأصل: "والسقيف"، محرف.(6/107)
(وله) الواو واللام والهاء: أصلٌ صحيح يدلُّ على اضطرابِ شيء أو ذهابِه [يقال: رجلٌ(1)] والهٌ وامرأة والهٌ ووالهة. قال الأعشى:
كُلٌّ دَهَاها وكلٌّ عندَها اجتمعا(2)
فأقبلَتْ والِهاً ثَكْلَى على عَجَلٍ
والموَلَّهُ: الذي ولِّه عَقْلُه. وعَينٌ مُوَلَّهة، إذا أُرسل ماؤُها فذَهبَ في
ولي
الصّحارى. ومنه التَّوليه: أن يفرَّق بين المرأة وولدِها. وفي الحديث: "لا تولّه والدةٌ عن وَلَدها".
(ولي) الواو واللام والياء: أصلٌ صحيح يدلُّ على قرب. من ذلك الوَلْيُ: القرْب. يقال: تَباعَدَ بعد وَلْي، أي قُرْبٍ. وجَلَسَ ممّا يَلِيني، أي يُقارِبُني. والوَلِيُّ: المَطَر يجيءُ بعد الوَسْميّ، سمِّي بذلك لأنَّه يلي الوسمِيّ.
ومن الباب المَوْلَى: المُعْتِقُ والمُعْتَق، والصَّاحب، والحليف، وابن العَمّ، والنَّاصر، والجار؛ كلُّ هؤلاءِ من الوَلْيِ وهو القُرْب. وكلُّ مَن ولِيَ أمرَ آخرَ فهو وليُّه. وفلانٌ أولى بكذا، [أي أحرى به وأجدر. فأمَّا قولهم في الشتم: أولى لكَ فحدّثني علي بن عمر قال: سمعت ثعلباً(3)] يقول: أولى تهدُّد ووعيد. وأنشد:
وهل للدَّرِّ يُحْلَبُ مِن مَرَدِّ(4)
فأوْلَى ثمَّ أولَى ثم أوْلَى
وقال الأصمعيّ: معناه قارَبَه ما يُهلكُه، أي نَزَل به. وأنشد:
وأولَى أن يزيدَ على الثَّلاثِ(5)
فعَادَى بين هادِيَتينِ منها
__________
(1) التكملة من المجمل.
(2) ديوان الأعشى: 84 واللسان ( وله). وفي الديوان: " على حزن".
(3) التكملة من المجمل.
(4) أنشده في المجمل واللسان (ولي).
(5) أنشده في المجمل واللسان (ولي).(6/108)
أي قارب أن يزيد. قال ثعلب: ولم يقل أحدٌ [أحسَنَ(1)] مما قاله الأصمعيُّ في أولى. وقال غيره: أولى تحسيرٌ له على ما فاتَه. والوَلاَء: الموالون. يقال هَؤلاء وَلاءُ فلانٍ. والوَلاء أيضاً: ولاءُ المُعْتَق، وهو أن يكون ولاؤه لمُعْتِقِه، كأنَّه يكون أولى به في الإرْثِ من غيره إذا لم يكن للمُعْتِق وارثُ نَسَب. وهو الذي جاء في
ولب - ولث - ولج
الحديث: "نَهَى عن بيع الوَلاَء وهِبَتِه". ووالَيْتُ بين الشَّيئين، إذا عادَيْتَ بينهما وِلاءً. وافعَلْ هذا على الوِلاء أي مُرَتِّبا(2). والباب كلُّه راجعٌ إلى القُرْب.
(ولب) الواو واللام والباء. يقولون: إنَّ فيها بابين أحدهما يدلُّ على نَماءٍ، والآخَر على ذَهاب.
أمَّا الأوَّل فالوَالِبَة: الزَّرْعة تَنْبُتُ من عُروق الزَّرعة الأولى. ووالِبَةُ الإبلِ: نَسْلُها. ووَلَبَ الشَّيءَ: وَصَلَه(3).
والآخر الوالب، قال الشَّيباني: هو الذَّاهب في وجهه. يقال: ولَبَ في ذلك الوَجْه. قال:
وبئسَ الفتى إنْ نابَ أمْرٌ بمُعْظَمِ(4)
رأيت جُرَيَّا والباً في ديارهمْ
(ولث) الواو واللام والثاء، فيه كلمتان. يقال: بينهم وَلْثٌ(5)، أي عهد.
والأخرى وَلثَه بالعصا يَلِثُه وَلْثاً. ووَلَثَت المَطَرةُ الأرضَ، إذا ضَرَبت.
__________
(1) التكملة من المجمل. ونصه: "ولم يقل أحد في أولى أحسن مما قال الأصمعي".
(2) في الأصل: "مراتبا".
(3) في اللسان: "ولب إليه الشيء يلب ولوباً: وصل إليه كائناً ما كان". وفي القاموس: "ولب يلب ولوباً: دخل وأسرع. والشيء وإليه: وصله كائناً ما كان".
(4) البيت لعبيد القشيري، كما في اللسان (ولب). والرواية الأولى فيه: "رأيت عميرا"، ثم نبه على رواية "جريا". وفي المجمل واللسان: "إن ناب دهر".
(5) لا تزال هذه الكلمة مستعملة في العامية المصرية، يقولونها بكسر الواو وإبدال التاء سيناً.(6/109)
(ولج) الواو واللام والجيم: كلمةٌ تدلُّ على دُخول شيء. يقال وَلَج في مَنزِلِه ووَلَجَ البيتَ يَلِجُ وُلُوجاً. والوَليجة: البِطانةُ والدُّخَلاء. [و] يقال رجلٌ خُرَجَةٌ وُلَجةٌ: كثيرُ الخروج والوُلوج. والوَلِجَة: وجَعٌ يَلجُ جَوفَ الإنسان(1).
ولح - ولخ - ولد - ولذ
ويقولون: الوَلَج: الطَّريق في الرَّمْل(2)، وهو من القياس.
(ولح) الواو واللام والحاء. يقولون: الوَلِيح: الجُوالِق، الواحدة وليحة. قال:
* جُلِّلنَ فَوقَ الولايا الوَليحَا(3) *
(ولخ) الواو واللام والخاء. يدلُّ على اختلاط. يقال ائتَلَخَ العُشب ائتلاخاً، إذا عَظَم وطال واختلَطَ بعضُه ببعض. ووقع القوم في ائتلاخٍ، أي اختلاط. وزعم ناسٌ أنّ هذا من باب الهمزة واللام والخاء، وقد ذُكِر هنالك.
(ولد) الواو واللام والدال: أصلٌ صحيح، وهو دليل النَّجْل والنسْل، ثمَّ يقاس عليه غيرُه. من ذلك الوَلَد، وهو* للواحد والجميع، ويقال للواحد وُلْدٌ أيضاً(4). والوَليدةُ الأنثى، والجمع ولائد. وتَولَّدَ الشّيءُ عن الشّيء: حَصَل عنه. واللِّدَة نُقصانُه الواو(5) لأنّ أصله وِلْدَة.
(ولذ) الواو واللام والذال. من غرائب ابن دريد(6): الوَلْذ: سرعةٌ في المَشْيِ والحَركة، ووَلَذ يَلِذ.
ولس - ولع - ولغ
__________
(1) المجمل: "وجع يأخذ الإنسان شديد"، ونحوه في اللسان.
(2) ورد هذا التفسير في القاموس ولم يرد في اللسان.
(3) لأبي ذؤيب الهذلي في ديوان الهذليين (1: 130) واللسان (ولح). وهو بتمامه:
ض جللن فوق الولايا الوليحا
يضيء ربابا كدهم المخا
(4) ابن سيده: الولد والولد بالضم: ما ولد أياً كان، وهو يقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى. وذكر في اللسان أن قيساً تجعل الولد بالضم جمعاً، والولد بالتحريك واحداً.
(5) في الأصل: "نقصانه ولو"، صوابه في المجمل.
(6) في الجمهرة (2: 318).(6/110)
(ولس) الواو واللام والسين: كلمةٌ تدلُّ على ضَربٍ من السَّير. الوَلَسان: العَنَق(1) في السَّير.
(ولع) الواو واللام والعين: كلمتانِ تدُلُّ إحداهما على اللَّهَجِ بالشيء، والأخرى على لَونٍ من الألوان.
فالأولى قولهم: أُولِعْتُ بالشَّيءِ وَلُوعاً. ورَجلٌ وُلَعَةٌ، إذا لَهِجَ بالشَّيء. ويقاس على هذا فيقال وَلَع الظَّبيُ، إذا أسْرَع(2). ووَلَعَ الرّجُل: كَذَب.
والأخرى قولهم للمُلمَّع مُوَلَّع. والتَّوليع: استطالةُ البَلَق. قال:
* كأنَّه في الجِلْدِ توليعُ البَهَقْ(3) *
والوَليع: الطَّلْع في قِيقائِه.
(ولغ) الواو واللام والغين: كلمةٌ واحدة، وهي قولُهم: وَلغَ الكَلْبُ في الإناء يَلَغُ، ويُولَغ إذا أوْلَغَه صاحبُه. أنشدنا عليُّ بن إبراهيمَ القَطّانُ قال: أنشدنا ثعلب:
لَحمُ رجالٍ أو يُولَغَانِ دما(4)
ما مَرَّ يومٌ إلاَّ وعِندهُما
ولق - ومأ
ورجلٌ مُستَولِغٌ: لا يبالي ذمَّاً ولا عاراً.
(ولق) الواو واللام والقاف: كلمةٌ تدلُّ على إسراعٍ وخفّة. يقال جاءت الإبل تَلِقُ، أي تُسرِع. قال:
* جاءت به عَنْسٌ من الشَّام تَلِقْ(5)
__________
(1) في الأصل: "العشق"، صوابه في المجمل.
(2) في الأصل: "إذا أسمع". وفي المجمل: "وولع الظبي: عدا، ولعا".
(3) لرؤبة في ديوانه 104 واللسان (ولع). وقبله:
* فيها خطوط من سواد وبلق *
... وهذه هي الرواية الصحيحة في البيت. ورواية الأصمعي: "كأنها". وقال أبو عبيدة: قلت لرؤبة: إن كانت الخطوط فقل: "كأنها"، وإن كان سواد وبياض فقل: "كأنهما". فقال: كأن ذا- ويلك- توليع البهق. انظر اللسان (ولع).
(4) لابن هرمة، أو أبي زبيد الطائي، كما في اللسان (ولغ) والحق أنه لابن قيس الرقيات، كما في الحيوان
(7: 154) من قصيدة له يمدح بها عبد العزيز بن مروان. انظر ديوانه 253-260.
(5) للقلاخ بن حزن المنقري، يهجو الجليد الكلابي. انظر اللسان (زلق). وفي (ولق) أنه الشماخ، تحريف. وقبله:
كذنب العقرب شوال غلق
إن الحصين زلق وزملق
وبعده:
لا آمن جليسه ولا أنق
يدعى الجليد وهو فينا الزملق(6/111)
*
وعلى هذا قراءة من قرأ: { إذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ(1) } [النور 15]. وناقَةٌ وَلَقَى: سريعة. والوَلْق: أخَفُّ الطَّعن، وَلَقَهُ بالسَّيف وَلَقات. ووَلَق يَلِقُ: كذَب؛ كلُّ هذا قياسُه واحد.
ومن الباب الأوْلَقُ الجُنون. يقال: أخَذَه الأَوْلَق. ورجُلٌ مُؤَوْلَق على مُعَوْلقٍ: به جُنون.
(باب الواو والميم وما يثلثهما)
(ومأ) الواو والميم والهمزة: كلمةٌ واحدة. يقال: ومَأت إليه وَمْئاً، وأومَأت إيماءً أُومئ، إذا أشرتَ. وإذا تركت الهمزة فالوامِيَة(2)، وهي الداهية.
ومد - ومض - ومق - وني - ونم - وهي
(ومد) الواو والميم والدال: كلمتان. والوَمَد: شِدّة الحَرّ. ويقال: وَمِدَ: غَضِبَ.
(ومض) الواو والميم والضاد: كلمةٌ تدلُّ على لَمَعانِ شيء. يقال: وَمَض البَرقُ وَمِيضاً، وأوْمَضَ إيماضاً. وأوْمَضَ بعينِه من هذا.
(ومق) الواو والميم والقاف: كلمةٌ واحدة، وهي الوَمَق: الحُبُّ. وَمِقَ يَمِق. والمِقَةُ الاسم أيضاً.
(باب الواو والنون وما يثلثهما)
(وني) الواو والنون والحرف المعتلّ. يدلُّ على ضَعْف. يقال: وَنَى يَنِي وَنْياً. والواني: الضَّعيف(3). قال الله تعالى: { وَلاَ تَنِيَا في ذِكْرِي } [طه 42]. والوَنَى: التَّعَب. يقال: أوْنَيْتُه: أتْعَبتُه. وناقةٌ وانيةٌ. ولا يَني يَفعلُ، كما يقال لا يزال. وامرأةٌ وَناةٌ، إذا كان فيها فُتورٌ عند القِيام.
__________
(1) هذه قراءة عائشة وابن عباس وعيسى وابن يعمر وزيد بن علي. وقرأ الجمهور: "تَلَقَّوْنَهُ" بفتح التاء واللام وتشديد القاف المفتوحة. وقرأ أبي: "تتلقونه". وقرأ ابن السميقع: "تلقونه" مضارع ألقى. وقرأ هو أيضاً: "تلقونه" مضارع لقي. انظر تفسير أبي حيان (6: 438).
(2) لم ترد مادتها في القاموس. وأما في اللسان فقد أورد مادة (ومى) ولم يذكر فيها هذا اللفظ. وأورداها جميعاً في مادة (ومأ) المهموزة.
(3) في الأصل: "الضعف".(6/112)
(ونم) الواو والنون والميم. قال: وَنَمَ الذُّبابُ يَنِمُ وَنْماً ووَنِيماً: ذَرَق.
(باب الواو والهاء وما يثلثهما)
(وهي) الواو والهاء والحرف المعتلُّ يدلُّ على استرخاء في شيء. يقال: وَهَتْ عَزالِيُّ السَّحابِ بمائِهِ. وكلُّ شيءٍ استرخَى رباطُه فهو واهٍ. والوَهْيُ: الشَّقُّ في الأديم وغيرِه.
وهب - وهت - وهث - وهج - وهد - وهز - وهس
(وهب) الواو والهاء والباء: كلماتٌ لا ينقاس بعضُها على بعض. تقول: وهَبْتُ الشَّيءَ أهَبُهُ هِبَةً ومَوْهِباً. واتَّهَبْتُ الهبة: قَبِلتُها. والمَوْهِبَة(1): قَلْتٌ يَسْتنقِعُ فيه الماء؛ والجمع مَواهب. ويقال أوْهَبَ إليَّ من المال كذا، أي ارتفع. وأصبح فلانٌ مُوهَباً لكذا، أي مُعَدَّا له.
(وهت) الواو والهاء والتاء. يقال: أوهَتَ اللَّحمُ، إذا أنْتَنَ، يُوهِتُ إيهاتاً.
(وهث) الواو والهاء والثاء. يقولون: الوَهْثُ: الانهماك في الشَّيء.
(وهج) الواو والهاء والجيم: كلمةٌ واحدة، وهي الوَهَج: حَرُّ النَّار وتَوقُّدُها. ويُستعار ذلك فيقال: تَوهَّجَ* الجوهرُ: تلألأ. وتوهَّجَتْ رائحةُ الطيِّب ووَهَج الطيِّب: أرَجُه ورائحتُه. وسراجٌ وَهَّاجٌ: وَقّادٌ. وكذلك نَجْمٌ وَهَّاج.
(وهد) الواو والهاء والدال: كلمةٌ واحدة، وهي الوَهْدة: المكان المطمئِنّ، والجمع وِهاد.
(وهز) الواو والهاء والزاء. يقولون: الوَهْز: المُلَزَّز الخَلْق. ووَهَزْتُ: دفَعْت. والتَّوهُّز: التوثُّب.
(وهس) الواو والهاء والسين: كلمتان: إحداهما الشِّدة في الأمور، والثانية من السِّرَار.
فالأولى الوَهْس: شِدَّة السَّير. والوَهْس: شِدَّة الأكْل. والوَهْس: شِدَّة الوَطْء. وقال حميد:
وهص - وهط - وهف - وهق
* بِتَنَقُّص الأعراضِ والوَهْسِ(2) *
__________
(1) بكسر الهاء وفتحها.
(2) وكذا ورد هذا الشطر في المجمل واللسان (وهس). ولم يرد في ديوان حميد بن ثور ص 99 تكملة هذا الشطر.(6/113)
فهذا من التَّوهُّس، وهو التشدُّدُ والتَّطاوُل على العشيرة.
والكلمة الأخرى: الوَهْس السِّرار. والوَهْس: النَّميمة.
(وهص) الواو والهاء والصاد: كلماتٌ متقاربة، وهي الوهْص: شِدَّة الوطْءِ للشَّيء(1) بالقَدَم. يقال: وَهَصَ يَهِصُ. ورجلٌ موهوصُ الخَلْق: تَداخَلَتْ عِظامُه. ووَهَصْتُ الشَّيءَ: كَسَرتُه.
(وهط) الواو والهاء والطاء. يقال: أوهَطَه، إذا ضَرَبه ولم يأتِ عليه. ووَهَطَه: كَسَره. ووَهَطه: وَطِئه. وهي متقاربةٌ. والوَهْطُ: مكانٌ مطمئِنّ. والوَهْط: غَيْضَة العُرْفُط. قال الراعي:
شِمالاً وقَطَّعن الوِهاطَ الدَّوافعا(2)
جواعلَ أرماماً يساراً وحارَةً
(وهف) الواو والهاء والفاء: كلمتان. يقال: أوْهَفَ من المالِ كذا: ارتَفَع. ووهف النَّباتُ: أوْرَقَ واهْتَزَّ.
(وهق) الواو والهاء والقاف: كلمتان. إحداهما الوَهَق، وأظنُّه فارسيَّاً معرَّباً.
وهل - وهم - وهن
والأخرى عربيّة صحيحة، وهي المُوَاهَقة: مَدُّ الأعناقِ في السَّير. ويقال: تَوَاهَقَت الرِّكاب. أمّا قولهم تَوَهَّقَ الحَصَى، إذا اشتد حَرُّه، فهو من باب الإبدال، إنَّما هو توهَّج. وأنشد:
* حتَّى إذا حَامِي الحَصَى تَوَهَّقا(3) *
(وهل) الواو والهاء واللام كلماتٌ لا تنقاس، وهي الوَهَل: الفَزَع. يقال: وَهِل يَوْهَلُ. قال أبو زيد: وَهَلْتُ عن الشَّيءِ: نَسِيته. ووَهَلْتُ إليه: ذَهَبَ وَهْمِي إليه. ولقيتُه أوَّلَ وَهْلَةٍ، أي قبلَ كلِّ شَيء.
__________
(1) في الأصل: "الشيء".
(2) وكذا ورد إنشاده في المجمل. وحارة: اسم موضع. وأنشده ياقوت في (أرمام) برواية "وصارة". وأنشد قبله:
تجاوزن ملحوبا فقلن متالعا
تبصر خليلي هل ترى من ظعائن
(3) أنشده في المجمل واللسان (وهق).(6/114)
(وهم) الواو والهاء والميم: كلماتٌ لا تنقاس، بل أفراد. منها الوَهْم، وهو البَعير العَظيم. والوَهْم: الطَّريق. والوَهْم: وَهْمُ القَلْب. يقال: وَهَمْتُ أهِمُ وَهْماً، إذا ذَهَب وَهْمي إليه. ومنه قياس التُّهمَةِ. وأوْهَمْتُ في الحِساب، إذا تركت منه شيئاً. ووَهِمْتُ: غَلِطْت، أَوْهَم وَهَماً.
(وهن) الواو والهاء والنون: كلمتانِ تدلُّ إحداهما على ضَعف، والأخرى على زمان.
فالأولى: وَهَنَ الشيءُ يَهِن وَهْناً: ضَعُف، وأوْهَنْتُه أنا. ومن هذا الواهِنَةُ: القُصَيرَى من الأضلاع، وهي أسفَلُها. قال أبو بكر(1): الواهِنة: داءٌ يصيب الإنسان في أخدَعَيه(2). والوَهْنانة: المرأة القليلة الحركة، الثقيلةُ القيامِ والقُعودِ.
وهن
والكلمة الثانية: الوَهَن والمَوْهِن: ساعةٌ تمضي من اللَّيل(3). وأوْهَن الرَّجُل: صار أو سار في تلك السَّاعة(4).
ــــــــ
(تم كتاب الواو والله أعلم بالصواب)
يا - يب - يد
كتاب الياء
(باب الياء وما بعدها في المضاعف والمطابق)
([يا]) الياء والألف: أداة، وهي ياءٌ تصلحُ للنداء نحو يا زيد، وقد يكون تعجُّباً وتلذُّذاً نحو قولهم: يا بَرْدَها على الفؤاد. ويكون تلهُّفاً كقول القائل: يا حَسْرَتا على كذا.
__________
(1) في الجمهرة (3: 182).
(2) الجمهرة: "في أخدعيه عند الكبر".
(3) في اللسان: "والوهن والموهن: نحو من نصف الليل، وقيل هو بعد ساعة منه، وقيل هو حين يدبر الليل. وقيل الوهن: ساعة تمضي من الليل".
(4) أغفل ابن فارس أن يورد بعد هذا (باب ما جاء من كلام العرب على ثلاثة أحرف أوله هاء) وكذا صنع في المجمل لم يورد هذا الباب، مع ورود كلمات كثيرة في هذا الباب، نحو الهذربة، والهذلبة، والهرجاب، والهرجب، والهردبة، والهرشبة، والهزربة، والهلجاب. فهذا بعض ما عثرت عليه في فصل الهاء من باب الباء من اللسان والقاموس.(6/115)
(يب) الياء والباء كلمة واحدة* وهي اليَبابُ، إتْباع للخراب، وربَّما أفردُوها فقالوا:
ـطَقَ منها اليَبَابَ والمعمورا
أخْبَرَتْ عن فِعالِه الأرضُ واستَنْـ
(يد) الياء والدال: أصلُ بناء اليَدِ للإنسانِ وغيره، ويستعار في المِنَّة فيقال: له عليه يدٌ. ويجمع على الأيادي واليُدِيّ. قال:
* فإنَّ له عندي يُدِيّاً وأنْعُما(1) *
واليَدُ: القُوَّة، ويجمع على الأيدي. وتصغير اليد يُدَيَّة. وجَمَع ناسٌ يدَ الإنسان على الأيادِي، فقال:
ـنا وإشناقُها إلى الأعناق(2)
ساءهَا ما تأمَّلَتْ في أياديـ
ير - يل - يم
وحكى الشيبانيُّ امرأة يَدِيَّةٌ، أي صَنَاع، ورجلٌ يَدِيٌّ. وما أيْدَى فُلانَةَ. ويَدِيَ مِنْ يَدِه يُدعَى عليه. ويَدَيْتُ على الرجُل: مَنَنْتُ عليه. قال:
بأسفَلِ ذي الجَدَاةِ يَدَ الكَريمِ(3)
يَدَيتُ على ابنِ حسحاسِ بن عمروٍ
ويَدَيْتُه: ضَربتُ يدَه.
(ير) الياء والراء. يقولون: الحجر الأيَرُّ: الصُّلْب. والمصدر اليَرَر. ويقولون: حارٌّ يارٌّ، إتباع.
(يل) الياء واللام كلمة واحدة، هي اليَلَل: قصَر الأسنان. قال:
* يَكْلَحُ الأرْوَقُ منها والأيَلّ(4) *
__________
(1) للأعشى في اللسان (يدي). وصدره:
* فلن أذكر النعمان إلا بصالح *
... قال: "ويروى يديا - أي بفتح الياء- وهي رواية أبي عبيدة، فهو على هذه الرواية اسم للجمع ويروى: إلا بنعمة".
(2) أنشده في اللسان (شنق، يدي).
(3) البيت لمعقل بن عامر الأسدي. انظر حواشي شرح المرزوقي على الحماسة (1: 193) حيث تجد تحقيق "الجداة".
(4) وفي المجمل: "يكلح الأروق فيها". والبيت للبيد في ديوانه 70 طبع 1881 واللسان (رقم، نهض، كلح، روق، يلل). ويروى: "تكلح الأروق منها" و"الأروق منهم". وصدره:
* رقميات عليها ناهض *(6/116)
(يم) الياء والميم: كلمةٌ تدلُّ على قَصْدِ الشيءِ وتعمُّده وقصده(1). ومنه قوله تعالى: { فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طيِّباً } [النساء 43، المائدة 6]. قال الخليل: يقال تَيمَّمْتُ فلاناً بسَهمِي ورُمْحي، إذا قَصَدته دون مَنْ سِواه. وأنشد:
هذي البَسالَةُ لا لِعْبُ الزّحاليقِ(2)
يَمَّمْته الرُّمْحَ شَزْراً ثم قلتُ له
يه - يأس
قال الخليل: ومن قال في هذا البيت أمَّمته فقد أخطأ، لأنَّه قال "شَزْراً". ولا يكون الشَّزْرُ إلا من ناحية، وهو لم يقصد به أمامَه فيقول أمَّمْته. وحكى الشَّيبانيُّ: رجلٌ مُيَمَّمٌ، إذا كان يَظفَر بكلِّ ما طَلَب(3). وأنشد:
مُيَمَّمَ البيت رفيع الجَدِّ(4)
إنا وَجَدْنا أعصُرَ بن سَعْدِ
وهذا كأنّه يُقصَد بالخَير. فأمّا البحر فليس من هذا القياس. وحكى الخليلُ: يُمَّ الرّجُل فهو ميمومٌ، إذا وقَعَ في اليَمِّ فَغرِقَ. واليمام طائر، يقال: إنَّه الطّير الذي يُسْتَفْرَخ في البُيوت.
(يه) الياء والهاء. يقولون: يَهْيَه بالإبلِ، إذا قال: ياه ياه(5).
([باب الياء وما بعدها مما جاء على ثلاثة أحرف.
وكتبت ذلك كلّه باباً واحداً لقلّته(6)])
(يأس) الياء والهمزة والسين. كلمتان: إحداهما اليأس: قَطْعُ الرَّجاء. ويقال إنَّه ليست ياء في صَدرِ كلمةٍ بعدها همزة إلاّ هذه. يقال منه: يَئِس يَيْأَس ويَيْئِس، على يَفْعَل ويَفْعِل.
__________
(1) كذا ورد في الأصل بالتكرار.
(2) لعامر بن مالك ملاعب الأسنة، في اللسان (زحلق، أمم). وكذا وردت روايته في المجمل. لكن في اللسان، وفيما سبق في مادة (أم): "هذي المروءة". والضمير في "له" لضرار بن عمرو الضبي.
(3) في المجمل: "يطلب".
(4) في الأصل: "الجسد"، صوابه في المجمل.
(5) يقال بالكسر مع التنوين وعدمه.
(6) ورد هذا الباب بدون عنوان خلافاً للمألوف، وقد أثبت ما كتبه ابن فارس في المجمل في مثل هذا الموضع.(6/117)
والكلمة الأخرى: ألم تَيْأَس، أي ألم تَعْلَم. وقالوا في قوله تعالى:
يبس - يتم
{ أفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا } [الرعد 31]، أي أفلم يَعلَمْ. وأنشدوا:
ألم تَيأَسُوا أنِّي ابنُ فارِسِ زَهْدَمِ(1)
أقولُ لَهُم بالشِّعْبِ إذ يأسِرُونَني
(يبس) الياء والباء والسين: أصلٌ صحيح يدلُّ على جفاف. يقال: يَبِس الشّيءُ يَيْبَس ويَيْبِس. واليَبْس: يابس النَّبت. قال ابن السِّكِّيت: هو جمع يابس. واليَبَس بفتح الباء: المكان يفارقه الماء فيَيْبَس. ويقال يَبِسَتِ الأرضُ: ذَهَبَ ماؤها ونَداها؛ وأيْبَسَتْ: كَثُر يَبْسها. وقال الشَّيبانيّ: امرأة يَبَسٌ، إذا لم تَنَلْ خيراً. قال:
* إلى عجوزٍ شَنّة الوجهِ يَبَسْ(2) *
ويَبِيس الماء: العَرَقُ إذا يَبِس. والأيْبَسانِ: ما لا لحمَ عليه من السَّاق والكَعْب.
(يتم) الياء والتاء والميم. يقال: اليُتم في النَّاس من قِبَل الأب، وفي سائر الحيوان من جهة الأمّ. ويقولون لكلِّ منفردٍ يتيم، حتَّى قالوا بَيْتٌ [من الشِّعر(3)] يتيم. وقال الشَّاعر يصف رامياً أصاب أتاناً وأيتم *أطفالَها:
وأيْتَمتِ الأطفالَ منها وجوبُها
فناط بها سهماً شِداداً غِرارُه
يتن - يدع - يزن - يسر
(يتن) الياء والتاء والنون: كلمةٌ واحدة، وهي اليَتْنُ، وهو الفصيل يَخرجُ رجلاهُ عند الولادة قَبْلَ رأسِه. يقال: أيْتَنَت النّاقةُ والمرأةُ، إذا وَلدَتْ يَتْناً.
__________
(1) لسحيم بن وثيل اليربوعي، أو لولده جابر بن سحيم، كما في اللسان (يأس، يسر، زهدم). وزهدم: فرس سحيم، وعلى ذلك فالوجه نسبة الشعر إلى جابر. ويروى: " ابن قاتل زهدم" وزهدم في هذه الرواية رجل من عبس، فنصح إذن نسبة الشعر إلى سحيم. ويروى: "ابن فارس لازم" مع نسبته إلى جابر، ولازم اسم فرس لسحيم. انظر خيل ابن الكلبي 17. ويروى: "إذ ييسرونني".
(2) أنشده في المجمل واللسان (يبس).
(3) التكملة من المجمل.(6/118)
(يدع) الياء والدال والعين: كلمتان متباينتان، إحداهما الأيْدَع: صِبْغٌ أحمر. ويقال منه يَدَّعْتُ الشَّيء أُيَدِّعُه تَيدِيعاً.
والأخرى يقولون: أيْدَعَ الحَجَّ على نَفْسِه: أوْجَبَه. قال جرير:
بشُعْثٍ أيْدَعُوا حَجَّاً تَماما(1)]
[ورَبِّ الراقصاتِ إلى الثَّنايا
(يزن) الياء والزاء والنون. ليس فيه إلا ذو يَزَن، من ملوك حِمْيَر، ينسب إليه الرِّماح، فيقال يَزَنيّة وأزَنيَّة.
(يسر) الياء والسين والراء: أصلانِ يدلُّ أحدُهما على انفتاحِ شيءٍ وخِفّته، والآخرُ على عُضوٍ من الأعضاء.
فالأول: اليُسْر: ضِدُّ العُسْر. واليَسَرات: القوائم الخِفاف. ويقال: فرسٌ حَسَنُ التَّيْسُور، أي حَسَنُ نَقلِ القوائم. قال:
وعَلَى التَّيْسورِ منه والضُّمُرْ(2)
قد بَلَوْناهُ على عِلاَّتِهِ
ومن الباب: يسَّرت الغنم، إذا كثر لبنها ونسلها. قال:
يَسُودَانِنا أنْ يَسَّرَتْ غَنَماهُما(3)
هما سَيِّدانا يَزْعُمانِ وإنَّما
يعر
ويقال رجل يَسْرٌ ويَسَرٌ، أي حَسَنُ الانقياد. واليَسَار: الغِنَى. وتَيسَّرَ الشَّيءُ واستَيْسَر. ويُسْرٌ(4): مكان.
ومن الباب الأيْسار: القوم يجتمعون على الميْسِر، واحِدُهم يَسَر. قال:
__________
(1) التكملة من اللسان (يدع). والبيت لم يرو في ديوان جرير.
(2) للمرار بن منقذ، في المفضليات (1: 82) برواية: "وعلى التيسير"، وأنشده في المجمل واللسان (يسر) برواية المقاييس.
(3) لأبي أسيدة الدبيري في اللسان (يسر). وانظر تهذيب الألفاظ 135 والحيوان (6: 65-66).
(4) كذا ضبط في المجمل والقاموس. قال في القاموس: "جبل تحت ياسرة، لماءة من مياه أبي بكر ابن كلاب". وضبط في اللسان ومعجم البلدان بضمتين. قال في معجم البلدان: "نقب تحت الأرض يكون فيه ماء لبني يربوع بالدهناء". وفي اللسان: "دحل لبني يربوع". وأنشدوا لطرفة:
طاف والركب بصحراء يسر
أرق العين خيال لم يقر(6/119)
أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أبْداءَ الجُزُرْ(1)
وهُمُ أيسارُ لُقمانَ إذا
والمَيْسِر: القِمار. ومن الباب اليَسَرَةُ: أسرارُ الكَفِّ إذا كانت غيرَ ملتزِقة.
والكلمة الأخرى: اليَسَارُ لليَدِ. يقال: تَياسَرُوا، إذ أخذوا ذاتَ اليَسار. ويقال ياسَرُوا، وهو أجْوَد.
(يعر) الياء والعين والراء. يقال: اليَعْر: الجَدْي. قال:
* كما رُبِط اليَعْرُ(2) *
[أي كما رُبِط(3)] عند الزُّبْيَة للذِّئب. واليُعَار: صوت الشَّاء. يقال: يَعَرَت تَيْعَِر(4) يُعاراً.
يعط - يفن - يفع - يقن - يقه
(يعط) الياء والعين والطاء. يقولون للذِّئب إذا زَجَرُوه: يعاط(5).
قال: ويقال أيْعَطتُ به قال:
* يَهفو إذا قيل له يَعاطِ(6) *
(يفن) الياء والفاء والنون. يقولون: اليَفَنُ: الشَّيخ الكبير.
__________
(1) لطرفة في ديوانه 73 واللسان (يسر، بدأ).
(2) للبريق الهذلي في بقية أشعار الهذليين 43 واللسان (يعر) ومعجم البلدان (الأملاح) قال ياقوت: "وقد تكرر ذكره في شعر هذيل فلعله من بلادهم". والبيت بتمامه:
مقيماً بأملاح كما ربط اليعر
أسائل عنهم كلما جاء راكب
... ويروى أيضاً لعامر بن سدوس الخناعي، كما في البقية.
(3) بمثلها يلتئم الكلام.
(4) بكسر العين، وفتحها عن كراع.
(5) في الأصل: "يعط". ويعاط بتثليث الياء، كما في المجمل واللسان والقاموس. ونبه في المجمل واللسان أن لغة الكسر قبيحة. وفي اللسان: "قال الأزهري وهو قبيح، لأن كسر الياء زادها قبحاً، لأن الياء خلقت من الكسرة". وليس في كلام العرب كلمة على فعال في صدرها ياء مكسورة. وقال غيره يسار لغة في اليسار.
(6) قبله في المجمل واللسان:
ذؤالة كالأقدح المراط
صب على شاء أبي رياط
... وفي اللسان: "إذا قيل لها يا عاط". ويا عاط: لغة في يعاط. والضمير في "لها" راجع إلى لفظ "ذؤالة"، وهو علم جنس للذئب.(6/120)
(يفع) الياء والفاء والعين: كلمةٌ تدلُّ على الارتفاع. فاليَفَاع: ما عَلاَ من الأرض. ومنه يقال: أيْفَعَ الغُلامُ: إذا عَلاَ شبابُه، فهو يافعٌ، ولا يقال مُوفِعٌ.
(يقن) الياء والقاف والنون: اليَقَن(1) واليَقين: زَوال الشَّكِّ. يقال يَقِنْت، واستَيْقَنْت، وأيْقَنْت.
(يقه) الياء والقاف والهاء. سمعت عليَّ بن إبراهيمَ القَطَّانَ يقول: سمعت ثعلباً يقول: أيْقَه يُوقِهُ إيقاهاً، إذا فَهِمَ. يقال أيْقِهْ لهذا، أي افْهَمْه. ويقال بل ذلك من الطَّاعة. قال:
* واستيقَهوا للمُحَلِّمِ(2) *
يلب - يلق - يمن
(يلب) الياء واللام والباء: كلمةٌ واحدة قد اختُلِفَ في معناها. وهي اليَلَبُ، قال قومٌ: اليَلَب: البِيْضُ من جُلودِ الإبل. وقال قومٌ: اليَلَب: التُّرْس. وأنشدوا:
وفي أيديهم اليَلَبُ المُدَارُ(3)
عَليْهمْ كلُّ سابغَةٍ دِلاصٍ
وقال الخليل: اليَلَب: الفُولاذ. [قال]:
* ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِن ماءِ اليَلَبْ(4) *
(يلق) الياء واللام والقاف. يقولون: اليَلَق: الأبيضُ من كلِّ شيء. وأنشدوا:
حِضْنَيْهِ زرقاءُ متنُها يَلَقُ(5)
وأتْركُ القِرْنَ في الغُبار وفي
ويقال اليَلَقَة(6): العَنْز البيضاء.
__________
(1) كذا ضبط في المجمل بالتحريك. ويقال بالفتح أيضاً.
(2) للمخبل السعدي في اللسان (يقه، حلم). وهو بتمامه:
إلى ذي النهى واستيقهوا للمحلم
فردوا صدور الخيل حتى تنهنهت
ورواية اللسان (يقه): "واستيقهت". قال: "ويروى: واستيدهوا". وقد ورد بهذه الأخيرة في اللسان (حلم).
(3) أنشده في المجمل واللسان (يلب).
(4) لرؤبة، كما في مجالس ثعلب 160. وأنشده في اللسان (يلب) بدون نسبة. قال ثعلب: ظن رؤبة أنه من حديد، وإنما هو جلود. وانظر أخطاء الشعراء في المزهر (2: 500-504).
(5) أنشده في المجمل واللسان (يلق).
(6) وكذا في المجمل والقاموس. وفي اللسان وتاج العروس: "اليلق".(6/121)
(يمن) الياء والميم والنون: كلماتٌ من قياسٍ واحد. فاليَمين: يَمين اليَدِ. [و] يقال: اليَمِين: القُوَّة. وقال الأصمعيُّ في قول الشَّماخ:
تلقَّاها عَرَابةُ باليَمِين(1)
إذا ما رايةٌ رُفِعَتْ لمَجْدٍ
أراد اليَدَ اليُمْنى. واليُمْن: البَرَكة، وهو ميمونٌ. واليمين: الحَلِف، وكلُّ ذلك من اليد اليُمْنى. وكذلك اليَمَنُ، وهو بلدٌ. يقال: رجلٌ يَمانٍ، وسيفٌ
ينف - ينم - يهر - يهم - يوح - يوم
يَمانٍ. وسمِّي الحَلِف يميناً لأنَّ المتحالِفَينِ كأنَّ أحدَهما يَصْفِقُ بيمينه على يمينِ صاحبه.
(ينف)* الياء والنون والفاء. يَنُوفُ في شعر امرئ القيس(2): هَضْبةٌ في جبَلَيْ طَيّ.
(ينم) الياء والنون والميم. اليَنَمة: نَبْتٌ.
(يهر) الياء والهاء والراء. يقولون: اليَهْر(3): اللَّجاج. واستَيْهَرَ الرَّجُل: لَجّ.
(يهم) الياء والهاء والميم. اليهماء: المفازةُ لا عَلمَ بها. ويقال الأيْهمانِ: السَّيل والحَريق. ويقال الأيْهَمُ من الرِّجال: الأصَمُّ. ويقال للشُّجاع أيْهَم، وهو من الباب، كأنَّه لا مَأتَى لأحدٍ إليه.
(يوح) الياء والواو والحاء: كلمةٌ واحدة، وهو يُوح: اسمٌ من أسماء الشمس.
__________
(1) ديوان الشماخ 97 واللسان (يمن).
(2) هو قوله في ديوانه 130 واللسان (نوف) ومعجم البلدان (ينوف):
عقاب ينوف لا عقاب القواعل
كأن دثاراً حلقت بلبونه
... ويروى: "ينوفى" بالقصر، و"وتنوفي"، و"تنوف".
(3) وكذا في المجمل والقاموس، مع ضبطه في المجمل بالتحريك وفي القاموس بالضبطين. لكن في اللسان: "اليَهْيَرّ".(6/122)
(يوم(1)) الياء والواو والميم: كلمةٌ واحدة، هي اليَوم: الواحدُ من الأيّام، ثم يستعيرونه في الأمر العظيم ويقولون(2) نِعْمَ فلانٌ في اليَوم إذا نَزَل. وأنشد:
ما زاد على الثلاثة
* نِعَمْ أخُو الهيجاء في اليَومِ اليَمِي(3) *
وقال قوم: هو مقلوبٌ كان في اليَوِم. والأصل في أيَّامٍ أيْوَام، لكنَّه أُدغِم.
***
فأما ما زاد على الثَّلاثة في هذا الباب، مثل (اليَرْبُوع) وهي دوَيْبَّة، و(يَبْرِين) وهو موضعٌ، و(يَمْؤُود) و(يَلَمْلَم) وهما موضعان، و(اليَرَنْدَج)، وهي جلودٌ سودٌ، وما أشْبَهَ ذلك- فإنَّ سبيل الياء في أوائلها سبيلُ الهمزة في الرُّباعيِّ والخماسيّ، فإنَّهما زائدتان، وإنَّما الاعتبارُ بما يجيء بعد الياء، كما هو الاعتبار في باب الهمزة بما يجيء بعدها. وقد مضى ذلك في أبواب الكتاب.
***
قال الشيخ الإمام الأجلُّ السعيد، أبو الحسين أحمد بن فارس رحمَةُ الله عليه وأجْزَلَ له الثَّواب.
قد ذكرنا ما شَرَطْنا في صدر الكتاب أن نَذكُرَه، وهو صدرٌ من اللُّغةِ صالح. فأمَّا الإحاطة بجميع كلامِ العرب [فهو] مما لا يقدِرُ عليه إلاَّ الله تعالى، أو نبيٌّ من أنبيائه عليهم السَّلاَمُ، بوحْي الله تعالى وعَزّ. ذلك إليه، والحمد لله أوّلاً وآخراً، وباطِناً وظاهراً. والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسوله محمدٍ وآله أجمعين، الطيِّبين الطَّاهرين. ... ــــــــــ
قد وقعت الفراغة من كتابة كتاب المقاييس اللغة(4) ...
ــــــــــ
__________
(1) وردت هذه المادة في الأصل بعد مادة (يدي)، فرددتها إلى نصابها.
(2) في الأصل: "يوم"، صوابه في المجمل واللسان. ونص المجمل: "نعم الرجل في اليوم" واللسان: "نعم الأخ فلان في اليوم".
(3) لأبي الأخزر الحماني في اللسان (يوم، كرم).
(4) كذا وردت عبارة ناسخ الأصل.(6/123)
[بدأت تحقيق هذا الكتاب في مساء منتصف ذي القعدة سنة 1365 وفرغت منه في صبيحة اليوم الأول من ذي الحجة المبارك من سنة 1370. والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله]
عبد السلام محمد هارون
الفهارس العامة
لكتاب مقاييس اللغة
صنع وترتيب
عبد السلام محمد هارون
1- فهرس اللغة
2- فهرس الأشعار
3- فهرس الأرجاز
4- فهرس الأمثال
5- فهرس الأعلام
6- فهرس القبائل
7- فهرس البلدان
8- فهرس الكتب
الفهرس الأول
فهرس اللغة
أ- ... ما ورد من الألفاظ اللغوية في غير مادته.
ب- ... الألفاظ غير العربية.
جـ - ما فات المعاجم المتداولة أو انفرد به ابن فارس.
فهرس اللغة (أ)
1- فهرس اللغة
أ- ما ورد من الألفاظ اللغوية في غير مادته
(أ)
: الأبْت 1: 228
أبت
: الإتاء 4: 151
أتي
: أثِمَ، تأثَّم 2: 109
أثم
: تأجَّلُ 4: 184
أجَلْ 4: 241
أجل
: تُوارِبك 1: 57
أرب
: الأرَن 4: 195
أرن
: الأُرَّم 2: 43
أرم
: الإزار 4: 157
أزر
: أزَلوه 1: 65
أزل
: الأشاء والأشاءة 4: 209
أشو
: إفَّان 4: 3
أفف
: الأكَّة 4: 19
أكك
: ألَوْت 2: 80
ألو
: أمَّ أمَّه 1: 7 أُمَّ 6: 60 أمَّمته 6: 153
أمّ حفصة 3: 86
أمم
: تأمَّهت أُمَّا 1: 44
الأمُوَّة 4: 219
أمو
: آنَثْتِ 4: 320
أنث
: إنسيُّ القوس 6: 91
أنس
: أنف كلّ شيء 4: 158
أنف
: الإنَى 1: 16
أني
: الآس 1: 14
أوس
: يَؤول 4: 67
أول
(ب)
: أبتر 3: 289
بتر
: البِجاد 1: 330
بجد
: بَجر وبُجر 2: 144
بجر
: بجم يبجم بجوما، باجم
1: 333
بجم
: بخبخ 1: 193
بخخ
: البخَص 1: 331
بخص
: البَدَاح 1: 330
بدح
: مُبدَع 1: 171
بدع
: رجل بادنٌ وامرأة بادن
4: 321
بدن
فهرس اللغة (أ)
: حَبِيل بَراح 2: 131
بَرحَى 5: 216
برح(6/124)
: أبَرُّوا 1: 201 البِرّ 6: 8
برر
: البرَاز 1: 333
برز
: البرَش 1: 331
برش
: بَرَع 1: 334
برع
: البُرقوع 4: 48
برقع
: البرنساء 1: 219
برنس
: يباري 1: 104
بري
: بزِخ، متبازخ 1: 331
بزخ
: بَزَّ 4: 39 البَزّ 4: 127
بزز
: بَزَمَ 1: 97
إبزيم 1: 104
بزم
: الباسر، أبسر المركب 3: 421
بسر
: مؤْدَم مُبْشَر 1: 72
بشر
: البصير 4: 15
بصر
: البَضْعة 2: 192
بضع
: خيط باطل 2: 233
بطل
: بطَنْتُه 2: 188/3: 325
بطن
: بُعَيدات بين 5: 451
بعد
: انبعق الماء 1: 330
بعق
: البَعْك 1: 334
بَعْكُوكاء 5: 334
بعك
: الأبغث 1: 332
بغث
: البَقيرة 1: 53
البُقَر 3: 297
بقر
: البَلد 1: 330
بلد
: أُبلِطَ 1: 331
بلط
: بَنَس 1: 331
بَنس
: تبنَّيْتُ ابنا 1: 44
بنو
: البَهْر 4: 358
بهر
: البَهْرج 1: 333
بهرج
: البَهْس 1: 331
بهس
: البهيم 1: 302
بهم
: حوثا بوثا 2: 114
استبَثْت 2: 114
بوث
: البائجة 1: 320
بوج
: البِيض 4: 478
بيض
: البائن 4: 116
بين
(ت)
: التُّحوت 6: 13
تحت
: التريكة 1: 326
ترك
: التُّفّ 1: 17
تفف
: ابن تمرة 1: 466
تامر 5: 239
تمر
: تُتِيع 1: 88
تيع
(ث)
: الثّجّ 4: 28
ثجج
: الثُّجلة، الأثجَل 4: 364
ثجل
: الثَّرْط 1: 404
ثُرِط 1: 404
ثرط
: انثرم 2: 145
ثرم
: ما أثغَى 2: 415
ثغو
فهرس اللغة (أ)
: الثَّفْر 1: 403
ثفر
: المثفَّاة 1: 58
ثفي
: الثَّلِب 1: 403
ثلب
: الثَّلَّة 2: 197
ثلل
: الثَّمَد 1: 220
ثمد
: ثامنة 1: 119
الثمن والثَّمين 5: 432
ثمن
: مَثنى مَثنى 4: 324
ثني
: المَثَابة 4: 266
ثوب
(ج)
: جُثِث 1: 500
جأث
: جَبَذ 1: 327
جبذ
: الجِبْس 1: 467
جبس
: الجَبهة 5: 354(6/125)
جبه
: جثيثا 1: 8
جثث
: الجَحْف 1: 500
جحف
: الجَحْل 1: 509
جحل
: الجَحوة 1: 430
جحو
: جِخَبّ 1: 511
جخب
: جدَب 1: 506
أم جندب 4: 105
جدب
: كلأ مجدّع 2: 164
جدع
: الجَدْف، جدف بكذا
1: 511
جدف
: الجَدْل، مجدول 1: 512
جدل
: المجذَّر 1: 95
جذر
: الأزلم الجذَع 3: 19
جذع
: الجاذي 1: 95، 145
جذا 1: 511
جذو
: الجرباء 4: 35
جرب
: الجرْز 1: 509
جرز
: الجَرْش 1: 512
جرش
: الجرَع 1: 510
جرع
: الجُراف 4: 258
سيلٌ جُراف 5: 111
جرف
: الجِرم 1: 507
جرم
: الجرَه، الجراهيَة 1: 507
جره
: الجَزْء، الجوازئ 1: 41
جزأ
: الجوازم 1: 57
جزمت السقاء 3: 23
جزم
: الجاشرية 3: 328
جشر
: الجَشِم 1: 510
جشم
: الجَشَع 1: 512
جشع
: تجشَّم 1: 140
جشم
: الجَظّ 1: 508
جظظ
: الجعَب 1: 510
جعب
: الجَعْظ 1: 508
جعظ
: جُعِف 1: 506
جَعَفَ 1: 508
جعف
: الجِفْس 1: 467
جفس
: الجَفْل 1: 500
جَفَل 1: 507
جفل
: الجلَح 1: 512
جلح
: الجلَد 1: 507
المجلود 4: 69
جلد
فهرس اللغة (أ)
: مجلوز 1: 510
جلز
: الجَلَع 1: 509
جلع
: جُلِفَ جَلْفا 1: 511
جلف
: الجمَد 1: 507
جمد
: الجميل والجُمالة 1: 51 الجَمول 1: 321
جمل
: الجنأ 6: 43
جنأ
: الجنَد 1: 125
جند
: المنجنيق 1: 144
جنق
: الجُنَن 3: 94
جنن
: مُجِيد 1: 238
جود
: الجَوْزة 1: 503
جوز
: الجُون 1: 473
جون
: الجَيِء 6: 3، 4
جيأ
(ح)
: ما به حَبض ولا نبض
5: 381
حبض
: أحتر 1: 329
حَتار الخيمة 2: 145
حتر
: الحَوتك 2: 135
حتك
: حَثَمَ 2: 145
حثم
: حدباء حدبار 2: 143
حدب
: الحدابير 2: 36
حِدبار 2: 143
حدبر
: الإحداد 3: 93
حدد
: حَدَر 2: 146
حدر(6/126)
: حَرَثَ 2: 43
حرث
: تحرَّج 1: 60/ 2: 109 حرج 2: 109
الحَرَج 2: 144
حرج
: حَرَدَ حَرْدَه 1: 7
حرد
: أحرز، حريز 2: 144
حرز
: الحرش والتحريش
2: 145
حرش
: حَرام 5: 199
حرم
حَرَنَ الفرسُ 5: 202
حرن
: احزألَّ 1: 125
حزأل
: حزق الوتر 2: 144 الحَزْقُ 2: 145
حزق
: الحِسْل 2: 144
حسل
: حشحشت 2: 9
حشش
: المِحشاف 4: 35
حشف
: يَحشِك 4: 321
حشك
: أحشاني 1: 417
حشو
: الحصور والحَصِر 2: 144 الحصيرانِ 4: 265
حصر
: يُحْصِن 5: 20
حصن
: الحاضرة 2: 146
حضر
: حظَل، حاظل 1: 332
حظل
: حيعل 1: 329
حعل
: أحقد القومُ 2: 144
حقد
: حقارة 2: 145
حقر
: المحقوقف 2: 143
حقف
فهرس اللغة (أ)
: الحقيقة 2: 346
الحِقاق 5: 356-357
حقق
: أحكأ 2: 134
حكأ
: تحكَّر 1: 90
حكر
: الحِلْس 2: 145
حَلِس 2: 145
حلس
: المُحلِف 2: 77
حلف
: حَلْقَى 4: 93 الحُلْقان والحُلْقانة 2: 143
حلق
: الحَلْقمة 2: 143
حلقم
: حمَّج 2: 146
حمج
: حوض الحِمار 2: 120
حمر
: الحَمِس 2: 146
حمس
: حملقَت 2: 128
حملق
: حمَّ حمَّه 1: 7
حمم
: الحانط 1: 275
حنط
: أحنَّ غِيرانا 1: 48
حنن
: الحُور 4: 202
حار، الحَور 5: 146
حور
: الحائل 2: 389
حَوَّلَت 1: 24
حول
: حيص بيص 1: 326
حيص
: الحَيَكان 2: 136
حيك
(خ)
: مخبخبة 2: 27
خِبّ البحر 2: 220
خبب
: الخبيص 2: 251
خبص
: أخبلته 1: 266
خبل
: المختوم 1: 218
ختم
: الخجيف 1: 223
خجف
: خِدَبْ 1: 511
خدب
: خُذّع 1: 330
خذع
: يتخاذف 2: 252
خذف
: متخاذل 5: 366
خذل
: الخرَب 1: 434
خَرَبَه 2: 251
خرب
: مخرنبق 1: 319
خربق
: خرَّجها 4: 291
خرج
: الخُرِص 2: 251
خَرَص الشيءَ 2: 339
خرص(6/127)
: الخُرطوم 4: 85
خرطم
: خَرِقَ خَرَقا فهو خرِق
2: 253
خرق
: خَزَع 2: 253
خزع
: خَزَقَ 2: 165
خزق
: الخوزل 1: 222
خَزَلَ 2: 253
خزل
: المخازَمة 2: 189
خزم
: الخَشْل 1: 310
خشل
: ظلّ أخضر 3: 461
خضر
: الخُطْل 3: 366
خطل
: الخطم 2: 249
خطم
: خظابظا 1: 262
خظو
: خلأَت الناقة 5: 202
خلأ
فهرس اللغة (أ)
: الخليقة 4: 144
خلق
: خَلاَك ذمّ 2: 346
خلو
: الخامس 4: 324
خمس
: خائتة 1: 180
خوت
: الخيّ 1: 450
خوي
: خَيف الضَّرع 2: 237
خيف
: الخال 1: 158
خيل
(د)
دأْثاء 1: 399
دأث
: الدَّيْبوب 5: 22
دبب
: تدبَّخ 2: 338
دبخ
: دبلت الشيء 2: 339
دبل
: الدَّجاج 4: 68
دجج
: الدُّخَّل 1: 466
دخل
: المَدَارب، الدَّرْب
3: 454
درب
: أدرجْت 2: 146
درج
: دسَّاها 2: 277
دسس
: الإدعاق 4: 186
دعق
: دغَر 2: 338
دغر
: أدغَمَ 2: 338
دغم
: الدُّفْقة 2: 340
دفق
: أدَقَّ 1: 417
دقق
: دقمت فاه 2: 342
دقم
: تداكأ 4: 340
دكأ
: دَكَمَ، تدكَّم 2: 337
دكم
: عملَّس دلجات 4: 366
دلج
: دالَسَ 2: 338
دلس
: الدَّليص 2: 337
دلص
: دَلق 2: 342/ 6: 71
دلق
: الدُّلاص 1: 182
دلص
: الدوامج 4: 266
دمج
: دَمَس 2: 340
دمس
: دِنَّمَة 2: 303
دنم
: الأدهم 1: 226 مدهامَّتان 2: 195
دهم
: المداهاة 1: 90
دهي
: الأنديال 1: 267
دول
: الدِّين 2: 260
دين
(ذ)
: الذَّئِر 1: 511
ذئِرَ 2: 343
ذأر
: المذاخر 4: 107
ذخر
: الذُّعبوب 3: 11
ذعب
: الذّفِرّ 4: 26
الذفرى 2: 6
ذفر
: أذكرْتِ 4: 320
ذكر
: الذِّمار 2: 346
ذَمَرته 4: 431
ذمر
: المذاييع 1: 216/
3: 120
ذيع
(ر)
: رأسَه 1: 180/
3: 325
رأس
فهرس اللغة (أ)(6/128)
: الرَّبَح 1: 174
ربح
: أربسَّ اربسا 2: 340
ربس
: ربَّضت 2: 440
ربض
: تربَع 2: 279
ربع
: ربَلَ 5: 193
ربل
: مُرْتع 2: 480
رتع
: مُرَجَّل 2: 206
رجل
: الرُّجمة، الرَّجَم 1: 508
رجَم بالظَّنّ 2: 33
رجم
: رحرح، رحرحة، رحراح 2: 381
الأرحّ 2: 162/4: 214
رحح
: يردَح 5: 189
ردح
: الرَّدس 1: 333
ردس
: رُدِّم 5: 243
ردم
: الرَّذوم 1: 175
رذم
: رزَم 4: 368
رِزمة الثياب 4: 368
رزم
: الرشح 1: 183
رشح
: المرشقات 1: 183
رشق
: رصَف، الرّصاف 4: 370
رصف
: ريش رطيب 2: 54
رطب
: يرعب الوادي 3: 11
رعب
: رعد وأرعد 1: 222-223
رعد
: الرَّعلة 2: 510
رعل
: الراغية 1: 378
رغو
: الرَّفَضَ 4: 16
رفض
: رِفَلّ 2: 419
رفل
: رَقشَ 1: 331
رقش
: الرقيع، الأرقعة 1: 334
رقع
: الرِّقاق 4: 212
رقق
: تركَّل 1: 334
ركل
: السماك الرامح 4: 307
رمح
: رمَز، الراموز 1: 509
رمز
: الرَّمْط 1: 404
رمط
: مؤرنَب 1: 58
رنب
: الرَّهَد 4: 518
رهد
: الرَّوب 3: 225
روب
: المُراح 4: 353
روح
: ذَبّ الرّياد 2: 439
رود
: تريَّع 2: 470
ريع
(ز)
: عيشٌ أزبّ 6: 61
زبب
: الزُّجمة 2: 330
زجم
: زخَر 3: 13، 55
زخر
: زرِم 3: 54
زرم
: الزاعب 3: 53
زعب
: الزَّعارة 3: 53
زعر
: الزَّغْد 3: 54
زغد
: أزلقت الأنثى 3: 52
زلق
: الأزلّ 6: 72
زلل
: الأزلم الجذع 1: 437
زلم
فهرس اللغة (أ)
: زمخ 1: 331
زمخ
: الزِّمار 4: 35
زمر
: زَهر 3: 53
زهر
: زَهَاها 1: 182
زهو
: مِزْيَل 2: 208
زيل
(س)
: الإسآد 1: 152
سأد
: سجيس الليالي، سجيس الأوجس، ماء سجس
3: 65
سجس
: سِجِّيل 3: 137
سجل
: سَحَب 3: 158
سحب(6/129)
: السَّحيل 1: 231
سَحَل 3: 158
سحل
: المساحن 1: 410
سحن
: السَّدَر 3: 158
سدر
: السديسان 1: 104 السُّداسيّ 2: 218
سدس
: السَّدَم 4: 166
سدم
: السَّدْو 3: 51
سدو
: السَّدَى 2: 68
سدي
: سَرَب 1: 507
سرب
: سَرَد 3: 160
سرد
: سَرِطَ 3: 160
سرط
: سفير الشجر 6: 47
سفر
: الأسقاط 2: 87
سقط
: السَّلِب 3: 352
سلب
: السِّلْقَة 3: 160
السَّلائق 3: 307
سلق
: السُّلْكَى 2: 206
سلك
: السَّليل 1: 279
سلل
: السُّلاَمَى 2: 465
السليم 4: 320
سلم
: السَّمْت 3: 308
سمت
: السَّمَار 1: 96
الأسمر 1: 325/
2: 196
سمر
: السمرَّج 1: 333
سمرج
: السَّمْط 2: 220
سمط
: السَّميع 1: 127
سمع
: اسمُكْ 2: 469
سمك
: السملق 1: 246
سملق
: سماء الفَرَس 1: 80
ذات اسمين 2: 221
سمو
: أسَنَّ 2: 19
سنن
: سَهَكَ 3: 33
سهك
: سهم يسهُم، السُّهام
3: 159
سهم
: الأسوَد 1: 226
سود
: السُّوس 1: 358
سوس
: يسوق بنفسه 4: 462
سوق
: السائر 5: 285
سير
(ش)
: الشئيت 2: 17
شأت
: أشباه 4: 54
شبه
فهرس اللغة (أ)
: الشَّبا 1: 104
شبو
: الشُّجوب 3: 272
شجب
: الشُّجُر 5: 115
شجر
: التشذُّر 3: 273
شذر مذر 5: 309
شذر
: الشَّرَث 3: 283
شرث
: أشَرَّ 3: 68
شرر
: شرمْت الشيءَ 3: 273
شرم
: يُشْرَى 1: 373
شَريَتْ 4: 267
شري
: الشَّزَن 4: 363
شزن
: الشِّظاظان 2: 481
شظظ
: الشَّعفَة 3: 273
شعف
: الشقراق 2: 235
شقرق
: الشَّلَل 4: 186
شلل
شمجَ الثوبَ 3: 272
شمج
: شمخَ 3: 273
شمخ
: الشيمذان 3: 257
شمذ
: المِشمَل 1: 53
شمل
: الشَّناظي 4: 34
شنظ
: الشَّنَق 4: 7، 359
شنق
: الشُّهود 2: 77
شهد
: الشَّوَى 1: 191، 211
شوي(6/130)
: الشَّيْخ 1: 394 المشيوخاء 4: 192 المشيَخة 4: 192
شيخ
(ص)
: مِصْأب 4: 455
صأب
: صَئِك 3: 327
صأك
: تُصحَب 1: 6
صحب
: صخب الشَّوارب
3: 268
صخب
: الصيخود 3: 350
صخد
: المِصدغة 3: 50
صدغ
: الصَّدْم 3: 352
صدم
: الصَّدَى 1: 48
صدي
: الصَّرْح 3: 350
صرح
: التَّصريد 3: 351
مصرَّد 4: 45
صرد
: الصِّرّ 3: 353
صرر
: بنات صَعْدة 4: 286
صعد
: الصُّغَراء 5: 59
صغر
: الصَّقْب 3: 352
صقب
: الصَّقْر 3: 350
صقر
: الصَّقْل 3: 352
صقل
: صَلخَ 3: 352
صلخ
: الصَّلْد 3: 352
صلد
: الصَّلْق، الصَّلقات
3: 350
صلق
: لقيته بوحش إصمِت6: 92 صمَتُّ 4: 207
صمت
: صمَدَ صمدَه 1: 70
صمد
: صَمَر 3: 352
صمر
فهرس اللغة (أ)
: التَّصَومُع 3: 351
صمع
: الصُّمُلَ 3: 351
صَمَلَ 3: 352
صمل
: رجلٌ صَوم وامرأة صوم ورجال صوم 4: 186
صوم
: قبل صَيحٍ ونفر 5: 459
صيح
(ض)
: الضَّبّ 5: 160
ضبب
: ضَبَثَ 3: 401
ضبث
: الضَّبْر 3: 401
ضبر
: ضرب ضرَبانه 2: 199
ضرب
: الضرْز 3: 401
ضرز
: الضِّرزِم 5: 69
ضرزم
: الضَّيطَر 4: 56
ضطر
: ضَغْب 3: 402
ضغب
: الضَّمانة: 3: 23
التضمين 4: 356
ضمن
: يَضْنأْن 1: 34
ضنأ
: الضَّنْك 4: 360
ضنك
:الضَّواة 5: 69
ضوي
: الضال 4: 209
ضيل
(ط)
: المطبَّعة 2: 481
طبع
: يطحرن 1: 16
يطحر طَحْرا 3: 458
طحر
: الطخْف 3: 458
طخف
: الطَّرَب 5: 118
طرب
: الطَّرَح 3: 457
طرح
: طُرِف 3: 457
طرف
: الطِّرّيقة 4: 154
طرق
: طَفَح، الطافح 3: 457
طفح
: طَلس 3: 458
طلس
: مُطْلَنْفئات 4: 290
طلفأ
: طمس 3: 458
طمس
: الطِّمّ 2: 379
طمم
: الطُّوَال 4: 244
طول
: طائر الليل 2: 74
طير
(ظ)(6/131)
: الظِّعَان 3: 170
ظعن
: ظهرته 2: 188
ظهر
(ع)
: عُبْر أسفار 4: 368
عبر
: العَبَكة 5: 231
عبك
: العَبالة 4: 365
عبل
: أُعتِبَ 1: 348
العَتَب 5: 364
عتب
: عتر الرُّمح 4: 366
عتر
: العِثْوَلّ 4: 371
عثل
: العجّ 1: 367
عجج
: تعجَّر 4: 364
العَجَر 4: 365
عجر
: العجرمة 1: 449
عجرم
فهرس اللغة (أ)
: العواذير 2: 99
العُذرة 2: 285
المعذور 2: 285
عذر
: عروب، عَرِب 4: 20
عرب
: العُرُدّ 4: 371-373
عرد
: عَرَزَ 4: 368
يعرِزُ 4: 369
أعرزَ 4: 369
عرز
: عرِس بالشيء 4: 366، 368
عَرْس البناء 4: 367
عرس
: العَرَص 4: 370
عرص
: عَرَّق 1: 224
عرق
: تعَرّيني 4: 365
النجيّ العُريان 4: 298
عري
: مُعْزِب 2: 128
عزب
: العَزوز 2: 228
العَزَاز 2: 228، 345 فراش عزيزة 2: 186
عزز
: عسج، العاسج 4: 363
عسج
: العواسر 2: 249
عسر
: عَسِق به 4: 359
العَسَق 4: 359
عسق
: عَسَل 4: 218
العَسَلان 4: 359
عسل
: العُشاريّ 2: 218
عشر
: العَشَزان 4: 363
عشز
: العَصَّاب 5: 87
عصب
: العصاويد 4: 360
عصد
: العَصَر 4: 370
عصر
: العَضَد 1: 262
عضد
: جزاء العُطاس 4: 78
عطس
: العُطُل 4: 365
عطل
: العِظْيَرّ 4: 26
عظر
: الأعفاج 4: 362
عفج
: العَفَر 4: 372
عفر
: عفَصْتُه 4: 370
عفص
: تعفَّف العُفافة 1: 481 العُفَافة 4: 242
عفف
: يُعَفِّين 1: 473
العافِي 4: 114
عفو
: العَقِب 4: 359
عقب
: العَقْش 4: 96
عقش
: العكرشة 3: 24
عكرش
: عُكِم عَكْما 4: 362
عكم
: العُلَب 4: 359
علب
: المعلوجاء 4: 192
علج
: العِلْوَدّ 4: 361
علد
: العَلْماء 4: 293
علم
: أم عامر 2: 217
اليعامير 2: 347
عمر
: عَموس 4: 367
العَمَاس 4: 368
عمس(6/132)
: عَمول 4: 367
عمل
: عَنجَ 2: 110
عنج
: العَنْس 4: 367
عنس
: عَنشَ 2: 110
عنش
فهرس اللغة (أ)
: العنطنط 4: 363
عنط
: العَنَق 4: 359
العَنْقاء 4: 372
عنق
: عنَّيت 4: 21
المعنَّى 4: 21
عنن
: العيهامة والعيهمة 4: 358
عهم
: المَعَاوز 1: 216
عوز
: استعواهم 5: 400
عوي
: العِيص من السّدر 5: 370
عيص
: العَيطاء 4: 372
عيط
(غ)
: الغَبراء 2: 195
غبر
: أغبطَتْ عليه 4: 396
غبط
: الغُثْر 4: 432
غثر
: الأغثم 4: 432
غثم
: غذمذم 4: 258
الغَذْم 4: 431
غذم
: الغِرار 4: 191
غرر
: الغَرْض 2: 322
غرض
: الغِسْل 2: 128
غسل
: غَسا 4: 317
غسو
: الغَضَر 4: 431
غضر
: الغَضَف 4: 431، 432 الأغضف 4: 432
غضف
: الغضى، غاضٍ 4: 51
غضي
: الغَطَس 4: 431
غطس
: الغَطْش 4: 430
يتغاطش 4: 430
غطش
: الغَطَف 4: 431
غطف
: الغَلَج 4: 430
غلج
: ذو مِغْلاق 4: 127
غلق
: الإغلال 3: 59
غلل
: الغَمَج، غَمَجَ 4: 430
غمج
: الغَمير 4: 394
غمر
: اغتالها 1: 115
غول
(ف)
: الفتوح 4: 170
فتح
: يتفارصون 2: 422
فرص
: الفُرق والفُرقان 2: 182
فرق
: الفِرِند 1: 56
فرند
: الفَرَه 4: 514
فره
: فَشَحَ 4: 504
فشح
: لا أصل له ولا فصل 1: 109
المفْصل 2: 38
فصل
: المفتَعَل 4: 330
فعل
: الفَغَا 2: 249
فغو
: الفَقْعة 4: 513
فقع
: تفكَّن 4: 446
فكن
: الفَلْق 4: 513
فلق
: المَفَازة 4: 320
فوز
: الفُواق 4: 242
الفُقَى 4: 442
فوق
فهرس اللغة (أ)
(ق)
: المِقْأب 4: 455
قأب
: القبيح، كِسْر قبيح
2: 58
قبح
: الأقتاب 2: 297
قتب
: القَتين 1: 430
قتن
: القِدْر (كواكب) 1: 58 الأقدر 2: 17
قدر
: القَذْم 5: 116
قذم
: القارس 3: 375(6/133)
قرس
: اقترش 2: 168
القَرْش 5: 117
يقرِشُ 5: 483
قرش
: قَرَض 5: 117
قرض
: أعرضت القِرفة 4: 471
قرف
: القَرَق 5: 118
قرق
: المقرَّنة 2: 27
قرن
: القريَّة 1: 448
قري
: القَزَع 5: 118
قزع
: القُزْم 2: 347
قزم
: القُسوط 2: 260
قسط
: قَشَبَ 2: 149
قشيب 2: 149
مقشَّب 2: 150
قشب
: مقصَّب 2: 82
قصب
: القِصَّة 1: 415
قصص
: قَضَبَ 5: 117
قضب
: تقضّى البازي 3: 417/ 4: 21
قضض
: القطيع 2: 45
قطع
: القُطاميّ 1: 140
قطم
: أقَعَّه 4: 9
قعع
: القَفد 5: 116
قفد
: القَفْر 5: 116
قفر
: القَفْص 5: 118
قفص
: تقفَّع 5: 117
قفع
: القُلْب 4: 179
قلب
: القَلاَّع 2: 263
قلع
: يتقلَّف 5: 117
قلف
: يقلو (ويقلي) 1: 233
قلو
: قمحَ 5: 31
قمح
: القُمَّس 5: 23
القاموس 5: 116
قمس
: قام مِيزان النهار 6: 107
قوم
(ك)
: الكبِث 1: 34/ 5: 193
كبث
: الإكبار 3: 290
كبر
: الكِبْل 5: 193
كبل
: المكتَّبة 2: 7
كتب
: المِكتام 1: 223
سرٌّ كاتم 4: 279
كتم
فهرس اللغة (أ)
: كثم 5: 193
كثم
: كدس 5: 194
كدس
: كذب عليك 4: 222
كذب
: الاكتراث 1: 322
كرث
: الكَرْد 5: 194
كرد
: كرسَ 5: 194
كرس
: الكُروم 4: 41
كرم
: كِسْر قبيح 2: 58
كسر
: الكُفْر والكُفْران 2: 182
كفر
: الكَفْل 5: 193
كفل
: الكَلَع 3: 20
كلع
: كيسان 4: 164
كيس
(ل)
: اللبلابة 4: 321
لبب
: لُحب يُلحَب 1: 512
لحب
: مُلْطَخ 5: 252
لخخ
: اللَّخَص 1: 331
اللخيص 1: 331
لخص
: لَذِمَ 1: 333
لذم
: الالتزاق 1: 88
لزق
: اللِّصْب 5: 214
لصب
: اللَّغْب 3: 54
لغب
: لقمَ 3: 350
لقم
: اللَّكَد 4: 361
لكد
: اللَّمُوس 4: 290
لمس
: مُلِمّ 2: 128(6/134)
لمم
: لهَّنَ 5: 215
لهن
: ليْس 1: 164
ليس
: لَيَّاق 1: 300
ما يليق بك 1: 300
ليق
: طائر اللَّيل 2: 74
ليل
(م)
: المأْنة 2: 77
مأن
: المواتح 2: 346
متح
: تماتَنَ 2: 184
متن
: المثّ 1: 183
مثث
: المُثول 1: 119
مثل
: المواخر 3: 144
مخر
: المدَرَة 1: 77
مدر
: المَذَح 1: 217
مذح
: المَرِس 2: 146/ 4: 365، 368
يتمرَّس 4: 368
مرس
: المرعزَّى 3: 400
مرعز
: المَرْغ 2: 338
مرغ
: مَرْي الجنوب 1: 450
مري
: المسِيح 1: 240
تُمسَح 1: 319
مسح
: مَشق 2: 338
مشق
: مَصَع، المَصْع 2: 411
مصع
فهرس اللغة (أ)
: المَعِر 1: 508
مَعَر 3: 352
معر
: المَعْنة 3: 74
معن
: الممقور 3: 350
مقر
: المُلْس 4: 287
ملس
: المِلْط 4: 369
ملط
: مَلاَعِ 1: 356
ملع
: مَهدت الشيء 3: 159
مهد
(ن)
: النَّتْح 1: 183
نتح
: النَّثّ 1: 183
نثث
: النَّثُول 1: 321
نثل
: النَّجْدة 2: 392
نجد
: النَّجاف 4: 21
نجف
: النجيم 4: 305
نجم
: النَّجِيُّ العُريان 4: 298
نجو
: النَّحْس 4: 287
نحس
: النُّخاع 1: 207
نخع
: النَّيْرب 1: 61
نرب
: المنسوس 4: 167
نسس
: النَّسل 2: 347
نَسَلَ 4: 367
نسل
: النَّصِيل 1: 125
نصل
: أنْضَبَ 2: 380
نضب
: منتطق 1: 238
النَّاطق 3: 308
نطق
: النَّعْف 3: 273
نعف
: تنعَّمْتُه فتَنَعَّم 1: 377
نَعَم 4: 189
نعم
: النفَّاثات 4: 89
نفث
: النَّفْر 3: 234
نفر
: النَّفْز 1: 319
نفز
: النَّفَض 3: 399
نفض
: النَّافطة 4: 69
نفط
: النَّقْث 5: 484
نقث
: ينقُر، النَّقْر 5: 483
نقر
: تنقيض الأصابع 4: 513
نقض
: المَنْقَلة 4: 251
نقل
: ينقَه 4: 442
نقه
: أنكزَتْها 2: 346
نكز(6/135)
: النَّمِرة 5: 484
نمر
: النَّهِر 2: 77
نَهَر 5: 483
نهر
: النَّاهض 1: 446/ 2: 150
النواهض 4: 182
نهض
: تَنُوش 2: 128
نوش
: أنوقُ وأينُق 1: 42
نوق
: النُّون 4: 284
نون
(هـ)
: التهبُّج 6: 71
هبج
فهرس اللغة (أ)
: يهبِرُ 6: 71
هبر
: الهابل 1: 42
هِبِل وهِبِلَّة 5: 483
هبل
: الهَجع 6: 72
هجع
: الهديل 1: 492/ 2: 71 هَدِلَ 6: 71
هدل
: الهِرّ والبِرّ 1: 178-179
هرر
: هَرَس 6: 72
هرس
: نعجة هَرِطة 1: 82
هرط
: الهَرِع 6: 72
هرع
: هَرَقت 1: 79
هرق
: هَزِق 6: 71
هزق
: الهَضم، الأهضام 1: 507
هضم
: الهيقم 6: 71
هقم
: الهَلَع 6: 71
هلع
: الهيلمان 6: 26
هلم
: هَمَس، هَموس 2: 238
همس
: هَمَع 6: 72
همع
: هميم 3: 240
همم
: الهُوِيَّة 4: 266
هوي
: أهْيَج 2: 100
هيج
: الهِياط 5: 289
هيط
: هاعٌ، هائع 5: 225
هيع
: اهتافَ 5: 179
هيف
(و)
: اتَّأب 1: 361
الوأب 1: 365/ 2: 145
وأب
: استوأرت الوحش
1: 357
وأر
: أوباش 6: 114
وبش
: الوابلين 4: 116
وبل
: الوجاح 1: 62/ 4: 482
الاتّجاح 4: 482
وجح
: مَوحد مَوحد 4: 324 أحاد أحاد 4: 324
وحد
: أودَج الدَّابة 1: 244
ودج
: المُودِن 4: 26
ودن
: الوارس 1: 275
ورس
: الواري 4: 138
وري
: وَزْواز 5: 388
وزز
: الوَسْق 2: 481
الوسيقة 4: 220
وسق
: التَّوصيص 2: 274
وصص
: الإيطاء 4: 356
وطأ
: الوُظُب 1: 230
وظب
: الوظيف 4: 85
وظف
: الوُعول 1: 342
وعل
: الوقير 2: 392
الوقار 2: 494
وقر
: الإيكاد 1: 89
وكد
فهرس اللغة (أ)
: الوكنة 1: 125
وكن
: الولوج 4: 28
ولج
: الوليع 5: 191
ولع
: الواله 1: 354
وله
: الوليّ 4: 169
ولي
: أوهَمَ 1: 376
وهم(6/136)
: وَيْب 6: 77
ويب
: وَيْس 6: 77
ويس
: وَيْل 6: 77
ويل
: وَيْه 6: 77
ويه
(ي)
: الميسور 4: 69
اليُسْرَى 4: 220
يسر
: امض يمامي 1: 29
يمم
فهرس اللغة (ب)
ب- الألفاظ غير العربية
5: 339
الباذنجان
2: 277
بستان أفروز
2: 334
تحت دار
1: 474
جلشان
4: 515
دستبند
4: 409
سَمَنْد
1: 63
سُور
3: 125
شبِي
1: 496
كونه
فهرس اللغة (جـ)
جـ- ما فات المعاجم المتداولة
أو انفرد به ابن فارس(1)
: مستأبِط 5: 23
أبط
: امرأته وآمرته بمعنى جعلته أميراً 1: 137
أمر
: بأس بأسا 2: 328
بأس
: بُربُر 1: 179
برر
: البالوع 2: 301
بلع
: بُواع 2: 319
بوع
: ثأثأت منه 2: 370
ثأثأ
: المِجْول بمعنى الغدير
2: 496
جول
: الحَتْر 2: 133
حتر
: حُصام الدابَّة 2: 69
حصم
: مكانٌ خَبِر 2: 240
خبر
: رجل مُخْلَدٌ 2: 207
خلد
: هو خَلاة لكذا 2: 205
خلو
: المستخمر بمعنى الشريك 2: 216
خمر
: بعير مخيول 2: 235
خيل
: شاة مُدْراة، المدريان بمعنى طبيي الشاة 2: 272
دري
: رمح مِدسر 2: 278
دسر
: مادة دعض 2: 284
دعض
: دِغمار 2: 338
دغمر
: الديك (في جبهة الفَرس) 2: 318
ديك
: الذَّكارة والذُّكورة
4: 478
ذكر
: الرِّباق 3: 259
ربق
: الرثَد 2: 487
رثد
: أرض مِرعاج ورعِجَة
2: 411
رعج
فهرس اللغة (جـ)
: الراعك 2: 406
رعك
: الرُّقعة بمعنى الكلأ المتلبد
4: 93
رقع
: رمَّج الأثر بالتراب
2: 437
رمج
: الرَّهَد بمعنى الاسترخاء
4: 514
رهد
: الرهرهتان 2: 381
رهره
: الأزبع بمعنى الداهية 3: 47
زبع
: الزَّرة بمعنى الحربة 3: 7
زرر
__________
(1) أما ما فات صاحب اللسان أو ما فات صاحب القاموس فقد نبهت عليه في مواضعه.(6/137)
: الأزلم الجذع بمعنى الأسد
3: 19
زلم
: السجار بمعنى السَّجُور
3: 135
سجر
: أمر مسخات 3: 147
سخت
: الشّمالة 3: 216
شمل
: الضغَّاغة 3: 355
ضغغ
: الضَّيفنان 3: 366
ضيف
: الطَّخْف بمعنى الشدة
3: 458
طخف
: العُباب بمعنى السرعة
4: 24
عبب
: العاتقة بمعنى البئر القديمة
4: 221
عتق
: العُجبة بمعنى العجب
4: 244
عجب
: العُدَواء بمعنى العدوى
4: 250
عدو
: عرّجنا من العُريجاء
4: 303
عرج
: العَزَازة بمعنى دفعة السيل
4: 41
عزز
: مادة (عشك) جميعها
4: 321
عشك
: عفَّفت فلانا 4: 3
عفف
: العَقَب في السِّلعة 4: 78 الإعقابة مثل الإدبارة
4: 84
عقب
: العَقِص بمعنى عنق الكرش
4: 97
عقص
: في لسانه عَولَكٌ 4: 132
علك
: المُعَلَّى بمعنى المَحمِل
4: 118
علو
: العُميان للعمى 4: 134
عمي
: هو منك عُنُق الحمامة
4: 162
عنق
: الغَبْية بمعنى الزُّبية 4: 411
غبي
: الغَدَق بمعنى الناعم
4: 415
غدق
فهرس اللغة (جـ)
: قراءة "وقد بلغت من الكبر غُسِيّاً" 4: 424
غسو
: شاة مُفَودجة 4: 484
فدج
: الفَرَى بمعنى الجبان 4: 497
فري
: الفغفغة، الفغفغان، الفغفغيّ، الفغفاني، تفغفغ في أمره 4: 441
فغغ
: فوزي بأمرك 4: 459
فوز
: الفَوغ والفَوغاء 4: 460
فوغ
: قُذَم بمعنى كثير الأخذ 5: 69
قذم
: القُروص 2: 55
قرص
: قَرْف الخبز 5: 74
قرف
: سير قسيسٌ 5: 9
قسس
: تكبَّن 5: 155
كبن
: أكثم فَمَه 5: 162
كثم
: اللَّسْب بمعنى الجمع 5: 248
لسب
: اللَّقوة للدلو التي ترتفع مع الأخرى 5: 260
لقو
: المَصْر بمعنى بقية اللبن 5: 330
مصر
: النقرشة بمعنى الحس الخفي 5: 483
نقرش
: الهَبْث بمعنى الحركة 6: 28
هبث
: انهدك علينا 6: 40
هدك
: الهَفت بمعنى قطع الدم المتهافتة 6: 57(6/138)
هفت
: الهِقَبّ بمعنى الصُّلب 6: 58
هقب
: التهقُّل 6: 58
هقل
: الهَلْت بمعنى الجماعة
6: 61
هلت
: وَئِرَ وأرَا 6: 79
وأر
: الوأْق 6: 79
وأق
: المَوْبل 6: 82
وبل
ــــــــ
الفهرس الثاني
فهرس الأشعار
1- ما ورد قبله نجم من القوافي أو الأرقام فهو ما ورد عجزه فقط.
2- ما جعل من القوافي أو الأرقام بين قوسين فهو ما ورد صدره فقط وأمكن معرفة قافيته.
3- ما وضع من القوافي بين معكفين [ ] فهو ما أشار ابن فارس إلى قائله فقط ولم يذكر نصه.
4- ما وضع من أعلام الشعراء بين قوسين فهو مما لم ينص عليه ابن فارس وأمكنني معرفته من المراجع. وما لم أهتد إليه في أثناء التحقيق واهتديت إليه في أثناء عمل الفهرس أشرت إليه في حواشي الفهرس.
فهرس الأشعار
2- فهرس الأشعار
(أ)
1: 397
قيس بن الحطيم
طويل
إزاءَها
3: 167
قيس بن الحطيم
طويل
أضاءَها
5: 292
-
خفيف
(مأآأَا)
5: 86
(محرز بن المكعبر)
طويل
لقاءُ
5: 360
-
طويل
ونهاءُ
4: 310
-
طويل
اعتزاؤها
1: 33
-
بسيط
آءُ
3: 416
حسان
وافر
* النساءُ
4: 273
حسان
وافر
الجزاءُ
1: 105
الحطيئة
وافر
* والإساءُ
1: 141/ 50: 174
الحطيئة
وافر
الإناءُ
4: 151، 152
(الربيع بن الحقيق)
وافر
إتاءُ
1: 128
(الربيع بن ضبع)
وافر
أساؤوا
4: 474
(الربيع بن ضبع)
وافر
والفتاءُ
1: 33
(زهير)
وافر
وآء
1: 79
(زهير)
وافر
خِلاءُ
1: 88
(زهير)
وافر
العماءُ
1: 145/ 5: 201
(زهير)
وافر
وآءُ
1: 314
(زهير)
وافر
يستباءُ
1: 491
(زهير)
وافر
دواءُ
2: 358
(زهير)
وافر
والذكاءُ
4: 4
زهير
وافر
عفاءُ
فهرس الأشعار
4: 59
زهير
وافر
العفاءُ
4: 147
زهير
وافر
عناءُ
4: 250
زهير
وافر
عداءُ
5: 43
زهير
وافر
نساءُ
6: 15
زهير
وافر(6/139)
هواءُ
6: 16
زهير
وافر
الرشاءُ
6: 43
زهير
وافر
هداءُ
1: 52، 265
عبد الله بن رواحة
وافر
الإتاءُ
4: 162
(عوف بن الأحوص)
وافر
شفاءُ
1: 449
القطران
وافر
شفاءُ
1: 52
-
وافر
إتاءُ
1: 357
-
وافر
*التَّواءُ
2: 491/ 3: 161
-
وافر
الرعاءُ
2: 226
(أمية بن حرثان)
رمل
خوثاءُ
1: 312
ابن هرمة
منسرح
مبوَّؤُها
1: 145
الحارث بن حلزة
خفيف
الإمساءُ
1: 295
الحارث بن حلزة
خفيف
فالأبلاءُ
1: 393
الحارث بن حلزة
خفيف
الثواءُ
1: 480
الحارث بن حلزة
خفيف
ضوضاءُ
3: 435
الحارث بن حلزة
خفيف
الداءُ
4: 192
الحارث بن حلزة
خفيف
الولاءُ
5: 99
الحارث بن حلزة
خفيف
القضاءُ
5: 199
(أبو زبيد الطائي)
خفيف
عناءُ
3: 190
عبيد الله بن قيس الرقيات
خفيف
شعواءُ
2: 114
-
خفيف
*حوثاءُ
1: 245
-
بسيط
ببزلاء
فهرس الأشعار
1: 385
-
بسيط
الثلاثاءِ
2: 495
-
وافر
غنائي
1: 488
أبو النجم
كامل
الأدماءِ
1: 59
-
كامل
بسواءِ
5: 331
القطامي
كامل
*مضوائِه
1: 184
أبو زبيد الطائي
كامل
بمائِها
4: 388
(عبيد الله بن قيس الرقيات)
مجزو الكامل
غلوائِها
1: 181
(أبو زبيد الطائي)
خفيف
بالدهماءِ
3: 113
(أبو زبيد الطائي)
خفيف
السوآءِ
3: 81
-
خفيف
وسَفاءِ
4: 135
المرار
متقارب
عماءِ
5: 212
-
متقارب
ماءِ
(ب)
1: 447/ 2: 66
(الأعلم الهذلي)
مجزو الكامل
حواشبْ
2: 27
(الأعلم الهذلي)
مجزو الكامل
الحباحبْ
4: 497
(الأعلم الهذلي)
مجزو الكامل
صاحبْ
2: 195
(الفضل بن العباس(1))
رمل
العربْ
5: 348
(مسكين الدارمي)
رمل
الركبْ
2: 373
أبو دواد
متقارب
شسبْ
3: 63
(ذو الخرق الطهوي)
متقارب
__________
(1) أو عتبة بن أبي لهب، أو عمر بن أبي ربيعة.(6/140)
فسبّ
1: 412
(عنترة)
متقارب
كالمحتطبْ
2: 350
(عنترة)
متقارب
خشِبْ
فهرس الأشعار
3: 250
(عنترة)(1)
متقارب
شجبْ
1: 453
-
متقارب
الحطبْ
5: 17
-
طويل
قُلبا
1: 7/ *5: 183
الأعشى
طويل
ليذهبا
1: 103
الأعشى
طويل
مخضّبا
1: 162
الأعشى
طويل
فأصحبا
1: 278، 396
الأعشى
طويل
ليضربا
4: 310
الأعشى
طويل
*أعزبا
4: 488
الأعشى
طويل
ملحبا
5: 168
(خداش بن زهير)
طويل
موظبا
1: 79
-
طويل
وجندبا
4: 306
-
طويل
تغضَّبا
5: 174
(سعد بن ناشب)
طويل
*كرائبا
1: 27
(أم ثواب الهزانية)
بسيط
زغَبا
1: 106/ 6: 63
الحطيئة
بسيط
رغُبا
1: 147
الحطيئة
بسيط
الذنبا
4: 151/ 5: 174
الحطيئة
بسيط
الكربا
4: 98
(سهم بن حنظلة)
بسيط
نشبا
5: 378
(سهم بن حنظلة)
بسيط
واغتربا
3: 92
(مرة بن محكان)
بسيط
سكبا
5: 82
(مرة بن محكان)
بسيط
والقربا
1: 12
(يزيد بن الطثرية)
بسيط
ذهبا
فهرس الأشعار
1: 459
(أبو زبيد الطائي)
بسيط
مجشابا
5: 420
(أبو زبيد الطائي)
بسيط
إلهابا
4: 9
-
وافر
(والذبابا)
4: 281
-
وافر
والهضابا
5: 213
-
وافر
التهابا
3: 279
جرير
وافر
ملابا
4: 126
جرير
وافر
الحجابا
5: 312
(كثير عزة)
وافر
أصابا
3: 98
(معاوية بن مالك)
وافر
غضابا
1: 231
يزيد بن الطثرية
وافر
جوابا
1: 180
(أبو خراش الهذلي)
وافر
طلوبا
1: 424
أبو خراش الهذلي
وافر
بالحبوبا
1: 446
(أبو خراش الهذلي)
وافر
صليبا
2: 54
أبو خراش الهذلي
وافر
رطيبا
2: 149
أبو خراش الهذلي
وافر
قشيبا
1: 127
(مية أم عتيبة بن الحارث)
وافر
* تؤوبا
5: 4
-
كامل
لبَّى
6: 22
-
كامل
هياربَّا
2: 91
جرير
__________
(1) انظر الحماسة رقم 144 بشرح المرزوقي.(6/141)
كامل
أغضبا
2: 233
-
كامل
فشابَهُ
4: 421
لبيد
منسرح
الغَرَبا
5: 58
-
منسرح
والخببا
1: 138
(امرؤ القيس)
منسرح
أصحبا
1: 324/ 2: 61/ 4: 4
امرؤ القيس
منسرح
أحسبا
2: 75
الأعشى
منسرح
شعوبا
3: 232
-
منسرح
معيبا
فهرس الأشعار
6: 90
(الأخطل)
طويل
* وجبُ(1)
1: 201/ 5: 348
نصيب
طويل
العذبُ
4: 179
-
طويل
القلبُ
2: 4
الأعشى
طويل
(تضربُ)
5: 433
الأعشى
طويل
يعطبُ
2: 299
أوس بن حجر
طويل
مقنبُ
2: 82
بشر بن أبي خازم
طويل
مقصَّبُ
2: 96
بشر بن أبي خازم
طويل
محلبُ
6: 12
ذو الرمة
طويل
يتقلَّبُ
1: 279
طفيل بن كعب
طويل
ملعبُ
4: 375
(طفيل بن كعب)
طويل
مطلَّبُ
4: 259
(عبيد بن الأبرص)
طويل
وأعذبوا
1: 90
الكميت
طويل
مؤرّبُ
3: 191
الكميت
طويل
مشعبُ
4: 57
الكميت
طويل
أسغبُ
4: 81
الكميت
طويل
معقبُ
4: 421
(الكميت)
طويل
مغرَّبُ
5: 404
الكميت
طويل
* المنحَّبُ
1: 161/ 2: 236
(النابغة)
طويل
معثلبُ
1: 277
النابغة
طويل
المهذَّبُ
3: 141
النابغة
طويل
* متصوّبُ
1: 153
-
طويل
* (منصبُ(2))
1: 347
-
طويل
سيخربُ
فهرس الأشعار
2: 30
-
طويل
أنكبُ
3: 92
-
طويل
تضربوا
3: 172
-
طويل
*مذرَّبُ
4: 157
-
طويل
تعجبُ
4: 142، 275
(الأخنس بن شهاب)
طويل
وجانبُ
2: 507
(جرير)
طويل
خاطبُ
2: 402
(حذيفة بن أنس)
طويل
وراضبُ
4: 108
دريد بن الصمة
طويل
المقانبُ
4: 260
النابغة الجعدي
طويل
الكواكبُ
1: 317
-
طويل
النجائبُ
1: 469
-
طويل
الجوالبُ
2: 409
-
طويل
ذاهبُ
4: 78
-
طويل
المعاقبُ
4: 318
امرؤ القيس
طويل
عسيبُ
__________
(1) ويروى "وجب" بالجر.
(2) يحتمل أن يكون عجزاً وأن يكون صدراً.(6/142)
4: 447
الحطيئة
طويل
نجيبُ
1: 352/*3: 64
(حميد بن ثور)
طويل
عجيبُ
1: 493
(حميد بن ثور(1))
طويل
* وجيبُ
5: 130
حميد بن ثور
طويل
ربيبُ
4: 95
حميد بن ثور
طويل
غروبُ
4: 269
(السليك، أو المخبل)
طويل
مشوبُ
1: 242
عروة بن حزام
طويل
لعجيبُ
1: 375
علقمة بن عبدة
طويل
عجيبُ
1: 483
علقمة بن عبدة
طويل
غريبُ
2: 332
علقمة بن عبدة
طويل
وسليبُ
فهرس الأشعار
2: 383
علقمة بن عبدة
طويل
ربوبُ
3: 280
(علقمة بن عبدة)
طويل
وصبيبُ
3: 407
(علقمة بن عبدة)
طويل
طبيبُ
3: 445
علقمة بن عبدة
طويل
مشيبُ
4: 54
(علقمة بن عبدة)
طويل
وكليبُ
4: 250
علقمة بن عبدة
طويل
* وخطوبُ
1: 410
أبو (الغريب النصري)
طويل
نصيبُ
5: 45
(كعب بن سعد)
طويل
طبيبُ
5: 199
(المضرب بن كعب)
طويل
لبيبُ
3: 318
(أبو وجزة أو علقمة(2))
طويل
يصوبُ
1: 77
-
طويل
تريبُ
2: 115
-
طويل
(فتغيبُ)
3: 160/ 4: 20، 301
-
طويل
عَروبُ
3: 252
-
طويل
غريبُ
4: 509
-
طويل
وزبيبُ
3: 390
(الأخطل)
طويل
(وغاربُه)
1: 172
(ذو الرمة)
طويل
وملاعبه
1: 240
ذو الرمة
طويل
* يطالبُهُ
1: 435
ذو الرمة
طويل
جادبُه
4: 131
ذو الرمة
طويل
جنادبُه
5: 397
(أبو الغمر الكلابي(3))
طويل
وغاربُه
3: 217
(الفرزدق)
طويل
شاربُه
4: 112
المتلمس
طويل
راكبُه
فهرس الأشعار
3: 378
-
طويل
سبائبُه
4: 338
-
طويل
عصائبُه
5: 262
-
طويل
سيعاقبُه
1: 166، 469
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
واكتئابُها
1: 442
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
رقابُها
2: 123
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
* شبابُها
2: 234/ 3: 64
(أبو ذؤيب) الهذلي
__________
(1) أو النمر بن تولب.
(2) أو رجل من عبد القيس.
(3) أو عبد الرحمن بن حسان.(6/143)
طويل
غرابُها
1: 383
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
ربابها
4: 23
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
(اجتذابُها)
3: 472
الفرزدق
طويل
جوابُها
4: 118
-
طويل
ثوابُها
1: 450/ 2: 326
بشر بن أبي خازم
طويل
* غروبُها
2: 364
بشر بن أبي خازم
طويل
تذيبُها
2: 446
(بشر بن أبي خازم)
طويل
(قلوبُها)
4: 104، 121
بشر بن حازم
طويل
عكوبُها
2: 354
الكميت
طويل
وشيبُها
4: 140
ابن ميادة
طويل
نيوبُها
2: 472
-
طويل
شعوبُها
6: 154
-
طويل
وجوبُها
1: 9/ 5: 274
ذو الرمة
بسيط
والرطبُ
1: 32
ذو الرمة
بسيط
الوصبُ
1: 189
ذو الرمة
بسيط
(العطبُ)
1: 235
ذو الرمة
بسيط
(منتهبُ)
فهرس الأشعار
1: 241، 346
ذو الرمة
بسيط
ترِبُ
1: 434
(ذو الرمة)
بسيط
الخربُ
1: 483
(ذو الرمة)
بسيط
* جنِبُ
2: 6، 356
(ذو الرمة)
بسيط
مضطربُ
2: 231
ذو الرمة
بسيط
تربُ
2: 315
ذو الرمة
بسيط
*الهربُ
2: 486
ذو الرمة
بسيط
* رتبُ
3: 82
(ذو الرمة)
بسيط
شهبُ
3: 102
ذو الرمة
بسيط
* النجبُ
3: 155
ذو الرمة
بسيط
سربُ
3: 173
ذو الرمة
بسيط
جنبُ
3: 177/ 5: 426
ذو الرمة
بسيط
شبَبُ
2: 216
ذو الرمة
بسيط
منزربُ
3: 296
ذو الرمة
بسيط
*النجبُ
3: 319/ 5: 376
ذو الرمة
بسيط
نكبُ
3: 418
ذو الرمة
بسيط
عصَبُ
4: 80
ذو الرمة
بسيط
عقبُ
4: 87
ذو الرمة
بسيط
والهدبُ
4: 233
ذو الرمة
بسيط
والقصبُ
4: 240
ذو الرمة
بسيط
عربُ
4: 260
(ذو الرمة)
بسيط
العذبُ
4: 264
ذو الرمة
بسيط
منجذبُ
4: 268
(ذو الرمة)
بسيط
حصبُ
4: 319
ذو الرمة
بسيط
تنْسلبُ
فهرس الأشعار
4: 355
ذو الرمة
بسيط
حدبُ
4: 410
ذو الرمة
بسيط
جوَبُ
4: 420
ذو الرمة
بسيط
* الغربُ
5: 100(6/144)
ذو الرمة
بسيط
منقضبُ
5: 158
ذو الرمة
بسيط
الكتبُ
5: 200
(ذو الرمة)
بسيط
لببُ
5: 208
ذو الرمة
بسيط
شنبُ
5: 385
ذو الرمة
بسيط
كذبُ
5: 452
ذو الرمة
بسيط
نغبُ
6: 76
(ذو الرمة)
بسيط
والهضبُ
6: 91
(ذو الرمة)
بسيط
(والطلب)
1: 230
الكميت
بسيط
الوظُبُ
4: 25
ابن ميادة
بسيط
العببُ
2: 190
النابغة
بسيط
مختضبُ
2: 5
(النابغة، أو العباس بن يزيد)
بسيط
عجَبُ
1: 67
-
بسيط
الطلبُ
1: 353
-
بسيط
الدَّربُ
3: 347
-
بسيط
والصربُ
4: 318
-
بسيط
العسبُ
1: 290
امرؤ القيس
بسيط
منصوبُ
1: 470
(جنوب أخت عمرو)
بسيط
الجلابيبُ
5: 399
(أبو خراش الهذلي)
بسيط
* المناجيبُ
4: 287
(عمر بن إبراهيم الأنصاري)
بسيط
سرحوبُ
3: 409/ 4: 156
(أبو قيس بن رفاعة)
بسيط
والشيبُ
4: 104
-
بسيط
عكُّوبُ
1: 153
عبيد بن الأبرص
مخلع البسيط
يؤوبُ
فهرس الأشعار
1: 213
عبيد بن الأبرص
مخلع البسيط
* عجيبُ
3: 232
عبيد بن الأبرص
مخلع البسيط
* يشيبُ
3: 386
(عبيد بن الأبرص)
مخلع البسيط
السبيبُ
5: 88
عبيد بن الأبرص
مخلع البسيط
قسيبُ
3: 232
عدي بن زيد
مخلع البسيط
* المشيبُ
4: 83
امرؤ القيس
وافر
* العقابُ
3: 463
النابغة
وافر
* الشبابُ
4: 227
-
وافر
العتابُ
2: 226
(أبو ذؤيب)
وافر
طلوبُ
3: 333
أبو ذؤيب
وافر
ولوبُ
5: 367
أبو ذؤيب
وافر
قشيبُ
1: 114
عبد الله بن سلمة
وافر
خشيبُ
2: 29
-
وافر
وجيبُ
5: 123
(أبو العيال الهذلي)
مجزو وافر
الحقبُ
4: 226
-
مجزو وافر
عتبُ
1: 446
(أبو أسماء بن الضريبة)
كامل
يغضبوا
1: 87
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
كامل
الموكبُ
1: 274
(ساعدة بن جؤية)
كامل
تُرقَبُ
3: 386
(ساعدة بن جؤية) الهذلي(6/145)
كامل
* مؤلبُ
4: 144
ساعدة بن جؤية
كامل
المصعبُ
4: 197
ساعدة بن جؤية
كامل
ويجنبُ
2: 367
(عبيد بن الأبرص)
كامل
وتغضَّبوا
4: 128
-
كامل
* الجندبُ
4: 436
(نافع أو نويفع الفقعسي)
كامل
والتقليبُ
1: 384
(أبو العيال) الهذلي
مجزو الكامل
ثلِبُ
1: 134
الأعشى
مجزو الكامل
شرابُه
فهرس الأشعار
1: 6
أبو دواد
سريع
تصحبُ
1: 30
(عبيد الله بن قيس الرقيات)
منسرح
صقَبُ
4: 337
عبيد الله بن قيس الرقيات
منسرح
الذهبُ
2: 213
(الكميت)
منسرح
السربُ
2: 490
الكميت
منسرح
جلَبُ
3: 302
(الكميت)
منسرح
* يصطلبُ
6: 97
(حسان بن ثابت)
متقارب
الحنظبُ
3: 398
(المسيب بن علس)
متقارب
تضربُ
6: 90
الأخطل
طويل
[وجْبِ]
5: 256
تأبط شراً
طويل
لغْبِ
2: 99
(أبو صخر) الهذلي(1)
طويل
كلْبِ
2: 128
الكميت
طويل
بالخضب
2: 79
-
طويل
الرطبِ
5: 461
-
طويل
العذبِ
3: 76
الأسعر الجعفي
طويل
وأثقبِ
2: 79
امرؤ القيس
طويل
نحطبِ
2: 175
امرؤ القيس
طويل
أخرُبِ
2: 202
امرؤ القيس
طويل
مركَّبِ
3: 320
(امرؤ القيس)
طويل
المعلَّبِ
3: 374
امرؤ القيس
طويل
مضهَّبِ
3: 381
امرؤ القيس
طويل
مشطَّب
4: 73
امرؤ القيس
طويل
جأنبِ
4: 251
امرؤ القيس
طويل
قرهبِ
4: 257
(امرؤ القيس)
طويل
مرطبِ
4: 355
(امرؤ القيس)
طويل
(محنَّبِ)
فهرس الأشعار
5: 214
(امرؤ القيس)
طويل
مهذبِ
5: 444
(امرؤ القيس)
طويل
جندبِ
1: 180
بشر بن أبي خازم
طويل
مقصَّبِ
1: 243
(البعيث بن حريث)
طويل
المذبذبِ
4: 280/ 5: 143/ 6: 112
(خمام بن زيد مناة)
طويل
وتجبجب
2: 128
الراعي
طويل
مُعزِب
4: 203
الراعي
طويل
* المضهَّبِ
1: 375
__________
(1) انظر بقية أشعار الهذليين 101.(6/146)
طفيل
طويل
المتحلِّبِ
2: 113
طفيل
طويل
والتحوُّبِ
2: 150
طفيل
طويل
مقشَّبِ
2: 507
طفيل
طويل
مشذَّبِ
4: 20
طفيل
طويل
(كالملوّبِ)
4: 82
طفيل
طويل
ومعقِّبِ
4: 180
طفيل
طويل
المتنسَّبِ
4: 272
طفيل
طويل
محنَّبِ
5: 134
طفيل
طويل
مكلَّبِ
1: 90
(لبيد)
طويل
* مؤربِ
1: 401
لبيد
طويل
واشربِ
4: 36
لبيد
طويل
المثقَّبِ
4: 166
(محمد بن حمران)
طويل
عيهبِ
1: 344
(هدبة بن خشرم)
طويل
يصخبِ
2: 60
-
طويل
* محسَّبِ
2: 485
-
طويل
المضبَّبِ
4: 105
-
طويل
جندبِ
5: 411
أعشى همدان
طويل
* الثعالبِ
فهرس الأشعار
2: 112/ 4: 437
جرير
طويل
العقاربِ
4: 169
جرير
طويل
محاربِ
1: 422
(دريد بن الصمة)
طويل
ناشبِ
4: 179
ذو الرمة
طويل
الركائبِ
3: 377
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
ناعِبِ
1: 74
(صخر الغي الهذلي)
طويل
المآدبِ
1: 100
(صخر الغي) الهذلي
طويل
بالأهاضبِ
2: 118
القطامي
طويل
ضاربِ
2: 341/ 5: 65
القطامي
طويل
التجاربِ
1: 89
قيس بن الخطيم
طويل
تقاربِ
2: 169، *350/
3: 186/ 5: 95
(قيس بن الخطيم)
طويل
الشواطبِ
2: 362/ 3: 456
(قيس بن الخطيم)
طويل
راكبِ
6: 89
قيس بن الخطيم
طويل
واجبِ
1: 108
(النابغة الذبياني)
طويل
أشائبِ
2: 99
النابغة الذبياني
طويل
غالبِ
2: 28/ 3: 293
النابغة الذبياني
طويل
الحباحبِ
2: 99/ 4: 339
النابغة الذبياني
طويل
بعصائبِ
2: 140/ *3: 64
(النابغة الذبياني)
طويل
السباسبِ
2: 274
(النابغة الذبياني)
طويل
الدواربِ
4: 270/ *5: 163
النابغة الذبياني
طويل
الكواثبِ
4: 282
النابغة الذبياني
طويل
وجالبِ
4: 434
النابغة الذبياني
طويل
الكتائبِ
5: 245
النابغة الذبياني
طويل
لازبِ(6/147)
4: 376
النمر بن تولب
طويل
كاذبِ
1: 429
-
طويل
المذانبِ
فهرس الأشعار
2: 340
-
طويل
المناكبِ
3: 197
-
طويل
متقاربِ
4: 339
-
طويل
لعاصبِ
5: 18
-
طويل
المذانبِ
4: 128
-
طويل
سابِ
4: 49
-
طويل
برقوبِ
4: 311
-
طويل
مريبِ
1: 50
(رجل من بني عمرو بن عامر)
بسيط
الذنبِ
5: 140
الطرماح
بسيط
والكنبِ
1: 277
الكميت
بسيط
العُذُبِ
2: 438
أبو وجزة
بسيط
كالجَربِ
4: 22
-
بسيط
الصخبِ
4: 410
-
بسيط
الذنبِ
5: 216
(الجميح بن الطماح)
بسيط
بتعذيبِ
1: 153
(سلامة بن جندل)
بسيط
تأويبِ
1: 286
(سلامة بن جندل)
بسيط
محلوبِ
3: 470/ 4: 502
(سلامة بن جندل)
بسيط
الظنابيب
4: 318
(سلامة بن جندل)
بسيط
لليعاسيب
2: 29
سلامة بن جندل
بسيط
اليعاقيبِ
2: 382/ 3: 77/ 5: 113
سلامة بن جندل
بسيط
مربوبِ
3: 131
سلامة بن جندل
بسيط
ترجيبِ
3: 302
النابغة
بسيط
منصوبِ
5: 236
مهلهل
رمل
اللجابِ
4: 164
-
رمل
الجوّابِ
2: 11
(أبو دواد الإيادي)
هزج
رحبِ
2: 194
أبو دواد الإيادي
هزج
بالرعبِ
فهرس الأشعار
2: 509
أبو دواد الإيادي
هزج
القَضْبِ
3: 64
أبو دواد الإيادي
هزج
سهبِ
3: 191/ 5: 379
أبو دواد الإيادي
هزج
الشعبِ
3: 307
أبو دواد الإيادي
هزج
الجدبِ
4: 193
أبو دواد الإيادي
هزج
والشربِ
4: 344
أبو دواد الإيادي
هزج
اللهبِ
3: 423/ 4: 501
(أبو دواد الإيادي)
هزج
الكلبِ
5: 275
(أبو دواد الإيادي)
هزج
لحبِ
6: 59
(عقبة بن سابق)
هزج
سكبِ
5: 163
-
هزج
بكثَّابِ
1: 211
(الأسود بن يعفر)
سريع
الأشيبِ
2: 118
-
سريع
الغائبِ
2: 137
-
سريع
الراكبِ
4: 226
-
منسرح
* عتبِ
3: 314
عبيد الله بن قيس الرقيات
منسرح(6/148)
عنبِه
1: 308
عمر بن أبي ربيعة
خفيف
والترابِ
5: 384
(معد يكرب)
خفيف
الظرابِ
3: 294
(الأعشى)
خفيف
كالزبيبِ
1: 450
-
خفيف
الجنوبِ
4: 243
ذو الإصبع(1)
متقارب
كالأذؤبِ
1: 92
(النابغة الجعدي)
متقارب
* مستأربِ
1: 294
النابغة الجعدي
متقارب
أرتَبِ
2: 414
النابغة الجعدي
متقارب
* والمهربِ
5: 159
-
متقارب
مقنبِ
فهرس الأشعار
5: 163، 385
(أوس بن حجر)
متقارب
الكاثبِ
5: 466
(أوس بن حجر)
متقارب
بالغائبِ
3: 85
-
متقارب
ساقبِ
5: 95
(الأعشى)
متقارب
بقصَّابِها
3: 133
حميد بن ثور
متقارب
لأربابِها(2)
1: 395
(الأخنس بن شهاب)
وافر
ثوابِ
1: 370
(أبو سلمة المحاربي)
وافر
السِّغاب
6: 101
(مالك بن نويرة)
وافر
نصابِ
3: 450
(ابن أحمر)
وافر
الدروبِ
3: 249
(أسامة بن الحارث، أو أبو رعاس)
وافر
* كالشجوبِ
2: 333
أبو دواد، أو عدي بن زيد
وافر
قشيبِ
2: 200
(عنترة)
وافر
بالأريبِ
5: 256
(الحارث بن الطفيل)
كامل
* لغبِ
5: 466
(دريد بن الصمة)
كامل
النقْبِ
2: 265
(عامر بن الطفيل)
كامل
كالكلبِ
3: 10
(الأبيرد الرياحي)
كامل
الجندبِ
1: 305
(خزز بن لوذان)
كامل
* مركبي
4: 221
عنترة
كامل
فاذهبي
5: 446
(عنترة)
كامل
مركبي
2: 416
(النمر بن تولب)
كامل
*فارغبِ
2: 60
(نهيك الفزاري)
كامل
فالغبغبِ
4: 284
(ابن أحمر)
كامل
اللاغبِ
4: 417
(ابن هرمة)
كامل
الكاذبِ
3: 37
(حسان بن ثابت)
كامل
* غرابِ
فهرس الأشعار
1: 188
(حضرمي بن عامر)
كامل
الأذرابِ
3: 475
لبيد
كامل
* الأظرابِ
4: 172
ابن هرمة
كامل
معشابِ
3: 181
-
كامل
الأذنابِ
2: 123/ 4: 24
قيس بن الخطيم
كامل
__________
(1) أو النابغة الجعدي.
(2) وقيل: الصواب " لأحبارها".(6/149)
يعبوبِ
3: 156
(قيس بن الخطيم)
كامل
قريبِ
1: 154
أمية بن أبي الصلت
كامل
إيابها
1: 213
(الكميت)
كامل
سهابِها
(ت)
5: 38
(أبو قيس بن رفاعة(1))
وافر
مقيتا
1: 272
(يزيد بن ضبة الثقفي)
طويل
*البغْتُ
3: 427
(الأعشى)
طويل
منتشراتُها
3: 225
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
انفلاتُها
1: 31
-
طويل
حداتُها
3: 324
النابغة
وافر
والكميتُ
2: 17/ *3: 237/ 5: 63
(عدي بن خرشة)
وافر
شئيتُ
2: 68
عمرو بن قعاس المرادي
وافر
تبيتُ
1: 487/ 2: 203
-
طويل
الخفْتِ
3: 255
-
طويل
الشختِ
4: 119
جرير
طويل
تعلَّتِ
1: 163
(حذيفة بن أنس الهذلي)
طويل
هبَّتِ
1: 31/ 2: 134
الشنفرى
طويل
وأقلَّتِ
*1: 295/ 5: 422
الشنفرى
طويل
تبلتِ
3: 139
الشنفرى
طويل
اقشعرّتِ
فهرس الأشعار
4: 96
الطرماح
طويل
وقلَّتِ
1: 411
عمرو بن معد يكرب
طويل
أجرّتِ
2: 273
عمرو بن معد يكرب
طويل
وفرَّتِ
4: 9
الفرزدق
طويل
استقلتِ
2: 216
كثير
طويل
استحلَّتِ
1: 128
-
طويل
* ألوتي
1: 231
-
طويل
* بحيلتي
1: 296
-
طويل
* مبلَّتِ
1: 358
-
طويل
تغدَّتِ
1: 417
-
طويل
استهلّتِ
2: 258
-
طويل
وأجلَّتِ
4: 227
-
طويل
زلَّتِ
3: 377
(عبد الله بن نمير الثقفي)
طويل
عطراتِ
5: 192
(محمد بن عبد الله الثقفي)
طويل
* الكفراتِ
1: 89
-
طويل
العُشَراتِ
2: 102/ 5: 344
-
طويل
والحمراتِ
4: 100
-
طويل
بالفتياتِ
1: 52/ 5: 474
-
بسيط
المحلاَّتِ
2: 226
-
بسيط
خوَّاتِ
3: 351
ذو الرمة
بسيط
* صفاريت
4: 136
-
بسيط
* العماميت
4: 88
الطرماح
وافر
المتبيِّناتِ
1: 171
-
وافر
بتاتِ
6: 14
(شبيب بن جعيل)
كامل
(أجنَّتِ)
__________
(1) أو الزبير بن عبد المطلب.(6/150)
3: 6
-
مسدس الرجز
بالترنُّتِ
1: 312
أبو دواد
خفيف
مبيتِ
فهرس الأشعار
(ث)
4: 27
كثير عزة
متقارب
عثاثا
4: 494
(كثير عزة)
متقارب
فعاثا
5: 249
كثير عزة
متقارب
لباثا
5: 114
صخر الغي الهذلي(1)
وافر
* مكيثُ
1: 61
-
بسيط
* آثِ
1: 8
(محمد بن عبد الله بن نمير) الثقفي
وافر
الأثاثِ
6: 141
-
وافر
الثلاثِ
(ج)
1: 296
-
طويل
لجلجا
2: 215
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
بسيط
*الخمجا
3: 274/ 5: 224
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
بسيط
معجا
5: 240
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
بسيط
ملتحجا
1: 420
النمر بن تولب
بسيط
سراجا
4: 28
ورقة بن نوفل
بسيط
عجيجا
1: 94
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
أريجُ
1: 267
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
بعيجُ
1: 367/ 4: 235
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
ثجيجُ
2: 30
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
حجيجُ
2: 176
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
خريجُ
2: 356
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
ويموجُ
5: 228
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
لبيجُ
5: 296
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
نئيجُ
فهرس الأشعار
6: 64
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
* هميجُ
2: 435
-
طويل
* تعوجُ
5: 326
(عمرو بن الداخل الهذلي)
وافر
مشيجُ
4: 95
(عمرو بن الداخل الهذلي، أو أبوه)
وافر
بعيجُ
4: 136
(أبو قلابة) الهذلي
وافر
عموجُ
5: 177
(الحارث بن حلزة)
سريع
الناتجُ
6: 64
(الحارث بن حلزة)
سريع
* هامجُ
2: 262
(الشماخ)
طويل
اليرندجِ
2: 295
(الشماخ)
طويل
أدلجي
5: 215
(الشماخ)
طويل
ملهجِ
2: 474
-
طويل
* أتربجِ
3: 19
-
طويل
مزلَّجِ
2: 193
أبو وجزة
بسيط
* عجَّاجِ
2: 35
(ذو الرمة)
بسيط
* السماحيج
4: 180
ذو الرمة
بسيط
العناجيج
4: 202
ذو الرمة
بسيط
مخلوج
4: 302
__________
(1) الصواب أنه أبو المثلم.(6/151)
ذو الرمة
بسيط
بتعريجِ
6: 6
(المتمرس الصحاري)
وافر
* هجاجِ
4: 68
-
وافر
* الدجاج
3: 65
(الحارث بن حلزة)
كامل
* السجسجِ
2: 51
جحدر
كامل
الأحراجِ
4: 28
-
كامل
عجعاجِ
1: 267
-
منسرح
البعجِ
1: 208
(عبيد الله بن قيس الرقيات)
خفيف
* الخلنجِ
6: 49
(عبيد الله بن قيس الرقيات)
خفيف
هرجِ
فهرس الأشعار
(ح)
1: 405
أمية بن أبي الصلت
مجزو الكامل
جحاجحْ
5: 66
(أمية بن أبي الصلت)
مجزو الكامل
الصفائحْ
1: 116
الأعشى
رمل
فملَحْ
1: 297
الأعشى
رمل
وبلَحْ
2: 166/ 5: 179
الأعشى
رمل
* كسحْ
2: 455
الأعشى
رمل
برحْ
3: 334
الأعشى
رمل
* أبحْ
4: 197
الأعشى
رمل
الروحْ
5: 19
(الأعشى)
رمل
القلحْ
5: 154
(الأعشى)
رمل
نَطحْ
5: 183
الأعشى
رمل
* الكشَحْ
*2: 474/ 5: 435
الأعشى
رمل
الربَح
5: 168
أبو دواد
رمل
برحْ
2: 230
طرفة
سريع
والسفيحْ
2: 424/ 6: 118
طرفة
سريع
ريحْ
2: 102/ 3: 72، 362
(مالك بن عوف النصري)
طويل
مسطحا
4: 120
ابن هرمة
طويل
وأروَحا
3: 387
(معن بن أوس)
طويل
السوارحا
1: 142
النابغة
كامل
نجاحا
1: 215
(أبو دواد الإيادي)
مجزو الكامل
بَدْحا
2: 346
أبو دواد الإيادي
مجزو الكامل
نُصحا
6: 119
(طرفة)
سريع
واضحَه
فهرس الأشعار
3: 179
ابن هرمة
متقارب
شحاحا
3: 31، 262
-
متقارب
(اصطباحا)
1: 303
أبو ذؤيب
متقارب
بريحا
6: 143
(أبو ذؤيب)
متقارب
* الوليحا
2: 63
-
متقارب
(صحيحا)
5: 113
الطرماح
متقارب
[قافحَه]
1: 379
(تميم بن مقبل)
طويل
تزحزحوا
2: 207
(تميم بن مقبل)
طويل
أقرحُ
5: 130
تميم بن مقبل
طويل
* تلمحُ
5: 202
(تميم بن مقبل)
طويل
* وتلحلحوا
1: 447
(جران العود)
طويل(6/152)
يصلحُ
1: 131
ذو الرمة
طويل
يتوضَّحُ
1: 241
ذو الرمة
طويل
أبرحُ
1: 260
ذو الرمة
طويل
أبطحُ
1: 260
ذو الرمة
طويل
متبطحُ
1: 319
(ذو الرمة)
طويل
وتمسحُ
3: 104
ذو الرمة
طويل
وتسنحُ
3: 133
ذو الرمة
طويل
* أسجح
6: 63
ذو الرمة
طويل
يتطوَّحُ
3: 233
(أبو ذؤيب)
طويل
* شيحُ
1: 198
الراعي
طويل
نبجح
1: 359/ 6: 14
الراعي
طويل
متيحُ
2: 59
(المرقش الأصغر)
طويل
وأبطحُ
1: 125
-
طويل
تُفضَحُ
3: 272
-
طويل
* المتنصَّحُ
4: 85
-
طويل
ملوّحُ
فهرس الأشعار
1: 456
تميم بن مقبل
طويل
جازحُ
2: 349
تميم بن مقبل
طويل
رامحُ
3: 27
(تميم بن مقبل)
طويل
صحاحُ
1: 173
(جبيهاء الأشجعي)
طويل
المتناوحُ
2: 116
(أبو جلدة اليشكري)
طويل
النوابحُ
1: 322
(ذو الرمة)
طويل
نوائحُ
2: 346/ 5: 477
(ذو الرمة)
طويل
المواتحُ
3: 134
(كثير عزة)
طويل
رابحُ
4: 408
-
طويل
صالحُ
5: 139
-
طويل
فأصارحُ
3: 303، 448
(عون بن عبد الله بن عتبة)
طويل
صلوحُ
4: 77
(المتنخل الهذلي)
بسيط
الوضحُ
3: 247، 327
(أبو ذؤيب الهذلي)
بسيط
مذبوحُ
4: 144
أبو ذؤيب الهذلي
بسيط
الشيحُ
4: 439
(أبو ذؤيب الهذلي)
بسيط
مرازيحُ
5: 308
(أبو ذؤيب الهذلي)
بسيط
الأماديحُ
2: 391
(زياد الملقطي)
بسيط
مرزيحُ
5: 79
(مالك بن الحارث الهذلي)
وافر
الرياحُ
3: 319
-
وافر
الصواحُ
1: 481
أبو ذؤيب
وافر
فتستريحُ
3: 174
أبو ذؤيب
وافر
الطروحُ
4: 507
(نضلة السلمي)
وافر
* الفصيحُ
2: 451
(سعد بن مالك بن ضبيعة)
مجزو الكامل
فاستراحوا
1: 298
-
سريع
البالحُ
1: 436
(درهم بن زيد الأنصاري)
متقارب
* المجدحُ
1: 214
الطرماح
طويل
بيدحِ
فهرس الأشعار(6/153)
2: 444
الطرماح
طويل
المرنَّحِ
3: 348
الطرماح
طويل
[مصرحِ]
4: 60
الطرماح
طويل
الموشَّحِ
4: 105
الطرماح
طويل
مسرحِ
5: 142
عروة بن الورد
طويل
رزّحِ
5: 67
(جميل)
طويل
بالقوادحِ
3: 448
الحطيئة
طويل
* طامحِ
4: 299
(سويد بن الصامت) الأنصاري
طويل
الجوائحِ
2: 99
(أبو وجزة السعدي)
طويل
(اللقائحِ)
1: 215
-
طويل
ببادحِ
1: 174
-
طويل
صبيحِ
2: 58/ 5: 47، 181
-
طويل
قبيحِ
1: 48
أوس بن حجر
بسيط
بمرضاح
1: 230
(أوس بن حجر)
بسيط
داحِ
2: 398
(أوس بن حجر)
بسيط
بإرشاح
3: 58
أوس بن حجر
بسيط
بالراحِ
2: 457
(عبيد بن الأبرص)
بسيط
بالراح
3: 324
(عبيد بن الأبرص)
بسيط
* ومنصاحِ
5: 398
(عبيد، أو أوس بن حجر)
بسيط
بقرواحِ
5: 24
(بشر بن أبي خازم)
وافر
القماحِ
3: 393/ 4: 45، 195
جرير
وافر
ضواحِ
2: 467
-
وافر
جناحي
4: 203
-
وافر
صباحِ
4: 214
-
وافر
وقاحِ
4: 282
-
وافر
واتجاحِ
5: 316
-
وافر
مراحي
فهرس الأشعار
4: 90
زياد الأعجم
كامل
سابحِ
1: 35
-
متقارب
يبرحِ
(خ)
4: 500
-
وافر
* الفريخِ
(د)
1: 200
أبو دواد
رمل
(ويْد)
4: 4
عدي بن زيد
رمل
المسَدْ
1: 243
(العرجي)
طويل
بردا
1: 135
-
طويل
بُعدا
3: 217
(الأحوص)
طويل
وفنَّدا
1: 407
الأعشى
طويل
وأشهدا
2: 224
الأعشى
طويل
أجردا
2: 83/ 3: 388
الأعشى
طويل
أصعدا
4: 401
(الأعشى)
طويل
وأنجدا
4: 507
الأعشى
طويل
* لتفصدا
3: 104
(الحصين بن القعقاع)
طويل
يقرَّدا
3: 122
الراعي
طويل
وأحفدا
3: 127
(المعذل بن عبد الله)
طويل
* عمرَّدا
3: 36
-
طويل
اليلنددا
3: 133
-
طويل
* فأسجدا
4: 286
-
طويل
فبلَّدا
5: 412(6/154)
(الأعشى)
طويل
المقالدا
3: 169/ 4: 350
(عبد مناف بن ربع) الهذلي
بسيط
العضدا
4: 404
(عبد مناف) بن ربع الهذلي
بسيط
رقدا
5: 254
(عبد مناف بن ربع) الهذلي
بسيط
الجلدا
2: 238
-
بسيط
الجودا
فهرس الأشعار
1: 238/ 5: 441
(خداش بن زهير)
وافر
مجيدا
1: 407
(الوليد بن يزيد)
وافر
جديدا
1: 100
-
وافر
وليدا
1: 393/ 2: 213
الأعشى
كامل
موعدا
1: 155
(جرير)
كامل
أودا
2: 52
جرير
كامل
حريدا
1: 299
عدي بن الرقاع
كامل
* أبلادَها
1: 383
(عدي بن الرقاع)
كامل
منآدَها
3: 188
عدي بن الرقاع
كامل
شدادَها
4: 113
-
كامل
بعادَها
6: 91
عبيد
سريع
واحده
4: 22
-
متقارب
المرتَدى
3: 100
-
متقارب
السمودا
4: 414
حسان
متقارب
آدَها
4: 204
(الفرزدق، أو ذو الرمة(1))
طويل
نقدُ
2: 438
(أبو وجزة السعدي)
طويل
* الرمْدُ
5: 176
-
طويل
* الكردُ
1: 147
(أبو خراش الهذلي)
طويل
* اليد
1: 387
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
طويل
اليدُ
(4: 161)، 450
(شريح بن بجير)
طويل
(أسوَدُ)
1: 449
أسامة بن الحارث
طويل
المراكدُ
1: 99/ 4: 194
حميد بن ثور
طويل
قاعدُ
4: 305
ذو الرمة
طويل
وعاردُ
2: 52
(الفرزدق)
طويل
الحواردُ
3: 81
(كثير عزة)
طويل
ماجدُ
فهرس الأشعار
1: 81
(اللعين المنقري)
طويل
(وأجاردُ)
1: 268
-
طويل
الأباعدُ
3: 305
-
طويل
ماردُ
4: 306
-
طويل
صواخدُ
5: 289
-
طويل
ماردُه
1: 385/ *5: 172
(جرير)
طويل
جيدُها
3: 221
(حميد بن ثور)
طويل
شهودُها
5: 62
(الفرزدق)
طويل
أريدُها
2: 370/ 4: 107
(منظور الأسدي، أو الراعي)
طويل
وريدُها
4: 168
(نصر بن سيار)
طويل
عهيدُها
1: 44
-
طويل
عميدُها
1: 155
__________
(1) أو أحد الأعراب.(6/155)
(الأعشى)
طويل
عودُها
1: 446
-
طويل
* عميدُها
3: 300
-
طويل
عديدُها
1: 69
أبو ذؤيب
بسيط
الرمدُ
4: 444
(الراعي)
بسيط
سبدُ
5: 190
الراعي
بسيط
* يهتبدُ
3: 310
-
بسيط
الصمدُ
4: 18
-
بسيط
النجدُ
4: 30
-
بسيط
ثمدُ
4: 207
-
بسيط
عبَدُ
1: 68
الأخطل
بسيط
مثمودُ
4: 138
الأخطل
بسيط
معمودُ
1: 161، 472
-
بسيط
ومجلودُ
3: 392/ 5: 355
-
بسيط
مشهودُ
4: 275
-
بسيط
* الجلاميدُ
فهرس الأشعار
4: 181
عبيد بن الأبرص
مخلع البسيط
يعيدُ
2: 292
الأعشى
وافر
* سودُ
4: 398
الأعشى
وافر
كنودُ
5: 96
الأعشى
وافر
قصيدُ
5: 279
الأعشى
وافر
يستزيدُ
4: 67
جرير
وافر
المريدُ
4: 242
جرير
وافر
جديدُ
4: 213
(ساعدة بن العجلان)
وافر
هريدُ
2: 295
(عنترة)
وافر
خدودُ
3: 287
-
وافر
الصعود
3: 454
-
وافر
الجليدُ
1: 238
-
كامل
* (تجلدُ)
3: 396
(قيس بن عيزارة)
كامل
حرودُ
5: 180
-
كامل
* وكسيدُ
1: 101
(صخر الغي الهذلي)
منسرح
وجدوا
2: 11
صخر الغي الهذلي
منسرح
نكدُ
2: 475/ 5: 279
صخر الغي الهذلي
منسرح
رُبَدُ
3: 348/ 5: 15
(عمر بن أبي ربيعة)
منسرح
الصردُ
4: 453
(الكميت)
منسرح
قائدُها
2: 71، 237
(الطرماح)
خفيف
محتصدُه
4: 168
الطرماح
خفيف
يعتهدُه
2: 444
(ابن الدمينة)
طويل
* الرندِ
4: 139، 296
ذو الرمة
طويل
جعدِ
3: 370
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
عمدِ
4: 29
الشنفرى
طويل
بُردِ
1: 29
(عارق الطائي)
طويل
* هندِ
فهرس الأشعار
1: 66
(عارق الطائي)
طويل
وَردِ
5: 210
(عبد الله بن سالم)
طويل
يعدِي
1: 144
(الفرزدق)
طويل
الكردِ
3: 328
(الفرزدق)
طويل
الأزدِ
5: 150
(النمر بن تولب)(6/156)
طويل
المردِ
6: 120
(أبو الهندي)
طويل
* الزبدِ
1: 243
-
طويل
أو بُردِ
1: 398
-
طويل
نهْدِ
2: 32
-
طويل
والحرد
1: 498
الأعشى
طويل
* وقرمدِ
2: 100
الأعشى
طويل
المحمَّدِ
2: 402
الأعشى
طويل
بمحفدِ
3: 221
الأعشى
طويل
فاشهدِ
5: 229
الأعشى
طويل
يتلبَّدِ
4: 322
الحطيئة
طويل
موقد
3: 462
(دريد بن الصمة)
طويل
المسرَّدِ
4: 80
(دريد بن الصمة)
طويل
موعدِ
4: 428
دريد بن الصمة
طويل
* بمعبدِ
2: 504
الراعي
طويل
المهوّدِ
1: 255
زهير
طويل
مقدّدِ
1: 437
زهير
طويل
محدّدِ
5: 277
ابن الطثرية
طويل
أوردِ
1: 19
طرفة
طويل
مفردِ
1: 62/ 5: 284
طرفة
طويل
اليدِ
1: 113
طرفة
طويل
مؤيَّدِ
1: 169
(طرفة)
طويل
بإثمدِ
فهرس الأشعار
1: 304/ 4: 409
طرفة
طويل
الممدَّدِ
2: 15
طرفة
طويل
بمسردِ
2: 28/ 4: 467/ 5: 279
طرفة
طويل
باليدِ
2: 152/ 3: 399
طرفة
طويل
المتوقدِ
2: 165
(طرفة)
طويل
وترتدي
3: 179/ 4: 478
طرفة
طويل
المتشددِ
3: 310
طرفة
طويل
المصمَّدِ
3: 434
طرفة
طويل
في اليدِ
4: 206
طرفة
طويل
المعبّد
4: 247
طرفة
طويل
ويهتدِي
4: 350
(طرفة)
طويل
بمعضدِ
4: 472
طرفة
طويل
متشدّدِ
5: 13
طرفة
طويل
قدِ
5: 18، 286
طرفة
طويل
موردِ
5: 475
طرفة
طويل
* أشهدِ
3: 28
عدي بن زيد
طويل
* تتزنَّد
1: 232
علقمة
طويل
وإثمدِ
1: 27
الفرزدق
طويل
المجلَّدِ
1: 426
الفرزدق
طويل
مجحدِ
1: 128
-
طويل
منجدِ
2: 137
-
طويل
مطرَدِ
3: 40
-
طويل
* تتزيّدِ
4: 371
-
طويل
* عرنددِ
3: 266
(الأشهب بن رميلة)
طويل
الأساودِ
1: 60
أبو ذؤيب
طويل
القواعدِ
1: 415/ 2: 345
أبو ذؤيب
طويل(6/157)
لواردِ
فهرس الأشعار
1: 242
(كلثوم بن عمرو العتابي)
طويل
البواردِ
3: 80
(مزرد بن ضرار)
طويل
المتغايدِ
4: 88
النابغة
طويل
العواقدِ
1: 130
-
طويل
الطرائدِ
2: 238
-
طويل
عتائدِ
2: 351
-
طويل
* باردِ
1: 176
(حسان بن ثابت)
طويل
* بدادِ
1: 163
ذو الرمة
طويل
بإيادِ
1: 52/ 5: 439
النابغة
بسيط
فالنَضَدِ
1: 57
النابغة
بسيط
* بالرفَدِ
1: 62/ 4: 251
النابغة
بسيط
أجُدِ
1: 135
النابغة
بسيط
والسَّعَدِ
1: 172/ *3: 311
النابغة
بسيط
الحرَدِ
1: 162/ 4: 349
النابغة
بسيط
العضَدِ
2: 3
النابغة
بسيط
الفندِ
2: 194
النابغة
بسيط
والخضدِ
2: 222
(النابغة)
بسيط
* لبد
3: 42
النابغة
بسيط
الأسدِ
3: 82/ 4: 469
النابغة
بسيط
مفتأدِ
3: 210
(النابغة)
بسيط
صردِ
3: 294
(النابغة)
بسيط
بالصفدِ
3: 370
النابغة
بسيط
ضمدِ
4: 263
-
بسيط
* الأسدِ
4: 301
(النابغة)
بسيط
(البردِ)
4: 331
النابغة
بسيط
رعَدِ
4: 483
(النابغة)
بسيط
ولدِ
فهرس الأشعار
5: 107
(النابغة)
بسيط
بالمسدِ
5: 391
(النابغة)
بسيط
والنجدِ
5: 412
النابغة
بسيط
يدي
6: 4
(النابغة)
بسيط
البلدِ
4: 338
-
بسيط
عددِ
5: 366
-
بسيط
بالثمدِ
2: 464
(تأبط شراً، أو السليك(1))
بسيط
للعادِي
6: 124
(عبيد بن الأبرص)
بسيط
* زادِ
2: 14
(القطامي)
بسيط
بأولادِ
4: 301
(القطامي)
بسيط
* بأورادِ
4: 490
(القطامي)
بسيط
لورَّادِ
6: 121
القطامي
بسيط
* الطادِي
3: 11
ابن هرمة
بسيط
الهادي
5: 82
-
بسيط
بالوادي
2: 95
(إسحاق الموصلي)
بسيط
* مطرودِ
2: 458
(الجموح الظفري)
بسيط
* رُودِ
1: 487/ 4: 283، 419
الشماخ
بسيط
__________
(1) أو أعشى فهم.(6/158)
مجهودِ
2: 57
(الشماخ)
بسيط
الجيدِ
1: 23/ 2: 30/ 5: 235
(عذار بن درة)
بسيط
(كالمغاريد)
5: 398
(الحكم بن عبدل)
وافر
عهدِ
1: 463
دريد بن الصمة
وافر
وحدِي
4: 312
(نبيه بن الحجاج)
وافر
عبدِ
2: 115
-
وافر
عبْدِ
6: 141
-
وافر
مردِ
2: 312
(أمية بن أبي الصلت)
وافر
ينادِي
فهرس الأشعار
3: 222/ 5: 231
(أمية بن أبي الصلت)
وافر
بالشهادِ
4: 253
(عمرو بن معد يكرب(1))
وافر
مرادِّ
1: 477
المتلمس
وافر
حَمَادِ
1: 198
(يزيد بن الصعق أو غيره)
وافر
البجادِ
3: 288
(خالد بن جعفر)
وافر
* والصَّعودِ
4: 27
ذو الرمة
وافر
سودِ
6: 87
(صخر الغي)
وافر
شديدِ
1: 223
(ابن أحمر)
كامل
وارعدِ
2: 150
ابن أحمر
كامل
* بالمطردِ
4: 125، 275
ابن أحمر
كامل
بتودُّدِ
4: 152
ابن أحمر
كامل
* الأغيدِ
4: 267
ابن أحمر
كامل
متهدّدِ
1: 398
(أمية بن أبي الصلت)
كامل
* حرمدِ
3: 141
زهير
كامل
مذوَدِ
6: 43
(المتلمس)
كامل
بمهنَّدِ
1: 120
النابغة
كامل
قدِ
2: 76، (6: 40)
النابغة
كامل
مقرمدِ
3: 285
النابغة
كامل
متعبدِ
2: 184
-
كامل
محمدِ
2: 243
أوس بن حجر
كامل
العضدِ
3: 134
الأسود بن يعفر
كامل
الإسجادِ
5: 457
(الأسود بن يعفر)
كامل
والزبادِ
1: 448
(الأعشى)
كامل
أذوادِ
3: 294
(عوف بن عطية التيمي)
كامل
بصفادِ
فهرس الأشعار
3: 68
-
كامل
وادِ
4: 27
-
كامل
بكسادِ
5: 465
-
كامل
أكبادِ
1: 175
(أعشى همدان)
كامل
والمولودِ
4: 146
ذو الرمة أو غيره
مجزو الكامل
بيدِ
1: 438
المثقب العبدي
سريع
واليدِ
1: 507/ 5: 255
(المثقب) العبدي
سريع
الجلمدِ
3: 325
(المثقب العبدي)
سريع
* للمنشدِ
1: 513
__________
(1) أو دريد بن الصمة.(6/159)
(النابغة)
سريع
* الجلسدِ
1: 138
لبيد
منسرح
والنَّفَدِ
4: 34
مالك الدبيري
منسرح
أكدِ
3: 123
-
منسرح
السأدِ
1: 293
أبو زبيد الطائي
خفيف
الخدودِ
2: 396/ 3: 327، 381
أبو زبيد الطائي
خفيف
بعيدِ
4: 345
(أبو زبيد الطائي)
خفيف
* المنجودِ
4: 395
(أبو زبيد الطائي)
خفيف
أخدودِ
5: 391
(أبو زبيد الطائي)
خفيف
المنجودِ
1: 408
(امرؤ القيس)
متقارب
الجدجدِ
1: 476
(امرؤ القيس)
متقارب
الموقدِ
2: 191
(امرؤ القيس)
متقارب
الفدفد
2: 458
(امرؤ القيس)
متقارب
* والمروَدِ
6: 78
(الفرزدق)
متقارب
* يوأدِ
1: 280
(المثقب(1))
متقارب
* الجلسدِ
1: 289
الأعشى
متقارب
إكسادِها
1: 407
الأعشى
متقارب
رقادِها
فهرس الأشعار
1: 408
الأعشى
متقارب
جدَّادِها
1: 498
الأعشى
متقارب
* بأجيادِها
2: 3
الأعشى
متقارب
حدَّادِها
2: 379
الأعشى
متقارب
مقتادِها
3: 30
الأعشى
متقارب
لإزهادِها
3: 337
الأعشى
متقارب
بأجسادها
3: 347
الأعشى
متقارب
إزبادِها
4: 430، 464
(الأعشى)
متقارب
قيَّادِها
5: 140
الأعشى
متقارب
وكنَّادها
(ر)
5: 353
امرؤ القيس
طويل
حصِرْ
4: 93/ 5: 202
البعيث
طويل
* عقَرْ
3: 409
الحطيئة
طويل
مطرْ
4: 79
(مهلهل)
طويل
اتَّأرْ
5: 128
(أبو الهندي)
طويل
سكَرْ
1: 95
(الهيثم بن حسان التغلبي)
طويل
بالنُّخَرْ
3: 344
طرفة
كامل
تعصرْ
1: 111
الحطيئة
مجزو الكامل
الأواصرْ
1: 354/ 5: 232
(الحطيئة)
مجزو الكامل
تامرْ
1: 141، 167
الكميت
مجزو الكامل
صاغرْ
1: 230
الكميت
مجزو الكامل
* ماضرْ
1: 222، 223/ 2: 411
(الكميت)
مجزو الكامل
بضائرْ
6: 90
(بشار(2))
__________
(1) أو عدي بن الرقاع، أو عدي بن وداع.
(2) أو ابن المولى.(6/160)
مجزو الكامل
نظيرْ
3: 245
امرؤ القيس
رمل
تشتكرْ
فهرس الأشعار
3: 439
امرؤ القيس
رمل
تدرْ
2: 188
حسان
رمل
الخصِرْ
1: 35
طرفة
رمل
المؤتبرْ
1: 84، 465/ 3: 245
طرفة
رمل
ينتقرْ
1: 109
طرفة
رمل
الأشرْ
1: 160/ 5: 391
طرفة
رمل
المسبكرّْ
1: 178
طرفة
رمل
المبرّْ
1: 312
طرفة
رمل
وعِرْ
2: 7
طرفة
رمل
بحرّْ
2: 26/ 3: 9
طرفة
رمل
الخصرْ
2: 160/ 4: 372
طرفة
رمل
خدرْ
2: 160
طرفة
رمل
* الخدِرْ
2: 179
طرفة
رمل
المدخِرْ
2: 297، 406
طرفة
رمل
تمرّْ
2: 393
طرفة
رمل
المسبكرّْ
3: 148، 318/ 4: 10
طرفة
رمل
بقرّْ
3: 203
طرفة
رمل
* كالشقِرْ
3: 466
طرفة
رمل
الظفرْ
4: 213
طرفة
رمل
الأزرْ
5: 55، 106
طرفة
رمل
قطرْ
5: 246
طرفة
رمل
غُمُرْ
6: 156
طرفة
رمل
الجُزُرْ
1: 42
عدي بن زيد
رمل
جأرْ
3: 240
عدي بن زيد
رمل
* الشبَرْ
1: 287
(مرار بن منقذ)
رمل
بكُرْ
1: 379
(مرار بن منقذ)
رمل
يثَّغِرْ
فهرس الأشعار
3: 218
(مرار بن منقذ)
رمل
* طمرْ
4: 63
(مرار بن منقذ)
رمل
يعتفرْ
4: 212
مرار بن منقذ
رمل
المحتفرْ
4: 212
(مرار بن منقذ)
رمل
العمرْ
4: 231
مرار بن منقذ
رمل
عجرْ
6: 155
(مرار بن منقذ)
رمل
والضُّمُرْ
4: 256
-
رمل
* الحُضرْ
5: 19
-
رمل
نزُرْ
1: 74
(ابن أحمر)
سريع
بكِرْ
1: 355
ابن أحمر
سريع
النذُرْ
2: 133
ابن أحمر
سريع
مدرّْ
2: 443
ابن أحمر
سريع
طمرّْ
2: 478
ابن أحمر
سريع
الأزرْ
3: 13
ابن أحمر
سريع
تشفتِرّْ
4: 141
ابن أحمر
سريع
المعتمرْ
4: 288
ابن أحمر
سريع
مضطمرْ
4: 338
ابن أحمر
سريع
وقرْ
2: 483/ 4: 344
ابن أحمر
سريع
معتصرْ
4: 473
ابن أحمر
سريع(6/161)
* ومرّْ
5: 114
ابن أحمر
سريع
يعرّْ
5: 261
ابن أحمر
سريع
ينصهرْ
6: 11
ابن أحمر
سريع
المعتمرْ
5: 184
-
سريع
* الحمرْ
1: 68
عدي بن زيد
منسرح
غدُرْ
3: 361
(الأشعر الرقبان)
متقارب
مضرْ
5: 323
(الأشعر الرقبان)
متقارب
مرْ
1: 208
(امرؤ القيس)
متقارب
[أُخُرْ]
1: 208/ 4: 376
(امرؤ القيس)
متقارب
الشفُرْ
فهرس الأشعار
1: 411
(امرؤ القيس)
متقارب
* المجرّْ
1: 428
(امرؤ القيس)
متقارب
مُضرّْ
2: 251
(امرؤ القيس)
متقارب
* المنفطرْ
2: 264
امرؤ القيس
متقارب
الغدرْ
2: 280
امرؤ القيس
متقارب
أفرّْ
2: 484
امرؤ القيس
متقارب
مُقتفرْ
2: 500
امرؤ القيس
متقارب
خصِرْ
3: 73
امرؤ القيس
متقارب
* منتشرْ
3: 151
(امرؤ القيس)
متقارب
أجرّْ
4: 429
(امرؤ القيس)
متقارب
النعرْ
4: 499
امرؤ القيس
متقارب
دبرْ
5: 7
امرؤ القيس
متقارب
قَرّْ
5: 295
امرؤ القيس
متقارب
النمرْ
5: 317
(امرؤ القيس)
متقارب
منحدرْ
5: 416
(امرؤ القيس)
متقارب
البهرْ
1: 183
(أوس بن حجر)
متقارب
منكسرْ
1: 84
أبو ذؤيب
متقارب
(والحضرْ)
2: 216
أبو ذؤيب
متقارب
الخَمَرْ
5: 362
أبو ذؤيب
متقارب
نهرْ
2: 66/ 4: 124
(النمر بن تولب)
متقارب
صَفِرْ
1: 51
-
متقارب
* جَبَرْ
3: 135
-
متقارب
* المنسجرْ
1: 114
(ذو الرمة)
طويل
صدْرا
3: 376
ذو الرمة
طويل
عقرا
4: 38
ذو الرمة
طويل
عذرا
5: 38
ذو الرمة
طويل
قدرا
فهرس الأشعار
1: 289
(الفرزدق، أو ذو الرمة)
طويل
بِكرا
1: 216
(كثير عزة)
طويل
والغمرا
1: 308
(ابن ميادة)
طويل
بَهْرا
2: 12
-
طويل
صبرا
4: 74
-
طويل
سحرا
5: 422
-
طويل
ظَهْرا
1: 92
ابن أحمر
طويل
حبوكرا
3: 44(6/162)
ابن أحمر
طويل
* بزوبرا
4: 253
ابن أحمر
طويل
وتحدرا
4: 427
ابن أحمر
طويل
* مغضرا
5: 288
ابن أحمر
طويل
أخضرا
1: 53
امرؤ القيس
طويل
لأثَّرا
1: 280
امرؤ القيس
طويل
بيقرا
1: 499
امرؤ القيس
طويل
تحيَّرا
2: 165
امرؤ القيس
طويل
أعسرا
2: 318
(امرؤ القيس)
طويل
* جرجرا
2: 397
امرؤ القيس
طويل
(تختَّرا)
3: 180
امرؤ القيس
طويل
أمعرا
3: 323
(امرؤ القيس)
طويل
* وهجَّرا
5: 156
(امرؤ القيس)
طويل
* المقتَّرا
4: 441
(جساس بن نشبة)
طويل
يعفِّرا
2: 197
(أبو زبيد الطائي)
طويل
أحمرا
1: 234/ 5: 323
(الشماخ)
طويل
الموتَّرا
3: 281
الشماخ
طويل
تغيَّرا
4: 266
الشماخ
طويل
بشمَّرا
6: 35
(الشماخ)
طويل
وأهجرا
فهرس الأشعار
4: 31
الفرزدق
طويل
كقيصرا
2: 74
الكميت
طويل
أبصرا
2: 401
الكميت
طويل
غَرغَرا
5: 49
(الكميت)
طويل
وأقترا
5: 161
(الكميت)
طويل
كوثرا
2: 29
(المخبل السعدي)
طويل
المزعفرا
5: 35
(المخبل السعدي)
طويل
وأقهرا
3: 382
(النابغة الجعدي)
طويل
* وتجأرا
2: 199
-
طويل
* صرصرا
4: 63
-
طويل
أعفرا
4: 200
-
طويل
* مشمِّرا
4: 256
-
طويل
عذوَّرا
4: 382
-
طويل
وغرغرا
1: 179
طرفة
طويل
البرابرا
1: 35
النابغة
طويل
المآبرا
5: 450
(النابغة)
طويل
سائرا
5: 451
(النابغة)
طويل
(عامرا)
2: 433
-
طويل
ثائرا
4: 345
-
طويل
المعاصرا
1: 93/ 5: 97
عدي بن زيد
مديد
تقصارا
2: 358/ 4: 252
عدي بن زيد
مديد
مذكارا
4: 407
(عدي بن زيد)
مديد
الغارا
2: 383
(أبو ذؤيب الهذلي)
بسيط
غُدُرا
4: 405
(عذري)
بسيط
الغيَرا
4: 18
أبو وجزة
بسيط
والوطرا
3: 101
(ابن أحمر)
وافر
السمارا(6/163)
فهرس الأشعار
3: 75
(جرير)
وافر
الديار
3: 190
ذو الرمة
وافر
والجرارا
5: 278
ذو الرمة
وافر
القطارا
3: 371
(الراعي)
وافر
ابتكارا
4: 191
الراعي
وافر
والغرارا
1: 73
-
مجزو الوافر
حذَرا
4: 202
(جابر بن حريش)
كامل
بربرا
4: 381
جرير
كامل
لطارا
6 : 7
(الحارث بن الخزرج الخفاجي)
كامل
ضبَّارا
4: 316
النمر بن تولب
كامل
صرارا
1: 297
(بشر بن أبي خازم)
كامل
بعيرا
3: 361
جرير
كامل
وضريرا
3: 186
-
كامل
* حصيرا
1: 155
عمرو بن ملقط
مجزو الكامل
صُبارَه
1: 156
الأعشى
مجزو الكامل
زَرارَه
1: 212/ 4: 13
الأعشى
مجزو الكامل
الجزارَه
1: 251
الأعشى
مجزو الكامل
والبشارَه
1: 501
(الأعشى)
مجزو الكامل
الجبارَه
3: 330
الأعشى
مجزو الكامل
صُبارَه
4: 65
الأعشى
مجزو الكامل
جارَه
4: 342
(الأعشى)
مجزو الكامل
عصارَه
5: 280
الأعشى
مجزو الكامل
الحرارَه
1: 388، 420/ 3: 51
(عدي بن زيد)
خفيف
نزورا
1: 411
(الكميت)
خفيف
جرجورا
2: 4
الكميت
خفيف
تمصيرا
3: 443/ 6: 52
الكميت
خفيف
الطحيرا
فهرس الأشعار
4: 36
الكميت
خفيف
مذعورا
4: 68
الكميت
خفيف
عفيرا
4: 421
الكميت
خفيف
(الفجورا)
2: 134
-
خفيف
محتورا
6: 151
-
خفيف
والمعمورا
1: 42
الأعشى
متقارب
وصارا
1: 107
الأعشى
متقارب
الحمارا
1: 111
الأعشى
متقارب
الإصارا
1: 240
الأعشى
متقارب
* جارا
2: 405/ 3: 328
الأعشى
متقارب
ثارا
4: 64
الأعشى
متقارب
عفارا
4: 129
(الأعشى)
متقارب
احمرارا
4: 141
الأعشى
متقارب
عمارا
5: 403
الأعشى
متقارب
عارا
3: 295/ 4: 296
أبو دواد
متقارب
الصفارا
1: 309
الكميت
متقارب
ابتيارا
4: 116
(الكميت)
متقارب
غرارا(6/164)
1: 60
الأعشى
متقارب
* الهجيرا
1: 427
الأعشى
متقارب
(غيورا)
1: 467
الأعشى
متقارب
النسورا
2: 377/ 4: 210
الأعشى
متقارب
العبيرا
3: 69
الأعشى
متقارب
السرورا
3: 69
الأعشى
متقارب
* السريرا
3: 208
الأعشى
متقارب
الشكورا
5: 126
(الأعشى)
متقارب
الكريرا
6: 42
(الأعشى)
متقارب
الأميرا
فهرس الأشعار
6: 108
الأعشى
متقارب
ذكورا
6: 129
الأعشى
متقارب
ضريرا
2: 363
أوس بن حجر
متقارب
الغابرَه
3: 89
أوس بن حجر
متقارب
ساكرَه
5: 165
(مهلهل)
متقارب
الظاهرَه
4: 218
(البريق الهذلي)
طويل
العِتْرُ
6: 156
(البريق الهذلي)
طويل
* اليعرُ
1: 203 /4: 258/ *5: 292
ذو الرمة
طويل
والبحرُ
6: 49
(ذو الرمة)
طويل
نزرُ
3: 393
زيد الخيل
طويل
عمرو
2: 437/ 3: 265/ 6: 130
(أبو صخر الهذلي)
طويل
وفرُ
1: 471/ 2: 7
(الفرزدق)
طويل
الصفرُ
3: 408
-
طويل
السحرُ
6: 35
-
طويل
* هجْرُ
4: 342
أوس بن حجر
طويل
* يعصِرُ
4: 56، 210
بشر بن أبي خازم
طويل
* معبرَ
5: 19
(بشر بن أبي خازم)
طويل
مئزرُ
5: 20
بشر بن أبي خازم
طويل
جعفرُ
4: 181
ذو الرمة
طويل
تذعرُ
1: 369/ 4: 267
ذو الرمة
طويل
المذكَّرُ
3: 258
(العجير، أو عمرو بن الإطنابة)
طويل
المطيَّرُ
1: 69
عمر بن أبي ربيعة
طويل
أوعَرُ
4: 197
عمر بن أبي ربيعة
طويل
أكدرُ
3: 26
الفرزدق
طويل
يسكرُ(1)
1: 293
-
طويل
يصبرُ
فهرس الأشعار
4: 286
-
طويل
وتبشرُ
4: 208
(الحارث بن وعلة)
طويل
عابرُ
4: 92
(دريد بن الصمَّة، أو معقر)
طويل
عاقرُ
1: 206
ذو الرمة
طويل
المقادرُ
1: 467
(ذو الرمة)
طويل
جافرُ
2: 235
ذو الرمة
طويل
جازرُ
3: 181
__________
(1) صواب روايته: "مسكرا".(6/165)
(ذو الرمة)
طويل
* الشراشرُ
4: 476
(الراعي)
طويل
المفاجرُ
1: 195
(أبو الربيس الثعلبي)
طويل
* أباترُ
3: 112
(زيد الخيل)
طويل
* (خوازرُ)
2: 57
(الشنفرى)
طويل
* صوادرُ
1: 209
كثير
طويل
البوادرُ
4: 475
لبيد
طويل
فاجرُ
6: 18
(أبو مالك بن نويرة)
طويل
(ظاهرُ)
4: 335
(معقر بن حمار)
طويل
المسافرُ
4: 483
(وعلة الجرمي)
طويل
الدوابرُ
1: 266
-
طويل
تماضرُ
2: 124
-
طويل
* عامرُ
2: 465
-
طويل
نادرُ
3: 315
-
طويل
صاهرُ
3: 426
-
طويل
ناظرُ
4: 153
-
طويل
الجرائرُ
5: 16
-
طويل
الأباعرُ
5: 321
-
طويل
عامرُ
5: 127
(كثير)
طويل
وكرارُ
2: 255
-
طويل
وغرارُ
فهرس الأشعار
1: 269
(الأحيمر السعدي)
طويل
بعيرُ
4: 12
الأخطل
طويل
هديرُ
5: 147
(الأعور النبهاني)
طويل
عقيرُ
3: 261
جرير
طويل
مهورُ
1: 197
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
تغيرُ
4: 119
العجير
طويل
كثيرُ
5: 377
(نهشل بن حري)
طويل
أمورُ
2: 355
-
طويل
ذعورُ
2: 441
-
طويل
ودُرورُ
4: 154
-
طويل
يجورُ
1: 106
الحطيئة
طويل
زاهرُه
2: 343
الحطيئة
طويل
(تهاجرُه)
3: 360
عبد الله بن الدمينة
طويل
معاذرُه
2: 27
-
طويل
يساورُه(1)
4: 61
-
طويل
جازرُه
3: 368
(حاجب بن دينار)
طويل
انكسارُها
1: 42/ 5: 423
أبو ذؤيب
طويل
واقترارُها
2: 78
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
* وحضارُها
3: 472
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
عارُها
4: 127
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
إزارُها
4: 401
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
غيارُها
4: 408
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
غارُها
1: 22
(شريك بن حيان العنبري)
طويل
حمارُها
1: 93
-
طويل
عارُها
4: 15/ 5: 40
__________
(1) صواب الرواية: "يثاور".(6/166)
(توبة بن الحمير)
طويل
بصيرُها
3: 418
الحطيئة
طويل
وزفيرُها
2: 232
(خالد بن زهير) الهذلي
طويل
تستخيرُها
فهرس الأشعار
3: 61، 121
(خالد بن زهير) الهذلي(1)
طويل
يسيرُها
1: 38
ذو الرمة
طويل
ظهورُها
4: 149/ 6: 35
(ذو الرمة)
طويل
وهجيرُها
1: 204
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
يثيرُها
2: 94
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
أطورُها
4: 33
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
* عرورُها
4: 157
ساعدة بن جؤية
طويل
سعيرُها
4: 313
(الشماخ)
طويل
* يشورُها
1: 317/ (4: 498)
(مالك بن زغبة الباهلي)
طويل
تبورُها
4: 57
(مضرس الأسدي)
طويل
* يستعيرُها
3: 69
-
طويل
سريرُها
4: 74
-
طويل
خبيرُها
4: 243
-
طويل
صغيرُها
3: 60
-
مديد
القمرُ
4: 58
(الأخطل)
بسيط
أثرُ
4: 217
الأخطل
بسيط
الصيرُ
1: 88
(أعشى باهلة)
بسيط
الصفَرُ
3: 15/ 5: 545
(أعشى باهلة)
بسيط
الزفرُ
4: 117/ 5: 247
أعشى باهلة
بسيط
سخَرُ
4: 394، 450
(أعشى باهلة)
بسيط
الغمرُ
1: 395/ 4: 70
(أنس بن مدرك)
بسيط
البقرُ
3: 30
تميم بن مقبل
بسيط
الكبرُ
5: 62
(جرير)
بسيط
القدرُ
4: 303
(شبيب بن البرصاء)
بسيط
الأزرُ
1: 55
(الشماخ)
بسيط
الإثَرُ
فهرس الأشعار
1: 397
لبيد
بسيط
أتئِرُ
2: 419
(لبيد)
بسيط
مغتمر
3: 464
(لبيد)
بسيط
الظُّرَرُ
1: 56
-
بسيط
الأثرُ
1: 129
-
بسيط
وزَرُ
2: 85
-
بسيط
الحفَرُ
2: 203
-
بسيط
* والخفرُ
2: 215
-
بسيط
الخمَرُ
4: 65
-
بسيط
العفرُ
4: 106
-
بسيط
* والعكرُ
3: 290
الخنساء
بسيط
وإكبارُ
4: 109
الخنساء
بسيط
نارُ
4: 239
الخنساء
بسيط
أظآرُ
1: 108/ 2: 42
أوس بن حجر
بسيط
مئشير
1: 246
أوس بن حجر
__________
(1) أو خالد ابن أخت أبي ذؤيب.(6/167)
بسيط
* بيازيرُ
4: 382
أوس بن حجر
بسيط
فصنبورُ
1: 452
-
بسيط
* الدنانيرُ
4: 343
-
بسيط
الأعاصيرُ
4: 368
-
بسيط
العباسيرُ
1: 282
(مخيس بن أرطاة الأعرجي)
وافر
شرُّ
2: 81
(البختري الجعدي)
وافر
* يغارُ
1: 113
بشر بن أبي خازم
وافر
إطارُ
1: 156
(بشر بن أبي خازم)
وافر
فالأُوارُ
1: 229
بشر بن أبي خازم
وافر
الفرارُ
1: 282
بشر بن أبي خازم
وافر
فغاروا
3: 372
بشر بن أبي خازم
وافر
الحمارُ
فهرس الأشعار
5: 94
(بشر بن أبي خازم)
وافر
السرارُ
5: 149
بشر بن أبي خازم
وافر
مستعارُ
1: 309
تميم بن مقبل
وافر
ابتهارُ
4: 317
زهير
وافر
معارُ
3: 203
(عامر بن كثير المحاربي)
وافر
مُتارُ
3: 320
-
وافر
الصوارُ
6: 158
-
وافر
المدارُ
2: 158
(الأخطل)
وافر
فخورُ
2: 416
طرفة
وافر
تدورُ
3: 409
(العباس بن مرداس)
وافر
الطريرُ
5: 319
(العباس بن مرداس)
وافر
مزيرُ
5: 419
(العباس بن مرداس)
وافر
تزورُ
2: 353
(عبيد الله بن عبد الله)
وافر
الفطورُ
1: 57
-
وافر
أشيرُ
2: 311
-
وافر
تدورُ(1)
3: 253
-
وافر
شخيرُ
1: 81
ابن أحمر
كامل
نقْرُ
1: 270
ابن أحمر
كامل
أمْرُ
1: 300
ابن أحمر
كامل
الكسرُ
2: 207
ابن أحمر
كامل
قفرُ
2: 212
ابن أحمر
كامل
والدهرُ
1: 458
(تميم بن مقبل)
كامل
* جسْرُ
4: 231
عنترة
كامل
عجْرُ
4: 74
-
كامل
القطرُ
1: 139
حميد بن ثور
كامل
يخطرُ
فهرس الأشعار
4: 95
حميد بن ثور
كامل
الممطرُ
4: 301
-
كامل
المنبرُ
5: 90
-
كامل
الحنجرُ
3: 132
جرير
كامل
الإستارُ
3: 283
جرير
كامل
صرارُ
2: 267
(حبيب بن خدرة)
كامل
__________
(1) برواية "تعود" في الحماسة 1: 161 مع نسبته إلى عنترة.(6/168)
* وطاروا
2: 159
(عمارة)
كامل
الإخدارُ
4: 381
(الفرزدق)
كامل
غرارُ
2: 490
(مسلم بن الوليد)
كامل
الأمصارُ
1: 317
(أبو مكعت الأسدي)
كامل
بوارُ
1: 192
-
كامل
قِصارُ
1: 161
(جرير)
كامل
جريرُ
4: 319
جرير
كامل
ميسورُ
4: 50
-
كامل
أسيرُ
3: 420
(الأفوه الأودي)
رمل
وجبارُ
4: 93
-
سريع
عاقرُ
(1: 26)/ 4: 486
أبو دواد
خفيف
النهارُ
1: 316
عبد الله بن الزبعري
خفيف
بورُ
1: 75
عدي بن زيد
خفيف
وزميرُ
2: 77
عدي بن زيد
خفيف
والخابورُ
4: 20
طحلاء
متقارب
* مجهرُ
4: 179
-
متقارب
أظهرُ
1: 368
الأخطل
طويل
البكرِ
2: 186
الأخطل
طويل
* وبالتمرِ
2: 272
الأخطل
طويل
يدري
5: 385
(الأخطل)
طويل
لا ندري
2: 328
(امرؤ القيس)
طويل
* الدثرِ
1: 374
جرير
طويل
مُثرِي
فهرس الأشعار
3: 106
تميم بن مقبل
طويل
* صفْرِ
1: 142/ 3: 366
/ 4: 393
(الحارث بن وعلة(1))
طويل
الغُمرِ
2: 102
(خداش بن زُهير)
طويل
* الحمرِ
2: 139
(ذو الرمة)
طويل
حجْرِ
2: 28/ 3: 184/ 4: 137
(طرفة)
طويل
قفرِ
1: 220
العباس بن مرداس
طويل
القدرِ
2: 466
(عمير بن حباب، أو سويد الأنصاري)
طويل
يبري
1: 488
(القطامي)
طويل
* الجهرِ
1: 494
القطامي
طويل
قترِ
1: 53
-
طويل
* الظهرِ
1: 70/ 2: 225
-
طويل
يثرِي
2: 39
-
طويل
جمرِ
2: 234
-
طويل
عذرِ
2: 311
-
طويل
تجرِي
3: 387
-
طويل
الفجرِ
4: 89
-
طويل
الخمرِ
4: 326
-
طويل
كسرِ
5: 469
(ذؤيب بن زنيم)
طويل
* بمنقرِ
2: 171
عتيبة بن مرداس
طويل
المخصَّرِ
5: 271
(عروة بن الورد)
طويل
مجزرِ
5: 413
(عروة بن الورد)
__________
(1) أو ابن الذئبة، أو عامر بن مجنون، أو كنانة بن عبد ياليل.(6/169)
طويل
مخطرِ
3: 138
(لبيد)
طويل
المسحَّرِ
5: 326
(المرار الفقعسي)
طويل
تمشّرِ
فهرس الأشعار
1: 95
-
طويل
مجذَّرِ
1: 293
-
طويل
مقبَرِ
5: 277
(حسان بن ثابت)
طويل
المقادرِ
1: 261/*3: 472
(ذكوان مولى مالك الدار)
طويل
الظواهرِ
1: 128
(ذو الرمة(1))
طويل
طائرِ
1: 293
(ذو الرمة)
طويل
الهواجرِ
1: 428
(ذو الرمة)
طويل
*المقادرِ
4: 99
(ذو الرمة)
طويل
المآزرِ
4: 309
(الراعي)
طويل
لعامرِ
5: 435
(الراعي)
طويل
عامرِ
2: 159
(سلمة بن الخرشب)
طويل
ماطِرِ
3: 134
الشماخ
طويل
* وساجرِ
2: 217
الشنفرى
طويل
عامرِ
2: 177
(عوف بن أيوب الأنصاري)
طويل
بالكراكرِ
4: 37
النابغة
طويل
العراعرِ
5: 68
(النابغة)
طويل
قراقرِ
1: 348
-
طويل
طائرِ
1: 476
-
طويل
زاجرِ
2: 188
-
طويل
* بالمخاصرِ
4: 320
-
طويل
* العواسرِ
4: 444
-
طويل
مفاقرِي
6: 40
-
طويل
متقاصرِ
1: 56
-
طويل
جوارِ
1: 305
(ابن أحمر)
طويل
جَميرِ
1: 302
امرؤ القيس
مديد
* وترِه
فهرس الأشعار
4: 94
(امرؤ القيس)
مديد
عقرِه
5: 480
(امرؤ القيس)
مديد
نقرِه
6: 68
امرؤ القيس
مديد
قصرِه
1: 91
تميم بن مقبل
بسيط
الخطرِ
1: 90
تميم بن مقبل
بسيط
اليَسَرِ
1: 351
(تميم بن مقبل)
بسيط
أثَرِ
2: 283
تميم بن مقبل
بسيط
دعرِ
3: 469
(تميم بن مقبل)
بسيط
للجزرِ
4: 103
تميم بن مقبل
بسيط
* بالأزرِ
5: 24
(تميم بن مقبل)
بسيط
وطرِي
5: 243
(تميم بن مقبل)
بسيط
بالحجرِ
6: 22
(تميم بن مقبل)
بسيط
(بالسحرِ)
2: 442
جرير
بسيط
الذكرِ
1: 92
-
بسيط
العسرِ
1: 126
الأخطل
بسيط
* أكَّارِ
1: 200
(الأخطل)
بسيط
* الضارِي
__________
(1) انظر ديوانه ص294.(6/170)
1: 288
الأخطل
بسيط
* مبكارِ
2: 33
(الأخطل)
بسيط
أنصاري
2: 410
(الأخطل)
بسيط
* الدارِ
2: 73/ 3: 115
الأخطل
بسيط
بسوّارِ
3: 126
(الأخطل)
بسيط
أوتارِ
3: 346
(تميم بن مقبل)
بسيط
* صارِ
1: 175
جرير
بسيط
الدارِ
1: 221
الخنساء
بسيط
والجارِ
2: 408
الخنساء
بسيط
أطماري
4: 292
الخنساء
بسيط
أطهارِ
فهرس الأشعار
5: 158
(سالم بن دارة)
بسيط
بأسيارِ
1: 361
(الكميت)
بسيط
إتآرِي
1: 25
النابغة
بسيط
صبَّارِ
1: 121
النابغة
بسيط
أصفارِ
1: 304
النابغة(1)
بسيط
أحذارِ
4: 191
النابغة
بسيط
النار
5: 96
(النابغة)
بسيط
إقصارِ
2: 173/ 3: 313
-
بسيط
والجارِ
3: 66
-
بسيط
زوَّارِ
3: 120
-
بسيط
* الضارِي
4: 336
حسان
بسيط
وتذكيرِ
2: 347
أبو زبيد
بسيط
اليعاميرِ
2: 117
(سبيع بن الخطيم)
بسيط
* حورِ
3: 49
الفرزدق
بسيط
* محاسيرِ
2: 139
-
بسيط
بحاجورِ
1: 56
(خفاف بن ندبة)
وافر
بأثرِ
1: 174
(خفاف بن ندبة)
وافر
بسترِ
2: 474
(خفاف بن ندبة)
وافر
(سمْرِ)
4: 274
دريد بن الصمة
وافر
مجرِ
5: 438
(الراعي)
وافر
شهرِ
3: 66
(العرجي)
وافر
ثغرِ
1: 399
(الكميت)
وافر
وتْرِ
2: 313
-
وافر
شهرِ
3: 330
الأعشى
وافر
* الصبارِ
2: 275
(عمران بن حطان)
وافر
* الظئارِ
فهرس الأشعار
5: 268
(عمران بن حطان)
وافر
بدارِ
1: 147
-
وافر
* وافتخاري
1: 159
-
وافر
جُبارِ
2: 311
-
وافر
* الدُّوارِ
3: 436
-
وافر
* مطارِ
2: 13
(أبو جندب الهذلي)
وافر
بالغرورِ
1: 54
عروة بن الورد
وافر
أثيرِ
3: 76
عروة بن الورد
وافر
* اليستعورِ
5: 423
عروة بن الورد
وافر
وزورِ
__________
(1) الصواب أنه لبدر بن حوار الفزاري.(6/171)
2: 361
(مهلهل)
وافر
القصيرِ
4: 155
مهلهل
وافر
مديرِ
5: 64
-
وافر
النسورِ
5: 220
(ابن أحمر)
كامل
القطرِ
3: 154
(حسان بن ثابت)
كامل
* تسري
2: 214/ 4: 497
زهير
كامل
يفرِي
1: 475
المسيب
كامل
البحرِ
4: 470
(المسيب، أو الأعشى)
كامل
(الهجرِ)
5: 432
(المسيب بن علس)
كامل
يدري
4: 385
-
كامل
الغفرِ
1: 266/ 5: 98/ 6: 133
ابن أحمر(1)
كامل
للمتنوّرِ
1: 46
(أبو كبير الهذلي)
كامل
كالإذخرِ
1: 234/ 2: 44
أبو كبير الهذلي
كامل
* الأعفرِ
6: 59
(أبو كبير الهذلي)
كامل
* واهكَرِ
1: 365
-
كامل
* تقبَرِ
2: 61
-
كامل
المحسرِ
فهرس الأشعار
3: 288
-
كامل
للمكثرِ
5: 432
-
كامل
* الأقبرِ
2: 487/ 5: 191
(ثعلبة بن صعير)
كامل
كافرِ
*3: 87/ 4: 60
(ثعلبة بن صعير)
كامل
نافرِ
3: 183
جرير
كامل
[الشاصرِ]
3: 27
(الأخطل)
كامل
الأحفارِ
4: 398
(جرير)
كامل
العيارِ
6: 128
(جرير)
كامل
للإيغارِ
4: 245
(الربيع بن زياد)
كامل
والأمهارِ
5: 37
(الربيع بن زياد)
كامل
الأطهارِ
4: 325
الفرزدق
كامل
عشارِي
1: 96
(أبو مكعت الأسدي)
كامل
بسمَارِ
1: 178
النابغة
كامل
فجارِ
1: 280/ 3: 110
النابغة
كامل
البقَّارِ
1: 416
النابغة
كامل
*الأمرارِ
2: 6/ 3: 213
(النابغة)
كامل
المغيارِ
4: 36
النابغة
كامل
عرعارِ
5: 387
(النابغة)
كامل
مذكارِ
1: 179
-
كامل
*بربارِ
3: 307
-
كامل
الأشجارِ
2: 285/ 4: 256/ 5: 151، 358
جرير
كامل
المعذورِ
3: 456
-
كامل
زنبورِ
5: 296
امرؤ القيس
كامل
يسرِه
1: 213
(النمر بن تولب)
كامل
بأوارِها
1: 417/ 2: 437
(النمر بن تولب)
كامل
أبكارِها
3: 329
-
كامل
__________
(1) أو ابن مقبل، أو الهذلي.(6/172)
*أصبارِها
فهرس الأشعار
5: 226
(المنخل اليشكري)
مجزوء الكامل
للمغيرِ
1: 150
-
هزج
العُفْرِ
2: 239
عبيد
رمل
*الخبارِ
1: 76/ 3: 226
عدي بن زيد
رمل
مشارِ
1: 133
عدي بن زيد
رمل
وانتظاري
2: 92
عدي بن زيد
رمل
بإزارِ
3: 264/ 4: 383
عدي بن زيد
رمل
اعتصاري
1: 124
الأعشى
سريع
حاضرِ
1: 159
الأعشى
سريع
(الجائرِ)
1: 407/ 3: 463
الأعشى
سريع
الماطرِ
1: 434
(الأعشى)
سريع
الطائرِ
3: 69
الأعشى
سريع
ضائري
3: 125
الأعشى
سريع
الفاخرِ
3: 172
الأعشى
سريع
الهادرِ
3: 178
(الأعشى)
سريع
جابرِ
4: 329
الأعشى
سريع
والحاسرِ
4: 358
الأعشى
سريع
الظاهرِ(1)
4: 370
الأعشى
سريع
داعرِ
5: 47
الأعشى
سريع
قابرِ
5: 78
(الأعشى)
سريع
والعاصرِ
5: 161
الأعشى
سريع
الكاثرِ
5: 228
الأعشى
سريع
الطاهرِ(2)
5: 430
الأعشى
سريع
الناشرِ
فهرس الأشعار
4: 171
-
سريع
العاهرِ
2: 167
(عمرو بن قميئة)
خفيف
بكرِ
4: 346
-
خفيف
* ضهرِ
3: 40، 114
-
خفيف
زِيرِ
5: 318
(عمرو بن قميئة)
متقارب
خنصِر
1: 73
-
متقارب
حاسرِ
4: 134
-
متقارب
الفخارِ
3: 133
حميد بن ثور
متقارب
[لأحبارِها]
(ز)
1: 174
(عمرو بن عبد ود)
مجزو الكامل
مبارزْ
6: 66
-
بسيط
اللُّمزَه
1: 343
(الشماخ)
طويل
* تارزُ
1: 441/ 2: 414
الشماخ
طويل
* جارزُ
2: 8، 104
الشماخ
طويل
حامزُ
2: 365
(الشماخ)
طويل
حاجزُ
2: 445
الشماخ
طويل
الجنائزُ
4: 19
الشماخ
طويل
الأماعزُ
4: 123
(الشماخ)
طويل
النواشزُ
4: 187
الشماخ
طويل
المعاوزُ
4: 261
الشماخ
طويل
معارزُ
4: 327
الشماخ
طويل
* العشاوزُ
5: 169
__________
(1) انظر: (الطاهر).
(2) انظر: (الظاهر).(6/173)
(الشماخ)
طويل
كارزُ
2: 136
(المتنخل) الهذلي
بسيط
مكنوزُ
(س)
2: 9
الأفوه الأودي
سريع
*حسيسْ
2: 316
(الأفوه الأودي)
سريع
السدوسْ
فهرس الأشعار
1: 398
-
طويل
*نِكسا
1: 153
(امرؤ القيس)
طويل
فأنكسا
4: 44
امرؤ القيس
طويل
أخرسا
5: 40
امرؤ القيس
طويل
وقوَّسا
5: 230
(امرؤ القيس)
طويل
وملبسا
1: 314
(العباس بن مرداس)
طويل
المعاطسا
5: 410
(الكميت)
طويل
النوادسا
2: 145
الكميت
طويل
حلابسا
2: 33
معديكرب
طويل
*حادسا
1: 240
-
طويل
*غارسا
5: 41
-
طويل
قائسا
2: 5
(يزيد بن خذاق)
طويل
غموسا
4: 395
(يزيد بن خذاق؟)
طويل
غموسا
6: 46
-
وافر
هموسا
2: 9
-
كامل
الحسحاسا
5: 271
(ذو الإصبع العدواني)
مجزو الكامل
مسوسا
1: 150، 156
النابغة الجعدي
متقارب
المستآسا
3: 376
(النابغة الجعدي)
متقارب
التباسا
3: 440/ 6: 46
النابغة الجعدي
متقارب
*الهراسا
5: 230
النابغة الجعدي
متقارب
لباسا
1: 36
المتلمس
طويل
*يتأبَّسُ
1: 164
المتلمس
طويل
*يتأيَّس
4: 280
المتلمس
طويل
المتلمسُ
5: 350
(المتلمس)
طويل
* أملسُ
4: 165، 235
-
طويل
عرَّسوا
5: 394
-
طويل
*المنجِّسُ
فهرس الأشعار
4: 156
(ذو الرمة)
طويل
العوانسُ
4: 165
ذو الرمة
طويل
متكاوسُ
4: 324
ذو الرمة
طويل
خامسُ
5: 190
ذو الرمة
طويل
(لامسُ)
5: 165
(أبو ذؤيب)
طويل
*الكوادسُ
2: 254
(القطامي)
طويل
*خنابسُ
4: 262
(الأسود بن يعفر)
بسيط
العرسُ
2: 62
-
بسيط
لبّاسُ
1: 315
المتلمس
بسيط
قابوس
3: 239
(المتلمس)
بسيط
شوسُ
2: 59
(أبو زبيد الطائي)
وافر
شوسُ
2: 240
(أبو زبيد الطائي)
وافر
خبوسُ
2: 338
(أبو زبيد الطائي)
وافر
هموسُ(6/174)
2: 466
(أبو زبيد الطائي)
وافر
*يريسُ
4: 216
(أبو زبيد الطائي)
وافر
عروسُ
2: 266
-
وافر
عيطموسُ
5: 48
-
وافر
*قبيسُ
2: 263
(أبو قلابة) الهذلي
كامل
* تقلس
2: 118
(المتلمس)
كامل
(تدرسُ)
4: 226
المتلمس
كامل
*ويوبسُ
4: 262
-
كامل
المعرس
4: 42
-
مسدس الرجز
مقتبسُ
1: 416
(أوس بن حجر)
طويل
*والحبِس
4: 39
-
طويل
نفسِي
4: 44
(الزبرقان)
طويل
معسعسِ
3: 395
-
طويل
واضرس
فهرس الأشعار
1: 504
(مفروق بن عمرو)
طويل
بيائِس
4: 293
-
طويل
ملادِس
5: 210
-
طويل
*لامسِ
6: 118
-
طويل
القوامسِ
1: 91
المتلمس
بسيط
المرَسِ
3: 411
الحطيئة
بسيط
الكاسي
4: 260
-
بسيط
درواسِ
3: 402
جرير
بسيط
الضغابيسِ
4: 263
جرير
بسيط
*وعرّيسي
5: 41
جرير
بسيط
القُوسِ
5: 40
-
بسيط
بالمقاييسِ
1: 389
-
وافر
بورْسِ
4: 81
-
وافر
عرسِي
2: 104
-
وافر
*الرئيسِ
6: 148
حميد بن ثور
كامل
*والوهسِ
1: 474
(عبد الله بن الزبير أو مروان بن الحكم)
كامل
فاجلسِ
4: 143
المرار
كامل
يعمسِ
4: 367
-
كامل
*عرمسِ
2: 404/ 4: 384
(طرفة)
كامل
للفرسِ
2: 132/ *3: 95
(عبد الله بن سليم الغامدي)
كامل
وساوسِ
2: 218
عبيد
كامل
مخموسِ
1: 473
-
سريع
*المجلسِ
5: 70
أبو زبيد
منسرح
فَرَسِ
5: 32
(طرفة)
منسرح
الفرسِ
فهرس الأشعار
(ش)
5: 71
(المشمرخ الحميري)
خفيف
قريشا
2: 219
(الفضل بن العباس)
خفيف
خموشا
(ص)
1: 183
أبو دواد
مجزو الكامل
بصابص
1: 15
عدي بن زيد
سريع
أصيص
2: 219
الأعشى
طويل
خمائصا
2: 219/ 5: 439
الأعشى
طويل
الدلامصا
2: 233
الأعشى
طويل
خائصا
2: 449
الأعشى
طويل
الرواهصا
2: 450(6/175)
(الأعشى)
طويل
مراهصا
4: 280
الأعشى
طويل
وفصافصا
5: 26
الأعشى
طويل
ناشصا
5: 95
الأعشى
طويل
قانصا
5: 207
الأعشى
طويل
فالنواعصا
5: 461
-
بسيط
*نفصا
4: 47
ذو الرمة
طويل
العصاعصُ
3: 227/ 5: 285
امرؤ القيس
طويل
وتموصُ
4: 464
امرؤ القيس
طويل
*يفيص
5: 402
امرؤ القيس
طويل
نحوصُ
1: 219
-
وافر
*بريص
2: 478/ 5: 236
-
بسيط
القراميصِ
2: 421
الفرزدق
وافر
القميصِ
1: 344
-
وافر
*التريصِ
1: 326/ 2: 124/ 5: 337
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
كامل
لحاصِ
فهرس الأشعار
4: 48
مرار العقيلي
كامل
قصصِه
(ض)
2: 448
-
طويل
عرْضا
2: 153
-
طويل
خضاضُ
1: 247
(العديل بن الفرخ)
طويل
عريضُ
2: 496
(العديل بن الفرخ)
طويل
رحيضُ
5: 301
-
بسيط
إمحاضُ
4: 489
(الحكم بن عبدل)
طويل
فرضِ
2: 482
(أبو خراش الهذلي)
طويل
والخفضِ
2: 25
طرفة
طويل
بعضِ
1: 80
امرؤ القيس
طويل
عريضِ
1: 443
(امرؤ القيس)
طويل
الجريضِ
2: 13
(امرؤ القيس)
طويل
بالحضيضِ
3: 61
(امرؤ القيس)
طويل
*النحيضِ
2: 120
-
وافر
راضِ
4: 16
أبو دواد
كامل
الرفضِ
4: 51
-
كامل
وبياضِ
2: 41
الطرماح
خفيف
الأحراضِ
4: 272
الطرماح
خفيف
واعتراضِ
5: 170
الطرماح
خفيف
الكراضِ
6: 135
الطرماح
خفيف
راضِ
1: 80
(أبو المثلم) الهذلي
متقارب
تؤرضِ
2: 450/ 3: 29
(أبو المثلم الهذلي)
متقارب
حيَّضِ
4: 443
(المتنخل، أو أبو المثلم الهذلي)
متقارب
غمَّضِ
3: 70، 244
ذو الإصبع العدواني
هزج
المحضِ
2: 409
ذو الإصبع العدواني
هزج
الأرضِ
فهرس الأشعار
(ط)
3: 261
-
طويل
أشرطا
4: 363
-
طويل
عنشَطِ
4: 410
الحارث بن وعلة
بسيط
بالغبطِ
4: 491(6/176)
(وعلة الجرمي)
بسيط
والفرُطِ
2: 170
-
بسيط
المخاريطِ
1: 38
(المتنخل) الهذلي
وافر
إباطي
2: 14
(المتنخل) الهذلي
وافر
حطاطِ
2: 219
(المتنخل) الهذلي
وافر
زياطِ
2: 450/ 4: 52
المتنخل الهذلي
وافر
الرهاطِ
3: 152
(المتنخل) الهذلي
وافر
سُراطي
3: 214
(المتنخل) الهذلي
وافر
بساطِ
4: 52
المتنخل الهذلي
وافر
العطاطِ
4: 223
(المتنخل) الهذلي
وافر
اللياط
3: 349
-
وافر
الصراطِ
3: 261
حسان
خفيف
الأشراطِ
1: 96
(أسامة بن الحارث الهذلي)
متقارب
كالناحطِ
2: 356
(أسامة بن الحارث الهذلي)
متقارب
الذاعطِ
4: 196
(أسامة بن الحارث الهذلي)
متقارب
العائطِ
(ظ)
1: 113
الأسعر الجعفي
كامل
واللظَى
5: 259
(طرفة)
متقارب
اللافظه
4: 405
(حضين بن المنذر)
طويل
تغيظُ
4: 52
-
وافر
*والعظاظ
فهرس الأشعار
(ع)
1: 362
سويد بن أبي كاهل
رمل
(المضطجَعْ)
1: 398
(سويد بن أبي كاهل)
رمل
فانتجَعْ
1: 458
سويد بن أبي كاهل
رمل
*جشَعْ
2: 161
(سويد بن أبي كاهل)
رمل
*خدَعْ
3: 86
سويد بن أبي كاهل
رمل
وصلَعْ
3: 248
(سويد بن أبي كاهل)
رمل
شجَعْ
3: 298
سويد بن أبي كاهل
رمل
كالصقِعْ
3: 369
سويد بن أبي كاهل
رمل
*والضلَعْ
5: 137
سويد بن أبي كاهل
رمل
نزعْ
1: 319
(السفاح بن بكير)
سريع
الشجاعْ
2: 190
امرؤ القيس
طويل
وتسمعا
6: 27
جرير
طويل
وقَّعا
3: 331
الراعي
طويل
إصبعا
4: 234
الراعي
طويل
وبروَعا
5: 293
(الراعي)
طويل
أمتعا
2: 277
(رجل من طيئ)
طويل
ضيَّعا
2: 476
سويد بن كراع
طويل
وأذرُعا
3: 388
(عمرو بن شأس)
طويل
*ونضبعا
4: 501
(الكلحبة العرني)
طويل
لنفزعا
1: 44
(متمم بن نويرة)
طويل
فأوجعا
2: 137(6/177)
متمم بن نويرة
طويل
تصوَّعا
3: 47
متمم بن نويرة
طويل
متربِّعا
5: 89
(متمم بن نويرة)
طويل
*تقعقعا
1: 390/ 2: 168
مزرد
طويل
فأقنعا
4: 378
(هدبة بن الخشرم)
طويل
بأنزعا
فهرس الأشعار
2: 429
-
طويل
مترقَّعا
4: 8
-
طويل
أقرعا
4: 20، 23
-
طويل
أضرعا
4: 229
-
طويل
تتبرعا
6: 50
-
طويل
مِهزعا
6: 148
الراعي
طويل
الدوافعا
1: 168
عدي بن زيد
طويل
ومنازعا
2: 211
(أبو دهبل الجمحي)
مديد
جمعا
1: 449
الأعشى
بسيط
فارتفعا
2: 214/ 4: 333
الأعشى
بسيط
الصدعا
2: 223
الأعشى
بسيط
*خنُعا
3: 300
الأعشى
بسيط
والوجعا
4: 461
الأعشى
بسيط
رضعا
4: 65/ 5: 253
(الأعشى)
بسيط
لعا
5: 476
(الأعشى)
بسيط
والصلعا
6: 140
الأعشى
بسيط
اجتمعا
1: 506
(عبد الله بن سبرة)
بسيط
فزَعا
1: 410
لقيط بن يعمر
بسيط
طمعا
3: 188
(لقيط بن يعمر)
بسيط
قطَعا
3: 439
-
بسيط
طبَعا
4: 297
(أبو دواد الرؤاسي)
بسيط
والربعَه
1: 360
القطامي
وافر
ذراعا
1: 358
القطامي
وافر
*مُتاعا
2: 269
(القطامي)
وافر
*اندراعا
3: 298
القطامي
وافر
والصقاعا
2: 291
القطامي
وافر
دُكاعا
فهرس الأشعار
3: 70
القطامي
وافر
السطاعا
4: 202
القطامي
وافر
الصناعا
5: 427
المرار
وافر
*نشوعا
2: 484
-
وافر
فروعا
2: 101
الأعشى
كامل
مولعا
6: 96
(أبو الأسود الدئلي)
رمل
ودعَه
1: 432
(أوس بن حجر)
منسرح
جدعا
4: 492
أوس بن حجر
منسرح
فرعا
5: 138
(أوس بن حجر)
منسرح
ملتفعا
5: 212
(أوس بن حجر)
منسرح
سمعا
2: 152/ *5: 265
ذو الإصبع
منسرح
لكعا
2: 161
(الأضبط بن قريع)
منسرح
*الخدعَه
4: 450
(الأضبط بن قريع)
منسرح
معَه
1: 499
(أوس بن حجر)(6/178)
طويل
وتدسعُ
2: 11
(أوس بن حجر)
طويل
وتسفعُ
3: 175
أوس بن حجر
طويل
لمعُ
5: 12
أوس بن حجر
طويل
وأوكعوا
5: 28
أوس بن حجر
طويل
تقمَّعُ
5: 73
أوس بن حجر
طويل
المقرَّعُ
5: 92
(أوس بن حجر)
طويل
يتقصَّعُ
2: 70
ذو الرمة
طويل
المرجَّعُ
2: 321
ذو الرمة
طويل
*تصوَّعُ
5: 357
ذو الرمة
طويل
*المتنعنعُ
1: 105
(سعد بن زيد مناة)
طويل
تقطَّعُ
2: 129
عبد الله بن رواحة
طويل
ومقنَّعُ
1: 492/ 6: 41
(نصيب، أو أبو وجزة)
طويل
تبَّعُ
فهرس الأشعار
1: 8
-
طويل
المفزَّعُ
4: 44
-
طويل
يتقعقعُ
4: 75
-
طويل
مضيَّعُ
4: 206
-
طويل
ومهطعُ
5: 64
-
طويل
*متقطِّعٌ
5: 211
-
طويل
يلمعُ
6: 12
-
طويل
وينقعُ
6: 135
-
طويل
سلفعُ
1: 214
(أسامة بن الحارث) الهذلي
طويل
الجراشعُ
2: 468
(البعيث)
طويل
المطامعُ
5: 33
(البعيث)
طويل
مقانعُ
4: 500
(بيهس العذري)
طويل
الودائعُ
4: 257
تميم بن مقبل
طويل
يانعُ
2: 179
جرير
طويل
ضائعُ
3: 29
(الخطيم التميمي)
طويل
الأكارعُ
1: 143
عباس بن مرداس
طويل
ناقعُ
3: 182
الفرزدق
طويل
الأصابعُ
2: 375
(لبيد)
طويل
*الرعارعُ
2: 345
لبيد
طويل
راكعُ
3: 450
(لبيد)
طويل
صانعُ
4: 415
لبيد
طويل
*بلاقعُ
1: 28
النابغة
طويل
*طائعُ
1: 177
النابغة
طويل
(خواضعُ)
1: 305
(النابغة)
طويل
بائعُ
1: 353
النابغة
طويل
الدوافعُ
2: 197
النابغة
طويل
نوازعُ
فهرس الأشعار
3: 59
النابغة
طويل
المسامعُ
3: 390
(النابغة)
طويل
*فالضواجعُ
3: 421
(النابغة)
طويل
*تراجعُ
3: 467
النابغة
طويل
ظالعُ
4: 281
النابغة
طويل
ضائعُ
5: 99، 482
النابغة
طويل
الصوانعُ
5: 294(6/179)
النابغة
طويل
ماتعُ
5: 378
(النابغة)
طويل
واسعُ
1: 278
-
طويل
المراتعُ
1: 474
-
طويل
مجالعُ
2: 25
-
طويل
بائعُ
3: 126
-
طويل
الأخادعُ
4: 25
-
طويل
جازعُ
3: 377
(بشار(1))
طويل
*تضوعُ
1: 88
(الطرماح)
طويل
*وتتيعُ
1: 319
(الطرماح)
طويل
وأبوعُ
1: 457
الطرماح
طويل
*ونجيعُ
2: 228/ 6: 25
الطرماح
طويل
تهيعُ
4: 325
(عروة بن الورد)
طويل
لجزوعُ
3: 167
(قيس بن ذريح)
طويل
جميعُ
2: 50
(المجنون)
طويل
ربيعُ
5: 234
-
طويل
*نجيعُ
3: 349
-
طويل
جوعُها
1: 437
(الأخطل)
بسيط
الجذعُ
2: 323، 503
تميم بن مقبل
بسيط
*مرتدعُ
فهرس الأشعار
2: 190
زهير
بسيط
خضعُ
1: 164
(عباس بن مرداس(2))
بسيط
(فينصدعُ)
3: 387
(عباس بن مرداس)
بسيط
الضبعُ
4: 362
-
بسيط
فدعُ
5: 56
-
بسيط
*القتعُ
5: 399
-
بسيط
الورعُ
1: 433
(ربيعة بن مقروم)
وافر
*جداعُ
4: 76
(ربيعة بن مقروم)
وافر
السباعُ
1: 318
-
وافر
*وباعُ
5: 102
(عبد الرحمن بن الحكم(3))
وافر
القطوعُ
1: 127
(عمرو بن معديكرب)
وافر
(هجوعُ)
3: 304
عمرو بن معديكرب
وافر
صليعُ
1: 37
-
وافر
يضيعُ
2: 84/ 4: 464
(جرير)
كامل
الأشجعُ
2: 183
جرير
كامل
الخشَّعُ
2: 204
جرير
كامل
*يخفعُ
1: 176، 416
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
متجعجعُ
1: 189
(أبو ذؤيب) الهذلي
كامل
*زعزعُ
1: 196
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
مَهْيَعُ
1: 252/ 2: 23
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
يتبضَّعُ
1: 330/ 2: 164
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
مخدَّعُ
1: 352
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
يتتلَّعُ
1: 396
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
*الإصبعُ
__________
(1) حماسة ابن الشجري 113.
(2) انظر اللسان 5: 133.
(3) أو الأعشى، أو زياد الأعجم.(6/180)
فهرس الأشعار
1: 459/ 5: 101
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
*وأقطُعُ
2: 8
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
*تتقطَّعُ
2: 34
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
تدمعُ
2: 464
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
يجزعُ
*2: 491/ 4: 190
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
يرجعُ
2: 501
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
*تمزعُ
3: 9، *74
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
الأمرعُ
3: 160
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
سلفعُ
3: 128
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
مسبعُ
3: 311
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
متصمعُ
3: 355
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
أتضعضعُ
1: 480/ 4: 303
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
مجمَعُ
2: 383/ 4: 465
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
ويصدعُ
5: 12
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
المضجعُ
5: 99
أبو ذؤيب الهذلي
كامل
تبَّعُ
5: 155
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
أبرعُ
5: 311
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
جرشعُ
5: 314
(أبو ذؤيب الهذلي)
كامل
تقرعُ
1: 363/ 2: 76/ 5: 462
(سعدى بنت الشمردل)
كامل
التبَّعُ
3: 329
(عنترة)
كامل
تطلَّعُ
3: 382
(متمم بن نويرة)
كامل
*أخضعُ
1: 268
-
كامل
*منقعُ
6: 66
-
كامل
سلفعُ
3: 25
-
كامل
*زميعُ
1: 6
-
رمل
والمكرعُ
فهرس الأشعار
2: 60
امرأة (من بني قشير)
طويل
بجائعِ
5: 35
(ذو الرمة)
طويل
(المقانعِ)
6: 16
(ذو الرمة)
طويل
خواضعِ
2: 114/ *5: 126
(الكميت بن معروف)
طويل
بالأصابع
2: 242
-
طويل
الأجارعِ
3: 47
-
طويل
الأزابعِ
3: 224
-
طويل
بالأصابعِ(1)
5: 378
-
طويل
بالأصابعِ(2)
1: 260
(إياس بن قبيصة الطائي(3))
طويل
سراعِها
2: 69
(إياس بن قبيصة الطائي(4))
طويل
لاتباعِها
3: 393
(النابغة)
بسيط
بالصاعِ
__________
(1) قبلها: "خيراتها".
(2) قبلها: "سيلها".
(3) انظر الحماسة (1: 66).
(4) انظر الحماسة (1: 66).(6/181)
1: 432، 455
(أبو حنبل الطائي)
وافر
الرباعِ
2: 503
(قيس بن ذريح)
وافر
كالخداعِ
2: 235
-
وافر
*للشياعِ
4: 332
-
وافر
اليفاعِ
1: 204
مالك بن عوف
وافر
بالضَّريعِ
3: 50
تميم بن مقبل
وافر
والقطوعِ
2: 36/ 5: 392
الشماخ
وافر
*الوقيعِ
2: 183
الشماخ
وافر
النزيعِ
3: 24
الشماخ
وافر
*زموعِ
3: 380
الشماخ
وافر
(المضيعِ)
5: 33
الشماخ
وافر
القَنوعِ
فهرس الأشعار
1: 134 *412/ *2: 280
(الحادرة الذبياني)
كامل
وندَّعي
2: 40
(الحادرة الذبياني)
كامل
(المقلعِ)
2: 373
-
كامل
المهيعِ
3: 84
(عمرو بن معديكرب)
كامل
*سافعِ
1: 327
(الأجدع بن مالك الهمداني)
كامل
بمباعِ
1: 356
المسيب بن علس
كامل
ملاعِ
3: 321/ 5: 344
(المسيب بن علس)
كامل
*صاعِ
5: 381
(المسيب بن علس)
كامل
الأضلاعِ
6: 77
(المسيب بن علس)
كامل
*وعواعِ
4: 345
-
سريع
أربعِ
5: 406
-
سريع
للناخعِ
1: 416
أبو قيس بن الأسلت
سريع
بجعجاعِ
1: 479
(أبو قيس بن الأسلت)
سريع
جمَّاعِ
1: 482
(أبو قيس بن الأسلت)
سريع
*قرَّاعِ
2: 12
(أبو قيس بن الأسلت)
سريع
تهجاعِ
2: 408/ 5: 104
أبو قيس بن الأسلت
سريع
كالراعي
5: 347
(أبو قيس بن الأسلت)
سريع
قطاعِ
2: 273
(العباس بن مرداس)
متقارب
أمنعِ
3: 102
(عبد الله بن أوفى)
متقارب
بالمسمعِ
(ف)
2: 140
-
متقارب
الحجَفْ
3: 12
-
متقارب
الزغفْ
2: 466/ 3: 364
تميم بن مقبل
بسيط
شسفا
3: 337
(تميم بن مقبل)
بسيط
السدفا
2: 91
طرفة
بسيط
انكشفا
2: 413
أبو وجزة
بسيط
اخترفا
فهرس الأشعار
2: 264
(كعب بن مالك)
وافر
السيوفا
2: 471
(كعب بن مالك)
وافر
رؤوفا
1: 454
صخر الغي الهذلي
متقارب
خليفا
2: 235/ 3: 7(6/182)
(صخر الغي الهذلي)
متقارب
وخيفا
3: 71
(صخر الغي الهذلي)
متقارب
[نتيفا]
4: 489
(صخر الغي الهذلي)
متقارب
خفيفا
2: 456
أبو كبير الهذلي(1)
متقارب
الشقيفا
5: 209، 220
(جران العود)
طويل
يطرفُ
1: 118
جرير
طويل
ترعفُ
3: 440
جميل
طويل
تعكفُ
4: 163
جميل
طويل
يتلهفُ
5: 103
(حاتم الطائي)
طويل
*تقطفُ
2: 207
الحطيئة
طويل
*مصرفُ
1: 119
الفرزدق
طويل
زُفَّفُ
1: 475
الفرزدق
طويل
مجلَّفُ
3: 143/ 4: 47، (306)
الفرزدق
طويل
تعرفُ
3: 170
الفرزدق
طويل
*المشفشَفُ
3: 381
الفرزدق
طويل
*المتضيِّفُ
6: 83
الفرزدق
طويل
وقَّفوا
1: 501/ 4: 431
(مغلس بن لقيط)
طويل
المتغطرفُ
1: 324
-
طويل
يرعفُ
4: 120
-
طويل
ملفَّفُ
4: 314
-
طويل
مسدفُ
1: 44
أوس بن حجر
طويل
واقفُ
1: 294/* 6: 20
أوس بن حجر
طويل
حالفُ
فهرس الأشعار
2: 300
أوس بن حجر
طويل
سقائفُ
3: 264
أوس بن حجر
طويل
شارفُ
3: 327
أوس بن حجر
طويل
(فالمخالفُ)
4: 101
أوس بن حجر
طويل
موالفُ
4: 148
أوس بن حجر
طويل
واكفُ
6: 80
أوس بن حجر
طويل
الطوائفُ
4: 319
جميل
طويل
الروادفُ
5: 10
(أبو جهيمة الذهلي)
طويل
نفانفُ(2)
5: 143
(القطامي)
طويل
*كانفُ
5: 160
(القطامي)
طويل
الكتائفُ
3: 181
(كعب بن جعيل)
طويل
*المصاحفُ
5: 358
(مسكين الدارمي)
طويل
نفانفُ(3)
4: 196
-
طويل
واكفُ
3: 305
(الأعشى)
بسيط
*والصلفُ
3: 400
أوس بن حجر
بسيط
*سلفُ
3: 153/ 6: 69
جرير
بسيط
سَرَفُ
3: 189
فروة بنت أبان
بسيط
الصدفُ
3: 33
-
بسيط
مزدهفُ
3: 343
-
بسيط
الخزفُ
3: 420
-
بسيط
طلفُ
4: 312
__________
(1) الصواب أنه لصخر الغي.
(2) قبلها: "بينهن".
(3) قبلها: "غوط".(6/183)
عنترة
بسيط
مظروفُ
3: 383
(أبو ذؤيب) الهذلي
وافر
*تضيفُ
5: 74، 168
(معقر بن حمار)
وافر
والقُروفُ
4: 197،* 229
(المغيرة بن حبناء)
وافر
تعيفُ
فهرس الأشعار
1: 150
-
وافر
جَفوفُ
3: 306
-
وافر
*الصليفُ
3: 432
(كعب بن زهير)
كامل
وشعوفُ
4: 328
(أبو قيس بن الأسلت، أو أحيحة)
سريع
معصفُ
4: 379
(قيس بن الخطيم)
منسرح
طرفُ
3: 334
-
منسرح
والصحفُ
5: 375
(عدي بن الرقاع)
متقارب
نيفُ
4: 281
-
طويل
العرفِ
5: 82
(الأسود بن يعفر)
طويل
توسَّفِ
4: 47
(الفرزدق)
طويل
المعطَّفِ
1: 148
-
طويل
المؤنَّفِ
4: 74
أوس بن حجر
طويل
فواحفِ
3: 122
ذو الرمة
طويل
السوائفِ
4: 418
-
بسيط
*الغرفِ
1: 170
-
بسيط
الغطاريفِ
2: 288/ 3: 398
-
وافر
الطرافِ
2: 172/ 4: 493
(أبو كبير الهذلي)
كامل
مَخرفِ
2: 186
(أبو كبير) الهذلي
كامل
كالمخصفِ
5: 409
(أبو كبير) الهذلي
كامل
المضعفِ
1: 166
(أبو كبير الهذلي)
كامل
متغضفِ
1: 189
-
كامل
وقَّافِ
5: 219
-
مجزو الكامل
منافِ
3: 148
(سعد القرقرة)
منسرح
السُّدَفِ
1: 438
الأعشى
خفيف
مجذوفِ
3: 467
(عمرو بن معديكرب)
متقارب
*بأظلافِها
فهرس الأشعار
(ق)
1: 224
-
رجز
فبرَقْ
4: 7
عدي بن زيد
رمل
عققْ
1: 66
-
متقارب
*ينقّْ
4: 55
سويد بن كراع
طويل
عفقا
4: 452
سويد بن كراع
طويل
فلقا
5: 204
(الراعي)
طويل
(عاشقَه)
1: 39
زهير
بسيط
*والأبقا
1: 421
زهير
بسيط
سحْقا
4: 160
زهير
بسيط
اعتنقا
4: 260
زهير
بسيط
والعنُقا
4: 391
زهير
بسيط
غلقا
5: 53
(زهير)
بسيط
دفقا
2: 377
-
بسيط
*رققا
4: 41
-
بسيط
*طرقا
2: 16
-
وافر
الرقاقا
6: 8
-
وافر
المذاقا(6/184)
4: 128
(لبيد)
خفيف
العليقا
1: 263
-
خفيف
انبعاقَه
3: 267
-
متقارب
فواقا
4: 7
-
متقارب
عقاقا
1: 39
الأعشى
طويل
*يتأبَّقُ
1: 82
الأعشى
طويل
معشقُ
1: 116/ 5: 13
الأعشى
طويل
ويأفقُ
1: 503/ 4: 456
الأعشى
طويل
تفهقُ
2: 18
الأعشى
طويل
موفَّقُ
فهرس الأشعار
2: 144
الأعشى
طويل
*محزرقُ
3: 432
الأعشى
طويل
أولقُ
4: 189
الأعشى
طويل
نتفرقُ
4: 283
الأعشى
طويل
ويعرَّقُ
4: 471
الأعشى
طويل
*فيتقُ
5: 333
الأعشى
طويل
يتمطَّقُ
1: 303
(ذو الرمة)
طويل
محلقُ
2: 296
(ذو الرمة)
طويل
*أخلقُ
2: 446
(ذو الرمة)
طويل
أزرقُ
2: 467
ذو الرمة
طويل
*يترقرقُ
4: 335
(ذو الرمة)
طويل
مشبرقُ
2: 37
(أبو ذؤيب)
طويل
*حاذقُ
1: 148/ 4: 8
كثير عزة
طويل
العقائقُ
1: 306
(المجنون)
طويل
البنائقُ
3: 323
(الشماخ)
طويل
(نشوقُ)
5: 179
(عمرو بن الأهتم)
طويل
رقيقُ
4: 245
(يزيد بن مفرغ)
طويل
طليقُ
1: 25
-
طويل
سحوقُ
1: 147/ 6: 47
-
طويل
طريقُ
5: 328
-
طويل
(ماحقُه)
2: 173
ذو الخرق الطهوي
بسيط
*والخرقُ
1: 246
عنترة
بسيط
سنقُ
5: 322
(أبو الهيثم الثعلبي)
بسيط
رققُ
1: 115
-
بسيط
الأفقُ
1: 132
-
بسيط
يأتلقُ
1: 302
-
بسيط
*منبلقُ
6: 102
(أوس بن حجر)
وافر
الوراق
5: 97
(زغبة الباهلي)
وافر
يؤوقُ
فهرس الأشعار
5: 368
(زغبة أو مالك بن زغبة)
وافر
(حذيقُ)
4: 130
(المفضل النكري)
وافر
العلوقُ
5: 301، 464
(المفضل النكري)
وافر
محيقُ
2: 111
(قتيلة بنت الحارث(1))
كامل
المحنقُ
1: 255
-
كامل
يخلقوا
6: 7
(العباس بن عبد المطلب)
منسرح
النطقُ
__________
(1) أو الصواب بنت النضر. وقال الجاحظ: ليلى بنت النضر.(6/185)
6: 158
-
منسرح
يلق
4: 212
أمية بن أبي الصلت
منسرح
ذائقُها
2: 352
الأعشى
خفيف
الأطواقُ
2: 17
الأعشى
خفيف
والحقاقُ
2: 461
الأعشى
خفيف
الأرواقُ
2: 461
الأعشى
خفيف
الساقُ
2: 491/ 4: 126
الأعشى
خفيف
عَلاقُ
4: 3، 242
الأعشى
خفيف
فواقُ
4: 59
(أبو الطمحان حنظلة)
طويل
بالنهقِ
3: 79
امرؤ القيس
طويل
ملصقِ
5: 207
امرؤ القيس
طويل
*مُلَقْلِقِ
5: 208
امرؤ القيس
طويل
الموشَّقِ
5: 382
(امرؤ القيس)
طويل
منبَّقِ
5: 442
امرؤ القيس
طويل
مفلَّقِ
6: 96
(امرؤ القيس)
طويل
*مودقِي
4: 41
ثعلبة الأسدي
طويل
موثَّقِ
4: 172
(زهير)
طويل
عوهقِ
1: 265
(سلامة بن جندل)
طويل
مفلَّقِ
3: 162
(الشماخ)
طويل
مطرقِ
فهرس الأشعار
1: 356/ 4: 133، 289
الممزق العبدي
طويل
أعرقِ
2: 161
الممزق العبدي
طويل
يأرقِ
1: 157
-
طويل
مؤوَّقِ
1: 168
-
طويل
*ومفرِقِ
1: 225
-
طويل
بَروقِ
3: 421
-
طويل
*المطلَّقِ
4: 176
-
طويل
يفرَّقِ
4: 307
(ذو الرمة)
طويل
بالمعازقِ
5: 406
(ذو الرمة)
طويل
*الأزارقِ
3: 340
-
طويل
الأصادقِ
4: 131
-
طويل
العلائقِ
4: 179
-
طويل
*وناعقِ
1: 226
-
بسيط
فالبُرَقِ
1: 82/ 6: 24
تأبط شراً
بسيط
طرَّاقِ
1: 167
(تأبط شراً)
بسيط
ساقِ
2: 462
(تأبط شراً)
بسيط
*أرواقِي
3: 366
(تأبط شراً)
بسيط
نغَّاقِ
3: 393
تأبط شراً
بسيط
(محراقِ)
5: 446
(تأبط شراً)
بسيط
باقِ
3: 414
-
بسيط
*الراقِي
1: 209
(خراشة بن عمرو العبسي)
بسيط
(الفُوقِ)
1: 31/ 6: 152
عامر بن مالك ملاعب الأسنة
بسيط
الزحاليقِ
3: 236
-
بسيط
والنيقِ
2: 418
(بشر بن أبي خازم)
وافر
*الرفاقِ
1: 271(6/186)
(ذو الخرق الطهوي)
وافر
بالعناقِ
4: 55
ذو الخرق الطهوي
وافر
عفاقِ
فهرس الأشعار
4: 217
سلامة بن جندل
وافر
مزاق
1: 248، 266
عوف بن الأحوص
وافر
مراقِ
5: 212
(نهشل بن حرى)
وافر
لماقِ
4: 164
-
وافر
بالعناقِ
1: 224
-
وافر
*بروقِ
2: 216
-
وافر
الطريقِ
4: 106
(سالم بن دارة(1))
كامل
تسبقِ
2: 396
القطامي
كامل
*المرشقِ
4: 147
القطامي
كامل
تصدُقِ
1: 46
(كعب بن مالك الأنصاري)
كامل
المحرَقِ
2: 163
(كعب بن مالك الأنصاري)
كامل
(رونق)
1: 223
-
كامل
وأبرقِ
4: 221
(أبو زبيد(2))
كامل
العاتقِ
4: 222
(أبو عامر جد العباس بن مرداس)
سريع
عاتقي
3: 42
عدي بن زيد
خفيف
مراقِ
4: 127
مهلهل
خفيف
معلاقِ
6: 151
-
خفيف
الأعناقِ
1: 149
-
خفيف
الأنوقِ
2: 469
طرفة
متقارب
*ريِّقي
3: 441
(طرفة)
متقارب
العشرقِ
1: 313
-
متقارب
ضيِّقِ
(ك)
5: 341
(يزيد بن طعمة)
رمل
المعتركْ
1: 270
(متمم بن نويرة)
طويل
(بكَى)
فهرس الأشعار
1: 345
(الأعشى)
طويل
ترائكا
1: 486/ *3: 113
الأعشى
طويل
لسوائكا
1: 31
(خفاف بن ندبة)
طويل
مالِكا
1: 423/ 6: 4
(معاذ الهراء)
هزج
امتداحيكا
1: 22
-
متقارب
بأمَّاتكا
5: 212
-
طويل
التلمّكُ
1: 84
كثير
طويل
الأواركُ
1: 277
(الكميت، أو كثير)
طويل
الحوائكُ
2: 282
حسان(3)
بسيط
*دعكُ
1: 195
زهير
بسيط
بتكُ
2: 501
زهير
بسيط
ملكُ
4: 291
زهير
بسيط
العركُ
4: 219
زهير
بسيط
النسك
4: 264
زهير
بسيط
معتركُ
4: 440
زهير
بسيط
الحشكُ
5: 51
زهير
بسيط
الودكُ
__________
(1) أو أرطاة بن سهية.
(2) يروى أيضاً لعبد الرحمن بن أرطاة، أو هو عبد الرحمن بن سيحان.
(3) أو عبد الرحمن بن حسان.(6/187)
5: 234
زهير
بسيط
المعكُ
1: 118
(عروة بن أذينة)
منسرح
أفكُوا
1: 24
تأبط شراً
طويل
الشوابكِ
2: 174
(ابن الدمينة)
طويل
وهالكِ
1: 24
ذو الرمة
طويل
الشوابكِ
1: 444
ذو الرمة
طويل
مالكِ
4: 290
ذو الرمة
طويل
العرائكِ
1: 313
(طرفة بن العبد)
طويل
كهالكِ
3: 181
طرفة بن العبد
طويل
ذلكِ
فهرس الأشعار
5: 56
-
طويل
النواسكِ
(ل)
1: 200
طرفة
طويل
بجَلْ
1: 266
الكميت
طويل
يفِلْ
2: 157
الكميت
طويل
*وحيَّ هَلْ
2: 463
الكميت
طويل
زجَلْ
1: (301)، 377
امرؤ القيس
كامل
محلّ
1: 284
-
مسدس الرجز
بالطوَلْ
2: 119
(جبار بن جزء)
رمل
الخطلْ
2: 151
عبد الله بن الزبعري
رمل
يكلّ
4: 119
(عدي بن زيد)
رمل
المعلّ
1: 41
لبيد
رمل
أبلْ
1: 167/ 3: 413/ 4: 379
لبيد
رمل
الطفلْ
1: 200
لبيد
رمل
*بجَلْ
1: 253، 345/ 4: 295
لبيد
رمل
كالبصلْ
1: 260
(لبيد)
رمل
كالفتَلْ
1: 339/ 2: 478،* 479
لبيد
رمل
متلّ
1: 369/ 3: 306
لبيد
رمل
بالثلَلْ
1: 415/ 4: 24
(لبيد)
رمل
صهلْ
1: 484
(لبيد)
رمل
صلّ
2: 131
لبيد
رمل
المحتبلْ
2: 179
لبيد
رمل
*الأجلّ
2: 222
لبيد
رمل
*غفلْ
2: 281/* 3: 174/ 4: 186
لبيد
رمل
الشللْ
2: 390
(لبيد)
رمل
جللْ
فهرس الأشعار
2: 464
لبيد
رمل
وعجلْ
4: 225
(لبيد)
رمل
*واجتملْ
3: 439
(لبيد)
رمل
بالوحلْ
3: 462
(لبيد)
رمل
*الأظلّ
4: 12، 352
لبيد
رمل
العللْ
4: 188
لبيد
رمل
القللْ
4: 220/ 5: 436
لبيد
رمل
ويجلْ
4: 248
لبيد
رمل
ونقلْ
4: 330
لبيد
رمل
بالمفتعَلْ
4: 330/ 5: (54)
لبيد
رمل
وعصَلْ
4: 349
لبيد
رمل
وسبلْ
4: 351
لبيد
رمل
المبتذلْ
5: 209
لبيد
رمل(6/188)
(ورجلْ)
5: 473
(لبيد)
رمل
وزجلْ
6: 116
(لبيد)
رمل
الكسلْ
6: 152
(لبيد)
رمل
*والأيلّ
2: 374
(النابغة الجعدي)
رمل
رفلّ
2: 454
النابغة الجعدي
رمل
كالمختبلْ
4: 314
(النابغة الجعدي)
رمل
فنسلْ
4: 14
-
رمل
عِللْ
5: 230
-
رمل
ذللْ
4: 279
-
رمل
نفلْ
4: 314
-
رمل
*عسلْ
3: 277
(الحطيئة)
سريع
الصلولْ
4: 23
الحطيئة
سريع
*طويلْ
4: 265
الخنساء
سريع
ظليلْ
فهرس الأشعار
5: 207
-
طويل
عقلا
1: 123
أوس بن حجر
طويل
تأكُّلا
1: 255
أوس بن حجر
طويل
مكلَّلا
1: 284
أوس بن حجر
طويل
تبكّلا
2: 209
أوس بن حجر
طويل
مزيلا
3: 260
(أوس بن حجر)
طويل
وتوكلا
3: 419/ 4: 234
أوس بن حجر
طويل
أفضلا
5: 87
(أوس بن حجر)
طويل
منصّلا
5: 460
(أوس بن حجر)
طويل
مخضلا
1: 365
تميم بن مقبل
طويل
يتفلفلا
4: 495
(الراعي)
طويل
*والكلَى
2: 86
(سوار بن حبان المنقري)
طويل
أشكلا
3: 58
ضابئ بن الحارث البرجمي
طويل
أكحلا
2: 235
الفرزدق
طويل
أخْيَلا
3: 312
ليلى الأخيلية
طويل
مجهلا
2: 315/ 4: 458، *475
النابغة الجعدي
طويل
غلا
6: 60
(النابغة الجعدي)
طويل
(محجَّلا)
1: 190
-
طويل
المبلَّلا
3: 136
-
طويل
*مسجَلا
4: 73
-
طويل
أعقلا
1: 169
برج بن مسهر
طويل
المطافلا
2: 31/ 4: 352
(لبيد)
طويل
عواطلا
4: 83
لبيد
طويل
الجعائلا
4: 377
لبيد
طويل
المقاولا
2: 378
-
طويل
هزالا
5: 417
(عامر بن الطفيل)
طويل
فاعلَه
فهرس الأشعار
4: 317
كثير
طويل
عيالَها
2: 131
الكميت
طويل
احتبالَها
2: 92
-
طويل
قبالَها
4: 353
-
طويل
طالَها
3: 219
(الأخطل)
بسيط
حَمَلا
4: 177
عدي بن الرقاع
بسيط
الحبَلا(6/189)
5: 330
عدي بن زيد
بسيط
فصلا
5: 159
النابغة الجعدي
بسيط
فعلا
1: 214
-
بسيط
الوحَلا
1: 432
النابغة الجعدي
بسيط
وأخوالا
1: 414
-
بسيط
(زالا)
2: 153
ذو الرمة
وافر
انغلالا
2: 349
(ذو الرمة)
وافر
قالا
2: 477
ذو الرمة
وافر
(الحبالا)
4: 209
ذو الرمة
وافر
وضالا
5: 309
ذو الرمة
وافر
امذلالا
5: 341
(ذو الرمة)
وافر
الرحالا
1: 465
ذو الرمة
وافر
*جفالا
3: 277
(الراعي)
وافر
*الصلالا
1: 190
المرار
وافر
بليلا
4: 263
المعقر بن حمار
وافر
*والنزولا
1: 424
-
وافر
طويلا
4: 243
-
وافر
قليلا
1: 166
-
وافر
مغضئلَّه
5: 171/ 6: 12
مهلهل
كامل
صنبلا
4: 490
-
كامل
مقبلا
فهرس الأشعار
4: 37
(الأخطل)
كامل
الأثقالا
4: 390
الأخطل
كامل
خيالا
3: 434
(سنيح بن رياح)
كامل
الأوعالا
1: 353
-
كامل
أجلالا
*1: 22/ 4: 479
الراعي
كامل
فحيلا
1: 434
الراعي
كامل
*وجديلا
2: 45
(الراعي)
كامل
مقتولا
1: 226/ 2: 88/ 4: 465
الراعي
كامل
حقيلا
4: 72
-
كامل
*معقولا
1: 29
الأعشى
كامل
*فأزالَها
1: 445/ 4: 221
الأعشى
كامل
جريالها
2: 22
الأعشى
كامل
حلالَها
2: 67
الأعشى
كامل
نزالَها
2: 131
الأعشى
كامل
خبالَها
2: 497
(الأعشى)
كامل
ورحالَها
3: 230
(الأعشى)
كامل
*أشوالَها
4: 233
الأعشى
كامل
*عيالَها
2: 65
(أسماء بن خارجة)
مجزو الكامل
الهبالَه
1: 21، 129
أسماء بن خارجة
منسرح
*إلا
2: 218
أسماء بن خارجة
منسرح
نغِلا
2: 278
أسماء بن خارجة
منسرح
نزلا
4: 30
(أسماء) بن خارجة
منسرح
وشلا
6: 52
أسماء بن خارجة
منسرح
والجملا
3: 5
(حضرمي بن عامر)
منسرح
عجلا
5: 383
(حضرمي بن عامر)
منسرح(6/190)
نبلا
4: 472
(عبد قيس بن خفاف)
خفيف
فتيلا
فهرس الأشعار
4: 234
مهلهل
خفيف
الفحولا
2: 251
-
خفيف
جميلا
4: 271
أبو دواد
متقارب
نصالا
1: 159
-
متقارب
إيالا
4: 174
-
متقارب
شمالا
4: 227
أبو الأسود
متقارب
أصيلا
1: 84
(بشامة بن عمرو)
متقارب
أصيلا
2: 327
(بشامة بن الغدير)
متقارب
دبيلا
2: 86
-
متقارب
المسيلا
4: 239
-
متقارب
هديلا
4: 247
-
متقارب
تميلا
1: 94
الخنساء
متقارب
أشبالَها
1: 382
الخنساء
متقارب
أثقالَها
1: 60
-
متقارب
أعمالَها
1: 162
-
متقارب
وإمالَها
1: 429
ذو الرمة
طويل
الجحلُ
4: 30
ذو الرمة
طويل
والربلُ
4: 6
جرير
طويل
فالرملُ
1: 248
زهير
طويل
*بسلُ
1: 294
زهير
طويل
*يبلُو
1: 369/ 4: 265
زهير
طويل
النعلُ
2: 243
زهير
طويل
يغلوا
2: 312
(زهير)
طويل
نخلُ
3: 139
زهير
طويل
*والقملُ
3: 325
زهير
طويل
يحلو
4: 246
زهير
طويل
عدلُ
فهرس الأشعار
1: 97
عبد الرحمن بن دارة
طويل
إزْلُ
4: 424
(عبد الرحمن بن دارة)
طويل
الغسلُ
2: 401
(عبد الله بن همام)
طويل
الثعْلُ
1: 321
الفرزدق
طويل
فحلُ
4: 157
-
طويل
جزلُ
1: 334/ 2: 319، 430
الأخطل
طويل
يتركَّلُ
3: 60
الأخطل
طويل
يتسلسلُ
4: 357
الأخطل
طويل
حنكلُ
4: 505
الأخطل
طويل
*ومفصلُ
1: 451
أوس بن حجر
طويل
معسَّلُ
2: 80
أوس بن حجر
طويل
وحثْيَلُ
5: 352
أوس بن حجر
طويل
علُ
1: 47
(ثروان العكلي)
طويل
تأتلُ
3: 210
زياد الأعجم
طويل
تؤكلُ
2: 372
(الشنفرى الأزدي)
طويل
وأفكلُ
5: 151
الشنفرى الأزدي
طويل
أعقلُ
4: 434
(عبد الله بن رواحة)
طويل
*معزلُ
6: 8
(القتال الكلابي)
طويل
يعلَّلُ
4: 49(6/191)
(القطامي)
طويل
*ودغفلُ
5: 188
القطامي
طويل
كفَّلُ
1: 119/ 4: 32
كثير
طويل
تأفلُ
4: 420
كثير
طويل
حفَّلُ
5: 132
(كعب بن زهير)
طويل
أفعلُ
1: 429
الكميت
طويل
محجَّلُ
1: 49
مزاحم
طويل
مقبلُ
2: 23
-
طويل
منخلُ
فهرس الأشعار
3: 26
-
طويل
*أزملُ
5: 329
-
طويل
*ومعقلُ
5: 417
-
طويل
تسألُ
2: 21
الأعشى
طويل
وقبائلُ
*2: 166/ 5: 366
(جعفر بن علبة(1))
طويل
متخاذلُ
2: 220
زهير
طويل
*حمائلُ
2: 166
كثير عزة
طويل
الأجادلُ
1: 191
(كثير بن مزرد)
طويل
بلابلُ
2: 167
لبيد
طويل
شاملُ
2: 253
(لبيد)
طويل
الأناملُ
4: 313
(لبيد)
طويل
*عاسلُ
6: 110
لبيد
طويل
*واسلُ
1: 319
(مزرد بن ضرار)
طويل
سائلُ
3: 429
مزرد بن ضرار
طويل
قاحلُ
1: 490
النابغة
طويل
شاملُ
1: 496/ 3: 356
(النابغة)
طويل
ونائلُ
3: 154
ابن هرمة
طويل
المزايلُ
1: 313
-
طويل
*آهلُ
1: 484
-
طويل
الصياقلُ
4: 21
-
طويل
*نازلُ
4: 89
-
طويل
المراسلُ
4: 365
-
طويل
العطابلُ
1: 419
(بلال بن حمامة)
طويل
وجليلُ
3: 124
(حميد بن ثور)
طويل
فذميلُ
1: 125
أبو خراش الهذلي
طويل
نصيلُ
فهرس الأشعار
1: 257
(أبو خراش) الهذلي
طويل
خميلُ
4: 7
(أبو خراش) الهذلي
طويل
وذميلُ
3: 222
ذو الرمة
طويل
نحيلُ
1: 154
(رجل من بني عقيل)
طويل
شغولُ
2: 388
طرفة
طويل
ومسيلُ
1: 80
(طفيل الغنوي)
طويل
فمحولُ
2: 70
(كعب بن سعد الغنوي)
طويل
لدليلُ
1: 20
ابن ميادة
طويل
أليلُ
2: 72
ابن ميادة
طويل
شغولُ
3: 379
ابن ميادة
طويل
وجديلُ
3: 463
-
طويل
أقول
4: 145
الأخطل
طويل
فأجاولُه
__________
(1) انظر الحماسة بشرح المرزوقي (1: 46).(6/192)
4: 23
تميم بن مقبل
طويل
كاهلُه
4: 6
جرير
طويل
نواصلهُ
5: 176
جرير
طويل
وجلاجلُه
1: 265
الحطيئة
طويل
تباعلُه
2: 212
(الحطيئة)
طويل
حواصلُه
1: 64
خوات بن جبير
طويل
آجلُه
2: 372
زهير
طويل
فعاقلُه
5: 205
(زهير)
طويل
جحافلُه
4: 256
( زينب بنت الطثرية)
طويل
مراجلُه
6: 109
(ضابئ بن الحارث البرجمي)
طويل
أناملُه
1: 490
(عمرو بن الفضفاض)
طويل
عواملُه
5: 432، 445
(ابن ميادة، أو ذو الرمة)
طويل
محاملُه
1: 95/2: 452
أم يزيد بن الطثرية(1)
طويل
وبآدلُه
فهرس الأشعار
1: 86
-
طويل
معاقلُه
1: 189
-
طويل
قاتلُه
1: 411
-
طويل
صواهلُه
4: 259
-
طويل
وأصائلُه
2: 94
أوس بن حجر
طويل
بلالُها
1: 221، 420
(ذو الرمة)
طويل
نصالُها
2: 142
ذو الرمة
طويل
(واحتبالُها)
5: 157
ابن الطثرية
طويل
[كتالُها]
1: 434
( المخبل السعدي)
طويل
*جدالُها
5: 41
-
طويل
واعتدالُها
1: 165
الأخطل
طويل
هديلُها
4: 270
(جرير)
طويل
وطولُها
2: 119/3: 38
(ذو الرمة)
طويل
زويلُها
3: 79
ذو الرمة
طويل
*جديلُها
4: 67
كثير
طويل
تؤولُها
3: 455
-
طويل
يزيلُها
2: 316
(ابن أحمر)
بسيط
الأملُ
1: 59
الأعشى
بسيط
*الإبلُ
1: 363
الأعشى
بسيط
تبلُ
1: 390/3: 236، 267
الأعشى
بسيط
الثمِلُ
2: 106
الأعشى
بسيط
تحتملُ
4: 126
الأعشى
بسيط
الرجلُ
4: 239
الأعشى
بسيط
عجلُ
4: 239
الأعشى
بسيط
العِجلُ
4: 323
الأعشى
بسيط
خبلُ
5: 125،* 144
الأعشى
بسيط
مكتهلُ
فهرس الأشعار
6: 30
(القطامى)
بسيط
الهبلُ
1: 20
الكميت
بسيط
الفضلُ
2: 152
الكميت
بسيط
*نزلوا
4: 14/5: 53
المتنخل الهذلي
__________
(1) أو زينب أخت يزيد، أو العجير السلولي.(6/193)
بسيط
مقتبلُ
1: 502
-
بسيط
وينتعلُ
2: 456
-
بسيط
ثملُ
3: 195/5: 459
-
بسيط
مشتغلُ
4: 118
-
بسيط
والخضلُ
5: 409
-
بسيط
*بللُ
6: 53
-
بسيط
إبلُ
6: 89
-
بسيط
والعملُ
2: 385
(تميم بن مقبل)
بسيط
*خناطيلُ
2: 455
الراعي
بسيط
مدخولُ
4: 357
الشماخ
بسيط
العزاهيلُ
4: 288
طفيل
بسيط
*مبلولُ
4: 174
(عبدة بن الطبيب)
بسيط
إزميلُ
2: 140
علقمة
بسيط
*الحواجيلُ
1: 152
كعب بن زهير
بسيط
العساقيلُ
2: 22
كعب بن زهير
بسيط
*تحليلُ
2: 42/ 3: 216
كعب بن زهير
بسيط
شمليلُ
4: 242
كعب بن زهير
بسيط
تنعيلُ
4: 70
-
بسيط
ومعقولُ
3: 197
-
وافر
*العيالُ
6: 54
-
وافر
الجمالُ
2: 36
أحيحة بن الجلاح
وافر
الفصيلُ
3: 26
أحيحة بن الجلاح
وافر
كسولُ
فهرس الأشعار
4: 70
أحيحة بن الجلاح
وافر
العقولُ
1: 285
(حسان بن ثابت(1))
وافر
العويلُ
2: 58
(عبد الله بن عنمة)
وافر
السبيلُ
2: 479/ 3: 292/ 5: 427
عبد الله بن عنمة
وافر
والفضولُ
1: 140
المرار
وافر
قليلُ
3: 80
-
وافر
ذبولُ
2: 20
(الفرزدق)
كامل
يتحلحلُ
4: 99
الفرزدق
كامل
وتعكلُ
1: 20
-
كامل
يقتلوا
2: 30
(جرير)
كامل
*نزولُ
4: 486
جرير
كامل
قتيلُ
1: 358
-
سريع
والمرسَلُ
5: 365
(النابغة)
سريع
*الناهلُ
2: 156
(تأبط شراً، أو الشنفرى(2))
خفيف
لخلُّ
3: 412
(أبو ذؤيب الهذلي)
خفيف
يقالُ
1: 199
الكميت
متقارب
المبجلُ
2: 247، 290
الكميت
متقارب
يخجلوا
3: 242/ 5: 199
الكميت
متقارب
*والمشبلُ
4: 438
(الكميت)
متقارب
الأثعلُ
4: 459
الكميت
متقارب
جرولُ
6: 37
الكميت
متقارب
__________
(1) وتروى لعبد الله بن رواحة، ولكعب بن مالك.
(2) أو خلف الأحمر.(6/194)
*هوجلُ
6: 70
(الكميت)
متقارب
هتملوا
1: 258
الكميت
متقارب
جرولُ
فهرس الأشعار
4: 16
الكميت
متقارب
يوهلُ
1: 9
-
متقارب
الشمالُ
2: 37
الأعشى
متقارب
أجمالُها
3: 366
الأخطل
طويل
الخطْلِ
3: 334
البعيث
طويل
النعلِ
4: 211/ 5: 321
جرير
طويل
ذبلِ
1: 55
(الحطيئة)
طويل
بُخْلِ
5: 74
(حميدة بنت النعمان بن بشير)
طويل
الفحل
5: 57
ذو الرمة
طويل
ذحلِ
2: 197/ 6: 39
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
الخُطلِ
3: 394/ 5: 319
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
النحلِ
1: 245
عمرو بن شأس
طويل
البَزْلِ
5: 133
(الفرزدق)
طويل
والخبلِ
5: 447
(الكميت)
طويل
والأصْلِ
1: 371/ 5: 103
-
طويل
ثُجْلُ
4: 90
-
طويل
عصلِ
4: 346
-
طويل
*العِضْلِ
1: 65، 112
امرؤ القيس
طويل
بجندلِ
1: 112
امرؤ القيس
طويل
تتفلِ
1: 184
امرؤ القيس
طويل
المحمَّلِ
1: 314/ 3: 347
(امرؤ القيس)
طويل
*حنظلِ
1: 494/ 2: 90
امرؤ القيس
طويل
عقنقلِ
1: 496
امرؤ القيس
طويل
*ومجوَلِ
2: 22/ 5: 29
امرؤ القيس
طويل
محلَّلِ
2: 107
امرؤ القيس
طويل
*محملي
2: 155
(امرؤ القيس)
طويل
المثقَّلِ
فهرس الأشعار
2: 210
(امرؤ القيس)
طويل
المعيَّلِ
2: 255
(امرؤ القيس)
طويل
موصَّلِ
2: 310
(امرؤ القيس)
طويل
*الكنهبلِ
3: *67، *68، 182
امرؤ القيس
طويل
مقتلي
3: 85
امرؤ القيس
طويل
*المذلَّلِ
3: 276، 427
امرؤ القيس
طويل
معجَّلِ
3: 292
(امرؤ القيس)
طويل
*بالمتنَزلِ
3: 283
امرؤ القيس
طويل
تزيَّلِ
4: 19
(امرؤ القيس)
طويل
مذيّلِ
4: 82
امرؤ القيس
طويل
مرجلِ
4: 90
امرؤ القيس
طويل
المتحملِ
4: 91
امرؤ القيس
طويل
فانزلِ
4: 97، *98، 414
امرؤ القيس
طويل
ومرسَلِ(6/195)
4: 208
امرؤ القيس
طويل
معوَّلِ
4: 255
امرؤ القيس
طويل
تحلَّلِ
4: 326/ 5: 57
امرؤ القيس
طويل
مقتَّلِ
4: 353
(امرؤ القيس)
طويل
إسحلِ
4: 406
(امرؤ القيس)
طويل
مغيلِ
4: 413
(امرؤ القيس)
طويل
مغزلِ
4: 508
امرؤ القيس
طويل
تفضَلِ
5: 44
(امرؤ القيس)
طويل
هيكلِ
5: 436
امرؤ القيس
طويل
المتفضلِ
6: 44
(امرؤ القيس)
طويل
المفتّلِ
1: 470
(تأبط شراً)
طويل
معزلِ
2: 200، 253
تأبط شراً
طويل
*خيعلِ
فهرس الأشعار
4: 333
تأبط شراً (1)
طويل
مرحّلِ
3: 446
حسان
طويل
الأوّلِ
1: 82
(ذو الرمة)
طويل
*المتململِ
2: 252، 281
ذو الرمة
طويل
خُذَّلِ
2: 364/ 3: 297
(ذو الرمة)
طويل
معبلِ
2: 423
ذو الرمة
طويل
(المخبَّلِ)
3: 392
(ذو الرمة)
طويل
*المسرولِ
4: 352
ذو الرمة
طويل
عيطلِ
4: 353
(ذو الرمة)
طويل
المعسَّلِ
5: 124
(ذو الرمة)
طويل
*محملِ
2: 22
(طفيل بن عوف)
طويل
*مجعفلِ
4: 116
عبد الله بن رواحة
طويل
علِ
1: 104
مزاحم العقيلي
طويل
المؤسَّلِ
4: 104
(مزاحم العقيلي)
طويل
يذبلِ
4: 116
(مزاحم العقيلي)
طويل
مجهلِ
4: 238
(النجاشي)
طويل
واعجلِ
1: 41
-
طويل
المؤبلِ
1: 349
-
طويل
يتفلِ
1: 466
-
طويل
حنبلِ
2: 319
-
طويل
بمأسلِ
2: 406
-
طويل
المرعَّلِ
3: 417
-
طويل
أكحلِ
4: 148
-
طويل
ممهلِ
1: 356/ 6: [159]
امرؤ القيس
طويل
القواعلِ
فهرس الأشعار
5: 416
(أبو الحجاج، أو حمران)
طويل
وناعلِ
2: 69
حسان
طويل
الغوافلِ
4: 247
ذو الرمة
طويل
يعادلِ
6: 10
ذو الرمة
طويل
الرواحلِ
1: 108
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
بطائلِ
1: 110
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
بالأصائلِ
__________
(1) ويروى أيضاً لامرئ القيس.(6/196)
2: 398، 474
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
للحمائلِ
2: 495
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
عواملِ(1)
3: 414
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
المعاقلِ
4: 314
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
عاسلِ
4: 506
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
المفاصلِ
5: 383
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
نابلِ
5: 442
(أبو ذؤيب الهذلي)
طويل
بناطلِ
5: 450
(الراعي)
طويل
كبازلِ
6: 98
(زيد الخيل)
طويل
حائلِ
1: 390
أبو طالب بن عبد المطلب
طويل
للأراملِ
2: 124
(أبو طالب بن عبد المطلب)
طويل
(عائلِ)
1: 235
(أبو الطمحان القيني)
طويل
ونائلي
1: 274
أبو الطمحان القيني
طويل
باقلِ
1: 431/ 4: 455
(معبد بن سعنة)
طويل
باطلي
*2: 366/ 3: 308
(النابغة)
طويل
ذائلِ
5: 127، 166
النابغة
طويل
الغلائلِ
3: 226
الوليد بن عقبة
طويل
وائلِ
1: 13
-
طويل
قافلِ
فهرس الأشعار
1: 226
-
طويل
مزايلِ
2: 51
-
طويل
*حابلِ
3: 38
-
طويل
الزَّوائلِ
3: 434
-
طويل
*طائلِ
4: 96
-
طويل
الرواحلِ
4: 349
-
طويل
البآدلِ
5: 374
-
طويل
*الشواكلِ
1: 343
امرؤ القيس
طويل
منوالِ
1: 349
امرؤ القيس
طويل
*متفالِ
2: 62
امرؤ القيس
طويل
البالي
3: 317
(امرؤ القيس)
طويل
(قفَّالِ)
4: 261، 341
امرؤ القيس
طويل
الخالي
5: 106
(امرؤ القيس)
طويل
*الطالي
5: 368
امرؤ القيس
طويل
عالي
6: 54
(امرؤ القيس)
طويل
*ميَّالِ
4: 17
-
طويل
مالِ
3: 424
(سليم بن سلام)
طويل
قتيلِ
2: 131
(كثير عزة)
طويل
بحبولِ
4: 185
(كعب بن سعد)
طويل
بقبولِ
4: 315
-
طويل
*بعسيلِ
1: 418
كثير
طويل
*جلالِها
3: 218
كثير
طويل
(باعتلالِها)
1: 220
-
طويل
بحبالِها
2: 260
أوس بن حجر
بسيط
__________
(1) صواب الرواية: "عواسل".(6/197)
دلدالِ
4: 113
أوس بن حجر
بسيط
*والعالي
1: 328
(حسان)
بسيط
البالِ
فهرس الأشعار
2: 114
-
بسيط
مالِي
4: 388
-
بسيط
*الغالي
5: 195
-
بسيط
*الكرابيلِ
1: 233/ 2: 28
الأعلم الهذلي
وافر
طوالِ
3: 318
(أوس بن غلفاء)
وافر
مالي
4: 284
(الحارث بن زهير)
وافر
الخلالِ
4: 326
زهير
وافر
التقالي
4: 11
(شبيب بن البرصاء)
وافر
بالخلالِ
1: 184
الكميت
وافر
الخوالي
4: 35
(لبيد)
وافر
حلالِ
4: 94
لبيد
وافر
مثالِ
4: 292
لبيد
وافر
الدخالِ
5: 372
لبيد
وافر
بالنوالِ
1: 187
(ليلى الأخيلية)
وافر
بَلالِ
1: 19
-
وافر
والإلالِ
1: 383
-
وافر
بالي
4: 174
-
وافر
بَجالِ
1: 19
الأفوه
وافر
الأليلِ
4: 358
جرير
وافر
الوعولِ
1: 286
زيد الخيل
وافر
قليلِ
1: 492
الكميت
وافر
هديلِ
2: 107
الكميت
وافر
الحميلِ
2: 121، 501
الكميت
وافر
الحويلِ
4: 434
(الكميت)
وافر
كالفليلِ
4: 467
الكميت
وافر
لفيلِ
5: 282
الكميت
وافر
*الجهولِ
فهرس الأشعار
5: 376
الكميت
وافر
المخيلِ
1: 19
-
وافر
والأليلِ
1: 61
-
وافر
بالعقولِ
2: 64
-
وافر
الأكيلِ
4: 99
-
وافر
مستطيلِ(1)
5: 417
-
وافر
النّزيلِ
4: 384
ابن أحمر
كامل
*المقبلِ
2: 428
جرير
كامل
(الأرعلِ)
4: 335
جرير
كامل
الصيقلِ
1: 257
حسان بن ثابت
كامل
فحوملِ
1: 475
(حسان بن ثابت)
كامل
الأوَّلِ
5: 75
(حسان بن ثابت)
كامل
تقتلِ
1: 440
(سهم بن حنظلة)
كامل
مبخَّلِ
1: 310
(عبد قيس بن خفاف)
كامل
(ممحلِ)
1: 315
(عنترة)
كامل
الذُّبَّلِ
3: 430
(عنترة)
كامل
المأكلِ
4: 87
(عنترة)
كامل
*توصلِ
5: 29
(عنترة)
كامل
__________
(1) في اللسان: "مستطير".(6/198)
أقتلِ
5: 433
(عنترة)
كامل
بالمنصلِ
3: 43
(أبو كبير الهذلي)
كامل
يحلَلِ
3: 108/ 6: 37
(أبو كبير الهذلي)
كامل
الهوجلِ
4: 159
(أبو كبير الهذلي)
كامل
يؤكلِ
4: 214
أبو كبير الهذلي
كامل
كالأعبلِ
4: 288
(أبو كبير) الهذلي
كامل
يقتلِ
4: 297
أبو كبير الهذلي
كامل
الأنجلِ
فهرس الأشعار
6: 16
(أبو كبير) الهذلي
كامل
الأجدلِ
6: 31
(أبو كبير الهذلي)
كامل
مهبَّلِ
6: 62
أبو كبير الهذلي
كامل
*عزَّلِ
4: 90
لبيد
كامل
الأعزلِ
4: 343
-
كامل
بمنخُلِ
1: 351
الأخطل
كامل
*متالِ
3: 298
أوس بن حجر
كامل
شوَّالِ
1: 445
جرير
كامل
الأجرالِ
2: 107
جرير
كامل
الأحمالِ
4: 75
الفرزدق
كامل
العقَّالِ
3: 302/ 4: 393
كثير
كامل
المالِ
4: 108
-
كامل
رفالِ(1)
6: 41
-
كامل
هدالِ
3: 130
(باعث بن صريم)
كامل
أسبالِها
2: 407
الفند الزماني
هزج
الرُّعلِ
4: 443
(الفند الزماني(2))
هزج
طحلِ
1: 196
(المتنخل) الهذلي
سريع
المبتلِ
2: 108/ 3: 118، 140
(المتنخل) الهذلي
سريع
الأشولِ
4: 6
(المتنخل) الهذلي
سريع
يشملِ
4: 149
المتنخل الهذلي
سريع
(شلشلِ)
2: 206/ 5: 227
امرؤ القيس
سريع
نابلِ
3: 341/ 4: 240
امرؤ القيس
سريع
السائلِ
6: 127
(امرؤ القيس)
سريع
واغلِ
3: 278
امرؤ القيس
منسرح
الجبلِ
فهرس الأشعار
4: 212
-
خفيف
وبزلِ
1: 342
(أحيحة بن الجلاح)
خفيف
عقَّالِ
1: 105
الأعشى
خفيف
الأثقالِ
1: 122
(الأعشى)
خفيف
والآكالِ
2: 221
الأعشى
خفيف
خُمالِ
2: 457
الأعشى
خفيف
للهلالِ
4: 50
الأعشى
خفيف
الحيالِ
4: 109
(الأعشى)
خفيف
غزالِ
4: 184
__________
(1) هذا هو الصواب بالروي المكسور لا ما ورد.
(2) أو امرؤ القيس بن عابس.(6/199)
الأعشى
خفيف
وشمالِ
4: 308
الأعشى
خفيف
المعزالِ
4: 320
الأعشى
خفيف
شملالِ
4: 419
الأعشى
خفيف
يبالي
5: 187،* 290
الأعشى
خفيف
أكفالِ
5: 211
الأعشى
خفيف
(الفالي)
5: 478
(الأعشى)
خفيف
اللّآلِ
6: 14
الأعشى
خفيف
الأهوالِ
3: 185
أمية بن أبي الصلت
خفيف
والأغلالِ
4: 499
(أمية بن أبي الصلت)
خفيف
العقالِ
4: 72
عبد الله بن قيس الرقيات
خفيف
اللّآلِ
5: 57
(عبيد الله بن قيس الرقيات)
خفيف
الأقتالِ
4: 129
الكميت
خفيف
بِغالِ
2: 444
النابغة الجعدي
خفيف
السيالِ
5: 3
(جميل)
خفيف
قللِه
3: 35
(أسامة بن الحارث) الهذلي
متقارب
*التلالِ
4: 114
أمية بن أبي الصلت
متقارب
وعالِ
1: 325
أمية بن أبي عائذ الهذلي
متقارب
عضالِ
فهرس الأشعار
1: 390/ 5: 90
أمية بن أبي عائذ الهذلي
متقارب
ثمالِ
1: 478
(أمية بن أبي عائذ الهذلي)
متقارب
بالرمالِ
2: 123
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
بالدحالِ
2: 252
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
وجالِ
2: 335
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
دخالِ
3: 3
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
المحالِ
3: 151
(أمية بن أبي عائذ الهذلي)
متقارب
زلالِ
3: 316/ 6: 32
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
الشمالِ
4: 423
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
الصلالِ
3: 444
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
*الإلالِ
4: 190
أمية بن أبي عائذ الهذلي
متقارب
باستلالِ
4: 236
أمية بن أبي عائذ الهذلي
متقارب
النصالِ
4: 427
(أمية بن أبي عائذ الهذلي)
متقارب
وانسجالِ
5: 161
(أمية بن أبي عائذ الهذلي)
متقارب
*كالجلالِ
5: 217
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
*كالهلالِ
5: 300/ 6: 103
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
حدالِ(6/200)
5: 316
(أمية بن أبي عائذ الهذلي)
متقارب
*يوالي
5: 421
(أمية بن أبي عائذ الهذلي)
متقارب
*النسالِ
6: 20
(أمية بن أبي عائذ) الهذلي
متقارب
مهالِ
1: 435
(مالك بن العجلان)
متقارب
بأجذالِها
(م)
3: 10
(عمرو بن شأس)
طويل
زعمْ
4: 15
عمرو بن شأس
طويل
العممْ
3: 244، 468
كعب بن زهير
طويل
ظلمْ
1: 21
-
طويل
ذممْ
1: 299
-
طويل
كالأكمْ
فهرس الأشعار
5: 448
(ذو الرمة)
وافر
طلاهم
2: 428
(مرقش الأكبر)
كامل
قلمْ
2: 135/ 6: 79
المرقش(1)
كامل
وحاتمْ
2: 69
تميم بن مقبل
رمل
المنحصمْ
4: 495
خداش بن زهير
رمل
الغنمْ
1: 97
طرفة
رمل
أزُمْ
4: 303
طرفة
رمل
النعمْ
5: 144
(عدي بن زيد)
رمل
(زيمْ)
4: 18
(المرقش الأكبر)
سريع
العمْ
1: 122/ 4: 34
الطرماح
سريع
النعامْ
1: 136
(الطرماح)
سريع
القتامْ
1: 353
(الطرماح)
سريع
*التلامْ
1: 409
الطرماح
سريع
تؤامْ
2: 6
(الطرماح)
سريع
السلامْ
2: 407
الطرماح
سريع
[الظلامْ(2)]
3: 178، (192)
الطرماح
سريع
المقامْ
4: 155
الطرماح
سريع
القيامْ
4: 207
الطرماح
سريع
البغامْ
4: 369
الطرماح
سريع
(الدمامْ)
5: 344
الطرماح
سريع
(شيامْ)
1: 28
الأعشى
متقارب
الأممْ
2: 270
الأعشى
متقارب
*درمْ
3: 300
الأعشى
متقارب
وارتسمْ
4: 512
الأعشى
متقارب
فغمْ
فهرس الأشعار
5: 157
(الأعشى)
متقارب
*كتمْ
3: 286
(عدي بن زيد)
متقارب
*كالقلمْ
5: 343
(أبو الهندي)
متقارب
العجمْ
1: 175/ 2: 421
-
متقارب
خضمّ
6: 127
-
متقارب
ينتقمْ
1: 474
الأعشى
طويل
المنمنما
2: 45/ 5: 101
الأعشى
طويل
*المحرَّما
2: *162، 386
(الأعشى)
طويل
__________
(1) أو المرقم الذهلي.
(2) أشير إليه ولم ينص عليه.(6/201)
المخدَّما
6: 151
(الأعشى)
طويل
*وأنعما
2: 396/ 3: 382
(البعيث)
طويل
أرشما
2: 469
البعيث
طويل
أعجما
1: 386
(حاتم الطائي)
طويل
*مورَّما
2: 76
حسان
طويل
وتكرُّما
3: 328
حسان
طويل
(صيما)
4: 49
(حسان)
طويل
*ملوَّما
1: 282
الحصين بن حمام
طويل
مقدَّما
2: 6
حميد بن ثور
طويل
وترنُّما
2: 394
حميد بن ثور
طويل
*فأرسما
2: 491
حميد بن ثور
طويل
لتكلَّما
3: 117
حميد بن ثور
طويل
*وأعدما
4: 132
(حميد بن ثور)
طويل
خثعما
4: 215
حميد بن ثور
طويل
مقرما
4: 341
(حميد بن ثور)
طويل
تيمما
4: 258
(شقران مولى سلامان)
طويل
عذمذما
فهرس الأشعار
2: 268
(طفيل، أو قيس بن زهير(1))
طويل
أظلما
3: 135
(عبيد بن أيوب)
طويل
تأجَّما
4: 79
عمر؟
طويل
دما
1: 118
(العوام بن شوذب الشيباني)
طويل
وألوَما
4: 18
لبيد
طويل
معمما
1: 439
المتلمس
طويل
أجذما
2: 274
(المتلمس)
طويل
فتقوّما
3: 451
(المتلمس)
طويل
لصمما
5: 456
المتلمس
طويل
أينما
1: 49
-
طويل
مرجما
1: 61
-
طويل
ويشتما
1: 102
-
طويل
نوَّما
1: 314
-
طويل
الدَّما
1: 376
-
طويل
أوهَما
1: 458
-
طويل
تجشَّما
2: 270
-
طويل
وميسما
4: 215
-
طويل
فجمجما
4: 293
-
طويل
عرمرما
5: 355
(لبيد)
طويل
عماعما
4: 192، 399
(المرقش الأصغر)
طويل
لائما
5: 178
-
طويل
أكاسما
6: 155
(أبو أسيدة الدبيري)
طويل
غنماهما
1: 43
الشماخ
طويل
نواهُما
1: 385
الشماخ
طويل
مصطلاهما
4: 101
-
طويل
عكوما
فهرس الأشعار
1: 341
القطامي
بسيط
السقَما
1: 418
القطامي
بسيط
ارتسما
2: 43
(القطامي)
بسيط
ضجَما
4: 26
(القطامي)
بسيط
__________
(1) أو شريح بن الأحوص.(6/202)
والعذما
1: 340
النابغة
بسيط
الأدما
1: 361
(النابغة)
بسيط
شبِما
2: 46
النابغة
بسيط
أدما
3: 133
النابغة
بسيط
الحزَما
1: 439
النابغة
بسيط
إضما
3: 323/ 4: 132
النابغة
بسيط
اللجما
3: 345
النابغة
بسيط
صِرَما
4: 479
(النابغة)
بسيط
*الفحما
5: 38
النابغة
بسيط
خدما
5: 78
النابغة
بسيط
*والأكما
1: 146
-
بسيط
*ورِما
4: 192
تأبط شراً
بسيط
مقاما
6: 155
تأبط شراً
وافر
[تماما]
1: 168
(يزيد بن عمرو بن الصعق)
وافر
الطعاما
1: 56
-
وافر
تُؤاما
2: 420
-
وافر
يلاما
2: 467
-
وافر
لِماما
5: 226
(الأعشى)
مجزو الوافر
التأما
6: 52
جرير
كامل
*المهزاما
1: 232/ 3: 150
ليلى الأخيلية
كامل
بريما
2: 479
ليلى الأخيلية
كامل
نجوما
2: 65/ 5: 299
النابغة
كامل
وتميما
فهرس الأشعار
1: 449
الأسعر الجعفي
كامل
عجرمَه
1: 369
(عبيد بن الأبرص)
مجزو الكامل
ثمامَه
5: 25
(عمر بن أبي ربيعة)
رمل
قوما
2: 49
(وضاح اليمن)
سريع
سلَّما
1: 30
ابن قميئة
منسرح
أمما
6: 144
(ابن هرمة، أو أبو زبيد)
منسرح
دما
3: 91
(بجير بن عنمة)
منسرح
والسلمَه
2: 24
-
خفيف
أحمَّا
1: 110
(المجنون)
طويل
حجْمُ
5: 182
(حسان)
طويل
*أكشمُ
2: 420
(أبو خراش الهذلي)
طويل
هم همُ
3: 240
أبو ذؤيب الهذلي
طويل
*خلجمُ
5: 71
(الفرزدق)
طويل
فيفعمُ
1: 190
(المسيب بن علس)
طويل
المصمِّمُ
1: 491
النابغة الجعدي
طويل
عثمثمُ
1: 42
-
طويل
ويظلمُ
1: 311
-
طويل
مبهمُ
1: 412
-
طويل
المترنمُ
1: 429
الأعشى
طويل
جاحمُ
3: 34
الأعشى
طويل
المحاجمُ
2: 249
(خثيم بن عدي)
طويل
وحاتمُ
2: 460
(عبد الله بن عمر بن الخطاب)
طويل
سالمُ(6/203)
1: 394/ 4: 266
(القطامي)
طويل
الدعائمُ
2: 425
-
طويل
راقمُ
2: 431
-
طويل
متفاقمُ
3: 380
-
طويل
*راغمُ
فهرس الأشعار
6: 110
-
طويل
*المواسمُ
1: 232
(جامع بن مرخية)
طويل
بريمُ
2: 463/ 5: 239
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
طويل
لحيمُ
*3: 240/ 6: 13
(ساعدة بن جؤية الهذلي)
طويل
هميمُ
4: 32
كثير
طويل
حطومُ
1: 166
-
طويل
تئيمُ
1: 175/* 2: 509/ *5: 180
-
طويل
رذومُ
1: 189
-
طويل
لصرومُ
1: 323
-
طويل
سليمُ
2: 46
-
طويل
حريمُ
2: 107
-
طويل
لظلومُ
2: 347
-
طويل
ذميمُ
4: 13
-
طويل
هضومُ
3: 474
(عمرو بن الفضفاض)
طويل
قوائمُه
2: 223
-
طويل
أشائمُه
1: 298
ذو الرمة
طويل
بغامُها
2: 167
(الأعلم الهذلي)
طويل
فطيمُها
3: 206
جرير
طويل
*شكيمُها
3: 384
(أبو ذؤيب) الهذلي
طويل
[فضيمُها]
1: 425
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
طويل
ويؤومُها
1: 232
الفرزدق
طويل
بريمُها
2: 237
-
طويل
أخيمُها
3: 469
-
طويل
ظليمُها
4: 435
-
طويل
يقيمُها
5: 225
-
طويل
ليمُها
5: 401
-
طويل
*رجيمُها
فهرس الأشعار
1: 399/ 6: 28
طرفة
مديد
فهمُه
2: 23
طرفة
مديد
حممُه
2: 24
طرفة
مديد
تثمُه
3: 146، 179
(خداش بن زهير)
بسيط
والحرمُ
3: 151
(خداش بن زهير)
بسيط
شبَمُ
2: 156
(زهير)
بسيط
حرِمُ
2: 498
زهير
بسيط
والرحُمُ
3: 315
(زهير)
بسيط
سئموا
3: 469
زهير
بسيط
فيظَّلمُ
5: 386
زهير
بسيط
والرخمُ
1: 482
(الفرزدق(1))
بسيط
شممُ
1: 98
-
بسيط
*زِيَمُ
3: 46
-
بسيط
الرقِمُ
5: 332
-
بسيط
سجمُ
6: 38
-
بسيط
تنثلمُ
2: 142
تميم بن مقبل
__________
(1) ويروى للحزين، وللعين، ولكثير بن كثير، ولداود بن سلم.(6/204)
بسيط
السلاليمُ
1: 80/ 6: (87)
ذو الرمة
بسيط
مومُ
1: 281
(ذو الرمة)
بسيط
ملمومُ
1: 322/ 3: 461/ 4: 311، 426
ذو الرمة
بسيط
البومُ
2: 231
ذو الرمة
بسيط
مبغومُ
*2: 362/ 5: 83
ذو الرمة
بسيط
البراعيمُ
2: 315
ذو الرمة
بسيط
*تدويمُ
2: 393
ذو الرمة
بسيط
مسجومُ
2: 394
(ذو الرمة)
بسيط
*الرواسيمُ
فهرس الأشعار
2: 488/ 4: 294
(ذو الرمة)
بسيط
مرثومُ
3: *37، [286]
ذو الرمة
بسيط
مركومُ
3: 124
(ذو الرمة)
بسيط
مهيومُ
3: 155
ذو الرمة
بسيط
(همهيمُ)
3: 168/ 4: 174
ذو الرمة
بسيط
العياهيمُ
3: 284/ 4: 468/ 5: 92
(ذو الرمة)
بسيط
(هيمُ)
3: 399
(ذو الرمة)
بسيط
*الأكاميمُ
3: 411
ذو الرمة
بسيط
وتقويمُ
4: 16
(ذو الرمة)
بسيط
الخراطيمُ
4: 237
ذو الرمة
بسيط
ترنيمُ
4: 251
ذو الرمة
بسيط
تسقيمُ
4: 321
(ذو الرمة)
بسيط
*عيشومُ
4: 365
ذو الرمة
بسيط
علجومُ
4: 506/ 5: 384
(ذو الرمة)
بسيط
مفصومُ
5: 45
ذو الرمة
بسيط
*الأناعيمُ
5: 185
ذو الرمة
بسيط
*مكعومُ
5: 375
(ذو الرمة)
بسيط
نيمُ
3: 206
(علقمة بن عبدة)
بسيط
مشكومُ
4: 262
علقمة بن عبدة
بسيط
*مركومُ
4: 377
(علقمة بن عبدة)
بسيط
معجومُ
5: 156
(علقمة بن عبدة)
بسيط
*ملمومُ
1: 463
-
بسيط
*الخراطيمُ
4: 229
-
بسيط
عيثومُ
2: 128
(أبو الأسود الديلي)
وافر
ملمُّ
4: 222
أوس بن حجر
وافر
مرامُ
3: 344
بشر بن أبي خازم
وافر
صرامُ
فهرس الأشعار
3: 345
بشر بن أبي خازم
وافر
الظلامُ
5: 59
(الحارث بن خالد بن العاص)
وافر
واقتثامُ
2: 106
(عمرو بن حسان)
وافر
تمامُ
3: 392
(أبو الغول الطهوي)
وافر
*اللحامُ
2: 20
الفرزدق
وافر
النيامُ
4: 334
النابغة
وافر(6/205)
*يا عصامُ
4: 335
-
وافر
الكرامُ
3: 132
(الأخطل)
وافر
لئيمُ
3: 109
أمية بن أبي الصلت
وافر
مقيمُ
4: 285
(البرج بن مسهر)
بسيط
يلومُ
3: 344/ 2: 78، 98
(سلمة بن الخرشب(1))
وافر
الأديمُ
1: 39، 312
(غامان بن كعب)
وافر
النعيمُ
1: 186
(غامان بن كعب)
وافر
منيمُ
1: 272
(قيس بن زهير)
وافر
وخيمُ
4: 110
قيس بن زهير
وافر
يريمُ
3: 473
(المعلى بن حمال)
وافر
الغريمُ
2: 93
(الوليد بن عقبة)
وافر
الأديمُ
4: 21
(الوليد بن عقبة)
وافر
تريمُ
1: 129
-
وافر
مليمُ
3: 469
-
وافر
الظليمُ
4: 484
-
وافر
يتيمُ
5: 53
(طريف العنبري)
كامل
يتوسَّمُ
1: 141
-
كامل
الأحلمُ
4: 325
-
كامل
مُعلَمُ
4: 333
-
كامل
والمعصمُ
فهرس الأشعار
2: 73
لبيد
كامل
*قيامُ
1: 218
لبيد
كامل
المختومُ
2: 139
لبيد
كامل
*علكومُ
4: 16
لبيد
كامل
كرومُ
4: 82
لبيد
كامل
المظلومُ
2: 389
-
كامل
*رزيمُ
1: 29/ 2: 212
لبيد
كامل
وأمامُها
1: 34/ 4: 58
لبيد
كامل
فرجامُها
1: 51، 160
لبيد
كامل
*إبهامُها
2: 8، 150
لبيد
كامل
(آرامُها)
2: 221
لبيد
كامل
تسجامُها
3: 18
لبيد
كامل
*أزلامُها
3: 35
لبيد
كامل
وقرامُها
3: 172
لبيد
كامل
وبغامُها
4: 67
لبيد
كامل
طعامها
4: 112
لبيد
كامل
أيَّامها
4: 184
لبيد
كامل
بهامها
4: 221
لبيد
كامل
خِتامها
4: 244
لبيد
كامل
*هيامها
4: 275
لبيد
كامل
قلاَّمها
4: 305
لبيد
كامل
أقدامها
4: 333
لبيد
كامل
أعصامها
4: 391
لبيد
كامل
أجسامها
4: 400
(لبيد)
كامل
مدامُها
4: 490
(لبيد)
كامل
*لجامُها
5: 191
(لبيد)
كامل
__________
(1) ويروى أيضاً للكلحبة العرني. انظر المفضليات (1: 31، 38).(6/206)
ظلامها
فهرس الأشعار
6: 5
(لبيد)
كامل
جهامُها
4: 224
-
سريع
يعتَمُ
2: 332
-
منسرح
والأتمُ
1: 340
أبو دواد
خفيف
عصامُ
4: 248
حسان بن ثابت
خفيف
النعيمُ
4: 175
أبو دواد
خفيف
عيهومُ
3: 63
(عبد الرحمن بن حسان)
خفيف
الكريمُ
3: 382/ 4: 446
(البريق الهذلي)
متقارب
الفيلمُ
2: 182/ 3: 145
-
متقارب
والمرزمُ
3: 386
(المرار الفقعسي)
طويل
الكلمُ
4: 293
(معقل بن خويلد)
طويل
العرمُ
6: 116
-
طويل
جَرمِ
4: 111
ابن أحمر
طويل
لأيّمِ
1: 225
الأسود بن يعفر
طويل
ألحُمِ
1: 237
(الأعشى)
طويل
*المكمَّمِ
3: 223
الأعشى
طويل
شيهمِ
6: 91
(الأعشى)
طويل
(يثمثم)
4: 473
(أعشى همدان(1))
طويل
مسلمِ
1: 268
أوس بن حجر
طويل
*فالمتثلمِ
1: 418
(أوس بن حجر)
طويل
تقرَّمِ
*2: 93/ 5: 240
أوس بن حجر
طويل
تحلَّمِ
2: 178
(أوس بن حجر)
طويل
*المخزَّمِ
2: 352/ 5: 75
أوس بن حجر
طويل
مقرَمِ
2: 380/ 4: 244
أوس بن حجر
طويل
يترمرمِ
4: 346
أوس بن حجر
طويل
عرمرمِ
فهرس الأشعار
1: 50
(جابر بن حُنَيّ التغلبي)
طويل
درهمِ
1: 314
(جابر بن حُنَيّ التغلبي)
طويل
بالدمِ
1: 48
(أبو حية النميري)
طويل
مأتمِ
1: 340
(ذو الرمة)
طويل
المتتممِ
1: 348
(ذو الرمة)
طويل
المتهشّمِ(2)
4: 94
ذو الرمة
طويل
المحطَّمِ
1: 140/ 4: 114
زهير
طويل
جرثمِ
1: 380/ 4: 290
زهير
طويل
فتتئمِ
2: 21
(زهير)
طويل
ومحرمِ
2: 189/ 4: 468
(زهير)
طويل
ومفأمِ
2: 211
زهير
طويل
مجثمِ
2: 373
(زهير)
طويل
*الفمِ
3: 140
زهير
طويل
*ومبرمِ
4: 323
زهير
طويل
فيهرمِ
5: 346
__________
(1) أو ابن قيس الرقيات.
(2) هي رواية أخرى في القافية التي قبلها.(6/207)
زهير(1)
طويل
درهمِ
6: 154
(سحيم بن وثيل)
طويل
زهدمِ
1: 23/ 2: 390
(صخر الغي الهذلي)
طويل
مرزمِ
3: 445
(صخر الغي الهذلي)
طويل
*العرمرمِ
4: 332
(طفيل)
طويل
معصمِ
6: 142
(عبيد القشيري)
طويل
بمعظمِ
4: 50
(عياض بن درة)
طويل
مصلمِ
4: 101
(أبو كبير) الهذلي
طويل
متكرمِ
2: 393
(كثير عزة)
طويل
*بروسمِ
6: 157
(المخبل السعدي)
طويل
*للمحلَّمِ
فهرس الأشعار
3:* 376/ 5: 69
(مزرد بن ضرار)
طويل
ضرزمِ
3: 289
المسيب بن علس
طويل
*مكدمِ
4: 471
(ابن أبي مياس المرادي)
طويل
ملجمِ
1: 439، *511
(النعمان بن عدي)
طويل
منسمِ
1: 29
-
طويل
(ومطعمي)
1: 139
-
طويل
فسلِّمي
1: 323
-
طويل
*المقدَّمِ
6: 110
-
طويل
متوسمِ
1: 381
(الأخطل)
طويل
المتضاجمِ
1: 102
البعيث
طويل
متفاقمِ
1: 93
جرير
طويل
الأراقمِ
3: 79
ذو الرمة
طويل
النواسمِ
3: 122
ذو الرمة
طويل
*الأراقمِ
3: 291
(الفرزدق)
طويل
الجراضمِ
4: 207
(الفرزدق)
طويل
*بدارمِ
5: 16
(الفرزدق)
طويل
بدائمِ
5: 122
الفرزدق
طويل
وهاشمِ
1: 507
(نافع بن خليفة الغنوي)
طويل
المواسمِ
5: 269
(النجاشي)
طويل
الجماجمِ
1: 145
-
طويل
القوائمِ
1: 191
-
طويل
الأكارمِ
2: 174
-
طويل
مخارمِ
4: 224
-
طويل
بعاتمِ
4: 368
-
طويل
اللهازمِ
3: 262
(امرؤ القيس)
طويل
دامي
4: 435
(امرؤ القيس)
طويل
طامِ
فهرس الأشعار
3: 397
(حاتم الطائي)
طويل
بِضرامِ
2: 306
عمرو (بن قميئة) الضبعي
طويل
برامِ
4: 76/ 6: 31
هوبر الحارثي
طويل
عقيمِ
2: 93
-
طويل
*حليمِ
2: 335
-
طويل
*وجميمِ
1: 394
-
مديد
النسَمِ
*2: 389/ 5: 379
__________
(1) الصواب أنه جابر بن حني.(6/208)
(ساعدة بن جؤية) الهذلي
بسيط
الرزَمِ
4: 315
(ساعدة بن جؤية الهذلي)
بسيط
العسمِ
5: 375
ساعدة بن جؤية الهذلي
بسيط
كتمِ
5: 394
ساعدة بن جؤية الهذلي
بسيط
القحمِ
5: 437
(ليلى الأخيلية(1))
بسيط
*واللممِ
4: 5
النابغة
بسيط
والأثمِ
1: 91
-
بسيط
برَمِ
4: 377
(همام الرقاشي)
بسيط
أقوامِ
6: 21
(الفرزدق)
بسيط
*تهويمِ
1: 7
هشام بن عقبة
بسيط
تخييمِ
5: 194
-
بسيط
*كرزيمِ
5: 426
امرؤ القيس
وافر
الهمامِ
1: 21
(حسان بن ثابت)
وافر
النعامِ
5: 84
(ذو الرمة)
وافر
الجهامِ
1: 143
الفرزدق
وافر
المدامِ
1: 27
لبيد
وافر
الرغامِ
3: 11
لبيد
وافر
للغلامِ
3: 340
(لبيد)
وافر
وهامِ
1: 180
النابغة
وافر
(البشامِ)
فهرس الأشعار
1: 98
-
وافر
أزامِ
1: 98
-
وافر
*عامِ
1: 136
-
وافر
*آمِ
4: 313
-
وافر
الإكامِ
5: 270
-
وافر
العظامِ
5: 292
-
وافر
السنامِ
2: 472
(جرير)
وافر
الرحيمِ
6: 105
جرير
وافر
مستقيمِ
3: 188
(أبو زنباع الجذامي)
وافر
تميمِ
2: 316
(قيس بن زهير)
وافر
كمستديمِ
2: 227
(لبيد)
وافر
الظليمِ
6: 152
(معقل بن عامر)
وافر
الكريمِ
1: 22، 45
-
وافر
الأديمِ
1: 338
-
وافر
المستقيمِ
1: 427
-
وافر
الفطيمِ
4: 332
-
وافر
كالعصيمِ
4: 389
-
وافر
القديمِ
2: 306
(الأعشى)
كامل
أرمي
3: 153
طرفة
كامل
شتمي
3: 206
-
كامل
الشَّكْمِ
1: 367
عنترة
كامل
كالدرهمِ
2: 53
عنترة
كامل
*طمطمِ
2: 292
عنترة
كامل
*الديلمِ
2: 504/ 3: 194
عنترة
كامل
توهُمِ
3: 10
(عنترة)
كامل
*بمزعمِ
3: 42
(عنترة)
كامل
مخرمِ
فهرس الأشعار
3: 157
عنترة
كامل
بتوأمِ
__________
(1) ويروى للشمردل بن شريك.(6/209)
3: 173/ 5: 186
عنترة
كامل
بمحرَّمِ
3: 229
عنترة
كامل
*المعلمِ
3: 256
عنترة
كامل
مصرَّمِ
4: 181
عنترة
كامل
الأصلمِ
4: 277
عنترة
كامل
الفمِ
4: 280
(عنترة)
كامل
بمزعمِ
4: 414
(عنترة)
كامل
المستلئمِ
5: 344
عنترة
كامل
*الأعلمِ
2: 16
(أبو كبير) الهذلي
كامل
ومشرَّمِ
3: 109/ 4: 16
(أبو كبير) الهذلي
كامل
مظلمِ
4: 173
-
كامل
وأيّمِ
4: 248
-
كامل
المعدمِ
1: 148
(امرؤ القيس)
كامل
شبامِ
4: 164
(حسان)
كامل
*مدامِ
1: 378
عبيد بن الأبرص
كامل
بمدامِ
4: 37، 295
مهلهل
كامل
الأقوامِ
5: 66، 472
(مهلهل)
كامل
القدَّامِ
1: 18
-
كامل
رخامِ
3: 21
-
كامل
*الأقدامِ
2: 187
(لبيد)
كامل
*خصومِي
3: 229
(لبيد)
كامل
*بعصيمِ
5: 372
لبيد
كامل
كريمِ
4: 246
الطرماح
سريع
وكرَّامِها
1: 111
النابغة الجعدي
منسرح
أضمِ
4: 225
النابغة الجعدي
منسرح
العتمِ
فهرس الأشعار
6: 14
الكميت
خفيف
همامِ
4: 307
-
خفيف
اهتضامِ
4: 366
(أبو دواد الإيادي)
خفيف
والبلعومِ
1: 193
-
خفيف
جريمِ
(ن)
1: 76/ 2: 266، 336
عدي بن زيد
رمل
وأذَنْ
2: 317
(عدي بن زيد)
رمل
يُدَنْ
3: 423
عدي بن زيد
رمل
*العطنْ
4: 145
-
رمل
مرجحنّ
1: 43
(الأعشى)
متقارب
*الأبَنْ
1: 86
الأعشى
متقارب
الأرَنْ
1: 318/ 2: 74
(الأعشى)
متقارب
المحتضَنْ
1: 384
الأعشى
متقارب
ثكَنْ
1: 497
الأعشى
متقارب
*الجُوَنْ
1: 502/ *3: 391
الأعشى
متقارب
الضجَنْ
2: 19
الأعشى
متقارب
أسَنّْ
2: 457
الأعشى
متقارب
الظعَنْ
2: 505
الأعشى
متقارب
الردَنْ
3: 22/ 4: 398
الأعشى
متقارب
التغنّْ
3: 79
الأعشى
متقارب
السفنْ
3: 453
الأعشى(6/210)
متقارب
صفَنْ
4: 21
الأعشى
متقارب
العننْ
4: 102
الأعشى
متقارب
العكنْ
5: 125
الأعشى
متقارب
*الكتنْ
فهرس الأشعار
1: 391
(معن بن أوس(1))
طويل
ثِنى
2: 204
(معن بن أوس)
طويل
وحدَنا
1: 391
النمر بن تولب
مديد
ثنيانا
2: 407
الفرزدق
بسيط
وطنا
4: 276
-
بسيط
شجنا
2: 21
(ابن أحمر)
بسيط
حُلاَّنا
1: 213، 391
(أوس بن مغراء)
بسيط
ثنيانا
1: 494
أوس بن مغراء
بسيط
*صفوانا
3: 322
(أوس بن مغراء)
بسيط
صوفانا
4: 94
أوس بن مغراء
بسيط
لحورانا
3: 184
جرير
بسيط
شيطانا
3: 449
جرير
بسيط
قتلانا
4: 289
جرير
بسيط
سلاَّنا
4: 298
(الفرزدق)
بسيط
عريانا
5: 219
(قريط بن أنيف)
بسيط
لانا
4: 448
(بشامة بن حزن)
بسيط
فينا
1: 273
تميم بن مقبل
بسيط
*مجنونا
1: 300
تميم بن مقبل
بسيط
قرابينا
1: 321، 328/3: 154/ 5: 314
تميم بن مقبل
بسيط
البينا
1: 472
تميم بن مقبل
بسيط
ما يعفِّينا
2:* 47، 129
تميم بن مقبل
بسيط
المحارينا
2: 320
(تميم بن مقبل)
بسيط
الدِّينا
3: 28
تميم بن مقبل
بسيط
(تهدينا)
3: 137
تميم بن مقبل
بسيط
*سجينا
فهرس الأشعار
1: 135
(عمر بن أبي ربيعة)
بسيط
آمينا
1: 489
(لبيد)
بسيط
سبعينا
1: 191
-
بسيط
*(المبنُّونا)
5: 346
(عبد الشارق بن عبد العزى الجهني(2))
وافر
جهَيْنا
1: 212/ 2: 76
(القطامي)
وافر
ترانا
1: 506
-
وافر
جردبانا
2: 127/ 3: 127
ابن أحمر
وافر
قُضِينا
2: 375/ 3: 48
ابن أحمر
وافر
روينا
3: 270
ابن أحمر
وافر
*حزينا
3: 278
ابن أحمر
وافر
أوَّلينا
4: 163
ابن أحمر
وافر
ويغتدينا
5: 22
(ابن أحمر)
وافر
جنونا
5: 123
__________
(1) الصواب أنها لكعب بن زهير.
(2) انظر الحماسة (1: 171).(6/211)
الحطيئة
وافر
المتحدثينا
5: 150
(رافع بن هريم)
وافر
للبنينا
1: 337
(رجل من بني الحرماز)
وافر
طلنفحينا
2: 271
(سحيم بن وثيل)
وافر
تدّرينا
1: 234
عمرو بن كلثوم
وافر
الملجئينا
1: 380
(عمرو بن كلثوم)
وافر
أجمعينا
1: 402
عمرو بن كلثوم
وافر
ثبينا
2: 13/ 3: 168
(عمرو بن كلثوم)
وافر
سخينا
2: (35)/ 6: 105
عمرو بن كلثوم
وافر
بنينا
2: 87
عمرو بن كلثوم
وافر
يلينا
2: 173
(عمرو بن كلثوم)
وافر
*لاعبينا
2: 471
عمرو بن كلثوم
وافر
والحزونا
3: 106
(عمرو بن كلثوم)
وافر
يكونا
فهرس الأشعار
4: 6، 90
عمرو بن كلثوم
وافر
يختلينا
4: 109
عمرو بن كلثوم
وافر
صفونا
4: 272
عمرو بن كلثوم
وافر
مصلتينا
4: 363
(عمرو بن كلثوم)
وافر
زبونا
5: 79
(عمرو بن كلثوم)
وافر
جنينا
5: 237
(عمرو بن كلثوم)
وافر
مهينا
5: 409
عمرو بن كلثوم
وافر
*الأندرينا
1: 20
(الكميت)
وافر
الرنينا
1: 86
(الكميت)
وافر
(وحاطبينا)
3: 474
(الكميت)
وافر
والظبينا
1: 50
-
وافر
*صاغرينا
1: 220
-
وافر
الظنونا
1: 455
-
وافر
أوَّلينا
2: 319
-
وافر
*دينا
4: 116
-
وافر
الوابلينا
5: 308
-
وافر
تمادخينا
1: 498
-
وافر
إنَّهْ
5: 108
(الأسعر الجعفي)
كامل
جنا
2: 235
(عمر بن أبي ربيعة)
كامل
تودِّعنا
4: 406
القطامي
كامل
*السرعانا
2: 73
جرير
كامل
ضنينا
5: 290
(عبيد بن الأبرص)
مجزو الكامل
ومينا
4: 110
-
مجزو الكامل
العالمينا
5: 105
-
سريع
إلا أنا
1: 151
-
سريع
خمصانا
3: 269
(حسان بن ثابت)
خفيف
جنونا
فهرس الأشعار
4: 473
-
متقارب
فاتنا
2: 46
(شقيق بن السليك(1))
متقارب
آخرينا
1: 245
كثير عزة
__________
(1) أو ابن أخي زر بن حبيش.(6/212)
طويل
*متباطنُ
4: 176
(كثير عزة)
طويل
عاهن
*1: 410/ 3: 141
(المعطل) الهذلي
طويل
المساحنُ
1: 473
(المعطل) الهذلي
طويل
وهوازن
2: 65
(المعطل الهذلي)
طويل
*المباين
3: 366
-
طويل
الضيافنُ
3: 428
(امرؤ القيس)
طويل
غُرّانُ
4: 123
-
طويل
العلجانُ
5: 415
(جميل)
طويل
يكونُ
2: 224
-
طويل
أجونُ
4: 158
-
طويل
تحينُ
5: 261
-
طويل
تكونُ
1: 67
(الأقيبل القيني)
طويل
دفينُها
2: 125
(بثينة)
طويل
حينُها
5: 45
(حجازي)
طويل
يقينُها
4: 100
القطامي
طويل
تستعينُها
1: 120/ 2: 126
المخبل
طويل
حينُها
1: 443
(مدرك بن حصن)
طويل
*حنينُها
4: 294
(مدرك بن حصن)
طويل
*عرينُها
6: 94
(يزيد بن الطثرية)
طويل
(ثمينُها)
2: 64
-
طويل
دفينها
3: 248
-
طويل
*شجونُها
3: 17
(قعنب بن أم صاحب)
بسيط
زكنوا
فهرس الأشعار
1: 76/ 3: 299
-
بسيط
والجُنُن
2: 380
-
بسيط
*الرنَنُ
4: 291
(زهير)
وافر
تلينُ
5: 77
زهير
وافر
قرونُ
1: 318
النابغة
وافر
*الوضينُ
1: 458/ 5: 382
النابغة
وافر
شؤونُ
2: 25، 344
النابغة
وافر
*حنونُ
3: 184
النابغة
وافر
رهينُ
4: 19
(النابغة)
وافر
عَنونُ
4: 89
النابغة
وافر
الخؤونُ
1: 387
-
وافر
الثمينُ
2: 54
(حنظلة بن فاتك الأسدي)
كامل
(وتصانُ)
4: 199
(العباس بن مرداس)
كامل
معيونُ
4: 416
(الفند الزماني)
هزج
ملآنُ
1: 286
(عدي بن زيد)
رمل
برزينُها
1: 373
(حاجب بن حبيب)
متقارب
عصيانُها
2: 369
(قيس بن الخطيم)
متقارب
ذانُها
2: 505
(قيس بن الخطيم)
متقارب
أردانُها
4: 298
قيس بن الخطيم
متقارب
شانُها
4: 322
-
متقارب
قربانُها
5: 247
كثير
طويل
الملسَّنِ
4: 294
-(6/213)
طويل
المعرَّنِ
1: 165
الطرماح
طويل
صافنِ
1: 350
(الطرماح)
طويل
بالمحاجنِ
2: 193/ 3: 38
الطرماح
طويل
المخاضنِ
3: 249/ 4: 182، 366/ 5: 228
الطرماح
طويل
الشواجنِ
فهرس الأشعار
3: 254
الطرماح
طويل
(الضوائنِ)
4: 201
الطرماح
طويل
المتباطنِ
4: 265
الطرماح
طويل
بادنِ
1: 496
(ابن أحمر)
طويل
رماني
3: 383
(الأخطل)
طويل
*والدبرانِ
1: 50/ *5: 8
امرؤ القيس
طويل
أكفاني
2: 178
(امرؤ القيس)
طويل
بخزَّانِ
3: 97
امرؤ القيس
طويل
بدهانِ
5: 172
امرؤ القيس
طويل
بكِرانِ
5: 332
امرؤ القيس
طويل
بأرسانِ
5: 276
(باهلي)
طويل
الحدثانِ
1: 485
(صخر بن عمرو)
طويل
بالحدثانِ
2: 300/ 3: 406
(طهمان بن عمرو الكلابي)
طويل
يريانِ
3: 301
(طهمان بن عمرو الكلابي)
طويل
لشفاني
1: 264
عبيد بن أيوب
طويل
المتداني
2: 201
(عروة بن حزام)
طويل
الخفقانِ
3: 344
(عمران الكلبي)
طويل
بالصرفانِ
5: 316
(كثير عزة(1))
طويل
المرحانِ
2: 257/ 3: 170، 465
(كعب بن زهير)
طويل
ظعانِ
2: 281
-
طويل
بحسانِ
3: 115
-
طويل
بمُعانِ
4: 111
-
طويل
العلهانِ
6: 59
-
طويل
حصانِ
5: 411
(جميل)
طويل
*فيدوني
1: 134
-
طويل
أميني
فهرس الأشعار
2: 240
-
طويل
لشؤوني
2: 271
-
طويل
درينِ
4: 71
(عمرو بن العداء)
بسيط
عقالَيْنِ
4: 130
(أفنون بن صريم التغلبي)
بسيط
باللبنِ
5: 76
جرير
بسيط
قرَنِ
1: 320
حسان
بسيط
*يكنِ
1: 387
زهير
بسيط
*البُدنِ
3: 192
(الصمة بن عبد الله)
بسيط
والعطن
1: 422
-
بسيط
والجننِ
2: 74
-
بسيط
كالحضَنِ
1: 201
أمية بن أبي الصلت
بسيط
يجلدانِ
1: 299/ 2: 103/ 4: 120
رجل من تميم
بسيط
__________
(1) أو النابغة الجعدي.(6/214)
عليانِ
5: 276
(أبو قلابة) الهذلي
بسيط
الماني
1: 352
(أبو المثلم الهذلي)
بسيط
قنيانِ
2: 17
(أبو المثلم الهذلي)
بسيط
وانِ
1: 83
-
بسيط
أرْقان
1: 228
-
بسيط
بيَّانِ
3: 251
-
بسيط
عليانِ
4: 199
-
بسيط
وأعيانِ
4: 238
-
بسيط
غرثانِ
4: 375
(ثابت قطنة)
بسيط
*تكفيني
2: 179/ 5: 227
ذو الإصبع العدواني
بسيط
فتخزوني
3: 40
(ذو الإصبع العدواني)
بسيط
فكيدوني
4: 365
قيس؟
بسيط
تعرّيني
4: 454
(أبو محجن أو ذو الإصبع)
بسيط
بممنونِ
6: 68
(النابغة الجعدي)
بسيط
*مجنونِ
فهرس الأشعار
1: 71، 120
-
بسيط
مأفون
2: 40
-
بسيط
*الحراشينِ
2: 399
-
بسيط
*فاسقوني
3: 429
-
بسيط
يطويني
4: 353
-
بسيط
الهُونِ
4: 407
(تغلبي)
وافر
غينِ
5: 313
النمر بن تولب
وافر
*مرنِ
5: 335
النمر بن تولب
وافر
مَعنِ
1: 133
النابغة
وافر
عَنِّي
2: 366
النابغة
وافر
رفنّ
3: 105
-
وافر
*اللجينِ
2: 25
(امرؤ القيس)
وافر
الحنانِ
5: 412
(دثار بن شيبان النمري(1))
وافر
داعيانِ
1: 359/ 3: 46
(سوار بن المضرب)
وافر
تيَّحانِ
4: 22
الطرماح
وافر
عنانِ
1: 134
النابغة
وافر
لليماني
1: 295
-
وافر
بِليانِ
2: 353
-
وافر
لساني
3: 6
-
وافر
الطعانِ
3: 345
-
وافر
الأصرمانِ
3: 419
-
وافر
طيلسانِ
4: 215
-
وافر
عناني
4: 258
-
وافر
تعذلاني
4: 294
-
وافر
عرانِ
1: 303، 468
(سحيم بن وثيل)
وافر
يعرفوني
فهرس الأشعار
2: 273
(سحيم بن وثيل)
وافر
الأربعينِ
1: 242
(الشماخ)
وافر
عين
1: 387
(الشماخ)
وافر
الثَّمينِ
1: 430/ 5: 58
(الشماخ)
وافر
قتينِ
2: 47
الشماخ
وافر
__________
(1) أو الحطيئة، أو ربيعة بن جشم، أو الفرزدق.(6/215)
حرونِ
2: 236
الشماخ
وافر
الوتينِ
2: 348/ 3: 109
الشماخ
وافر
بالذنينِ
2: 499
(الشماخ)
وافر
*الطحينِ
5: 235
(الشماخ)
وافر
اللجينِ
5: 253
(الشماخ)
وافر
اللعينِ
6: 158
الشماخ
وافر
باليمينِ
2: 170
(الطرماح)
وافر
غضونِ
3: 176
الطرماح
وافر
*الشنونِ
3: 257
الطرماح
وافر
*الجنينِ
4: 170
الطرماح
وافر
ودينِ
4: 294
(الطرماح)
وافر
العرينِ
4: 367
الطرماح
وافر
المتونِ
3: 105
(عبيد بن الأبرص)
وافر
*عينِ
6: 42
(أبو الغول الطهوي)
وافر
الهدونِ
3: 199
القطامي
وافر
*شقونِ
1: 32، 162
المثقب العبدي
وافر
الحزينِ
2: *258، 291
(المثقب) العبدي
وافر
المطينِ
2: 273
(المثقب العبدي)
وافر
وديني
2: 349
(المثقب العبدي)
وافر
الغصونِ
1: 378
-
وافر
*العرينِ
2: 233
-
وافر
يثقفوني
فهرس الأشعار
4: 213
-
وافر
اليمين
4: 112
جرير
كامل
العلهانِ
5: 25
(عبد الله بن عنمة)
كامل
القطعانِ
1: 92
الفرزدق
كامل
العقبانِ
2: 151
-
كامل
الخِزّانِ
2: 208
-
كامل
الكثبانِ
5: 453
-
كامل
الثغرانِ
1: 92
(أوس بن حجر)
كامل
لجونِ
2: 234
(بدر بن عامر) الهذلي
كامل
*قروني
4: 202
(بدر بن عامر) الهذلي
كامل
عينِ
1: 129
(أبو العيال) الهذلي
كامل
تغنيني
3: 94
-
منسرح
والجننِ
4: 360
-
خفيف
مدفانِ
2: 189
(أبو دهبل، أو عبد الرحمن بن حسان)
خفيف
مسنونِ
5: 438
أبو طالب
خفيف
والزيتونِ
5: 77
مرقش
خفيف
القرونِ
3: 300
-
خفيف
الكانونِ
(هـ)
3: 342
-
بسيط
كمعناه
1: 231
-
بسيط
أعداها
4: 330
-
بسيط
ثدياها
1: 355
(أبو كاهل اليشكري)
بسيط
(أرانيها)
1: 144
-
بسيط
تلاقيها
4: 147
-
بسيط
*عانيها(6/216)
4: 268
جميل
وافر
بلاها
فهرس الأشعار
1: 361
الحطيئة
وافر
قراها
1: 193
-
طويل
وتبهبهوا
2: 295
-
خفيف
إنِيهِ
(و)
4: 231
-
كامل
التوى
4: 400
-
طويل
غوى
2: 310
(يزيد بن الحكم الثقفي)
طويل
مدَّوي
(ي)
1: 282
-
طويل
مغضيا
1: 46
(ابن أحمر)
طويل
نواجيا
2: 97
ابن أحمر
طويل
وتهاميا
3: 85
ابن أحمر
طويل
*سقائيا
5: 23
ابن أحمر
طويل
المكاويا
6: 21
ابن أحمر
طويل
الهواهيا
1: 59
الأخطل
طويل
مواليا
4: 43
الأخطل
طويل
الزوانيا
4: 355
(الأسود بن سريع)
طويل
ناجيا
2: 356
تميم بن مقبل
طويل
طاليا
4: 89
(تميم بن مقبل)
طويل
*النواصيا
1: 417
جرير
طويل
تماريا
5: 173
جرير
طويل
المكاريا
1: 152
(ذو الرمة)
طويل
*أوى ليا
4: 484
(ذو الرمة)
طويل
*تفاديا
5: 218
(ذو الرمة)
طويل
التقاضيا
4: 278
الراعي
طويل
غواليا
1: 133/ 4: 123
سحيم عبد بني الحسحاس
طويل
تهاديا
فهرس الأشعار
6: 104
سحيم عبد بني الحسحاس
طويل
المكاويا
1: 329
(عبد يغوث بن وقاص)
طويل
(يمانيا)
5: 231
(عبد يغوث بن وقاص)
طويل
*بنانيا
1: 9
عبيد بن أيوب العنبري
طويل
فؤاديا
1: 492
(عويف القوافي، أو سحيم)
طويل
*الصواديا
1: 242
(مالك بن الريب)
طويل
بواكيا
2: 192
(مرداس الدبيري)
طويل
البجاريا
4: 509
(المعذل البكري)
طويل
(تناديا)
4: 398
(المغيرة بن حبناء)
طويل
تغانيا
2: 81
(منظور الدبيري)
طويل
بدائيا
2: 40
-
طويل
طاليا
2: 492
-
طويل
حافيا
4: 135
-
طويل
*طاميا
4: 460
-
طويل
تناديا
2: 175
-
طويل
*خرثيّا
2: 200
(أبو بكر بن عبد الرحمن(1))
خفيف
هويَّا
4: 469
-
وافر
غنيُّ
2: 320
(أبو ذؤيب الهذلي)
__________
(1) أو كثير.(6/217)
متقارب
وفيُّ
2: 309
(أبو ذؤيب الهذلي)
متقارب
الحميريُّ
3: 112
الحطيئة
وافر
بسيّ
5: 456
-
وافر
*النَّفِيّ
(الألف اللينة)
1: 391
(معن بن أوس(1))
طويل
ثِنى
فهرس الأشعار
1: 113
الأسعر الجعفي(2)
طويل
واللظى
1: 254
الأسعر الجعفي
كامل
وأى
1: 286
الأسعر الجعفي
كامل
بكى
5: 108
(الأسعر الجعفي)
كامل
جنا
5: 227
(العجير السلولي)
متقارب
واللأى
فهرس الأشعار
(أجزاء أبيات)
1: 45
-
أبيّ الضيم من نفر أباة
3: 389
الكميت
إذا علا سطة المضبأين
2: 465
-
أرار الله مخك في السلامى
1: 236
أمية بن أبي الصلت
الخالق البارئ المصور
1: 153
-
أنى ومن أين آبك الطربُ
4: 187
-
أيها السائل عن عوصائها
1: 182
-
يصبصن إذ حدينا
2: 272
حميد بن ثور
تجود بمدريين
4: 143
المخبل
تعامس حتى يحسب الناس أنها
2: 280
-
دعاك الله من ضبع بأفعى
2: 451
-
سليم جنب الرهقا
3: 286
-
صعل الرأس قلت له(3)
2: 26
-
طلبت الثأر في حكم وحاء
1: 17
-
على إف هجران وساعة خلوة
4: 199
-
فقد قر أعيان الشوامت أنهم
3: 436
-
فطرنا إليهم بالقنابل والقنا
4: 291
الطرماح
قليل العرك يهجر مرفقاها
فهرس الأشعار
5: 481
حميد
كتواهق النمس
4: 81
-
لا بأس إني قد علقت بعقبة
6: 136
امرؤ القيس
لا يواكل نهزها
4: 170
-
لست سليمان كعهدانك
1: 344
-
لو كان حيا لغاداهم بمترعة
3: 413
-
لوهد جاده طفل الثريا
2: 199
-
مصاليت خطارون بالرمح في الوغى
4: 147
-
هل أنت مطيعي أيها القلب عنوة
2: 51
الطرماح
وابن سلمى على حرد
3: 41
-
والخيل تعدو زيما حولنا
3: 266
رؤبة
وشرية في قرية
4: 364
-
__________
(1) الصواب أنها لكعب بن زهير.
(2) أو الأفوه الأودي.
(3) انظر: (مركومُ).(6/218)
وعجلزة يزل اللبد فيها
1: 32
-
وعلمت أن ليست بدار تئية
2: 289
حميد
وقربن للترحال كل مدفع
4: 159
عمر بن لجأ
ومن هضب الأمور معنقات
2: 319
-
يا دين قلبك من سلمى وقد دينا
5: 143
الفرزدق
يكهدون الحمر
الفهرس الثالث
فهرس الأرجاز
ـــــ
انظر التنبيهات التي سبقت في فهرس الأشعار
فهرس الأرجاز
3- فهرس الأرجاز
(أ)
4: 134
العجاج(1)
أعماؤهُ
1: 399
-
إثآءِ
4: 310
أبو النجم
خلائِه
1: 115
-
جوزائه
2: 405
(عمر بن لجأ)
امتلائِها
4: 308
عمر بن لجأ
انطوائِها
4: 84
-
ورائِها
(ب)
1: 193
رؤبة
يبِبْ
6: 158
(رؤبة)
اليلبْ
1: 240
أبو وجزة
لغِبْ
1: 346
-
كثَبْ
1: 400
-
الرُّكَبْ
1: 423/ 2: 26
-
بالسببْ
2: 383
-
الربَبْ
4: 85
-
انثعبْ
4: 340
-
عصَبْ
4: 338/ 5: 87
(رؤبة)
العصَّابْ
3: 280
(عبيد الله بن جحش)
أصبابْ
3: 435
(كثير بن كثير)
الطابْ
2: 27
(أبو محمد الفقعسي)
أحبَّا
2: 391
-
أرزبَّا
4: 54
-
صلبا
2: 368
(الدبيري)
أذْأبا
1: 513
(رؤبة)
جخدبا
2: 66
رؤبة
الحوشبا
3: 86
(رؤبة)
أسقبا
4: 187
-
مقربا
1: 25
العجاج
أو أقربا
2: 380
(العجاج)
أنضبا
3: 432
(العجاج)
الأثأبا
4: 310
العجاج
عزبا
4: 304
(العجاج)
معقربا
2: 102
-
عجبا
2: 185
-
أخشبا
2: 341
-
أهدبا
4: 342
-
تحلَّبا
2: 483
-
فربا
فهرس الأرجاز
4: 350
-
صاحبا
1: 394
-
المثابا
2: 348
النابغة
الأذبَّه
2: 27
-
أبَهْ
1: 130
-
إلبُ
3: 217
(تميمي)
الأشنبُ
2: 242
-
منعبُ
4: 83
-
معقبُ
4: 79
-
عواقبُ
1: 211/ 2: 89
-
الحقابُ
2: 432
-
الخضابُ
3: 463
-
__________
(1) الصواب أنه رؤبة.(6/219)
ظبظابُ
1: 99
-
المحسوبُ
4: 122
-
نيبُ
4: 162
-
دبيبُ
3: 191
(دكين بن رجاء)
شعبُه
5: 133
(دكين بن رجاء)
نجنبُه
3: 417
-
جلبُه
1: 413
الأغلب
كالحُبّ
1: 49
خالد بن زهير الهذلي
ذؤيبِ
1: 500
(رؤبة)
وجأْبي
3: 376
(رؤبة)
حزبي
6: 127
(رؤبة)
وغبِ
1: 424/ 4: 339
(أبو محمد الفقعسي)
عصب
1: 101
(منظور بن حبة)
بالإدْبِ
3: 209
(أبو النجم العجلي)
قعبي
1: 7
-
الغربِ
1: 23
-
أجبّ
4: 331
-
الكلب
5: 287
-
القلبِ
2: 404/ 3: 385
-
يخيَّبِ
3: 39
-
الغيَّبِ
3: 96
-
الأشهبِ
4: 25
-
والتذعلبِ
4: 79
-
النوائبِ
4: 79
-
عواقبِ
1: 347/ 5: 389
(الأغلب العجلي)
التريبِ
1: 65
-
الجريبِ
1: 130
-
ألوبِ
4: 368
الأريقط
أنيابِه
3: 122
-
هدَّابها
4: 103
-
أذنابها
4: 122
-
حبابها
(ت)
6: 19
-
واحقوقفتْ
3: 309
(الشماخ)
الرومياتْ
3: 124
-
سبتا
6: 23
-
لهيَّتا
فهرس الأرجاز
5: 233
(رؤبة)
سرَيتُ
1: 420
(أبو محمد الفقعسي)
أعطَيتُ
1: 171
-
بتُّ
3: 92
(رؤبة)
سليتُ
4: 113
(رؤبة)
علِيتُ
1: 144
(العجاج)
المأنوتُ
2: 473
-
زمَّيتُ
5: 457
-
كتيتُ
2: 103
(مبشر بن هذيل)
شاتُه
4: 504
-
مذحتِ
1: 16
(الأغلب، أو الراهب)
وأطَّتِ
1: 139
العجاج
مدَّتِي
2: 457
العجاج
رحمتي
4: 225
العجاج
استقلتِ
6: 93
(العجاج)
فاستقرَّتِ
2: 342
-
البرارتِ
3: 99
-
السامتِ
2: 387/ 3: 346
(الأغلب العجلي)
فقرتِه
4: 68
(جندل أو حميد)
عفراتِه
1: 158
-
بأوَّلاته
1: 51/ 3: 309
-
صماتِها
(ث)
2: 29
-
حثْ
1: 34/
5: 153
(أبو زرارة النصري)
أبثا
2: 137(6/220)
(الجليح بن شميذ)
حثا
1: 8
-
الأثيثا
1: 8/ 2: 489
(رؤبة)
الأُثائثُ
6: 6
(العجاج)
الهثهاثُ
4: 190
-
خبيثُ
5: 201
(رؤبة)
ملثلثِ
(ج)
1: 217/ 6: 64
(أبو محرز المحاربي)
الهمجْ
1: 450
-
جَرِجْ
4: 29
-
حجتجْ
4: 304
-
بعرَجْ
3: 137
(أحد الحارثيين)
الساجْ
2: 192
جندل (بن المثنى)
الأعفاج
5: 272
-
*البجباجْ
3: 362
(جرير)
تولجا
1: 166
رؤبة، والصواب العجاج
عسلجا
4: 108
(العجاج)
حجا
1: 267
(العجاج)
تبعَّجا
1: 296
(العجاج)
أبلجا
3: 156
(العجاج)
مسرَّجا
4: 44
العجاج
خدلَّجا
فهرس الأرجاز
4: 167
العجاج
تسبَّجا
4: 328
العجاج
هدَّجا
4: 515
(العجاج)
الفنرجا
2: 221
-
منضجا
2: 385
-
زجرجا
4: 122
-
علَّجا
5: 259
-
عسلجا
4: 28
-
عاججا
2: 46
-
دمَّجُ
6: 52
-
تهزَّجُ
3: 459
(منظور بن مرثد)
الطَّثْرَجِ
3: 163
أبو النجم
تحرَّجِ
2: 31
-
بالمحجحجِ
4: 91
-
الخزرجِ
4: 166
-
تزوَّجِ
4: 268
-
التبوُّجِ
4: 266
-
الدوامجِ
1: 9
حميد
ائتجاجِ
1: 173
-
البجباجِ
2: 385
-
سواجِ
3: 165
-
الحجَّاجِ
(ح)
1: 121
-
تطَّفِحْ
5: 442
-
*تنتطحْ
1: 476
(راجز من الجن)
الصباحْ
1: 508
-
برَّحا
1: 35
(أبو النجم)
القبيحا
2: 265
أبو النجم
مدحوحا
3: 151
أبو النجم
مسدوحا
4: 240
أبو النجم
فصيحا
5: 189
(أبو النجم)
مردوحا
1: 239
-
بروحا
1: 297
-
الصبوحا
3: 233
-
مشيحا
4: 170
-
والفتوحا
1: 214
-
تبدَّحُ
1: 297
-
مضبَّحُ
1: 10
-
وأحِّ
2: 381
-
الرحرحِ
4: 150
-
البارحِ
3: 234
(أبو السوداء العجلي)
شياحِ
3: 93
لبيد
الأمساحِ
1: 9
-(6/221)
أحاحِ
1: 10
-
الممتاحِ
1: 215
-
بالجحجاحِ
1: 261
-
اللقاحِ
4: 455
-
والصبوحِ
(خ)
2: 266
(العجاج)
الدخَّا
5: 203
(العجاج)
ولخَّا
1: 10
-
أخَّا
6: 75
(الزفيان)
وخواخا
1: 11
-
الأخيخه
فهرس الأرجاز
2: 304
(العجاج)
دنَّخُوا
3: 437
العجاج
الطبَّخُ
4: 135
-
المسبَّخِ
5: 304
-
فتمَّخِهْ
(د)
2: 270
-
أحدْ
4: 86
(رؤبة)
الإعقادْ
5: 169
(رؤبة)
الأوتادْ
2: 84
-
حفَّادْ
3: 100
-
الأزوادْ
5: 183
-
بالأكبادْ
5: 338
إياس الخيبري
مغدا
1: 11
-
إدَّا
1: 12
-
وأدَّا
1: 425
-
جحْدا
2: 11
-
ابتدَّا
4: 30
-
استعدَّا
4: 361
-
علكدَّا
1: 471
العجاج
مصيَدا
4: 350
(الفقعسي)
جلاعدا
1: 64
-
الردَى
2: 49
-
أبعدا
2: 293
-
أبَدا
2: 410
-
المعقَّدا
4: 45
-
مصرَّدا
4: 233
-
معبَدا
4: 354
-
علوَّدا
1: 438
(أبو محمد الفقعسي)
واتدا
4: 175
-
الراقدا
5: 288
-
مائدا
2: 4
-
الصعَادا
4: 31
-
سعادا
4: 380
-
مغدادا
3: 343
الزباء
شديدا
6: 78
(الزباء)
وئيدا
4: 11
-
نهدَه
4: 154
-
ولدَه
5: 176
-
كرديدَه
5: 336
(أحمر بن جندل)
معدُ
1: 304
-
يا سعدُ
4: 340
-
وِردُ
4: 154
جندل
مستوردُ
4: 358
(أبو وجزة)
الورَّادُ
4: 438
(رؤبة)
يزيدُ
1: 14
الكذاب الحرمازي
وطيدُ
1: 462
-
أملودُ
4: 231
(دكين)
ببردِه
5: 452
(أبو نخيلة)
كالشهدِ
1: 176
-
الأبدِ
2: 23/ 3: 208
-
الجعدِ
3: 249
-
بنجدِ
3: 333
-
القمدِّ
3: 475
-
جعدِ
فهرس الأرجاز
6: 153
-
سعدِ
4: 249
أبو نخيلة
الردِي
1: 408
-
اليدِ
4: 351
-
والمعضَّدِ(6/222)
5: 479
-
وازددِ
6: 65
(رؤبة)
الإهمادِ
4: 223
-
البلادِ
2: 379
ذو الرمة
التقليدِ
4: 305
(ذو الرمة)
بالتعريدِ
4: 153
-
عنودِ
4: 231
(دكين)
ببردِه
4: 201
-
لريدِها
(ذ)
4: 199
-
قذَى
1: 12
-
أذِّ
(ر)
1: 493
(جندل بن المثنى)
جؤرْ
1: 142
(العجاج)
الأشَرْ
1: 202
(العجاج)
وبَحِرْ
1: 487
(العجاج)
جهَرْ
1: 501/ 4: 186
العجاج
فجبرْ
2: 116، 141
العجاج
البَهرْ
4: 21
(العجاج)
كسرْ
4: 40
(العجاج)
الغَدرْ
4: 142
العجاج
واقمطرّْ
5: 303
(العجاج)
امتخَرْ
5: 387
(العجاج)
النتَرْ
5: 449
(العجاج)
النعرْ
2: 180
(عمرو بن العاص)
خزَرْ
4: 198
(عمرو بن كلثوم)
انجبرْ
1: 157
-
القدرْ
1: 463
-
القدَرْ
2: 55
-
فحزَرْ
2: 77
-
نهِرْ
2: 159
-
خَدَرْ
2: 278
-
دسرْ
3: 101
-
السمرْ
3: 168
-
الغدَرْ
4: 26
-
هجرْ
4: 78
-
عمرْ
4: 106
-
واعتكرْ
4: 218
-
عترْ
5: 115
-
القفَرْ
5: 362
-
نهرْ
5: 380
(شبيب بن البرصاء)
واستيقارْ
2: 393
-
المنقارْ
5: 354
(العجاج)
المعطيرْ
5: 191
(منظور بن مرثد)
مكفورْ
1: 12
الأغلب
مئرَّا
5: 436
رؤبة
سطرا
فهرس الأرجاز
1: 11
-
خَيرا
1: 182
-
وقرا
1: 236
-
تبرَّى
1: 410
-
وجَرَّا
2: 168
-
درَّا
3: 289
-
مصعرَّا
4: 26
-
عِظْيَرَّا
4: 37
-
عرَّا
2: 137
-
الثرى
4: 24
-
هرهرا
4: 363
-
عشنْزَرا
4: 364
-
وجرجرا
4: 432
-
مغثمرا
4: 466
-
تأخَّرا
5: 174
-
كرَا
5: 80
(الأغلب العجلي)
أغارا
4: 394
(العجاج)
الأغمارا
1: 315
-
ودارا
1: 349
-
الوبارا
2: 338
-
دغمارا
4: 73
-(6/223)
والبكارا
4: 325
-
الأعشارا
2: 294/ 4: 163
-
وعنقفيرا
3: 187
-
شطيرا
5: 340
-
جرجورا
1: 400
(عتيبة بن الحارث)
حزْرَه
4: 381
مهلهل
غرَّه
2: 116
(أبو مهوش الأسدي)
مرَّهْ
4: 269
-
الهرَّه
1: 77
(الحصين بن بكير الربعي)
زمجَره
5: 305
(الحصين بن بكير الربعي)
المدرَه
6: 39
(الحصين بن بكير الربعي)
الهدره
5: 471
(شظاظ اللص)
شهبره
4: 228
-
عثيره
5: 390
-
كعشره
4: 386
(صخر الغي)
غفيره
5: 91
(الكذاب الحرمازي)
قاشوره
3: 243
-
تزبئرُّ
1: 279
الخضري
أقمرُ
3: 162
(أبو الزحف الكلبي)
سمهدرُ
3: 90
-
يسكَّرُ
4: 97
-
الجزائرُ
2: 127
5: 17
(حميد الأرقط)
البيطارُ
3: 83
حميد الأرقط
القطارُ
3: 37
حميد الأرقط
المورُ
فهرس الأرجاز
4: 67
-
عيرُه
1: 144
-
غمرُه
2: 103، 508
(حميد الأرقط)
حمائرُه
4: 439
-
فرارُه
1: 296
-
نورُه
4: 342
(منظور بن مرثد)
دارُها
6: 108
-
أمهارُها
6: 36
-
هجيرُها
1: 303
(حميد الأرقط)
كفرِ
1: 33، 228
-
قفرِ
1: 413
-
الغُرّ
2: 10
-
جوَرّ
4: 420
-
عمرِو
5: 187
-
الجرّ
5: 281
-
المهرِ
4: 106
نجاد الخيبري
العكركرِ
4: 55
-
الضيطرِ
4: 66
-
المخصَّرِ
5: 319
-
والتمزُّرِ
2: 249
-
مَحاوري
4: 46
-
الأصاغرِ
4: 290
-
حائرِ
5: 303
-
المواخرِ
2: 37
(أبو النجم(1))
حذارِ
1: 40
-
بالنارِ
1: 63
-
الإجَّارِ
4: 80
-
الإصدارِ
5: 132
-
الضمارِ
3: 204/ 4: 254
رؤبة
عذيري
1: 379
(العجاج)
النحورِ
1: 468
(العجاج)
القتيرِ
2: 35
العجاج
الطورِ
2: 140
(العجاج)
الغؤورِ
4: 228
(العجاج)
العاثورِ
4: 254
__________
(1) أو رؤبة.(6/224)
(العجاج)
بعيري
5: 70
(العجاج)
بالمقذور
5: 192
(العجاج)
الكافور
5: 370
(العجاج)
المصفور
1: 338
-
وبالأمير
3: 227
-
مستشير
4: 63
-
عافورِ
3: 115
-
محجورِ
3: 320
-
صَورِه
5: 177
-
قعره
3: 69
-
سريره
4: 369
-
عصفوره
3: 67
-
دارِها
فهرس الأرجاز
2: 32
(أبو النجم العجلي)
حادورها
2: 240
(أبو النجم العجلي)
خبيرِها
(ز)
1: 441
-
جروزا
2: 422
-
غامزُ
1: 13
(رؤبة)
والتحزّي
1: 100
رؤبة
ونُؤْزِي
1: 78، 207
رؤبة
الأرزِ
3: 254
(رؤبة)
بالشخْزِ
5: 60
(رؤبة)
القحزِ
5: 229
(رؤبة)
اللبزِ
1: 73
-
وكزِ
4: 249
-
القفزِ
5: 204
(إهاب بن عمير)
اللزائزِ
1: 478
النجاشي
جمَّازِ
5: 388
(أبو النجم)
وزوازِ
1: 36
(جران العود)
كوزِ
(س)
2: 155/ 6: 154
-
يبسْ
3: 414/ 4: 245
-
عدسْ
1: 334
(رؤبة)
وإبلاسْ
6: 66
(رؤبة)
هماسْ
1: 181/ 2: 240
(الهفوان العقيلي)
بَسَّا
1: 237
-
نحسا
4: 152
-
وعبْسا
4: 364
(جري الكاهلي(1))
عجنَّسا
1: 199
العجاج
تبجَّسا
1: 442
(العجاج)
وسوسا
4: 156
(العجاج)
العنَّسا
4: 311
(العجاج)
واعرنكسا
5: 169
(العجاج)
مكرسا
4: 123
(المرار)
أبلسا
2: 58
-
الحُسَى
2: 334
-
ديْخَسا
4: 27
-
أملسا
4: 42
-
تعسعسا
4: 317
-
قوَّسا
5: 135
-
كلِّسا
5: 135
-
تكلَّسا
5: 41
(القلاخ بن حزن)
القياسا
6: 61
-
إهلاسا
4: 167
(رؤبة)
المنسوسا
2: 417
العجاج
المرغوسا
1: 343
-
شموسا
5: 281
-
ضَريسا
فهرس الأرجاز
4: 466
-
نفسُ
2: 417
-
الأرغُسُ
4: 158
-
تلمَّسُ
4: 193
-
الأعيَسُ
4: 361
__________
(1) نسب أيضاً إلى العجاج خطأ.(6/225)
-
عكامسُ
4: 96
-
مراسُها
3: 436
(رؤبة)
الطيْسِ
1: 36
(العجاج)
بأبْسِ
1: 381
(العجاج)
خمسِ
1: 437
(العجاج)
العفسِ
2: 10
(العجاج)
الكرسِ
4: 142
العجاج
الشأسِ
4: 156
العجاج
عنسِ
4: 367
العجاج
وهسِ
5: 31
(العجاج)
قنسِ
4: 13
(منظور بن مرثد)
العنسِ
4: 304
(منظور بن مرثد(1))
الشمسِ
4: 417
(منظور بن مرثد)
غرسِ
1: 476
-
الترسِ
2: 33
-
حدسِ
4: 98
-
أمسِ
4: 287
-
ملسِ
1: 101
-
دهرَسِ
1: 278
-
الكنَّسِ
5: 110
-
أمرسِ
1: 160
-
سياسِ
2: 10
-
حساسِ
2: 292
-
الدكاسِ
5: 205
-
اللساسِ
4: 137
-
(المنسوسِ)
6: 24
-
هيسِي
(ش)
5: 369
-
انتياشا
5: 483
-
المنقرشُ
5: 481
-
بالنَّمْشِ
2: 64
-
المحاشي
5: 394
-
النجاشِ
1: 479
رؤبة
الجميشِ
2: 66
رؤبة
المحشوش
2: 104
(رؤبة)
تحميشي
2: 119
رؤبة
الحوشِ
1: 324
(رؤبة)
المرشوشِ
2: 326
(رؤبة)
مدبوشِ
2: 428/ 3: 451
(رؤبة)
بالترقيشِ
3: 410
رؤبة
بالطشيشِ
3: 425
(رؤبة)
الطموشِ
4: 45
رؤبة
بالمعشوشِ
6: 29
(رؤبة)
التهبيشِ
(ص)
5: 49
-
والقبَصْ
فهرس الأرجاز
5: 350/ 6: 30
-
ملِصَا
2: 251
(عبيد المري)
حصحصا
6: 76
(أبو الغريب النصري)
الوصاوصا
1: 219
-
خالصا
2: 449
-
المراهصا
1: 15
-
آصاصا
5: 110
-
تناصَى
1: 182
-
الدلامصُ
4: 157
أبو النجم
العناصِي
4: 48
-
الحرقوصِ
(ض)
1: 15
رؤبة
مؤتضَّا
1: 37
رؤبة
أبْضا
1: 173/ 5: 113
رؤبة
وخْضا
1: 220
رؤبة
برْضا
2: 87/ 4: 265
رؤبة
حفضا
2: 320
(رؤبة)
تقَضى
4: 178
رؤبة
وفْضا
4: 274
(رؤبة)
__________
(1) أو دكين، أو أبو محمد الفقعسي.(6/226)
عرَضا
4: 347
رؤبة
بالمعضَّى
5: 111
(رؤبة)
القعضا
4: 489
(عماني)
وفرضا
3: 332
-
بعضا
1: 81
رجل من بني سعد
لينهضا
2: 160
-
ركَّاضا
5: 307
-
فاضا
2: 459
(حميد الأرقط)
قريضا
4: 49
-
عضوضا
1: 15
-
الأضاضه
2: 322
-
غرْضُ
4: 46
(أبو محمد الفقعسي)
البائضُ
4: 88
(أبو محمد الفقعسي)
الوامضُ
4: 271
(أبو محمد الفقعسي)
عائضُ
4: 182
-
فارضُ
2: 507
-
المنقضّ
4: 274
-
معرضِ
2: 423
(رؤبة)
الرِّفاضِ
4: 188
رؤبة
المعتاضِ
5: 462
نفاضِ
2: 41
-
الإحريض
(ط)
4: 368
(نجاد الخيبري)
العملطا
1: 377
-
ثعِطا
4: 153
-
وسطا
2: 241
(أباق الدبيري)
الخابطا
5: 263
(نقادة الأسدي)
التقاطا
فهرس الأرجاز
4: 158
-
عنطنطَه
3: 166/ 4: 52
أبو النجم
المنعطّ
1: 217
-
بعلطِ
4: 158
رؤبة
عنطْنطِ
4: 225
-
المسلَّطِ
4: 212
حميد الأرقط
يخالطِ
4: 309
حميد الأرقط
النواشطِ
3: 72
(زياد الطماحي)
الساطي
1: 264
-
الخِلاطِ
4: 262
-
الحنَّاطِ
4: 384
-
الغطاط
6: 157
-
يعاطِ
3: 83
(حميد الأرقط)
سفيطِ
1: 82
-
الأريطِ
2: 450
-
الترهيطِ
5: 320
-
الضغيطِ
(ظ)
1: 255
(الأغلب)
بَظا
4: 466
(رؤبة)
فاظا
5: 129
رؤبة
الكظاظا
1: 464
(العجاج)
إجعاظا
1: 495
(العجاج أو رؤبة)
الجوَّاظا
(ع)
3: 368/ 4: 452، 478
(أبو محمد الفقعسي)
الضِّلعْ
1: 413
-
دنِعْ
1: 345
(رؤبة)
أترعا
3: 57
رؤبة
تسعسعا
5: 431
رؤبة
وأنصعا
1: 270/ 2: 190
العجاج
أخضعا
2: 245
العجاج(1)
الختَّعا
1: 161
-
شرجعا
3: 215
-
أشمعا
4: 12
-
معا
5: 155
-
كابعا
2: 301
__________
(1) الصواب أنه رؤبة.(6/227)
-
تهماعا
2: 191
لبيد
الخيضعَه
2: 481/ 3: 167، 439
-
المربَعَه
6: 109
-
المطبَّعَه
4: 255
-
ربيعَه
3: 388
رؤبة
تضبعُ
1: 26
-
إصبعُ
5: 347
(أبو زياد الكلابي)
واقعُ
1: 277
الفزاري
لامعُ
فهرس الأرجاز
1: 256
-
بضائعُ
4: 195
أمية بن أبي الصلت
منيعُ
4: 233
أبو النجم
البرقعِ
2: 469
-
مَعِي
6: 50
-
التهزُّعِ
1: 226
-
الدوافعِ
6: 36
-
الواسعِ
(غ)
1: 258
(رؤبة)
يبطغِ
3: 168
رؤبة
يشغشغِ
5: 274
رؤبة
المغمغِ
5: 324
(رؤبة)
الممشَّغِ
6: 25
(رؤبة)
الأهيغِ
(ف)
4: 364
-
أحلف
2: 413
(لقيط بن زرارة)
والرغفْ
3: 31
(العماني)
نشفْ
2: 181
(أبو نواس)
الخسُفْ
3: 90
الشماخ
إسكافْ
4: 41
رؤبة
أحقفا
2: 90
(العجاج)
احقوقفا
2: 304
العجاج
دنفا
3: 199
العجاج
بشَفَى
4: 252
(العجاج)
احرورفا
6: 140
(العجاج)
وكَفا
2: 197
(العماني)
أخطفا
2: 196
(عوف جد جرير)
خيطفا
1: 140
-
تصدَّفا
4: 122
-
الحنُفا
5: 179
-
تهيَّفا
6: 92
-
الموحَّفا
1: 224
-
تصفيفا
3: 339/ 4: 80
-
الصوادفُ
4: 237/ 5: 432
(سلمة بن الأكوع)
نصيفُ
1: 17
-
والتأفيفُ
3: 170
-
شفيفُ
2: 388
-
عجَفِي
3: 33
(رؤبة)
التحلافِ
4: 329
(العجاج)
اصطرافِ
1: 428
-
الجِحافِ
6: 95
-
نيافِ
4: 22
رؤبة
لطيفِ
1: 99
-
الموفِي
3: 356
-
المضفوفِ
(ق)
2: 222
(تميم بن العمرد)
الصعقْ
1: 39
رؤبة
الأبقْ
1: 116
(رؤبة)
الأفقّْ
1: 132
(رؤبة)
الإلقْ
فهرس الأرجاز
1: 158
رؤبة
الأُوَقْ
1: 182، 186
رؤبة
وبقْ
1: 207
رؤبة
البخَقْ
1: 310/ 6: 144
رؤبة
البهقْ
1: 432
رؤبة
الحنقْ(6/228)
2: 18/ 5: 13
رؤبة
الحققْ
2: 89/ 3: 22
رؤبة
الزلقْ
2: 100/ 6: 23
رؤبة
البرقْ
2: 146، 275
رؤبة
الطلَقْ
2: 158/ 3: 81
رؤبة
القيَقْ
2: 172/ 5: 58
رؤبة
المخترقْ
2: 214
رؤبة
مختلقْ
2: 269
رؤبة
الدرقْ
2: 281
رؤبة
دعقْ
2: 371
(رؤبة)
الخرَقْ
3: 8
(رؤبة)
الزعقْ
3: 32
رؤبة
بالزَّهقْ
3: 117
رؤبة
سَوَقْ
3: 117
(رؤبة)
الطُّرُقْ
3: 237
رؤبة
المنطلقْ
3: 252
(رؤبة)
الصلقْ
3: 385
(رؤبة)
الفِلَقْ
3: 452
رؤبة
الطَّرَقْ
4: 4، 7/ 5: 284
رؤبة
العققْ
4: 53
(رؤبة)
المنعفقْ
4: 160
رؤبة
معتنقْ
4: 312
رؤبة
العسَقْ
4: 321، 495
رؤبة
وعشقْ
4: 471
(رؤبة)
الفتقْ
5: 7
(رؤبة)
الحدقْ
5: 14
(رؤبة)
العلقْ
5: 50
رؤبة
واللبِقْ
5: 79
(رؤبة)
فنقْ
5: 129
(رؤبة)
الدفقْ
5: 190
(رؤبة)
الحرقْ
5: 248
رؤبة
اللسقْ
5: 282
رؤبة
المهقْ
5: 349
رؤبة
الملقْ
6: 77
(رؤبة)
الشفقْ
1: 148
(القلاخ بن حزن)
أنقْ
3: 22
(القلاخ بن حزن)
وزمَّلِقْ
6: 145
(القلاخ بن حزن)
تلقْ
1: 149
-
الأنَقْ
4: 125
-
العلقْ
4: 251
-
طلقْ
4: 287
-
معترقْ
فهرس الأرجاز
5: 75
-
القرقْ
5: 351
-
انملقْ
1: 115
(ابن ميادة)
الآفاقْ
2: 267
(ابن ميادة)
مخراقْ
6: 70
-
الإهناقْ
3: 8
-
مزعوق
1: 95
العجاج
وأزْقا
4: 6
العجاج
انعقَّا
3: 71
(رؤبة)
أعنقا
4: 172
(رؤبة)
عيهقا
4: 172
-
العوهقا
6: 149
-
توهَّقا
1: 189
-
سائقا
1: 185
(عويف القوافي)
وبقَّهُ
4: 9
(النابغة الجعدي)
ما أعقَّه
4: 131
-
معْلقَهْ
5: 37
(ابن قنان)
الفليقَه
1: 38
(السعلاة)
آبقُ
3: 6
نصيب الأصغر
الأشداقُ(6/229)
1: 116
-
الأفيقُ
2: 245
-
حقّ
1: 157
(جندل بن المثنى)
تؤوَّقي
4: 171
رؤبة
العوهقِ
2: 425
(العجاج)
سملقِ
6: 102
(العجاج)
ملقي
4: 54
-
يعفقِ
4: 159
-
المعنَّقِ
4: 171
-
العوهقِ
4: 172
-
عوهقِ
2: 142
(عمارة بن أيمن)
بالفالقِ
2: 98
(عمارة بن طارق)
المحالقِ
5: 323
(عمارة بن طارق)
أيانقِ
3: 449
(هند بنت بياضة)
طارقِ
2: 330
-
الرفاقِ
4: 163
-
عتاقِ
4: 164
-
القياقِي
2: 44
(أبو محمد الحذلمي)
كالمحروقِ
1: 16
-
الغبوقِ
(ك)
1: 25
-
برديكْ
1: 83
رؤبة
المؤتركْ
3: 378
(رؤبة)
وركْ
4: 165
(رؤبة)
المعتنكْ
3: 9
-
زعاكيكْ
4: 10
رؤبة
وبنكا
5: 275
-
مكَّا
2: 354
(مبشر بن هذيل)
آركا
فهرس الأرجاز
1: 177
-
دونكا
5: 287
-
دونكا
2: 502
-
المرَودَكا
4: 123
-
مسواكا
1: 22
-
يأبوكا
1: 229
-
بروكا
1: 18، 186
(عامان بن كعب التميمي)
أكَّه
1: 18
-
ائتكاكُ
1: 450
(قطية بنت بشر)
التشكِّي
1: 187
(قطية بنت بشر)
الأبك
1: 346
(طفيل بن يزيد الحارثي)
تراكِها
(ل)
2: 366
الأغلب
ذيلْ
2: 366
الأغلب
الويْلْ
4: 183
(بشير بن النكث)
أوَلْ
6: 82
(جهم بن سَبَل)
وبلْ
2: 229
(زياد العنبري)
برسَلْ
1: 23
-
الطوَلْ
1: 47
-
أتلْ
1: 70
-
الإبلْ
1: 222
-
غفَلْ
1: 323
-
الكسِلْ
2: 349
-
نَهلْ
3: 421
-
يا رجلْ
4: 145
-
يعتملْ
4: 162
-
العملْ
4: 238
-
عقَلْ
4: 314
-
عسلْ
5: 203
-
جبلْ
4: 117
(دكين بن رجاء)
عالْ
1: 41
العجاج
الأبَّالْ
1: 161
العجاج
الآلْ
1: 292
(العجاج)
السربالْ
2: 229
(أبو النجم)
بإرسالْ
1: 45
-
والخالْ(6/230)
3: 20
-
غالْ
3: 382
-
انسلاَّ
4: 117
(أبو النجم)
غلا
1: 454
-
الجوزلا
4: 364
-
عثجلا
5: 36
-
تقهَّلا
4: 496
(امرؤ القيس)
جوافلا
1: 11
(رؤبة)
والنآطلا
1: 150
(رؤبة)
المنازلا
1: 510
(رؤبة)
طهاملا
2: 361
(رؤبة)
الرواحلا
فهرس الأرجاز
4: 277
العجاج
حراجلا
1: 96
-
الزلازلا
4: 369
-
العرازِلا
1: 429
(شريك بن حيان العنبري)
والجُحالا
1: 20
-
الأليلا
1: 259
-
فابطن لَه
2: 51
-
عِند اللهْ
1: 390
(صخر بن عمير)
الثَّملَهْ
5: 338
(صخر بن عمير)
ممرطلَه
5: 484
(صخر بن عمير)
النقثلَه
4: 487
(يزيد بن عمرو بن الصعق)
الصقلَه
2: 509
(عامر الخصفي(1))
مرعبلَه
1: 461
-
الجعلَه
1: 244
أبو الأسود العجلي
البازَلَه
1: 434
-
الآلَه
1: 96
-
قِيلَهْ
1: 283
-
البكيلَه
5: 286
-
المولَهْ
2: 68
-
والحصْلُ
3: 45
-
زأْبلُ
3: 225
-
المرعبلُ
4: 371
(عاصم بن ثابت)
عنابلُ
2: 39
أبو النجم
خردلُه
1: 460
-
وجعلُها
1: 119
إهاب بن عمير
مثولُها
2: 91
(رؤبة)
الحكلِ
5: 407
(رؤبة)
ونخلِ
4: 173
(منظور بن مرثد)
عيهلّ
1: 99
-
الظلّ
1: 140
-
الأمْلِ
1: 235
-
لهقلِ
1: 248
-
الحمْلِ
1: 368
-
قثوَلّ
2: 228
-
بسَلِّ
4: 146
-
الشغْلِ
4: 330
-
يعصلِ
3: 145
(جندل بن المثنى)
غزَّل
5: 473
(رياح الهذلي)
بمنكلِ
1: 81
العجاج
معبلِ
1: 471
(العجاج)
مرفَّلِ
2: 412
(العجاج)
المؤتلي
3: 205
العجاج
الأشكلِ
فهرس الأرجاز
3: 462
(العجاج)
وأظلَلِ
1: 24
أبو النجم
الأطحلِ
1: 96
أبو النجم
يعقلِ
1: 115
(أبو النجم)
الأحولِ
1: 158
أبو النجم
أوَّل
__________
(1) السيرة 95.(6/231)
1: 159/ 4: 211
أبو النجم
الشوَّلِ
1: 181
أبو النجم
الأهيَلِ
1: 186/ 2: 309
(أبو النجم)
المزمَّلِ
1: 210
أبو النجم
المبدلِ
1: 274
أبو النجم
التبقُّلِ
1: 371
أبو النجم
الأثجلِ
1: 454/ 3: 310
أبو النجم
الأجزلِ
1: 465
أبو النجم
التغزُّلِ
2: 303/ 3: 159/ 5: 280
أبو النجم
الدمَّلِ
2: 386
أبو النجم
الحفَّلِ
3: 167
(أبو النجم العجلي)
السنبلِ
3: 216
أبو النجم العجلي
وأشملِ
3: 436
(أبو النجم العجلي)
الأطولِ
4: 116
أبو النجم العجلي
علِ
4: 323
أبو النجم العجلي
انزلِ
4: 371
أبو النجم العجلي
عميثلِ
4: 396
أبو النجم العجلي
ترسلِ
4: 447
أبو النجم العجلي
فلِ
4: 464
أبو النجم العجلي
المقصمِلِ
5: 49
أبو النجم العجلي
تكتَّلِ
5: 197
(أبو النجم العجلي)
الجنبلِ
5: 202
أبو النجم العجلي
فلِ
5: 454
(أبو النجم العجلي)
المدجَّلِ
6: 125
(أبو النجم العجلي)
الأعزلِ
1: 222
-
خوزلِ
2: 442
-
المرملِ
4: 100
-
عوكلِ
1: 187
(إهاب بن عمير)
الأوابلِ
4: 112
أبو النجم
جائلِ
1: 260
-
المحاملِ
2: 173
-
واصلِ
4: 117
(ذو الرمة)
الأغلالِ
1: 185
-
بالأجيالِ
2: 109
(أحيحة بن الجلاح)
النخيلِ
فهرس الأرجاز
1: 263
(جندل الطهوي)
المجهولِ
5: 151
(أبو دجانة)
خليلي
5: 345
(عنترة الطائي)
القتيلِ
1: 321
-
للجمولِ
4: 237
-
نحولي
1: 128
-
نأتَلِهْ
1: 454
(أبو النجم)
جزالِها
4: 331
(أبو النجم)
أعصالِها
(م)
1: 406
(الأغلب العجلي)
جشمْ
3: 36
(الأغلب، أو يحيى بن منصور)
بالأصمّْ
1: 194
(جرير)
الكرمْ
2: 229
(جرير)
السلمْ
4: 195
العجاج
*غطمْ
1: 157
(عمرو ذو الكلب)
الغنمْ
5: 296
(المعنّى)(6/232)
السدمْ
1: 205/ 2: 162
-
الخدمْ
1: 256/ 4: 131
-
علمْ
2: 11
-
العلَمْ
2: 78
-
حطمْ
4: 28
-
اعتزمْ
4: 83
-
الأممْ
4: 174
-
عيهامْ
4: 365
-
مناهيمْ
1: 30
-
مئمَّا
2: 24
-
صمَّا
6: 58
(رؤبة)
وهيقما
1: 336
(العجاج)
برهَما
2: 270
(العجاج)
تصرما
2: 322
(العجاج)
تدأما
1: 59
-
فدْغَما
1: 72
-
مؤدما
1: 85
-
الأرَّما
1: 86/ 2: 43
-
إنَّما
2: 24
-
بَعْدَما
4: 316
-
اصلخمَمَا
5: 224
-
درهما
2: 213
-
وساقياهما
2: 254
-
اللهازما
2: 175/ 4: 334
-
عصاما
1: 32
(رؤبة)
المخطوما
4: 270
(رؤبة)
الخيشوما
5: 365
(رؤبة)
المنهوما
1: 420/ 5: 305
-
جموما
1: 490
-
الجهوما
4: 102
-
العكوما
4: 173
-
رسوما
فهرس الأرجاز
6: 13
-
هموما
5: 197
(عقيل بن أبي طالب)
اللمَّه
1: 403
-
مشخَّمَه
5: 165
-
العتمَه
5: 260
-
الملازمَه
5: 46
-
قامَه
2: 282
-
الدعمُ
1: 513
(العجاج)
اجلخمُّوا
2: 193
(العجاج)
والخضمُّ
4: 17
(العجاج)
المعتمُّ
4: 17
العجاج
العمائمُ
1: 235
-
عائمُ
6: 80
-
الأنامُ
2: 362
لبيد
*علكومُ
1: 48
رؤبة
مأتمُه
4: 166
رؤبة
عنمُه
4: 168
رؤبة
أرسمُه
4: 421
(رؤبة)
فيعجمُه
1: 276
(رؤبة)
بقَّمُه
2: 50
(رؤبة)
نعمُه
4: 412
(فزاري)
أغثمُه
2: 431
-
يفعمُه
1: 243
-
سمومُه
4: 470
(الدهناء بنت مسحل)
كمِّي
1: 136
(رؤبة)
والتأمِّي
2: 276
-
الجهمِ
6: 160
(أبو الأخزر الحماني)
اليمِي
2: 505
(الأغلب العجلي)
وكركمِ
1: 131
(العجاج)
الحَمِي
1: 461
(العجاج)
مجعمِ
3: 301
(العجاج)
المؤدمِ
4: 175
(العجاج)
عيهمِ(6/233)
3: 22/ 6: 93
العجاج
وحمي
1: 85
-
كالأيْرم
1: 276
-
البقَّم
5: 250
-
الملطم
4: 110
(رؤبة)
العالمِ(1)
6: 125
(العديل بن الفرخ)
والأداهم
4: 258
(غيلان)
عذائم
4: 358
(غيلان)
العفاهِمِ
1: 22
-
وبالأمائم
1: 98
-
العارم
4: 292
-
محارمي
2: 275
(عبد الله ذو البجادين)
وسُومِي
4: 434
(العماني)
فمِّه
2: 173
(أبو محمد الفقعسي)
رمرامِها
5: 227
-
زمامِها
فهرس الأرجاز
(ن)
1: 58
(الخطام المجاشعي)
يؤثفينْ
1: 194
الكميت
الظئرينْ
1: 206
(أبو ميمون النضر بن سلمة)
أنقينْ
1: 19
-
العَينْ
4: 341
-
العصرينْ
4: 406
-
غيلينْ
2: 408
(خطام المجاشعي)
رعَنْ
5: 104
(سطيح، أو عبد المسيح)
والقطنْ
4: 195
العجاج
للذقنْ
2: 156، 453
-
رهَنْ
5: 76
-
وقرَنْ
4: 118، 279
(الأجلح بن قاسط(2))
الغربانْ
3: 232
(سالم بن دارة)
ذبيانْ
3: 88
-
وأدهانْ
4: 102
-
عكنانْ
4: 151
-
آذانْ
4: 444
-
شيطانْ
5: 327
-
طيلسانْ
4: 393
(الأغلب)
[ينجلينْ]
3: 326
(أكثم بن صيفي)
صيفيونْ
4: 150
(بعض بني أسد)
والتِّينْ
2: 311
(مالك بن المنتفق(3))
الداريُّونْ
1: 192
(مدرك بن حصن)
مُبِنَّا
3: 279
(مدرك بن حصن)
مصنَّا
1: 192/ 5: 267
-
المنَّا
6: 15
-
هنَّا
6: 15
-
هنَّا
4: 393
(الأغلب)
ينجلينا
1: 212
(حميد الأرقط)
والتبدينا
1: 47
-
تأرخينا
4: 115
-
وأبيكرينا
5: 23
-
سكِّينا
4: 288
-
الشنَّه
5: 123
-
لكنَّه
1: 191
-
كنانَه
2: 505
(أباق الدبيري)
أردنُّ
1: 162
-
الأوْنِ
1: 326
-
__________
(1) نبهت أن صواب إنشاده " العألم" بالهمز.
(2) أو الجليخ بن شميذ.
(3) أو سعد بن مالك، أو مالك بن قشير.(6/234)
بيد أنِّي
فهرس الأرجاز
1: 350
-
تقنِ
1: 370
-
الثِّنّ
5: 14
-
قطني
5: 87
-
فإنِّي
2: 69
(بشير الفريري)
حصوتَنِي
3: 192/ 4: 201
(رؤبة)
العيِّنِ
4: 180
رؤبة
الأخشنِ
1: 142
-
غني
2: 11
-
مودَنِ
5: 349
-
مغينِ
4: 117
-
عليانِ
2: 390
(حميد الأرقط)
الرزونِ
5: 330
(حميد الأرقط)
الدجونِ
1: 58
-
بمستكينِ
1: 77
-
بالأذينِ
3: 176
-
الشنينِ
4: 432
-
يغرنديني
5: 140
-
لينِ
4: 31
-
عِدَّانِه
(هـ)
5: 384
(زفر بن الخيار المحاربي)
وانبلاها
5: 46
(الزفيان)
قاها
1: 214
-
فخذاها
2: 293
-
وادلواها
1: 224/ 4: 285
-
وعرّق فيها
1: 127/ 5: 307
رؤبة
المدَّهِ
1: 185، 193
(رؤبة)
البهبهِ
1: 292
(رؤبة)
الأبلهِ
1: 346
رؤبة
التُّرَّهِ
1: 354
(رؤبة)
مَتْلَهِ
1: 422
(رؤبة)
والتجهجهِ
1: 468
(رؤبة)
المموَّهِ
2: 262
رؤبة
فلادَهِ
2: 506
(رؤبة)
الردَّهِ
3: 98
رؤبة
السِّمه
3: 304
رؤبة
الأجلهِ
4: 402
(رؤبة)
مِيلهِ
4: 414
رؤبة
الأبلهِ
5: 198
(رؤبة)
ولهلهِ
5: 456
(رؤبة)
النفَّهِ
5: 474
(رؤبة)
النكَّهِ
5: 5
-
قهِ
(و)
2: 459
-
نضوِي
(ي)
2: 169
(حميد بن ثور)
الخطِّيَّا
فهرس الأرجاز
4: 497
(زرارة بن صعب)
الفريَّا
3: 364
(عامرية)
صبيَّا
5: 144
(عذافر الكندي)
كريّا
3: 317
(الفقعسي)
جلذيَّا
1: 472
(ابن ميادة)
جلذيَّا
4: 278
(أبو نخيلة)
العرضيَّا
2: 114
-
والمريَّا
3: 99
-
قِيَّا
2: 95
-
بناتيا
5: 399
(سحيم بن وثيل)
أنجيه
4: 147
-
عانِيَهْ
2: 412
(العجاج)
داعيَّه
5: 44
(العجاج)
القُوميَّه
2: 276/ 4: 11
(دلم العبشمي)
درحايَه(6/235)
1: 391/ 2: 184
-
والثنايه
1: 392
-
درحايَه
1: 88/ 4: 183
(العجاج)
آريُّ
1: 152/ 2: 35
العجاج
الأوِيُّ
2: 115
العجاج
حوذيُّ
2: 118
العجاج
حوزيُّ
2: 310
(العجاج)
دوَّاريُّ
2: 341
العجاج
دغفليُّ
3: 261
العجاج
أشراطيُّ
3: 332
العجاج
الصبيُّ
4: 53
العجاج
والزينيُّ
4: 209
العجاج
والعبريُّ
1: 394
-
الريِّ
4: 370
-
بعصلبيِّ
(الألف اللينة)
2: 79
(الجليح)
بكى
4: 459
-
سوى
الفهرس الرابع
فهرس الأمثال
... وهذه الأمثال تشتمل على ضروب:
1- ما له أصل قصصي ومضرب خاص.
2- ما هو كالعبارة النموذجية المثالية.
3- ما هو بمثابة الحكمة الخالدة على الدهر.
4- ما هو من عبارات التأبيد، كقولهم: لا أفعله ما دام..
... وقد رتبت هذه الأقسام كلها ترتيباً أبجدياً واحداً.
فهرس الأمثال
4- فهرس الأمثال
(أ)
1: 40
آبل من حنيف الحناتم
4: 88
آلف من غراب العقدة
3: 88
آنَسُ من نار
3: 226
أبدى الله شواره
1: 305، 315
ابنك ابن بوحك
4: 82
ابنكِ من دمَّى عقبيكِ
3: 16
أثقل من الزَّواقي
3: 439
إحدى بنات طبق
2: 80
إحدى حُظيَّات لقمان
3: 88
أحسن من النار في عين المقرور
2: 62
أحشفا وسوء كيلة
4: 87
أحمق من تُرب العَقَد
4: 8
أحمق من عقعق
5: 195
أخبث من كندش
3: 94
الأخذ سلجان، والقضاء لَيَّان
2: 103
أخلى من جوف حمار
1: 495
أخلى من جوف عير
5: 462
إذا تكلمت ليلاً فاخفض
4: 192
إذا ذهب عَيرٌ فعير في الرباط
2: 109
إذا سقيتَ فأحنِذْ
1: 259
إذا ضربت موقَراً فابطُنْ له
4: 39
إذا عزَّ أخوك فهُنْ
4: 445
أذل من فقع بقاع
1: 89
أرب لا حفاوة
2: 480
أربع على ظلعك
4: 22
أرخ من عنانه
1: 350
أرمَى من ابن تِقْن
1: 288
أروَى من بكر هبنقة(6/236)
1: 491
أساء سمعا فأساء جابة
4: 285
استأصل اللهُ عرقاتهم
5: 371
استنوق الجمل
5: 237
أسرع من لحس الكلب أنفه
3: 444
أسمع جعجعة ولا أرى طحناً
5: 91
أشأم من قاشر
2: 100
أشد سواداً من حلك الغراب
2: 111
أشد سواداً من حنك الغراب
4: 87
أشرب من عقد الرمل
1: 225/ 3: 208
أشكر من بَرْوَقه
4: 7
أشهر من الأبلق العَقوق
3: 154
أصنع من سُرفة
1: 188
اضربوا أميالاً تجدوا بَلالاً
2: 441
أضرعت المعزى فرمِّق رمِّق
3: 464
أطِرّي فإنَّك ناعلة
4: 74
أطعم أخاك من عقنقل الضب
1: 394
أطْوَعُ من ثواب
4: 261
الاعتراز الاحتراز
1: 222
أعذب من ماء البارقة
فهرس الأمثال
4: 271
أعرضت الفرقة، أو القرفة
4: 42
أعزُّ من الأبلق العَقوق
4: 42
أعزُّ من بيض الأنوق
4: 42
أعزُّ من الغراب الأعصم
4: 42
أعزُّ من مُخَّة البعوض
1: 233
أعط القوس باريها
4: 87
أعطش من عَقَد الرمل
4: 5
أعقُّ من ضبّ
4: 91
أعقر من بغلة
1: 198
أفضيت إليه بعجري وبجري
2: 205
افعل ذاك وخلاك ذم
1: 444
أفلت فلانٌ بجُريعة الذقَن
4: 64
اقدح بعَفارٍ أو مَرْخ
1: 179
أقصر من بُرَّة
4: 360
أقصر من عُرقوب القطاة
3: 328
أكذب من الأخيذ الصَّبْحان
2: 461
أكل فلانٌ رَوقه
1: 123
أكَّلْتَني ما لم آكل
1: 128/ 2: 80
إلاَّ حظيَّة فلا ألية
2: 262
إلا دهٍ فلا ده
4: 287
ألأم من كلب على عرق
1: 233
ألزق من برام
4: 335
ألقى فلانٌ عصاه
1: 160
أُلنا وإيلَ علينا
1: 29
أمامك ترى أثرك
5: 229
أمنع من لبدة الأسد
2: 488
إن الرثيئة مما يطفئ الغضب
1: 156
إن الشقيَّ وافِدُ البراجم
1: 171
إن المنبتَّ لا أرضاً قطع
3: 452/ 4: 154
إنّ تحت طِرّيقته لعِندأْوة
5: 273
إن في مضٍّ لطعما
5: 61(6/237)
إن للخصومة قُحَما
2: 130
إن مما ينبت الربيع..
4: 448
أنا من هذا الأمر فالج بن خلاوة
2: 74
أنجَدَ مَن رأى حَضَنا
5: 106
الإنفاض يقطِّر الجلَب
4: 51
إنَّك كالعاطف على العاضّ
2: 15
إنك لتعرف الحقة عليك
1: 119
إنما القرم من الأفيل
2: 80
إنما نبلك حِظاء
4: 39
إنما هو عنز عَزوزٌ لها درٌّ جم
5: 26
إنما يقامس حوتا
1: 189
إنه لبل بالقرينة
4: 121
إنه ليعتلث الزناد
4: 296
أهلك فقد أعريت
1: 324
أهون من صوفة في بوهة
2: 97
أول العي الاختلاط
2: 195
إياكم وخضراء الدمن
(ب)
5: 163-164
باءت عَرارِ بكَحْل
5: 467
بات بِليلة أنقد
2: 117
الباطل في حور
5: 477
بحر لا يُنكش
1: 238
برح الخفاء
فهرس الأمثال
1: 224
برّقت وعرّقت
1: 374
بعد كل فرحةٍ ترحة
2: 345
بعض الذل أبقَى للأهل والمال
1: 135
البلويّ أخوك ولا تأمَنْه
4: 63
به لا بظبيٍ في الصَّريمة
1: 314
بُؤْ بِشسْعِ كليب
4: 92
بيضة العُقْر
4: 200
بيَّنَ الصُّبحُ لذي عينين
(ت)
3: 241
تجشَّأ لقمان من غير شبع
5: 389
تحقِره وينتأ لك
2: 174
تخرَّمَ زند فلان
5: 38
تخلَّصَتْ قائبة من قوب
1: 54
تدع العَين وتطلب الأثر
5: 237
تركت فلاناً بملاحس البقر أولادها
1: 257
تشرط البضاعة
(ج)
3: 204
جاءنا بالشُّقَر والبقر
3: 230
جاءنا بالشوك والشجر
2: 411
جاءنا بذات الرعد والصليل
4: 192
جاءنا فلان قبل عيرٍ وما جرى
3: 148
جاءنا يضرب أسدرَيه
1: 427
جُحَيش وحده
4: 388
جَرْيُ المذكِّيات غلاء
2: 357
جَرْيُ المذكِّيات غلاب
4: 284
جشمت إليك عرق القربة
3: 193
جئت بها شعراء ذات وبر
3: 276
جئته صكَّة عميّ
(ح)
2: 117
حار بعدما كار
5: 72
حال الجريض دون القريض
4: 134(6/238)
حبُّك الشيء يعمي ويصمّ
4: 284
حتى يشيب الغراب
4: 450
الحديد بالحديد يفلح
1: 127
الحر يعطي والعبد يألم قلبه
2: 161
الحرب خدعة
2: 7/ 5: 7
حرَّة تحت قِرّة
2: 101
الحُسْن أحمر
1: 296
الحقُّ أبلجُ والباطل لجلج
3: 187
حلب الدهر أشطره
5: 146
الحور بعد الكور، أو الكون
(خ)
2: 217
خامري أمّ عامر
5: 164
خذ ما صفا ودع ما كدر
1: 437
خذ من جذعٍ ما أعطاك
5: 372
خرقاء ذات نيقة
1: 138
خير المال سكة مأبورة
(د)
2: 280
داعية اللبن
2: 285
دغراً لاصقا
(ذ)
4: 5
ذق عُقَق
4: 22
ذل لي عنانُه
فهرس الأمثال
2: 96/ 5: 331
ذهب دمه خِضْراً
3: 131
ذهبوا أيادي سبا
2: 284
الذئب أدغم
(ر)
4: 70
ربَّ أبله عَقُول
1: 481
ربَّدت الضأن فربِّق ربِّق
5: 258
رضي من الوفاء باللقاء
2: 503
ركب ردعه
4: 379
رُوَيدَ الشعر يغبّ
1: 29
رويد تبيَّن ما أمامة من هند
1: 408
رويد يعلون الجدد
(ش)
3: 207
شاكهْ أبا يسار
5: 23
شحمتي في قلعي
4: 22
شديد العنان
5: 472
شرَّب بأنقُع
3: 176
شنشنة أعرفها من أخزم
2: 348
شوى أخوك حتى إذا أنضج رمد
(ص)
3: 318
صابت بقر
1: 288
صدقني سنّ بكرِه
3: 305
صلف تحت الراعدة
3: 278
صمَّت حصاة بدم
3: 278
صَمِّي صمام
(ض)
1: 488
ضرب في جهازه
2: 268
ضل دُرَيص نفقه
(ط)
4: 159
طارت به العنقاء
3: 450
طرق وماش
3: 473
الطعن يظأر
1: 149
طلب بيض الأنوق
(ع)
4: 106
عادت لعكرِها لميس
4: 292
عارك بجذع أودع
4: 354/ 5: 370
عاطٍ بغير أنواط
4: 27
عثيثة تقرم جلداً أملس
4: 13
عرض عليه سوم عالة
2: 156
العرق دسَّاس
4: 72
عريض البطان
4: 312
عَسِق بامرئٍ جُعَله
4: 127(6/239)
علقت دمَّ القتيل إزارُها
4: 128
علقت معالقُها وصر الجندب
4: 70
علم قتيلاً وعدم معقولاً
1: 360
عنز استتيست
4: 163
العنوق بعد النوق
4: 148
عنية تشفي الجرب
2: 216
العوان لا تعلم الخِمْرة
4: 152
عود يعلم العَنْج
4: 199
عين بها كل داء
(ف)
4: 72
الفحل يحمي شوله معقولاً
4: 472
فلان يفتل في ذروة فلان
فهرس الأمثال
4: 65/ 5: 297
في كل شجر نار…
(ق)
2: 84
قد احرنفش حفاثه
1: 140
قد كان بين الأميلين محلّ
5: 451
قد يرقع النَّغْل
(ك)
1: 204
كالباحث عن مدية
4: 21
كالمهدر في العنّة
1: 239
كبارح الأروَى
5: 175
الكرابَ على البقر
4: 30
كل امرئ يعدو بما استعدّ
3: 267
كل مُجرٍ في الخلاء يشرَى
5: 175
الكلاب على البقر
4: 43
كلب عسَّ خير من أسد اندسّ
4: 7
كلَّفَتني الأبلقَ العقوق
1: 270
كلَّفَتني مخ البعوض
4: 263
كمبتغي الصيد في عريسة الأسد
1: 256
كمستبضع التمر إلى هجر
1: 255
كمعلِّمة أمَّها البِضاع
(ل)
4: 235
لا آتيك سجيس عجيس
2: 57
لا آتيك سنَّ الحِسل
6: 29
لا آتيك هبيرة بن سعد
5: 284
لا أدري أغار أم مار
1: 181
لا أفعل ذلك ما أبَسَّ عبدٌ بناقة
2: 389
لا أفعل ذلك ما أرزمت أم حائل
3: 264
لا أفعل ذلك ما ذرّ ما شارق
1: 187
لا أفعل كذا ما بلَّ بحرٌ صوفة
6: 87
لا أفعله سجيس الأوجس
1: 221
لا أفعله ما بَرَق في السماء نجم
4: 199
لا أفعله ما حملت عيني الماء
4: 342
لا أفعله ما دام الزيت يُعصَر
2: 343/ 3: 264
لا أفعله ما ذرَّ شارق
4: 409
لا أفعله ما غبا غبيس
5: 199
لا أفعله ما لألأت الفور
5: 457
لا بد للمصدور أن ينفث
6: 48
لا تهرف بما لا تعرف
4: 53
لا تعظيني وتعظعظي
3: 369
لا تنقش الشَّوكة بالشَّوكة
1: 374(6/240)
لا تُوبِس الثرى بيني وبينك
3: 135
لا ماءكِ أبقيت ولا دَرَنَكِ أنقيت
4: 264
لا مخبأ لعِطرٍ بعد عروس
1: 183
لا يبضّ حجره
5: 285
لا يدري ما سائر من مائر
4: 314
لا يعرف له منْبض عسلة
6: 8
لا يعرف هراً من بر
5: 136
لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا
2: 87
لا ينبت البقلة إلا الحَقْلة
5: 209
لأرينَّك لمحا باصراً
فهرس الأمثال
4: 162
لألحقن قطوفها بالمِعناق
1: 137
لأمرٍ ما يسوَّد من يسود
4: 125
لتفعلنّ كذا أو لتشرقن بعلقة
2: 30
لج فحجّ
4: 514
لقيت منه الفُتَكرين
5: 459
لقيت قبل صَيح ونفر
1: 503
لكل جابهٍ جوزة ثم يؤذن
2: 192
للسِّياط خَضعة
2: 15
لما عرف الحِقَّة مني انكسر
2: 58
لمثل ذا كنت أُحسِّيك الحُسَى
1: 441
لن ترضى شانئة إلا بجرزة
5: 457
لو سألني نفاثة سواك ما أعطيته
6: 3
لو كان ذاك في الهيء والجيء ما نفعه
4: 220
لولا عتقُه قد بلى
4: 129
ليس المتعلِّق كالمتأنق
5: 104
ليس قطا مثل قُطَيّ
4: 285-286
ليس لعرق ظالم حق
4: 46
ليس هذا بعشِّك فادرجي
5: 442
الليل داج والكباش تنتطح
(م)
6: 3
ما أدري أيُّ هيّ بن بيّ هو
6: 95
ما أدري أين وَدَس
1: 239
ما أشبه الليلة بالبارحة
6: 113
ما أصابتنا العام وشمة
2: 323
ما بالدار دبِّيج
3: 200
ما بالدار شُفر
6: 157
ما بالدار كتيع
2: 318
ما بها ديَّار
5: 253
ما بها لاعي قرو
4: 228
ما رأيت له أثراً ولا عثْيراً
4: 13
ما زيارتك إيانا إلا سوم عالَّة
2: 380
ما عن ذلك الأمر حمّ ولا رم
2: 415
ما له ثاغية ولا راغية
3: 126
ما له سبَد ولا لبد
3: 74/ 5: 335
ما له سَعْنة ولا معنة
3: 62
ما له سمٌّ ولا حمٌّ غيرك
4: 69/ 5: 463
ما له عافطة ولا نافطة
6: 49
ما له هارب ولا قارب
6: 62(6/241)
ما له هِلَّع ولا هِلَّعة
4: 334
ما وراءك يا عصام
5: 6
ما يجعل قدك إلى أديمك
6: 106
ما يزع السلطان أكثر مما يزع القرآن
5: 52
ما يعرف قَبِيلا من دَبير
4: 314
ما يعرف له مضرِب عَسَلة
2: 217
مات فلان كمد الحبارى
1: 291
المال بيني وبينك شقّ الأبلمة
1: 319
مُخْرَنبقٌ لينباع
1: 123
مرعى ولا أكولة
3: 75
مرعى ولا كالسعدان
4: 19
معترض لعنن لم يعنه
1: 307
المعزى تبهي ولا تبني
1: 258، 259
مكره أخوك لا بطل
فهرس الأمثال
4: 168
الملسي لا عهدة
3: 133
ملكتَ فأسجِح
3: 468
مَن أشبه أباه فما ظلم
3: 244
من أشبى أباه فما ظلم
1: 408
من سلك الجَدَد أمِنَ العِثار
4: 39
من عزّ بزّ
1: 138
من قلّ ذل، ومن أمر فلّ
5: 396
من نَجَلَ الناس نجلوه
1: 54
من يشتري سيفي وهذا أثره
2: 367
من يطل ذيله ينتطق به
5: 441
من يطل ذيل أبيه ينتطق به
4: 83
مِن أين جاءت عقبك
1: 135
من مأمنه يؤتى الحذر
1: 59
مولع بنحت أثلته
(ن)
1: 413
ناوص الجرَّة ثم سالمها
1: 282
نجى حماراً بالبقيع سمنه
4: 33
نحّ الجرباء عن العارَّة
1: 427
نسيج وحده
4: 126
نظرة من ذي عَلَق
2: 117
نعوذ بالله من الحَور بعد الكَوْر
5: 462
النفاض يقطِّر الجلب
2: 85
النقد عند الحافر
1: 93
النَّميمة أرثة العداوة
(هـ)
2: 336
هدنة على دخن
1: 228
هذا أمر لا يبرك عليه إبلي
1: 228
هذا أمر لا يبرك عليه الصهب المحزَّمة
4: 421
هل من مغربةٍ خبر
4: 439
هو الجواد عينه فراره
3: 19
هو العبد زلمة
4: 162
هو منك عنقَ الحمامة
(و)
1: 146
وجعه حيث لا يضع الراقي أنفه
4: 412
ورد حياض غتيم
2: 378
وقع على شحمة الرُّكَّى
4: 100
وقعا كالعكمين
5: 221
الولد ألوط بالقلب
(ي)
2: 20(6/242)
يا عاقد اذكر حلا
2: 43
يحرق عليك الأرّم
2: 216
يدب لفلانٍ الخمر
2: 58، 415
يسرّ حسواً في ارتغاء
5: 61
اليوم قحاف وغدا نقاف
الفهرس الخامس
فهرس الأعلام
1- ما وضع بإزائه نجم فهو ما ورد في نصوص الشعر فقط.
2- ما ورد بعده نقط هكذا (.. ..) فهو مما تكرر ذكره أكثر من 400 مرة في الكتاب فاكتفيت بذكر اسمه تنبيهاً على ذلك.
3- ما وضع بين قوسين فهو بمثابة تفسير أو تعيين لم يذكر في الأصل.
4- من الممكن معرفة بقية أرقام أسماء الشعراء الذين ورد ذكرهم في الحواشي والتحقيقات، وذلك بتتبع فهرسي الأشعار والأرجاز، اللذين قد قرنت فيهما القافية بصاحبها.
فهرس الأعلام
5- فهرس الأعلام
(أ)
آدم (عليه السلام) 1: 41، 72، 382/ 2: 116، 279/ 4: 282، 473/ 5: 99، 422/ 6: 76.
إبراهيم (عليه السلام) 1: 27، 163/ 2: 494/ 4: 252، 282/ 5: 64، 66.
إبراهيم بن إسحاق: 1: 4.
إبراهيم بن السري الزجاج. أبو إسحاق 1: 192/ 2: 41/ 3: 198، 287/ 4: 151/ 6: 79.
(إبراهيم بن يزيد) النخعي: 2: 346.
الأبرش، جذيمة 1: 219.
إبليس 1: 300/ 2: 473.
* أثيلة 4: 14/ 5: 53.
* أحمد (رسول الله) 3: 191.
أحمد بن إبراهيم المعداني: 1: 4.
أحمد بن طاهر بن النجم 1: 113.
أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري، أبو بكر 1: 114.
أحمد بن يحيى ثعلب، أبو العباس 1: 12، 102، 114، 199، 200، 205، 220/
2: 27، 69، 79، 231، 329، 347، 418، 465/ 3: 93، 144،147، 210، 417، 421، 428، 433، 456/ 4: 201، 232، 235، 301، 320/ 5: 225، 226، 268، 414/ 6: 7، 41، 113، 141، 144، 157.
الأحمر = خلف
ابن أحمر 1: 87، 92، 266، 270، 300، 355/ 2: 97، 127، 132، 150، 207، 212، 443، 478، 483/ 3: 13، 44، 47، 85، 127، 270، 277، 351/ 4: 111، 124، 141، 152، 162، 252، 267، 288، 338، 344، 384، 427/ 5: 114، 203، 261، 288/ 6: 11، 21.
فهرس الأعلام(6/243)
أحيحة (بن الجلاح) 2: 360/ 3: 26/ 4: 70.
أبو أحيحة (سعيد بن العاص) 4: 338.
الأحيمر بن عبد الله، مكسر الرماح 1: 117.
أخدر (حمار) 2: 160.
أخزم 2: 178/ 3: 176.
الأخطل 1: 59، 68، 126، 165، 288، 334، 351، 368/ 2: 73، 271، 430/ 3: 60، 132، 366/ 4: 12، 43، 138، 144، 217، 290، 505.
الأخفش 1: 60/ 3: 85.
أد بن طابخة بن الياس بن مضر 1: 12.
* أربد (أخو لبيد) 2: 390.
* ابن أرض(1) 1: 81.
أروى 2: 47، 320/ 4: 166/ 5: 235.
الأريقط 4: 368.
أسامة بن الحارث 1: 449. وانظر: الهذلي.
إسحاق (عليه السلام) 6: 104.
أبو إسحاق البصري الزجاج = إبراهيم بن السري
الأسد الرهيص 2: 449.
إسرافيل 6: 115.
أسعد بن عمرو بن المنذر 1: 155.
الأسعر الجعفي 1: 113، 253، 286، 449/ 3: 76.
* اسم (أسماء) 1: 134/ 5: 417.
* أسماء 1: 393/ 3: 218/ 5: 417.
الأسود 1: 225.
أبو الأسود 4: 227.
الأسود بن يعفر 1: 225/ 3: 134.
فهرس الأعلام
أسيد بن حناءة 1: 117.
أسيفع جهينة 4: 273.
* الأشج 1: 175.
ابن الأشعث 1: 281.
أشعر برك (لقب زياد) 1: 228.
الأصفهاني = أبو علي.
* الأصم (هو عمرو بن قيس بن مسعود(2)) 3: 36.
الأصمعي…………
ابن الأعرابي…………
__________
(1) انظر معجم البلدان.
(2) انظر اللسان (زور).(6/244)
الأعشى 1: 7، 21، 28، 38، 42، 59، 60، 82، 86، 103، 105، 107، 111، 116، 124، 129، 134، 156، 159، 162، 212، 239، 251،
289، 297، 345، 352، 363، 384، 407، 408، 427، 429،
438، 445، 449، 467، 474، 497، 498، 503/ 2: 3، 4، 16،
18، 19، 21، 22، 36، 45، 67، 75، 83، 100، 101، 106، 131، 144، 162، 218، 219، 221، 224، 233، 270، 277، 292،
377، 379، 402، 405، 449، 455، 457، 461، 474، 491،
505/ 3: 30، 34، 68، 69، 79، 113، 125، 172، 208، 221، 223، 236، 288، 300، 327، 328، 330، 334، 347، 391،
432، 452/ 4: 3، 21، 50، 64، 102، 117، 126، 141، 184، 189، 197، 210، 221، 233، 238، 239، 242، 283، 308،
311، 320، 322، 329، 333، 358، 370، 397، 398، 419،
456، 461، 471، 488، 507، 512/ 5: 13، 26، 47، 95، 101، 124، 125، 140، 144، 158، 161، 179، 183، 187، 207،
211، 228، 229، 279، 280، 333، 403، 430/ 6: 14، 52،
108، 129، 140.
* أعصر بن سعد 6: 153.
الأعلم الهذلي 1: 233. وانظر: الهذلي.
الأعنق = قيس بن الحارث بن همام.
فهرس الأعلام
أعوج (فرس) 4: 180.
الأغلب 1: 12، 413/ 2: 366.
أفصى 4: 506.
الأفوه 1: 19/ 2: 9.
أكدر (حمار) 5: 164.
أكيدر 1: 316/ 4: 135.
* أمامة 1: 29.
* امرؤ القيس بن تملك 1: 280.
امرؤ القيس (بن حجر) 1: 53، 65، 80، 112، 184، 280، 290، 301، 302، 324، 343، 349، 376، 492، 496، 499/ 2: 22، 62، 79، 106، 190، 202، 206، 263، 280، 397، 454، 484، 500/ 3: 73،
79، 85، 96، 180، 182، 227، 245، 278، 283، 323، 374، 381، 439/ 4: 4، 44، 47، 73، 81، 83، 90، 91، 97، 98، 208، 250، 255/4: 261، 318، 336، 340، 353، 464، 499، 508/ 5: 7، 29، 40، 57، 172، 207، 208، 214، 227، 285، 295، 331، 353، 368، 402، 425، 436، 442/ 6: 67، 136، 159.
امرؤ القيس بن ربيعة = مهلهل.(6/245)
الأموي(1) 1: 105، 201/ 2: 287، 493/ 3: 199، 207، 220، 373، 467/ 5: 181، 374.
* أميم (أميمة) 2: 14، 73، 219.
* أميمة 3: 327.
أمية بن أبي الصلت 1: 154، 201، 236، 325، 405/ 3: 109، 185، 297/ 4: 113، 195، 212.
(أمية) بن أبي عائذ الهذلي 4: 190، 226. وانظر: الهذلي.
أنس بن مالك، أبو حمزة 1: 406/ 2: 103، 264.
الأنصاري (الحباب بن المنذر) 2: 495.
إهاب بن عمير 1: 119.
فهرس الأعلام
أوس بن حجر 1: 44، 48، 92، 108، 123، 246، 255، 268، 284، 294، 451/ 2: 42، 80، 94، 208، 242، 260، 299، 300، 352، 363، 379/ 3: 57، 89، 175، 264، 298، 299، 327، 400، 419/ 4: 74، 113، 148، 234، 244، 342، 349، 382، 492/ 5: 12، 28، 73، 75، 240/ 6: 20، 80.
أوس بن مغراء 1: 494/ 4: 94/ 5: 339.
أبو أوفى 3: 301.
(ب)
* البابليان (هاروت وماروت) 4: 74، 89.
بارق = سعد بن عدي 1: 227.
باقل 1: 275.
ببة 1: 193.
البتول = مريم العذراء 1: 195.
* بثينة 2: 437/ 3: 265/ 5: 67/ 6: 130.
* ابن بجرة 5: 442.
* بجير 4: 410.
بجير بن الحارث 1: 314.
بحنة بن ربيعة 1: 251.
بدر (صاحب البئر) 1: 209.
البراء 3: 291.
برج بن مسهر 1: 168.
* برزة 5: 62.
البرك = عوف بن مالك بن ضبيعة 1: 229.
البرة (اسم سيف) 1: 234.
بروع (ناقة) 4: 234، 235.
بسطام بن قيس، أبو الصهباء 1: 117، 118.
* بشر 1: 370، 437.
فهرس الأعلام
بشر الأسدي 2: 235.
بشر بن أبي خازم 1: 113، 180، 282/ 2: 82، 325، 364/ 3: 344، 345، 371/ 4: 56، 104، 121/ 5: 19، 149.
*بشر أبو مروان 4: 319.
بعكك القرشي 1: 264.
البعيث 1: 102/ 2: 469/ 3: 132، 334/ 4: 93.
البقعاء بنت سلامان بن ذبيان 1: 282.
البكاء = عوف بن ربيعة 1: 285.
أبو بكر (أحمد بن محمد بن إسحاق الدينوري) 1: 114 (محمد بن أحمد الأصفهاني) 1: 5.
أبو بكر = محمد بن الحسن بن دريد.
__________
(1) هو عبد الله بن سعيد كما في إصلاح المنطق 397.(6/246)
أبو بكر الخياط 1: 206.
أبو بكر بن السني 1: 24.
أبو بكر الصديق 1: 20/ 2: 48، 82/ 4: 71/ 5: 122/ 6: 24.
*بلال 3: 376.
*بلال (بن أبي موسى) 2: 235.
بَلِيّ بن عمرو بن الحاف بن قضاعة 1: 295.
بنانة 1: 192.
بندار بن لزة الأصفهاني 1: 4.
*بهان 1: 29.
البهدلي 1: 315.
بيهس 1: 259.
(ت)
تأبط شراً 1: 24، 31، 82/ 2: 253/ 3: 393/ 4: 192، 333/ 5: 256.
أم تأبط شراً 6: 19.
*تبع 1: 493/ 5: 99/ 6: 41.
أبو تراب (الأعرابي) 1: 199.
*ابن ترنا 1: 303.
فهرس الأعلام
ابن تقن 1: 350.
* تماضر 1: 266.
* تميم بن بدر 3: 472.
تميم الداري 3: 166.
(تميم) بن مقبل 1: 90، 91، 273، 300، 309، 321، 351، 365، 456، 472، 473/ 2: 68، 129، 142، 283، 323، 349، 356، 503/ 3: 28، 30، 50، 106، 137، 154، 364/ 4: 23، 103، 230، 257، 408/ 5: 130، 313.
التميمي 1: 288، 290.
* التيمي عتبة 3: 287.
(ث)
ثابت البناني 1: 192.
ثابت بن الدحداح 1: 52.
ثادق (فرس) 1: 373.
ثعلب = أحمد بن يحيى
ثعلبة الأسدي 4: 41.
* ثعلبة بن سير 4: 130.
ثعلبة بن عمرو، العنقاء 4: 161، 162.
الثقفي (محمد بن عبد الله بن نمير) 1: 8.
ثوب 1: 394، 395.
ابن ثور = حميد 2: 394.
(ج)
* جابر 2: 50/ 3: 178/ 5: 171/ 6: 12.
جابر بن عامر 5: 122.
جابر (بن عبد الله الأنصاري) 1: 63.
جبريل، جبرئيل، الروح، روح القدس، الناموس 2: 454، 460/ 4: 282/ 5: 63، 481.
فهرس الأعلام
* جبيرة 6: 14.
جحدر 2: 50.
* أبو جحل 1: 429.
ابن جدعان، حاسي الذهب 2: 59.
* جديل (فحل) 1: 434.
جذع 1: 437.
جذيمة الأبرش 1: 219.
أبو الجراح العقيلي 1: 64، 72/ 4: 176.
* جرادة العيار (فرس) 4: 398.
* جرول (الحطيئة) 4: 459.
* جرول بن نهشل بن دارم 1: 258، 259.
* جرى 1: 142.(6/247)
جرير (بن الخطفي) 1: 93، 118، 161، 175، 374، 445/ 2: 52، 73، 91، 107، 179، 182، 204، 285، 428، 442/ 3: 75، 132، 153، 183، 184، 206، 261، 279، 361، 393، 402، 449/ 4: 6، 45، 67، 112، 119، 126، 195، 211، 242، 256، 263، 289، 319، 325، 334، 358، 381، 486/ 5: 41، 76، 151، 173، 176،
339، 358/ 6: 27، 51، 105، 155.
جرير بن عبد الله 2: 259.
* جزء 3: 5.
جزء بن سعد الرياحي 1: 92، 93.
* جعادة 6: 27.
الجعدي = النابغة
* جعفر 5: 20.
ابنا جعفر 3: 396.
جعفر بن قريع 1: 147.
* ابنا جعيل 3: 132.
جماز (بعير النجاشي الشاعر) 1: 478.
فهرس الأعلام
* جمرة ابنة نوفل 5: 376.
* جمل 4: 227.
* الجميح 5: 216.
جميل 2: 125/ 3: 440/ 4: 163، 258، 319.
جندب 1: 79.
* أم جندب 5: 444.
جندل بن المثنى الطهوي 1: 263/ 2: 192/ 4: 154.
* جهضم 5: 287.
أبو جهل 4: 14.
* الجوفاء 1: 121.
* الجون (فرس) 1: 339/ 2: 478، 479، 480.
(ح)
أبو حاتم السجستاني 1: 14، 23، 30، 40، 58، 85، 86، 134، 144، 153، 160، 170، 188، 196، 223، 228، 231، 279، 291، 297،
319، 474/ 2: 162، 165، 190، 289، 381، 438، 445، 477، 504/ 3: 335/ 4: 22، 30، 35، 40، 98، 155، 161، 162، 169، 183، 220، 425/ 5: 425.
* حار (حارث) 2: 501.
* الحارث بن الجهم 2: 276.
الحارث، الحبط 2: 130.
الحارث بن حجر 4: 74.
الحارث بن حلزة 1: 145، 295، 480/ 2: 96/ 3: 435/ 4: 192/ 5: 99.
الحارث بن أبي شمر 5: 348.
الحارث بن كلدة 5: 135.
الحارث بن وعلة 3: 395/ 4: 410.
حاسي الذهب، ابن جدعان 2: 59.
الحاشر (من أسمائه صلى الله عليه وسلم) 2: 67.
فهرس الأعلام
* أبو حاضر 3: 26.
حاطب 4: 35.
حباب بن المنذر الأنصاري 1: 438/ 2: 495.
* حبابة بنت جزء 1: 424.
الحباحب 2: 28/ 3: 293.
* حبار (ناقة) 4: 285.
الحبط، الحارث 2: 130.
ابن حبيب = يونس
حتات 2: 28.
* حتروش بن عزة 1: 157.
* الحجاج 3: 165.(6/248)
الحجاج بن يوسف 1: 247، 281، 497/ 3: 51، 97/ 4: 338.
* حدراء 4: 47.
* حذيفة 3: 113.
* حذيفة بن بدر 5: 263.
حذيفة (بن اليمان) 1: 436.
* حر 1: 351.
* ابنا حراق 1: 427.
حرزم (جمل) 1: 217.
* حريث 2: 30.
* حزرة 1: 400.
* حزمة (فرس) 2: 54.
* أبو حسان 4: 265.
حسان بن ثابت 1: 134، 257، 320/ 2: 69، 76، 188، 282/ 3: 260،
328، 415، 446/ 4: 248، 273، 336، 414.
* ابن حسان (عبد الرحمن بن حسان) 1: 478.
* ابن حسحاس بن عمرو 6: 152.
فهرس الأعلام
* الحسن 2: 9.
أبو الحسن = عبد الله بن سفيان.
أبو الحسن الأثرم 3: 67.
الحسن البصري 1: 186، 310/ 2: 468/ 3: 312/ 5: 213، 231، 259، 349.
الحسن (بن علي) 3: 51.
أبو الحسن القطان = علي بن إبراهيم.
* الحسين 2: 9.
حسين بن عبد الله بن ضميرة 3: 198.
الحسين (بن علي) 1: 416.
الحسين بن مسبح أبو عبد الله 1: 24، 83، 84، 114.
* حصن 5: 43.
* ابن حصن 1: 93.
* حصين 5: 35.
الحصين بن الحمام 1: 282.
الحضين 5: 178.
الحطيئة، جرول 1: 105، 106، 110، 141، 147، 264، 361/ 2: 79، 207، 343/ 3: 112، 409، 411، 448/ 4: 23، 322، 447، 459/ 5: 123، 174/6: 62.
حمار (صاحب الوادي) 1: 495/ 2: 103.
أبو حمزة (كنية أنس بن مالك) 2: 103.
حمزة (بن عبد المطلب) 4: 5.
حمل بن بدر 1: 272.
* حمل بن كوز 1: 36.
حميد 1: 9/ 2: 272.
حميد الأرقط 2: 330/ 4: 309.
حميد بن ثور 1: 139/ 2: 6، 289، 394، 491/ 3: 117، 133، 212/ 4: 95، 194، 212، 215/ 5: 130، 481.
فهرس الأعلام
* الحناط 4: 262.
* حنانة (راع) 3: 441.
* أم حنبل 1: 466.
حنيف الحناتم 1: 40.
أبو حنيفة أحمد بن داود (الدينوري) 1: 24، 83، 84، 114، 116، 281، 450.
حواء (أم البشر) 1: 41/ 4: 282.
حوط (بن أبي جابر) 2: 331.
الحوفزان 2: 86.
* أم الحويرث 2: 219.
* حيان أخي جابر 3: 178.
(خ)
* خالد 1: 276/ 3: 370، 409.
* أبو خالد 2: 448.
ابن أبي خالد 1: 320.(6/249)
خالد بن عبد الله القسري 3: 411.
خالد بن الوليد 1: 197، 270، 295/ 2: 258.
* أبو خبيب 2: 64.
خداش بن زهير 4: 495.
خديجة (أم المؤمنين) 5: 94.
أبو خراش 1: 125، 424/ 2: 54، 149.
* أبو خراشة 3: 387.
* خرقاء 2: 393/ 3: 124، 168/ 4: 174/ 6: 10.
* أم الخزرج 4: 91.
ابنة الخس 1: 141.
* خشاف 1: 96.
الخضر (عليه السلام) 4: 498.
الخضري 1: 279.
فهرس الأعلام
* الخطاب 3: 435.
أبو الخطاب 1: 228، 233/ 5: 341.
الخطفي 2: 196.
* الخطيم 1: 397.
* الخفاجي 4: 488.
خلف الأحمر 1: 194، 294، 317/ 2: 150، 416/ 3: 337/ 4: 284/ 6:
132.
الخليل بن أحمد، أبو عبد الرحمن...........
الخِمس ملك اليمن 2: 218.
خندف 2: 162.
الخنساء 1: 94، 221، 382/ 2: 408/ 3: 290/ 4: 109، 239، 265، 292.
خوات بن جبير 1: 64.
* خويلد 2: 420.
أبو خيرة 1: 297/ 3: 171.
(د)
داحس (فرس) 2: 331.
ابن دارة 1: 97.
داعر (فحل) 2: 283.
دالق (عمارة بن زياد العبسي) 2: 297.
داود (عليه السلام) 2: 435/ 3: 157/ 5: 99.
الدجال = المسيح
دختنوس بنت لقيط 1: 10.
أبو الدرداء 2: 295.
درم 2: 270.
درواس (كلب) 4: 260.
ابن دريد = محمد بن الحسن.
دريد بن الصمة 1: 72/ 4: 108، 274، 428.
فهرس الأعلام
الدريدي = ابن دريد
دعد 2: 271.
دعمي 2: 282.
* دغفل 4: 49.
أبو الدقيش 2: 289.
* أبو دليجة 3: 298.
ابن الدمينة 3: 360.
الدهناء (بنت مسحل، زوج العجاج) 1: 479.
أبو دواد 1: 6، 26، 182، 200، 340/ 2: 194، 373، 436، 509/ 3: 64، 191، 397/ 4: 16، 175، 193، 271، 296، 311، 344، 486/ 5: 168، 379.
* ديسم 2: 137.
(ذ)
ذات أنواط (شجرة) 2: 228.
أبو ذر 3: 114.
الذريح (فحل) 2: 354.
* الذلفاء 5: 366.
ذو الإصبع 2: 151، 179، 409/ 3: 70، 244/ 4: 243، 345.
ذو البرة 1: 234.
ذو الخرق الطهوي 2: 172/ 4: 55.(6/250)
ذو الرمة، غيلان1: 9، 24، 31، 38، 80، 131، 163، 189، 203، 235، 240، 241، 260، 298، 306، 428، 434، 435، 444، 462، 465/
2: 70، 142، 152، 231، 235، 252، 281، 315، 345، 362، 379، 423، 467، 477، 486/ 3: 37، 38، 79، 102، 104، 122، 133، 155، 168، 173، 177، 190، 216، 222، 319، 321،
351، 376، 411، 418/ 4: 27، 30، 38، 47، 80، 87، 94، 131، 145، 165، 174، 179، 180، 202، 209، 233، 237، 247،
251، 264، 267، 290، 296، 302، 305، 311، 319، 324،
فهرس الأعلام
... 352، 355، 365، 403، 409، 420، 426/ 5: 38، 45، 57، 83، 101، 158، 185، 190، 208، 273، 279، 309، 357، 376،
385، 426، 452، 477/ 6: 10، 11، 63، 87.
ذو العصابة = سعيد بن العاص.
ذو العقال 4: 75.
ذو القرنين 5: 426.
ذو النون (سيف) 5: 373.
ذو يزن 1: 97/ 6: 155.
أبو ذؤيب الهذلي، القطيل 1: 49، 60، 69، 83، 108، 165، 267، 303، 352، 367، 396، 415، 416، 431، 442، 459، 468، 480، 481/ 2: 23، 30، 94، 123، 164، 216، 226، 344، 383، 501/ 3: 128، 174، 240، 296، 333، 335، 472/ 4: 33، 127، 191، 235، 303، 318، 505/ 5: 12، 99، 103، 296، 319، 362، 367، 423/ 6: 64.
* ابن ذي الكيرين 2: 179.
(ر)
الراعي 1: 22، 197، 226، 434/ 2: 128، 504/ 3: 122، 331/ 4: 203، 234، 278/ 5: 190/ 6: 14، 148.
* الرباب 4: 175، 390.
* أم الرباب 2: 319.
* ابنتا ربع 4: 404.
الربيط، لقب الغوث بن مر 2: 479.
الربيع بن زياد العبسي 2: 297.
ابن أبي ربيعة = عمر.
ردينة 2: 505.
الرشيد (هارون) 4: 70.
ابن الرقاع = عدي.
ابن رواحة 1: 265/ 2: 129/ 4: 116.
فهرس الأعلام(6/251)
رؤبة بن العجاج 1: 15، 37، 39، 48، 83، 100، 127، 158، 166، 173، 182، 193، 207، 220، 237، 292، 310، 346، 432، 464،
468، 479/ 2: 18، 66، 119، 146، 158، 172، 214، 262،
269، 281، 506/ 3: 22، 80، 98، 117، 168، 203، 237، 266، 304، 387، 410، 452/ 4: 4، 10، 22، 40، 158، 166، 168، 171، 178، 180، 188، 265، 312، 321، 347/ 5: 50، 58،
169، 190، 248، 249، 274، 282، 349/ 6: 23.
الروح (جبريل) 2: 454.
روح القدس (جبريل) 2: 460/ 5: 63.
* أبو رويم 2: 420.
* ريحانة 1: 127.
(ز)
زارع (كلب) 3: 51.
زاعب 3: 11.
الزباء 3: 344.
الزبرقان بن بدر 1: 292/ 2: 29، 286.
ابن الزبعرى = عبد الله.
أبو زبيد الطائي 1: 184، 292/ 2: 347، 396/ 3: 326، 381/ 4: 221/ 5: 70، 420.
* الزبير 3: 22.
ابن الزبير (عبد الله) 5: 213.
الزبير بن العوام 1: 431/ 3: 116، 183، 190/ 6: 137.
الزجاج = إبراهيم بن السري.
زرارة بن عدس 1: 155، 156.
أم زرع 1: 197، 374/ 3: 170، 185/ 4: 129، 456.
* زريق 5: 411.
*زعبلة 1: 284.
زغر 3: 14.
فهرس الأعلام
زكريا (عليه السلام) 5: 188.
أبو زكرياء (كنية الفراء) 4: 487.
* زمل 4: 106.
* أم زنباع 3: 188.
* زهدم (فرس) 1: 154.
الزهري 4: 40.
* زهير 4: 101.
زهير (راو) 5: 122.
زهير بن أبي سلمى 1: 39، 78، 88، 145، 195، 248، 255، 294، 314،
369، 386، 421، 436/ 2: 119، 190، 211، 214، 220، 243، 373، 498، 501/ 3: 32، 91، 139، 141، 268، 325، 469/
4: 4، 5، 59، 114، 146، 160، 218، 246، 250، 260، 264، 265، 289، 291، 317، 323، 327، 391/ 5: 43، 51، 77، 201، 234، 345، 386/ 6: 15، 16.
ابن زياد 1: 416.
زياد (بن أبيه)، أشعر برك 1: 194، 228.
زياد (الأعجم) 3: 209/ 4: 90.
أبو زياد الكلابي 1: 39، 58، 124، 153، 165، 180، 226، 227، 231،
232، 233، 253، 263، 268، 275، 284، 316/ 2: 133، 287/
3: 122/ 4: 21، 79، 315/ 5: 70.(6/252)
زياد النابغة 1: 304.
الزيادي 1: 202.
* زيد 2: 24، 128، 216.
أبو زيد (الأنصاري) 1: 6، 14، 15، 27-30، 38، 43، 50، 53، 54، 58، 60، 67، 87، 90، 104، 123، 128، 131، 132، 133، 158، 159، 172، 188، 193، 201، 205، 219، 223، 225، 229، 233،247، 264، 275، 281، 282، 284، 287، 295، 316، 319، 358/
2: 14، 15، 34، 52، 63، 76، 79، 163، 216، 314، 320، 325، 343، 353، 365، 379، 392، 399، 404، 413، 431، 452،
فهرس الأعلام
... 456، 476، 481، 484، 488، 507/ 3: 68، 80، 113، 140،
147، 155، 180، 196، 200، 247، 307، 312، 322، 342،
358، 384، 389، 393، 399، 410/ 4: 10، 27، 36، 40، 49،
61، 68، 80، 81، 85، 91، 104، 116، 133، 139، 152، 159، 174، 176، 238، 269، 270، 339، 480/ 5: 247، 353، 363، 374، 408، 423/ 6: 29، 107، 149.
زيد الخيل 1: 24، 286/ 3: 393.
زيد بن عمرو بن نفيل 1: 27.
* زيد (بن الكيس النمري) 4: 49.
* زينب 3: 377/ 6: 66.
(س)
ساعدة بن جؤية الهذلي 4: 144، 157/ 5: 375، 394.
سالم بن عبد الله 1: 364/ 2: 460.
السجستاني = أبو حاتم.
(سحيم عبد بني الحسحاس) = عبد بني الحسحاس.
سحيم (بن وثيل الرياحي) 3: 63.
سراقة بن مالك 2: 486.
سطيح الكاهن 3: 72.
* سعاد 1: 439/ 3: 184/ 4: 31، 138.
* سعد 1: 304/ 5: 353.
ابن سعد 1: 416.
سعد بن خيثمة 4: 39، 40.
سعد بن عدي، ولقبه بارق 1: 227.
سعد (بن معاذ) 2: 429.
سعد بن أبي وقاص 2: 132.
* سعدى 1: 119/ 4: 32.
* سعيد 3: 371.
فهرس الأعلام
أبو سعيد 1: 214/ 3: 383، 389/ 4: 120/ 5: 481.
* سعيد (بن جبير) 4: 473.
أبو سعيد (الخدري) 3: 410.
سعيد بن العاص بن أمية، أبو أحيحة، ذو العصابة 4: 337، 447.
السفاح (أحد رؤساء العرب) 3: 81.
أبو سفيان 4: 5، 498/ 5: 77.
ابن السكيت = يعقوب بن إسحاق.
سلامة بن جندل 2: 29، 382/ 3: 77، 131، 470/ 4: 217/ 5: 113.
* أم السلسبيل 1: 243.(6/253)
سلفع (كلبة) 6: 135.
سلمان 2: 295/ 4: 36.
* سلْمة 1: 214.
سلمة 1: 76/3: 198، 303
أم سلَمة 1: 176، 256، 294/ 4: 95.
سلمة بن الأكوع 3: 392.
* سلمى 1: 220/ 2: 319، 320/ 3: 325/ 4: 96، 166، 258/ 5: 105، 314.
* ابن سلمى 2: 51/ 4: 220/ 5: 436.
أبو سلمى (والد زهير) 3: 91.
* سليك 1: 395/ 4: 70.
* سليم (سليمان عليه السلام) 2: 366/ 3: 308.
سليمان (عليه السلام) 2: 3، 91/ 5: 441.
*سليمان 4: 170.
سليمان بن صرد 3: 257.
* سليمى 1: 65، 86، 407، 454/ 2: 43/ 4: 123، 201، 408.
* السندري 5: 355.
ابن السني 1: 83، 84.
* سهيلة 4: 25.
فهرس الأعلام
* سهية 4: 303.
* سواد بن عمرو 2: 156.
سويد الدارمي 1: 155.
سويد (بن أبي كاهل) 1: 362، 398، 458/ 3: 86، 298، 369/ 4: 55/ 5: 136.
سويد بن كراع 2: 431، 476/ 4: 452.
سيبويه 1: 168/ 2: 22.
ابن سيرين 1: 72.
(ش)
ابن شأس (عمرو) 4: 15.
* شبث (بن ربعي(1)) 4: 112.
شبيل بن عزرة 1: 61.
شدقم (فحل) 1: 434.
شريح (القاضي) 1: 262/ 3: 266.
* شعثاء 1: 215.
* أبو الشعثاء 1: 429.
شعل 3: 190.
الشقراء (فرس بسطام) 1: 117.
الشماخ 1: 43، 385، 387، 430، 441، 487/ 2: 8، 47، 103، 183، 184، 236، 295، 347، 414، 445/ 3: 24، 90، 109، 134، 281،
323، 380/ 4: 19، 187، 261، 266، 283، 327، 357/ 5: 58، 392/ 6: 158.
شمخ 3: 212.
* شمر 4: 266.
الشنفرى 1: 31، 295/ 2: 133، 217/ 3: 139/ 4: 29/ 5: 151، 421.
شهر بن حوشب 5: 416.
فهرس الأعلام
شهل بن شيبان. يقال هو الفند الزماني 3: 223.
الشيباني = أبو عمرو ………………
(ص)
* صخر 1: 352/ 4: 109.
صخر الغي 1: 454/ 5: 114.
* صديّ بن مالك 6: 27.
* ابن الصعق 2: 222.
* الصمعاء 4: 43.
* صنبل 5: 171/ 6: 12.
* أبو الصهباء (بسطام بن قيس) 1: 118.
(ض)
ضابئ (بن الحارث البرجمي) 3: 58.
* ضباء 4: 342.
ضبار (كلب) 6: 7.
ضبارة 3: 386.
__________
(1) انظر النقائض في غيرما موضع.(6/254)
الضبي 1: 50، 187، 202، 207، 250، 263.
* الضحاك 2: 216.
* ابنة الضمريّ 4: 176.
(ط)
طابخة 3: 437.
*طارق 3: 449.
أبو طالب 1: 389/ 5: 438.
ابن الطثرية 1: 231/ 5: 157، 277.
طرفة، طريفة بن العبد 1: 19، 35، 62، 74، 75، 97، 109، 113، 160، 178، 179، 200، 304، 312، 399، 464/ 2: 7، 15، 23، 26، 91،152، 160، 179، 229، 297، 344، 366، 387، 392، 406، 416،
فهرس الأعلام
... 423، 468/ 3: 9، 148، 153، 179، 181، 203، 245، 310،
318، 434، 466/ 4: 10، 206، 213، 247، 302، 344، 409، 467، 472، 478/ 5: 13، 55، 105، 246، 279، 284، 286،
391، 475/ 6: 27، 43 بلفظ طريفة بن العبد.
ابن أبي طرفة 1: 278/ 4: 284.
الطرماح 1: 122، 165، 214، 409، 457/ 2: 41، 51، 193، 227، 237، 407، 444/ 3: 38، 176، 177، 192، 249، 254، 257، 348، 457/ 4: 22، 34، 60، 88، 96، 105، 155، 168، 170، 201، 207، 246، 265، 272، 291، 366، 367، 369/ 5: 113، 140، 170، 227، 344/ 6: 25، 135.
* أبو طريف 4: 147.
طريفة بن العبد = طرفة
طفيل الغنوي، محبر 1: 279، 374/ 2: 113، 149، 507/ 4: 20، 82، 180، 272، 288/ 5: 134.
* طفيل بن مالك، أبو ليلى 5: 92.
طلحة (بن عبيد الله) 5: 201.
أبو الطمحان 1: 274.
طهفة بن أبي زهير النهدي 2: 392.
(ظ)
* ظمياء 4: 165، 235.
(ع)
* أبو العاصي 3: 435.
العاقب (رسول الله صلى الله عليه وسلم) 4: 80.
* عام (عامر) 2: 60/ 4: 325.
* ابن عامر 4: 444.
* أم عامر 1: 429/ 5: 18.
عامر بن ضبارة 3: 386.
* العامري 3: 294.
فهرس الأعلام
العامري 1: 40، 43، 89، 97، 126، 171، 201، 203، 217، 230، 238، 297.
* ابنة العامري 2: 281.
ابن أبي عائذ = أمية.
* عائش (عائشة) 3: 380.
عائشة (رضي الله عنها) 2: 115، 316، 357، 414/ 3، 68، 126/ 4: 95/ 5: 433.
* عباد 4: 245.
* عبادة 1: 494.
العباس (عم الرسول) 2: 293.
ابن عباس = عبد الله.(6/255)
عباس بن مرداس 1: 143، 320.
عبد بني الحسحاس 4: 123/ 6: 104.
ابن عبد العزيز = علي.
* ابن عبد القيس 3: 167.
أبو عبد الله = الحسين بن مسبح 1: 114.
(عبد الله) بن جدعان = ابن جدعان.
عبد الله بن الحسن قاضي البصرة 3: 84.
عبد الله بن الزبعرى 1: 316/ 2: 151.
(عبد الله) بن الزبير 5: 213.
عبد الله بن سفيان النحوي، أبو الحسن 3: 67.
عبد الله بن سلمة 1: 114.
عبد الله بن عباس 1: 6، 322/ 2: 79، 154/ 5: 251، 280.
عبد الله بن عمر 5: 16.
عبد الله بن عنمة 2: 479.
عبد الله بن مسعود 1: 75، 139/ 2: 8/ 5: 142.
فهرس الأعلام
عبد الله بن مسلم، ابن قتيبة، القتيبي 1: 47، 203، 219، 356، 481/ 2: 63، 97، 119، 317، 346، 347، 377، 381، 447، 463/ 3: 339، 452/
4: 95، 427، 495/ 5: 172، 424.
عبد الملك 1: 451.
عبد الملك (بن مروان) 5: 339.
* عبد يغوث 3: 369/ 4: 267.
عبدة 1: 381.
العبدي = مثقب.
* عبيد 2: 221.
عبيد بن الأبرص 1: 153، 212، 378/ 2: 218، 239، 457/ 3: 232/ 4:
181، 184/ 5: 88/ 6: 91.
عبيد بن أيوب العنبري 1: 9، 264.
أبو عبيد (القاسم بن سلام) …………
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة 4: 40.
أبو عبيدة 1: 22، 29، 59، 146، 147، 164، 174، 178، 229، 239، 243، 248، 278، 281، 282، 288، 325، 350، 374، 422، 488/ 2: 18، 38، 279، 286، 436، 493/ 3: 67، 94، 105، 133، 322، 429/ 4: 19، 23، 30، 64، 73، 74، 125، 136، 153، 162،
163، 174، 220، 278، 315/ 5: 124، 141/ 6: 105، 120.
* عتبة 1: 71، 120/ 2: 9.
* عتبة (التيمي) 3: 287.
عتبة بن أبي سفيان، أبو الوليد 5: 280.
* ابن عتبة (عمرو) 2: 407.
عتبة بن غزوان 2: 6.
عتيبة بن مرداس 2: 170.
* عثم 1: 184.
* أم عثمان 4: 20.
عثمان بن عفان 2: 45/ 5: 428.
فهرس الأعلام(6/256)
العجاج 1: 41، 81، 95، 139، 199، 461، 471/ 2: 35، 115، 116، 118، 141، 190، 244، 304، 341، 417، 457/ 3: 199، 261، 332، 437/ 4: 6، 17، 44، 53، 134، 142، 155، 167، 183، 186، 194، 195، 208، 225، 252، 254، 277، 310، 328، 361،367.
العجلان = كعب بن ربيعة بن عامر.
العجير 4: 119.
أبو العداء 5: 459.
* عدس (بغلة) 3: 414.
* عدي 1: 397.
عدي بن زيد 1: 15، 42، 68، 75، 76، 93، 133، 167، 321/ 2: 77، 92، 358/ 3: 28، 42، 232، 240، 264، 423/ 4: 4، 7/ 5: 140،
330.
عدي بن الرقاع 1: 298/ 3: 188/ 4: 177.
* عرابة 1: 158/ 2: 236.
* عرار 4: 15.
* عرو 3: 195/ 5: 459.
عروة العذري 1: 231.
عروة بن الورد 1: 53/ 3: 76/ 5: 142، 423.
* عز (عزة) 2: 131.
* عزة 1: 209/ 2: 216.
* العصا (فرس) 2: 223.
* عصام 2: 175/ 4: 334.
عفار 4: 66.
* عفارة 4: 64، 65.
العفاس (ناقة) 4: 234، 235.
* ابن عفان (عثمان) 2: 45.
* عفيرة 2: 233.
عفيرة 4: 65.
فهرس الأعلام
* ابن أبي عقيل 1: 187.
عقيل بن مالك 4: 82.
عكراش بن ذؤيب 4: 286.
العكلي 1: 290.
* علقمة 3: 125.
علقمة بن عبدة 1: 231، 375/ 2: 140، 332، 383/ 3: 445/ 4: 206، 261.
العلهان (فرس) 4: 112.
علي بن إبراهيم القطان، أبو الحسن 1: 3، 12، 102، 114/ 2: 231، 329، 346، 347، 377، 381، 383، 388، 444، 452، 465/ 3: 54، 93،112، 121، 123، 145، 198، 207، 210، 295، 339، 373، 417،
456/ 4: 232، 301/ 5: 181، 225، 268/ 6: 7، 41، 144، 157.
علي بن أحمد الساوي 1: 5.
أبو علي الأصفهاني 1: 33، 40، 47، 89، 132، 196، 206، 217، 222، 229، 230، 263/ 5: 307.
علي بن سود الغساني 4: 120.
علي بن أبي طالب 1: 216، 262/ 2: 16، 93، 101، 365/ 3: 120، 209، 257، 429/ 4: 207، 408، 449، 472/ 5: 122، 356، 452.
علي بن عبد العزيز 1: 4/ 2: 383، 388، 444، 452/ 3: 54، 67، 112، 121، 123، 145، 207، 295، 373/ 5: 181.(6/257)
علي بن عمر 6: 141.
* علية 2: 485/ 4: 417.
* عمار 1: 34/ 4: 83/ 5: 153.
* أم عمار 4: 365.
عمار الذهني 2: 308.
* عمارة 1: 191.
عمارة بن زياد العبسي 2: 297.
* عمر 4: 79.
ابن عمر = عبد الله.
فهرس الأعلام
عمر بن الخطاب 1: 17، 54، 90، 124، 197، 256، 294، 295، 310، 399/ 2: 115، 119، 278، 293، 403، 456، 470/ 3: 288، 368/ 4: 273، 346، 366/ 5: 112، 122، 142، 257، 443.
عمر بن أبي ربيعة 1: 69، 308/ 4: 197.
عمر بن لجأ 4: 159.
* أم عمران 3: 160/ 4: 301.
* عمرة 2: 262، 505/ 3: 456/ 4: 398.
* عمرو 1: 400/ 2: 234، 277/ 3: 330/ 4: 143.
* ابن عمرو 1: 382.
* أبو عمرو 3: 210.
* أم عمرو 1: 367، 490/ 2: 232/ 3: 474/ 4: 235، 420/ 5: 366.
* عمرو بن درماء 1: 301.
عمرو بن شأس 1: 245/ 4: 15.
أبو عمرو الشيباني …………
عمرو الضبعي، ابن قميئة 1: 30، 306.
* عمرو (بن عتبة) 2: 407.
* عمرو (بن العداء الكلبي) 4: 71.
أبو عمرو بن العلاء 1: 55/ 2: 235، 498/ 3: 207/ 4: 152، 262.
عمرو بن أبي عمرو الشيباني 6: 7.
عمرو بن عمرو بن عدس 1: 10.
عمرو بن كلثوم 1: 234، 402/ 2: 35، 87، 471/ 4: 6، 9، 109، 272/ 5: 409.
عمرو بن معبد بن زرارة 1: 10.
عمرو بن معديكرب 1: 411/ 2: 273/ 3: 304.
عمرو بن ملقط الطائي 1: 155.
عمرو بن المنذر اللخمي 1: 155، 156.
عمرو (هو هاشم بن عبد مناف) 6: 53.
فهرس الأعلام
عمرو بن هند 1: 315/ 2: 416.
* عمرو (بن يربوع) 1: 38.
* العمري 4: 331.
أبو العميثل 1: 99.
* عمير 1: 225/ 3: 80.
عنترة العبسي، الفلحاء 1: 245، 367/ 2: 52، 201، 292/ 3: 157، 194،
228، 256/ 4: 181، 221، 231، 277، 312، 344.
عنترة الفلحاء (هو العبسي) 4: 161.
العنقاء = ثعلبة بن عمرو.
العوام بن حوشب 3: 198.
عوف بن الأحوص 1: 248، 265.
عوف بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، البكاء 1: 285.
عوف بن مالك بن ضبيعة، البرك 1: 229.
* العوهق (فحل) 4: 171.(6/258)
* العيار (صاحب الجرادة) 4: 398.
* عياض بن ناشب 1: 422.
أبو عياض الهذلي 4: 76.
عيسى، المسيح (عليه السلام) 2: 116، 301/ 4: 110/ 5: 322.
* عيين 1: 133.
* أبو عيينة 1: 446.
(غ)
غالب بن صعصعة 3: 63.
الغراب (فرس) 4: 180.
* غسان 1: 385.
* غسان السليطي 5: 147.
* ابن غلاق 1: 50.
الغوث بن مر، الربيط 2: 479.
فهرس الأعلام
* غياظ 4: 405.
غيلان (ذو الرمة) 2: 393.
(ف)
فارس بن زكريا 1: 5.
* فاطم (فاطمة) 1: 166.
* فاطمة 4: 75.
فتر 4: 470.
الفراء، أبو زكريا 1: 9، 16، 19، 20، 36، 41، 43، 52، 56، 71، 76، 77، 99، 124، 128، 149، 175، 187، 201، 238، 261، 264، 275، 288، 291، 335، 389، 444، 481، 496/ 2: 19، 34، 126،
158، 173، 199، 260، 305، 321، 358، 377، 412، 431،
432، 445، 452، 505/ 3: 18، 44، 55، 67، 113، 198، 299، 303، 350، 358، 379، 392، 417/ 4: 9، 10، 20، 24، 36، 39، 40، 42، 67، 68، 108، 115، 118، 143، 146، 150، 157،
296، 316، 328، 346، 411، 487، 502/ 5: 56، 167، 199، 204، 289، 354، 359، 446، 459، 465/ 6: 14، 24.
* فرتنى 1: 353/ 2: 179.
الفرزدق 1: 27، 92، 119، 143، 232، 321، 426، 474/ 2: 235، 285، 407، 421/ 3: 26، 132، 143، 170، 283، 381، 434، 471/ 4: 8، 31، 47، 49، 50، 59، 99، 119، 256، 306، 325/ 5: 122، 143، 151، 176، 358.
فرعون 4: 113.
* فروق 5: 368.
فروة بنت أبان بن عبد المدان 3: 189.
الفريخ 4: 500.
الفزاري 1: 277.
* بنت فضاض 4: 302.
أبو الفضل بن العميد = محمد بن العميد.
فهرس الأعلام
* فطحل 1: 135.
* فلان 2: 313.
الفلحاء = عنترة بن شداد 4: 450.
الفند الزماني 2: 406 ويقال اسمه شهل بن شيبان 3: 223.
(ق)
قابوس 1: 315.
* أبو قابوس 2: 170/ 3: 43.
القاسم بن معن 2: 22.
قاشر (فحل) 5: 91.
* قتادة 3: 206.
قتادة 5: 13.
أبو قتادة 3: 31.
ابن قتيبة = عبد الله بن مسلم.
القتيبي = عبد الله بن مسلم.(6/259)
* قتيلة 1: 352، 393/ 2: 213.
أبو قحافة 1: 379.
* قذور 5: 139.
القريعي 1: 132.
القطامي 1: 341، 358، 360، 418، 494/ 2: 118، 291، 396/ 3: 70، 298/ 4: 100، 147، 201، 405/ 5: 65، 188، 331/ 6: 121.
القطان = علي بن إبراهيم.
القطاة (ناقة) 4: 18، 19.
القطران 1: 449.
قطرب 1: 226، 227، 252، 297/ 2: 506/ 3: 205/ 4: 161، 162.
* قطن بن مدرك 2: 235.
القطيل (لقب أبي ذؤيب الهذلي) 5: 103.
* قفيرة 2: 107.
فهرس الأعلام
قمعة بن الياس 5: 28.
ابن قميئة = عمرو الضبعي 1: 30.
قنفذ 5: 459.
* قيس 1: 175.
أبو قيس بن الأسلت 1: 415، 479/ 2: 12، 408.
قيس بن الحارث بن همام، الأعنق 4: 161.
قيس بن الخطيم 1: 89، 397/ 2: 123، 362/ 3: 167/ 4: 365، 398/ 6: 89.
ابن قيس الرقيات 3: 190، 314/ 4: 72.
قيس بن زهير 4: 110.
* قيس بن سعد 4: 108.
* قيصر 4: 31.
قيلة 4: 506/ 5: 90.
(ك)
* كأس 4: 501.
كبشة بنت عروة الرحال 4: 82.
أبو كبير الهذلي 2: 456/ 4: 214، 288، 297.
كثوة الشاعر 5: 162.
كثير 1: 84، 209، 245، 418/ 2: 166، 216، 218/ 3: 302/ 4: 8، 26، 32، 67، 317، 392/ 5: 247، 249.
الكداد (حمار) 5: 126.
الكذاب الحرمازي 1: 14.
الكرماني 2: 499.
كساب (كلبة) 5: 179.
الكسائي 1: 9، 28، 31، 71، 84، 101، 109، 137، 170، 174، 188،
230، 276، 283، 293، 295، 316، 338، 375، 389، 441،468،492، 504/ 2: 7، 8، 15، 18، 19، 83، 122، 246، 259، 327، 387، 400، 456، 487/ 3: 9، 25، 73، 74، 112،
فهرس الأعلام
... 121، 165، 205، 207، 232، 242، 301، 306، 358، 378،
403/ 4: 22، 48، 56، 76، 84، 130، 135، 213، 236، 287، 433/ 5: 89، 285/ 6: 4، 131، 132.
كسرى 4: 31/ 5: 181.
كعب بن ربيعة بن عامر، العجلان 4: 238.
كعب بن زهير 1: 153/ 2: 22، 42/ 3: 468/ 4: 242، 459.
الكلابي (أبو زياد) 2: 287/ 4: 315/ 5: 70.
الكلبي 1: 56، 147.
كلثوم بن الهدم 4: 39.(6/260)
كليب 1: 314/ 4: 381.
* الكميت (فرس) 1: 327.
الكميت (بن زيد الأسدي) 1: 20، 90، 141، 184، 194، 199، 223، 230، 266، 277، 309، 429، 491/ 2: 4، 73، 107، 121، 128، 131، 145، 152، 157، 247، 290، 353، 401، 463، 501/ 3: 191، 242، 303، 389، 407، 443/ 4: 36، 57، 68، 81، 129، 421، 459، 467/ 5: 313، 376، 409/ 6: 13، 37، 52.
* كناز 1: 46.
كندة 5: 141.
* كندير (حمار) 3: 239.
(ل)
لاحق (فرس) 4: 180.
*لبد (النسر) 2: 222/ 4: 90.
لبطة 5: 230.
* لبنى 2: 503/ 4: 123.
لبيد 1: 29، 34، 37، 41، 51، 90، 138، 160، 167، 199، 218، 253، 257، 339، 345، 368، 397، 401/ 2: 73، 131، 139، 150، 179، 191، 212، 221، 222، 434، 464، 478، 479، 504/ 3: 11، 18، 35، 93، 171، 306، 413/ 4: 16، 18، 35، 58، 67،82،
فهرس الأعلام
... 83، 90، 94، 112، 188، 220، 221، 244، 248، 275، 292، 295، 305، 330، 333، 349، 351، 352، 353، 362، 377،
378، 391، 475/ 5: 53، 209، 372، 436/ 6: 5، 110.
اللحياني 1: 28، 32، 45، 50، 51، 52، 55، 83، 134، 190، 221، 223، 225، 236، 267، 319/ 2: 363، 376، 439، 445، 469/ 3: 30، 244، 341/ 4: 10، 29، 125، 276، 278، 464.
لقمان 2: 80/ 3: 241/ 6: 156.
لقيط (بن يعمر) 1: 410.
* لميس 4: 106/ 5: 170.
الليث بن إدريس 1: 5/ 2: 467.
الليث (بن رافع، أو المظفر) 1: 4، 5/ 3: 198، 340/ 4: 47.
* ليل (ليلى) 4: 188، 424.
* ليلى1: 97، 110، 355/ 2: 72، 282، 283، 468، 492/ 3: 22، 133،
162، 312، 320/ 4: 15، 44/ 5: 33، 40، 308، 479/6: 60 ،93.
* ابن ليلى (عبد العزيز بن مروان) 4: 270.
* أبو ليلى 1: 100/ 2: 474.
أبو ليلى (لغوي) 4: 277، 341.
ليلى الأخيلية 1: 232/ 2: 478.
* أبو ليلى طفيل بن مالك 5: 92.
* أبو ليلى (النابغة الجعدي) 1: 491.
(م)
ماروت 5: 315.
ماسخة 5: 323.
* مالك 1: 31، 435/ 4: 112.(6/261)
* أبو مالك 2: 10/ 4: 377/ 5: 178، 374/ 6: 48.
مالك بن أنس 3: 287.
مالك بن أوس 2: 403.
فهرس الأعلام
مالك الدبيري 4: 34.
* مالك بن زهير 5: 37.
مالك بن عوف 1: 204.
مالك بن نويرة 1: 17.
* ماويّ 2: 7.
المبرد = محمد بن يزيد.
المتلمس 1: 36، 91، 164، 314، 439، 477/ 4: 226، 280/ 5: 456.
متمم بن نويرة 1: 17/ 2: 137/ 3: 47.
المتنخل الهذلي 4: 14، 51، 52، 149.
مثقب العبدي 1: 32/ 2: 258، 291/ 5: 255.
* مجاشع 1: 321.
* مجالد 5: 398.
مجاهد 3: 199.
محبر (لقب طفيل) 2: 127.
* محرق 4: 479.
ابن محكان 3: 92.
*المحلق 1: 503/ 4: 456.
محمد (صلى الله عليه وسلم) أحمد، العاقب 1: 68، 407/ 2: 100، 184، 218/ 3: 191، 192/ 4: 80، 116، 273، 309.
محمد بن أحمد الأصفهاني، أبو بكر 1: 5.
محمد بن إدريس الشافعي 3: 201.
محمد بن حبيب 4: 33.
محمد بن الحسن بن دريد ……
محمد بن علي 3: 136.
محمد بن العميد، أبو الفضل 1: 206.
محمد بن فرج 3: 198.
محمد بن هارون الثقفي 3: 67، 428.
فهرس الأعلام
محمد بن يزيد المبرد 4: 135، 139، 151، 159/ 5: 121، 122.
* المخارق 4: 78.
المخبل 2: 126/ 4: 143.
* ابن مخراق 1: 115/ 2: 267.
* ابنة مخرم 3: 42.
* مخلد 1: 427.
* ابن مدرك (قطن) 2: 235.
المرار (بن سعيد القفعسي) 1: 140، 190/ 3: 313/ 4: 135، 143.
مرار العقيلي 4: 48.
مرار بن منقذ 4: 211، 231.
المرانة (ناقة ابن مقبل) 2: 320/ 5: 313، 314.
المرقال = هاشم بن عتبة.
مرقش 5: 77.
مرة 4: 381.
* ابن مرة 2: 285/ 4: 256/ 5: 151، 358.
* مرهب 4: 432.
مروان 4: 195.
*ابن مروان 1: 475/ 3: 143/ 5: 161.
مريم العذراء، البتول (رضي الله عنها) 1: 195.
مزاحم 1: 49، 104.
مزرد 2: 168.
ابن مسبح = الحسين.
مسروق بن الأجدع 1: 68.
مسعود 1: 79.
ابن مسعود = عبد الله.
المسيب 1: 356، 475/ 3: 288.
المسيح (عليه السلام) = عيسى.
فهرس الأعلام(6/262)
المسيح الدجال 1: 109/ 2: 287/ 4: 446.
مطرف بن عبد الله 2: 18.
معاذ (بن جبل) 1: 277/ 2: 217، 218، 261.
أبو معاذ 3: 198، 340.
معاوية بن أبي سفيان 2: 49.
* معبد 3: 294/ 4: 233، 428.
أم معبد 4: 80.
المعداني 3: 198، 340.
معروف بن حسان 1: 4.
معقر بن حمار 4: 6.
* معقل 4: 112.
* أبو معقل 4: 293.
* المعلى 3: 287.
معن (بن أوس) 1: 391.
ابن مغراء = أوس.
* أم مغلس 2: 81.
المغيرة بن شعبة 1: 71.
المفسر(1) (؟) 2: 346، 377، 381/ 3: 339.
المفضل 1: 12/ 3: 151، 239، 369.
أبو المفضل، من بني سلامة 3: 373.
مقاتل 3: 199.
ابن مقبل = تميم.
مكسر الرماح (لقب الأحيمر بن عبد الله) 1: 117.
مكشوح المرادي 5: 183.
* ابن ملجم 4: 472.
الممزق 4: 289.
فهرس الأعلام
المنتجع بن نبهان 1: 247/ 4: 171.
* منذر 4: 479.
* أبو منذر 2: 25.
أبو المنذر 1: 282.
منظور بن مرثد 2: 370/ 4: 13.
أبو مهدي 1: 313، 323/ 4: 114، 340.
المهلهل، واسمه امرؤ القيس بن ربيعة 1: 314/ 4: 37، 127، 155، 234، 295/ 5: 171/ 6: 12 باسم امرئ القيس بن ربيعة.
موسى (عليه السلام) 1: 103/ 2: 18، 233، 507/ 3: 265/ 5: 48/ 6: 87.
* ابن أبي موسى (بلال) 1: 235.
أبو موسى الأشعري 1: 310.
* مي 3: 92، 455/ 4: 179/ 6: 16.
ابن ميادة 1: 20، 72/ 3: 379/ 4: 25، 140.
* ميثاء 2: 37.
ميمونة (أم المؤمنين) 2: 21.
* مية 2: 252، 281/ 4: 240.
(ن)
* نابغ (النابغة الجعدي) 3: 312.
النابغة الجعدي، أبو ليلى 1: 111، 150، 156، 431، 491/ 2: 315، 414، 444/ 3: 312 بلفظ نابغ، 440، 445 بلفظ نابغة بني جعدة/ 4: 259 بلفظ نابغة الجعدي/ 5: 159، 230.
__________
(1) لم أتمكن من تعيين اسمه، وهو يروى عن ابن قتيبة في جميع المواضع. وانظر الصاحبي 22، 159.(6/263)
النابغة الذبياني 1: 25، 28، 35، 52، 57، 62، 120، 121، 132، 134، 135، 143، 172، 177، 178، 179، 262، 276، 280، 294، 304،
318، 340، 353، 416، 439، 458، 489/ 2: 3، 28، 46، 65،
99، 190، 194، 197، 344، 348، 366/ 3: 42، 58، 82، 132، 141، 183، 284، 293، 301، 311، 323، 324، 345، 370،
371، 462، 467/ 4: 5، 36، 88، 89، 132، 177، 191، 216، 224، 251، 270، 281، 331، 334، 339، 349، 434/ 5: 38،78،
فهرس الأعلام
... 86، 99، 127، 162، 166، 245، 294، 299، 382، 412، 439/
6: 39.
* ناصح (فرس) 4: 317.
* الناقمية 1: 105.
الناموس، جبريل 5: 481.
النجاشي شاعر 1: 478/ 5: 394.
أبو النجم (العجلي) 1: 24، 96، 158، 159، 181، 274، 371، 454، 465، 488/ 2: 39، 265، 303/ 3: 151، 159، 163، 167، 216، 310/ 4: 52، 112، 116، 157، 211، 233، 239، 310، 323، 371، 396، 447، 463/ 5: 49، 201، 280.
ابن نجيح 3: 198.
النخعي (إبراهيم بن يزيد) 2: 346/ 4: 84.
* أبو نخلة (أبو نخيلة) 1: 22.
أبو نخيلة 1: 22، 40/ 4: 249، 277.
نصاب (فرس) 6: 101.
* نصر 5: 436.
أبو نصر صاحب الأصمعي 4: 510.
نصر بن سيار 2: 499.
أبو نصر بن أخت الليث بن إدريس 1: 5/ 2: 467.
نصيب 5: 347.
* أبو النضر 2: 388.
النضر (بن شميل) 1: 49، 56، 145، 154، 171، 268/ 3: 122، 172/ 4: 18، 33، 48، 62، 140، 169، 176.
* نضلة 1: 412.
نعامة 1: 163.
* نعم 5: 96.
النعمان بن المنذر 1: 116، 128، 133/ 2: 100/ 3: 70/ 5: 13، 348، 447.
النمر بن تولب 1: 201، 391، 420/ 4: 316، 376/ 5: 313، 335.
فهرس الأعلام
* نمر بن سعد 4: 206.
النميري (لغوي) 1: 53.
النهدي (طهفة بن أبي زهير) 2: 308.
نهشل بن حرى 2: 7.
* نوار 2: 255/ 6: 14.
أبو نواس 5: 369.
نوح (عليه السلام) 1: 27، 492/ 4: 309.
* أبو نوفل 3: 250.
(هـ)
هارون الرشيد 4: 70.
* هاشم 2: 219.
هاشم (بن عبد مناف) واسمه عمرو 6: 53.(6/264)
هاشم بن عتبة المرقال 2: 425.
الهالك بن عمرو بن أسد بن خزيمة 6: 63.
هبنقة 1: 288/ 6: 73.
* هبيرة 4: 365.
هبيرة بن سعد 6: 29.
الهذلي(1) 2: 99/ 3: 263/ 5: 244/ 6: 133.
الهذلي (أسامة بن الحارث) 1: 214/ 3: 35 (الأعلم) 2: 27 (أمية بن أبي عائذ)
1: 390/ 2: 123، 124، 252، 335/ 3: 3، 316، 444/ 4: 423/
5: 90، 217، 300/ 6: 20، 32، 103 (بدر بن عامر) 2: 234/ 4: 202 (خالد بن زهير) 2: 232/ 3: 61 (أبو خراش) 1: 257/ 4: 7 (أبو ذؤيب) 1: 94، 176، 189، 196/ 2: 78، 176، 234، 256، 309، 382، 398، 491/ 3: 9، 64، 74، 370، 383، 414/ 4: 313،
401/ 5: 101 (ساعدة بن جؤية) 1: 87، 387، 425/ 2: 215، 389/
3: 384، 386/ 4: 32، 197/ 5: 224، 239، 240 (صخر الغي)
فهرس الأعلام
... 1: 100/ 2: 11 (عبد مناف بن ربعي) 3: 169/ 4: 350/ 5: 254 (أبو العيال) 1: 129، 384 (أبو قلابة) 2: 263/ 4: 136/ 5: 276 (أبو كبير) 1: 234/
2: 16، 186/ 4: 16، 101/ 5: 408/ 6: 16، 62 (المتنخل) 1: 38، 195، 288/ 2: 14، 108، 136/ 3: 118، 152، 214/ 4: 5، 223 (أبو المثلم الخناعي) 1: 80/ 2: 17 (المعطل) 1: 409، 473/ 3: 141.
الهذيل بن حسان التغلبي 1: 92، 93.
ابن هرمة 1: 312/ 3: 11، 154، 179/ 4: 120، 172.
أبو هريرة 2: 376/ 3: 427.
أبو هشام الأعرابي 3: 171.
هشام بن عقبة 1: 7.
هلال بن أمية 4: 64.
* ابن همام 4: 132.
هنب 6: 68.
* هند 1: 29، 74، 324/ 2: 61/ 3: 57، 163.
* هنيدة 2: 128.
هيان بن بيان 1: 228.
أم الهيثم 1: 474/ 5: 272.
(و)
واشق (كلب) 6: 112.
* ابن واصل 2: 173.
وافد البراجم 1: 156.
الواقدي 5: 251.
* ابن واقع 3: 239.
* الوالقي (فرس) 4: 317.
أبو وجزة 1: 240/ 2: 193، 413، 438/ 4: 18.
الوجيه (فرس) 4: 180.
* ورد 2: 116، 350.
فهرس الأعلام
ورقة 4: 28.
__________
(1) هذه أرقام ما لم أستطع تعيينه، وبعدها في السطر التالي ما استطعت تعيينه.(6/265)
الوريعة (فرس) 1: 101.
ابن وعلة (هو الحارث) 3: 395- 396.
وكيع 1: 139.
* وليد 2: 158.
* الوليد 1: 314.
أبو الوليد (عتبة بن أبي سفيان) 5: 280.
الوليد بن عقبة (بن أبي معيط) 3: 225.
(ي)
* ابن يامن 4: 247.
* يحيى 1: 282.
ابن أبي يحيى 3: 198.
يحيى بن يعمر 3: 208، 375.
* يزيد 1: 222/ 2: 65، 411/ 3: 34.
* يزيد (بن أبي حارثة بن سنان) 5: 299.
(يزيد) بن الطثرية = ابن الطثرية.
أم يزيد بن الطثرية 1: 94.
يزيد بن المهلب 4: 96.
اليزيدي 1: 225، 293، 317/ 2: 301.
أبو يسار 3: 207.
يعقوب (عليه السلام) 6: 104.
يعقوب بن إسحاق السكيت 1: 17، 25، 32، 33، 43، 45، 48، 57، 71، 116، 130، 132، 147، 157، 159، 199، 225، 228، 229، 235،
247، 255، 277، 283، 285، 291، 316، 358، 472، 493/ 2: 106، 324، 423، 436، 439، 453، 467، 470، 484/ 3: 7، 20، 70، 76، 145، 232، 250، 263، 303، 325، 357، 369، 380، 388، 407، 439، 463/ 4: 20، 23، 31، 32، 41، 82، 88، 93، 113، 117، 132، 133، 141، 154، 162، 164، 171، 172،177،
فهرس الأعلام
... 262، 340، 342، 350، 409، 497/ 5: 5، 44، 55، 81، 141، 232، 299، 327، 329، 339، 392، 393، 395، 398، 418،
431، 450/ 6: 15، 62، 113.
يوسف (عليه السلام) 3: 137/ 4: 274، 403.
أبو يوسف القاضي 4: 70.
يونس بن حبيب 1: 30، 49، 133، 166، 279/ 4: 7، 43، 144، 161، 166، 176، 262، 284/ 5: 212، 341/ 6: 4، 154.
الفهرس السادس
فهرس القبائل والطوائف
فهرس القبائل والطوائف
6- فهرس القبائل والطوائف
(أ)
الأتلاد 1: 352.
الأحلاف 1: 369/ 4: 265.
الأحمال 2: 107.
بنو الأدرم 2: 270.
الأراقم 1: 93.
الأزد 1: 102، 106، 219، 431/
3: 328.
أزد شنوءة 2: 388/ 3: 217.
بنو أزنم 1: 117، 118.
الأسْد (الأزد) 1: 106.
الأسَد 4: 514.
أسَد، القيون 4: 78/ 6: 63.
الأشعرون 1: 277.
أصحاب… (انظر ما تضاف إليه الكلمة)(6/266)
بنو الأصفر 3: 294.
بنو الأعرج 1: 346.
بنو الأعتق 4: 161.
امرؤ القيس 4: 473.
بنو أميمة 4: 405.
الأنباط = النبيط 4: 63.
الأنصار 1: 348/ 2: 17، 49، 279، 311/ 3: 91/ 4: 99، 190، 470، 501/ 5: 170، 460.
بنو أنف الناقة = جعفر بن قريع.
أود 1: 155.
إياد 1: 498.
أصحاب الأيكة 1: 165.
(ب)
بارق 1: 161، 227.
باهلة 2: 336.
بجيلة 1: 200.
البراجم 1: 156.
البربر 1: 179.
برسان 1: 219.
البصريون 1: 264، 457.
البغداديون 3: 330.
البقعاء- هاربة بن ذبيان.
البكاء 1: 285، 323.
بكر بن وائل 1: 10، 92، 177.
بهئة 5: 346، 456.
بهراء 1: 309.
بهز 2: 383.
(ت)
الترك 4: 168، 499.
تغلب ابنة وائل، الغلباء 1: 175/ 3: 226/ 4: 388.
فهرس القبائل والطوائف
تميم بن مر 1: 166، 168، 175، 299/ 2: 65، 130، 367/
3: 6، 92، 188، 213/ 4: 55، 56، 96، 310، 358/
5: 99، 299، 410، 435.
تنوخ 1: 355.
تيم الله 1: 361.
(ث)
ثعل 1: 376، 377.
ثعلب (ثعلبة بن عوف) 1: 416.
ثعلبة بن عمرو، العنقاء 4: 162.
ثعلبة بن غنم 2: 484.
ثعلبة بن يربوع 2: 107.
ثقيف 4: 194، 381.
ثمالة 1: 204.
ثمود 1: 268.
ثور 1: 396.
(ج)
جارم 1: 446.
جحاش 5: 12.
جحوان 1: 430.
الجدرة 1: 431.
جديلة 4: 259.
جذام 5: 228، 447.
جرم 1: 446/ 2: 373/ 6: 116.
جرهم 4: 49.
جروة 1: 448.
جسر 1: 458.
جشم بن بكر 1: 170، 323، 406، 458/ 2: 471.
جعدة 1: 432.
الجعراء 1: 463.
جعفر بن قريع، بنو أنف الناقة 1: 146.
جعفي 1: 460.
بنو الجلاح 1: 10.
جمرات العرب 1: 477، 478.
جنب 1: 484.
جهينة 1: 490/ 2: 470/ 4: 273/ 5: 346.
الجيل 1: 499.
جيلان 1: 499.
(ح)
حاء 2: 26.
الحارث بن كعب 1: 478.
الحارث بن يربوع 2: 107.
الحبش، الحبشة1: 63/ 4: 220، 382.
الحبطات 2: 130.
الحجازيون 1: 310/ 4: 177.
بنو حرب 2: 33.
الحروريون 3: 349.
حكم 2: 26.
الحمراء (العجم) 2: 101.
فهرس القبائل والطوائف(6/267)
الحمس (قريش) 2: 104.
حمير 2: 216، 278/ 4: 17/ 5:
44/ 6: 86، 155.
الحناتم 1: 40.
حنيفة 2: 91/ 5: 90.
الحواثر 2: 136.
الحواريون 2: 116.
(خ)
بنو الخارجية 2: 176.
خثعم 4: 132.
خزاعة (فعالة) 2: 102، 177/ 3: 72/ 4: 161.
الخضر 2: 195.
خناعة 2: 223.
خندف 4: 110.
الخوارج 4: 273.
(د)
دارم 1: 157، 258/ 4: 37، 207.
ابنا دخان 2: 336.
بنو دهن 2: 308.
الدؤل 2: 321.
الديل 2: 318.
الديلم 1: 499/ 2: 292، 293.
(ذ)
ذات القرون، الروم 5: 77.
ذبيان 1: 121، 369/ 3: 393/ 4: 265.
الذهلان 1: 461.
(ر)
راسب 2: 395.
الرباب 1: 478.
ربيعة 4: 255/ 5: 129، 186.
ربيعة بن عامر 1: 48.
ربيعة بن مالك 4: 466.
الرفيدات 2: 422.
رقاب المزاود، العجم 2: 427/ 3: 36.
الركوسية 2: 434.
الروافض 2: 423.
الروم، ذات القرون 1: 281/ 3: 294/ 5: 77، 192.
(ز)
زبيبة 4: 431.
زبيد 1: 117، 193.
زرارة 1: 156.
(س)
سبأ 3: 131.
بنو سبيع 1: 113.
سخينة (قريش) 3: 146، 179.
سدوس 3: 149.
بنو سعد 1: 81/ 3: 344.
فهرس القبائل والطوائف
سعد بن لؤي بن غالب 1: 192.
سلامان 1: 243/ 4: 49.
بنو سلامة 3: 373.
بنو سلمة 3: 91.
سليط بن الحارث 2: 107.
سليم 1: 368، 473/ 3: 372.
السودان 4: 499/ 5: 250.
(ش)
بنو شافع 3: 201.
آل الشريد 1: 382.
بنو شكل 3: 205.
بنو شليل 5: 79.
شمجي بن جرم 2: 25.
شهران 3: 222.
شيبان 2: 270/ 3: 149.
(ص)
الصابئون 2: 434.
صباح 2: 300/ 4: 203.
صبير بن الحارث 2: 107.
صداء 1: 369/ 3: 306.
آل صفوان 1: 494.
الصقالبة 1: 281.
صوفان 3: 322.
صوفة 3: 322.
(ض)
ضبة بن أد 1: 129، 478/ 5: 146.
ضبيعة أضجم 3: 391.
(ط)
طسم 3: 457.
طهية 3: 428.
طيئ 1: 66، 302، 446/ 3: 149، 261/ 4: 201/ 6: 159.
(ع)
عاد 2: 438/ 3: 457/ 4: 5، 49، 77، 183.
عاقل 4: 74.
عامر (بن صعصعة) 1: 190، 286، 368، 398/ 2: 124، 271، 367/ 3: 67/ 4: 120، 152، 309، 512/ 5: 321، 435.(6/268)
عامر بن لؤي 5: 57.
عبد شمس 3: 313/ 5: 122.
عبد القيس1: 90/ 2: 136/ 4: 484.
عبد الله بن دارم 1: 155.
عبد مناف 5: 219.
عبس 2: 435/ 4: 152/ 5: 433.
عبشمس 3: 213.
بنو عبيد 1: 117، 118.
فهرس القبائل والطوائف
العجم، رقاب المزاود 2: 101، 102، 249، 403، 404، 427/ 3: 36، 55، 191، 322/ 4: 240/ 5: 343.
عدوان 2: 409/ 3: 278.
عدي الرباب 2: 279.
عرينة 1: 189.
عضل 4: 346.
عقال 2: 204.
عقيل 4: 330، 512/ 5: 54.
عكابة بن صعب 4: 104.
عكل 1: 59/ 4: 100.
بنو علي من كنانة 4: 120.
عمرو 3: 393.
عمرو بن يربوع 2: 107.
العنبر 1: 463.
العنقاء 4: 161، 162.
عوف 1: 315/ 2: 29/ 3: 428/ 4: 469/ 6: 89.
(غ)
غامد 4: 392.
غدانة 3: 10، 343/ 4: 217.
الغزيل 1: 389.
غسان 1: 108.
غطفان 2: 446/ 4: 257.
الغلباء، تغلب 4: 388، 389.
غنم 4: 397.
غنى 4: 397.
غوث 4: 400.
(ف)
فارس، الفرس 1: 496/ 2: 278، 404/ 3: 115، 134/ 4: 384.
فزارة بن ذبيان 1: 446/ 3: 232.
فعالة (خزاعة) 2: 102/ 3: 362.
فقعس 4: 514.
فقيم 1: 494.
فلان 2: 313.
فهر 2: 354.
فهم 3: 278/ 4: 457/ 5: 150.
(ق)
القبط 5: 51.
قحطان 5: 60.
قريش، الحمس، سخينة 1: 21، 132، 261، 264، 502/ 2: 76، 104، 279، 421/ 3: 146، 174، 179، 393/ 4: 45، 194، 195، 482/ 5: 70، 71.
قريش البطاح 1: 261/ 3: 472.
قريش الظواهر 1: 261/ 3: 472.
قشير 5: 91.
قضاعة 1: 380، 446، 491/ 2: 107/ 5: 98.
فهرس القبائل والطوائف
قعين 5: 107.
قنص بن معد 5: 32.
قيس، قيس عيلان 1: 179/ 2: 268/ 4: 83/ 5: 207.
القين بن جسر 1: 458/ 4: 82/ 5: 382.
القيون، أسد 6: 63.
(ك)
الكرد 5: 176.
كعب 1: 60/ 4: 309.
كلاب 1: 223.
الكلابيون 3: 247.
كلب بن وبرة 1: 421، 449/ 2: 99/ 3: 197، 392/ 5: 68، 355.
كليب 3: 182/ 4: 207.
كنانة 1: 191/ 4: 45، 120/ 5: 423.
كندة 1: 374/ 3: 278/ 5: 141.
أصحاب الكهف 5: 30.
كوز 5: 146.(6/269)
الكوفيون 1: 457.
(ل)
لأي 1: 297، 361.
بنو لبينى 2: 243.
لخم 5: 241.
لعقة الدم 5: 252.
بنو اللقيطة 5: 263.
اللهازم 5: 90.
بنو لهب 5: 214.
(م)
آل مالك 2: 228/ 3: 63، 76.
بنو مالك 3: 409.
مجاشع 1: 118/ 5: 62.
المجوس 5: 298.
محارب 4: 169.
المحاش 5: 299.
المحكمون 2: 92.
مذحج 1: 478.
مراد 1: 215، 369/ 3: 306/ 4: 253.
المرجئة 2: 495.
مرة 1: 282.
مزينة 4: 144.
مضر 2: 431/ 4: 116/ 5: 331/
6: 121.
المطلب بن عبد مناف 3: 201.
معاوية 1: 28.
معد 4: 28، 32، 142، 275.
ابنا مناف: عبد شمس وهاشم 5: 122.
آل المنذر 5: 348.
منقر 1: 156.
فهرس القبائل والطوائف
المهاجرون 4: 470/ 6: 34.
مهرة بن حيدان 1: 372.
(ن)
ناعط 5: 451.
نبهان 1: 356.
النبيت 5: 378.
النبيط 4: 63، 108، 515/ 5: 381.
بنو نحو 5: 403.
النحويون 1: 276، 285.
نزار 1: 44/ 4: 168.
ابنا نزار 1: 96/ 3: 197.
النصارى 1: 42/ 2: 362، 434/ 4: 507/ 5: 188/ 6: 20.
نصر 3: 393.
نمير بن عامر 1: 478/ 4: 302/ 5: 225.
نهشل 1: 59.
بنو نويجية 2: 151.
(هـ)
هاربة بن ذبيان 1: 282.
هاشم بن عبد مناف 4: 65/ 5: 122.
بنو الهجيم 2: 311.
هذيل 1: 100، 163/ 2: 439/
3: 71، 145، 390/ 4: 64، 76، 127/ 6: 45.
همدان 5: 451.
هوازن 1: 463، 473/ 3: 149/ 5: 348/ 6: 52.
(و)
وائل بن قاسط 1: 92، 124/ 3: 278/ 4: 161.
(ي)
يحابر 1: 90.
يربوع 1: 92، 117/ 2: 65، 107/ 5: 299.
بنو يزيد 4: 438.
اليمانون، اليمانيون، اليمن 1: 51،
227، 244، 310، 353، 429، 491/ 2: 71، 107، 401/ 3: 95، 97، 131، 274/ 3: 313، 421/ 4: 147، 161، 392/ 5: 31، 60، 241، 378.
اليهود 1: 313، 315/ 2: 408/ 4: 257/ 6: 18، 20.
الفهرس السابع
فهرس البلدان والمواضع
فهرس البلدان والمواضع
7- فهرس البلدان والمواضع
(أ)
أبرق العزاف 4: 306.
الأبك 1: 187، 450.
الأبلاء 1: 295.
أبلى 1: 43.
أثال 1: 59.(6/270)
الأثيل 1: 84.
أجأ 1: 66.
الأجبال (أجبال سلمى) 1: 185.
الأجراع 1: 226.
الأجراف 3: 113.
أجلى 1: 65.
أخرب 2: 174، 175.
الأخشبان 2: 185.
أذرعات 5: 368.
إراب 1: 92.
الأردن 1: 485.
أرل 1: 85، 353.
أرمام 6: 148.
أريك 1: 84.
إسحل 4: 353.
أسنمة 3: 107/ 4: 264.
إضم 1: 439.
أعامق 4: 144، 145.
أعشاش 1: 117/ 4: 47، 306.
الأفاقة 1: 117.
الأقحوانة 5: 62.
أقر 1: 121.
الأقعسان 6: 110.
أم أوعال 1: 25.
أم خرمان 1: 27.
أم رحم = مكة 1: 23/ 2: 498.
أم القرى = مكة 1: 23.
الأمرار 1: 416.
الأميل 4: 99.
الأندرين 5: 409.
أوار 1: 156.
أوارة 1: 155، 156/ 2: 472.
أود 1: 155.
الإياد 1: 118.
(ب)
بابل 1: 190، 445/ 4: 96، 221.
بارق 1: 227.
باضع 1: 257.
فهرس البلدان والمواضع
باعجة القردان 1: 268.
البثاء 1: 197.
البجة 1: 174/ 3: 65.
البحرين 1: 203.
بدر 1: 209، 405/ 2: 49/ 4: 265.
بذر 1: 216.
براقش 4: 225.
البرق 1: 226.
البصرة 1: 261/ 2: 407، 477/ 3: 84/ 4: 8، 10، 289، 466/ 5: 132.
بُصرى 1: 226.
البَضيع والبُضيع 1: 257.
بطحاء مكة 1: 261/ 3: 472.
بطن الليث 3: 274.
بطن نعمان 3: 377.
البطيحة 1: 261.
بعل (صنم) 1: 264.
البعوضة 1: 270.
البقار 1: 280.
بقر 1: 280، 281.
بقعاء 1: 282.
بقيع الغرقد 1: 282.
بكة = مكة 1: 186.
البلاكث 2: 200.
بلطة 1: 301.
بم 4: 60.
البَنِيَّة، مكة 1: 302.
بوانة 1: 323.
البوباة 1: 314، 315.
البيت الحرام، بيت الله، البيت العتيق
1: 30، 393/ 2: 139، 492/ 3: 150، 341/ 4: 220/ 5: 261.
البيت العتيق 4: 220.
بيشة 2: 259.
(ت)
تبراك 1: 364.
تربان 1: 231.
ترج 1: 347.
تريم 1: 364، 365.
تضارع 5: 228.
تعار 1: 348.
تنوفى 1: 356.
تهامة 1: 356/ 2: 364/ 3: 391/
4: 401.
التؤام 1: 362.
تيماء 1: 65، 112.
التين 1: 361.
(ث)
ثبرة 1: 400.
ثبير 1: 401/ 3: 264.
فهرس البلدان والمواضع
الثرثار 1: 368.(6/271)
الثرماء 1: 374.
ثعالة 2: 175.
الثلبوت 2: 8، 150.
الثمد 5: 366.
الثمراء 1: 442.
ثمينة 1: 387.
ثهلان 2: 20.
ثور 1: 396.
الثوية 2: 114.
(ج)
الجبا 4: 177.
الجبهة 3: 65.
الجحفة 1: 428.
جدار الكعبة 1: 431.
جدر 1: 431.
جراب 1: 216.
جرثم 1: 140/ 4: 114.
جرش 3: 28.
جرعاء مالك 1: 444.
الجريب 1: 65.
الجزيرة 2: 318.
الجعلة 1: 461.
جعونة 1: 462.
جفاف الطير 1: 417.
الجفر 4: 9.
جفر الهباءة 4: 110.
جلاجل 1: 424.
جلان 3: 216.
جلدان، جلذان 1: 201.
الجلس (نجد) 1: 473.
الجلسد 1: 280، 513.
جلق 1: 475/ 2: 211.
جمع 1: 480.
الجميش 2: 238.
جند 1: 485.
الجنينة 1: 155.
الجوابي 1: 257.
جوف حمار 1: 495/ 2: 103.
جوف عير 1: 495.
الجولان 1: 496/ 3: 356.
الجون 1: 36.
(ح)
حاذة 1: 43.
حارة 6: 148.
الحجاز 1: 131، 170، 179، 232، 236، 310، 357/ 2: 139/ 3: 85، 150/ 4: 7، 115، 312.
حجر 2: 138.
الحجر (الحطيم) 2: 78، 138.
الحديقة 1: 117.
فهرس البلدان والمواضع
حراء 2: 109.
الحرم 1: 98/ 2: 311/ 3: 46.
الحرمان 2: 45.
حرة واقم 6: 131.
الحزن 1: 117.
حزوى 1: 444/ 5: 278.
حسم 1: 353.
الحسن 2: 58.
حسي الغميم 2: 59.
حشاك 2: 63.
الحصنين 1: 126.
الحضر 2: 77.
حضن 2: 74.
الحضن 1: 502.
الحطيم 2: 78، 138.
الحقاب 1: 211/ 2: 89.
حقيل 1: 226/ 2: 87، 88/ 4: 465.
الحلاءة 1: 23/ 2: 390.
حلوان 3: 314.
حلية 6: 50.
حمص 1: 485.
الحمى 1: 417/ 5: 308.
حنذ 2: 109.
حوران 4: 94.
الحومان 4: 117.
حومل 1: 257.
(خ)
الخابور 2: 77.
خبث الجميش 2: 238.
الخبتين 1: 439.
الخبيب 3: 37.
الخرجاء 1: 480.
الخط 2: 154.
خفية 3: 266.
الخلصاء 2: 100/ 4: 149/ 6: 23، 34.
الخليف 3: 494.
الخوع 2: 230.
خيبر 2: 218، 238، 314/ 4: 31.
(د)
دار النَّدوة 5: 412.(6/272)
دارة الأرآم 2: 312 أهوى 313 تيل، الجأب 312 جُدَّى 313 جلجل 312 الجمد 313 جودات 312 الخرج 313 خنزر 312 دمون 313 الدور 312، ردم، رمح، رمرم 313 الرها، رهبى، السلم 312 صارة 312 الصفائح، صلصل 312 قرح 313 مأسل 312 محصر 313 مكمن 312 ملحوب، الملكة، النصاب 313 هضب القليب، وشحى 312
فهرس البلدان والمواضع
... اليعضيد 313 يمعون 312.
دِجلة 1: 261/ 2: 77، 329، 421/ 4: 289.
درنا 1: 390/ 3: 236، 267.
دَمْخ 2: 278، 299، 300/ 3:
406.
دمشق 1: 485/ 4: 21، 402.
دمون 2: 299.
الدهناء 1: 47/ 2: 308/ 4: 74.
دوار 4: 19.
الديلم 2: 292، 293.
(ذ)
ذات البرق (انظر الخلصاء)
ذات الرئال 2: 472.
ذات الغضا 4: 123.
ذات النطاق 5: 441.
الذراعان 2: 351.
الذنائب 2: 361.
ذنبان؟ 5: 78.
ذو الأبارق 1: 226/ 2: 88.
ذو الأباطح 4: 465.
ذو الأرطى 1: 313، 422.
ذو أرل 3: 345.
ذو البان 1: 323.
ذو الجداة 6: 152.
ذو الخرجاء 1: 480.
ذو الرمث 1: 422/ 2: 299.
ذو سلم 2: 50.
ذو الكعبات 5: 186.
ذو المجاز 2: 30.
ذو المجازة = المجازة.
ذو نجب 1: 118.
(ر)
رأس كلب 5: 134.
رأس هر 6: 9.
الرافدان 2: 241.
رام 2: 271.
رامتين 1: 155/ 4: 74.
رتاج الكعبة 2: 485.
الرجا 5: 207.
الرجام 4: 58.
رحرحان 2: 386/ 3: 68.
رحيات 2: 175.
الرس 2: 373.
الرسيس 2: 373.
رضوى 2: 76، 402.
الرغام 2: 414.
الرقمتان 4: 75.
الرمانتان 2: 435.
الرهاء 2: 356.
الرهط 2: 462.
روض الحزن 1: 6.
فهرس البلدان والمواضع
روضة الثمد 1: 117.
رياض القطا 1: 295.
الريان 1: 417.
(ز)
الزج 5: 77.
زرود 2: 428/ 4: 501.
زغر 3: 14.
زم 6: 102.
زمزم 3: 411.
الزنابير 3: 28.
(س)
ساباط 2: 144.
سبأ 3: 131.
السجة 3: 65.
السخال 4: 74.
السراة 2: 139.
سرو حمير 1: 321، 328/ 3: 154.
السطاع 3: 71.
سُعْد 3: 75.
السَّعَد 1: 135.
سفوان 4: 342.
السلان 4: 289.
سلمى 3: 91 (وانظر: الأجبال).(6/273)
السلى 4: 74، 233.
السمار 3: 101.
سميحة 4: 257.
السواء 1: 198.
سواج 2: 385.
السوبان 5: 92.
سوق السلابين بالمدينة 3: 93.
سوى 4: 459.
السّيّ 1: 33.
(ش)
شابة 5: 228.
الشام 1: 45، 197، 281، 295،
... 485 / 2: 432/ 3: 190، 263/ 4: 289/ 5: 77، 342.
شبام 1: 148.
شدن 3: 256.
الشربب 1: 295.
الشرع 1: 439.
الشرورى 4: 368.
الشرى 3: 266.
شريف 3: 264.
شرية 3: 268.
الشعب 6: 154.
الشعبتان 1: 295.
شعبعب 3: 192.
شعبى 3: 192.
شفر 1: 379.
شمام 4: 104.
فهرس البلدان والمواضع
شمس (ماء) 3: 213.
الشمس (صنم) 3: 213.
شمنصير 3: 274/ 5: 224.
شواحط 4: 213.
(ص)
صائف 3: 327.
صحراء الغبيط 1: 184.
صرار 3: 283.
الصريم 3: 320.
صعائد 1: 190/ 4: 112.
الصفا 3: 194/ 6: 137.
الصفا (نهر) 4: 16.
صلاح (مكة) 3: 303.
الصمان 3: 278/ 4: 92.
(ض)
ضارج 4: 435.
الضجن 1: 502 بلفظ (الحضن)/ 3: 391.
ضجنان 3: 391.
ضفوى 3: 366.
الضواجع 3: 390.
(ط)
الطائف 1: 214/ 6: 75.
طمار 3: 424.
الطور 2: 35/ 3: 430.
طيبة 3: 435.
(ظ)
ظبي 4: 353.
ظفار 3: 466.
الظواهر (ظواهر مكة) 1: 261/ 3: 372.
(ع)
عاقل 2: 373/ 4: 74.
عالج 4: 97.
عالز 4: 123.
العالية، علو 1: 236/ 4: 115.
عانة 1: 148.
عتائد 3: 239.
عدن 4: 248.
عدولى 4: 247.
العذيب 4: 260.
عراعر 4: 38.
العراق 1: 50، 280/ 2: 195، 421/ 3: 22، 255/ 4: 288، 289، 398/ 5: 90، 251، 346.
العراقان 4: 289.
العرجاء 4: 303.
العرض 4: 281.
عرعر 1: 274.
عرفة، عرفات 1: 83/ 4: 282.
فهرس البلدان والمواضع
عرفات 3: 21/ 4: 282.
العرق 4: 289.
العرين 1: 378.
العزاف 4: 306.
عسعس 4: 44.
عسفان 4: 312.
عسيب 4: 318.
عقاراء 4: 95.
العقر 4: 96.
عقر بني شليل 5: 79.
عقرى 4: 96.
العقنقل 1: 405.
العقيق 4: 6.
عكاظ 4: 37/ 5: 53.
العلندى 4: 476.
علو 4: 115.
عليب 4: 121.
عَمَّان 4: 18.
عُمان 1: 116، 362/ 4: 10، 133، 256.(6/274)
عماية 4: 450.
عمق 4: 144.
العمقى 4: 144.
عنيزة 4: 155.
عوهق 4: 172.
العيكتان 4: 198.
عين زغر 3: 140.
عيهم 4: 175.
(غ)
الغبغب (صنم) 2: 60.
الغبيط 1: 117، 118، 184.
غدير قلهى 5: 16.
غزة 4: 382.
الغمر 1: 216.
الغميم 2: 59.
الغور 1: 473/ 4: 401/ 5: 284، 439.
غوطة دمشق 4: 402.
الغول 4: 58.
الغيل 1: 135.
(ف)
فدك 4: 483.
الفرات 1: 261/ 2: 140، 256، 421/ 3: 12/ 4: 289.
الفرماء 4: 496.
فرندادين 1: 281.
الفروق 4: 495.
الفقير 4: 444.
فلج 2: 39، 295.
فلسطين 1: 485.
الفوارع 1: 353.
الفيض 4: 466.
فهرس البلدان والمواضع
(ق)
القادسية 2: 351/ 5: 64.
القاع 2: 200.
القبلية 1: 473.
قتائد 5: 55.
قدس 5: 64.
القدوم 4: 66.
قراقر 4: 459/ 5: 98.
قران 4: 377.
قرن 1: 314.
القريتان 5: 229.
قساس 5: 9.
القسوميات 4: 264.
القصيبة 1: 156.
القصيمة 1: 156.
قضة 1: 229.
قضيب 5: 100.
قلهى 5: 16.
القنان 2: 21/ 5: 308.
قنَّسرين 1: 485.
قو 4: 123/ 5: 207، 347.
القَواعل 1: 356.
(ك)
الكائب 5: 163.
كشب 1: 84.
الكعبة 1: 431/ 2: 311، 325، 485/ 3: 132، 284، 322/ 4: 220/ 5: 186، 230.
كَلاَّء البصرة 5: 132.
الكُلاب 2: 449/ 4: 307، 483/ 5: 134.
الكهف 1: 151/ 5: 30.
الكوثر 5: 161.
الكوفة 1: 228/ 2: 351/ 4: 289، 346/ 5: 147.
كير 3: 239.
(ل)
لبن 3: 277.
اللديد 4: 18.
لصاف 5: 249.
الليث 3: 274/ 5: 224.
(م)
المأزمان 1: 98.
مأسل 2: 319.
الماطرون 2: 211.
ماوان 5: 142.
ماوية 5: 461.
مُتالع 1: 279، 348، 352.
المنثلم 1: 368.
المَجازة 1: 93.
المجيمر 4: 413.
محجر 2: 113.
فهرس البلدان والمواضع
المحصَّب 2: 70.
المدينة 1: 65، 78، 181، 282، 305، 426، 456/ 2: 45، 77، 183، 407، 424/ 3: 93، 435/ 4: 39، 350/ 5: 55، 464/ 6: 34، 131.
مر 2: 177.
المربد 4: 220.
المروراة 2: 312.
المروة 3: 194/ 6: 137.
مسجد رسول الله 6: 34.
مسجد الله 5: 49.(6/275)
مشارف الشام 3: 263.
المشرق 5: 314.
مصر 2: 508/ 5: 51.
مضبح 1: 297.
مضرس 1: 379.
مطار 4: 74.
معرين 4: 38.
معقلة 3: 173/ 4: 14.
مقد 5: 342.
مكة، أم رحم، أم القرى، بكة، البنية، صلاح، الناسة 1: 23، 131، 135، 155، 186 ، 261، 302، 480/ 2: 25، 29، 45، 139، 177، 185، 312، 464، 499/ 3: 21، 285، 303/ 4 : 28 ، 35/ 5: 43، 275، 277، 256، 412، 460/ 6: 34.
ملاع 1: 256.
ملح 1: 116.
ملكوم 1: 216.
مليح 1: 117.
منى 1: 34/ 3: 21/ 4: 58/ 5: 8، 277، 417، 423، 459.
موظب 5: 168.
ميثاء 1: 71، 120.
(ن)
الناسة (مكة) 5: 356.
ناعتون 5: 448.
نباك 5: 207.
نبايع 1: 480/ 4: 303.
النبي 5: 163.
نجد 1: 6، 380، 473، 474/ 2: 74، 139، 400/ 3: 249/
4: 222/ 5: 140، 284.
نجران 5: 410.
نخل 2: 312.
النصرية 4: 293.
النَّقبان 1: 169.
نهر البصرة 4: 466.
النواعص 5: 207.
نير 2: 385/ 5: 374.
فهرس البلدان والمواضع
(هـ)
الهباءة 4: 110.
هبالة 2: 299.
هجر 1: 226، 256/ 4: 26/ 5: 330.
الهدملة 1: 231/ 6: 73.
هِرّ (انظر: رأس هر).
هُرّ 1: 365.
هرشى 1: 147/ 6: 47.
هنا 6: 68.
الهند 3: 249/ 6: 69.
هيلان 4: 225.
(و)
واحف 4: 74.
واسط 1: 261/ 4: 390.
وج 1: 204/ 5: 128/ 6: 75.
الود 3: 245، 246.
(ي)
يبرين 6: 160.
يثرب 5: 368.
يذبل 4: 104.
اليستعور 3: 76.
يسر 6: 156.
اليعبوب (صنم) 4: 259.
يلملم 6: 160.
اليمامة 1: 226، 282، 246/ 2: 138، 154/ 4: 272، 280.
اليمن 2: 218، 244، 497/ 3: 256، 466/ 4: 147، 401/ 5: 10، 460/ 6: 19، 158.
يمؤود 5: 291/ 6: 160.
ينوف 6: 159.
ينوفى 1: 356.
الفهرس الثامن
فهرس الكتب
وهي مراجع الشرح والتحقيق
وهذا الفهرس خاص بذكر المواضع التي عينت فيها طبعات هذه المراجع في الأجزاء الخمسة السابقة.
وأما المراجع التي ذكرت في الجزء السادس فقط فهي:
1- تأويل مختلف الحديث، لابن قتيبة. طبع كردستان 1326.(6/276)
2- رسالة الغفران، لأبي العلاء. طبع المعارف 1950.
3- شرح ديوان الحماسة، للمرزوقي. طبع لجنة التأليف 1951-
1952.
4- مروج الذهب، للمسعودي. طبع البهية 1346.
فهرس الكتب
8- فهرس الكتب
1: 514
الآثار الباقية
1: 514
الإتباع والمزاوجة
1: 514
إتحاف فضلاء البشر
1: 514
أخبار الظراف والمتماجنين
4: 517
أخبار النحويين البصريين
1: 514
أدب الكاتب
5: 485
أراجيز العرب
1: 514
إرشاد الأريب
1: 514
الأزمنة والأمكنة
1: 514
أساس البلاغة
4: 517
أسد الغابة
1: 514
أسماء خيل العرب
1: 514
الاشتقاق
2: 477
إصلاح المنطق
1: 514
الأصمعيات (ليبسك)
3: 477
الأصمعيات (المعارف)
1: 514
الأضداد
5: 485
إعجاز القرآن
1: 514
الأغاني
4: 517
الأفعال
1: 514
الاقتضاب
3: 477
الألفاظ الفارسية
1: 514
أمالي ثعلب
2: 511
أمالي الزجاجي
2: 511
أمالي ابن الشجري
1: 514
أمالي القالي
1: 514
أمالي المرتضى
1: 514
إنباه الرواة
1: 514
الإنباه على قبائل الرواة
1: 515
الأنساب
1: 515
الإنصاف
1: 515
أوجز السير
3: 477
أوضح المسالك
3: 477
أيمان العرب
1: 515
البداية والنهاية
1: 515
بغية الوعاة
3: 477
بقية أشعار الهذليين
5: 485
بلوغ الأرب
2: 511
البيان والتبيين
3: 477
البيان والتبيين
1: 515
تاج العروس
1: 515
تاريخ بغداد
1: 515
تذكرة الحفاظ
1: 515
تفسير أبي حيان
1: 515
تكملة شعر الأخطل
1: 515
تمام فصيح الكلام
فهرس الكتب
1: 515
تنبيه البكري
4: 517
تهذيب إصلاح المنطق
1: 515
تهذيب الألفاظ
1: 515
تهذيب التهذيب
1: 515
ثمار القلوب
1: 515
الجمهرة
1: 515
جمهرة أشعار العرب
4: 517
جمهرة الأمثال
4: 517
جنى الجنتين
4: 517(6/277)
حاشية الدمنهوري
5: 485
حياة الحيوان
1: 515
الحيوان
1: 515
خزانة الأدب
1: 515
الخصائص
4: 517
الخيل (ابن الأعرابي)
1: 515
الخيل (أبو عبيدة)
4: 517
الخيل (ابن الكلبي)
4: 517
درة الغواص
1: 515
دمية القصر
1: 515
ديوان الأخطل
1: 515
ديوان الأعشى
1: 515
ديوان الأفوه
1: 515
ديوان امرئ القيس (ط)
5: 485
ديوان امرئ القيس (خ)
1: 516
ديوان أمية
1: 516
ديوان أوس
1: 516
ديوان جران العود
1: 516
ديوان جرير
1: 516
ديوان حاتم
2: 511
ديوان الحادرة (خ)
1: 516
ديوان حسان
1: 516
ديوان الحطيئة
1: 516
ديوان الحماسة(1)
1: 511
ديوان حميد بن ثور (خ)
4: 517
ديوان حميد بن ثور (ط)
1: 516
ديوان الخنساء
1: 516
ديوان أبي ذؤيب
1: 516
ديوان ذي الرمة
1: 516
ديوان رؤبة
5: 485
ديوان الزفيان
1: 516/ 2: 511
ديوان زهير
4: 517
ديوان سحيم
1: 516
ديوان سلامة بن جندل
1: 516
ديوان الشماخ
5: 485
ديوان أبي طالب
1: 516
ديوان طرفة
1: 516
ديوان الطرماح
2: 511
ديوان طفيل بن عوف
2: 511
ديوان عبد الله بن الدمينة
1: 516
ديوان عبيد بن الأبرص
1: 516
ديوان العجاج
فهرس الكتب
2: 511
ديوان عروة بن حزام (خ)
3: 477
ديوان عروة بن الورد
1: 516
ديوان علقمة
1: 516/ 5: 485
ديوان عمر
1: 516
ديوان عنترة
1: 516
ديوان الفرزدق
1: 516
ديوان القطامي
1: 517
ديوان قيس بن الخطيم
1: 517
ديوان ابن قيس الرقيات
1: 517
ديوان كثير
1: 517/ 3: 477
ديوان كعب بن زهير
1: 517
ديوان الكميت
1: 517
ديوان لبيد
1: 517
ديوان المتلمس
4: 517
ديوان أبي محجن
1: 517
ديوان المعاني
1: 517
ديوان النابغة (ط)
__________
(1) للبحتري وأبي تمام وابن الشجري.(6/278)
5: 485
ديوان النابغة (خ)
1: 517
ديوان الهذليين (ط)
1: 517
ديوان الهذليين (خ)
1: 517
ذم الخطأ في الشعر
5: 485
الرسالة
1: 517
رسالة التلميذ
2: 511
رسائل الجاحظ
1: 517
الروض الأنف
1: 517
زهر الآداب
5: 485
سمط اللآلئ
1: 517
سيرة ابن هشام
1: 517
شذرات الذهب
4: 517
شذور الذهب
5: 485
شرح الألفية
1: 517
شرح بانت سعاد
2: 511
شرح الشافية
3: 477
شرح شواهد الألفية
1: 517
شرح شواهد المغني
4: 517
شرح القصائد العشر
4: 517
شرح المعلقات
1: 517
شرح المفضليات
1: 517
شرح المقامات
3: 477
شروح سقط الزند
1: 517/ 2: 511
الشعر والشعراء
1: 517
شعراء النصرانية
1: 517
الصاحبي
1: 517
الصحاح
4: 518
صفة السحاب والغيث
1: 518
صفة الصفوة
4: 518
طبقات الشعراء
4: 518
العقد الثمين
1: 518/ 4: 518
العقد الفريد
1: 518
العمدة
فهرس الكتب
1: 518
عيون الأخبار
1: 518/ 4: 518
الغريب المصنف (خ)
5: 485
غيث النفع
5: 485
الفصول والغايات
3: 477
الفصيح
1: 518
فقه اللغة
2: 511
الفهرست
1: 518
القراءات الشاذة
3: 477
قطر الندى
1: 518
الكامل (ابن الأثير)
1: 518
الكامل (المبرد)
1: 518
كتاب سيبويه
5: 485
كتاب الهمز
1: 518
كشف الظنون
1: 518
الكنايات
2: 511
لامية العرب
3: 477
لباب الآداب
4: 518
ليس في كلام العرب
4: 518
مبادئ اللغة
3: 477
مجالس ثعلب
3: 478
مجلة المجمع العلمي
1: 518
مجمع الأمثال
1: 518
المجمع المؤسس
1: 518
المجمل (ط)
2: 511
المجمل (خ)
1: 518
مجموع أشعار الهذليين
2: 511
محاضرات الأدباء
2: 512
مختارات ابن الشجري
1: 518
مختصر في المذكر والمؤنث
1: 518
المخصص
5: 485(6/279)
المدخل (خ)
1: 518
مرآة الجنان
1: 518
المرصع
1: 518
المزهر
4: 518
مشارف الأقاويز
1: 518
المعارف
2: 512
معاهد التنصيص
1: 518
معجم البلدان
1: 518
معجم الشعراء
1: 518
المعجم الفارسي الانجليزي
5: 486
معجم ما استعجم
1: 519
المعرب
1: 519
المعلقات السبع
1: 519
المعلقات العشر
1: 519
المعمرين
5: 486
المغني (ابن قدامة)
4: 518
مغني اللبيب
3: 478
مفاتيح العلوم
1: 519
المفضليات
1: 519
مقالة كلا
1: 519
مقامات الحريري
4: 518
المقصور والممدود
فهرس الكتب
1: 519
الملاحن
5: 486
من نسب إلى أمه
2: 512
منتهى الطلب
5: 486
المواهب الفتحية
2: 512
المؤتلف والمختلف
3: 478
الموشح
1: 519
الميسر والقداح
1: 519
نزهة الألباء
1: 519
نسب الخيل
5: 486
النقائض
3: 478
نقد الشعر
5: 486
النقود العربية
2: 512
نهاية الأرب
1: 519
نوادر أبي زيد
5: 486
نوادر المخطوطات
1: 519
النيروز
3: 478
الهاشميات
2: 512
همع الهوامع
1: 519
وفيات الأعيان
2: 512
وقعة صفين
1: 519
يتيمة الدهر
تفسير الإشارات
إلى بعض المراجع
ابن الأثير ... = الكامل
أدّي شير ... = الألفاظ الفارسية
استينجاس = المعجم الفارسي الانجليزي
الأمثال ... = مجمع الأمثال
ابن سلام ... = طبقات الشعراء
السمعاني ... = الأنساب
العيني ... = شرح شواهد شروح الألفية
اللآلئ ... = سمط اللآلئ
المرزباني ... = معجم الشعراء
الميداني ... = مجمع الأمثال
خاتمة
حمداً لله على ما أجزل من المِنَّة ، ووهب من التوفيق، وكان من صُنعِه
- عز وجل- ولطيف بِرِّه أن تتم إعادة طبع هذا الكتاب الخالد مع فهارسه ومع إضافة كثير من التعليقات والتحقيقات في زُهاء سنتين.(6/280)
وليس يفوتني أن أسجل في هذه الخاتمة جزيل شكري لحضرات أصحاب "مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده" وعمالها المخلصين فيما بذلوا من عونٍ كبير وجهدٍ أصيل.
وأخص بالشكر الأستاذ "محمد محمود الحلبي" الذي لم يضن بجهده وعنايته الصادقة في سبيل التعجيل بظهور هذه الطبعة بعد أن مضى على نفاد سابقتها أكثر من عشر سنوات.
... والحمد لله أولاً وآخراً.
عبد السلام محمد هارون
القاهرة في ... 26 من رجب سنة 1392هـ
... ... 4 من سبتمبر سنة 1972م
- -
فهرس
مواد معجم مقاييس اللغة (1)
الهمزة
أبب ... 1 : 6
أبت ... 1 : 33
أبث ... 1 : 33
أبد ... 1 : 34
أبر ... 1 : 35
أبز ... 1 : 36
أبس ... 1 : 36
أبش ... 1 : 37
أبض ... 1 : 37
أبط ... 1 : 37
أبق ... 1 : 38
أبك ... 1 : 39
أبل ... 1 : 39
أبن ... 1 : 43
أبه ... 1 : 44
أبو ... 1 : 44
أبي ... 1 : 45
أتب ... 1 : 53
أتت ... 1 : 7
أتل ... 1 : 47
أتم ... 1 : 47
أتن ... 1 : 48
أته ... 1 : 49
أتو ... 1 : 49
أتي ... 1 : 50
أثث ... 1 : 8
أثر ... 1 : 53
أثف ... 1 : 57
أثل ... 1 : 58
أثم ... 1 : 60
أثن ... 1 : 61
أثو ... 1 : 61
أثي ... 1 : 61
أجأ ... 1 : 66
أجج ... 1 : 8
أجح ... 1 : 62
أجد ... 1 : 62
أجر ... 1 : 62
أجص ... 1 : 64
أجل ... 1 : 64
أجم ... 1 : 65
أجن ... 1 : 66
أحح ... 1 : 9
أحد ... 1 : 67
أحن ... 1 : 67
أخخ ... 1 : 10
أخذ ... 1 : 68
أخر ... 1 : 70
أخو ... 1 : 70
أدب ... 1 : 74
أدد ... 1 : 11
أدر ... 1 : 71
أدل ... 1 : 71
أدم ... 1 : 71
أدو ... 1 : 73
أدي ... 1 : 74
__________
(1) أُعِدَّ هذا الفهرس اعتماداً على عناوين المواد التي وردت في متن المعجم؛ ذلك أن المؤلف دَرَجَ -في الأعم الأغلب- على إيراد مهموز اللام مع الناقص (مثال ذلك أنه أورد "سرأ" في "سرو")، وعلى إيراد الرباعي المضاعف مع الثلاثي المضعف (مثال ذلك أنه أورد "بحبح" في "بحّ").(6/281)
أذذ ... 1 : 12
أذن ... 1 : 75
أذي ... 1 : 78
أرب ... 1 : 89
أرث ... 1 : 93
أرج ... 1 : 94
أرخ ... 1 : 94
أرر ... 1 : 12
أرز ... 1 : 78
أرس ... 1 : 79
أرش ... 1 : 79
أرض ... 1 : 79
أرط ... 1 : 81
أرف ... 1 : 82
أرق ... 1 : 82
أرك ... 1 : 83
أرم ... 1 : 85
أرن ... 1 : 86
أرو ... 1 : 87
أري ... 1 : 87
أزب ... 1 : 100
أزح ... 1 : 102
أزد ... 1 : 102
أزر ... 1 : 102
أزز ... 1 : 13
أزف ... 1 : 94
أزق ... 1 : 95
أزل ... 1 : 96
أزم ... 1 : 97
أزي ... 1 : 98
أسد ... 1 : 106
أسر ... 1 : 107
أسس ... 1 : 14
أسف ... 1 : 103
أسك ... 1 : 103
أسل ... 1 : 104
أسم ... 1 : 104
أسن ... 1 : 104
أسو ... 1 : 105
أسي ... 1 : 106
أشا ... 1 : 107
أشب ... 1 : 108
أشر ... 1 : 108
أشش ... 1 : 14
أشف ... 1 : 107
أصد ... 1 : 110
أصر ... 1 : 110
أصص ... 1 : 15
أصل ... 1 : 109
أضا ... 1 : 112
أضض ... 1 : 15
أضم ... 1 : 111
أطر ... 1 : 113
أطط ... 1 : 16
أطل ... 1 : 112
أطم ... 1 : 112
أفد ... 1 : 120
أفر ... 1 : 120
أفف ... 1 : 16
أفق ... 1 : 114
أفك ... 1 : 118
أفل ... 1 : 119
أفن ... 1 : 119
أقر ... 1 : 121
أقط ... 1 : 121
أقن ... 1 : 122
أكد ... 1 : 125
أكر ... 1 : 126
أكف ... 1 : 126
أكك ... 1 : 17
أكل ... 1 : 122
أكم ... 1 : 125
أكن ... 1 : 125
ألب ... 1 : 129
ألت ... 1 : 130
ألس ... 1 : 131
ألف ... 1 : 131
ألق ... 1 : 132
ألك ... 1 : 132
ألل ... 1 : 18
ألم ... 1 : 126
أله ... 1 : 127
ألو ... 1 : 127
ألي ... 1 : 127
أمت ... 1 : 137
أمد ... 1 : 137
أمر ... 1 : 137
أمع ... 1 : 139
أمل ... 1 : 140
أمم ... 1 : 21
أمن ... 1 : 133
أمه ... 1 : 136
أمو ... 1 : 136
أمي ... 1 : 136
أنب ... 1 : 143
أنت ... 1 : 143
أنث ... 1 : 144
أنح ... 1 : 144
أنس ... 1 : 145
أنض ... 1 : 145
أنف ... 1 : 146
أنق ... 1 : 148(6/282)
أنك ... 1 : 149
أنن ... 1 : 31
أني ... 1 : 141
أهب ... 1 : 149
أهر ... 1 : 150
أهل ... 1 : 150
أهن ... 1 : 151
أهه ... 1 : 32
أو ... 1 : 32
أوب ... 1 : 152
أود ... 1 : 154
أور ... 1 : 155
أوس ... 1 : 156
أوق ... 1 : 157
أول ... 1 : 158
أون ... 1 : 162
أوه ... 1 : 162
أوي ... 1 : 151
أيد ... 1 : 163
أير ... 1 : 163
أيس ... 1 : 164
أيض ... 1 : 164
أيق ... 1 : 165
أيك ... 1 : 165
أيم ... 1 : 165
أين ... 1 : 167
أيه ... 1 : 167
أيي ... 1 : 32
أيي ... 1 : 167
الباء
بأ ... 1 : 194
بأس ... 1 : 328
بأو ... 1 : 328
ببب ... 1 : 193
بتت ... 1 : 170
بتر ... 1 : 194
بتع ... 1 : 195
بتك ... 1 : 195
بتل ... 1 : 195
بثا ... 1 : 197
بثث ... 1 : 172
بثر ... 1 : 196
بثع ... 1 : 197
بثق ... 1 : 197
بثن ... 1 : 197
بجج ... 1 : 173
بجح ... 1 : 197
بجد ... 1 : 198
بجر ... 1 : 198
بجس ... 1 : 199
بجل ... 1 : 199
بجم ... 1 : 200
بحت ... 1 : 203
بحتر ... 1 : 329
بحث ... 1 : 204
بحثر ... 1 : 329
بحح ... 1 : 174
بحر ... 1 : 201
بحزج ... 1 : 335
بحظل ... 1 : 332
بحن ... 1 : 203
بخت ... 1 : 208
بخخ ... 1 : 175
بخد ... 1 : 205
بخذع ... 1 : 330
بخر ... 1 : 205
بخس ... 1 : 205
بخص ... 1 : 206
بخع ... 1 : 206
بخق ... 1 : 207
بخل ... 1 : 207
بخنق ... 1 : 335
بخو ... 1 : 208
بدأ ... 1 : 212
بدح ... 1 : 214
بدد ... 1 : 176
بدر ... 1 : 208
بدع ... 1 : 209
بدغ ... 1 : 210
بدل ... 1 : 210
بدن ... 1 : 211
بده ... 1 : 212
بدو ... 1 : 212
بذأ ... 1 : 217
بذج ... 1 : 217
بذح ... 1 : 217
بذخ ... 1 : 218
بذذ ... 1 : 177
بذر ... 1 : 216
بذع ... 1 : 216
بذل ... 1 : 216
برأ ... 1 : 236
برت ... 1 : 237
برث ... 1 : 237
برج ... 1 : 238
برجد ... 1 : 330
برجم ... 1 : 333
برح ... 1 : 238
برخ ... 1 : 241
برد ... 1 : 241(6/283)
بردس ... 1 : 333
برذن ... 1 : 335
برر ... 1 : 177
برز ... 1 : 218
برزخ ... 1 : 333
برزق ... 1 : 335
برزل ... 1 : 335
برس ... 1 : 219
برش ... 1 : 219
برشط ... 1 : 335
برشع ... 1 : 332
برشم ... 1 : 335
برص ... 1 : 219
برض ... 1 : 220
برع ... 1 : 221
برعس ... 1 : 335
برعم ... 1 : 334
برغث ... 1 : 332
برغز ... 1 : 335
برق ... 1 : 221
برقش ... 1 : 331
برقط ... 1 : 336
برقع ... 1 : 334
برك ... 1 : 227
بركل ... 1 : 334
برم ... 1 : 231
برهم ... 1 : 336
برو ... 1 : 233
بري ... 1 : 233
بزخ ... 1 : 246
بزر ... 1 : 246
بزز ... 1 : 180
بزع ... 1 : 244
بزعر ... 1 : 331
بزغ ... 1 : 244
بزق ... 1 : 244
بزل ... 1 : 244
بزم ... 1 : 245
بزمخ ... 1 : 331
بزو ... 1 : 245
بسأ ... 1 : 249
بسر ... 1 : 249
بسس ... 1 : 181
بسط ... 1 : 247
بسق ... 1 : 247
بسل ... 1 : 248
بسم ... 1 : 249
بشر ... 1 : 251
بشش ... 1 : 182
بشع ... 1 : 250
بشك ... 1 : 250
بشم ... 1 : 251
بصر ... 1 : 253
بصص ... 1 : 182
بصط ... 1 : 252
بصع ... 1 : 252
بصق ... 1 : 253
بصل ... 1 : 253
بضض ... 1 : 183
بضع ... 1 : 254
بطأ ... 1 : 260
بطح ... 1 : 260
بطخ ... 1 : 261
بطر ... 1 : 262
بطش ... 1 : 262
بطط ... 1 : 184
بطغ ... 1 : 258
بطل ... 1 : 258
بطن ... 1 : 259
بظر ... 1 : 262
بظظ ... 1 : 184
بظي ... 1 : 262
بعث ... 1 : 266
بعثر ... 1 : 335
بعثق ... 1 : 330
بعج ... 1 : 266
بعد ... 1 : 268
بعر ... 1 : 269
بعص ... 1 : 269
بعض ... 1 : 269
بعط ... 1 : 270
بعع ... 1 : 184
بعق ... 1 : 263
بعك ... 1 : 264
بعل ... 1 : 264
بعو ... 1 : 265
بعي ... 1 : 265
بغت ... 1 : 272
بغث ... 1 : 272
بغر ... 1 : 273
بغز ... 1 : 273
بغش ... 1 : 273
بغض ... 1 : 273
بغغ ... 1 : 185
بغل ... 1 : 271
بغم ... 1 : 271
بغو ... 1 : 271
بغي ... 1 : 271(6/284)
بقر ... 1 : 277
بقع ... 1 : 281
بقق ... 1 : 185
بقل ... 1 : 274
بقم ... 1 : 275
بقي ... 1 : 276
بكأ ... 1 : 285
بكت ... 1 : 287
بكر ... 1 : 287
بكع ... 1 : 290
بكك ... 1 : 186
بكل ... 1 : 283
بكم ... 1 : 284
بكي ... 1 : 285
بلأص ... 1 : 332
بلت ... 1 : 295
بلج ... 1 : 296
بلح ... 1 : 297
بلخ ... 1 : 298
بلخص ... 1 : 331
بلد ... 1 : 298
بلدح ... 1 : 330
بلذم ... 1 : 333
بلز ... 1 : 299
بلس ... 1 : 299
بلسم ... 1 : 334
بلص ... 1 : 300
بلط ... 1 : 300
بلطح ... 1 : 330
بلع ... 1 : 301
بلعث ... 1 : 335
بلعك ... 1 : 334
بلعم ... 1 : 329
بلغ ... 1 : 301
بلق ... 1 : 302
بلقع ... 1 : 334
بلل ... 1 : 187
بلم ... 1 : 291
بله ... 1 : 291
بلهس ... 1 : 331
بلو ... 1 : 292
بلي ... 1 : 292
بنج ... 1 : 306
بند ... 1 : 306
بنس ... 1 : 306
بنق ... 1 : 306
بنك ... 1 : 306
بنن ... 1 : 191
بنو ... 1 : 303
بني ... 1 : 302
بهأ ... 1 : 307
بهت ... 1 : 307
بهث ... 1 : 308
بهج ... 1 : 308
بهر ... 1 : 308
بهرج ... 1 : 333
بهز ... 1 : 309
بهس ... 1 : 309
بهش ... 1 : 309
بهصل ... 1 : 335
بهظ ... 1 : 310
بهق ... 1 : 310
بهكث ... 1 : 335
بهل ... 1 : 310
بهم ... 1 : 311
بهن ... 1 : 312
بهنس ... 1 : 331
بهه ... 1 : 193
بهو ... 1 : 307
بهي ... 1 : 307
بوأ ... 1 : 312
بوب ... 1 : 314
بوث ... 1 : 315
بوج ... 1 : 315
بوح ... 1 : 315
بوخ ... 1 : 316
بور ... 1 : 316
بوش ... 1 : 317
بوص ... 1 : 317
بوع ... 1 : 318
بوغ ... 1 : 320
بوق ... 1 : 320
بوك ... 1 : 320
بول ... 1 : 321
بوم ... 1 : 322
بون ... 1 : 322
بوه ... 1 : 324
بوو ... 1 : 194
بيت ... 1 : 324
بيح ... 1 : 325
بيد ... 1 : 325
بيص ... 1 : 326
بيض ... 1 : 326
بيظ ... 1 : 327
بيع ... 1 : 327
بيغ ... 1 : 327
بين ... 1 : 327
بيي ... 1 : 194(6/285)
التاء
تأر ... 1 : 361
تألب ... 1 : 365
تأم ... 1 : 362
تبب ... 1 : 341
تبر ... 1 : 362
تبرك ... 1 : 364
تبع ... 1 : 362
تبل ... 1 : 363
تبن ... 1 : 363
تجر ... 1 : 341
تحت ... 1 : 342
تحم ... 1 : 342
تخخ ... 1 : 337
تخذ ... 1 : 342
تخم ... 1 : 342
ترب ... 1 : 346
تربت ... 1 : 365
ترج ... 1 : 347
ترح ... 1 : 347
ترر ... 1 : 337
ترز ... 1 : 343
ترس ... 1 : 343
ترش ... 1 : 343
ترص ... 1 : 344
ترع ... 1 : 344
ترف ... 1 : 345
ترق ... 1 : 345
ترك ... 1 : 345
ترنق ... 1 : 364
تره ... 1 : 346
تريم ... 1 : 364
تسع ... 1 : 347
تعب ... 1 : 348
تعر ... 1 : 348
تعس ... 1 : 348
تعص ... 1 : 348
تعع ... 1 : 338
تغغ ... 1 : 338
تفث ... 1 : 350
تفح ... 1 : 350
تفر ... 1 : 350
تفف ... 1 : 338
تفل ... 1 : 349
تفه ... 1 : 349
تقد ... 1 : 351
تقق ... 1 : 339
تقن ... 1 : 350
تكك ... 1 : 339
تلأب ... 1 : 364
تلد ... 1 : 352
تلع ... 1 : 352
تلف ... 1 : 353
تلل ... 1 : 339
تلم ... 1 : 353
تله ... 1 : 354
تلو ... 1 : 351
تمر ... 1 : 354
تمك ... 1 : 355
تمم ... 1 : 339
تمه ... 1 : 354
تمهل ... 1 : 365
تنأ ... 1 : 356
تنخ ... 1 : 355
تنف ... 1 : 355
تنن ... 1 : 340
تهم ... 1 : 356
تهه ... 1 : 341
توأب ... 1 : 365
توب ... 1 : 357
توت ... 1 : 357
توخ ... 1 : 357
تور ... 1 : 357
توس ... 1 : 358
توع ... 1 : 358
توق ... 1 : 358
تول ... 1 : 359
تولب ... 1 : 364
توه ... 1 : 359
توو ... 1 : 341
توي ... 1 : 357
تيح ... 1 : 359
تير ... 1 : 360
تيز ... 1 : 360
تيس ... 1 : 360
تيع ... 1 : 360
تيم ... 1 : 361
تين ... 1 : 361
تيه ... 1 : 361
الثاء
ثأ ... 1 : 370
ثأد ... 1 : 398
ثأر ... 1 : 397
ثأط ... 1 : 398
ثأي ... 1 : 399
ثبب ... 1 : 370
ثبت ... 1 : 399
ثبج ... 1 : 399
ثبجر ... 1 : 404
ثبر ... 1 : 400(6/286)
ثبن ... 1 : 401
ثبي ... 1 : 401
ثتن ... 1 : 403
ثجج ... 1 : 367
ثجر ... 1 : 371
ثجل ... 1 : 371
ثجم ... 1 : 372
ثحج ... 1 : 372
ثخن ... 1 : 372
ثدق ... 1 : 373
ثدم ... 1 : 373
ثدن ... 1 : 373
ثدي ... 1 : 373
ثرب ... 1 : 375
ثرد ... 1 : 375
ثرر ... 1 : 367
ثرم ... 1 : 374
ثرمط ... 1 : 403
ثرو ... 1 : 374
ثري ... 1 : 374
ثطأ ... 1 : 376
ثطط ... 1 : 368
ثطع ... 1 : 376
ثعب ... 1 : 378
ثعر ... 1 : 377
ثعط ... 1 : 377
ثعع ... 1 : 368
ثعل ... 1 : 376
ثعلب ... 1 : 403
ثعم ... 1 : 377
ثغا ... 1 : 378
ثغب ... 1 : 378
ثغر ... 1 : 378
ثغم ... 1 : 379
ثفر ... 1 : 381
ثفرق ... 1 : 403
ثفل ... 1 : 380
ثفن ... 1 : 380
ثفي ... 1 : 381
ثقب ... 1 : 382
ثقف ... 1 : 382
ثقل ... 1 : 382
ثكل ... 1 : 383
ثكم ... 1 : 383
ثكن ... 1 : 384
ثلب ... 1 : 384
ثلث ... 1 : 385
ثلج ... 1 : 385
ثلط ... 1 : 386
ثلغ ... 1 : 386
ثلل ... 1 : 368
ثلم ... 1 : 384
ثمأ ... 1 : 389
ثمد ... 1 : 387
ثمر ... 1 : 388
ثمغ ... 1 : 389
ثمل ... 1 : 389
ثمم ... 1 : 369
ثمن ... 1 : 386
ثنت ... 1 : 392
ثنن ... 1 : 370
ثني ... 1 : 391
ثهل ... 1 : 392
ثوب ... 1 : 393
ثوخ ... 1 : 396
ثور ... 1 : 395
ثول ... 1 : 396
ثوم ... 1 : 396
ثوي ... 1 : 393
ثيل ... 1 : 397
الجيم
جأ ... 1 : 423
جأب ... 1 : 500
جأث ... 1 : 500
جأز ... 1 : 500
جأف ... 1 : 500
جبأ ... 1 : 504
جبب ... 1 : 423
جبت ... 1 : 500
جبذ ... 1 : 501
جبر ... 1 : 501
جبز ... 1 : 502
جبس ... 1 : 502
جبع ... 1 : 502
جبل ... 1 : 502
جبن ... 1 : 503
جبه ... 1 : 503
جبي ... 1 : 503
جثث ... 1 : 425
جثر ... 1 : 505
جثل ... 1 : 505
جثم ... 1 : 505
جحح ... 1 : 405
جحد ... 1 : 425
جحدل ... 1 : 509
جحر ... 1 : 426
جحس ... 1 : 426
جحش ... 1 : 427
جحشل ... 1 : 510
جحشم ... 1 : 510(6/287)
جحظ ... 1 : 427
جحف ... 1 : 427
جحفل ... 1 : 509
جحل ... 1 : 428
جحم ... 1 : 429
جحمظ ... 1 : 512
جحن ... 1 : 430
جخخ ... 1 : 405
جخدب ... 1 : 511
جخدب ... 1 : 513
جخر ... 1 : 430
جخف ... 1 : 431
جدب ... 1 : 435
جدث ... 1 : 436
جدح ... 1 : 436
جدد ... 1 : 406
جدر ... 1 : 431
جدس ... 1 : 432
جدع ... 1 : 432
جدف ... 1 : 433
جدل ... 1 : 433
جدم ... 1 : 435
جدو ... 1 : 435
جدي ... 1 : 435
جذأر ... 1 : 511
جذب ... 1 : 440
جذذ ... 1 : 409
جذر ... 1 : 436
جذع ... 1 : 437
جذف ... 1 : 438
جذل ... 1 : 438
جذم ... 1 : 439
جذمر ... 1 : 505
جذو ... 1 : 439
جرب ... 1 : 449
جرثم ... 1 : 506
جرج ... 1 : 450
جرجم ... 1 : 508
جرح ... 1 : 451
جرد ... 1 : 452
جردب ... 1 : 506
جرذ ... 1 : 452
جرر ... 1 : 410
جرز ... 1 : 441
جرس ... 1 : 442
جرسم ... 1 : 513
جرش ... 1 : 442
جرشع ... 1 : 512
جرض ... 1 : 443
جرضم ... 1 : 511
جرع ... 1 : 444
جرعب ... 1 : 510
جرف ... 1 : 444
جرفس ... 1 : 509
جرل ... 1 : 445
جرم ... 1 : 445
جرمز ... 1 : 509
جرن ... 1 : 447
جره ... 1 : 447
جرهد ... 1 : 508
جرهم ... 1 : 507
جرو ... 1 : 447
جري ... 1 : 448
جزأ ... 1 : 455
جزح ... 1 : 456
جزر ... 1 : 456
جزز ... 1 : 414
جزع ... 1 : 453
جزل ... 1 : 453
جزم ... 1 : 454
جزي ... 1 : 455
جسأ ... 1 : 457
جسد ... 1 : 457
جسر ... 1 : 457
جسرب ... 1 : 507
جسس ... 1 : 414
جسم ... 1 : 457
جشأ ... 1 : 459
جشب ... 1 : 459
جشر ... 1 : 459
جشش ... 1 : 414
جشع ... 1 : 458
جشم ... 1 : 458
جصص ... 1 : 415
جضض ... 1 : 415
جظظ ... 1 : 415
جعب ... 1 : 462
جعبر ... 1 : 510
جعثم ... 1 : 510
جعثن ... 1 : 513
جعد ... 1 : 462
جعر ... 1 : 463
جعس ... 1 : 463
جعش ... 1 : 463
جعشم ... 1 : 513
جعظ ... 1 : 464
جعظر ... 1 : 508
جعع ... 1 : 415(6/288)
جعف ... 1 : 460
جعفر ... 1 : 508
جعفل ... 1 : 506
جعل ... 1 : 460
جعم ... 1 : 461
جعن ... 1 : 462
جفر ... 1 : 466
جفز ... 1 : 467
جفف ... 1 : 416
جفل ... 1 : 464
جفن ... 1 : 465
جفو ... 1 : 465
جلب ... 1 : 469
جلج ... 1 : 470
جلح ... 1 : 470
جلحب ... 1 : 512
جلخ ... 1 : 471
جلخد ... 1 : 512
جلخم ... 1 : 513
جلد ... 1 : 471
جلدح ... 1 : 510
جلذ ... 1 : 472
جلس ... 1 : 473
جلسد ... 1 : 513
جلط ... 1 : 474
جلع ... 1 : 474
جلعب ... 1 : 512
جلعد ... 1 : 509
جلف ... 1 : 474
جلفز ... 1 : 510
جلفع ... 1 : 513
جلق ... 1 : 475
جلل ... 1 : 417
جلم ... 1 : 467
جلمد ... 1 : 507
جلنظ ... 1 : 512
جله ... 1 : 468
جلو ... 1 : 468
جمح ... 1 : 476
جمخ ... 1 : 477
جمد ... 1 : 477
جمر ... 1 : 477
جمز ... 1 : 478
جمس ... 1 : 479
جمش ... 1 : 479
جمع ... 1 : 479
جمعر ... 1 : 507
جمعر ... 1 : 508
جمل ... 1 : 481
جمم ... 1 : 419
جمن ... 1 : 475
جمهر ... 1 : 506
جمي ... 1 : 476
جنأ ... 1 : 482
جنب ... 1 : 483
جنبل ... 1 : 511
جنث ... 1 : 484
جنح ... 1 : 484
جند ... 1 : 485
جندب ... 1 : 512
جندع ... 1 : 509
جندف ... 1 : 511
جندل ... 1 : 512
جنز ... 1 : 485
جنس ... 1 : 486
جنعظ ... 1 : 508
جنف ... 1 : 486
جنن ... 1 : 421
جنه ... 1 : 482
جني ... 1 : 482
جهد ... 1 : 486
جهر ... 1 : 487
جهز ... 1 : 488
جهش ... 1 : 489
جهض ... 1 : 489
جهضم ... 1 : 507
جهف ... 1 : 489
جهل ... 1 : 489
جهم ... 1 : 490
جهن ... 1 : 490
جهه ... 1 : 422
جهو ... 1 : 486
جوب ... 1 : 491
جوت ... 1 : 492
جوح ... 1 : 492
جوخ ... 1 : 492
جود ... 1 : 493
جور ... 1 : 493
جوز ... 1 : 494
جوس ... 1 : 495
جوظ ... 1 : 495
جوع ... 1 : 495
جوف ... 1 : 495
جول ... 1 : 495
جون ... 1 : 496
جوو ... 1 : 423
جوي ... 1 : 491
جيأ ... 1 : 497(6/289)
جيب ... 1 : 497
جيد ... 1 : 498
جير ... 1 : 498
جيز ... 1 : 498
جيس ... 1 : 498
جيش ... 1 : 499
جيض ... 1 : 499
جيل ... 1 : 499
الحاء
حأ ... 2 : 26
حبب ... 2 : 26
حبج ... 2 : 126
حبجر ... 2 : 144
حبر ... 2 : 127
حبرك ... 2 : 147
حبركل ... 2 : 148
حبس ... 2 : 128
حبش ... 2 : 129
حبص ... 2 : 129
حبض ... 2 : 129
حبط ... 2 : 129
حبطي ... 2 : 147
حبق ... 2 : 130
حبك ... 2 : 130
حبكر ... 2 : 147
حبل ... 2 : 130
حبلق ... 2 : 147
حبن ... 2 : 132
حبو ... 2 : 132
حتأ ... 2 : 134
حتت ... 2 : 28
حتد ... 2 : 135
حتر ... 2 : 133
حترش ... 2 : 145
حتف ... 2 : 135
حتك ... 2 : 136
حتل ... 2 : 135
حتم ... 2 : 134
حتن ... 2 : 135
حتو ... 2 : 136
حثث ... 2 : 29
حثر ... 2 : 136
حثرم ... 2 : 145
حثل ... 2 : 137
حثم ... 2 : 137
حثو ... 2 : 136
حثي ... 2 : 136
حجا ... 2 : 141
حجب ... 2 : 143
حجج ... 2 : 29
حجر ... 2 : 138
حجز ... 2 : 139
حجف ... 2 : 140
حجل ... 2 : 140
حجم ... 2 : 141
حجن ... 2 : 141
حدا ... 2 : 35
حدأ ... 2 : 35
حدب ... 2 : 36
حدث ... 2 : 36
حدج ... 2 : 36
حدد ... 2 : 3
حدر ... 2 : 32
حدرج ... 2 : 146
حدس ... 2 : 33
حدق ... 2 : 33
حدل ... 2 : 34
حدم ... 2 : 34
حذذ ... 2 : 5
حذر ... 2 : 37
حذق ... 2 : 37
حذلق ... 2 : 144
حرب ... 2 : 48
حربث ... 2 : 148
حرت ... 2 : 49
حرث ... 2 : 49
حرج ... 2 : 50
حرجف ... 2 : 147
حرجل ... 2 : 147
حرجم ... 2 : 144
حرد ... 2 : 51
حرذ ... 2 : 52
حرر ... 2 : 6
حرز ... 2 : 38
حرزق ... 2 : 143
حرس ... 2 : 38
حرش ... 2 : 39
حرشف ... 2 : 147
حرص ... 2 : 40
حرض ... 2 : 41
حرف ... 2 : 42
حرق ... 2 : 43
حرقص ... 2 : 147
حرقف ... 2 : 143
حرقف ... 2 : 146
حرك ... 2 : 45
حرم ... 2 : 45
حرن ... 2 : 47
حرو ... 2 : 47
حري ... 2 : 47
حزب ... 2 : 55(6/290)
حزبل ... 2 : 148
حزر ... 2 : 55
حزز ... 2 : 8
حزق ... 2 : 52
حزقر ... 2 : 145
حزك ... 2 : 53
حزل ... 2 : 53
حزم ... 2 : 53
حزن ... 2 : 54
حزو ... 2 : 54
حزور ... 2 : 147
حزي ... 2 : 54
حسب ... 2 : 59
حسد ... 2 : 61
حسر ... 2 : 61
حسس ... 2 : 9
حسف ... 2 : 56
حسك ... 2 : 56
حسكل ... 2 : 144
حسل ... 2 : 57
حسم ... 2 : 57
حسن ... 2 : 57
حسو ... 2 : 58
حسي ... 2 : 58
حشب ... 2 : 65
حشد ... 2 : 66
حشر ... 2 : 66
حشرج ... 2 : 147
حشش ... 2 : 10
حشف ... 2 : 62
حشك ... 2 : 63
حشم ... 2 : 63
حشن ... 2 : 64
حشو ... 2 : 64
حشي ... 2 : 64
حصب ... 2 : 70
حصد ... 2 : 71
حصر ... 2 : 72
حصرم ... 2 : 145
حصص ... 2 : 12
حصف ... 2 : 67
حصل ... 2 : 68
حصم ... 2 : 68
حصن ... 2 : 69
حصو ... 2 : 69
حصي ... 2 : 69
حضب ... 2 : 75
حضج ... 2 : 75
حضجر ... 2 : 148
حضر ... 2 : 75
حضرم ... 2 : 146
حضض ... 2 : 13
حضل ... 2 : 73
حضن ... 2 : 73
حضي ... 2 : 74
حطأ ... 2 : 78
حطب ... 2 : 79
حطط ... 2 : 13
حطم ... 2 : 78
حظر ... 2 : 80
حظظ ... 2 : 14
حظل ... 2 : 81
حظو ... 2 : 80
حظي ... 2 : 80
حفأ ... 2 : 83
حفت ... 2 : 84
حفث ... 2 : 84
حفد ... 2 : 84
حفر ... 2 : 84
حفز ... 2 : 85
حفس ... 2 : 86
حفسأ ... 2 : 147
حفش ... 2 : 86
حفص ... 2 : 86
حفض ... 2 : 86
حفظ ... 2 : 87
حفف ... 2 : 14
حفل ... 2 : 81
حفلج ... 2 : 147
حفن ... 2 : 82
حفي ... 2 : 83
حقب ... 2 : 89
حقد ... 2 : 89
حقر ... 2 : 90
حقط ... 2 : 90
حقف ... 2 : 90
حقق ... 2 : 15
حقل ... 2 : 87
حقلد ... 2 : 144
حقم ... 2 : 88
حقن ... 2 : 88
حقو ... 2 : 88
حكد ... 2 : 92
حكر ... 2 : 92
حكك ... 2 : 19
حكل ... 2 : 90
حكم ... 2 : 91
حكي ... 2 : 92
حلب ... 2 : 95
حلبس ... 2 : 145
حلت ... 2 : 96
حلج ... 2 : 96
حلز ... 2 : 96
حلس ... 2 : 97
حلط ... 2 : 97(6/291)
حلف ... 2 : 97
حلق ... 2 : 98
حلقم ... 2 : 143
حلقن ... 2 : 143
حلك ... 2 : 100
حلل ... 2 : 20
حلم ... 2 : 93
حلن ... 2 : 94
حلو ... 2 : 94
حمد ... 2 : 100
حمر ... 2 : 101
حمرس ... 2 : 146
حمز ... 2 : 103
حمس ... 2 : 104
حمش ... 2 : 104
حمص ... 2 : 105
حمض ... 2 : 105
حمط ... 2 : 105
حمق ... 2 : 105
حمل ... 2 : 106
حملج ... 2 : 146
حملق ... 2 : 147
حمم ... 2 : 23
حنب ... 2 : 108
حنتل ... 2 : 148
حنتم ... 2 : 147
حنث ... 2 : 108
حنج ... 2 : 109
حندر ... 2 : 146
حنذ ... 2 : 109
حنر ... 2 : 110
حنش ... 2 : 110
حنط ... 2 : 110
حنظب ... 2 : 148
حنف ... 2 : 110
حنق ... 2 : 111
حنك ... 2 : 111
حنن ... 2 : 24
حنو ... 2 : 108
حوأب ... 2 : 145
حوب ... 2 : 113
حوت ... 2 : 114
حوث ... 2 : 114
حوج ... 2 : 114
حوذ ... 2 : 115
حور ... 2 : 115
حوز ... 2 : 117
حوس ... 2 : 118
حوش ... 2 : 119
حوص ... 2 : 120
حوض ... 2 : 120
حوط ... 2 : 120
حوق ... 2 : 121
حوك ... 2 : 121
حول ... 2 : 121
حوم ... 2 : 122
حوي ... 2 : 112
حيث ... 2 : 122
حيد ... 2 : 123
حير ... 2 : 123
حيز ... 2 : 123
حيس ... 2 : 124
حيص ... 2 : 124
حيض ... 2 : 124
حيط ... 2 : 125
حيف ... 2 : 125
حيفس ... 2 : 147
حيق ... 2 : 125
حيك ... 2 : 125
حين ... 2 : 125
حيي ... 2 : 122
الخاء
خأ ... 2 : 157
خام ... 2 : 237
خبأ ... 2 : 244
خبب ... 2 : 157
خبت ... 2 : 238
خبث ... 2 : 238
خبج ... 2 : 238
خبدي ... 2 : 253
خبر ... 2 : 239
خبرج ... 2 : 254
خبز ... 2 : 240
خبس ... 2 : 240
خبش ... 2 : 241
خبص ... 2 : 241
خبط ... 2 : 241
خبع ... 2 : 242
خبعث ... 2 : 248
خبق ... 2 : 242
خبل ... 2 : 242
خبن ... 2 : 243
ختا ... 2 : 246
ختت ... 2 : 158
ختر ... 2 : 244
ختع ... 2 : 244
ختعر ... 2 : 250
ختل ... 2 : 245
ختم ... 2 : 245
ختن ... 2 : 245(6/292)
خثا ... 2 : 246
خثث ... 2 : 158
خثر ... 2 : 246
خثرم ... 2 : 249
خثعب ... 2 : 250
خثل ... 2 : 246
خثم ... 2 : 246
خجا ... 2 : 247
خجج ... 2 : 159
خجل ... 2 : 247
خدب ... 2 : 163
خدج ... 2 : 164
خدد ... 2 : 149
خدر ... 2 : 159
خدرس ... 2 : 252
خدرق ... 2 : 251
خدش ... 2 : 160
خدع ... 2 : 161
خدف ... 2 : 162
خدل ... 2 : 162
خدلج ... 2 : 248
خدم ... 2 : 162
خدن ... 2 : 163
خذا ... 2 : 166
خذرف ... 2 : 252
خذع ... 2 : 164
خذف ... 2 : 165
خذق ... 2 : 165
خذل ... 2 : 165
خذم ... 2 : 166
خرب ... 2 : 174
خربص ... 2 : 251
خربق ... 2 : 251
خربق ... 2 : 253
خرت ... 2 : 175
خرث ... 2 : 175
خرج ... 2 : 175
خرد ... 2 : 176
خردل ... 2 : 249
خرذل ... 2 : 249
خرر ... 2 : 149
خرز ... 2 : 166
خرس ... 2 : 167
خرش ... 2 : 168
خرشم ... 2 : 249
خرص ... 2 : 169
خرض ... 2 : 169
خرط ... 2 : 169
خرطم ... 2 : 249
خرطم ... 2 : 251
خرع ... 2 : 170
خرعب ... 2 : 250
خرف ... 2 : 171
خرفج ... 2 : 254
خرق ... 2 : 172
خرم ... 2 : 173
خرنق ... 2 : 248
خزب ... 2 : 179
خزبز ... 2 : 254
خزر ... 2 : 180
خزر ... 2 : 254
خزز ... 2 : 150
خزع ... 2 : 177
خزعل ... 2 : 253
خزف ... 2 : 177
خزق ... 2 : 177
خزل ... 2 : 177
خزم ... 2 : 178
خزن ... 2 : 178
خزو ... 2 : 179
خسأ ... 2 : 182
خسر ... 2 : 182
خسس ... 2 : 151
خسف ... 2 : 180
خسفج ... 2 : 254
خسق ... 2 : 181
خسل ... 2 : 181
خشب ... 2 : 185
خشر ... 2 : 185
خشرم ... 2 : 248
خشش ... 2 : 151
خشع ... 2 : 182
خشف ... 2 : 183
خشل ... 2 : 183
خشم ... 2 : 184
خشن ... 2 : 184
خشي ... 2 : 184
خصب ... 2 : 188
خصر ... 2 : 188
خصص ... 2 : 152
خصف ... 2 : 186
خصل ... 2 : 187
خصم ... 2 : 187
خصن ... 2 : 187
خصي ... 2 : 188
خضب ... 2 : 194
خضد ... 2 : 194
خضر ... 2 : 195(6/293)
خضرع ... 2 : 250
خضرم ... 2 : 248
خضرم ... 2 : 253
خضض ... 2 : 153
خضع ... 2 : 189
خضف ... 2 : 192
خضل ... 2 : 192
خضم ... 2 : 193
خضن ... 2 : 193
خطأ ... 2 : 198
خطب ... 2 : 198
خطر ... 2 : 199
خطرف ... 2 : 252
خطط ... 2 : 154
خطف ... 2 : 196
خطل ... 2 : 197
خطم ... 2 : 198
خطو ... 2 : 198
خظي ... 2 : 200
خفت ... 2 : 202
خفج ... 2 : 203
خفجل ... 2 : 254
خفد ... 2 : 203
خفر ... 2 : 203
خفع ... 2 : 203
خفف ... 2 : 154
خفق ... 2 : 201
خفي ... 2 : 202
خقق ... 2 : 155
خلب ... 2 : 205
خلبت ... 2 : 248
خلبس ... 2 : 250
خلبص ... 2 : 251
خلج ... 2 : 206
خلجم ... 2 : 248
خلد ... 2 : 207
خلس ... 2 : 208
خلص ... 2 : 208
خلط ... 2 : 208
خلع ... 2 : 209
خلف ... 2 : 210
خلق ... 2 : 213
خلل ... 2 : 155
خلم ... 2 : 204
خلو ... 2 : 204
خمج ... 2 : 215
خمد ... 2 : 215
خمر ... 2 : 215
خمس ... 2 : 217
خمش ... 2 : 218
خمص ... 2 : 219
خمط ... 2 : 220
خمع ... 2 : 220
خمل ... 2 : 220
خمم ... 2 : 156
خنا ... 2 : 222
خنب ... 2 : 221
خنبس ... 2 : 254
خنبص ... 2 : 251
خنث ... 2 : 222
خنثر ... 2 : 249
خنذذ ... 2 : 253
خنز ... 2 : 222
خنز ... 2 : 254
خنس ... 2 : 223
خنشل ... 2 : 253
خنط ... 2 : 223
خنطل ... 2 : 252
خنع ... 2 : 223
خنف ... 2 : 223
خنفق ... 2 : 253
خنق ... 2 : 224
خنن ... 2 : 157
خوب ... 2 : 225
خوت ... 2 : 225
خوث ... 2 : 226
خوخ ... 2 : 227
خوخ ... 2 : 253
خود ... 2 : 227
خوذ ... 2 : 227
خور ... 2 : 227
خوس ... 2 : 228
خوش ... 2 : 228
خوص ... 2 : 228
خوض ... 2 : 229
خوط ... 2 : 229
خوع ... 2 : 229
خوف ... 2 : 230
خوق ... 2 : 230
خول ... 2 : 230
خون ... 2 : 231
خوي ... 2 : 225
خيب ... 2 : 232
خير ... 2 : 232
خيس ... 2 : 233
خيص ... 2 : 233
خيط ... 2 : 233
خيعل ... 2 : 200(6/294)
خيعل ... 2 : 253
خيف ... 2 : 234
خيل ... 2 : 235
خيم ... 2 : 236
الدال
دأب ... 2 : 321
دأث ... 2 : 321
دأظ ... 2 : 322
دأل ... 2 : 321
دأم ... 2 : 321
دأي ... 2 : 322
دبب ... 2 : 263
دبج ... 2 : 323
دبح ... 2 : 323
دبر ... 2 : 324
دبس ... 2 : 326
دبش ... 2 : 326
دبغ ... 2 : 326
دبق ... 2 : 327
دبل ... 2 : 327
دبي ... 2 : 327
دثأ ... 2 : 328
دثث ... 2 : 264
دثر ... 2 : 328
دثن ... 2 : 329
دجج ... 2 : 264
دجر ... 2 : 329
دجل ... 2 : 329
دجم ... 2 : 330
دجن ... 2 : 330
دحح ... 2 : 265
دحر ... 2 : 331
دحز ... 2 : 331
دحس ... 2 : 331
دحص ... 2 : 332
دحض ... 2 : 332
دحق ... 2 : 332
دحل ... 2 : 332
دحم ... 2 : 333
دحمس ... 2 : 341
دحن ... 2 : 333
دحو ... 2 : 333
دخخ ... 2 : 266
دخر ... 2 : 333
دخرص ... 2 : 339
دخس ... 2 : 334
دخش ... 2 : 334
دخص ... 2 : 334
دخل ... 2 : 335
دخمس ... 2 : 339
دخن ... 2 : 336
ددد ... 2 : 266
ددن ... 2 : 336
درب ... 2 : 274
دربح ... 2 : 342
دربخ ... 2 : 338
دربس ... 2 : 339
دربس ... 2 : 342
دربل ... 2 : 342
درج ... 2 : 275
درح ... 2 : 276
درد ... 2 : 275
دردقس ... 2 : 342
درر ... 2 : 255
درز ... 2 : 267
درس ... 2 : 267
درص ... 2 : 268
درع ... 2 : 268
درع ... 2 : 337
درعف ... 2 : 337
درفس ... 2 : 341
درفق ... 2 : 340
درق ... 2 : 269
درقع ... 2 : 337
درقل ... 2 : 342
درك ... 2 : 269
درم ... 2 : 270
درمج ... 2 : 340
درمك ... 2 : 341
درن ... 2 : 270
درنك ... 2 : 341
دره ... 2 : 271
دري ... 2 : 271
دست ... 2 : 277
دسر ... 2 : 278
دسس ... 2 : 256
دسع ... 2 : 279
دسق ... 2 : 279
دسم ... 2 : 276
دسو ... 2 : 277
دظظ ... 2 : 257
دعب ... 2 : 282
دعبل ... 2 : 339
دعث ... 2 : 282
دعثر ... 2 : 340
دعج ... 2 : 283
دعد ... 2 : 283
دعر ... 2 : 283
دعز ... 2 : 283(6/295)
دعس ... 2 : 283
دعص ... 2 : 283
دعض ... 2 : 284
دعظ ... 2 : 284
دعع ... 2 : 257
دعق ... 2 : 281
دعك ... 2 : 281
دعكر ... 2 : 341
دعلج ... 2 : 339
دعم ... 2 : 282
دعو ... 2 : 279
دغر ... 2 : 285
دغش ... 2 : 285
دغص ... 2 : 285
دغف ... 2 : 286
دغفق ... 2 : 340
دغفل ... 2 : 341
دغل ... 2 : 284
دغل ... 2 : 340
دغم ... 2 : 284
دغمر ... 2 : 338
دفا ... 2 : 287
دفأ ... 2 : 287
دفر ... 2 : 288
دفع ... 2 : 288
دفف ... 2 : 257
دفق ... 2 : 286
دفل ... 2 : 286
دفن ... 2 : 286
دفنس ... 2 : 337
دقر ... 2 : 290
دقس ... 2 : 289
دقع ... 2 : 290
دقق ... 2 : 258
دقل ... 2 : 289
دقم ... 2 : 290
دقي ... 2 : 290
دكأ ... 2 : 292
دكس ... 2 : 292
دكع ... 2 : 291
دكك ... 2 : 258
دكل ... 2 : 291
دكن ... 2 : 291
دلب ... 2 : 294
دلث ... 2 : 294
دلج ... 2 : 294
دلح ... 2 : 295
دلس ... 2 : 296
دلص ... 2 : 296
دلظ ... 2 : 296
دلع ... 2 : 297
دلعس ... 2 : 342
دلعك ... 2 : 342
دلف ... 2 : 297
دلق ... 2 : 297
دلقم ... 2 : 342
دلك ... 2 : 297
دلل ... 2 : 259
دلم ... 2 : 292
دلمز ... 2 : 342
دلمس ... 2 : 340
دلمص ... 2 : 337
دله ... 2 : 293
دلهمس ... 2 : 338
دلي ... 2 : 293
دمث ... 2 : 299
دمج ... 2 : 299
دمخ ... 2 : 299
دمخق ... 2 : 341
دمر ... 2 : 300
دمرغ ... 2 : 338
دمس ... 2 : 300
دمشق ... 2 : 338
دمص ... 2 : 301
دمع ... 2 : 301
دمغ ... 2 : 302
دمق ... 2 : 302
دمقس ... 2 : 342
دمك ... 2 : 302
دمل ... 2 : 302
دملج ... 2 : 339
دملص ... 2 : 337
دملك ... 2 : 340
دمم ... 2 : 260
دمن ... 2 : 298
دنب ... 2 : 303
دنخ ... 2 : 304
دنخس ... 2 : 339
دنر ... 2 : 305
دنس ... 2 : 304
دنع ... 2 : 304
دنف ... 2 : 304
دنق ... 2 : 305
دنقس ... 2 : 342
دنقش ... 2 : 341
دنم ... 2 : 305
دنن ... 2 : 261
دني ... 2 : 303(6/296)
دهثم ... 2 : 341
دهر ... 2 : 305
دهرس ... 2 : 342
دهس ... 2 : 307
دهش ... 2 : 307
دهق ... 2 : 307
دهك ... 2 : 307
دهكم ... 2 : 337
دهل ... 2 : 307
دهم ... 2 : 307
دهن ... 2 : 308
دهه ... 2 : 261
دهي ... 2 : 305
دوح ... 2 : 310
دوخ ... 2 : 310
دود ... 2 : 310
دور ... 2 : 310
دوس ... 2 : 313
دوش ... 2 : 313
دوف ... 2 : 313
دوق ... 2 : 313
دوك ... 2 : 314
دول ... 2 : 314
دوم ... 2 : 315
دون ... 2 : 317
دوه ... 2 : 317
دوو ... 2 : 262
دوي ... 2 : 309
ديث ... 2 : 317
دير ... 2 : 318
ديص ... 2 : 317
ديف ... 2 : 318
ديك ... 2 : 318
ديل ... 2 : 318
دين ... 2 : 319
الذال
ذأب ... 2 : 368
ذأر ... 2 : 367
ذأل ... 2 : 369
ذأم ... 2 : 368
ذأي ... 2 : 369
ذبب ... 2 : 348
ذبح ... 2 : 369
ذبل ... 2 : 369
ذحق ... 2 : 370
ذحل ... 2 : 370
ذخر ... 2 : 370
ذرأ ... 2 : 352
ذرب ... 2 : 353
ذرح ... 2 : 354
ذرر ... 2 : 343
ذرع ... 2 : 350
ذرف ... 2 : 351
ذرق ... 2 : 351
ذرو ... 2 : 352
ذعر ... 2 : 355
ذعط ... 2 : 356
ذعع ... 2 : 344
ذعف ... 2 : 355
ذعق ... 2 : 355
ذعلب ... 2 : 371
ذعن ... 2 : 355
ذفر ... 2 : 356
ذفف ... 2 : 344
ذفل ... 2 : 356
ذقن ... 2 : 357
ذكا ... 2 : 357
ذكر ... 2 : 358
ذلعب ... 2 : 371
ذلف ... 2 : 359
ذلق ... 2 : 359
ذلل ... 2 : 345
ذلي ... 2 : 371
ذمر ... 2 : 359
ذمل ... 2 : 360
ذمم ... 2 : 345
ذمه ... 2 : 360
ذمي ... 2 : 359
ذنب ... 2 : 361
ذنن ... 2 : 347
ذهب ... 2 : 362
ذهر ... 2 : 362
ذهل ... 2 : 363
ذهن ... 2 : 363
ذوب ... 2 : 364
ذود ... 2 : 365
ذوق ... 2 : 364
ذوي ... 2 : 363
ذيأ ... 2 : 367
ذيخ ... 2 : 365
ذير ... 2 : 365
ذيع ... 2 : 365
ذيف ... 2 : 366
ذيل ... 2 : 366
ذيم ... 2 : 367
الراء
رأ ... 2 : 381
رأب ... 2 : 473
رأد ... 2 : 470
رأس ... 2 : 471(6/297)
رأف ... 2 : 471
رأل ... 2 : 472
رأم ... 2 : 472
رأي ... 2 : 472
ربأ ... 2 : 483
ربب ... 2 : 381
ربت ... 2 : 473
ربث ... 2 : 473
ربج ... 2 : 474
ربح ... 2 : 474
ربخ ... 2 : 475
ربد ... 2 : 475
ربذ ... 2 : 476
ربس ... 2 : 476
ربص ... 2 : 477
ربض ... 2 : 477
ربط ... 2 : 478
ربع ... 2 : 479
ربغ ... 2 : 481
ربق ... 2 : 481
ربك ... 2 : 482
ربل ... 2 : 482
ربن ... 2 : 482
ربي ... 2 : 483
رتب ... 2 : 486
رتت ... 2 : 384
رتج ... 2 : 485
رتخ ... 2 : 486
رتع ... 2 : 486
رثث ... 2 : 384
رثد ... 2 : 487
رثع ... 2 : 487
رثم ... 2 : 488
رثن ... 2 : 488
رثي ... 2 : 488
رجب ... 2 : 495
رجج ... 2 : 384
رجح ... 2 : 489
رجحن ... 2 : 510
رجد ... 2 : 496
رجز ... 2 : 489
رجس ... 2 : 490
رجع ... 2 : 490
رجف ... 2 : 491
رجل ... 2 : 492
رجم ... 2 : 493
رجن ... 2 : 494
رجي ... 2 : 494
رحب ... 2 : 499
رحح ... 2 : 385
رحض ... 2 : 496
رحق ... 2 : 497
رحل ... 2 : 497
رحم ... 2 : 498
رحي ... 2 : 498
رخخ ... 2 : 386
رخد ... 2 : 502
رخص ... 2 : 500
رخف ... 2 : 500
رخل ... 2 : 500
رخم ... 2 : 500
رخو ... 2 : 501
ردب ... 2 : 508
ردج ... 2 : 507
ردح ... 2 : 508
ردخ ... 2 : 508
ردد ... 2 : 386
ردس ... 2 : 502
ردع ... 2 : 502
ردغ ... 2 : 503
ردف ... 2 : 503
ردك ... 2 : 502
ردم ... 2 : 504
ردن ... 2 : 505
رده ... 2 : 506
ردي ... 2 : 506
رذا ... 2 : 509
رذذ ... 2 : 387
رذل ... 2 : 509
رذم ... 2 : 508
رزأ ... 2 : 390
رزب ... 2 : 390
رزح ... 2 : 391
رزز ... 2 : 372
رزغ ... 2 : 387
رزف ... 2 : 388
رزق ... 2 : 388
رزم ... 2 : 389
رزن ... 2 : 390
رسب ... 2 : 395
رسح ... 2 : 395
رسخ ... 2 : 395
رسس ... 2 : 372
رسع ... 2 : 391
رسغ ... 2 : 391
رسف ... 2 : 392
رسل ... 2 : 392
رسم ... 2 : 393
رسن ... 2 : 394(6/298)
رسي ... 2 : 394
رشأ ... 2 : 397
رشح ... 2 : 397
رشد ... 2 : 398
رشش ... 2 : 373
رشف ... 2 : 395
رشق ... 2 : 396
رشم ... 2 : 396
رشن ... 2 : 396
رشي ... 2 : 397
رصد ... 2 : 400
رصص ... 2 : 374
رصع ... 2 : 398
رصغ ... 2 : 399
رصف ... 2 : 399
رصن ... 2 : 399
رضب ... 2 : 402
رضح ... 2 : 402
رضخ ... 2 : 402
رضض ... 2 : 374
رضع ... 2 : 400
رضف ... 2 : 401
رضم ... 2 : 401
رضن ... 2 : 402
رضي ... 2 : 402
رطب ... 2 : 404
رطط ... 2 : 375
رطع ... 2 : 403
رطل ... 2 : 403
رطم ... 2 : 403
رطن ... 2 : 404
رطو ... 2 : 404
رعب ... 2 : 409
رعبل ... 2 : 509
رعث ... 2 : 410
رعج ... 2 : 411
رعد ... 2 : 411
رعز ... 2 : 412
رعس ... 2 : 412
رعش ... 2 : 412
رعص ... 2 : 412
رعظ ... 2 : 412
رعع ... 2 : 375
رعف ... 2 : 405
رعق ... 2 : 406
رعك ... 2 : 406
رعل ... 2 : 406
رعم ... 2 : 407
رعن ... 2 : 407
رعي ... 2 : 408
رغب ... 2 : 415
رغث ... 2 : 416
رغد ... 2 : 417
رغس ... 2 : 417
رغغ ... 2 : 375
رغف ... 2 : 413
رغل ... 2 : 413
رغم ... 2 : 413
رغن ... 2 : 414
رغو ... 2 : 415
رفأ ... 2 : 420
رفت ... 2 : 420
رفث ... 2 : 421
رفد ... 2 : 421
رفز ... 2 : 422
رفس ... 2 : 422
رفش ... 2 : 422
رفص ... 2 : 422
رفض ... 2 : 422
رفع ... 2 : 423
رفغ ... 2 : 424
رفف ... 2 : 376
رفق ... 2 : 418
رفل ... 2 : 419
رفن ... 2 : 419
رفه ... 2 : 419
رفو ... 2 : 420
رقأ ... 2 : 426
رقب ... 2 : 427
رقح ... 2 : 427
رقد ... 2 : 428
رقش ... 2 : 428
رقص ... 2 : 428
رقط ... 2 : 429
رقع ... 2 : 429
رقق ... 2 : 376
رقل ... 2 : 425
رقم ... 2 : 425
رقن ... 2 : 426
رقي ... 2 : 426
ركب ... 2 : 432
ركح ... 2 : 433
ركد ... 2 : 433
ركز ... 2 : 433
ركس ... 2 : 434
ركض ... 2 : 434
ركع ... 2 : 434
ركك ... 2 : 377
ركل ... 2 : 430(6/299)
ركم ... 2 : 430
ركن ... 2 : 430
ركو ... 2 : 431
رمأ ... 2 : 436
رمث ... 2 : 436
رمج ... 2 : 437
رمح ... 2 : 437
رمخ ... 2 : 437
رمد ... 2 : 438
رمز ... 2 : 439
رمس ... 2 : 439
رمش ... 2 : 439
رمص ... 2 : 439
رمض ... 2 : 440
رمط ... 2 : 440
رمع ... 2 : 441
رمغ ... 2 : 441
رمق ... 2 : 441
رمك ... 2 : 442
رمل ... 2 : 442
رمم ... 2 : 378
رمن ... 2 : 435
رمي ... 2 : 435
رنب ... 2 : 443
رنح ... 2 : 443
رنخ ... 2 : 444
رند ... 2 : 444
رنع ... 2 : 445
رنف ... 2 : 445
رنق ... 2 : 445
رنم ... 2 : 445
رنن ... 2 : 380
رني ... 2 : 443
رهأ ... 2 : 447
رهب ... 2 : 447
رهبل ... 2 : 510
رهج ... 2 : 448
رهد ... 2 : 448
رهز ... 2 : 448
رهس ... 2 : 448
رهش ... 2 : 448
رهص ... 2 : 449
رهط ... 2 : 450
رهق ... 2 : 451
رهك ... 2 : 451
رهل ... 2 : 452
رهم ... 2 : 452
رهن ... 2 : 452
رهه ... 2 : 380
رهو ... 2 : 446
روب ... 2 : 453
روث ... 2 : 454
روج ... 2 : 454
روح ... 2 : 454
رود ... 2 : 457
روز ... 2 : 458
روض ... 2 : 459
روع ... 2 : 459
روغ ... 2 : 460
روق ... 2 : 460
رول ... 2 : 462
روم ... 2 : 462
رون ... 2 : 463
روه ... 2 : 463
روي ... 2 : 453
ريب ... 2 : 463
ريث ... 2 : 464
ريح ... 2 : 464
ريخ ... 2 : 465
ريد ... 2 : 465
رير ... 2 : 465
ريس ... 2 : 465
ريش ... 2 : 466
ريط ... 2 : 467
ريع ... 2 : 467
ريف ... 2 : 468
ريق ... 2 : 468
ريم ... 2 : 469
رين ... 2 : 470
ريه ... 2 : 470
الزاي
زأب ... 3 : 43
زأد ... 3 : 43
زأر ... 3 : 42
زأم ... 3 : 43
زبب ... 3 : 5
زبد ... 3 : 43
زبر ... 3 : 44
زبرج ... 3 : 54
زبع ... 3 : 46
زبق ... 3 : 45
زبل ... 3 : 45
زبن ... 3 : 46
زبنتر ... 3 : 55
زبي ... 3 : 46
زتت ... 3 : 6
زجج ... 3 : 7
زجر ... 3 : 47
زجل ... 3 : 47
زجم ... 3 : 48
زجي ... 3 : 48(6/300)
زحح ... 3 : 7
زحر ... 3 : 49
زحف ... 3 : 49
زحل ... 3 : 49
زحم ... 3 : 49
زحن ... 3 : 49
زخخ ... 3 : 7
زخر ... 3 : 50
زخرط ... 3 : 55
زخرف ... 3 : 55
زرأم ... 3 : 54
زرب ... 3 : 51
زرجن ... 3 : 53
زرح ... 3 : 52
زرد ... 3 : 52
زردم ... 3 : 54
زرر ... 3 : 7
زرع ... 3 : 50
زرف ... 3 : 51
زرقم ... 3 : 52
زرم ... 3 : 51
زرنب ... 3 : 55
زري ... 3 : 52
زطط ... 3 : 3
زعب ... 3 : 11
زعبج ... 3 : 54
زعج ... 3 : 12
زعر ... 3 : 12
زعرر ... 3 : 53
زعع ... 3 : 3
زعف ... 3 : 8
زعفق ... 3 : 54
زعق ... 3 : 8
زعك ... 3 : 9
زعل ... 3 : 9
زعم ... 3 : 10
زعنف ... 3 : 54
زغب ... 3 : 13
زغبد ... 3 : 54
زغد ... 3 : 13
زغدب ... 3 : 54
زغر ... 3 : 13
زغرب ... 3 : 54
زغغ ... 3 : 3
زغف ... 3 : 12
زغل ... 3 : 12
زغم ... 3 : 13
زفت ... 3 : 15
زفر ... 3 : 14
زفف ... 3 : 4
زفل ... 3 : 15
زفن ... 3 : 14
زفي ... 3 : 14
زقب ... 3 : 16
زقق ... 3 : 4
زقل ... 3 : 16
زقم ... 3 : 16
زقن ... 3 : 16
زقو ... 3 : 16
زكت ... 3 : 18
زكر ... 3 : 18
زكل ... 3 : 17
زكم ... 3 : 17
زكن ... 3 : 17
زكي ... 3 : 17
زلج ... 3 : 19
زلح ... 3 : 19
زلخ ... 3 : 20
زلع ... 3 : 20
زلعب ... 3 : 53
زلغب ... 3 : 53
زلف ... 3 : 21
زلق ... 3 : 21
زلقم ... 3 : 53
زلل ... 3 : 4
زلم ... 3 : 18
زمت ... 3 : 23
زمج ... 3 : 23
زمجر ... 3 : 53
زمح ... 3 : 23
زمخ ... 3 : 23
زمخر ... 3 : 55
زمر ... 3 : 23
زمع ... 3 : 24
زمق ... 3 : 25
زمك ... 3 : 25
زمل ... 3 : 25
زملق ... 3 : 52
زمم ... 3 : 5
زمن ... 3 : 22
زمهر ... 3 : 53
زمهر ... 3 : 55
زنتر ... 3 : 54
زنج ... 3 : 27
زنح ... 3 : 27
زند ... 3 : 27
زنر ... 3 : 28
زنق ... 3 : 28
زنك ... 3 : 29
زنم ... 3 : 29
زنن ... 3 : 5
زني ... 3 : 26
زهد ... 3 : 30
زهر ... 3 : 31
زهف ... 3 : 33
زهق ... 3 : 32(6/301)
زهك ... 3 : 33
زهل ... 3 : 33
زهلق ... 3 : 53
زهم ... 3 : 31
زهمق ... 3 : 52
زهو ... 3 : 29
زوج ... 3 : 35
زوح ... 3 : 35
زود ... 3 : 36
زور ... 3 : 36
زوع ... 3 : 37
زوف ... 3 : 37
زوق ... 3 : 37
زوك ... 3 : 37
زول ... 3 : 38
زون ... 3 : 38
زوي ... 3 : 34
زيب ... 3 : 39
زيت ... 3 : 39
زيج ... 3 : 40
زيح ... 3 : 39
زيد ... 3 : 40
زير ... 3 : 40
زيغ ... 3 : 40
زيف ... 3 : 42
زيل ... 3 : 41
زيم ... 3 : 41
زين ... 3 : 41
السين
سأب ... 3 : 123
سأد ... 3 : 123
سأل ... 3 : 124
سأو ... 3 : 124
سبب ... 3 : 63
سبت ... 3 : 124
سبج ... 3 : 125
سبح ... 3 : 125
سبخ ... 3 : 126
سبد ... 3 : 126
سبر ... 3 : 127
سبرت ... 3 : 162
سبط ... 3 : 128
سبع ... 3 : 128
سبغ ... 3 : 129
سبغل ... 3 : 160
سبق ... 3 : 129
سبك ... 3 : 129
سبكر ... 3 : 163
سبل ... 3 : 129
سبنت ... 3 : 161
سبند ... 3 : 161
سبه ... 3 : 130
سبي ... 3 : 130
ستت ... 3 : 64
ستر ... 3 : 132
ستن ... 3 : 132
سجج ... 3 : 64
سجح ... 3 : 133
سجد ... 3 : 133
سجر ... 3 : 134
سجع ... 3 : 135
سجف ... 3 : 136
سجل ... 3 : 136
سجلط ... 3 : 162
سجم ... 3 : 136
سجن ... 3 : 137
سجنجل ... 3 : 162
سجهر ... 3 : 162
سجو ... 3 : 137
سحب ... 3 : 142
سحبل ... 3 : 158
سحت ... 3 : 143
سحج ... 3 : 143
سحح ... 3 : 65
سحر ... 3 : 138
سحط ... 3 : 138
سحف ... 3 : 139
سحفر ... 3 : 161
سحق ... 3 : 139
سحكك ... 3 : 161
سحل ... 3 : 140
سحم ... 3 : 141
سحن ... 3 : 141
سحو ... 3 : 142
سخب ... 3 : 147
سخبر ... 3 : 161
سخت ... 3 : 147
سخخ ... 3 : 66
سخد ... 3 : 144
سخر ... 3 : 144
سخف ... 3 : 144
سخل ... 3 : 145
سخم ... 3 : 145
سخن ... 3 : 146
سخي ... 3 : 146
سدج ... 3 : 151
سدح ... 3 : 151
سدخ ... 3 : 152
سدد ... 3 : 66
سدر ... 3 : 148
سدس ... 3 : 149(6/302)
سدع ... 3 : 148
سدف ... 3 : 148
سدك ... 3 : 149
سدل ... 3 : 149
سدم ... 3 : 149
سدن ... 3 : 150
سدو ... 3 : 150
سرب ... 3 : 155
سربخ ... 3 : 162
سربل ... 3 : 162
سرج ... 3 : 156
سرح ... 3 : 157
سرحب ... 3 : 158
سرد ... 3 : 157
سردج ... 3 : 163
سردح ... 3 : 159
سردق ... 3 : 162
سرر ... 3 : 67
سرط ... 3 : 152
سرطم ... 3 : 160
سرع ... 3 : 152
سرعف ... 3 : 161
سرف ... 3 : 153
سرق ... 3 : 154
سرمد ... 3 : 160
سرمط ... 3 : 161
سرند ... 3 : 162
سرهد ... 3 : 161
سرهف ... 3 : 161
سرو ... 3 : 154
سطا ... 3 : 71
سطح ... 3 : 72
سطر ... 3 : 72
سطع ... 3 : 70
سطل ... 3 : 71
سطم ... 3 : 71
سطن ... 3 : 71
سعد ... 3 : 75
سعر ... 3 : 75
سعط ... 3 : 77
سعع ... 3 : 57
سعف ... 3 : 73
سعل ... 3 : 73
سعم ... 3 : 74
سعن ... 3 : 74
سعو ... 3 : 74
سغب ... 3 : 77
سغغ ... 3 : 57
سغل ... 3 : 77
سغم ... 3 : 77
سفح ... 3 : 81
سفد ... 3 : 81
سفر ... 3 : 82
سفسر ... 3 : 162
سفط ... 3 : 83
سفع ... 3 : 83
سفف ... 3 : 57
سفق ... 3 : 78
سفك ... 3 : 78
سفل ... 3 : 78
سفن ... 3 : 78
سفنج ... 3 : 161
سفه ... 3 : 79
سفو ... 3 : 80
سقب ... 3 : 85
سقر ... 3 : 86
سقط ... 3 : 86
سقع ... 3 : 87
سقف ... 3 : 87
سقل ... 3 : 84
سقم ... 3 : 84
سقي ... 3 : 84
سكب ... 3 : 88
سكت ... 3 : 89
سكر ... 3 : 89
سكف ... 3 : 90
سكك ... 3 : 58
سكم ... 3 : 88
سكن ... 3 : 88
سلب ... 3 : 92
سلت ... 3 : 93
سلتم ... 3 : 161
سلج ... 3 : 93
سلجم ... 3 : 161
سلح ... 3 : 94
سلحب ... 3 : 162
سلخ ... 3 : 94
سلس ... 3 : 94
سلط ... 3 : 95
سلطح ... 3 : 159
سلع ... 3 : 95
سلغ ... 3 : 95
سلف ... 3 : 95
سلفع ... 3 : 160
سلق ... 3 : 96
سلقع ... 3 : 160
سلك ... 3 : 97
سلل ... 3 : 59
سلم ... 3 : 90
سلهب ... 3 : 159
سلهم ... 3 : 159
سلو ... 3 : 91(6/303)
سلي ... 3 : 91
سمت ... 3 : 99
سمج ... 3 : 99
سمح ... 3 : 99
سمحج ... 3 : 162
سمحق ... 3 : 161
سمخ ... 3 : 100
سمد ... 3 : 100
سمدر ... 3 : 158
سمر ... 3 : 100
سمسق ... 3 : 161
سمط ... 3 : 101
سمع ... 3 : 102
سمغد ... 3 : 162
سمق ... 3 : 102
سمقر ... 3 : 158
سمك ... 3 : 102
سمل ... 3 : 102
سملخ ... 3 : 161
سملق ... 3 : 160
سمم ... 3 : 62
سمن ... 3 : 97
سمه ... 3 : 98
سمهد ... 3 : 159
سمهدر ... 3 : 162
سمهر ... 3 : 159
سمهر ... 3 : 161
سمهر ... 3 : 162
سمو ... 3 : 98
سنب ... 3 : 104
سنت ... 3 : 104
سنج ... 3 : 104
سنح ... 3 : 104
سنخ ... 3 : 105
سند ... 3 : 105
سندأ ... 3 : 162
سنط ... 3 : 106
سنع ... 3 : 106
سنف ... 3 : 106
سنق ... 3 : 107
سنم ... 3 : 107
سنن ... 3 : 60
سنه ... 3 : 103
سني ... 3 : 103
سنور ... 3 : 160
سهب ... 3 : 107
سهج ... 3 : 108
سهد ... 3 : 108
سهر ... 3 : 108
سهف ... 3 : 109
سهق ... 3 : 110
سهك ... 3 : 110
سهل ... 3 : 110
سهم ... 3 : 111
سهو ... 3 : 107
سوأ ... 3 : 113
سوح ... 3 : 113
سوخ ... 3 : 114
سود ... 3 : 114
سوذق ... 3 : 162
سور ... 3 : 115
سوس ... 3 : 119
سوط ... 3 : 115
سوع ... 3 : 116
سوغ ... 3 : 116
سوف ... 3 : 116
سوق ... 3 : 117
سوك ... 3 : 117
سول ... 3 : 118
سوم ... 3 : 118
سوي ... 3 : 112
سيب ... 3 : 119
سيح ... 3 : 120
سيد ... 3 : 120
سير ... 3 : 120
سيع ... 3 : 121
سيف ... 3 : 121
سيل ... 3 : 122
الشين
شأت ... 3 : 237
شأز ... 3 : 237
شأس ... 3 : 237
شأف ... 3 : 238
شأم ... 3 : 239
شأن ... 3 : 238
شأو ... 3 : 238
شأي ... 3 : 239
شبب ... 3 : 177
شبث ... 3 : 239
شبح ... 3 : 240
شبر ... 3 : 240
شبرق ... 3 : 272
شبرم ... 3 : 274
شبص ... 3 : 241
شبع ... 3 : 241
شبق ... 3 : 242
شبك ... 3 : 242
شبل ... 3 : 242
شبم ... 3 : 242(6/304)
شبه ... 3 : 243
شبو ... 3 : 243
شتت ... 3 : 177
شتر ... 3 : 244
شتم ... 3 : 244
شتو ... 3 : 245
شثث ... 3 : 178
شثن ... 3 : 245
شجب ... 3 : 249
شجج ... 3 : 178
شجذ ... 3 : 245
شجر ... 3 : 246
شجع ... 3 : 247
شجن ... 3 : 248
شجو ... 3 : 249
شجي ... 3 : 249
شحب ... 3 : 252
شحج ... 3 : 253
شحح ... 3 : 178
شحذ ... 3 : 250
شحر ... 3 : 250
شحص ... 3 : 250
شحط ... 3 : 251
شحم ... 3 : 251
شحن ... 3 : 251
شحو ... 3 : 252
شحي ... 3 : 252
شخب ... 3 : 255
شخت ... 3 : 255
شخخ ... 3 : 179
شخر ... 3 : 253
شخز ... 3 : 253
شخس ... 3 : 254
شخص ... 3 : 254
شخل ... 3 : 254
شخم ... 3 : 255
شدح ... 3 : 256
شدخ ... 3 : 256
شدد ... 3 : 179
شدف ... 3 : 255
شدق ... 3 : 255
شدن ... 3 : 256
شده ... 3 : 256
شدو ... 3 : 256
شذب ... 3 : 258
شذذ ... 3 : 180
شذر ... 3 : 257
شذم ... 3 : 257
شذي ... 3 : 258
شرب ... 3 : 267
شرث ... 3 : 268
شرج ... 3 : 268
شرجب ... 3 : 272
شرح ... 3 : 269
شرخ ... 3 : 269
شرد ... 3 : 269
شرذم ... 3 : 273
شرر ... 3 : 180
شرز ... 3 : 259
شرس ... 3 : 259
شرسف ... 3 : 273
شرص ... 3 : 259
شرط ... 3 : 260
شرع ... 3 : 262
شرف ... 3 : 263
شرق ... 3 : 264
شرك ... 3 : 265
شرم ... 3 : 265
شرنبث ... 3 : 273
شري ... 3 : 266
شزب ... 3 : 270
شزر ... 3 : 271
شزز ... 3 : 182
شزغ ... 3 : 270
شزن ... 3 : 270
شسب ... 3 : 272
شسس ... 3 : 182
شسع ... 3 : 271
شسف ... 3 : 271
شصب ... 3 : 182
شصر ... 3 : 183
شصص ... 3 : 165
شطأ ... 3 : 185
شطب ... 3 : 185
شطر ... 3 : 186
شطط ... 3 : 165
شطن ... 3 : 183
شظظ ... 3 : 166
شظف ... 3 : 188
شظم ... 3 : 188
شظي ... 3 : 189
شعب ... 3 : 190
شعث ... 3 : 192
شعذ ... 3 : 193
شعر ... 3 : 193
شعع ... 3 : 167
شعف ... 3 : 189
شعل ... 3 : 189
شعن ... 3 : 190(6/305)
شعي ... 3 : 190
شغب ... 3 : 196
شغر ... 3 : 196
شغغ ... 3 : 168
شغف ... 3 : 195
شغل ... 3 : 195
شغم ... 3 : 195
شغن ... 3 : 195
شغو ... 3 : 196
شفر ... 3 : 200
شفع ... 3 : 201
شفف ... 3 : 169
شفق ... 3 : 197
شفلح ... 3 : 272
شفن ... 3 : 198
شفي ... 3 : 199
شقب ... 3 : 202
شقح ... 3 : 202
شقذ ... 3 : 202
شقر ... 3 : 203
شقص ... 3 : 204
شقع ... 3 : 204
شقق ... 3 : 170
شقل ... 3 : 201
شقن ... 3 : 202
شقو ... 3 : 202
شكد ... 3 : 207
شكر ... 3 : 207
شكع ... 3 : 208
شكك ... 3 : 173
شكل ... 3 : 204
شكم ... 3 : 206
شكه ... 3 : 207
شكو ... 3 : 207
شلح ... 3 : 210
شلل ... 3 : 174
شلو ... 3 : 209
شمت ... 3 : 210
شمج ... 3 : 211
شمخ ... 3 : 212
شمذر ... 3 : 273
شمر ... 3 : 212
شمرج ... 3 : 272
شمرخ ... 3 : 273
شمردل ... 3 : 274
شمس ... 3 : 212
شمص ... 3 : 213
شمصر ... 3 : 274
شمط ... 3 : 214
شمع ... 3 : 214
شمق ... 3 : 215
شمل ... 3 : 215
شمم ... 3 : 175
شنأ ... 3 : 217
شنب ... 3 : 217
شنتر ... 3 : 274
شنث ... 3 : 218
شنج ... 3 : 218
شنح ... 3 : 218
شنذر ... 3 : 273
شنص ... 3 : 218
شنظر ... 3 : 273
شنع ... 3 : 218
شنعف ... 3 : 273
شنف ... 3 : 219
شنق ... 3 : 219
شنن ... 3 : 176
شهب ... 3 : 220
شهد ... 3 : 221
شهر ... 3 : 222
شهق ... 3 : 222
شهل ... 3 : 223
شهم ... 3 : 223
شهو ... 3 : 220
شوب ... 3 : 225
شوذ ... 3 : 225
شور ... 3 : 226
شوس ... 3 : 227
شوص ... 3 : 227
شوط ... 3 : 228
شوظ ... 3 : 228
شوع ... 3 : 228
شوف ... 3 : 228
شوق ... 3 : 229
شوقب ... 3 : 272
شوك ... 3 : 229
شول ... 3 : 230
شوه ... 3 : 231
شوي ... 3 : 224
شيأ ... 3 : 231
شيب ... 3 : 232
شيح ... 3 : 233
شيخ ... 3 : 234
شيد ... 3 : 234
شيص ... 3 : 234
شيط ... 3 : 234
شيع ... 3 : 235
شيق ... 3 : 236
شيم ... 3 : 236(6/306)
شين ... 3 : 237
الصاد
صأ ... 3 : 280
صبب ... 3 : 280
صبح ... 3 : 328
صبر ... 3 : 329
صبع ... 3 : 330
صبغ ... 3 : 331
صبي ... 3 : 331
صتت ... 3 : 281
صتع ... 3 : 332
صتم ... 3 : 333
صحب ... 3 : 335
صحح ... 3 : 281
صحر ... 3 : 333
صحف ... 3 : 334
صحل ... 3 : 334
صحم ... 3 : 334
صحن ... 3 : 335
صحو ... 3 : 335
صخب ... 3 : 336
صخخ ... 3 : 281
صخد ... 3 : 336
صخر ... 3 : 336
صخم ... 3 : 336
صخي ... 3 : 336
صدح ... 3 : 341
صدد ... 3 : 282
صدر ... 3 : 337
صدع ... 3 : 337
صدغ ... 3 : 338
صدف ... 3 : 338
صدق ... 3 : 339
صدم ... 3 : 340
صدن ... 3 : 340
صدي ... 3 : 340
صرب ... 3 : 347
صرح ... 3 : 347
صرخ ... 3 : 348
صرد ... 3 : 348
صردح ... 3 : 350
صرر ... 3 : 282
صرط ... 3 : 349
صرع ... 3 : 342
صرف ... 3 : 342
صرم ... 3 : 344
صري ... 3 : 346
صعب ... 3 : 286
صعد ... 3 : 287
صعر ... 3 : 288
صعع ... 3 : 275
صعف ... 3 : 285
صعفق ... 3 : 353
صعق ... 3 : 285
صعل ... 3 : 286
صعن ... 3 : 286
صعنب ... 3 : 349
صعنب ... 3 : 351
صعو ... 3 : 286
صغر ... 3 : 290
صغل ... 3 : 290
صغو ... 3 : 289
صغي ... 3 : 289
صفح ... 3 : 293
صفد ... 3 : 293
صفر ... 3 : 294
صفرت ... 3 : 351
صفع ... 3 : 295
صفف ... 3 : 275
صفق ... 3 : 290
صفن ... 3 : 291
صفو ... 3 : 292
صقب ... 3 : 296
صقر ... 3 : 297
صقع ... 3 : 297
صقعب ... 3 : 352
صقعل ... 3 : 352
صقل ... 3 : 296
صكك ... 3 : 276
صكم ... 3 : 299
صلب ... 3 : 301
صلت ... 3 : 302
صلج ... 3 : 303
صلح ... 3 : 303
صلخ ... 3 : 303
صلخد ... 3 : 350
صلد ... 3 : 303
صلدم ... 3 : 352
صلع ... 3 : 304
صلغ ... 3 : 305
صلف ... 3 : 305
صلفع ... 3 : 350
صلق ... 3 : 306
صلقم ... 3 : 350
صلل ... 3 : 276
صلم ... 3 : 299
صلمع ... 3 : 350
صلهب ... 3 : 352
صلي ... 3 : 300(6/307)
صمأل ... 3 : 351
صمت ... 3 : 308
صمج ... 3 : 309
صمح ... 3 : 309
صمخ ... 3 : 309
صمد ... 3 : 309
صمر ... 3 : 310
صمرد ... 3 : 351
صمع ... 3 : 310
صمعد ... 3 : 350
صمعر ... 3 : 351
صمغ ... 3 : 311
صمقر ... 3 : 349
صمك ... 3 : 311
صمل ... 3 : 311
صملخ ... 3 : 352
صملك ... 3 : 351
صمم ... 3 : 277
صمي ... 3 : 308
صنبر ... 3 : 353
صنتت ... 3 : 352
صنج ... 3 : 314
صند ... 3 : 312
صنر ... 3 : 312
صنع ... 3 : 313
صنف ... 3 : 313
صنق ... 3 : 314
صنم ... 3 : 314
صنن ... 3 : 279
صنو ... 3 : 312
صه ... 3 : 279
صهب ... 3 : 316
صهد ... 3 : 315
صهر ... 3 : 315
صهصلق ... 3 : 351
صهل ... 3 : 316
صهم ... 3 : 316
صهو ... 3 : 314
صوب ... 3 : 317
صوت ... 3 : 318
صوح ... 3 : 319
صور ... 3 : 319
صوع ... 3 : 321
صوغ ... 3 : 321
صوف ... 3 : 322
صوك ... 3 : 323
صول ... 3 : 322
صوم ... 3 : 323
صون ... 3 : 324
صوي ... 3 : 317
صيأ ... 3 : 324
صيح ... 3 : 324
صيخ ... 3 : 325
صيد ... 3 : 325
صير ... 3 : 325
صيف ... 3 : 326
صيق ... 3 : 327
صيك ... 3 : 327
صيي ... 3 : 279
الضاد
ضأ ... 3 : 357
ضأبل ... 3 : 403
ضأد ... 3 : 384
ضأل ... 3 : 384
ضأن ... 3 : 384
ضبأ ... 3 : 389
ضبأك ... 3 : 403
ضبب ... 3 : 357
ضبث ... 3 : 384
ضبثم ... 3 : 401
ضبح ... 3 : 385
ضبد ... 3 : 385
ضبر ... 3 : 386
ضبرك ... 3 : 401
ضبرم ... 3 : 401
ضبز ... 3 : 386
ضبس ... 3 : 386
ضبط ... 3 : 386
ضبطر ... 3 : 401
ضبع ... 3 : 387
ضبغط ... 3 : 401
ضبن ... 3 : 388
ضبنط ... 3 : 402
ضجج ... 3 : 359
ضجر ... 3 : 390
ضجع ... 3 : 390
ضجم ... 3 : 391
ضجن ... 3 : 391
ضحح ... 3 : 359
ضحك ... 3 : 393
ضحل ... 3 : 391
ضحي ... 3 : 391
ضخخ ... 3 : 360
ضخم ... 3 : 394
ضدد ... 3 : 360
ضرب ... 3 : 397
ضرج ... 3 : 399
ضرح ... 3 : 400
ضرر ... 3 : 360(6/308)
ضرز ... 3 : 395
ضرزم ... 3 : 401
ضرس ... 3 : 395
ضرسم ... 3 : 402
ضرع ... 3 : 395
ضرغط ... 3 : 402
ضرغم ... 3 : 401
ضرف ... 3 : 396
ضرك ... 3 : 396
ضرم ... 3 : 396
ضري ... 3 : 397
ضزز ... 3 : 361
ضزن ... 3 : 400
ضطر ... 3 : 361
ضعس ... 3 : 363
ضعع ... 3 : 355
ضعف ... 3 : 362
ضعو ... 3 : 362
ضغب ... 3 : 363
ضغبس ... 3 : 402
ضغت ... 3 : 363
ضغث ... 3 : 363
ضغز ... 3 : 365
ضغط ... 3 : 364
ضغغ ... 3 : 355
ضغم ... 3 : 363
ضغن ... 3 : 364
ضفأد ... 3 : 403
ضفدع ... 3 : 402
ضفر ... 3 : 366
ضفز ... 3 : 367
ضفس ... 3 : 367
ضفط ... 3 : 367
ضفع ... 3 : 367
ضفف ... 3 : 355
ضفن ... 3 : 365
ضفندد ... 3 : 401
ضفو ... 3 : 366
ضكع ... 3 : 368
ضكك ... 3 : 356
ضكل ... 3 : 368
ضلع ... 3 : 368
ضلل ... 3 : 356
ضمأك ... 3 : 403
ضمج ... 3 : 373
ضمحل ... 3 : 402
ضمد ... 3 : 370
ضمر ... 3 : 371
ضمز ... 3 : 371
ضمس ... 3 : 372
ضمعج ... 3 : 402
ضمم ... 3 : 357
ضمن ... 3 : 372
ضنط ... 3 : 373
ضنك ... 3 : 373
ضنن ... 3 : 357
ضني ... 3 : 373
ضهب ... 3 : 374
ضهد ... 3 : 375
ضهر ... 3 : 374
ضهس ... 3 : 375
ضهل ... 3 : 375
ضهي ... 3 : 374
ضوأ ... 3 : 375
ضوب ... 3 : 379
ضوج ... 3 : 377
ضور ... 3 : 378
ضوز ... 3 : 378
ضوض ... 3 : 378
ضوط ... 3 : 378
ضوع ... 3 : 377
ضون ... 3 : 378
ضوي ... 3 : 376
ضيح ... 3 : 379
ضير ... 3 : 379
ضيز ... 3 : 379
ضيع ... 3 : 380
ضيف ... 3 : 380
ضيق ... 3 : 383
ضيك ... 3 : 383
ضيل ... 3 : 379
ضيم ... 3 : 383
الطاء
طأ ... 3 : 407
طبب ... 3 : 407
طبخ ... 3 : 437
طبس ... 3 : 438
طبع ... 3 : 438
طبق ... 3 : 439
طبل ... 3 : 440
طبن ... 3 : 441
طبي ... 3 : 441
طثث ... 3 : 408
طثر ... 3 : 442
طثرج ... 3 : 459
طجن ... 3 : 443
طحح ... 3 : 408
طحر ... 3 : 443
طحرب ... 3 : 458(6/309)
طحل ... 3 : 444
طحلب ... 3 : 457
طحم ... 3 : 444
طحمر ... 3 : 457
طحن ... 3 : 444
طحو ... 3 : 445
طخخ ... 3 : 408
طخر ... 3 : 446
طخف ... 3 : 446
طخم ... 3 : 446
طخي ... 3 : 446
طرب ... 3 : 454
طربل ... 3 : 459
طرث ... 3 : 455
طرح ... 3 : 455
طرخم ... 3 : 459
طرد ... 3 : 455
طرر ... 3 : 409
طرز ... 3 : 446
طرس ... 3 : 447
طرسم ... 3 : 458
طرش ... 3 : 447
طرط ... 3 : 447
طرف ... 3 : 447
طرفس ... 3 : 458
طرفش ... 3 : 457
طرق ... 3 : 449
طرم ... 3 : 453
طرمح ... 3 : 457
طرمس ... 3 : 459
طرهم ... 3 : 458
طري ... 3 : 454
طزع ... 3 : 456
طسأ ... 3 : 457
طست ... 3 : 456
طسس ... 3 : 410
طسل ... 3 : 457
طسم ... 3 : 457
طشش ... 3 : 410
طع ... 3 : 405
طعم ... 3 : 410
طعن ... 3 : 412
طغم ... 3 : 413
طغي ... 3 : 412
طفح ... 3 : 415
طفر ... 3 : 415
طفس ... 3 : 415
طفف ... 3 : 405
طفق ... 3 : 413
طفل ... 3 : 413
طفن ... 3 : 415
طفنش ... 3 : 458
طفو ... 3 : 414
طلب ... 3 : 417
طلح ... 3 : 418
طلخ ... 3 : 418
طلخف ... 3 : 458
طلخم ... 3 : 458
طلخم ... 3 : 459
طلس ... 3 : 418
طلسم ... 3 : 459
طلع ... 3 : 419
طلف ... 3 : 420
طلق ... 3 : 420
طلل ... 3 : 405
طلم ... 3 : 415
طلنفح ... 3 : 457
طله ... 3 : 416
طلي ... 3 : 416
طمث ... 3 : 422
طمح ... 3 : 423
طمر ... 3 : 423
طمرس ... 3 : 459
طمس ... 3 : 424
طمش ... 3 : 424
طمع ... 3 : 425
طمل ... 3 : 425
طملس ... 3 : 458
طمم ... 3 : 406
طمن ... 3 : 422
طمي ... 3 : 422
طنب ... 3 : 426
طنخ ... 3 : 426
طنف ... 3 : 426
طنن ... 3 : 407
طني ... 3 : 425
طه ... 3 : 407
طهر ... 3 : 428
طهش ... 3 : 428
طهف ... 3 : 428
طهل ... 3 : 428
طهم ... 3 : 429
طهي ... 3 : 427
طوب ... 3 : 430
طوح ... 3 : 430
طود ... 3 : 430
طور ... 3 : 430
طوس ... 3 : 431(6/310)
طوط ... 3 : 434
طوع ... 3 : 431
طوف ... 3 : 432
طوق ... 3 : 433
طول ... 3 : 433
طوي ... 3 : 429
طيب ... 3 : 435
طيخ ... 3 : 435
طير ... 3 : 435
طيس ... 3 : 436
طيش ... 3 : 437
طين ... 3 : 437
الظاء
ظأب ... 3 : 473
ظأر ... 3 : 473
ظأم ... 3 : 473
ظبب ... 3 : 463
ظبي ... 3 : 474
ظرب ... 3 : 475
ظرر ... 3 : 464
ظرف ... 3 : 474
ظعن ... 3 : 465
ظفر ... 3 : 465
ظلع ... 3 : 467
ظلف ... 3 : 467
ظلل ... 3 : 461
ظلم ... 3 : 468
ظما ... 3 : 470
ظنب ... 3 : 470
ظنن ... 3 : 462
ظهر ... 3 : 471
العين
عبأ ... 4 : 215
عبب ... 4 : 24
عبث ... 4 : 205
عبج ... 4 : 205
عبد ... 4 : 205
عبر ... 4 : 207
عبس ... 4 : 210
عبسر ... 4 : 367
عبط ... 4 : 211
عبق ... 4 : 212
عبك ... 4 : 213
عبل ... 4 : 214
عبم ... 4 : 215
عبن ... 4 : 215
عبهر ... 4 : 358
عبهل ... 4 : 357
عتب ... 4 : 225
عتت ... 4 : 25
عتد ... 4 : 216
عتر ... 4 : 217
عترس ... 4 : 366
عتق ... 4 : 219
عتك ... 4 : 222
عتل ... 4 : 223
عتم ... 4 : 224
عتو ... 4 : 225
عثث ... 4 : 26
عثجل ... 4 : 364
عثر ... 4 : 228
عثل ... 4 : 229
عثم ... 4 : 229
عثن ... 4 : 230
عثي ... 4 : 230
عجب ... 4 : 243
عجج ... 4 : 27
عجد ... 4 : 231
عجر ... 4 : 231
عجرد ... 4 : 364
عجرد ... 4 : 373
عجرف ... 4 : 365
عجرم ... 4 : 365
عجز ... 4 : 232
عجس ... 4 : 234
عجف ... 4 : 236
عجل ... 4 : 237
عجلد ... 4 : 362
عجلز ... 4 : 364
عجلط ... 4 : 363
عجم ... 4 : 239
عجن ... 4 : 241
عجنجر ... 4 : 364
عجنس ... 4 : 363
عجي ... 4 : 242
عدب ... 4 : 252
عدد ... 4 : 29
عدر ... 4 : 245
عدس ... 4 : 245
عدف ... 4 : 245
عدق ... 4 : 246
عدك ... 4 : 246(6/311)
عدل ... 4 : 246
عدم ... 4 : 248
عدن ... 4 : 248
عدو ... 4 : 249
عذب ... 4 : 259
عذر ... 4 : 253
عذق ... 4 : 257
عذل ... 4 : 257
عذم ... 4 : 258
عذي ... 4 : 258
عرب ... 4 : 299
عربس ... 4 : 367
عرت ... 4 : 302
عرث ... 4 : 302
عرج ... 4 : 302
عرد ... 4 : 304
عردد ... 4 : 371
عرر ... 4 : 32
عرز ... 4 : 261
عرزل ... 4 : 369
عرزم ... 4 : 368
عرس ... 4 : 261
عرش ... 4 : 264
عرص ... 4 : 267
عرصف ... 4 : 370
عرصم ... 4 : 370
عرض ... 4 : 269
عرف ... 4 : 281
عرق ... 4 : 283
عرقب ... 4 : 359
عرك ... 4 : 289
عركس ... 4 : 361
عرم ... 4 : 292
عرمرم ... 4 : 373
عرمس ... 4 : 367
عرن ... 4 : 294
عرندس ... 4 : 373
عرهم ... 4 : 358
عرو ... 4 : 295
عري ... 4 : 295
عزب ... 4 : 310
عزر ... 4 : 311
عزز ... 4 : 38
عزف ... 4 : 306
عزق ... 4 : 306
عزل ... 4 : 307
عزم ... 4 : 308
عزهل ... 4 : 357
عزو ... 4 : 309
عزي ... 4 : 309
عسب ... 4 : 317
عسج ... 4 : 319
عسجر ... 4 : 363
عسد ... 4 : 319
عسر ... 4 : 319
عسس ... 4 : 42
عسف ... 4 : 311
عسق ... 4 : 312
عسقل ... 4 : 359
عسك ... 4 : 313
عسل ... 4 : 313
عسلق ... 4 : 359
عسم ... 4 : 315
عسن ... 4 : 316
عسو ... 4 : 316
عسي ... 4 : 316
عشب ... 4 : 323
عشر ... 4 : 324
عشز ... 4 : 327
عشزر ... 4 : 363
عشزن ... 4 : 363
عشش ... 4 : 44
عشط ... 4 : 327
عشق ... 4 : 321
عشك ... 4 : 321
عشم ... 4 : 321
عشنط ... 4 : 363
عشنق ... 4 : 359
عشو ... 4 : 322
عصب ... 4 : 336
عصر ... 4 : 340
عصص ... 4 : 47
عصف ... 4 : 328
عصفر ... 4 : 369
عصل ... 4 : 329
عصلب ... 4 : 370
عصم ... 4 : 331(6/312)
عصو ... 4 : 334
عصي ... 4 : 334
عضب ... 4 : 347
عضد ... 4 : 348
عضر ... 4 : 348
عضض ... 4 : 48
عضل ... 4 : 345
عضم ... 4 : 346
عضنك ... 4 : 360
عضو ... 4 : 347
عطب ... 4 : 354
عطبل ... 4 : 365
عطد ... 4 : 354
عطر ... 4 : 354
عطس ... 4 : 354
عطش ... 4 : 355
عطط ... 4 : 51
عطف ... 4 : 351
عطل ... 4 : 351
عطن ... 4 : 352
عطو ... 4 : 353
عظب ... 4 : 356
عظظ ... 4 : 52
عظل ... 4 : 356
عظم ... 4 : 355
عفت ... 4 : 62
عفج ... 4 : 62
عفر ... 4 : 62
عفر ... 4 : 371
عفز ... 4 : 68
عفس ... 4 : 68
عفص ... 4 : 69
عفضج ... 4 : 362
عفط ... 4 : 69
عفف ... 4 : 3
عفق ... 4 : 53
عفك ... 4 : 55
عفل ... 4 : 56
عفلق ... 4 : 360
عفن ... 4 : 56
عفهم ... 4 : 358
عفو ... 4 : 56
عقب ... 4 : 77
عقبل ... 4 : 360
عقد ... 4 : 86
عقر ... 4 : 90
عقرب ... 4 : 360
عقز ... 4 : 96
عقص ... 4 : 96
عقف ... 4 : 98
عقفر ... 4 : 372
عقق ... 4 : 3
عقل ... 4 : 69
عقم ... 4 : 75
عقنب ... 4 : 372
عقو ... 4 : 77
عكب ... 4 : 103
عكبر ... 4 : 362
عكد ... 4 : 105
عكر ... 4 : 105
عكركر ... 4 : 362
عكز ... 4 : 107
عكس ... 4 : 107
عكش ... 4 : 107
عكص ... 4 : 108
عكف ... 4 : 108
عكك ... 4 : 9
عكل ... 4 : 99
عكم ... 4 : 100
عكمس ... 4 : 361
عكن ... 4 : 102
عكو ... 4 : 103
علب ... 4 : 120
علث ... 4 : 121
علج ... 4 : 121
علجم ... 4 : 365
علد ... 4 : 123
علز ... 4 : 123
علس ... 4 : 123
علش ... 4 : 124
علص ... 4 : 124
علط ... 4 : 124
علطميس ... 4 : 372
علف ... 4 : 125
علق ... 4 : 125
علك ... 4 : 132
علكد ... 4 : 361
علكس ... 4 : 361
علكم ... 4 : 362(6/313)
علل ... 4 : 12
علم ... 4 : 109
علن ... 4 : 111
عله ... 4 : 111
علهب ... 4 : 358
علهج ... 4 : 357
علو ... 4 : 112
عمت ... 4 : 136
عمثل ... 4 : 371
عمج ... 4 : 136
عمد ... 4 : 137
عمر ... 4 : 140
عمرد ... 4 : 372
عمرس ... 4 : 365
عمرس ... 4 : 368
عمرط ... 4 : 372
عمس ... 4 : 142
عمش ... 4 : 143
عمق ... 4 : 144
عمل ... 4 : 145
عملس ... 4 : 366
عملط ... 4 : 368
عمم ... 4 : 15
عمن ... 4 : 133
عمه ... 4 : 133
عمي ... 4 : 133
عنب ... 4 : 149
عنبس ... 4 : 366
عنبل ... 4 : 371
عنت ... 4 : 150
عنتر ... 4 : 366
عنج ... 4 : 151
عند ... 4 : 153
عنز ... 4 : 154
عنس ... 4 : 155
عنسل ... 4 : 367
عنش ... 4 : 156
عنشط ... 4 : 363
عنص ... 4 : 157
عنصر ... 4 : 370
عنط ... 4 : 158
عنف ... 4 : 158
عنفص ... 4 : 370
عنق ... 4 : 159
عنقد ... 4 : 359
عنك ... 4 : 164
عنم ... 4 : 166
عنن ... 4 : 19
عني ... 4 : 146
عهب ... 4 : 166
عهج ... 4 : 167
عهد ... 4 : 167
عهر ... 4 : 170
عهق ... 4 : 171
عهل ... 4 : 173
عهم ... 4 : 174
عهن ... 4 : 175
عوج ... 4 : 179
عود ... 4 : 181
عوذ ... 4 : 183
عور ... 4 : 184
عوز ... 4 : 186
عوس ... 4 : 187
عوص ... 4 : 187
عوض ... 4 : 188
عوي ... 4 : 178
عيب ... 4 : 189
عيث ... 4 : 190
عيج ... 4 : 191
عيد ... 4 : 191
عير ... 4 : 191
عيس ... 4 : 192
عيش ... 4 : 194
عيص ... 4 : 194
عيط ... 4 : 195
عيف ... 4 : 196
عيق ... 4 : 197
عيك ... 4 : 198
عيل ... 4 : 198
عيم ... 4 : 198
عين ... 4 : 199
عيهر ... 4 : 357
الغين
غار ... 4 : 407
غبب ... 4 : 379
غبث ... 4 : 411
غبر ... 4 : 408
غبس ... 4 : 409(6/314)
غبش ... 4 : 409
غبط ... 4 : 410
غبق ... 4 : 411
غبن ... 4 : 411
غبي ... 4 : 411
غتت ... 4 : 379
غتم ... 4 : 412
غثث ... 4 : 379
غثر ... 4 : 412
غثم ... 4 : 412
غثمر ... 4 : 432
غثي ... 4 : 412
غدد ... 4 : 380
غدر ... 4 : 413
غدف ... 4 : 414
غدق ... 4 : 415
غدن ... 4 : 414
غدو ... 4 : 415
غذذ ... 4 : 380
غذم ... 4 : 415
غذمر ... 4 : 431
غذي ... 4 : 416
غرب ... 4 : 420
غرث ... 4 : 422
غرد ... 4 : 422
غردق ... 4 : 432
غرر ... 4 : 380
غرز ... 4 : 416
غرس ... 4 : 417
غرض ... 4 : 417
غرف ... 4 : 418
غرق ... 4 : 418
غرل ... 4 : 419
غرم ... 4 : 419
غرن ... 4 : 419
غرند ... 4 : 432
غرنق ... 4 : 432
غرو ... 4 : 419
غزد ... 4 : 423
غزر ... 4 : 423
غزز ... 4 : 382
غزل ... 4 : 422
غزو ... 4 : 423
غسا ... 4 : 424
غسر ... 4 : 424
غسس ... 4 : 382
غسق ... 4 : 425
غسل ... 4 : 424
غسم ... 4 : 425
غسن ... 4 : 425
غشش ... 4 : 383
غشم ... 4 : 425
غشمر ... 4 : 430
غشي ... 4 : 425
غصص ... 4 : 383
غصن ... 4 : 426
غضا ... 4 : 428
غضب ... 4 : 428
غضر ... 4 : 427
غضرف ... 4 : 431
غضض ... 4 : 383
غضف ... 4 : 426
غضفر ... 4 : 432
غضل ... 4 : 428
غضن ... 4 : 427
غطرس ... 4 : 431
غطرف ... 4 : 431
غطس ... 4 : 430
غطش ... 4 : 429
غطط ... 4 : 384
غطف ... 4 : 429
غطل ... 4 : 429
غطم ... 4 : 429
غطمش ... 4 : 430
غطو ... 4 : 429
غفر ... 4 : 385
غفص ... 4 : 387
غفف ... 4 : 375
غفق ... 4 : 385
غفل ... 4 : 386
غفو ... 4 : 386
غفي ... 4 : 386
غقق ... 4 : 375
غلب ... 4 : 388
غلت ... 4 : 389
غلث ... 4 : 389
غلج ... 4 : 389
غلس ... 4 : 390(6/315)
غلط ... 4 : 390
غلف ... 4 : 390
غلفق ... 4 : 432
غلق ... 4 : 390
غلل ... 4 : 375
غلم ... 4 : 387
غلو ... 4 : 387
غلي ... 4 : 387
غمج ... 4 : 392
غمد ... 4 : 392
غمر ... 4 : 392
غمز ... 4 : 394
غمس ... 4 : 394
غمص ... 4 : 395
غمض ... 4 : 395
غمط ... 4 : 396
غمق ... 4 : 396
غمل ... 4 : 396
غمم ... 4 : 377
غمن ... 4 : 392
غمي ... 4 : 392
غنج ... 4 : 398
غنظ ... 4 : 398
غنم ... 4 : 397
غنن ... 4 : 378
غني ... 4 : 397
غهب ... 4 : 399
غوث ... 4 : 400
غوج ... 4 : 401
غود ... 4 : 402
غور ... 4 : 401
غوص ... 4 : 402
غوط ... 4 : 402
غول ... 4 : 402
غوي ... 4 : 399
غيب ... 4 : 403
غيث ... 4 : 403
غير ... 4 : 403
غيس ... 4 : 405
غيض ... 4 : 405
غيظ ... 4 : 405
غيف ... 4 : 405
غيق ... 4 : 406
غيل ... 4 : 406
غيم ... 4 : 406
غين ... 4 : 407
غيي ... 4 : 378
الفاء
فأد ... 4 : 469
فأر ... 4 : 467
فأس ... 4 : 468
فأل ... 4 : 468
فأم ... 4 : 468
فأو ... 4 : 468
فتت ... 4 : 436
فتح ... 4 : 469
فتخ ... 4 : 470
فتر ... 4 : 470
فتش ... 4 : 471
فتق ... 4 : 471
فتك ... 4 : 471
فتكر ... 4 : 514
فتل ... 4 : 472
فتن ... 4 : 472
فتي ... 4 : 473
فثأ ... 4 : 475
فثث ... 4 : 436
فثج ... 4 : 474
فثر ... 4 : 475
فجج ... 4 : 437
فجر ... 4 : 475
فجس ... 4 : 476
فجع ... 4 : 476
فجل ... 4 : 476
فجم ... 4 : 477
فجن ... 4 : 477
فجو ... 4 : 477
فحث ... 4 : 480
فحج ... 4 : 480
فحح ... 4 : 437
فحس ... 4 : 478
فحش ... 4 : 478
فحص ... 4 : 477
فحل ... 4 : 478
فحم ... 4 : 479
فحو ... 4 : 480
فخت ... 4 : 481
فخخ ... 4 : 437
فخذ ... 4 : 481(6/316)
فخر ... 4 : 480
فخل ... 4 : 481
فخم ... 4 : 481
فدج ... 4 : 484
فدح ... 4 : 484
فدخ ... 4 : 485
فدد ... 4 : 438
فدر ... 4 : 481
فدش ... 4 : 482
فدع ... 4 : 482
فدغ ... 4 : 482
فدغم ... 4 : 514
فدك ... 4 : 483
فدم ... 4 : 482
فدن ... 4 : 483
فدي ... 4 : 483
فذح ... 4 : 485
فذذ ... 4 : 438
فرت ... 4 : 498
فرث ... 4 : 498
فرج ... 4 : 498
فرح ... 4 : 499
فرخ ... 4 : 500
فرد ... 4 : 500
فرر ... 4 : 438
فرز ... 4 : 485
فرزدق ... 4 : 513
فرس ... 4 : 485
فرش ... 4 : 486
فرشح ... 4 : 514
فرشط ... 4 : 513
فرص ... 4 : 488
فرصد ... 4 : 514
فرض ... 4 : 488
فرط ... 4 : 490
فرطم ... 4 : 515
فرع ... 4 : 491
فرعل ... 4 : 515
فرغ ... 4 : 493
فرق ... 4 : 493
فرقد ... 4 : 514
فرقع ... 4 : 513
فرك ... 4 : 495
فرم ... 4 : 496
فرنب ... 4 : 515
فره ... 4 : 496
فرهد ... 4 : 514
فري ... 4 : 496
فزر ... 4 : 502
فزز ... 4 : 439
فزع ... 4 : 501
فسأ ... 4 : 503
فسج ... 4 : 503
فسح ... 4 : 503
فسخ ... 4 : 503
فسد ... 4 : 503
فسر ... 4 : 504
فسس ... 4 : 440
فسط ... 4 : 502
فسق ... 4 : 502
فسل ... 4 : 503
فشا ... 4 : 504
فشج ... 4 : 504
فشخ ... 4 : 504
فشش ... 4 : 440
فشغ ... 4 : 505
فشق ... 4 : 505
فشل ... 4 : 504
فصح ... 4 : 506
فصد ... 4 : 507
فصص ... 4 : 440
فصع ... 4 : 507
فصل ... 4 : 505
فصم ... 4 : 506
فصي ... 4 : 506
فضح ... 4 : 509
فضخ ... 4 : 509
فضض ... 4 : 440
فضل ... 4 : 508
فضي ... 4 : 508
فطأ ... 4 : 510
فطح ... 4 : 510
فطحل ... 4 : 514
فطر ... 4 : 510
فطس ... 4 : 511
فطم ... 4 : 510
فطن ... 4 : 510
فظظ ... 4 : 441(6/317)
فظع ... 4 : 511
فعل ... 4 : 511
فعم ... 4 : 511
فعي ... 4 : 512
فغر ... 4 : 512
فغغ ... 4 : 441
فغم ... 4 : 512
فغي ... 4 : 512
فقأ ... 4 : 442
فقح ... 4 : 443
فقد ... 4 : 443
فقر ... 4 : 443
فقس ... 4 : 444
فقص ... 4 : 445
فقع ... 4 : 445
فقعس ... 4 : 514
فقق ... 4 : 433
فقم ... 4 : 442
فقه ... 4 : 442
فكر ... 4 : 446
فكك ... 4 : 433
فكل ... 4 : 445
فكن ... 4 : 446
فكه ... 4 : 446
فلت ... 4 : 448
فلج ... 4 : 448
فلح ... 4 : 450
فلحس ... 4 : 514
فلذ ... 4 : 450
فلز ... 4 : 451
فلس ... 4 : 451
فلص ... 4 : 451
فلط ... 4 : 451
فلع ... 4 : 451
فلق ... 4 : 452
فلقس ... 4 : 514
فلقم ... 4 : 513
فلك ... 4 : 452
فلل ... 4 : 434
فلم ... 4 : 446
فلن ... 4 : 447
فلو ... 4 : 447
فمم ... 4 : 434
فنح ... 4 : 455
فند ... 4 : 453
فنع ... 4 : 454
فنق ... 4 : 454
فنك ... 4 : 455
فنن ... 4 : 435
فني ... 4 : 453
فهج ... 4 : 455
فهد ... 4 : 455
فهر ... 4 : 456
فهق ... 4 : 456
فهم ... 4 : 457
فهه ... 4 : 435
فوت ... 4 : 457
فوج ... 4 : 458
فوح ... 4 : 458
فود ... 4 : 458
فور ... 4 : 458
فوز ... 4 : 459
فوص ... 4 : 460
فوض ... 4 : 460
فوع ... 4 : 460
فوغ ... 4 : 460
فوف ... 4 : 461
فوق ... 4 : 461
فول ... 4 : 462
فوم ... 4 : 462
فوه ... 4 : 462
فيأ ... 4 : 435
فيج ... 4 : 463
فيح ... 4 : 463
فيخ ... 4 : 463
فيد ... 4 : 463
فيش ... 4 : 464
فيص ... 4 : 464
فيض ... 4 : 465
فيظ ... 4 : 466
فيف ... 4 : 466
فيق ... 4 : 466
فيل ... 4 : 467
فين ... 4 : 467
القاف
قاب ... 5 : 46
قاق ... 5 : 46
قام ... 5 : 46
قاه ... 5 : 46(6/318)
قبب ... 5 : 5
قبح ... 5 : 47
قبر ... 5 : 47
قبس ... 5 : 48
قبص ... 5 : 48
قبض ... 5 : 50
قبط ... 5 : 50
قبع ... 5 : 51
قبعثر ... 5 : 119
قبل ... 5 : 51
قبن ... 5 : 54
قبو ... 5 : 54
قتب ... 5 : 59
قتت ... 5 : 6
قتد ... 5 : 54
قتر ... 5 : 55
قتع ... 5 : 56
قتل ... 5 : 56
قتم ... 5 : 58
قتن ... 5 : 58
قتو ... 5 : 58
قثا ... 5 : 59
قثث ... 5 : 6
قثد ... 5 : 59
قثم ... 5 : 59
قحب ... 5 : 62
قحح ... 5 : 6
قحد ... 5 : 60
قحر ... 5 : 60
قحز ... 5 : 60
قحط ... 5 : 60
قحف ... 5 : 61
قحل ... 5 : 61
قحم ... 5 : 61
قحو ... 5 : 61
قدح ... 5 : 67
قدد ... 5 : 6
قدر ... 5 : 62
قدس ... 5 : 63
قدع ... 5 : 64
قدف ... 5 : 65
قدم ... 5 : 65
قدمس ... 5 : 117
قدو ... 5 : 66
قذذ ... 5 : 6
قذر ... 5 : 70
قذع ... 5 : 68
قذعل ... 5 : 119
قذعمل ... 5 : 119
قذف ... 5 : 68
قذل ... 5 : 69
قذم ... 5 : 69
قذي ... 5 : 69
قرب ... 5 : 80
قربس ... 5 : 119
قربع ... 5 : 119
قرت ... 5 : 82
قرح ... 5 : 82
قرد ... 5 : 83
قرر ... 5 : 7
قرس ... 5 : 70
قرش ... 5 : 70
قرشم ... 5 : 117
قرص ... 5 : 71
قرض ... 5 : 71
قرضب ... 5 : 117
قرط ... 5 : 72
قرطعب ... 5 : 119
قرع ... 5 : 72
قرف ... 5 : 73
قرفص ... 5 : 118
قرق ... 5 : 75
قرقس ... 5 : 118
قرقف ... 5 : 119
قرم ... 5 : 75
قرمد ... 5 : 119
قرمص ... 5 : 118
قرمل ... 5 : 118
قرن ... 5 : 76
قره ... 5 : 78
قري ... 5 : 78
قزب ... 5 : 85
قزح ... 5 : 85
قزز ... 5 : 9
قزع ... 5 : 84
قزل ... 5 : 85
قزم ... 5 : 85
قسب ... 5 : 87
قسر ... 5 : 88
قسس ... 5 : 9
قسط ... 5 : 85
قسم ... 5 : 86(6/319)
قسن ... 5 : 87
قسي ... 5 : 87
قشب ... 5 : 89
قشر ... 5 : 90
قشش ... 5 : 10
قشع ... 5 : 88
قشعم ... 5 : 118
قشف ... 5 : 89
قشم ... 5 : 91
قصب ... 5 : 94
قصد ... 5 : 95
قصر ... 5 : 96
قصص ... 5 : 11
قصع ... 5 : 92
قصع ... 5 : 116
قصف ... 5 : 92
قصل ... 5 : 93
قصم ... 5 : 93
قصو ... 5 : 94
قصي ... 5 : 94
قضب ... 5 : 100
قضض ... 5 : 12
قضع ... 5 : 98
قضف ... 5 : 98
قضم ... 5 : 99
قضي ... 5 : 99
قطب ... 5 : 105
قطر ... 5 : 105
قطرب ... 5 : 118
قطط ... 5 : 12
قطع ... 5 : 101
قطف ... 5 : 103
قطل ... 5 : 103
قطم ... 5 : 103
قطمر ... 5 : 119
قطن ... 5 : 104
قطو ... 5 : 104
قعث ... 5 : 108
قعد ... 5 : 108
قعر ... 5 : 109
قعز ... 5 : 109
قعس ... 5 : 109
قعش ... 5 : 110
قعص ... 5 : 110
قعض ... 5 : 111
قعط ... 5 : 111
قعع ... 5 : 14
قعف ... 5 : 111
قعل ... 5 : 106
قعم ... 5 : 107
قعن ... 5 : 107
قعو ... 5 : 107
قفح ... 5 : 113
قفخ ... 5 : 113
قفد ... 5 : 114
قفدر ... 5 : 116
قفر ... 5 : 114
قفز ... 5 : 115
قفس ... 5 : 115
قفش ... 5 : 115
قفص ... 5 : 115
قفط ... 5 : 115
قفع ... 5 : 116
قفعل ... 5 : 117
قفف ... 5 : 15
قفل ... 5 : 112
قفن ... 5 : 112
قفي ... 5 : 112
قلب ... 5 : 17
قلت ... 5 : 18
قلح ... 5 : 19
قلخ ... 5 : 19
قلد ... 5 : 19
قلز ... 5 : 20
قلس ... 5 : 20
قلص ... 5 : 21
قلط ... 5 : 21
قلع ... 5 : 21
قلف ... 5 : 23
قلفع ... 5 : 117
قلق ... 5 : 23
قلل ... 5 : 3
قلم ... 5 : 15
قلمس ... 5 : 116
قله ... 5 : 16
قلهبس ... 5 : 119
قلهذم ... 5 : 116
قلو ... 5 : 16
قما ... 5 : 24
قمح ... 5 : 24(6/320)
قمد ... 5 : 25
قمر ... 5 : 25
قمس ... 5 : 26
قمش ... 5 : 27
قمص ... 5 : 27
قمط ... 5 : 27
قمطر ... 5 : 117
قمع ... 5 : 27
قمعد ... 5 : 119
قمل ... 5 : 29
قمم ... 5 : 4
قمن ... 5 : 23
قمه ... 5 : 23
قنا ... 5 : 29
قنب ... 5 : 30
قنت ... 5 : 31
قنح ... 5 : 31
قند ... 5 : 31
قندأوة ... 5 : 119
قنر ... 5 : 31
قنزع ... 5 : 118
قنس ... 5 : 31
قنص ... 5 : 32
قنط ... 5 : 32
قنع ... 5 : 32
قنعس ... 5 : 117
قنف ... 5 : 34
قنم ... 5 : 34
قنن ... 5 : 4
قهب ... 5 : 34
قهد ... 5 : 35
قهر ... 5 : 35
قهز ... 5 : 35
قهس ... 5 : 36
قهل ... 5 : 36
قهه ... 5 : 5
قهو ... 5 : 34
قوب ... 5 : 37
قوت ... 5 : 38
قود ... 5 : 38
قور ... 5 : 39
قوز ... 5 : 39
قوس ... 5 : 40
قوض ... 5 : 41
قوط ... 5 : 41
قوع ... 5 : 42
قوف ... 5 : 42
قوق ... 5 : 42
قول ... 5 : 42
قوم ... 5 : 43
قوي ... 5 : 36
قيأ ... 5 : 44
قيح ... 5 : 44
قيد ... 5 : 44
قيل ... 5 : 44
قين ... 5 : 45
الكاف
كأب ... 5 : 152
كأد ... 5 : 152
كاذ ... 5 : 152
كار ... 5 : 152
كان ... 5 : 152
كبب ... 5 : 124
كبت ... 5 : 152
كبث ... 5 : 153
كبح ... 5 : 153
كبد ... 5 : 153
كبر ... 5 : 153
كبرت ... 5 : 194
كبس ... 5 : 154
كبش ... 5 : 154
كبع ... 5 : 154
كبل ... 5 : 155
كبن ... 5 : 155
كبو ... 5 : 155
كتب ... 5 : 158
كتت ... 5 : 125
كتد ... 5 : 156
كتر ... 5 : 156
كتع ... 5 : 157
كتف ... 5 : 159
كتل ... 5 : 157
كتم ... 5 : 157
كتن ... 5 : 158
كتو ... 5 : 158
كتو ... 5 : 160
كثا ... 5 : 162
كثب ... 5 : 162
كثث ... 5 : 125
كثر ... 5 : 160
كثع ... 5 : 161(6/321)
كثف ... 5 : 161
كثم ... 5 : 162
كثو ... 5 : 162
كحح ... 5 : 125
كحل ... 5 : 163
كحم ... 5 : 164
كدب ... 5 : 167
كدح ... 5 : 167
كدد ... 5 : 125
كدر ... 5 : 164
كدس ... 5 : 164
كدش ... 5 : 165
كدع ... 5 : 165
كدم ... 5 : 165
كدن ... 5 : 166
كده ... 5 : 166
كدي ... 5 : 166
كذب ... 5 : 167
كذذ ... 5 : 126
كرب ... 5 : 174
كربل ... 5 : 193
كربل ... 5 : 195
كرت ... 5 : 175
كرتم ... 5 : 194
كرث ... 5 : 175
كرج ... 5 : 176
كرد ... 5 : 176
كردس ... 5 : 194
كردم ... 5 : 193
كرر ... 5 : 126
كرز ... 5 : 168
كرزم ... 5 : 194
كرزن ... 5 : 194
كرس ... 5 : 169
كرسف ... 5 : 194
كرش ... 5 : 170
كرص ... 5 : 170
كرض ... 5 : 170
كرع ... 5 : 171
كرف ... 5 : 171
كرم ... 5 : 171
كرن ... 5 : 172
كرنف ... 5 : 194
كره ... 5 : 172
كري ... 5 : 173
كزز ... 5 : 127
كزم ... 5 : 176
كسا ... 5 : 178
كسب ... 5 : 179
كسح ... 5 : 179
كسد ... 5 : 180
كسر ... 5 : 180
كسس ... 5 : 128
كسع ... 5 : 177
كسف ... 5 : 177
كسل ... 5 : 178
كسم ... 5 : 178
كشح ... 5 : 183
كشد ... 5 : 184
كشش ... 5 : 128
كشط ... 5 : 184
كشف ... 5 : 181
كشم ... 5 : 182
كشي ... 5 : 182
كصص ... 5 : 128
كضض ... 5 : 128
كظا ... 5 : 185
كظر ... 5 : 184
كظظ ... 5 : 128
كظم ... 5 : 184
كعب ... 5 : 186
كعت ... 5 : 186
كعد ... 5 : 186
كعر ... 5 : 186
كعس ... 5 : 186
كعظ ... 5 : 185
كعع ... 5 : 129
كعم ... 5 : 185
كفا ... 5 : 188
كفأ ... 5 : 189
كفت ... 5 : 190
كفر ... 5 : 191
كفف ... 5 : 129
كفل ... 5 : 187
كفن ... 5 : 190
كلأ ... 5 : 131
كلب ... 5 : 133
كلت ... 5 : 134(6/322)
كلث ... 5 : 134
كلثم ... 5 : 193
كلح ... 5 : 134
كلد ... 5 : 135
كلدد ... 5 : 194
كلز ... 5 : 135
كلس ... 5 : 135
كلع ... 5 : 135
كلف ... 5 : 136
كلل ... 5 : 121
كلم ... 5 : 131
كمت ... 5 : 137
كمتر ... 5 : 194
كمثر ... 5 : 193
كمثر ... 5 : 194
كمح ... 5 : 137
كمر ... 5 : 138
كمز ... 5 : 138
كمش ... 5 : 138
كمع ... 5 : 138
كمل ... 5 : 139
كمم ... 5 : 122
كمن ... 5 : 136
كمه ... 5 : 136
كمي ... 5 : 137
كنب ... 5 : 140
كنبث ... 5 : 193
كنت ... 5 : 140
كند ... 5 : 140
كندر ... 5 : 193
كندش ... 5 : 195
كنر ... 5 : 141
كنز ... 5 : 141
كنس ... 5 : 141
كنع ... 5 : 142
كنف ... 5 : 142
كنفر ... 5 : 194
كنفل ... 5 : 193
كنن ... 5 : 123
كنه ... 5 : 139
كنو ... 5 : 139
كها ... 5 : 143
كهب ... 5 : 143
كهد ... 5 : 143
كهر ... 5 : 144
كهف ... 5 : 144
كهل ... 5 : 144
كهم ... 5 : 145
كهن ... 5 : 145
كهه ... 5 : 123
كوب ... 5 : 145
كود ... 5 : 145
كور ... 5 : 146
كوز ... 5 : 146
كوس ... 5 : 146
كوع ... 5 : 147
كوف ... 5 : 147
كول ... 5 : 148
كوم ... 5 : 148
كون ... 5 : 148
كوي ... 5 : 123
كوي ... 5 : 145
كيت ... 5 : 151
كيح ... 5 : 151
كيد ... 5 : 149
كير ... 5 : 149
كيس ... 5 : 149
كيص ... 5 : 150
كيف ... 5 : 150
كيل ... 5 : 150
كين ... 5 : 151
اللام
لأ ... 5 : 199
لاب ... 5 : 225
لاع ... 5 : 225
لأم ... 5 : 226
لاه ... 5 : 225
لأو ... 5 : 227
لبأ ... 5 : 232
لبب ... 5 : 199
لبث ... 5 : 228
لبج ... 5 : 228
لبخ ... 5 : 228
لبد ... 5 : 228
لبز ... 5 : 229
لبس ... 5 : 230
لبط ... 5 : 230
لبق ... 5 : 231
لبك ... 5 : 231
لبن ... 5 : 231(6/323)
لتأ ... 5 : 233
لتب ... 5 : 233
لتت ... 5 : 200
لتج ... 5 : 233
لتخ ... 5 : 233
لتم ... 5 : 233
لثث ... 5 : 200
لثغ ... 5 : 234
لثق ... 5 : 234
لثم ... 5 : 234
لثي ... 5 : 234
لجأ ... 5 : 235
لجب ... 5 : 236
لجج ... 5 : 201
لجح ... 5 : 235
لجذ ... 5 : 235
لجف ... 5 : 235
لجم ... 5 : 235
لجن ... 5 : 235
لحج ... 5 : 240
لحح ... 5 : 202
لحد ... 5 : 236
لحز ... 5 : 236
لحس ... 5 : 237
لحص ... 5 : 237
لحظ ... 5 : 237
لحف ... 5 : 238
لحق ... 5 : 238
لحك ... 5 : 238
لحم ... 5 : 238
لحن ... 5 : 239
لحي ... 5 : 240
لخج ... 5 : 242
لخخ ... 5 : 202
لخص ... 5 : 241
لخع ... 5 : 241
لخف ... 5 : 241
لخم ... 5 : 241
لخن ... 5 : 241
لخي ... 5 : 241
لدد ... 5 : 203
لدس ... 5 : 242
لدغ ... 5 : 243
لدم ... 5 : 243
لدن ... 5 : 243
لذذ ... 5 : 204
لذع ... 5 : 244
لذم ... 5 : 244
لزأ ... 5 : 245
لزب ... 5 : 245
لزج ... 5 : 246
لزز ... 5 : 204
لزق ... 5 : 244
لزك ... 5 : 244
لزم ... 5 : 245
لزن ... 5 : 245
لسب ... 5 : 247
لسد ... 5 : 248
لسس ... 5 : 205
لسع ... 5 : 246
لسق ... 5 : 248
لسم ... 5 : 246
لسن ... 5 : 246
لصب ... 5 : 249
لصت ... 5 : 249
لصص ... 5 : 205
لصغ ... 5 : 248
لصف ... 5 : 248
لصق ... 5 : 249
لضض ... 5 : 205
لطا ... 5 : 251
لطح ... 5 : 251
لطخ ... 5 : 251
لطط ... 5 : 206
لطع ... 5 : 249
لطف ... 5 : 250
لطم ... 5 : 250
لظظ ... 5 : 206
لعب ... 5 : 253
لعج ... 5 : 254
لعس ... 5 : 254
لعص ... 5 : 254
لعط ... 5 : 254
لعع ... 5 : 206
لعق ... 5 : 252
لعن ... 5 : 252
لعو ... 5 : 253
لغ ... 5 : 206
لغب ... 5 : 256
لغد ... 5 : 257
لغز ... 5 : 257
لغم ... 5 : 255
لغو ... 5 : 255
لفا ... 5 : 258
لفت ... 5 : 258
لفج ... 5 : 258
لفح ... 5 : 259
لفظ ... 5 : 259
لفع ... 5 : 259
لفف ... 5 : 207(6/324)
لفق ... 5 : 257
لفك ... 5 : 257
لفم ... 5 : 258
لقب ... 5 : 261
لقح ... 5 : 261
لقس ... 5 : 262
لقص ... 5 : 262
لقط ... 5 : 262
لقع ... 5 : 263
لقق ... 5 : 207
لقم ... 5 : 260
لقن ... 5 : 260
لقي ... 5 : 260
لكد ... 5 : 264
لكع ... 5 : 264
لكك ... 5 : 208
لكم ... 5 : 264
لكن ... 5 : 264
لكي ... 5 : 264
لما ... 5 : 208
لمأ ... 5 : 208
لمج ... 5 : 209
لمح ... 5 : 209
لمز ... 5 : 209
لمس ... 5 : 210
لمظ ... 5 : 210
لمع ... 5 : 211
لمق ... 5 : 212
لمك ... 5 : 212
لمم ... 5 : 197
لن ... 5 : 198
له ... 5 : 198
لهب ... 5 : 213
لهث ... 5 : 214
لهج ... 5 : 214
لهجم ... 5 : 265
لهد ... 5 : 215
لهذم ... 5 : 265
لهز ... 5 : 216
لهس ... 5 : 216
لهط ... 5 : 216
لهع ... 5 : 217
لهف ... 5 : 217
لهق ... 5 : 217
لهم ... 5 : 217
لهن ... 5 : 217
لهو ... 5 : 213
لو ... 5 : 198
لوب ... 5 : 218
لوت ... 5 : 219
لوث ... 5 : 219
لوح ... 5 : 220
لوذ ... 5 : 220
لوز ... 5 : 221
لوس ... 5 : 221
لوص ... 5 : 221
لوط ... 5 : 221
لوع ... 5 : 221
لوغ ... 5 : 222
لوق ... 5 : 222
لوك ... 5 : 222
لوم ... 5 : 222
لون ... 5 : 223
لوي ... 5 : 218
ليا ... 5 : 223
ليت ... 5 : 223
ليث ... 5 : 223
ليغ ... 5 : 224
ليف ... 5 : 224
ليق ... 5 : 224
ليل ... 5 : 225
ليم ... 5 : 225
لين ... 5 : 225
الميم
مأج ... 5 : 292
مأد ... 5 : 291
مأر ... 5 : 291
مأق ... 5 : 291
مأل ... 5 : 291
مأن ... 5 : 292
مأي ... 5 : 292
متت ... 5 : 268
متح ... 5 : 293
متر ... 5 : 293
متس ... 5 : 293
متع ... 5 : 293
متك ... 5 : 294
متل ... 5 : 294
متن ... 5 : 294
مته ... 5 : 295
متي ... 5 : 295
مثث ... 5 : 268
مثع ... 5 : 296
مثل ... 5 : 296
مجج ... 5 : 268
مجد ... 5 : 297
مجر ... 5 : 297
مجس ... 5 : 298
مجع ... 5 : 298
مجل ... 5 : 298(6/325)
مجن ... 5 : 299
محت ... 5 : 303
محج ... 5 : 303
محح ... 5 : 269
محز ... 5 : 299
محش ... 5 : 299
محص ... 5 : 300
محض ... 5 : 300
محق ... 5 : 301
محك ... 5 : 301
محل ... 5 : 302
محن ... 5 : 302
محو ... 5 : 302
مخج ... 5 : 305
مخخ ... 5 : 269
مخر ... 5 : 303
مخض ... 5 : 304
مخط ... 5 : 304
مخن ... 5 : 304
مخي ... 5 : 304
مدح ... 5 : 308
مدخ ... 5 : 308
مدد ... 5 : 269
مدر ... 5 : 305
مدس ... 5 : 306
مدش ... 5 : 306
مدق ... 5 : 306
مدل ... 5 : 306
مدن ... 5 : 306
مده ... 5 : 306
مدي ... 5 : 307
مذح ... 5 : 310
مذر ... 5 : 308
مذع ... 5 : 309
مذق ... 5 : 309
مذل ... 5 : 309
مذي ... 5 : 309
مرأ ... 5 : 315
مرت ... 5 : 315
مرث ... 5 : 315
مرج ... 5 : 315
مرح ... 5 : 316
مرخ ... 5 : 317
مرد ... 5 : 317
مرر ... 5 : 270
مرز ... 5 : 310
مرس ... 5 : 310
مرش ... 5 : 311
مرص ... 5 : 311
مرض ... 5 : 311
مرط ... 5 : 312
مرع ... 5 : 312
مرغ ... 5 : 312
مرق ... 5 : 313
مرن ... 5 : 313
مره ... 5 : 314
مري ... 5 : 314
مزج ... 5 : 319
مزح ... 5 : 319
مزر ... 5 : 319
مزز ... 5 : 271
مزع ... 5 : 318
مزق ... 5 : 318
مزن ... 5 : 318
مزي ... 5 : 319
مسح ... 5 : 322
مسخ ... 5 : 323
مسد ... 5 : 323
مسس ... 5 : 271
مسط ... 5 : 320
مسك ... 5 : 320
مسل ... 5 : 321
مسي ... 5 : 321
مشج ... 5 : 326
مشر ... 5 : 326
مشش ... 5 : 271
مشط ... 5 : 324
مشظ ... 5 : 324
مشع ... 5 : 324
مشغ ... 5 : 324
مشق ... 5 : 324
مشن ... 5 : 325
مشي ... 5 : 325
مصت ... 5 : 328
مصح ... 5 : 328
مصخ ... 5 : 329
مصد ... 5 : 329
مصر ... 5 : 329
مصص ... 5 : 272
مصع ... 5 : 327
مصل ... 5 : 327
مصو ... 5 : 328
مضح ... 5 : 331
مضر ... 5 : 331
مضض ... 5 : 272
مضغ ... 5 : 330
مضي ... 5 : 331
مطح ... 5 : 332
مطخ ... 5 : 332
مطر ... 5 : 332(6/326)
مطط ... 5 : 273
مطع ... 5 : 333
مطق ... 5 : 333
مطل ... 5 : 331
مطو ... 5 : 331
مظظ ... 5 : 273
مظع ... 5 : 333
معت ... 5 : 335
معج ... 5 : 336
معد ... 5 : 336
معر ... 5 : 336
معز ... 5 : 337
معس ... 5 : 337
معص ... 5 : 337
معض ... 5 : 337
معط ... 5 : 337
معع ... 5 : 273
معق ... 5 : 334
معك ... 5 : 334
معل ... 5 : 334
معن ... 5 : 335
معو ... 5 : 335
مغث ... 5 : 338
مغد ... 5 : 338
مغر ... 5 : 339
مغص ... 5 : 339
مغط ... 5 : 340
مغغ ... 5 : 274
مغل ... 5 : 340
مقت ... 5 : 341
مقد ... 5 : 342
مقر ... 5 : 342
مقس ... 5 : 342
مقط ... 5 : 342
مقع ... 5 : 343
مقق ... 5 : 274
مقل ... 5 : 341
مقه ... 5 : 341
مقو ... 5 : 341
مكا ... 5 : 344
مكث ... 5 : 345
مكد ... 5 : 345
مكر ... 5 : 345
مكس ... 5 : 345
مكك ... 5 : 274
مكل ... 5 : 343
مكن ... 5 : 343
ملث ... 5 : 347
ملج ... 5 : 347
ملح ... 5 : 347
ملخ ... 5 : 349
ملد ... 5 : 349
ملذ ... 5 : 349
ملس ... 5 : 350
ملص ... 5 : 350
ملط ... 5 : 350
ملع ... 5 : 351
ملغ ... 5 : 351
ملق ... 5 : 351
ملك ... 5 : 351
ملل ... 5 : 275
مله ... 5 : 347
ملو ... 5 : 352
ملي ... 5 : 346
منح ... 5 : 278
منع ... 5 : 278
منن ... 5 : 267
مني ... 5 : 276
مهج ... 5 : 280
مهد ... 5 : 280
مهر ... 5 : 281
مهش ... 5 : 281
مهق ... 5 : 281
مهك ... 5 : 282
مهل ... 5 : 282
مهن ... 5 : 283
مهه ... 5 : 267
مهي ... 5 : 279
موت ... 5 : 283
موث ... 5 : 284
موج ... 5 : 284
مور ... 5 : 284
موس ... 5 : 285
موص ... 5 : 285
موع ... 5 : 285
موق ... 5 : 285
مول ... 5 : 285
موم ... 5 : 286
مون ... 5 : 286
موه ... 5 : 286
ميث ... 5 : 287
ميح ... 5 : 287
ميد ... 5 : 288
مير ... 5 : 289
ميز ... 5 : 289
ميس ... 5 : 289
ميش ... 5 : 289
ميط ... 5 : 289
ميع ... 5 : 290
ميل ... 5 : 290(6/327)
مين ... 5 : 290
النون
نأ ... 5 : 353
نأت ... 5 : 376
نأج ... 5 : 376
نأد ... 5 : 376
نأش ... 5 : 376
نأف ... 5 : 377
نأل ... 5 : 377
نأم ... 5 : 377
نأي ... 5 : 377
نبأ ... 5 : 385
نبب ... 5 : 353
نبت ... 5 : 378
نبث ... 5 : 379
نبج ... 5 : 379
نبح ... 5 : 379
نبخ ... 5 : 379
نبذ ... 5 : 380
نبر ... 5 : 380
نبس ... 5 : 380
نبش ... 5 : 380
نبص ... 5 : 381
نبض ... 5 : 381
نبط ... 5 : 381
نبع ... 5 : 381
نبغ ... 5 : 382
نبق ... 5 : 382
نبك ... 5 : 382
نبل ... 5 : 383
نبه ... 5 : 384
نبو ... 5 : 384
نتأ ... 5 : 388
نتب ... 5 : 389
نتج ... 5 : 386
نتح ... 5 : 386
نتخ ... 5 : 386
نتر ... 5 : 386
نتغ ... 5 : 387
نتف ... 5 : 387
نتق ... 5 : 387
نتك ... 5 : 388
نتل ... 5 : 388
نثا ... 5 : 390
نثث ... 5 : 353
نثر ... 5 : 389
نثل ... 5 : 390
نجب ... 5 : 399
نجث ... 5 : 400
نجج ... 5 : 354
نجح ... 5 : 390
نجخ ... 5 : 391
نجد ... 5 : 391
نجذ ... 5 : 392
نجر ... 5 : 393
نجز ... 5 : 393
نجس ... 5 : 393
نجش ... 5 : 394
نجع ... 5 : 395
نجف ... 5 : 395
نجل ... 5 : 396
نجم ... 5 : 396
نجه ... 5 : 397
نجو ... 5 : 397
نحب ... 5 : 404
نحت ... 5 : 404
نحح ... 5 : 354
نحر ... 5 : 400
نحز ... 5 : 401
نحس ... 5 : 401
نحص ... 5 : 402
نحض ... 5 : 402
نحط ... 5 : 402
نحف ... 5 : 402
نحل ... 5 : 402
نحو ... 5 : 403
نحي ... 5 : 404
نخب ... 5 : 408
نخج ... 5 : 408
نخخ ... 5 : 354
نخر ... 5 : 405
نخس ... 5 : 405
نخش ... 5 : 405
نخط ... 5 : 406
نخع ... 5 : 406
نخف ... 5 : 407
نخل ... 5 : 407
نخم ... 5 : 407
ندب ... 5 : 413
ندح ... 5 : 413
ندد ... 5 : 355
ندر ... 5 : 408
ندس ... 5 : 409
ندص ... 5 : 410
ندغ ... 5 : 410
ندف ... 5 : 410
ندل ... 5 : 410
ندم ... 5 : 411
نده ... 5 : 411
ندي ... 5 : 411(6/328)
نذر ... 5 : 414
نذل ... 5 : 414
نرب ... 5 : 414
نزب ... 5 : 418
نزح ... 5 : 418
نزر ... 5 : 418
نزز ... 5 : 355
نزع ... 5 : 415
نزغ ... 5 : 416
نزف ... 5 : 416
نزق ... 5 : 416
نزك ... 5 : 416
نزل ... 5 : 417
نزه ... 5 : 417
نزو ... 5 : 418
نسب ... 5 : 423
نسج ... 5 : 424
نسخ ... 5 : 424
نسر ... 5 : 425
نسس ... 5 : 355
نسع ... 5 : 419
نسغ ... 5 : 419
نسف ... 5 : 419
نسق ... 5 : 420
نسك ... 5 : 420
نسل ... 5 : 420
نسم ... 5 : 421
نسي ... 5 : 421
نشأ ... 5 : 428
نشج ... 5 : 429
نشح ... 5 : 429
نشد ... 5 : 429
نشر ... 5 : 430
نشز ... 5 : 430
نشس ... 5 : 431
نشش ... 5 : 356
نشص ... 5 : 425
نشط ... 5 : 426
نشع ... 5 : 427
نشغ ... 5 : 427
نشف ... 5 : 427
نشق ... 5 : 428
نشل ... 5 : 428
نشم ... 5 : 428
نصا ... 5 : 433
نصب ... 5 : 434
نصت ... 5 : 434
نصح ... 5 : 435
نصر ... 5 : 435
نصص ... 5 : 356
نصع ... 5 : 431
نصف ... 5 : 431
نصل ... 5 : 432
نضا ... 5 : 436
نضب ... 5 : 437
نضج ... 5 : 437
نضح ... 5 : 438
نضخ ... 5 : 438
نضد ... 5 : 439
نضر ... 5 : 439
نضض ... 5 : 357
نضل ... 5 : 436
نطح ... 5 : 442
نطس ... 5 : 443
نطش ... 5 : 443
نطط ... 5 : 357
نطع ... 5 : 440
نطف ... 5 : 440
نطق ... 5 : 440
نطل ... 5 : 441
نطي ... 5 : 442
نظر ... 5 : 444
نظف ... 5 : 443
نظم ... 5 : 443
نعب ... 5 : 448
نعت ... 5 : 448
نعج ... 5 : 448
نعر ... 5 : 449
نعس ... 5 : 450
نعش ... 5 : 450
نعض ... 5 : 451
نعط ... 5 : 451
نعظ ... 5 : 451
نعع ... 5 : 357
نعف ... 5 : 444
نعق ... 5 : 445
نعل ... 5 : 445
نعم ... 5 : 446
نعي ... 5 : 447
نغب ... 5 : 452
نغر ... 5 : 452
نغش ... 5 : 453
نغص ... 5 : 453
نغض ... 5 : 453
نغغ ... 5 : 358
نغق ... 5 : 451
نغل ... 5 : 451
نغم ... 5 : 452
نغي ... 5 : 452
نفت ... 5 : 457(6/329)
نفث ... 5 : 457
نفج ... 5 : 457
نفح ... 5 : 458
نفخ ... 5 : 458
نفد ... 5 : 458
نفذ ... 5 : 458
نفر ... 5 : 459
نفز ... 5 : 459
نفس ... 5 : 460
نفش ... 5 : 461
نفص ... 5 : 461
نفض ... 5 : 462
نفط ... 5 : 463
نفع ... 5 : 463
نفف ... 5 : 358
نفق ... 5 : 454
نفل ... 5 : 455
نفه ... 5 : 456
نفي ... 5 : 456
نقب ... 5 : 465
نقث ... 5 : 466
نقثل ... 5 : 484
نقح ... 5 : 467
نقخ ... 5 : 467
نقد ... 5 : 467
نقذ ... 5 : 468
نقر ... 5 : 468
نقرس ... 5 : 483
نقرش ... 5 : 483
نقز ... 5 : 469
نقس ... 5 : 470
نقش ... 5 : 470
نقص ... 5 : 470
نقض ... 5 : 470
نقط ... 5 : 471
نقع ... 5 : 471
نقق ... 5 : 358
نقل ... 5 : 463
نقم ... 5 : 464
نقه ... 5 : 464
نقي ... 5 : 464
نكب ... 5 : 474
نكت ... 5 : 475
نكث ... 5 : 475
نكح ... 5 : 475
نكد ... 5 : 475
نكر ... 5 : 476
نكز ... 5 : 476
نكس ... 5 : 477
نكش ... 5 : 477
نكص ... 5 : 477
نكظ ... 5 : 477
نكع ... 5 : 478
نكف ... 5 : 478
نكل ... 5 : 473
نكه ... 5 : 474
نمر ... 5 : 480
نمرق ... 5 : 484
نمس ... 5 : 480
نمش ... 5 : 481
نمص ... 5 : 481
نمط ... 5 : 482
نمغ ... 5 : 482
نمق ... 5 : 482
نمل ... 5 : 482
نمم ... 5 : 358
نمي ... 5 : 479
نهأ ... 5 : 360
نهب ... 5 : 360
نهبر ... 5 : 483
نهبل ... 5 : 483
نهت ... 5 : 361
نهج ... 5 : 361
نهد ... 5 : 361
نهر ... 5 : 362
نهز ... 5 : 363
نهس ... 5 : 363
نهش ... 5 : 363
نهشل ... 5 : 483
نهض ... 5 : 363
نهط ... 5 : 364
نهع ... 5 : 364
نهق ... 5 : 364
نهك ... 5 : 364
نهل ... 5 : 364
نهم ... 5 : 365
نهه ... 5 : 353
نهي ... 5 : 359
نوب ... 5 : 367
نوت ... 5 : 367
نوح ... 5 : 367
نوخ ... 5 : 368
نور ... 5 : 368
نوس ... 5 : 369
نوش ... 5 : 369
نوص ... 5 : 369
نوض ... 5 : 370
نوط ... 5 : 370
نوع ... 5 : 370(6/330)
نوف ... 5 : 371
نوق ... 5 : 371
نوك ... 5 : 372
نول ... 5 : 372
نوم ... 5 : 372
نون ... 5 : 373
نوه ... 5 : 373
نوي ... 5 : 366
نيأ ... 5 : 375
نيح ... 5 : 373
نير ... 5 : 374
نيط ... 5 : 374
نيف ... 5 : 374
نيم ... 5 : 375
الهاء
هال ... 6 : 27
هام ... 6 : 27
هبب ... 6 : 4
هبت ... 6 : 27
هبث ... 6 : 28
هبج ... 6 : 28
هبخ ... 6 : 28
هبد ... 6 : 28
هبذ ... 6 : 28
هبر ... 6 : 28
هبرق ... 6 : 71
هبرك ... 6 : 71
هبز ... 6 : 29
هبش ... 6 : 29
هبص ... 6 : 29
هبط ... 6 : 30
هبع ... 6 : 30
هبغ ... 6 : 30
هبقع ... 6 : 73
هبل ... 6 : 30
هبلع ... 6 : 71
هبنق ... 6 : 73
هبو ... 6 : 31
هتت ... 6 : 5
هتر ... 6 : 32
هتع ... 6 : 32
هتف ... 6 : 32
هتك ... 6 : 32
هتل ... 6 : 33
هتم ... 6 : 33
هتن ... 6 : 33
هتي ... 6 : 33
هثث ... 6 : 6
هثم ... 6 : 33
هجج ... 6 : 6
هجد ... 6 : 34
هجر ... 6 : 34
هجرس ... 6 : 73
هجرع ... 6 : 72
هجس ... 6 : 36
هجع ... 6 : 36
هجف ... 6 : 36
هجل ... 6 : 36
هجم ... 6 : 37
هجمن ... 6 : 73
هجن ... 6 : 38
هجنع ... 6 : 72
هجو ... 6 : 38
هدب ... 6 : 43
هدج ... 6 : 44
هدد ... 6 : 7
هدر ... 6 : 39
هدع ... 6 : 39
هدف ... 6 : 39
هدق ... 6 : 40
هدك ... 6 : 40
هدل ... 6 : 40
هدلق ... 6 : 71
هدم ... 6 : 41
هدمل ... 6 : 73
هدن ... 6 : 41
هدي ... 6 : 42
هذب ... 6 : 45
هذذ ... 6 : 8
هذر ... 6 : 45
هذرم ... 6 : 72
هذف ... 6 : 45
هذل ... 6 : 45
هذم ... 6 : 45
هذي ... 6 : 45
هرب ... 6 : 49
هرت ... 6 : 49
هرثم ... 6 : 73
هرج ... 6 : 49
هرجب ... 6 : 72
هرد ... 6 : 49
هردب ... 6 : 73
هرر ... 6 : 8
هرس ... 6 : 46
هرش ... 6 : 46
هرشف ... 6 : 73
هرشم ... 6 : 72
هرص ... 6 : 47
هرض ... 6 : 47
هرط ... 6 : 47
هرطل ... 6 : 73
هرع ... 6 : 47
هرف ... 6 : 48
هركل ... 6 : 73
هرل ... 6 : 48(6/331)
هرم ... 6 : 48
هرمس ... 6 : 72
هرمع ... 6 : 72
هرمل ... 6 : 73
هرو ... 6 : 48
هزأ ... 6 : 52
هزب ... 6 : 52
هزبر ... 6 : 72
هزج ... 6 : 52
هزر ... 6 : 53
هزرق ... 6 : 71
هزز ... 6 : 9
هزع ... 6 : 50
هزف ... 6 : 51
هزق ... 6 : 51
هزل ... 6 : 51
هزلج ... 6 : 72
هزم ... 6 : 51
هزن ... 6 : 52
هسس ... 6 : 9
هسم ... 6 : 53
هشر ... 6 : 54
هشش ... 6 : 9
هشل ... 6 : 54
هشم ... 6 : 53
هصر ... 6 : 54
هصص ... 6 : 10
هصم ... 6 : 54
هضب ... 6 : 55
هضض ... 6 : 10
هضل ... 6 : 55
هضم ... 6 : 55
هطر ... 6 : 56
هطع ... 6 : 56
هطل ... 6 : 56
هطلع ... 6 : 72
هعر ... 6 : 56
هفا ... 6 : 57
هفت ... 6 : 57
هفف ... 6 : 10
هقب ... 6 : 58
هقع ... 6 : 58
هقل ... 6 : 58
هقم ... 6 : 58
هكر ... 6 : 59
هكع ... 6 : 60
هكك ... 6 : 11
هكل ... 6 : 59
هكم ... 6 : 59
هلا ... 6 : 60
هلب ... 6 : 61
هلبج ... 6 : 71
هلبس ... 6 : 73
هلت ... 6 : 61
هلج ... 6 : 61
هلس ... 6 : 61
هلع ... 6 : 62
هلف ... 6 : 62
هلقم ... 6 : 71
هلك ... 6 : 62
هلكس ... 6 : 73
هلل ... 6 : 11
هلم ... 6 : 60
همج ... 6 : 64
همد ... 6 : 65
همذ ... 6 : 65
همر ... 6 : 65
همرج ... 6 : 71
همرجل ... 6 : 72
همرش ... 6 : 72
همز ... 6 : 65
همس ... 6 : 66
همش ... 6 : 66
همط ... 6 : 67
همع ... 6 : 67
همق ... 6 : 67
همك ... 6 : 67
همل ... 6 : 67
هملع ... 6 : 73
همم ... 6 : 13
همن ... 6 : 63
همي ... 6 : 63
هنا ... 6 : 67
هنأ ... 6 : 68
هنب ... 6 : 68
هنبث ... 6 : 73
هند ... 6 : 69
هنع ... 6 : 69
هنف ... 6 : 69
هنق ... 6 : 69
هنم ... 6 : 70
هنن ... 6 : 14
هوب ... 6 : 17
هوت ... 6 : 17
هوج ... 6 : 17
هود ... 6 : 17
هوذ ... 6 : 18
هور ... 6 : 18
هوس ... 6 : 18
هوش ... 6 : 19
هوع ... 6 : 19
هوف ... 6 : 19
هوك ... 6 : 20
هول ... 6 : 20
هوم ... 6 : 21(6/332)
هون ... 6 : 21
هوه ... 6 : 21
هوو ... 6 : 3
هوي ... 6 : 15
هيأ ... 6 : 22
هيب ... 6 : 22
هيت ... 6 : 22
هيج ... 6 : 23
هيد ... 6 : 23
هيس ... 6 : 24
هيش ... 6 : 24
هيض ... 6 : 24
هيط ... 6 : 24
هيع ... 6 : 25
هيغ ... 6 : 25
هيف ... 6 : 25
هيق ... 6 : 26
هيل ... 6 : 26
هيم ... 6 : 26
هين ... 6 : 26
هيي ... 6 : 3
الواو
وأب ... 6 : 78
وأد ... 6 : 78
وأر ... 6 : 79
وأص ... 6 : 79
وأق ... 6 : 79
وأل ... 6 : 79
وأم ... 6 : 80
وأه ... 6 : 80
وأي ... 6 : 80
وبأ ... 6 : 83
وبخ ... 6 : 81
وبد ... 6 : 81
وبر ... 6 : 81
وبش ... 6 : 81
وبص ... 6 : 81
وبط ... 6 : 82
وبق ... 6 : 82
وبل ... 6 : 82
وتح ... 6 : 83
وتد ... 6 : 83
وتر ... 6 : 83
وتش ... 6 : 84
وتغ ... 6 : 84
وتن ... 6 : 84
وثأ ... 6 : 86
وثب ... 6 : 86
وثج ... 6 : 84
وثر ... 6 : 85
وثق ... 6 : 85
وثل ... 6 : 85
وثم ... 6 : 85
وثن ... 6 : 85
وجب ... 6 : 89
وجج ... 6 : 75
وجح ... 6 : 86
وجد ... 6 : 86
وجذ ... 6 : 87
وجر ... 6 : 87
وجز ... 6 : 87
وجس ... 6 : 87
وجع ... 6 : 88
وجم ... 6 : 88
وجن ... 6 : 88
وجه ... 6 : 88
وجي ... 6 : 89
وحد ... 6 : 90
وحر ... 6 : 91
وحش ... 6 : 91
وحف ... 6 : 92
وحل ... 6 : 92
وحم ... 6 : 93
وحي ... 6 : 93
وخخ ... 6 : 75
وخد ... 6 : 94
وخز ... 6 : 94
وخش ... 6 : 94
وخض ... 6 : 94
وخط ... 6 : 94
وخف ... 6 : 95
وخم ... 6 : 95
وخي ... 6 : 95
ودج ... 6 : 98
ودد ... 6 : 75
ودس ... 6 : 95
ودص ... 6 : 95
ودع ... 6 : 96
ودف ... 6 : 96
ودق ... 6 : 96
ودك ... 6 : 97
ودن ... 6 : 97
وده ... 6 : 97
ودي ... 6 : 97
وذح ... 6 : 99
وذر ... 6 : 98
وذف ... 6 : 99
وذل ... 6 : 99
وذم ... 6 : 99
ورب ... 6 : 104
ورث ... 6 : 105
ورخ ... 6 : 105
ورد ... 6 : 105
ورس ... 6 : 100
ورش ... 6 : 100
ورط ... 6 : 100(6/333)
ورع ... 6 : 100
ورف ... 6 : 101
ورق ... 6 : 101
ورك ... 6 : 103
ورل ... 6 : 103
ورم ... 6 : 103
وره ... 6 : 103
وري ... 6 : 104
وزا ... 6 : 107
وزر ... 6 : 108
وزز ... 6 : 76
وزع ... 6 : 106
وزغ ... 6 : 106
وزف ... 6 : 106
وزم ... 6 : 106
وزن ... 6 : 107
وسب ... 6 : 111
وسج ... 6 : 111
وسخ ... 6 : 111
وسد ... 6 : 111
وسس ... 6 : 76
وسط ... 6 : 108
وسع ... 6 : 109
وسف ... 6 : 109
وسق ... 6 : 109
وسل ... 6 : 110
وسم ... 6 : 110
وسن ... 6 : 111
وشب ... 6 : 114
وشج ... 6 : 114
وشح ... 6 : 114
وشر ... 6 : 114
وشز ... 6 : 115
وشش ... 6 : 76
وشظ ... 6 : 112
وشع ... 6 : 112
وشق ... 6 : 112
وشك ... 6 : 113
وشل ... 6 : 113
وشم ... 6 : 113
وشي ... 6 : 114
وصب ... 6 : 117
وصد ... 6 : 117
وصر ... 6 : 117
وصص ... 6 : 76
وصع ... 6 : 115
وصف ... 6 : 115
وصل ... 6 : 115
وصم ... 6 : 116
وصي ... 6 : 116
وضأ ... 6 : 119
وضح ... 6 : 119
وضخ ... 6 : 119
وضر ... 6 : 120
وضع ... 6 : 117
وضم ... 6 : 118
وطأ ... 6 : 120
وطب ... 6 : 121
وطح ... 6 : 121
وطد ... 6 : 121
وطر ... 6 : 122
وطس ... 6 : 122
وطش ... 6 : 122
وطط ... 6 : 77
وطف ... 6 : 120
وطن ... 6 : 120
وظب ... 6 : 123
وظف ... 6 : 122
وعب ... 6 : 124
وعث ... 6 : 124
وعد ... 6 : 125
وعر ... 6 : 125
وعز ... 6 : 126
وعس ... 6 : 126
وعظ ... 6 : 126
وعع ... 6 : 77
وعق ... 6 : 123
وعك ... 6 : 123
وعل ... 6 : 123
وعن ... 6 : 124
وعي ... 6 : 124
وغا ... 6 : 127
وغب ... 6 : 127
وغد ... 6 : 128
وغر ... 6 : 128
وغف ... 6 : 126
وغق ... 6 : 127
وغل ... 6 : 127
وغم ... 6 : 127
وفد ... 6 : 129
وفر ... 6 : 129
وفز ... 6 : 130
وفض ... 6 : 130
وفع ... 6 : 130
وفق ... 6 : 128
وفل ... 6 : 129
وفي ... 6 : 129
وقب ... 6 : 131
وقت ... 6 : 131
وقح ... 6 : 132(6/334)
وقد ... 6 : 132
وقذ ... 6 : 132
وقر ... 6 : 132
وقص ... 6 : 133
وقط ... 6 : 133
وقع ... 6 : 133
وقف ... 6 : 135
وقل ... 6 : 130
وقم ... 6 : 131
وقه ... 6 : 131
وقي ... 6 : 131
وكا ... 6 : 137
وكب ... 6 : 137
وكت ... 6 : 137
وكح ... 6 : 138
وكد ... 6 : 138
وكر ... 6 : 138
وكز ... 6 : 139
وكس ... 6 : 139
وكع ... 6 : 139
وكف ... 6 : 139
وكل ... 6 : 136
وكم ... 6 : 136
وكن ... 6 : 136
ولب ... 6 : 142
ولث ... 6 : 142
ولج ... 6 : 142
ولح ... 6 : 143
ولخ ... 6 : 143
ولد ... 6 : 143
ولذ ... 6 : 143
ولس ... 6 : 144
ولع ... 6 : 144
ولغ ... 6 : 144
ولق ... 6 : 145
ولل ... 6 : 77
ولم ... 6 : 140
وله ... 6 : 140
ولي ... 6 : 141
ومأ ... 6 : 145
ومد ... 6 : 146
ومض ... 6 : 146
ومق ... 6 : 146
ونم ... 6 : 146
وني ... 6 : 146
وهب ... 6 : 147
وهت ... 6 : 147
وهث ... 6 : 147
وهج ... 6 : 147
وهد ... 6 : 147
وهز ... 6 : 147
وهس ... 6 : 147
وهص ... 6 : 148
وهط ... 6 : 148
وهف ... 6 : 148
وهق ... 6 : 148
وهل ... 6 : 149
وهم ... 6 : 149
وهن ... 6 : 149
وهه ... 6 : 77
وهي ... 6 : 146
ويح ... 6 : 77
الياء
يا ... 6 : 151
يأس ... 6 : 153
يبب ... 6 : 151
يبس ... 6 : 154
يتم ... 6 : 154
يتن ... 6 : 155
يد ... 6 : 151
يدع ... 6 : 155
يرر ... 6 : 152
يزن ... 6 : 155
يسر ... 6 : 155
يعر ... 6 : 156
يعط ... 6 : 157
يفع ... 6 : 157
يفن ... 6 : 157
يقن ... 6 : 157
يقه ... 6 : 157
يلب ... 6 : 158
يلق ... 6 : 158
يلل ... 6 : 152
يمم ... 6 : 152
يمن ... 6 : 158
ينف ... 6 : 159
ينم ... 6 : 159
يهر ... 6 : 159
يهم ... 6 : 159
يهه ... 6 : 153
يوح ... 6 : 159
يوم ... 6 : 159
ملحق بالأخطاء المطبعية
في معجم مقاييس اللغة (طبعة دار الجيل)
للأجزاء الستة(6/335)
الأخطاء المطبعية للجزء الأول
من معجم "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
15
19
وقالت
وقال
3
85
والميم
واللام
10
90
مُؤَرَّبُ(4)
مُؤَرَّبُ(1)
1
98
الإنسانَ
الإنسانِ
13
123
والمُؤْكِل
والمَؤْكِل
10
130
ويكون
ويكول
5
146
قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ مَاذَا
قَالُوا مَاذَا
9
180
خائتَةً
خائنَةً
11
180
خائتة
خائنة
حاشية 3
188
العرفط
العرقط
11
196
الأرض
الأض
13
208
العَدد
العَدْو
حاشية 3
214
بادن
باذن
9
244
الأرْضَ
الأرَضَ
حاشية 3
248
مادة (بعو)
مادة (بعل)
4
275
وأَوْرَسَ
وأَوْرَثَ
6
293
راجلاً
راحلاً
3
308
وَأَنْبَتْنَا
فأَنْبَتْنَا
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
14
310
أحدها
أحدهما
حاشية 2
311
والواصي
والواصل
14
312
أنَخْتَ
أنْخَتَ
2
331
بَزْمَخَ
يَزْمَخَ
11
342
فيحُوزَها
فيجُوزَها
8
349
العَنْبَر
العَنْبَرا
11
361
وما يثلثهما(3)
وما يثلثهما(2)
4
368
البَكْرِ(1)
البَكْرِ(2)
3
380
الثاءَ
التاءَ
5
394
الرِّيّ(1)
الرِّيّ
6
397
وما يثلثهما
وما يثلثهما(2)
حاشية 1
397
(1)
(2)
حاشية 2
397
(2)
(1)
4
403
مُشَخَّمَهْ
مُشَخَمَّهْ
5
405
بِبَدْرٍ
بَبَدْرٍ
5
456
وَاتَّقُوا يَوْمَاً
يَوْمَ
4
477
جُمُود
جُمُوس
حاشية 1
481
الآية 32
الآية 22
7
488
جَهَرْنا
جَهَرَنا
7
490
بوجه
بوجهه
11
495
وطَعْنَةٌ
وطَعْنْةٌ
1
496
بأمْرٍ
بأمْرِ
الأخطاء المطبعية للجزء الثاني
من معجم "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
حاشية 2
4
(2) السيب
(1) السيب
حاشية 6
6
(5)
(6)
1
8
الحرّ
الحرَّ
5
11
الكفُّ(6/336)
الكفَّ
11
17
وَلكنْ حَقَّتْ
وَحَقَّتْ
13
23
الألية
الأليه
حاشية 5
27
خبب
خبخب
6
30
ألا
ألاَّ
4
31
يَرُضْن
يَرْضُن
حاشية 4
40
المفضليات
المفضليان
حاشية 4
40
المقلع
المقلعم
8
44
آذَوْني
آدَوْني
2
48
بعَقْوَته
بَعَقْوَته
5
55
كُلُّ
كَلُّ
3
61
وَ يُرْسِلَ
أَوْ يُرْسِلَ
1
64
لَعَمْرُكَ
لَعَمْرُكُ
11
82
مُقَصَّبُ
مَقَصَّبُ
13
83
حَافٍ
خَافٍ
9
87
الأحفاض
الأحفاص
8
92
أجْلَ
أجْلِ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
15
98
لا لاحمراره
لا لااحمراره
حاشية 2
111
الروض الأُنُف
الروض الأ ف
الترويسة
134
حتأ
حقأ
7
134
حتأ
حتا
12
152
مضمومة
مضمومه
حاشية 5
153
في
وفي
14
154
الرّجُل
الرّجَل
حاشية 2
157
الحاديين
ديين
12
162
أوظِفَتُها
أوظِفُتُها
3
165
أعْسَرَا(1)
أعْسَرَا(2)
4
166
يَخْذُلُ
يَحْذُلُ
13
166
أخْذَأَتْها
أخَذْأَتْها
2
175
خرت
خرث
2
176
خرجتْ
خرجْت
12
177
ارتزازِه
اتزازِه
حاشية 3
180
14 : 180
14 18
1
189
وإنّما
وإنّا
حاشية 1
200
هو أبو بكر
وأبو بكر
12
202
أَكَادُ
أَكَادَ
10
208
لُمَعاً
لَمُعاً
10
209
لأنّها
لأ ّ
13
211
بعد(6) هذا
بعد هذا
18
214
مُخَلَّقٌ
مَخَلَّقٌ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
15
219
فأينَ
فأينُ
2
224
أجرَدَا
أجَرَدَا
4
224
أردأ
أرادأ
5
229
العَرْفَج
العَرَفْج
3
236
تغيُّرُ
تغيُّرٌ
حاشية 1
238
من مال
من مل
4
242
فسِمَةٌ
فسِمَةُ
حاشية 3
248
بالباء
بالتاء
11
257
(2)
(3)
حاشية 1
257
2
3
حاشية 3
261
دن
ذبن
حاشية 5
266
ثنائي
ننائي
حاشية 1
273
درأ
دأر
8
283(6/337)
الزَّنْد الأدْعَر
الزَنْد الأدْعُر
16
283
لأنَّ
لأنَ
2
285
الآخر
الأخر
5
285
لا تُعذِّبْنَ
لا تُعذَّبْنَ
13
288
مدفَّع
مدقَّع
حاشية 1
299
رشاش
رشاس
14
301
منها
منهما
حاشية 1
303
البيت في اللسان
البيت اللسان
حاشية 2
308
مادة
ماة
7
314
يَفْتَحُ اللهُ
يَفْتَحُ اللهَ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
حاشية 1
318
القيس
لقيس
11
320
تعرِفَ
تعرِفُ
12
320
تعرِفُ
تعرِفَ
7
322
يَكونَ
يَكونُ
6
323
*
"
حاشية 2
323
دبج
دبح
4
324
قُبُلِه
قَبُلِه
1
326
غُروبُها(1)
غُروبُها
9
330
المطرُ
المطرُّ
حاشية 3
330
الزاي
الراي
5
332
دَحَضَتْ
دَحْضَتْ
12
334
دَخْشَم
دَخْسَم
2
343
وما معها
وما معهما
13
345
اذلِيلاءً
إذلِيلاءً
1
346
حِميَرِيّاتٍ
حِمَيرِيّاتٍ
17
351
أذرَقت
أذرقَتَ
12
358
ذَكَرْتُ
دَكَرْتُ
10
360
يذْمَُر
يْذَمُر
11
360
واللام
والهاء واللام
11
364
تُذِيبها
تُذِبيها
8
367
تجنُّب
تحنُّب
14
409
ومِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ
ثُمَّ يُرَدُّ
13
411
أرْعَدْنا
أرَعَدْنا
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
1
422
الرَّفُود
الرَّفُوذ
12
439
بالحجَر
بالحجرَ
14
440
رَبَض
رَبَص
1
444
يترنَّحُ
يترنَّحَ
2
453
أُسْلِفَتْ
أَسْلِفَتْ
2
454
شبَّه
شبِّه
7
458
السَّير
السِّير
7
463
ولا أنسٍ
ولا أنسٌ
حاشية 2
466
وصدره في الجمهرة
وصدره الجمهرة
14
480
يُنْبِتُ
يُنْبِتْ
11
487
جَشَعٍ
جَشَعَ
15
490
الشاعر(2)
الشاعر
13
499
المئناث
المئنات
15
505
الأردُنّ
الاردُنّ
الأخطاء المطبعية للجزء الثالث
من معجم "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
السطر
الصفحة(6/338)
الصواب
الخطأ
13
24
وأَزمَع
وأزَمَع
5
29
بزَنَمتَي
بزَنَمتِي
5
32
الزاء والهاء والقاف
الزاء والقاف
7
34
يَغضُّ
يُغضُّ
11
38
المُخاضِنِ
المُخاصِنِ
حاشية 3
38
خضن
حضن
1
42
وجئتَ
وحئتَ
12
75
الأنثى
الأنثي
7
87
مُعْتَكِرِ
مُعْتِكِرِ
14
91
أصلٌ
وأصلٌ
12
111
سَهَُمَ
سَهَُمُ
9
117
يسُوقه
يُسوقه
10
117
كلِّ
كلَّ
12
117
أسوَق
أسَوق
2
132
الغِطاءِ
الغِطاءُ
14
133
أسجَدَ
أسجَدَا
1
135
المنْسجِرْ
المنْسِجرْ
حاشية 2
151
وثوب
وئوب
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
8
154
أنّى
أنّي
4
157
بِمَعْرُوفٍ
بِمَعْرُفٍ
17
161
فتحتلب
فيحتلب
17
166
إن
أن
7
169
يُستَشفُّ
يُستَشُّف
حاشية 2
174
وسيأتي في (عور)
وسيأتي في (دعق)
5
180
وشُذَّاذُ
وشُدَّاذُ
5
182
(2)
14
182
(2)
(3)
7
183
ذُكر
ذَكر
حاشية 4
188
شظف
شطف
17
193
الشِّعر
الشَّعر
8
201
شذَّ
شدَّ
14
214
بِساطِ
بِساطٍ
2
217
شنأ
شنا
1
235
المشتقّ
المشتققّ
14
249
كالشُّجوبِ * (4)
كالشُّجوبِ *
12
250
سَعيِه
سَعِيه
حاشية 1
253
14: 93
100
حاشية 4
259
الحبل
الخبل
حاشية 3
270
(4) كذا ورد
كذا ورد
حاشية 1
281
يومها
يرمها
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
9
285
باب الصاد
باب والصاد
14
286
صعُبَ
صُعبَ
5
293
نسجُه
تسجُه
13
296
تقاربا
تقاريا
14
311
فخشُن
فخُشن
11
315
صَهَرْت
صَهَرَت
15
315
الصاد والهاء والدال
الصاد والدال والهاء
حاشية 3
317
صوي
ضوي
حاشية 1
320
علب
غلب
1
338
والأرضِ
والأرْضَ
15
343
صرَفت
صّرَفت
حاشية 1
357
اعدل
عدل
4
365
الضَّاغط(6/339)
الضِّاغط
8
383
(4)
11
392
نتضَحَّى
نتضَّحَى
حاشية 6
393
ابنا قعين
ابنا قنين
11
397
ضَرَا
ضَرَ
3
398
ويقولونَ
ويقولونَّ
13
398
الآخر
الأخر
11
406
طُلَّ
طُلُّ
4
414
لأنّها
لأنّهم
10
414
نؤي
نوئِ
10
417
مستشرِبِ
متش رِبِ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
11
423
طامحِ
طامحٍ
3
429
المُكلْثَم
المَكلْثَم
8
464
إنَّك
إنِّك
11
464
مَظَرَّةٌ
مَظَرَّةَ
12
469
(5)
5
473
والدنُوّ
والدنوُّ
الأخطاء المطبعية للجزء الرابع
من معجم "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
16
13
حدَثٌ
حدَّثٌ
9
14
كالمُسِنّ(3).
كالمُسِنّ.
10
26
العداب
العذاب
16
35
الأنْثَى
الانْثََى
9
46
القضبانِ
القّضبانِ
15
57
عافياً
عاقباً
4
59
فهي
فهو
4
72
وأرويَتَها
وأوريَتَها
15
82
فجاءتها
فجاءها
8
122
ويَسُوسه
ويَسُوسة
حاشية 3
129
المائة
الماثة
10
130
للمنيّة
للمنيّه
حاشية 7
131
علق
عق
1
139
مُمَدَّدَةٍ
مُمَدَّةٍ
16
164
مُدامِ(3)
مُدامِ(1)
حاشية 4
202
فيها
فيهما
حاشية 3
232
إلى
إلا
1
245
والدال
والباء
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
3
250
(3)
(4)
حاشية 1
262
مرتفع
مرففع
11
266
البئر
البثر
7
299
عنه
هنه
حاشية 2
313
سبعين
أربعين
حاشية 2
343
عصر
نقع
5
346
فَلا
وَلا
5
397
والميم
والميم والنون
11
404
وَلاَ الضَّالِّينَ
وَلاَ الضَّالِّينِ
حاشية 1
405
غير
غتى
8
409
أَغْبَرْتُ
أَغْبَرَتُ
10
416
والراء
والزاء
2
434
القومُ
القومَ
7
454
الكذب
السكذب
11
489
والفَرض
والقَرض(6/340)
الأخطاء المطبعية للجزء الخامس
من معجم "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
8
4
الإبلَ
الإبَل
حاشية 1
17
بفتح القاف
بفتح اللام
3
44
(قيأ)
(قيا)
3
56
(1)
(3)
1
63
الخيل
الخليل
9
64
(2)
حاشية 2
64
279
179
1
65
قدف
قذف
13
65
قوادمُ
قوادُم
حاشية 4
65
في الجمهرة (2:
في الجمهرة (1:
15
78
وسمِّي
وسمَّى
12
79
شَنِئت
شَنِئَت
4
95
(2)
9
95
(2)
(3)
10
95
(3)
(4)
14
95
(4)
(5)
حاشية
95
(3)
(4)
حاشية
95
(4)
(5)
حاشية 1
98
ابن مقبل
ابن مقيل
2
104
مشتَهٍ
مشَتهٍ
1
108
أُصَيلٌ
أُصَلٌ
6
111
اقتعطتُ
اقتطعتُ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
9
124
وتكبَّبتِ
وتكبَّبتُ
11
125
بيِّنة
بيِّنه
حاشية 1
126
فلم
فم
13
133
مَتْنِه
مَتْنِة
8
146
يُكَوِّرُ
يُكُوِّرُ
15
146
تكوَّزَ
تكوَّرَ
11
153
إذا
إذ
1
172
خُلُق
خُلَق
11
191
أَعْجَبَ
يُعْجِبُ
حاشية 4
191
7:17
9:17
حاشية 1
192
كفر
كقر
12
199
مُلَبٍّ
مُلَبٍ
1
216
لهز(1)
لهز
1
217
كلماتٌ
كلماتُ
12
219
التاثَ
الثاتَ
حاشية 3
226
للمتنخل
للمنخل
3
227
نَطعَنُهمْ
نَطعُنُهمْ
16
232
يُؤكَل
يُؤَكل
6
235
البِئرُ
البِثرُ
1
236
أتَّخِذْ
اتَّخِذْ
1
255
بحقِّه
بحقِّة
حاشية 3
263
لاقطة
لاقطعة
حاشية 2
269
بنت
بن
8
272
قضاءُ
قضاءَ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
1
281
وتَسوَّى
وتَوَّى
حاشية 3
292
مأْآأَا
مأَءَ
14
295
والحرف المعتل
والحرف
10
300
بِوَرْكٍ
بِوَرَكْ
15
302
مَحْوَة
مَحْوَةَ
حاشية 1
305
مخج
مخخ
10
309
وذِكرُ
وذكِرُ
4
313(6/341)
شعره(2).
شعره.
10
323
فقرَّبْتُ
فقرَّبَّتُ
حاشية 1
328
ماحقه
ما حقه
حاشية 1
343
للنجاء
للنحاء
7
349
بملَقِه
بملَفِه
5
351
ومَلعت
ومَلعْت
حاشية 1
353
واللسان (نأنأ)
واللسان ( ا ا)
10
355
خِفَّة
خِفِّة
13
364
الأقران
الأفران
حاشية 3
371
وأنياقات
وانياقات
3
376
نَأَتَ
نَأَتُ
حاشية 3
388
نتل
فتل
10
390
يَنثُو
يَنئُو
حاشية 2
399
نجا
نحا
حاشية 4
399
إحداهما
إحدهما
6
414
أخلَفَ
أخَلَفَ
2
417
من السَّماءِ
من السَّماءُ
السطر
الصفحة
الصواب
الخطأ
1
421
مِنْ
مِنُ
1
423
وَبَر
وبَرَ
11
427
والنَِّشقة:
والنَِّشفة:
1
433
نَزَعتُ
نَزَعةُ
14
437
مُنَضَّجٌ
مَنَضَّجٌ
2
441
عُلِّمْنَا
وعُلِّمْنَا
4
457
مثلَ
مثَل
6
461
بنَفَسٍ
بنَفَسُ
7
464
أنكَر
أنَكَر
13
470
ما له
ماله
6
479
نَكِف
نِكَف
الأخطاء المطبعية للجزء السادس
من معجم "مقاييس اللغة" طبعة دار الجيل
الخطأ
الصواب
الصفحة
السطر
شِعره
شَعره
13
10
الشيء
الشمس
31
12
إنشاه
إنشاده
39
حاشية 1
وهذَرَه
وهذَرَة
45
3
هَمُوساً(3)
هَمُوساً(2)
46
10
تهَزَّجُ
تهَزَّجُ(4)
52
11
لزَّفِيرَ
الزَّفِيرَ
52
13
يثلثهما)
يثلثهما(4)
63
8
السهى
السهميّ
64
حاشية 3
ثمم
ثمثم
91
حاشية 2
وهل
هل
119
7
باب الياء
باب الباء
150
حاشية 3
يَيْبِس ويَيْبِس
يَيْبَس ويَيْبِس
154
4
البَيْضُ
البِيْضُ
158
2
223
233
177
21
الضيغنان
الضيفنان
184
11
الشتِ
الشخْتِ
205
17
3: 347
3: 348
211
17
6: 018
6: 108
230
1
الخطأ
الصواب
الصفحة
السطر
يسكرُ
يسكرُ(1)
230
24
طحلا"
طحلاء
236
18(6/342)
4: 336
4: 326
237
16
1: 450
3: 450
254
2
/: 190
/4: 190
256
10
عواملِ
عواملِ(1)
282
15
3: 484
4: 484
297
12
تماذحينا
تمادخينا
307
21
3: 276
3: 376
321
18
عنطتطَه
عنطنطَه
330
16
6: 237
5: 237
344
19
/258
/2: 258
385
1
من سيار
بن سيار
389
12
1: 321، 228
1: 321، 328
409
11(6/343)